شرح التلقين

فصل في بيع الثّنيا
ذكر في المدوّنة بعد مسئلة البيع والسلف، الّتي أشبعنا القول فيها، الحكم فيمن باع سلعة من رجل على أنّ البائع متى جاء بالثّمن ارتجع سلعته. فقال في المدوّنة: إنّ البيع فاسد (1).
ويتعلّق بهذه المسئلة ما ننبّهك عليه. فمن ذلك ..
1 - ما علّة فساد هذا البيع؟
2 - والثّاني هل يصحّ هذا البيع بإسقاط الشّرط كما صحّ ذلك في إسقاط السلف كما تقدّم؟
3 - والثالث هل تجري هذه المسئلة مجرى الرَّهان في الضّمان والاغتلال أم مجرى البياعات الفاسدة؟
4 - والرّابع أن يقال: ما الفرق بين هذه المسئلة وبين ما اشترط أنّه إن لم يأت بالثّمن، فلا بيع بينهما؟

فالجواب عن السؤال الأوّل أن يقال: أمّا علّة فساد هذا البيع، فإنّ عبارات أهل المذهب اختلفت. فعلّل في المدوّنة أنّ المنع لكون ذلك بيعًا وسلفًا (1).
وأنكر سحنون هذا التّعليل، وقال: بل هو سلف جرّ منفعة. واعتذر بعض الأشياخ عن عبارة المدوّنة، فقال: المراد أنّه يكون تارة سلفًا وتارة بيعًا. إن لم يأت بالثّمن كان ذلك بيعًا، وإن ردّ الثّمن، كان ذلك سلفًا. ويكون على هذا التّأويل
__________
(1) المدونة ج 3/ ص 194.

(2/386)


حرف الواو ها هنا بمعنى أو، فالمراد أنّه بيع أو سلف على حسب ما صوّرناه.

والجواب عن السؤال الثّاني أن يقال: إذا أسقط البائع هذا الشّرط وأمضى البيع على أنّه لا حقّ له في السلعة إذا جاء بالثّمن، فإنّ في الموّازيّة أنّ البيع يصحّ بإسقاط هذا الشّرط. وأجرى إسقاط هذا الشّرط ها هنا مجرى إسقاط السلف في كون البيع يصحّ بإسقاطه في المشهور من المذهب. لكن ابن الموّاز لمّا حكى هذه الرّواية حكايته مطلقة تداركها بأن قال: إذا رضي المشتري بذلك.
واستدرك عليه الشّيخ أبو محمّد بن أبي زيد هذا الاستدراك فقال: بعد فسخ العقد الأوّل، وتراضيهما بذلك.
وقد كنّا قدّمنا في الكلام على صحّة البيع بإسقاط السلف أنّ هذا الشّرط المفسد للبيع فساده خارج عن الثّمن والمثمون، فلهذا صحّ البيع بإسقاطه، وبسطنا الكلام على هذا الوجه وما يتعلّق به. وها هنا قد لا يتصوّر في هذه المسئلة مثل هذا الاعتذار لأنّ الفساد ها هنا في نفس الثّمن، وكونه قد تخاطرا فيه بأن جعلاه تارة ثمنًا وتارة سلفًا. ويمكن أن يقدّر فيه أنّ البائع لو علم أنّه يعسر عليه ردّ الثّمن لم يبعها إلاّ بالأكثر مِمّا باعها به. ولو علم المشتري أنّه يشتريه بلا بدّ ما اشتراها به، فعاد التْخاطر ها هنا إلى نفس الثّمن. بخلاف فساد البيع الّذي قارنه السلف لكون الفساد هناك خارج عن الثّمن والمثمون كما تقدّم بيانه. وإذا لم يحاول الفرق بين المسئلتين، كان ما وقع من إطلاق القول في المّوازيّة أنّ هذا البيع يصحّ بإسقاط الشّرط يستغنى فيه عن استدراك ابن الموّاز.
ويكون صاحب هذا المذهب رأى البيع لازمًا للمشتري وإن لم يرض. كما يلزم أيضًا البيع إذا أسقط عنه البائع السلف الّذي اشترط عليه. وإن جرينا على موجب هذا القول وصرفنا الفساد في هذه المسئلة إلى المخاطرة في الثّمن، احتيج إلى استدراك ابن الموّاز. ويقدّر أنّ المشتري لمّا رضي بإسقاط البائع لشرطه، صارا جميعًا كمبتدئيًا (1) عقدٍ استأنفاه على الصحّة، وعلى تراضيهما
__________
(1) هكذا في النسختين، لعل الصواب: كمبتدئيْ.

(2/387)


بهذا، كالإبطال والتّفاسخ للعقد الأوّل. ويقدّر أنّ الشّيخ أبا محمّد بن أبي زيد أنّ رضا المشتري (1) بما أسقطه البائع من شرط لا ينوب عن ما يجب عليهما من فسخ العقد الفاسد، وإنّما محصول ما وقع منهما إمضاء البيع الأوّل مع إسقاط الشّرط الّذي قارنه، فلم يحصل منهما سوى إسقاط الشّرط، والعقد لم يتفاسخاه.
وكان شيخي أبو محمّد عبد الحميد رحمه الله يشير في هذا الأصل إلى الاختلاف في البيع الفاسد، هل هو ليس بعقد لمّا ردّه الشّرع ولا ناقل للملك فلا يفتقر إلى حلّه، أو يقدّر أنّه حصل له شبهة العقد، فيفتقر لأجل ذلك إلى التّراضي بفسخه.

والجواب عن السؤال الثّالث أن يقال: قد أوقع في المدوّنة على هذا البيع تسمية كونه بيعًا. واعتلّ لفساده بأنه لا يجري مجرى الرّهان، بل يجري مجرى البياعات الفاسدة. وقد وقع في المستخرجة فيمن باع أرضًا على أنّه متى جاء بالثّمن ارتجعها، فبنى المشتري فيها أو غرس، أن ذلك فوت، والغلاّت للمشتري لكونه ضامنًا لها. لكن وقع أيضًا في رواية أخرى فيمن اشترى حائطًا فبنى فيه وحفر، أنّ الغلاّت له, لأنّ ضمانه منه، ويردّ الحائط على بائعه ويغرم البائع ما أنفق المشترى في البناء والحفر.
فقد اتّفقت هاتان الرّوايتان على أنّ ذلك لا يجري مجرى الرّهان في الاغتلال ولا في الضمان. لكن اختلف في حكم ما أحدث المشتري فيها، فقيل: إنّه فوت، كما يكون ذلك فوتًا في سائر البياعات الفاسدة. وقيل: لا يكون فوتًا, لأنّ سائر البياعات الفاسدة تعاقد فيها البائع والمشتري على أنّ الملك يتأبّد للمشتري ولا يرجع إلى البائع. وها هنا دخلا على أنّ الملك لا يتأبّد للمشتري، بل هو موقوف على خيَرة البائع متى شاء ردّ السلعة إلى ملكه ودفع ثمنها. فوقع إحداث المشتري لما أحدثه. وهو يُجوِّز أن يكون البائع يرتجع ملكه، فصار كمسقط حقّه في التّفويت.
__________
(1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: يرى أن رضا المشتري.

(2/388)


هذه الطّريقة في كون هذا العقد بيعًا هي المعروفة من المذهب. وحكي عن الشّيخ أبي الحسن القابسي، رضي الله عنه، أنّه أجرى ذلك مجرى الرّهان، واعتذر عنه بعض المتأخّرين بأنّه لمّا كثر عند أهل إفريقيّة، الّتي كان ساكنًا بها، القصدُ في هذا إلى إحكام الإرتهان بأن يقول أحد الرّجلين للآخر: أسلفني كذا، وأعطيك جناني تغتلّ منه ما أسلفتني (1)، فمتى جئتُ بما أسلفتني أخذتُ جناني. وهذا يتّضح فيه إجراء ذلك على أحكام الرّهان إذا علم أنّ قصد المتعاقدين على ذلك الارتهان لا التّبايع. وهكذا ذكر ابن شبلون، رحمه الله، أنّه مال إلى طريقة الشّيخ أبي الحسن رحمه الله. لكن نقل غير هؤلاء عن الشيخ أبي الحسن أنه فصّل القول في ذلك، فرأى أنّ هذا إذا ضرب فيه أجل، فإنّ هذا الحكمُ فيه أن يكون المبيع على هذه الصفة يجري مجرى الرّهان قبل الأجل في الضّمان والغلّة، ومجرى البياعات الفاسدة بعد ذهاب الأجل. وذكر الشّيخ أبو بكر بن عبد الرّحمان رحمه الله، أنّه قال للشّيخ أبي الحسن، كالمنكر عليه هذا التّفصيل: إنّ الرّواية في هذا أن الحكم لا يختلف، ضرب لذلك أجل أو لم يضرب، فكيف خالف (2) الرّواية؟ فقال معتذرًا عن ذلك: لابن حبيب في هذا شيء. يشير إلى موافقة ابن حبيب له في هذه الطريقة. وقد رأى بعض المتأخّرين أنّ هذا التّفصيل يشير إليه ذكره في كتاب الرّهن في المدوّنة فيمن ارتهن رهنا واستدان عليه دينًا إلى أجل على أنّ الرّاهن إن لم يأت بالدّين عند حلول الأجل فإنّ الرّهن يكون لقابضه بما ارتهن فيه. وقد ذكر في المدوّنة أنّه قبل الأجل يجري مجرى الرّهان، وبعد الأجل يجري مجرى البيوع الفاسدة (3). ومن المتأخّرين من منع من استقراء ما ذهب إليه الشيخ أبو الحسن من هذه المسئلة، وقال: فإنّ البائع سلعته، على أنّه متى جاء بالثّمن ارتجعها، أخرجها من ملكه، وشرط رجوعها إلى ملكه بأمر يفعله وهو إتيانه بالثّمن، فغلبت فيها أحكام
__________
(1) كذا, ولعل الأوْلى: بما أسلفتني.
(2) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: خالفتَ.
(3) المدونة ج 4/ ص 164.

(2/389)


البياعات الفاسدة. ومسئلة كتاب الرّهن أبقاها الرّاهن على ملكه إلى الأجل، وإنّما عقد على نفسه إخراجها من ملكه إذا حلّ الأجل. فشتّان ما بين من ألزم نفسه خروج السلعة من ملكه حتّى يرتجعها بفعل يفعله، وبين من أبقاها على ملكه لا تخرج منه إلاّ بفعل يفعله بعد ذلك.
فإذا تقرّر حكم هذا البيع الّذي وقع في عقد هذا الاشتراط أنّه متى أعاد البائع الثّمن (1) أحقّ بما باع، فإنّ ذلك لو وقع بعد صحّة العقد وكونه عاريًا حين انعقاده من هذا الشّرط، فكان (2) ذلك جائزًا إذا قصد المشتري السلعة من غير شرط المعروف والإحسان إلى البائع، بأن يمكنه من الإقالة إذا أعاد الثّمن, لأنّ المقصود يحيل أحكام العقود. وهذا الاشتراط لم يقع عن معاوضة، لكن مجراه مجرى المعروف والهبات، فلم يمنع. لكن المبيع لو كان جارية مرتفعة، لم يحسن هذا فيها لكون المراد منها الوطء، ولأجل ذلك تشترى ولا يحسن وطء فرج وفيه حقّ لأحد. ولأجل هذا لم يحسن هذا الشّرط في هذه، بخلاف الوخش من الإماء وذُكْرَانِ العبيد وغير ذلك من العروض والسلع.
وهذا الشّرط الواقع بعد العقد على جهة المعروف، إن وقع غير مؤقّت وباع مشتري السلعة هذه السلعة الّتي وعد البائع بردّها عليه إذا أعاد الثّمن عليه، إذا وقع ذلك قولًا مطلقًا غير مؤقّت بزمن محدود، فإنّه إن باعها المشتري قبل أن يعيد البائع الثّمن إليه، فإنّ بيعه ماض. وإن أجّل لهذا الوعد أجلًا، فإنّ أصبغ ذكر أنّه منهيّ عن بيعها قبل الأجل ومأمور بالوفاء بالشّرط. وظاهر كلامه عندي يقتضي ردّ بيعه. وإن كان بعض أشياخي رأى أنّ الأولى إمضاء بيعه، وإن أجّل لهذا الشّرط أجلًا, لأنّه ولو أجّله، لم يخرج التّأجيل عن أحكام المعروف.
والهبة إذا بيعت، نفذ البيع فيها. وهذا الّذي أشار إليه يجري على الاضطراب الّذي في الهبة إذا بيعت على حسب ما ذكر في المدوّنة وغيرها مِمّا سنبسط القول فيه، إن شاء الله تعالى.
__________
(1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: كان أحقّ.
(2) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: لكان.

(2/390)


هذا حكم الشّرط في قسمين أحدهما اشتراطه مقارنًا لعقد معاوضة.
والثّاني اشتراطه بعد البيع من غير معاوضة.
لكن يتصوّر في هذا قسم آخر وهو مقارنة هذا الشّرط لعقد معاوضة وقع أيضًا على جهة المعروف. كالمشتري لسلعه استقاله بائعها، فامتنع أن يقيله إلاّ بشرط أنّه إن باعها بعد رجوعها إليه بحكم الإقالة، فإنّه أحقّ بها بالثّمن الأوّل.
فإن هذا وقع في الرّواية الإشارة إلى أنّ له نقض البيع إذا باعها من رجعت إليه لكون المشتري المقيل إنّما قال (1) على جهة المعروف، فلم يمنع هذا لمّا لم يقصد به المخاطرة والمكايسة، ولم يسقط أيضًا حقّه في نقض هذه الإقالة إذا باعها المستقيل الّذي رجعت إليه، فإنّ المقيل أحقّ بها بالثّمن. فربّما أشارت هاتان الرّوايتان إلى اختلاف في هذا الأصل، هل يكون للمقيل، بشرط أنه أحقّ بها، نَقْضُ هذا البيع أم لا؟ ويمكن أن يقال: إنّه لمّا وقع الشّرط بأنّه أحقّ بها بما يبيعها به، أشعر ذلك بأنّ المراد كونه أحقّ بالثّمن الّذي سمّاه بخلاف قوله: إنّه أحقّ بها بالثّمن الّذي وقعت عليه الإقالة.
هذا حكم البيع الواقع بعد حصول هذا الشّرط، وقد وقع الشّرط على جهة المعروف بعد انعقاد البيع أو مقارنا للإقالة الّتي قصد بها المعروف. وأمّا لو وقع البيع في العقد الذي قارنه الشّرط وعقد على المكايسة كما وقع في المدوّنة، لنفذ البيع في المشهور من المذهب لأنّه بيع صحيح عقد في سلعة بيعت بيعًا فاسدًا، وذلك مِمّا يفيت البيع الفاسد. لكن على طريقة سحنون الّذي يرى أنّ البيع الصحيح لا يفيت البيع الفاسد المجمع على فساده، ولا يقع الفوت بهذا البيع ها هنا إذا كان مجمعًا عليه عند من يرى خلافه (2).
والجواب عن السؤال الرّابع أن يقال: ذكر في المدوّنة فيمن باع سلعة على أنّه إن لم يأت بالثّمن إلى ثلاثة فلا بيع بينهما، أنّ البيع ماض والشّرط باطل.
__________
(1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: أقال.
(2) هكذا في النسختين. والمعنى غير واضح، فلعل في الكلام نقصًا أو تحريفًا. ولعله فلا يقع الفوت.

(2/391)


فيقال له: فرقٌ بين حكم هذا السؤال وسؤال من باع على أنّه متى أعاد الثّمن ارتجع المبيع، مع كونهما يجتمعان في أنّهما بيعان عقدا إلى غاية ينحل البيع عندها بأن يعيد هذا الثّمن أو يتأخّر هذا عن دفع هذا الثّمن. فيقال: أمّا بعض أشياخي، فيشير إلى أن لا فرق بينهما. ويُجري الاختلاف فيهما (من بعضهما بعضًا) (1). ويرى أنّ الشّروط الفاسدة إذا قارنت البيع يُختلف فيها، هل يمضي البيع ويسقط الشّرط، أو يفسخ البيع وشرطه، أو يخيّر من له الشّرط في إسقاط شرطه، فيمضي البيع، أو يتمسّك به، فيردّ البيع.
وقد اختلف في هذه المسئلة أيضًا، فقيل: البيع فاسد. وقيل: هو كبيع الخيار يعتبر فيه الأمد، إلى غير ذلك مِمّا سنبسطه إذا أفردنا هذه المسئلة بالكلام عليها في كتاب البيوع الفاسدة، إن شاء الله تعالى.
وقال قوم من الأشياخ: بينهما فرقان، وذلك أن من باع على أنّه متى أعاد الثّمن ارتجع المبيع، الملك ثابت له قبل البيع ثبوتًا مستقرًّا لا شكّ فيه. وهذا البيع الّذي عقد لم يخرج الملك من يده خروجًا محقّقًا لمّا صرَف حلّه إلى مشيئته، فمتى شاء حلّ هذا البيع، بأن يردّ الثمن، فصحّ أن يتسلّط الفسخ على هذا الملك الّذي انتقل على هذه الصفة. والّذي باع بشرط إن لم يأت المشتري بالثّمن انحلّ البيع، قد خرج من يده ملكه خروجًا لا قدرة له على استرجاعه، وإنّما جعل حلّ عقده وردّ المبيع إلى ملك بائعه إذا شاء أن يتأخّر بالثّمن.
فكأنّه كبيع خيار العقد في أحد الجهتين، فبقي محلولًا في الجهة الأخرى.
ولهذا قال بعض أصحاب مالك، رضي الله عنه إنّ هذا يجري مجرى بيع الخيار، ويعتبر في فساده وصحّته مقدار الأجل المضروب فيه. ويؤكّد هذا الفرق عند هؤلاء ما فرّق به مالك بين من جعل أمر زوجته بيدها إن تزوّج عليها، أو فعل فعلًا إيقاعه أو تركه بيده، فإنّ ذلك لا يفسد النّكاح ولا يؤثّر ضعفًا في ملكه للفرج حتّى يمنعه الوطءَ، بخلاف أن يجعل
__________
(1) هكذا في النسختين.

(2/392)


الأمرَ فيها موقوفًا على فعل يفعله غيره، وهو يترقّبُ (1) هل يوقع غيره ذلك الفعل أم لا؛ فإنّ هذا الشّرط يفسد النّكاح لمّا أضعف ملكه للفرج.
ومن الأشياخ من سلك في الفرق طريقة أخرى، فقال: إنّ المشترط أنّه متى أعاد الثّمن ارتجع سلعتَهُ قد انتقد الثّمن انتقادًا فيه مخاطرة، كما بيّناه فيما تقدّم، ففسد البيع لأجل هذه المخاطرة. وهذه المسئلة الأخرى لم يقع فيها انتقاد، فيؤثّر ذلك فسادًا في العقد، على حسب ما كنّا أشرنا إليه في مسئلة البيع والسلف من افتراق الشّروط المؤثّرة في الثّمن والمثمون أو الّتي لا تؤثّر.
وقدح بعضهم في هذا الفرق بأن قال: إن لم يثبت القدح في هذه المسئلة من جهة الثّمن، وانتقادِه على صفة فيها تخاطر ثبت من جهة كون البائع حابسًا للسلعة حبسًا منهيًّا عنه في أصل العقود. وسنبسط نحن الكلام على هذا الوجه إذا تكلّمنا على المسألة بانفرادها إن شاء الله تعالى.
__________
(1) في الوطنية: يتوقف.

(2/393)