النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر (1)
الجزء الأول
من كتاب الشفعة
ذكر ما فيه الشفعة من الأموال وما لا شفعة فيه
من كتاب ابن المواز، قال مالك: إنما الشفعة في الأرض وما يتصل بالأرض، من
ثمر، أو نبات. قال عنه أشهب في المجموعة إذا لم يرثاها، وذلك أنه يُقسم
بالحدود، كما تُقسم الأرض، ولما يلحق الشريك من ضرر دخول المبتاع.
قال مالك: كل شريك في ثمرة من ساق أو غيره فله فيها الشفعة. وقاله ابن
القاسم.
ومن العتبية (2) قال ابن القاسم: فإن احتج الشفيع (رجع على أخذ ذلك منه
بشفعته) (3). قال عيسى: ويرجع المشتري على ما باعه. قال ابن القاسم، عن
مالك: وفي ثمرة العنب الشفعة. قال ابن القاسم: والمقاتي عندي كالأصول فيها
الشفعة، لأنها ثمرٌ، ولا أرى في البقول شفعة.
__________
(1) هنا يبتدئ الجزء الخامس عشر من تجزئة آياصوفيا وفيه من الكتب الكتاب
الأول من الشفعة والكتاب الثاني منه وكتاب القسم وكتاب الوصايا الأول وكتاب
الوصايا الثاني.
(2) البيان والتحصيل، 12: 64 - 69 - 104.
(3) العبارة وردت في ع على الشكل الآتي: رجع على من أخذ منه الشفعة.
(11/113)
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: الشفعة في
الثمرة، وماعلمت من قاله قبلي. وقال ابن الماجشون: لا شفعة في الثمار، قال
محمد: وقول مالك الصواب ما لم تيبس إن كان الأصل بينهما. وقال أشهب: للشريك
الشفعة في الثمر، كان الأصل لهما أو لم يكن لهما غير الثمر، وكذلك لو كان
الأصل لواحد، فباع الثمرة أو نصفها لرجلين، فالشفعة بينهما دون رب الأصل.
وفي المدونة عن مالك مثل قول أشهب هذا، كانت الثمرة بينهما بحبس أو غيره.
وقال أشهب في موضع آخر، من كتاب ابن المواز:/ [إذا اقتسما] (1) الأصل دون
الثمرة ثم باع حظه من الثمرة بعد الطياب فلا شفعة فيها بعد قسمة الأصل
والثمرة ها هنا كالبئر.
قال ابن القاسم: في الثمرة الشفعة، قال أشهب: ولو لم يقتسما شيئاً فباع
نصيبه من الأصل دون الثمرة أو العين ثم باع نصيبه من الثمرة أو العين فلا
شفعة للشفيع في ذلك كان قد أخذ الأصل بالشفعة أو ترك، وقال ابن القاسم: له
الشفعة في الثمرة ولا شفعة له في العين والبئر ولا لمشتري حصته في الأرض إن
لم تُؤخذ منه الأرضُ بالشفعة، ومن المجموعة قال أشهب عن مالك فيمن جعل
لرجلين ثمر نخلتين على أن يأبر له حائطه فباع الآخر ثمرتهما فلا شفعة
فيهما، قال ابن نافع: وهي أجرة فاسدة، وله أجر مثله في إباره.
قال ابن القاسم عن مالك من باع نصيبه من نخلة أو شجرة فلا شفعة لشريكه
فيها، قال في رواية ابن المواز وإن بيعت بثمرتها، وقال ابن حبيب عن مطرف:
لا شفعة في شجرة، وقال ابن الماجشون: فيها الشفعة لأنها من الأصول، وقال به
أشهب وأصبغ وابن حبيب، ومن كتاب ابن المواز وقال أشهب: لا شفعة في كل ما لا
يصلح فيه القسم، [وقال ربيعة: لا شفعة فيما __________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(11/114)
لا قسمة فيه بين أهله، قال مالك: ولا شفعة
في طريق ولا في عرصة دار وإن صلح في ذلك القسم، ولا في حيوان ولا رقيق، قال
عنه ابن وهب في المجموعة وما لا يصلح فيه القسم] (1) فلا شفعة فيه، قال ابن
القاسم وأشهب: ولا في سارية ولا حجر.
قال ابن المواز قال مالك: وإذا قُسم الحائط وبقي الفحل والفحلان لا يقدر أن
يقسم فليس بذلك شفعة ولا فيه، قال مالك: ولو كان حائطاً فيه أصناف من
الثمار فقُسم أكثره وبقي أيسره، ففي ما بقي الشفعة قائمة لأنه أصل ما فيه
الشفعة وليس مما هو صلاح لما قُسم، قال ابن المواز: ولم يختلف مالكٌ
وأصحابه أن الشفعة في الحمام، قال ابن الماجشون في غير كتاب ابن المواز أما
مالك من الشفعة في الحمام من قبل أن لا ينقسم إلا بتحويله عن أن يكون
حماماً. قال وأنا أرى فيه الشفعة، وقاله هو وأشهب في لاالمجموعة.
قال في كتاب ابن المواز وقال ابن القاسم: لا شفعة في رحى الماء ولا رحى
الدواب، قال في كتاب محمد والعتبية: وإن بيعت مع البيت فالشفعة في البيت
دون الرحى، قال في العتبية يُقوم البيت وتقوم الرحى بآلتها فيأخذ البيت
بحصته من الثمن.
وقال أشهب وعبد الملك في كتاب محمد والمجموعة: إن نصبوها في أرضهم ففيها
الشفعة وإن نصبوها في غير أرضهم فلا شفعة فيها باع أحدُهم حصته من الرحى أو
حصته منها ومن البيت، قال أشهب في غير هذه الكتب: وإنما الرحى الذي لا شفعة
فيه الرحى الذي تُجعل وسط الماء على غير أرض وأما ما رُدم في الملك وجُعل
عليه رحى فإن كان متصلاً بالأرض فله حكمُها وإن لم يتصل بها فلا شفعة فيه.
وقال أشهب في كتاب محمد والمجموعة: إذا باع نصيبه في الرحى/ بموضعها من
العرصة أو مع نصيبه من جميع بيت الرحى فالشفعة لشريكه في __________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(11/115)
ذلك كله، إلا أنه إذا باع الرحى بموضعها من
العرصة خاصة فشريكه مخيرٌ إما أن يجيز بيع حصته أو يأخذ بالشفعة نصيب
شريكه، فإن أبى إلا فسخ البيع فليقلسمه فإن وقع للبائع موضع الرحى بعد بيعه
وإن وقع لشريكه فسخ بيعه.
قال أشهب في كتاب محمد: فإن باع حظه من الرحى خاصة دون موضعها من الأرض أو
نصيبه من خشب في الدار فلشريكه الشفعة في ذلك إن أجاز بيع نصيبشريكه وإلا
فله فسخه إلا أن يقاسمه الشريك وإن أخذ ذلك بالشفعة كانت الرحى أو خشب
البيت له خاصة فإن اقتسما الدار اقتسماها بغير خشب ولا رحىً فإن صار في حظه
أبقاه، وإن صار لشريكه نزع ذلك عنه.
قال محمد: فإن لم يأخذ ذلك الشفيع وسلم فسخ الشراء فيه لأنه اشترى ما يدخل
في القسم مع غيره فلا يدري ما يقع له، ومن العتبية (1) قال سحنون: ولاشفعة
في الأندر وهو كالأفنية لا شفعة فيها، وروى عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب
أنه إذا كانت بقعة الأندر بينهما ففيها الشفعة لا شك فيه كغيره من البقاع
وكعرصة الدار المهدومة.
وقال أشهب مثله كان قليلاً أو كثيراً أندراً أو غير أندر إذا ملكاه، ومن
كتاب ابن المواز والعتبية (2) والمجموعة قال ابن القاسم قال مالك: لا شفعة
في الزرع لأنه لا يحل بيعه حتى ييبس، ومن المجموعة قال ابن القاسم وأشهب/
قال مالك فيمن باع ديناً على رجل فباعه فلا يكون من هو في ذمته أحق به
بالشفعة وبيعثه نافذ إلا ان يجري على ضرر ببيعه من عدوه ونحوه، قال في كتاب
ابن المواز: ولم يقل أحدٌ أن في الدين شفعةً ولكن الذي هو عليه أحق به
للضرر كما المكاتب أحق بما بيع من كتابته.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 95.
(2) البيان والتحصيل، 12: 64.
(11/116)
قال مالك (1) وإنه لحسن أن يكون أحق به ولا
يقضى بذلك، قال أشهب: هو بكامله من رق الدين الذي عليه.
وروى ابن وهب اانبي عليه السلام أنه أحق به (2)، قال مالك: والمثكاتب أحق
بما بيع من كتابته مما يعتقُ به وأما إن باع الشريك نصيبه (3) من الكتابة
لم يكن شريكه أولى بها ولا المكاتب لأنه لا يعتق به، وقاله أشهب لحجة
الشريك إذا أخذ ذلك المكاتب ثم يعجز فيرجع إلي لا مال له، وأما لو أذن
الشريك الذي لم يبع للمكاتب في ذلك كان ذلك للمكاتب لما له فيه من المرتفق
(4) فإن عجز رق كله لمن بقي له فيه الكتابة.
ومن العتبية (5) من سماع ابن القاسم وعمن باع نصف أرضه بأرض أخرى وبزيادة
دنانير فقيه الشفعة وعليه قيمة الأرض التي أخذها، قال ابن القاسم وقال بعض
إخواننا: إنه كان من قول مالك أو غيره (6) من المدنيين أنه إذا علم أنه
أراد المناقلة والسكنى. ولم يرد به البيع فلا شفعة فيه، وقاله ربيعة
وذكرناه لمالك فلم يره وقال فيه الشفعة.
وقال العتبي قال مطرف وابن الماجشون: وإنما الذي قال مالك لا شفعة فيه من
المناقلة أن يكون دارين أو حائطين (7) بين أشراك فيناقل أحدُهم بعض أشراكه
من حصته من هذه الدار بحصة الآخر من الدار الأخرى أو الحائط فيجمع حظ
__________
(1) في ع، قال محمد.
(2) لم نقف على نص الحديث وورد مصداق حكمه في الموطإ في كتاب الشفعة فقد
قال مالك في رجل اشترى شقصاً في أرض مشتركة بثمن إلى أجل فأراد الشريك أن
يأخذها بالشفعة قال مالك إن كان ملياً فله الشفعة بذلك الثمن إلى ذلك الأجل
وإن كان مخوفاً أن لا يؤدي الثمن إلى ذلك الأجل فإذا جاءهم بحميل ملي ثقة
مثل الذي اشترى منه الشقص في الأرض المشتركة فذلك له.
(3) في الأصل، إن باع لك نصيبه وما أثبتناه هو الموجود في ع.
(4) في ع، لما فيه من الرفق.
(5) البيان والتحصيل، 12: 55.
(6) في ع، من قول مالك وغيره.
(7) في ع، أن يكون داراً أو حائطاً.
(11/117)
كل واحد منهما في شيء واحد؛ فهذا الذي قال
[مالك] (1) لا شفعة فيه لأنه إنما أراد به توسعة حظه وجمعه، وأما إن ناقل
بنصيبه من دار بدار أخرى لا نصيب له فيها ففيه الشفعة. عامل بذلك بعض
شركائه أو أجنببياً. وحكى مثله كله ابن حبيب عن مطرف عن مالك وقال: وقد كان
ابن القاسم يروي عن مالك أن في ذلك كله الشفعة، [والأول أحبُّ إلي] (2).
ومن المجموعة قال مالك في رجل أُعطي من خيف (3) في واد خمسين ومائة قفيز،
بين كل قفيزين عشرة أذرع ثم باع أهله ذلك الخيف فلا شفعة لهذا الرجل فقال
له إنهم لم يحدوه لي قال قد سموا لك أذرعاً مسماة. قال أشهب لأنهم إنما
جعلوها لك بين كل قفيزين عشرة أذرع. قيل [لمالك] أيأخذ من أسفل الوادي أو
أعلاه؟ قال لا أدري اذهب إلى القاضي وذكره في العتبية في كتاب الوصايا.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم وهو في كتاب ابن المواز: ومن تصدق بنصيبه
من حائط على قوم وعقبهم ما عاشوا ثم باع الشريك نصيبه فأراد أهل الصدقة وفي
كتاب آخر فأراد أهل الثمرة أخذه بالشفعة فلا شفعة لهم فيه.
قال عنه محمد: لأنهم لا أصل لهم وإنما الشفعة لمن له الأصل، قال ابن القاسم
في العتبية (4): وبلغني عنه أنه قال: إذا أراد الذي تصدق أن يأخذه/ بالشفعة
لم يكن له ذلك إلا أن يلحقه بالحبس فيكون ذلك له،
قال ابن حبيب عن مطرف: إن كان حبس له مرجع إلى المحبس فالشفعة للمحبس لأنه
مال من ماله وإن كان لا يرجع له إليه فلا شفعة إلا ان يريد المحبس أو
المحبس عليه أن يلحق ذلك بالحبس فذلك له، وقاله أصبغ.
__________
(1) كلمة مالك ساقطة من الأصل أثبتناها من ع.
(2) ما بين معقوفتين ممحو في صورة الأصل أثبتناه من ع.
(3) الخيف ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء ومنه سمي مسجد الخيف
من منى.
(4) البيان والتحصيل، 12: 60.
(11/118)
قال في كتاب ابن المواز: إذا جعل نصيبه من
دار في سبيل الله أو على المساكين ثم باع شريكه حصته فإن كان المتصدق ينفذ
ذلك لا فيما جعل فيه مصابته فله الشفعة وإن كان يمسكه فلا شفعة له، ولو كان
إنما أعمر سهمه على رجل وعقبه ثم مرجعها إليه فله الشفعة، وسنذكر الشفعة في
الكتاب بعد هذا إن شاء الله.
فيما فيه الشفعة بمقارنته لأصل الأرض
من عبيد (1) أو عين أو بئر ونحوه
يُباع مجتمعاً أو منفرداً أو بعضه بعد بعض
من المجموعة وكتاب محمد قال ابن القاسم قال مالك: إذا قسمت البيوت وبقيت
العرصة فلأحدهم بيع نصيبه من البيوت والعرصة ولا شفعة لشريكه من العرصة بها
ولا فيها. قال أشهب: وليس لأحدهم بيعُ حصته من العرصة خاصة إلا ببيع نصيبه
من البيوت، وإن كانت العرصة واسعة إلا أن يجتمع ملؤهم على بيعها فيجوز فإن
أبى احدهم فهو مردود لأنها أبقيت مرفقاً بينهم.
قال يحيى بن يحيى في العتبية (2) عن ابن القاسم عن مالك إن للشفعة في الماء
الذي يقسمه الورثة بينهم بالأقلاد/ وإن لم يكونوا شركاء في الأرضين التي
تُسقى بتلك العيون والحوائط.
قال مالك في العتبية (3) والمجموعة: وأهل كل بلد يتشافعون بينهم دون
أشراكهم.
قال أشهب في المجموعة إنما ذلك إذا لم يقتسموا الأرض وأما إن قسموا الأرض
وبقي الماء على شركتهم فلا شفعة فيه بينهم والبيع ماضٍ.
__________
(1) كلمة عبيد أثبتناها من ع وقد جاءت في الأصل محرفة على شكل عيدواله.
(2) البيان والتحصيل، 12: 88.
(3) البيان والتحصيل، 12: 86.
(11/119)
قال أشهب في كتاب ابن المواز: ومن باع
نصيبه من الماء قبل قسم الحائط أو سقي يوم أكثر قال: لولا ضرر ذلك حتى يجوز
بيعه لكانت فيه الشفعة ولكن ليس فيه حجة في رد بيعه لحاجة الأرض إلى سقي ما
باع ولا تُقسم الأرضُ بينهما لذلك في يومين ولا ثلاثة، قال أشهب في
الكتابين: وإن كانت لها بئران أو عينان فاقتسما البئرين أو العينين خاصة ثم
كان يسقي هذا يوماً وهذا يوماً فباع أحدهما بئره أو عينه أو باع حصته في
الأرض شائعةً بمائه المُفرز فلا شفعة لشريكه في البئر وله الشفعة في الأرض
فقط بحصتها بقيمة البئر بلا أرض والأرض بلا بئر.
قال في كتاب محمد: وإن باع البئر فقط فلا شفعة فيها ولكن ينظر فإن كان
بيعها يُضر بالأرض إلى أن يقتسماها فلشريكه منعُه من بيع ما بها حتى يُقسم،
ولو باع نصيبه من البئرين قبل أن يقتسما شيئاً ففيه الشفعة وإن شاء شريكه
منع المشتري من قبض ذلك إن كان قبضه ضرراً حتى يقاسم شريكه الأصل وإذا قسما
الأرض وأبقيا لها بئرين أو عينين ثم أرادا قسمتها فلا أحب ذلك إلا
بالمقاواة، وأكرهه بالسهم/ إلا أن يُخلط بذلك وبمعرفة قدرهما ويوجد من يحكم
ذلك، ولو باع أحدهما حصته من البئرين بعد قسم الحائط فلا شفعة في ذلك.
قال ابن القاسم في المجموعة: وإن كانت الأرض والماءُ بينهما فباع أحدهما
نصيبه من الأرض فترك الماء أو من الماء فترك الأرض ثم باع شريكه مصابته مما
باع الأول فليس للأول في ذلك شفعةً لمكان ما بقي له من الشركة في المال أو
في الأرض.
قال في كتاب ابن المواز كان مبتاع ذلك مبتاع الأصل أو غيره، قال محمد: وإن
لم يكن الشفيع سلم ولا أخذ حتى اشترى ذلك مشتري الشقص فللشفيع الآن الشفعة
من الأصل والعبيد والآلة وليس له أن يأخذ بعض ذلك دون بعض إذا لحقه ببيعه
قبل الأخذ بالشفعة.
(11/120)
قال ابن الماجشون في المجموعة: وإن مات
منهم الرأس والرأسان وأخلفه البائع بعد صفقة المال وقبل بيع العبيد والآلة
ثم باعهم فله الشفعة في الجميع إن كان ذلك قريباً وكان زاد قليلاً في كثير
وإن لم يكن كان فيه رقيق وكان يسقى بالأجزاء فاستحدثهم بعد الصفقة ثم باعهم
ممن باع المال منه فلا شفعة فيهم مع المال وما بيع من عرصة دار أو بئر في
أرض أو ثمرة أو عبد من عبيد الحائط أو شيءٍ من آلته وحديده أو الأبواب
والخشب والحجارة مع أصل ذلك كله ففي الجميع الشفعة، قال أشهب عن مالك في
المجموعة: وكذلك الزقوق وغيره من آلة الحائط.
قال ابن القاسم عن مالك: وليس/ له بيع رقيق الحائط وحديده وآلته ويأخذ
الأصل بحصته، قال في كتاب محمد: وكذلك لو بيع شيءٌ من ذلك على حدته ما دام
الأصل يقسم، ومن العتبية (1) روى أبو زيد عن ابن القاسم في الشريك يبيع
حصته من عبيد النخل وحدهم قال: في ذلك الشفعة وهم كبعض الحائط، قال أصبغ:
وهم مثل الآلة والسوداني.
ومن كتاب محمد والمجموعة قال أشهب: فإن باع أحدهما مصابته من الأرض أو
النخل أو الشجر فيأخذ ذلك الشفيع بالشفعة أو أسلمه ثم باع بعد ذلك مصابته
من البئر أو الثمر والعين فلا شفعة فيها للشريك كان أخذ بالشفعة أو ترك ولا
للمشتري إن كان لم يأخذه منه بالشفعة لأنه ليس له بياضٌ ولا شجر وكذلك في
الحائط برقيقه وآلته أن يبيع جميعه أو بيع الرقيق وحدهم فللشريك فيما بيع
من ذلك الشفعة ما دام الحائط غير مقسومٍ وأما إن اقتسم الحائط أو باع
أحدهما نصيبه معه بغير رقيقه وآلته فيأخذه الشفيع إذا سلمه ثم باع بعد
نصيبه من الرقيق والآلة فلا شفعة لأحد في ذلك.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 77.
(11/121)
فيما يُشترى على القلع من الشجر
أو على الهدم من البناء
وكيف إن ابتاع الأرض قبل ذلك أو بعد
والشفعة في ذلك
في كتاب ابن المواز والمجموعة قال ابن القاسم: من ابتاع نخلاً على القلع ثم
اشترى الأرض بعد ذلك فأقرها ثم استحق رجل نصف ذلك كله فاستشفع فله الشفعة
في جميعه بنصف/ ثمنه ولا يقدر المشتري أن يقلع النخل لشريكه المستحق فيها
وإن أبى أن يستشفع فللمبتاع (1) رد باقي صفقته إن شاء أو يتماسك.
قال ابن عبدوس قال سحنون إنما يقال أولاً للمستحق أنت مخير في أن تجيز بيع
نصيبك وتأخذ الثمن من شريكك ثم لا حجة للمبتاع لأن صفقته سُلمت له فإن لم
يجز بيع نصيبه أخذه ورجع المبتاع على البائع بنصف الثمن ثم ينظر إلى النخل
فإن تفاضل جنسها من صيحاني وبرني أو صغير أو كبير وشبهه، فالبيع يُفسخ في
نصف البائع لأنه لما بلغ النخل على القلع صار بيعاً مجهولاً لا يعرف ماذا
يقع له في القسم لأن الأرض يقسم مع النخل فيقع في النصيب كثيرٌ من النخل مع
قليل من الأرض أو قليلٍ من النخل مع كثير من الأرض للكرم والدناءة فأما إن
كانت النخل والأرض لا يختلف حتى يقسم قسماً معتدلاً فالبيع جائز في نصيب
البائع ثم يبدأ المشتري بالخيار في قول أشهب في رد ما بقي في يديه أو حبسه
فإن أمسكه فللشفيع الشفعة بنصف الثمن. وقال ابن القاسم: ويبدأ الشفيع
بالتخيير في أن يأخذ أو يسلم.
قال سحنون قال ابن القاسم: ومن اشترى نقض دار على القلع ثم اشترى العرصة أو
بدأ بشراء العرصة دون النقض ثم اشترى النقض ثم استحق رجل نصف جميع الدار
أنه يأخذ نصف القاعة بالشفعة بنصف الثمر ونصف النقض __________
(1) في الأصل، فللمبتاع باقي صفقته بإسقاط كلمة رد.
(11/122)
بقيمته قائماً كان المشتري بناه في القاعة
بعد شرائه فأنكر هذا سحنون وطرحه وقال: قد أنكرُ الشفعة في/ النقض ها هنا.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: ومن اشترى نخلاً على القلع أو نقضاً
على القلع ثم اشترى الأرض فأخذ ذلك ثم استحق رجل نصف الجميع قال: له الشفعة
فيهما بنصف ثمن الجميع، قال أصبغ: وإلى هذا رجع ابن القاسم وقال أشهب:
الشفعة في الأرض دون النخل والبناء.
وقال أصبغ: قول ابن القاسم أصوب وعليه أصحابنا، قال ابن القاسم وأشهب: ومن
ابتاع مصابة شريكٍ في نخل على القلع لم يجز، قال أشهب: لأنه لا يدري ما
يصير له منها إذا قسمت لأنها تقسم في الأرض فتارة يقع له عددٌ قليل وتارةً
كثير لكرم الأرض ودناءتها. قال ابن القاسم ولأنه اشترى ما قسمه بيد غيره
ولا يقدر أن يقول له اقسم النخل دون الأرض ولا تقسم إلا بها، قال محمد: ولو
كانت النخل تُشترى في قسمتها لتشابهها في الصفة وتشابه الأرض حتى يقع القسم
على عدد واحد لا جزئه.
وقال أشهب وزاد: كالغنم والثياب والدواب، قال أشهب: ثم لا شفعة في النخل
لأنها بيعت على القلع ولو أخذها بالشفعة كان عليه قلعها أيضاً، ولو اشترى
مصابته من الأرض فقط لم يجز إذا كانت غير متشابهة، وكذلك لو اشترى بعد ذلك
مصابته من تمر النخل لم يجز حتى يجتمع شراءُ نصف الأرض بنخلها في صفقة. قال
أصبغ: إلا أن تكون متشابهة في الأرض والنخل فيجوز كانت الأرض أولاً أو
أخيراً ثم تكون الشفعة في الأرض دون النخل فإذا أخذ بالشفعة كلفه الشفيع
قلع النخيل/
قال محمد: لا يعجبني وأرى إن كان شراؤه للنخل أولاً فالشفعة في النخل
والأرض لأن شراءه جائز لتشابهها وكذلك إن كان مشتري الأرض في الصفقة
الثانية غير مشتري النخل فالشفعة للشريك في الأرض والنخل وله أخذ أيهما
شاء، فإن أخذ النخل وحدها وسلم الأرض فلابد أن يقاسم شريكه النخل والأرض
فما صار
(11/123)
له بنصفه الذي كان يملكه كان له أخذه بنخله
وما وقع لشريكه كلف الشفيع قلع نخله منه خاصة وإما له أخذه بنخله وما وقع
إن أخذ الأرض وسلم النخل فإنها تُقسم النخل وحدها لأنه صنف واحد فما صار
للمشتري كلف قلعه، قال: وإن اشترى الأرض أولاً لم تكن الشفعة إلا في الأرض
لأن النخل بيعت ولا حق للبائع في الأرض كما قلنا إذا باع نصيبه من النخل
إذا بقي نصيبه في العين والبئر ورقيق الحائط ثم إن باع نصيبه من ذلك لم تكن
فيه شفعة، قال: ومن ابتاع نقض دار على القلع أو نخلاً على القلع فلم ينقض
ولا قلع حتى استحق رجل نصف الأرض مع البناء أو النخل قال ابن القاسم: يرد
البيع فيه ولا شفعة فيه وللمبتاع رد ما بقي في يديه.
وقال أشهب [استحقاقه فسخ] (1) للبيع في البناء. واما من اشترى مصابة أحد
الشريكين من البناء والنخل على القلع فلا يجوز إن كانت غير متشابهة وأما في
المستحق فإن أجاز ذلك المستحق جاز ولزم المشتري، محمد: لأن العقدة وقعت
أولاً صحيحةً وإن لم يجز رد وانفسخ ما لم يستحق وإذا كانت النخل متشابهة
لزم المشتري ما لم يستحق منها والنخل قلعها مأمون ليس فيه من الجهالة فيما
يأتي عليه في القلع مثل ما يأتي في هدم البناء.
وقال أشهب في المجموعة: وإن باع رجل مصابته من أرض بينه وبين شريك له فيها
نخل أو مصابته من دار على أن البائع يقلع عنه ما له فيها من بناء أو نخل
ويدفع إليه أرضاً براحاً (2) فإن كان بين النخل أو بين بناء الدار أو بين
الأرض اختلاف فذلك بيع فاسد لا شفعة فيه لأنه لا يدري ما يصير له من الأرض
وإن كان ذلك كله متشابهاً فذلك جائز وفيه شفعة للشفيع ثم على البائع أن
يقاسمه ويقلع عنه ما صار له.
__________
(1) ما بين معقوفتين أثبتناه من ع وهو في الأصل غير واضح.
(2) الأرض البراح: الأرض المتسعة التي لا شجر فيها ولا بناء.
(11/124)
وقال ابن القاسم: ومن باع نقض دار على
القلع أو نخلاً على القلع ثم استحق رجل الأرض دون النقض والنخل فللمستحق إن
شاء أن يدفع إلى المشتري قيمة النقض أو النخل مُلغىً من باب الضرر لا من
باب الشفعة فأنكر هذا سحنون وقال: يقول أشهب: إن البائع إن كان غصب الأرض
فغرس فيها ثم باع فالمستحق مخير أن يعطي الغاصب قيمة النخل مقلوعة ويُنتقض
بيعُ المبتاع فإن لم يفعل جاز بيعه وقلعها مبتاعها وإن لم يكن غاصباً
فالمستحقُّ مخير بين أن يدفع إلى الغارس لشبهة فيها ثابتة ويُنتقض بيعُ
المبتاع ثم ليس للمشتري أن يقول أنا أحق بهذه القيمة المأخوذة وهو كمن باع
سلعةً بمائة ثم باعها من آخر بتسعين فأخذها الأول بشفعة فليس للثاني أن
يقول أنا آخذ الثمن/ المأخوذ من الأول، قال: فإن لم يطلب ذلك صاحب الأرض
وأباه فإن قيل للغارس أعطه قيمة أرضه بيضاء ويجوز بيع النخل للمشتري فليس
له فسخ البيع وله أن يعطيه قيمة النخل منقوضة فإن أبيا كانت الأرض والغرس
بينهما عاى قيمة الأرض من قيمة الغرس قائماً وينقص بيع المشتري للنقض فيما
صار من هذه الأرض والشجر لرب الأرض ويجوز بيعه فيما صار لبائعه إن كانت
الثلث قاسم رب الأرض وأخذ ثلث الشجر ثم قلعها ولا شفعة للشريك في هذا
الثلث، قال سحنون: إنما يجوز بيعه إذا كانت الأرض تختلف.
وفي كتاب ابن المواز وإذا ابتاع رجل من أحد الشريكين نصيبه من النخل وهي
صنف واحد فقاسم المبتاع شريكه ثم اشترى نصف الأرض من بائع النخل منه قال إن
الشريكين من الأرض والنخل إذا اقتسما النخل كان قسماً للأرض، لأن النخل
يصير بموضعها من الأرض وما بين النخلتين حريم لها فلا يجوز غير هذا ولو شرط
قسم النخل بلا أرض لم يجز إلا على القلع فإن لم يجتمعا على القلع لم تجز
القسمة إلا مع الأرض.
قال أشهب في المجموعة نحوه، قال: إن كان ما بين النخلتين من أرض مصلحة
لتمرهما فالأرض مقسومة مع النخل وحدها أو كانت نخلاً كلها أو اقتسمها
بعضها. فالشفعة فيما لم يقتسما وقد انقطعت فيما قسما. وقال
(11/125)
سحنون: ما كان بين النخل من الأرض مصلحة
لها فهي مقسومة مع النخل التي بينها الفضاء الواسع يزاد في قيمتها وأما إن
بعد ما بين/ النخلتين حتى لا يصل نفع ما بعد إليهما فهي كأرض فيها شجر
متفرقة فكأنه يرى أن يقسم مع الأرض ولو قسمت النخل المتباعدة دون الأرض وقع
لكل نخلة طريقٌ.
ومن كتاب محمد قال أشهب: ولو اشترى مصابة أحدهما من نخل على أن يقرها ما
بقيت فإن انقلعت فبياضها يبقى للبائع مع ما فيها من البياض الآن لم يجز ولا
شفعة فيه.
وإن اشترى مصابته من النخل بلا أرض وهي متشابهة ثم اشترى نصيب البائع من
الأرض ثم أخذ الشفيع الأرض خاصة ما بالشفعة وسلم النخل ليقلع فقاسمه النخل
وحدها ثم أراد أن يصالحه، على بقاء نخله (1) في أرضه على شيءٍ فذلك جائزٌ
على أن يسلم هذا له نخله وسلم هذا له بياضه على ما اصطلحا عليه على النصف
أو الثلث أو أقل أو أكثر بغير تقويم فهو جائز، كما يجوز صلح بائعه نفسه ولو
لم يشتر منه مصابته من الأرض فقاسم هو شريكه الأرض والنخل فأخذه بائعه بقلع
النخل فصالحه على أن يقرها في الأرض ويكون ذلك بينهما على ما سميا بلا قيمة
فهو جائز.
وكذلك بعد ان عرفا قيمة ذلك، فأما إن أوجبا الشركة على أن يقوما بذلك في
المستقبل فيكون بينهما على ما هي عليه القيمة في النخل مقلوعاً أو ثابتاً
لم يجز وهو غررٌ
وفي باب الشفعة في النقض مسألة من باع شيئاً على القلع ثم أراد أن يُعطي
قيمته للمبتاع.
__________
(1) في ع، على أن يبقى نخله.
(11/126)
في الشفعة في النقض القائم في عاريةٍ أو
حُبُسٍ/
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: إذ بنى رجلان في أرض عاريةٍ فباع
أحدهما حصته من النقض فرب الأرض مبدأ فإن شاء أخذ ذلك بالأقل من حصته نقضاً
أو الثمن فإن أبى فلشريكه أخذها بالثمن.
وقال أشهب: لا شفعة في ذلك لشريكه إذ لا ملك له في العرصة وهو بيع لا يجوز.
باعاً جميعاً أو أحدهما لأن رب الأرض له أن يبقيه ويؤدي قيمته نقضاً أو
يأمر بقلعه فلم يدر المبتاعُ ما اشترى نقضاً أو ذهباً، ورواه عن مالك فيمن
بنى في عرصة رجل بإذنه ثم باع بناءه أن ذلك لا يجوز، وكذلك إن بنيا في عرصة
محبسه عليهما لم يجز بيعهما ولا بيع أحدهما ولا شفعة فيه ولا على رب العرصة
أخذه بذلك الثمن وإن رضيا زاد على القيمة أو نقص لأنه بيع فاسد ولا يصلح
فيه تولية ولا شركة ولكن لرب العرصة في البانين فيها عارية أن يُعطيهما
قيمته منقوضاً وإن شاء فعل ذلك بأحدهما وإن شاء أمرهما بقلعه وليس له أن
ينقض على أحدهما حتى يقتسما.
قال محمد: كله صواب. ورواه أشهب عن مالك. وقال ابن عبدوس، قال سحنون في
مسألة مالك في أهل الحبس يبنون فيه ثم مات أحدهم فأراد بعض ورثته بيع نصيبه
من ذلك البناء، فأستحسن أن يكون لإخوته فيه الشفعةُ قال سحنون: وهو يقول ما
بنى في الحُبُس فليس لصاحبه أخذه ولا بيعه، ويكون محبساً. قيل له: لعله
أراد حبس عُمرى: قال: فيبيع البعض إذ لا يجوز (1)، ثم ذكر مثل قول أشهب
وقال: إنه لا يجوز بيعه إلا أن يباع في الضرورة/ في الدين وشبهه فيجوز،
وقال: هو كالشريك يبيع حصته من العبد بعد عتق شريكه فذلك غير جائز.
ومن كتاب محمد قال أشهب: ومن باع نخل حائطه كله على القلع ثم قال للمبتاع
خذ مني قيمتها مقلوعةً فليس له ذلك، وكذلك الشريك يبيع نصفها على
__________
(1) جاءت العبارة في ع على الشكل التالي: قال فبيع البعض إذن لا يجوز.
(11/127)
القلع وهي متشابهة فليس له ذلك ولا للشفيع
بخلاف من تنقض مدته بكراء أو عارية أو كان غاصباً لأن الأول مشترط للقلع في
شرائه بعينه فله شرطه (محمد) ولعله يرد في القيمة أكثر من الثمن، ولو كان
الثمن عِوضاً فكان البائع مخيراً بين تسليم ذلك أو يعطيه قيمةً مجهولةً
تستأنف لكان أمراً غير جائز.
في الشفعة في الزرع وحده أو مع الأرض
وفي شراء الثمر أو الزرع بعد شراء الأرض
أو قبله وذكر الجائحة في ذلك
من كتاب ابن المواز قال: وإذا قسما ثمر الحائط بينهما بعد طيبة ثم باع
أحدهما نصيبه من الأصل مع ما صار له من الثمر بالشفعة في الأصل دون الثمر،
ويقضي الثمن ولو قسما الأصل بلا ثمر ثم باع حظه من الثمرة بعد الطياب أو
قبله بالأصل فلا شفعة في أصل ولا ثمر، والثمر ها هنا كالبئر بعد قسم الأصل
لا شفعة فيها، هذا قول أشهب، وخالفه ابن القاسم ورأى فيه الشفعة قال: ولا
شفعة في الزرع الأخضر إلا أن يُباع مع الأرض فإن بيع بعد يبسه مع الأرض
فالشفعة في الأرض دونه ويقضي الثمن على قيمته وقيمة الأرض كان الشفيع/
شريكاً في الزرع أو لم يكن، وكذلك بيع الأصول مع الثمرة بعد يبسها، قال في
موضع آخر: ولو اشترى الأرض أولاً دون زرعها ثم اشترى الزرع أخضر فذلك جائز
وفيه مع الأرض الشفعة وكأنهما معاً، ثم قال: وإن اشترى أرضاً بزرعها الأخضر
فاستحق نصف الأرض والزرع وهو بعد أخضر فله الشفعة في الأرض دون الزرع،
ويقضي نصف الثمن عليه وعلى نصف الأرض ثم قال بعد ذلك: ومن اشترى أرضاً
بزرعها الأخضر فاستحق رجل نصف الأرض ونصف الزرع فله الشفعة في الأرض والزرع
بل ليس له أن يأخذها إلا بزرعها فإن كره المشتري التماسك ببقية الصفقة
لكثرة ما استحق فابن القاسم يبدأ بتخيير الشفيع فإن لم يستشفع فالخيار
للمشتري في الرد أو التماسك.
(11/128)
وقال أشهب: المشتري يبدأ بالتخيير فإن
تماسك ففيه الشفعة، وحجة ابن القاسم أنه ليس بيع خيار بل بيع نقل وجبت فيه
الشفعة، وهو كعيبٍ يرضى به الشفيع فهو المبدأ، قال ابن عبدوس: أنكر سحنون
قول أشهب في الزرع وقال بقول ابن القاسم أنه لا شُفعة في الزرع قال سحنون
بخلاف الرقيق والبئر والآلة تباع مع الحائط، ولأن هذا صلاح للحائط والبناء
صلاح للدار والزرع لا يُقوم به الأرض والثمرة إذا بيعت مع الرقاب وقد أبر
ثمرها أو أزهى فالشفعة في الجميع، إذ لو بيعت الثمرة وحدها كان فيها الشفعة
وليس الشفعة فيها مع النخل لأنها/ منفعةً للنخل وهي أيضاً لها غذاء في
النخل ويقع بها فكأنها منها فإذا يبست زال ذلك منها وزالت الشفعة.
قال في كتاب ابن المواز: فإذا اشترى الأرض بزرعها ولم يظهر من الأرض فهو
كما لم يُؤبر من الثمر فأخذه الشفيع بالشفعة بالثمرة والنفقة فإن لم تُقسم
حتى برز من الأرض حتى صار كمأبور الثمر فقال ابن القاسم هو كمبتاع نخل لم
يُؤبر ثمرها ثم قال الشفيع وقد أبرت أو أزهت فيأخذها بثمرها بالثمن
وبالنفقة، وقال أشهب: يأخذها دون الثمرة لأن الشفعة بيع ومأبور الثمر
للبائع وليأخذ النخل أو الأرض وحدها بجميع الثمن بعد أن يوضع عنه من الثمن
قيمة الطلع وقدر قيمة البذر على غرر ذلك بعد قبض الثمن على قيمة الأرض بلا
بذر والبذر بلا أرض يوم الصفقة وكذلك النخل.
قال أشهب: ولو كان الشراء بعد بروزه من الأرض كانت فيه الشفعة معها وهو
كالماء وآلة الحائط وعبيده أنه كانت في الصفقة ففيه الشفعة وإن بيعت الأصول
وحدها فلا شفعة في هذا بعد ذلك، وكذلك الثمر، ولو بيع ذلك مع الحائط أو قبل
الحائط كانت فيه الشفعة، ولم يختلفا إذا اشترى بعد بروز الزرع وإبار الثمر
أن الشفعة في ذلك مع الأصل وإنما اختلفا إذا كان الشراء قبل ظهور الزرع
وإبار الثمر ثم قام بعد الظهور والإبار، وهو مذكور بعد هذا مستوعباً قال:
ولو اشترى أرضاً بزرعها الأخضر فاستحق رجل نصف الأرض/ دون الزرع وقد
اشتراها معاً والزرع بعد الأرض فإنه يفسخ عن المبتاع نصف ثمن الزرع
(11/129)
والأرض ويكون البائع شريكاً له في الزرع
وحده والمستحق شريكاً له في الأرض وحدها، ثم إن أخذ نصف الأرض بالشفعة
انفسخ بقية الزرع ورجع الزرع كله إلى البائع فيرجع المشتري عليه بجميع
الثمن إلا ما قابل ما أخذ الشفيع من الأرض خاصة وعلى البائع الكراء في
النصف المستحق من الأرض فقط، قال سحنون: تنفسخ جميع الصفقة لأنها صفقة جمعت
حلالاً وحراماً لبقاء نصف الزرع الأخضر بلا أرض.
ومن المجموعة قال أشهب: لا شفعة في جريد النخل وسقفها لأنه لا يصلح بيعه
قبل أوان قطعه، قال ابن المواز: إذا اشترى أصولاً فيها ثمر يعني أبرت بغير
ثمرتها جاز شراؤه الثمرة قبل طيبها وكأنهما في صفقة والصفقة فيهما جميعاً
وليس له أخذ أحدهما دون الآخر، وإن اشترى نصف الأصل ثم اشترى نصف الثمرة
بعد طيبها فها هنا له أن يأخذ أحدهما بالشفعة كليهما (1)، فأما إن اشتراهما
بعد الطياب في صفقة فلا يأخذهما إلا جميعاً قياساً على قول ابن القاسم في
الجائحة أنه إذا اشتراها بعد الطياب في صفقة فلا جائحة فيها، وإن اشترى
الأصل قبل ثم اشترى الثمرة ففيها الجائحة عنده، وأما إن اشترى الثمرة قبل
طيابها بعد شراء الأصل أو معه فلا جائحة فيها، قال محمد في موضع آخر عن
أشهب: إذا اشترى الأصل وقد أبرت الثمرة أو طابت ولم يشترك/ ففي الأصل
الشفعة ولا شفعة في الثمرة بعد ذلك ولو لم يسلم الشفيع في الأصل ولا أخذ
حتى باع البائع نصيبه من الثمرة من أجنبي بعد ان أزهت لم يكن فيها شفعة وله
الشفعة في الأصل عند أشهب، ولو باع الثمر قبل وهوهاً أو بعد من مُشتري نصف
الحائط فلشريكه الشفعة في الأصل والحائط وكأنهما في صفقة.
قال أشهب: ولو باع حائطهما وفيه ثمرة ثم باع أحدهما نصيبه منها بعد ذلك فلا
شفعة لشريكه لأنه لا شركة بينهما في الأصل ولو لم يبيعا الأصل وباعا الثمرة
من رجلين فباع أحدهما نصيبه من رجل من الثمرة ففيها الشفعة عند ابن
__________
(1) في الأصل، كلاهما.
(11/130)
القاسم وأشهب لأنهما مقام صاحب الأصل، قال
محمد: ومن اشترى ثمرة قبل زهزها ثم اشترى الرقاب بعد طيب الثمرة فالشفعة في
الأصل خاصة ولا شفعة في الثمرة ويُفسخ بيعُها ولا يُرد لأنها إنما فاتته
بالطياب في نخل البائع ولو جذها المبتاع يابسة أو رطبة لردها ورد المثل
فيما فات منها وما لا يُعرف كيله رد قيمته يوم جذه فلو كان شراؤه الأصول
قبل طيب الثمرة كان طيبها في الشجر فوتاً لأنها طابت في نخل المبتاع ويرد
قيمتها يوم عقد البيع في الأصول، ويومئذ تجب فيها الشفعة بالقيمة وفي
الأصول بالثمر وليس للشفيع أخذ الأصل دون الثمرة ولا الثمرة دون الأصل لأن
الثمرة إنما وجبت بملك الأصل فهو كصفقة واحدة/ ولم يكن في المسألة الأولى
شفعة لأنها في يد البائع طابت.
فيمن ابتاع داراً فهدمها أو انهدمت
ثم استحق رجل نصفها وقد باع النقض
وفات أو لم يفت وما يحدث في رقيق الحائط
ثم يقول الشفيع في ذلك كله
من كتاب محمد والمجموعة قال ابن القاسم قال مالك فيمن اشترى شِقصاً عن دار
فهدمها أو انهدمت بأمر من الله أو غرق أو حرق فأتى الشفيع فليأخُذها مهدومة
بجميع الثمن ويأخذ النقض مهدوماً أو يدع ولا شيء له على المشتري.
قال أشهب في المجموعة: وكذلك لو سكن الشقص أو أسكنه حتى أبلى المساكن
وانهدمت السكنى فلا شيء عليه للشفيع وليؤد جميع الثمن.
قال في كتاب محمد: وإن تلف البعض بغير سببه لم يضمنه الهادم ولا ما نقص
الهدم، وإن تلف بسببه ضمن له قيمته، قال ابن عبدوس وذكر هذه المسألة كلها
عن مالكٍ وقال قال عبد الملك وإنما هذه المسألة أنه وقع البيع وغاب الشفيع
وقسم السلطان للمبتاع بحقه بعد ضرب الآجال ثم لا يبطل ذلك شفعته حين وقع
البيعُ وهو شيءٌ يُكره.
(11/131)
قال أشهب وابن القاسم في المجموعة: لو كان
أرض فغار ماء بئرها أو عينها، وقال سحنون: لا يشبه البئر والعين البنيان
(لأن في البئر والعين الشفعة لو (1) بيعت وحدها) فكأنهما شيئان مختلفان لأن
في واحد الشفعة منفرداً والنخل والنقض لو بيع على القلع لم تكن فيه شفعةٌ
بعد أن يهدمه وإنما فيه الشفعة مع الأرض لدخوله/ في حكم الأرض.
ومن كتاب محمد قال: فإن وهب المشتري نقض الدار التي اشترى ثم استحق رجل
نصفها لم يرجع به المستحق إلا على الموهوب ويصير الموهوب كالمشتري يأخذ منه
النقض إن وجده بيده أو بيد مبتاعه منه أو يأخذ الثمر في حصته، وقاله ابن
القاسم وأشهب في المجموعة وقالا: وكذلك إن وهبه لمن هدمه، قال في كتاب
محمد: وإن أخذ باقيها بالشفعة أخذه مع النقض بجميع الثمن لا يُحط للهدم
شيءٌ وما هلك بتلفٍ أو بهبة المبتاع فلا يُحط عن الشفيع لذلك من الثمن
شيءٌ.
قال ابن القاسم في العتبية (2) من رواية عيسى فيمن اشترى شِقصاً من حائطٍ
وفيه رقيق ودوب فليأخذه مع رقيقه ودوابه بالشفعة إذا لم يكن للحائط منهم
بُد، ولو تصدق المبتاع بالرقيق ووهبهم فهو كالبيع يأخذ الحائط بحصته من
الثمن فأما في الموت فإن شاء أن يأخذ الشقص بجميع الثمن أو يدع.
قال أشهب في المجموعة: ولو اشترى أشقاصاً من دورٍ من رجل فانهدم بعضها فليس
للشفيع إلا أخذ المهدوم وغير المهدوم بجميع الثمن أو يترك كان قد انهدم أو
هدمه المشتري.
وقال ابن القاسم في كتاب ابن المواز: وإن هدمها تعدياً فليتبعه مستحق نصفها
بنصف قيمة الهدم، وإن أخذ بالشفعة أخذ بنصف جميع الثمن لا يُحط عنه للهدم
شيء، وروى عن ابن القاسم أيضاً أنه يسقط عنه من نصف الثمن ما __________
(1) في ع، لأن في البئر والعين الشفعة ولو بيعت وحدها.
(2) البيان والتحصيل، 12: 77.
(11/132)
لزم الهادم كما لو باعه فيأخذ العرصة
بحصتها من الثمن ينظر ما قيمتُها/ بلا بناء وما قيمة البناء مهدوماً فيُقسم
الثمن على ذلك ويأخذ العرصة بحصة ذلك بشفعته ثم يتبع الهادم هو والمستحق
بما لزمه لهما، وكذلك لو ترك له المبتاع ما لزمه من الهدم يُحسب للشفيع كان
المتعدي ملياً أو معدماً، وذكر ابن المواز هذا القول في كتاب الغصب ثم قال
محمد: وإنما ذلك إذا كان المتعدي موسراً فقدر المشتري على أخذ ما وجب له
عليه وأما من لا يقدر على أخذ ذلك منه فهو بمنزلة ما هلك بأمر من السماء
فلا يأخذ بالشفعة إلا بالثمن كله، فأما إن كان ملياً فللشفيع أن يحسب على
المشتري قدر قيمة ذلك نقصاً يوم الشراء من قيمة العرصة ويتبع المشتري
الهادم بقيمة ذلك قائماً يوم هدمه بالغاً ذلك ما بلغ (1)، وقد جعله ابن
المسيب مثل بيعه للنقض لأنه قد وجب له على المتعدي شيء يرجع به، فهو بخلاف
ما هلك بأمر من السماء، قال محمد: وذلك فيمن يقدر على أخذ ذلك منه فيتبعه
المستحق والمشتري بما ذكرنا.
قال ابن القاسم: ولو كان قد ترك المشتري له قيمة الهدم فرجع عليه المستحق
في حصته بما يجب له فيها ويسقط عنه حق المشتري في ذلك.
قال محمد: ويحسب ذلك الشفيع على المشتري لأنه كالبيع، قال محمد: وهذا إن
فات عين البعض فأما إن لم يفت فهو للشفيع بشفعته ولو وجد الهادم عديماً لم
يكن غاصباً له على المشتري حجة فيما وهب له من النقض.
قال أشهب في المجموعة: إذا لم يكن بائعها غاصباً ووهبها/ [وهدمها] (2) رجل
بيد المبتاع ظلماً فليس للمستحق على البائع إلا الثمن الذي باع به ثم لا
شيء له على الهادم ولا عليك في الشفعة ولك أيها المشتري اتباع الهادم بما
نقص هدمه من دارك، وإن لم يرض المستحق بالثمن فله أن يأخذ من المبتاع نصف
ما ابتاع مهدوماً ولا شيء له عليه في الهدم ويأخذ بقية الدار بالشفعة إن
شاء ويتبع __________
(1) في الأصل بالغ ذلك ما بلغ.
(2) ساقطة من ع.
(11/133)
هو الهادم بما بين قيمة الدار مهدومة
وقيمتها مبنية يريد بجميع الثمن في هذا القول، وإن لم يستشفع فليتبع الهادم
بنصف ما بين قيمتها مهدومة وقيمتها صحيحة ويتبعه المبتاع بمثل ذلك، وفي
كتاب ابن المواز عن أشهب نحوه وقال: هو أحب إلي من قول ابن القاسم وأنكر
سحنون قول ابن القاسم إذ جعله كالبيع وقال بقول أشهب هذا.
قال ابن المواز: وذلك إن كان الهادم معدماً.
ومن كتاب ابن المواز: وإن هدم المبتاع نقض دار ابتاع جميعها ثم باعه أو
باعه لمن هدمه ثم استحق نصفها فللمستحق أخذ نصف الدار ونصف النقض
باستحقاقه، فإن استشفع أخذ أيضاً نصفها ونصف النقض وينقض بيعه فيه ويرد به
الثمن إلى مبتاعه وليس للشفيع أخذ ثمنه مع نصف العرصة بشفعته كان الثمن
عيناً أو عرضاً.
قال ابن عبدوس عن ابن القاسم بإثر هذه المسألة إذا كان النقض لم يفت
فللشفيع أخذ ثمن النقض الذي باع به من المشتري من القاعة ويعطيه الثمن/
وأنكر سحنون هذا الموضع من المسألة في أخذه لثمن النقض. قال هو ومحمد بن
المواز عن أشهب: أنه في الذي أخذ بالشفعة يأخذ ثمن ما بيع من النقض ما بلغ
ويقاصص المبتاع في الثمن، قال في كتاب ابن المواز مثل أن يُباع النقض
بخمسين ومائة وكان شراؤه لجميع الدار بمائة فليأخذ نصف هذا النقض بخمسين
ومائة وكان شراؤه لجميع الدار بمائة فليأخذ نصف هذا النقض بخمسين ومائة
وكان شراؤه [لجميع الدار بمائة فليأخذ نصف هذا] الثمن مع نصف القاعة
باستحقاقه حين لم يجد النقض ثم يأخذ النصف الباقي بخمسين ويكون له الخمس
والسبعون ديناراً من ثمن النقض فيتقاصان في خمسين ويأخذ خمسة وعشرين.
وأنكر هذا سحنون وابن المواز، قال ابن المواز: وهو وهم ولم يقله أحد من
الناس، قالا: وقد أجمعوا أن من ابتاع شِقصاً له فيه شفيع ثم باعه قبل أن
يأخذه الشفيع ثم قال الشفيع أنا أجيز البيع وآخذ الثمن وأدفع إلى المبتاع
ما اشترى به لم يكن له ذلك.
(11/134)
قال سحنون: وهو خلاف الاستحقاق، لأن
المستحق إنما يبيع ملكه والشفيع إنما يبيع ملك غيره فصار يجيز البيع في
مِلك المستحق غيره، قال محمد: وصار يربح فيما لم يضمن.
وفي كتاب الاستحقاق زيادة في هذا المعنى من كتاب الغصب لابن المواز.
قال ابن المواز: ومن ابتاع شِقصاً من حائط بحصته من رقيقه ودوابه وآلته ثم
باع المبتاع حصته من الرقيق والدواب والآلة/ ثم قام الشفيع وذلك كله قائمٌ
فليس له تسليم بيعه للرقيق والآلة وأخذ النصف من الحائط خاصة بشفعته بحصته
ذلك، فإن رضي به المبتاع فليأخذ الجميع إن لم يفت ولأنه لا يعرف حصة الشقص
إلا بالقيمة فيصير إيجاب بيعٍ بثمن مجهول وكذلك نقض الشقص ليس له أخذ
العرصة بحصتها إلا بعد فوات أعيان هذه الأشياء، ولو هدمه المبتاع ولم يبعه
هو ورضي الشفيع بأخذ العرصة بحصتها قبل فوت النقض لم يجز إلا بعد المعرفة
بما يقع لذلك من الثمن ثم لا شفعة بعد ذلك في النقض، ولو قال الشفيع لما
باع مبتاع الشقص النقض بأقل من ثمنه أنا أسلم بيعه للنقض وآخذه من مبتاعه
بالشفعة فليس له ذلك لأنه إذا أسلم بيع النقض صار شريكاً لمبتاع النقض في
نقض لا في عرصة فلا شفعة في نقض مفرد.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: وإذا باع النقض ففات عند مبتاعه فأما حصة
المستحق منه فليس إلا ثمنه الذي بيع به إن تمسك بشقصه وإن استشفع فض الثمن
على ما باع وعلى ما بقي يوم وقعت الصفقة ولا يُنظر إلى الثمن الذي باع به
فإن كان قيمة الشقص المبيع يوم الصفقة الثلثين فما بقي من الدار بثلث الثمن
فيدفع نصف الثلث ويأخذ نصف العرصة بالشفعة ويكون له نصف ثمن النقض
باستحقاقه. قال غيره عن مالك: لا يأخذ الشفيع بالشفعة إلا ما أدرك قائماً
تُقوم البقعة بغير نقضٍ ويُقوم النقض فتوضع قيمة النقض/ من الثمن.
(11/135)
قال أبو زيد عن ابن القاسم في العتبية (1)
فيمن باع داراً بعشرة فباع المشتري باب الدار بعشرة ثم جاء الشفيع قال:
يُقوم البابُ وتُقوم الدار ويفض الثمن عليهما فيأخذ الدار بالشفعة بما يقع
لها ولا شيء له في الباب لأنه قد فات بالبيع يريد وقد فاتت عينُه.
ومن كتاب ابن المواز: وما بيع من النقض ففات عند مبتاعه فليس على بائعه
المستحق غير الثمن.
وإن أخذ نصف العرصة بالثمن بالشفعة بحصتها من الثمن لفوت النقض يُنظر إلى
قيمة النقض ملغىً يوم الصفقة وكل قيمة العرصة فما قابل النقض من الثمن سقط
عن الشفيع إلا أن يكون ما أخذ فيه من الثمن أقل من ذلك فإنما يسقط عنه ما
قابل الأقل مثل المبتاع يقول لو حابيت في ثمنه أو وهبته لم يلزمني إلا ما
طرأ لي من ثمنه واتبع أنت المبتاع بالمحاباة هذا في النصف المأخوذ بالشفعة،
وأما في النصف المستحق فله ثمن النقض على بائعه قل أو كثر فيرجع المبتاع
على بائعه بحصة ما استحق من يده ويتبع المستحق بحصته من النقض قائمة ببيعٍ
أو هبةٍ إلا ان يتلف أيضاً في يديه بغير سببه فلا يتبع فيه شيءٍ هذا ولا
غيره.
قال ابن عبدوس وقال عبد الملك: إذا أخذ الشفيع بالشفعة فله أن يُضمن مشتري
الشقص قيمة النقض.
قال سحنون: كيف يُضمن قيمة ما لم يتعد فيه وإنما هو مِلكه؟ ألا ترى أن من
وقعت له في المغنم أمةٌ فأولدها ثم أتى ربها أنه لا يُضمنُه/ قيمتها
قال ابن عبدوس وقال غيره: ومن ابتاع نصيب رجل من ثمرة فلم يأت الشفيعُ حتى
ماتت فلا شفعة له فيها ولو باع منها شيئاً يسيراً بخمسة دراهم ونحوها ثم
جاء الشفيع فهو أحق بما أدرك منها.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 100.
(11/136)
فيمن ابتاع داراً أو أرضاً فيُعمرُ فيها
ويُنفقُ أو يغرس ويزرع ثم يأتي الشفيع
ومن المجموعة وكتاب محمد قال مالك في مبتاع الأرض يغرسها أو يبنيها (1) ثم
يأتي الشفيع فلا شفعة له إلا أن يعطيه قيمة ما عَمرَ.
قال عنه أشهب: ولا يعطي ما أنفق وهو يخرب ما بنى أو يهدم فإنما له قيمة ما
بنى يوم يؤخذ منه بالشفعة.
قال أشهب وقال بعض الناس إن للغارس ما أنفق، وليس بصواب، وقد ينفق في
غِراسٍ وحفر عيون وآبار ألف دينار فلا ينبت من الشجر ولا يخرج من العيون
إلا ما يساوي أقل من ذلك.
قال محمد وقال نحوه ابن القاسم وعبد الملك، وهو قول الليث.
قال أشهب في المجموعة ومن ابتاع أرضاً فبناها ثم استحق نصفها فأبى أن يدفع
نصف قيمة العمارة فيما استحق فأعطاه المبتاع نصف قيمة الأرض فأخذه فلا شفعة
له في بقية الدار لأنه لم يأخذ بالشفعة حتى أخذ قيمة شِقصه، ومن أهل العلم
من يرى له في ذلك الشفعة وإن خرج من يده الذي وجبت له به الشفعة، ولستُ
أراه، وقد اختلف قول مالك فيه قال أشهب: فإن أبى المبتاع أن يدفع إليه نصف
قيمة/ الأرض براحاً [كانا شريكين بقيمة البناء قائماً من قيمة الأرض
براحاً، فإن كان الأرض براحاً كانا شريكين بقيمة البناء قائماً من قيمة
الأرض براحاً] (2) فإن كان ذلك نصفاً ونصفاً فذلك النصف بينهما نصفين ولا
شفعة له في النصف الآخر إلا بنصفه.
قال في كتاب الغصب لابن المواز: ويكون له الشفعة في النصف بما أحدث فيه من
البناء فيكون له نصفه أيضاً بربع ثمن الدار وربع قيمة البناء بعد أن يحسب
على المشتري ربع قيمة النقض الذي هدم منقوضاً.
__________
(1) في ع، يعمرها بغرس أو بناء.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(11/137)
قال ابن حبيب عن أصبغ: ولو حفر في الدار
بئراً فلم يخرج الماءُ فشرب شرباً فلم يجد الماء لم يكن على الشفيع في ذلك
شيءٌ فإنما عليه فيما هو في الدار زيادة.
قال ابن عبدوس وابن المواز قال أشهب عن مالك: وإن غرس في الأرض نخلاً
فأثمرت فليأخذها بالثمن وبقيمة النخل قائمة بتمرها إن كان فيها تمرٌ أبرت
أو لم تُؤبر فأزهت قال في كتاب محمد ما لم تيبس أو تجذ، محمد في نصفه
المستحق وفي النصف المستشفع به، وروى مثله ابن القاسم قال: وإن شاء تركها
وأخذ نصف قيمة أرضه بفوتها بالغراس أو بأخذ الثمن من البائع.
قال في كتاب ابن المواز وذكره ابن عبدوس عن أشهب وعبد الملك فيمن ابتاع
نخلاً فقلعها أو داراً فهدمها ثم استحدث فيها بناءً أو غراساً قال عبد
الملك: فعلى الشفيع أن يقضيه ما زاد بالغرس والبناء في الشفعة لا ما زاد
فيما غرس وبنى على ما كان قطع وهدم/ (1) [إذ يصير له ضامناً قال محمد لا
يأخذ ما استحق حتى يدفع قيمة بنيانه فإنما يريد يوم قيامه.
قال أشهب وعبد الملك فإن كان من هذا النقض الذي هدم مطروحاً من قيمة العرصة
من الثمن يوم الصفقة قال محمد وإن بناها بنقضها فلا يأخذ ما استحق منها حتى
يدفع قيمة بنائه قائماً كما لو بنى بغير نقضه ثم يكون له نصف قيمة بعضها
ملغى ما سلم منه لأن المبتاع لم يكن له ضامناً ولا تعدى في هدمه. فإن أخذ
باقيها بالشفعة فذلك له بعد أن يرد قيمة البناء قائماً أو الثمن.
قال في كتاب الغصب ويكون له قيمة البناء الأول منقوضاً فإن باعها الهادم
مهدومة فللمستحق نصف العرصة ونصف النقض وإن بنى أخذ ما في العرصة والنقض
وإن لم يأخذ ما استحق وبنى حظه من الثمن مما بعد فذلك له ولا شفعة له وكذلك
إن أخذ قيمة نصف العرصة من المشتري الذي بنى لفوتها بالبناء بعد الهدم
ويأخذ نقضها وإن كانت قيمته منقوضاً ثم يرجع المبتاع بنصف الثمن على
__________
(1) ما بين المعقوفة هاته وبين التي تليها نقلناه من ع نظراً لكونه لم يتضح
في صورة الأصل.
(11/138)
بائعه وإن أخذ نصف العرصة وأدى نصف قيمة
البناء قائماً وطلب بقيمة نصف النقض منقوضاً كان له الشفعة على ما ذكرنا.
قال أشهب فإن أخذ بالشفعة فقبل يؤدي في النصف الثاني الذي استشفع فيه
البناء قائماً يوم استشفع وقبل قيمة ما أنفق ويؤدي نصف الثمن ويسقط عنه منه
نصف قيمتها كان فيها من البناء منقوضاً يقاص به في الثمن. قال أبو محمد
المعنى فيه والله أهلم إذا هدمها المبتاع ثم بناها] / ثم استحق رجل نصفها
فإن دفع المستحق إليه نصف قيمة البناء قائماً يوم قيامه كان له نصفها
باستحقاقه وله على الهادم نصف قيمة نقضه الذي هدم أو ما سلم منه قيمته يوم
أفاته بالبناء فإن أبى المستحق أن يقضيه قيمة نصف البناء قائماً فله الرجوع
على الغاصب بالثمن أو بالقيمة يوم الغصب إلا أن يقيم على طلب عين شبه من
المشتري فيقال للمشتري اعطه نصف قيمة الأرض فإن أبى (1) كانا شريكين في
نصفها بقيمة الأرض من قيمة البناء يوم القسم ويغرم المشتري للمستحق نصف
قيمة النقض الذي هدم مهدوماً يوم أفاته أو ما سلم منه.
فهذا القول في النصف المستحق ثم إن أخذ النصف الآخر بالشفعة قيل له رُد ما
في ذلك النصف من قيمة البناء قائماً اليوم وخُذ العرصة بما ينوبها من التي
[يوم الصفقة بقيمتها من قيمة النقض من الثمن،] (2) وأما إن أبى فيما استحق
أن يؤدي قيمة البناء وأبى هذا الذي بنى أن يعطيه نصف قيمة أرضه ونصف قيمة
النقض منقوضاً يوم أفاته فإنهما يكونان شريكين في نصف الدار، هذا بقيمة
أرضه وهذا بقيمة بنيانه ويغرم الذي بنى للذي استحق نصف قيمة النقض نقضاً
يوم أفاته، ثم إن كانت شركتهما في نصف الدار بما ذكرنا نصفين لتساوي قيمة
الأرض وقيمة البناء ثم طلب الشفعة في النصف الآخر فله ذلك في نصف ذلك النصف
ويصير الدار بينهما فيُنظر إلى قيمة نصف الأرض من قيمة/ __________
(1) في الأصل، فإن أبيا.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(11/139)
النقض منقوضاً يوم الصفقة لأنه لا يضمن فيه
الحوادث بما وقع للأرض من الثمن وداره (1) مع قيمة ربع بناء الدار قائماً
يوم الحكم.
وقال في كتاب محمد يغرم نصفاً من ذلك النصف المستشفع فيه ونصف قيمة بنائه
(2) المستحدث قائماً بعين يوم الحكم فيرجع على المشتري بنصف قيمة النقض
منقوضاً من قيمة العرصة يعني من الثمن يوم الصفقة إن كان النقض قد انتفع به
ولم يهلك بأمر من الله [تعالى] (3) هكذا يريد محمد والذي ذكرتُ أولاً وهذا،
في المعنى سواءٌ، وقال عبد الملك في المجموعة: معنى المسألة فيمن اشترى
شِقصاً فهدمه ثم بناه إنما ذلك أن يغيب الشفيع ثم قسم السلطان للمشتري حقه
فهدم وبنى في شِقصه بعد القسم فأما لو هدم قبل القسم فإنه ضامن لحصة شريكه
ولا يضمن ما سواه قال غيره فإن بنى نصف البقعة وهي مشاع ثم قام شفيع فإن
العمارة تقوم مطروحة نقضاً فإن شاء الشفيع أخذ ذلك بقيمته منقوضاً وإلا
تركه وأمر الثاني بنقضه.
وقال في كتاب ابن المواز: وإذا اشترى أرضاً بزرعها ثم استحق نصفها وقد ظهر
الزرع من الأرض فلا شيء له من الزرع فيما استحق واستشفع وله حصة كراء ما
استحق في إبان الزراعة وإن لم يخرج من الأرض فهو للآخذ بالشفعة، وقال أشهب
في المجموعة قال: وإن أخذه بالنفقة ولم يظهر الزرع فليأخذ بثمن الشقص
[وبقيمة الزرع على الرجاء والخوف وكأنه قاربها في السر الآن ولو قال قائل
يأخذها] (4) / بالثمن وبما أنفق لم أعبه بل هو أقيس وأنا أستحسن الأول، قال
محمد: بل يأخذها بالثمن وبقيمة ما أنفق في البذر والعلاج إذا لم يظهر من
الأرض.
__________
(1) في ع، أداه.
(2) في ع، ونصف قيمة بناء الدار.
(3) ساقطة من الأصل.
(4) ما بين معقوفتين نقلناه من ع لأنه غير واضح في صورة الأصل.
(11/140)
قال أشهب: ولو ظهر من الأرض لم تكن فيه
شفعة. قال ابن عبدوس قال سحنون: هذا مختلف لطلع النخل لأن من زرع أيضاً ثم
استحقت قبل ظهوره فالزرع لزارعه، وابن القاسم يرى الأخذ بالشفعة كالاستحقاق
لأنه بعض الثمرة وإن أبرت للشفيع كالاستحقاق فإذا أخذ الأرض بالشفعة فلا
شيء له في البذر كالمستحق، وأشهب يرى الأخذ بالشفعة كالبيع فيرى البذر
للشفيع لأنه لا يستثنى في البيع.
فيمن اشترى نخلاً ثم استحق نصفها
أو استشفع وفي النخل ثمرٌ
يوم الشرى أو يوم القيام أو لا ثمر فيها
من المجموعة وكتاب ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب: ومن اشترى ودياً
صغاراً ثم قام شفيع وقد صارت بواسق (1) فله الشفعة بالثمن يريد كان غائباً.
قال ابن القاسم: وله الثمرة إن لم تيبس وعليه قيمة السقي والعلاج وإن
استغلها سنين فإنما على الشفيع السقي في السنة التي قدم فيها إن لم تيبس
وجبت له بشفعته، قال عبد الملك في الكتابين وقاله سحنون: ليس عليه غُرمُ
شيءٍ إلا الثمن لأن المنفق أنفق على مال نفسه ولا يرجع بشيء مما أنفق ما
ليس بقائم في النخل وقد يُنفق أضعاف الثمرة ولو كان ذلك عليه للزمه وإن
تغير الغرسُ/ أو عطب.
قال أشهب في الكتابين: ولمن اشترى نخلاً لا ثمر فيها فسقى ةعالج حتى أثمرت
والنخل لم تُؤبر ثم أتى الشفيع فليأخذ بالثمن وبقيمة الثمرة على الرجاء
والخوف ولو قال قائل له قيمة ما أنفق لم ار له بأساً.
قال ابن المواز: إنما يأخذها بقيمة ما أنفق.
__________
(1) جاءت في الأصل منونة ولا مبرر لذلك.
(11/141)
قال ابن عبدوس قال عبد الملك وسحنون: لا
شيء على السقي والعلاج.
قال ابن المواز: وإن ابتاعها وفيها طلع لم يُؤبر فجذها المبتاعُ قبل أن
تُؤبر فللبائع أن يحسب ذلك على المشتري إذا رجع عليه بثمن ما ستحق من يده،
وكذلك إن أخذ منه النصف الآخر بالشفعة، فأما إن أخذها المبتاع بعد أن أبرت
عنده وهي بلح أو زهو فهي له عله لا يُحاسب بها في الاستحقاق ولا في الشفعة
ولا في الرجوع بالثمن على البائع.
محمد ابن المواز: ومن اشترى نخلاً لا ثمر فيها أو فيها ثمر لم يُؤبر ثم
استحق رجل نصف النخل واستشفع منه النصف المستحق بثمرته أبرت أو لم تُؤبر
أزهت أو لم تزه ويغرمُ له نصف ما أنفق وسقى من يوم الشراء فإن فاتت الثمرة
بجذاذ أو يُبس فلا شيء له فيها وهي للمبتاع وكالذي يحدث عنده من الغلة فلا
شيء له من سقي وعلاج ويرجع على البائع بنصف الثمن ولو كانت يوم الشراء
مأبورة أو مُزهية كان نصف الثمرة للمستحق كيف كانت يبست أو جذها أو باعها
أو أكلها ويغرم المكيلة إن عرفها وإلا فالقيمة وفي البيع يغرم نصف الثمن إن
فاتت، وإن كانت بيد مبتاعها فهو مُخير في أخذها ... / أو إبقاء بيعها وأخذ
الثمن وإن تلفت عند المبتاع فليس له إلا الثمن وإن أكلها رد المكيلة فإن لم
يعرف فالقيمة، وإن باعها المبتاع فله أي الثمنين شاء ما باعها به الأول أو
الثاني، وإن أكلها الثاني فله أن يُغرمه قيمتها وإن شاء أخذ الثمن من
البائع الثاني، فإن أخذ مشتريها قيمتها وأخذ ثمناً رجع الغارم على بائعها
منه بثمن هذا الذي استحق ويرجع مبتاعها على المستحق بالنفقة والعلاج في
النصف، وإن جاوزت النفقة الثمن والقيمة فإما ودى ذلك وإلا أخذ الثمن من
بائع الرقاب، وقاله ابن القاسم.
قالا وهو مصدق فيما أنفق ما لم يتبين كذبه وله أخذ النصف الآخر بالشفعة
بنصف الثمن كاملاً بعد دفع النفقة ما لم تيبس أو تُجَذ [فإن يبست أو جُذتْ
فله أخذ الأصول بالشفعة دون الثمرة في قول ابن القاسم بعد أن نقص الثمن على
قيمة الأصول وقيمة الثمرة يوم الصفقة إذا كانت يوم الصفقة مأبورة كما
(11/142)
ذكرنا، قال ابن المواز] (1) وسحنون قال
أشهب: يأخذ الثمرة في الشفعة فإن يبست أو جُذت أو القيمة في أكلها أو الثمن
في بيعها كما قال في النصف المستحق إذا كانت مأبورة ويغرم النفقة التي بها
حُسبت الثمرة وإن جاوزت الثمن أو القيمة.
قال محمد: وأما ابن القاسم فمرة قال إنما له الثمرة ما لم تيبس أو تُجذ،
جُذت/ وهي صغيرة أو كبيرة فلا يأخذها ويحط عن الشفيع حصتها من نصف الثمن،
ورواه عن مالك، وقال مرة: يأخذها في الشفعة إن يبست أو جُذت ويأخذ مثلها إن
فاتت وعرف مكيلها وإن لم يعرف أو كان جذها وهي صغيرة لم تطب فلا يُؤخذ فيها
ثمن ولا قيمة، ويُفض الثمن عليها وعلى الأصول. ورواه أيضاً عن مالك إذا
كانت يوم الشراء مأبورة أو مُزهية وقد اشترطها ولم تكن يبست يومئذٍ، وقالا
قال عبد الملك: يأخذها ما لم تُجذ، قال عنه ابن المواز: أو تيبس قالا عنه:
فلا يأخذها، قال عنه محمد ويقضي الثمن، قالا عنه: ولا نفقة عليه للسقي
والعلاج إن أخذها ولم تُجذ. وقال سحنون لا نفقة له.
قال ابن عبدوس: ورأيتُ سحنوناً، يذهب إلى أن الثمرة لغو (2) وتبعٌ لا حق
لها من الثمن كما إذا اشتراها مأبورة فقلت له فهي هبة إذاً فسكت قال ابن
عبدوس بل لها حصة من الثمن ولكنها تبع وقد اختلف فيها قول سحنون.
قال سحنون وقال ابن القاسم في العيوب إذا رُد النخل بعيب والثمرة مأبورة
وقت البيع أنه يرد الثمرة وإن جذها ولأنها لا حصة لها من الثمن، وقال في
الشفعة: إن جذها أخذ الأصول بحصتها من الثمن وهو اختلاف من قوله قال وقال
ابن الماجشون ما اشتريت ما فيه ثمره وهي تبع بغير اسم فلم يقم الشفيع حتى
زايله ثمره فلا يحسب ولا ينظر فيه. وكذلك يقول في الثمرة المأبورة أنها
تباع __________
(1) ما بين معقوفتين كتب في الأصل مكرراً وبسبب الاستغناء عن المكرر لم
نتمكن من تحديد ابتداء اللوحة العشرين من الصورة.
(2) كلمة لغو ساقطة من ع.
(11/143)
مع النخل/ بالطعام إلى أجل إذ لا حصة لها
من الثمن والذي ذكر عنه سحنون من هذا خلاف ما حكى عنه ابن المواز، قال ابن
عبدوس: ويفترق عندي في الرد بالعيب من الأخذ بالشفعة، لأن الرد بالعيب نقض
بيع في الأصول فإن حسبت للثمرة حصة صارت مبيعةً بلا أصل، وفي الشفعة البيع
الأول ثابت والشفعة بيعٌ مؤتنف فحسُن أن تسقط الثمرة بحصتها.
قال ابن القاسم في الكتابين: وإن ابتاعها غير مأبورة أو لا ثمرة فيها فأبرت
عنده فليأخذها الشفيع ويغرم النفقة ما لم تيبس أو تُجذ فتكون غلة.
قال ابن القاسم: ولا حصة لها من الثمن إن كانت طلعاً (1)، قال محمد: وهو
أحب إلينا لأنه شريك في الثمرة فهو فيها شفيع ويغرم ما سقى وعالج، وعلى هذا
أكثر أصحاب مالك محمد وقال أشهب: يأخذ الأصول دون الثمرة لأن الشفعة بيع
ومأبور الثمر للبائع، قال: فإن قال الشفيع فأنا أشترطها للحديث (2) إلا أن
يشترطها المبتاع قيل له إنما ذلك بطوع البائع، قال أشهب: وكذلك لو اشترى
أرضاً بزرعها المتغيب (3) فهو كما لم يُؤبر فإن برز فهو مثل ما أبر فيأخذ
الأرض دون الزرع الباذر بجميع الثمن بعد أن يوضع عنه قيمة البذر وقيمة
الطلع يوم الصفقة على غرره من قيمة الأصل أو الأرض، قال أشهب: ولو اشتراها
بعد ظهور الزرع فللشفيع الشفعة في الزرع وإن يبس كالثمرة، وذكر ابن عبدوس
عن عبد الملك مثل/ قول أشهب إذا أبرت الثمرة عنده بعد الشراء، وقال: اتفق
ابن القاسم وأشهب في النصف المستحق له يأخذ ثمرته، فإن أبرت عند مبتاعها،
ويدفع قيمة السقي والفلاح ما لم تيبس أو تُجذ.
قال أشهب: ومن ابتاع حائطاً فيه ثمرة مزهية ثم قام شفيع فليأخذ الأصول
وتبقى الثمرة للبائع الأول، قال في كتاب ابن المواز: ومن اشترى نخلاً فأبرت
__________
(1) الطلع: ما يبدو من تمرة النخل في أول ظهورها.
(2) في ع، للجديد.
(3) في ع، يزرعها البذر المغيب.
(11/144)
عنده ثم قام عليه الغرماء والشفيع ورضي
الغرماء بدفع الثمن إلى البائع فالشفع أحق بها بالثمن والبائع أحق بالثمن
الذي يدفعه المستحق إلى المبتاع يريد إذا لم يدفعه الغرماء.
قال محمد: وأحب إليَّ في الثمرة أن تكون للشفيع بعد دفعه للنفقة مع الثمن
فيكون الثمن لبائع الثمرة (1) والنفقة للغرماء.
[وقال أشهب: الثمرة للغرماء] (2) ولا شفعة في هذه الثمرة إذا أبرت عند
المبتاع.
ما جاء في الشفعة في الكراء والمساقاة
قال ابن المواز: واختلف قول مالك في الشفعة في الكراء، فروى عنه ابن القاسم
وابن وهب فيمن اكترى نصف دار لرجل ونصفها لآخر قال: ما علمتُ في هذا شفعةً،
وقاله المغيرة وعبد الملك، وروى عنه ابن القاسم أيضاً في شريكين اكتريا (3)
أيضاً ثم أكرى أحدهما حصته أن شريكه أولى بها وقال أشهب: في جميع ذلك
الشفعة وبلغني ذلك عن مالك وهو أحب إلي لأنه/ مما يخرج إلى القسمة التي
معها تضييق الواسع وتغيير البناء ولمثل هذا وجبت الشفعة في البيع. قال
أشهب: قال أحب أن يُسلم الشريكُ شفعته ويقاسمه السكنى فذلك له وإن طلب قسمة
الدراهم مع شريك الأصل فذلك له. فإن وقع في نصيب المكري على غير استواء
فالمكري مخيرٌ في التمسك والرد وذلك إذا وقع له أقل من النصف في الانتفاع
لا في القيمة وإن لم يقع له أقل فلا حجة له. قال ابن حبيب: اختلف قول مالكٍ
في الشفعة في الكراء فأخذ ابن الماجشون وابن عبد الحكم بقوله أن لا شفعة
فيه، وأخذ مطرف وابن القاسم وأصبغ بقوله أن فيه الشفعة، وبه يأخذ وذلك في
كراء الدور والمزارع سواء.
__________
(1) في ع، فيكون الثمن لبائع النخل.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(3) في الأصل، أكريا.
(11/145)
قال ابن المواز قال أشهب: في مكتريين أكرى
أحدهما نصيبه فلصاحبه الشفعة وعهدته على المكتري من صاحبه ثم عهدتهما على
رب الدار، ولو أكرى أحد المكتريين نصيبه من رب الدار أو من مكترى منه أقاله
من مصابته فلشريكه الشفعة على رب الدار المستقيل، قال محمد: بل يُؤخذ من
المكتري الذي أقال كالإقامة في الشراء، وإذا أكرى رجلان دارهما أو ساقيا
نخلهما من رجلين وأكرى أحدهما نصيبه أو كلاهما الأرض أو الدار أو ساقى
أحدهما (1) النخل من سواهما فليس لصاحبي الأصل شفعةٌ في كراء ولا سقاء ولا
لأحدهما كان مقسوماً أو شائعاً، ولو أن أحد المكتريين أو المساقيين/ ساقى
أو اكترى فلشريكه الشفعة في ذلك، وليس صاحبا الأصل أحق من الشريك في
الكراء، فإن سلم شفعته صاحب الأصل بالمساقاة لشركهما في الثمرة ولا شركة
لهما في الكراء، ولو أن نخلاً بين شريكين ساقى أحدُهما حصته فقال أشهب: لا
شفعة في ذلك لشريكه محمد: وأظن ابن القاسم يرى في ذلك الشفعة، كذلك رأيتُه
في كتابي ولا أدري ممن سمعته.
قال: ولو ساقى أو أكرى أحد صاحبي الأصل فلشريكه الشفعة في الكراء
والمساقاة، فإن سلم ذلك للمساقي ثم ساقى المساقي غيره فلصاحب الأصل الشفعة،
ولو كان الأصل لواحد فأكرى النصف مشاعاً أو ساقى النصف مشاعاً ثم أكرى
المكتري غيره وساقى المساقي غيره فلرب الأصل الشفعة، ولو أكراه شيئاً بعينه
منها أو ساقاه كذلك فلا شفعة لرب الأصل فيما أكرى وله الشفعة فيما ساقاه
لشريكهما في الثمرة، ولو أكرى من رجلين نصف أرضه أو ساقاهما نصف نخله فساقى
أحدهما رجلاً فشريكه أولى بالشفعة من صاحب الأصل، فإن سلم فذلك لصاحب الأصل
كما لو باعها ذلك فباع أحدهما فشريكه المبتاع معه أشفع فإن سلم فصاحب الأصل
الشريك لهما شفيعٌ في ذلك.
__________
(1) في الأصل، ساقى أحد.
(11/146)
قال أبو محمد: هذا على قول أشهب الذي يرى
المشتري في صفقته أحدهما أشفع من الشريك الأقدم/
في أحد الشريكين في الدار يبيع شيئاً بعينه منها
أو يبيع أحد دارين لهما ثم قام شريكه بالشفعة
ومن العتبية (1) والمجموعة قال ابن القاسم قال مالك: وإذا ورث أخوان دارين
فباع أحدهما أحد الدارين فقام أخوه في ذلك فله رد نصفه منها وأخذ النصف
الآخر بالشفعة ولا يلزمه البيع في حصته منها إلا أن يشاء وليس لشريكه أن
يقول قاسمني فإن دفع لي ما بعتُ نفذ بيعي وإلا بطل.
قال مالك في كتاب ابن المواز في الدار بين رجلين يبيع أحدهما طائفةً منها
بعينها قدر نصفها بغير إذن شريكه فإن شاء شريكه جعل ذلك قسماً وأمضى ذلك ثم
لا شفعة له في المبيع وليس له أن يقول له قاسمني فإن دفع ما بعتَ في نصيبك
مضى، هذا في قول ابن القاسم، قال: فإن شاء أخذ نصف المبيع بالاستحقاق ونصفه
بالشفعة بنصف الثمن ثم اقتسما بقية الدار فيرجع المبتاع على البائع بنصف
الثمن، وإن شاء فسخ بيع الشريك كله وقاسم شريكه الدار وإن شار أجاز البيع
وقاسم شريكه الثمن، وإن شاء لم يجز بيع حصته وسلم الشفعة وقاسم شريكه بقية
الدار ويكون المبتاع مخيراً في التماسك بما بقي له أو يرده فترجع الدار بين
الشريكين كما كانت، ثم ذكر محمد بعد ذلك في هذا قول أشهب وذكره ابن عبدوس
عن سحنون أنه إن لم يُجز البيع في نصيبه وإلا أجاز بيع نصيب شريكه وإلا أخذ
بالشفعة فليس له فسخُ/ الشراء حتى يقاسم شريكه البائع الدار نصفين فإن دفع
ما باع البائع في سهمه نفذ فيه البيع وإن لم يقع في سهمه انتقض بيعُه وبه
قال سحنون في كتاب ابنه وكتب به إلى شجرة بن عيسى وكذلك قال أشهب في بيع
أحدهما بيتاً من الدار او حصته من بيت يريد __________
(1) البيان والتحصيب، 12: 57.
(11/147)
مفرزاً فإن لم يأخذ بالشفعة ولا أجاز بيع
حقه ولا سلم بيع نصف شريكه مما باع فلا يفسخ ذلك حتى يقاسم شريكه الدار.
قال أشهب في الكتابين: ولو كان إنما باع نصيبه من عرصة الدار فله إذا أبى
مما ذكرنا الفسخ قبل المقاسمة في العرصة لأن العرصة لا تُقسمُ إلا بتراضي
الشركاء، وأما بيعُه لنصيبه من بئر الأرض أو عينها فليس للآخر فسخُه إنما
له الأخذَ بالشفعة أو بتسليمه لمشتريه.
قال في كتاب ابن المواز: بيع من باع مصابته من ذلك جائزٌ وليس لشريكه الأخذ
بالشفعة أو الترك قال: وأما إن باع أحدهما شرب يوم أو أقل فلصاحبه فيه
الشفعة، وإن شاء أجاز البيع، وإن شاء رد بيعه إذا كانت الأرض تحتاج البئر،
لأنه ليس في يومين وثلاثة ما يقسمون فيه الأرض فينفي في ذلك شرب من ماء هذا
خاصة وأما فحل النخل يبيع أحدهما مصابته منه قبل القسم فهو كالمنزل في
الدار إن تم البيع وإلا أخذ بالشفعة لم يكن له فسخ البيع حتى يقاسمه لأن
فحل النخل يُقسم معها فقد يقع في قسم أحدهما.
قال أشهب في الكتابين: وإن أكرى أحدهما منزلاً/ بعينه من دار بينهما ثلاثة
أيام فلشريكه فيه الشفعة ولا يُرد الكراءُ لقربه ولا ضرر فيه ولو كان سنة
كان لشريكه إن شاء أخذ بالشفعة وإن شاء ترك وإن شاء قال أقاسمك، فإن صار
الثلث في حظك جاز كراؤك وإلا نقضته.
قال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون: في الأرض بين الشركاء يبيع أحدهم منها
شيئاً بعينه وفي شركائه حاضر وغائب وصغير والمبتاع يظن أنه باعه حقه وحده
فلم يُحدث فيها شيئاً حتى قام الحاضر وقدم الغائب وكبر الصغير فإن قام
الحاضر بحدثان البيع قبل انقطاع حجتهم بطول حيازتها فهم أجمعون سواء يجيزون
إن شاؤوا أجازوا وأخذوا أنصابهم من الثمن وإن شاؤوا أخذوا عوضها فيما بقي
من الأرض المشتركة وجعلوا حظ الشريك فيما باع واستشفعوا ما بقي، قالا: وإن
بنى المبتاع العرصة أو طالت حيازته بمحضر الشركاء الحضور فلا قيام لهم
(11/148)
على المبتاع ويرجع حكمهم مع البائه، فإن
اعترف أن حقوقهم في البيع فإن شاؤوا أخذوا نصيبهم من الثمن أو يأخذون العوض
مما بقي من الأرض، وإن قال: ما بعتُ ذلك من الأرض حتى صار ذلك لكم حَلَفَ
على ذلك وانقطع حقه عنه في الثمن والعوض فكانوا على حظهم مما بقي من الأرض،
وأما الغيبُ والصغار فهم مخيرون في الثلاثة أوجهٍ المذكورة أولاً فإن شاؤوا
أخذوا حظهم وقد فات بالبناء فذلك لهم إذا ودوا قيمة ما بحظهم من البنيان
قيمته قائماً لبنيانه على شبهة وإن شاؤوا/ أخذوا ما بقي بالشفعة من حظ
البائع وحظ الحضور الذين انقطعت حجتهم فذلك لهم ويؤدون ما زاد بهاؤه في
عرصتهم تقوّم العرصة مبنية اليوم فيُنظر ما زاد البنيان على ثمنها الذي به
ابتيعت فيدفعون ذلك إلى المبتاع ويستشفعون بالثمن. وقاله أصبغ.
ومن العتبية (1) روى يحيى بن يحيى [عن ابن القاسم]: فيمن اشترى فداناً من
أرض مشتركة أو بفعةً لرجل فيها شركٌ وذلك بحضرة الشريك وعلمه فيبني أو يعرش
فيريد الذي لم يبع أخذ حصته وما فيها بالشفعة فليس في هذا شفعةً. ولو باع
أحدهما جزءاً شائعاً من دارٍ أو أرض بينهما قل أو كثر فللشفيع أن يأخذ نصف
المبيع بحقه والنصف بالشفعة، فأما إن باع فداناً بعينه أو شيئاً من الدار
بعينه بحضرة شريكه فلم ينكر فسكوته تجويز لبيعه ولا شفعة فيه وله على
البائع حصتثه من الثمن فقط، وهو كما لو باع ثوباً بينهما فسكت فهو تجويزٌ
منه وإن أنكر لم يلزمه البيعُ. قال عنه سحنون في الأرض بينهما يبيع أحدُهما
فداناً منها بعينه أو نصف فدان بعينه بحضرة صاحبه لا يغير ولا ينكر فقد
لزمه البيعُ ولا نكران له بعد ذلك ولا شفعة وكذلك بيعه لشيء بعينه من دار
بينهما، وكذلك كل من بيع عليه شيءٌ من ماله وهو حاضر لا يغير ولا ينكر
فالبيع له لازم، ولو باع جزءاً شائعاً من تلك فالبيع ماضٍ والشفعة للشريك.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 89.
(11/149)
في مُحاصة الشركاء في الشفعة
ومحاصة/ أهل السهام دون الشركاء
ومن هو أولى بها من جميع الأشراك
ومن كتاب ابن المواز: والمُشتري والوارث في الشفعة سواء، قال مالك فيه وفي
المجموعة: والشفعة بين الشركاء على قدر الأنصباء لا على عدد الرجال. قال
ابن القاسم: وقالع علي بن أبي طالب.
قال أشهب: وإذا كانت الشفعة إنما وجبت بشركتهم لا بعدتهم وجب تفاضلهم فيما
تتفاضل الشركة قال محمد: كعتق رجلين من الشركاء نصيبهما في عبد بينهما
فليُقومُ عليهما بقدر نصيبهما.
قال مالك في الكتابين: فإذا كان في الفريضة أهل سهامٍ فيها جدتان في السدس
وزوجاتٌ في ربع أو ثمن وإخوة لأم في الثلث، وأخوات شقائق في الثلثين فما
باع واحد من أهل سهم واحد فمن شركه في السهم أشفع فإن سلموا فبقية أهل
الميراث أشفع من غيرهم من الشركاء، وكذلك إن باع أهل السهم كلهم، ولم يختلف
فيه أصحابه، وقاله المغيرة ولم يقل بغيره إلا ابن دينار قال محمد: وإن كان
مع أهل السهام عصبة فباع بعض العصبة فالشفعة بين بقيتهم وبقية أهل السهام،
قاله مالك وأصحابه إلا أشهب، فرأى بقية العصبة أحق كأهل سهم وكالموصى لهم
بسهم يبيع بعضهم أنهم أشفع ممن شركهم، وقول مالكٍ أصح.
ومن الكتابين قال ابن القاسم: فإن ترك أختاً شقيقةً/ وأخوات لأب فباعت إحدى
الأخوات للأب فلشقيقة الدخول مع بقية الأخوات للأب، وقال أشهب: لا تدخل
معهم الشقيقة، فإن باعت الشقيقة فاللواتي للأب أحق من العصبة، فإن باع
العصبة فهن كلهن في الشفعة سواءٌ.
قال في المجموعة: فإن باع جميع الأخوات فالشقيقة أحقُّ من العصبة، قال عنه
ابن المواز: كمن (1) أوصى بدارٍ لخمسة عشر رجلاً فقال لعشرة منهم سماهم
__________
(1) في الأصل من أوصى بإسقاط كاف التشبيه.
(11/150)
ثلثاهم لفلان وفلان منهم السدس ولسبعة منهم
النصف وبقية الدار وهو الثلث للخمسة الآخرين، فإن باع أحد الخمسة فباقيهم
أشفع، وغن سلموا فذلك لجميع العشرة فإن باع أحد العشرة فبقية السبعة أحق،
فإن سلموا [فالثلاثة أشفع وإن باع أحد الثلاثة فالاثنان أشفع فإن سلموا]
(1) فالسبعة أحق من الخمسة. قال مالك: فإن باع بعض الورثة فبقية الورثة
أشفع ممن شرك الميت، فإن باع أحد شركاء الميت دخل مع الشركاء ورثة الميت.
قال ابن المواز قال ابن القاسم: واختلف قول مالك في العصبة فرآهم مرة كأهل
سهم، قال أصبغ: ثم ثبت أن أهل السهم هم الذين يتشافعون خاصة.
ومن العتبية (2) والمجموعة روى ابن القاسم عن مالك في أربعة إخوة ورثوا
داراً فباع أحدهم حصته فسلم الشفعة إخوته ثم باع أحدهم إن المشتري الأول
شفيعٌ مع من لم يبع في ذلك.
قال مالك: وإذا باع بعض أهل سهم مفروض فسلم ذلك بقيتهم فالشفعة لبقية أهل
الميراث/ فإن سلموا كلهم ثم باع أحد المشترين نصيبه مما اشترى فبقية أهل
ذلك السهم وشركاءُ البائع الآن الذين كانوا اشتروا معه وبقية الورثة أجمعين
فيما يؤخذ بالشفعة من ذلك شفعاء أجمعون. قال مالك: وليس المشتري كالورثة
ولا العصبة كأهل السهام المفروضة، أهل السهام يدخلون على العصبة ويدخلون
على من اشترى من أهل السهام ثم باع بعض ما اشترى، وإذا باع بعضُ أهل السهام
لم يدخل المشترون ولا العصبة عليهم فيما يتشافعون فيه إذا كان في ذلك السهم
للبائع شريكٌ فيه دنيا، فإن أخذ جميع الورثة بالشفعة دخل معهم العصبة
والمشترون.
وقال مالك: فيمن مات وترك داراً وترك زوجةً وابناً وابنةً ثم مات الابنُ
وترك أمه وأخته وعصبته فباع بعض العصبة فللأب والأم التشافع بحصة ما ورثا
عن __________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) البيان والتحصيل، 12: 59.
(11/151)
الميتين. محمد! وإذا مات أحد الورثة فصارت
مصابته لورثة نفسه وبعضُهم ورثة الميت الأول ثم إن بعض ورثة نفسه باع مورثه
من ذلك فإن لم يكن مع هذا البائع شركاء في سهم معلومٍ فكلهم يدخلون بالشفعة
من ورثه وورث معه بمصابته جميعاً إذا لم يكن عصبةٌ.
ومن العتبية (1) وكتاب ابن المواز قال أشهب عن مالك: فيمن يوصي في حائط له
لقوم بثلثه أو بسهم معلوم فيبيع بعضهم إن شركاءه أحق بالشفعة فيما باع [من]
(2) بقية الورثة.
قال محمد وقاله أشهب ومحمد بن عبد الحكم/ وقال ابن القاسم: للورثة الدخول
معهم كالعصبة مع أهل السهام، قال مالك: ومن أوصى لرجل بثلث داره فهو شفيع
مع الورثة فيما باع بعضهم. محمد: لأنه رجل واحد، قال أبو محمدٍ: كذا في
الأم ولكن ما أدري معناه، محمد: وإذا أوصى أحد ولد الميت بنصيبه لرجل ثم
باع واحد من بقية الولد فإن من أوصى له الولد يدخل في ذلك مع بقية الإخوة،
ولم يُختلف في هذا لأنه لم يُوصِ لنفر وليس كالذي [أوصى] (3) لهم أبوهم
الذي ورثوا الدار عنه لكنه كالمبتاع من أحد الميتين فيحل محل بائعه.
ومن كتاب محمد قال أشهب: في دار بين ثلاثة بميراث أو شراء فباع أحدهم من
نفر وسلم الشريكان ثم باع أحدُ النفر المشتريين مصابته فبقية النفر أشفع من
شريكي البائع، ولو باع أحد شريكي البائع لدخل في الشفعة شريكه الذي لم يبع
وسائر النفر الذين اشتروا الثلث الأول فيصير لهم النصف وجعل المشتري من
الشريك كوريثه، وحالفه ابن القاسم وقال: لا يكون مشتري الثلث الأول أشفع
فيما باع بعضهم دون شركاء بائعه، وجعلهم بخلاف ورثة الوارث أو ورثة المشتري
وذكر عن مالك: وجعل المشتري مقام بائعهم وجعل الموصى لهم مع الورثة كالعصبة
مع أهل السهام. قال أصبغ: وهذا هو الصواب.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 67.
(2) (من) ساقطة من الأصل.
(3) (أوصى) ساقطة من الأصل.
(11/152)
قال محمد: وكذلك لو باع بعد ذلك بعض ورثة
الميت لدخل المشتري في ذلك مع بقية الورثة.
ما جاء فيمن ابتاع شِقصاً له شفعاءُ
/فسلم بعضهم أو كان غائباً
ومن كتاب محمد ونحوه في المجموعة من رواية ابن القاسم وأشهب عن مالك وهو في
العتبية (1). قال مالك: إذا وجبت الشفعة لجماعة فسلم بعضهم وأخذ الباقون
فليس للباقين إلا أخذ الجميع أو التركُ قال ابن المواز: وليس للمبتاع أن
يمنعهم أخذ نصيب من سلم إذا كان في صفقة. قال ابن حبيب عن أصبغ، إن كان
تسليم من سلم على الهبة والعطية للمبتاع والصدقة عليه بها فليس للآخذ إلا
بقدر سهمه وللمبتاع سهم المسلمين، وإن كان على ترك الشفعة وكراهته الأخذ
فللمتمسك أخذُ جميعها.
قال مالك في كتاب ابن المواز والمجموعة: ولو كانوا غيباً إلا واحداً فليس
له إلا أن يأخذ الجميع أو يدع فإن أبى فلا شفعة له ولا دخول له مع أصحابه
إن قدموا، فإن قدم وأخذ ممن أبى قيل له خُذ الجميع أو دع. محمد: وذلك إذا
كان في صفقة.
قال ابن القاسم وأشهب في المجموعة: فإن قدم الغُيَّبُ وقد أخذ الحاضرُ
الجميع معه بقدر سهامهم. قال أشهب: وما أخذوا منك في ذلك فهم في كتاب
عهدتهم مُخيرون إن شاؤوا كتبوا عهدتهم عليك لأنك أخذت لنفسك وضمانه منك وإن
شاؤوا كتبوه على المأخوذ منهم (2) بشفعتهم وليس لهم أن يكتبوا ذلك عليها
جميعاً وإن أبى بعضهم الأخذ فللآخذين من الشفعة بقدر حصصهم من حصص من أخذ
لا بقدر حصصهم من حصص جميع/ الشركاء، قالا: __________
(1) البيان والتحصيل، 12: 81.
(2) في ع، المأخوذ عنه.
(11/153)
فإن أبوا إلا واحداً ومصابته مثل مصابتك
فجميع ما أخذت بينكما شطرين. قال أشهب: وله أن يكتب عهدته عليك وإن شاء على
الأول أنت وهو وحرقت أنت كتابك الأول، قالا وعبد الملك: فإن لم يقدم (1)
إلا واحدٌ فليس له بقدر حصةٍ من حصص أصحابه ولكن يأخذ نصف ما اظخذت إن كان
نصيبه مثل نصيبك.
قال عبد الملك: فإن قال الشفيع أنا أسلم الجميع إليك فليس له ذلك إلا برضاء
القادم فإن رضيا بذلك ثم جاء ثالثً قائماً طاع به الأول للثاني فوق ما
يلزمه يتبعُ بأخذه الثالثُ من الثاني بالشفعة إلا أن يشركه الثاني فيه بقدر
حقه بما يصيبه في ذلك من الشفعة، وإن كان الثاني هو التارك ذلك كله للأول
إلا قدر ما يصيبه مع جميع شركائه فليس ببيع ولا شفعة فيه إلا الشفعة الأولى
يأخذ منها الثالث بقدر حقه لو حضر معهما.
قال ابن القاسم وأشهب: وإن تساوى نصيبُ الأول والثاني فاقتسما الشفعة نصفين
ثم قدم ثالث له مثل مصابة أحدهما فإنما يأخذ بالشفعة إن شاء ثلث ما في
يديهما فيصير لكل واحد منهما ثلث ذلك، قال أشهب: وهو مخير أيضاً في كتاب
عهدته على المشتري الأول أو على الشفيع الأول أو عليكما، وإن شاء أخذ
بالشفعة ثلث ما بقي في يد أحدهما وترك ما في يد الآخر وليس له أن يكتُبَ ها
هنا عهدته على المشتري الأول لأنه يقول ليس لك أن تأخذ مني بعضاً وتدع/
بعضاً ولكن يكتب عهدته على من أخذ منه إن كان الأول يريد دون الثاني، وإن
أخذ من الثاني خاصة كتب عهدته على أي الشقيقين شاء، ثم إن قدم رابع وله مثل
مصابة أحدهم فله أن يأخذ ربع ما بيد كل واحدٍ منهم مما أخذ بالشفعة، وهو
مُخير في كتاب عُهدته على المشتري الأول أو على أو الآخذين أو عليه وعلى
الثاني أو على جميعهم، وإن شاء أخذ بالشفعة ربع ما في يد أيكم شاء وترك ما
في يد من شاء، ثم ليس له أن يكتب عهدته على المشتري الأول ولكن على من أخذ
منه خاصةً إن كان الأول وإن كان الثاني كتب ذلك على أي الشقيقين الأولين
شاء، وإن أخذه من الثالث كتب عهدته على أي الشفعاء الثلاثة شاء.
__________
(1) في ع، فإن لم يقدر.
(11/154)
قال سحنون في المجموعة: فإن حضر أحدهم فأخذ
الجميع ثم باعه من أجنبي ثم قدم الشفيع فله أن يأخذ نصف هذا الشقص من
المشتري الأول بنصف الثمن ويأخذ النصف الآخر من المشتري من الشفيع الذي
اشترى منه هذا الثاني.
قال ابن المواز: فإن كان ذلك في صقفاتٍ فللحاضر الأخذ بأي صفقة شاء، ثم غن
قدم ثانٍ شركه فيها وكان له أخذ بقية الصفقات أو ما شاء منها مثل أن يكون
الشفعاء ثلاثةً والصفقاتُ ثلاثةً فأخذ الحاضر الصفقة الآخرة وهي ثلث الربع
وسلم غيرها فذلك له وللمشتري الدخول معه بالصفقتين الأوليين وذلك ثلثا
الربع وللشفيع ربعٌ كامل يُقسم بينهم هذه/ الصفقة وهي ثلث الربع على خمسة
أجزاء ثم إن قدم ثانٍ فسلَّم للمشتري ما سلم له الأول [كان رُبعُ] الصفقة
للمبتاع وثلاثة أرباعها بين الشقيقين فإن لم يُسلم له الثاني شيئاً فللثاني
أخذُ الصفقتين الأوليين وحده ويكتب عهدتهما على المشتري ثم له الرجوع مع
الأول في الصفقة الآخرة التي هي ثلث الربع يدخل فيها الثاني بخمسة أثمانها
وللأول وثلاثة أثمانها، لأن الأول له الربع وهو ثلاثة أجزاء وللثاني الربعُ
أيضاً ثلاثةً وله ثلثا الربع بالصفقتين اللتين أخذهما هو خاصة التي سلمها
الأول، ثم إن قدم ثالث فله نصف الصفقتين اللتين سلمهما الأول فيصير له
أربعة وللثاني أربعة وللأول ثلاثة فيقسموا ثلث الربع وهو الصفقة الثالثة
على أحد عشر جزءاً للأول ثلاثةٌ ولكل واحد من هؤلاء أربعة.
ومن العتبية (1) من سماع يحيى بن يحيى عن ابن القاسم ومثله لمطرف من رواية
ابن حبيب وقال: فلا ثلاثة بينهم أرض فباع أحدُهم فلم يعلم الباقيان أو لم
يقوما بالشفعة ولم يفت وقتها حتى باع أحدهما، قال: الشفعة فيما باع البائع
الأول للبائع الثاني وللشريك الثالث المتمسك لأن الثاني باع بعد وجوب
الشفعة له في بيع الأول فلا يُبطلها بيعه، فإن ترك البائع الثاني الآخذ
بالشفعة مع الشريك الذي لم يبع فالشفعة كلها واجبة للثالث الذي تمسك بحظه
فيما باع الأول والثاني، وإن __________
(1) البيان والتحصيل، 12: 81.
(11/155)
ترك الآخذ بالشفعة فيما باع الأول وأراد
أن/ يستشفع ما باع الثاني صار المشتري من البائع الأول شفيعاً مع الثاني
الذي لم يبع حظه فيما باع الثاني لأنه نزل منزلة بائعه إذ لم يُؤخذ منه
بالشفعة فصار شريكاً للبائع الثاني ولصاحبه الذي لم يبع فباع الثاني حين
باع والمشتري من البائع الأول شريكٌ تجب له الشفعة.
في المشتريين لشِقص فيريد الشفيع أن يأخذ
من احدهما دون الآخر
أو يكون المشتري واحداً لأشقاص من دور
ولكل واحد شفيع
من كتاب ابن المواز والمجموعة قال ابن القاسم: وإذا باع الشريك من رجلين
فقال الشفيع أنا آخذ من أحدهما وأدع الآخر فليس له إلا أن يأخذ الجميع أو
يدع، وقال أشهب: له أن يأخذ من أحدهما، محمد: وهذا أحب إلينا، وقاله سحنون.
قال أشهب: وليس الذي سلم إليه الشفعة بما سلم إليه لوجوب الشفعة قبل ذلك.
قال أشهب: وإن اشترى ثلاثة من ثلاثة اشتروا من أيديهم حصةً من نخلٍ ومن
الآخر من دارٍ ومن الآخر من أرضٍ أو ابتاع رجل حظ رجل من دار في صفقة وشفيع
ذلك كله واحدٌ أو كنتم شفعاء فلك أيها الشفيع أو أحد الشفعاء أن يأخذ حظ
أيهم شاء من الدار أو النخل أو القربة ويُسلم حظ الباقين وليس لكم ولا
لواحد منكم أن يأخذ حظ أحدهم من نخل ويدع حظه من الدار حتى يأخذ جميع حظه
ولكم أن تفترقوا فيأخذ أحدكم مصابة أحد المشتريين كلها ويأخذ/ الآخر مصابة
الآخر كلها (وأيكم) قال: لا آخذ إلا مصابة فلان وقال الآخر وأنا فيها معك
شريكٌ وأخذ مصابة فلانٍ معها فذلك له ولا مقال لشريكه ولا للمأخوذ ذلك منه،
قالا: ولو اشترى واحدٌ من اثنين في صفقةٍ فليس للشفيع ها هنا أخذ بعض
الصفقة، قاله ابن القاسم وأشهب، وإن بعت حظاً من دارين
(11/156)
من رجل ولكل واحد شفيع فلكل واحد أخذُ ما
هو شفيعه بعد قبض الثمن على الشقصين فيعرف حظه ذلك فإن أخذ قبل معرفة ذلك
فأخذه باطلٌ ثم له أخذ ذلك بعد العلم.
قال ابن القاسم وأشهب: ومن ابتاع حظاً من دار من رجل وحظاً من حائط من آخر
وشفيعهما واحد فليس للشفيع إلا أخذ الجميع أو يترك، قال ابن عبدوس: وقاله
عبد الملك.
قال محمد: وأنا أنكر أن يجمع رجلان شفعتيهما في صفقة وليُرد ذلك إن علم بأن
المشتري ما لم يفت بحوالة أسواق أو ببيعٍ أو لا يأخذ بالشفعة أو غيره فينفد
ويُقسم الثمنُ على القيمة، قال أشهب في الكتابين متصلاً بكلام عبد الملك:
وكذلك إن كان الشفعاءُ جماعةً فليس لهم أن يأخذوا النخل دون غيرها فإما
أخذوا الجميع أو تركوا قال أشهب: فإن أخذوا الجميع على أن لأحدهم من ذلك
النخل وللآخر الدور فليس للمشتري أن يأتي ذلك ولا حجة له وليس بقياس وهو
استحسان.
تم الجزء الأول من كتاب الشفعة
بحمد الله وعونه
ويليه الجزء الثاني منه إن شاء الله
والحمد لله وحده
(11/157)
صفحة بيضاء
(11/158)
|