النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله وصحبه
كتاب المكاتب
في التخصيص على الكتابة، وهل يكره عليها العبد؟
والوضيعة منها، وذكر كتابة الصغير
ومن لا حرفة له
من كتاب ابن حبيب وغيره في قول الله سبحانه {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ
عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرا} (1) قال ابن عباس: إن علمت أنه يقضيك، قال
مجاهد: الخير المال، وقال عطاء: أراه المال وتلا: {إِن تَرَكَ خَيْراً}
(2)، وقال طاوس: مالا وأمانة، وقال سعيد بن جبير: مالاً، وقاله زيد بن
أسلم، والضحاك وأبو رزين، [وعبد الكريم] (3) وروي في حديث مقطوع للنبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال حرفة ولا ترسلوهم، كلا على الناس، وعن ابن عمر
نحوه، وقال النخعي صدقا ووفاء.
وقال كثير من السلف إن شاء كاتبه وإن شاء لم يفعل، وكذلك في الوضيعة من
الكتابة، وإن ذلك كله من الترغيب، وقال الله سبحانه: {وَأَنكِحُوا
الْأَيَامَى مِنكُمْ} ... إلى قوله: {وَإِمَائِكُمْ} (4). وروى بعض
البغداديين عن مالك أن للسيد إكراه عبده على الكتابة، كما يعتقه عند مالك
على أن يبيعه بمال. قالوا كما/.
__________
(1) الآية 33 من سورة النور.
(2) الآية 180 من سورة البقرة.
(3) في ت (وعبد الحكيم).
(4) الآية 32 من سورة النور، يقول الله عز وجل {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى
مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا
فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
(13/63)
ينكحه مكرها ويؤاجره ويعتقه وهو لا ضرر
عليه في ذلك، وإنما يؤدي ما فضل عن نفقته، فإن قيل يضر بالعبد لزوال النفقة
عن سيده، قيل لا ضرر فيه إذ لا يصلح مكاتبة من لا خير فيه، والخير المال،
ومن لا حرفة فيه، فإن قيل هو من الجماعة، ولا يكون إلا من اثنين، قيل وتكون
من واحد قال الله سبحانه: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ} (1)، فإن قيل
هذا فيه دليل منه، قيل والأدلة في المكاتب دالة على ذلك، وابن القاسم يرى
أن لا يكاتب عبده إلا برضاه. قال ابن الجهم، وأما الوضيعة من آخر الكتابة،
فأكثر أصحابه يأمرون بذلك من غير قضاء ولا جبر، ولو كانت ولاية المكاتب
محدودة، ومن كتاب ابن المواز وأجاز ابن القاسم كتابة الصغير، وقال أشهب:
يفسخ إلا أن يموت أو يكون له ما يؤدي فيؤخذ ويعتق، وكذلك الأمة غير ذات
الصنعة، وكذلك روى الدمياطي (2) عن أشهب فيمن كاتب ابن عشر سنين قال لا
يجوز ذلك، وأجاز مالك أن يكاتب العبد بحرفة له، قال ابن القاسم: ولو كان
بين الناس جازت كتابته، وقال مالك في قول الله سبحانه: {إِنْ عَلِمْتُمْ
فِيهِمْ خَيْرا} (3) كمال القوة على الأداء، وفي باب التعجيز شيء من كتابة
الصغير (4)، وإذا ألزم عبديه الكتابة على كذا وفي نجم كذا كتابة واحد فرضي
أحدهما ولم يرض الآخر فذلك يلزمه عند ابن القاسم ويرجع بما ودى (5) عنه،
وكذلك إن كان أحدهما/ غائبا، وقاله أصبغ على الإستحسان والإتباع للعلماء.
وكذلك عندي لو لم يرض مثل العبد الواحد ألزمه سيده الكتابة ونجمها عليه،
فذلك يلزمه على ما أحب أو كره، ولا حجة له فيها إلا بعجز ظاهر. قال محمد:
وأخبرني البرقي عن أشهب أنه قال، لا يكاتب الرجل عبده
__________
(1) الآية 126 من سورة النحل، يقول الله تبارك وتعالى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ
فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ
خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ}.
(2) في الأصل وب (وكذلك ذكر الدمياطي).
(3) الآية 33 من سورة النور.
(4) لعلها (شيء من كتابة الفقير) لأن ذلك يناسب ما قبله حينما فسر الخير
بكمال القوة على الأداء.
(5) المراد أدى وقد جرت عادة المؤلف أن يقلب الهمزة واوا في مثل ذلك وقد
نتصرف أحيانا فنكتبها بالهمزة من غير التزام بصورة الأصل.
(13/64)
إلا برضاه، وإن كان بغير رضاه لم يلزمه،
وكذلك سمعت عبد الملك يقول مثل ذلك.
في المكاتب يشترط عليه [مع المال] (1) ضحايا (وأسفار) وخدمة
ثم يؤدي قبل ذلك، والمكاتب يختدم فيما عليه بشرط
وبغير شرط أو شرط أن لا يعتق حتى يخدم
من كتاب ابن المواز، قال مالك، وإذا اشترط السيد على المكاتب أسفارا
وضحايا، فودى الكتابة فإنه إن ودى الضحايا وعجلها سقطت الأسفار، وكذلك كل
ما تبقى من عمل يديه أو خدمة تشترط ولا يؤدي لذلك عوضا، كما أن من أتبل
عبده لا يجعل عليه خدمة يشترطها، وذلك ساقط لا يلزمه ولا عوضا منه. وروي عن
أشهب إذا قاطعه على مال وأسفار، فليعط مكان الأسفار عينا ويتم عتقه، قال
محمد: ليس هذا بشيء، وقد رجع عنه مالك وجميع أصحابه على أنه لا يلزمه عوضا.
قال محمد: وإنما يلزمه ذلك ذلك ما دامت الكتابة، قال محمد: إلا من جعل عتق
عبده (2) بعد قضاء الخدمة/ والأسفار فيلزمه ذلك ولا يعتق حتى تنقضي أو يجعل
قيمة ذلك، وقال أحمد بن ميسر القياس رواية أشهب، وذكر في العتبية (3) رواية
أشهب عن مالك إذا عجل الكتابة، نكل ما بقي من خدمة وأسفار فساقط، وما كان
من الضحايا والرقيق والكسوة فليغرم قيمة ذلك معجلا ويعتق. ومن كتاب ابن
المواز، وروى ابن وهب وأشهب عنه، فيمن قال لعبده ابن لي هذه الدار وأنت حر
فمرض فأراد أن يأتي بمن يعمل ذلك فذلك له، وإن أبى السيد، قال أحمد هذا في
العمل المفهوم كالبناء ونحوه، وأما في الخدمة فلا إلا برضى السيد، لأنه
معتق إلى أجل. قال مالك: فإذا ودى المكاتب الكتابة وبقيت الضحايا، فإن عجل
قيمتها عتق، وإن كره السيد وليس قيمتها [إلى
__________
(1) (مع المال) ساقطة من الأصل.
(2) في ص وت (إلا من عجل عتق عبده) عوض إلا من جعل وما أثبتناه من الأصل
وص.
(3) البيان والتحصيل، 15: 227.
(13/65)
محلها لكن قيمتها (1) على أنها حلت. قال
[ابن حبيب عن] (2) أصبغ في قول مالك: إن عجل الكتابة سقطت الخدمة المشترطة.
قال أصبغ إلا أن يقول أعتقك على خمسين دينارا إلى خمس سنين [يؤدي إلى كل
سنة عشرة على أن تخدمني إلى تمام الخمس سنين، على أنك إن أديت جميع النجوم
قبل الخمس سنين لم يعتق حتى تنقضي فذلك يلزمه والشرط فيه جائز. وكذلك لو
قال أنت حر إلى خمس سنين] (3) إن أعطيتني خمسين دينارا أو على أن تعطينيها
إن شاء قال إلى الخمس سنين أو إلى دونها أو حالة، فهذا أيضا يلزمه تمام
الخدمة إلى آخر الأجل، وإن عجل المال فإن انقضت الخمس سنين ولم يؤد المال
فلا عتق له. وكذلك إن متى ما أعطيتني خمسين دينارا فأنت حر بعد خمس/ سنين
وليتلوم له الإمام في الوجهين بعد الجل. قال أصبغ: وأصله أنه إن جعل عتقه
بعد أمد يسميه فلا يعتق قبله وإن عجل المال، وأما إن جعل عتقه بعد الغرم،
وإنما جعل الأمد للخدمة فهذا إن عجل المال عتق وسقطت الخدمة كمبتل شرط
خدمته، وكغريم عجل ماعليه. قال أصبغ: [عن ابن القاسم] (4) وإن كاتبه على
مال على أن يختدمه ويقاصه فيه وقد نجمه عليه ويستوفي الكتابة في الخدمة قبل
انقضاء النجوم، فهذا يعتق، قال أصبغ عن ابن القاسم: وإذا كاتبه وشرط عليه
أن يختدمه أربعة أيام [كل جمعه] (5) حتى يؤدي كتابته ثم لا خدمة عليه،
ويشترط جزره كل أضحى وفطر ما عاش المكاتب، قال لا أحب الكتابة على هذا، فإن
وقعت فهي جائزة، قال فإن ودى كتابته قبل محلها أو بعد سقطت الخدمة ويعمر
المكاتب وينظر إلى قيمة الجزر في تعميره، فإن ودى ذلك عجل عتقه، وإن يكن له
مال لم يعتق حتى يؤدي قيمة ذلك. وقاله مالك قال ابن
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من النسخ التي قابلناها.
(2) في النسخ الأخرى (قال أصبغ) بدون واسطة ابن حبيب.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(4) (عن ابن القاسم) مثبت من ب ساقط من النسخ الأخرى.
(5) (كل جمعة) ساقطة من ت وص مثبتة من الأصل وفي ب (من كل جمعة).
(13/66)
القاسم يؤدي قيمة [الجزر حالة ساعتئذ لا]
(1) إلى أجلها، وقال ابن القاسم: وإن كاتب أمته بكذا وكذا واشترط خدمتها ما
دامت في الكتابة على أن لها يوما أو أياماً من كل جمعة تخدم فيها نفسها
فزوجها رجلا حراً ثم إفتضها السيد قبل البناء، فالنكاح ثابت ويعاقب السيد
إن لم يعذر بجهل وإن جهل لم يعاقب ولم يغرم لما نقص الإفتضاض [إن طاوعته]
(2) وتخرج من يديه فتؤاجر له من مأمون/ أو يستعملها عنده ما شاء حتى يؤدي
أو يعجز أو يبني بها الزوج، ولا يبني بها حتى يستبرئ من ذلك، قال أصبغ:
ويعاقب بكل حال.
في القائل لعبده إن جئتني بكذا فأنت حر، أو
يوصي بذلك، هل هو كالكتابة؟
وفيما يحدث بعد ذلك [من ولد] (3)
من العتبية (4)، روى محمد بن خالد عن ابن القاسم فيمن قال لأمته [إن جئتني
بكذا فأنت حرة] (5) وقبلت ذلك ثم ولدت قبل أن تأتي بالمائة، قال لا يعتق
ولدها معها في هذا، وليس له بيعها حتى تعطي المائة، فتعتق أو لا تعطي إلى
السنة فترق.
وفيمن أوصى أن ودت أمته ثلاثين ديناراً فأعتقوها، ثم مات فغفل عن ذلك حتى
ولدت ثم أعطتهم الثلاثين ديناراً فلا تعتق إلا هي دون ما ولدت، وقاله مالك،
وفي كتاب باب من هذا المعنى.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت مثبت من الأصل وب.
(2) (إن طاوعته) ساقطة من ص وت مثبتة من الأصل وب.
(3) (من ولد) ساقطة من ب.
(4) البيان والتحصيل، 15: 43.
(5) كذا في الأصل والعبارة في النسخ الأخرى (إن جئتني بمائة دينار إلى سنة
فأنت حرة)
(13/67)
جامع الشروط المكروهة أو الجائزة في
الكتابة،
والخيار في الكتابة، وفيمن أعتق أمة على أن تنكحه
من العتبية (1) من سماع أشهب وكتاب ابن المواز، قال مالك، ومن كاتب عبده
وشرط عليه استرقاق ما حدث له من ولد، فسخت الكتابة إلا أن يرضى السيد بترك
الشرط.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: وكذا إن شرط على الأمة الحامل أن ما في بطنك
رقيق فسخت الكتابة لو لم يبق منها إلا درهم (2)، ألا أن يسقط السيد شرطه،
وإن لم ينظر فيه حتى أدت فهي حرة، وما في بطنها [حر] كمعتق الحامل يستثني
الجنين/ وكذلك العبد إن أدى قبل إبطال الشرط فإن ولده من أمته أحرار معه،
[وذلك كمن دبر أمته] (3) شرط أن ما تلد رقيق، فالتدبير ماض وولدها مدبر،
وذكر ابن حبيب عن أصبغ عن أشهب مثله، قال أصبغ: ولا آخذ به، بل الكتابة
جائزة والشرط في الولد ساقط، والكتابة فوت كما هي فوت في الاختلاف بين
السيد والمكاتب (4) في مبلغها. ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم: ومن
كاتب أمته واستثنى جنينها فالكتابة جائزة والشرط باطل كالعتق، وقاله أصبغ،
قال محمد: وإن ودى من الكتابة نجما واحد مضت وبطل الشرط، وإن لم يؤد فإن
ترك السيد شرطه وإلا بطلت الكتابة، وكذلك في ولد المكاتب، قال أصبغ فيه [في
العتبية] (5) قال ابن القاسم: وإن شرط ألا يخرج من خدمته حتى يؤدي فلا تفسخ
بذلك الكتابة والشرط لازم قال في العتبية (6): وإنما هو رجل قال إن أدبت
إلى عشرة دنانير في كل سنة مع خدمتك إياي فيها فأنت حر
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 225.
(2) في ت (إلا درهما) بالنصب والصواب ما أثبتناه من النسخ الأخرى.
(3) كذا في الأصل والعبارة في النسخ الأخرى (وكذلك من دبر أمته).
(4) في ت (في اختلاف السيد والمكاتب).
(5) لم يشر إلى العتبية في ص وت.
(6) البيان والتحصيل، 15: 266.
(13/68)
فهو جائز وغيره أحسن منه، قال في الكتابين:
وقد أجاز مالك شرط الأسفار، قال: وما كان بعد الكتابة من خدمة فإنها تسقط،
قال أصبغ: لا يعجبني إلزامه الخدمة وذلك ساقط، والكتابة جائزة كالشرط أن
يطأها أو يسترق ولدها أو ولد المكاتب، وكذلك الخدمة [إلا خدمة] (1) غير
موقوفة (2) لسفر وما أشبهه حتى يعتق، قال أحمد بن ميسر ليس الخدمة كولد
لأنه يختدمها، يريد/ بالشرط وليس له استثناء ولدها، قال محمد: قول أصبغ أحب
إلينا أن الشرط بالخدمة اليسيرة المعروفة، والسفر اليسير ما لم يكن يأتيه
لبعد الكتابة، وقاله مالك، وذكر ابن حبيب عن أصبغ أنه قال تمضي الكتابة
ويسقط الشرط، وحكى عن ابن الماجشون أن تمضي الكتابة ويبطل من شرط الخدمة
[ما لا يجوز] (3) لأنهم إنما يكاتبون ليسعوا، ولكن يجوز له من شرطه الخدمة
ما كان يجوز له بدءا أن يشترطه وما جرى عليه أمر المسلمين مثل اليوم
[واليومين] (4) من الجمعة، والأيام من الشهر مثل الثلاثة أو الأربعة.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن أعتق عبده على أن لا يفارقه وأنه إن فارقه
فعليه خمسون دينارا، [أعتقه على هذا، قال هو حر وعليه خمسون دينارا ويبطل
قوله لا تفارقني، وكأنه أعتقه] (5) على [أن يدفع إليه خمسين دينارا ومن
كتاب ابن المواز ومن شرط (6) على مكاتبته] (7) أن يطأها، فإن ترك السيد
شرطه مضت الكتابة وإلا فسخت. وقال ابن القاسم: الكتابة لازمة والشرط باطل./
قال محمد إن أدت بعضها أو طال زمانها مضت وفسخ الشرطة، وإن لم تؤد شيئا،
فقول أشهب
__________
(1) ساقطة من الأصل.
(2) (غير موقوفة) كذا في ب وهي غير واضحة في الأصل وكتبت في ص وت (غير
موقته).
(3) ساقطة من الأصل.
(4) (واليومين) ساقطة من الأصل والعبارة في ص وت جاءت على الشكل التالي
(مثل اليوم والجمعة والأيام من الشهر) وهي غير سليمة على ما يظهر.
(5) ما بين معقوفتين كتب مكررا في الأصل سهوا من الناسخ.
(6) في ب وت (وإن شرط) عوض ومن شرط.
(7) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(13/69)
حسن. قالا ولو شرط المكاتب على سيده أن كل
ولد تلد زوجته- وهي أمة لسيده- أنه معه في الكتابة فذلك لازم ما دامت في
ملكة، فإن باعها او وهبها فلا يدخل ما تلد بعد ذلك يريد باعها ولا حمل بها،
قال ولو كاتب السيد زوجته على خدمته فشرط المكاتب في ولدها- يريد ما تلد
بعد كتابته- أو كانوا مع أمهم في كتابتها ولا يشترطهم الأب، وإن لم يستثن
لإبطال شرطه حتى ولدت فسخ شرطه فيما لم يولد بعد, وما ولد قبل إبطال
الشرط-[يريد] (1) بعد كتابة الأم- فذلك الولد مع كتابة الأب والأم يعتق مع
أولهما عتقا، ويسعى معهما معونة لهما، ويرث من مات من أبويه قبل العتق فإذا
عتق مع أولهما عتقا لم يبق له مع الثاني سعاية ولا موارثة، وما ولدت بعد
إسقاط الشرط ففي كتابة أمهم. قال أشهب: وإن كان أمة للعبد أو أم ولد وكاتبه
عليه وعليها أو اشترطهما معه في الكتابة فقد حرمت عليه، وهو انتزاع من
السيد وهي مكاتبة. ومن كاتب أمته وشرط الخيار شهرا أو يوما، فذلك جائز، فإن
ولدت في أيام الخيار، والخيار للسيد، قال ابن القاسم فولدها [بمنزلتها] (2)
معها [كالبيع وإن كان الخيار معها فولدها معها] (3) وإن كرهت، وقال أشهب لا
يكون ولدها بمنزلتها في بيع ولا كتابة، قال محمد: وعملها وعمل/ ولدها في
الخيار لسيدها، وأما ما وهب لها أو اغتلته من ماله فليس لسيدها وهو لها،
وأما في البيع فذلك كله للبائع، قال أحمد: قول ابن القاسم في الولد في
البيع استحسان، والكتابة آكد. قال مالك: ومن أعتق أمته على ان تنكحه أو
تنكح فلانا تم العتق ولم يلزمها [الشرط، ولو أعطاه فلان على ذلك مالا،
فالمال له ولا يلزمها] (4) نكاح وهي حرة. محمد، إلا أن يتبين أنه زاد على
قيمتها بسبب النكاح فيرده ما زاد واستحسنه أصبغ فيما أعلم.
__________
(1) (يريد) ساقطة من ص.
(2) (بمنزلتها) ساقطة من الأصل مثبتة من ص وب.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل وت مثبتة من ص وت.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت مثبت من الأصل وب.
(13/70)
في الكتابة على غرر أو مجهول،
أو على عبد فلان، أو على شيء لم يوصف،
أو على أن يأتي فأبق، أو يقوم على غنم أو بقر
فإذا صارت كذا فهو حر، أو على أن يغرس نخلا
من كتاب ابن المواز، قال أشهب: من كاتب عبده على عبد آبق أو بعير شارد، أو
جنين في بطن أمه، أو دين على غائب لا يعلم حاله، لم أفسخ الكتابة وإن كنت
أكره ما فعلا، لإجازة غير واحد الربا بين العبد وبين سيده، ولا يعتق حتى
يقبض السيد ما شرط، ولو كاتبه على أن يدي إليه منه الآن عتق مكانه، وإن لم
يقدر السيد على ذلك أبدا.
وروى أبو زيد في العتبية (1) عن ابن القاسم فيمن كاتب عبده على أن يأتيه
بعبده الآبق (2) أو ببعيره الشارد، أن الكتابة جائزة وعليه أن يأتي بالعبد
أو البعير، فإن لم يأت به وأيس/ منه فقد عجز، ومن كتاب ابن المواز، قال،
وأجاز ابن القاسم الكتابة على فلان، ولم يجزه أشهب، وقال تفسخ الكتابة إلا
أن يشتريه (3) قبل الفسخ. محمد، فإن لم يشتره (4) ودى قيمته ولا يفسخ ذلك،
قال ابن ميسر، لا يتم شيء إلا بعبد فلان.
قال ابن القاسم، وإن كاتبه على لؤلؤ ولم يصفه (5) لم يجز لأنه يبعد ولا
يحاط بصفته، قال محمد، لا يفسخ ويكون من أوسط الذي يشبه ما بينهما.
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 275.
(2) في الأصل (بالعبد الآبق).
(3) في ص وت (إلا أن يسترقه).
(4) في ت (وإن لم يشترط).
(5) هكذا في ب والعبارة في النسخ الأخرى (على أن لو لم يصفه).
(13/71)
ومن العتبية (1) روى أصبغ عن ابن القاسم،
ومن كتاب ابن المواز، قال، ومن كاتب عبده على أن أعطاه عشر بقرات [على] (2)
أنها إذا صارت خمسين (3) فأنت حر، [قال في العتبية (4) هذه كتابتك، فرضي
العبد (5) بذلك] (6)، فليست بكتابة، ولا أرى ذلك يفسخ لحرمة العتق، وكمن
قال إن بلغت بقري كذا فعبدي حر وليس له بيع بقرة، قال في العتبية (7) ولا
يفسخ ما جعل له إلا أن يرهقه دين. قال أحمد بن ميسر، ليس له بيع الذكور
ويحصى عددها وكذلك الإناث التي تقطع ولادتها، ولا يفسخ ما جعل له إذا رهقه
دين. وقال أصبغ في الكتابين هي كتابة جائزة، ويجوز في الكتابة من الغرر
أكثر من هذا ولا يفسخ يتبين عجزه بأمر بين. قال أحمد بن ميسر، ليست بكتابة
ولا حيلة للعبد في إتمامها، وإنما قال إذا بلغت خمسين فأنت حر.
ومن العتبية (8) روى عيسى عن ابن القاسم، فيمن دفع إلى عبده مائة شاه على
أن يعمل فيها، فإذا بلغت ثلثمائة فهو حر،/ فمات السيد فأراد الورثة أخذ
الغنم منه وأبى العبد، فإن شاؤوا أن يعتقوه ويأخذوا الغنم، فذلك لهم وإلا
بقيت الغنم في يديه حتى يعلم أنه لا يكون فيما بقي منها ثلثمائة شاه.
وروى عنه يحيى بن يحيى نحو هذا السؤال، قال فمات السيد قبل أن تبلغ العدد
الذي جعل حريته ببلوغها إليه وهي غنم أو بقر، قال لا حرية له وللورثة بيعها
أو قسمها إن شاؤوا، ولو صارت إلى تلك العدة قبل قسمها أو قبل أن
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 265.
(2) (على) ساقطة من الأصل.
(3) في الأصل وص وت (صارت خمسون) وذلك خطأ والصواب ما أثبتناه من ب.
(4) البيان والتحصيل، 15: 265.
(5) في ت وص (فرضي الغلام) وما أثبتناه من الأصل.
(6) ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(7) البيان والتحصيل، 15: 265.
(8) البيان والتحصيل، 15: 251.
(13/72)
يخرجوها من يد العبد، ما عتق بذلك لأنه كمن
قال إن بلغت غنمي ألفا وأنا حي، فأنت حر، فلما مات لم يلزمهم ذلك. قال مالك
في سماع أشهب، وكاتب سلمان أهله على مائة [ودية يجبيها] (1) لهم، وقال له
النبي عليه السلام إذا غرستها فاذنى، فدعا له حين غرسها فلم تمت منها
واحدة.
في الرهن في الكتابة والحمالة فيها
من كتاب ابن المواز، قال وإنما يجوز الرهن بالكتابة إن كان للمكاتب وإن كان
لغيره لم تجز الكتابة، كحمالة غيره لها، وليخير السيد بين أن يمضيها بلا
رهن وإلا فسخت. محمد، إلا أن تحل الكتابة فلا تفسخ، ويفسخ الرهن، ولا تجوز
بالحمالة إذ ليس من سنتها أن تكون في الذمم (2) يريد إنما هي في الوجه، قال
وضمان أحد المكاتبين عن الآخر بخلاف الأجنبي، لأنه إنما ضمن ملكه عن ملكه،
وكذلك لو كاتب كل واحد [على حدة] (3)، جاز أن يضمن أحدهما عن الآخر، ولكن
لا يبيع/ كتابة أحدهما ولا بعضها، ولا يعتقه إلا بإذن الآخر، ولا بأس أن
يتحمل عبده بما على مكاتبه، وهذا في باب آخر مكرر، وفي باب القطاعة شيء من
الحمالة والحوالة، قال: وإذا أخذ من مكاتبه رهنا يغاب عليه فضاع، وقيمته
مثل الكتابة يكون دنانير وهي دنانير وهو كفافها فذلك قصاص ويعتق مكانه،
لأني لو أغرمته القيمة لم يأخذها المكاتب إلا أن يأتي برهن ثقة فيأخذها
ويبقي على كتابته، وإن لم يأت برهن تعجل ذلك السيد من أول النجوم إن لم يف
بالكتابة، وإن كان فيه فضل عتق وأخذ الفضل من سيده. قال ابن القاسم، وإن
فلس سيده وكان الرهن في أصل الكتابة فهو انتزاع، كما لو كاتبه
__________
(1) هكذا في الأصل وقد وردت العبارة كذلك في الجزء الخامس عشر من البيان
والتحصيل صفحة 229 وعلق محقق ذلك الجزء الأستاذ أحمد الحبابي عليها بقوله:
لعل الصواب يحييها بالمهلمة. والظاهر أن ملاحظته مناسبة لسياق الموضوع لأن
الودية وهي الفسيلة الصغيرة التي تخرج من النخل ثم تقطع منه فتغرس تحتاج
إلى رعاية وتعهد لتحيا وتنمو نمواً سليما.
(2) في الأصل (في الرهن) ونحن أثبتنا ما في النسخ الأخرى.
(3) (على حدة) انفردت بها النسخة الأصلية.
(13/73)
على أن سلفه ولا يحاص به الغرماء. قال
محمد، بل يحاص به لأنه وإن اشترطه فلم يشترطه لنفسه، بل هو مال المكاتب،
كما أنه لو شرط أنه سلف، فما نابه في الحصاص فليس للسيد أن يتعجله لنفسه
ولا لغرمائه، ويكون رهنا، قال وإن كان في غير أصل الكتابة عند محل نجم،
فليحاص به ويقاص به فيما حل منها. قال محمد، [ويأخذه الغرماء قصاصا بما حل
منها] (1)، ويباع لهم باقي الكتابة.
في كتابة المدبر والمعتق إلى أجل،
وكيف إن مات السيد وعليه دين؟
ومن دبر مكاتبه، وفي النصراني يكاتب
أم ولده، وفي المكاتب يدبر أمته بإذن سيده
/ من كتاب ابن المواز، ومن كاتب مدبرة، فذلك جائز، فإن حمله الثلث عتق،
وزالت الكتابة، وإن حمل بعضه حط عنه بقدر ما عتق ويسعى فيما بقي، فإن كان
سيده دين يحيط بالرقبة والكتابة أو بالرقبة وحدها ثبتت الكتابة وسقط
التدبير، وبيعت الكتابة في الدين، فإن كان في بعضها وفاء بيع ذلك منه وعتق
ثلث ما يبقى ويحط عنه منها بقدره- يريد قدر ثلث- ما لم يبع من كتابته، قال:
وإن كان الدين يحيط بالكتابة وفي رقبته عنه فضل، فقد قيل لابد من تعجيزه
حتى يعتق منه ثلث ما يبقى بعدما يباع للدين، وقال ابن القاسم، يبقىعلى
الكتابة ويؤدي لأهل الدين نجوما، فإن ودى عتق كله، وإن عجز قضى منه الدين
وعتق ثلث ما بقي، وقاله أصبغ. ومن العتبية (2) روى أبو زيد عن ابن القاسم،
فيمن كاتب عبده ثم بره، فليجعل في الثلث الأقل من قيمة رقبته أو قيمة
كتابته، ولو دبره ثم كاتبه كان في الثلث قيمة الرقبة.
ومن كتاب ابن المواز، فإن كان معتقا إلى أجل ثم فلس، أو مات وعليه دين يحيط
برقبته فلا تباع كتابة هذا وليؤدها (3) إلى الغرماء على النجوم، فإن وفى
الدين
__________
(1) في ص وت (ويأخذ الغرماء قصاص ما حل منها) وفي ب ويأخذه الغرماء قصاصا
منها.
(2) البيان والتحصيل، 15: 272.
(3) في الأصل وت وص (وليؤديها) بإثبات حرف العلة والصواب حذفه.
(13/74)
ببعضها ودى ما بقي إلى الورثة، وإن أدى
جميع الكتابة قبل الأجل أخرج حرا مكانه وقضى الدين أو بقي منه، وإن لم يؤد
حتى حل الأجل عتق وسقط عنه ما بقي منها، قال محمد، لا يباع من / هذا شيء،
ولا من كتابته قل الدين أو كثر، وإن عتق بالأداء أو بمحل الأجل لم يتبع
بشيء من دين سيده إن بقي منه شيء، قال أحمد، وذلك إذا كان عتقه إلى أجل قبل
الدين. محمد، وإن كان بعد الدين فالدين أولى به، وإذا كان عتقه إلى أجل قبل
الدين. محمد، وإن كان بعد الدين فالدين أولى به، وإذا كاتب النصراني أم
ولده فذلك لها، فإن أسلمت عتقت وسقطت الكتابة، ولو أسلم معها بقيت له أم
ولد وسقطت الكتابة. وقال ابن حبيب: قال أصبغ في مكاتب دبر أمته بإذن سيدها
فلا ينبغي له وطؤها قبل الأداء، لأني أخاف أن يعجز فيرجع إلى السيد
كالمعتقة إلى أجل وهو موت العبد وتصير حينئذ للسيد، فإن أدى المكاتب كانت
مدبرة له يجوز له وطؤها وتعتق في ثلثه.
في سفر المكاتب وتزويجه وإعتاقه عبده
بغير إذن سيده، وهل يزوج عبده أو أمته؟،
وهل يزوج الرجل مكاتبته أو يتزوجها،
أو يعتق عبد مكاتبه؟
في العتبية (1) من سماع أشهب قال مالك، استأذن سعيد بن المسيب مكاتب له في
سفر فلم يأذن له، فتجمل للخروج وأخبر سعيد بذلك فقال موعده يوم القيامة.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك، ولا يتزوج المكاتب بغير إذن سيده، وله ان
يزوج عبده وأمته. قال أشهب: لا يزوج عبده إلا بإذن سيده، وأما إماؤه فإن
خفف بذلك عن نفسه ثقلا وأدخل مرفقا يرى أن ذلك أفضل له جاز ذلك له بغير إذن
سيده،/ وقال ابن القاسم: ذلك جائز في عبيده وإمائه، وبلغني عن مالك إذا كان
على وجه النظر لنفسه ورجاء الفضل [فأما أن يرق
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 230.
(13/75)
نفسه رجاء الفضل] فلا يجوز ذلك، قاله مالك
إلا بإذن مواليه، وإن تزوجت مكاتبة بغير إذن مولاها فأجاز ذلك لم يجز حتى
يفسخ، وأما المكاتب فإذا أجازه السيد جاز ولا فسخ وترك لها قدر ما تستحل به
ولا تتبعه به إن عتق إلا إن يغرها.
قال احمد: إذا رده السيد لم تتبعه [غرها أو لم يغرها] (1)
قال أشهب: إن كان معه في الكتابة غيره فليس للسيد إجازة نكاحه إلا بإجازة
من معه إلا أن يكون مواصفة فيفسخ بكل حال ويترك لها ثلاثة دراهم لدخولها
بها، ولا يتبع إن عتق بما بقي لأن ذلك يقضي عنه حين رد عليه، وهذا أحب
إلينا.
قال ابن القاسم وما رد السيد من عتقه وصدقته فلا يلزمه إن عتق، وإن بقي ذلك
بعينه بيده، ولا يتزوج الرجل مكاتبته وإن رضيت، ولا يزوجها لغيره إلا
برضاها.
ومن العتبية (2) قال سحنون قال ابن القاسم، وإذا أعتق السيد أمة مكاتبه ثم
عجز المكاتب وهي بيده، فإنها تعتق، وللمكاتب بيعها قبل العجز، خاف العجز أو
لم يخف، ولا يعتق على السيد حتى يعجز المكاتب وهي بيده، وإن فيها القول
ولكن هذا أحسن.
في تعجيز المكاتب، وأدائه والتلوم له
ومن أعتق مكاتبه إلى أجل
ومن كتاب ابن المواز، ومن العتبية (3) رواية موسى بن معاوية عن ابن القاسم/
قال: وليس للمكاتب تعجيز نفسه وله مال ظاهر.
__________
(1) في ت (غيرها أو لم يغيرها)
(2) البيان والتحصيل، 15: 260.
(3) البيان والتحصيل، 15: 263.
(13/76)
قال في كتاب محمد، وإن كان صانعا ولا مال
له، فله ذلك، ابن القاسم فإن أظهر أموالا بعد ذلك لم يرد وكان رقيقا. قال
في العتبية (1) عن مالك، وإن كان ماله صامتا لا يعرف وعجز نفسه فذلك له.
قال ابن القاسم دون السلطان. قال سحنون: لا يجوز التعجيز إلا عند السلطان.
قال ابن حبيب قال ابن كنانة وابن نافع، وإذا عجز نفسه وكره الكتابة وأشهد
بذلك رد مملوكا وإن كان له مال، وقول مالك أحب إلي. ومن كتاب محمد قال: وله
تعجيز نفسه قبل محل نجومه إلا أن يكون معه ولد فلا تعجيز له ويؤخذ بالسعي
عليهم صاغراً ولو تبين منه لدد رأيت عقوبته، وإن كان له مال ظاهر فلا تعجيز
له، ويؤخذ ماله ويعطى لسيده شاء أو أبى- يريد بعد محله- ويعتق هو وولده.
ومن قاطع عبده على مال إلى أجل على أنه إن لم يأت به في الأجل، فلا عتق له،
فليؤخر بعد ذلك شهراً أو نحوه، فإن جاء به وإلا فلا قطاعة له. ومن العتبية
(2) وبعضهم حميل ببعض، فأبق أحدهم وعجز الإثنان الباقيان، ثم قدم الآبق
ومعه قوة على الأداء والسلطان الذي عجزهم قائم فالقادم على مكاتبته إن
وداها عتق الذين عجزوا من شركائه بما أدى عنهم ويرجع عليهم، وقال المغيرة:
وإن كانوا من ذوي رحمه من والد وولد أو غيره ورجع عليهم فالدين نقتضيه
عنهم. ومن/ كتاب ابن المواز والمكاتب بين الرجلين فغاب أحدهما فليس للحاضر
تعجيزه بتأخير نجومه حتى ينظر السلطان فيه، قال سحنون في العتبية (3): إذا
وطئ السيد مكاتبته [فحملت فلها تعجيز نفسها وإن كان لها مال ظاهر، ومن سماع
أبي زيد قال ابن القاسم: ومن أعتق مكاتبه] (4) إلى عشر سنين خير المكاتب
بين أن يسقط الكتابة ويبقى معتقا إلى الأجل أو يبقى على كتابته. قال ابن
حبيب عن أصبغ في الصغير يكاتب وتنجم عليه كتابته فتنقضي نجومه قبل بلوغه
أنه لا ينتظر به البلوغ ويتلوم له ثم يعجز إن لم يأت
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 263.
(2) البيان والتحصيل، 15: 283.
(3) البيان والتحصيل، 15: 278.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(13/77)
بشيء، فإن لم تكن كتابته منجمة، فأراد
السيد تعجيزه قبل بلوغه فليس له ذلك، وللإمام تأخيره إلي بلوغه السعي ثم
ينجمه عليه إذا بلغ بقدر مايري وذلك لأنه كاتبه وهو يعلم أنه لا قوة له ولا
سعاية حتي يبلغ، وهذا إستحسان، والقياس أن له تعجيزه قبل بلوغه، وكذلك من
كاتب عبده كتابة مبهمة غير منجمة، فلينجمها عليه السلطان بقدر ما يرى من
فوته [وأدائه] (1).
في اجتماع العبيد في كتابة واحدة، وذكر حمالتهم
وتراجعهم في الأداء بعضهم على بعض، وسعيهم،
وفي بيع بعضهم ومكاتبة العبد مع أمته
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: ولا بأس أن يكاتب الرجل عبيدا له في كتابة
واحدة، لأنه إنما يحمل له ملكه بملكه، / وكذلك له أن يكاتب كل واحد منهما
في كتابة ويتحمل بعضهم ببعض، ولكن لا يتبع واحداً منهما ولا بعض كتابة ولا
يعتقه بغير إذن صاحبه، وإسقاط ضمانه، إنما يعني محمد أن ذلك في عقد واحد،
ويلزم على ما قال إن ودى واحد قبل الآخر لم يعتق حتى يؤدى في الآخر، قال
ولا بأس أن يتحمل عبد له بمكاتب له، ويضمن عنه الكتابة، بخلاف الأجنبي،
وتجوز كتابة رجلين لعبد بينهما، فأما عبدان (2) بين رجلين، أو ثلاثة أعبد
بين ثلاثة، فقد اختلف في جمعهم في كتابة فلم يجزه أشهب، قال لأن كل عبد
تحمل لغير سيده بحصة لغير سيده في عبد فهي كتابة منتقضة إلا أن يسقطوا حالة
بعضهم عن بعض فيجوز، وعلى كل واحد بقدر ما يلزمه من الكتابة يوم عقدت، قال
أحمد بن ميسر، ليس كما احتج لأن لكل واحد (ثلث) كل عبد، فإنما يقبض كل واحد
عن ثلثه ثلث الكتابة، فلم يقبض أحدهم عن غير ملكه شيئا قال، ومن كاتب عبديه
لم يجز له بيع أحدهما ولا بعضهما- يريد في هذا
__________
(1) (وأدائه) ساقطة من ص وت.
(2) في الأصل وص وت كتبت (فأما عبدين) والصواب ما أثبتناه من ب.
(13/78)
على قول أشهب- قال ولا نصف أحدهما لأن ذلك
النصف المبيع يصير متحملا عمن لا يملك سيده، وله بيعها من رجل واحد لا من
رجلين، لأن كل واحد من الرجلين تصير له حمالة بكتابه على من لا يملكه، وإن
أسقطت الحمالة عنهم لم يجز لأنه يعجزهم ويضعفهم،/ قال محمد: أما بيعهما من
رجلين أو من رجل نصف كتابتهما جميعا فجائز، ولو ورثهما ورثة جاز لكل واحد
بيع نصيبه منهما وهبته، وقد أجاز ابن القاسم وأشهب بيع بعض المكاتب او نجما
بغير عينه، وأكره لمن اشتراهما او للورثة قسمهما [وأن يأخذ هذا مكاتبا وهذا
مكاتبا] (1) ولهما قسمة ما عليها. وقد روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم في
العتبية (2) أن الورثة لا يجوز لهم اقتسام ما على المكاتب بخلاف الديون.
ومن كتاب ابن المواز، وإذا كاتب الرجلان عبديهما كتابة واحدة لنقدت ذلك ولم
أنقضه، ومن له في عبيد في كتابة واحدة فليس له أخذ أحدهم بجميع ما على
أصحابه إذا كانوا يقدرون على الأداء ويجدون إلا أن لا يقدر أحدهم بجميع ما
على أصحابه إذا كانوا يقدرون على الأداء ويجدون إلا أن لا يقدر أحدهم، أو
يتغيب ويعييه طلبه فله الأخذ من غيره، ولمن ودى أن يرجع على أصحابه إن
كانوا أجنبيين. محمد، بعد العتق، وأما وعليهم بقية فالنجوم أولاً، ولو أخذ
ذلك منهم لأخذه السيد عنهم وعنه، قال مالك. ومن ودى من المكاتبين رجع على
أصحابه بقدر ما يقع على كل واحد من الكتابة يوم العقد بقدر قوته يومئذ
وجرائه (3) قال ابن القاسم وجدته، قال ابن الماجشون بحصته على العدد، قال
وكذلك إن استحق واحد وهم أربعة سقط عنهم ربع الكتابة، قال ابن حبيب: قال
مطرف وابن الماجشون أنه إنما يرجع عليهم/ على قدر قيمتهم يوم عتقوا، ليس
يوم كوتبوا، وقال أشهب: بل على قيمتهم يوم كوتبوا، وابن القاسم يقول على
قدر قوتهم على
__________
(1) كتبت في الأصل وص وت على الشكل التالي (وأن يأخذ هذا مكاتب وهذا مكاتب)
بالرفع والصواب ما أثبتناه من ب.
(2) البيان والتحصيل، 15: 245.
(3) الجراء والجراء والجراية: الفتوة والمراد بقدر قوته وفتوته وقد كتبت في
ب بقدر قوته يومئذ (وخراجه) وأما في ص فقد كتبت غير منقوطة.
(13/79)
الكتابة، وقال أصبغ: على قدر قيمتهم يوم
كوتبوا وحالهم [يوم عتقوا لو كانت هي حالهم يوم] (1) كوتبوا، وأخذ ابن حبيب
[بقول مطرف، وابن الماجشون، والذي ذكر ابن حبيب] (2) عن ابن الماجشون خلاف
ما ذكر عنه ابن المواز. ومن كتاب ابن المواز، قيل لأشهب فإن كان فيهم صغير
فبلع السعي؟ قيل يؤدوا، قال: فعليه بقدر ما يطيق يوم وقعت الكتابة على
حاله. قال محمد، على حاله يوم الحكم أو لو كان هكذا يوم الكتابة بالغاً.
قال أصبغ: عليه بقدر طاقته يوم بلغ السعي أن لو كان بهذا الحال يوم
الكتابة، قال في باب آخر، وإذا كان فيهم عند عقد (3) الكتابة من لا سعاية
له أو صغير فلا شيء عليه، قال ابن القاسم، إلا أن يبلغ فينظر إلى حالته
اليوم أن لو كان كذلك يوم وقعت الكتابة، قال: وإذا عجل أحدهم الأداء وعتقوا
رجع على أصحابه على النجوم، (ويحاص) بذلك غرماؤه، بخلاف السيد فيما يطالب
من ذلك، ومن قطاعة، ومما عتق له العبد من ذلك، قال في باب آخر، وإن ودى عن
أصحابه فعتقوا رجع عليهم معجلا- يريد محمد ودى عنهم على النجوم- ولم
يعجلها، وأما قبل عتقهم فإنما ودى عنهم ليفر عنهم للسعاية فلا يشغلهم
باتباعهم عن الكتابة، إلا أن يكون على ذلك أدى/ عنهم بشيء رجاه قريباً أو
لشيء أبطأ عنهم، وإذا ودى عنهم ما لم يعتقوا به لم يبدأ على الكتابة، وإذا
الكتابة اولى منه. وروي عن مالك أنه لا يتبع إخواته وذوي رحمه، وقال إذا
كان بينهم رحم يتوارثون فلا تراجع بينهم، وروي عنه أنه قال: أما الولد
والإخوة فلا يتراجعون، قال ابن القاسم: والذي يصح عندي أنه لا يرجع على من
يعتق عليه إذا ملكه، وقاله عبد الملك وابن عبد الحكم، وقال أشهب: لا يرجع
على ذي رحم، وإن كان لا يعتق عليه ولا يرثه، ولا يرجع على زوجته، وقال ابن
القاسم عن مالك في الزوجة، قال ابن القاسم: وهو إستحسان وليس بالقوي، وقال
أصبغ قال ابن حبيب عن أصبغ في ثلاثة إخوة مجتمعين، أخ لأبوين
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ت.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(3) كذا في الأصل أما النسخ الأخرى ففيها (يوم عقد الكتابة).
(13/80)
وأخ لأم وأخ لأب كوتبوا كتابة واحدة، فأدى
أحدهم جميع الكتابة، قال إن أداها الذي لأب وأم لم يرجع عليهما بشيء، ومن
أداها من الآخرين لم يرجع على هذا بشيء ورجع على صاحبه، فإن أداها الأخ لأم
رجع على الأخ لأب ولم يرجع على الأخ للأب [والأم، فإن أداها الأخ للأب رجع
على الأخ للأم، ولم يرجع على الأخ للأب والأم] (1) بشيء، وهذه المسألة التي
ذكرها ابن حبيب لا تكاد تصح على هذه العبارة، وكيف يكون أحد شقيقاً لأب،
وقال أصبغ في أخوين في كتابة ولد لأحدهما ولد ثم مات فأدى العم الكتابة أنه
يرجع على ابن أخيه، بخلاف أن لو أدى من مال أخيه، وقاله، وقاله مطرف،/ وابن
الماجشون عن مالك.
في العبد بين الشركاء يكاتبه أحدهم ثم يقاطعه
[ومن كاتب عبده وعليه وعلى أم ولده] (2)
من العتبية (3) من سماع ابن القاسم، وعن عبد بين ثلاثة إخوة يكاتبه إثنان
بإذن الثالث ثم قاطعه اللذان كاتباه بإذن المتمسك [بالرق] (4) وعتق نصيبهما
ثم مات المتمسك وله ورثة فخدمهم في نصيب، وليهم سنيناً (5)، ثم قام العبد
فطلب أن يقوم على اللذين قاطعاه، قال مالك: العبد رقيق كله ولا تنفعه (6)
تلك الكتابة والقطاعة بإذن الشريك، وليردا ما أخذ منه فيكون بينهما وبين
ورثة الميت.
ومن كتاب ابن المواز، قال: ومن كاتب عبده عليه وعلى أم ولده في كتابة (7)
واحدة أو مفترقين فهو جائز وتحرم عليه، وكتابتهما في عقد واحد انتزاع
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ب وهو تتمه العنوان.
(3) البيان والتحصيل، 15: 211.
(4) (بالرق) ساقطة من الأصل.
(5) (سنينا) كذا جاءت بالتنوين في الأصل وفي النسخ الأخرى عوملت معاملة
المذكر السالم فجاءت على شكل (سنين) وكلا الإستعمالين متداول في اللغة إلا
أنه إذا عوملت معاملة المفرد في الإعراب لزمت الياء فلا يقال سنون بالتنوين
أبدا.
(6) (ولا تنفعه) كذا في الأصل وأما في النسخ الأخرى فقد جاءت على شكل (ولا
تنعقد) ولعل الصواب ما أثبتناه وهو الموافق لما في البيان والتحصيل.
(7) في غير الأصل (في عقدة واحدة).
(13/81)
من السيد، فلا تحل للمكاتب إلا بنكاح
وولاؤها للسيد، فإن مات المكاتب بيعت وحدها لأنها في عقد الكتابة، فإن ترك
وأعتقت فيه وأتبعها ولدها أو السيد إن لم يكن ولدها أدى عنها، وهذا كله
رواية أصبغ عن ابن القاسم.
فيمن يدخل في الكتابة بالولادة أو الشراء,
وفي موت المكاتب، وفي ميراث المكاتب،
وفي موت أحد المكاتبين، وفي أم الولد يموت عنها [وتخاف العجز] (1)
وكيف إن باعها حاملاً؟
من العتبية (2) من سماع أشهب قال مالك، في المكاتب يشتري/ أخاه هل يدخل في
كتابته؟، قال ما سمعت ذلك، قيل فالوالد والولد إذا اشتراهم معه أيدخلون
معه؟ , قال برأسه (3) نعم.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن كاتب أمته وبها حمل لم يعلم به، أنه داخل
في الكتابة.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك، وإذا اشترى المكاتب ابنه بإذن السيد دخل في
كتابته، قال ابن القاسم وكذلك في الأبوين والولد، ولا يدخل الأخ والأخت وإن
أذن فيهما، قال أصبغ، والقياس أن يدخلا، وقال ابن نافع، في غير كتاب محمد
أنه لا يدخل في الكتابة ممن يشتري إلا الولد كان بإذن السيد أو بغير إذنه،
لأن له أن يستخدمه، ومن كتاب ابن المواز، وإذا حدث للمكاتب ولد فلها ان
تستسعيهم إذا بلغوا السعي، ولها أن تؤاجرهم وتقوى بذلك.
ومن كتاب العتق، قال أشهب عن مالك وإذا خافت المكاتبة العجز لم يبع ولدها
الذي ولدته في الكتابة إلا بإذن السيد، قال أشهب، وكذلك المكاتب في
__________
(1) في ب (أو يخاف عليها العجز)
(2) البيان والتحصيل، 15: 223.
(3) حرفها الناسخ في ص إلى (قال أب أمه).
(13/82)
بيع ولده من أمته، قال محمد: والأب والأخ
لا يبيعه وإن ظهر عجزه إلا بإذن سيده، قال ابن حبيب عن ابن الماجشون في
مكاتب، كاتب على نفسه وعلى إبنة له فعجز عن بعض نجومه فاستأذن سيده في
بيعها فإذن له، قال لا يجوز ذلك إن لم يكن السلطان عجزه قيل فإن وقع ذلك،
وفاتت بجهل يشتريها؟ / قال لا ترد لأنها لا ترجع إلى أحسن من ذلك، قال وإن
بقي في يد أبيها فضل عما ودى من ثمنها من الكتابة فهو له سائغ كما لو قتلت.
من كتاب ابن المواز، قال: وإذا مات المكاتب عن أم ولد ولا ولد له في
الكتابة منها أو من غيرها لم تعتق وإن ترك أضعاف الكتابة، ولا تسعى إلا أن
يكون في الكتابة ولد، فلا ترد حينئذ إلا بموتهم أو بعجزهم قبل الأداء فترق،
وإذا كان معه أب في الكتابة فترك أم ولد لا ولد معها، فقال ابن القاسم، هي
رقيق للأب وإن ترك وفاءه بالكتابة، وقال أشهب: إن ترك وفاءه عتقت مع الأب
والأخ وإن لم يدع وفاء رقت ولا تعتق في سعيهما بعد ذلك، ولا تسعى هي إلا مع
الولد. ومن العتبية (1)، قال عيسى عن ابن القاسم، فيمن كاتب عبدين له فمات
أحدهما وترك أم ولد وولداً منها، قال إن لم يكن للعبد الباقي [مال ولها ولد
ولم يقو على شيء وقفت هي وولدها، فإن أدى العبد الباقي] (2) جميع الكتابة
عتق وأتبعهم بما أدى عنهم مما كان يصيبهم من الكتابة، فإن عجزوا رجعوا
رقيقا كلهم. وروى عنه سحنون في مكاتب مات عن أم ولد ولد منها أو من غيرها
وترك مالا عتقوا به، قال لا يرجعون عليها بشيء، وكذلك لو لم يترك مالاً
فسعوا (3) فعتقت بأدائهم كانوا ولدها أو غير ولدها.
قال سحنون في مكاتب مات وترك عليه من الكتابة مائة دينار، وترك ثلاث أمهات
أولاد له، من كل واحدة ولد، قيمة كل/ واحدة منهن مائة، فتشاح البنون
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 231.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) في ب (فبيعوا).
(13/83)
أيتهن يباع من كل واحدة بثلث المائة، وإن
إختلفت قيمتهن قضيت عليهن بقدر قيمتهن.
ومن كتاب ابن حبيب قال أصبغ، وإذا خاف المكاتب العجز فباع أم ولده وهي حامل
منه فولدت عند المشتري، فإن كان المكاتب بحالة لم يعتق ولم يعجز [رد بيعها
لتعتق بعتقه أو يعجز فيبيعها دون ولدها، قال: وإن كان قد عتق بأدائه أو
عجز] (1) فرد رقيقا مضى بيع الأمة بقيمتها على أن جنينها مستثنى ورد الجنين
فكان بحال أبيه من عتق أو رق، وإن لم يعثر على [ذلك حتى أعتقها] (2)
المبتاع وولدها، فسواء عجز الأب أو أدى أو كان على كتابته، فإن العتق في
الأمة ماض، وعليه قيمتها على أن جنينها مستثنى، ويرد عتق الولد، ويكون سبيل
أبيه من عتق أو رق أو كتابة، وليس كمكاتب بيع فأعتقه المبتاع، لأنه ولي
بيعه غير من له ملكه.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، إذا مات المكاتب [وترك مالا لم يدفع
إلا إلى الولد] (3) إن كان مأمونا، وإلا تعجله السيد وحسبه في أول نجومهم.
وقال أشهب: الولد وغيرهم سواء إن لم يكن فيما ترك وفاء دفع إلى المأمون من
ولد أو غيرهم، فإن لم يكونوا أمناء دفع إلى ثقة يؤديهما على النجوم، وليس
كالدين الثابت يحل بموته، وإذا مات أحد المكاتبين وترك ولداً فأدى عن
الباقين رجع الولد عليه بنصف ما ادى من مال الأب، [إن كانت الكتابة بينهما/
نصفين، يكون الولد مكان الأب] (4)، ولا يوضع عن الباقين لموت أحدهم شيء
(5)، قال عبد الملك: فإن استحق أحدهم وضع عنهم قدر حصته، قال عبد الملك:
على العدد.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(3) كذا في الأصل والعبارة في النسخ الأخرى جاءت على الشكل التالي (وترك
وفاء تعجله السيد ولا يدفع إلى من معه من ولد أو غيره وإن لم يكن وفاء لم
يدفع إلا إلى الولد).
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(5) في النسخ كلها شيئا والصواب ما أثبتناه.
(13/84)
قال، واختلف فيمن يرث المكاتب (1) ممن معه
في الكتابة، فقيل لا يرثه ممن معه إلا من يعتق على الحر بالملك، فأما عم أو
ابن أخ فلا، والسيد أحق منهم، قاله عبد الملك، وقاله ابن القاسم [مرة] (2)
ثم قال هو وابن عبد الحكم وأصبغ وأشهب، يرثه ممن معه، ممن يوارث الحر من عم
وغيره من نساء أو رجال، وأما امرأته، فآخر قول مالك أنها لا ترثه وتعتق
فيما ترك ولا يتبع بشيء إستحساناً، وقاله أشهب وابن القاسم، وكذلك ذكر ابن
حبيب عن مطرف وابن الماجشون أنها لا ترثه ولا يرثها وروياه عن مالك [وأنه
لا يرجع أحدهما عن الآخر بما أدى عنه مما عتقا به من الكتابة.
قال ابن المواز، قال عبد الملك عن مالك] (3)، وإذا هلك المكاتب عن مكاتب
وترك الأعلى ولدا في الكتابة وولدا أحراراً (4) الذين في الكتابة وأدوا أن
ولاء المكاتب لهم دون ولده الأحرار، وجعله مالك كالمال، وقاله أشهب قال: إن
أدى مكاتب المكاتب وعتق ثم مات الأعلى فولاء مكاتبه لولده الذين في الكتابة
دون احرار ولده، ولو أدى الأعلى في حياته كان ولاء مكاتبه لجميع ولده.
وقال عبد الملك: إذا لم يعتق الأعلى قبل موته لم يكن لولده الذين في
الكتابة ولا للأحرار منهم، ولا مكاتبه بعد موته أو في حياته لأنه لم يثبت
لسيده ولاؤه، وليس هذا كماله، قال محمد: ولا يعجبنا قول عبد الملك، ولو كان
هذا لم يكن له ولاء أم ولده لمن معه في الكتابة من [ولده، وإن قاد أصله في
هذا خالف مالكاً وبقية أصحابه، بل ولاؤهما لمن معه في الكتابة] (5) من ولد
منها أو من غيرها.
__________
(1) في ب (يرث المدبر).
(2) (حرة) ساقطة في ص وت.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(4) في ص وت حرفت إلى وولد آخر والصواب ما أثبتناه ومن المعلوم أن كلمة ولد
وولد يجوز استعمالهما في الدلالة على المفرد والجمع وقد يجمع ولد على وُلد
قياسا على أسد وأسُد وعليه فيمكن أن تقول وولدا أحرارا أو ووُلداً أحرارا.
(5) ما بين معقوفتين ساقط من ت.
(13/85)
قيل فإن ماتت ولسيدها ولد أحرار فتركت
مالا، قال: إن كان ولدها الذين معها ومات أبوهما مكاتبا وهم ولدها ورثوها
بالرحم، وإن كانوا من غيرها لم يرثوها، وما تركت لعصبة سيدها الذين كانوا
معها في كتابته، وإن لم يكونوا معها في الكتابة فلبيت المال.
[قال مالك، وإذا أوصى المكاتب أن يدفع إلى سيده بقية كتابته وأرسل بها
إليه،] (1) قال: إن وصل إليه ذلك قبل موت المكاتب عتق وورثه ورثته الأحرار
مع الذين في الكتابة، وإن لم يصل إلى سيده في حياة المكاتب لم يعتق.
ومن العتبية (2) قال سحنون عن ابن القاسم، في مكاتب كاتب عبداً فعتق الأسفل
ثم مات عن مال وللمكاتب الأول أولاد أحرار من حرة، أو كانوا معه، عجل السيد
عتقهم، أنهم لا يرثونه.
قيل: فإن مات الأول عن مال؟ قال يؤدي الذين معه في الكتابة، بقية الكتابة،
وتكون بقية المال بينهم دون الأحرار.
قال ابن حبيب قال أصبغ في مكاتب خاف العجز فباع أم ولده حاملا فإنها ترد
إليه وولدها ما دام/ مكاتباً فإن عتق الأداء او عجز فرق مضى بيع الأمة
بقيمتها على أن جنينها مستثنى، ورد الولد فكان بحال أبيه في عتقه ورقة، ولو
لم يعثر على هذا حتى أعتق المشتري الأمة وولدها وقد عجز المكاتب أو عتق،
قال: يمضي عتق الأمة في الوجهين ويكون فيها قيمتها على أن جنينها مستثنى،
ويرد عتق الولد، ورد إلى حكم أبيه في العتق والرق، وإن كان أبوه مكاتباً
كما هو بقي معه، وهذا بخلاف من باع مكاتباً فعتق لأن هذا باعه غير سيده.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(2) البيان والتحصيل، 15: 156.
(13/86)
في المكاتبين في كتابة واحدة، يعتق بعضهم،
أو يحنث فيه بعتق،
أو كاتب عبداً مع مدبره، أو يستحق أحدهم
من كتاب ابن المواز، قال قال مالك، وإذا أعتق السيد أحد المكاتبين لم يجز
ذلك إلا أن يجيزه الباقون ويكونوا أقوياء على السعاية، فيجوز ويحط عنهم
حصته. محمد، وقد يكون موضع آخر (1) لا يجوز فيه إذنهم إذا كانوا قد أشرفوا
على العجز لولا هذا الذي أعتقه السيد لقوته على السعي، أو لكثرة ماله، وقد
يكونون قد تقارب عتقهم.
قال مالك: وإذا ولد ولد من أمته ثم أعتق السيد الأب، لم يجز إن كان فيه قوة
للسعي، وإن كان فانيا جاز ورق ولده إن لم يبلغوا السعي، إلا أن يكون له مال
يؤدي عنهم إلى بلوغ السعي فليؤدوا ذلك، ويبقوا إلى بلوغ السعي، [قال ابن
القاسم: ويأخذه السيد/ حالاً، ثم رجع فقال: بل على النجوم] (2) [إلا أن
يكون فيه وفاء يتعجله، قاله مالك، محمد مثل الموت، فإن لم يكن فيه وفاء ترك
بيد الولد يقوى به، فإن لم يكن مأموناً وصنع له زيادات على النجوم] (3)،
وقاله أشهب في الموت، وقال ابن القاسم: يتعجله السيد في الموت إن لم يؤمن
الولد. قال ابن القاسم وأشهب، وإذا أعتق السيد منهم من به زمانه لا يرجى أو
[شيخا] (4)، فإن أوصى بذلك عتق ولم يوضع عن الباقين شيء، ولو عتق بالأداء
رجعوا عليه بحصته يوم العقد، ولو قال السيد لهذا الشيخ الفاني أو لهذا
الصبي أنتما حران إن عجزتما عتقا الآن، إذ لا نفع في انتظارهما، ولا يحط عن
الباقين شيء، وقاله مالك، ومن كاتب عبدين ثم حنث في أحدهما بيمين متقدمة
فلا يعجل عتقه، وهو كابتدائه، فإن عجز عتق بالعتق الأول، ومن كاتب عبده
ومدبره في كتابة واحدة لم يجز عند أشهب، وينقض، وأجازه ابن القاسم، فإن مات
السيد وخرج من الثلث عتق
__________
(1) (كان) هنا تامه ولذلك رفعت ما بعدها.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ت.
(4) في النسخ كلها (شيخ) بالرفع والصواب ما أثبتناه.
(13/87)
وحط عن الآخر حصته، وإن خرج بعضه سقط من
الكتابة بقدر ما عتق منه, وسعيا فيما بقي جميعاً، ثم يرجع المدبر على صاحبه
بما أدى عنه مما لم يكن يلزمه. محمد، وقول ابن القاسم هذا صواب، قال ابن
حبيب: وأخذ أصبغ بقول ابن القاسم، وقال قيل لأصبغ في الكتابين في كتابة
واحدة إذا أعتق أحدهم فلم يجز الباقون ذلك فسعى معهم وأدى بعض الكتابة ثم
عجزوا أيرجع على/ السيد بما أدى [إليه بعد العتق؟ قال وهو كالغلة، ولو ودى
معهم حتى عتقوا لم يرجع على السيد بما أدى إليه] بعد عتقه (1) مما كان
ينوبه، إلا أن يكون له فضل فيرجع به على أصحابه، ولو مات أحدهم لم يوضع
عنهم شيء ولو استحق بملك أو بحرية من أصله أو بعتق، قاله، وقد علم السيد
بذلك أو لم يعلم، قال: يوضع عنهم حصته في هذا كله، وقد ذكرنا موت احدهم في
باب قبل هذا وبعد هذا [باب في المكاتب يؤدي ثم يستحق بملك أو بحرية أو
يستحق ما أدى] (2).
فيمن أعتق بعض مكاتبه، أو شقصاً له فيه
في حياته أو في وصيته، أو وضع عنه من كتابته أو أعتقه
في وصيةٍ
من كتاب ابن المواز، ومن أعتق شقصا من مكاتب له أو بينه وبين آخر فليس
يعتق، فإن عجز فإنما هو وضع مال، وإن أعتق ذلك عند الموت، أو أوصى بذلك، أو
وضع له من كتابته فذلك عتاقه لأنه ينفذ من ثلثه.
قال ابن حبيب في عتق أحد الشريكين من المكاتب نصيبه حمل محمل وضع المال
لأنه انعقد لشريكه عند عتق حمل محمل وضع المال ولا ينقل عنه ما عقد من
معاني الولاء بالتقديم، وقال ابن سحنون عن أبيه: أخبرني بعض أصحابنا عن
مالك أنه قال فيمن أعتق نصف مكاتبه إنه وضيعه إلا أن يريد العتق ويعدله فهو
حر كله.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(13/88)
ومن كتاب ابن المواز، ومن قال لعبده نصفك
حر إن كلمت فلانا، فكاتبه، ثم كلم فلانا فليوضع عنه نصف ما بقي/ من الكتابة
يوم حنث [،فإن عجز رق كله ولا يلزمه حنثه,] (1) أشهب كمن أعتق نصف مكاتبه،
وكذلك لو حنث أحد الشريكين بعد أن كاتبه مع آخر ثم حنث لكان عتقا له إن
عجز، ولا يعجل عتقه، قال ابن القاسم، وأما في نصف العبد فلا يكون عتقا لأنه
إنما يملك منه يومئذ مالا، ولو كان في وصية لكان نافذاً في الثلث، إن كان
للعبد فهو عتق، وإن كان لأجنبي فهو له من رقبته، يريد إن عجز، ومن العتبية
(2) من سماع ابن القاسم، وقال في المريض يضع عن مكاتبه ثلث ما عليه ثم عجز
المكاتب، قال قد عتق ثلثه، وإذا وضع عنه جميع ما عليه عند موته ومعه ولد
جعل في الثلث الأقل من الكتابة أو من قيمة رقابهم أجمع.
وعن المكاتب على نجوم على أن يدفع في أول نجم كذا والثاني كذا لدون ذلك،
والثالث والرابع دونهما، وأوصى له سيده وقد تداركت عليه أربعة (3) نجوم غير
الأول، إن أدى هذه الأربعة (4) نحوم فليحط عنه من باقي الكتابة خمسون
دينارا (5) , فطلب المكاتب أن يقاص بها في الأربعة نجوم (6) فليس له ذلك،
ولتقسم الخمسون (7) على ما حل وعلى ما لم يحل فيوضع عنه فيها من كل نجم
بقدره.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن وضع عن مكاتبه نجماً من نجومه عند الموت بغير
عينه، قال فإن كانت النجوم/ ثلاثة وضع عنه من كل نجم ثلثه، وإن
__________
(1) ما بين معقوفتين انفردت به النسخة الأصلية وهو ساقط من النسخ الأخرى.
(2) البيان والتحصيل، 15: 211.
(3) في الأصل أربع نجوم والصواب ما أثبتناه.
(4) في الأصل هذه الأربع والصواب ما أثبتناه.
(5) في الأصل (خمسين دينارا) والصواب ما أثبتناه.
(6) في الأصل في الأربع نجوم والصواب ما أثبتناه.
(7) في الأصل (ولتقسم الخمسين) والصواب ما أثبتناه.
(13/89)
كانت أربعة فربعه، فإن أدى عتق، وإن عجز
وكانت النجوم ثلاثة عتق ثلثه، أو كانت عشرة فليعتق عشره.
قال مالك في كتاب ابن المواز: إذا أوصى بوضع نجم من نجومه فعجز، قال إن كان
في وصية فهو عتق.
من العتبية (1) روى أبو زيد عن ابن القاسم في مكاتب عليه ثلاثة أنجم في كل
نجم مائة فأوصى له بوضع النجم الأول، نظر إلى قيمته لو بيع في قرب محله،
فإن كانت قيمته خمسين (2)، والثاني ثلاثون، والثالث عشرون (3) علمت أن
الوصية له بنصف رقبته، [فيجعل في الثلث الأقل من نصف قيمة رقبته] (4) أو
قيمة ذلك النجم، وكذلك في وصيته بالنجم الآخر أو الأوسط على هذا، وإن لم
يدع غيره خير الورثة بين أن يضعوا عنه ذلك النجم الأول الذي أوصى له بعينه
ويعتقوا منه [ما كان نصيبه من قيمة رقبته، وذلك نصفها، فإن عجز رق لهم
نصفه، وبين أن يعتقوا منه] (5) ثلثه، ويوضع عنه من كل نجم ثلثه، فإن عجز
عتق ثلثه ورق لهم ثلثاه، وكذلك ذكر ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم في
المسألة من أولها، وقال إلا أن يكون ذلك النجم أكثر من ثلث مال الميت،
[وقيمة ما قابله من الرقبة أيضا أكثر من ثلث مال] (6)، فإذا كان أكثر من
ثلث، خير الورثة بين أن يعتقوا ذلك السهم (7) من الرقبة، ويحط ذلك النجم
بعينه ويسعى فيما بقي، فإن أبوا/ نظر إلى الأقل من قيمة النجم أو قيمة ما
يقابله من الرقبة، فيعتق في الثلث
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 276.
(2) في الأصل (خمسون) والصواب ما أثبتناه.
(3) قوله (والثاني ثلاثون والثالث عشرون) تقديره وقيمة الثاني ثلاثون وقيمة
الثالث عشرون) ولذلك رفعت ثلاثون وعشرون بالواو.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(5) ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(6) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(7) في الأصل (ذلك الأسهم) ولعل الصواب ما أثبتناه.
(13/90)
ويوضع عنه من كل نجم بقدر ما عتق منه،
وكذلك لو أوصى له بكتابته فإنما يجعل في الثلث الأقل، وذكر من تفسير
المسألة ما ذكر أبو زيد.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: وإذا أوصى لمكاتبه بالنجم الأول وعليه عشرة
أنجم قوم هذا النجم كم هو من سائر نجومه؟ فإن فاق الربع عتق ربعه ووضع عنه
ذلك النجم. وقال أشهب، فإن لم يدع غيره ولم يسع ذلك النجم الثلث عتق منه
محمله منه، ووضع عنه منه بقدر ما يحمل منه خاصة الثلث، فإذا عجز كان منه
حراً بقدر ذلك، قال: ولا يخير الورثة، وقال ابن القاسم: يخير الورثة إن لم
يحمل النجم، فذكر مثل ما ذكر أبو زيد، قال محمد: بل يوضع من النجم بعينه
محمل الثلث، فإن عجز عتق قدر ذلك بالقيمة يقوم النجم الأول وهو قائم
بالنقد، فإن كان خمسين (1)، وقيمة سائر النجوم خمسون سقط ثلثا ذلك النجم
بعينه، وعتق الثلث الرقبة إن عجز، وقيل إذا عرفت قيمة المائة الأولى سعى،
فإن عجز عتق قدرها، وإن تمادى وضعت عنه المائة الأخرى، فإذا لم يبق غيرها
عتق، ولا تعجل له وضيعة، وليس هذا بشيء، وقول مالك صواب، ولا حجة للورثة أن
يقولوا يبدأ العبد علينا، ويتأخر قبضنا لأن لهم بيع بقية الكتابة نقداً.
قال ابن القاسم فيمن أوصى بعتق مكاتبه جعل في الثلث الأقل من [قيمة رقبة
عبد/ مكاتب في أدائه وجرائه أو قيمة كتابته، وقال أشهب:] (2) الأقل من قيمة
رقبته، أو عدد مال الكتابة، أو ما بقي منها، قال مالك: إن أوصى له بما عليه
أو ببعضه فليقوم ولده معه الذين حدثوا في الكتابة، ويجعل الأقل من ذلك أو
من قيمة الكتابة، وقال إذا أعتق أحد الشريكين في المكاتب نصيبه منه، أو وضع
عنه حصته من الكتابة، ثم مات المكاتب وعليه دين، فغرماؤه مبدؤون، ثم يأخذ
المتمسك ما بقي له من كتابته، ثم ما بقي فبينهما نصفين (3). [13/ 92]
__________
(1) في الأصل (خمسون) والصواب ما أثبتناه.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(3) في ب (فبينهما نصفان) بالألف وما أثبتناه من الأصل يناسب أسلوب المؤلف
في كتابه هذا فهو في الغالب يستعمل النصب بتقدير فعل محذوف أى (فبينهما
يقسم نصفين).
(13/91)
قال ابن الحبيب، قال ربيعه، في عبد بين
ثلاثة فأعتق واحد، وكاتب الثاني، وتماسك الثالث، ثم مات العبد بميراثه بين
الذي كاتب والذي تمسك، ويرد الذي كاتب ما قبض فيكون بينهما.
فيمن وهب لرجل مكاتبه أو بعضه أو
كتابته أو بعضها، أو نجماً منها في حياته أو
في وصيته
من العتبية (1) روى موسى بن معاوية عن ابن القاسم، فيمن أعطى رجلا في صحته
كتابة مكاتبه فعجز العبد، قال مالك: هو الذي وهب له كتابته كما لو ابتاعه،
وكذلك ذكر ابن المواز عن مالك، فيمن وهب لرجل نصف كتابة مكاتبه أو كلها، ثم
عجز، كان له بقدر ذلك من رقبته ملكا مثل البيع، وقال أشهب وأصبغ، بخلاف عتق
جزء منه، وروى أبو زيد عن ابن القاسم في العتبية (2)، أنه إن عجز كانت
رقبته لسيده المعطى، [قال أبو بكر بن محمد، وروى فيها عن أشهب مثل رواية
أبي زيد./ قال في كتاب] (3) ابن المواز: فأما هبة النجم بعينه لرجل في صحته
فلا يكون له من رقبته شيء إن عجز، وكأنه هبة مال ذلك النجم بعينه، وروى ابو
زيد عن ابن القاسم في العتبية (4)، فيمن وهب لرجل نجما من نجوم مكاتبه ثم
عجز العبد، قال، يكون له في رقبته حصة بقدر النجم الذي وهبه.
ومن كتاب ابن المواز، قال: فإن وهبه نجماً مبهماً (5) لم يسمه فهو به شريك
في سائر نجومه، قال أشهب، وكذلك بيعه نجماً لم يعينه فهو جائز لأنه يرجع
إلى جزء من عدد نجومه، وأما لو أوصى لرجل أو للمكاتب بنجم بعينه كان
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 262.
(2) البيان والتحصيل، 15: 262.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(4) البيان والتحصيل، 15: 273.
(5) هكذا في الأصل وأما في النسخ الأخرى فقد حرفت إلى قوله (نجما منهما).
(13/92)
ذلك عتقاً في المكاتب وتمليكا للرجل بقدر
ذلك النجم، وكأنهما دخلا مدخل الورثة، قال، وإن قال في صحته لمكاتبه ثلثك
حر وثلثك لفلان، ثم مات المكاتب وترك مالاً فليأخذ منه كل واحد منهما ما
بقي له، ثم يكون ثلثا ما بقي لسيده الذي أعتق ثلثه ميراثاً له، والثلث
للموهوب له ميراثاً، وإن عجز فثلث رقبته للموهوب، وثلثاها للسيد، [ولو قال
ذلك في مرضه ثم مات المكاتب فثلثه حر، وثلث لورثته، وثلث لفلان،] (1)
وميراثه بينه وبين الورثة نصفين، وروى عيسى عن ابن القاسم، فيمن أوصى بربع
مكاتبه لرجل [ويعتق] (2) ربعه ثم هلك العبد عن مال (3)، أن الموصى له بربع
الكتابة والورثة يستوفون ما بقي لكل واحد منهم، ويقتسمون ما بقي بينهم
أثلاثاً، للورثة الثلثان، وللموصى له الثلث، لأنه إنما ورث بالرق، قال وإن
عجز فربعه حر ونصفه/ للورثة، وربعه للموصى له، قال ابن القاسم عن مالك، وإن
أوصى بكتابة مكاتبه لرجل وهي ألف، وقيمة الرقبة مائة، وترك مائتين عيناً،
أن الكتابة تقوم، فإن حملها الثلث نفذت، وإلا خير الورثة في إجازة ذلك،
والقطع له بثلث الميت، وهذه الرواية التي ذكر محمد خلاف ما في المدونة.
قال في كتاب محمد: وإذا كاتب عبده في مرضه بألف، وأوصى بها لرجل، وقيمة
الرقبة مائة، والثلث يحمل الرقبة، ولا يحمل الكتابة، فالكتابة جائزة، وإن
كانت الكتابة إذا قومت بالنقد لا يحملها الثلث بعد طرح قيمة الرقبة من مال
الميت خير الورثة بين دفع الكتابة إلى الموصى له، أو القطع له بثلث الميت،
وقال أشهب: الكتابة نافذة للموصى له بخروج الرقبة من الثلث، وإنما ينظر إلى
أقلها، وقاله ابن القاسم والوصية (4) بها للمكاتب نفسه لأنه عتق ولم يجعله
كالأجنبي، ورواه عن مالك، وقول ابن القاسم جيد وفيه نظر.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ت.
(2) (ويعتق) ساقطة من الأصل.
(3) كتبت في كل من ص وت (عن مالك) والصواب ما أثبتناه من الأصل وهو الموافق
لما في الجزء الخامس عشر من البيان والتحصيل، صفحة 230.
(4) في الأصل وب (فالوصية) بالفاء وأما في ت وص فإنهما كتبا (والوصية)
بالواو ولعلها هي الصواب.
(13/93)
قال أشهب، ولو أوصى مع ذلك بوصايا أخر،
أسلمت الكتابة لأهل الوصايا يتحاصون فيها يقدر وصاياهم، فإن عجز رق لهم
بقدر ذلك، وإن مات قبل الأداء ورثوه، قال مالك، وإن كانت الرقبة لا يحملها
الثلث، خير الورثة بين إمضاء الكتابة، ودفعها لأهل الوصايا يتحاصون فيها،
وإلا أعتقوا من رقبته محمل الثلث، وسقطت الوصايا، قال: ولو أوصى بأول نجوم
مكاتبه/ لرجل، والثلث يحمله، فله قبضه، ويعرف قيمته من بقية النجوم فيكون
له بقدر ذلك من رقبته إن عجز وإذا توفرت قيمة أول نجم ليعجله، وقلت النجوم
المتأخرة، فعلى قدر ذلك يكون بينهم، ولا ينظر إلى ما يؤول من قبض ما تأخر،
فيكون [أوفر إذا قبض، ولأنه قد يأخذ الموصى له أكثر النجم الموصى له به،
وقيمته تفي ما أخذ منه ثلث الكتابة، ثم يعجز] (1) فيكون له ثلث العبد،
وثلثاه للورثة، ولا يحسب عليه ما قبض، كما لا يحسب عليهم لو قبضوا أكثر
النجوم، ثم عجز فقد أخذوا أكثر من الثلثين في العدد، وذلك كعبيد ثلاثة
مكاتبين قيمتهم سواء، أوصى بأحدهم لرجل فعجز بعد أن قبض أكثر نجومه، وعجز
الآخران ولم يؤديا شيئاً، فلا يقال إن الموصى له صار له أكثر من الثلث،
لأنه أمر نفد بالقيمة، وقال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون في المكاتب على
عشرة أنجم فتنادى منه سيده تسعة ثم يوصى بالنجم الباقي لرجل فينفذ له، ثم
يعجز المكاتب أو يموت أن جميع العبد يرق له، وكأنه أوصى له بجميع الكتابة،
إذا كان ما بقي عليه به يعتق ولا شرك لأحد معه فيه، وله جميع تركه المكاتب،
وكما لو أوصى به للمكاتب صار حراً.
قال في كتاب ابن المواز، وإذا مات المكاتب الموصى فيه بالنجم الأول، وقيمة
هذا النجم نصف الكتابة، وذلك يخرج من الثلث ولم يؤد شيئا، فليأخذ الموصى له
مما ترك نجمه لا أزيد منه، ويأخذ الورثة بقية نجومهم لأنها حلت،/ ويقسم ما
بقي بينهم وبين الموصى له نصفين، ولو لم يدع ما بقي بالكتابة تحاصوا بقدر
مال الكتابة، لا على قيمتها، لأنها قد حلت بالموت بخلاف العجز فيما يملك من
الرقبة.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(13/94)
ومن العتبية (1) روى أصبغ عن ابن القاسم،
وإذا أوصى لرجل بنجم من نجوم مكاتبه، فقالت الورثة نحن ندفع إليك نجماً،
وقال هو لا أرضى ولعله أن يعجز فيكون لي فيه حق، قال إن لم يحل النجم فذلك
له، وإن حل فذلك للورثة.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، فيمن أوصى لرجل بألف درهم مما على
مكاتبه فتعجلها له الورثة فأبى وقال لعله يعجز فيصير لي من رقبته بحصته،
فللورثة تعجيلها كما لو عجلها المكاتب يجبر على أخذها.
قال فإن أوصى بالنجم الأول لرجل وبالثاني لآخر، وخرج المكاتب من الثلث، ثم
عجز، فلصاحب الأول من رقبته بقدر قبض قيمة نجمه على الثاني، وللثاني بقدر
قيمة نجمه، ولو قبض الأول نجمه ثم عجز قبل قبض الثاني، فرقبة المكاتب
بينهما، وللأول ما اقتضى لا يرجع عليه الثاني فيه بشيء، ولو كان ثم نجم
ثالث يبقى للورثة فقبض صاحبا النجم نجميهما ثم عجز، فالعبد بينهما وبين
الورثة على قدر قيمة النجم الأول والثاني والثالث، ولا يرجع الورثة عليهما
بشيء.
وذكر عن ابن القاسم فيها في بعض مجالسه أنها إن ردا إلى المكاتب ما أخذا
رجعا فيه بأنصبائهما، وإن لم يردا فنصيبهما منه للورثة.
/ والصواب ما تقدم، وهو قول أشهب.
وروى أصبغ عن ابن القاسم في العتبية (2)، فيما إذا أوصى بالنجم الأول لرجل
وبالثاني لآخر وبالثالث لآخر، فقبض الأولان، وعجز الثالث، أن العبد يرجع
بينهم، ولا يرجع الآخر عليهما بشيء، وروي عنه أيضا أنهما يجبران في أن يردا
ما أخذا إلى العبد، فإن أبيا رجع ما كان نصيبهما من العبد إلى ورثة الميت
الموصى.
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 269.
(2) البيان والتحصيل، 15: 268.
(13/95)
ومن كتاب ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون،
إذا أوصى لرجل بالنجم الآخر من عشرة أنجم قبل أن يتأدى منه من الكتابة
شيئا، ً فتقاضى الورثة التسعة أنجم وسلموا المكاتب للموصى له ليأخذ نجمه
فعجز عنه، فما هنا تكون رقبته بينه وبين الورثة بقدر قيمة نجمه من قيمة
سائر النجوم، لأنهم لو كانوا له فيه شركاء وهذا بخلاف لو كان السيد قد تأدى
التسعة أنجم ثم أوصى بالنجم الآخر، هذا إن عجز رق له العبد كله، وقد
ذكرناها قبل هذا، قال وإن مات في السؤال الأول المكاتب عن مال وعليه من ذلك
النجم بقية، فقال ابن الماجشون في هذا، يبدأ صاحب النجم بما بقي له ثم يكون
باقي ماله بينه وبين الورثة على قدر قيمة أنجمهم ونجمه، وقال مطرف: لا يبدأ
بشيء، ويكون ما ترك بينه وبينهم بقدر ما يكون لهم من رقبته إن عجز، وبه قال
ابن حبيب.
ومن كتاب محمد، وقال في مكاتب عليه عشرة أنجم أوصى بالنجم الأول لرجل
وقيمته نصف/ الكتابة فاقتضاه ثم عجز، فله نصف رقبته، وللورثة نصفها، قال
أحمد ولا يرد مما اقتضى شيئا. وقال أشهب عن مالك في مكاتب أدى كتابته إلا
نجمين وهما مائة، فأوصى السيد لرجل بنجم منها أو قال مائة مما عليه، فهذا
إن عجز فله نصفه، وإن مات أخذ هو والورثة ما كان عليه، وقسموا ما بقي
نصفين، ولو أدى ما عليه كله ثم مات كان ما ترك لعصبة سيده. قال أشهب: وإن
لم يحمله الثلث وترك خمسين دينارا مع رقبة المكاتب وقيمة باقي الكتابة (1)
[مائتا دينار، وقيمة رقبته] (2) مائة وخمسون (3) ديناراً، فالأول يجعل في
الثلث للموصى له فيصير له ثلثا المائة ستة وستون وثلثان، فيكون بهذا الموصى
له أربعة أتباع المكاتب إن عجز، وكذلك له في الأداء من كل نجم أربعة
أتساعه، ولو أوصى له بنجم منهما بعينه وقيمتيهما سواء، فله ثمانية أتساع
ذلك النجم، وإن كان قيمة نجم الوصية مائة، والنجم الآخر خمسين، فله من ذلك
النجم ثلثاه، فإذا عجز فله أربعة أتساع رقبته.
__________
(1) في الأصل (وقيمة ما في الكتابة).
(2) ما بين معقوفتين انفردت به النسخة الأصلية وهو ساقط في النسخ الأخرى.
(3) في الأصل (وخمسين) والصواب ما أثبتناه.
(13/96)
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم في
مكاتب بين رجلين أوصى أحدهما في مرضه بثلث النصف الذي له لأجنبي، والثلث
الآخر حر، ثم هلك ومات المكاتب عن مال، فإنه يورث على خمسة أسهم فيكون
لشريكه ثلاثة أخماس، وللورثة خمس، وللموصى له خمس بعد استيفاء ما لهم من
الكتابة.
/ وإن كان هذا في الصحة ثم هلك المكاتب عن مال، فللذي لم يعتق ثلاثة أسهم
من ستة [ولشريكه سهمان] (1)، وللذي تصدق عليه بسدس العبد سهم من ستة، وذلك
بعد أن يستوفي من ماله بقية الكتابة.
في بيع المكاتب، أو الكتابة، أو بعضها،
وفي ميراث المكاتب بعد ذلك، وفي المكاتب
يقع في المقاسم
من العتبية (2) من سماع ابن القاسم، وكتاب ابن المواز، قال: وكره مالك أن
يبيع أحد الشريكين في المكاتب حصته دون شريكه، قال محمد، قال عبد الملك:
أما من المكاتب فلا يجوز إلا برضى شريكه، وأما من غيره فجائز، وإن كره
الشريك، وقد كره ربيعه بيع كتابة المكاتب ورآها خطراً، قال غيره، وقال بذلك
عبد العزيز بن ابي سلمة، قال محمد، قال أصبغ، وليس عليه العمل.
قال محمد يكره بيع أحد الشريكين في المكاتب حصته من المكاتب لأنه كالقطاعة،
وجائز من غيره.
قال سحنون عن ابن القاسم في العتبية (3)، قال مالك: لا يجوز لأحد الشريكين
في المكاتب بيع نصيبه وإن أذن شريكه [في الإنتفاخ] (4) إلا أن يبيعاه
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) البيان والتحصيل، 15: 219.
(3) البيان والتحصيل، 15: 219.
(4) (في الإنتفاخ) ساقطة من الأصل وب مثبتة من ص وت.
(13/97)
جميعاً، قال ابن القاسم: وكذلك أمر المكاتب
لا يشتري نصيبه أحد الشريكين فيه إلا أن يشتري جميعه، وأجاز ابن القاسم
وأشهب، بيع نصف المكاتب، أو جزء منه، أو نجم بغير عينه، وقاله أصبغ، قالوا
وبيع نجم (1) بغير عينه يرجع إلى جزء من المكاتب/ فلذلك جاز، ولا يكون
المكاتب أولى بما بيع منه وإن أذن (2) شريكه، لأنه لا يرجع إلى جزء وقاله
سحنون في العتبية (3)، وأصبغ قالا وإنما لا يجوز بيع نجم بعينه، وأما إن
اشترى نجما منهما من عشرة أنجم فهو جائز، وكأنه اشترى عشر الكتابة، فإن عجز
فله عشر العبد.
ومن سماع أشهب وابن نافع، قال مالك: وإذا بيعت كتابة المكاتب فالمكاتب أحق
بها إذا كان يعتق بذلك، فأما ما لا يعتق به فلا يكون أحق به.
قال عيسى عن ابن القاسم، ومن باع مكاتبه رد البيع إلا أن يعتقه المبتاع
فيمضي.
وكذلك إن مات عنده ضمنه، ولا يرجع على البائع بشيء ولا على البائع أن يخرج
شيئاً من الثمن (4) فيجعله في رقبة، بخلاف المدبر يبيعه ثم يفوت بموت.
ومن سماع عيسى، قال ابن القاسم، في المكاتب يقع في المقاسم ثم أبى سيده،
قال يقال للمكاتب ود (5) ما اشتراك به هذا، وقم بنجومك، فإن فعل ذلك، وإن
ألقى بيده، وعجز نفسه قيل لسيده إن شئت فافده [وهو عبد لك لا كتابة فيه]
(6)، وإلا فأسلمه كان رقيقا للذي في يديه كالجناية. قال ابن حبيب قال أصبغ
عن ابن القاسم، قال مالك فيمن اشترى كتابة المكاتب ثم مات المكاتب، قال
ميراثه له لأنه لو عجز لا سترقه، وكذلك في الهبة والصدقة يرثه إن مات، وإن
كان ما ترك أكثر من الكتابة فهو له.
__________
(1) في ب (وبيعه نجما).
(2) في ب (وإن أدى شريكه).
(3) البيان والتحصيل، 15: 219.
(4) كذا في الأصل وأما النسخ الأخرى فقد كتبت فيها (شيئا منه).
(5) (ود) المراد أد وقد كتبت في النسخ كلها. بإثبات حرف العلة والصواب
حذفه.
(6) في ب (وهو عبدك لا نجامه فيه).
(13/98)
/فيمن اشترى كتابة ولده، أو أوصي له بذلك،
أو بثمن ابنه، وفي المكاتب يشتري من يعتق عليه
أو على سيده
من العتبية (1) روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، فيمن اشترى ما على مكاتب
ممن يعتق عليه لو ملكه، قال فذلك موضوع عنه، قيل ولم؟ [وهو] (2) لم يملك
منه رقا وهو لو أدى لكان ولاؤه لعاقد الكتابة، قال: وإن كان ذلك لأنه إن
عجز صار له رقيقاً. وكذلك إن ورثه وضعت [عنه] (3) كتابته وفي كتاب العتق من
هذا مستوعب.
قال أصبغ: ومن أوصى لرجل بثمن ابنه، يقول بيعوا ابنه وأعطوه ثمنه فلا يعتق
بهذا عليه وإن قبله، والوصية له جائزة كالأجنبي، ولو أوصى له بكتابة مكاتبه
وهو ابنه، فهذا إن قبل ذلك عتق عليه
ومن العتبية (4) قال سحنون في مكاتب اشترى ابنته وهي امرأة سيده، قال يفسخ
النكاح والضداق للبائع، إلا أن يشترطه المبتاع، وإن اشترى ابن مولاه، قال
سحنون يكون رقيقا بيد المكاتب.
قال عيسى عن ابن القاسم، إذا اشترى من يعتق على سيده، قال له ملكه ويبيع
ويطأ ويصنع بهم ما شاء، وكذلك لو أنها أم سيده أو أخته لأنه ليس لسيده
انتزاع ماله، وقد قال بعض الناس إن العبد يملك من يعتق على سيده، ولا يعتق
ويطؤها إن كانت أمة حتى ينتزعها السيد لأنه ملك للعبد، وإن كان هذا لا
يقوله/ مالك. قال ابن القاسم: ثم إن عجز المكاتب وهم عنده عتقوا.
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 239.
(2) (وهو) ساقطة من الأصل.
(3) (عنه) ساقطة من الأصل.
(4) البيان والتحصيل، 15: 281.
(13/99)
فيمن كاتب عبده في مرضه، أو أوصى أن يكاتب،
أو يعتق بعضه ويكاتب بعضه، أو بكتابة مكاتب (1)
أو أوصى أن يعتق عبده بعد قبض مال أو حضانة
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، ومن كاتب عبده في مرضه وقبض الكتابة
فذلك نافذ إن حمله الثلث وهو بيع، وقال أشهب، ليس كالبيع إذ لا يجوز ذلك
وإن عالاه حتى تحمل رقبته الثلث، ولا يعجل عتقه إلا أن يكون له مال مأمون،
وإلا لم يعتق حتى يموت السيد ويحمله الثلث، وإن لم يحمله خير الورثة في
عتقه أو يردوا إليه ما قبضه منه السيد، [ويعتقوا] (2) منه محمل الثلث بتلا،
ويبقى ماله بيده، قال والمكاتب في الصحة يقر سيده في مرضه بقبض الكتابة
منه.
قال ابن القاسم: إن حمله الثلث جاز وعتق اتهم أو لم يتهم، [ولو كانت
الكتابة في المرض] (3) لم يعجل عتقه إلا في المال المأمون، وإن لم يسعه
الثلث في الكتابة في الصحة وللسيد ولد لم يتهم، ويجوز قوله، وإن لم يكن له
ولد لم يصدق إلا ببينة، وقال أشهب إن لم يتهم السيد بانقطاع من المكاتب جاز
قوله. قال ابن القاسم، وإن كاتبه في المرض ولا يحمله الثلث خير الورثة بين
إجازة ذلك أو عتق ما حمل الثلث منه بتلا.
وفي/ باب قبل هذا، إذا كاتبه في المرض وأوصى بكتابه. ومن العتبية (4) من
سماع ابن القاسم، ومن كتاب ابن المواز، قال، مالك في المرأة أعتقت نصف عبد
لها عند موتها، وقال العتبية (5)، بعد موتها وأوصت أن يكاتب نصفه الآخر،
قال فليكاتب على قدر قوته وجرائه.
__________
(1) هكذا في الأصل والعبارة في ب (أو أقر بقبض كتابة مكاتب) وفي ص وت (أو
أقر ببعض كتابة مكاتب).
(2) في ص (ويعتق).
(3) كذا في الأصل والعبارة في النسخ الأخرى (ولو كاتب المكاتب في المرض).
(4) البيان والتحصيل، 15: 243.
(5) البيان والتحصيل، 15: 243.
(13/100)
ومن العتبية (1) روى عيسى عن ابن القاسم،
فيمن أوصى أن يكاتب عبده، فأصيبت يد العبد أو رجله فأي قيمة يكاتب؟ فإنما
ينظر إلى قيمته يوم يكاتب لا يوم مات السيد ولا يوم أوصى، وكذلك او أوصى
بعتقه، وقال سحنون فيمن أوصى أن يكاتب عبده ويعطى فلان عشرة دنانير، ولم
يترك غير العبد، قيل للورثة إن أحزتم ما أوصى به الميت مضى ذلك، وإن قالوا
نجيز الكتابة ولا نجيز الوصية بالعشرة، قيل لهم فكاتبوه وليس لكم من كتابته
إلا ثلثان (2) فإن دفعتم إلى هذا العشرة ويبقى لكم ثلث الكتابة، وإلا سلموا
ثلث الكتابة للموصى له.
قال أصبغ، ومن أوصى أن يكاتب نصف عبده، قيل للورثة إما كاتبتم جميعه لتنفذ
وصية الميت [وإلا فاعتقوا] (3) من نصف العبد مبلغ ثلث الميت.
ومن أوصى بخدمة أمته لابن له حياته فإذا مات كوتبت بعشرين دينارا، فإن
حملها الثلث وقفت للخدمة، وللورثة أن يدخلوا مع الابن في الخدمة على
الفرائض، أو يجيزوا له وصيته، فإذا مات كوتبت بعشرين، وكانت/ العشرون (4)
بين ورثته، وإن عجزت فهي بينهم رقيق على الفرائض. قال أصبغ: ولاؤها إن أدت
للميت وعصبته، وإن لم يحملها الثلث خير الورثة بين أن يجيزوا ذلك، فإن
أجازوا فهو كما لو حملها الثلث كما ذكرنا، وتكون موقوفة على الابن في
خدمتها إلى الأجل، وإن لم يجيزوا قاسموه الخدمة، وإذا كوتبت فكذلك أيضاً.
قال أصبغ، وإن لم يجيزوا فليعجلوا لها الكتابة الساعة، وتسقط الخدمة، فإن
أبوا فليعتقوا منها محمل الثلث بتلاً، ويسقط ما سوى ذلك.
ومن سماع عيسى عن ابن القاسم، وعن امرأة قالت عند موتها لأمة ربي ولدي هذا
وودي ثلاثين دينارا وانت حرة، ثم ماتت والولد صغير، ثم هلك الولد ولها ولد
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 243.
(2) هكذا في ب وهو الصواب وقد كتبت في النسخ الأخرى (إلا الثلثين).
(3) في ب (وإما أعتقتم من نصفه مبلغ الثلث).
(4) في الأصل (والعشرون) والصواب ما أثبتناه.
(13/101)
آخر، قال إن أدت الثلاثين فهي حرة لأنها
أرادت بالتربية إن عاش إلى بلوغه. ومن أوصى أن يؤخذ من عبده ثلاثون (1)
ديناراً ثم هو حر، أتنجم عليه؟ قال: لا، وتؤدى معجلة إلا أن يوصى أن تنجم.
وفي كتاب الخدمة من هذا المعنى، قاله ابن حبيب، قال مطرف وابن الماجشون،
وإذا أوصى أن يكاتب عبده، فإن حمله الثلث كوتب كتابه مثله ونجمت عليه نجوم
مثلها، وإن لم يحمله خير الورثة بين كتابته بكتابة مثله، أو أعتق ما حمل
الثلث منه، ولو قال كاتبوه بمائة دينار لكوتب بها، كانت كتابة/ مثله أو أقل
أو أكثر، وتنجم عليه بقدر قوته وسعيه ومن كتاب ابن سحنون قال، وكتب إليه
شجرة، فيمن أوصى أن يؤخذ من كل عبد من عبيده كذا وكذا، ويعتق وهم تجار،
وأقاموا بذلك بينه ولم تثبت، وللميت طفل لم يوص به إلى أحد فهل للحاكم أخذ
المال من العبيد على وجه النظر للطفل وعتقهم؟ فكتب إليه إن رأى أن ذلك نظر
لليتيم. فليفعل، فإن فعلت فلم يأتوا بالمال [تلومت لهم تلوماً بيناً، فإن
عجزوا رجعوا في الرق] (2)
فيمن وطئ مكاتبته فحملت، أو مكاتبة لأبيه (3)،
أو لمكاتبه، أو أمة لمكاتبه، أو أم ولد له،
وهل يطأ المكاتب أم ولد أدخلت معه في الكتابة؟
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، ومن وطئ مكاتبته فحملت ومعها في
الكتابة غيرها، فليس لها تعجيز نفسها إلا برضى من معها، قال محمد: وهم
بالغون أقوياء فيحط عنهم حصتها، وتصير أم ولد يطؤها، قال سحنون في العتبية
(4)، ولها أن تعجز نفسها إذا لم يكن معها أحد، وإن كان لها المال الكثير،
__________
(1) في النسخ كلها (ثلاثين) والصواب ما أثبتناه.
(2) ما بين معقوفتين مأخوذ من الأصل وب وهو ساقط من ص وت وعوض بكلام لا
ينسجم مع الموضوع.
(3) في ب (لابنه) عوض لأبيه.
(4) البيان والتحصيل، 15: 278.
(13/102)
وإن اختارت عليه المضي على كتابتها فنفقة
حملها على سيدها، كالمبتوتة الحامل، وروى ابن حبيب عن أصبغ أنها لا نفقة
لها عليه. وقال ابن حبيب كقول سحنون، وذكر سحنون في كتاب ابنه جوابه هذا
كله عن بعض أصحاب مالك.
ومن كتاب ابن المواز/ قال: إذا كاتب المكاتب أمته بإذن السيد ثم وطئها
المكاتب، فلا خيار لها في التعجيز، فإن أدت خرجت مع ولدها، وإن ودى هو
قبلها فولده أحرار معه، ولها التعجيز، ولو مات في الكتابة قبل خروجها وترك
وفاء بكتابته خرجت حرة هي وولدها، ولو قوي الولد قبل عتقها سعى مع أقربهما
عتقا فعتق بعتقه، ولو كان معه ما يؤدي عن أبويه أخذ من ماله ما يؤدي عنهما
وعتقا، وإن ماتت أولاً وتركت مالاً وتركت مالاً أخذ من مالها ما بقي وعتق
ولدها، وورث ما بقي، وإن لم يكن فيه وفاء فللولد أخذه والسعاية فيه، وكذلك
لو لم يدع شيئا فإن أدوا عتقوا، وإن عجزوا وكانوا في كتابة أبيهم.
قال ابن القاسم، وإن وطئ أمة مكاتبه فحملت لزمته قيمتها يعتق فيها المكاتب
ويتبع سيده بفضل إن بقي، وهي له أم ولد، قال محمد: وهذا ظلم للمكاتب بتعجيل
كتابته، بل يأخذ قيمتها ويؤدي النجوم على حالها، فإن لم يكن للسيد شيء بيعت
عليه كتابة مكاتبه هذا في ذلك. قال أحمد ويكون أولى بما بيع من ذلك.
وقال سحنون في كتاب ابنه مثل ما قال ابن المواز، وزاد وإن كان في ثمن
الكتابة قدر نصف ما على السيد أخذه المكاتب، وبقي نصف الأمة للمكاتب رقيقاً
(1) ونصفها بحساب أم ولد لسيده، وأتبع سيده بنصف قيمة الولد.
وقال أشهب: إن لم يكن للسيد ما يؤدي وكان في الكتابة أو في قيمة/ المكاتب،
وفاء بقيمتها، أعتق بذلك استحساناً، فإن لم يف بقيمتها بقيت أمة للمكاتب،
وأتبع سيده بقيمة ولده، قال محمد: وهذا أيضا لا يعجبني، والصواب ما قلت لك.
__________
(1) في النسخ كلها (رقيق) والصواب ما أثبتناه.
(13/103)
قال: ومن العتبية (1) روى سحنون عن ابن
القاسم، فيمن وطئ أم ولد مكاتبه فحملت منه، قال: تحال بين المكاتب وبين
وطئها حتى ينظر ما يصير إليه، فإن ودى عتق وكانت أم ولده، وإن عجز كانت أم
ولد للسيد، فإن خاف العجز غرم سيده قيمتها يوم تؤخذ، ويعتق المكاتب فيها،
فإن فضل شيء كان له، قال ولا يأخذ المكاتب قيمة الولد، وقال وهو في العبد
على خلاف هذا.
وفي كتاب ابن سحنون عن ابن القاسم قال: إذا وضعت فعلى السيد قيمة ولده
للمكاتب [يقاصص به في كتابته ويعتق وتبقى الأمة أم ولد للمكاتب] (2)، وإن
لم يكن فيه وفاء قوصص بها ويسعى فيما بقي، فإن ودى فهي أم ولد له، وإن عجز
كان عبدا وكانت الأمة أم ولد لسيده وتحرم على العبد.
ومن كتاب ابن المواز، ومن العتبية (3) من سماع عيسى عن ابن القاسم، فيمن
وطئ مكاتبه فحملت، قال في العتبية (4) يدار عنه الحد ويلحق به الولد.
وقال في الكتابين: تخير الأمة فإن اختارت البقاء على الكتابة غرم قيمتها،
قال في العتبية (5): يوم وطئها، وقال في كتاب محمد: قيمة أمة [فتوقف خيفة
أن يعدم عند العجز] (6)، قال في كتاب محمد، ويكون ولده حرا مكانه، قال في
الكتابين، فإن أدت عتقت وأخذ [الواطئ] (7) القيمة التي وقفت، وإن عجزت كانت
القيمة/ لسيدها المكاتب، وكانت أم ولد للواطئ، قال في العتبية (8)، ولم يكن
عليه في ولده شيء.
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 259.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من النسخ الأخرى.
(3) البيان والتحصيل، 15: 234.
(4) البيان والتحصيل، 15: 234.
(5) البيان والتحصيل، 15: 234.
(6) ما بين معقوفتين مثبت من الأصل وب والعبارة في ص وت مخالفة لذلك فقد
جاء فيها (فيوقف حقه أو يغرم عند العجز).
(7) كلمة (الواطئ) ساقطة من الأصل.
(8) البيان والتحصيل، 15: 234.
(13/104)
قال ابن القاسم في كتاب محمد، وكذلك يأخذ
قيمتها إن ماتت قبل الأداء، وقال في العتبية (1)، إن ماتت قبل الأداء أخذ
من القيمة الموقوفة قيمة الولد فدفع إلى المكاتب، ورجع باقي قيمتها إلى
الواطئ، قال في الكتابين، وإن عجزت نفسها قومت عليه أم ولد، وغرم قيمتها
للمكاتب نقداً، وليس للسيد أن يحاسب بها المكاتب إلا أن يشاء المكاتب، وقال
أصبغ في كتاب محمد، إن ماتت قبل العجز رجعت القيمة إلى السيد الواطئ، لأن
الحمل لم يضر، وقد ماتت في كتابتها من غير حمل.
وقال في إيقاف القيمة، إذا اختارت المضي على الكتابة أنه صواب، القياس في
قيمتها أن تكون يوم تعجز بولدها كأنه يومئذ أحبلها، وأحب إلى أن تقوم يومئذ
طرفاً بلا ولد، لأن الولد ليس بمال لأحدهما، ثم رجع فقال: القياس أن تمضي
القيمة التي أوقفت، أو تقوم يوم العجز، وولدها كأنها لم تضعه.
قال محمد جواب أصبغ فيها غلفه وجيره (2) ولا أعجبنا جوابه، ولا الجواب
الأول، والجواب عندنا، إن اختارت العجز صارت لمحملها أم ولد، وغرم القيمة،
وإن تمادت لم يغرم الواطى إلا أن يشاء حتى تعجز فتكون له أم ولد ويغرم
القيمة يوم الوطء أو يؤدي ما بقي عليها من الكتابة، أى ذلك شاء فذلك له،
ولا يتبعها بشيء/ منه، وإن أدت خرجت حرة ولا شيء عليه، ولم يكن الحمل نقصا
ولا زيادة، وإن ماتت في نجومها فلا شيء على واطئها، ولا معنى لإيقاف القيمة
ولا منفعة، وقد لا تجيب عليه، وضرر ذلك من نفعه، وكان ينبغي أن يوقف ما
تءدي هي، لأنك إنما توقف قيمتها يوم أحبلها، فإذا عجزت فقد كانت من يوم
الوطء أم ولد، قال فإن عجزت وغرم القيمة لم يرد المكاتب ما تأدى منها بعد
الوطء، وهو كالغلة قبل الإستحقاق، وكمن أعتق أمه أو كاتبها ثم استحقت بحرية
أو بملك فلا يرد من كانت بيده شيئا من ذلك الأمر يوم ينظر الحاكم فيها
ويوقفها
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 234.
(2) (كذا في ص) وفي النسخ الأخرى تأخرت اللام عن الفاء فجاءت على صورة غفلة
وحيرة) وما أشبه ذلك ولم أر لذلك معنى ولعل المراد بما في ص أنه قد عمل ما
في وسعه على تحسين جوابه.
(13/105)
فتوقف الغلة إلى وقت الحكم، قال: ولم أغرمه
قيمة ولده لأن مرجعها إلى الحرية بالأداء، وتكون أم ولد بالعجز، بخلاف من
أولد أمة ثم استحقت أنها مكاتبة فمرجعها هي إلى رق، فيؤدي قيمة ولدها إلى
السيد يحسبه من آخر كتابتها، وقال ابن سحنون، ليس لها في قول سحنون أن تعجز
نفسها إن كان لها مال ظاهر ولتتماد، فإن أدت عتقت ولا شيء على السيد، من
قيمته ويعتق الأم فإن عجزت قومت على السيد فكانت أم ولد، وإن لم يكن لها
مال ظاهر، أو كان لها في مذهب ابن القاسم وأشهب مال، فهي بالخيار، فإن
اختارت المضي على الكابة وأدى السيد قيمة الولد فأوقفت، فإن أدت رجعت
القيمة إلى السيد، وإن عجزت غرم السيد قيمتها ولم يلزمه للولد قيمة، يريد
يرجع إليه ما أوقف فيحاسب/ به في قيمتها، قال فإن عجزت نفسها أدى السيد
قيمتها معجلة للمكاتب وكانت له أم ولده.
ومن العتبية (1) روى عيسى عن ابن القاسم، فيمن وطئ مكاتبة ابنه فحملت، أنها
تخير بين أن تقوم عليه فتكون أم ولد له وتبطل الكتابة، وبين أن تسعى في
كتابتها على حالها، فإن أدت عتقت، وإن عجزت قومت عليه.
وقال سحنون: لا خيار لها، لأن هذا من نقل الولاء، وليس لها نقل ولا لها إلا
بعجز بين (2)، وقال فإن عجزت فالابن يخير إن شاء قومها على أبيه، والمعروف
لأصحابنا أنه لابد أن يقومها عليه لأنها أم ولد له.
قال عيسى عن ابن القاسم، فإن اختارت البقاء على الكتابة، أوقفنا القيمة من
الأب، [فإن أدت رجعت القيمة] (3) إليه، وإن عجزت أخذها الابن، وصارت أم ولد
للأب، وإنما توقف القيمة لخوف عدمه، قال فإن عجزت وقد دخلها نقص بجناية جان
من ذهاب جارحة أخذ لذلك أرشاً، فإن كان في عقلها ما تعتق فيه
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 280.
(2) في ب (إلا أن تعجز).
(3) في ب (فإن أدت عتقت ورجعت القيمة) وما أثبتناه من النسخ الأخرى.
(13/106)
عتقت وردت القيمة إلى الواطئ، وإن لم يكن
فيه ما تعتق به سعت فيما بقي، فإن أدت عتقت، وإن عجزت قوصص واطئها من
قيمتها بما أخذ من ثمن جسدها، قال: وإن أصابها ذلك بأمر من الله ثم عجزت
أخذ الابن القيمة كلها، ولا يحط شيء، قال ابن حبيب قال ابن الماجشون، في
عبد كاتب على أم ولده، أنه يحرم عليه وطؤها لأنه كان السيد انتزعها ويرجع/
كل واحد منهما بما يؤدي على صاحبه، ولو مات عتقت فيما ترك، وإن لم يترك
ولدا في كتابته أو ترك ويتبعها السيد أو الوالد كان بما عتق به من ماله إلا
أن يكون ولدها، وإن عجز رقت للسيد ولم تكن أم ولد للعبد ولا أمة له، وإن
كانت أم ولد لم يكاتب عليها، فمات ولدت في الكتابة منه فهي به أم ولد،
وتعتق معهم فيما يترك الأب إن مات، ولا يبيعوها، وإن لم تكن أمهم لأن أباهم
لم يكن يبيعها، وإن لم يدع المكاتب مالا سعت عليهم إن كانت مأمونة، كانوا
منها أو من غيرها.
في قطاعة المكاتب، وما يجوز في الكتابة من
معارضة، وحوالة، وحمالة، وشيء من ذكر التداعي
في القطاعة، أو في مال الكتابة
من كتاب ابن المواز، قال: ولا بأس بقطاعة المكاتب، ويعجل عتقه بشيء تعجله
أو يؤجره مخالفا لما عليه أو من جنسه أكثر منه أو أقل إلى أبعد من أجله، أو
أقرب كان طعاماً أو غيره، وكذلك من اشترى كتابة المكاتب فهو كالسيد في جميع
ذلك.
وقال في العتبية (1) من سماع ابن القاسم، أن لمن اشترى كتابة المكاتب
مقاطعته لسيده، قال في كتاب محمد: وما وضع به فلا يحاصص به السيد غرماء
المكاتب في فلس ولا موت.
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 210.
(13/107)
وروى مالك عن نافع عن ابن عمر: لا يقاطع
المكاتب إلا بعرض. قال ابن القاسم/ ولم يأخذ بذلك الناس.
قال مالك في مكاتب قوطع له بشيء نجم عليه وعجل عتقه فمات قبل ذلك، فأقام
نحو عشرين سنة ثم قام السيد يطلب ذلك من ولده، قال: أليس كان يبايع الناس
ويشتري؟ قيل: نعم، قال: فلا بأس بذلك، وفي كتاب آخر فلا شيء عليه، وهو
الصحيح، وإذا أحال المكاتب سيده على غريم له عليه دين، فإن حلت الكتابة جاز
وعتق المكاتب، وإن لم تحل الكتابة لم يجز الحول، وأجازه أشهب حلت أو لم
تحل، ويبدأ بذلك المكاتب أخذه السيد أو أدى، محمد، وهذا أبين القولين، وأظن
ابن القاسم إنما كره من الحوالة بما لم يحل من الكتابة فيما لا يتعجل عتقه،
فأما بما قد حل منها فجائز، قال: وإنما لا يجوز الضمان ولا الحول بها ولا
الأخذ عليها إلا بتعجيل العتق، قال محمد صواب كله إلا في الحول على حول
للمكاتب برضى السيد فهو جائز، وإن كان بعض النجوم وقد برئ المكاتب من ذلك.
قال ابن القاسم: وإن أحاله مكاتبه الأعلى على مكاتب له لم يجز الأعلى إن
ثبت عتق الأعلى، فإن عجز المكاتب مكاتبه رق للسيد، قال مالك في وصيف قد بلغ
السعي ولم يحتلم كاتب عنه أبوه الحر وضمن ذلك يؤديه عن ابنه من ماله على
النجوم، فلا خير فيه، أرأيت إن عجز الأب أو مات الابن أيذهب مع دفع الأب؟
فلا خير فيه، قال محمد: ولو كان على تعجيل عتق الابن لزم ذلك الأب على
النجوم.
قال مالك، ومن قال لرجل أفسخ كتابة أمتك وأضمنها لك/ على أن تزوجنيها، ففعل
وزوجها إياه وولدت بنتاً، ثم مات الزوج فلا ترث، وهي وابنتها للسيد رقيق.
قال ابن القاسم: يعني أنه لم يجز الحمالة وهي أمة ولا يؤخذ ذلك من تركته.
محمد لأنه لم يكن يحكم به عينه في ذاته، إلا أنه لو ودى ذلك حتى يعتق
(13/108)
به ويفوت لجاز ذلك ويرجع عليها المؤدى،
ويرجع عليه بصداق مثلها يوم عقد النكاح، فمن كان له فضل أخذه.
قال ابن حبيب، قال أصبغ فيمن قاطع عبده على مائة، وقال هي حالة، وقال العبد
إلى أجل فالسيد مصدق مع يمينه، ولو كاتبه على مائة فقال حالة وقال العبد
منجمة صدق العبد مع يمينه، وذكر ابن القاسم في المدونة في المكاتب يدعي أنه
كوتب بمائة وقال السيد بمائتين، أن القول قول المكاتب إن كان قوله يشبه،
لأن الكتابة فوت، قال محمد بن عبد الحكم: قد اختلف في ذلك ابن القاسم
وأشهب، يريد أن أشهب يرى القول قول السيد، قال محمد: والحجة له أنه يقول
أنت مملوكي فلا تخرج إلى الكتابة إلا بما أقر لك به، وذلك كالبيع يختلفان
فيه فالقول قول البائع والمبتاع مخير، والحجة لابن القاسم في قوله أن القول
قول المكاتب أن الكتابة قد وجبت وهي فوت، فالسيد يدعي فضلا، والعبد ينكر،
فالبينة على المدعي، وعلى المنكر اليمين.
قال ابن المواز في كتاب الإقرار، أحسن ما سمعت في ذلك أن القول قول
المكاتب، وتصير فوتاً (1) كمن ابتاع/ عبدا فكاتبه ثم اختلفا في الثمن،
فالمبتاع يصدق ويخرجان من حكم المتبايعين إلى المتداعيين فلا يلزم المبتاع
إلا ما أقر به.
في قطاعة المكاتب بين الشركاء
قال: والمكاتب بين الرجلين لا بأس أن يقاطعه أحدهما بإذن شريكه من جميع
حصته على شيء أو من بعضها ويبقى بعضاً، ثم اقتضى الآخر مثل ذلك فأكثر ثم
عجز، فالعبد بينهما ولا رجوع لأحدهما على الآخر، وإن اقتضى أقل (2) خير
المقاطع بين رد الفضل حتى يستويا، ويبقى العبد بينهما، فإن أبى فالعبد كله
__________
(1) في الأصل (فوت) والصواب ما أثبتناه.
(2) في ب (وإن اقتضى أكثر)
(13/109)
للذي لم يقاطع، ولو مات المكاتب فلا يخير
المقاطع، وللمتماسك أخذ جميع ما بقي له من الكتابة مما حل أو لم يحل، وما
فضل فبينهما، وليس كعبد نصفه حر، وإن ترك أقل من مال المتمسك فليس له غيره،
ولا يرجع على المقاطع بشيء قال: وإن قاطع بإذن شريكه على غير العين ثم عجز،
فإن كان حيواناً أو عرضا نظر إلى قيمته نقدا يوم قبضه ثم رد فضلا إن كان
عنده إن شاء حصته من العبد، وإن كان شيئاً له مثل من مكيل أو موزون رد
مثله، ورد الآخر كل ما قبض فكان بينهما نصفين، قال: ولو مات وقد بقي
للمقاطع عليه بعض ما قاطعه عليه وقد ناصفه على عين تحاصا فيما ترك هذا بما
بقي له مما قاطع عليه، والآخر/ بجميع نصيبه، وكان ربيعه يكره أن يقاطع بإذن
شريكه ويقول إن فعل ثم مات العبد فميراثه للذي لم يقاطع، قال أصبغ ليس عليه
العمل، والعمل على قول ابن المسيب.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم في مكاتب بين ثلاث فقاطع أحدهم بإذن صاحبيه
وتمسك الثاني، ووضع الثالث، ثم عجز العبد، فإن رد الذي قاطع نصف ما قاطع به
إلى المتماسك، كان العبد بين الثلاثة بالسواء، وإن أبي كان العبد بين
المتماسك وبين الذي وضع نصفين.
ومن كتاب ابن المواز، وقال مالك في مكاتب بين رجلين قاطعه أحدهما على نصف
نصيبه على مائة وجميع الكتابة ثمانمائة فأبقى الربع الآخر مكاتبا بإذن
شريكه، فذلك جائز، فإن عجز [فليؤد المقاطع نصف ما فضل] (1) صاحبه به بقي له
ربع العبد وللمتمسك ثلاثة أرباعه، ولو قبض منه المتمسك مثل ما أخذ المقاطع
في القطاعة أولاً، وذلك مائة، كان المقاطع أيضا بالخيار في عجزه إن شاء سلم
إلى المتماسك ما أخذ ورجع فكان له نصف العبد، شاء المتماسك أو أبى، وإن شاء
أخذ منه ثلث المائة وسلم ربع العبد وكان له ثلاثة أرباعه، وللمقاطع ربعه،
وكذلك إن قبض المتمسك مائتين فللمقاطع أخذ ثلثها، وإن كره، ويصير
__________
(1) كذا في الأصل والعبارة في ب (فإن لم يؤد المقاطع نصف ما فضل) وفي ت وص
فإن لم يرد إلخ.
(13/110)
للمقاطع ربع العبد فقط، فإن شاء أخذ منه
خمسين وكان العبد بينهما نصفين. محمد: معناه أن المقاطع لم يقبض/ غير ما
قاطع عليه، وكان حقه أن يأخذ الثلث من كل ما يقتضي لأن له ربع المكاتب
مكاتباً، وللآخر نصفه، فإن شاء أخذ ذلك، ثم له أن يختار المتماسك بما قبض،
ولا يكون له غير ربع العبد، ثم إن شاء أن يكون له نصف العبد رد فضلا عبده
إن كان فضلا، قال: وإن قاطع أحد الشريكين جميع حصته بغير إذن شريكه، فإن
قبض المتمسك مثل ما قبض هو، فلا حجة للمتمسك في عجزه ولا في موته، وإن لم
يدع شيئاً، وكذلك إن بقي له وقد ترك المكاتب ما يأخذ هذا منه تمام ما أخذ
المقاطع، لا اختلاف في هذا عن ابن القاسم وأشهب، واختلف إذا عجز ولم يقبض
المتمسك إلا أقل من الآخر، لاختلاف قول مالك فيه، فقال ابن القاسم الخيار
للمتماسك إن شاء رجع بنصف الفضل على الآخر أو تماسك بالعبد كله، وقال أشهب
له الرجوع بنصف الفضل، فإن اختار التمسك بالعبد رجع الخيار للمقاطع.
محمد، ويصير كأنه قاطع بإذنه أو قام به فوصى، ورواه عن مالك، وعليه من أرضي
من أصحابه.
في إنظار أحد الشريكين، وتبدية أحدهما
بالأداء، أو سلعة له، وهل يقتسمان (1) عليه؟
من كتاب ابن المواز، قال في المكاتب بين الرجلين إذا اقتضى أحدهما وأنظر
الآخر المكاتب، ثم عجز العبد أو مات ولا شيء له، فإنظاره كوضيعة، ولا يرجع
على المقتضي./ وإنما يرجع عليه إذا أسلفه وذلك أن يستأذن الشريك شريكه في
الإقتضاء، وبه فيأذن له، ولو أن المكاتب هو الذي سأل الشريك أن يدفع إلى
شريكه ما جاء به، فهو إنظار للمكاتب لا سلف للشريك، ولا يرجع على الشريك في
عجزه إذا لم يمض إلا بقدر حقه مما حل.
__________
(1) في الأصل (وهل يقتسما) بحذف النون ولا مبرر لذلك.
(13/111)
قال محمد، وأما لو حل عليه نجم فلم يجد إلا
نصفه، فسأل أحدهما الآخر أن يؤثره به على أن يأخذ حقه هو في النجم الباقي،
ففعل، فهذا سلف منه لشريكه يرجع به عليه إن عجز قبل أن يستوفي إلا أن يطلب
إليه أن يؤثره به، وينظر هو المكاتب فرضي بهذا الشرط، فذلك إنظار للمكاتب
إذا لم يكن فيما جاء به زيادة على حق أحدهما، وقد قال عبد الملك: إذا جاء
بالنجم كله فأخذه أحدهما فهو سلف من الشريك لشريكه، فإذا لم يأت إلا بالنصف
فهو إنظار للمكاتب، محمد، يريد إذا رضي بذلك الشريك، قال: ولو كان نجمها
عشرة فأتى بسبعة فدفعها إلى أحدهما، قال: ديناران سلف من الشريك لشريكه
والثلاثة الباقية إنظار من الشريك [للمكاتب إذا لم يحضر إلا بنصف ما حل،
فإن حضر بزيادة فأخذ ذلك الشريك] (1) بإذن الآخر واشترط فيه إنظار المكاتب
لم يلزمه ذلك في الزيادة من مصابه الذي لم يقبض، وكأنه أحال بها القابض
لشريكه فيما لم يحل، فإن لم يدفع ذلك للمكاتب رجع/ الشريك على شريكه وإنما
الإنظار فيما قد حل لا فيما لم يحل.
[قال: ولو سأل أحدهما المكاتب قبل محل شيء] (2) أن يؤجره بحصته من الكتابة
كلها حتى يتم اقتضاء الآخر، فذلك لازم لا رجعة له فيه، خلاف ما أحضره
المكاتب، لأنه بإحضار وجب لهما، فإن كان جميع ما حل من الكتابة فهو سلف من
الشريك لا يجوز فيه اشتراط أنه نظره منه للمكاتب، قال أحمد، يريد فيما حل.
فإن لم يأتي بجميعه فما بقي منه إن اشترط أنه نظرة فهو كما شرط، وسواء
اشترط ذلك على الذي لم يأخذ، أو يشترطه القابض. فمن رضي منهما أن يكون من
حقه أخر به المكاتب فذلك له، قال: وإن سأل شريكه فيما لم يحل أن يؤخره به
حتى يقبض جميع حقه في الكتابة على أن تكون نظرة للمكاتب، فإن كان على أن
يدفع المكاتب نصف كل نجم لا زيادة فجائز وهو إنظار
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط ب.
(2) ما بين معقوفتين ساقط ب.
(13/112)
للمكاتب لا رجعة فيه على شريكه، وإن كانت
المنة من المكاتب ففعل ذلك الشريك ولم يشترط ما ذكرنا من شروط الشريك فهو
إنظار للمكاتب، وتمام ذلك من الشرط إذا كان بمسك الشريك، فإن لم يكن فذلك
منه سلف يرجع به على شريكه، وإن كان على أن يدفع جميع النجوم الذي حل إلى
الشريك فهو سلف من الشريك لشريكه يرجع به عليه، ولا يجوز فيه الحول ومنه
ومن العتبية (1) رواية يحيى بن يحيى عن ابن القاسم،/ قال، وإذا حل نجم
فأخذه أحدهما بإذن الآخر فيأخذ الآخر النجم الثاني فهو سلف من الشريك يرجع
به عليه في العجز والموت.
قال في كتاب محمد، إلا أن يعجز أو يموت قبل محل النجم الثاني فليس له أخذه
به حتى يحل النجم الثاني، قال محمد، ولو حل الثاني قبل عجزه فتعذر على
المكاتب وانتظر لما يرجى له كان على الشريك أن يجعل لشريكه سلفه ثم يتبعا
المكاتب جميعا بالنجم الثاني، قال لشريكه اقض ما قدمتك به ونتبع أنا وأنت
المكاتب قال ليس له قبله شيء إلا أن يعجز المكاتب.
ومن كتاب ابن المواز قال محمد، وإذا عجل المكاتب نصف الكتابة كلها قبل
محلها فسأل أحدهما الآخر أن يأخذ ذلك، ويأخذ هو على النجوم، ثم عجز وقد دفع
إلى الآخر بعضا أو لم يدفع، فله الرجوع على المقتضي بما فضله، ولا يجوز ما
شرط عليه، وأجاز فيه ابن القاسم وعبد الملك بما لم يعجبني، جعله ابن القاسم
كالقطاعة وخير القابض، وقال عبد الملك، إن عجز قبل أن يحل عليه النجوم
فليرجع على شريكه بفضل ما لم يحل منها وهو سلف من الشريك، وإن عجز وقد حل
شيء منها فإنه يمضي للقابض نصيبه مما حل، ويخرج ما فضل عنده مما لم يحل،
فيكون بينه وبين شريكه مع رقبة العبد.
قال ابن القاسم، ولو جاء بنصف النجوم بعد محل نجم أو أكثر، فقال الشريك
دعني آخذ هذا النجم الذي قد حل وخذ أنت النجم/ المستقبل ففعل
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 247.
(13/113)
ثم عجز لرجع على شريكه على ما أحب أو كره،
وكان العبد بينهما، وهذا سلف منه لصاحبه، والأول لم يكن لأحدهما فيه حق
فصار كالقطاعة، قال محمد، بل هو سلف للشريك لأنه لما عجل ما عليه لزمه ذلك
لهما، وقد قال مالك في مدبر كوتب فسلف منه السيد نجوما قبل محلها، ثم مات
وخرج من الثلث فليس له استرجاع ما عجل سيده، وقاله أشهب.
قال أشهب: إلا أن يسلفه سلفا لا على الاقتضاء، فيكون له أن يرجع فيما أسلفه
إن مات السيد قبل محله. محمد، وكذلك مسألتك لما عجل ذلك كان ذلك لهما.
ولو قال أردت بذلك تعجيلا لأحدهما، فليس له ذلك إلا بإذن شريكه، فإن أذن
فهو سلف من الشريك لشريكه لا إنظار للمكاتب، قال محمد، والصواب من ذلك أن
ليس لأحدهما أخذ شيء دون صاحبه بغير إذنه فيما حل وفيما لم يحل، فإذا أخذ
شيئا بإذن شريكه ليرجع به فيما لم يحل، فإذا أخذ فليس بدين فائت تتم فيه
الحق له، فلا يبين منه المتعجل، ولو قال المكاتب فيما جاء به مما لم يحل
أنا أسلفه أحد سيدي، لم يكن له ذلك إلا بإذن الشريك، فإذا أذن له رجع به
عليه في عجزه وموته، محمد وأما قول ابن القاسم في تعجيل أحدهما نصف الكتابة
بإذن الآخر أنه كالقطاعة فليس كذلك لأن القطاعة متأخرة بينه وبين المكاتب
ولم يرض به الشريك إلا لرجاء نفع يفي عنه السعاية في توفير نجومه بهضم
نجوم/ صاحبه، وإنما الخيار له في العجز دون الموت حين لم يتم للعبد بالعتق
الذي وضع له من أجله من حقه فرجع التخيير له حين عاد العبد رقيقا.
وقال عبد الملك لا يجوز لهما اقتسام ما على المكاتب كما يجوز في دين
الأجنبي حتى يدخل فيما اقتضى منه صاحبه، وكذلك العبد في كسبه لا يقتسماه
ولا يعامل فيه أحدهما دون الأخر، وكذلك روي عن ابن القاسم في العتبية (1)
أنه لا يجوز لهما اقتسام ما على المكاتب، كما قال مالك أنه لا يبيع
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 245.
(13/114)
أحدهما نصيبه من الكتابة دون صاحبه إلا أن
يبيعا جميعا، فلا تجوز القسمة إلا فيما يجوز بيعه.
وفي موضع آخر من كتاب محمد أن قسمة ما على المكاتب والمكاتبين جائزة، ولا
يجوز أن يأخذ أحدهما أحد المكاتبين والآخر الآخر، قال وإن كاتبا عبدا على
أن يبدأ أحدهما بالنجم الأول أبداً لم يجز ولا أن [يبدئه ببعضه، وتفسخ
الكتابة لأنه لم يرض بالكتابة إلا بجعل يريده لا يدري ما] (1) يتم به، قال
أشهب يفسخ إلا أن يرضي الشريك بترك ما شرط، وقال ابن القاسم تتم الكتابة
ويبطل الشرط. قال محمد إن لم يكن قبض منها شيئا كما قال أشهب، وإن اقتضى
منها صدرا فإنها تنفذ ويبطل الشرط، ولو قاله أحدهما لصاحبه بعد العجز عنه
جاز ورجع عليه في العجز والموت.
في العتبية (2) روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، إذا أنظر أحدهما وأقتضي
الآخر ثم مات المكاتب وقد اقتضى الذي لم ينظر بعض حقه، فليقسما ما ترك على
قدر ما/ بقي لكل واحد منهما كمال المفلس.
في المكاتب يؤدي ثم يستحق بملك أو بحرية،
ومن جحد عبده العتق ثم استغل أو وطئ
قال ابن حبيب قال أصبغ فإذا عتق المكاتب بالأداء ثم أقام بينه أنه حر من
أصله أو بحنث من سيده، فأما الحر من أصله فليرجع على سيده بما ودى من
كتابة، أو غلة أو مال انتزعه أو أرش جرح أو كراء إكراه أو مقاطعة، ما عدا
كراء خدمته إياه فقط، وأما إن كانت حرية بحنث والسيد يجحد فلا يرد شيئا من
ذلك، قال: وأخبرني أصبغ عن ابن القاسم إذا عتق بالأداء ثم ثبت أنه حر من
أصله أو أن سيده أعتقه، قبل أن يكاتبه والسيد جاحد، وكيف بما قبض منه من
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ت وص.
(2) البيان والتحصيل، 15: 246.
(13/115)
خراج وغلة ومال أعطيه؟ قال: قال مالك، ذلك
سواء ولا يرجع بشيء منه وذلك كخدمته إياه وعمله له. قال أصبغ: هذا في جحود
السيد، ولو كان مقرا لرد كل ما أخد في عتقه أو في غير عتقه إلا ما استخدمه.
وقال ابن الماجشون: إن كان جاحدا رد إليه كل ما أخذ منه في العتق، وإن كان
مقرا رد ما أخذ كله في العتق وغيره، وفي اختدامه إياه لأنه مقر أنه اختدم
حرا، ولو كانت امة فوطئها بعد عتقه إياها ثم قامت بعتقه بينه وهو يجحد فلا
شيء عليه، وكذلك لو كان عبدا فجرحه أو قذفه، ولو كان مقرا لزمه الحد في
قذفه، والقصاص في جرحه، والحد في الوطء، وصداق المثل/ قاله كله ابن
الماجشون، وكل ما وقع من ذلك بينه وبين أجنبي مما له أو عليه من حد أو جرح
فله في ذلك حكم الحر كان سيده مقرا بعتقه أو جاحدا، قال أصبغ: وقال مثله
كله ابن القاسم.
ومن كتاب ابن المواز قال، ومن كاتب عبده بخمسمائة دينار فودى مائتين، ثم
استحق نصفه بحرية، فالعبد في نصفه الباقي مخير، إن شاء مضى على كتابته
فيكون عليه خمسون (1) ومائة، فيقسم ذلك على النجوم، فإذا وداها خرج حراً،
وإن شاء الله كان نصفه رقيقا، إذ لا يكاتب نصف عبد نصفه حر إلا برضاه، قال
احمد: لا خيار له إلا بعجز بين، وإن كان قويا فليعجز نفسه، وإذا استحق رجل
نصفه بملك ثم أراد إمضاء الكتابة فذلك له، وليس له مما قبض الأول شيئا،
وإنما له نصف ما بقي من الكتابة من يوم استحقه، وإن أحب رد الكتابة فذلك له
ولا شيء له فيما قبض الأول، ولو لم يستحق بملك ولا بحرية حتى قبض السيد
جميع الكتابة، لم يكن عليه رد شيء منها، إلا أن يكون إنما أخذ ذلك ممن كان
في يديه، وكذلك كل غلة وخدمة لا يرجع بها، استحق كله أو بعضه، وفي باب من
وطئ مكاتبته من هذا شيء.
__________
(1)
(13/116)
فيمن ودى كتابته أو بعضها أو قطاعة
ثم استحق ما دفع
قال ابن حبيب، قال أصبغ، قال ابن القاسم، ومن كاتب عبده على عبد موصوف أو
قاطعه عليه وهو مكاتب/ أو قن (1) ثم استحق أو وجد به عيبا فرده فليرجع مثله
ولا يرد عتق المكاتب أو العبد، ولو كان بعينه رجع بقيمته ولم يرد العتق.
واختلف قول ابن القاسم في مقاطعته لعبد عنده فقال يرجع عليه بقيمته كقوله
في المكاتب، وقال لا يرجع عليه بشيء ويجعله كالانتزاع ويمضي حرا، وبهذا قال
أصبغ، وسواء قال أعتقتك عليه أو بعتك نفسك به، أو انتزاعه منه واعتقه، وهو
بخلاف المكاتب، وقاله ابن حبيب.
في العتبية (2) روى أشهب عن مالك في مكاتب قاطع سيده في بقية كتابته بعبد
قبضه منه فاستحق مسروقا فليرجع بقيمة ما أخذ منه ما كان، وقال في المكاتب
يقاطع سيده على شيء استرفعه أو ثياب أستودعها، ثم يعترف ذلك ربه فيأخذه،
أيعتق المكاتب هكذا بالباطل؟ لا يؤخذ الحق بالباطل.
قال ابن المواز: واختلف قول ابن القاسم فيمن قاطع عبده على عبد فاستحق، قال
لا شيء عليه كالانتزاع، وإن كان موصوفا رجع بمثله، ثم رجع فقال لو كان عبدا
بعينه فوجد به عيبا لرده ورجع بقيمته، وقاله أشهب، وإنما لا يرجع فيما
أعتقه، واستثناه لا على المبايعة والمكايسة.
وفي كتاب العتق باب من وهب لعبده خدمته أو باعه من نفسه بيعا فاسدا، أو
بشيء فاستحق، أو وجد به عيباً.
__________
(1) القن: عبد ملك هو وأبواه وهو بلفظ واحد للمذكر والمؤنث والمفرد والجمع
وقد يجمع على أقنان وأقنة.
(2) البيان والتحصيل، 15: 222.
(13/117)
في جناية المكاتب وجناية سيده
/ ووطئه لمكاتبته غصبا
وهذا الباب موعب في كتاب الجنايات بما فيه الكفاية
في العتبية (1) روى عيسى بن دينار عن ابن القاسم، في ثلاثة عبيد في كتابة
واحدة جنى أحدهم جناية، فيقول له أد جنايتك، فإن لم يقو قيل لمن بقي أدوا
الجناية وقوموا بنجومكم وإلا عجزتم، فإن لم يقوموا عجزوا ورق الاثنان، ثم
يخير السيد فإما فدى الجاني أو سلمه، فإن أدوا عنه الجناية رجع بها عليه من
وداها بعد العتق، وإن كان ممن يعتق عليه بخلاف الكتابة.
ومن كتاب ابن المواز ومن شج مكاتبه موضحة فإنه يضع عنه نصف عشر قيمته لو
وقف يباع ويحسب له في آخر كتابته، وإن قتل السيد مكاتبا لمكاتبه فليغرم لو
قيمته معجلا، فإن كان عديما بيعت كتابة الأعلى في ذلك، ويبقى مكاتبا كتابة
كما هو، فإن لم يفي بذلك أتبعه بما بقي دينا، وإذا وطئ المكاتب مكاتبته
غصبا، فقال أشهب، إن كانت ثيبا فلا شيء عليه لأنه لا ينقصها، وعليه في
البكر ما نقصها يحبسه في آخر كتابته، وقال ابن القاسم عليه ما نقصها ولم
يذكر بكرا ولا ثيبا، وكذلك أمته وامة عبده، قال ابن حبيب عن أصبغ عن ابن
القاسم عن مالك في مكاتب قتل مدبرا خطأ، فإن ودى قيمته بقي على كتابته،
وإلا عجز وخير سيده فإما فداه بقيمة المدبر وبقي له رقاً، أو أسلمه لسيد
المدبر فيكون له رقا، ولو قتل مدبر مكاتبا خطأ، خير سيده فإما فداه بقيمة
المكاتب،/ ويبقى له مدبرا وإلا أسلم خدمته فاختدمه سيد المكاتب في قيمته،
فإن مات سيده عتق في ثلثه وأتبعه سيد المكاتب بما بقي له من قيمة المكاتب،
وإن حمل بعضه أتبع ذلك البعض بحصته مما بقي، وخير الورثة، فإما أسلموا أو
يفدوه رقا،
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 240.
(13/118)
[وإذا كان للمدبر مال يؤدي به فقبضه سيد
المكاتب ثم ما بقي من قيمته يكون فيه العمل على ما وصفت، وقاله كله مطرف
وابن الماجشون] (1).
في ردة المكاتب، وفي نصراني كاتب
عبده على خمر ثم أسلم أحدهما
من كتاب ابن المواز، وإذا ارتد المكاتب فقتل ومعه في الكتابة ولد وأم ولد،
فإن كان ما ترك لا وفاء فيه دفع إلى ولده إن كانوا أمناء، وقد بلغوا فيقوون
به على السعي، وتسعى معهم أم ولد أبيهم، فإن لم يكن الولد أمناء وأم ولد
أبيهم أمينه دفع إليها المال وسعت، فإذا استوفى الكتابة عتقوا وعتقت، كانت
أمهم أو غير أمهم، ولو ترك وفاء بالكتابة وفضلا كان جميع ذلك للسيد، وهم
وأم ولده أحرار، ولا يرث ولده [من ذلك شيئا لاختلاف الدينين، ولا يرجع
عليهم السيد بشيء مما عتقوا به من مال الأب] (2)، ويرجع على الأجنبي، قال
أحمد، لأن سيده ورثة بالرق ولم يرثه الولد لردة، ولم يتبع بمن عتق لأنه
يعتق عليه بالسنة، قال ابن حبيب قال أصبغ، في مكاتب النصراني تسلم أم ولده
وقد ولدت/ منه بعد الكتابة، قال توقف، فإن عتق عتقت بإسلامها، أو تعجز
فتباع عليه، وما لم يعتق فله إن خاف العجز بيعها إن شاء ذلك المكاتب، وإن
لم يطلب بقيت موقوفة.
في العتبية (3) قال سحنون في النصراني يكاتب عبده النصراني بمائة قسط من
خمر ثم يسلم المكاتب بعد أن ودى نصف الخمر، قال على المكاتب نصف قيمة الخمر
بعينه عبدا، ويكون عليه نصف كتابة مثله في قوته على السعاية. وكذلك لو كان
كما أسلم السيد، فالجواب سواء، وذكر ابن حبيب مثله عن ابن القاسم، إلا أنه
قال يكون عليه نصف ما في كتابه مثله، فإن لم يف نصف الخمر والخنازير طالبه
بنصف كتابة مثله إن ثلث فثلث او ربع فربع.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(3) البيان والتحصيل، 15: 278.
(13/119)
مسائل مختلفة من
المكاتب
في العتبية (1) من سماع ابن القاسم قال مالك في الذين يرون الاستسعاء خطأ
يقولون كيف تصنعون بالصبي وبالجارية لا يقويان على العمل؟
قال مالك: ومن كوتب على دراهم نجمت عليه، فجاء بها عدداً ولم يشترط عليه
كيلا ولا عددا، وطلب أهله كيلاً، قال إذا اعطاهم دراهم وازنة عددا فليس لهم
إلا ذلك قال مالك في قوم يقتسمون الصدقة أنه لا بأس أن يعطوا منها مكاتبا
ما يعتق به، وغيره أحب إلى، قال مالك كان الناس قد تسرعوا المغيرة بن زياد،
يعني مولى ابن عباس في كتابته ففضل له مال كثير فرده إلى من أعطاه بالحصص
وكتب/ أسماءهم عنده فكان يدعو لهم حتى مات.
قال مالك في مكاتب كان يبيع لسيده في ماله، وكان رجل دفع إلى سيده سلعة
يبيعها له فزعم المكاتب أنه قد باعها وحاسب سيده ثمنها وقبضه منه، قال لا
يلزم المكاتب شيئا من ثمنها.
تم كتاب المكاتب
بحمد الله وعونه وتوفيقه
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 216.
(13/120)
|