النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على
سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
الجزء الثاني
من كتاب الشفعة
فيمن ابتاع شِقصاً ثم باعه أو أقال منه أو وهبه (1)
ومن المجموعة ابن القاسم عن مالك فيمن اشترى شِقصاً ثم باعه من رجل ثم باعه
الرجل الآخر وتداولته (2) أملاك فللشفيع أن يأخذ بأي صفقة شاء ويفسخ ما
بعدها، وقاله أشهب فإن أخذها من الأول كتب عُهدته عليه ودفع من ثمن الشقص
إلى الثالث ما اشتراه به لأنه يقول لا ادفع الشقص حتى أقبض ما دفعتُ ويدفع
فضلاً إن كان للأول إن فضل للثالث مما اشترى به شيءٌ رجع به على الثاني
وليس للثالث حبسه حتى يدفع إليه بقية ثمنه ثم رجع الثاني على الأول بما
اشترى به الشقص منه وإن أخذها من الثاني بعهدته عليه وثبت بيع الأول (3)
ويدفع من ثمن الشقص إلى الثالث ما اشتراه به ويدفع فضلاً إن كان إلى
الثاني، وإن فضل إلى الثالث مما اشترى به الشقص شيءٌ رجع به على الثاني،
ولا تراجع بين الثاني والأول لتمام بيعها وإن أخذها من الثالث كتب عهدته
عليه [وتمَّ ما قبل ذلك من بيع] (3).
__________
(1) تضاف إلى ع في المقابلة نسخة القرويين المسجلة في الغشاء الذي يحمل رقم
793.
(2) في الأصل، وتداولوه أملاك وآثرنا كتابة ما في ف.
(3) في ق وثبت ما تقدم من بيع الأول.
(11/159)
من المجموعة وقال غيره: وإذا اشترى شِقصاً
بمائة ثم باع نصفه بمائة فللشفيع أخذُ الشقص كله ممن اشتراه أولاً بمائة
[وإن شاء] (1) من الثاني بمائة ونصفه من الأول بخمسين.
ومن كتاب ابن المواز والمجموعة قال مالك: وإذا تقايل المتتابعان فللشفيع
الشفعة بعهدة البيع لا بعهدة الإقالة، قال أشهب: وهو استحسان كان/ المستقيل
البائع أو المبتاع والقياسُ أن يأخذ من أيهما شاء ولو قاله قائل لم أعبه.
قال مالك: فإن سلم الشفعة فالإقالة جائزة.
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: إن ريء أن التقايل منهما كان لقطع
الشفعة فالإقالة باطلٌ وللشفيع بعهدة الشراء وإن ريء أنها على وجه الصحة
وإرادة الإقالة فهو بيعٌ حادثٌ وللشفيع الشفعة بأي بيعتين شاء.
ومن كتاب ابن المواز وقاله أشهب وابن الماجشون في المجموعة وقاله مطرفٌ في
الواضحة: وإذا سلم الشفيع الشفعة ثم تقايل المتبايعان كان للشفيع أخذها
بالشفعة بعهدة الإقالة من البائع ويصير بيعاً حادثاً لزوال التهمة.
قال ابن الماجشون في المجموعة ومطرف في كتاب ابن حبيب: وكذلك ولو ولاه أو
أشرك فيه فللشفيع الشفعة بذلك.
قال أشهب في كتاب ابن المواز: ولو تقايلا بزيادة أو نقصان قبل تسليم الشفيع
فله الشفعة على أيهما شاء وكذلك لو تقايلا بعد تسليمة بالثمن نفسه.
قال ابن القاسم وأشهب في المجموعة: ومن اشترى شِقصاً له شفيع غائب فقاسم
شركاءه ثم قدم الشفيع فله رد القسمة والأخذ بالشفعة، قال أشهب: وإنه ليأخذ
بالقلب أن ليس له رد القسم لأنهم قاسموا من يجوز قسمه. وقال سحنون: يمضي
القسم ويأخذ ما صار له بشفعته. قال أشهب: ولو حبس الشقص لكان __________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع وف.
(11/160)
للشفيع ردُّه والأخذ بالشفعة، قال هو وعبد
الملك وهو في كتاب محمد: ولو باع/ [المبتاع الشقص فقال الشفيع أنا آخذ
بالشفعة من الأول وأجيز بيعه وأخذ ذلك بجائز وهو ربح ما لم يضمن قال عبد
الملك وهو بخلاف الاستحقاق. قال أشهب وهذا إذا لم يكن الشفيع أوجبها على
نفسه قبل بيع الأول وأشهد] (1) على ذلك فهو في البيع الثاني بالخيار، إن
شاء أجاز بيعه وأخذ ثمنه وإن شاء نقضه وأخذ شِقصه وليس للشفيع أن يدفع إلى
الأول ما اشتراه به إلا ما فضل عما اشتراه به الآخر اختار الشفيع الشقص أو
الثمن لا له أن يأخذه بالثمن الآخر إن كان قد أخذ أولاً بالشفعة حين بلغه
أن الآخر قد دفع.
ومن المجموعة قال سحنون: فيمن اشترى شِقصاً بنقد فباعه بدينٍ وله شفيعان
فقال أحدهما: يأخذ بالبيع الثاني وقال الآخر: يأخذ بالأول فليس ذلك لهما أن
يفرّقا الصفقة عليه.
في الشقص يباع بعرض أو بدينٍ أو يؤاجره أو يُكرى به
من المجموعة قال ابن وهب عن مالك: فيمن اشترى شِقصاً بعنبرٍ ولم يجد الشفيع
عنبراً قال: عليه قيمتُه.
ومن كتاب ابن المواز: (وإن اشتراه بحُلي جُزافاً أخذه بقيمة ذلك الحلي من
ذهب أو فضة يقوّم بخلافه) (2) فإن استُحق ذلك أو رُد بعيب رجع بقيمة الشقص
إن فات بأخذ الشفيع أو بغير ذلك، وكذلك في السبائك أو في الرصاص والنحاس
والطعام المعين وإن لم يُؤخذ الشقصُ بالشفعة ولا فات رجع فيه بعينه.
__________
(1) ما بين معقوفتين نقلناه من ف وع وهو ناقص من صورة الأصل لأنه لم يلتقط
أثناء إخراجها.
(2) كذا في الأصل والعبارة في ع، على الشكل التالي: وإن اشتراه بحلي جزافاً
من ذهب أو فضة أخذه بقيمة ذلك الحلي ويقوم بخلافه.
(11/161)
ومنه ومن كتاب ابن المواز قال مالك: فيمن
اشترى شِقصاً بثمن مؤجل/ [فليس للشفيع تعجيل قيمة الدين ولا يحتج بعدم
المبتاع ولا بغير ذلك وإن كان الشفيع عديماً لم تأخذه إلا بحميل ثقة (1).
محمد ولم يختلف فيه أصحابه قال وإن كان مليئين قال أشهب وإن لم يكن الشفيع
مثله في الملإ فليأت بحميل] (2) في مثل ثقة المشتري وملائه قال محمد: والذي
عندنا أن ليس عليه حميلً إذا كان ملياً ثقةً، وإن كان المبتاع أملأ منه ولم
يشترط، هذا في رواية ابن القاسم وأشهب عن مالك، وقاله عبد الملك كروايتهما،
وإن اتفقا في العُدم فأبى المبتاع تسليم الشفعة إلا بحميل واحتج بتفضيل
البائع عليه أو حميله لعُدمه فلا حجة له بذلك ولا حميل له وإن كان أعدم منه
فليأت بحميلٍ في مثل عُدم المبتاع أو ملائه. قال محمد: إذا كان الشفيع
عديماً فلا شفعة له إلا بحميل ثقة كان المبتاع عديماً أو لم يكن.
قال أشهب: وإذا اشتراه بثمن مؤجل بحميل أو رهنٍ فقام الشفيع وهو أملأ منه
فإن لم يجد حميلاً أو رهناً مثله فلا شفعة له إلا بمثله، ولو جاء برهن لا
يشك أن فيه وفاءً لم يقبل إلا بمثل الأول ولو كان برهن وحميل فجاء برهن ولم
يقدر على حميل فلا شفعة له قال: وأصبنا لأشهب أنه إن كان الشفيع أملأ من
الحميل ومن الغريم فله أن يأخذ بلا رهن ولا حميل.
قال محمد: والأول أولى عندنا. قال عبد الملك في الكتابين: [وإن لم يقم
الشفيع] (3) حتى حل أجل الدين ورد الثمن، قال فله من الأجل مستأنفاً مثل
أجل المشتري الأول، فإن كان/ ثقةً دفع إليه وإن لم يكن ثقةً قيل له ائت
بحميل ثقة.
وكذلك ذكر ابن حبيب عنه وعن مطرف وزاد: فإن عجز عن ثقة ولم يكن هو ثقةً قطع
السلطان شفعته، فإن وجد ثقة ما بينه وبين حلول أجل الثمن أو بعده فلا شفعة
له وذلك كعجزه عن الثمن إذا أوقفه السلطان.
__________
(1) في ع، بحميل معه والصواب ما أثبتناه من ف.
(2) ما بين معقوفتين لم تستخرجه صورة الأصل فسقط منها وقد أثبتناه من ع وف.
(11/162)
قال ابن حبيب وقال أصبغ: إذا قام بعد محل
الأجل فلا يأخذه الشفيع إلا بنقد. قال ابن حبيب: وبالأول أقول، وهو قول
مالك.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: وإن اشترى بعرض موصوف فللشفيع أخذه بقيمة
العرض إلى أجله على مثل [من] (1) هو عليه، ولا يجوز أن يأخذ ذلك قبل
معرفتهما بقيمته، محمد: وهذا غلط ولا يأخذه إلا بمثل العرض إلى أجله وإنما
تؤخذ القيمة نقداً في شرائه بعرض بعينه ولأنه إذا استحق المعين قبل قيام
الشفيع أمضى البيع، وفي الموصوف لا يُنتقض البيعُ والشفعةُ قائمةٌ، ثم ذكر
محمد عن أشهب: أنه إذا اشتراه بعرض إلى أجل فعلى الشفيع مثله إلى أجله.
ومن كتاب محمد بن المواز (2) وهو لأشهب في المجموعة: ولو عجل الشفيع الثمن
فالمبتاع أولى به وليس للبائع منعُه من قبض الشقص إن لم يكن قبضه المبتاع،
ولو قال الشفيع أنا أرضى أنقده البائع فليس له ذلك إلا برضى المبتاع. وكذلك
لو حل لم ينبغ أن يدفعه عنه إلا بأمره أو بأمر السلطان.
ومن كتاب محمد والمجموعة وكتاب ابن حبيب قال بن الماجشون: ومن اشترى شِقصاً
بدين له على البائع إلى سنة/ فلا يأخذ الشفيع إلا بقيمة الدين عرضاً نقداً
يدفعه الآن لأن الدين عرضٌ من العروض وكذلك إن لم يقم الشفيع حتى حل أجل
الحق فلا ينظر في وقته بعدما يشفع. قال عنه ابن حبيب: وإنما يُقام الدينُ
بعرض مثل الحنطة والزبيب وشبهه ولا يُقامُ بمثل بانٍ أو عرضٍ وما ليس
[بقائم] (3) ثمنه ولا متعجل بيعه.
وقال ابن عبدوس عن سحنون: أنه كان يقول في ذلك بقول عبد الملك إلا [أنه]
(4) قال: يقوم الدينُ بعرض ثم يقوّم العرض [بعين] ثم يأخذ الشفيع بذلك.
__________
(1) (من) ساقطة من الأصل.
(2) في ع، ومن كتاب ابن المواز وفي الأصل ومن كتاب محمد والجمع بينهما جاء
في ف وهو ما أثبتناه.
(3) (بقائم) ساقطة من الأصل.
(4) (إنه) ساقطة من الأصل.
(11/163)
قال ابن المواز وابن حبيب قال مالك: لا
يأخذه الشفيع إلا بمثل ذلك الدين أو يترك، وكذلك إن كان البائع عديماً بذلك
الدين لم يأخذه بقيمته ولكن يأخذه به أو يتركه وقاله أشهب قال: ولا قيمة في
الذهب والفضة والقيمة في العروض، وقال ابن القاسم نحو قول أشهب.
قال ابن حبيب قال مالك: وكذلك إن كان يهضم فيه أو كان على مفلس (1) لا يسوى
ما عليه ثلث الدين فلا يأخذه إلا بجميعه (2) فإن كان الدين يومئذ حالاً
أخذه به حالاً وإن كان لم يحل أخذه إلى مثل ما كان بقي فيه إلى الأجل كان
الأجل يوم قيام الشفيع حل أو لم يحل. قال أصبغ: إنما يستشفع بمثل الدين
نقداً إلا أن يكون يُهضم فيه هضمة (3) بينة فيأخذه بقيمة الشقص لا بقيمة
الدين. قال ابن حبيب: وقول مطرف أحب إلي، وإن كثر بهضمه فيه فلا يأخذه إلا
بجميعه.
قال ابن الماجشون في كتاب محمد والمجموعة: وإن اشتراه بكتابة مكاتب [أخذه
بقيمة الكتابة عرضاً يقوم على أنه يؤدي أو يعجز فإن عجز] (4) / فهو رقيق
لبائع الشقص.
قال في المجموعة قال مالك: وإن اكترى إبلاً إلى مكة بشِقص أو واجرته أجيراً
أو داراً سنةً فللشفيع الشفعة بمثل كراء الإبل [وبقيمة الكراء والإجارة]
(5). وقال أشهب: بمثل كراء الإبل إلى مكة من مثل صاحبها إن كان مضموناً
فمضمون وإن كانت بأعيانها فبأعيانها، وقاله عبد الملك في الإجارة بمثل أجرة
من استُؤجر بها.
__________
(1) في ع، على ملك.
(2) في ع، فلا يأخذه الشفيع إلا بجميعه.
(3) في ع وف، هضيمة.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع وف.
(5) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(11/164)
وقال ابن المواز عن مالك وابن القاسم وعبد
الملك: يأخذ الشقص بقيمة أجرة الأجير وبقيمة كراء الدار كم يسوى ذلك يوم
الوجيبة على البعد ويكتب عهدته على الأجير وعلى من أخذ منه. قال محمد: فإن
مات الأجير أو هلكت الدابة أو انهدم المسكن في نصف السنة فليرجع البائع
بقيمة نصف شِقصه على المبتاع ولا يُنقصُ على الشفيع شيءٌ.
وقال أشهب في المجموعة: إن ماتت الإبل في نصف الطريق فرجع عليه المكاري
بنصف قيمة الشقص رجع المكري على الشفيع بما رجع به رب الشقص عليه ويُقاصه
من نصف ما كان أخذ منه من قيمة كراء إبله إلا أن يكون قيمة كرائها أكثر من
قيمة الشقص فيكون الشفيع هو الراجع عليه بنصف كراء إبله ويدع له من ذلك نصف
قيمة الشقص ونحوه عن عبد الملك.
ما جاء في الشقص يباع معه ما لا شفعة فيه
من كتاب ابن المواز: وكل ما بيع مع الشقص مما لا شفعة فيه/ فليقبض الثمن
عليه وعلى الشقص فيأخذ الشفيع بما قابل الشقص منه فإن استوجبه قبل المعرفة
بما يقع على الشقص لم يجز، وأما آلة الحائط وعبيده ودوابه فذلك كبعضه إلا
أن يضاف إليه يوم الصفقة وقد كان أخرج منه قبل ذلك فلا شفعة فيه ويقضي
الثمن، وقاله مالك وابن القاسم وأشهب: فيمن اشترى شِقصاً أو بعيراً بعينه،
فإن كان البعير من الشقص قدر ثلث الجميع بالقيمة يوم الصفقة أخذ (6) الشفيع
الشقص بثلثي قيمة العبد ثم إن استحق العبد (7) رجع بائع العبد بثلث قيمة
العبد على بائع الشقص، وإن ابتاع شِقصاً وقمحاً بدنانير فلابد من تقويم
القمح والشقص فيأخذ بحصة ما يقع للشقص. محمد: وكذلك لو ابتاع شِقصاً ومع
مائة درهم بمائة دينار- يريد محمد على قول أشهب- الذي يجيز البيع والصرف
معاً [في صفقة] (8).
--------
(6) في الأصل، أخذ من الشفيع الشقص.
(7) في الأصل، ثم إن استحق البعير.
(8) (في صفقة) ساقطة من الأصل مثبتة من ع وف.
(11/165)
في الشقص يباع بما لا يسوى
أو يضع البائع من ثمنه أو يُزاد فيه
أو يأخذ في الثمن غير ما وقع به
أو يشتريه بثمن قليل
واختلاف الشفيع والمبتاع في الثمن
من المجموعة قال سحنون: إذا ظهر للحكم في ثمن الشقص تجاوز [إلى] (1) ما لا
يشبه التغابن فيه أو الزيادة في مثله بجوار مِلك أو حديد وكان الأغلب أنه
حيلة لقطع الشفعة فليرده إلى أشبه ذلك وأقربه إلى قيمة الشقص، وإن ادعى
الشفيع علم الثمن قضى له/ به مع يمينه إلا أن يأبى بأقل من القيمة.
قال ابن المواز قال مالك في رواية أشهب وهو في العتبية: في اختلاف الشفيع
والمبتاع في الثمن أن المبتاع مصدق فيما يشبه بلا يمين. [وفيما لا يشبه مع
اليمين إلا أن يكون يجاوره ملك أو سلطان، فيصدق فيما لا يشبه الثمن بلا
يمين] (2). وقال ابن حبيب: إن ذكر المبتاع ما يشبه وعلى ذلك بينة لم يحلف
وإن أتى بسرف سُئلت البينة فإن قالوا شهدنا على إقرارها رد إلى القيمة وإن
قالوا على معاينة النقد قيل للشفيع خذ بذلك أو دع. وقال مطرف: يُصدق
المشتري وإن جاء بسرف من الثمن.
ومن العتبية (3) روى عيسى عن ابن القاسم: فيمن أوصى أن يُباع شِقص له
قيمتُه ثلاثون ديناراً من رجل بعشرة دنانير ولا مال له غيره ثم مات فإنه
يقال للمبتاع إن لم يجز ذلك الورثة فزد عشرة أخرى وخذ الشقص، فإن فعل
فللشفيع أخذ الشقص بعشرين وإن أبى قطعوا له بثلث الشقص ولا شفعة فيه
للشفيع، قيل له: لم أعطيتها للشفيع بعشرين وقد حُوبي المشتري بعشرة؟ قال:
كما قال __________
(1) (إلى) ساقطة من ف.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع وف.
(3) البيان والتحصيل، 12: 92.
(11/166)
لو اشترى رجل شقصاً بعشرين وقيمته أربعون
وحاباه بعشرين فللشفيع أخذه بعشرين.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: ومن باع في مرضه شقصاً فحابى فيه
فالبيع جائز والمحاباة في ثلثه ويأخذه الشفيع بذلك الثمن ولو كان في صحته
فهو كذلك إلا أن يبقى (1) ما لا يُشبه أن يكون ثمناً لقلته فلا شفعة بذلك
في صحة أو مرض، ومنه من المجموعة قال ابن القاسم وأشهب: إذا قال البائع بعد
البيع للمبتاع/ اشترِ حصته فزدني فزاده فلا شيء على الشفيع من الزيادة.
قال أشهب في المجموعة: وللمبتاع أن يرجع على البائع بما زاده بعد أن يحلف
ما زاده إلا فراراً من الشفعة وإلا فلا رجوع له.
قال ابن المواز وقال عبد الملك: يأخذ الشفيع بما زاد البائع وإلا ترك ولا
يتهم [المبتاع] (2) أن يزيد إلا بصلاح البيع. قالوا كلهم: وإذا استوضع
المبتاع البائع بعد البيع قبل أخذ الشفيع أو بعده فوضع عنه فذلك موضوعٌ عن
الشفيع إن كان مما يوضع مثله في البيوع وإن كان ما لا يتواضع مثله فذلك
هبة. قال أشهب: وهذا استحسان والقياس أن يحط ما حط عنه قل أم كثر بمنزلة ما
باعه إياه بدءاً بنصف ثمنه أو بثلثه فللشفيع أخذه بذلك وإن كان التخفيف عنه
على وجه الصلة، قال محمد: وقد قال ابن القاسم أيضاً: إن بقي من الثمن ما
يُشبه أن يكون ثمن الشقص فهي ذريعة وتهمة بينة وليُحط عن الشفيع ما حط وإن
كان ما بقي لا يشبه ثمنه لم يلزمه أن يَحُط ما حطه.
قال أشهب في المجموعة: وإن كانت الوضيعة بعدما سلم الشفيع الشفعة فإن كان
يشبه ما وضع الآن فحاص له فللشفيع الرجوعُ إلى الأخذ بهذا الثمن، وإن كان
لا يشبه مثل أن يضع أكثر الثمن فلا رجوع للشفيع إليها.
__________
(1) في الأصل، إلا أن بها ما يشبه.
(2) (المبتاع) ساقطة من ع.
(11/167)
ومن كتاب ابن المواز قال عبد الملك: إذا
ابتاع شِقصاً بدنانير فنقد عرضاً أو بعرض فنقد دنانير فليأخذه الشفيع بما
خلص إلى البائع من الثمن من عرض أو عين. قال محمد: وأحب إلينا ألا/ يأخذه
إلا بما وقع عليه العقد إن أخذ عرضاً من ذهب أو ورق فليأخذ الشفيع بالعين
إن كان مثل ذلك أو أقل وقد قيل لما وقع عليه أصل الشراء أو قيمتُه إن كان
عرضاً.
قال ابن عبد الحكم: إلا أن يدفع ذهباً عن ورقٍ أو ورقاً عن ذهب فليأخذه بما
دفع كالمرابحة. وقال أشهب: إن دفع ورقاً أو طعاماً عن ذهب أخذه الشفيع بأقل
ذلك. محمد: وهذا أحب إلينا.
قال سحنون في المجموعة: إذا أخذ عرضاً عن دنانير فقولنا أن يأخذه بقيمة
العرض. قال ابن عبدوس وقال غيره: يأخذه بالأقل [من ذلك] (1).
في الشقص يوخذ في صلح من دم عمد أو خطأ
أو يؤخذ في نكاح أو خُلعٍ أو يكون في ذلك غيره
قال مالك في كتاب ابن المواز والمجموعة وغيرها: من صالح من دم عمد على
شِقصٍ أو نكح به فالشفعة له بقيمته.
قال ابن القاسم وأشهب: [ولا يجوز الإشفاع في ذلك إلا بعد المعرفة بقيمته.
قال ابن القاسم وأشهب] (2): وإذا أخذ الشقص في ديةٍ خطأ فليؤجر الشفيعُ كما
تُؤجر العاقلة فإن كان عن ثلث ديةٍ أخر عاماً وفي الثلثين يؤخر عامين. قال
مالك: وفي النصف تجتهد فيه. وقال ابن القاسم: يؤخر عامين. وقال أشهب: يُؤدي
الثلث في أول سنةٍ والسدس في الثانية.
قال ابن عبدوس قال سحنون: لا يجوز أن يأخذ في النصف شِقصاً ولا غيره حتى
يمضي فيه حِصته من حاكم يقطعها على العاقلة في سنتين أو غير ذلك،
__________
(1) (من ذلك) ساقطة من الأصل.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع وف.
(11/168)
لأن ذلك إلى اجتهاد الحاكم فهو مجهول ولا
يباع بشيء حتى يعرف بالحكم في قول/ ابن القاسم. وقال في المصالح عن جميع
الدية على شِقص إن كان أعطى ذلك العاقلة أهل ذهبٍ أو ورقٍ فالصلح جائز.
فيرجعه ابن القاسم عليهم بالأقل إن كان صلحه عليهم. وإن كانوا أهل إبل فإن
كان القاتل يعطي الشقص ولا يرجع بذلك على العاقلة فهو جائز، وإن كان إنما
صالح عنهم ليرجع لم يجز الصلحُ لأنهم عليه مُخيرون ويُرجع في هذا إلى مسألة
ابن القاسم في الكفيل يصالح عن الغريم.
وكان سحنون يقول في هذا الأصل بقول عبد الملك: أن الدين له حُكمُ العرض،
فإذا اشترى الشقص بالدية وهي ديته فإن كانت دنانير أو دراهم قومت بالعرض
على أن تؤخذ في ثلاث سنين ثم يُقوم العرضُ بالعين. وقال عبد الملك: يأخذ
ذلك بالعرض الذي قوم به الدين. قال سحنون: وإن كانت الدية إبلاً قومت على
أن الإبل تؤخذ إلى ثلاث سنين ثم يأخذ بذلك الشفيع أو يدع- يريد وينقد.
قال ابن المواز: رُوي عن ابن القاسم أنه يُؤخرُ الشفيع في دية العمد
كالخطأ. قال أحمد بن ميسر: وهذا غلط لأنه إنما يؤخذ بقيمة الشقص، ولو صالحه
على الدية مبهمةً أعطاه بها شِقصاً ففيه الشفعةُ بالدية على ما كان اتفقا
عليه من تعجيل أو تأخير.
ومن كتاب ابن المواز والمجموعة عن ابن القاسم! في مسألة الموضحتين الخطأ
والعمد يؤخذ بهما شِقصٌ في دار فذكر قول ابن القاسم. قال ابن عبدوس: وهو
قول أشهب. وذكر قول المغيرة فحكى نحوه عن ابن الماجشون، وقاله سحنون في
مسألة الخلع.
/وقال ابن المواز: قال ابن نافع: لا يكون للموضحة العمد إلا ما فضل عن قيمة
الشقص فإن كانت قيمته خمسين فأقل أخذه الشفيع بخمسين وعلمنا أنه لم يأخذ
للعمد شيئاً، وإن كانت قيمتُه ستين علمنا أن الزائد للعمد فيأخذه بخمسين
وبسدس قيمة الشقص، وبهذا أخذ ابن المواز وأعاب قول ابن القاسم.
(11/169)
قال ابن المواز: ولو ودى الجارح في
الموضحتين عمداً وأخذ من المجروح شِقصاً فإن زادت قيمة العبد على قيمة
الشقص ودية موضحة الخطأ شيئاً فالزيادة للعمد وإن لم يزد لم يكن للعمد شيءٌ
مثل أن تكون قيمة العبد مائةً وخمسةً وعشرين وقيمة الشقص خمسين فصار خمسُ
العبد للعمد فعلى الشفيع خمسُ قيمة العبد، قال ابن المواز: وإن كانت قيمة
العبد مائة عُلم أن العمد لم يُؤخذ له شيءٌ وإن كانت قيمتُه أقل من مائة لم
يأخذ الشفيع إلا بنصف قيمة العبد إن كانت قيمة الشقص خمسين وإن كانت قيمتُه
مائة أخذه بثلثي قيمة العبد.
قال يحيى بن عمر: ولو صالحه منهما بشقصٍ وبعشرة دنانير فالعشرة مأخوذة من
موضحة الخطأ خاصة ويأخذ الشقص بأربعين ديناراً وبخمسة أسباع قيمة الشقص،
وإن صالح منهما على شِقص وعرض قيمتُه عشرون ديناراً فالعرض مقسومٌ على
الموضحتين وليأخذ الشقص بأربعين ديناراً أو بنصف قيمة الشقص. قال أصبغ: إذا
صالح منهما على شِقص وعبد وقيمةُ العبد مثل قيمة الشقص فقد أخذ العبد بنصف
الموضحتين وبقي للشقص نصفهما فيأخذه بنصف موضحة الخطإ وبنصف قيمة الشقص ما
بلغ/، وإن كان العمد من ذلك الثلث أو الربع أو الثلثين فما بقي للشقص فهو
للموضحتين.
قال أصبغ: ولو كان المجروح أعطى عبداً وأخذ شِقصاً فقال: تُقوم موضحة العمد
بالاجتهاد ويُنظر ما قيمة العبد وإلى عقل موضحة الخطأ فأخذ بذلك كله- يريد
أصبغ إن كانت قيمة العبد بالاجتهاد- وقدر الثلث من الجميع أخذ الشقص بخمسين
للخطأ وبقيمة العبد وبثلثي قيمة الشقص وجرى كلام أصبغ ها هنا على أن موضحة
العمد مقسومة بالاجتهاد وجعلها في الصلح منهما على شقص من غير عطية من
المجروح على معنى ابن القاسم أن المأخوذ مقسومٌ على الموضحتين بالسواء ولم
يجعل للعمد قيمةً بالاجتهاد.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أخذ في موضحة خطأ شقصاً ودفع خمسين ديناراً
فليأخذه الشفيعُ بمائة دينار، وإن كانت موضحة عمداً فقط فودى المجروح
(11/170)
عشرة وأخذ شِقصاً فلينظر إلى قيمته فإن
كانت خمسين فعلى الشفيع عشرة وأربعة أخماس قيمة الشقص، وإن كانت ستين فعشرة
وخمسة أسداس قيمة الشقص.
قال عبد الملك: ومن نكح بشقص معه عرضٌ أو مالٌ فالشفعة فيه بقيمة الشقص ما
بلغ، قال: ولو نكح على أن أخذ منها شقصاً فأعطاه عشرة دنانير فإن كانت قيمة
الشقص عشرةً فسخ النكاح وإن نقصت قيمتُه ربعَ دينارٍ فأكثر جاز النكاحُ،
قاله عبد الملك، وبه أقول، وكرهه ابن القاسم، ولم نجد له فيه حجةً، قال عبد
الملك في المجموعة: فإن شاء الشفيع الأخذ/ ضم قيمة الشقص إلى العشرة فإن
كان الشقص نصف الجميع استشفع بنصف العشرة وإن رُبعاً فبربعها (1)، وهذا من
قول عبد الملك على أصل المغيرة الذي في المدونة، وهذا الذي رُوي عن عبد
الملك في المجموعة من قوله: النصف أراه لا يصح وإن صح فهو خلاف ما ذكر عنه
ابن المواز: أن النكاح يفسد حتى يبقى مما اعطى الزوجُ ربع دينار.
وقال عبد الملك في المجموعة: إذا نكح امرأة بشقص وأخذ منها ديناراً وفي ذلك
فضل مما لا ينقض النكاح فليضُم الدينار إلى قيمة الشقص فإن كان الدينار من
جميعه العشر استشفع بدينار وبتسعة أعشار قيمة الشقص أو رُبع دينار وقيمة
ثلاثة أرباعه قال: وإن أصدقها شِقصاً وعبداً وأخدمها عشرة دنانير وفي ذلك
فضلٌ مما لا يفسد النكاح ضممت العشرة إلى قيمة الشقص والعبد (فإن كانت
العشرة الثلث فقد نقلت من العبد ثلثاً ومن الشقص ثلثاً) (2) فإن كانت قيمة
الشقص أربعين وقيمة العبد عشرةً فذلك مع العشرة التي أخذ ستون فيستشفعه
بأربعة أخماس العشرة وبخمسة أسداس قيمة الشقص، وقاله سحنون في الخُلع،
وقال: فإن استحق العبد رجع بخمس العشرة وبخمسة أسداس قيمة العبد.
__________
(1) في النسخ كلها وإن ربع فبربعها والصواب ما أثبتناه باعتبار خبراً لكان
المعطوفة على كان الأولى والتقدير وإن كان ربعاً فبربعها.
(2) كذا في الأصل وف وأما في ع فقد جاءت العبارة على الشكل التالي فإن كانت
العشرة السدس فقد نقلت من العبد سدساً ومن الشقص سدساً.
(11/171)
ومن كتاب ابن المواز قال: ولو خالعته على
دنانير على أن أعطاها شقصاً فإن كانت قيمته أكثر من الدنانير فليأخذه
الشفيعُ بمثل تلك الدنانير وإن كانت قينتُه أقل منها أخذ ذلك بالأقل/ وكذلك
لو دفعت إليه عرضاً، وإن كان الشقص منها والدنانير منه فعلى الشفيع الأكثر
من قيمة الشقص أو من الدنانانير.
وكذلك في جناية العمد يأخذ المجني عليه شِقصاً ويَرد مالا فليأخذ الشفعة
بالأكثر، فإن أعطى شِقصاً وأخذ مالاً فليؤخذ بالشفعة بالأقل، ولو جرحت
زوجها موضحة (1) خطأ ودفعت إليه عن الموضحة وعن الخُلع شِقصاً فليأخذ
الشفعة (2) بالأكثر من دية موضحته الخطأ أو قيمة الشقص. ولو دفع الجارح أو
المختلعة شقصاً ومالاً أو شقصاً وعرضاً أو شقصاً وجرحاً خطأ فالشفعة بقيمة
الشقص ما بلغت [من ذلك] (3).
ما جاء فيمن صالح من شقص أو على شقص
أو صالح به الكفيل عن غريم
ومن كتاب محمد: ومن ادعى حقاً في دار بيد رجل فصالحه بدنانير أو بشقص في
دار أخرى ولم يُسم ما (4) دعواه من الدار فإن كانا يجهلان ذلك ويمكنهما
معرفتُه أو كان أحدهما يجهله فلا يجوز الصلح. قال أحمد بن ميسر: وإن عرفاه
جميعاً جاز.
قال محمد: وإن لم يعرفاه جميعاً ولا يصلان إلى معرفته فجائز. ومن ادعى حقاً
في دار مُقر فيه (5) والمدعى عليه منكر فصالحه [منه بدنانير فلا شفعة له في
__________
(1) المُوضحة: الشجة في الرأس التي تبلغُ العظم.
(2) في ع، فلتؤخذ الشفعة بالأكثر.
(3) (من ذلك) ساقطة من الأصل.
(4) كذا في ف وأما في الأصل وع، فقد جاء فيهما ولم يسميا دعواه.
(5) في ع وف في دار غابت عنه عوض في دار مقر فيه.
(11/172)
ذلك. وإن ادعى عليه سُدس ما بيده فأنكر
فصالحه] (1) على شقص في دار أخرى ففيها أخذ المدعي الشفعة بقيمة المدعى
عليه ولا شفعة في المدعى فيه.
وإذا لم يُسم دعواه وهو بها عالمٌ (2) لم يجز الصلح ولا شفعة في ذلك.
[قال مالك: ومن باع/ شِقصاً بجارية وقال إنما رغبتُ في الجارية لهواي فيها
فالشفعة في ذلك] (3).
قال في المجموعة ابن القاسم وأشهب: ومن تحمل بنفس رجل فغاب المكفول به فلم
يقدر عليه فصالحه الكفيل بشقصٍ فالصلح جائز إذا علم الدين ويأخذه الشفيع
بالدين.
قال أشهب: وإن صالحت وأنت لا تدري ما يثبت للذي تكفلت له إلا أنه قد سماه
لك فللشفيع أن يُحلِفه أن دينه (4) كذا وكذا ثم يأخذه الشفيع بذلك إن شاء،
وإن أخذ به ثم جاء الغريم فلم يستحق قبله من دعواه شيئاً لم يرجع الكفيل
عليه بشيء ورجع على المتحمل له بالثمن الذي أُخذ من الشفيع لأنه الذي رضي
أن يبيع به شِقصه إن كان صلحاً بغير إقرار، وإن كان بإقرار منك لم يرجع
عليه بشيء.
والشفعة في جميع ذلك بما أخذها [به] (5) ثبت الحق أو لم يثبت أو ثبت بعضُه
وإن كان إنما تحمل بالوجه وليس من المال في شيء فصالحه على شِقصٍ فللشفيع
الشفعةُ بالأقل من قيمة الشقص أو مما على الغريم.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(2) في الأصل، وهو بها غريم.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(4) في الأصل، إن ديته كذا.
(5) (به) ساقطة من الأصل مثبتة من ف.
(11/173)
وقال ابن حبيب في كتاب الأحكام في باب (1)
الصلح قال أصبغ: في الطالب يصالح المدعى عليه من دعواه وهو منكر على شقص في
دار أنه لا شفعة فيه لأنه كالهبة (2).
في الشفعة في هبة الشقص للثواب أو لغير
الثواب [أو بعطاء أو به حباء] (3)
قال ابن عبد الحكم في المختصر: اختلف قول مالك في الشفعة في الشقص يوهب
لغير الثواب [فقال فيه الشفعة بقيمته وقيل لا شفعة فيه] (4). ومن العتبية
(5) روى عيسى/ عن ابن القاسم: فيمن تصدق على أخت له بحصة في قرية وقال:
كنتُ أصبتُ من مورثها مالاً فسهمي عليها صدقة في ذلم ولا يعلم ما أهاب من
مالها قال: لا شفعة في ذلك لأن الثمن لا يُعرف ولا حوز عليها في ذلك الحظ
لأنه لها بمعنى الشراء. قال سحنون مثله قال: لأنه ليس ببيع وهو تمخ (6)
فيما لا يعرفه المقرله ولا يطلبه ولو كان عن شيء يطلبه أو يدعيه فصولح عنه
(7) كان كالبيع وأخذ الشفيعُ ذلك بالقيمة إن لم يُسم ما أصاب من مورثها.
ومن كتاب ابن المواز قال: فإذا وهبه شقصاً لغير الثواب فلا شفعة فيه وإن
أثبت منها فلا شفعة فيها ولا في عوضها.
__________
(1) في الأصل، في كتاب الصلح.
(2) غير واضحة في الأصل.
(3) كذا في الأصل ولعل الصواب أو بحِباء وجاءت العبارة في ع وف على الشكل
التالي: أو يعطي لحباء والحِباء: العطاء من غير جزاء وهو من قولهم حباه كذا
أو بكذا أعطاه إياه بلا جزاء.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع وف.
(5) البيان والتحصيل، 12: 73.
(6) هذه اللفظة غير متداولة في الاستعمال وقد كتبت في الأصل محرفة وهي من
قولهم تمحخى عن الأمر إذا ابتعد وتمخى إليه اعتذر وتمخى منه تبرأ منه.
(7) في ع، فصالح عنه.
(11/174)
قال محمد: وإذا فاتت الهبة للثواب في
الرباع فوتاً يوجب القيمة فقد اختلف في فوتها. فقال ابن القاسم: حوالة
الأسواق في الهبة فوتٌ إلا في الدور، وقال أشهب: هو فوتٌ في الرباع والهبة
والبيع الفاسد، وقاله ابن عبد الحكم، فإذا فاتت على ما ذكرنا فقال أشهب:
فقد وجبت القيمة والشفعة، وقال ابن القاسم وعبد الملك: (لا يوجب الشفعة حتى
يدفعوا الثواب أو يُقضى به ويُعرف) (1).
قال عبد الملك: إذ لعله يقول لم أرِد ثواباً وإن رأى الناسُ أني أردته (2)
فلا يكون له ثواباً ولا قول للشفيع أنك أردت إبطال شفعتي، وإن رأى أن
الثواب قُبِضَ وكُتِمَ أحلف من بيده الشقص، قال محمد: وإن ترك الثواب بموضع
الشفعة فلا شفعة إلا بعد دفع الثواب.
ومن العتبية (3) قال:/ عيسى عن ابن القاسم: فيمن دفع شقصاً على ثواب فيقول
الموهوب له: مالي غائب أو غلامي غائب بمالي، أو شيءٌ يعتذر به فخذ عشرة
دنانير فإذا قدم مالي أتيتُك بثواب ترضاه وتأخذها فيقوم الشفيع يريد الأخذ
بالشفعة فلا شفعة له حتى يُثاب تمام الثواب، وكذلك لو قال الشفيع: أنا أدفع
العشرة فإذا دفع تمام الثواب دفعته فليس ذلك له لأنه [إن لم يشبه رضاه رجع
في عشرته] (4) ولم يلزمه تمام المثوبة ولا قيمة الهبة وذكر مثله ابن حبيب
عن مطرف.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا أثابه في الشقص أكثر من قيمته فقال أشهب: إن كان
قبل فواتها فلا يأخذها [الشفيع إلا بجميع العوض وإن أثابه بعد فواته (5)
أخذها] (6) بالأقل من ذلك أو من قيمتها وقال ابن القاسم وعبد الملك:
__________
(1) في ف، لا تجب الشفعة حتى يدفع الثواب أو يقضي به.
(2) في الأصل، أريد به والسياق يقتضي ما نقلناه من ع وف.
(3) البيان والتحصيل، 12: 74.
(4) في الأصل، إن لم يثبه رضاه رجع في عصرته وهو تصحيف واضح.
(5) في ع، بعد فواتها.
(6) ما بين معقوفتين ساقط من ف.
(11/175)
بل بقيمة العِوض ما بلغ. قال مالك: وإذا
أظهر الصدقة لم يحلف المتصدق عليه إن كان ممن لا يتهم وإن كان ممن يُتهم
أُحلف.
وقال ابن نافع عن مالك في المجموعة: يُنظر، فإن رأى أنه وُهب لثواب لأنه
محتاج وهب لأغنياء فاليمين على الموهوب وإن كان ضغيراً فعلى أبيه (1) الذي
قبل ذلك له وإن كان مستغنياً عن ثوابهم وإنما وهب لقرابة أو صداقة فلا يمين
في ذلك وإن وهب ولا قرابة بينهم ولا إخاء ولا حاجة له إليهم فاليمين في
ذلك.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أعمر داره على عوض لم يجز ورُدت ورد غلتها لربه
(2). قال ابن القاسم: لأن ضمانها منه ويرد العوض، فإن فات/ فقيمته وما كان
له مثل فمثله.
قال محمد: بل الغلة للمستغل وعليه كراء المثل فيما سكن كالكراء الفاسد يفسخ
ما بقي. قال ابن القاسم وأشهب: فيمن وهب داراً فاستحق رجل نصفها واستشفع
فجميع الثمن للواهب، ولو وهب شِقصاً اشتراه فأخذه الشفيع من الموهوب فله
الثمن عند ابن القاسم إذا كان يعلم أن له شفيعاً، وقال أشهب: الثمن للواهب
في الشفعة والاستحقاق. قال محمد: وهذا أحب إلينا لأنه بالبيع الأول يأخذه
فهو يفسخ ما بعده [من بيع].
[ما جاء] (3) في الشفعة في البيع الفاسد
قال ابن المواز: لا شفعة في بيع فاسد عند مالك إلا بعد فوت الشقص، والفوت
فيه عند ابن القاسم البناءُ والهدمُ والغرسُ وقلعُ الشجر، وقال أشهب: حوالة
الأسواق فوت في الرباع كغيرها. قال: وإن أخذه الشفيع قبل فوته بمثل ما
اشتراه به فلينقض أيضاً (4) إلا أن يفوت في يده، فإن فات [في يده] (5) ببعض
ما __________
(1) كتبت في الأصل خطأ على ابنه وهو خطأ واضح.
(2) في ع، لربها.
(3) (ما جاء) ساقط من الأصل.
(4) في ع، فإنه ينقض أيضاً.
(5) (في يده) ساقطة من الأصل مثبتة من ع وف.
(11/176)
ذكرنا فرجع البائع على المشتري بقيمته يوم
قبضه لزم الشفيع ما لزم المشتري من تلك القيمة إلا أن يكون أكثر- يريد مما
أخذه به الشفيع- فالشفيع مُخير إن شاء رد الشفعة وإن شاء تمسك (1) بها بتلك
القيمة ما بلغت.
قال: وإن فات الشقص عند المشتري قبل أن يأخذه الشفيع ثم تراد البائع
والمبتاع القيمة انتقضت الشفعة بكل حال وخُير الشفيع إن شاء أخذه بالقيمة
التي رجع المشتري إليها ما بلغت وإن شاء أسلم (2). قال محمد: بل ذلك سواء/
فات عند المشتري قبل أن يأخذه الشفيع أو لم يفت حتى أخذه الشفيع فقد لزم
الشفيع أخذُه بما ترادا به إلا أن يكون أكثر فيكون مخيراً بين أن يرد أو
يأخذها بذلك.
ومن كتاب ابن المواز والمجموعة: قال ابن القاسم وأشهب: وإن باعه المبتاع
بيعاً فاسداً. قال أشهب: أو ولاه رجلاً لردا جميعاً ما لم يفت، قال أشهب:
ولا شفعة للشفيع لأن بيعهما جميعاً مردود، فإن كان قد فات عند الأجل
فللشفيع أخذها من أيهما شاء بالقيمة التي لزمته بعد علمه بها، وإن كان إنما
فاتت (3) عند الأول ولم تفت عند الآخر فبيعُ الآخر مفسوخٌ وللشفيع الشفعة
بالبيع الأول.
محمد: ولو باعه ثانٍ من ثالثٍ بيعاً جائزاً فهو فوتٌ وللشفيع الشفعةُ على
أيهما شاء، فإن أخذها من الأول فبالقيمة يوم قبضها ويرجع كل واحد من
الباقين بما دفع، وإن أخذ من الثاني فبالقيمة يوم بيعه وقبضه بعد علمه بذلك
كله، وإن أخذ من الثالث فبالثمن وعهدتُه على من يأخذ منه. وإن أخذ من الأول
زالت عن الباقين ولا يأخذ من الأول ولا من الثاني حتى يتراجعوا القيمة
وتُعرف، ولو فعل __________
(1) في الأصل، تماسك بها.
(2) في ع، وإن شاء سلم.
(3) في الأصل، إنما كانت وهو تصحيف واضح.
(11/177)
قبل ذلك لنقض بذلك البيع الصحيح وما قبله
وزالت الشفعة أخذها من الأول أو الثاني. ولو لم يأخذ بالشفعة حتى تراجعوا
القيمة أو دخله فوت يوجب القيمة لم يكن فيه فسخ وليأخذ إن شاء بالقيمة ممن
لزمته وعليه عهدته بعد معرفتهما وإلا فأخذه باطل.
قال ابن ميسر: ثم له إذا عرفها أن يأخذ قال: وإن شاء بالثمن من الآخر. قال/
أشهب في المجموعة: وإن كان مبتاع الشقص بيعاً فاسداً باعه من بائعه إياه
بيعاً فاسداً أو جائزاً ولم يدخل الشقص فوتٌ إلا البيع فلا شفعة للشفيع على
واحد منهما (1) وليس هذا البيع فوتاً وليترادا ما تعاطيا فإن باعه البائع
بعدما اشتراه [بيعاً جائزاً فللشفيع أن يأخذ ذلك بالشفعة، محمد وإذا
اشتراه] (2) الثاني من الأول شراءً صحيحاً ثم لم يقم الشفيع حتى رده الثاني
بعيب فإن كان ذلك بعد أن غرم الأول قيمة الشقص لفساد البيع فليس له رد
بفساد البيع وله الرد بالعيب إن شاء.
قال ابن عبدوس قال سحنون: كيف يكون للمشتري الأول ردها بالعيب على البائع
الأول والبيع الأول قد انتقض ووجبت فيه القيمة لفوته وإنما يجب عليه
الرجوعُ بفضل ما بين القيمتين، قيمتها صحيحة وقيمتها معيبة فيصير المشتري
غرم قيمة ما فات في يديه وليس ردها بالعيب كقولهم: فيمن تعدى على دابةٍ
فضلت فغرم قيمتها بعد أن وصفها فحلف ثم وُجدت على خلاف ما وصف فليس لربها
أخذها وإنما له تمام القيمة؟
قال ابن المواز: وإن كان ذلك قبل تراجع القيمة فسخ البيع الأول ورجعت إلى
البائع الأول، قاله ابن القاسم، ولو لم يفت الشقص بيد الأول إلا ببناء أو
هدم فليس للشفيع أن يأخذ حتى يتراد البائع والمبتاع القيمة ثم يأخذه ويغرم
قيمة ما __________
(1) في الأصل، على واحد منهم.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع وف.
(11/178)
بناه قائماً ولا يُحط من قيمة الشقص للهدم
شيءٌ ولا لما هلك بغير سببه ولا بنائه من نقضه حُسب على المبتاع قيمة ما
سُلم منه نقضاً وكان له (1) على الشفيع قيمة ما بناه قائماً وإلا فلا شفعة
له.
/ في الشفعة في بيع الخِيار
أو فيما يَرُده بعيبٍ أو بفلس أو فيما يستحق منه
وكيف إن غصب عبداً فابتاع به شِقصاً
من كتاب ابن المواز والمجموعة: قال مالك: ومن ابتاع شِقصاً بالخيار له أو
لبائعه فلا شفعة حتى يَنفذ البيعُ.
قال ابن القاسم وأشهب في المجموعة: وكذلك إن كان الخيارُ لأجنبي قال في
كتاب ابن المواز: ولو سلم الشفيعُ شفعته قبل تمام الخيار لم يُبطل ذلك
شفعته وله القيام إذا تم البيعُ وإذا باع شِقصاً بالخيار ثم باع الشفيع
شقصه بيع بتل قبل تمام الخيار فروى أصبغُ عن ابن القاسم أن من صار إليه
شِقصُ الخيار له الشفعة في بيع البتل للبائع إن تم لمبتاعه، وإن رجع إلى
بائعه فهي لبائعه، قال محمد: وأحب إلينا أن تكون الشفعة في بيع البتل
للبائع أولاً على الخيار رجع إليه شِقصه أو تم فيه البيعُ لأنه لم ينفذ
بيعُه حتى وجبت فيه الشفعة في شِقص شريكه وقاله أصبغ.
قال ابن حبيب عن مطرف كقول ابن القاسم وقال عن ابن الماجشون: إنه إن اختار
المشتري وله الخيار ينفذ البيعُ كانت الشفعة لبائع الخيار في بيع البتل
لأنه كأنه باع بعد ان وجبت له الشفعة فإن ترك البائع بالخيار الأخذ بالشفعة
فالشفعة للمشتري البتل فيما بيع بالخيار لأن بيع الخيار إنما بتل (2) يوم
الخيار وقال مثله أشهب وفي غير كتاب ابن حبيب قال أشهب: الشفعة لمبتاع
البتل/ في المبتاع بالخيار.
__________
(1) (له) ساقطة من الأصل.
(2) في ف، إنما ثبت يوم الخيار.
(11/179)
قال ابن حبيب عن مطرف: من باع نصف دار
بالخيار لأحدهما ثم باع باقيها بيع بتل فإنه إن اختار ذو الخيار تنفيذ
البيع وكان هو المبتاع فالشفعة لمشتري البتل وإن رد البيع فلا شفعة فيه
للبائع الأول لأنه هو الذي باع.
ومن العتبية (1) روى يحيى عن ابن القاسم: فيمن باع داراً بعبد أو عرضٍ
فاستحق نصفها فيرد المبتاع النصف الباقي على لابائع ثم قام الشفيعُ فالشفعة
له واجبةٌ على المبتاع لا يقطعها رده للنصف قال: وإذا ابتاع داراً ثم ردها
بعيبٍ دلس له به ثم استحق نصفها بعد أن ردها فالشفعة له إن شاء من حِساب
جميع الثمن، وإن اشتراها بعد فاستحق نصفها وترك المستحق الشفعة ورضي
المبتاع بإمساك النصف ويرجع في نصف العبد فإن فات رجع بنصف قيمته، فإن قال
البائع: لا أحب نصف عبد فله ذلك وينتقض إلا أن يكون العبد فائتاً فلا حجة
له.
قال أشهب في المجموعة: ومن ابتاع شقصاً فوجد به عيباً فأراد رده وطلب
الشفيع أخذه وري بعيبه فللمبتاع رده ولا شفعة للشفيع، وقال سحنون في
العتبية (2). في استحقاق أكثر ما اشترى أنه المقدم في الخيار. وقال أشهب:
ومن اشترى شِقصاً بتسعين وأسلق عشرة فقال لرجل: قامت عليَّ بمائة فأنا
أولاهما فولاه ذلك فليس البيعُ الثاني فاسداً ولكنه بيع تدليس فالمشتري
الثاني مُخيرٌ إن شاء التمسك ببيعه وللشفيع الشفعة وإن شاء رده ولا شفعة،
وإن فات الشقص ببناء أو هدم لزمه الأقل من المائة أو القيمة/ إلا أن تكون
القيمة أقل من التسعين فلا تُنقض منها ويأخذ الشفيع بذلك. وقال سحنون: إذا
فلس مشتري الشقص فرجع إلى بائعه فللشفيع الشفعة لأنه بيعٌ جديدٌ وليس كبيع
الخيار ولا بيع العيب.
ومن كتاب ابن المواز: ومن ابتاع شِقصاً بحنطة فأخذه الشفيع بمثلها ثم
استحقت الحنطة الأولى فقال ابن القاسم: يرجع على بائعه بمثلها، قال محمد:
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 82 - 83.
(2) البيان والتحصيل، 12: 82.
(11/180)
وهذا غلطٌ بل يرجع بقيمة شقصه ولو لم يأخذ
بالشفعة لأخذه بعينه، وقد قال مالك [فيمن] (1) ابتاع حنطة بعينها فاستُحقت
أنه لا يرجع بمثلها.
ومنه ومن المجموعة (2) قال ابن القاسم: ومن ابتاع شِقصاً قيمتُه ألفٌ بعبد
قيمتُه ألفان فأخذه الشفيع بقيمة العبد ثم استُحق العبدُ فليرجع البائعُ
أيضاً بقيمة شِقصه [ألف ولو كان الشقص قيمته ألفان وقيمة العبد ألف ثم
استحق العبد لرجع البائع أيضاً بقيمة شقصه] (3) ولا رجوع للشفيع عليه بشيء.
وقال ابن القاسم (4) وقاله أشهب وأصبغ وقال عبد الملك في الكتابين: إن
الشفيع مخيرٌ إن كان قيمة الشقص أكثر فإن شاء استشفع بذلك وإن شاء رد، قال
في غير الكتابين: إن كان قيمة الشقص أقل رجع الشفيع بما بقي له، وقاله
سحنون، وقال ابن القاسم في الكتابين: فيمن غصب عبداً فابتاع به شِقصاً فما
دام العبدُ قائماً فلا شفعة في الشقص وإن (فات) حتى يحسب على غاصبه قيمته
فالشفعة للشفيع بقيمته يوم بيع الشقص.
قال ابن المواز: لا شفعة له حتى يفوت العبد بالموت ولا بقية العيوب، لأن
لربه أخذه معيباً، فإذا مات فللشفيع الشفعة بقيمة العبد يوم اشترى به الشقص
وعلى الغاصب قيمتُه/ يوم الغصب، وكذلك لو اشتراه وهو لم يعلم بالغصب حتى
ابتاع به شِقصاً فلا شفعة فيه حتى يفوت العبد بالموت لأن لربه أخذه معيباً
إن شاء. قال سحنون: ليس هذا جواب ابن القاسم في العبد (المغصوب) (5) وإنما
ينظر فإن كان مشتري العبد عالماً بغصبه فاشتراه على ذلك فإنه ينظر ربه فإن
جاء فأجاز البيع وجبت الشفعةُ وإن أخذ عبده انفسخ البيعُ وإن لم يعلم
مشترية بالغصب وعلم بذلك في قيام الشفيع فإن كان رب العبد قريب الغيبة
انتظر حتى __________
(1) (فيمن) ساقطة من الأصل.
(2) في الأصل ومنه ومن العتبية ومن المجموعة.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت في ع وف.
(4) في ف، وقاله ابن المواز.
(5) العبارة في النسخ التي بين أيدينا غير واضحة سجلناها حسب ما بدا لنا
والله أعلم.
(11/181)
يقدم فيجيز أو يفسخ وإن بعُدت غيبته
فللمبتاع فسخُ البيع ويرجع إليه الشقص وإن لم يفت حتى أخذ الشفيع بالشفعة
فقد مضت الشفعةُ ونرجعُ إلى مسألة ابن القاسم إذا أخذ بالشفعة ثم استُحق
العبدُ.
في عهدة الشفيع وفي قبض الثمن
قال ابن المواز: أجمع مالك وأصحابُه أن عهدة الشفيع على المشتري، قال أشهب
في المجموعة: وإليه يدفع الثمن غن كان المبتاع قد دفعه إلى البائع وعلى
المشتري قبض الشقص ودفعه إلى الشفيع، فإن كان المشتري حاضراً ولم يدفع
الثمن دفع الشفيع الثمن إلى البائع وعلى المشتري قبضُ الشقص للشفيع، وإن
شاء الشفيع قبضه من البائع وعهدتُه في ذلك كله على المبتاع.
ومن كتاب ابن المواز قال: فإن غاب المبتاع ولم يكن نقد فأبى البائع من دفع
الشقص. قال ابن القاسم: ينظر فيه السلطان (1). وقال أشهب/ في الكتابين: إن
قرُبت غيبته كتب إليه حتى يقدم فتكتب عليه العُهدة فإن بعدت غيبتُه قضى
للشفيع بشفعته وقضى للبائع بقبض الثمن منه إن لم يكن قبضه وإن كان البائع
قد قبضه أخذه الإمام من الشفيع فأوقفه للمبتاع وكتب عليه العهدة، فإذا قدم
أشهد بذلك على نفسه. محمد: وإن مات فالعهدة على ورثته- يريد في تركته.
قال ابن حبيب: وإذا حكم على المبتاع بشفعة فأبى من اخذ الثمن فيوقف له
مالاً من ماله والشفيع منه بريءٌ
ومن كتاب ابن المواز: وإن قبض المبتاع الشقص وسكنه ثم مات وقام غرماؤه وقام
البائع بالثمن وقام الشفيع فالبائع أحق بالثمن من غرماء المشتري. محمد: ولو
فلس المبتاع فالشفيع أحق بالشقص ويدفع الثمن إلى البائع.
__________
(1) في ع، ينظر فيه الإمام.
(11/182)
فيمن وجبت له الشفعة فلم يقم بها حتى باع
شقصه
وفيمن باع بعض حظه هل يستشفع فيه بما بقي؟
من العتبية (1) روى عيسى عن ابن القاسم: فيمن وجبت له شفعة ثم باع شِقصه
وهو لا يعلم بذلك فله الشفعة وتُكتب عهدتُه على المبتاع، وقال مثله مطرف في
كتاب ابن حبيب.
وقال أشهب في المجموعة: اختلف فيه قول مالك، وأحب إلي ألا شفعة له بعد. قال
أحمد بن ميسر: لا شفعة له بعد أن باع إلا أن يبقى له بقية أخر/ لأن أصل
الشفعة لما يدخل على الرجل من تضييق الواسع وخراب العامر وهذا فليس له شيء.
وقال ابن المواز: إذا باع نصيبه بعد أن وجبت له الشفعة من المبتاع من شريكه
أو من غيره فشفعته قائمة في الشقص الأول إن قام بها.
ومن المجموعة قال أشهب: من باع بعض حصته من دار فلا شفعة له مع الشريك بما
بقي له لأنه باع راغباً في البيع وإنما الشفعة للضرر. قال غيره: ولو باع
السطان على غائب بعض شِقصه في دينٍ عليه ثم قدم فلا شفعة له فيه، وكذلك لو
باع جميعها عليه وعلى شريكه فلا شفعة لهما فيما بيع عليهما وهو كما لو
باعاهما. قال أبو محمد: وتبين لي أن رجلاً لو باع شِقصاً له في دار ثم إن
المشتري منه باع ذلك الشقص من رجل آخر أن لبائعه الأول فيه الشفعة لأن هذا
بيع ثانٍ لم يله البائع الأول فلا حجة له فيه وليس له أخذه بالشفعة من هذا
المشتري منه لأنه ولي بيعه.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 71.
(11/183)
في تأجيل الآخذ بالشفعة في الأخذ وفي الثمن
وفيما تنقطع به شفعة الحاضر
من العتبية (1) من رواية أشهب عن مالك وهو في كتاب ابن المواز قال مالك:
فيمن باع شِقصاً من حائط غائب فقال الشفيع دعني حتى أنظر فليس له ذلك إلا
أن يكون الشقصُ على ساعةٍ من نهار وإلا فليس له ذلك.
قال ابن المواز: لأن الصفة (2) التي اشترى عليها المشتري تجري ويكتفي
الشفيع بها عن النظر لأمر المشتري لأن المشتري إنما اشترى/ عن صفة أو عيان.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا رفعه المشتري إلى الإمام خُير الشفيعُ فإما أخذ
أو ترك [وإن طلب التأخير اليومين والثلاثة لينظر رأيه فليس ذلك له ويسلمه
السلطان إلى المشتري فإما أخذ] (3) الشفيع في مقامه أو ترك وقال أشهب في
المجموعة مثله. وقال غيره: إذا طلب الشفيع عند الإمام الشفعة كلف الإمام
المبتاع يثبتُ شراءه وإذا أثبت أحلفه لقد نقد ما سمى من الثمن وما أعلن
شيئاً وأسر غيره وما ابتاعه بعرض ولا بدينٍ ثم قيل للشفيع أتأخذ أو تُسلم؟
فلا يبرح من المجلس حتى يأخذ أو يُسلم، فإن أخذها ضرب له في الثمن أجل
يومين أو ثلاثة وإن لم يضرب أجلاً فلا بأس به، وإن طلب المبتاع بعد ذلك عند
الحاكم في الثمن خيره في ذلك المجلس فإما ودى الثمن [أو قطع] الشفعة.
وقال مالك في مختصر ابن عبد الحكم: يؤخره السلطان اليومين أو الثلاثة
ليستشير وينظر. وذكر ابن حبيب عن أصبغ مثل ما ذكر ابن المواز. ومن كتاب ابن
المواز: وإن أوقفه غير السلطان فذلك بيده وإليه حتى يوقفه السلطان.
قال مالك في هذه الكتب: فإن أخذ بالشفعة وطلب التأخير بالثمن اليومين
والثلاثة فذلك له.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 65.
(2) في الأصل، لأن الصفقة.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع وف.
(11/184)
قال في كتاب ابن المواز: فإن أجابه إلى ذلك
وإلا فالمشتري أحق بها. وقال مالك: رأيت القضاة يؤخرونه هكذا.
ومن العتبية (1) من رواية يحيى عن ابن القاسم: في الذي أخذ بالشفعة وطلب
التأخير بالثمن فيؤخر ثم يبدو له ويأبى المشتري أن يقبله فالأخذ قد لزم
الشفيع فإن لم يكن له مالٌ بيع حظه الذي استشفع وحظه الأول حتى يتم للمشتري
جميع حقه ولا يقال إلا برضى المبتاع أن يُقيله/ وروى محمد عن أشهب نحوه.
قال: وروى أشهب عن مالكٍ أن الحاضر إن لم يقم بشفعته حتى مضت سنة من يوم
علمه ومن يوم بلغ الصغير لا أب له ولا وصي ومن يوم قدم الغائب فلا شفعة له.
وقاله أشهب وقال: والسنة أصل في غير شيءٍ.
قال ابن وهب عن مالك في المجموعة: إن لم تقم سنة ولا طلب فلا شفعة له وقال
عنه أشهب: ليس في ذلك حد وذلك مختلف، ليس الأرض البراح مثل ما عُمر وأُحيي.
قال في كتاب محمد روى عنه ابن القاسم: السنة والسنة قريب. وقال أشهب: إذا
غَرُبت الشمس من آخر أيام السنة ولم يقم فلا شيء له. قال ابن ميسر: ما قارب
السنة داخل في حكمها. قال غيره: إلا أن يقول الشفيع أنا على شفعتي ويشهد
على ذلك شهوداً يشهدهم على المبتاع فله الشفعة، وإن طال مُكث ذلك لأنه قد
أشهد عليه بالأخذ فترك المبتاع القيام عليه إلا أن يكون قد أوقفه السلطان
فلم يأخذه بالشفعة وأشهد عليه بذلك.
قال ابن حبيب: وقال مطرف وابن الماجشون عن مالك: لا تقطع شُفعة الحاضر شيءٌ
إلا أن يوقفه الإمام على الأخذ أو الترك أو يتركها هو طوعاً أو يأتي من طول
الزمان ما يُعلم أنه كان تاركاً لها أو يحدث فيها المبتاع بناءً أو غرساً
أو هدماً أو تغييراً وهو حاضرٌ فتنقطع شفعته إلا أن يقوم بحدثان ذلك
ومقاربته وأنكر أن يكون مالكٌ ما حدّ سنةٍ، وقالا: سمعناه وقد سُئل عن شفيع
حاضر قام على __________
(1) البيان والتحصيل، 12: 84.
(11/185)
شفعته بعد خمس سنين وربما قيل له أكثر من
ذلك فيقول في هذا: لا أرى له طولاً ما لم يحدث المشتري بنياناً أو تغييراً
بيناً/ وهو حاضر، فإن أجله أقصرُ من أجل الدين لم يحدث عليه شيءٌ. وقال
أصبغ: هو على شفعته السنتين والثلاثة ونحو ذلك ما لم يبنِ فيه المشتري أو
يبع. قال ابن حبيب: وروى ابن وهب عن مالك مثل رواية مطرفٍ وابن الماجشون.
وروى أصبغ عن أشهب في العتبية (1) أنه قال: إذا عالج فيها المبتاع هدماً أو
مرمة (2) فلا أرى إلا وستنقطع قبل السنة وإن لم يكن كذلك فإلى سنة.
قال أشهب وللغائب سنة من يوم يقدم وكذلك الصغير له أجل سنة من حين يحتلم
وكذلك في كتاب محمد عنه.
وقال مالك في الكتابين: إذا حضر الشفيع الشراء وكتب شهادته ثم قام بعد عشرة
أيام أو نحوها قال: ذلك له وأشدُّ ما عليه أن يحلف ما كان ذلك منه تركاً
لشفعته ويأخذها.
وروى عنه ابن القاسم في العتبية (3): في شفيع قام بعد شهرين أيحلف [أم لا؟]
(4) قال: لا. وروى عنه: فيمن قام بعد تسعة أشهر. قال: يحلف.
وفي كتاب محمد عن مالك: أنه يحلف في سبعة أشهر أوخمسة ولا يحلف في شهرين.
قال ابن عبد الحكم: وإذا قال الشفيع: لم أعلم بالبيع وهو (حاضر) (5) بالبلد
فهو مصدق ولو بعد أربع سنين. محمد: وإن الأربع السنين لكثيرٌ ولا يصدق في
أكثر منها وقاله لي ابن عبد الحكم.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 104.
(2) المرمة: الإصلاح يقال رم الشيء يرمه بضم الراء وكسرها رماً ومرمة
أصلحه.
(3) البيان والتحصيل، 12: 62.
(4) (أم لا) زائدة من ع.
(5) (حاضر) زائدة من ع.
(11/186)
ما جاء في شفعة الغائب والصغير والمُولى
عليه
من كتاب محمد والمجموعة قال مالك: إذا قدم الغائب فله القيام بشفعته وإن
طالت غيبته وإن لم يشهد في غيبته أنه على شفعته قال محمد: قاله مالك
وأصحابه.
ومن كتاب محمد: / قال مالك: إلا أن يقدم بعد طول العهد مما يُجهل في مثله
أصلُ البيع وتموت الشهود، وأما في قرب الأمر مما يرى أن البائع أحق بالثمن
لقطع الشفعة فليُقم على ما يرى من ثمنها يوم البيع فيأخذه. قال أشهب في
الكتابين: إلا أن تكون غيبةُ الشفيع لا مُؤونة عليه في الشخوص فيُعد
كالحاضر.
قال في المجموعة: وهذا إذا طال زمانُه وعلم بوجوب الشفعة. قال غيره: وليس
المرأة في ذلك والضعيف ومن لا يستطيع النهوض مثل غيرهم وإنما فيه اجتهاد
السلطان ولسلطان بلد المشتري الكتابُ إلى سلطان بلد الشفيع فيوقفه فإما أخذ
أو ترك.
ومن كتاب ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: في الغائب نحو قول مالك. قالا:
وله بعد قدومه مثل ما للحاضر. قالا: وكذلك المريض أو الصغير والبِكر فذلك
كغيبة الغائب ولهم بعد زوال العذر مثل ما للحاضر سواء كان الغائب أو المريض
عالِماً بشفعته أو جاهلاً. وقال أصبغ: المريض كالصحيح إلا ان يشهد في مرضه
قبل مُضي وقت الشفعة أنه على شفعته وأنه ترك التوكيل (1) عجزاً عنه وإلا
فلا شيء له بعد ذلك، قال ابن حبيب: والأول أحب إلينا.
وبه ومن كتاب محمد قال مالك: وإن مات الشفيعُ في غيبته فلورثته القيامُ.
قال ابن القاسم: وإن سافر المشتري والشفيع من موضع الدار إلى موضعٍ واحدٍ
بعد علمه بالشراء؟ فإن شفعته تنقطع وفي طول المدة بما تنقطع به شفعة
الحاضر.
__________
(1) في الأصل، ترك التوكل وما أثبتناه أخذناه من ف وع.
(11/187)
قال في/ كتاب محمد وهو لأشهب في المجموعة:
وإذا كان الشفيع حاضراً بموضع الدار والمبتاع غائبٌ غاب بموضع الشراء أو
اشتراها في غيبة أو اشتراها له وكيل فالشفعة له قائمة وإن طالت غيبةُ
المشتري، وكذلك إن كان وكيله هدم وبنى ويُكري بحضرة الشفيع ما لم يكن
مُوكلاً (1) على دفع الشفعة عنه.
قال في المجموعة: بينة [عادلة] (2) حاضرة قد علم بها الشفيع.
قال في الكتابين: وإن كان لو قام الشفيع لحكم بالشفعة ولكن لا يضره ذلك إن
لم يقم لعذره (3) بتجشم الخطوم. وإن كتابه عليه العهدة بحضرته أحسن. قال
ابن ميسر: إذا كان الوكيل يهدم ويبني ويكري بحضرة الشفيع فلابد أن يلي ذلك
معه وهذا يقطع شفعته، وكذلك إن لم يل ذلك معه وقامت بينة بعلمه ذلك وحضوره
فلا شفعة له إذا مضى ما تنقطع إليه الشفعة.
ومن الكتابين قال أشهب: وإذا قام الشفيع في غيبة المبتاع قضى له على وكيله
بالشفعة ولا عهدة له على الوكيل ولكن على الغائب ويدفع الثمن إلى الوكيل
على الشراء إن كان وكله وهو يعلم أن لها شفيعاً فيكون ذلك توكيلاً على قبض
الثمن، وإن لم يعلم بالشفيع فلا يدفع الثمن إليه ولكن إلى من يراه الإمام
وإنما لا يكتب العهدة على الوكيل إذا ثبت أنه للغائب اشتراها قبل عقد البيع
(4) بالإشهاد أنه لفلان يشتري فأما على إقراره بذلك بعد الشراء فلا يقبل
ولا يزيل العهدة عنه، ثم إن قدم الغائب فأقر بمثل ذلك فالشفيع مخير في/ أن
يقبل ذلك ويبرئ الوكيل من العهدة ويكتبها على هذا ثم لا رجوع له على الوكيل
بعد ذلك إن كان استحقاق وإن اختار عهدته على الوكيل فإن استحق ذلك فهو مخير
في اتباع أيهما شاء لأنه إن رجع [على الوكيل رجع الوكيل] (5) على الموكل
بإقراره له قال: __________
(1) في الأصل، ما لم يكن منهما وما أثبتناه مأخوذ من ع وف.
(2) (عادلة) ساقطة من الأصل.
(3) في الأصل، وإن لم يقم لعذرته.
(4) في الأصل، قيل يجوز البيع.
(5) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(11/188)
ومن ابتاع شقصاً غائباً والشفيع والمبتاع
غائبان وكل واحد منهما بموضع غير موضع الآخر ثم قدم الشفيع على المبتاع
بموضع هو به فأقام معه ما تنقطع فيه الشفعة (وهو) (1) لا يطلبه فذلك يقطع
شفعته، قال مالك: ولا حجة له بغيبة الدار.
قال أشهب: والشفعة للصغير والمولى عليه أبداً حتى يقيما بعد زوال الولاية
سنة كالغائب بعد قدومه إلا أن يكون للصبي أو المولى عليه أبٌ أو وصي أو من
جعله القاضي يليه فيكون تركُه ذلك سنةً بعد علمه به يقطع الشفعة، وإن ولي
نفسه قبل تمامها فله ذلك إلى تمامها إلا أن يكون وليه قد سلمها.
قال مالك في المجموعة: إذا علم بها وليه وعُلم منه في ذلك تفريط وتضييعٌ
وإن أمره فيه كان غير حسن، فلا أرى له شفعة إذا بلغ الصبي بعد خمس سنين.
وقال ابن القاسم وأشهب: لأن وليه بمنزلته.
قال ابن حبيب: قال مطرف وابن الماجشون: وإن لم يكن للبكر والصبي ولي ورُفع
ذلك إلى الإمام نظر لهما في الأخذ أو الترك فينفذ ما رأى لا يعود ذلك لهما
(2) بعد، زوال الولاية، ولو كان الولي أو الإمام إنما ترك الأخذ إذ لا مال
لهما ولهما فيها حظ ثم أفادا مالاً فلا شفعة بعد/ ذلك. ومن كتاب محمد
والمجموعة قال أشهب: ولا تسليم لأحد من قرابة الصغير إلا لأبٍ أو وصي أب أو
من جعله السلطان وصياً عليه، وإذا رفع المشتري خبره إلى الإمام ولا ولي له
لم يؤخر ونظر فإما أخذ له أو سلم ولا يؤخره حتى يقيم له خليفته عليه إلا أن
يكون على ثقة من إيجاز ذلك إلى مثل يومين أو ثلاثة، وإذا كان له وصيان
فاختلفا لم يلزمه رد هذا ولا أخذ هذا ونظر له الإمامُ، فإن طال ذلك ولم
يرفع إلى الإمام حتى تمت السنة فإن كان ذلك بيد المبتاع زالت (3) الشفعة،
وإن كان ذلك بيد الآخر فالصبي إذا بلغ مخيرٌ إما أخذ أو ترك فإن لم يبلغ
نظر السلطان له.
__________
(1) (وهو) زيادة من ع.
(2) في الأصل وف، لا يعد ذلك لهما.
(3) في الأصل وف، رأيت الشفعة ولعل الصواب ما أثبتناه من ع.
(11/189)
[ما جاء] (1) في تسليم الشفعة قبل الشراء
أو بعده بمال
أو بغير مالٍ، وما يُعد من فعل الشفيع تسليماً
من المجموعة: قال ابن وهب عن مالك: وإذا رضي الشريكان أن يقول كل واحد
للآخر بع ولا شفعة لي فليس ذلك لهما وكل واحد على شفعته. قال عنه ابن
القاسم: والتسليم قبل الشراء بمالٍ أو بغير مال فلا يلزم ذلك ويرد المال.
قال أشهب وعبد الملك: كمن أذن له ورثتُه أن يوصي بأكثر من ثلثه في صحته فلا
يلزمهم (2). قال أشهب: وإذا سلم بعد الشراء بمال أخذه من المبتاع أو من
غيره فلا بأس به. وقال أيضاً: وهو في كتاب ابن المواز: وإذا سلم في شقص بيع
بالخيار في أيام الخيار بعوض أو بغير عوض لم يلزمه وهو على شفعته، ولو رضيا
بإمضاء ذلك العوضِ بعد تمام البيع لم يجز ذلك حتى يفسخا ذلك بقضية أو بغير
قضية/ ثم تبايعا ما أحبا، وتسليمه الشفعة قبل علمه بالثمن بخلاف أخذه ولو
عرف الثمن فأخذ وقد أحدث المشتري بناءً لم يجز ذلك إلا بعد علمه بقيمة
البناء.
ومن العتبية (3) قال عيسى بن دينار: فيمن وقعت له شفعة في أرض فقام بها إلا
أنه قال للمبتاع أنا أحب حفظك ولك ولد مؤذ فأنا أدع الشفعة على أن لا
يؤذيني ولدُك فمتى ما بلغني أذاه فأنا على شفعتي فتراضيا على ذلك وأشهدا
به. قال: ما أحب العمل به، فإن وقع ومضت السنة (4) ثم بلغه الأذى وثبت ذلك
فله الأخذ بالشفعة وليوقف الآن أو يترك الشرط، بلغه الأذى أو لم يبلغه، ولا
تقطع السنة شفعته لأن عذره فيها بين، ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم:
وإذا ساوم الشفيع المبتاع في الشقص أو اكتراه منه أو ساقاه إياه فهو تسليم
للشفعة. __________
(1) (ما جاء) ساقطة من ع وف.
(2) في الأصل، فلا يلزم.
(3) لم يتيسر ربط النص بأصله.
(4) في الأصل، فإن وقع مضت لسنة والصواب ما أثبتناه من ع وف.
(11/190)
وقال أشهب: لا يضره ذلك وهو على شفعته لأنه
يقول كما لو فعل ذلك غيري بمحضري فلم أنكر وكذلك لو حضر وهو يباع في
المزايدة فزايد فيه ثم بيع بحضرته ثم طلب شفعته كان ذلك له.
قال أشهب: ولو قاسمه كان قطعاً لشفعته.
باب (1)
في الشفيع يخبر بغير ما وقع به الشراء
فيأخذ أو يترك ثم يتبين له خلاف ذلك
من كتاب ابن المواز والمجموعة لأشهب واللفظ لكتاب محمد: وإذا قيل للشفيع إن
البيع وقع بدنانير كذا أو شيءِ/ يكال أو يوزن فسلم ثم ظهر أنه ابتاعه بأقل
من ذلك فله الأخذ بعد يمينه. وقال: لا يمين عليه لظهور سبب تسليمه.
قال أشهب فيه وفي المجموعة: وإذا قيل له بيع بمائة إردب قمح فسلم ثم ظهر
أنه باع بدنانير؟ قال في المجموعة: أو بعرض يُقوم فأخذ فذلك له وإن كانت
الدنانير أكثر من قسمة القمح ويحلف ما سلمتُ إلا لذلك، ولو أخذ بالقمح ثم
علم بالدنانير لم يكن له رد لأن الدنانير أخذ مؤنة. قال محمد: إلا أن تكون
الدنانير أكثر من ثمن القمح بأمر بين، ولو قيل بالدنانير ثم ظهر أنه بقمح
فها هنا يلزمه تسليمه إلا أن يكون القمح أقل ثمناً، ولو كنت أخذت أولاً لم
يلزمك إلا أن تشاء، فلو قيل لك إنه مائة إردب قمح فسلمت ثم ظهر أنه عدَسٌ
(2) أو تمرٌ أو شيءٌ يُكال فلك مقالٌ في قلة الثمن ولا حجة لك في الكيل لأن
مؤن الكيل واحدة، ولو ظهر لك أنه بما يوزن من عسل أو زيت فلك الرجوع، لأن
الوزن أخذ بعد يمينك أنك ما سلمت إلا لذلك، ولو قيل لك __________
(1) لم تذكر لفظة باب في ع وف.
(2) في الأصل، ثم ظهر أنه غرس وهو سهو من الناسخ.
(11/191)
بجارية صفتها كذا أو عرض فسلمت أو أخذت ثم
تبين أن ذلك بدنانير فذلك يلزمك في التسليم والأخذ أنك تؤدي القيمة ما لم
تكن قيمة ذلك أكثر وقد سلمت فلك الرجوع أو تكون (1) أقل وقد أخذت فلك
الرجوع، وكذلك لو سمى لك بدنانير فأخذت ثم تبين أنه عرضٌ فأخذُك جائز لازم
ما لم تكن القيمة أكثر، وإن سلمتَ لزمك ما لم تكن القيمة أقل، ولو قيل لك
بجارية أو عرض ولم تُوصف/ فسلمت ثم تبين أنه دنانير (2) فلا حجة لك لأن
التسليم مع جهل مبلغ الثمن لازم وإنما يؤدي في العروض مالاً إلا أن ظهر أن
ثمن الشقص شيءٌ قليلٌ لا يكون مثله ثمناً لما سمى لك من جارية أو عرض ولا
بعارية مثل دينارٍ أو عشرين درهماً فلك الأخذ.
قال محمد: إذا كان الثمن قليلاً لا يشبه أن يكون ثمناً لم يلزمه تسليمه.
قال أشهب في المجموعة: وكذلك لو قيل لو بيعت بدنانير أو بدراهم لم يسميا
(3) ولم يوصف فسلَّمَ ثم ظهر أنه بيع بغير ذلك فلا شفعة له. قال في
الكتابين: وإن سمى له مائة دينارٍ أو مائة درهم فأخذ لزمه بالوزن الذي
يتبايع به الناس يومئذ، وإن وقع البيع على أغلى من ذلك فهو مخيرٌ أن يأخذ
أو يترك، إن سُمي له قمحٌ بكليه ولم يوصف فأخذ لزمه إن كان بالوسط منه أو
بدونه، وإن كان بأغلى من الوسط [فإما أخذ أو ترك، ولو قال المشتري للشفيع
ود الوسط] (4) لم يلزمه إلا أن يشاء، إذ لا يلزمه قبول المعروف وكذلك لو
سميت له دنانير أقل مما بيع به فأخذ بها ثم ظهر له أكثر (5) فترك فأسقط عنه
المبتاع الزيادة ليلزمه فلا يلزمه إلا أن يشاء، ولو قيل له بجارية أو عرض
ولم يوصف فأخذ فهذا أخذ فاسد لا يلزمه، وكذلك لو صفت له ولم يعرف القيمة
فأخذه فاسد. وقد تقدم في كتاب ابن __________
(1) (تكون) ساقطة من الأصل.
(2) في ع وف، ثم ظهر أنه دنانير.
(3) في الأصل، بيعت بدنانير أو بدراهم ثم سمى.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(5) في الأصل، ثم ظهر له الخبر.
(11/192)
المواز في باب آخر أنه بيع بعبد فأخذ فذلك
جائز وإن لم يعرفا قيمته إذا عرفاه وإن جهلا قيمته فأما إذا كانت/ الشفعةُ
إنما تجب بقيمة الشقص فهذا لا تلزمه الصفقة فيه إلا بعد معرفة قيمته.
قال أشهب في المجموعة في المسألة الأولى: وإن أراد الشفيع والمبتاع المقام
على ذلك لم يجز ولكن من قال بعد أن عرف قيمة العرض قد أخذتُ فقد لزمه.
قال ابن المواز: وإن سمى له الثمن ولم يُسم له المشتري فسلم أو أخذ [فلا
رجوع له، ولو سمى له غير المشتري فترك ثم علمه فأخذ فذلك له ولو كان أخذ]
(1) أولاً أو لم يكن له رد حين عرفه إذ علم الثمن، ولو قيل له اشتراه فلانٌ
فسلم ثم ظهر أنه مع آخر اشترياه فله الرجوع [في الشفعة] (2). قال ابن
القاسم: ثم له أخذ جميع الشقص منهما ولا يلزمه تسليمه للآخذ. محمد: لأنه
يقول ينتقص عليَّ. وقال أشهب: يلزمه التسليم للذي سلم له ويأخذ حصة الآخر
ثم تكون الحصة التي سلمها أولاً بين المشتريين إن أحبا ويكتب عهدته عليهما،
وإن شاء ألزماه أخذ ما سلم أو سلم لهما جميع الشراء.
قال محمد: إذا كانا متفاوضين فليس له إلا الأخذ منهما جميعاً أو التسليم
إليهما، ولو سلمنا له فإن أدى الآخذ من أحدهما فقال أشهب: له الأخذ من
أحدهما والتسليم للآخر. محمد: وهذا إن لم يكونا متفاوضين. وقال ابن القاسم:
ليس له إلا أخذ الجميع أو يدع. قال أشهب: فإن قيل له بيع الشقص بمائة [فقال
أخذت] (3) ثم ظهر أنه إنما اشترى نصفه بخمسين فإنه يلزمه النصف إلا أن يكون
ما لا منفعة فيه لقلته وضيقه فله رده، ولو قيل له اشترى الجميع فسلم ثم ظهر
أنه النصفُ فلا رجوع له. قاله ابن القاسم وأشهب. قال/ أشهب: ولا حجة له أن
يقول شركني رجلان. محمد: إذ لا يتشافعان دونه ولو قيل له اشتري __________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(2) (في الشفعة) ساقطة من الأصل.
(3) (فقال أخذت) ساقطة من الأصل.
(11/193)
النصف بخمسين فأخذ ثم ظهر أنه [اشتُري] (1)
الجميع بمائة فله أخذ باقيه، فإن أبى فالمبتاع مخيرٌ أن يقول رُد النصف أو
خُذ الجميع، ولو سلم على النصف ثم تبين أنه الجميع فشاء الأخذ فقال المبتاع
لا أعطيك هذا النصف (2) الذي سلمت لي، قال أشهب: فذلك له وللشفيع أخذ النصف
الآخر (3). فقال ابن القاسم: له أخذ الجميع، وإن قيل بيع الجميع فأخذ النصف
وسكت عن النصف الآخر فإن شاء المشتري إلزامه الجميع فذلك له أو يدع الجميع،
وإن تماسك المبتاع بالنصف الذي سكت عنه الشفيع وأراد الشفيع أخذه فليحلف ما
كان ذلك تسليماً له ولكن لما يذكره ثم يأخذ باقيه.
في مجهلة (4) الثمن وفي اختلاف المتبايعين في الثمن
فيما فيه الشفعة واختلاف الشفيع والمبتاع في ذلك
والرجلين يدعي كل واحد منهما
أنه ابتاع الشقص من الآخر
من كتاب ابن المواز وهو في العتبية (5) من سماع ابن القاسم: وإذا قال
المبتاع نسيتُ الثمن فإن مضى من طول السنين ما يندرس فيه العلم وتموت
البينة وتُرفع فيها التهمة فالشفعة ساقطة، وكذلك إن كان غائباً أو صغيراً،
وأما إن كان على غير ذلك فالشفعة قائمة بقيمة الشقص.
قال ابن عبدوس قال ابن الماجشون: إذا جاء الشفيع إلى ولد المبتاع بعد طول
الزمان فيحلف الولد/ ما عنده عِلم ذلك ثم يأخذ بالقيمة وكذلك لو كان
المبتاع حياً وقال لا أدري بكم اشتريتُ فيحلف، فإن نكل أخذه الشفيع إن شاء
__________
(1) (اشترى) ساقطة من الأصل.
(2) في الأصل، لا أعطيك النصف.
(3) في الأصل، فذلك للمبتاع أخذ النصف الآخر وهو كلام غير منسق.
(4) في الأصل، في مهلة الثمن.
(5) لم يتيسر ربط النص بأصله.
(11/194)
وقيل للمبتاع متى أحببت حقك فخذه وإن حلف
فلك قيمته يوم تسليمه إلى الشفيع، وإن قال الشفيع لا أقبضه (1) إذ لعل ثمنه
كثير فلابد من أن يحلف المبتاع ما علمه أو يُسجن.
وقال غيره: إذا اختلفوا في الثمن فجاء المشتري بما لا يشبه أو جهلوا الثمن
استشفعه بقيمته يوم ابتاعه المبتاع (2).
ومن كتاب محمد: وإذا تشاهد المتبايعان على البيع وكتما الثمن لم تجب الشفعة
حتى يظهر الثمن.
قال في كتاب محمد وهو لأشهب في المجموعة: ولو قال البائع: بعتُ بمائتين
وقال المبتاع بمائة تحالفا وتفاسخا وفُسخت الشفعة، فإن نكل المبتاع بعد
يمين البائع ودى مائتين وأخذ الشفيع بمائة كما أقر المبتاع، ولو رجع فصدَّق
البائع ما قبل منه، وكذلك إن قال: أنا آخذها بما قال وكذلك لو كان قول
البائع أشبه فقضى بقوله مع يمينه لم يلزم الشفيع غير مائة.
وروى ابن حبيب عن ابن عبد الحكم أنه إذا اختلفا فقال البائع بمائتين وقال
المبتاع بمائة أن المبتاع إن نكل لزمه الشراءُ بمائتين وإن نكل ما وجبت له
الشفعة. وقاله أصبغ قال ابن القاسم: فإن نكلا جميعاً أو حلفا فُسِخَ البيعُ
ثم ليس للشفيع أخذها بقول البائع لانفساخ الصفقة فإذا فاتت ببناء أو هدم
صُدق المشتري في الثمن مع يمينه/ قاله ابن القاسم، وقال أشهب: يتحالفان
ويتفاسخان وتُرد القيمة في الفوت إلا أن تتجاوز دعوى البائع أو تنقص عن
دعوى المبتاع فلا تُنقص ولا يُزاد ثم يأخذ الشفيع بما استقر من ذلك.
ومن كتاب محمد ومن العتبية (3) من سماع أشهب: ولو قال المشتري: اشتريتُ
بمائتين وقال الشفيع بل بمائة لم ينظر إلى تصديق البائع أحدهما ولا تُقبل
__________
(1) في الأصل، لا أقضيه.
(2) في الأصل، استشفعه بقيمة يوم ابتاع.
(3) البيان والتحصيل، 12: 62 - 68.
(11/195)
شهادتُه ولا يأخذها الشفيع إلا بما قال
المبتاع. قال محمد: لم يختلف مالكٌ وأصحابه في هذا، فإن ادعى ما لا يشبه
فقد اختلفوا، فروى أشهب عن مالك: أنه يُصدق فيما يشبه بلا يمين وفيما لا
يشبه مع اليمين وكذلك في العتبية (1) عنه.
وقال في الكتابين: إلا أن يكون ملك مجاورٌ له أو سلطان فيصدّق [في كثرة
الثمن الذي لا يشبه بلا يمين. محمد وروى عنه ابن القاسم أن المشتري يصدق
فيما يشبه ولا يصدق فيما لا يشبه إلا مثل الملك المجاور فيصدق] (2) فيما
يتغابن فيه مثله. محمد: وهذا كله مما إذا لم يدع الشفيع أنه حضر تبايعهما
ولا عَلِمَ الثمن فأما إن ادعى عِلمَ الثمن فلابد من يمين المبتاع، فإن نكل
حلف الشفيع وودى ما قال، وقاله مالك في موطأه (3) وكذلك إن أقام شاهداً حلف
معه وإلا حلف المبتاع. قال ابن حبيب عن أصبغ: إذا اختلف الشفيع والمبتاع في
ثمن الشقص فإن ادعى المبتاع ما يشبه حلف وصُدق وإن جاء بسرف (4) ردٌ إلى
قيمة الشقص، فإن شاء أخذ الشفيع بذلك وإن شاء ترك. وقال مطرف: يُصدق
المبتاع مع يمينه وإن جاء بسرف.
قال في كتاب ابن المواز ذكره ابن عبدوس لابن القاسم: وإن أقاما جميعاً
البينة صُدق المبتاع كارتفاع البينة قال/ في كتاب محمد: إذا كانت شهادتهما
على صفقة [واحدة] (5) قضى بأعدلهما فإن تكافؤوا سقطوا. وذكر ابن عبدوس مثله
عن أشهب. قال سحنون: لا يبطلان في التكافؤ والبينة بينة المبتاع وليس من
التهاتر لأنها أزيد كاختلاف المتبايعين في مقدار الثمن ويقيمان البينة،
فالبينة بينة البائع لأنها زادت، وكذلك المبتاع والشفيع.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 62 - 68.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ف وع.
(3) يمكن الاستئناس في هذا الموضوع بما جاء في الجزء الثاني من الموطإ في
كتاب باب ما تقع فيه الشفعة حسب ذكر الخلاف الذي وقع بين البائع والمشتري
في تحديد قيمة الثمن الذي فات.
(4) السرف بفتحتين: ضد القصد.
(5) (واحدة) ساقطة من ع.
(11/196)
وقال أشهب مثله في كتاب محمد: أنه إن كانت
الشهادة في مجلسين (1) فالقول قول بينة الشفيع إن كانوا عدولاً وإن كان
الآخرون [أعدل]، لأنه إن كانت بينة الشفيع قبل فقد زاده المبتاع بعد الصفقة
وإن كانت بعد فهي وضيعة من الثمن الأول. قال محمد: وإن كان الثمن عرضاً أو
حيواناً قد فات فاختلفا في قيمته فقال مالك: فالمبتاع مُصدق في صفته أو في
قيمته يوم البيع، فإن جاء بما لا يُشبه صُدق الشفيعُ مع يمينه فيما يشبه،
وقاله ابن القاسم وقال نحوه أشهب: إذا كان العرض قائماً إلا أنه طال زمانه.
واختلفا في صفته كيف كان يوم البيع قال: وإن هلك العرض فأتيا بما لا يشبه
قيل للمبتاع احلف ولك أقصى ما لا يتبين فيه كذبك فإن أبى حلف الشفيع وكان
عليه أدنى مالا يظهر فيه كذبُه فإن نكل نُظر فإن ادعى أنه حضر أو علم الثمن
ونكل لم يأخذه إلا بأكثر ما لا يتبين فيه كذبه للمبتاع، فإن لم يدع العلم
فليس بناكل والمبتاع ناكل فيكون للشفيع بأقل ما ادعى مما لا يعرف فيه كذبه
بعد أن يحلف أنه ما يعلم/ ما ادعى المشتري، قال محمد: فإن حلف فأحبُّ إليَّ
أن يحبس المشتري حتى يحلف وإن ادعى الشفيع العلم ونكل فلا شفعة له.
وروى أشهب وابن وهب عن مالك: إذا هلك العرض والحيوان وهو الثمن فاختلفا في
قيمته حلف المبتاع أن قيمته ما قال ثم إن شاء الشفيع أخذ بذلك أو ترك إلا
ان يأتي ببينة.
وقال ابن الماجشون: إذا نكل المبتاع فليقبض الشفيع الشقص إن شاء ويقال
للشفيع متى أثبت (2) حقك ببينة أو يمين فلك قيمته يوم سلمته إلى البائع،
فإن قال الشفيع لا أقبضه (3) على هذا إذ لعله أكثرُ فلابد أن يحلف المبتاع
أو يُسجن.
__________
(1) في الأصل، في مجلس والصواب ما أثبتناه من ع وف.
(2) في الأصل، أحييت وكذلك في النسخ الأخرى وأظن أنها محرفة عن أثبتت فآثرت
استعمالها في النص والله أعلم.
(3) في الأصل، لا أقضيه وما أثبتناه مأخوذ من ع وف.
(11/197)
ومن كتاب ابن المواز ومثله في العتبية (1)
عن ابن القاسم من رواية أبي زيد: وإذا ابتاعه بدنانير ولؤلؤة فاختلفا في
قيمتها فليصفها المبتاع ويُقوم صفته مع يمينه فإن لم يحلف أو لم يصف (2)
وصفها الشفيع وحلف فإن لم يصفها أخذه الشفيع بقيمته.
ومن العتبية (3) من سماع عيسى: وعمن ابتاع أرضاً وقبضها فقام الشفيع فقال
المبتاع: ابتعتُ مقسوماً، وقال الشفيع بل شائعاً فالمبتاع مُدعٍ والشفيع
مُصدقٌ.
ومن كتاب محمد: وإذا قال البائع: بعتُ الشقص من فلان وفلانٌ منكرٌ فلا شفعة
فيه، وإن كان غائباً بعيد الغيبة فللشفيع أخذ ذلك [قال] (4) في باب آخر
ويدفع الثمن إلى البائع إن لم يُقر بقبضه ولا يكون له على البائع عهدة إلا
في الاستحقاق/ ويكتب للغائب العهدة في كل شيء، ثم إن قدم الغائب فأقر كتب
عليه العهدة وإن أنكر حلف ورجع الشقص على بائعه. قال محمد: وأجب إلي ألا
يرجع إلى البائع إذا رضي أن يأخذه بلا كتاب عهدته ولكن يُشهد على البائع
بقبض الثمن وتلزمه عهدة الثمن فقط. قال أحمد بن ميسر: إذا لم يثبت البيع
إلا بإقرار أحد المتبايعين فلا شفعة فيه.
قال أشهب: وإذا أقر المبتاع أنه ابتاع الشقص وبائعه غائب فإن كان بيد
المبتاع ففيه الشفعة، ثم إن جاء البائع فأنكر ولم تكن بينة أخذ شقصه ورجع
الشفيع بالثمن.
وقال ابن القاسم: لا شفعة بإقرار المبتاع والقضاء بذلك برفع الغلة عن
الشفيع إن أنكر البائع البيع. قال محمد: وهذا أحب إلينا.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 98.
(2) في الأصل، فإن لم يحلف أو يصف بإسقاط (لم) الداخلة على يصف.
(3) البيان والتحصيل، 12: 78.
(4) (قال) ساقطة من الأصل.
(11/198)
قال أشهب في الكتابين: واللفظ لكتاب محمد:
وإن تداعى رجلان شِقصاً كل واحد يدعي أنه اشتراه من الآخر وأقام كل واحد
بينة قضى بالبينة التي ورخت وإن ورختا قضى بآخرها وللشفيع أخذها بأي
الثمنين شاء ويكتب عهدته على من شاء أن يأخذ منه، فإن أخذ من الآخر لم يرجع
واحد منهما على صاحبه بشيء وإن أخذه من الذي لم يُقض له بد دفع إلى المقضي
له به ما ذكر أنه اشتراه به ودفع فضلة ذلك إلى الآخر. وإن كانت شهادتهما في
مجلس أو مجلسين ولم يؤرخا وتكافآ في العدالة ولا يُدرى أي الشهادتين بعد
فإن لم يكن الشقص بيد أحدهما فالشهادة [باطل] (1) والشقص لمن/ أقر له به من
هو بيده وللشفيع عليه الشفعة، فإن لم يكن يدري بيد من هو بيده قسم بينهما
بعد أيمانهما وللشفيع أخذه منهما بما يقران به من الثمن. قال ابن القاسم:
فإن ادعى أحدهما شراءه بمائة والآخر شراءه بمائتين فقسمناه بينهما أخذ
الشفيع بنصف المائة ونصف المائتين.
قال أشهب: فإن نكلا لم يُقض لهما بشيء ولا شفعة للشفيع، فإن حلف أحدهما
ونكل الآخر فهو لمن حلف ويُؤخذ منه بالشفعة ولو كان بيد أحدهما فهو لمن هو
بيده مع يمينه، فإن نكل حلف الآخر ويأخذ الشفيع ممن قضى له به.
في الشفعة تجب للشريك أو المقارض أو للوكيل
أو فيما باع الوصيُّ على بعض من يليه
هل يأخذ لمن بقي أو لنفسه؟
وفيما باعه السلطان (2) في تفليس أو لوصية
هل فيه شفعة أم لا؟
من كتاب ابن المواز والمجموعة قال ابن القاسم وأشهب: في المقارض يشتري من
المال شقصاً ورب المال شفيعه فله أخذه بالثمن [الذي اشترى به] (3).
__________
(1) (باطل) ساقطة من ع.
(2) كلمة السلطان ساقطة من الأصل مثبتتة من ع وف.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ف وع.
(11/199)
قال أشهب في المجموعة: وعهدتُك على البائع،
لأنه إنما اشترى لك بربح إن كان مالاً ولو كان العامل شفيعهما فله أخذه.
قال ابن القاسم في كتاب ابن المواز وهي مشكلة والأولى بينة.
قال أشهب في المجموعة: ولا أرى عهدته أيضاً إلا على البائع لأنه لم يرض
بشرائه وليس له أن يشتري عليك/ ما يلحقك فيه له عهدة فيحكم لنفسه عليك.
قال في كتاب محمد وهو لعبد الملك في المجموعة: وإذا باع الوصي شقصاً لأحد
الأيتام فله أن يأخذ بالشفعة لباقيهم ولا يدخل فيه من بيع عليه ولا حجة
للوصي أنه باع على غيره.
قال ابن المواز: ولو كان له هو معهم شقص لدخل في تلك الشفعة معهم أحب إلي
ولينظر فإن كان خيراً لليتيم أمضاه وإلا رد لأنه يُتهم أن يفتري بالبيع
رخصاً لأخذه بالشفعة.
قال ابن الماجشون في المجموعة: إن كان بيع الوصي على اليتيم سداداً فلا
يستشفع فيه لنفسه لأنه يُتهم فإن استشفع فليتعقب [ذلك السلطان] (1) فإن كان
سداداً لليتيم أمضاه وإلا رده وفسخ بيع المشتري.
ومن العتبية (2) من سماع أشهب: وعن الرجل له أرض مشتركة من قوم فبيعت عليه
في تفليس بأمر السلطان ففيها الشفعة.
وقال سحنون: إذا أوصى الميت بالثلث فباع السلطان ثلث داره لذلك فلا شفعة
للورثة إذا كان الميت باع.
قال غيره في المجموعة: في ميت لحقه دينٌ فباع الإمام أرضه مزايدة فقال أحد
الورثة بعد الدين إنا نؤدي من الدين قدر ما على واحد بقيمة نصيب شركائي
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) البيان والتحصيل، 12: 69.
(11/200)
بالشفعة فإن كان في بقية ما يباع من الأرض
تمام ذلك فله ذلك وإلا فلا شفعة له.
في الشفعة بين الذمي والمسلم
وشفعة المرتد والمديان (1) ومن فيه بقية رق
من العتبية (2) روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم: إذا باع المسلم/ شقصه من
نصراني والشفيع نصراني فلا شفعة له لأن الخصمين نصرانيان وهذا خلاف قول ابن
القاسم في المدونة وقال أشهب في المجموعة إذا كان أحد الثلاثة مسلماً
بائعاً أو مبتاعاً أو شفيعاً ففي ذلك الشفعة.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: إذا كان الشريكان نصرانيين فباع
أحدهما من نصراني فإن تحاكما إلينا قضينا بينهما بالشفعة.
وقال أشهب: إذا كان الشريكان نصرايين فباه أحدهما والمبتاع نصراني مثلهما
فلا شفعة فيه وإن تحاكما إلينا.
وقال الأوزاعي: لا شفعة لنصراني. وروى يحيى بن عُمر عن البرقي عن أشهب: في
نصراني اشترى من نصراني شقصاً بخمر أو خنازير والشفيع مسلم فله الشفعة
بقيمة الشقص. قال يحيى: بل بقيمة الخمر والخنازير، وبه قال محمد بن عبد
الحكم.
وقال سحنون في العتبية (3): في المرتد يُحبس فتجب له الشفعة قال: هو محجوز
عليه فإن تاب فله الشفعة وإن قُتل فهي للسلطان (4) يأخذها إن شاء لبيت
المال أة يترك.
__________
(1) في الأصل، والمرأة.
(2) البيان والتحصيل، 12: 80.
(3) لم يتيسر ربط النص بأصله.
(4) في ع وف، فهي للإمام.
(11/201)
ومن كتاب ابن المواز والمجموعة قال أشهب
وابن القاسم: إذا سلم العبد شفعته أو أخذ أو فعل ذلك سيده قال: من سبق
منهما إلى الأخذ أو التسليم فلا كلام للآخر بعده إلا أن يكون على المأذون
دينٌ فلا يلزمه تسليم سيده ولا أخذه إن كان ذلك حظاً للعبد في دينه. محمد:
وأما غير المأذون فلا أخذ له ولا ترك. وكل من فيه بقية رقٌ فعلى ما ذكرنا
في أمر العبد.
قال أشهب: وإن أخذها المأذون وفيها غبن شديد أو في تسليمها وعلم أن فيه
محاباةً بينةً فليس له ذلك.
/ قال ابن القاسم: وأما المكاتب فذلك له دون السيد. قال أشهب: إلا أن يتبين
أن في أخذه أو تركه محاباة بينة. قال أشهب: في المعتق بعضه وهو غير مأذون
فلا أخذ له إلا باجتماعهما، ويجوز تسليمه على السيد كما لو كان له فيه شرك
لم يأخذ أحدهما إلا باجتماعهما، ثم إن ملك بقية العبد أو عتق باقي العبد
الذي كان فيه عتق فلا أخذ لهما بعد ذلك ويُعد تسليم أحدهما لازماً للآخر
(1) وكذلك إن عجز (2) المُكاتب بعد أن سلم والسيد كارهٌ فلا أخذ له.
قال في المجموعة: ولو لم يأخذ العبدُ ولا المعتقُ بعضه ولا المُكاتب ولا
سلموا (3) حتى عتقوا ولم يَطل الزمان فلهم الشفعة بعد عتقهم إلا أن يكون
معتِقُ العبد استثنى الشقص الذي كان يستشفع به فلا أرى ذلك، له ولو رأى ذلك
أحد لم أعبه عليه لأنها وجبت له قبل العتق، وقد اختلف قول مالك فيمن له
شفعة فباع شِقصه قبل قيامه فلا شفعة له عندي. قال في الكتابين: والمكاتب
والمعتق بعضه وأم الولد والمدبر والمعتق إلى أجل والعبد إذا لم يكن لواحد
منهم (4) مالٌ يأخذه به الشفعة وطلبوا الأخذ فليس للسيد أخذ ذلك لنفسه، لأن
الشفعة لغيره وجبت، وأما أن يأخذ ذلك لمن وجبت له بسلف أو هبة فذلك له جائز
في __________
(1) في الأصل، ويعد تسليم أحدهما لأرض الآخر ولا معنى لذلك.
(2) في الأصل، وكذلك أن تحجر المكاتب.
(3) في الأصل، ولا سلمها حتى عتقوا.
(4) في الأصل، منها والصواب ما أثبتناه من ع وف.
(11/202)
عبده ومدبره وأم ولده ومعتقه إلى سنين إن
شاء وإن أبى فليس له ذلك في مُكاتبه والمعتق بعضه إلا برضائها.
قالا: وليس لغرماء المفلس أخذ شفعته إذا أبى.
قال أشهب/ كما لا يعتصر (1) لهم ما وهب لابنه فإن أراد من أحاط به الدين
الأخذ بها لم يمنعوه، قال أشهب: ما لم يفلس فيكون لهم منعُه [إن كان ذلك
يضر بهم وبه] (2).
ما جاء (3) في ميراث الشفعة عن الشفيع
وعليه دينٌ أو لا دين عليه
والشفيع يرثه البائع هل له القيام؟
والغاصب يوهب له مال غُصب بعد أن باعه
أو [يرثه بعد أن باعه] (4)
من العتبية (5) من سماع أبي زيد: وعن رجل باع شقصاً له شفيع فلم يقم بها
حتى مات فورثه البائع فللبائع أن يقوم بها. وقال نحوه أشهب في المجموعة.
قال العتبي وسئل أصبغ: عن ثلاثة إخوة بينهم دار فغاب أحدهم فباع الحاضران
جميعها وأعلما بذلك المبتاع وأنهم يرجون أن لا يخالفهم فقبل ثم قدم الأخ
فردّ حصته واستشفع فلم ينظر فيه حتى مات فطلب أخواه أن يردا سهمه
__________
(1) أي لا يستخرج مالهم من أيديهم يقال اعتصر ماله استخرجه من يده وفي
الحديث يعتصر الوالد على ولده في ماله أي يمنعه إياه ويحبسه عنه وجاء في
الموطإ أنه له هذا الحق ما لم يستحدث الولد دينا بداينه الناس به أو يكون
ذلك العطاء مغرياً لزوجة قبلت الزواج منه.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مزاد من ع.
(3) (ما جاء) ساقطة من ف وع.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع وآخر العنوان في الأصل جاء
على الشكل التالي (والغاصب يوهب له مال غصب بعد أن باعه أو موته) وذلك لا
معنى له.
(5) لم يتيسر ربط النص بأصله.
(11/203)
ويأخذاها بشفعة عنه فليس ذلك لهما لأنهما
ابتديا ذلك كمن باع سلعةً قد اغتصبها ثم وُهبت له فأراد فسخ البيع فليس ذلك
له.
ورُوي عن ابن القاسم: في الغاصب يبيع ثم يرث ما باع أن البيع نافذ. وقال
أصبغ: يُفسخُ، ورُوي عن سحنون عن ابن القاسم مثل قول أصبغ.
قال ابن المواز عن أشهب وفي المجموعة عنه: ومن مات والدينُ محيط به فليس
للغرماء أخذ شفعته إلا أن يشاء ورثته أخذها، فإن أخذوها بمال الميت
فللغرماء الثمن والفضل وإن بقي شيء هن دينهم كان ميراثاً، وأن أخذوها
بمالهم بيعت فبدؤوا برأس المال/ وقضى بالفضل دينه فإن لم يسو إلا رأس المال
فأقل لم يبع عليهم.
قال ابن عبدوس قال سحنون: لمالكٍ فيها تفسير لم يقع عليه أشهب [وكانت
تُعجِبُ سحنون ويراها أصلاً حسناً وهي للمغيرة.
قال سحنون] (1) قال مالك: يبدأ بالورثة فيقال لهم: إن قضيتُم الدين فلكم
الشفعة لأن الميراث بعد الدين، فإن أبوا وبيع ميراثُ الميت للدين فلا شفعة
لهم، لأن الشقص الذي يُستشفعُ به قد بيع ولم يملكوه في حال ولا حلوا محل
الميت لبرِئهم من تركته.
قال المغيرة: وإذا أبى الوثة أن يُقضى الدين [وقالوا] (2) ولكن يُباع
المالُ فإن كان فيه فضل ورثناه قال: لا شفعة لهم ولا للغرماء، لأن الغرماء
لا يملكون الشقص الذي به الشفعة.
قال أشهب في كتاب ابن المواز والمجموعة: ولو قال قائل: ليس لمن أحاط به
الدين شفعةٌ لتُباع في دينه لأنه يأخذها لغيره ما عتقته وإنما قلت: "ذلك
استحسان" والقياس غيره وصوبه سحنون في هذا في المجموعة واستجاده لأن
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(2) (وقالوا) ساقطة من الأصل.
(11/204)
الشفعة في السنة إنما هي للضرر بالشفيع.
قال أشهب: وهو يأخذها في مرضه لورثته، لأن لهم أخذها بعد موته، قال سحنون:
المريض يبيع ويبتاع لم يُمنع من ماله والمفلس محجوز عليه ولا يشتبهان.
باب (1)
في الشفيع يهب شفعته أو يبيعها قبل أن يأخذها
قال أشهب: إذا باع الشفيع قبل أن يأخذ بالشفعة فبيعُه مفسوخ. قال ابن
المواز: ولا يجوز أن يهب شفعته قبل الأخذ/ وكره مالكٌ أن يأخذ شفعته على أن
يدفعها لغيره ولم يره.
قال عنه أشهب في كتاب محمد والعتبية (2): وإن كان الشفيع عديماً فقال له
رجل خُذ بالشفعة وأنا أربِحُكَ كذا ففعل ثم ظهر على ذلك فإن علم ذلك بمعرفة
أو إقرار الشفيع والمبتاع وإلا فمن أين يثبت هذا وليس إقرار الشفيع فيه
شيءٌ إلا بالبينة. قال أشهب: ولا إقرار المبتاع خاصةً حتى يجتمع المبتاع من
الشفيع والشفيع على الإقرار بذلك ولا يُقبل إقرارُ أحدهما دون الآخر. قال
مالك: فإن علمت بذلك بينة ردَّ ذلك إلى المبتاع. قال عنه ابن القاسم: هذا
مكروه ورأى أن يُرد.
ما جاء (3) في الوكالة على الشفعة
من المجموعة قال ابن القاسم وأشهب: وللحاضر أن يوكل على طلب شفعته وكذلك
قال مالك في وكالته على خصومته، قال أشهب: وكلته قبل أن تجب لك الشفعة أو
بعدما عَلِمت بالثمن أو جهلته إذا كان لا يأخذ لك إلا بعد __________
(1) لفظة (باب) ساقطة من ف وع.
(2) البيان والتحصيل، 12: 66.
(3) (ما جاء) ساقطة من ع وف.
(11/205)
عِلمِه بالثمن كما يأمره بالشراء ولا يوقف
له ثمناً فيبتاع بما يشبه على الاجتهاد فإن طلب الوكيل شفعته فوجد الدارَ
قد هُدِمت أو بُنيت فإن علمت بالثمن ولم تعلم بالبنيان فليس له أن يأخذ وإن
أخذ أو سلم لم يلزمك أخذُه ولا تركُه لأنك إنما وكلته على ما علمت، وإن لم
تعلم بالثمن ولا ما حالُ الدار فللوكيل أن يأخذ بالشفعة بالثمن وبقيمة
البنيان ويلزمك، وإن علمت بالدار ولم تعلم بالثمن أو علمت به فليس له أن
يأخذ لك بالشفعة لأنك أمرته أن يأخذ/ لك ما قد عرفت وقد صارت الدار إلى غير
ذلك قال: ولو هُدِمت الدارُ فلم يعلم بهدمها وقد كنت عالماً بالدار أو
جاهلاً [بها عالماً بالثمن أو جاهلاً] (1) به فليس للوكيل أن يأخذ لك
بالشفعة ولا يلزمك أخذه ولا تركه. وإذا وكلته على الأخذ فسلم، فأما المفوض
إليه فذلك يلزمك وإن لم يكن مُفوضاً إليه لم يلزمك، وقاله ابن القاسم قال:
وإن أقر الوكيل بتسليمك فهو كشاهد يحلف معه المبتاع ويلزمك فإن نكل حلفتَ
أنت وبرئت.
قيل لأشهب: فيطلب لي شفعتي وقد شهد علي بالتسليم؟ قال: لا ينبغي للوكيل أن
يطلب لك شفعة تزعم أن طلبها لا يجوز، فإن تمادى فليسمع منه الإمام ويقضِ
بها، وإن نكل الشفيع عن اليمين فلا شفعة له، قال: فإن أقام بالبينة أن
فلاناً وكَّله على طلب الشفعة والمبتاعُ غائبٌ أمكن من الشفعة ومن الوكالة
عليها.
فيمن تصدَّق على رجل وباع من آخر في كلمة واحدة
ومن كتاب ابن حبيب قال مطرف: فيمن له دارٌ فتصدَّق على رجل بنصفها شائعاً
وباع النصف الآخر من آخر (2) وذلك مُتسِقٌ (3) في كلام واحد ومجلس واحد
فللمصدَّق عليه أن يستشفع وإن كان في كلام واحد إذا بدأ __________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) في الأصل، من الآخر والصواب ما أثبتناه من ع وف.
(3) في الأصل، مستوى والصواب ما أثبتناه من ع وف.
(11/206)
بالصدقة قبل البيع وإن بدأ بالبيع قبل
الصدقة فلا شفعة له إلا أن يكون إنما قال كنتُ تصدَّقتُ على فلان وبعتُ من
فلان فلا يُنظر في هذا بما بدأ به ولا يستشفع المتصدق عليه فيما ذكر أنه
باعه بعد الصدقة لأنه لا يدري هل كانت الصدقة قبل أو بعد/ ولا يُقبلُ في
ذلك قولُه وإنما يُنظر إلى تقديمه وتأخيره إذا كان الآن يفعله. وقال أصبغ:
هو عندي واحد وقوله فيه مقبول لأنه لا يتبين ذلك إلا بقوله وبالأول أقول.
في الوكيل على طلب شِقصٍ وبيعه فاشتراه
لنفسه هل فيه شفعةٌ؟
من العتبية (1) روى عبد الملك بن الحسن عن ابن القاسم: فيمن وكَّل رجلاً
على طلب حقٌ له ببلد آخر وفوَّض إليه في بيعه إذا قبضه وأذن له إن شاء أن
يشتريه لنفسه بما بلغ، فقدم البلد فألفى حانوتاً للذي وكله فيه شِقصٌ قد
بيع فأثبت وكالته عند القاضي وأن سهم الذي وكله في هذا الحانوت فتداعى وكيل
الغائب ومبتاعُ الحانوت إلى الصلح على أن يأخذ الوكيل للغائب نصف قاعة
الحانوت وعُلو جميع الحانوت، فلما حضر الشهود لوثيقة الصلح أشهدهم الوكيل
بعد الصلح في ذلك في المجلس أنه قد أخذ لنفسه ما صالح عليه للذي وكله من
نصف القاعة وجميع العلو بكذا وكذا [ديناراً مع الصلح، وقال: إني أصالح على
أن يأخذه لصاحبي وأشتريه لنفسي بكذا وكذا] ولم يكن على شرط في أصل الصلح
وإنما أشهد بعد الصلح أنه أخذه لنفسه بكذا وكذا] (2) فزعم المصالحُ للوكيل
أنه يقوم بالشفعة على الوكيل فيما اشترى لنفسه مما صالح عليه. قال: الشفعة
لازمة للشريك على ما ذكرنا، وقال أشهب: لا شفعة/ فيه لأنه بيعٌ مفسوخٌ لا
يجوز إلا أن يجيزه الذي له نصف الحانوت، ولو كان البيع جائزاً __________
(1) لم يتيسر ربط النص بأصله.
(2) ما بين معقوفتين بعضه ساقط من ع وبعضه ساقط من ف.
(11/207)
كانت الشفعة (1) للشريك في الحانوت ولم تكن
له شفعة في علوه، وذلك لأن الشركة بينهما في سفل الحانوت ولا شركة بينهما
في علوه وإن كان الصلح بينهما وإنما وقع على أن يأخذه لنفسه فالصلح أيضاً
بينهما منتقض لأن الشريك إنما رضي بمصالحته ليأخذ بالشفعة فصار الوكيل قد
أخذ لما سَلم من الشفعة ثمناً وذلك لا يجوز (2).
تم الكتاب الثاني من الشفعة
والحمد لله وحده
وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم
__________
(1) في الأصل كانت السلعة للشريك.
(2) هنا تنتهي المقابلة من الجزء المتعلق بالشفعة المسجل بخزانة القرويين
تحت رقم 793 وتضاف إلى ع أيضاً المقابلة بالجزء المتعلق بالقسم من نفس نسخة
القرويين إلا أنه مكتوب بخط مغاير وقد تم نسخه في النصف من شعبان سنة
اثنتين وسبعين وأربعمائة.
(11/208)
|