مواهب
الجليل في شرح مختصر خليل ط دار الفكر [فَصَلِّ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ
الْعِبَادَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى]
(فَصْلٌ) وَالصَّلَاةُ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ
بِاَللَّهِ - تَعَالَى - وَقَدْ وَرَدَ فِي فَضْلِهَا وَالْحَثِّ عَلَى
إقَامَتِهَا وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا وَمُرَاعَاةِ حُدُودِهَا
الْبَاطِنَةِ آيَاتٌ وَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ. وَحِكْمَةُ
مَشْرُوعِيَّتِهَا التَّذَلُّلُ وَالْخُضُوعُ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ -
عَزَّ وَجَلَّ - الْمُسْتَحِقِّ لِلتَّعْظِيمِ، وَمُنَاجَاتُهُ - تَعَالَى
- بِالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، وَتَعْمِيرُ الْقَلْبِ
بِذِكْرِهِ، وَاسْتِعْمَالُ الْجَوَارِحِ فِي خِدْمَتِهِ.
وَالصَّلَاةُ عَلَى سِتَّةِ أَقْسَامٍ فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ وَهِيَ
الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ بِشُرُوطِهَا. وَفَرْضٌ عَلَى
الْكِفَايَةِ وَهِيَ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ مِنْ
الْقَوْلَيْنِ الْمَشْهُورَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ.
وَسُنَّةٌ وَهِيَ الْوِتْرُ وَالْعِيدَانِ وَكُسُوفُ الشَّمْسِ وَخُسُوفُ
الْقَمَرِ وَالِاسْتِسْقَاءُ وَالرُّكُوعُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَسَجَدَتَا
السَّهْوِ، وَكَذَلِكَ رَكْعَتَا الطَّوَافِ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ
وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمَشْهُورَيْنِ فِيهِ
وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا
(1/380)
صَلَاةٌ. وَفَضِيلَةٌ وَهُوَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَرَكْعَتَا الشَّفْعِ
وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَقِيَامُ اللَّيْلِ وَقِيَامُ رَمَضَانَ وَهُوَ
أَوْكَدُ وَالتَّنَفُّلُ قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهَا وَقَبْلَ الْعَصْرِ
وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ وَالضُّحَى بِلَا حَدٍّ فِي الْجَمِيعِ عَلَى
الْمَشْهُورِ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِحْيَاءُ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ
وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَرَكْعَتَا الِاسْتِخَارَةِ
وَرَكْعَتَانِ عِنْدَ الْخُرُوجِ لِلسَّفَرِ وَعِنْدَ الْقُدُومِ مِنْهُ
وَعِنْدَ دُخُولِ الْمَنْزِلِ وَعِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ وَرَكْعَتَانِ
لِمَنْ قُرِّبَ لِلْقَتْلِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، أَوْ
غُرُوبِهَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي، وَرَكْعَتَانِ
عِنْدَ التَّوْبَةِ وَرَكْعَتَانِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَرَكْعَتَانِ عِنْدَ
الدُّعَاءِ وَبَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ إلَّا فِي الْمَغْرِبِ،
وَصَلَاةُ التَّسْبِيحِ عَلَى مَا ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي
قَوَاعِدِهِ وَسَمَّى ابْنُ رُشْدٍ مَا بَعْدَ قِيَامِ رَمَضَانَ نَافِلَةً
وَجَعَلَهُ أَحَطَّ رُتْبَةً مِنْ الْفَضِيلَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ جَمِيعَ
مَا ذَكَرْنَاهُ. وَمَكْرُوهَةٌ وَهِيَ الصَّلَاةُ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى
تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ قَيْدَ رُمْحٍ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى
تُصَلَّى الْمَغْرِبُ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ
وَقَبْلَ الْعِيدَيْنِ وَبَعْدَهُمَا إذَا صُلِّيَتَا فِي الصَّحْرَاءِ
بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ لِسَفَرٍ، أَوْ مَطَرٍ، أَوْ
بِعَرَفَةَ، أَوْ مُزْدَلِفَةَ. وَمَمْنُوعَةٌ وَهِيَ الصَّلَاةُ عِنْدَ
طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ الْغُرُوبِ وَمِنْ حِينِ يَخْرُجُ الْإِمَامُ
لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ إلَى أَنْ يَفْرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ، وَتَنَفُّلُ
مَنْ عَلَيْهِ فَوَائِتُ، وَابْتِدَاءُ صَلَاةِ فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ
إذَا كَانَ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ يُصَلِّي، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى
جَمِيعِ ذَلِكَ مُفَصَّلًا فِي مَحَالِّهِ، وَلِلصَّلَاةِ شُرُوطٌ
وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا مِنْهَا: الطَّهَارَةُ وَتَقَدَّمَتْ فِي
كِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا ثُمَّ اُفْتُتِحَ
كِتَابُ الصَّلَاةِ بِالْكَلَامِ عَلَى الْأَوْقَاتِ؛ لِأَنَّ دُخُولَ
الْوَقْتِ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ
وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ شَرْطًا فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَصِحَّتِهَا
وَالتَّحْقِيقُ مَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ لِصِدْقِ حَدِّ السَّبَبِ
عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ
الْعَدَمُ لِذَاتِهِ نَعَمْ قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي الْعِلْمِ بِدُخُولِ
الْوَقْتِ شَرْطٌ أَيْ: فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فَيَتَعَيَّنُ
الِاهْتِمَامُ بِمَعْرِفَةِ وَقْتِ الصَّلَاةِ إذْ بِدُخُولِ الْوَقْتِ
تَجِبُ وَبِخُرُوجِهِ تَصِيرُ قَضَاءً فَقَالَ: |