النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن الرحيم عونك اللهم

كتاب القضاء في البنيان
فيمن أذن لجاره في غرز خشبة أو فتح باب
أو طريق أو غيرها هل له الرجوع.
قال ابن نافع عن مالك في المجموعة وهو في سماع أشهب أن ما أمر به النبي عليه السلام من قوله لا يمنع أحدُكم جاره أن يغرز خشبةً في جداره (1) أن ذلك على وجه المعروف والترغيب في الوصية بالجار ولا يُقضى به، وقد كان ابن المطلب (2) يقضي به عندنا ولا أراه إلا دلالة على المعروف وإني منه لفي شك.
ومن غير المجموعة قال ابن القاسم: لا ينبغي له أن يمنعه من ذلك ولا يقضي عليه، قال ابن وهب عن مالك وهو أمر رغَّب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن القاسم: وإذا أذن له فليس له أن يرجع فينزعه إلا لحاجة بيَّن أن له بها عذراً ولم يرد/ الضرر في نزع ذلك، فإن كان لغير عذر أو لغير حاجة إلا لما هاج بينه وبينه فليس له قلع ذلك. قال مالك: لا ينزعه إلا إذا احتاج إلى جداره لأمر لم يرد به الضرر.
__________
(1) رواه البخاري في المظالم ومسلم في المساقاة وفي كتاب الجدار لعلي بن موسى التطيلي ذكر رواية له عن مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة وكتاب الجدار هذا مفيد جداً في هذا الباب وقد حققه الدكتور إبراهيم بن محمد الفائز عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بالرياض.
(2) في ص، المطلب والصواب ما أثبتناه وهو عبد العزيز بن المطلب المخزومي المدني المتوفي قريباً من 170 هجرية.

(11/93)


قال ابن القاسم عن مالك في العتبية (1)، فإذا أراد أن يهدم جداره وينتفع به فذلك له، في كتاب آخر وإن أراد بيع داره فقال له نحِّ خشبك والمشتري يريد ذلك قال: إن أراد بذلك الضرر لم يكن له ذلك.
قال ابن حبيب عن مطرفٍ عن ابن الماجشون إذا أعار جاره جداره لحمل خشبه فليس له نزعها طال الزمان أو قصر احتاج إلى جداره أو استغنى عنه سواء مات أو عاش باع أو ورث إلا أن ينهدم الجدار ثم يعيده صاحبُه فليس للمعار ها هنا أن يعيد خشبه إلا بعارية مبتدأ، وذكراه عن مالك وعن غيره، قالا: وقد جاء ألا يمنعه فقال مالك ذلك على التخصيص روي عن أبي هريرة ما روي فإذا أذن فلا رجوع له. قالا: والإذن أن يبني على خشب جاره تلك إن لم يضرّ بها ولا أفسد عمله قالا: وكل ما طلبه جاره من فتح باب أو إرفاقٍ بها أو مختلف في طريق أو فتح طرقٍ في غير موضعه وشبه ذلك فهو مثل ذلك لا ينبغي في الترغيب والإرفاق منعه من ذلك مما لا يضره ولا ينفعه منعه، وليس مما يُقضى به.
قلت: فإذا أذن له في هذا هل له أن يرجع فيه؟ فقالا: ذلك مختلف أما ما أذن فيه مما يقع فيه العمل والإنفاق والمؤنة من غرز الخشب وبناء أساس جداره في حق الآذن والإرفاق بالماء من العيون والآبار لمن يُنشئ عليه غرساً أو يبتدئ عملاً وشبه ذلك مما فعله ورده كما كان فساداً أو ضرراً فليس له ذلك صغُرَت/ المؤونة أو عظمت ولا رجوع له عاش أو مات باع أو ورث احتاج أو استغنى فهو كالعطية.
ولو أن الآذن اشترط يوم أذن أني متى شئتُ أو أرجع وأقطع ما أذنتُ فيه فعلتُ كان ذلك غير جائز لمشترطه، ولا يُقضى له به لأن هذا من شرط الضرر. والتغرير بالعامل بالشرط ساقط والإذن بعد العمل به نافذ وهو قبل العمل به على هذا الشرط غير نافذٍ قالا: وما كان من ذلك لا يتكلف فيه كبير عمل ولا __________
(1) البيان والتحصيل، 10: 257.

(11/94)


إنفاق، ومن فتح باباً أو فتح طريقاً إلى بناء الآذن أو أرضه أو إرفاق بماء لشفةٍ أو لسقيه شجراً قد أنشئت قبل ذلك ثم نضب ماؤها أو غارت فهذا له الرجوع إليه أو يكون المأذون له في الطريق والمدخل والمخرج قد باع داره وشرط للمشتري ما أذن له فيه بعلم الآذن فيكون ذلك لازماً للآذن أبداً ولم يكن بنياناً تكون له فيه نفقة ومؤونة.
قال ابن حبيب وقال ابن نافع وأشهب في ذلك كله مثل قولهما، وقال أصبغ: ذلك كله عندي واحد ما تكلف فيه عمل وإنفاق وما لم يتكلفه فيه إذا أتى عليه من الزمان ما يكون إلى مثله يُعار مثل هذا فله منعُه إلا في الغرس فإنه لا يمنعه بعد ذلك، قال ابن حبيب: ولا يعجبني قوله.
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: وإذا كان الجدار لأحدهما فسأله جاره أن يأذن له أن يدعه يهدمه ويبنيه فيتقنه ليحمل عليه بنياناً ففعل فليمض ذلك للمرفق الثاني أبداً وليس لرب الجدار أن يرجع في ذلك ولا ينحى عنه بناءً لآخر وإن احتاج إلى جداره، وقاله أصبغ.
/ في الجدار بين دارين لرجلين ينهدم
وهو لهما أو لأحدهما
هل يُجبر أحد على بنائه؟
وهل يُقسمُ إن كان بينهما وأبى أحدهما؟
وهل لأحدهما هدمُه؟
وفي جدار الرجل ينهدم من نهر تحته لرجل
من المجموعة قال ابن القاسم عن مالك في جدار بين رجلين فسقط فإن كان لأحدهما لم يُجبر على بنائه ويقال للآخر استُر على نفسك إن شئت وإن كان بينهما أملاً يبني أو يبني مع صاحبه إن طلب ذلك.

(11/95)


قال في العتبية (1) إن كان لأحدهما فهدمه ربه أو انهزم بغير فعله وهو قادر على رده، فترك ذلك ضرراً أُجبر على رده وإن كان لضعف عن إعادته عُذِرَ وقيل للآخر استُر على نفسك فالبناء في حقك إن شئت. قال عيسى عن ابن القاسم في العتبية (2) إن كان لأحدهما فسقط بأمر من الله لم يجبر أن يبنيه ولمن شاء منهما أن يستر على نفسه في حقه، ولو هدمه للضرر جُبر على أن يعيده، وإن هدم لوجه منفعة أو ليعيده ثم عجز عن ذلك واستغنى عنه فإنه لا يُجبر على إعادته ويقال للآخر ابن في حقك إن شئت. قال ابن سحنون عن أبيه في سؤال حبيب قال: لا يُجبر ربه على بنائه إذا انهدم في قول ابن القاسم ويُجبر في قول ابن كنانة وبه أقول وأجمعا أنه إن هدم للضرر أن يُجبر على بنائه. ذكر ابن عبدوس أن ابن كنانة يقول: إذا انهدم وهو لهما لم يُجبر أحدٌ على بنائه ومن شاء منهما أن يستُرَ على نفسه فعل (3).
قال ابن القاسم في العتبية (4) والمجموعة إذا كان لأحدهما فطلب هدمه فليس له هدمه إلا بوجه يُعلم أنه/ لم يُرد به الضرر. قال في المجموعة: فإن انهدم بغير فعله لو يُجبر على بنائه وإن كان بينهما قيل لمن أبى البناء إما أن تبني معه أو تبيع أو تقاسمه.
قال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون: وليس لربه هدمُه فإن فعل أُمر بإعادته لأنه مضارٌ، ولو قال إني محتاجٌ إلى هدمه ولي في ذلك منفعةٌ نُظر في ذلك؛ فإن تبين صدقه تُرك على نفسه وأُمِرَ بإعادته للسترةِ التي قد حيزت عليه ولزمته، وقال أصبغ: له أن يهدمه لمنفعته أو لغير منفعةٍ ويصنع به ما أحب، قال ابن حبيب ولا أقول بقوله قال يحيى بن عمر قال ابن القاسم: وإن خِيف سُقوطه قيل لربه اهدمه ثم لا يُجبرُ على رده، قال ابن القاسم في كتاب آخر: إن هدمه __________
(1) البيان والتحصيل، 9: 220.
(2) البيان والتحصيل، 9: 329.
(3) في ص، فليفعل.
(4) البيان والتحصيل، 9: 392.

(11/96)


ربُّه لغير ضرورة لجاره ولكن كما يهدم الناس للحاجة يُترك لم يُجبر على رده وإن أضرَّ ذلك بجاره قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: إذا كان الجدار بينهما يملكانه وسقط فإنه يُجبر من أبى البنيان يبني مع من طلبه وإن دُعي إلى قسمه موضع الجدار فليس ذلك له وإن كان لأحدهما فقال ابن الماجشون: يُجبر ربه على بنائه، وقال مطرف: لا يُجبر، ويقال للآخر استر على نفسك فإن لم يقدر أو لم يجد وله عورةٌ أُجبر ربُّه على بنائه.
وقال أصبغ عن ابن القاسم: لا يُجبر كان لها أو لأحدهما، وقال ابن حبيب يقول مطرف وقال أصبغ في قسمة الجدار: لا يُقسمُ بينهما إلا عن تراضٍ منهما [مجرداً كان أو حامداً ومن كتاب البنيان لابن عبد الحكم قال ابن القاسم: لا يُجبر أحدٌ] منهما على بنائه ومن طلب قسمةً وكان مما يُقسم جُبر الآخر على القسم معه وإن كان لا ينقسم قيل له/ إما أن تبنيه معه وإلا فبع معه، قال مالك: وإن بناه أحدهما ومنع صاحبه أن ينتفع معه حتى يُعطيه النفقة فإنه يقال لمن لم يبن إما أن تأمره بهدمه ثم يبنيه معه وإلا فأعطه نصف قيمة البنيان منقوضاً ويبقى بينكما وليس لك أن تنتفع به حتى تفعل أحد هذين الأمرين.
من العتبية (1) قال ابن القاسم عن مالك في خليج لرجل يجري تحت جدار للرجل فجرى السيلُ تحته حتى انهدم فطلب ربُّه رب [الخليج ببنائه قال: يُجبرُ] (2) رب الخليج الذي أفسد حائطه على بنائه.
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 247.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.

(11/97)


في البئر أو البيت بين الرجلين ينهدم
وفي العرصة بينهما يدعو أحدهما إلى البناء في ذلك كله
أو كان جناناً فيدعو صاحبه إلى تحظيره
من العتبية (1) روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم في البيت أو البئر بين الرجلين ينهدم قال مالك: أما البيت وشبهه مما ينقسم فليقسما ثم بين من شاء في حظه، وأما البئر وشبهه مما لا ينقسم فيقال لمن أبى العمل إما أن تعمل مع شريكك أو تقاويه أو تبيع ممن يعمل وإلا بعنا عليك حقك بمقدار ما يعمل به باقي حقك ولا يُمنع شريكك من النفع بحظه بهذا الضرر.
وقال مالك في كتاب ابن عبد الحكم في العرصة بينهما يطلب أحدهما البناء فلا يلزم ذلك صاحبه إن أبى ويُقال له: أما إن تبنيه معه وإلا فقاسمه، وقد ذكرنا في الباب الذي هذا عقبيه (2) ذكر الجدار بينهما يأتي أحدهما من العمل إذا انهدم وتقدم في باب قبله ذكر البئر والعين يخرب أو ينقص ماؤها ومن الذي يلزمه العمل في هذا والذي يُقال له اعمل ولك فضل الماء حتى تأخذ/ نصف النفقة من شريكك.
من المجموعة روى أشهب عن مالك في جنان بين رجلين لا جدار عليه فأراد أحدهما أن يغترس فدعا شريكه إلى أن يُحظر الجنان معه قال: ليس ذلك عليه.
ومن العتبية (3) من رواية يحيى بن يحيى وهو في المجموعة إلا أنه قال عن بعض أصحابنا في كرم بين أشراك تساقطت حيطانه فخيف عليه الفساد فدعا بعضهم بعضاً إلى إصلاح ما تساقط من جُدُره وأبى الآخرون فإن كان لكل واحد نصيبٌ مُفرزٌ معروف بالغلق يجمعهم لم يُجبر أحدٌ على العمل ولمن شاء أن يُحظر كرمه __________
(1) البيان والتحصيل، 10: 241.
(2) في ص، هذا عقِبه وفي اللغة عقب كل شيء آخره.
(3) البيان والتحصيل، 9: 247.

(11/98)


فعل وإن كان الجنان مشاعاً بينهم فلم يجتمعوا على العمل فإنه يُجبر على القسم من أباه إن دعا إليه بعضُهم ثم شأن كل واحد بحصته ولو كان في الحائط ثمرةٌ يُمنعُ من القسم وفي ترك إصلاح ذهاب الثمرة وفساد الكرم فإن كانت الثمرةُ قد طابت قيل لمن أبى البناء حظر معهم أو بع حظك من الثمرة ممن يخصنا وإن كانت الثمرة لم تطب قيل لمن طلب التحظير إن شئتُم حظروا وكونوا أملك بحصة الآبي من الثمرة حتى تستوفوا ما أنفقتم فإن كان ما أنفقوا أكثر من ثمن الحائط لم يكن لهم عليه [غيرُ] (1) ما يسوى الثمر.

في الجدار سُترة بين الرجلين يدعيه كل واحد منهما
من كتاب القضاء في البنيان قال عبد الملك بن الحكم وفي أوله سؤاله لابن القاسم قال: وإذا اختلف الرجلان في جدار بين داريهما كل يدعيه؟ فإن كان عقد بنيانه إليهما فهو بينهما يريد بعد أيمانهما وإن كان معقوداً إلى أحدهما ومنقطعاً من الآخر فهو لمن إليه العقد وإن كان منقطعاً منهما جميعاً فهو بينهما فإن كان لأحدهما/ فيه كوىً والآخر لا شيء له فيه وليس بمنعقد إلى واحد منهما فهو لمن إليه مرافقه وإن كان فيه الكُوى لكلاهما (2) فهو بينهما وإن كان لأحدهما عليه خشب ولا عقد فيه لواحد منهما فهو لمن له عليه الحمل فإن كان لهما عليه الحمل جميعاً فهو بينهما فإن كان لهذا عشرُ خشباتٍ وللآخر سبعٌ (3) قال: فهو على حاله ثم ليس لأحدهما أن يزيد خشباً على خشبه إلا برضاء صاحبه وإن انهدم فليبنياه جميعاً ويرداه (4) على حاله فإن أبى أحدهما البناء قيل له بع ممن يبني __________
(1) (غير) ساقطة من ص.
(2) كذا ورد في الأصل وسياق اللغة يقتضي لكليهما قال الجوهري كلا في تأكيد الاثنين نظير كل في المجموع وهو اسم مفرد غير مبني فإذا ولي اسماً ظاهراً كان في الرفع والنصب والخفض على حالة واحدة بالألف تقول رأيت كلا الرجلين وجاء كلا الرجلين ومررت بكلا الرجلين فإذا اتصل بمضمر قلبت الألف ياء في موضع الجر والنصب فقلت رأيت كليهما ومررت بكليهما كما تقول عليهما وتبقى في الرفع على حالها.
(3) في الأصل، سبعة والصواب ما أثبتناه.
(4) في الأصل، فليبينانه جميعاً ويردانه وهوخطأ واضح.

(11/99)


يعني بع دارك كلها وليس يعني الجدار خاصة وكل ما تقدم فمثله لسحنون في كتاب ابنه إلا أن يكون لأحدهما عليه حملٌ خشب ولا عقد فيه لأحدهما فقد اختلف فيه قوله وسنذكره بعد هذا.
ومن كتاب الإقرار لابن سحنون: وإذا كان حائط بين داري رجلين ووجه البناء لأحدهما وإلى الآخر ظهر البناء وليس لأحد منهما من العقد شيء فهو بينهما نصفان وإذا كان الباب في حائط فادعى رجلان كل واحد منهما يقول الباب لي والحائط وغلقُ الباب إلى أحدهما فإنما يُنظر في مثل هذا إلى الحيازة، فمن حاز الباب بالغلق فهو له والحائط ومن كان له ممر قد حازه فله الممر وإن كان له غلقان كل واحدٍ يلي غلقاً فهو بينهما نصفان.
ومن المجموعة وكتاب ابن سحنون قال أشهب: إذا كان عقده إلى أحدهما وللآخر عليه حذوعٌ قضى به لمن إليه عقدُه، وقضى لصاحب الجذوع بموضع جذوعه فإن انكسرت فله أن يجعل مكانها أخرى، قال ابن سحنون في كتاب الإقرار وقال أهل العراق: الحائط لمن له عليه الجذوع إلا أن/ يكون اتصاله بالبناء اتصالاً يتربع بيته كله فيكون لصاحب البيت وللآخر حملُ جذوعه.
قال أشهب في المجموعة: فإن كان عليه لهذا عشر خشبات ولهذا خمسٌ قضى بالجدار لمن غليه العقد وللآخر بموضع جذوعه وإن لم يكن معقوداً إلى أحدهما قضى به بينهما نصفين لا على عدد الخشب، ومن انكسر له منها شيء رد مثله ولا يكون لكل واحد منهما ما تحت خشبه، وقال نحوه سحنون في كتاب الإقرار لابنه وقال فيه: بعض أصحابنا (1) يقولون إذا كان الحائط لأحدهما عليه خشبةٌ واحدة وللآخر عليه عشر خشبات ولم يكن معقوداً إلى أحدهما أنه يكون بينهما نصفين، وكذلك إن كان لأحدهما عليه عشر خشبات وللآخر عليه تسع ولكن لكل واحد ما تحت خشبه منه وقال من خالفنا: هو لصاحب العشر __________
(1) في الأصل، وقال فيه أصحابنا بإسقاط كلمة بعض.

(11/100)


خشباتٍ إلا موضع الخشبة الواحدة التي للآخر، وقالوا: إن كان لأحدهما عليه خمس خشبات وللآخر أربع فهو بينهما نصفين.
وقال سحنون في كتاب ابنه نحو ما قال أشهب هاهنا مما تقدم وزاد فقال: ولو كان عقده إلى أحدهما ثلاثة مواضع وعقده من ناحية الآخر من موضع واحد فإنه يُقسم بينهما على عدد العقود وإن لم يكن معقوداً إلى أحدهما وكلاهما يدعيه ولأحدهما عليه خُشبٌ معقودة بعقد البناء فذلك يوجب له ملكه، وقد قال قبل هذا إن ذلك لا يوجب له ملك الحائط فقيل له: لم ذلك وقد قُلت في حائط فيه لأحدهما كوىً يعقد البناء وليس معقوداً إلى أحدهما إنه لصاحب الكوى؟ فقال: نعم هو كذلك وعقد الخشب ملك يوجب المِلك وأما الكوى المتقوبة ففيها نظرٌ. قال أبو محمد يريد سحنون بالكوى/ كوى غير منفردة لرفع الأشياء فيها مبنية من أصل بناء الحائط غير متقوبة وأما كوى الضوء المنفردة فلا دليل فيها.
وقال محمد بن عبد الحكم: إذا كان لكل واحد منهما إليه عقدٌ فهو بينهما فإن لم يكن فيه عقد ولأحدهما عليه حملُ خشبٍ ولو خشبة واحدة، قال: فهو له، فإن لم يكن عقد ولا حملُ خشب وفيه كوىً من جهة أحدهما يريد غير نافذة فهو لرب الكوى فإن لم يكن فيه شيءٌ من ذلك فهو بينهما وإن كان عقدة لأحدهما وللآخر عليه حمل خشب فهو لصاحب العقد [وعليه بناؤه إن انهدم ويرد الآخر خشبه فيه وإن لم يكن في أسفله عقدٌ لأحدهما وفي أعلاه عقدٌ لأحدهما فهو لصاحب العقد] (1) وإن لم يكن لكل واحد منهما عقد وعليه حصير قصب لأحدهما فهو لمن له القصب والقصب والطوب سواءٌ، وكذلك بيتٌ من خشب. إذا كان القصب يُربط بعضه إلى بعض.
قال سحنون في كتاب ابنه في حائط بين بيتين أو حانوتين لرجل وعليه خشبهما لكل رجلٍ حانوتٌ أو بيتٌ فادعاه كل واحد لنفسه وعليه فوق خشبهما حائط لغرفةٍ لأحدهما والحائط الأسفل لمن إليه عقده مع يمينه وإن لم يعقد إلى أحد __________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.

(11/101)


حلفا وكان بينهما وحائط الغرفة هو كالعقد فأحلف صاحبه ويكون الحائط له ويبقى للآخر عليه خشبُه قال: وإذا كان حائط فوق حائط وعقد الأسفل إلى أحدهما وعقد الأعلى إلى الآخر قضيتُ بالأسفل لمن إليه عقده وبالأعلى لمن إليه عقده وكذلك في جواب سحنون لحبيب وقال في جوابه أيضاً: / إذا كان عقده إلى أحدهما وللآخر عليه حمل خشب سقوف معقودة بالبناء فالحائط لمن له العقد وللآخر حمل السقوف فإن أراد صاحب العقد أن يبني على حائطه غرفةً أو غيرها فلينظر فإن أضر ذلك بحمل الآخر فليس له ذلك وإن كان لا يضره فله أن يبني ما لا يضره عند أهل المعرفة.
وسأله حبيب عن حائط عليه سُترة يتنازع فيه رجلان وهو بين داريهما وكل واحدٍ يدعيه ويدعي السترة فيبعث أميناً من البنائين لينظره فذكر أن عقد الحائط الأسفل من الجانبين إلى واحد وعقد السترة من ناحيةٍ إلى صاحب الأسفل ومن ناحية إلى صاحبه ثم أقام عندي صاحبُ الأسفل ببينةٍ أنه أعار لجاره هذا حائطه يبني هليه هذه السترة قال: يقضي بقول البينة قال وإنما يُنظر في العقود في عدم البينة ولو كان عقد السترة من الجانبين إلى دار صاحب الحائط الأسفل هكذا وقع في الأم وأراه إلى دار الآخر الذي لا عقد له في الأسفل لأنه أبطل حُكمُ العقود بوجود البينة قال في جوابه فيكون كما شهدت البينة ولا ينفع العقد ولصاحب الحائط الأسفل أن يأمر صاحب السترة بنزعها يريد لأنها عارية.
قال سحنون في جوابه لشجرة في الحائط بين رجلين أراد أحدهما نقضه ليجدده وأبى ذلك صاحبُه فقال: إن ثبت أن الحائط لأحدهما وخِيف سقوطه فله إصلاحه وتبقى الأشياء كما كانت، وإن لم يثبت لأحدهما فإن الحائط إذا كان بين رجلين وخيف سقوطه فطلب أحدهما إصلاحه وابى الآخر فبعض أصحابنا يرى لا يُجبرُ وبعضُهم يجبره أن يُصلح أو يبيع/ ممن يُصلح، وفي مسألتك أن على الحائط حائطاً فهذا إن خيف عليه والأسفل بينهما يُجبر على إصلاحه وإن كان لصاحب الأعلى جُبر على إصلاحه.

(11/102)


قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون في الجدار بين داري الرجلين يتداعيانه (1) فإن كان فيه ربط لأحدهما فهو له ولا يُلتفتُ إلى الخشب إن كانت عليه لأحدهما فإن لم يكن فيه ربط لأحدهما فهو بينهما نصفين بعد أيمانهما فإن حلفا أو نكلا فهو بينهما فإن نكل أحدهما فهو لمن حلف، ولو قال هذا هو لي كله وقال الآخر هو بيني وبينك فقال مطرف: يكون لمدعي الكل ثلثاه ولمدعي النصف ثلثه إلا ان يعرف أحدهما أن للآخر فيه شيئاً فيكون له ثم يكون ما بقي بينهما على ما قلنا في جميعه.
وقال ابن الماجشون سواء حدَّ له منه ناحية أو لم يَحُدَّ فإن القائل لي نصفه لا دعوى له في النصف الآخر فهو لمدعي الجميع ويُقسم النصف الباقي بينهما فيكون بينهما أرباعاً لهذا ربعه ولهذا ثلاثة أرباعه وذلك كالدعوى في شيء غيره كان ذلك في أيديهما متشبثين به أو لم يكن في أيديهما فقول مطرف فيه على قول مالك وقول ابن الماجشون على قول ابن عبد العزيز وبه قال ابن القاسم وقولنا على قول مطرف، وهذا قول مالك والليث وابن كنانة وأشهب وابن وهب.

في الجدار بين الرجلين
هل لأحدهما أن ينتفع به بغير إذن الآخر
وكيف إن كان لأحدهما
هل يحمل عليه ما يضر بالآخر؟
قال ابن حبيب: سألتُ مطرفاً وابن الماجشون عن الحائط يملكه الرجلان فيريد أحدهما أن يحمل عليه ما يمنع/ صاحبه من حمل مثله عليه إن احتاج إليه بعده إلا ان يأذن له في ذلك وإن كان ما يمنع صاحبه أن يحمل مثله إذا شاء مثل حمل سقف أو خشب يغزرها لحاجته فإن ذلك له وإن لم يأذن له صاحبه، ولو كان لأحدهما فأراد ربه أن يحمل عليه سقفاً يسيل ميازيبه على صاحبه فليس ذلك له إلا أن يأذن صاحبُه وإن لم يضرّ به. قلت: فلو كانت دار صاحبه __________
(1) في الأصل، كتبت بحذف نون الرفع.

(11/103)


واسعةً لا يضرها سقوط الميازيب؟ قالا: ولو كانت أوسع من السكة ولو أراد ربه أن يهدمه ليقدمه إلى داخل داره لينصب ما سقفه في موضع الجدار الأول ثم يسيله خارجاً، قال: ليس ذلك له لأن ذلك يضر بجاره ويعذر داره وإن كان لهما فأراد أحدهما أن يبني عليه قبل صاحبه بنياناً لا يمنع صاحبه من حمل سيله إن احتاج إلى ذلك وكان الجدار يضعف عن حمل ما يريده فأراد أن يهدمه ويبنيه يحمل عليه ما يريد قالا: ذلك له وليس للآخر منعُه ويكون الجدار بينهما كما كان، وقاله أصبغ كله.
ومن كتاب البنيان عن عبد الله بن عبد الحكم وأوله سؤاله ابن القاسم: وإذا كان الجدار بينهما وهو سُفلي فطلب أحدهما من صاحبه إذا بنى معه أن يرفه بناءه حتى يكون سُترةً لغرفة الآخر بينهما فليس ذلك عليه إن أبى وليس لأحدهما أن يحدث على الجدار شيئاً بغير إذن شريكه فيه ولا يكلف ها هنا أن يبني معه أو يبيع كما يكلف في الجدار بينهما يُهدم.
ومن كتاب ابن سحنون من سؤال حبيب سحنوناً عن الحائط بين الرجلين وهما مُقران بذلك ولكل واحد منهما عليه خشب، وخشب أحدهما أسفل من الآخر فأراد رفعها وأخذ خشب صاحبه/ فمنعه قال: ليس له أن يمنعه فإن أنكر الذي خشبه أعلى أن يكون لصاحب الخشب الأسفل من فوق خشبه شيءٌ قال: القول قوله، يريد مع يمينه، قال: لأنه حائز ما فوق خشب الأسفل، يريد ولا عقد في ذلك الزائد للأسفل.

(11/104)


في السفلي يكون لرجل والعلو لآخر
ما الذي يكون على رب السفلي من مرافق العلو
وكيف إن اعتل السفلي وعلى من التعليق
وكيف إن انهدم؟
من كتاب البنيان لابن عبد الحكم قال ابن القاسم وهو في العتبية (1) عن ابن القاسم عن مالك في السفلي لرجل والعلو للآخر فأعتل السفلي فإن إصلاحه على صاحب السفلي وعليه تعليق العلو حتى يصلح سفليه لأن عليه أن يجعله إما على بنيان وإما على تعليق وكذلك لو كان على العلو فتعليق العلو الثاني على صاحب الأوسط في إصلاح الأوسط، قال مالك: وعلى رب السفلى الخشب والجريد وذلك ما يُقوم عليه في القسم.
ومن العتبية (2) قال سحنون: إذا خيف على حيطان السفلي الضعفُ فليهدم السفلي ربه ويبنيه وعليه تعليق العلو. ومن المجموعة قال ابن القاسم عن مالك: وإذا كانت لرجل منازل بعضها فوق بعض فانهدمت فليبن الأسفل منزلهُ ثم يبني كل رجل منهم منزله، يريد إلا أعلاهم فإن شاء بنى وإن شاء ترك. قال مالك في كتاب البنيان المذكور فإذا انهدم السفلي وفوقه علوٌ وفوق العلو علوٌ فعلى رب السفلي بناؤه وعلى الأوسط بناء غرفة حتى يبني عليها الثالث علوه.
قال سحنون في كتاب ابنه وهو لأشهب: وإذا انهدم السفلي/ والعلو جُبر صاحبُ السفلي على بنائه وليس على صاحب العلو أن يبني السفلي من البناء قيل له بع ممن يبني وقد تقدم في باب آخر في الحائط بينهما يُهدم فيأبى أحدهما من العمل فإن كان مضاراً أُجبر على البناء مع صاحبه.
__________
(1) البيان والتحصيل، 9: 178.
(2) البيان والتحصيل، 9: 179.

(11/105)


ومن العتبية (1) قال ابن القاسم عن مالك في سقف السفلى ينكسر فعلى صاحب السفلي إصلاحه وعليه الخشب والجريد وكذلك في انهدامه.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه وهو لأشهب: وإذا أراد رب السفلي أن يهدم السفلي وأراد صاحب العلو ان يبني عُلوه فليس لصاحب السفلي أن يهدم السفلي إلا من ضرورة ويكون هدمه إياه أرفق بصاحب العلو لئلا ينهدم ويكون ذلك ليناً فيفسد عليه طوبه وينهدم بانهدامه العلو وليس لرب العلو أن يبني على علوه شيئاً لم يكن قبل ذلك إلا الشيء الخفيف الذي يتبين أنه لا يضر بصاحب السفلي فإن كان ما يبني مضراً مُنع، وكذلك لو انكسرت حشبةً من سقف العلو لأدخل مكانها خشبة ما لم يكن أثقل منها ثقلاً يخاف ضرره على صاحب السفلي فيمنع وإلا لم يمنع.
ومن العتبية (2) قال أصبغ قال أشهب وباب الدار على صاحب السفل.
ومن كتاب ابن عبد الحكم عن ابن القاسم قلتُ: فعلى من السلم فإن صاحب السفل قال: ليس علي أن أجعل لصاحب العلو طريقاً؟ قال: هو بينهما على صاحب السفل إذا كان له علوان يبلغ به علوه ثم على صاحب العلو الأعلى ما أدرك العلو الأول إلى علوه، وأعرف في غير هذا الكتاب لبعض أصحابنا أن على صاحب السفل بناء السلم إلى حد العلو فإن كان ثم علواً آخر فعلى صاحب العلو الأول من بناء السلم من حد علوه/ إلى أن يبلغ به سقف علوه الذي عليه علوه الآخر.
__________
(1) البيان والتحصيل، 9: 178.
(2) البيان والتحصيل، 9: 283.

(11/106)


في كنس المرحاض بين دارين أو بين علو وأسفل
وقمامة السفل على من تكون وعلى من بناء المرحاض؟
من كتاب ابن عبد الحكم قال ابن القاسم: وبناء المرحاض على صاحب السفلي إلى السقف وعليه كنسه.
ومن العتبية (1) قال أشهب: قال أشهب: وبناء المرحاض على صاحب السفلي لأنه بئره ولصاحب العلو أن يُلقي فيه سُقاطته وأن يرفق به فهو كسقف السفلي، وقال ابن وهب وأصبغ: كنسه بينهما على قدر الجماجم من كثرة العيال وقلتهم والمستعمل، وقال لنا أبو بكر بن محمد: أما إن كانت فيه البئر لصاحب السفلي فالكنس عليه، وإما أن كان لرب العلو رقبةُ البئر ملكاً (2) فالكنس عليهما على قدر الجماجم، قال عبد الله: خرج عن قول ابن القاسم وعن قول ابن وهب، أما على قول ابن القاسم: فإن كان رب العُلو في رقبته البئرُ ملكاً فعليه من الكنس بقدر ملكه فيه، وابن وهب لا يسأل عن الرقبة ويجعل الكنس على من انتفع، وأخذ بعض متأخري أصحابنا ممن ولي الحكم بقول ابن وهب إذا كان البئر محفوراً في الفناء، وإن كان البئر محفوراً في رقبة الدار فالكنس على من له رقبةُ الملك.
قال أصبغ في العتبية (3) قال أشهب: وكنس تراب القاعة السفلي على صاحب السفلي، قال أصبغ مما لم يطرحه رب العلو وليس لرب العلو أن يطرح فيها شيئاً ولا في ناحية منها حتى يجتمع. وقاله أشهب وقال: إلا أن يكون له شرط في القسم أن له الانتفاع بقاعة السفلي، قال عبد الله: ويجري القول في المرحاض بين دارين نحو/ القول في العلو والسفلي فيمن له رقبة البئر وليست له وعلى الاختلاف في ذلك.
__________
(1) البيان والتحصيل، 9: 284.
(2) في النسختين معاً، ملك بالرفع.
(3) البيان والتحصيل، 9: 283.

(11/107)


فيمن له رف خارجٌ على جاره هل يسقفه؟
وإذا بنى جاره هل يبني فوقه؟
وفيمن خرج بنيانه في هواء جاره
وهل له أن يطر (1) حائطه من دار جاره؟
ومن كتاب ابن سحنون من سؤال حبيب لسحنون وعن رف بحطور خارجة لرجل إلى دار جاره ولا قصب عليه فأراد أن يضع عليه القصب فمنعه جاره قال: فليس له منعُه وإنما وُضعت الحطورُ لهذا وعمن له رف خارج لدار جاره فبنى جاره جدار الرف فأراد أن يُعلي بناءه على الرف قال: ليس له أن يبني فوقه لأن صاحب الرف قد ملك سماءه.
ومن العتبية (2) روى عيسى عن ابن القاسم فيمن بنى بناءً مستعلياً فعوجه في العلو لو عوجه إلى بناء غيره ثم بنى الذي له الهواء في أرض نفسه فعارضه العوج الذي خرج به إليه جارُه قال: يهدم كل ما خرج في هواء غيره كان ذلك مما تعظُم فيه النفقة أو تقل. قال ابن سحنون وقال سحنون في جواب حبيب فيمن أراد أن يطر حائطه من دار جاره فمنعه قال: ليس له أن يمنعه أن يدخل داره فيطر حائطه وكذلك لو قلعت الريح ثوباً عن كتفي رجل فألقته في دار رجل لم يكن له أن يمنعه أن يدخل فيأخذه أو فيخرجه إليه.

في الجب في أرض رجل وبابُه في أرض آخر فتداعياه
والعلو بابه إلى غير من له سُفليه
من العتبية (3) مما رُوي عن ابن القاسم وذكره في المجموعة قال وقال غيره فيمن وجد جُباً في أرضه وباب الجُب في أرض غيره/ قال: الجُب لمن الباب في __________
(1) طرّ بنيانه يطره: إذا جدده.
(2) البيان والتحصيل، 9: 222.
(3) البيان والتحصيل، 9: 216.

(11/108)


أرضه لأن منفعته له وهو حظه وكذلك العلو لرجل والسفلي لآخر وباب ذلك العلو إلى ناحية أخرى فليس بالعلو يستحق السفلي فالجُب لصاحب الباب ومثله عليه لصاحب الأرض، وقال في غير هذا الكتاب من سماع عيسى وهو في كتاب العتق أن لكل واحد في الجُب أن يأخذه من أرضه وينتفع به ويسد ما بينه وبين صاحبه ولا يستحقه بالباب.
ومن المجموعة قال سحنون: إن كان جُباً واحداً لا يستغني بعضُه عن بعض فهو لصاحب الباب وإن كان له عيابات تستغني عن الذي فيه الباب فذلك لصاحب أعلى الأرض دون صاحب الباب.

في قناة ظاهرة الأمر بالبناء إلى بئرٍ في رانقة
فأراد من أصلها في داره
أن يُجري فيها ثُقْلَ مرحاضه فمنعه أهل الزقاق
قال ابن سحنون وسأل حبيب سحنوناً عن رانقة (1) غير نافذة فيها أبوابٌ لقوم ودبر دار رجل إليها ولا باب له فيها ويلصق داره في الرانقة كنيف محفور مطوي قديم ويخرج إليه من داره قناةٌ مبنية إلا أنها لم يجر فيها شيء منذ دهرٍ فأراد الآن أن يُخرج فيها العَذِرةَ إلى هذه البئر فمنعه أهل الرانقة قال: ليس لهم منعُه إلا أن يدعو في رقبة البئر فيكشف عن جعواهم وإلا فالبئر لصاحب الدار بهذه الرسوم الظاهرة. قال: ولو أن هذا مُشتر من غيره لكان له من ذلك ما كان لبائعه.
__________
(1) من مادة رنق يقال رتق الماء كدر ورنق الماء كدره والرنق تراب في الماء من القذى وغيره والرنقة الماء اختلط فيه الطيب والماء القليل الكدر يبقى في الحوض.

(11/109)


فيمن أذن لجاره في بناء حائطه على أن يحمل فيه
من كتاب ابن سحنون من سؤال حبيب في رجل أعطى لجاره أرض حائط/ له وتراباً على أن يبني للآخر ذلك بطوب من عنده ومن عنده النفقة فإذا تم الجدار حمل كل واحد منهما عليه ما شاء، قال سحنون: لا يجوز ذلك لأن الحمل ليس لأجلٍ معلوم ولا سمى كل واحد ما يحمل فعلى صاحب القاعة والتراب أن يعطي لصاحب الطوب والعمل قيمة طوبه وعمله ويكون له الحائط.

في الجدار أو الغرفة يخاف سقوط ذلك
من المجموعة سئل ابن كنانة عن جدار مائل يخاف عليه السقوط قال: يبعث الإمام إليه عدولاً ينظرونه فإن رأوه مخوفاً أمر افمام صاحبه بإصلاحه فإن ضعف عن إصلاحه وكان عديماً خبره على بيعه ممن يصلح، قال عبد الله: يريد بائع الدار وهو مُفسر في غير هذا الموضع. قال ابن سحنون وسأل شجرة سحنوناً فيمن شكا إلى الحاكم أن لجاره غرفةً مائلةً أو حائطاً فقال: إن كان ذلك مخوفاً ببناء فائق الضرر عن الناس غاب صاحب الحائط أو حضر.
في دار خربة بين أظهر قوم كثر فيها الزبل
أضر بمن جاورها على من كنسُه؟
قال ابن سحنون وسأل حبيب سحنوناً عن خربة لرجل بين دور يلقى فيها الزبل لا يُدرى من يلقيه فقام جار الخربة على ربها فيما أضر به الزبل لحائطه فقال ربها ليس ذلك من جنايتي وأنا أشتكي ذلك وثبت عن الحاكم أن ذلك مضر بحائط الجدار فتفكر فيها طويلاً وذكر نظائر لها فقال: قد يقع جدار الرجل فيسد على الرجل مدخله ومخرجه فذكر سقوط الحائط السترة والاختلاف فيه ثم قال: أرى أن على/ صاحب الخربة نزع الزبل الذي أضر بجاره.

(11/110)


وقال سحنون في موضع آخر من كتاب ابنه الزبل يجتمع في خربةٍ لقوم أو في فلاة فيضر بالناس أن على جيران الموضع كنسه يؤخذ به الأقرب فالأقرب على الاجتهاد قال عبد الله: يريد لأن الغالب من الأمر أنهم يلقونه فيها.

في الدار يُخاف سقوط جدار منها
وقد أوصى بسكناها لرجل حياته
على من إصلاحه؟
قال ابن سحنون سأل حبيب سحنوناً عن دار أوصى فيها رجل لرجل بسكناه حياته ثم مرجعُها إلى ورثته فاعتلَّ فيها حائط وقال أهل النظر إنه يخاف من سقوطه وقام في ذلك جاره الذي يخاف من سقوطه عليه قال: يُؤمر هذا الموصى له بإصلاح الحائط فإذا تم أجل السُّكنى لم يأخذ الورثة الدار حتى يدفعوا إليه قيمة الحائط قائماً إلا في قول ابن القاسم فإنه يقول في مثل هذا: يُؤدي قيمته منقوضاً يأخذ ذلك ورثة الموصى له وإن كان السكنى إلى مدة فانقضت أخذ ذلك الموصى له.

في السفلى لرجل والعُلو لآخر فيرفع الطريق على السفلي
ويضيق مدخله أو تعذر خروج الماء
وهو ماء يجري من دارٍ إلى دارٍ
وعن تراب نقله المطر فردم به
قال ابن عبدوس فيمن له سفلي ولآخر علو فاحتاج صاحب السفلي أن يردم لأن سفليه عليه الطريق وضاق عليه مدخله ومخرجه أن صاحب العلو مخير أن يرفع صاحب العلو في هوائه وبنيانه ممن يدفعه إليه، وقال أيضاً في قناة لرجل تجري على آخر فاحتاج الذي/ تجري عليه القناة إلى ردم داره لأن الطريق بنت عليه ورفعُه ما يضر بالأول قال فإن له أن يرفع ويردم داره ويقال لصاحبه ارفع إن

(11/111)


شئت وإلا فلا شيء لك، قال أبو بكر بن اللباد: القياس ألا يرفع الثاني ولا يردم إلا تطوعاً من الأول لأن رفعه يضر بالأول. قال عبد الله: إنما يصح قول أبي بكر إن كان للماء منعه في الإقامة بإصلاح يسير وأما إن تفاحش الأمر فقول ابن عبدوس صحيح.
قال يحيى بن عُمر في تراب لقومٍ في موضعٍ فنقله المطرُّ من موضع إلى زقاقٍ لقوم فسدّ عليهم مخرج مائهم قال: يقال لصاحب التراب خذ ترابك وانقله إن أحببت فإن أبى قيل للذي سد عليهم زقاقهم اطرحوه إن شئتم قيل ولا يُجبر صاحب التراب على نقلانه إن قال لا، وقد تقدم في باب المزبلة لسحنون ما يُشبه هذا وسحنون يرى في المزبلة على رب الدار نزعُه وكذلك ينبغي في التراب والله أعلم.
تم كتاب البنيان والمرفق
وبتمامه تم الجزء الرابع عشر
بحمد الله وعونه
ويتلوه في الخامس عشر إن شاء الله تعالى
الجزء الأول من كتاب الشفعة
والحمد لله رب العالمين
وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم

(11/112)