مواهب
الجليل في شرح مختصر خليل ط دار الفكر [الْعَقِيقَة]
[فُرُوعٌ إذَا ذَبَحَ الْعَقِيقَةَ أَوْقَعَ عَلَيْهِ الِاسْمَ]
(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) : قَالَ فِي الْمَدْخَلِ فِي فَصْلِ ذِكْرِ
النِّفَاسِ، وَيَنْبَغِي إذَا كَانَ الْمَوْلُودُ مِمَّنْ يَعُقُّ عَنْهُ،
فَلَا يُوقِعُ عَلَيْهِ الِاسْمَ الْآنَ حَتَّى يَذْبَحُ الْعَقِيقَةَ،
وَيَتَخَيَّرُ لَهُ فِي الِاسْمِ مُدَّةَ السَّابِعِ، وَإِذَا ذَبَحَ
الْعَقِيقَةَ أَوْقَعَ عَلَيْهِ الِاسْمَ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلُودُ لَا
يُعَقُّ لِفَقْرِ وَلِيِّهِ، فَيُسَمُّونَهُ مَتَى شَاءُوا انْتَهَى،
وَنَقَلَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ عَنْ التَّادَلِيِّ وَأَصْلُهُ
لِلنَّوَادِرِ فِي بَابِ الْعَقِيقَةِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ ابْنُ
عَرَفَةَ: وَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ وُجُوبُ التَّسْمِيَةِ سَمِعَ ابْنُ
الْقَاسِمِ: يُسَمَّى يَوْمَ سَابِعِهِ ابْنُ رُشْدٍ لِحَدِيثِ «يُذْبَحُ
عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ وَيُسَمَّى» وَفِيهِ سَعَةٌ لِحَدِيثِ
«وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلَامٌ فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إبْرَاهِيمَ»
«وَأُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَبْدِ
اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ صَبِيحَةَ وُلِدَ فَحَنَّكَهُ وَدَعَا لَهُ
وَسَمَّاهُ» ، وَيُحْتَمَلُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْعِ تَأْخِيرِ
التَّسْمِيَةِ عَنْ سَابِعِهِ فَتَتَّفِقُ الْأَخْبَارُ، وَعَلَى قَوْلِ
مَالِكٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا بَأْسَ أَنْ تُتَخَيَّرَ لَهُ
الْأَسْمَاءُ قَبْلَ سَابِعِهِ، وَلَا يُسَمَّى إلَّا فِيهِ، ثُمَّ قَالَ
الْبَاجِيُّ: مِنْ أَفْضَلِهَا ذُو الْعُبُودِيَّةِ لِحَدِيثِ «إنَّ
أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ»
، وَقَدْ سَمَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، وَرَوَى الْعُتْبِيُّ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ
يَتَحَدَّثُونَ مَا مِنْ بَيْتٍ فِيهِ اسْمُ مُحَمَّدٍ إلَّا رَأَوْا
خَيْرًا وَرُزِقُوا الْبَاجِيُّ وَيُمْنَعُ بِمَا قُبِّحَ كَحَرْبٍ
وَحَزْنٍ وَضِرَارٍ وَمَا فِيهِ تَزْكِيَةٌ يَسِيرَةٌ وَمَنَعَهَا مَالِكٌ
بِمَهْدِيٍّ وَقِيلَ فَالْهَادِي قَالَ: هُوَ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الْهَادِيَ
هَادِي الطَّرِيقِ الْبَاجِيُّ وَيَحْرُمُ بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ لِحَدِيثِ
هُوَ أَقْبَحُ الْأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ عِيَاضٌ غَيْرَ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْمِ حَكِيمٍ وَعَزِيزٍ لِتَشْبِيهِهِ
بِأَسْمَاءِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى
جَوَازِ التَّسْمِيَةِ وَالتَّكْنِيَةِ بِأَبِي الْقَاسِمِ وَالنَّهْيُ
عَنْهُ مَنْسُوخٌ انْتَهَى.
وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْهُ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ أَنَّ مَذْهَبَ
مَالِكٍ جَوَازُ ذَلِكَ أَعْنِي التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِمِ سَوَاءٌ
كَانَ الِاسْمُ مُحَمَّدًا أَوْ أَحْمَدَ أَوْ غَيْرَهُمَا وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ. وَقَالَ فِي الْمَدْخَلِ: قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ
أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى: قَدْ دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى
الْمَنْعِ مِنْ تَزْكِيَةِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ
عُلَمَاؤُنَا: وَيَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى مَا قَدْ كَثُرَ فِي الدِّيَارِ
الْمِصْرِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ بِلَادِ الْعَجَمِ وَالْعِرَاقِ مِنْ
نَعْتِهِمْ أَنْفُسَهُمْ بِالنُّعُوتِ الَّتِي تَقْتَضِي التَّزْكِيَةَ
وَالثَّنَاءَ كَزَكِيِّ الدِّينِ وَمُحْيِي الدِّينِ وَعَلَمِ الدِّينِ
وَشِبْهِ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ تَجُوزُ
لَمَا كَانَ أَحَدٌ أَوْلَى بِهَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى. مِنْ فَصْلِ النُّعُوتِ وَذَكَرَ
الْكُنَى الشَّرْعِيَّةِ فِي فَضْلِ عِيَادَةِ الْمَرْضَى وَنَصُّهُ:
وَالْكُنَى الشَّرْعِيَّةِ أَنْ يُكْنَى الرَّجُلُ بِوَلَدِهِ أَوْ
بِوَلَدِ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تُكْنَى بِوَلَدِهَا أَوْ
بِوَلَدِ غَيْرِهَا كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا - حِينَ وَجَدَتْ عَلَى كَوْنِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ
تَتَكَنَّى بِهِ، فَقَالَ لَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
تَكَنِّي بِابْنِ أُخْتِكِ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -»
(3/256)
وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْكُنَى بِالْحَالَةِ
الَّتِي الشَّخْصُ مُتَّصِفٌ بِهَا كَأَبِي تُرَابٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ
وَمَا أَشْبَهَهُمَا انْتَهَى.
(فَائِدَةٌ) : قَالَ فِي الرَّوْضِ الْأُنُفِ: قِيلَ لِأَبِي الرَّقِيسِ
الْأَعْرَابِيِّ لِمَ تُسَمُّونَ أَبْنَاءَكُمْ شَرَّ الْأَسْمَاءِ نَحْوَ
كَلْبٍ وَذِئْبٍ وَعَبِيدَكُمْ بِأَحْسَنِهَا نَحْوَ مَرْزُوقٍ وَرَابِحٍ،
فَقَالَ: إنَّمَا نُسَمِّي أَبْنَاءَنَا لِأَعْدَائِنَا وَعَبِيدَنَا
لِأَنْفُسِنَا يُرِيدُ أَنَّ الْأَبْنَاءَ عُدَّةٌ لِلْأَعْدَاءِ أَوْ
سِهَامٌ فِي نُحُورِهِمْ انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) : تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَتَى بِعَبْدِ
اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ صَبِيحَةَ وُلِدَ فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ»
قَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُسْبَقَ إلَى
جَوْفِ الْمَوْلُودِ الْحَلَاوَةُ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ؛ لِأَنَّهُ
حَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَقَدْ قِيلَ إنَّ الْحَجَّاجَ لَمْ يَرْضَعْ ثَدْيَ
أُمِّهِ حِينَ وُلِدَ، فَأَتَى شَيْخٌ، فَقَالَ: اذْبَحُوا جَدْيًا
وَأَطْعِمُوهُ مِنْ دَمِهِ، وَيَرْجِعُ إلَى الرَّضَاعِ فَفَعَلُوا بِهِ
ذَلِكَ، وَرَضَعَ فَخَرَجَ سَفَّاكًا لِلدِّمَاءِ انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَقَالَ الْجُزُولِيُّ: قِيلَ إنَّ الشَّيْخَ الَّذِي كَلَّمَهُمْ فِي
قَضِيَّةِ الْحَجَّاجِ هُوَ إبْلِيسُ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْأَذَان فِي أُذُنِ الصَّبِيِّ الْمَوْلُودِ]
(الثَّالِثُ) : قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ
فِي بَابِ الْجَامِعِ، وَكَرِهَ يَعْنِي مَالِكًا أَنْ يُؤَذِّنَ فِي
أُذُنِ الصَّبِيِّ الْمَوْلُودِ انْتَهَى. وَالْإِقَامَةُ مِثْلُهُ
وَذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْعَقِيقَةِ وَقَالَ
الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ: اسْتَحَبَّ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ
يُؤَذِّنَ فِي أُذُنِ الصَّبِيِّ، وَيُقِيمَ حِينَ يُولَدُ وَتَقَدَّمَ فِي
أَوَّلِ الْكِتَابِ فِي بَابِ الْأَذَانِ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ
فَرَاجِعْهُ هُنَاكَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
ص (نَهَارًا)
ش: يَعْنِي مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَالْأَفْضَلُ
ذَبْحُهَا ضَحْوَةً قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَسُنَّتُهَا أَنْ تُذْبَحَ
ضَحْوَةً إلَى زَوَالِ الشَّمْسِ وَيُكْرَهُ أَنْ تُذْبَحَ بِالْعَشِيِّ
بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ أَوْ بِالسَّحَرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ،
وَأَمَّا إنْ ذَبَحَهَا بِاللَّيْلِ، فَلَا تُجْزِئُ انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَقَالَ بَعْدَهُ: فَجَعَلَ
الْوَقْتَ عَلَى ثَلَاثَةٍ مُسْتَحَبٌّ: وَهُوَ مِنْ ضَحْوَةٍ إلَى
الزَّوَالِ، وَمَكْرُوهٌ: بَعْدَ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ وَبَعْدَ
طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَمَمْنُوعٌ: وَهُوَ أَنْ
تُذْبَحَ بِاللَّيْلِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: نَصَّ مَالِكٌ فِي الْمَبْسُوطِ عَلَى عَدَمِ
الْإِجْزَاءِ إذَا ذَبَحَهَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَأَخَذَهُ ابْنُ
رُشْدٍ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: يُجْزِئُهُ إذَا
ذَبَحَهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَهُوَ
الْأَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْعَقِيقَةَ لَيْسَتْ مُنْضَمَّةً إلَى صَلَاةٍ،
فَكَانَ قِيَاسُهَا عَلَى الْهَدَايَا أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهَا عَلَى
الضَّحَايَا انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَجَازَ كَسْرُ عِظَامِهَا)
ش: قَالَ التِّلِمْسَانِيُّ: وَلَيْسَ كَسْرُ عِظَامِهَا سُنَّةً، وَلَا
مُسْتَحَبًّا وَقَالَهُ فِي التَّلْقِينِ وَلَكِنْ تَكْذِيبًا
لِلْجَاهِلِيَّةِ وَمُخَالَفَةً لَهُمْ فِي تَحَرُّجِهِمْ مِنْ ذَلِكَ إذْ
لَا فَائِدَةَ فِيهِ انْتَهَى. مِنْ الشَّبِيبِيِّ وَنَقَلَهُ فِي
التَّوْضِيحِ أَيْضًا عَنْ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَزَادَ بَعْدَهُ
وَفِي الْمُفِيدِ إنَّ الْكَسْرَ مُسْتَحَبٌّ لِمُخَالَفَةِ
الْجَاهِلِيَّةِ انْتَهَى.
ص (وَكُرِهَ عَمَلُهَا وَلِيمَةً)
ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ.
[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ وَلَا يَجْعَلَ الْعَقِيقَة صَنِيعًا يَدْعُو النَّاسَ
إلَيْهِ]
(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) : قَالَ الشَّبِيبِيُّ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ:
وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَجْعَلَهَا
(3/257)
صَنِيعًا يَدْعُو النَّاسَ إلَيْهِ،
وَاسْتَحْسَنَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ يُوَسِّعَ بِغَيْرِ شَاةِ الْعَقِيقَةِ
لِإِكْثَارِ الطَّعَامِ وَرَوَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: عَقَقْتُ عَنْ
وَلَدِي فَذَبَحْت بِاللَّيْلِ مَا أُرِيدُ أَنْ أَدْعُوَ إلَيْهِ
إخْوَانِي وَغَيْرَهُمْ، ثُمَّ ذَبَحْتُ لَهُ ضُحًى شَاةَ الْعَقِيقَةِ
فَأَهْدَيْتُ مِنْهَا لِجِيرَانِي وَأَكَلَ مِنْهَا أَهْلُ الْبَيْتِ
وَكَسَّرُوا مَا بَقِيَ مِنْ عِظَامِهَا وَطَبَخُوهُ وَدَعَوْنَا إلَيْهِ
الْجِيرَانَ فَأَكَلُوا وَأَكَلْنَا قَالَ مَالِكٌ: فَمَنْ وَجَدَ سَعَةً
فَلْيَفْعَلْ مِثْلَ ذَلِكَ انْتَهَى.
[الثَّانِي وَافَقَ يَوْمُ عَقِيقَةِ وَلَدِهِ يَوْمَ الْأَضْحَى وَلَا
يَمْلِكُ إلَّا شَاةً]
(الثَّانِي) : قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ مَنْ
وَافَقَ يَوْمُ عَقِيقَةِ وَلَدِهِ يَوْمَ الْأَضْحَى، وَلَا يَمْلِكُ
إلَّا شَاةً عَقَّ بِهَا ابْنُ رُشْدٍ إنْ رَجَا الْأُضْحِيَّة فِي
تَالِيَيْهِ، وَإِلَّا فَالْأُضْحِيَّة؛ لِأَنَّهَا آكِدٌ قِيلَ سُنَّةٌ
وَاجِبَةٌ وَلَمْ يَقُلْ فِي الْعَقِيقَةِ انْتَهَى.
وَنَحْوُهُ لِلَّخْمِيِّ فَإِنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ لِلْأُضْحِيَّةِ
وَالْعَقِيقَةِ أَوْ أَطْعَمَهَا وَلِيمَةً، فَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ:
قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ: قَالَ شَيْخُنَا أَبُو بَكْرٍ الْفِهْرِيُّ إذَا
ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ لَا يُجْزِيهِ،
وَإِنْ أَطْعَمَهَا وَلِيمَةً أَجْزَأَهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ
فِي الْأَوَّلَيْنِ إرَاقَةُ الدَّمِ وَإِرَاقَتُهُ لَا تُجْزِئُ عَنْ
إرَاقَتَيْنِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْوَلِيمَةِ الْإِطْعَامُ، وَهُوَ
غَيْرُ مُنَافٍ لِلْإِرَاقَةِ، فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ انْتَهَى
[الثَّالِثُ الضَّحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ هَلْ يطعم مِنْهَا أَحَدٌ مِمَّنْ
عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ]
(الثَّالِثُ) : قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ
أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الضَّحَايَا: وَسَأَلْتُهُ عَنْ الضَّحِيَّةِ
وَالْعَقِيقَةِ أَيُطْعَمُ مِنْهَا أَحَدٌ مِنْ النَّصَارَى أَوْ
غَيْرِهِمْ مِمَّنْ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ: مَا سَمِعْت ذَلِكَ
وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُطْعِمَ أَحَدًا مِنْهُمْ شَيْئًا قَالَ ابْنُ
رُشْدٍ: مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي رَسْمِ سُنَّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ
الْقَاسِمِ، وَيُشِيرُ بِذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي الْأُضْحِيَّة
عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِطْعَامُ كَافِرٍ فَرَاجِعْهُ هُنَاكَ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الرَّابِعُ ادِّخَارِ لَحْمِ الْعَقِيقَةِ]
(الرَّابِعُ) : قَالَ الشَّبِيبِيُّ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ ادِّخَارِ لَحْمِ
الْعَقِيقَةِ فَقَالَ: شَأْنُ النَّاسِ أَكْلُهُ وَمَا بِذَلِكَ بَأْسٌ
انْتَهَى.
[الْخَامِسُ حُكْمُ لَحْمِ وَجِلْد الْعَقِيقَة]
(الْخَامِسُ) : قَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ: وَحُكْمُ لَحْمِهَا
وَجِلْدِهَا كَالْأُضْحِيَّةِ انْتَهَى.
ص (وَخِتَانُهُ يَوْمَهَا)
ش: أَيْ وَيُكْرَهُ خِتَانُ الْمَوْلُودِ يَوْمَ الْعَقِيقَةِ فَمِنْ بَابِ
أَوْلَى يَوْمَ الْوِلَادَةِ، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَرَاهَتَهُ
فِيهِمَا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ، وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ، وَلَمْ
يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِلْوَقْتِ الَّذِي يُسْتَحَبُّ فِيهِ الْخِتَانُ
وَلِحُكْمِهِ وَحُكْمِ الْخِفَاضِ، فَأَمَّا وَقْتُ اسْتِحْبَابِ
الْخِتَانِ، فَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: مِنْ سَبْعِ سِنِينَ إلَى
عَشْرٍ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ،
وَنَصُّهُ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ: كَرَاهَتَهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ أَوْ
سَابِعَهُ لِفِعْلِ الْيَهُودِ إلَّا لِعِلَّةٍ يُخَافُ عَلَى الصَّبِيِّ،
فَلَا بَأْسَ وَاسْتِحْبَابُهُ مِنْ سَبْعِ سِنِينَ إلَى عَشْرٍ وَرَوَى
اللَّخْمِيُّ يُخْتَتَنُ يَوْمَ يُطِيقُهُ الْبَاجِيُّ اخْتَارَ مَالِكٌ:
وَقْتَ الْإِثْغَارِ وَقِيلَ عَنْهُ مِنْ سَبْعٍ إلَى عَشْرٍ، وَكُلُّ مَا
عُجِّلَ بَعْدَ الْإِثْغَارِ، فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي جَامِعِ الْكَافِي: وَلَا حَدَّ فِي وَقْتِهِ إلَّا أَنَّهُ
قَبْلَ الِاحْتِلَامِ، وَإِذَا أَثْغَرَ فَحَسَنٌ أَنْ يُنْظَرَ لَهُ فِي
ذَلِكَ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُجَاوِزَ عَشْرَ سِنِينَ إلَّا، وَهُوَ
مَخْتُونٌ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَيُسْتَحَبُّ خِتَانُ
الصَّبِيِّ إذَا أُمِرَ بِالصَّلَاةِ مِنْ سَبْعِ سِنِينَ إلَى الْعَشْرِ،
وَيُكْرَهُ أَنْ يُخْتَتَنَ فِي سَابِعِ وِلَادَتِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ
الْيَهُودُ انْتَهَى.
وَأَمَّا حُكْمُهُمَا فَأَمَّا الْخِتَانُ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ:
وَالْخِتَانُ لِلذُّكُورِ سُنَّةٌ التَّلْقِينِ وَاجِبٌ بِالسُّنَّةِ
غَيْرُ فَرْضٍ وَلَمْ يَحْكِ الْمَازِرِيُّ غَيْرَهُ الرِّسَالَةِ سُنَّةٌ
وَاجِبَةٌ الصَّقَلِّيُّ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ هُوَ
مِنْ الْفِطْرَةِ لَا تَجُوزُ إمَامَةُ تَارِكِهِ اخْتِيَارًا، وَلَا
شَهَادَتُهُ الْبَاجِيُّ؛ لِأَنَّهَا تَبْطُلُ بِتَرْكِ الْمُرُوءَةِ،
وَلَوْ أَسْلَمَ شَيْخٌ كَبِيرٌ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ فَفِي
تَرْكِهِ وَلُزُومِهِ نَقْلَا أَبِي عُمَرَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ
وَسَحْنُونٍ قَائِلًا أَرَأَيْتَ إنْ وَجَبَ قَطْعُ سَرِقَةٍ أَيُتْرَكُ
لِلْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يَحْكِ الْبَاجِيُّ غَيْرَ قَوْلِ
سَحْنُونٍ دُونَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ قَائِلًا مُقْتَضَاهُ تَأَكُّدُ
وُجُوبِهِ (قُلْت) : فِي قَطْعِهِ لِلسَّرِقَةِ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى
نَفْسِهِ نَظَرٌ، وَإِذَا سَقَطَ قِصَاصُ الْمَأْمُومَةِ لِلْخَوْفِ،
فَأَحْرَى لِلْقَطْعِ لِحَدِيثِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ»
وَيَكُونُ كَمَنْ سَرَقَ، وَلَا يَدَ لَهُ يُؤَدَّبُ بِمَا يَلِيقُ
وَيُطَاقُ أَبُو عُمَرَ لَوْ وُلِدَ مَخْتُونًا فَقَالَتْ فِرْقَةٌ تُجْرَى
عَلَيْهِ الْمُوسَى فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يُقْطَعُ قُطِعَ وَأَبَاهُ
آخَرُونَ (قُلْت) : يَجْرِي عَلَى الْأَقْرَعِ فِي الْحَجِّ انْتَهَى.
وَأَمَّا الْخِفَاضُ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْخِفَاضُ فِي النِّسَاءِ
الرِّسَالَةِ مَكْرَمَةٌ وَرَوَى
(3/258)
الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ كَالْخِتَانِ وَمَنْ ابْتَاعَ أَمَةً
فَلْيُخَفِّضْهَا إنْ أَرَادَ حَبْسَهَا، وَإِنْ كَانَتْ لِلْبَيْعِ،
فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ الْبَاجِيُّ قَالَ مَالِكٌ: النِّسَاءُ
يُخَفِّضْنَ الْجَوَارِيَ قَالَ غَيْرُهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُبَالَغَ فِي
قَطْعِ الْمَرْأَةِ انْتَهَى. |