النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم عونك اللهم
الجزء الأول
من كتاب الوصايا (1)
في الحض على الوصية وذكر التشهد فيها
ومن كره للمعل أن يوصى بنصفه
قال أبو محمد عبد الله بن أبي زيد: ومن كتاب ابن حبيب وغيره: رُوي أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: ما حق امرئ مُسلمٍ له شيءٌ يُوصى فيه يبيت ليلتين
إلا ووصيته عنده مكتُوبة (2)، قال نافعٌ: فكان ابن عمر يكتبُ وصيته ثم ترك
ذلك وقال: ما عندي ما أحدِث فيه وصية، رباعي حبس، وحائطي صدقةٌ، وما كان من
شيءٍ فقد أنفقته. فلما احتضر قال: قد كنت أصنعُ في الحياة ما الله أعلم به
وأما الآن فلا أرى أحداً أحق به من هؤلاء. وكذلك قال حاطب بن أبي بلتعة
لعُمر وذكر من فعله في الصحة في ماله.
__________
(1) (*) لم نجد في الوصايا مخطوطاً آخر لكتاب النوادر غير الأصل نرجع إليه
عند المقابلة، فاستعنا بالبيان والتحصيل ومصادر أخرى متوفرة. وحتى مصور
مخطوط آياصوفيا (الأصل) فيه لوحات مطموسة لا تقرأ، الأمر الذي جعلنا مضطرين
إلى ترك بياضات كلما تعذرت علينا القراءة.
(2) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا ومسلم في كتاب الوصية ورواه مالك في
الموطإ في كتاب الوصية عن نافع عن عبد الله بن عمر.
(11/259)
ومن غير كتاب ابن حبيب: أن سعيد بن المُسيب
لما قيل له في المحنة اعهد عهدك؟ قال: لستُ من يُوصى بأمره الرجال، ما كان
لي من أمر فقد أحكمتُه، ونحو هذا.
قال غيره: وأما من عليه تباعةٌ أو ما فرَّط فيه من كفارةٍ أو غيرها من زكاة
أو غير ذلك مما يُوصى فيه فواجب عليه أن يوصى بذلك، وإنما يُرخص في ترك
التطوع.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لسعد: الثلث والثلث كثير إنك أن تذر ورثتك
أغنياء خير ... (الحديث) (1).
ومن كتاب ابن حبيب: قال علي بن أبي طالب لمريض ذكر له الوصية: لا توص إنما
قال الله سبحانه (إن تَرَكَ خَيْراً) (2) وأنت لا تترك إلا اليسير دع/ ما
لك لبنيك.
وقيل لعائشة: أيوصي من ترك أربعمائة دينار وله عدد من الولد؟ فقالت: ما في
هذا فصل عن ولده.
وقيل لميمون بم مهران: إن فلاناً مات وأعتق كل عبدٍ له؟ فقال: تعصون مرتين
يبخلون به وقد أُمروا بالإنفاق فإذا صار لغيرهم أسرفوا فيه. قال عمر: الثلث
وسط لا بخس ولا شطط. قال ميمون بن مهران: لأن أوصي بالخُمس أحبُّ إلي من
الربع وبالربع أحب إلي من الثلث، من أوصى بالثلث لم يترك شيئاً.
قال ابن القاسم عن مالك في العتبية (3) وكتاب ابن المواز والمجموعة قال:
كان من (أدركت) يكتبون التشهد قبل ذكر الوصية ومازال ذلك من شأن الناس
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز ومسلم في كتاب الوصية جعله مالك في
موطئه في باب الوصية في الثلث وفي بعض الروايات عوض أن تدر أن تدع.
(2) الآية 180 من سورة البقرة.
(3) البيان والتحصيل، 12: 440.
(11/260)
بالمدينة، وإنه ليعجبني وأراه حسناً، ورواه
عنه أشهب. قال أشهب في المجموعة: كل ذلك لا بأس به تشهد أو لم يتشهد، قد
تشهد ناس فقهاء صالحون وترك ذلك بعض الناس وذلك قليل.
قال أشهب عن مالك في العتبية (1) والمجموعة وكتاب ابن المواز: قيل له: إن
رجلاً كتب في ذلك: أومن بالقدر خيره وشره حلوه ومُره؟ قال: ما أرى هذا إلا
كتب الصفرية والإباضية قد كتب من مضى وصاياهم ولم يكتبوا مثل هذا.
قال ابن حبيب: قال ابن سيرين: كانوا يكتبون: هذا ما أوصى به فلان بن فلان
أوصى بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله
وأوصى أهله من بعد موته بتقوى الله العظيم وأن يصلحوا ذات بينهم ويطيعوا
الله ورسوله إن كانوا مؤمنين وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم نبيه: إلى قوله
وأنتم مسلمون (2).
/ذكر وصية المُولى عليه والصبي والمجنون والمرتد
ووصية المولى عليه مما أدان أو تعدى وذكر تدبيره
من كتاب ابن المواز قال مالك وأصحابه: تجوز وصية الصغير إذا عقل ما يوصى به
مثل ابن تسع سنين وشبهه.
قال ابن حبيب: قال ابن شهاب: في الصبي والصبية إذا عقلا الصلاة جازت
وصيتهما. قال أصبغ وحده: إذا عقلا ما يفعلان، ومن المجموعة قال: قال مالك:
تجوز وصية اليفاع. قال عنه ابن وهب وأشهب في كتاب ابن المواز: وتجوز وصية
ابن عشر وتسع.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 440.
(2) يشير إلى الآية 132 من سورة البقرة التي يقول الله تبارك وتعالى فيها
(وأوصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن
إلا وأنتم مسلمون).
(11/261)
ومن المجموعة: وتجوز وصية الأحمق والسفيه
وتجوز وصية المصاب في حال إفاقته. قال عبد الملك: تجوز وصية المجنون في
إفاقته، لأنه تجوز شهادته في تلك الحال إن كان عدلاً.
قال ابن كنانة: يجوز من وصية المُولى عليه وتدبيره وما لا يقع عليه إلا بعد
موته وإنما يُمنع في حياته من مال إلى رشده ليأخذه فإذا جاء الموت لم يُمنع
من خير يفعله في ثلثه ولو مُنع لكان توفيراً على وارثه فهو أحق من الوارث
بالثلث.
ومنه ومن كتاب ابن المواز أشهب عن مالك: وإذا أدان المُولى عليه ثم مات لم
يلزمه ذلك كالحي إلا أن يُوصى به وقد بلغ الوصية فيجوز في ثلثه. قال ابن
نافع عن مالك مثله في المجموعة، قال ابن كنانة: كما يجوز في التطوع يوصى به
كذلك يجوز/ على وجه القضاء في ثلثه ويبدأ على وصاياه وإن كان إنما سمى ذلك
الدين ليُقضى من رأس ماله ولم يجعله في ثلثه، لم يجز ذلك على ورثته. قال
عبد الملك: وإن دبر السفيه خادماً عالية الثمن لم يجز تدبيره ويجوز في
قليلة الثمن، وأما تدبير من لم يبلغ الحُلم فلا يجوز بخلاف وصيته.
قال أشهب: لا يجوز تدبير المُولى عليه ويبطل ذلك وإن بقي العبد في يديه حتى
ولي نفسه. قال ابن القاسم: له تدبير عبده في المرض فإذا صح بطل ذلك.
قال أشهب: في صبي أوصى إلى غير وصيه أن يُفرق ثلثه فلم يُجز وصيه إيصاءه
إلى غيره فذلك للوصي أن لا يلي غيره تفرقة ثلثه. قال ابن نافع عن مالك: في
يتيم أمر رجلاً أن يضرب غلاماً له فضربه وهو يقول له اضرب اقتُل فتمادى به
حتى قتله؟ قال يضمنه الضارب. قيل: فأوصى اليتيم حين احتضر أن يعتق عنه وصيه
رقبةً فيما ركب من الغلام؟ قال: إن سمى أن ذلك عن ضرب الغلام فهو مُبدأ على
وصاياه وإن لم يُسمه لذلك لم يبدأ.
قال ابن حبيب: قال أصبغ: فيمن ارتد وقد أوصى بوصايا ثم قُتل أو مات في ردته
فوصاياه باطلٌ وإن راجع الإسلام ثم مات، فإن كانت تلك الوصايا
(11/262)
مكتوبة جازت كلها وإلا لم تجز، وكذلك لو
أوصى بها وهو مرتد، وهو كالمريض إذا صح ثم مات.
فيمن كتب وصيته عند سفره أو في مرضه
أو أشهد بها بغير كتاب ثم قدم أو أفاق
وكيف إن لم يقل إن متُّ من مرضي هذا أو سفري/
أو قاله أو قال في سنتي هذه
من كتاب ابن المواز والعتبية (1) قال ابن القاسم عن مالك: وإذا قال أو أشهد
بغير كتاب إن مت من مرضي هذا أو سفري هذا فعبدي حر ولفلان كذا ثم قدم
المسافر وبرئ المريض ثم مات فذلك باطلٌ، وإن كان ذلك في كتاب بيده أو بكتاب
عند غيره ثم أخذه فهو باطلٌ إلا أن يترك الكتاب الذي عند غيره فلا يأخذه
حتى يموت فهو نافذ.
ومن المجموعة روى ابن القاسم وأشهب وعلي وابن نافع عن مالك: إذا أوصى إن مت
من مرضي هذا ثم صح ولم يُغير وصيته حتى مرض مرضاً ثانياً فمات وقد أقر
وصيته بحالها أنها نافذة.
قال عنه ابن القاسم في العتبية (2) فيه وفي السفر فإذا قدم من ذلك السفر
وأفاق من ذلك المرض ثم مرض بعد حين فمات فتؤخذ وصيتُه تلك ولم ينكرها الآن
بإجازة ولا تغيير؟ قال: هي نافذة. وقال عنه في كتاب آخر: لا يجوز إلا أن
يكون بيد غيره. قال سحنون: هذا أحسن.
قال عنه ابن القاسم فيه وفي المجموعة: وإن أوصى بأخرى جازتا إلا أن يُنقص
في الثانية شيئاً من الأولى، وإن أوصى في الآخرة لرجل بمثل ما أوصى له في
الأولى فإنما له ذلك مرة واحدة.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 433.
(2) البيان والتحصيل، 12: 433.
(11/263)
قال ابن كنانة في المجموعة: في الموصي في
مرضه أو سفره يقول: أو مت من مرضي بغير كتاب ثم صح أو قدم ثم مات بعد ذلك
فذلك باطل، وإن كان بكتاب أشهد فيه ثم لم يحرفه ولا محاه ولا أشهد على
تغييره حين أفاق أو قدم فهو نافذ.
وقال أشهب: إن مات من مرضٍ آخر/ جازت الوصية لأن فيها إن مت من مرضي هذا
فلما أقرها في المرض الثاني فكأنه عناه، وسواء قال إن مت من مرضي هذا أو في
مرضي، وكذلك في السفر إذا مات في سفر آخر فإن مات في غير سفر أو مات ذلك
المريض في غير مرض فذلك باطل. وكذلك قال اشهب في كتاب ابن المواز وقال:
ورواه عن مالك.
قال ابن القاسم وأشهب: وإذا كانت مبهمةً جازت وإن كانت عنده إذا أشهد
عليها. قال أشهب في المجموعة: يعني في التي يذكر فيها إن مت في مرضي أو
سفري والاستحسان غير القياس أنه إن مات في غير سفر ولا مرض أنها تنفذ إذا
لم يغيرها لما عُلم أن ليس قصد الناس في ذكر السفر والمرض تخصيص ذلك، ألا
ترى لو كتب في سفري هذا فبغته الموت قبل أن يسافر أنها نافذة.
ومن العتبية (1) وكتاب ابن المواز: ذكر ابن القاسم عن مالك: إذا كتب إن مت
من مرضي هذا أو سفري ثم يفيق أو يقدم ثم يمرض فيموت فتوجد وصيتُه أنها
نافذة، لأن أكثر وصايا الناس عند سفر أو مرض ثم يزول ذلك [فيثق] (2) بوصيته
أنها موضوعة فيقرها فهي نافذة. قال ابن المواز: يعني والله أعلم أنها كانت
بيد غيره فأقرها لقوله موضوعة.
قال سحنون في المجموعة: روايته عنه أخرى أحسن وأبين إن كانت عنده فهي باطل
وإن كانت عند غيره فهي جازت.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 426 - 433 - 469.
(2) كذا والغالب أنها محرفة عن كلمة أخرى ولم يتيسر لنا تحقيقها لعدم
عثورنا على أية نسخة من كتب الوصايا لنستعملها في المقابلة والتصويب
والتصحيح.
(11/264)
قال في الكتابين: قال عنه ابن القاسم
أيضاً:/ وكذلك لو قال فيها: إن مت من مرضي هذا أو قال فيما بيني وبين سنة
فيموت بعد البرء أو بعد الأجل فهي نافذة إن لم يأخذها ممن هي بيده.
قال ابن المواز: قال ابن عبد الحكم: ومثله الحامل تقول: إن مت من حملي هذا
ثم تموت من غير حمل أو من حمل يأتي ويموت الرجل في سفر يأتي أو مرض يأتي أو
في غير سفر ولا مرض فإن كانت بيده بطلت وإن كانت بيد غيره نفذت.
ومسألة الحامل في العتبية (1) من سماع ابن القاسم أيضاً.
ومن المجموعة روى علي عن مالك: فيمن كتب في وصيته إن مت سنتي هذه فعاش
بعدها شيئاً ثم مات ووصيتُه تلك بيده لم يغيرها ولا أحدث غيرها أنها نافذة
جائزة.
قال ابن حبيب: قال أصبغ: في حامل جاوزت ستة أشهر بمرض مرضاً من غير حملها
فتوصي بوصايا ثم أفاقت ثم ماتت من نِفاسها؟ قالا: لا تجوز وصاياها تلك إلا
ان تكون كتبتها وأقرت الكتابة حتى ماتت فلتنفذ، ولو كان مرضها الأول من سبب
حملها فوصاياها جائزة كتبتها أو لم تكتبها إن ماتت من نفاسها لأنه نرضٌ
واحدً.
فيمن أشهد على وصيته وأقرها عنده أو عند غيره
وكيف إن طبع عليها؟ وكيف إن قرأها أو لم يقرأها عليهم؟
من العتبية (2) وكتاب ابن المواز: روى أشهب عن مالك: فيمن طبع في آخر وصيته
وقال للقوم اشهدوا علي بما فيها ولم/ يقرأها ولا علموا ما فيها فكتبوا
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 439.
(2) البيان والتحصيل، 13: 300.
(11/265)
شهادتهم ثم مات فإن لم يشك الشاهد في
الطابع فليشهد وإن شك فلا يشهد إذا لم يكن الكتاب عنده، قيل: أفلا يشك في
الخاتم وقد غاب عنه؟ قال: إن شك فلا يشهد. قيل: وإذا دعا بوصيته من عند
أهله فأشهد قوماً على ما فيها أتقولون له اقرأها فإنها كانت عند أهلك؟ قال:
ليس عليهم ذلك وليشهدوا.
قال ابن المواز قال أشهب: ذلك جائزٌ كانت مختومة أو منشورة قرأها عليهم أو
لم يقرأها ولو قرأها ولم يأمرهم بالشهادة فليس بشيء حتى يقول إنها وصيتي
وأن ما فيها حق وإن لم يقرأها وكذلك لو قرؤوها وقالوا نشهد أنها وصيتُك
فقال نعم، أو قال برأسه نعم ولم يتكلم فذلك جائز.
ومن كتاب ابن المواز: قال –يعني مالكاً- وإن لم يقرأها عليهم فليشهدوا فإذا
مات وعرفوا الكتاب فليشهدوا أنها وصيته أشهدنا على ما فيها، وكذلك لو
أشهدهم عليها مطبوعة إذا عرفوها. قال: وإن فُتحت فوجد فيها محوٌ (لا) يغير
ما قبله ولا ما بعده لم يضر، وإن كان يحمل بعض الوصية المغيرة فذلك الشيءُ
لا يجوز إلا أن يعرفوا المحو. ولو وجدوا لحقاً لم يُبينه لهم فلا يشهدوا
عليه إلا أن يكونوا طبعوا عليها وعرفوا الخواتم فاحملوهم ما تحملوا.
قال أشهب عن مالك: ومن شك منهم فلا يشهد إذا لم تكن الوصية عنده حتى يتبين
أنه خاتمه بعينه لم يُفض وكان الناس قديماً يجيزون الخواتم في كتب/ القضاة
وغيرها ثم حدث الإشهاد على الطابع، وأجوزهم عندي شهادة الذي الوصية في يديه
والآخرون يشهدون بمبلغ علمهم ويحملون ما تحملوا. وقال أيضاً أما الآخرون
فلا أدري كيف يشهدون، وكذلك روى ابن القاسم عن مالك. كما روى أشهب من أول
المسألة.
ومن المجموعة ابن القاسم عن مالكٍ: في الميت توجد وصيتُه في بيته بخطه
ويشهد عدلان أنه خطه فلا يجوز ذلك حتى يُشهدهم عليها وقد يكتب ولا يعزم.
وكذلك في العتبية (1) قال في المجموعة: وإذا أشهد جازت كانت بيده أو عند
غيره.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 466.
(11/266)
ومن العتبية (1) قال أصبغ عن ابن وهب: في
امرأة دعت قوماً إلى وصيتها مكتوبة فقالت: اشهدوا على مافيها لي وعلي وقد
أسندتُها إلى عمتي وما بقي من ثلثي فلعمتي ثم مات ففتح الكتاب فإذا فيه أن
باقي ثلثي للفقراء والمساكين والأرامل قال: فليُقسم الثلث بين العمة وهذه
الأصناف. قال أبو محمد: يريد فللعمة نصفه ولهذه الأصناف نصفه، وقال ابن
القاسم مثله.
قال ابن المواز أشهب عن مالك: في مريض حضره قوم فقالت امرأتُه إنه أوصاني
في بقية ثلثه أن أنفق منه على بني فلان كل شهر كذا وهو يسع ووصيتُه حاضرة
ولم يُوقع ذلك فيها وقد كان قرؤوها عليه وأقر بها ثم مات فلا يجوز الذي
قالت، وذلك إلى الورثة إلا ما يصيب الزوجة من بقية الثلث يُعزل ذلك يُنفق
على من أقرت له في كل شهر/ كما قالت، وفي الباب الذي يلي هذا تمام القول في
الوصية تكون بيد غيره.
فيمن قال وصيتي عند فلان فصدقوه
أو قال قد أوصيتُه فما قال فأنفذوه
أو قال يجعل فلان ثلتي حيث يراه الله
من العتبية (2) وكتاب ابن المواز وابن عبدوس قال ابن القاسم عن مالك: فيمن
قال عند موته: وصيتي عند فلان وأشهد على ذلك، وفي كتاب ابن المواز وأشهدوا
على ذلك، فلما مات أخرج الرجل وصية فيها عتقٌ وغيره قال: هي جائزة، وأبينُ
من ذلك إن كتب وصيتين وجعل بيد كل رجل واحدة فإذا أخرجاها جازتا إن انتفيا
وفي رواية ابن وهب في المجموعة: في الوصية الواحدة بيد الذي ذكر قال مالكٌ:
على ماذا شهد هؤلاء ما أرى إلا شاهداً واحداً وأراه يجوز في الوصايا دون
العتق ثم قال بعد ذلك: أراها نافذة، وقاله أشهب.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 300.
(2) البيان والتحصيل، 13: 466 - 471.
(11/267)
وقال ابن القاسم في هذه الكتب عن مالك قال:
فيمن قال: قد كتبتُ وصيتي وجعلتُها عند فلان فأنفذوها فأخرجها الرجل بعد
موته ولا بينة فيها غير البينة على قوله هذا قال: إن كان الذي هي بيده
عدلاً أنفذت، وقاله ابن القاسم.
قال العتبي قال سحنون: وتنفذ كان الرجل عدلاً أو غير عدلً.
قال يحيى بن يحيى وقال ابن القاسم: هو كما لو قال: قد أوصيتُ بوصايا أعلمتُ
بها فلاناً فأنفذوا ما قال أنه/ ينفذ، ولو قال: كنت أعامل فلاناً وفلاناً
وفلاناً فما ادَّعوا علي فصدِّقوهم قال: فليُعطوا ما ادَّعوا بلا يمين.
ومن المجموعة وكتاب محمد قال ابن القاسم وأشهب: وإذا قال: قد أوصيتُ بثُلثي
وأخبرتُه بوصيتي فصدِّقُوه فهو مُصدَّق. وقال أشهب: فإن قال: إنما أوصي
بالثلث في ولايتي فهو مصدَّق، ولأن الميت أُمر بتصديقه وليس مثل الذي شهد
لابنه ولا مثل الذي يوصي إلى فلانٍ أن يجعل ثلثه حيث يرى فيجعله لنفسه أو
لابنه وأقاربه كما يُعطى الناس حسب الاستحقاق ولجاز وأكره أن يأخذ منه
شيئاً لنفسه فإن فعل حسب استحقاقه لم آخذه منه. وقاله ابن القاسم وقال: فإن
قال لولدي أوصي به جُعلتُه كشاهد له وكمسألة مالكٍ في إذا قال: فلانً يجعل
ثلثي حيث يرى.
قال محمد قال مالكٌ في هذا إنه لا يأخذ هو منه وإن كان مُحتاجاً، وإن أعطى
ولده وكان لذلك موضعاً جاز، قال ابن عبدوس: ورُوي عن مالك في الذي أوصاه
على أن يجعل ثلثه حيث يراه الله لا يُجبر أن يُعطي ذلك أقارب الميت ولكن
يعطيهم كما يعطي الناس. قال مالك: وإذا كان قد علم حين أوصاه بجعل ثلثه حيث
أراه أنه أراد أن يرده على بعض الورثة فلا يجوز وليرجع كله ميراثاً.
وقال علي عن مالك: فيمن أوصى امرأته أن تجعل ثلثه حيث أراها الله فلم تفعل
حتى هلكت/ وأوصت بثلثها ولم تذكر وصية زوجها قال: فليأمر القاضي من يرضى
ويضع ذلك حيث يرى أن الميت كان أراد أن يوضع فيه.
(11/268)
ومن كتاب ابن المواز والعتبية (1) ابن
القاسم عن مالك في الموصى إليه بالثلث يجعله حيث أراه الله قال: ليجعله في
سبيل الخير وإن قال اصرفهُ حيث شئت أو حيث أحببت فصرفه إلى أقارب الموصي أو
إخوته فلم يجز ذلك الورثة فلُيرد ذلك ميراثاً. وقاله ابن القاسم في العتبية
(2) قال: ويقال له اتق الله واجعلها في غيرهم فإن أبى رجعت ميراثاً إن لم
يجزها الورثة، ولا يجبره السلطانُ أن يجعلها في سبيل الله. وقال ابن القاسم
في كتاب ابن المواز: يُنظر فيما فعل فإن كان من وجه ما يتقرب الناس به وكان
في حاجة فلينفذ وإن كان في غير ذي حاجة لم يجز، لأن الميت إنما قصد وجه
الصدقات.
ومن الكتابين وعن ابن القاسم: وعن امرأة أوصت إليها أن تُخرج بعض الثلث في
أشياء وباقيه حيث أراها الله ففعلت فاحتاجت الوصية هل تأخذ من تلك البقية؟
قال مالك: لا تأخذ منها شيئاً. قال ابن حبيب عن أصبغ: فيمن أوصى لرجل أن
يجعل ثلثه في أفضل ما يراه وأقربه إلى الله سبحانه هل يعتق به رقاباً؟ قال:
إن سأل عن ذلك قبل أن يفعل رأيتُ الصدقة خيراً له.
وقال مالك: الصدقة أفضل من العتق.
ورُوي أن النبي عليه السلام قال: الصدقة شيء عجيب (3) وصح أنه يبقى في
العتق الولاء لورثته ولو حتى فعل وأنفذه لم يُرد كان عتقاً أو غيره/ قال:
والعتقُ أحب إلي من الحج وإن كان صرورة (4)، ولو كان حياً كان الحج أولى
به.
قال أصبغ: وهذا الاستحباب فيما يتطوع به أهل الميت عنه، فأما في وصيته لو
أوصى بعتق بعينه وبحجة لبُدئ العتقُ عندي وإن كان صرورةً، وقد اختلف فيه
قول ابن القاسم ويبدأ الحج في الرجل الصرورة على عتق بغير عينه __________
(1) البيان والتحصيل، 12: 425.
(2) البيان والتحصيل، 12: 425.
(3) لم نعثر عليه بهذا اللفظ إلا أننا إذا قابلناه بفضائل الصدقة وأنواعها
لوجدناه مطابقاً لأهداف الإسلام ويتلخص ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:
"كل معروف صدقة" (رواه البخاري في الأدب ومسلم في الزكاة).
(4) الصرورة والصارورة: من لم يتزوج أو لم يحج.
(11/269)
وعلى الوصايا وإن كان الحج تطوعاً قاله مع
العتق بغير عينه والوصايا وقد قال أيضاً أصبغ: كل ذلك على الحصاص يريد إلا
في العتق بعينه.
في الوصي هل يكشف عمَّا أنفذ
من عتق وغيره وعما بيده؟
من العتبية (1) ابن القاسم وذكره ابن عبدوس من رواية ابن وهب وابن نافع وهو
في كتاب ابن المواز: فيمن أوصى بعتق وبشيء في السبيل وغير ذلك. قال في
العتبية (2): يعتق وبأن يحمل عنه في سبيل الله، قال في هذه الكتب: وأسند
ذلك إلى وارث فطلب باقي الورثة أن ينظر في ذلك، فإن كان الوصي وارثاً
فلباقي الورثة أن ينظر في ذلك ويكشف عنه الوصي وإن لم يكن وارثاً فلا يكشف
عن شيء إلا عما يبقى للوارث نفعُه من العتق الذي لهم ولاؤه زاد ابن نافع عن
مالك في المجموعة: إلا أن يكون الوصي سفيهاً مارقاً فليُكشف عن ذلك كله
فرُب وصي لا يُنفذ من الوصية/ شيئاً، وكذلك في كتاب ابن المواز عن مالك
وقال: فإن لم يكن الوصي وارثاً ولا سفيهاً فليس للورثة كشفه إلا عن العتق،
وفي العتبية رواية أشهب عن مالك مثل ما روى ابن وهب وابن نافع سواء وقال:
فإن كان الوصي محتاجاً فلا يأخذ من ذلك شيئاً.
ومن المجموعة والعتبية (3) روى أشهب عن مالك وقال مالك: إذا أوصاه أن يضع
ثلثه حيث أراه الله ففعل فأراد الورثة كشفه حيث وضعه وقالوا لعلك لم
تُنفذهُ، فإن كان الوصي وارثاً فذلك لهو وعليه البينة بإنفاذه وإلا ضمن،
قال عنه ابن القاسم: لنا في الورثة أن يقوموا ويدخلوا معه حتى يُنفذ ذلك،
قال في الرواية الأولى: وإن لم يكن الوصي وارثاً فلا يعطي منه قرابته إلا
بوجه الاجتهاد ولا يكتم __________
(1) البيان والتحصيل، 13: 423 - 455
(2) البيان والتحصيل، 13: 423.
(3) البيان والتحصيل، 13: 455.
(11/270)
عن الورثة ما أنفذ، ويفترق ما قدم من ذلك
وما كان قريباً وليُعرفهم بالقريب أن ما قرب يُعرف ويُذكر ولا يُكلف ذلك
فيما قدم وهم أغفلوا ذلك.
ومن العتبية (1) رواية ابن القاسم عن مالك نحوه في الوارث وغير الوارث على
ما تقدم سواء قال: ولا يأخذ منه لأقاربه وخاصته إلا أن يكون لذلك وجه، وليس
له أن يكتم عمله عنهم ولا يمين عليه في ذلك. قال في كتاب ابن المواز وقاله
أصبغ قال: إلا أن يكونوا صغاراً فعليه إذا كبروا أن يُعلمهم لأن ذلك من
القضاء لنفسه والجر إليها، ولو كان بعضهم كباراً فغفل عن ذلك حتى كبر
الصغار فلا كلام لواحد منهم كما لو قام الكبار يوم العقد يوم أنفذ/ فلا
قيام للصغار إن كبروا لأنه أمر طاهر. قال مالك: ولا يأخذ هو منه شيئاً
لنفسه ولو احتاج.
قال أشهب عن مالك: إن لم يكن الوصي وارثاً فلا يكشف عن الصدقة ولا عن غيرها
إلا عن العتق وإن كان وارثاً فلهم كشفه على كل حال.
ومن العتبية (2) من سماع ابن القاسم: وعمن أوصى بولده وبمالهم إلى زوجته
فتزوجت وخيف على المال؟ قال: إن كانت لا بأس بحالها فلا يكشف وإن خيف من
قبلها كشف ما قبلها وهذا في باب الوصية إلى غير العدل.
وروى أشهب عن مالك: في مُكاتبٍ أوصى إليه سيده بولده ثم أراد الولد أن
يكشفه عما في يديه وعما ربح فيه وهو عند الناس لا يأمر به؟ قال: ليس ذلك
عليه. وقال له مالك: أليس ما في يديك لهم معروف؟ قال: نعم ولكنهم يرون أن
تُعلمهم به وبما ربحت قال: ما ذلك عليك، قال له: إنني غلام مُولدٌ ولدتُ في
اليمن قد علم ذلك سيدي فإذا كتبتُ شيئاً كتبتُ: فلانٌ بن فلانٍ مكاتبُ
فلانٍ، قال: لا بأس.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 455.
(2) البيان والتحصيل، 12: 444.
(11/271)
فيمن أوصى أن فلاناً مُصدقٌ فيما يذكر أن
عليه من دينٍ
أو قال ما ادعى علي فلانً فأعطوه
أو من ادعى من كذا إلى كذا فأعطوه
من كتاب ابن حبيبٍ قلتُ لأصبغ: فيمن قال عند موته علي ديون وفلان مولاي (أو
أبي) يعلم أهلها فمن سمى أنله علي شيئاً فأعطوه، فإنه عندنا عن ابن القاسم:
أنه كالشاهد إن بان/ عدلاً حلف معه المدعي وأخذ. قال: ما هذا بشيءٍ ولا
أعرفه من قوله ولكن يُصدق من جعل الميتُ التصديق إليه كان عدلاً أو غير
عدلٍ، كقول مالكٍ: فيمن قال: وصيتي عند فلان فما أخرج فيها فأنفذوه أن ذلك
نافذٌ وما استثنى مالك عدلاً من غير عدل، وذلك سوى ما لم يُسم من يتهم عليه
تهمة بينة من أقاربه ممن هو كنفسه.
وروى عيسى في العتبية (1) عن ابن القاسم: أنه كالشاهد في سؤاله فما شهد به
على ابني من دينٍ فهو مُصدقٌ قال: فإن لم يكن عدلاً أو نكل الشهود عن
اليمين فلا شيء له إلا قدر نصيبه من ذلك إن لم يكن سفيهاً.
قال أصبغ في كتاب ابن حبيبٍ: وهو أيضاً كقول مالك في الذي قال من ادعى على
[أقل] (2) من عشرين ديناراً فاقضوه بلا بينة إنه جائز ولم يقل إن كان عدلاً
ولا يزاد من ماله على أكثر من عشرين إلى ما دون. قال ابن القاسم: فليتحاصوا
في العشرين فقط إذا ادعى كل واحد منهم أقل من عشرين، ومن ادعى العشرين فلا
شيء له إلا ببينة.
وكذلك في العتبية رواية عيسى عن ابن القاسم عن مالك من أول المسألة إلا أنه
قال: يحاصص من ادعى العشرين. قال في الكتابين: ولا يدخل في الحصص من ادعى
أكثر من عشرين ولا شيء له ولا يعزل هذه العشرين فلا يجعل فيها حتى
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 466.
(2) كلمة أقل غير موجودة بالأصل زدناها لملاءمة الموضوع.
(11/272)
يعلم من يدعي شيئاً وليكتم ذلك ولا يُفسر،
وذكرها ابن سحنون عن مالك من أول/ أولها كما روى عيسى قال: ويعزل العشرين
من رأس ماله، فكل من ادعى من عشرين إلى ما دونها تحاصوا فيها.
قال محمد بن سحنون وبلغني عن ابن القاسم أنه قال ومن ادعى عشرين كاملةً فلا
شيء له لأن مخرج إقراره على وجه التفرقة من ادعى من ها هنا وها هنا ثم ذكر
ما في المسألة ومثل ما ذكر ابن حبيب عن ابن القاسم: أن من له بينة مبدأ على
هؤلاء.
قال ابن القاسم في كتاب ابن حبيب: ومن له بينة فهو مبدأ على أصحاب العشرين.
قال عنه محمد بن خالد في العتبية (1): من ادعى مثل ما قال أعطي ذلك مع
يمينه وذلك في كتاب ابن المواز وقال: والعشرون (2) من رأس المال. ومن ادعى
أكثر من عشرين فلا شيء له وإن ادعى واحداً وعشرين وآخرُ أحد عشر تحاصا ولا
يُزادُ على عشرين.
قال ابن حبيب قال أصبغ: وأما إن قال: من ادعى علي ديناً فحلفوه وأعطوه بلا
بينة أو قال بلا يمين ولا بينة ولم يُؤقت للدين زماناً فهذا يكون من ثلثه
بخلاف الذي وقت العشرين وكأنه أقرَّ بالعشرين لمن لا يعرف فهي من رأس
المال.
وأما إن لم يُؤقت وأمر بتصديق كل من ادعى فهذا من الثلث، وقضى به ابن وهب
قاضي سليمان بن عبد الملك قال: وأما إن قال: من ادعى علي من دينار إلى
عشرين فاقضوه مع يمينه بلا بينة فهذا من الثلث بخلاف مسألة مالكٍ الذي قال
فيها: من ادعى علي من كذا إلى كذا فصدِّقوه وهذا المؤقت هو من رأس المال
لأنه لم يقل كل. وهو أحسن ما سمعتُ.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 466.
(2) في الأصل والعشرين بالياء لا بالواو.
(11/273)
ومن العتبية (1) / روى ابن القاسم عن مالك:
فيمن قال أدارين فلاناً وفلاناً فما ادعوا علي فهم مصدَّقون قال: يُعطوا ما
ادعوا بلا يمين. وقال مالك أيضاً: ولو قال لفلان علي أربعون وهومُصدق فيما
قال فادعى خمسين قال: يحلف ويأخذ خمسين وكذلك في كتاب ابن المواز.
قال أصبغ في العتبية (2) عن ابن القاسم: وإذا أوصى فقال: كنتُ أعامل فلاناً
فما ادعى علي فأعطوه قال: يُصدق في معاملة مثله وأراه ذكره عن مالك. قال
ابن القاسم: ويكون من رظاس ماله وليس الناس في قلة المال وكثرته سواء. وإن
ادعى ما لا يشبه بطلت دعواه فلم يكن في ثلث ولا رأس مال. وقال أصبغ: يبطل
ما زاد على ما يشبه معاملة مثله.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا أوصى أن يُصدق شريكي فهو يعلم مالي فما
دفع إليكم فصدقوه فرفع إلى السلطان عيناً فقسمه معهم ثم أقام عشر سنين
يتقاضى كل ما اقتضى قسمُه معهم ثم كبر الورثة فأرادوا يمينه على ما قبض
فإنه يكشف أمره فإن كان صحيحاً لم يحلف وإن كان على غير ذلك حلف.
قال أبو زيد عن ابن وهب: فيمن أوصى أن لفلانٍ علي شيئاً (3) فهو فيه مُصدق
قال: سمعت أن بعض الخلفاء كتب أن يُعطى ما ادعى من الثلث فقلتُ أن عليه
ديناً (4) ولا ثلثَ له، قال: فلا شيء لهذا. وذكر ابن المواز عن ابن وهب
مثله. وذكر مثله ابن حبيب عن أصبغ عن ابن وهب: في الذي قال: ما ادعى/ على
بنو أبي خالد فأعطوهم وما أقروا لي به فلا تأخذوا منهم غيره قال: قضى ابن
موهب (5) أن يجاز قوله إلى مبلغ الثلث فما زاد ففيه البينة والأيمان. قال
ابن حبيب وقال لي مطرف وابن الماجشون مثله.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 466.
(2) البيان والتحصيل، 12: 466.
(3) في الأصل، إن لفلان علي شيء والصواب ما أثبتناه.
(4) في الأصل، إن عليه دين والصواب ما أثبتناه.
(5) كذا في الأصل، والغالب أنها محرفة عن ابن وهب.
(11/274)
في شهادة الوصي في الوصية واليتامى
وشهادة من أوصى له فيها بشيء
وفي الوصية يقوم عليها شاهد واحد
وهل يُنفذ الوصي ما علم من دينٍ أو وصية؟
من العتبية (1) روى ابن القاسم عن مالك: فيمن أسند وصيته إلى ثلاثة نفر مع
امرأته وأحدهم غائب فشهد الحاضران على وصيته وقد أوصى لهما فيها بشيء قال:
إن كان تافهاً لا يُتهمان عليه جازت شهادتُهما إن كانا عدلين.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإن شهد وصيان أن الميت أوصى إلى فلان معنا
فذلك جائز. قال أشهب: فإن لم يقبل لم يكن ذلك عليه إلا أن يكون في شهادتهما
أنه قبل وهو يُنكرُ فينظر فإن اتهما أنهما أرادا التخفيف عنهما فيما لا
يقدران عليه ويكرهان لم تجز شهادتهما وإن لم يُتهما جازت وكان وصياً معهما
وإن كره. قال عنه أشهب: لا تجوز شهادة الوصي لمن يلي عليه. وقال أيضاً: إذا
كان في شيء يجره إليهم. وقال أيضاً: فيما يجر إلى نفسه. قال محمد: يريد:
مما لو حكم به كان هو القابض له. ورواه ابن القاسم عن مالك. وأما فيما لا
يلي/ قبضه من ماله في الوصية فذلك جائزٌ. وروى عنه أشهب في العتبية (2)
وكتاب ابن المواز: في الوصية يقوم عليها شاهد واحد فلا يحلف الوصي معه
ولينظر السلطان في الوصي فإن رأى أن يقيمه لأمانته فعل، وأما الوصي له فيها
فيحلف مع الشاهد.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم: فيمن أوصى رجلين أن يزوجا ابنته فزوجاها بعد
موته فأنكرت الابنة أن يكون الأب أوصى بذلك إليهما فلا تُقبل شهادتهما بعد
النكاح، ولو شهدا قبل النكاح جازت شهادتهما وإن رضيت ما صنعا ولم تنكره
فالنكاح جائز.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 470.
(2) البيان والتحصيل، 13: 17.
(11/275)
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب عن مالك: في
صغير يوصى له بدنانير فلم يشهد بذلك إلا الوصي فإن خفي للوصي دفعُ ذلك
فليفعل وكذلك لو رفع إلى الإمام فلم تُقبل شهادتُه فله دفعُها إن خفي له.
قال محمد: ولو كان كثيراً لحلف وأخذ ولو كان يُوقف للصغير حتى يكبر فيحلف
لكان يتهم الوصي في بقاء ذلك بيده إلى بلوغه.
قال أشهب عن مالك: فيمن هلك وقد علم ابنه الكبير أن لامرأةٍ ماتت عند والده
جهازاً لها ولغيرها وقد أوصى بذلك فاعتلت وصيته فهل يأخذ من مال إخوته
الأصاغر ما يقضي به دين أبيه الذي قد علمه؟ قال: فلا يفعل. وصايا4
قال ابن حبيب قال أصبغ: في الميت يشهد أن ثلثه صدقة ولا يُشهد غيره قال: إن
خفي له وأمن إذا أخرجه فليفعل ولا إثم عليه بل ذلك عليه واجب وقد قال/
أشهب: إذا علم أن على الميت ديناً (1) وهو لا يخاف عاقبة فعليه أن يؤديه من
تركته وكذلك ما سألت عنه من الوصايا والديون والحقوق، ولو علم أن في تركته
[عبداً أمر أن يعتق عليه] (2) في رأس ماله أو في ثلثه، إن عليه أن يمهله
ولا يعرض له ببيعٍ ولا خدمةٍ ولا بغيرها وكذلك الوارث فيما علم من هذا كله
وأشهده عليه الميت. وهذا الباب مثل معناه في كتاب الشهادات.
فيمن قال: فلان وصي ولا يزيد على هذا
أو يوصي إليه بشيء يخصه به أو إلى مدة يذكرها
وذكر وصي الوصي وذكر الوصيين وموت أحدهما.
من كتاب ابن المواز قال مالك: ومن قال: فلان وصي فقد بالغ في الإيصاء ويكون
وصياً على كل شيء كمن سُميت له الأمور.
__________
(1) في الأصل، دين والصواب ما أثبتناه.
(2) كتبت في الأصل على الشكل التالي (عيد آخر يعتق عليه).
(11/276)
ومن المجموعة مثله في رواية ابن نافع وقاله
ابن القاسم وأشهب قالا: ويقوم مُقامه في كل شيء وفي بُضع بناته وإنكاح صغار
بنيه. قال أشهب: وفي كل ما كان يليه في حياته وفيما كان يلي من وصايا
الناس، وقاله مالكٌ.
من المجموعة قال ابن القاسم وأشهب: وإذا قال: فلان وصي على ولدي كان إليه
فيهم جميع الأمور من مال وغيره كمن سميت له الأمور.
وقال ابن كنانة: فيمن أوصى إلى رجل ببُضعِ بناته ثم وُلدت له بنتٌ بعده
إنها داخلة في ولايته.
قال ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب: وإذا أوصى إليه/ بما له فهو وصي على
ماله وولده، وزاد أشهب في المجموعة: إلا أن يقول: أوصيتُ إليه بمالي وليس
من ولدي في شيءٍ فيكون إليه من أمور ولده ما كان بسبب المال من بيع وشراءٍ
أو إنفاق وغيره، ويكون الإنكاح وغيره إلى غيره من أوصيائه، فإن لم يكن له
بذلك وصي فإنهم إن احتاجوا فيه إلى إنفاق وصيً أقامه لهم الإمام وإلا تركه
إلى أن يحتاجوا إلى إنكاح وغيره فيُجعل من يلي ذلك.
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: فيمن أوصى بميراث بنت له صغيرة أن
يُدفع إلى فلانٍ؟ قال: فله أن يلي بُضعها ولو رُفع إلى افمام فنظر فيه.
قال مالك: في الذي أوصى إليه بتقاضي دينه وبيع تركته أنه إن زوج بناته جاز
ذلك ولو رفع إلى الإمام كان أحب إلي.
وقال أشهب: له أن يزوج ولا يرفع. وقال ابن القاسم إن شاء الله. ومن قال له
أوصي فقال: ما لي مالٌ وزوجتي وصيتي على ولدي ثم طرأ له مالٌ بعد موته فهي
وصيته وليدفع إليها وقد وصى إليها بما لم يكن ملك من أموره غيره فهي وصيةٌ
في كل شيءٍ حتى يُتبين أنه خصها بالبُضعِ خاصة بأمر يعرف.
قال ابن القاسم: هي وصية على ذلك كله، وقد يوصى إلى رجل بولده فيحدث لهم
مالٌ فيكون إليه أمره. قلت: فإن قال: فلانٌ خليفتي على رقيق
(11/277)
ولدي وعلى رقيقي القائمين بأمور ولدي قال:
فلا يكون وصياً إلا فيما يقوم به العبيد لولده، فأما في إنكاح/ بناته وصغار
بنيه فلا ولا أمر مما يجوز للوصي. ومنه ومن المجموعة قال أشهب: وإن أوصى
إليه بماله العين ولآخر بتقاضي دينه فلا وصية للمتقاضي إلا على التقاضي
خاصة فكل ما قبض فليدفعه إلى وصي العين.
ومن المجموعة قال ابن القاسم وأشهب: وإن قال: فلانٌ وصي على تقاضي ديني
وقضاء ما علي وفلانٌ وصي على مالي وفلان على بُضع بناتي فهو كما قال أشهب
وليس للذي جعله للقضاء والاقتضاء غير ذلك وللذي جعله وصياً على ماله بيعُ
تركته وقبضُ الثمن ووصي البُضع ليس له غير ذلك، وإن أوصى إلى رجل ببعض ولده
وبميراثهم وإلى آخر بباقي ولده وأموالهم قال: فلا يدخل أحدهما على الآخر
فيما إليه وأستحسن للقاضي إن خاف منهما ضعفاً في الانفراد أن يشركهما في
الجمع كما إن حس ضعف وصي فعليه أن يشرك معه غيره فهذان أحق قال: والوصي إذا
قال قد أوصيت بتركتي إلى فلان وما أنا عليه وصي إلى فلان فهو كما أوصى.
قال ابن القاسم: وإذا قال في [فُلول غُيب] (1) إن أول قادم منهم وصي فقدموا
معاً فليختر منهم القاضي واحداً عدلاً لذلك.
ومن كتاب ابن المواز: إذا قال: فلانٌ وصي حتى يقدم فلانٌ فليُعط (2)
الحاضرُ كل شيءٍ البُضع وغيره حتى يقدم الغائب فيكون هو وصياً وحده.
ومنه ومن العتبية (3) لأشهب عن مالكٍ وذكره ابن عبدوس عن أشهب قال: وإذا
أوصى إليه بولده وسماهم ولم يُسم أموالهم ولم يُسم/ بنتاً له بكراً كبيرةً
معنسة فيمن سمى قال: ثم آخر قوله: وأموال ولدي كُلهم إلى فلانٍ فإن كانت
التي لم يُسمها أهلاً أن تلي نفسها الآن دفع إليها مالها وإلا كان بيد
الوصي.
__________
(1) كذا في الأصل وفلون: جمع فلان.
(2) في الأصل، فليعطى بغير حذف حرف العلة.
(3) البيان والتحصيل، 13: 34.
(11/278)
ومن المجموعة قال ابن القاسم وابن وهب قال
مالك: وصي الوصي كالوصي في البُضع وغيره. ومن كتاب ابن المواز قال مالك:
ووصي الوصي ووصي وصيه كالوصي في البُضع وغيره، ولو أوصى إلى ميت ولم يعلم
لم يكن وصيه له وصياً (1).
وإذا مات أحد الوصيين عن غير وصية فأراد القاضي أن يجعل مع الباقي غيره
وإما لحاجته إلى معين لكثرة ما يلي وإما لأنه ليس بالبين في العدالة فعل
وإلا لم أر أن يجعل معه أحداً، ولو أن الميت منهما أوصى إليه أو إلى غيره
بما إليه من ذلك كان جائزاً.
في الوصي يقبل الوصية ثم يبدو له أو يقبل بعضها
من كتاب ابن المواز وابن عبدوس قال مالك: وإذا قبل الوصي الوصية في مرض
الموصي أو صحته ثم بدا له؟ قال ابن القاسم بعد موته فليس له ذلك ولو لم
يقبلها حتى مات فإن ذلك إليه. قال أشهب: وكذلك إن قبل ذلك بعد موته فلا
رجوع له فيه أو كان منه شيءٌ يدل على قبوله من البيع لهم والشراء لما
يصلحهم أو الاقتضاء أو القضاء عنهم أو غير ذلك فتلزمه الوصية. وإذا قبلها
في حياته ثم بدا له في حياته فأعلمه أنه لا يقبل فذلك له لأنه لم يُعره
وهو/ قادر على أن يستبدل، وإذا أبى من قبولها في حياته وأباه أيضاً منها
بعد مماته ثم أراد قبولها فليس ذلك إلا أن يجعله السلطان بحسن نظره.
ومن العتبية (2) روى أصبغ عن ابن وهب: فيمن أوصى إلى رجل بوصيته وبما كان
وصياً عليه فقبل وصيته في نفسه ولم يقبل ما كان عليه وصياً؟ قال: فذلك له
وليقم الإمام من يلي أمر الأول.
قال أصبغ: وصية الأول هي من وصية الثاني فإما قبل الجميع أو ترك وإن قبل
بعضاً فهو قبول للجميع.
__________
(1) في الأصل، لم يكن وصيه له وصي.
(2) البيان والتحصيل، 13: 297.
(11/279)
وقال ابن حبيب قال أصبغ: في الرجل يوكله
السلطان بالنظر لليتيم فإنه إذا قبل ذلك منه فليس له أن يعتزل عن ذلك عُزل
ذلك السلطان أو لم يُعزل إلا أن يُزيله السلطانُ على وجه النظر ويولي غيره
بحسن النظر وشبه ذلك.
في الوصية إلى غير العدل وإلى من يضعف عن الوصية
أو إلى ذمي أو صبي ووصية الكافل لليتيم
من كتاب ابن المواز قال مالك وأصحابه: لا يجوز للرجل الوصاية إلى غير
المأمون العدل فإن فعل فليخلفه الإمام ويجعل مأموناً، ولا يجوز أيضاً إلى
ذمي وإلى حربي وهو أشر قاله ابن القاسم وأشهب. وقال ابن القاسم في بعض
مجالسه: إلا أن يرى الإمام لذلك وجهاً، فإن رآه فلا يلي عقد نكاح البنات
وليُكل بذلك مسلماً، وأما بنت النصراني المسلمة فلا يُوكل بعقدها ولا رأي
له فيها.
ومن العتبية (1) / قال ابن القاسم: كره مالكٌ الوصاية إلى اليهودي
والنصراني وكان قد أجازه قبل ذلك. قال ابن القاسم: وإذا كان على الصلة
والرحم يكون أبوه أو أخوه نصرانياً أو أخواله فيصل بذلك رحمهم فلا بأس به
وهو حسنٌ وأما لغير هذا فلا. قال عنه عيسى: فأما الأباعد فلا يعجبني.
قال ابن المواز وابن عبدوس قال أشهب وابن القاسم: ولا يجوز أن يُوصي إلى
صبي أو ضعيفٍ أو معتوه. قال في المجموعة: أو مأبونٍ، ولا يجوز ذلك من
النصارى إلى بعضهم إذا كانوا بهذه الأحوال.
ومن المجموعة قال أشهب: وإذا أوصى مسلم أو ذمي إلى امرأة أو أعمى فذلك
جائز. ابن المواز عن ابن القاسم وأشهب: ومن أوصى إلى محدود في قذف فذلك
جائز إذا كانت منه فلتة وكان ممن يرضى حاله وإن لم يتزيد حسن حال إذا كان
يوم حُد غير مسخوط فأما من حُد في زنىً أو سرقةٍ أو خمر فلا يقع في مثل
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 477.
(11/280)
هذا من له ورع فلا يجوز الوصية إليه إلا أن
يحدث له توبة ونزوع يعرف فضله فيه فتجوز الوصية إليه. وتجوز وصية ذمي إلى
ذمي لأنه على ملته.
قال في الكتابين: وإن أوصى ذمي إلى حربي لم يجز وإن كان مستأمناً.
قال ابن حبيب قال أصبغ عن ابن القاسم: في وصية المسلم إلى النصراني أو إلى
غير هذا أرى أن يُفسخ إلا أن يكون قريبه أو مولاه أو زوجته ومن يُرجى منه
حُسن النظر لولده من أقاربه أو ولاته فأرى أن يجعل معه غيره/ ويكون المال
بيد المجعول معه ولا تُفسخُ وصيةُ الآخر، وقاله مطرف، وبه أقول.
قال ابن الماجشون: وإن أوصى ذمي إلى ذمي وفي تركته خمر وخنازير وغيره ما
يستحلونه لم أمنعه قسمته بينهم –قاله مالك- وليس لرجل منع عبده النصراني من
شراء الخمر والخنزير وأكل ذلك وشربه وإن اقتسم أهل الذمة الخمر قسطاً
بقسطين ولا من الربا بينهم إلا أن يرابوا مسلماً فيُفسخُ ذلك.
في عزل الوصي لما يحدث منه من تغيير
أو كانت امرأة فتزوَّجت
وفي الوصيين يُعزل أحدُهما
هل يجعل مع صاحبه غيره؟
من كتاب ابن المواز ومن المجموعة قال أشهب وابن القاسم: وإذا شكا الورثة أو
بعضهم الوصي إلى القاضي فلا يعزله حتى تظهر له منه خيانة أو ضعف يدخل عليهم
منه ما يدخل بالخيانة فيُعزل ويُجعل غيرُه ويكون من يُجعل كوصي الميت في كل
شيء.
ومنه ومن العتبية (1) ابن القاسم وابن وهب عن مالك: فيمن أوصى إلى امرأته
فتزوجت فخيف على مال الأيتام هل يكشف؟ قال: إن كانت لا بأس بحالها لم تُكشف
وإن خيف كشف عما قِبَلها.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 444.
(11/281)
قال ابن القاسم عن مالك في العتبية (1)
وكتاب ابن المواز: وإن عزلت الولد في بيت وأقامت لهم خادماً وما يُصلِحُهُم
فهي أولى بهم أيضاً. قال في العتبية (2): وإن لم تفعل نُزعوا منها.
قال ابن المواز: قال ابن القاسم وأما المال فوجه/ ما سمعتُ منه أن ينظر في
حالها فإن رضي حالها وسيرها والمال يسير لم يؤخذ منها، محمد: ولم تكشف وإن
كان المال كثيراً وهي مُقلة وخيف من ناحيتها نزع المال منها. وقاله أصبغ،
وهي على الوصية على كل حال إلا أن تكون مبرزة الأمر في إبقاء المال عندها
بعد النكاح في الحزم والدين والحرز والستر فيقر عندها. قال مالك: وإن قال
الميتُ: فإن تزوجت فانزعوهم منها فأرادت النكاح فإن عزلتهم في مكان عندها
مع خادم ونفقة فهي أولى بهم وإلا نُزعوا منها. محمد: لأن الميت لم يقل إن
تزوجت فلا وصية لها إنما قال يُنزعوا منها، فالوصية لها قائمة بعدُ فإن
عزلتهم في حِرزٍ وكفاية لم يؤخذوا منها، وأما المالُ فقد فسر ابن القاسم
أمره حسناً.
ومن العتبية (3) من رواية أشهب عن مالك: إذا تزوجت ولها صبية صغيرة قال: إن
المرأة إذا تزوجت غُلبت على أمرها فما أخوفني أن يُنزع منها والأولياء
يقولون كيف يدخل عليها رجل ولا أرى أن تُدخل عليها رجلاً.
وروى عنه أشهب في يتم له وصيان صار على أحدهما من غلته ثلاثون (4) ديناراً
يُفالس بها ولليتيم اثنان وعشرون ديناراً عيناً ودار كراؤها خمسة دنانير
فأراد اليتيم سكنى مسكن منها كراؤه دينارٌ فقال وصيه الآخر إني أكتري لك
غيره بخمسة دراهم قال: إن كان نحو منزله وقريباً منه ومن مسجده وفي عمران
فذلك له وإن كان بعيداً من منزله ومسجده وفي خراب فليس ذلك له/ وليعزل
الوصي الذي أخذ المال وتفالس إذا كان يجعل ثقةً مكانه قيل: فإن الثاني ثقةٌ
قال: فلا يدخل عليه أحد إلا أن يخاف أن يضعف عن ذلك وحده.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 440.
(2) البيان والتحصيل، 12: 455.
(3) البيان والتحصيل، 13: 51.
(4) في الأصل، ثلاثين ديناراً.
(11/282)
ومن كتاب ابن المواز قال مالكٌ: وإذا عزل
أحد الوصيين لخيانةٍ فلا يجعل مع الآخر غيره إلا أن يضعُف.
في المسلم يوصي إليه الذمي أو مسلمٌ خبيث المال
وفي الذمي عليه دينٌ لمسلم وفي تركته الخمر وشبهه
أو مالٌ غُصب
من كتاب ابن المواز والمجموعة ذكر قول مالك: في الذمي إذا أوصى إلى مسلم
إذا لم يكن في التركة خمر أو خنازير وأمر أن يؤخذ بالجزية مثل ما في
المدونة ثم يقول: وقال أشهب: ولا بأس بقبول وصيته وإن كان في التركة خمرٌ
وخنازير ولا يكون له في ذلك وصية وهو موصي فيما يجوز أن يليه وإنما أكرهُ
له قبوله وليس بالبين في الكراهية في موضع يخاف أن يكون على الذمي جزيةٌ
يؤخذ بها فلا أحب له قبولها فإن قبلها جاز وليس له أن يرجع عنه.
قال ابن حبيب قال مطرف عن مالك: وإذا أوصى ذمي إلى مسلم وفي التركة خمر
وخنازير فلا يُوكل المسلم ذمياً ببيع ذلم وليقبل من وصيته ما يجوز له ويدع
ما سواه، ولو أسلم بعض ولد الميت النصراني فليُقاسم الخمر والخنازير. قال
أبو محمد: يريد مع إخوته ثم يهريق الخمر ويقتل الخنازير ويغيب جيفها وليفعل
ذلك المسلم بما/ يجده في تركة عبده النصراني من ذلك.
قال مطرف: ولو كان على الذمي دين للمسلمين ووصية ذمي فليبع الخمر والخنازير
ويقضي دينه وإن لم يوصِ إلى أحد فليأمر الإمام أحداً من أهل دينه بذلك، وقد
أجاز مالكٌ للمسلم أن يقبض دينه من الذمي من ثمن الخمر.
قال: ولا يقبض دينه من النصراني من الغصب مثل أن يكون متسلطاً بالسلطان على
غصب أموال الناس فلا يأخذ دينه من هذا إلا أن يريد أن يتصدق به ويكون ممن
لا يُقتدى به فليفعل ذلك خيرٌ من تركه، وإن كان ممن يُقتدى به
(11/283)
فلا يفعل وكذلك من المسلم الغاصب كولاة
الظلم. وقال لي أصبغ مثله كله من أول المسائل ورواه عن ابن القاسم.
قال مطرف قال مالك: ولا أحب لمُسلم شراء طعامٍ من ذمي [قبل أن يقبضه] (1)
الذمي من بائعه منه ولو كان مشتريه منه ذمياً (2) لم أعرض له إلا أن
يتحاكموا إلينا فيختار الحاكم الحكم بينهم.
قال ابن القاسم وابن وهب عن مالك في العتبية والمجموعة: فيمن له قريب يلي
عملاً للسلطان وما اطلع منه على أمر يكرهه ولكن يتهمه بأمور يلابسها فيوصي
إليه بولده أترى أن يليهم؟ قال: لا بأس بذلك وأستحسنُه، وذكره أشهب عن مالك
في كتاب ابن المواز.
فيمن أوصى إلى زوجته أو إلى عبد أو مكاتبٍ له أو لغيره
أو أوصى بولده إلى جدته وأوصى لها بنفقة
من كتاب/ ابن المواز والعتبية (3) قال مالك: قد أوصى عمر بن الخطاب إلى
حفصة وأراه فعل ذلك لمكانها من رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) قال مالك:
لا بأس أن يوصي الرجل إلى زوجته وإلى عبده وقد أوصى غير واحد إلى عبده ممن
وجد فيه خيراً ولتُوكل المرأة والعبد بالبُضع غيرهما. وتقدم في باب آخر
فيمن أوصى إلى زوجته فتزوجت.
قال مالك في الكتابين وفي المجموعة: فيمن أوصى بولده إلى عبده فذلك جائز إن
كانوا كلهم يُولي عليهم، وقاله أصحابه.
__________
(1) في الأصل، قبل يقبضه بدون أن.
(2) في الأصل، ذمي والصواب ما أثبتناه.
(3) البيان والتحصيل، 13: 39.
(4) انظر الجزء الرابع من الإصابة لابن حجر فقد جاء فيه أن عمر أوصى إلى
حفصة وأنها أوصت إلى أخيها عبد الله بما أوصى به إليها عمر وبصدقة تصدقت
بها في الغاية.
(11/284)
قال سحنون في المجموعة: إذا كان الولد كلهم
منوا (1) فيما يتكلف لهم العبد فيكون على قدر مواريثهم منه.
قال مالك فيه وفي كتاب ابن المواز: فإن كان فيهم أكابرُ قوم حظهم على
الأصاغر ثم من بلغ قُوم حظه على من بقي.
قال ابن القاسم وأشهب: إذا كان ما لهم محمل (2) لذلك وطلب الأكابر البيع
فإن لم يكن لهم باع معهم من يليه الإمام على الصغار إلا أن يشاء الكبار بيع
حظهم شائعاً.
قال ابن حبيب قال أصبغ عن ابن القاسم مثله وقال: فإن بيع وجعل القاضي عليهم
غيره ثم عتق لم يرجع عليهم إلا أن يرى القاضي لذلك وجهاً فيجعله ابتداءً لا
بالوصية الأولى، وكذلك لو عُزل المسخوط ثم حسنت حاله ورأى أن يجعله نظراً
بأمرٍ يبتديه فيه لا بالوصية الأولى فعل.
قال أصبغ/: وأنا أستحسن في العبد أنه إن بيع بموضع فيه اليتامى مقيمون أن
يقر الوصية له إن كان في ذلك نظر لهم.
ومن المجموعة قال سحنون: إنما قال مالك قولاً مسجلاً في إجازة وصيته إلى
عبده وإنما هو على ما قلتُ لك، فإذا كان فيهم كبيرٌ فهي وصيةٌ لوارث فإن
أجازها الكبار وإلا بطلت. وقاله عبد الملك وقال: ويباع حينئذ. قال ابن
كنانة: إذا أجاز الكبار أن يلي ولا يشغلوه عنها جاز ذلك وإلا اشترى للأصاغر
حظ الأكابر.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: وإذا استخلص للأصاغر لسعةٍ مالهم فكل من بلغ
منهم اشترى حظه لمن بقي حتى يكون إذ ذلك لمن بقي مُضراً بهم لقلة مالهم من
منفعته وكثرة ثمنه فلا تقويم عليهم ويبقى بينهم، فإذا شاء الكبار
__________
(1) كذا في الأصل.
(2) في الأصل، إذا كان ما لهم محمل.
(11/285)
البيع بيع كله وأقام لهم الإمام غيره. وقال
لي مالك والليث: في الموصي إلى عبده أنه يُقوم على الأصاغر قيمة عدل كوصيته
بعتقه، وقد ذكرنا قول سحنون في هذا.
ومن العتبية (1) وكتاب ابن المواز قال أشهب عن مالك: فيمن أوصى إلى أخيه مع
عبده فطلبت الزوجة بيعه وقالت: ثمنُه ثلاثة آلاف دينارٍ؟ قال: يخرج إلى
السوق فيقوم (2) قيمة عدل فتعطى المرأة ثُمنها ويستخلص لمن بقي كما لو أوصى
بعتقه وكأنه اشتراه لهم. قال في العتبية (3) وكتاب ابن المواز وقاله لي
الليث. قال في المجموعة وكتاب ابن المواز وقال أشهب: وإن أوصى إلى مُكاتبه
فذلك جائز وليس/ فيه تقويمٌ على من بلغ ممن يُولى إلا أن يعجز.
قال في المجموعة: فإن أوصى إلى أم ولده أو مدبره أو عبد له أو معتقٍ إلى
أجل فذلك جائز. قال سحنون: أما العتق إلى أجل فلا يجوز إلا برضى الأكابر
لأنه يشتغل عن خدمتهم.
قال عبد الملك: وإذا أوصى إلى عبده بولده ثم هو حر وله ورثة غير الولد
فطلبوا الخدمة فإن كان مثله يخدم تخادموه وإن كان لا يصلح للخدمة كالعبد
التاجر والأمة الفارهة وفي الورثة كبير لا يخدم مثلها مثله فلا حق في
الخدمة لمن ذكرنا، لأن هذين لن يراد منهما الخدمة ولكن الأمانة والتدبير
والولاية وإن لم يرثه غير الولد مضى ذلك بكل حال.
قال ابن القاسم عن مالك: فيمن أوصى بعتق عبده وأوصى أن يحضن ابنين له
صغيرين حتى يبلغا بكذا وكذا كل شهر فلينظر الإمامُ في ذلك، فإن رأى أن
يجيزه جاز لأن الورثة يقولون بماذا أخذت ثلث أبينا.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 38.
(2) في الأصل، فيقام.
(3) البيان والتحصيل، 13: 310.
(11/286)
ومن كتاب ابن المواز والمجموعة قال ابن
القاسم وأشهب: وإذا أوصى إلى عبده غيره فذلك جائز إن أجازه السيد ثم ليس له
بعد أن يجيز رجوعٌ إلا بعذرٍ من بيع أو سفر أو نقلة منه أو من العبد إلى
غير الموضع الذي الورثة فيه فيقيم لهم الإمام غيره.
ومن العتبية (1) ابن القاسم عن مالك: فيمن أوصى بابنه إلى أمه وأوصى أن
يُنفق على الأم فإن كانت محتاجةً والولد صغيرٌ وهي تلي مؤنته وحضانته
فليُنفق عليها –يريد من مال الولد- قال: وإن كانت مليةً وكان/ ذلك أرفق بها
في حضانتها وقيامها ولو نزع منها كلف له من يقوم بذلك فليُنفق أيضاً عليها
من مال الولد وكأنه لا يرى لها نفقة إلا في صغره ثم رجع فقال لا يُنفق
عليها في ملائها فإن شاءت أقامت أو ذهبت، وهو رأيي.
في وصية الأم بولدها وبماله
ووصية الجد والأخ وذوي القرابات
وولاية الأب الكافر
من المجموعة ونحوه في كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: لا تجوز وصية الأم
بمال ولدها إن كان لهم أبٌ أو وصي، فإن لم يكن فأجازها مالك في المال
القليل استحساناً وليس بقياس ولم يجزه في الكثير قال: وليُقم (2) له
السلطان من يراه.
قال مالك: ووصي الأم كأجنبي لا يجوز من صنيعه شيءٌ ولا يكون وصياً إلا فيما
ينفذ من وصاياها. قال ابن المواز: ولو كانت وصيةً جاز إيصاؤها بمالهم ثم
لوصيها أن يزوج ويصنع ما يصنع الوصي، ومن الكتابين على تقارب المعنى.
قال ابن القاسم: ولا تجوز وصية الجد والأخ والعم قل المال أو كثر وإنما
استحسنه مالك في الأم في المال القليل وهي أقوى حالاً في ولدها من هؤلاء.
وقال __________
(1) البيان والتحصيل، 12: 454.
(2) في الأصل، وليقيم له السلطان من يراه.
(11/287)
أشهب: لا تجوز وصاية الأم ولا الجد والأخ
بالولد وليُنزع المالُ من وصي الأم إلا أن يتقادم ويتداوله السلاطين فلا
يُنزع منها لأنه قد صار وصياً وجرى ذلك على يديه، والأخ والجد والعم أقوى
عندي فيه من الأم لأنهم عصبةٌ، والجد كان أولاهم في الأُبوة ولكن ليس ذلك
لهم ولكن السلطان ينظر، فإن رضي/ من أوصى إليه أقره وكان أولى وإلا عزله،
ومن كان منهم وصي بوصية وصي قام (كذا).
ومن الكتابين قال ابن القاسم وأشهب: والأب الكافر لا يجوز أن يُقاسم على
ابنته البكر المسلمة وما له من ولايتها من شيء في بُضعٍ ولا غيره.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ومن أوصى لبني ابنته وأوصى بهم وبما أوصى
لهم به إلى امرأته فذلك جائز وليس لأبيهم أخذه من زوجته وإن كان عدلاً
ويبقى بيدها بخلاف إيصاء الأم والجد في مال الولد من ميراثه وغيره. قال أبو
محمد: يريد لأنه وهبه له على أن يلي حيازته غير الأب فله شرطه.
في أفعال الوصيين وهل يقسمان المال؟
وهل يبيع أحدهما دون الآخر؟
أو يوصي أحدهما إلى الآخر؟
من كتاب ابن المواز وهو في المجموعة من رواية ابن القاسم وابن وهب عن مالك:
في الأوصياء يريدون قسمة المال، قال في كتاب ابن المواز: العين وغيره إنا
لنكره ذلك وليكن عند أعدلهم ويلي هو النفقة، قال عنه ابن القاسم: فإن
اختلفوا طبعوا على ذلك ولا يقسم. قال في كتاب ابن المواز: وجُعل عند غيرهم،
قال عنه ابن وهب: ولا ينفرد أحدهم وليتعاونوا في قيامهم والمال عند أحدهم.
قالا عنه: فإن اتهموا نزع منهم إلى يد عدل. وكذلك في كتاب ابن المواز قال
ابن عبدوس قال علي عن مالك: إن لم يجتمعوا على كونه عند أحدهم نُزع منهم.
قال علي: وأعجب/ إلي أن يقسموه إن تشاحوا ولا يُنزعُ منهم.
(11/288)
قال أشهب في الكتابين: في الوصيين: أكره
لهما قسمة المال وليكن بيد أعدلهما، فإن اقتسماه أو اتكل فيه أعدلهما على
صاحبه ولا بأس به عنده لم يضمناه، فإن اختلفا جعله السلطان عند أعدلهما،
فإن استويا أو تقاربا فعند أكفئهما وأحرزهما وأنجاهما من الظنون إما بغفلة
أو عوار منزل أو بحاجة غالية وقال ابن القاسم نحوه.
قال أشهب: فإن كان هذا أفضل والآخر أيسر فيُستحسن إن كان الأفضل يُرجى عنده
من الفضل ما يُحرزه أن يكون عنده وإن تقاربا في الفضل والملاء فأيهما كان
عنده فلا بأس به إن تطاوعا بذلك أو بقسمته، فإن أبيا فللقاضي أن يجعله بيد
أحدهما أو يقسمه بينهما على تساوٍ أو تفاضل على وجه النظر منه.
قال ابن كنانة في المجموعة: لا يقسم الأوصياء المال وليكن عند أو ثقهم
بإيقافهم أو بالسلطان ويختمون عليه ولأن الميت أراد اجتماعهم فيما كلفهم
وقد يُرادُ أحدُهم لأمانته وآخرُ لكفايته وآخر لرأيه فلم ير أن يقسموا
فينفرد كل واحد وإنما أحب اجتماعهم في كل أمر ليُنتفع بذي الأمانة وذي
الكفاية (1) وذي الرأي.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: إذا اقتسما المال ضمناه فإن هلك ما بيد
أحدهما ضمنه صاحبه حين أسلمه إليه.
قال أشهب في الكتابين: وإني لأرى قسمة الوصيين عليهما جائزةً صغاراً
وكباراً كان ما عندهما شائعاً أو يكون/ عند هذا حظ فلانٍ وعند هذا الآخر حظ
فلانٍ إذا رضيا بذلك وأشهدا فهو تام على ما أشهدا، وأبى ذلك ابن القاسم
وقال: لا يقتسماه وليُجعل عند أعدلهما وأكفئهما. قال ابن القاسم: ولا يبيع
أحدهما أو يشتري إلا بإذن الآخر وكذلك النكاح، فإن اختلفا نظر السلطان. قال
غيره وهما كرجل واحد. قال أشهب: وكذلك النكاح والإجازة والقسمة وجميعُ أمر
الوصية إلا أن يُفوض أحدُهما إلى صاحبه إلا ما لابد منه من الشيء
__________
(1) في الأصل، وذوي الكفاءة بصيغة الجمع وآثرنا استعمال المفرد للتناسق
التعبيري مع ذي الأمانة وذي الرأي.
(11/289)
التافه وأستحسن أن يشتري به أحدُهما
لليتامى مثل طعام وكسوة وما لابد منه مما يضر بهم تأخيره فهو خفيف إذا غاب
الآخرُ أو أتى، ولا يجوز أن يقتضي أحدهما من بعض الغرماء بغير إذن صاحبه،
ويضمن ذلك الغريم كوكيلين على بيع أو نكاحٍ أو قبض دينٍ فيليه أحدهما فلا
يجوز.
قال ابن القاسم: وإن قاسم أحدهم لليتامى فضاعت حصة أحدهم فأما ما في يديه
من العين فجائز وأما في غيره فلا يجوز حتى يجيزه صاحبُه، فإن ضاعت حصة
أحدهم فهو منهم وما بقي بينهم، وإن وكل أحدهما بالقسمة أجنبياً فجائز لا
يدفعه صاحبه كما لو أوصى بما إليه من ذلك، ولو مات أحدهما ولم يوصِ فإن كان
الباقي بين العدالة والكفاية لم أر أن يجعل معه القاضي غيره وإن لم يكن بين
العدالة أو كان مبرزاً ويحتاج إلى معونة فليجعل معه غيره فيكون كالميت. قال
علي عن مالك: إذا مات أحدهما جعل القاضي/ معه غيره. وقال: فيمن أوصى إلى
ثلاثة وجعل بأيديهم صدقة يلونها فمات واحد وأوصى بها إلى زوجته وهي بنتُ
الميت الأول ولم يسند إليها قال: إن كانت عدلةً جاز ما صنعت وإلا فوض ذلك
إلى عدل.
ومن كتابٍ آخر: وإذا كانا وصيين فأوصى أحدهما بما إليه من ذلك إلى أجنبي
فذلك جائز عند يحيى بن سعيد وأشهب وأباه سحنون وقال: ينظر السلطان.
في فعل الوصي في مال اليتامى ووجه الإنفقاق عليهم منه
وهل يزكيه أو يُخرج زكاة الفطر عنهم أو يضحي؟
وهل بُيضعُ لهم أو يقارض أو يتجر لهم به
أو يأخذه قراضاً أو يداين لهم؟
من كتاب ابن المواز قال يعني مالكاً: وإنما للوصي أن يفعل في مال اليتيم ما
ينميه أو ينفعه به.
(11/290)
ومن العتبية (1) أشهب عن مالك قال: وينفق
الوصي على اليتامى على كل إنسان بقدره من مصابته ليس الصغير كالكبير.
ومن كتاب ابن المواز وابن عبدوس قال مالك: قال ربيعة: وليُوسع عليهم ولا
يضيق وربما قال: وله أن يشتري لهم ما يلهون به [وذلك مما يطيب نفوسهم
ويشبون به] (2).
قال مالك: وإذا كانت لهم سعة فليُوسع عليهم، ولا ينظرُ إلى صغير فرُب صغيرٍ
أكثر نفقة من كبير.
ومن المجموعة قال ابن القاسم وابن وهب عن مالك: كان سالم ابن عبد الله يلي
أيتاماً وكان مالهم في خريطة (3) فما وقع لهم جعله فيها ويُخرج منها نفقتهم
ولا يكتب شيئاً من ذلك. قال/ عنه ابن وهب قال: وأحجهم قبل أن يبلغوا قال
مالك: ولا بأس بذلك وهو خير في أدبهم وله أن يُحجهم بعد حجة الإسلام - يريد
بعد بلوغهم. قال ابن كنانة: وله أن ينفق في غرس اليتيم ما يصلح من صنيع
وطيب ومصلحته بقدر حاله وحال من تُزوج إليه وبقدر ذلك من كثرة ماله، وكذلك
في ختانه، فإن خشي أن يُتهم دفع ذلك إلى الإمام فيأمره بالقصد من نحو ما
ذكرنا.
ومن العتبية (4) من سماع ابن القاسم ومن كتاب ابن المواز نحوه مالك: وإذا
زوج يتيمه وأنفق في ابنتائه أو في ختانه النفقة العظيمة فأما الصنيع
المعروف من غير سرف فجائز وأما ما أنفق في الباطل وعلى اللعابين فلا يلزم
اليتيم، ومن كتاب ابن المواز والمجموعة ابن القاسم عن مالك: ولو أنفق عليهم
سرفاً لم يُحتسب له السرف وإن أقام بينة بإنفاقه ولكن السداد ويضمن السرف.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 74.
(2) في الأصل (وذلك مما يطيب نفسه ويشب بعده) وآثرنا استعمال ما كتبناه
للتناسق اللفظي والمعنوي مع ما قبله.
(3) الخريطة: وعاء من جلد أو غيره يشد على ما فيه.
(4) البيان والتحصيل، 10: 362.
(11/291)
قال في كتاب ابن المواز: وليُزك (1) مال
اليتيم ويخرج عنه وعن عبده الفطرة ويضح (2) عنه من ماله وهذا إذا أمن أن
يُتعقب بأمر من اختلاف الناس أو كان شيءٌ يخفى له.
ومن كتاب ابن المواز والمجموعة قال مالك: وإذا أفاد عبد اليتامى مالاً
كثيراً فللوصي أن ينزعه منه وأما اليسير لا بال له فلا ينزعه وكذلك الأب.
ومن العتبية (3) أشهب عن مالك: وإذا كسب المُولى عليه مالاً فلينزعه منه
وليه. قيل إنه هو كسبه؟ قال: رُب رميةٍ من غير رامٍ.
ومن المجموعة وفي كتاب ابن المواز نحوه، قال ابن القاسم/ عن مالك: وله أن
يتجر بأموال اليتامى لهم ولا ضمان عليه. قال عنه ابن وهب: في البر والبحر
ويشتري لهم الرقيق للغلة والحيوان من الماشية وشبه ذلك وذلك كله حسنٌ، وقد
فعله السلف، وقد أعطت عائشة مال يتيم لمن تجر له به في البحر وأنكر ما
يفعله أهل العراق أن يُقرِضوا أموالهم لمن يضمنها وأعظم كراهيته.
قال عنه ابن وهب: ولو باع متاعاً لهم فأفلس المشتري فلا ضمان على الوصي.
قال أشهب: وله أن يتجر بمال يتيمه ببدنه أو يؤاجر له من يتجر فيه أو بدفعها
قِراضاً أو بضاعة على اجتهاده ولا يضمن، وله أن يودع ماله على النظر ولأمر
يراه وأما أن يفعله على المعروف بمن يأخذه فلا يصلح ذلك. وذكره كله ابن
المواز لابن القاسم ولم يذكر أشهب.
ومن هذه الدواوين قال مالك: وله أن يدفع ماله قراضاً إذا دفع إلى أمين ولا
يضمن.
قال في كتاب ابن المواز: وله أن يُبضع لهم ويبعث في البحر وله أن يُودع
ماله ويسلفه. قال ابن المواز يسلفه في التجارة فأما على المعروف فلا.
__________
(1) في الأصل، وليزكي بغير حذف حرف العلة.
(2) ويُضح بحذف حرف العلة عطفاً على قوله وليزك وجاءت في الأصل بإثبات حرف
العلة.
(3) البيان والتحصيل، 13: 45.
(11/292)
قال محمد بن عبد الحكم: وللوصي أن يبيع
لليتامى بالدين إن رأى ذلك نظراً.
قال في كتاب ابن المواز وذكره ابن عبدوس لأشهب قال: يعمل الوصي بمالهم
قراضاً كما لا يبيع لهم من نفسه ولا يشتري لها، وقد قال بعض أصحابنا في
كتاب آخر: إذا أخذه على حرز من الربح يشبه قراض مثله فيه أمضى ذلك كشرائه
شيئاً لليتيم فيعقب فيكون/ أحسن لليتيم.
ومن العتبية (1) أشهب عن مالك: في وصي على صبي صغير وأخوات له وفي التركة
مصحفٌ ثمنه خمسة وعشرون ديناراً استخلصه ااغلام كم التركة؟ قيل أموال عظام
ومنها أصول قال: فما سنُّ الغلام؟ قال: ابن ست سنين. قال: لا بأس بذلك وكان
ذلك من شأن الناس أن يُستخلص له السيف والمصحف. قيل: فيستخلص له وربما علمن
فقرأن (2) في المصحف قال: بل للغلام أحب إلي.
ومن كتاب ابن المواز وابن عبدوس عن مالك: في يتيمة لها ستمائة دينار ودار
بمصر وهي في حِجر أمها فهل يشتري لها خادماً؟ قال: نعم. قيل: فيتيمةٌ خرج
لها في القسم عشرةُ دنانير تحلى بها وعندها مائة دينار؟ قال: نعم وذلك
ينفعها في نكاحها. قيل: في الكسوة؟ قال: هي أيسر شأناً الثوب وشبهه.
في الوصي هل يبيع على اليتامى الربع أو الغنم ذات الغلة
أو يشتري ذلك لهم أو يخالطهم أو يبيع لهم بالدين
أو يشتري به أو يكاتب عبدهم أو يعتقه على مالٍ؟
من العتبية (3) والمجموعة قال ابن القاسم وابن وهب قال مالك: ومن اليتامى
ممن لهم الغنمُ أهل بادية فلا ينبغي للوصي بيعُها عليهم وله أن يخالطهم في
الماشية __________
(1) البيان والتحصيل، 13: 50.
(2) كتبت في الأصل فقرين.
(3) البيان والتحصيل، 12: 473.
(11/293)
والزرع وأن يخلط طعامه بطعامهم إذا كان لا
يغبنهم (والله يعلمُ المُفسد من المُصلح) [البقرة: الآية 220]، وعن يتيم له
إبل مؤبلة (1) فقال أولياؤه نبيعُ حيوانه/ فإنه صغير والحيوان يتلف
والدنانير خير وأبت أمه ومن يقرب منه بيعها وقالوا: يباع منها لنفقة، قال
مالك: أما من أصل ماله وما يُرى له فيه الحظ في الماشية من أهل العهود
والبادية فلا يباع لهم وينظر فإن كان ممن أصلح له بقاءُ إبله وماشيته أمسكت
وإلا بيعت. قال في كتاب ابن المواز: إلا في جرب يخاف عليها فيه.
ومن المجموعة قال عنه علي: وللوصي أن يبتاع لهم ماشيةً يعيشون بها إن كانوا
بموضع لا يصلحهم إلا ذلك، وله أن يبتاع لهم أيضاً من يحرث عليهم ومن رقيق
وحيوان يحتاجونها إما بالبادية أو بالحضرة. قال مالك: وليس له أن يبيع
عبدهم الذي أحسن القيام عليهم. وكذلك في كتاب ابن المواز وغيره.
ومن كتاب ابن المواز ونحوه في غيره وهو لمالك قال: ولا يبيع عليهم الربع
لغير عذر ليتخذ لهم العين فلا يفعل فأما لحاجةٍ لمصالحهم أو لرغبةٍ في
الثمن النفيس أو ربع بموضع سوء أو لتداعي خراب ليتخذ غيره أو ليس في غلته
شيءٌ. وعمن أوصى بابنه وابنته إلى زوجته وإلى أجنبي وترك دواب (2) وغنماً
ورقيقاً حبسهم على ورثته فمات الابن فأراد الوصي بيع ذلك وأبت المرأة إلا
إيقافهم كما أوصى؟ قال مالك: لو كانت سنة خصب لم أر بيع ذلك (3) وفي سنة
جدبةٍ [فلتُبع (4) الغنم والدواب وتبقى الرقيقُ] إن كان فيهم منفعةً
يختدمون ويؤاجرون وإن كان رعُي تلك الغنم والدواب لا يقع فيهم فليباعوا.
قال: وللزوجة بيعُ حصتها من ذلك وإن كانت قد/ رضيت بما أوصى زوجُها قيل:
وأوصى لها بنفقة من مالهم ما بقيت معهم؟ قال: إن كانت محتاجةً فذلك لها.
قيل: ليست بمحتاجة قال: فما مضى فهو لها وليس لها ذلك فيما يُستقبلُ.
__________
(1) إبل مؤبلة: إبل كثيرة من قولهم أبل فلانٌ كثرت إبله وإبل اقتناها.
(2) في الأصل، وترك دواباً بالتنوين والصواب ما أثبتناه.
(3) نسي الناسخ همزة ار فكتبت العبارة على الشكل التالي فلم ر بيع ذلك.
(4) في الأصل، فلتباع بغير حذف الألف مع أن الأجوف إذا سكن آخره حذف وسطه.
(11/294)
ومن المجموعة قال علي وابن غانمٍ عن مالك:
في الوصي أيبيع ربع اليتامى خوفاً أن تخرب؟ قال: رُب ربعٍ لا يصلح إلا
بالتعاهد فإن كان بموضع لا يقدر أن يتعاهده ويقوم عليه وخشي أن يخرب
فليبعه. قال عنه علي: لا يباعُ ربعُهم إلا في ثلاثة وجوه: في دينٍ على
الميت، أو في حاجة أو خوفاً أن يخرب قالا: وإن أوصى أن يباع ربعُه في دينٍ
على الميت وله عينٌ وعروضٌ وورثةٌ صغارٌ فلينظر السلطان لهم فإن كان
مُضاراً في وصيته بالبيع فلا يباع وإن رأى بيعه نظراً بيع.
قال عنه ابن القاسم: وللوصي بيعُ متاع اليتيم الميت مساومة أو فيمن يزيد من
ربعٍ وغيره على وجه النظر.
ومن المجموعة قال أشهب: وله أن يبيع متاعهم بتأخير وأن يحتال بدينهم فإن
أُحيل على معدم فإن كان مفلساً مبرزاً والآخر بينُ الفضل عليه في الملاء
فاحتياله باطلٌ والدينُ على الأول، وكذلك إن صالح على حق له وكان الصلحُ
خيراً له جاز وإن كان أمرٌ يرى بعض الناس أنه خيرٌ ثم ذكر مثل ما ذكر ابن
المواز.
ومن العتبية (1) روى أشهب عن مالك: وسأله ابن كنانة: عمن اشترى حائطاً بثمن
منجمٍ إلى أجلٍ وذكر أنه اشتراه لأيتامٍ في حجره ثم اغتله لهم سنين ثم قيم
عليه وخيف أن يعدم؟ قال: أن من يشتري بدينٍ ويقول هو لأيتام/ فلا يلزمهم
فيما أن الحائط قائمٌ وقد اغتُل منه مالٌ: أليس باسمه كتبه؟ فعليه يرجع
البائع وبه يبدأ إلا أن يُرفع ذلك إلى القاضي فيكشف عن ذلك وينظر فيه. وفي
الباب الذي يلي هذا ذكر من بيعُه بدينٍ.
ومن كتاب ابن المواز: وله أن يكاتب عبد يتيمه ولا يعتقه عنه قال أشهب: ولا
يُعجل عتقه على مالٍ يتبعه به غلا أن يكاتبه وإن أعتقه على أن أخذ منه
مالاً أخفاه لولا عتقه لخيف أن يُتلفه فذلك جائز. محمد: إذا لم يكن يظهره
قبل ذلك لولاء العتق. قال أشهب: وكذلك لو كاتبه بهذا المال لجاز وكذلك
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 47.
(11/295)
الأبُ في ذلك فيمن يُولى عليه، وفي كتاب
القراض لابن المواز قال محمد: ولا يجوز أن يكاتب الوصي عبد يتيمه فانظر
معناه هل هو على غير وجه النظر.
في صُلح الوصي في مال اليتيم
وتأخيره بديونه وحطاطه منها
من كتاب ابن المواز وهو لأشهب قال: ولا يُخرُ الوصي بدين اليتيم إلا لوجه
نظر من خوف جحود أو تفليس إن قيم به فيكون نظراً لليتيم وكذلك لو وضع من
دَينه أو صالح عنه على هذا المعنى مما هو خير لليتيم، ولو كان يرى بعض
الناس أنه خيرٌ له ولا يرى ذلك بعضهم ففعله فيه جائز، محمد: ما لم يفعله
محاباةً لمن يفعله له. قال: وإذا كان بيناً أنه ليس بنظر لم يجز ورُد كما
لو أمر الوصي من بيده وديعةً للميت أن يهبها/ أو يبسلفها لم يجز ويضمن
المأمور ولو أمره أن يعمل بها قراضاً (1) أو يشتري بها متعاً لم يجز حتى
يدفعها هو إليه لذلك. ولو أمره أن يدفعها إلى فلان سلماً أو على غير ذلك
فذلك جائز.
ولو ادعى أحد دعوى فيما بيد يتيم فصالحه وصيه فذلك جائزٌ إن أصاب وجه النظر
وإن لم يأت السلطان فصلحه أبداً جائز حتى يطالب فيه ويرى السلطان أنه غير
نظر لم يجز، مثل أن يدعي فيصالحه من غير أمر خيف منه وأما إن أشرف عليه
المدعي وخيف أن يؤخذ ما بيد اليتيم فالصلح جائز. قال ابن عبدوس قال أشهب:
لا يجوز تأخير الوصي بدين اليتيم وإني لا أستحسن إذا خاف جحداً أو تفليساً
فأخره وأخذ رهناً أنه لا يجوز ويكون الدينُ حالاً والرهن جائزاً وكذلك إن
دخله وذكر ما تقدم من روايته ابن المواز في الصلح وما في الباب المتقدم من
بيع متاعهم بالدين والحول فيه.
__________
(1) في الأصل، ولو أمره أن يعمل به قراضاً والصواب ما أثبتناه لأن الضمير
يعود على الوديعة.
(11/296)
في الوصي هل ينتفع بمال اليتيم
أو يأكل منه هو والأب من مال ابنه؟
أو يتسلف الوصي أو يعتق أو يتصدق
أو يخالطه في طعامه أو يشتري من متاعه
أو يعمل بماله قراضاً أو يزوجُه لابنته؟
من المجموعة قال ابن وهب قال مالك: أكره للوصي أن يأكل من مال اليتامى إلا
أن يصيب من اللبن والتمر والعنب ويأخذ بحديث ابن عباس وقاله لي الليث.
ومن كتاب ابن المواز/ قال مالك: لا يأكل من مال اليتيم وقد قيل إلا أن يكون
به وبماله مشغولاً فليأكل منه بقدر عمله إن كان محتاجاً وإن يستعفف فهو خير
له.
قال فيه وفي العتبية (1) والمجموعة: ولا أعلم أنه يجوز له أكل شيءٍ من ماله
إلا اللبن إن كان في غير سوق يباع فيه ولا ثمن له هنالك. قال في المجموعة:
وما علمتُ من أرخص في غير ذلك. قال فيه وفي غيره: ولا أحب له أن يركب له
دابةً ولا يتسلف ماله.
قال في العتبية (2): ولا بأس أن يأكل الرجل من الضيعة لابنه الصغير ينزل
بها ورثها عن أمه. قال في كتاب ابن المواز: للأب أن يأكل من مال ولده قدر
ما يحكم له به وليس كالوصي.
ومن العتبية (3) روى أشهب عن مالك: في ولي اليتيم يسأله السائل فيعطيه
الشيء من ماله أو من زرع اليتيم؟ قال: أرجو ألا يكون به بأسٌ يرجو بركة ذلك
لليتيم.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 456.
(2) البيان والتحصيل، 12: 480.
(3) البيان والتحصيل، 10: 411 - 412.
(11/297)
قال في هذه الكتب: وإذا أخلط طعامه بطعام
اليتيم فإن كان ما ينال اليتيم أفضل وهو خير له فلا بأس به وذلك له أن
يخالطه في زرعه وماشيته (والله يعلم المُفسد من المُصلح) [البقرة: الآية
220].
قال عنه ابن وهب في المجموعة: ومن مات في سفر ووصى رجلاً فلا يتسلف الوصي
من تركته، ولا أحب أن يشتري من متاعه، وقاله أشهب عن مالك في كتاب ابن
المواز.
قال عنه ابن نافع في المجموعة: ولا أحب أن يتسلف من مالٍ بيده لغيره،
وأجازه بعض الناس فرُوجع فقال/ إن كان له مالٌ فيه وفاءٌ فأرجو إذا أشهد أن
لا بأس به وإذا ربح في وديعة عنده تجر بها فالربحُ له حل لأنه ضمنها. قال
عنه علي: وإذا اشترى الوصي نت تركة الميت فإن كان السلطان بعث لذلك من يليه
في جماعة الناس فلا بأس به.
وقال نحوه ابن الماجشون: إذا حضره العدول وتبين أنه استقصى مزايدة وأخذ ذلك
بما بلغ. وفي سؤاله أنه جنى (1) كان شريكاً للميت.
قال عنه علي وابن غانم: فيما يباع في المزايدة فإذا وقف أخذه الوصي بذلك
فإن كان وارثاً فلا بأس لأن له معهم شركاً (2) ويريد أن يبتاع من متاع
أبيه، وأما الوصي الأجنبي فلا وهو قبيحٌ وتقع فيه التهمة وإن سوغ هذا لمن
فيه خيرٌ من الأوصياء دخل فيه من لا خير فيه منهم وربما أمسك الناس عما
يريد هو شراءه وقد يأمر بالبيع قبل تمام الثمن. قيل: فإن سلم من هذا؟ قال:
أكرهه. قال محمد بن عبد الحكم: ولا يُولي القاضي على بيع التركات إلا
مأموناً وإذا ولاه فلا يشتري منها ولا بأس أن يدبر من يشتري له منها إذا لم
يعلم أنه من قبله، ومن المجموعة قال عنه ابن القاسم: فيما ابتاع من ماله؟
قد شدد مالكٌ كراهيته __________
(1) كذا في الأصل ولم يتضح لنا معناه.
(2) في الأصل، شرك بالرفع. والنصبُ هو الصواب.
(11/298)
ولينظر فإن لم يكن فيه فضلٌ ترك. وقال مالك
يُعاد إلى السوق فإن زيد فيه وإلا ترك.
قال ابن القاسم: وكذلك الكراءُ إلا أن يفوت الإبان فإن كان فضل وداه (1)
وإلا لزمه بما عقد. وقال ابن الماجشون: إذا نكا ... (2) / أرض يتيمه نظر
الحاكم فيه يوم يُرفع إليه فإن كان سداداً أمضاه. قال ابن كنانة: وإن اشترى
من التركة أمةً ثم زوجها فولدت نظر فإن كانت قيمتها يوم الشراء مثل الثمن
فأقل مضى وإن كانت أكثر ودى ما بقي ولا يشتري منها ولا يدس من يشتري له إلا
بأمر الإمام يتبع ذلك لدين أو لوصية فله أن يبتاع إلا أن يخاف أن يكسر سلع
الميت لولايته قال أشهب: ولا يأخذ مال يتيمه قراضاً كما لا يشتري منه ولا
يبيع منه ويُتهم فإن اشترى من متاعه سلعةً نظر فيها.
قال في كتاب ابن المواز عن ابن القاسم: فيمن يزيد أو غيره قالا: فإن رجا
فيها أكثر لم يجز وإن لم يرفع ذلك إلى الإمام فليتق الله هو فإن كانت فرصةً
ردها وإن غير ذلك أمسكها. ونحوه كله لابن القاسم في كتاب ابن المواز.
قال أشهب: وإن كان شسء بحسب رأس المال أو أكثر باعه فإن كان نقص وداه
لليتيم وإن كان أفضل كان اليتيم. قال ابن المواز: وذلك فيما له قدرٌ من
الثمن الكثير.
ومن العتبية (3) أشهب عن مالك: وإذا كان الوصي عم اليتيم فزوجه ابنته
وأمهرها من مال اليتيم خمسين ديناراً ثم مات العم وأوصى إلى رجل قال: يزوجه
ابنته ويستكثر لها من الصداق لا أرى ذلك، قيل: قد فني مالُها فهل للوصي
الثاني أن يُنقصها من المهر عشرين ديناراً ويتم ذلك على وجه النظر؟ قال:
نعم فليفعل وليُشهد على ذلك وأنه رآه خيراً لهما، ولا أرى أن ينفق عليها من
مال الزوج وإن/ راهق حتى يبلغ.
__________
(1) المراد أداه وكثيراً ما يُنيب المؤلف في التعبير الواو عن الهمزة داخل
كتابه هذا.
(2) كذا في الأصل ويوجد حرف بعد الألف لم يتضح لنا ولا ندري ما المقصود من
ذلك.
(3) البيان والتحصيل، 13: 68.
(11/299)
ومن كتاب ابن المواز قال: ولا يزوج يتيمه
من نفسه وإن بلغت ورضيت وينظر الإمام إن فات بالدخول فإن كان لهما كُفؤاً
في الحال والمال أو دونها بيسير جاز ذلك. وإذا أعتق الأب أو الوصي عبداً
ليتيم عن نفسه فإن كان ملياً جاز وغرم القيمة، وكذلك الصدقةُ إن كان عديماً
لم يجز وهذا مذكور في العتق وذكرنا في النكاح تزويج الأب بمال ولده ويرد
العتق في عدمه إلا أن تطول السنين (1) في العتق خاصة فيمضي. وقد قال أيضاً
ابن القاسم: إن الصدقة لا تجوز وإن كان ملياً.
في الوصي هل يبيع تركة الميت لدين أو وصية
وفي الورثة صغارٌ وكبارٌ أو كبار أو صغار؟
وهل يقسم بينهم؟ وكيف إن كان فيهم حملٌ؟
وهل ينقل التركة من بلد إلى بلد؟
وفي قسمة أحد الوصيين
من المجموعة قال ابن القاسم وابن وهب عن مالك: في الوصي يريد بيع متاع
الميت لمساومة ويراه أثمن له من بيع المزايدة وفي الربع وغيره فذلك له يفعل
ما رآه أفضل.
قال عنه ابن وهب: وإذا مات في سفر، بلا وصاية بيع عروضه ومتاعه لأنه يثقل
حملُه ولا يتسلفوا من المال شيئاً.
قال أشهب: فيه وفي كتاب ابن المواز: في الوصي يريد بيع الرقيق والحيوان
وغيره يريد لإنفاذ وصاياه وفي/ الورثة كبيرٌ غائبٌ لا يولى عليه فذلك له
وكذلك لو كان عليه دينٌ، ولو أوصى بوصية أو بثلث في صدقة أو غيرها والورثة
كلهم كبارٌ فله بيع العقار وغيره، وفيها قول أنه ليس له بيع شيءٍ من العقار
إلا __________
(1) جرى المؤلف في إعراب هذه الكلمة هنا مجرى من يعربها إعراب المفرد فتظهر
الحركة على النون وهناك من يجيز إعرابها إعراب جمع المذكر السالم فيقال في
مثل هذه العبارة إلا أن تطول السنون.
(11/300)
الثلث، وهو أحب إليَّ، وكل ما له فيه بيع
العقار فله بيع ما سواه من حيوان وغيره، وإذا لم يكن عليه دينٌ ولا أوصى
بوصية ولم يترك عقاراً والورثة كلهم كبارٌ غيابٌ أو بعضهم غيابٌ غيبةً
بعيدة فله بيع ما كان من العروض والحيوان بخلاف الرباع وإن كانوا حضوراً
محمد: أو قريبةٌ غيبتهم فليس له بيعُ شيءٍ ولا للسلطان وله ذلك في الغيبة
البعيدة قال ابن القاسم: إذا رفع ذلك إلى السلطان حتى يأمره أو يأمر من بيع
معه.
ومن المجموعة ونحوه في كتاب ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب: إذا كانوا
صغاراً أو أكابر فلا يبع حتى يحضر الأكابر إن كانوا حضوراً. قال ابن
القاسم: فإن غابوا بأرض نائية وترك حيواناً ورقيقاً وعروضاً فله بيع ذلك
ويرفع ذلك إلى الإمام حتى يأمر من يبيع على الغائب. قال أشهب: إن قرُبت
غيبتهم ولم يُخف تغيرُ شيءٍ من التركة كاتبهم، وإن بعدت غيبتهم فليبع ما
يخاف عليه ويرى أن بيعه أفضل للجميع ويقسم الثمن إذا قدموا وإن شاء قسمه في
غيبتهم ثم من تلف حقه كان/ منه صغيراً كان أو كبيراً وكذلك إن كان الورثة
عصبةً قال سحنون: كيف يبيع على الورثة الكبار الغياب بغير أمر السلطان وكيف
يقسم بينهم.
ومن العتبية (1) عيسى عن ابن القاسم: وإذا كان في الورثة من بان (2) نفسه
لم يجز بيعُ الوصي التركة بغير إذنهم فإن فعل وفات وأصاب وجه البيع كأنه
يقول يمضي.
قال أصبغ: لهم رده إلا أن يكن أوصى بالثلث فيحتاج الوصي تحصيل المال
لإنفاذه فذلك له إلا في العقار والربع فليس له ذلك دونهم، فإن لم يكن ذلك
فللبالغين رد ذلك أو أخذه بما بلغ.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 134.
(2) كذا في الأصل، ولم يتضح لي معناه وسياق الكلام يقتضي أن تكون هناك كلمة
بمعنى إذا كان في الورثة من يستقل بنفسه ولا يحتاج إلى حجر عليه.
(11/301)
ومن المجموعة قال ابن القاسم: إذا كان منهم
كبيرٌ غائب لم يقسم له إلا السلطان وإن طانوا صغاراً فلا يقسم الوصي مالهم
بينهم إلا بقول الإمام إن رآه نظراً.
قال أشهب: قسمُ الوصي بين الصغار جائز في جميع الأموال العين وغيره وكذلك
إن كان فيهم كبير مُولى عليه لأنه ولي لكل واحد ولو كانا وصيين فقسماها لهم
فأخذ هذا حظ فلانٍ وهذا حظ فلان فذلك جائز على ما سميا وأشهدا، وإن كان
فيهم كبارٌ لا يُولى عليهم فقسمُ الوصي بينهم العين جائزٌ إذ لا عين فيه
ليعزل حظ الأكابر عنهم ثم من هلك حظه من الأصاغر فهو منه ولا يجوز أن يقسم
بين الأكابر ما وقع لهم من الأصاغر ولو كانوا كلهم كباراً لم يجز قسمه
بينهم ولو فعل كان ما هلك من جميعهم وأما/ غير العين فلا يقسمه الوصي إن
كان فيهم كبيرٌ غائبٌ إلا بوكالة منهم أو بأمر إمام فإن فعل فهو إذا قدم
مُخير ولا ينبغي للوصي أن يفعل لأنه غبنٌ على الصغير فيما ينقص عليه.
قال في كتاب ابن المواز: وكذلك لو كان بينهما عبدان (1) فلا يقسمهما في
غيبة الكبير.
قال أشهب في المجموعة: وليس كمن أوصى له بالثلث وهو كبير غائب وترك وارثاً
يلي نفسه حاضراً وللميت وصي على ذلك فقاسم الوصي الوارث الكبير لأهل الثلث
فذلك نافذٌ على الموصى له الغائب لأن الميت ولي الوصي ذلك وليس له أن يُولي
على كبير ولده أحداً وكما لو أوصى ثبلثه إلى رجل يليه وأوصى بولده إلى آخر
فقاسم الوصي الوصي فذلك نافذٌ.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا كان في الورثة كبارٌ غيبٌ فله أن يقسم للصغار
بحظوظهم من العين ثم يقسم ما وقع للصغار ولا يقسم ما وقع للكبار بينهم ولا
يجوز إن فعل وما هلك منه فمن جميعهم الكبار وإن كان بعض الكبار حاضراً فله
أن يعطيه حظه من العين قال ابن القاسم: وأما الربع فلا يقسمه إن كان فيهم
__________
(1) في الأصل، لو كان بينهما عيدين.
(11/302)
كبير غائب إلا بأمر الإمام، ولا يجوز إن
فعل والغائب مُخير وإن كانوا صغاراً أجاز أن يقسم بينهم الرباع وغيرها.
ومن المجموعة علي عن مالك: في الأيتام لهم رقيق فللوصي قسمُها بينهم أو
تأخيرها إلى بلوغهم حسب ما يراه نظرا. قال ابن كنانة: إذا كان لهم أرضٌ
وغلاتٌ/ فأراد قسمها فإن كانت نفقاتهم متقاربة في ملبس وغيره ولم يكن في
تعجل ذلك نفعٌ لهم فهو سعةٌ من بقاء ذلك بينهم مجتمعاً، وإن اختلفت نفقاتهم
وتفاوتت من كسوةٍ ومؤنة فعليه أن يقسم ذلك بينهم وتكون نفقة كل واحد من
نصيبه وقسمه على كل حال جائزٌ على وجه النظر.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا أوصى بثلثه إلى ثلاثة نفر أحدهم غائب فأعطى
الوصي للحاضرين نصيبهما منه ثم ضاع نصيب الغائب فهو منه. قال أشهب: وكذلك
لو كان الورثة غيباً (1) فقسم الوصي الثلث فأعطاه الموصى له ثم هلك ثلثا
الورثة فذلك منهم، وكذلك لو غاب الموصى لهم وحضر الورثة فقاسمهم وحبس الثلث
فضاع فهو من الموصى لهم.
وكذلك لو قسم الثلث بين الموصى لهم لجاز ذلك لهم وعليهم، ولو قسم الثلثين
بين الورثة لم يجز إلا أن يكون فيهم صغير فيجوز في العين خاصة وإذا كانا
وصيين وبين أحدهما مال اليتامى فأراد قسمه بينهم دون أصحابه فذلك جائز في
العين خاصة ومن هلك حظه بعد القسم فهو منه كقسم الوصي العين وفي الورثة
كبيرٌ فأما غير العين فلا إلا بمحضر الوصي الآخر وإلا لم يجز القسمُ إلا أن
يأتي الآخر فيرضى، وما هلك قبل رضى الوصي الآخر فبينهم وما بقي بينهم فمنه.
ومن العتبية (2) ابن القاسم عن مالك: وإذا ادعت امرأة الميت حملاً لم ينفذ
من الوصايا شيءٌ حتى يتبين ذلك وتضع حملها،/ قال في موضع آخر: وكذلك لا
يأخذ وارثٌ شيئاً حتى تضع حملها. قال ابن المواز قال ابن القاسم: ولو
__________
(1) في الأصل، لو كان الورثة غيب.
(2) البيان والتحصيل، 12: 463.
(11/303)
أنفذت الوصايا قبل أن تضع وهلك ما بقي صارت
الوصايا من رأس المال ومُنع الورثة – يريد ابن القاسم ولو أخذ الوارث شيئاً
قبل أن تضع وهلك ما بقي صار بعض الورثة قد ورث وانتفع وبعضهم لم ينتفع.
ومن المجموعة قال ابن القاسم وابن وهب عن مالك: وإذا قالت زوجة الميت أو
جاريته التي كان يطأ إن بي حملاً فلا تنفذ له وصيةٌ ولا يُقسم ماله حتى تضع
أو ينكشف ذلك، قيل لابن القاسم: فإذا أوقفت نصيب الولد لما يُجهل من سهامهم
فلم يوقف نصيبُ الأبوين والزوجة ونصيبهم سواء صح الحملُ أو بطل؟ فقال: وكيف
يأخذ بعض الورثة ويتعرض ما بقي للتلف فإن تلف الباقي بقي الولد بلا ميراث
وإن أرجعتهم على الأبوين والزوجة فقد يعدمون والواقف أعدلُ على الجميع في
النفع والضرر؟
ومن العتبية وكتاب ابن المواز، ابن القاسم عن مالك: في امرأة ماتت بمصر
وورثتها بالمدينة وأوصت إلى رجل فكاتبهم الوصي قال في العتبية: فلم ير لهم
جواباً وعمي أمرهم، قال في كتاب ابن المواز: فلم يأتوا فخرج حاجاً وحمل
التركة معه قال في كتاب ابن المواز: فذهبت قال في العتبية: فجعلها وهي في
صُرةٍ في نفقته وكان ينفق فانحل كُمه فذهب ما فيه؟ قال: يضمن لأنه خرج
بالتركة بغير إذنهم. قال في/ كتاب ابن المواز: وإذا أوصى وهو من أهل
الأندلس أن عليه اثنى عشر ألف درهم زكاةً وأوصى بعتق وغيره وصدقة ما بقي
وله أموالٌ بالأندلس فلا ينبغي للوصي أن يحرك شيئاً حتى يقدم الأندلس إذ لا
يدري ما عليه من دينٍ وما الذي ترك فيبدأ في القسم الزكاة ثم العتقُ ثم
باقي الوصايا.
(11/304)
في اليتيم أو اللقيط يبيع عليه أو يقاسم
عليه
أو يحوز له أو ينفق عليه غير وصيه
هل يجوز له ذلك؟
ونفقة الابن والبنت على الأم كيف تكون؟
من المجموعة روى ابن غانم عن مالك: فيمن له إخوة صغارٌ أيتامٌ وليس بوصي
عليهم أن له أن يبيع عليهم من التركة ما يراه وله بيع ذلك مساومة على وجه
النظر، وقال ابن القاسم: فيمن ضم أخاه أو ابن أخيه صغيراً حِسبةً ولا مال
له فقاسم له فيما أوصى له به وباع له فلا يجوز ذلك، وكذلك لو مات أخوه فضم
ماله وولده ليليهم بغير أمر السلطان لم يجز فعله. قال ابن حبيب قال مطرف:
في الأم تبيع على ولدها الأيتام الصغار بعض مالهم وليست بوصية ولا خليفة
وباعت في مصالحهم قال: هي كغيرها وينظر السلطان فإن كان إنفاذه خيراً لهم
اليوم أمضاه وإلا رده، وقاله أصبغ.
قال مطرف: وإذا كانت فقيرةً فنفقتها في مال ولدها على الذكر مثل حظ
الأنثيين، لأن النفقة على أموالهم وجبت لصغرهم وأما لو وُلوا أنفسهم كانت
نفقتُها عليهم بالسوية،/ وقال أصبغ: بل هم بالسواء في صغرهم وكبرهم. وقال
ابن حبيب بقول مطرف. وقال ابن الماجشون قال مالك وغيره من علمائنا: في
أيتام الأصاغر لا وصي لهم ولهم أم أو أخ أو عم رشيد فقام بولايتهم بغير أمر
السلطان أن ذلك ماضٍ ويجوز من فعله عليهم ما يجوز للوصي.
ومن العتبية (1) روى عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب: فيمن عنده لقيطٌ فتصدق
عليه هو بصدقة أن حيازته له جائزة كالأب، قال سحنون: وكذلك كل من ولي
يتيماً أجنبياً أو قريباً، وهو قول المدنيين كلهم إلا ابن القاسم فلم يكن
يرى ذلك إلا للوصي، وأخذ سحنون بقول ابن وهب وقال: وإن لم يكن بخلافه،
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 252.
(11/305)
ولا وصية، وهو قريبٌ له. فقسمتُه عليه
جائزة وحيازته عليه صدقته وصدقة غيره جائزة، وضعف الرواية الأخرى.
ومن المجموعة قال ابن القاسم وأشهب: في اللقيط في حجر الرجل يوصي له بوصية
فلم أن يقاسم له، قال أشهب: استحساناً وهو قد وليه وقام بأمره بخلاف الأخ
والعم والجد إلا أن يكون قد وليه بمثل ما ولي الملتقط لقيطه يأخذ له ويعطي
ويقاسم ويبيع له ويبتاع.
ابن نافع عن مالك: فيمن ترك ثلاثة (1) بنين أحدهم صغير فباع الكبيران ماله
ثم قام الصغير بعد سبع (2) عشرة سنة فقال إنما بعتها في دينٍ عليكما فقالا:
لا بل في دينٍ على أبينا، فإن ثبت أنه في دينٍ على الأب وإلا قيل للمبتاع
ادفع إلى الصغير ماله وارجع على الكبيرين به قيل: قد كتب على اليتيم كتاباً
برضائه بالبيع فقال: الآن كنت أظنه/ في دين على أبي فلما علمتُ قمت وكُتب
هذا الكتاب وأنا صغير قال: لا يضره الكتاب وليس لصغير ولا مولى عليه أمرٌ.
في الأب ينفق على الصغير من مال الصبي أو من غيره
ثم يحاسبه أو يموت فيريد ذلك إخوته
من المجموعة وغيرها ابن القاسم عن مالك: فيمن أنفق على ولده وللولد مالٌ
فله أن يحاسب ذلك عليه.
ومن العتبية (3) روى عيسى عن ابن القاسم قال: قال مالك: فيمن قال عند موته
حاسبوا ابني بما أنفقت عليه فإن كان مال الابن عيناً بيده فليس له ذلك إذ
لو شاء أنفق منه وإن كان عرضاً فليحاسب.
__________
(1) في الأصل، ثلاث بنين وذلك خطأ واضح.
(2) في الأصل، سبعة عشر سنة وذلك في الغالب سهو من الناسخ.
(3) البيان والتحصيل، 13: 346.
(11/306)
ومن المجموعة ابن القاسم قال مالك: وإذا
كان يأخذ لابنه الصغير ثم طلب ذلك بعد موت الأب فطلب إخوته أن يحاسبوه بما
أنفق عليه فذلك لهم بقدر سعر كل سنة مضت فإن بقي للابن شيءٌ أخذه. قال ابن
حبيب قال أصبغ: إذا أنفق على ابنه الصغير من عنده وله في يديه مالٌ ثم مات
فإن كان عيناً فوجد مصروراً فلا يحاسبه إخوتُه بالنفقة إلا أن يوصي بذلك
الأبُ، ولو كان عرضاً لحُوسب من يوم كان له وإذا كان عيناً فأشهد به الأب
في ماله ولم يشهد وقد عُرف أصله فهو كالعرض ويحاسب الابن بالنفقة ولو كان
مصروراً وقد أشهد به على نفسه ثم أراد أن يحاسبه في حياته وأوصى بذلك فذلك
له، ولو كان/ عُروضاً قائمةً أو عيناً أنفقه ولم يشهد به ثم أوصى أن لا
يحاسب بالنفقة فقال ابن القاسم: لا يُحاسب وكأنه شيءٌ يُرد في الصحة، وقال
أصبغ: هي كالوصية ولهم أن يحاسبوه إلا أن يجيزوا وصيته وبقول ابن القاسم
قال ابن حبيب.
ومن المجموعة قال غيره: أحب ما سمعتُ إلي فيمن أنفق على ولده الصغير ثم مات
الأبُ وبيده له مالٌ أنه إن كان مالُ الابن عروضاً فللورثة أن يحاسبوه بما
أنفق عليه وقد يؤخر بيع العرض لزيادة، ولو أوصى ألا يُحاسب لم ينتفع بذلك
إلا أن يشهد في الصحة أنه إنما أنفق من ماله –يريد عطية- قال: وإن كان
مالُه عيناً موضوعاً فتركه فأنفق من عنده ولم يفسر فلا يُحاسب ويُحمل ذلك
على أنه حمل ذلك عنه إلا أن يوصي أن يُحاسب فذلك له.
قال ابن القاسم عن مالك: إذا أنفق على ولده وقد طلق أمه ثم ورث الابن مالاً
والأب ينفق عليه – يريد من يوم ورث المال- ولا يمين على الأب أنه أنفقه من
عنده ثم قال بعد ذلك: إن كان مقلاً مأموناً لم يحلف وإن كان على غير ذلك
حلف.
(11/307)
في الوصي أو غير الوصي ينفق على المولى
عليه
من مال المولى عليه أو من عنده
ثم يريد أن يحاسبه والتداعي في ذلك وفي الكفن
من كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا أنفق الوصي من ماله على يتيم/ فإن كان
له بيده مالٌ فليرجع به فيه وإن أنفق عليه بعد نفاد ماله فلا يتبعه بشيء
إلا أن يكون له ربعٌ يرجع فيه.
قال عنه ابن القاسم: وإذا قال الوصي لليتامى: أنفقتُ عليكم أموالكم أو
بعضها فإن كانوا في حجره يليهم فالقول قوله في السداد، وإن كانوا عند أمهم
أو أختهم أو غيرها لم يصدق إلا ببينة- يريد إذا أنكروا في رشدهم. قال أشهب:
إن أنكروا وكانوا في عياله أو كانوا عند غيره فكان يرى ينفق عليهم ويكسوهم
فإن ادعى في تلك المدة من النفقة سداداً أو الزيادة اليسيرة صُدق مع يمينه
وأما السرف وما يتبين فيه كذبُه فلا يُحسب له منه إلا السداد كما لو أقام
به بينةً وهو سرف فلا يُحسبُ له إلا السداد.
قال عنه ابن وهب في المجموعة: إذا ذكر الوصي من النفقة على اليتيم ما يشبه
صُدق إلا في السرف.
وقال أشهب فيه وفي كتاب ابن المواز: أن الوصي مُصدق فيما يقول أنه كفن به
الميت من كفن مثله وإن جاءه بالبينة حتى يبلغ اليتيم مبلغ الدفع عن نفسه
ولكن إن أخذ القاضي منه مالاً لليتيم فلتكتب له البراءة ما قبض منه فقط.
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز عن أشهب: ولو أعطى لأحد الوارثين بعد جواز
أمره نصيبه ألف درهم ثم قال: لم يكن عندي غيرُها فهو ضامن للآخذ ألفاً أخرى
لأنه أقر أن حصة الكبير ألف.
ومن كتاب ابن المواز وعن مصيً كان عنده/ ليتيم مائة دينار فأنفق عليه ثم
مات اليتيم فطلب الورثة ما بقي له فأبى الوصي ببراءة بخمسة وسبعين فقُبلت
منه
(11/308)
فقالوا: بقي خمسة وعشرون (1) ديناراً وثمن
خادمٍ بعتُها له فقال: ما كانت له خادمٌ ولا بعتها فطولب بباقي المائة فجاء
ببراءة من أربعين ديناراً وقيل له: هذه براءة من أربعين وإنما باقي المائة
خمسة وعشرون فقال: دخل فيها ثمن الجارية قال: يُقبل منه، هكذا روى لي أبو
زيد عن أشهب في طبى قال محمد: وأحب إلي أن يضمن ثمن الخادم لأنه كذب نفسه
في قوله ما كانت له خادم.
ومن العتبية (2) من سماع أشهب ومن كتاب ابن المواز: وعن وصي ولي يتامى فكان
لا يتحفظ من أموالهم وربما تناول منها فسألهم بعد أن بلغوا الرشد أن يحللوه
من بين كذا إلى كذا فحللوه عن مال ثم قالوا بعد زمان لا تُحلك قال: ليحرز
ما أصاب من أموالهم ويحتاط حتى لا يشك أو يأتي رجل فيخير بذلك وبالمال وبما
كان منه فيه فيحرزه إن لم يحسن هو حرزه وليحتط (3) ثم يتحلل من ذلك فأما من
بين كذا إلى كذا فإنهم يقولون ظنناه يسيراً.
ومن العتبية (4) روى يحيى بن يحيى عن ابن وهب: في وصي على أخته باع لها
وصيفةً بمائتي دينارٍ ثم اشترى لها رأسين بمائتين وسبعين ديناراً ذكر أنه
زاد من عنده السبعين وأشهد على الشراء لها بهذا الثمن وعلى قبولها- يريد
وقد حاز أمرها- ولا يدرون هل اشترى ذلك بثمن/ الوصيفة أم لا؟ وادعت هي بعد
جواز أمرها أن ذلك مالٌ آخر من ميراثها وأن ثمن الوصيفة عليه وأتى هو
ببراءة عليها من جميع مورثها عن أبيها وقال: شرائي للرأسين بعد البراءة
وليس لها عنده غير ميراثها من أبيها وثمن الوصيفة فليحلف أن ذلك الثمن ثمن
الوصيفة ويبرأ إلا أن تأتي هي ببينة أن لها قِبلة غير ذلك فينظر لها، وأما
السبعون (5) الزيادة فإن فات الرأسان فلا يتبعها بشيءٍ لأنه زاد ما لم
تأمره، وإن لم يفوتا خُيرت بين أداء __________
(1) في الأصل، بقي خمسة وعشرين ديناراً والصواب ما أثبتناه.
(2) البيان والتحصيل، 13: 48.
(3) في الأصل، وليحتاط من غير حذف ألف الفعل إلا جوف رغم سكون آخره.
(4) البيان والتحصيل، 13: 212.
(5) في الأصل، وأما السبعين والصواب ما أثبتناه.
(11/309)
السبعين وتحسبهما أو تذرهما ويغرمه
المائتين إلا أن يسلم لها الرأسين بمائتين فلا حجة لها.
قال ابن القاسم: يحلف لقد أدخل ثمن الوصيفة في الرأسين ويبرأ ولا شيء عليها
من السبعين لأن البراءة تقدمت قبل بيع الوصيفة فهو أمر طاع به لها أو شيء
تورع عنه من بقية مالها، وإن كانت البراءة بعد شراء الرأسين فالبراءة تزيل
ما قبلها مما بينهما إذا اختلفا.
في الوصي يشتري منزلاً لليتامى ومنهم الذكر والأنثى
ثم مات ولم يبين كيف هي بينهم؟
قال ابن حبيب قال مطرف: في الوصي يشتري منزلاً لليتامى من مالهم ثم يموت
فقال الإناث: هو بيننا بالسواء وقال الذكور بل للذكر منا سهمان وللأنثى
سهم، قال: يكون بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين اشتراه من عرض أموالهم أو
بجميعها أو جُهل ذلك، ولو اختلفوا بعد جواز أمرهم/ تحالفوا فإن نكلوا فذلك
منهم على ما ذكرنا ومن نكل منهم فالقول قول من حلف، وإن حلفوا فلكل واحد
بقدر دعواه، فإن كان ذكراً وأنثى فهو بينهما على سبعة للذكر أربعةٌ وللأنثى
ثلاثة لأن الذكر قال لي من الستة أربعة وقالت الأنثى لي منها ثلاثة فقُسم
ذلك على دعويهما أربعة وثلاثة.
قال وقال أصبغ: إن اشتراه من عرض أموالهم فهو بينهم بالسواء وإن كان بجميع
أموالهم فهو بينهم للذكر سهمان وللأنثى سهم.
(11/310)
في ترشيد السفيه المولى عليه ودفع ماله
إليه
وهل يُختبر ببعضه؟
وفي أفعال السفيه الذي لا ولي عليه
وفي تعديه فيما يعامل فيه
هذا باب قد ذكرناه مستوعباً في كتاب التفليس وذكرنا منه ها هنا ما يتعلق
بالوصايا.
ومن العتبية (1) قال أصبغ عن ابن القاسم: وإذا تبين للوصي الرشدُ من يتيمه
فإن كان شيء يبين للناس فليدفع إليه ماله ولا ضمان عليه وإن كان يشك في أمر
فلا، إلا بأمر الإمام، وإلا ضمن.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: إذا احتلم ولا يعلم منه إلا خيراً قال: إن
آنس منه وليه الرشد دفع إليه ماله وإلا فلا قال: وإذا كان سفيهاً في دينه
وحاله، حسن النظر في ماله، دفع إليه ماله ولا يجوز شراءُ المولى عليه إلا
فيما لا بال له كالفاكهة واللحم بالدراهم ونحوه.
وعن المولى عليه في السوق يريد/ وليه أن يدفع إليه مالاً يختبره به فأدان
فلا يلزمه الدينُ فيما أعطاه ولا فيما أبقى له عنده، وإذا تكارى اليتيم في
الولي دابةً بغير إذن الوصي يتعدى عليها فتلفت لم يضمن، محمد: ولو باعها لم
يضمن في ماله شيئاً قال مالك: ولو بعثه في طلب آبق فأخذه وباعه فليأخذه ربه
ولا شيء عليه ويحلف ما أمره ببيعه، وليس كالتعدي بغير سبب، قال محمد: ليس
كالجناية ولو لم يرسله فيه لكان في ماله كالجناية وكسرقته لما لا قطع فيه.
قال مالك فيه وفي العتبية: من سماع أشهب: قلت: إن لي يتيماً قد أخذ بوجهه
وله بيدي ستون ديناراً فطلب أن أعطيه خمسة عشر ديناراً يتجهز بها إلى
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 302.
(11/311)
خاله بمصر يرجو صلته قال: لا أرى ذلك، فإن
ضمنها لي رجل إن طولبتُ بها قال: لا أرى أن يدفعها إلا بأمر السلطان.
ابن المواز قال مالك: ومن دفع إليه الإمام مال غلام مولى عليه فحسن حاله هل
يدفعه إليه ويكون كالوصي يتبين له حُسن حال أبيه؟ قال: أما من يتبين أمره
في يسره وفضله فلا شيء عليه إن فعل كالوصي وأما من فيه شكٌ فلا، كأنه يراه
يضمن إن فعل.
ومن كتاب ابن المواز: ومن مات عن بنين سفاء فاقتسموا وباعوا واشتروا فابن
القاسم يرى ذلك كفعل من في الحجر، وقال ابن وهب: أفعاله جائزة حتى يُحجر
عليه وأرى أن يُحجر عليه فيما يُستقبل، أشهب: ومن أوصى/ لبكر بمائة دينار
ولا ولي لها فدفع الورثة ذلك إليها بغير أمر الإمام قال: قد برئوا منها،
ونحوه في العتبية وقال: وكان يلي أيتاماً أيضاً قال: إيصاؤه لهم جائز.
قال ابن حبيبب قال مالك وجميع أصحابه: إن الرشد الذي ذكر الله سبحانه الذي
يستوجب به اليتيم أخذ ماله، الرشدُ في الحال والمال (1) إلا ابن القاسم فلم
يُراع إلا إصلاح المال.
في الوصي يبيع التركة أو الورثة ثم يطرأ دينٌ
بعد إنفاق الثمن أو تلفه
أو قُضي به لبض الغرماء
وكيف إن ربح في مال الأصاغر؟
من كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا باع الوصي مال اليتيم وقبض الثمن فهلك
عنده ثم طرأ دينٌ على الميت فلا يضمن الوصي وكذلك الوارث غير وصيً إذا جرى
أمرُه على الصحة محمد: وإن استحق ما باع الوصي وقد تلف الثمن لم __________
(1) يشير إلى قوله تعالى: (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم
منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافاً وبدارا أن يكبروا
ومن كان غنياً فليستعفف)، الآية 6 من سورة النساء.
(11/312)
يضمنه الوصي ولا الوارث، قال مالك: وإذا
طرأ دينٌ وقد باع الورثة وأكلوا الثمن، فإن باعوا مبادرة وهو يعرف بالدين
فللغرماء أخذ السلع من المشتري ويرجع هو على الورثة، وإن لم يعرف بالدين
وباعوا كما يبيع الناس تركة ميتهم أتبعوا الورثة ولو قضوه لغرم وقد علموا
بغريم آخر ثم جاء فللآخر الرجوع عليهم في عُدم الأول ثم لهم الرجوع على
الأول، محمد: وكذلك الوصي إن فعل هذا ضمن.
ومنه ومن العتبية (1) قال أصبغ عن ابن القاسم: والوصي ينفق على/ الأيتام ما
ورثوا عن أبيهم ولهم مال ورثوه عن أمهم ثم طرأ دينٌ على الأب فلا يرجع
عليهم فيما ورثوا عن أمهم قال ابن المواز: لا يلحق الأيتام دينٌ بحال إلا
من أنفق عليهم سلفاً ولهم ما يرجع به فيه، ولأصبغ قولٌ حسنٌ: أن النفقة
نقصٌ على ما ورثوا من الأب ومن الأم فما أصاب ما ورثوا من الأم قضي منه
الدين، محمد: يعني إنما أنفق عليهم بتركة الأب بعد أن ورثوا الأم.
قال ابن القاسم في المجموعة: ولو أخلط المالين وأنفق حسب الدين على المالين
بالحصص وإن لم يخلط وأنفق عليهم ميراث الأب لم يرجع في مال غيره ولا فيما
أفادوا بعد ذلك إلا أن يبقى من تركة الأب شيءٌ وإلا لم يضمن لا هو ولا
الوصي، ولو أنفق عليهم مالاً لهم من غير تركة الأب أو لم يُخلط بغيره. قال
علي عن مالك: إذا باع الوصي مال الميت ثم هلك الثمن وطرأ دينٌ فلا يضمن
[ولو باع الورثة في مثل هذا ضمنوا] (2).
ومن كتاب ابن المواز: وإن قضى الورثة بعض الغرماء ثم جاء غريم فإن لم يبق
من التركة شيءٌ بعد القضاء رجع الطارئ على الغريم القابض في ملائه وعدمه،
ولا يضمن الوصي إلا أن يعلم بالآخر فليرجع القادم عليه بما ينوبه ثم رجع هو
على الأول، ولو بقي من التركة قدرُ حظ الطارئ فحسبه له أو لم يُكره عالماً
فهلك بيده فضمانه من الطارئ، وكذلك لو أنفقت على اليتامى فهو محسوب على
الطارئ ولا __________
(1) البيان والتحصيل، 13: 281.
(2) في الأصل، لو باع الورثة إلخ بدون واو قبل لو.
(11/313)
يرجع على الأول بشيء/ وهذا الباب مستوعبٌ
في كتاب التفليس وفيه مسألة أشهب إن ترك ألفاً وعبداً فأخذ الغريم الألف
وقدم غريمٌ وقد تغير سوق العبد أو كان بيع فقضي ثمنُه للغائب وهلكت ثم رد
العبدُ بعيب.
قال مالك: إن ورثوا مائتين وهو كبير وصغير فأخذ الكبير مائة وأخذ الوصي
مائة فتجر فيها فصارت مائتين ثم طرأ دينٌ مائة فعلى الصغير ثلثاها ولأن
الصغير لم يكن يضمن فدخل الدينُ في ربحه ولا يدخل فيها ربح الكبير لأنه كان
ضامناً لما أخذ، وقاله ابن عبد الحكم وأصبغ، قال ابن عبد الحكم: ثم إن طرأ
مائة للميت أخذ الوصي ثلثها للصغير وأخذ الكبير ثلثها كما ودى، ولو تلف
جميعُ المال ثم طرأ دينٌ يغترقه رد الكبير ما أخذ ولا شيء على الصغير ولا
شيء على الوصي، ثم إن طرأ للميت مال أخذ منه الأكابر ما أخذ منهم للدين.
ومن المجموعة ذكر علي عن مالك وقال العُتبي وذكره عنه ابن القاسم بلاغاً
أنه إن ترك أطفالاً وثلثمائة دينار فتجر بها الوصي فتلفت ستمائة وطرأت ألف
دينار ديناً على الميت فلتؤد منها الستمائة إذ لم يكونوا يضمنون، ولو كانوا
كباراً لم يُول عليهم لم يغرموا غير ثلاثمائة وهم يضمنون كل ما غابوا عليه
من العين ولا يضمنون الحيوان من رقيق ودواب وماشية إن هلكت بأيديهم، وقال
علي بن زياد: الصغارُ ضامنون لما أُنفق عليهم/، وقال سحنون عن المغيرة
مثله.
في عهدة ما باعه الوصي من التركة أو باعه الغرماءُ
وفي لحوق الدين على الميت أيضاً
من المجموعة وكتاب محمد بن المواز قال ابن القاسم قال مالك: لا عهدة على
الوصي فيما باع على اليتامى، قال في كتاب محمد: إلا أن يشترط ذلك على نفسه،
قال في المجموعة: وعُهدة المبتاع في مال اليتامى وكذلك فيما باعه القاضي في
تركةٍ أو على مفلس. قال ابن المواز: إنما العبرة في المال إن بقي بيد الوصي
أو قضى به ديناً وما دفعه إلى أكابر الورثة فالعهدة في المال ببيع ذلك حيث
دفع برئ، وأما ما أُنفق على الصغار أو تلف فلا شيء عليه فيه والقول قوله
فيه.
(11/314)
من المجموعة قال أشهب: وإذا باع الوصي
عبداً من التركة ودفع إلى الورثة ثمنه ثم استُحق فلا رجوع على الوصي إذا
علم أنه باع لغيره كالوكيل.
قال ابن القاسم: بلغني عن مالك في الوصي يبيع التركة ثم ضاع منه الثمن أو
أنفقه على الأيتام ثم استُحقت السلعة فلا شيء عليه ولا عليهم إن بلغوا،
وقال عبد الملك: إن كان للولد مالٌ عند الوصي فيرجع المبتاع فيه وإلا كان
في ذمتهم بقدر ما أصابهم، لأنه كذلك أنفق عليهم وأخرج بسببهم ولا يضمن
الوصي. وأما إن طرأ دينٌ على الميت وقد أنفق الوصي التركة على الأيتام فلا
شيء عليهم ولا على الوصي ويبقى/ في ذمة الميت (1) كمن وهب ثم قيم عليه في
عدمه وأما ثمن ما استُحق من ما بيع من التركة فكمعاملة جرت بينهم وبين
المشتري والوصي فيها كوكيلهم ويضمنون ذلك، قال ابن حبيب قال مطرف: ولا يضمن
الوصي ولا الأيتام في هذا إلا أن يكون لهم مالٌ غيره من عقارٍ وغيره
فيبيعون وكذلك في إنفاقه عليهم إن كان لهم مالٌ آخرُ رجع عليهم في
الاستحقاق ولحوق الدين وإن لم يكن لهم شيءٌ لم يُتبعوا بشيءٍ.
في الوصايا تُنفذُ أو غيره وتُقسم التركةُ
ثم يطرأ دينٌ على الميت أو وصية أخرى
أو عولٌ أو عتقٌ هو أولى من الوصايا
وكيف يُقدم من أخذ شيئاً من ذلك؟
من العتبية (2) روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم في وصايا الميت تُنفذ وفيها
عتقٌ ثم يطرأ دينٌ محيطٌ على الميت فلترد الوصايا من يد من أخذها على ما
يؤخذ بها من نقصٍ أو نماءٍ ولا يضمنون (3) شيئاً إلا أن يستهلكوا أو يشتروا
شيئاً __________
(1) كلمة كمن في الأصل غير واضحة ويمكن أن تقرأ هناك كأن أو شبه ذلك.
(2) البيان والتحصيل، 12: 133.
(3) في الأصل، ولا يضمنوا بحذف نون الرفع وسياق الكلام يقتضي الرفع لا
للجزم نظراً لكون لا دالة هنا على النفي لا على النهي.
(11/315)
فيحاسبوا بثمنه في وصاياهم فيكون عليهم
نقصه ولهم نماؤه ويردوا الثمن الذي حوسبوا به والورثة كذلك ما أخذوه على
الاقتسام لم يضمنوه ونماؤه للغرماء وما اشتروه على حال البيع فمنهم نقصُه
ولهم نماؤه ويغرمون الثمن الذي وجب عليهم به وما اقتسموا من عينٍ أو طعامٍ
أو إدامٍ فليغرموه وإنما يوضع عنهم ضمان ما يُقسم بالقيمة من العروض فغابوا
عليه ولا يُعرف هلاكه إلا بقولهم، وضمانهم/ في جميع ما ذكرنا كضمان المرتهن
والمستعير فيما يغابُ عليه. وحالهم فيما لا يغاب عليه كحالهما.
ومن العتبية (1) روى أصبغ عن ابن القاسم وذكره عنه ابن المواز وابن عبدوس:
وإذا أنفذ الوصي الوصايا وقد أوصى الميت بعتق عبد لم يعلم به الوصي فإن فعل
ذلك الوصي بعد تربص واستثبات واجتهاد فلا شيء عليه. قال أصبغ: ودون هذا
التأكيد لا شيء عليه إذا لم يعلم ولم يبادر وإنما عليه أن يجتهد بقدر
الوصية في قلتها وكثرتها واجتماع المال واستبراء ذلك ثم ينفذ. قال ابن
القاسم: ويعتق العبد إن حمله الثلثُ ويتبع الورثة أهل الوصايا بما فضل عن
الثلث في ذممهم إن عدموا بقدر ما عند كل واحد بقدر وصيته كغريم طرأ على
ورثة.
قال أصبغ في العتبية: جعله كغريم طرأ على ورثة يرجع على الملي منهم بدينه
ويرجع الغارم على باقي الورثة، وليس هو عندي إلا كوارث طرأ على ورثة لم
يعلموا به فإنما يتبع كل واحد بقدره في ملائه وعدمه، وكذلك لا يعتق من هذا
إلا بقدر ما صار بيد كل واحد من وارث أو موصىً له في الثلث من قيمته التي
كان يعتق فيها فيعتق منه ما وُجد فيرق ما بقي حين بيسر الآخرون فيعتق
باقيه.
قال في العتبية: والورثة والموصى لهم بمعنىً واحدٍ والورثة والعبد
كالوارثين، فإذا كانت التركة بالعبد ستين وقد أوصى لرجلين بعشرة وترك
وارثين وقيمة العبد عشرة فأخذ/ الموصى لهما عشرةً وأخذ الورثة خمسين ثم علم
بالعتق فللعبد سُدس التركة فيلزم الورثة خمسةُ أسداسها قيمته والموصى لهم
سدسها، فمن كان له منهم مالٌ __________
(1) البيان والتحصيل، 13: 262.
(11/316)
نُفذ في حصته منه العتق ومن كان منهم
عديماً أو غائباً اتبع بحصته من ذلك يوماً ما.
ومن الكتابين قال ابن القاسم: وإن عجل الموصى إليه ضمن وأتبع هو أهل
الوصايا. قال أصبغ: إن كانت عجلة مبادرة بلا استبراء لاجتماع المال وتنفيذه
فيضمن فإن لم يعلم ويكون كالخطإ والخطأ مضمونٌ.
ومن المجموعة قال ابن كنانة: ومن أوصى بعتق وصدقة فأنفذ الوصي الصدقة قبل
العتق ولم يكن في الثلث سعةٌ فإن العتق يمضي وتُؤخذ الصدقة ممن أعطيها.
وقال ابن حبيب عن أصبغ في الوصايا تنفذ بالعتق ثم يطرأ دينٌ فإن فعله الوصي
بجهالة رُد العتقُ وبيع للدين.
قال أبو محمد: أراه يريد في عُدم الورثة أو كان الدين محيطاً، وإذا علم
الوصي وكان له مالٌ ضمن فإن لم يعلم أو علم إلا أنه عديمٌ رد العتق حتى
يقضي الدين.
قال ابن المواز في الوصي يُنفذ الوصايا ثم يظهر أن الميت أوصى بعتق عبد –
يريد بعينه- لم يعلم به الوصي فإذا كان فيما صار إلى الورثة من بقية الثلث
بعد الوصايا قدر قيمة هذا العبد فأكثر لم يرجع على أهل الوصايا بشيءٍ، وإن
كان ذلك أقل من قيمته رجع على أهل الوصايا بما يعتق به ويتبع الملي منهم
بجميع ما بيده/ ولأصبغ فيه تفسيرٌ لم يعجبنا فهذا الصواب قال محمد: وليس
كالوارث يطرأ هذا على أن في الوارث اختلافاً وإنما هو كغريم طرأ على ورثة
كما قال ابن القاسم لأنه مُبدأ على أهل الوصايا كما الغريم مُبدأ على
الورثة فله أخذُ ما بيد الملي.
ومن العتبية (1) من رواية أبي زيد: ومن أوصى بعتق عبيده وهم قدرُ الثلث
فعتقوا ثم لحق دينٌ وقد قُسم المالُ فثاث الدين يُخرج من العبيد فيُقرع
بينهم أيهم __________
(1) البيان والتحصيل، 13: 322.
(11/317)
يباعُ فيه وثلثا الدين على الورثة في
ملائهم وعدمهم، وهذا مستوعبٌ في التفليس، وذكر أصبغ أن الموصى له إذا طرأ
على الورثة أتبع الملي بجميع ما أخذ حتى يأخذ حقه كغريم طرأ على ورثة وإن
قدم على موصىً لهم لم يتبع الملي بما على المعدم.
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز قال ابن القاسم: وإذا أوصى برقبة تُشترى
للعتق بقدر الثلث وأنفذ ذلك ثم لحق دينٌ محيطٌ رُد العبدُ رقيقاً فإن لم
يُحط بماله بُدئ بالدين وعتق من العبد مبلغُ ثلث ما بقي، وإن علم الوصي
بالدين فهو ضامن، وإن لم يعلم أو علم وهو عديمٌ رُد العتقُ.
قال ابن المواز عن ابن وهب وأشهب عن مالك: فإذا أعتق عنه الوصي رقبةً أوصى
بها بعد إذن السلطان ثم لحقها عول دينار إلا كسرا (1) أن على الوصي غُرمه.
قال أشهب عن مالك في العتبية (2) والمجموعة وكتاب ابن المواز: إن لحق
الرقبة المعتقة سبعة عشر ديناراً عولاً قال: يمضي العتقُ وتكون الدنانير
على الوصي وقاله له الوصي إنما اشتريت لغيري في السوق مع بيع/ السلطان
قاضياً؟ قال: نعم.
في الميت تنفذ وصاياه ثم تُستحق رقبتُه
أو تشهد بينة بموته ثم يقدم حياً
قال: وهذا الباب في كتاب الاستحقاق مذكورٌ بزيادة فيه. من كتاب ابن المواز
قال مالكٌ: في الميت تنفذ وصاياه وتباع تركتُه ثم يستحق رجل رقبته فإن كان
يُعرف بالحرية قال محمد بن يزيد: قد ظهر ذلك وانتشر فذلك نافذ كله ولا شيء
على وصيً ولا على متباع ولا على أخذ المال للحج وإن كان ذلك قائماً بعينه
__________
(1) في الأصل، إلا كسر وسياق الكلام يقتضي النصب على الاستثناء.
(2) البيان والتحصيل، 13: 76.
(11/318)
إلا أن يريد أن يدفع الثمن ويأخذه إن لم
يفت فذلك له وإلا فإنما يرجع على الوصي بما يجد عنده من الثمن كقول مالك
فيمن قامت بينةً بموته فبيعت تركتُه ثم يأتي حياً فإن اشتبه عليهم مثل أن
يروه في معركة صريعاً فظنوا أنه مات أو شهد عندهم قومٌ بموته فلا رد لما
بيع وترد إليه امرأته إن نُكحت قال محمد: ويرد ما أنفذ من وصاياه من عتق
وغيره، وأما ما بيع فلا يرد إلا أن يجد شيئاً لم يفت فيأخذه بالثمن ويرجع
هو على من ولي البيع بالثمن وما عتق مما بيع أو اتخذ أم ولد أو فات بزيادة
بدنٍ أو غيره فلا يأخذه وليرجع بالثمن على بائعه، قاله كله مالك، وإن
تعمدوا الزور نُقض ذلك كله من بيع أو غيره ويُرد ما عتق المبتاعُ مما بيع
وما اتخذ لولد فله أمتُه وقيمة ولدها ويأخذ متاعه بلا غُرم ثمن وإن نما،
ويرجع بالثمن على البائع إلا أن يشاء القادم/ أن يُجيز البيع ويأخذ الثمن
من البائع فذلك له.
فيمن أوصى أن يباع عبدُه للعتق فأنفذ ذلك
ثم لحق الميت دين. ومن أعطى لمأذونٍ ذلك
أو مُكاتبٍ مالاً على عتق عبده ثم قام السيدُ
من العتبية (1) روى موسى بن معاوية عن ابن القاسم وذكره ابن عبدوس: فيمن
أوصى أن يباع عبدُه رقبةً [فبيع بخطإ ما، بثلثي ثمنه] (2) ثم لحق الميت
دينٌ فلا يرجع على المشتري بشيءٍ لأن الوصية للعبد وكأنه بيع ثلثاه ولكن
ينظر إلى ثلث العبد فإن كان قدر رُبع التركة مما قُبض في ثلثي العبد وغيره
بيع من رقبة العبد بقدر ربع الدين ما لم يجاوز ذلك ثلث رقبته فلا يزاد
عليها ويكون ما بقي من ربع الدين إن بقي شيءٌ من ثلاثة أرباع الدين فيما
بيد الورثة من التركة، وقد ذُكر عن مالكٍ أن المشتري يغرمُ ثلث ثمن العبد
ولا يعجبني.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 245.
(2) العبارة في الأصل، فيبع بخطإ ما ثلث ثمنه وصححناها وفق ما أثبتناه
لانسجام الكلام بذلك وهذا التصحيح تقريبي لأننا لم نعثر على نسخة أخرى
لمقابلة ما يتعلق بكتب الوصايا والله الموفق.
(11/319)
ومن المجموعة قال: وقد قال ابن القاسم
أيضاً: أنه ينظر فإن كان العبد قدر ثلث جميع التركة رجع على المشتري بثلث
قيمته ورجع هو على الورثة بثلث الثمن.
قال: وقال أشهب: ولو قال رجل لمكاتبٍ أو لعبد مأذونٍ اعتق عبدكَ على ألف
درهم وقيمتُه أكثر فللسيد أن يجيز ذلك أو رده رقيقاً وليس له أن يجيز عتقه
على أن يبيع معطي الألف بتمام ثمنه إلا أن يكون قال على أن يعتقه عني فيرجع
عليه بما خفف عنه إن كان ملياً وإن لم يكن له مالٌ فعتقه باطلٌ إن شاء سيدُ
المكاتب أو العبد/ إلا أن يدفع التخفيف الذي خُفف عنه من الثمن فإن لم يدفع
ذلك بيع من العبد بقدر ذلك التخفيف فقبضه السيدُ وعتق من العبد ما فضل عن
ذلك، وإن كان العبد غير مأذونٍ فلك فسخُ بيع عبدك ويرجع رقيقاً وإن شئت
أمضيته بالثمن، وإن كان فيه تخفيفٌ فليس لك أن تقول أمضيه وآخذ التخفيف،
بخلاف الأول، لأن الأول ثبت فيه عتقٌ لا يُردُ إلا بعدم المعتق وهذا عتقٌ
لا يجوز إلا بتجويزك للبيع.
في الوصي يشتري العبد فيعتقه بالوصية
ثم يستحق بملك أو حريةٍ أو بعضُه أو يُستحق ثمنُه
أو يجنى أو يتلف الثمنُ أو الثلثُ بعد القسم أو قبل
أو أوصى بعتق عبده فاستُحق أو أبق
من المجموعة وكتاب ابن المواز قال أشهب: ومن ترك ثلثمائة درهم وأوصى أن
يشتري بثلثه رقبةً تُعتق ففعل ذلك الوصي وأخذ الورثة مائتين ثم استُحق
العبدُ فرجع الوصي بالمائة فتلفت في يديه قبل أن يبتاع بها أخرى فلا شيء
عليه ولا على الورثة ولا يقاسموا مرتين كما لو تلف بعضُ ما أخذوا لم يرجعوا
في الثلث بشيءٍ. قال ابن القاسم: ولو أُخرج ثمن الرقبة قبل القسم فضاع
فليرجع يشتري من ثلث ما بقي أبداً ما لم يقع القسمُ لأن المال بحاله
والرقبة لم تنفذ، فأما لو أخذ الورثة بالثلثين وعُزل الثلثُ للوصايا لم
يرجع عليهم بسبب يحدث في الثلث إلا أن
(11/320)
يكون ورث الورثة أكثر من/ الثلثين فيرجع
عليهم في بقية الثلث فقط، فإن لم يكن فيه ثمن رقبةٍ وهي التي تخرج جعل ذلك
في بعض رقبةٍ أو قطاعه (1).
قال ابن المواز قال أصبغ: وكذلك لو جئت فأسلمت قال أشهب: ولو كان بعينها أو
يشتري من شيء بعينه فذهب أو ماتت المُعينة بطلت الوصية، ولو اشتريت المعينة
فلم تعتق حتى جنت فلا تُسلم لأن الحرية جرت فيها ولتعتق وتتبع.
ومن العتبية (2) عن ابن القاسم أو أشهب وهو في كتاب ابن المواز لأشهب: وإذا
أوصى بعتق رقبة بثلاثين دينار فابتاعها الوصي فأعتقها ثم استُحق نصفها
فالمستحق مخيرٌ أن يجيز البيع ويأخذ الثمن في نصفه أو يرده ويُقومه على
الوصي في ماله لا على الورثة، قال محمد بن المواز: ويرجع الوصي على البائع
بنصف الثمن فيجعله في النصف المستحق فيشتريه إن وجده.
قال أصبغ: وقد كان قال لي قبل ذلك إنما يُقوم على الورثة في مال الميت، قال
ابن المواز: وإلى هذا جنح أصبغ ولا يعجبنا القولان، ولكن إن كانت الثلثان
(3) بعينها فلا يعتق إلا نصفه حتى يؤخذ من البائع بقية ثمنه فيتم به عتقه
وإن لم تكونا (4) بعينها فليُتم عتق ما بقي منه من ثلث ما بقي بعد أن يسقط
منه نصف الثلثين التي تلفت عند البائع.
قال ابن المواز: قال أشهب: فيمن أوصى أن تُعتق عنه نسمةٌ بهذه المائة دينار
بعينها فاشتريت بها وعتقت ثم لحق الميت دينٌ أو استُحقت المائة أو بعضها
قال: إن ضاعت تلك المائة/ بعينها أو استُحقت قبل يدفعها فالوصي ضامنٌ لثمن
النسمة لأنه ابتاعها وأعتقها وينفذ العتق ولا شيء على الورثة لأن التي فيها
الوصية قد ذهبت بعينها.
__________
(1) كذا في الأصل وأظن أنها محرفة عن قوله أو عتاقة.
(2) البيان والتحصيل، 13: 288.
(3) في الأصل، إن كانت الثلثين.
(4) في الأصل، وإن لم يكن وسياق الكلام يقتضي ما أثبتناه.
(11/321)
قال محمد: وكذلك لو لم يعتقها وضاعت المائة
لنفذ البيعُ وودى المائة ولم يؤمن بالعتق. وكذلك لو كان الآمر حياً لم
يلزمه شيءٌ ولزم المأمور الثمن، هذا قول مالك وأصحابه ولا يرد عتقه إذا
أعتق ولو لم يعتقه حتى ضاع الثمنُ أو استُحق فإنه لا يعتق ويلزم الثمنُ
المشتري، وأما في الدين فيُرد العتق ولا يلزم الوصي شيءٌ كما يرد الغرماءُ
عتق المديان، ولو استحق بعض المائة قبل الشراء فليشر بما بقي منها ولو ودى
المشتري من عنده تمام الثمن وأعتقت على الشركة فيها جاز ذلك وأكره أن يفعل
وشريُ رقبةٍ بما بقي أحسنُ ولكن لا يرد ويكون كمن لم يجد فشارك في رقبة.
ولو لحق المائة دينٌ لا نُخرج المائة من الثلث معه أو كان لا يخرج ولا دين
عليه فالوصي يضمن تمام الثمن في هذا إلا أن يبقى من الثلث بقيةٌ بعد قضاء
الدين فيها وفاء فلا يرجع إلا عليهم وإما أعتقها ولم تُخرج من الثلث لدينٍ
طرأ أو غيره يضمن لأنه أخطأ فصار كالتعدي.
قال محمد: ليس بتعد (1) إلا أن يعاجل أو يبادر أو يأتي ذلك عالماً وإلا لم
يضمن ويرجع فيما أنفذ من عتق أو وصية وكذلك لو دفع ذلك إلى الورثة فأكلوه
لم يضمن إلا أن يُعجل والميتُ يعرف بالدين فهذا يضمن إذا لم يوجد ما بيع من
مال الميت ويتبعُ هو الورثة/ قال أشهب: وإن أوصى أن يباع عبدُه فلانٌ
ويشتري بثمنه نسمةً تعتقُ ففعل ذلك الوصي ثم استُحق المبيعُ فالوصي ضامنٌ
للثمن ولا يرُد العتق ولا يرجع على الورثة في الثلث، لأن الميت أوصى في شيء
بعينه، قال محمد: جيدة إلا أن الوصي يرجعُ على من باع من الميت بسبب ما
غرم.
قال أشهب: ولو رد عبدُ الميت بعيب فليُرد الوصي الثمن ويباعُ المعيبُ فإن
لم يف فما بقي على الوصي وإن زاد اشترى بالزيادة رقبةً تعتق على الميت إن
حمل وإلا أُعين به في رقبة والولاء للميت مع ولي العبد الأول ولو كان إنما
اشترى النسمة بعبد الميت فرُد عبد الميت بعيبٍ أو استُحق وقد عتقت النسمة
لضمن الوصي تباعة ذلك، وإن لم يعتق فلا يعتق ويُرد إلا أن تفوت بزيادة أو
نقصٍ في سوق أو __________
(1) في الأصل، ليس بتعدي بإثبات ياء المنقوص رغم تنوين الاسم.
(11/322)
بدن –يريد فتلزمه القيمة- ولو باع الوصي
عبداً من التركة لا وصية فيه ودفع الثمن إلى الورثة ثم استُحق لم يرجع إلا
على الورثة إذا بين أنه يبيع لغيره كالوكيل.
ومن العتبية (1) روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم: فيمن أوصى بعتق عبده
وبباقي الثلث لفلان فاستحق العبد أو ثبت أن الميت أعتقه في صحته فليس لفلان
إلا ما بقي من ثلثه بعد قيمته. ولو أوصى بعتق عبده وبوصايا فكان العبد هو
الثلث فبُدئ بالعتق ثم استُحق ورجع بثمنه على البائع فليرجع أهل الوصايا في
ثلث ما بقي من التركة وفي ثلث ثمن العبد قبض أو لم يقبض، وإن أوصى بعتق
عبده وبباقي ثلثه لفلان فأبق العبد فإنه يُقوم،/ فإن كان هو الثلث فلا شيء
لصاحب باقي الثلث وإن زاد الثلث على قيمته أعطي الزائد.
في الوصي يعتق بالوصية عبداً نصرانياً
أو مُدبراً أو معتقاً (2) بعضه ولم يعلم
أو اشترى بثمن الرقبة رأسين فأعتقهما
من المجموعة والعتبية (3) من رواية أبي زيد قال ابن القاسم: إذا أعتق الوصي
رقبة فإذا هي نصرانية ولم يعلم فإن كانت واجبةً من ظهارٍ أو غيره ضمن الوصي
لأنه فرط، ولو قال الميتُ رقبةً ولم يفسر فهي على أنها غير واجبةٍ حتى
يتبين أنها واجبةً، وذكر في رواية أصبغ في العتبية (4) وكتاب ابن المواز:
أنه يضمن ولم يلزمه شيءٌ لأن غيره أنفذه، وقاله أصبغ قال أصبغ: لأن تنفيذ
القاضي كتنفيذه بعد الاستيناء وبلوغ الأمر أجله فتنفيذه عند ذلك كتنفيذ
القاضي.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 91.
(2) في الأصل، ومعتق عليه وسياق الكلام يقتضي النصب عطفاً على ما قبله.
(3) البيان والتحصيل، 13: 342.
(4) البيان والتحصيل، 13: 342.
(11/323)
قال: ولو اشترى الوصي مُدبراً فأعتقه ولم
يعلم فلا يجري وإن كان عن تطوع. قال ابن المواز: بل يجري في التطوع والواجب
وقد نفذ العتق وبطل التدبير ولا يرجع على البائع بشيء من قيمة عيب ولا
غيره، وقاله عبد الملك.
قال عيسى عن ابن القاسم: وإن أوصى أن يُعتق عنه عبدٌ بالخمسين فاشترى الوصي
بالخمسين رأسين فأعتقهما عنه قال: ينفذُ عتقهما وعلى من فعل ذلك من وصي أو
غيره ضمان عند يسرته بخمسين ديناراً فيعتقه عن الميت.
ومن المجموعة قال/ علي عن مالك: في الوصي يشتري رقبة فيعتقها من الوصية
فوُجدت قد كان أُعتق نصفها فليُرد البائعُ الثمن فيُجعل في رقبة أخرى ويبقى
له نصفها رقيقاً.
في الوصي يقضي عن الميت الدين بغير بينةٍ
أو يُقر أنه قبض دين الميت واليتامى في ولايته
أو قد رشدوا أو أن الأب قبضه
من المجموعة قال أشهب: وللوصي أن يقضي الدين عن الميت بغير أمر قاضٍ إن كان
فيه بينةٌ عدولٌ والثقةُ له ألا يدفع إلا بأمر قاضٍ، لأنه لو بلغ بعض
الورثة فجرح شهود الدين لضمن وأُخِذت ممن قبضها، ولو كان بأمر قاضٍ لم يُرد
ولا يُقبل تجريحهم لأنه حُكم نفذ، وإن دفع الوصي إلى الغريم ثم قام آخرون
فأثبتوا دينهم وجرحوا بينة الأول فالوصي ضامن ويرجع على الأول بما أخذ أو
يُغرمه القائمون إن شاؤوا ويدعون (1) الوصي ثم لا يرجع الأول على الوصي
بشيءٍ، ولو دفع إليه بقضية لم يضمن للقائمين بعده وليرجعوا على الأول
بحصتهم، وكذلك قال ابن القاسم: إن كان الوصي عالماً (2) بغرماء الميت أو
كان موصوفاً __________
(1) في الأصل، ويدعوا بحذف نون الرفع.
(2) في الأصل، إن كان الوصي عالم أي برفع خبر كان والصواب ما أثبتناه. وهذه
الظاهرة تكثر عند ناسخ هذا الكتاب وإلا فإن المؤلف بريء من مثل هذه
الأخطاء.
(11/324)
بالدين فيضمن لمن أبى ويرجع على من أخذ،
وأما إن لم يعلم ولم يكن الميتُ موصوفاً بالدين لم يرجعوا إلا على من أخذ،
وقال: في قضاء الورثة بعض الغرماء كما قال في الوصي، وقال مثله عبد الملك
إذا تابوا ولم يعجلوا وبعد الصياح (1) في الدين وفعلوا ما كان يفعله
السلطان فلا يضمنوا، وأما إن عجلوا ضمنوا فإن لم يكن/ عندهم شيءٌ رجع
الطارئ على الأول.
قال أشهب في الوصيين يدفعان (2) ديناً بشهادتهما أو الوارثين ثم يطرأ دين
أو وارث يقوم فإن دفعا بأمر قاضٍ لم يضمنا ويُرجع على الأول وإنما تُقبل
شهادتهما قبل أن يدفعا وأما بعد الدفع، وإن كان بغير أمر قاضٍ فيضمنتن.
ومن كتاب ابن المواز والمجموعة قال أشهب: وإذا أقر الوصي أنه قبض دين
اليتامى فإقراره جائز، وإن أقر بذلك وقد أخرجوا من ولايته فهو شاهد، وإن
أقر وهو يليهم أن الميت قبضه فهو شاهد ولا يبرأ الدافع إلا بيمين مع
شهادته، قال: ولا يكتب الوصي لغريم الميت براءة إلا مما قبض منه ولا ينفعه
إن أبرأه من غير ذلك.
قال ابن القاسم: إذا أقر الوصي بقبض دين الميت ثم قام اليتامى بعد الرشد
على الغرماء فهو بُراء بقول الوصيادعى أنه ضاع أو لم يدع، وإن ادعوا الدفع
إليه فأنكروا ونكل عن اليمين فضمنه مالك في اليسير ووقف في الكثير وضمنه
ابن هرمز في القليل والكثير، وبه قال ابن القاسم. وقال أشهب: إذا نكل حلف
الغرماءُ وبرئوا وضمن الوصي.
ومن الكتابين قال مالك وابن القاسم وأشهب: وإذا دفع ديناً إلى غريم للميت
بغير بينة فأنكر ضمن الوصي إذا لم يشهد، وكذلك لو قال: أشهدتُ ومات شهودي
أو نسوا لضمن.
__________
(1) كذا في الأصل، ولم يتبين لنا معناه.
(2) في الأصل، يدفعا بحذف نون الرفع بلا مبرر.
(11/325)
قال ابن المواز قال أشهب: وكذلك إن أشهد
فماتوا أو غابوا فلم يجدهم لضمن، وإذا حلف الغرماء فإن نكلوا/ فلا حق لهم
ولا تُرد في هذا يمينٌ على الورثة ولا على الوصي أنه قضاهم، قال محمد: بل
تُرد اليمين على الوصي فإن نكل ضمن إلا أن يكون عديماً فيغرمُ ذلك الورثة
–يريد من التركة- ويتبعون (1) الوصي، وقاله ابن القاسم –يريد محمد: ولابد
من يمين الغرماء أن الدين لهم ما قبضوه من الميت ولا سقط عنه إلا الآن
وبهذا يتم الحكمُ لهم وإلا فلا.
قال أشهب في المجموعة: لا تُرد في هذا يمين لا على وارثٍ ولا وصي أنه
قضاهم، وكذلك من له دين على ميت فلابد من يمينه أنه ما قبضه وإلا فلا شيء
له ولا يحلف الورثة أنه قد قبض إلا أن يدعوا علم ذلك، قال سحنون: أما دعوى
الوصي أنه قضاه ببينة ماتوا أو نسوا فإن طال الزمان حتى يرى أنهم نسوا أو
ماتوا فعسى أن يُقبل قوله، وأما في القرب فلا. قلت فلم لا يُصدق وهو أمين؟
قال: فلو قال قد ثبت عندي أن لفلان على الميت ديناً وقد دفعتُه إليه
أيُصدق؟
ومن كتاب ابن المواز قال مالكٌ: وإن دفع الوصيان ديناً على الميت بشهادتهما
فإن كان بقضاء قاضٍ بعد أن أجاز شهادتهما لم يضمنا ولا طلب للورثة على
القابض وإن كان بغير قضيةٍ ضمناً ولا تُقبل شهادتهما فيه بعد أن دفعاه إلى
قابضه.
في الوصي يجد في التركة خمراً أو خنزيراً
أو شِطرنجاً، وفيما أفسد الورثة من تركة الميت
ومن أوصى بأمر لا يجوز هل ينفذ (2)
ومن العتبية وكتاب محمد/ وغيره قال مالك: أحسنُ ما سمعتُ أن أول الحملِ
كالمرض الخفيف لصاحبه يضع في ماله ما شاء قال الله تعالى: (حَمَلَتْ
__________
(1) في الأصل، ويتبعوا بحذف نون الرفع.
(2) هكذا في الأصل، والعنوان غير مطابق للنص التالي المتعلق بالحمل
والأمراض الطويلة إلخ. ولا شك أن النص هنا مقحم خطأ بدل النص المعنون له.
(11/326)
حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا
أُثْقَلَت) [الأعراف: الآية189] فحين تثقل فأفعالها في الثلث وأول الإتمام
ستة أشهر لقول الله سبحانه (وَحَمْلُهُ وفِصَالُه ثَلاَثُونَ شهْراً)
[الأحقاف: الآية 15]، والفصال حولان فما أعتقت أو تصدقت بعد ستة أشهر فما
كان بمعنى الوصية فلها الرجوع فيه قبل الوضع وبعده وما كان بمعنى البتل فلا
رجوع لها فيه وإن وضعت وصحت وإن ماتت فهو في الثلث.
قال مالك: والزواحف إلى القتال في الصف كالمريض في أفعاله وكذلك من حُبس
للقتل وكذلك راكب البحر إذا أخذه الهول وخاف الغرق، وبه قال أشهب. وفرق ابن
القاسم بينه وبين الزواحف ومن حُبس للقتل وقال: هو كالصحيح.
وروى عبد الملك بن الحسن في العتبية (1) عن ابن وهب: فيمن أخذه هول العاصف
في البحر كالمريض. وكذلك من جمحت به الدابة أو قرُب للقتل.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: في الشيخ الكبير به البُهرُ (2) الشديد
والبلغمُ لا يقوم إلا بين اثنين وقد احتبس في منزل فإن فعله كفعل الصحيح
إلا أن يأتي من ذلك يُخاف عليه منه فيكون كالمريض، وكذلك روى عنه ابن وهب
في الأجذم والمفلوج وأهل البلاء أنهم كالصحيح إلا فيما يُخاف عليهم منه،
وقاله عنه ابن القاسم.
قال عثمان بن عيسى بن كنانة في الأمراض الطويلة مثل الفالج والجُذام والبرص
والجنون والحُمى الربع وشبهه فهو/ كالصحيح في أفعاله من عتق وصدقة وبيع
وطلاق ونكاحٍ وغيره ما كان خفيفاً لا يُضجعه حتى لا يُجرح، __________
(1) البيان والتحصيل، 13: 256.
(2) البُهرُ: انقطاع النفس من الإعياء يقال بُهر بصيغة المبني للمجهول
وانبهر انقطع نفسه من السعي الشديد فهو بهير ومبهور ومن هذه المادة
الأبهران وهما العرقان اللذان يخرجان من القلب ومنهما تتشعب كل الشرايين
يقال ما زال يراجعه الألم حتى قطع أبهره أي أهلكه.
(11/327)
وأما إن كان في ذلك بين القلة لا يجرح
الآخر وجاء يرى أنه يريد أن يمضي به فعله فأعال هذا في الثلث وقد شاور قاضي
المدينة العلماء فيمن به ريحٌ وهو يدخل ويخرج ويسافر وهو مضرور مصفر مُعتلٌ
يمشي أحياناً الأميال فأجازوا أفعاله من نكاح وطلاق وغيره ورأوه كالصحيح.
(11/328)
|