النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام
على سيدنا محمد وآله وصحبه
كتاب القَسْمِ
ما يُجمع في القَسْمِ من الدور والأرضين والعقار
مما تتقارب أماكنه ويتفق كرمُه
وما لا يُجمع بالقيمة وما يُقسم بالذرع
من العتبية (1) والمجموعة من سماع أشهب قال مالك: في الدارين بين قوم
إحداهما في موضع عامر يرغب فيه والأخرى في موضع غير عامر وهما في قرية
واحدة أيُجمعان في القَسْمِ؟ قال: إن تباعد ما بينهما مثل منزلي هذا ومنزلٍ
آخر بالثنية (2) قُسمت كل دار على حدة بخلاف النخل والحوائط، وإن كانت
الدور متقاربة بناحية واحدة جُمعت في القَسْمِ.
قال عنه ابن القاسم في المجموعة: إذا كان بعضها في الأسواق والمواضع
المرتفعة وبعضها في موضع/ قاصٍ ليس بالعامر وثمنها متفاوتٌ واحدة ألف دينار
والأخرى خمسون فلتُقسم كل واحدة على حدة.
وقال عنه ابن وهب في المجموعة: إن افترقت الأماكن وتفاضلت المواضع فرقت.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 123، باب القسم.
(2) لعل المراد بها ثنية الوداع وهي ثنية مشرفة على المدينة ويطؤها من يريد
مكة ورجح ياقوت الحموق أنها تسمى بذلك منذ أيام الجاهلية لأنها كانت مكان
توديع المسافرين حين خروجهم من المدينة.
(11/209)
وقال أشهب: إذا كانت داران (1) في نمط (2)
واحد جُمعت في القسم، وإن كان بعضها أعمر من بعض كالأرضين في نمط واحد
وبعضها أكرم من بعض فتُجمع عند أشهب. قال سحنون: ليست الدور كالأرضين وقد
تكون الدور في نمط ونفاقها (3) مختلفٌ ومن داري إلى الجامع نمط واحد وهو
متباين الاختلاف وأما الأرضون في نمط فلتُجمع وإن تباينت في الكرم. وابن
القاسم لا يجمعُها كالدور حتى تتفاوت في الأماكن والنفاق.
وقال ابن حبيب: إن كانت الدور متقاربة (4) متشابهة في مواضعها واستوت فيها
الرغبة جُمعت وما تباعد في مواضعه وتفاضل في الرغبة فيه فرق (5) مثل أن
يكون بعضها قرب السوق [والمرفق] (6) أو قرب المسجد والأخرى بعيدة من ذلك
فلا يُجمع إلا بتراضٍ بغير سهم.
قال ابن القاسم عن مالكٍ في المجموعة: وما كان حول المسجد عندنا من الدور
فهو الذي يُتشاح فيه (7) فما كان مديراً بالمسجد يتساحُّ الناس فيه ضُمَّ
بعضُه إلى بعض.
وقال سحنون في كتاب ابنه: إذا كانت الداران (8) في نمط واحد وبناء إحداهما
أجد (9) جُمِعَتا في القسم وإن كانت إحداهما قاعةً لم تُجمع مع الأخرى في
القسم.
__________
(1) في الأصل وف إذا كانت دارين والصواب ما أثبتناه من ع باعتبار كون كان
تامة.
(2) المراد في طريق واحدة ومقر واحد.
(3) نفاقها مُختلف: الرغبة فيها مختلفة ورواجها مختلف من قولهم نفق البيع
نفاقاً راج ونفقت السلعة تنفق نفاقاً غلت ورغب فيها وأنفقها هو ونفقها
بالتشديد.
(4) في الأصل متفاوتة وسياق الكلام يقتضي ما أثبتناه من ع وف.
(5) في الأصل وما تباعد في مواضعه وتفاضل في الرغبة مفترق.
(6) (في المرفق) ساقطة من الأصل.
(7) يتشاحُّ فيه: يريد كل واحد أن يفوز به وألا يفوته.
(8) كذا في ع وقد كتبت في الأصل خطأ على الشكل التالي: إذا كانت الدارين.
(9) في الأصل سقطت كلمة بناء.
(11/210)
ومن المجموعة والعتبية (1) من سماع ابن
القاسم: في أعذق (2) بين ورثة/ منها بخيبر ومنها بوادي القرى ومنها بناحية
الفرع ونحو ذلك قال: يُضم في القسم ما بخيبر إلى وادي القرى وما كان بالفرع
إلى ما كان بناحيتها كل ناحية إلى ما قاربها.
قال عنه أشهب: بخلاف الدور وقال عنه: في الحائطين متقاربين في الموضع
وسقيهما بشيءٍ واحد من عينٍ أو نضحٍ وأحدهما عجوة (3) والآخر صيحاني (4)
قال: ولا تُقسم حوائط المدينة مع حوائط خيبر ولا تُقسم ذات العين مع النضح
ولا البعل (5) مع السقي وإن تقاربت الحوائط، ويُقسم كل واحدٍ من هذا على
حدة إلا أن يتراضوا أن يجمعوه في القسم فذلك لهم. وروى عنه مثله ابن وهب في
المجموعة. قال سحنون: وذلك بغير قرعة ولا يصلح بالقرعة لأن ذلك مختلف ويصير
كمن جمع فرساً وحماراً في القسم بالسهم. وأشهب يجيز هذا كله إذا رضيا. وقال
ابن الماجشون: لا يجوز أن يُجمع في القسم بالسهم ما اختلف وإن تراضوا.
قال أشهب: وإن اجتمع الورثة فيما يُجمع في القسم من الدور على أن يقسموا كل
دارٍ وكل أرضٍ على حدة جاز ولزم إذا اقتسموا.
قال ابن حبيب: لا يُضم ما يُبقى بعين أو بنضح مع البعل في القسم ولا النصحُ
من بئر أو نهر مع ما يُسقى بعين أو بساقية نهر سيما لشدة مؤونة النضح وخفة
مؤونة السيح، ويُجمع البعل كله إذا تجاور في مواضعه وإن كان بينه الميل
والميلانُ إذا اشتبه في/ كرمه أو لؤمه وتقارب وإن تباعد فرق إلا أن يتراضيا
على قسمه بغير سهم.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 105.
(2) الأعذق جمع عذق بفتح العين وهي النخلة بحملها وأما العذق بكسر العين
فهو الكباسة وهو من الثمر كالعنقود من العنب.
(3) العجوة ضرب من أجود الثمر بالمدينة ونخلتها تسمى لينة.
(4) الصيحاني بفتح الصاد وتشديد الياء ضرب من ثمر المدينة.
(5) البعل: العذي وهو ما سقته السماء، وقال الأصمعي العِذي ما سقته السماء،
والبعل ما شرب بعروقه من غير سقي ولا سماء وفي الحديث ما شرب بعلاً ففيع
العشر.
(11/211)
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: إذا
كانت الأرض مستوية في كرمها أو لؤمها قُسمت بالقيس وإن كانت مختلفة قُسمت
بالقيمة وإن تراضوا وهم أكابر على قسمها بالتخير (1) والمراضاة بالسواء أو
على التفاضل على غير قيسٍ ولا قيمة فذلك جائز، وقاله أصبغ.
ومن المجموعة قال ابن وهب عن مالك: ويُقسم البعل مع العيون إذا كان يشبهها
في الفضل. وروى عنه ابن وهب: إذا كانت أموالهم مفترقة وكانت بعلاً ونضحاً
أو عيناً أنه يُعطى حقَّه في كل صنف، وأما إن كانت بواد واحد لا فضل بينهما
وهي بعلً كلها أو عين كلها أو نضح جُمعت في القسم.
ومن العتبية (2) أشهب عن مالك: في النخل بعضها أقرب من بعض من الماء
فليُقسم بالقيمة فيُفضَّلُ ما قَرُبَ من الماء لأن الماء ربما قل فلا يشرب
إلا القريبة.
قال عنه ابن القاسم: في الأرضين إن تقاربت وبعضها بعين وبعضها بنضح فلا
تُجمعُ وإن كانت كلها بنضح أو بعين وتباعدت مواضعها لم تُجمع وإن تقاربت
وسقيها بنضح كلها أو بعين جُمِعَت وكذلك ذكرها في المجموعة.
ومن المجموعة وقال ابن الماجشون: وإذا تدانت الأرض في كرمها واشتبهت
الحوائط واشتبهت الدور في بنيانها جُمعت في القسم إن تقاربت مواضعُها، وليس
للقرب حدٌّ به يُعرف/ بحضرة ما يراه من يَرَاه يوم يقع.
قال ابن القاسم: في شجر تفاحٍ ورمان وخوخ وغيره جُمِعَ ذلك كله في القسم
بالقيمة والسهم. وقال سحنون: هذا استحسان للمرفق باجتماع الحق وأنا أكره أن
يُقسم هذا قَسماً واحداً.
__________
(1) في الأصل وع بالتحري وما آثرناه أخذناه من ف.
(2) البيان والتحصيل، 12: 113.
(11/212)
قال عبد الملك: إن كان كل صنف على اختلاطه
شبيهاً بالآخر جاز جمعه في القسم، وإن كان أكثره صنفاً واحداً أُفرِدَ ذلك
الصنف في القَسم وقُسِمَ ما سواه مختلطاً إذا اشتبه.
قال ابن القاسم وأشهب: في الأرض فيها شجر مفترقة شجرة ها هنا وأخرى ها هنا
فلتُقسم الأرضُ والشجرُ جميعاً فيقع لكل واحد شجر وأرض.
قال سحنون: وإذا كان ما بين النخل من الأرض مصلحةً لها قُسمت الأرض مع
النخل لأن النخلة التي فضاؤها واسه أزيد في القيمة فأما إذا بعد ما بين
النخلتين من الأرض حتى لا تصل منفعةُ ما بَعُد عن النخلة إلى النخلة قُسمت
النخل مع الأرض، ولو قُسمت النخل على حدة احتاجت كل نخلة طريقاً قُسمت
لنخلُ مع الأرض.
قال ابن عبدوس قال سحنون: والشجر وإن كان بعضها أفضل من بعض أو الأرض بعضها
أكرم من بعض فلتُجمع في القسم إلا أن يأتي من ذلك أمر متباين فإذا تقارب
ذلك جُمع. وقال ابن حبيب مثله.
في صفة قسمِ الرباع والأرضين
وهل يُجمع حظ رجلين في القسم من ذوي سهمٍٍُ
أو غيرهم إن طلبوا ذلك أو بعضهم؟
وكيف إن كان/ للوارث سهمٌ غير ما ورث
هل يُجمعُ له؟
ومن وهب نصيبه من أحد الدارين قبل القسم،
وقِسمة الدار الغائبة
من المجموعة قال ابن القاسم قال مالك: في الورثة أنه يُقسم بينهم الدار
والأرض على أقلهم سهماً ويُجمع حقُّ كل واحدة على حدة ولا يُفرق وقاله: في
أم وزوجة وأخت.
(11/213)
قال محمد بن عبد الحكم: ويُقسمُ على أقل
السهام، فإن كان لأحدهم النصف ولآخر الثلث ولآخر السدس فإن اتفقوا على أي
الطرفين يُبدأ به فيما أخرج السهم أسهموا بأيهما يُبدأ فيُعرف أيهما خرج
وقد جعل ذلك ستة أنصباء معتدلة فيُسهم بينهم فإن خرج [سهم] (1) صاحب السدس
كان له سهم من الطرف الذي اتفقوا على أن يبدؤوا به إن أخرجه السهم ثم يُسهم
بين من بقي فإن خرج صاحب الثلث أخذ سهمين يليان (2) سهم صاحب السدس وكان ما
بقي لصاحب النصف، وإن خرج صاحب النصف بعد السدس كان له ثلاثة [تليه] (3) ثم
ما بقي لصاحب الثلث هكذا بعد خروج اثنين يكون للثالث ما بقي. وكذلك إن خرج
أولاً صاحب الثلث كان له سهمان أو كان صاحب النصف كان له ثلاثة ثم إن خرج
صاحب السدس كان له سهم ثم يكون ما بقي للثالث، وقد قيل إن صاحب السدس لا
يكون إلا في أحد الطرفين، قال: والأول أحب إلي. قال محمد: إنما هذا إذا كان
نصيبين مثل ابنٍ وزوجة.
ومن العتبية (4) روى عيسى عن ابن القاسم قال: إذا كان أدنى/ الورثة سهماً
صاحب السدس قُسمت على ستة أجزاء بالقيمة، وإن كثُرت الأرض في بعض تلك
السهام بالقيمة لرداءتها وقلت في بعضها لارتفاعها في القيمة فإذا عُدل ذلك
كتب أهل كل سهم اسم سهمهم ثم أسهم في الطرفين جميعاً فمن خرج سهمهُ في طرف
ضُم إليه ما بقي من حقه ثم يُضرب لمن بقي كذلك في أحد الطرفين بعد الذي
عُدل فإذا وقع سهم أحدهم في شِق ضُم إليه سهمه.
قال عيسى: وإذا كانت الأرض الكريمة القسمة والدنية تحمل القسمة قُسمت
الكريمة على حدة والدنية على حدة.
__________
(1) (سهم) ساقطة من الأصل.
(2) كتبت في الأصل محرفة على شكل (ثلثا).
(3) (تليه) انفردت بها النسخة الأصلية.
(4) البيان والتحصيل، 12: 128.
(11/214)
قال ابن القاسم في المجموعة: يُضرب على أحد
الطرفين فإن تشاحت الورثة (1) في أي الطرفين يُبدأ به، ضُرب بالسهم على أي
طرف يُبدأ به فما خرج ضُرب عليه أولاً ثم يُضرب بسهامهم فمن خرج سهمُه أخذه
وضم إليه باقي حقه ثم يُضرب بسهام من بقي فإن تشاجروا أيضاً في الطرفين
ضُرب أيضاً على أي طرف يبدأ حتى لا يبقى منهم إلا اثنان فإن تشاحا على أي
الطرفين يُبدأ به لم ينظر إلى ذلك وضرب القاسم على أي الطرفين شاء لأنه إذا
ضرب على أحد الطرفين فقد ضرب لهما جميعاً.
وقال ابن الماجشون: إذا ورثه أخوان وأختُ فليُقسم على خمسة أجزاء ويُضرب
بثلاثة أسهم. وقيل: بخمسة، والأول أصوب، قوله يُضرب بثلاثة أسهم- يريد أن
الضرب بالسهم يُخرجك إلى ثلاثة أنصباء والضرب/ مرتين لا أكثر- ثم قال: يضرب
[فإن خرج سهم للأخت أخذت ثم ضرب بين الأخوين] (2) فإذا خرج سهم أحدهما ضم
إليه سهمه الآخر وكان ما بقي للآخر، وإن خرج [أولاً سهمُ أحد الأخوين جمع
إليه سهمه الآخر ثم ضرب للأخ والأخت فإن خرج سهم الأخ جمع إليه سهمه الآخر
وكان ما بقي للأُخت، وإن خرج] (3) سهم الأخت فما بقي للأخ.
قال ابن حبيب قال مطرف: وتُقسم الدار والأرض بين الورثة على أقلهم سهماً إن
كان أدناهم سهماً له السدس فعلى ستة وإن كان الثمن فعلى ثمانية وكذلك جزء
من اثني عشر أو سهم يبقى للعصبة فليُقسم على [أقل] (4) سهام الفريضة، فإن
كانت الأرض مستوية قسمت بالقيس وإن كانت مختلفة فبالقيمة على قدر تفاضلهم،
فإذا استوت كتب أهل كل سهم اسم سهمهم في بطاقة ثم أخرجت بطاقتين بطاقتين من
جملتها فتجعل بطاقة في هذا الطرف وبطاقة في __________
(1) في ع، فإن تشاحا الورثة.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(4) كلمة أقل ساقطة من الأصل.
(11/215)
الطرف الآخر فمن خرج سهمُه في طرف ضُم إليه
ما بقي من حقه ويصير أهل الثمن أهل سهمٍ واحد وأهل السدس أهل سهم واحد وأهل
الثلث من الكلالة كذلك وأهل الثلث بالوصية كذلك، ومن صارت له سهام من
ميراثه ومن اشترائه من بعض الورثة ومن صدقة أحدهم عليه ضُمت له تلك السهام
كلها إلى حقه فيأخذه مجتمعاً ثم بعد هذا القسم يقسم أهل كل سهم ما صار لهم
مثل النسوة في الثمن والجدتين في السدس/ والكلالة في الثلث، وقاله ابن
الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ، وقالا: هو قول جميع أصحابنا. قال سحنون:
يُبدأ في قِسمة الدار برفع الطريق من باب الدار إلى أقصى بيوتها فينظر مع
ذلك فلا يحسبه على أحد ثم يُقسم ما بقي بالقيمة على الأنصباء ثم يرمي
بالسهام.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: إذ أكرينا الدار واتسعت ساحتها قُسم ذلك
كله معاً، فإن ضاق البنيان عن القسم واتسعت الساحة قُسم البنيان والسحة
بالاجتهاد وليس على أن تقع السهام كلها في البيان إن ضاق عنها ولكن على
الاجتهاد يضم إلى الساحة حطاطاً منها وإن كَبُر البنيان وحمل القسم وضاقت
الساحة [أفرِد البنيانُ بالقسم وتُركت الساحة] (1)، وقد قال قائل: لا تُقسم
الساحةُ مع البنيان وإن حملت القسم، ورأى أنه تأويل قول مالكٍ وقد أخطأ
وأنكر سحنون وابن حبيب قسم أهل العراق في قولهم: أن يأخذ مساحة أرض الدار
ثم يقسمها على الفرائض بالسهم فمن وقع عليه درك في القيمة فيما صار له أخذ
الفضل ومن وقع له فضل ودى الفضل وهذا غلط وغرر (2) ولا يجوز لأن بعضهم يأخذ
مالاً وربعاً والآخر ربعاً وهذا، التخاطر، والصواب أن يُقسم ذلك بالقيمة
يُقوم البنيان بقاعته.
قال ابن حبيب: يُقوم بقاعته وما يليه من ساحة الدار وبمخرج كل سهم فيه
فيُقوم كل سهم بقيمته في موضعه من الدار ليس الجوفي كالقبلي ولا القبلي
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(2) في ع، وهذا غلط وضرر.
(11/216)
كالشرقي/ وإذا عُرفت السهام بالقيمة كُتب
أهل كل سهم في بطاقة ثم أُخرج منها بطاقتان فجعل هذا بطاقةً في هذا الطرف
وبطاقةً في الطرف الآخر فمن خرج سهمه في كليهما أخذه وضم إليه تمام ميراثه
ثم تُخرجُ بطاقتان فتوضع (1) واحدة في هذا الطرف والأخرى في الطرف الآخر
حتى يتم ذلك.
قال ابن عبدوس قال سحنون: ووجه قسم الشجر أن يُقوم القاسم كل شجرة بالعدل
إن كان من أهل المعرفة بقيمة ذلك الموضع وإلا جُمع لذلك أهل المعرفة
[بالقيمة ويُسأل لذلك أهل الخبرة] (2) والمعرفة عما عرف من حمل كل شجرة
فرُبَّ شجرة لها منظر ولا مخبر لها وأخرى يكثر حملُها لا منظر لها، فإذا
قُوِّمَ ذلك جمع جميع القيمة فقسمها على قدر السهام فعرف ما ينوب كل سهم ثم
ضرب بالسهام بأي الطرفين يبدأ فإذا عرفه كتب أسماء الأشراك كل واحد في رقعة
ثم يدخلها في كمه فيخلطها ثم يُخرج أول سهم ثم ثانياً ثم ثالثاً ثم رابعاً
إلى آخر ذلك، فإذا تمت بدأ بالأول فأعطاه من الناحية التي وقع عليها السهمُ
أولاً فأعطاه شجرةً شجرةً حتى يكمل له ما صار له من جملة القيمة (3)، فإن
استوفى بكمال شجرة فقد استوفى وإن لم يأتِ حقه على تمام شجرة وبقي له كسرٌ
من القيمة أُعطي ذلك في شجرة فكان شريكاً فيها بقدر ما بقي له ويأخذ من
بعده ما بقي من الشجر يضم إليه تمام حقه.
قال مالك في المجموعة: في الزوجة مع العصبة في قسمة الأرض أنه يضرب لها في/
أحد الطرفين، قال ابن القاسم: كان العصبة واحداً أو جماعة. قال عبد الملك:
ثم يستهم العصبة فيما بينهم إن شاؤوا وإن خرج أولاً للعصبة على أحد الطرفين
فلها بغير سهم السهم الباقي. قال ابن حبيب: لأن العصبة كأهل سهم واحد فيكتب
اسم (4) العصبة في بطاقة والزوجة في أخرى ثم توضع بطاقة ها هنا __________
(1) في الأصل وع ثم تخرج بطاقتين ويضع واحدة إلخ وآثرنا كتابة ما في ف بناء
على أن الفعلين مبنيان للمجهول.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ف.
(3) في ف من جملة القسمة وما أثبتناه مأخوذ من الأصل وع.
(4) في ع وف فيكتب أسهم العصبة.
(11/217)
وأخرى ها هنا قال: وإنما هذا إذا كان معها
عصبةٌ بنون أو غيرهم، وأما إن كان معها مثل الأم والابنة وغيرهما فها هنا
يُقرعُ بينهم فحيث خرج سهمُ الزوجة أخذت.
قال المغيرة في المجموعة: في الزوجة مع العصبة أنها تُعطى حقَّها حيث خرج
في الطرفين وغيرها قال ابن الماجشون: وبهذا أقول.
ومن العتبية (1) [قال] (2) أشهب عن مالكٍ: في الإخوة لأم يرثون الثلث فيريد
أحدهم إفراد حقه (3) على حدة فليس له ذلك وليقسم له ولإخوته الثلث ثم
يُقاسم إخوته إن شاء، وكذلك الزوجات وكذلك العصبة وإنما يتقاسمون بينهم بعد
ذلك، ومثله في الواضحة قال: وكذلك الجداتُ في السدس وأهل كل سهم.
ومن العتبية (4) والمجموعة عن ابن القاسم عن مالك في الرجل والمرأة يرثان
الدار فيقع لأحدهما مواريثُ بعضُها بعد بعض أنه يجمع حظه كله في سهم واحد
كل ما ورث أو اشترى. وفي الواضحة مثله. ومن المجموعة: وقال غيره: في امرأة
هلكت عن زوج وأم ابن فقاطع الأم والابن الزوج على شيءٍ من التركة وسلم/
لهما باقي الميراث فليقتسما بقية المال على تسعة أسهم تُسعان للأم وسبعة
أتساع للولد.
قال ابن حبيب قال مطرف عن مالك: في أحد الورثة للدار والأرض يُشترى من
بعضهم أو يُوهب له ثم يقتسمون، أنه يجمع له ما ورِث وما صار إليه منهم في
القسم ولا يُفرق عليه. قال ابن حبيب: ولا تُقسم الدور والأرض بالذرع ولكن
بالقيمة وكذلك عن ابن القاسم في العتبية (5) في رواية يحيى.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 114.
(2) (قال) ساقطة من الأصل.
(3) في ف أفراد حظه.
(4) البيان والتحصيل، 12: 111.
(5) البيان والتحصيل، 12: 123 - 128.
(11/218)
وقال ابن القاسم وأشهب في المجموعة: في
الدار بين الرجلين فيأخذ هذا طائفة والآخر طائفة على أن لأحدهم الطريق على
الآخر وملك الطريق لمن صارت له قالا: لا بأس به.
قال سحنون: إنما هذا بالتراضي بغير سهم وإنما يُضرب بالسهم بعد رفع الطريق.
قال ابن عبدوس قال أشهب: في أقرحة (1) بين قوم أراد بعضهم أن يُعطى حقه من
كل أرض وقال بعضُهم بل اجمع لي نصيبي في موضع فإن كانت في نمط واحد وإن كان
بعضها أكرم من بعض فإنه يجمع لمن طلب حصته في مكان واحد، وإن زاد حظه عن
أرض واحدة أخذ من الأخرى تمام حقه، وإذا اجتمعت أنصباءُ الذين أرادوا الجمع
اقتسم الذين أرادوا التفريق أنصباءهم على ما تراضوا عليه. قال ابن عبدوس:
يجعل سهام المريدين للتفريق سهماً واحداً وسهام [مُريدي الجمع سهماً سهماً
ثم يُفرغُ فإن خرج سهم] (2) مريدي التفرقة جمع إليه باقي حقوقهم وصار كحق
رجل واحد وحيث ما خرج سهم مريدي الجمع/ أخذ كل واحد حقه حيث خرج ثم يرجع
الذين أرادوا التفرقة فيقسمون كل أرض مما صار لهم على حِدتها فيأخذ كل
غنسانٍ حقه من ذلك.
قال أشهب: وإن تباعدت الأرض ليست في نمط قَسَمَ للذين طلبوا أن يُعطوا
حقوقُهم من كل أرض في الأرضين ثم قيل للمريدين جمع حقوقهم اقتسموا على ما
تتراضون عليه. قال ابن عبدوس: يجعل سهم من يحب الجمع ها هنا سهماً واحداً
ثم يُقرع بينهم في كل أرض على حِدتها فإن خرج سهم الذين أرادوا الجمع جمع
لهم حقهم في تلك الأرض وأعطى مريدي التفرقة كل واحد نصيبه منها حيث صار له،
فهكذا يُعمل في كل أرض ثم يرجع الذين أرادوا الجمع فيقسمون ما صار لهم
مجتمعاً على ما أرادوا.
__________
(1) الأقرِحَة جمع قراح والمراد بها المزارع التي ليس عليها بناء ولا فيها
شجر.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(11/219)
قال ابن عبدوس: وليس هذا أصل مالكٍ وأصحابه
لأن أصلهم لا يجمع حظ اثنين في القسم، وهذا أيضاً على ما ذهب إليه أشهب: أن
الشركاء إذا رضوا بقسم الصنفين المختلفين بالقرعة جاز وخالف فيه أصحابه.
قال ابن القاسم: في الدار الغائبة بين الرجلين لا بأس أن يقسماها على
الصفة. قال سحنون: وكيف تُقسم وهي غائبةٌ ولا يُدرى ما حدث فيها إلا أن
يكون بتراضٍ بغير قرعة ولا يجوز بالقرعة ولا يُجبر على القسم من أباه.
ومن كتاب ابن سحنون: وكتب شجرة إلى سحنون: فيمن ترك ابناً وثلاث بناتٍ فترك
دارين متلاصقين في نمط واحد ولهما في الساحة سواء إلا أن واحدة أسنى بناءً
من الأخرى فوهبت/ واحدةٌ من البناتِ نصيبها من إحدى الدارين لأختها الأخرى
قبل القسم هل يُجمع لها ذلك مع نصيبها في القسم؟ وهل يُجمع قسم الدارين على
هذا؟ فكتب إليه: إذا كان الدارين (1) كل واحدة مبنية إلا أن واحدة أسنى
بناءً [من الأخرى فوهبت واحدة من البنات نصيبها من إحدى الدارين لأختها
الأخرى قبل القسم هل يجمع لها ذلك مع نصيبها في القسم؟ وهل تجمع قسمة
الدارين على حدة؟ فكتب إليه إذا كانت الدارين كل واحدة مبنية إلا أن واحدة
أسنى] (2) فليُجمعا في القسم كأنهما دارٌ واحدةٌ فيقتسمان على خمسة أجزاء
بالقيم ويعدل حتى لا يكون بين ذلك زيادة ثم يرمي السهام على أحد الطرفين،
فإن خرج سهمُ الغلام جُمع له سهمان ثم يسهم فإن خرج سهمُ إحدى البنات أخذت
السهم الثالث ثم يسهم فتأخذ الثانية الخمس الرابع ثم ما بقي للثالثة، وإن
خرج أولاً لإحدى البنات (3) أخذت خمساً ثم إن خرج لأخرى أخذت خُمساً ثم إن
خرج للذكر أخذ خُمسين وللثالثة ما بقي، وكذلك إن خرج البنات قبله كان ما
بقي له ثم ينظر إلى الواهبة فإن وقع سهمُها في الدار التي وهبت مصابتُها
منها أخذت المتصدّق عليها خمس تلك الدار مما في __________
(1) في الأصل إذا كان الدارين وهو خطأ واضح.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع وف.
(3) في الأصل وف وإن خرج أحد من البنات وما أثبتناه من ص.
(11/220)
يديها، وإن وقع حقها في الدار الأخرى بطلت
هبتُها، وإن اختلفت الداران (1) فكانت واحدة مبنية والأخرى قاعة قُسمت بكل
واحدة مفردة فإن كانت الهبة في المبنية قُسمت وجُمع للموهوبة فيها سهام من
خمسة بالقيمة، وإن كانت الهبة في القاعة قُسمت وعمل فيها كذلك. وكتب في
سؤاله وإنهم قسموا الدار التي فيها الهبة ووكلت الموهوبة من يَقسم لها
فقسمت على خمسة ولم يُجمع لها سهم الميراث (2) مع سهم الهبة فقالت/: لا
أرضى هذا ولم آمر وكيلي أن يُفرق عليَّ؟ وكتب إليه: إن كان الداران (3) مما
لا يُجمع في القسم فانقض القسم حتى يجمع لها سهمين في موضع وإن كانت التي
قسموا ليست فيها الهبة وسهامها لا تُجمع في القسم فامض القسم.
في الدار لها ساحة وطريق هل يُقسم معها
وقد أراد ذلك بعضهم أو أباه؟
وفي بيع الطريق وكيف إن قسموا ولم يذكروا الطريق؟
[وفي الساحة تبقى مشاعاً بعد القسم هل تقسم؟] (4)
من المجموعة قال ابن وهب وابن القاسم وأشهب عن مالك: في الدار بين قوم لها
ساحةٌ واسعةٌ وليس لبيوتها حجرٌ فأرادوا قسمها مع العرصة؟ قال: ذلك لهم
ليتخذوا حجراً على بيوتهم وإنما العرصة التي لا تنقسم التي لبيوتها حجرٌ
تسترها وتبقى العرصةُ مُناخ إبلهم (5) ومرتفقهُم. قال أشهب: وكذلك إن كانت
البيوت لا حجر لها والعرصة إن قُسمت ضاقت فإنها لا تُقسمُ وتقر بينهم.
وقاله ابن حبيب.
__________
(1) في الأصل وف اختلفت الدارين والناسخ يقع في مثل هذا الخطإ كثيراً.
(2) في ع، وهل يجمع لها سهم الميراث والصواب ما أثبتناه من ف وع.
(3) في الأصل، إن كان الدارين.
(4) ما بين معقوفتين انفردت به ف ولم يرد في الأصل وع.
(5) في ع وف وتبقى العرصة مباحة بينهم.
(11/221)
وقال ابن الماجشون: وتُقسم البيوت فقط
وتبقى الساحة بينهم. وقال: ولقد قال قائل- يعني مطرفاً-: لا تُقسم الساحةُ
وإن حملت القسم وتُقسم البيوت، ورآه تأويل قول مالكٍ لا تُقسم الساحةُ وإن
احتملت القسم، وأخطأ التأويل وإنما تلك الساحة الفِناء يكون أمام دار القوم
محطاًلرحالهم وأثقالهم ومدخلاً للناس عند تضايق الطريق لهم وتكاثر الدواب
وازدحام الناس فتلك لا تُقسم وإن احتملت القسم وإن اجتمع الورثة على/ قسمها
لأن فيها حقاً لغيرهم.
وقال لي مطرفٌ وابن الماجشون عن مالك: أنه لا يُجيزُ قِسمة الفِناء. قال
ابن المواز: ولا يُقسم ما بقي مشاعاً بعد القسم من قاعة دار أو طريق. قال:
وإذا كانت العرصة واسعة فأراد أحدهم بيع نصيبه منها فليس له ذلك إلا ببيع
مصابته من البيوت أو يأذن في ذلك شركاؤه فإن أبى أحدهم لم يكن له ذلك ورُد
إن فعل، وإن اجتمعوا على قسم العرصة فذلك لهم كانت واسعة أو غير واسعة كان
بعد قسم البيوت أو معها- يريد محمد بغير سهمٍ.
ومن كتاب ابن المواز والمجموعة قال ابن وهب عن مالك: في قوم لهم دارٌ
مقسومة وباب مدخلهم واحد ولهم عرصة فيريد كل واحد أن يصير له من العرصة
بقدر ميراثه ليربط فيه دابته فلا بأس أن يُعطى كل واحدٍ منهم قدر ما يصيبه
من ذلك (1). وقاله أشهب: يريد مما يلي نصيبه. قال ابن القاسم وأشهب في
المجموعة: إذا تراضوا بذلك فهو جائز. قال أشهب: كانت العرصة واسعةً أو لم
تكن. [قال في كتاب ابن المواز: وإن اختلفوا ولم تكن] (2) واسعةً فلا يُقسم
إن أبى أحدهم، وإن كانت واسعةً نظر فإن لم يكن لبيوتهم حجرٌ قُسمت إن طلب
القسم أحدهم إذا كان يبقى بعد القسم ما ينتفعون به في الممر وغيره ولا يدخل
ضرر على من أبى القسم، ويقسم لكل واحد بحصته مما يليه وإن كان يصير لكل
واحد ما لا ينتفع به لم يُقسم.
__________
(1) في ع وف قدر نصيبه من ذلك.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ف.
(11/222)
ومن المجموعة قال ابن القاسم: وارتفاعهم
بالساحة إذا قُسمت البيوت/ ارتفاعاً واحداً القليل النصيب والكثير في ملك
سواء. وروى أشهب عن مالك في المجموعة وكتاب محمد: إنما ارتفاقهم فيها بقدر
عدد البيوت لا على الأنصاب ولا على قدر الأبواب وليس البيتُ الصغير
كالكبير؛ الكبير أكثر مرفقاً.
قال ابن الماجشون: إذا كانت الساحة من حقوق الدار قُسمت معها وإن كانت
الساحة أرضاً واسعةً قُسمت الدارُ على حدة ثم إن شاؤوا قسموا أرضهم ليس
اسمُها ساحةً ولا فِناءً.
قال أشهب وعبد الملك: ولا بأس بشراء ممر في دار دون أن يشتري من رقبة الدار
شيئاً وذلك إن كان يخرج به إلى انتفاع مثل أن يفتح فيه باباً فيمر منها حيث
لم يكن يمر. قال أشهب: وإن لم يكن ينتفع أكثر من أن يدخل إلى اقصى الدار ثم
يرجع فهذا لا يجوز. قال ابن الماجشون: وإذا كان عليك ممر لرجل فاشتريته منه
فذلك جائز ويجعل البائع ممره حيث شاء وإلا تركه مسدوداً إلى أن يجعل الله
له طريقاً أو يفتح له باباً.
قال ابن القاسم: وإن اقتسموا داراً وساحتها ولم يُذكر الطريقُ فالطريق لمن
صارت له وللآخر فيها الممر إذا لم يشترط صرف الطريق، وهذا على مذهب سحنون
لا يجوز بالسهم إلا برفع الطريق بينهم. قال ابن حبيب: إذا لم يذكرا، الطريق
عند القسم أعدت القسم ثانية على ذكر ذلك ومعرفة مخرج كل سهم ما لم يشترطا
قطع ذلك وكذلك لو اقتسموا داراً بتراضٍ بلا سهم أو بالسهم ومجرى مائها في/
ناحية فصارت تلك الناحية في سهم واحد منهم فكره مجرى مائهم عليه ولم يذكروه
عند القسم فإن القسم ينتقض ثم يُعادُ على ذكر ذلك وبيانه.
وفي آخر الكتاب بابٌ مفرد لهذا [قد يتكرر فيه مما ها هنا] (1).
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع وف.
(11/223)
في قسم الحمّام والبيت الصغير
والعين والبئر والماجل (1)
وفحل النخل وغيره وما في قَسمة ضررٌ،
وذكر قِسمة الماءِ بالقلد (2)
في المجموعة قال أشهب عن مالك: في الأرض بين أشراك ولمن فيها عينٌ فيريدون
القسم وإن اقتسموا صار لبعضهم ما لا يكون فيه عين أيُقسمُ أو يباع؟ قال: بل
يُقسمُ أما رأيت قَسماً لإنسان في دار لا يستطيع سكناه. قال: وإن اتخذ
بعضُهم عيناً فليس لمن صار (3) له ما لا يكون فيه عين الدخول معه.
قال مالك: وقد عمل بذلك بالمدينة حتى صار لبعضهم ما لا ينتفع به في قسمه.
قال ابن القاسم عن مالك: ويُقسم الحمّامُ.
قال عبد الملك: لم أعلم من وافق مالكاً على قسمه من أصحابنا ولا سمعتُ من
يستحسنه وهذا من الضرر.
قال ابن حبيب قال مطرف عن مالك: أنه يَقسِمُ الأرض وإن قلت ولم يقع لواحد
منهم إلا مذود.
قال ابن حبيب: وقال أبو حنيفة: يقول مالكٌ هذا وهو شاذ ولم يقل به من أصحاب
مالكٍ إلا ابن كنانة وباقي أصحابه المدنيين والمصرين على خلافه، منهم ابن
أبي حازم والمغيرة، وابن دينار، ومطرف، وابن الماجشون/ وابن نافع، وابن
وهب، وابن القاسم، وأشهب، وابن عبد الحكم، وأصبغ وقالوا: معنى قول الله
__________
(1) الماجل كل ماء في أصل جبل أو واد ويجمع على مواجل وقد تقدم شرحه.
(2) القِلدُ المراد به هنا تقسيم أيام السقي وتوزيعها على المنتفعين به حسب
ما لهم من حقوق فيه وقد تقدم شرحه.
(3) في النسخ كلها فليس لمن طار له ولعل الصواب ما أثبتناه.
(11/224)
سبحانه (مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ)
(1) ثم يُقسمُ على السنة وبقي الضرر. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم [لا
ضرر ولا ضِرار] (2)، فمن أعظم الضرر أن يقسم بينهم ما يُنتفع به ولكن يُباع
ويُقسم الثمنُ. قال مطرف: وبهذا كان يقضي قُضاةُ المدينة كلهم إلا هشام ابن
عبد الله المخزومي.
قال مطرف: والذي آخذ به أنه إن كان بعضهم ينتفع بسعة سهمه ويضيق عن بعضهم
لقلة سهمه فيُباع ويُقسم الثمن أولى بالصواب. قال ابن الماجشون: سواء ضاق
السهم عن جميعهم أو عن بعضهم وإن كان أقلهم حظاً فإنه لا يُقسم وإن كان
لأصغرهم حظاً انتفاعٌ في وجهٍ من وجوه المنافع وإن قل مما لا ضرر فيه
فالقسم قائم. قال ابن حبيب: [قاله كله أصبغ وذكره عن ابن القاسم. قال ابن
حبيب] (3): ولا يُقسم الحمّامُ ولا الفرن ولا الرحى ولا البئرُ ولا العينُ
ولا الساقية ولا الذكان ولا الجدار ولا الطريق ولا الشجرة.
ومن المجموعة: يُقسم الجدارُ إن لم يكن فيه ضررٌ.
قال أشهب: لا يُقسمُ إلا باجتماعهم قال: وإن كان لهذا عليه جُذُوعٌ ولهذا
عليه جُذوعٌ لم يُقسم. قال ابن القاسم: وليتقاوياه. ولم يذكر أشهب
المقاواة.
قال ابن القاسم وأشهب: في زيتونة ونخلةٍ بين رجلين فلا يقتسماهما (4)
بينهما إلا أن يتراضيا ويعتدلا في القسم- يريد بالقيمة. قال سحنون: / ترك
ابن القاسم قوله وهو: لا يجمع صنفين مختلفين في القسم وإن تراضيا. قسم 3
قال أشهب: وإن قُسمت الدارُ وتُرك ماجلُها فلا يُقسم بعد ذلك وإنما يُقسم
الماجل مع الدار قسماً واحداً، وكذلك البئر وكذلك العينُ في النخل إلا أن
تكون العينُ إن قُسمت ماتت ويكون في موتها موت النخل وكذلك فحول النخل
تُقسم مع النخل.
__________
(1) الآية السابعة من سورة النساء.
(2) سبق تخريجه من مسند الإمام أحمد بن حنبل.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ع وف.
(4) في الأصل فلا يقسمانها والصواب ما أثبتناه من ف وع.
(11/225)
قال ابن حبيب: وجه قسم العيون والآبار بين
الورثة والشركاء على ما تراضوا عليه فإن لم يتراضوا وأحبوا السهم فلا يُقسم
إلا على أن يصير كل عين أو كل بئر منفردةً لكل واحد بلا دركٍ لبعضهم على
بعض ولكن يعتدل ذلك في القيمة، فأما على أن يُجمع اثنان في عين أو بئر فلا
يجوز ذلك بالسهم إذا كانت العيون والآبار تحمل القسم على ما ذكرنا بقيت
بينهم يسقون بمائها سهامهم بقدر مواريثهم وشركتهم، ومن دعا إلى البيع قُضي
له بذلك فإذا وقفت على ثمن فللآخر أخذُها به.
قال عبد الملك: وليس ما يفعله الناسُ من اقتسام البئر بين الدارين فيُقسم
بجدار يُحمل على وسطها قسمةٌ يُعمل بها ولا يُحكم وليس بلازم.
قال ابن عبدوس قال أشهب: لا تُقسمُ العيون ولا الآبار إلا على الشرب إلا ما
إذا قُسم منها لم ينقطع ماؤه فإن كان منها شيءٌ يكون كذلك بالقسم فيها مع
النخل قسماً واحداً.
قال ابن حبي: وإن طلب الورثة أو الشركاء قِسمة الماء بينهم من العين أو
البئر أو من عيون أو آبارٍ لم يحمل القسم قُسم بينهم ثم يسقي كل واحدٍ
بجميع الماء حتى/ يستوعب قلده ثم يأخذه الذي يتلوه ثم الآخر حتى يتموا،
وتفسير (1) ذلك إن تحاكموا فيه اجتمعوا على قسمة فليأمر الإمامُ رجلين
مأمونين أو يجتمع الورثة على الرضى بهما فيأخذان قِدراً من فخار أو شبهها
فيثقبان في أسفله بمثقب بمسكانه عندهما ثم يعلقانها ويجعلان تحتها قصرية
ويُعدان ماءً في جرارٍ ثم إذا تصدع الفجر صبا الماء في القدر فسال الماء من
الثقب فكلما هم الماء أن ينضب صبا حتى يكون سيل الماء من الثقب معتدلاً
النهار كله والليل كله إلى انصداع الفجر ثم يُنحيانها ويقسمان ما اجتمع من
الماء على أقلهم سهماً كيلاً أو وزناً ثم يجعلان لكل وارث قِدراً يحمل سهمه
من الماء ويثقبان كل قدرٍ منها بالمِثقب الذي ثقبا به القدر الأولى فإذا
أراد أحدهما السقي على قدره بمائه وصرف الماء كله إلى __________
(1) في ف ويقسم ذلك إن تحاكموا فيه.
(11/226)
أرضه فيبقى ما سال الماء من قدره ثم كذلك
بقيتهم (1) فإن تشاحوا (2) في التبدية استهموا فيه.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: وإذا قسما الأرض وأبقيا بينهما البئرين أو
العينين ثم أرادا قسمتهما فلا أحبُّ ذلك بالسهم ولكن بالمراضاة إلا أن
يُحاط بذلك وبمعرفة قدرهما ويؤخذ من يعرف ذلك.
في قسم العُلو مع السُّفل والقضاء فيما ينهدم
من ذلك وما يحدثه أحدهم وقسمة الأرحاء
من الواضحة ومن قول مالك: في قسمة الدار ذات العلو أن تُقوم/ حسب البيوت
التي عليها على صاحب السفل وكذلك يُجعل الجدارُ من أساسه إلى موضع الفرش
للسفل وكذلك إذا كان عليها سطح. قال ابن القاسم في المجموعة: وعلى صاحب
العلو [دَعم (3) عُلوه] (4) حتى يبني صاحب السفل إذا احتاج إلى ذلك وليس
على الأسفل أن يبني سفله إلا بما كان به مبنياً قبل ذلك وإن أضر ذلك بصاحب
العلو.
قال أشهب وعبد الملك: إذا انهدم السفل فعلى ربه أن يبنيه حتى يضع الخشب
والجريد حتى يصير أرضاً.
قال أشهب: فإن أبى أن يبني قيل له بع- يريد ممن يبني- وليس لصاحب العلو أن
يبني السفل وليس لصاحب السفل أن يهدمه إلا من ضرورة، وليس لرب العلو أن
يبني فوق علوه شيئاً يُضر بصاحب السفل إلا ما خَف ولا يُبدل ما انكسر من
خشبه إلا بمثلها أو ما يقاربها في الخفة.
__________
(1) في ع، ثم كذلك يقسم.
(2) في ف فإن تشاجروا.
(3) في الأصل، إدعام وفي ع، دعام وهي ساقطة من في ف ورأينا أن كلمة دعم
أولى من غيرها وأسلم استعمالاً لذلك جئنا بها عوضاً عما هو موجود
بالنسختين.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ف.
(11/227)
ومن الواضحة قال: ويقسم الورثة الأرحاء على
ما تراضوا فإن لم يتراضوا فلا تُقسم إلا أن يكون عددها كعدد سهامهم وتتفق
قيمتها حتى لا يبقى على أحد دركٌ فأما على أن يصير رحىً بين اثنين أو يصير
على أحدهم دركٌ أو يأخذه فلا يجوز ذلك.
وفي كتاب الأرحية بقية القول في قسم ماء الأرحية وهل فيها تبدئة بالماء
للأول على من بعده؟
باب (1)
في قسمة العبيد والمتاع والعروض
وما يُجمع من ذلك في القسم
من الواضحة قال ابن حبيب: ذهب ابن القاسم إلى أن جعل البز كله من الخز/
والحرير والقطن والصوف والكتان والمرعزى (2) والفراء صنفاً واحداً في
القسم. وخالفه مطرفٌ وابن الماجشون وقالا: لا يُقسَمُ ثياب الخَز والحرير
مع ثياب القطن والكتان ولا مع الفِراء ولا يُقسم الصوف والمرعزى مع ما
ذكرنا.
قال ابن حبيب: وثياب القطن والكتان صنفٌ واحدٌ [في القسم] (3) وإن كان فيها
قُمُصٌ وأردية وعمائم، وثيابُ الخَز والحرير من الوشي وغيره صنف واحد إلا
ما كان من وشي القُطن اليوسفي والصنعاني (4) والمشطب من اليماني كله ولا
يُقسم مع وشي الخز ولار الحرير وليُقسم وحده بالسهم وإن كان فيه حَبِرٌ (5)
__________
(1) كلمة باب ساقطة من ع وف.
(2) المِرعِزى كتبت في ع والأصل، المرعز والصواب ما أثبتناه من ف وقد تقدم
لنا شرح هذه الكلمة في الجزء التاسع من هذا الكتاب وقلنا آنذاك المِرعزى
بالألف المقصورة مع تشديد الزاي ويمدد إذا خفف. والميم والعين مكسورتان على
كل حال وقد تفتح الميم في الكل: الزغب الذي تحت شعر العنز قاله الجوهري
وجعل سيبويه المِرعزى صفة عنى بها اللين من الصوف (تاج العروس).
(3) في القسم ساقطة من ع.
(4) نسبة إلى صنعاء اليمن على غير قياس.
(5) في الأصل، وخز والصواب ما اثبتناه من ف والمراد بالحير البُرد المُوشى
وهو من الثياب: الناعم الجديد.
(11/228)
ومشطبٌ ووشي وصنعاني ويوسفي. وثياب الديباج
صنف لا يُقسم مع ثياب الخز والحرير، وثياب الصوف والمرعزى صنف وإن كان منها
جيب وسنجابٌ (1) وفراء الخز فإن صُنف لا يضم إلى فراء القلنيات (2) لبعد
اختلافها ولا تُضم فراءٌ معمولة إلى ما ليس بمعمول كانت شركتهم بميراث أو
شراء.
ومن المجموعة قال أشهب: كل ما يصلح من هذا أن يُباع منه اثنان (3) بواحد
إلى أجل [فلا يُضم مع الصنف الآخر في القسم لأنهما صنفان وكل ما لا يُباع
بالآخر اثنان بواحد إلى أجل] (4) فهو كصنف واحد ويُجمع في القسم وليس الخز
كالصوف ولا الكتان ولا الصوف كالكتان ولا الحرير كالخز وكل واحد يُقسم على
حدة وكذلك ما بان/ اختلافه من ثياب الكتان فجاز بيعه متفاضلاً إلى أجل
فليقسم كل واحد على حدته ولا يُقسم الشطوي مع القيسي ولا مع الزيقة ولا مع
الأتربي، والمروزي أراه مثل الشطوي في جودته ولينه وإن كان أصلهما ليس
بواحد ولو ترك خَل عنب وخل تمر لقُسم كل واحد على حِدته لدخول التفاضل
بالقيم إذا جُمعا في القسم، وكذلك الزبيب الأسود والأحمر إلا أن يقسموا ذلك
بالسوية بغير سهم. قال سحنون: لا يكون السهم فيما يُكال ويُوزن.
قال أشهب في المجموعة: ولا يُجمع في القسم اللؤلؤ مع الياقوت والزبرجد ولا
الزبرجد مع الياقوت إلا أن يتراضوا. قال أشهب: ولو لزم جميع ما يقع عليه
اسم بَز في القسم مع اختلافه لزم مثله فيما يقع عليه اسم دابةٍ فيُقسم
الرقيقُ إذاً مع الدواب والخيل مع الحمير والإبل.
قال ابن عبدوس: ومذهب أشهب في هذا أصحُّ عند سحنون. قال ابن حبيب: ولا يجمع
إلى سائر الحيوان من دوابٌ أو غيرها وليُقسم على حدة، __________
(1) في ع، وإن كان منها جيب سنجاب.
(2) كتبت في ع وف القنليات بتقديم النون على اللام ولم يتبين لنا معناها.
(3) في الأصل، أن يباع منه اثنين.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(11/229)
وليُجمع الرقيق كله في القسم، الذكور
والإناث والصغار والكبار والأعجمي والفصيح والحسن والقبيح إذا اعتدلتِ
القيمة، ولا يُجمع الخيل مع البغال ولا البغال مع الحمير ولا الإبل مع
البقر ولا البقر مع الغنم وإن اعتدلت القيم، ولكن يُقسم كل نوع على حدة، أو
يقتسمون بالتراضي.
ومن العتبية (1) قال يحيى بن يحيى: بلغني أن/ ابن الماجشون قال: لا يُقسمُ
شيءٌ من الحيوان والعروض بالقيمة ولكن يُباع ذلك فيُقسم ثمنُه، والذي روى
عنه ابن حبيب خلافُ هذا وهو ما في أول الباب.
ومن المجموعة قال ابن القاسم وابن وهب قال مالك: كل ما انقسم من رقيق أو
حيوان أو عين أو غيره فإنه يُقسم إذا دعا أحدهما إلى ذلك وشركتهما بميراث
أو شراء.
قال عنه ابن وهب: في الميت يترُك عبيداً فتريد زوجته أن يقع لها حقها في كل
عبد أو وليدة فإنه يُقسم لها حقها في عبد أو وليدة فإن تم حقها في العبد أو
الوليدة أخذته وإن نقص منه قاومت في العبد أو الوليدة ولم يُجعل حقها في
ذلك كله لفساده وضرره والثيابُ والمتاع تقوَّم فتُعطَى حقها من ذلك.
قال عنه ابن القاسم: في نفر اشتروا السفينة من الرقيق فيطلب بعضهم القسم
ويريد الباقون البيع. فإن استُطيع القَسمُ قسموا وإلا بيع، قيل: إنهم جملة
قال: رُبَّ جملة لا تنقسم خمسة من عشرة. قال محمد بن عبد الحكم: ولا بأس أن
يُقسم الحناء [والكتان] (2) والمسك والعنبر وغيره مما يجوز فيه التفاضل على
التحري. وقد قيل: لا يجوز، وإجازته أحب إلي.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 137.
(2) كلمة الكتان ساقطة من ف.
(11/230)
فيما لا ينقسم من
الرقيق والمتاع وغيره إلا بضرر
ومن المجموعة قال أشهب: لا تُقسمُ الخشبة بين الرجلين، فإن قيل من الخشب ما
يصلح/ في القطع (1) فإن ما يكون قطعه صلاحاً ولا يُكلف ذلك من أباه وإنما
القسم في غير الرباع والأرض فيما لا يحال عن حال ولا يحدث بالقسم فيه ما لم
يكن فيه من قطع ولا زيادة دراهم. قال: ولا يُقسم المحمل لأن الفرد لا ينتفع
به إلا بالآخر وليقض ثمنه إذا أفرد، ولا يُقسم فص ولا ياقوتة ولا لؤلؤة أو
زبرجدة وإن كان فصاً كبيراً إلا بتراصٍ، وكذلك السيف والمصحفُ فيه الحلية
فيريد أحدهما نزعها وقسمته فليس له ذلك إلا أن يجتمعا ولا بأس يقسم
الغرارتين (2) بين الرجلين إذ لا ضرر في تفريقهما.
وقال ابن حبيب: لا تُقسم الغرارتان (3) وجعلهما كالخرج ولا تُقسم الخشبة
ولا الثوب الواحد.
ومن المجموعة قال ابن وهب عن مالك: في العبد وشبهه بين الرجلين أن من دعا
إلى بيعه أجبر عليه من أباه أو يتقاويانه إلا أن يريد من كره البيع أن يأخذ
ذلك بما يُعطى به. قال عنه ابن القاسم: فإن أبى أحدهما إلا المقاواة وأراد
الآخر البيع قال: فليبع الآخر معه، وإن أحب أن يأخذه بما أعطى أخذ وإلا
باع. وقال غيره: إن قال بعضهم نتزايد عليه وقال بعضهم بل يقومه بيننا أهل
المعرفة والعدل ومن دعا إلى المزايدة فذلك له. قال ابن حبيب: إن دعا إلى
البيع وطلب الباقون بقاءه على الشركة حُكم بالبيع لطالبه ولا تلزم المقاواة
واحداً منهم، وإن دعا [إليها بعضهم حتى يجتمعوا/ على الرِّضى] (4) وإن دعا
بعضهم إلى البيع وبعضهم إلى المقاواة أُجبر على البيع من أباه.
__________
(1) في الأصل، ما لا يصلح في القطع بالسقي وذلك سهو من الناسخ.
(2) الغرارة: الجُوالق وعو العدل من الصوف.
(3) في الأصل، لا تقسم الغرارتين وذلك خطأ واضح.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(11/231)
في قسمة الزرع والثمار والطعام
والمصبر، واللبن في الضروع
وغير الطعام مما يوزن أو يكال
ومن العتبية (1) والمجموعة قال أشهب عن مالك: لا بأس بقسم جميع الثمار
بالخرص من نخل وعنبٍ وتين وغير ذلك إن وجد من يحسن ذلك وطاب وحل بيعُه قيل:
فما يدعوهم إلى اقتسامه؟ قال: اختلاف حاجتهم من بين آكل رطباً وبائعه أو
آكل تمراً وبائع رطباً.
قال ابن عبدوس: ولا تجوز قسمته إذا أثمر.
ومن الواضحة قال: كل ما لا يجوز فيه التفاضل من الطعام فلا يُقسم بالتحري
لا زرعاً ولا حصيداً ولا ذرياً ولا مُصبراً ولا زيتوناً يابساً في شجر ولا
منثوراً ولا عنباً في كرومه ولا مجموعاً ولا تيناً يابساً ولا رطباً إلا
كيلاً أو وزناً فيما يوزن أو عدداً إلا مُدَّخر الثمار إذا بدا صلاحه
واختلفت الحاجة فيه فيُقسم بالخرص، قاله مالك وأصحابه ومطرف وابن الماجشون
إلا ابن القاسم فلم يجزه إلا في النخل والعنب.
ومن المجموعة قال ابن الماجشون: أجاز أصحابنا قُسم الثمار التي يستعجلها
أهلها بالخرص من التمر والعنب والتي تُخرص، وكره مالكٌ قسم الثمار الكثيرة
جداً لأنه مما لا تُنال عجلته كله ولا تختلف منه الحاجة إلا في الشيء/
الخفيف. قال ابن القاسم وأشهب: ولهما قسم البلح الكبير على الخرص والتعديل.
قال ابن القاسم: إذا أراد أحدهما بيعه والآخر أكله، وأنكره سحنون ولم يره
اختلاف حاجةٍ لأن الذي يبيعُ يجذ، فقد اجتمعوا على الجذ لأن تركه يُبطل
القسم.
قال أشهب: إذا كان بينهما بُسرٌ ورُطب لم يجز أن يقسماها على أن يأخذ
أحدهما البسر والآخر الرطب وإن كان بالخرص، ولكن يقتسمان الرطب __________
(1) البيان والتحصيل، 12: 119.
(11/232)
ويقتسمان البُسر بالخرص، وكره ابن القاسم
قسم البقل قائماً بالخرص. قال ابن عبدوس: لأنه لا يقبض كل واحدٍ ما صار له
حتى يَجزه فصار طعاماً بطعام غير يد بيد وقد غلط من تأول عليه أنه لا يجيز
قسمه بالتحري بعد جزه- يريد أو قبله- وليس هذا مذهبه وهو يُجوز قِسمة اللحم
والخبز بالتحري فكيف بما يجوز فيه التفاضل، وقد جوز قسم البلح الصغير في
النخل تحرياً. قال ابن حبيب: ويجوز قسمُ الكتان قائماً لم يُجمع وحُزماً قد
جُمع قبل إدخاله الماء وبعد إخراجه وقبل نفضه وبعد نفضه على التعديل
والتحري أو الرضى بالتفاضل.
وذكر ابن سحنون عن أبيه: في قسم الكتان قبل أن يُعمل وقد حُصد وفي رؤوسه
زريعة [أو عُزلت منه قال: لا يُقسم كان في رؤوسه زريعة] (1) أو ليس ذلك فيه
حتى يُدق ويُقسم. قال ابن المواز قال مالك: وإذا قُسم الثمن في النخل
لاختلاف الحاجة فعلى حرز الكل على القيم، وإن تفاضل الجنس الواحد في
الجودة/ قُسم كل شيء على حدة [كما تُقسم العجوة على حدة والصيحاني على
حدة،] (2) وإرادة أحدهما البيع والآخر ترك البيع اختلاف حاجة يجيزُ القسم
وإن أحبا المقاواة جاز لهما. ومن طلب القسم فذلك له.
ومن كتاب محمد والعتبية (3) والمجموعة: وإذا كان صيحانيٌ وعجوةٌ أو عنب
أحمر وأسود فلا بأس أن يُجمعا في القسم بالخرص على تساوي الكيل فإن لم
يطوعا بذلك قُسم كل صنف على حدة.
قال ابن نافع في المجموعة: ولو قوموا ذلك فأخذه أحدُهم وأعطى للباقين ثمناً
كان أحسن وإن أبوا إلا ما قال مالك فأرجو أنه خفيف.
قال ابن القاسم: في الغنم بين الرجلين فلا يقسما (4) لبنها في الضروع إلا
أن يتبين تفضيل أحدهما الآخر على المعروف وكان إن هلكت غنمُ أحدهما رجع
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ف.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(3) البيان والتحصيل، 12: 119.
(4) في ف، فلا يقسمان.
(11/233)
على الآخر بما في يده فيجوز لأنه على الفضل
ولم يجزه أشهب وقال مثله سحنون. قال سحنون: لأنه طعامٌ بطعام غير يد بيد،
ولو حلباه قبل التفرق لجاز إذا فضل أحدهما الآخر بأمر بين. وعلة أشهب أنه
لبن بلبن متفاضلاً والتأخير وهو لا يُجوز قسمته محلوباً تحرياً فإذا فضله
فهو أحرم، وأنكر عليه هذه سحنون وقال: قد أجاز في الصبر أن يأخذ أحدهما أقل
من نصفها بأمر بينٍ ويُسلم للآخر باقيها لأنه من المعروف. قال ابن عبدوس:
فهذا يرُدُّ قوله في تفاضل اللبن معروفاً.
قال ابن القاسم: في قوم بينهم نخل أو شجر فيها نوىً على أن يأخذ هؤلاء/
نخلاً يأكلون تمرها ويأخذ الآخرون مثل ذلك بغير قسمة فلا يجوز وكذلك في لبن
غنم بينهم لأنه قسمُ لبنٍ بغير كيل وقسمة ثمرٍ قبل بُدو صلاحها وقد قال في
الغنم ما ذكرنا.
ومن كتاب ابن المواز: وكل ما يُكال من طعامٍ أو غيره فلا يُقسم تحرياً وما
لا يُمكنُ فيه إلا الوزن فيجوز قسمُه تحرياً وبيعُ بعضه ببعض تحرياً مثل
اللحم والخبز والحيتان.
قال عيسى عن ابن القاسم في العتبية (1): وذلك في الشيء القليل. وقال مثله
ابن حبيب وذكر البيض في ذلك قال: والفرق بين ما لا يمكن فيه إلا الوزن وبين
المكيل أن المكيل لا يُفقدُ ولو بالأكف وهذا فيما لا يجوز فيه التفاضل،
وأما ما يجوز التفاضل فيه من الطعام والثمار أو من العروض مثل الحناء
والقطن والمِسك والزعفران والحديد والرصاص وغيره فلا بأس باقتسامه تحرياً
على التعديل والتفضيل، ولا يجوز على الشك في تعديله كالتبادل فيه تبعاً،
وقاله مطرف وابن الماجشون ورووه عن مالك وقاله أصبغ: وبه أقول وقاله أشهب
في المجموعة: في الحِناء والمسك وغيره مما يجوز فيه التفاضل مما يكال أو
يوزن أنه يُقسم بالتحري [لأن المتقى في ذلك في الطعام التفاضل] (2). وروى
ابن المواز وابن عبدوس عن ابن __________
(1) البيان والتحصيل، 7: 449.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع وف.
(11/234)
ابن القاسم أنه لا يجوز قسمُ الحناء والكتم
والتين والنوى والكتان والمسك إلا/ كيلاً فيما يُكال ووزناً فيما يوزن إلا
أن يقتسماه على معرفة التفاضل البين فيجوز، قال ابن عبدوس: وقول ابن القاسم
أشبه (1) بالأصل وهو أحب إلي.
ومن المجموعة ذكر قول ابن القاسم: إذا قسما بلحاً صغيراً فجذ واحدٌ حصته
وترك الآخر حتى كبر البلح أنه إن كان قسماه على غير تفاضل وكان إذا كَبِرَ
لا يتفاضل فذلك جائز. قال أشهب: إذا اقتسماه صغيراً أو كبيراً فلا خير في
أن يتركاه حتى يزيد زيادة بينة أو يصير الصغير كبيراً فيُنقضُ القسمُ بذلك،
قالا: وإن تركه الآخر حتى أزهى أن من جذ يردُّ قيمة ما جذ. قال أشهب:
قيمتُه يوم جذه ليس على الرجاء والخوفِ قالا: ثم يقتسمان ذلك مع ما أزهاه.
قال ابن عبدوس قال ابن الماجشون: وإذا اشتريا ثمرةً ثم قسماها معلقةً ثم
احتجَّ أحدهما فلا يرجع بشيءٍ على شريكه وليرجع على البائع.
ومن كتاب ابن سحنون: كتب سليمان إلى سحنون: هل يُقسمُ الكتانُ قبل أن يُعمل
وقد حُصد في رؤوسه زريعة أو عزلوا منه الزريعة وأرادوا قسمه قبل أن ينقع
وقبل أن يُدق فيصير مما يوزن؟
فكتب إليه: لا يعتدل قَسمُه لنا وزريعتُه في رؤوسه أو ليست فيه حتى يُدق
فيقسم؟
في اقتسام الطعامين المختلفين أو طعام مع غيره
وقِسمة ما يوزن بالكيل أو يكال بالوزن
/من كتاب محمد ابن المواز: وإذا كان بينهما صُبرة (2) قمحٍ وصبرة شعير
والقمح أكثرهما بأمر بين فأخذ أحدهما القمح والآخر الشعير لم يجز، وقاله
ابن القاسم وأشهب في المجموعة.
__________
(1) كتبت في النسخ كلها أسعد، ولعل الصواب ما اثبتاه.
(2) الصبرة الكمية من الحبوب التي تباع معاينة وتقديراً بلا وزن وزن ولا
كيل.
(11/235)
ومن الكتابين قال ابن القاسم: وإن ترك
أحدهما نصيبه من صبرة القمح واقتسما صبرة الشعير جزافاً لم يجز، ويجوز
كيلاً وكأنه في الجُزاف خاطره فيها بما ترك له في القمح.
قال أشهب: وإن قال له: خُذ هذا الشعير ونصف القمح أو وثلثي القمح جاز، وفي
الصبرة بينهما إن قال له: خُذ ثلاثة أرباعها فجائزٌ. قال هو وابن القاسم:
أو على أن يأخذ أحدهما منها كذا وكذا ويترك باقيها للآخر فإن كان لا يشك أن
ما أخذ أقل من حقه قال أشهب: أو أكثر لا شك فجائز، وقاله ابن حبيب.
ومن المجموعة قال أشهب: في الدنانير والدراهم والفلوس لا تقسم ولا يشتري به
كيلاً وهو في الفلوس أخف منه في البيع، ولا تُقسم الفلوس موازنة.
قال ابن الماجشون: في قسم الرطب والتين والعنب أنه يُقسم على الأكثر من
شأنه في البلد من وزن أو كيلٍ وكذلك بيع بعضه ببعض مما لا يصلح فيه
التفاضل.
قال محمد بن عبد الحكم: ولا بأس أن يقسم القاضي الزيت كيلاً أو وزناً أي
ذلك شاء فعل.
في قسم الشجر لثمرها والحُلي بما فيه وفي سقي الأصول
/ومن المجموعة قال ابن القاسم: وإذا اقتسموا الأصول وفيها ثمرة قد أزهت فلا
يقتسموا الثمرة معها ثم إن قسموها كان على كل واحد سَقيُ نخله وإن كان
ثمرتها لغيره كبائع ثمر نخله، وأنكر هذا سحنون وقال: القسمُ تمييز حق
والسقي على من له التمرة كمن أوصى بالأصل لرجل وهي مُزهية أو مأبورة فالسقي
على ورثة الموصي بخلاف البيع، ولو كان حكم القسم ها هنا كالبيع لم يكن عليه
أن يسقي من التمر إلا نصف ما في نخله ونصف ما في نخل صاحبه، ولأن التمرة قد
تختلف في الخرص فيكون تمر عشر نخلات خرص نخلة واحدة فيختلف السقي والخرص
سواء وفرقٌ آخر أنه لا جائحة في القسم وهي في البيع.
(11/236)
قال ابن القاسم وأشهب: وإن كانت التمرة
بلحاً أو طلحاً فأراد قِسمتها مع النخل فلا يفعلا إلا أن يجذاه.
قال أشهب: أو يُقسم ذلك مع النخل على الجذ فيجوز ما لم يبلغ أن يكون طعاماً
أو يبلغ أن يكون بلحاً قد احلولى فلا يجوز لامتناع التفاضل فيه. قال ابن
القاسم: تُقسم الرقاب ويُترك البلحُ والطلعُ، وأنكر سحنون ذكره للطلع وقال:
إذا لم يُؤبر لم يُجز قسمتُها. قال ابن حبيب: لا تجوز قسمة الحُلي إلا
وزناً حُلياً مُركباً فيه الجوهر مرصعاً منظوماً فلا بأس بقسمته إذا عُدِلَ
بالقيمة وكان ما فيه من الذهب والورق تبعٌ لما فيه من جوهر/ ولؤلؤ فيعتدل
بالقيمة ويُقسمُ بالسهم أو يُقسم على المراضاة على التعديل كالتاج والسواجر
(1) والخواتم والأخلة (2) وشبهه مما لا ينزع فيه إلا بنقضه، وأما إن كان
ذهبه [أكثر من الثلث أو كان جوهره نظماً فلا يجوز قسمه بالقيمة، وإن كان
ذهبه] (3) تبعاً حتى يميز فيُقسمُ ذهبُه وزناً وجوهره بالقيمة.
في التهابي (4) في قسم الغلات والسكنى والخدمة وقسمة الدين
من المجموعة قال ابن القاسم عن مالك: في عبد بين رجلين فيقول أحدهما للآخر
دعني أكريه هذا الشهر وآخذ كراءه وتكريه أنت في الشهر الآخر فلا يعجبني
وسهَّله في الخدمة.
__________
(1) في ف والسوارين.
(2) في ف والأكاليل.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ف.
(4) التهابي مخففة من التهايؤ وهو اصطلاح فقهي يراد به التوافق بين جماعة
على كيفية استغلال شيء يملكونه جميعاً كأن تكون الدار بين شخصين فيقع
الاتفاق على أن يسكنها هذا مدة وهذا مدة أو تكون بينهما أرض فيقع الاتفاق
على أن يزرع هذا ناحية وهذا ناحية ويقال لهذه الموافقة أيضاً المهايأة
بتحقيق الهمزة والمهاياة بتخفيفها من هايأته وهابيته وقد سبق التعريف بذلك
في مكان آخر من هذا الكتاب.
(11/237)
ومن كتاب محمد قال مالك: في الدابة بينهما
لم يجز أن يقول ما كسبت اليوم فلي وما كسبت غداً فلك وكذلك العبد. وإن قال
اختدمه أنت اليوم وأنا غداً كان جائزاً وكذلك أنا شهراً وأنت شهراً. قال
محمد: إنما يجوز في الخدمة مثل خمسة أيام فأقل ولا يجوز في الكسب ولا يوم
واحد. وقد سهل مالك في اليوم الواحد وكرهه في أكثر منه وأجازه في الخدمة.
قال ابن عبدوس قال ابن القاسم: وإن تهايوا في دور أو أرض على أن يسكن كل
واحد أو يزرع ناحية فذلك جائز في السكنى والزراعة ولا يجوز في الغلة
والكراء قال: ولا يجوز ذلك في خدمة العبيد إلا في أجل قريب كالشهر وأكثر
منه وما أشبهه، ولا يجوز/ فيما بعد، وأما الدور والأرضون وما هو مأمون
فيجوز التهابي فيه السنين المعلومة والأجل البعيد ككرائها، وليس لأحدهما
فسخُه بعد ذلك. قال ابن حبيب: وتجوز قسمة الدين إذا كان على رجل واحد كان
الغريم حاضراً أو غائباً.
في الشركاء يريد أحدهم القسم هل يبعث القاضي في ذلك؟
وكيف إن كان فيهم غائب أو صغير؟
من كتاب ابن سحنون قال: وإذا سأل الورثة القاضي أن يقسم بينهم ربعاً ورثوه
فلا يأمر بذلك حتى يثبت عنده بينة بملكهم لذلك أو ميراثهم إياه، وإن كان
منهم غائب وكل له من يأخذ له حقه. وذكر ابن حبيب مثله. وقال سحنون وابن
حبيب نحوه: أن القاضي لا يأمر بقسم ذلك حتى يثبت عنده أن ذلك مِلك لوليهم
ملك عنه أو كان ساكناً كما يسكن في مِلكه حتى هلك عنده وثبت عنده عدد
ورثته، وإن كانت قريةً فحتى يأتوه ببينة تثبت حدودها وتسميتها ومساحتها
وأنهم يعرفون ذلك ملكاً للهالك أو في يديه وحوزه حتى هلك، وليوكل للصغير
منهم أو للغائب من يقوم مقامه وإذا كانوا كلهم أكابر حضوراً فليس عليه أن
يبعث لذلك قاسماً وليأخذوا هؤلاء لا بقسمهم قاسماً إلا أن يدعو إليه بعضهم
(11/238)
ويأباه بعضهم فيقضي بالقسم ويأمر به أو
يكون فيهم صغير أو غائب. قال ابن حبيب: وهو/ كله منهاج مالك.
قال أشهب في المجموعة: وإن كان أحدهم غائباً فاقتسموا بغير أمر السلطان ولم
يقسموا للغائب على أن حظه مفترق عندهم لم يجز ذلك إذ له إذا جاء جمعُ حقه.
قال ابن القاسم عن مالك: ولا يقسم الوصي للكبير الغائب وليرفع ذلك إلى
السلطان ليلي ذلك للغائب. قال أشهب: يتخذ لمصابته وكيلاً يقوم له فيه وإن
لم يجد ذلك إلا بأجرة، وكذلك من مات عن أطفال ولا وصي لهم فإن لم يجد أن
يتخذ لهم وصياً إلا بجعل اتخذه لهم، وإن كان للأصاغر وصي ورأى الإمام أن
يوليه ما كان للكبير الغائب فذلك جائز. قال ابن القاسم وأشهب: وإن قاسم
الوصي للغائب بغير أمر السلطان لم يجز عليه، قال أشهب: وهو بالخيار إذا قدم
في إجازة ذلك أو رده، فإن أجازه فقال الوصي لا أرضى فليس ذلك له، وقد أخطأ
الوصي فيما فعل من القسم وهذا في الرباع والعروض والحيوان والثياب وكل ما
يعرف بعينه (1).
قال ابن القاسم عن مالك: وإن كان الورثة صغاراً كلهم فلا يُقسمُ بينهم
مالُهم إلا بالسلطان إن رآه خيراً لهم.
قال أشهب: إذا لم يدخل به الوصي عليهم مرفقاً فلا أحب أن يقسمه فإن فعل
رأيتُه ماضياً وإن لم يكن بأمر سلطان، وإن كان لبعضهم فيه مرفق أو لجميعهم
مثل أن يكون أعمر لبعضهم أو منهم من بلغ أن يحوط ماشيته فيقسم لهم إذا خاف
أن يتواكلوا أو يكون منه صغيرٌ يريد/ أن يتجر بماله له أو يضارب به لضعفه
عنه وما هلك لأحدهم فهو منه وليس شيءٌ من ذلك أحب إلى أن يطالع فيه الإمام
مثل الرباع ولأنه لا يبيع الوصي الرباع إلا بأمر الإمام.
__________
(1) في الأصل وكل ما يتعمد بقيته وفي ف وكل ما يتعمد بيعه وما رجحناه مأخوذ
من ع لوضوحه وانسجامه مع الموضوع.
(11/239)
وقال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون: أن
مالكاً وغيره أجازوا في الأصاغر لا أباً لهم ولا وصيَّ ولهم أم أو أخٌ
رشيدٌ أو غيره ممن احتسب فهم من الأجنبيين فقام بولايتهم وكنفهم بغير تولية
سلطان أنه يجوز له فيهم وعليهم ما يجوز للوصي على من أوصى بهم إليه من
مقاسمة أو بيع أو ابتياع أو صلح أو تزويج أو تزكية مالٍ أو تضمينه أو حيازة
صدقة منه أو من غيره بمنزلة الوصي في جميع ذلك، وقال به أصبغ وقاله ابن
القاسم: فيمن يلي اللقيط وكذلك من ولي يتيماً فاكتنفه لقرابة أو لحسبة فهو
له كالوصي.
قال ابن القاسم عن مالك: إن صاحب الشُّرط إن كان عدلاً فمقاسمتُه على
الصغار جائزة. وفيما ذكر ابن حبيب من هذا ما المعروف خلافه.
في التداعي في القسمِ وفي الغلطِ فيه
وكيف إن وجد أحدهم في حظه ماجلاً أو بئراً
أو عمداً عافية أو كنزاً
أو ظهر في القسم غلط
من العتبية (1) ابن القاسم عن مالك: في الشريكين في الدار يدعي أحدهما أن
شريكه قاسمه والآخر ينكر؟ قال: على مدعي القسم البينة. قال ابن حبيب: وإن
قسما على مراضاة أو تساهمٍ/ ثم اختلفا في بيت فادعاه كلاهما أو في حد من
حدودها فإن لم تقم بينة تحالفا فإن نكلا أو حلفا تفاسخا، وإن نكل واحدٌ
فالقول قول الحالف. قال ابن عبدوس عن ابن القاسم: فإن قسما عشرة أثواب فأخذ
أحدهما أربعة والآخر ستة ثم ادعى آخذ الأربعة أن ثوباً من الستة له وكذبه
الآخر فالقول قول الحائز مع يمينه إذا أشبه، وقال أشهب: يتحالفان
ويتفاسخان. قال ابن عبدوس: يقتسمان هذا الثوب المختلف فيه بينهما نصفين بعد
أيمانهما، [واختار سحنون قول ابن القاسم] (2).
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 111.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(11/240)
ومن العتبية (1) من سماع عيسى عن ابن
القاسم: وإذا قسم ورثة منزلاً فغاب بعضُهم وعمَّر الباقون ثم قدم الغائب
بعد مدة فاشتبهت عليهم حقوقُهم وقال الحاضرون لا نعرف سهامهم [فليحلف
الحاضرون أن الذين عمروا سهامهم] (2) ولا شيء لهم ويعيد الذين اشتبهت عليهم
سهامهم القسمة بينهم قال: وإذا كان حظ أحدهم في يد أخيه عشرين سنة ونحوها
فمات صاحب السهم فقام فيه بنوه أو قام هو ولمنزل يُعرف أنه من تركة أبيهم
قال: إن ادعى اشتراءً أو صدقة فذلك له أقام بينةً أو لم يقم لأن في عشرين
سنة ما يبيد الشهود، وإن لم يدع شراءً ولا صدقة إلا قوله هو بيدي فلا ينتفع
بذلك ولو قال ورثتُه: لا ندري بماذا هو في يديه فلا شيء عليهم إلا أن يأتي
المدعون بأمر يتبين به حقوقهم.
ومن كتاب ابن حبيب: وإذا ادعى/ أحدهم الغلط بعد القسم فإن قسموا بالتراضي
بلا سهم وهم جائزو الأمور فلا يُنظر إلى دعوى ذلك وإن كان الغلط ببينة أو
بغير ذلك من الأمور الظاهرة لأنه كبيع التساوم يلزمه فيه التغابن، وإن
قسموا بالسهم على تعديل القيمة فلا يُقبل قولُه إلا ببينة أو يتفاحش فيه
الغلط فتُرد القسمةُ كبيع المرابحة وتعاد القسمة ولا تُعدل على أن يبقوا
على سهامهم ولكن يُقسم ثانية ولو لم يكن الغلط إلا في نصيبٍ واحد وقع عنده
زيادةً لفسخ القسم، فإن فات نصيبه بالبناء فيرجع عليه من بعض سهمه بقيمة
ذلك مالاً، ولو فات ببيع فإن لم يكن المبتاع بنى أيضاً نقض بيعه ورُدت
القسمة، فإن بنى المبتاع رجع الناقض سهمه على البائع بقيمة ذلك مالاً فإن
لم يجد عنده شيئاً رجع به على المشتري مالاً أيضاً ورجع به المشتري على
البائع في ذمته، وإن بنى الذي لم تقع الزيادة في سهمه ولم يبن الذي عنده
الزيادة انتقض القسم فيما لم يُبن من السهام وفي السهم الذي فيه الزيادة،
وما فات بالبناء مما لم يقع فيه الغلط ماضياً لصاحبه، هكذا فسر لي مطرفٌ
وابن الماجشون وأصبغ.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 130.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(11/241)
ومن العتبية (1) من سماع يحيى عن البن
القاسم: وعن المقتسمين يجد أحدهما في نصيبه جُباً أو بئراً (2) قال: للآخر
فيه حظه ويعاوده القسم إن لم يفت، فإن فات ببناء فله قيمة نصف ذلك كبيوت
وجدها أسفل بيوت/ لم يعلم بها.
وقال سحنون: إذا وجد أحدهم في نصيبه بئراً عاديةً فهي له دون الآخر. وقال
مثله ابنُ حبيب وقال: وكذلك إن وجد عُمداً أو صخراً، وكذلك المشتري يجد مثل
ذلك أو الشريك، وقاله أصبغ. وفيما كتب سحنون إلى شجرة: إن كل ما وجد أحدُهم
من القديم ليس من تركة الميت من ماجل أو بئر مطوية أو عُمُدٍ من آبار
الأولين فهو لمن وجده وليس للآخرين عليه شيء وكذلك ما يجده المبتاع، وأما
ما وجد من كنز ذهب أو فضة أو متاع أو نحاس من آثار الأولين فله حُكم الكنز
إن كانت من أرض العرب فهو لمن وجده وإن كانت عنوةً فهو إن افتتحها وهم لا
يعرفون فيكون لمساكين أهل تلك البلدة وإن كانت صُلحاً فهو للذين صالحوا
عليها. وقال ابن نافع: الكنز كله لمن وجده.
ومن العتبية (3) من سماع أشهب: وعن قوم ورثوا أرضاً عفاءً لا ماء فيها
فاقتسموها وباع كل واحد نصيبه وأقام المشترون نحو أربعين سنة كذلك وقد
اغترسوا ومنهم من اشترى ماءً فساقه ومنهم من اكتراه ثم باع أحدهم فقال
المشتري لمن يمر عليه بمائه لا أدعك تمر به عليَّ، وقال الذي يمر به هذا
الماء لم يزل هكذا الماء منذ أربعين سنة قال مالك: فليدعُهم (4) القاضي
بأصل القسم فإن أتوا به عمل عليه وإن لم يكن إلا ما هم عليه أقروا على ذلك،
ولم يكن له أن يمنعه، أرأيت البائع لو خالفهم الآن؟ ما أرى أمثل من أن
يقروا/ على ما هُم عليه إذا لم يكن قسمٌ يُعرف.
__________
(1) لم يتيسر ربط النص بأصله.
(2) هذه الكلمة كتبت في الأصل وع على شكل (لنا) وآثرنا كتابتها على ما هو
عليه في ف.
(3) لم يتيسر ربط النص بأصله.
(4) في الأصل فليدعوهم القاضي وذلك سهو من الناسخ.
(11/242)
فيما يُستحق بعد القسم أو يظهر به عيبٌ
من العتبية (1) والمجموعة روى أشهب عن مالك: في ثلاثة إخوة ورثوا ثلاثة
أعبُدٍ فاقتسموهم فأخذ كل واحد عبداً فمات عبد أحدهم واعترف عبد الآخر فمن
مات ببده العبد فلا يرجع بشيء ولا يُرجع عليه بشيء ويرجع الذي استحق في
يديه العبد على أخيه الذي بقي عبده فيكون له ثلثه وللذي هو بيده ثُلثُاه،
ولو مات أيضاً هذا العبد لم يرجع على من كان بيده بشيء، قال أشهب في
المجموعة: ولو كانت القسمة كالبيع لم يرجع من يستحق من يديه على من مات
بيده بثلث قيمته ولكن ليس كالبيع.
قال سحنون عن ابن القاسم في المجموعة والعتبية (2): فإن كان العبد المستحق
رجع فيه بثمن على بائعه لما استحق قال: ثلثا ذلك الثمن وثلث العبد الباقي
للمستحق منه وثلث الثمن وثلثا العبد الباقي للذي العبد في يديه. وقاله
سحنون.
قال ابن عبدوس: تفسير هذا عندي على مذهب ابن القاسم فيما أوجب من الضمان
بالقسمة إنما ذلك إذا كان ما رجعوا به من الثمن على بائع العبد مثل قيمة
العبد المستحق يوم اقتسموا، فإن كان أكثر مما زاد على ذلك رجع فيه الذي مات
عبده في يديه بثلثه وأما مقداره من الثمن فلا حجة له فيه لأن مصيبته منه/
ولو لم يمت منهم أحد حتى استحق أحدهم فالمستحق مخيرٌ في أن يجيز البيع
ويرجع بالثمن على البائع وتمضي القسمة، وإن شاء أخذ عبده ورجع الإخوة
بالثمن فقسموه بينهم أثلاثاً ورجع المستحق منه العبد على إخوته فكان شريكاً
لهم بثلث كل عبد وليس له أن يأخذ الثمن ويسلم لهما العبدين ولا لهما ذلك إن
طلباه.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 125.
(2) البيان والتحصيل، 12: 84.
(11/243)
وهذا على مذهب ابن القاسم الذي يُضمن
بالقسم من مات عبدُه في يديه وأما من لا يُضمنه فقد مات العبد وثلثُه
للمستحق منه العبدُ الآخر فمنه ضمانه وثلثاه من الذي مات العبد في يديه
ثلثٌ هو له وثلثٌ عاوض به الذي بقي العبد في يديه، لأن القسمة بين هذين قد
تمت وبينه وبين المستحق منه قد انتقضت فيكون الثمن بينهم أثلاثاً وللمستحق
منه ثلثُ العبد الباقي هذا على هذا الأصل، ابن القاسم: وإذا اقتسم رجلان
عبدين فأخذ كل واحد عبداً ثم استُحق عبدُ أحدهما أنه كالبيع فليرجع [بنصف
العبد الآخر فإن تغير في سوق أو بدن أو بيع رجع] (1) بنصف قيمته وكذلك ما
يفوت بهدم أو بناء.
قال سحنون: فأوجب على كل واحد ضمان ما بيده، وهذا خلاف أصل مالكٍ في الأعبد
الثلاثة، والقسمُ بخلاف البيع، ألا ترى أنه لو طرأ دين لم يضمن من مات
عبدُه في يديه.
قال ابن عبدوس: أرأيت لما استحق عبد هذا فأوجبت له أن يرجع على الذي مات
العبدُ في يديه ثم طرأ دينٌ ما أنت صانعٌ؟ فإن أمرتَ أخذ/ نصف القيمة أن
يُعطيه في الدين فقد ضمنت من مات عبدٌ في يديه لرب الدين وأصلك أن لا يُضمن
من مات بيده لأهل الدين وإن لم يرجع رب الدين على أخذ نصف القيمة كنت قد
ورثت مع قيام الدين [أرأيت لو أدركه من الدين دينارٌ وقيمةُ العبد مائة؟
فإن أرجعت طالب الدين على الذي رجع على أخيه فقد ضمنت من مات بيده لرب
الدين وإن لم ترجعه كنت قد ورثت مع قيام الدين] (2) وإن أسقطت بلحوق هذا
الدين الرجوع للأخ على أخيه بشيء فهو أشنع في القول، ولو كان القسم بيعاً
لكان لمستحق العبد أن يجيز البيع في نصفه ويأخذ نصف الآخر [وإن وجد عبده قد
مات كان له أخذ نصف الآخر] (3) لأنه ثمن نصف عبده، وكله قول أشهب وسحنون ثم
اختلفا فيما أحدث أحدهما بفعله هل هو __________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع وف.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع وف.
(11/244)
فوتٌ؟ فقال أشهب: إذا استُحق عبدُ أحدهما
رجع على شريكه فيما أخذ ولا يفيت ذلك حوالة سوق أو بدن وأما إن باع أو دبر
أو كاتب أو بنى أو هدم أو حبس فذلك فوت يوجب عليه القيمة يوم القسم.
قال ابن عبدوس: ويدخل في هذا على أشهب ما ذكرنا في الفوت (1) يقال له: فلو
ذهبت يده بعد القسم ثم أعتقه فأوجبتُ عليه قيمته صحيحاً يوم القسم وهو مائة
وقيمته يوم العتق خمسون فأغرمتُه مائة فقد ضمنته ما لم يكن له في تلفه فعلٌ
فإن قال ضمنته يوم القسم لأن التسليط بالقسم وقع/ قيل: فقد كان التسليط
موجوداً والضمان مرتفعاً فإنما وقع الضمان بالعتق، فأما سحنون فإنما
يُضمنُه قيمته يوم العتق.
قال سحنون: فإن باع أحدهما عبده واستحق عبد الآخر كان الثمن بينهما ولو
كانت أمة فاتخذها أم ولد فإنما يضمنه قيمتها يوم حملت، وعند أشهب: قيمتُها
يوم قاسم، وأما إن وهب أو حبس فعلى أصل سحنون تجوز الهبة في نصيبه لا في
نصيب شريكه ويأخذ شريكه نصيبه من الموهوب، وإن كان مما يُقسمُ قاسمه، وفي
قول أشهب: يضمن لأخيه نصف قيمته يوم قاسم، وإن أُعتق، فقال أشهب أيضاً: نصف
قيمته يوم قاسم، وعلى أصل سحنون يعتق نصيبه ويقوم عليه نصيب شريكه بقيمته
يوم التقويم إن كان ملياً وأما إن كان ما بينا فينا (2) فقال ابن القاسم
وأشهب وابن كنانة: يضمن نصف قيمة ما قبض.
قال سحنون: ليس هذا أصل القسم وينبغي على أصل القسم إن شاركه في قاعة ما
بناه ثم يتعاملان في البناء على حديث حميد بن قيس في الاستحقاق. قال سحنون:
والهدم في القسم ليس بفوت. وقد قال ابن القاسم: في الموصى له بالثلث يأخذ
ثلث دور الميت مُقاسمةً ثم استُحق ما بيده فرجع على الورثة وقد هدموا أن له
ثلث ذلك مهدوماً فهذا هو أصلٌ جيد قيل له فلو قسما خشباً __________
(1) في الأصل، في القوت وما أثبتناه مأخوذ من ع وف.
(2) كذا في النسخ كلها ولم يتبين لنا المقصود من ذلك.
(11/245)
فعمل أحدهما باباً بنصيبه قال: قد قال
مالكٌ فيمن ابتاع غزلاً فنسجه ثم فلس أن النسج ليس بفوت. وبلغني عن سحنون
أن/ الطحين ليس بفوت في القسم فكذلك ينبغي في الخشب وقال: إذا اعتل العبد
ثم استحق عبد الآخر أنه يرجع في العبد الآخر وفي غلته؟ فقلت مثل المطلقة
قبل البناء تقتل عبداً أصدقها فسكت وقال بعد ذلك: قد اختلفوا فيه.
قال ابن عبدوس: فأما غلةُ العبد المستحق فإن كان بيد أبيهما بغصب أو بهبة
غاصب فعليه للمستحق وإن كان بشراء فالمستحق من يده مخيرٌ إن شاء تماسك بما
بيده من الغلة ولم يرجع على أخيه بشيء ولا رجع عليه أخوه بشيءٍ، وإن شاء رد
الغلة فكانت مع العبد الباقي وعليه الباقي بينهما نصفين.
ومن الواضحة: إذا اقتسم الشريكان داراً وأرضاً أو غيرها فاستُحق بعض ما بيد
أحدهما فإن كان أقل ما بيده رجع بقيمة ما قابله مما بيد الآخر كان قائماً
أو فائتاً، وإن كان وجه ما بيده في فضله أو كثرته انفسخت القسمة في
النصيبين وعادا في الجميع شريكين إلا أن يفوت ما بيد صاحبه ببيع أو بناء أو
هدمٍ أو صدقةٍ أو إصداق فيرجع عليه بنصف قيمة ذلك ويكون ما بقي من النصيب
المستحق بعضه إن لم يفت بينهما فإن فات اقتسما قيمته بينهما، وإن اقتسما
عبدين فاستُحق نصفُ أحدهما فليرجع ما ستُحق من يده على شريكه بربع قيمة
العبد الآخر.
من العتبية (1) من سماع عيسى عن ابن القاسم: في شريكين اقتسما عشرة أرؤسٍ
فأخذ كل واحد خمسةً وأعطى أحدهما للآخر ديناراً ونصفاً فضله به –يريد/ بلا
سهم- فوجد صاحب الذي أخذ الدينار ونصفاً عيباً برأس واحد فإن لم يفت رقيق
الآخر نظر ما المعيبُ مما بيد هذا من العبيد فإن كان سُدسهم كان المعيب
بينهما نصفين وسُدسُ الدينار ونصف بينهما نصفين ويرجع على شريكه بنصف سدس
ما بيده يكون به شريكاً له، فإن فات ما بيد شريكه رجع __________
(1) البيان والتحصيل، 12: 126.
(11/246)
عليه بنصف قيمة سدسهم وقاصه في ذلك بنصف
سُدس الدينار ونصف ويبقى المعيب بينهما، وإن كان المعيب وجه الخمسة أرؤُس
وفيه يرجأ الفضلُ انتقضتِ القسمة كلها وأعادوا القسم إن لم يفت نصيب الآخر
وإن فاتوا في سوق أو بدن كان عليه قيمتهم يوم القسم.
وقال يحيى بن يحيى: أخبرني من أرضى أن ابن الماجشون قال: إن اقتسموا دوراً
وأرضاً –يريد بالسهم- ثم استحق بعضُ ما في أيديهم أو وجدوا ببعضه عيباً فإن
القسم يُعادُ بينهم، وإن كان قسموا على المراضاة فإنما هو عيب دخل عليه
ينظر فيه بما ينظر في الشراء لأن قسمة التراضي كالبيع. قال ابن حبيب: وإذا
وجد أحدهم عيباً بعد القسم فإن كان المعيب ليس وجه نصيبه مضى القسم وإن لم
يفت ما بأيديهم ويكون المعيب بينهما ويرد الآخر ما قابل ذلك بالقيمة فيكون
أيضاً بينهما. وإن كان المعيب وجه نصيبه انفسخت القسمة في النصيبين
واستأنفا القسم إلا أن يفوت ما بيد الآخر فيرد قيمته فيكون مع المعيب
بينهما. وإن فات بعضه رد قيمة ما فات/ فكان ذلك مع ما لم يفت بينهما وكذلك
بعض النصيب الذي وجد فيه العيب رد قيمة نصف ما فات منه لصاحبه، واختلاف
الأسواق عند مالكٍ في ذلك فوتٌ في جميع الأشياء إلا في الدور والأرضين.
قول ابن حبيب في فوت المعيب باختلاف الأسواق ليس بقول مالكٍ وإنما هو فوتٌ
في عوضه والعوض في القسم أقامه ابن حبيب مقام البيوع وقد اختُلف فيه.
ومن كتاب ابن عبدوس قال ابن القاسم: في رجلين اقتسما داراً فبنى أحدهما
حصته ثم اطلع على عيب أن البناء فوتٌ قال سحنون: لم يحمله محمل البيع ولا
محمل القسم كأنه يقول ليس البناء فوتاً إذا اطلع على عيب ولكن يكون شريكاً
بالبناء وتكون الدار بينهما وهو يقول إن صبغ المبتاعُ الثوب ثم ظهر له عيبٌ
فله رده ويكون شريكاً بالصبغ- يريد إن زاده.
(11/247)
قال ابن القاسم: وإن قسما حنطة ثم اطلع على
عيب فليُرد قيمتها. وقال أشهب: يرد مثلها ثم يقتسمان ذلك وحصة الآخر نصفين.
وبلغني أن سحنوناً قال: يكون شريكاً بقيمة الطحين في الدقيق ويكون ما بقي
وحصة الآخر بينهما.
في الدين يطرأ على الميت بعد القسم
أو موصى له يأتي بعد القسم
من المجموعة قال سحنون: في الورثة يقتسمون ثم يطرأ على الميت دينٌ علموا
أنه حين القسم أو جهلوه، فقال ابن القاسم وأشهب: يقال لهم اتفقوا على قضاء
الدين وأقروا القسمة، فإن أبوا/ أو أبى أحدٌ منهم رُد القسمُ وبيع من
التركة بقدر الدين وقُسم ما بقي. قال سحنون: لا تنتقض القسمة بلحوق الدين.
قال ابن عبدوس: ولا أحفظ عنه أكثر من هذا، وسمعتُ عنه تفسيراً في مسألتهما
في إقرار أحدهما بدينٍ أنه يحلف معه الطالب إن كان عدلاً ويثبت الدينُ فإن
أبى المقر أن يُخرج ما نابه من الدين قيل لغيره أخرجوا ما نابكم منه ثم
يباع على المقر نصيبه مما ينوبه من الدين.
قال سحنون: إذا ثبت الدينُ بيمين الطالب معه أو ببينة غيره لم يبطل القسم
وهو تمييز حق ليس ببيع فالدين شائع في جميع ما بأيديهم مدخلاً واحداً بقدر
حصته من الميراث، فإن كان الدينُ يغترق نصف التركة بيع من نصيب كل واحد نصف
حقه للدين ويتم القسمُ فيما بقي كاستحقاق نصف أنصبائهم ولا يُقضى الدينُ
على قدر سهام المواريث بل على قدر قيمة ما بيد كل واحد يوم البيع للدين،
فما وقع من الدين على كل واحد يتوظف على قيمة ما بأيديهم اليوم بيع مما
بيده بقدره ولكل واحد أن يفتك ما يباع عليه بأداء ما ينوبه. وإذا كان في
البيع من نصيب كل واحد ضررٌ على طالب الدين لطوله أو لأن بعض ما بيد أحدهم
أحضر ثمناً فليبع ما هو أنجر له بيد أحدهم ثم يرجعه على إخوته بمقدار ما
كان ينوبه من الدين يوم قضاه.
(11/248)
وقال أشهب: وإذا كان إخوة الشاهد غيباً بما
دفع لهم في القسم والشاهد حاضر بالعبد وكان/ إذا بيع عليد عبده رجع على
إخوته فيما صار لهما بثلث ما [بقي] (1) بأيديهما وكان ذلك أحط له لغبن في
أصل القسم عليه أو لهما ما بيد إخوته فهو متهم في شهادته ولا يغرم ولا يفتك
إلا حصته يباع من عنده بقدره فأنكرها سحنون. قال ابن عبدوس: وعلى أصل سحنون
لا تهمة عليه لأنه عنده إنما يرجع عليهما بقدر ما ينوبهما من الدين من قيمة
عبديهما يوم أداء الدين، بخلاف استحقاق أحد العبيد، والفرق أنه لو مات عبد
أحدهم وغاب الآخر بعبده فبيع العبد الحاضر في الدين فلو كان كالاستحقاق
لرجع هذا في ثلث عبد الغائب وفي الدين يرجع عليه بنصفه في اتفاق قيمتها،
وقد قال أشهب: إذا كان قد أتلفوا ما بأيديهم ودى كل واحد مصابته من الدين،
فإن كان بعضهم عديماً ودى الملي جميع الدين ما بينه وبين أن يحيط بما ورث
ثم يرجع على إخوته بمصابتهم، وهذا خلاف ما قال في مسألة الوارث المقر حين
جعله فيها شريكاً لهم ولم يجعلهم ها هنا شريكاً.
وقد قال ابن القاسم: إذا جنى جانٍ على ما في يد أحد الورثة ثم طرأ دينٌ أن
الورثة يتبعون جميعاً الجاني لأنه كان لجميعهم يوم جنى عليه. قال أشهب: إن
أخذ الدين من جميع الورثة وأما إن أخذ من أحدهم فإنما يرجع هو وحده على
الذي صار له ذلك العبد بما يصيبه من العبد وله من الجناية بقدر مصابته من
العبد.
قال ابن عبدوس: هذا القول كأنه جعل/ الدين كالاستحقاق، ومذهب سحنون: أن رب
الدين يأخذه مما بيد الورثة، وإذا أخذه منهم لم يرجعوا على المجني على عبده
بشيء ولكن على الجاني بحصة ما يلحق قيمة العبد المجني إذا قضى على جميع ما
بأيديهم فيرجع المجني على عبده على الجاني بما بقي مثل أن تكون قيمة
المقتول يوم القتل خمسين وقيمة كل عبد بيد إخوته مائة والدين مائتان
__________
(1) (بقي) ساقطة من الأصل وف مثبتة من ع.
(11/249)
فبيع العبدان للدين أن الأخوين يأخذان من
الجاني أربعين وأخوهما العشرة، ولو كان كالاستحقاق لرجعوا فيه أثلاثاً.
وقال أشهب وابن القاسم: إذا طرأ الدين وقد تلف ما بيد أحدهم كان حيواناً
فماتت أو دوراً فانهدمت أو غصبها فلا شيء له ولا عليه، وإن باعه أو أتلفه
بهبة أو غيرها رجع عليه صاحب الدين بدينه ما بينه وبين ما كان صار إليه،
وأنكره سحنون.
وفي كتاب ابن حبيب: مثل ما قال أشهب: أن ما يصدقُ به يلزمه في لحوق الدين
قيمته .. قال ابن عبدوس وقال أشهب في مسألة أخرى لا يضمن الوارث إلا ما
أتلف كمن اشترى عبداً فاستحق من يديه وقد باعه أنه إنما عليه ثمنه وإن
أعتقه رد عتقه وإن وهبه لم يتبع بشيء منه. قال أشهب: فالقسمة مثل هذا
اقتسموا بسلطان أو بغير سلطان وقاله سحنون وتفسير قوله: إن كان الدين
(يَغترق) التركة فإن رب الدين يأخذ ما وجد قديماً ويأخذ ممن باع الثمن إن
لم يُحاب في البيع وليس له أن ينقضه، وقاله مالك: وإن لم يغترق الدين
التركة ولم يُحاب وليس/ معروفاً بالدين قُسم الدين على قيمة من بقيت سلعته
قائمة وعلى الجزء الذي باع به من باع فمن أدركه ملياً أخذ منه ومن كان
عديماً فليأخذ من الملي ثم يرجع الملي على المعدمين بما كان يرجع به عليهم
صاحب الدين.
ولو وهب أحدهم أو أعتق ثم طرأ دين يغترق التركة فلترد الهبة والعتق ويباعون
في الدين، وكذلك الوارث وحده يرد عتقه وإن كانت أمة اتخذها أم ولد فليتبع
بقيمتها ديناً عليه وإن لم يحط الدين بالتركة فض على جميع ما كان للإخوة ثم
يباع مما وهب بقدر منابته من الدين، وتجوز الهبة فيما بقي، وأما العتق
فيلزمه إن كان ملياً وتقوَّم عليه حصة الدين فيعتق كله وإن كان معدماً بيع
من العبد بقدر حصة الدين وعتق ما بقي.
ومن العتبية (1) والمجموعة وكتاب ابن المواز قال أشهب عن مالك: فيمن ترك
ألف دينار وعليه مائتا دينار دينٌ فباع وارثه بعض التركة فالبيع مردود. قال
__________
(1) لم يتيسر ربط النص بأصله.
(11/250)
سحنون في المجموعة: لا يعجبني والبيع تام
إن كان فيما بقي ما يؤدي الدين. وقد قال مالك: فيمن حلف بحرية رقيقه ليغصبن
حقاً عليه إلى شيء فهو من بيعهم ممنوع، فإن باعهم وقضى الدين قبل الأجل أن
بيعه تام لأن ما مر أجله برد بيعهم قد زال بالقضاء.
قال ابن عبدوس: وروى عن مالك في الورثة يبيع بعضهم من بعض بعد القسم أو
يبتاعون من غيرهم ثم يلحقه دين أن رب الدين يأخذ ما وجد/ بأيدي الورثة ولا
يأخذ ما اشترى بعضهم من بعض لأنهم ضمنوا ثمن ما باعوا به حتى يستوفي
الغريم، وإن لم يكن عندهم شيء اتبعوا به ديناً ولا يضمنون ما هلك من
الحيوان وإن كانوا قد استشفعوا به.
وروى يحيى عن ابن القاسم في العتبية (1): في الميت تنفذ وصاياه ويُقسم
مالُه فينمو أو ينقص أو يُستهلك ثم طرأ دينٌ أن وصاياه ترد من يد من أخذها
نامية أو ناقصة ولا يضمنون ما هلك بغير سببهم إلا أن يستهلكوا شيئاً أو
يكونوا اشتروا شيئاً حُوسبوا به في وصاياهم فإنهم يردون ما حوسبوا به ولهم
نماء ذلك تواه وكذلك الورثة ما أخذوا على الاقتسام فنماؤه وتواه على
الغرماء ولهم وما استهلكوا غرموا وما أخذوه بمعنى البيع فنماؤه وتواه عليهم
ولهم ويغرمون الثمن الذي كان وجب عليهم به وما قسموا من عروض يغاب عليها
فيضمنون إلا ما قامت بينة بهلاكه فلا يضمنونه.
ومن كتاب الوصايا لمحمد بن المواز: وإذا لحق دينٌ بعد القسم انتقض القسم
(قَلَّ) الدين أو كثُر إلا أن يتفقوا على أدائه وما هلك مما يُعاب عليه لم
يُصدَّقوا إلا ببينة ولا يضمنون ما لا يُعاب عليه ويُصدَّقون فيه. قال ابن
القاسم: لا يضمن الورثة ما مات أو نقص أصابوا في القسمة أو أخطؤوا بخلاف
البيع لو بيع من ذلك شيءٌ باعه/ وصي أو قاضٍ فاشتراه بعض الورثة لضمنه
بخلاف
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 133.
(11/251)
القسم تأخر الثمن أو تقدم، ولو كانت التركة
عبداً فتقاووه فأخذه أحدهم فهو بيعٌ وهو له ضامن] (1).
ومن كتاب ابن سحنون: وكتب شجرة إلى سحنون: في الدين يُحكم به على الميت
فيأمر الحكم أن يباع لذلك من أرضه بقدره ثم يأتي وارث غائب فيقول يؤدي
الدين ويأخذ الأرض؟ فكتب إليه: إذا حضر الورثة وبدؤوا قضاء الدين فلا يباع
عليهم وإن غاب بعضهم وغيبتُه قريبةٌ كُتب إليه حتى يُعرف قوله وإن بعدت
غيبته بيع للغرماء بقدر الدين وقُسم ما بقي، ولو حضروا فقال بعضهم أقضي ما
علي ولا يباع نصيبي فإن كان فيما يبقى تمام الدين فذلك له وإن لم يكن ذلك
بيعت كلها وقُضي الدين إلا أن يفتكها الورثة بالدين.
قال ابن حبيب: ولُحُوقُ الوصية للرجل بالثلث أو للمساكين أو بعدة دنانير
بمنزلة لحوق الدين في انتقاض القسم فيما يُنقض وفي ضمان الورثة ما يضمنونه
وفي جميع ذلك.
في موصى له أو وارثٍ يطرأ على ورثة بعد القسم
وقال أشهب وابن القاسم في كتاب ابن حبيب: إذا طرأ موصى له بالثلث أو وارث
طرأ بعد القسم فإن قسموا عيناً قال أشهب: أو قمحاً أو زيتاً أو عسلاً وما
لا يُعرف بعينه؟ قالا: فإنما للقادم أن يتبع كل واحدٍ بما صار في يديه من
حقه يكون شريكاً/ لهم بذلك. قال أشهب: ولو اقتسموا عروضاً أو رقيقاً شرك كل
واحد فيما بيده إلا أن يكون لو قاسمهم إياها على اجتماعهم اجتمع له حقه في
شيء واحد أو شيئين. وأما الدور فإن كانت من الدور التي تُقسم كل واحدة على
حدة فهو مُخير بين أن يشارك كل واحد أو ينقض له القسم فيُجمع له حقه وكذلك
إن كانت مما يُجمع في القسم فهو مُخير على ما ذكرنا.
--------
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ف.
(11/252)
وقال ابن المواز: في موصى له طرأ على موصى
لهم فهو كغريم طرأ على غرماء لا يتبع المعدم إلا بما يتبع الملي إن كان أهل
الوصايا استوفوا الثلث، وإن بقي منه فضلٌ مثل وصية الطارئ رجع على الورثة
يكون فيما بأيديهم وأتبع الملي منهم بجميع ما صار إليه كغريم طرأ على ورثة
وإن كان الثلث يضيق عنه وعن الموصى لهم وقد صار إلى الورثة من الثلث شيءٌ
مثل أن يكون الثلث مائتين وخمسين ووصاياهم مائة مائة وهم ثلاثة فجاء وقد
أخذ صاحباه مائتين فإن الذي له من الثلث خمسة أسداس مائة يأخذ منها من
الورثة ثلاثة أسداس ويبقى له سدساً مائة يرجع على كل واحد بسدس مائة ولا
يتبع الملي عن المعدم.
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم على مذهب مالك: وإذا اقتسم الورثة داراً أو غير
ذلك فأقام رجل بالبينة أن الميت أوصى له بالثلث أو أنه وارث معهم فما
اقتسموا من العين فإن الموصى له بالثلث يكون شريكاً لكل واحد فيما/ صار في
يديه، وأما الدور والأرضون فإن الموصى له أو الوارث يقاسمهمحتى يُجمع له
حقه إذا كانت مما يُجمع في القسم من الدور والأرضين ولا يفرق حقه.
في الوارث يطرأ على الورثة بعد القسم
ومن المجموعة قال ابن وهب: إذا لحق بالميت ولد بعد موته فله حقه في تركته
وما أكل الورثة تبعهم به وما عُرف هلاكه لم يضمنوه وما عابوا عليه وخفي
هلاكه ضمنوا له نصيبه منه قال عنه ابن القاسم: يأخذ من كل واحد بقدر ما
بيده من ميراثه ولا يتبع الملي بما عند المعدم. قال أشهب مثله وقال: هو
بخلاف الدين إن كان ميراثه العُشر شرك هذا بعشر ما في يديه وإن باع أخذ منه
عشر الثمن وما تلف بغير سببه لم يضمنه ويضمن ما أكل أو لبس.
قال ابن المواز: قال ابن عبد الحكم: اختلف في الوارث يطرأ على الورثة فقبل
هو كغريم طرأ على غرماء لا يتبع الملي بما صار إلى المعدم وكالموصى له يطرأ
(11/253)
على الموصى لهم. قاله ابن القاسم عن مالك
ورواه وقاله أصبغ. وقال ابن عبد الحكم غير هذا، وهو قول أشهب أن الطارئ
يقاسم من وجد من الورثة ملياً ما صار إليه حتى كأنه لم يترك الميتُ غيرهما
ثم يتبعان باقي الورثة فمن أيسر دخلوا معه وساووه هكذا حتى يعتدلوا. قسم 12
قال محمد: وإن ترك امرأته وابناً فأخذت المرأة الثمن والابن ما بقي ثم طرأت
زوجة أخرى فوجدت صاحبتها عديمة/ والابن ملي فليُرجع على الابن بثلث خمس ما
صار إليه وهو جزءٌ من خمسة عشر مما في يديه لأن له أربعة عشر من ستة عشر
ولكل واحد من الزوجين سهم ثم يرجعان على الزوجة بنصف ما أخذت فكل ما وجدا
عندها من ذلك اقتسماه على خمسة عشر حتى يستوفيا. ولو قالت الطارئة لما قدمت
قد صار إلى ميراثي فيكون كقولها قد تركتُ لكما ميراثي لا حاجة لي به ويُنقض
القسمُ فيقسمان على خمسة عشر جزءاً للابن أربعة عشر ولهذه جزءٌ، ونعلم أنه
قد صار لهذه الطارئة مثل ما أخذت هذه الزوجة من الابن فيصير ذلك على ستة
عشر سهماً منقسماً على العدل.
قال ابن القاسم: ولو ترك ولدين وعبدين فأخذ كل واحد عبداً بقسمة أو بتبايع
ثم مات أحد العبدين ثم قدم أخ ثالث فالقسمة باطل ويكون العبد الباقي بينهم
أثلاثاً إن كانا اقتسما، وهذا الذي حكى محمدٌ عن ابن القاسم خلاف ما قال
سحنون وخلاف ما ذكر مما بُني عليه القسم من قول مالك في الثلاثة أعبدٍ
استُحق أحدُهم بعد القسم. قال محمد: ولو كان صار لكل واحد عبدُه بشراء من
أخيه بثمن معلوم أو من وصي أبيهما لكانت مصيبةُ نصف العبد الميت بين
الثلاثة إخوة وكانت مصيبة نصفه المشترى من مشتريه ثم يكون نصف العبد الحي
الذي وقع عليه والنصف الذي لم يقع عليه يكون الأخوان في إنفاذ بيع/ مصابتها
منه بالخيار.
وقال محمد: بل الطارئ وحده الذي له الخيار في إنفاذ بيع مصابته منه وهو سدس
العبد فإن أنفذه رجع بثمنه على من قبضه ويكون نصف الميت المشترى
(11/254)
منه مصيبته من المشترى له وحده يرجع الأخ
الطارئ بثُمن ما يستحقه من هذا النصف المباع على أخيه الذي باع ثم يكون
بالخيار في العبد الحي، فإن شاء أخذ ثلثه كله، سدس وقع عليه بيع وسدس لم
يقع عليه بيع فيرجع هذا على الذي مات العبد بيده ثلث ما كان دفع إليه في
ثمن العبد القائم.
ومن الواضحة قال: وإذا طرأ وارثٌ على ورثة بعد القسم فخلاف الدين يطرأ أو
موصى له يطرأ عليهم، فإن كان ما قسموا عيناً أو ماشية قسموها عداً لم يُنقض
القسمُ بقدوم الوارث وليرجع على كل وارث بما ينوبه مما أخذ لو كان هذا
حاضراً، وما هلك بأيديهم بفعل منه أو بموت أو بجائحة فذلك سواء وهو ممن كان
في يده ويضمن للقادم حصته منه، لأن القسم لم يُنقض ولا يتبع الملي بما على
المعدم، وإن كان ما قسموا داراً أو دوراً أو شجراً أو أرضاً أو عروضاً ما
كانت فإن القسم يُنقض لأنه لا يلزمه أن يأخذ من كل وارث حصته مما في يديه
فيتفرق عليه سهمه ويجتمع لهم ولكن يُنتقضُ القسم ويصير كل ما مات أو هلك
بغير سبب من كان في يديه من جميعهم ضمانه وما بيع أو تصدق به/ فمردود إلا
أن يقع بالقسم الثاني في سهم البائع له أو المتصدق به فيمضي للمشتري
وللمتصدق عليه. واحتج بمسألة مالك في الثلاثة أعبد يُستحق أحدهم ويموت
الآخر وقد ذكرناها وضمنه القيمة فيما لم ينتقض فيه القسم وهي مما لا يعاب
عليه.
في الميت يدع زوجة حاملاً هل يتعجل القسم؟
أو له ربعٌ قد عقد فيه كراءً
من العتبية (1) قال ابن القاسم عن مالك: في الميت يدع زوجته حاملاً هل
يُقسمُ ماله؟ قال: لا تُقسم تركتُه حتى تضع، قيل: فإن لم يعلم هل بها حملُ
أيتربص بها حتى تحيض؟ قال: ما سمعتُ. ثم سُئل عن امرأةٍ أبطأت حيضتُها
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 115.
(11/255)
قال: فلا يُقسم الميراث حتى يُتبين من
حملها قيل: حتى تستبرئ؟ قال: ليس حتى تستبرئ ولكن يستأني حتى تطهر.
قال أبو زيد عن ابن القاسم: فيمن عقد في داره كراء سنةٍ ثم مات بعد مُضي
شهر أو شهرين فأراد ورثته القسم؟ قال: الكراء ماضٍ ولهم قسمتُها ويعرف كل
واحد منهم ما يصير له إذا كان لا يضر ذلك بالمكتري ولا يضيق عليه شيئاً،
ولكل واحد أن يبني ما يصير له إن لم يضر بالمكتري وليس لهم إخراجه حتى تتم
سنته.
في أجرة القاسم وشهادته
وكيف أمر القاضي بالقسم وإنفاذُه له
من العتبية (1) قال ابن القاسم في سماعه: كره مالك ما/ جُعل للقُسام مع
القضاة في قسمهم وحسابهم، ولم يكن خارجة بن زيد ومجاهدٌ يأخذان في ذلك
أجراً. قال ابن القاسم: وذلك رأيي ولينظر الإمامُ رجلاً يرضاه بقيمة لذلك
ويجري له عطاءه مع الناس كما يُجري للقاضي وغيره ممن يحتاج إليه المسلمون.
قال ابن حبيب: إنما كرهه لأن ذلك يأخذونه من أموال اليتامى وغيرهم، وأما أن
أجرى لهم من بيت المال فلا بأس به. وكذلك كل ما يحتاج الناس إليه وفي قسم
غنائمهم.
قال: فإذا أجرى له عطاءه من بيت المال أو من الفيء لم يحل له أن يأخذ ممن
يقسم بينهم شيئاً لأنه كالقاضي المرتزق، فإن لم يُجر له رزق فلا بأس أن
يأخذ منهم، ولو قسم احتساباً كان أفضل له، وقد أجازه مالكٌ له ولكاتب
الوثيقة ويكون الأجر في ذلك على عددهم لا على أنصبائهم وأدى المأخوذ منه
المال الذي كان على يديه كواحد منهم في غُرم أجر الوثيقة لا يتوثق له ولهم،
قال مالك: وكذلك لو طلب القسم أحدُهم وأبى الآخرون فألزمه فعلى الآبي
والطالب أجرُ التقاسم سواء قال: وإذا قسم بين ورثة بأمر القاضي ثم أنفذ ذلك
القاضي وأشهد __________
(1) البيان والتحصيل، 12: 109.
(11/256)
به ثم اختلفوا أو نزع بعضُهم أو تجاوز الحق
صاحبه ولم تحفظ البينة ذلك واحتاجوا إلى شهادة القاسم فإن كان هذا الحاكم
هو أمره بذلك فشهادته وحده في ذلك جائزة إذا كان الحاكم يعلم/ ويذكر الآن
أنه أمره بذلك يومئذ فليمض شهادته وحده على ما وصف. وقاله ابن الماجشون.
وكذلك كل ما لا يباشره القاضي من الفعل والقسم والأحلاف والكتاب والنظر إلى
العيب وشبهه فمأمون مقبول القول فيه عنده لأن فعله في ذلك كفعله كانوا
مرتزقين أو غير مرتزقين.
قال ابن حبيب: وإن لم يمكن هذا الحاكم هو أمر القاسم بقسم ذلك وإنما أمره
من قد درج من الحكام أو قومٌ تراضوا على قسمه فلا يجوز فيه شهادة القاسم
أصلاً ولابد من اثنين سواه أن القاضي أمره بذلك وأنه بعد أن قسم نفذه
القاضي أو أن الورثة تراضوا به وألزموا أنفسهم قسمه بعد أن قسم وكذلك
العاقد والمحلف والكاتب والناظرُ إلى اللبيب لا تجوز شهادتهم عند غير الذي
أمرهم في الذي أمرهم فيه لا وحدهم ولا مع غيرهم بحالٍ، كما لا تجوز شهادة
القاضي المعزول فيما يذكر أنه حكم فيه لا وحده ولا مع غيره. وقاله ابن
الماجشون، وهو تفسير قول مالك.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه: وإذا شهد قاسمان على ما قسماه بأمر قاض أو
بغير أمره فإن كل إنسان ممن قسما بينهم قد استوفى في نصيبه فلا تجوز
شهادتهما لأنهما شهدا على فعل أنفسهما. قال ابن حبيب: ولا يأمر القاضي
بالقسم إلا القاسم المأمون المرضي عنده البصير بما يكلفه، فإن كان/ اثنان
فهو أفضل وإن لم يجد إلا واحداً فهو يكفي وإذا أتاه فأعلمه أنه قسم وأتاه
بصفة ما فعل جاز للقاضي قبوله منه والإشهاد عليه إذا رآه صواباً وأقر به
أكابر الورثة ولم يدعوا بشيء ينظر لهم فيه فليُنفذه على الصغير والغائب
بقول القاسم وحده، وليس بمعنى الشهادة بل هو بمعنى المعونة له على أمره،
وبعض القضاة يبعث قاسماً لا يرضى حاله ويأمره من يرضاه أن يحضر معه وهم
يجهلون أمر القسم فهذا خطأ ممن فعله، لأن من معه لا يدري صواب القاسم من
خطئه أو عدله وجوره شيئاً وإنما يشهدهم على فعله وهم لا يعلمون من ذلك غير
قوله بشهادتهم أنهم حضروا
(11/257)
القسم على ما كتب لا ينبغي ولا يقبلها
القاضي ولا ينبغي للقاضي أن يأمر القاسم المرضي أن يشهد على ما قسم حتى
يأتيه به مكتوباً وينظر فيه، فإن رآه صواباً سأل الأكابر عن عمله فإن عاضوا
فيه نظر فيه وإلا أمضاه.
في القوم يقتسمون الدار ولا يذكرون مجرى مائها
وكيف إن وقع خطأ أو غلط في القسم
من كتاب ابن حبيب: وسألتُ مطرفاً عن قوم اقتسموا داراً ومجرى مائها في
ناحية منها فصارت تلك الناحية في سهم أحدهم ولم يذكروا المجرى؟ قال: إن لم
يذكروا المجرى عند القسم/ انتقض القسم ثم يُقسم على بيان من ذكر مجرى كل
سهم أن يصطلحوا بالتراضي فيمضي القسم الأول وكذلك إن لم يذكروا باب الدار
في وقت القسم وقد وقع في نصيب أحدهم فإنه ينقض القسم ويُؤتنف على بيان أو
يشترط ذلك في أول الوقت فيمضي على الشرط إن كان لكل واحد مفتحٌ لبابه
ولمجرى مائه في نصيبه مضى ذلك وإن لم يُفسر ذلك فليؤتنف القسمُ، وقاله كله
أصبغ.
قال مطرف: وإذا ظهر في قسمة القسام للأرض غلط أو خطأ فليُفسخ القسمُ ثم
يُعاد ولا يُعدل بينهم ويقرون عليه، وكذلك لو لم يقع الغلط إلا في نصيب
أحدهم لأُعيد القسمُ ما لم يفت ذلك ببناء من الذي وقع ذلك في سهمه، فإن فات
فليرجع بقيمة ما نقص من سهمه مالاً فإن لم يبن ولكن باع فإن لم يبن المبتاع
رُد البيعُ وفُسخ القسم وإن بنى المشتري رجع المنقوص السهم على البائع
بقيمة ذلك مالاً فإن لم يجد عنده شيئاً رجع به على المشتري مالاً أيضاً
ورجع به المشتري على البائع في ذمته قلت: فلو كان غير الذي وقعت الزيادة في
سهمه بناءً؟ قال: ينتقض القسمُ فيما لم يبن وفي السهم الذي فيه الزيادة كما
فسرتُ لك، وما فات بالبناء مما لم يقع فيه الغلط ماضياً لصاحبه. وقال أصبغ
مثل ذلك كله.
تم كتاب القسم
بحمد الله وعونه وصلى الله على سيدنا محمد
(11/258)
|