الأحكام
الشرعية الكبرى ـ[الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة الْكُبْرَى]ـ
الْمُؤلف: عبد الْحق بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن الْحُسَيْن بن سعيد
إِبْرَاهِيم الْأَزْدِيّ، الأندلسي الأشبيلي، الْمَعْرُوف بِابْن
الْخَرَّاط (الْمُتَوفَّى: 581هـ)
الْمُحَقق: أَبُو عبد الله حُسَيْن بن عكاشة
الناشر: مكتبة الرشد - السعودية / الرياض
الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2001م
عدد الْأَجْزَاء: 5 (4 أَجزَاء ومجلد فهارس)
[ترقيم الْكتاب مُوَافق للمطبوع]
(/)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آله
كتاب الْإِيمَان
بَاب بَيَان النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْإِسْلَام
وَالْإِيمَان
قَالَ أَبُو الْحُسَيْن مُسلم بن الْحجَّاج - رَحمَه الله -: حَدثنَا أَبُو
خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا وَكِيع، عَن كهمس، عَن عبد الله بن
بُرَيْدَة، عَن يحيى بن يعمر ح.
قَالَ: وثنا عبيد الله بن معَاذ الْعَنْبَري - وَهَذَا حَدِيثه - ثَنَا
أبي، ثَنَا كهمس، عَن ابْن بُرَيْدَة، عَن يحيى بن يعمر قَالَ: " كَانَ أول
من قَالَ فِي الْقدر بِالْبَصْرَةِ معبد الْجُهَنِيّ، فَانْطَلَقت أَنا
وَحميد بن عبد الرَّحْمَن الْحِمْيَرِي حاجين أَو معتمرين، فَقُلْنَا: لَو
لَقينَا أحدا من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ -، فَسَأَلْنَاهُ مَا يَقُول هَؤُلَاءِ فِي الْقدر، فوفق لنا عبد الله بن
عمر بن الْخطاب دَاخِلا الْمَسْجِد، فاكتنفته أَنا وصاحبي، أَحَدنَا عَن
يَمِينه وَالْآخر عَن شِمَاله، فَظَنَنْت أَن صَاحِبي سيكل الْكَلَام
إِلَيّ فَقلت: أَبَا عبد الرَّحْمَن، إِنَّه قد ظهر قبلنَا نَاس يقرءُون
الْقُرْآن ويتقفرون الْعلم. وَذكر من شَأْنهمْ، وَأَنَّهُمْ يَزْعمُونَ أَن
لَا قدر، وَأَن الْأَمر أنف. فَقَالَ: إِذا لقِيت أُولَئِكَ، فَأخْبرهُم
أَنِّي بَرِيء مِنْهُم، وَأَنَّهُمْ برَاء مني، وَالَّذِي يحلف بِهِ عبد
الله بن عمر: لَو أَن لأَحَدهم مثل أحد ذَهَبا فأنفقه مَا قبل الله مِنْهُ
حَتَّى يُؤمن بِالْقدرِ. ثمَّ قَالَ: حَدثنِي أبي عمر بن الْخطاب، قَالَ:
بَيْنَمَا نَحن عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
إِذْ طلع علينا رجل شَدِيد بَيَاض الثِّيَاب، شَدِيد سَواد الشّعْر، لَا
يرى عَلَيْهِ أثر السّفر، وَلَا يعرفهُ منا أحد، حَتَّى جلس إِلَى النَّبِي
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فأسند رُكْبَتَيْهِ إِلَى
رُكْبَتَيْهِ، وَوضع كفيه على فَخذيهِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّد، أَخْبرنِي
عَن الْإِسْلَام. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
-: الْإِسْلَام أَن تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا
رَسُول الله، وتقيم الصَّلَاة، وتؤتي الزَّكَاة، وتصوم رَمَضَان، وتحج
الْبَيْت إِن اسْتَطَعْت إِلَيْهِ سَبِيلا. قَالَ: صدقت. فعجبنا لَهُ
يسْأَله ويصدقه. قَالَ: فَأَخْبرنِي عَن الْإِيمَان. قَالَ: أَن تؤمن
بِاللَّه وَمَلَائِكَته، وَكتبه، وَرُسُله
(1/67)
وَالْيَوْم الآخر، وتؤمن بِالْقدرِ خَيره
وشره. قَالَ: صدقت. قَالَ: فَأَخْبرنِي عَن الْإِحْسَان. قَالَ: أَن تعبد
الله كَأَنَّك ترَاهُ فَإِن لم تكن ترَاهُ، فَإِنَّهُ يراك. قَالَ:
فَأَخْبرنِي عَن السَّاعَة. قَالَ: مَا الْمَسْئُول عَنْهَا بِأَعْلَم من
السَّائِل. قَالَ: فَأَخْبرنِي عَن أمارتها. قَالَ: أَن تَلد الْأمة ربتها،
وَأَن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشَّاء يتطاولون فِي الْبُنيان.
قَالَ: ثمَّ انْطلق فَلَبثت مَلِيًّا، ثمَّ قَالَ: يَا عمر، أَتَدْرِي من
السَّائِل.؟ قلت: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: فَإِنَّهُ جِبْرِيل أَتَاكُم
يعلمكم دينكُمْ ".
حَدثنِي: مُحَمَّد بن عبيد الغبري وَأَبُو كَامِل الجحدري وَأحمد بن عَبدة
الضَّبِّيّ قَالُوا: ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن مطر الْوراق، عَن عبد الله
بن بُرَيْدَة، عَن يحيى بن يعمر قَالَ: " لما تكلم معبد بِمَا تكلم بِهِ
فِي شَأْن الْقدر أَنْكَرْنَا ذَلِك. قَالَ: فحججت أَنا وَحميد بن عبد
الرَّحْمَن حجَّة ... " وَسَاقُوا الحَدِيث بِمَعْنى حَدِيث كهمس
وَإِسْنَاده، وَفِيه بعض زِيَادَة ونقصان أحرف.
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ - وَهُوَ سُلَيْمَان بن دَاوُد - قَالَ: ثَنَا
حَمَّاد بن زيد، عَن مطر الْوراق بِإِسْنَاد مُسلم قَالَ: حَدثنِي عمر بن
الْخطاب " أَنه كَانَ عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَجَاءَهُ رجل عَلَيْهِ ثَوْبَان أبيضان (مقوم، حسن النَّحْو
والناحية) ، فَقَالَ: أدنو مِنْك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: ادن. ثمَّ قَالَ:
أدنو مِنْك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: ادن. فَلم يزل يدنو حَتَّى كَانَ ركبته
عِنْد ركبة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ
قَالَ: أَسأَلك؟ قَالَ: سل. قَالَ: أَخْبرنِي عَن الْإِسْلَام. قَالَ
شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي مُحَمَّد رَسُول الله، وإقام
الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَحج الْبَيْت، وَصَوْم رَمَضَان. قَالَ:
فَإِذا فعلت ذَلِك فَأَنا مُسلم. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: نعم. قَالَ لَهُ الرجل: صدقت. فَجعلنَا نعجب من
(1/68)
قَوْله لرَسُول الله: صدقت. كَأَنَّهُ أعلم
مِنْهُ، ثمَّ قَالَ: أَخْبرنِي عَن الْإِيمَان، مَا الْإِيمَان؟ قَالَ: أَن
تؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته، وَكتبه وَرُسُله، والبعث بعد الْمَوْت،
وَالْجنَّة وَالنَّار، وتؤمن بِالْقدرِ خَيره وشره. قَالَ: فَإِذا فعلت
ذَلِك فَأَنا مُؤمن؟ قَالَ رَسُول الله: نعم. قَالَ: صدقت. فَجعلنَا نعجب
من قَوْله لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: صدقت.
ثمَّ قَالَ: أَخْبرنِي مَا الْإِحْسَان؟ قَالَ: أَن تخشى الله كَأَنَّك
ترَاهُ، فَإِن كنت لَا ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك. قَالَ: صدقت. قَالَ:
فَأَخْبرنِي عَن السَّاعَة. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: مَا الْمَسْئُول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل، هن خمس لَا
يعلمهُنَّ إِلَّا الله: {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة وَينزل الْغَيْث}
الْآيَة. فَقَالَ الرجل: صدقت.
مطر هَذَا قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم وَأَبُو زرْعَة وَيحيى بن معِين: صَالح
الحَدِيث وَضَعفه أَبُو حَاتِم وَيحيى بن معِين وَيحيى بن سعيد فِي عَطاء
بن أبي رَبَاح. قَالَ يحيى [بن] سعيد: يشبه مطر الْوراق بِابْن أبي ليلى
فِي سوء الْحِفْظ. قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: فِي عَطاء خَاصَّة. وَقَالَ
أَبُو عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ: مطر بن طهْمَان لَيْسَ بِالْقَوِيّ.
ومطر هَذَا أخرج عِنْد مُسلم فِي الشواهد.
الدَّارَقُطْنِيّ - وَهُوَ أَبُو الْحسن عَليّ بن عمر بن أَحْمد بن مهْدي -
قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد أَبُو عَليّ وَأَبُو بكر أَحْمد بن
مُحَمَّد بن مُوسَى بن أبي (خَيْثَمَة) صَاحب بَيت / المَال، قَالَا: ثَنَا
مُحَمَّد بن عبيد الله الْمُنَادِي، قَالَ: ثَنَا يُونُس بن مُحَمَّد،
ثَنَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، عَن أَبِيه، عَن يحيى بن يعمر قَالَ: " قلت
لِابْنِ عمر: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن، إِن أَقْوَامًا يَزْعمُونَ أَن
لَيْسَ قدر، قَالَ: هَل عندنَا مِنْهُم أحد؟ قلت: لَا، قَالَ: فأبلغهم عني
إِذا لقيتهم أَن ابْن عمر برِئ إِلَى الله مِنْكُم وَأَنْتُم مِنْهُ برَاء،
سَمِعت عمر بن الْخطاب قَالَ: بَيْنَمَا نَحن جُلُوس عِنْد النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي نَاس؛ إِذْ جَاءَ رجل لَيْسَ
عَلَيْهِ شَحْنَاء سفر، وَلَيْسَ من أهل الْبَلَد، يتخطى
(1/69)
حَتَّى (ورد) فَجَلَسَ بَين يَدي رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَمَا يجلس أَحَدنَا فِي
الصَّلَاة، ثمَّ وضع يَده على ركبتي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، أَخْبرنِي مَا الْإِسْلَام؟ قَالَ:
الْإِسْلَام أَن تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول
الله، وَأَن تقيم الصَّلَاة، وتؤتي الزَّكَاة، وتحج وتعتمر وتغتسل من
الْجَنَابَة، وتتم الْوضُوء، وتصوم رَمَضَان. قَالَ: فَإِن فعلت هَذَا
فَأَنا مُسلم. قَالَ: نعم. قَالَ: صدقت ... " وَذكر بَاقِي الحَدِيث
وَقَالَ فِي آخِره: " فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: عَليّ بِالرجلِ. فطلبناه، فَلم نقدر عَلَيْهِ، فَقَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. هَل تَدْرُونَ من
هَذَا؟ هَذَا جِبْرِيل أَتَاكُم يعلمكم دينكُمْ، فَخُذُوا عَنهُ، فوالذي
نَفسِي بِيَدِهِ مَا شبه عَليّ مُنْذُ أَتَانِي قبل مرتي هَذِه، وَمَا
عَرفته حَتَّى ولى ". قَالَ أَبُو الْحسن: هَذَا إِسْنَاد ثَابت صَحِيح،
أخرجه مُسلم بِهَذَا الْإِسْنَاد.
أَبُو دَاوُد سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث قَالَ: حَدثنَا مَحْمُود بن خَالِد،
ثَنَا الْفرْيَابِيّ، عَن سُفْيَان، ثَنَا عَلْقَمَة بن مرْثَد، عَن
سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة، عَن يحيى بن يعمر - يَعْنِي: عَن ابْن عمر - "
أَن جِبْرِيل قَالَ للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
فَمَا الْإِسْلَام؟ قَالَ: إقَام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَحج
الْبَيْت، وَصَوْم رَمَضَان، والاغتسال من الْجَنَابَة ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب جَمِيعًا، عَن
ابْن علية - قَالَ زُهَيْر: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم - عَن أبي
حَيَّان، عَن أبي زرْعَة ابْن عَمْرو بن جرير، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: "
كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمًا بارزاً
للنَّاس فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَا الْإِيمَان؟ قَالَ:
أَن تؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته، وَكتابه ولقائه وَرُسُله، وتؤمن
بِالْبَعْثِ الآخر. قَالَ: يَا رَسُول الله، مَا الْإِسْلَام؟ قَالَ:
الْإِسْلَام أَن تعبد الله وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا، وتقيم الصَّلَاة
الْمَكْتُوبَة، وَتُؤَدِّي الزَّكَاة
(1/70)
الْمَفْرُوضَة، وتصوم رَمَضَان. قَالَ: يَا
رَسُول الله، مَا الْإِحْسَان؟ قَالَ: أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ،
فَإنَّك إِن لَا ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك. قَالَ: يَا رَسُول الله، / مَتى
السَّاعَة؟ قَالَ: مَا الْمَسْئُول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل،
وَلَكِن سأحدثك عَن أشراطها: إِذا ولدت الْأمة رَبهَا فَذَاك من أشراطها،
وَإِذا كَانَت العراء الحفاة رُءُوس النَّاس فَذَاك من أشراطها، وَإِذا
تطاول رعاء البهم فِي الْبُنيان فَذَاك من أشراطها، فِي خمس لَا يعلمهُنَّ
إِلَّا الله ثمَّ تَلا: {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة وَينزل الْغَيْث
وَيعلم مَا فِي الْأَرْحَام وَمَا تَدْرِي نفس مَاذَا تكسب غَدا وَمَا
تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت إِن الله عليم خَبِير} قَالَ: ثمَّ أدبر
الرجل، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ردوا
عَليّ الرجل. فَأخذُوا ليردوه، فَلم يرَوا شَيْئا. فَقَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَذَا جِبْرِيل جَاءَ ليعلم النَّاس
دينهم ".
وَحدثنَا: مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا مُحَمَّد بن بشر، ثَنَا
أَبُو حَيَّان التَّيْمِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله، غير أَن فِي
رِوَايَته: " إِذا ولدت الْأمة بَعْلهَا. يَعْنِي: السراري ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة اسْمه عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي شيبَة، وَأَبُو
حَيَّان التَّيْمِيّ اسْمه يحيى بن سعيد بن حَيَّان كُوفِي من خِيَار أهل
الْكُوفَة، قَالَه مُسلم بن الْحجَّاج. وَأَبُو زرْعَة اسْمه عبد
الرَّحْمَن بن عَمْرو وَيُقَال: عَمْرو بن عَمْرو، عداده فِي أهل
الْكُوفَة. وَأَبُو هُرَيْرَة اخْتلف فِي اسْمه، فَقيل: عبد شمس، وَقيل:
عبد نهم، وَقيل: سكين بن عَمْرو، وَقيل: عبد الله بن عَمْرو، وَيُقَال:
خرثوم، وَيُقَال: عبد الْعُزَّى، ذكر هَذَا مُسلم بن الْحجَّاج فِي كناه،
وَزَاد ابْن أبي حَاتِم: وَيُقَال: عبد غنم وَعبد رهم بن عَامر وَعبد نعم
وعامر بن عبد شمس وَعبد الله بن عَامر. قَالَ: فَأَما من قَالَ: اسْمه عبد
شمس فَأَبُو نعيم وَيحيى بن معِين وَأَبُو زرْعَة وَذكر ذَلِك عَن أَحْمد
بن حَنْبَل. قَالَ ابْن أبي حَاتِم أَيْضا وَيُقَال:
(1/71)
اسْمه عبد الرَّحْمَن وَعبد عَمْرو بن عبد
غنم وَيُقَال: عَامر بن عبد شمس، وَسمي فِي الْإِسْلَام عبد الله وَلم يذكر
قَول مُسلم فِي اسْمه خرثوم وَعبد الْعُزَّى. وَقَالَ أَبُو عمر - وَذكر
الِاخْتِلَاف فِي اسْمه -: وَيُقَال: عبد الرَّحْمَن بن صَخْر، وعَلى هَذَا
اعتمدت طَائِفَة ألفت فِي الْأَسْمَاء والكنى، وَحكي عَن البُخَارِيّ أَنه
قَالَ: كَانَ اسْم أبي هُرَيْرَة فِي الْجَاهِلِيَّة عبد شمس، وَفِي
الْإِسْلَام عبد الله. قَالَ أَبُو عمر: وَمثل هَذَا الِاخْتِلَاف
وَالِاضْطِرَاب لَا يَصح مَعَه شَيْء وكنيته أولى بِهِ.
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، حَدثنِي جرير، عَن عمَارَة بن
الْقَعْقَاع، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سلوني. فهابوه أَن يسألوه،
قَالَ: فجَاء رجل فَجَلَسَ عِنْد رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُول الله،
مَا الْإِسْلَام؟ قَالَ: لَا تشرك / بِاللَّه شَيْئا، وتقيم الصَّلَاة،
وتؤتي الزَّكَاة، وتصوم رَمَضَان. قَالَ: صدقت. قَالَ: يَا رَسُول الله،
مَا الْإِيمَان؟ قَالَ: أَن تؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه ولقائه
وَرُسُله وتؤمن بِالْبَعْثِ وتؤمن بِالْقدرِ كُله. قَالَ: صدقت. قَالَ: يَا
رَسُول الله، مَا الْإِحْسَان؟ قَالَ: أَن تخشى الله كَأَنَّك ترَاهُ،
فَإنَّك إِن لَا تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك. قَالَ: صدقت. قَالَ: يَا
رَسُول الله، مَتى تقوم السَّاعَة؟ قَالَ: مَا الْمَسْئُول عَنْهَا
بِأَعْلَم من السَّائِل، وسأحدثك عَن أشراطها، إِذا رَأَيْت الْمَرْأَة
تَلد رَبهَا فَذَلِك من أشراطها، وَإِذا رَأَيْت رعاء البهم يتطاولون فِي
الْبُنيان، فَذَلِك من أشراطها، فِي خمس من الْغَيْب لَا يعلمهُنَّ إِلَّا
الله. ثمَّ قَرَأَ الْآيَة: {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة وَينزل
الْغَيْث وَيعلم مَا فِي الإرحام وَمَا تَدْرِي نفس مَاذَا تكسب غَدا وَمَا
تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت} " إِلَى آخر السُّورَة. ثمَّ قَامَ الرجل
فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ردُّوهُ
عَليّ فالتمس فَلم يجدوه، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: هَذَا جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - أَرَادَ أَن تعلمُوا
إِذْ لم تسألوا ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن قدامَة، عَن جرير، عَن أبي فَرْوَة،
عَن أبي
(1/72)
زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي ذَر
قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يجلس
بَين ظهراني أَصْحَابه فَيَجِيء الْغَرِيب فَلَا يدْرِي [أَيهمْ] هُوَ
حَتَّى يسْأَل، فطلبنا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - أَن يَجْعَل لَهُ مَجْلِسا يعرفهُ الْغَرِيب إِذا أَتَاهُ،
فبنينا لَهُ دكاناً من طين يجلس عَلَيْهِ، إِنَّا لجُلُوس وَرَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَجْلِسه، إِذْ أقبل رجل أحسن
النَّاس وَجها، وَأطيب النَّاس ريحًا كَأَن ثِيَابه لم يَمَسهَا دنس حَتَّى
سلم من طرف (السماط) قَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم يَا مُحَمَّد. فَرد
عَلَيْهِ السَّلَام، قَالَ: " أدنو يَا مُحَمَّد. قَالَ: ادنه. فَمَا زَالَ
يَقُول: أدنوا مرَارًا، وَيَقُول: ادن، حَتَّى وضع يَده على ركبتي رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: يَا مُحَمَّد،
أَخْبرنِي مَا الْإِسْلَام؟ قَالَ: الْإِسْلَام أَن تعبد الله لَا تشرك
بِهِ شَيْئا، وتقيم الصَّلَاة، وتؤتيي الزَّكَاة، وتحج الْبَيْت، وتصوم
رَمَضَان. قَالَ: فَإِذا فعلت ذَلِك فقد أسلمت؟ قَالَ: نعم. قَالَ: صدقت.
فَلَمَّا سمعنَا قَول الرجل: صدقت أنكرناه. قَالَ: يَا مُحَمَّد، أَخْبرنِي
مَا الْإِيمَان؟ قَالَ: الْإِيمَان بِاللَّه وَالْمَلَائِكَة، والْكتاب
والنبيين، وتؤمن بِالْقدرِ. قَالَ:: فَإِذا فعلت ذَلِك فقد آمَنت. قَالَ
رَسُول الله: نعم. قَالَ: صدقت. قَالَ: يَا مُحَمَّد، أَخْبرنِي مَا
الْإِحْسَان؟ قَالَ ": أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ فَإِن لم تكن ترَاهُ
فَإِنَّهُ يراك. قَالَ: صدقت. قَالَ: يَا مُحَمَّد، أَخْبرنِي مَتى /
السَّاعَة؟ قَالَ: فَنَكس فَلم يجبهُ شَيْئا، ثمَّ عَاد فَلم يجبهُ، ثمَّ
عَاد فَلم يجبهُ شَيْئا، ثمَّ رفع رَأسه قَالَ: مَا الْمَسْئُول عَنْهَا
بِأَعْلَم من السَّائِل، وَلَكِن لَهَا عَلَامَات تعرف بهَا: إِذا رَأَيْت
رعاء البهم يتطالون فِي الْبُنيان، وَرَأَيْت الحفاة العراة مُلُوك
الأَرْض، وَرَأَيْت الْمَرْأَة تَلد رَبهَا، خمس لَا يعلمهَا إِلَّا الله
عز وَجل: {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} إِلَى قَوْله: {عليم خَبِير}
قَالَ: لَا وَالَّذِي بعث مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ هدى وبشيراً، مَا كنت
بِأَعْلَم بِهِ من رجل مِنْكُم، وَإنَّهُ لجبريل - عَلَيْهِ السَّلَام -
نزل فِي صُورَة دحْيَة الْكَلْبِيّ ". أَبُو فَرْوَة اسْمه عُرْوَة بن
الْحَارِث، كُوفِي روى لَهُ مُسلم وَالْبُخَارِيّ.
(1/73)
عبد بن حميد: أخبرنَا عبد الرَّزَّاق، عَن
معمر، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن زيد بن سَلام، عَن أبي سَلام، عَن أبي
أُمَامَة الْبَاهِلِيّ " أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْإِثْم، فَقَالَ: مَا حاك فِي نَفسك فَدَعْهُ.
قَالَ: فَمَا الْإِيمَان؟ قَالَ: من ساءته سيئته، وسرته حسنته فَهُوَ مُؤمن
". أَبُو سَلام اسْمه مَمْطُور، وَأَبُو أُمَامَة اسْمه صدي بن عجلَان.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن مثنى وَابْن بشار -
وَأَلْفَاظهمْ مُتَقَارِبَة - قَالَ أَبُو بكر: ثَنَا غنْدر، عَن شُعْبَة.
وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي
جَمْرَة قَالَ: " كنت أترجم بَين يَدي ابْن عَبَّاس وَبَين النَّاس
فَأَتَتْهُ امْرَأَة تسأله عَن نَبِيذ الْجَرّ. فَقَالَ: إِن وَفد عبد
الْقَيْس أَتَوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من الْوَفْد
- أَو من الْقَوْم -؟ قَالُوا: ربيعَة. قَالَ: مرْحَبًا بالقوم - أَو
بالوفد غير خزايا وَلَا الندامى. قَالَ: فَقَالُوا: يَا رَسُول الله،
إِنَّا نَأْتِيك من شقة بعيدَة، وَإِن بَينا وَبَيْنك هَذَا الْحَيّ من
كفار مُضر، وَإِنَّا لَا نستطيع أَن نَأْتِيك إِلَّا فِي شهر الْحَرَام،
فمرنا بِأَمْر فصل نخبر بِهِ من وَرَاءَنَا، ندخل بِهِ الْجنَّة. قَالَ:
فَأَمرهمْ بِأَرْبَع، ونهاهم عَن أَربع قَالَ: أَمرهم بِالْإِيمَان
بِاللَّه وَحده. وَقَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا الْإِيمَان بِاللَّه وَحده؟
قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم، قَالَ: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، وإقام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَصَوْم
رَمَضَان، وَأَن تُؤَدُّوا خمْسا من الْمغنم. ونهاهم عَن الدُّبَّاء واكنتم
والمزفت - قَالَ شُعْبَة: وَرُبمَا قَالَ: النقير. قَالَ شُعْبَة: وَرُبمَا
قَالَ: المقير - وَقَالَ: احفظوه وأخبروا بِهِ من وَرَائِكُمْ ". وَقَالَ
أَبُو بكر فِي حَدِيثه: " من وراءكم ". وَلَيْسَ فِي رِوَايَته: " المقير
".
(1/74)
ابْن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن أبي
نَضرة، عَن أبي سعيد، وَذكر فِيهِ الصَّوْم. وَرَوَاهُ عباد بن عباد، عَن
أبي جمزة وَلم يذكر الصَّوْم. وَكَذَلِكَ سُلَيْمَان بن حَرْب وحجاج بن
منهال، كِلَاهُمَا عَن حَمَّاد بن زيد، عَن أبي جَمْرَة وَلم يذكرَا فِيهِ
الصَّوْم.
مُسلم: حَدثنَا خلف بن هِشَام، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أبي جَمْرَة
قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس ح.
وَحدثنَا: يحيى بن يحيى - وَاللَّفْظ لَهُ، ثَنَا عباد بن عباد، عَن أبي
جَمْرَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " قدم وَفد عبد الْقَيْس على رَسُول الله
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: يَا رَسُول الله،
إِنَّا هَذَا الْحَيّ من ربيعَة، وَقد حَالَتْ بَيْننَا وَبَيْنك كفار
مُضر، وَلَا نخلص إِلَيْك إِلَّا فِي شهر الْحَرَام، فمرنا بِأَمْر نعمل
بِهِ وندعو إِلَيْهِ من وَرَاءَنَا. قَالَ: آمركُم بِأَرْبَع، وأنهاكم عَن
أَربع: الْإِيمَان بِاللَّه. ثمَّ فَسرهَا لَهُم فَقَالَ: شَهَادَة أَن لَا
إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، وَأقَام الصَّلَاة،
وإيتاء الزَّكَاة، وَأَن تُؤَدُّوا خمس مَا غَنِمْتُم وأنهاكم عَن
الدُّبَّاء والحنتم والنقير والمقير ". وَزَاد خلف فِي رِوَايَته: "
شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله. وَعقد وَاحِدَة ".
بَاب إِذا لم يكن الْإِسْلَام على الْحَقِيقَة وَكَانَ الاستسلام أَو
الْخَوْف لقَوْل الله تَعَالَى {قَالَت الْأَعْرَاب آمنا قل لم تؤمنوا
وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا وَلما يدْخل الْإِيمَان فِي قُلُوبكُمْ}
مُسلم: حَدثنَا ابْن أبي عمر، حَدثنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن
عَامر بن سعد، عَن أَبِيه قَالَ: " قسم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قسما فَقلت: يَا رَسُول الله، أعْط فلَانا فَإِنَّهُ
مُؤمن فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: [أَو
مُسلم] . أقولها ثَلَاثًا ويرددها عَليّ ثَلَاثًا: أَو
(1/75)
مُسلم. ثمَّ قَالَ: إِنِّي لأعطي الرجل
وَغَيره أحب إِلَيّ مِنْهُ، مَخَافَة أَن يكبه الله فِي النَّار ".
بَاب مَا جَاءَ أَن الْإِسْلَام عَلَانيَة وَالْإِيمَان فِي الْقلب
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن زيد بن الْحباب، عَن عَليّ بن مسْعدَة، ثَنَا
قَتَادَة، ثَنَا أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " الْإِسْلَام عَلَانيَة، وَالْإِيمَان فِي الْقلب، ثمَّ
يُشِير بِيَدِهِ إِلَى صَدره: التَّقْوَى هَا هُنَا، التَّقْوَى هَا هُنَا
".
تفرد بِهِ عَليّ بن مسْعدَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس على مَا ذكره أَبُو بكر
الْبَزَّار - رَحمَه الله - وَقَالَ ابْن أبي / حَاتِم: عَليّ بن مسْعدَة
روى عَنهُ ابْن الْمُبَارك وَيحيى ابْن سعيد وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي
وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَزيد بن الْحباب وَشُعَيْب ابْن حَرْب
وسليم بن أَخْضَر وَمُسلم بن إِبْرَاهِيم. وثقة أَبُو دَاوُد، وَقَالَ يحيى
ابْن معِين: عَليّ بن مسْعدَة صَالح. وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: لَا
بَأْس بِهِ. وَقَالَ البُخَارِيّ: عَليّ بن مسْعدَة فِيهِ نظر.
بَاب بَيَان مَا بني عَلَيْهِ الْإِسْلَام
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير الْهَمدَانِي، ثَنَا أَبُو
خَالِد - يَعْنِي سُلَيْمَان بن حَيَّان الْأَحْمَر - عَن أبي مَالك
الْأَشْجَعِيّ، عَن سعد بن عُبَيْدَة، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بني الْإِسْلَام على خمس: على أَن
يوحد الله، وإقام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَصِيَام رَمَضَان،
وَالْحج. فَقَالَ رجل: الْحَج وَصِيَام رَمَضَان؟ فَقَالَ: لَا، صِيَام
رَمَضَان وَالْحج. هَكَذَا سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - ".
(1/76)
أَبُو مَالك اسْمه سعد بن طَارق بن
أَشْيَم، لِأَبِيهِ صُحْبَة.
مُسلم: حَدثنَا سهل بن عُثْمَان العسكري، ثَنَا يحيى بن زَكَرِيَّا، ثَنَا
سعد ابْن طَارق، ثَنَا سعد بن عُبَيْدَة السّلمِيّ، عَن ابْن عمر، عَن
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بني الْإِسْلَام
على خمس: على أَن يعبد الله وَيكفر بِمَا دونه، وإقام الصَّلَاة، وإيتاء
الزَّكَاة، وَحج الْبَيْت، وَصَوْم رَمَضَان ".
بَاب حسن إِسْلَام الْمَرْء
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، أبنا عبد الرَّزَّاق، أَنا
معمر، عَن همام، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أحسن أحدكُم إِسْلَامه، فَكل
حَسَنَة يعملها تكْتب لَهُ بِعشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف، وكل
سَيِّئَة يعملها تكْتب لَهُ بِمِثْلِهَا ".
بَاب التَّفْضِيل بَين الْمُسلمين الْمُؤمن وَالْمُسلم
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر أَحْمد بن عَمْرو بن السَّرْح الْمصْرِيّ،
أَنا ابْن وهب، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن أبي
الْخَيْر أَنه سمع عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ يَقُول: " إِن رجلا
سَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَي
الْمُسلمين خير؟ قَالَ: من سلم الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده ".
مُسلم: حَدثنِي سعيد بن يحيى بن سعيد الْأمَوِي، حَدثنِي أبي، ثَنَا أَبُو
بردة بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي مُوسَى، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى
قَالَ: " قلت: يَا رَسُول الله، أَي [الْإِسْلَام] أفضل؟ قَالَ: من / سلم
الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده ".
(1/77)
وحدثنيه: إِبْرَاهِيم بن سعيد
الْجَوْهَرِي، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، حَدثنِي بُرَيْدَة بن عبد الله
بِهَذَا الْإِسْنَاد، قَالَ: " سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَي الْمُسلمين أفضل ... " فَذكر مثله.
مُسلم: حَدثنَا حسن الْحلْوانِي وَعبد بن حميد جَمِيعًا، عَن أبي عَاصِم
قَالَ عبد: أبنا أَبُو عَاصِم - عَن ابْن جريح أَنه سمع أَبَا الزبير
يَقُول: سَمِعت جَابِرا يَقُول: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - يَقُول: " الْمُسلم من سلم الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا اللَّيْث، عَن ابْن عجلَان، عَن
الْقَعْقَاع، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمُسلم من سلم الْمُسلمُونَ من
لِسَانه وَيَده، وَالْمُؤمن من أَمنه النَّاس على دِمَائِهِمْ
وَأَمْوَالهمْ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم بن أبي إِيَاس، حَدثنَا شُعْبَة، عَن عبد الله بن
أبي السّفر وَإِسْمَاعِيل، عَن الشّعبِيّ، عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْمُسلم من سلم
الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده، وَالْمُهَاجِر من هجر مَا نهى الله عَنهُ
".
قَالَ أَبُو عبد الله: وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَة: حَدثنَا دَاوُد، عَن
عَامر، سَمِعت عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ -
بَاب أَي الْإِسْلَام أفضل
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعيد بن يحيى بن سعيد الْقرشِي، ثَنَا أبي، ثَنَا
أَبُو بردة ابْن عبد الله بن أبي بردة، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى
قَالَ: " قَالُوا: يَا
(1/78)
رَسُول الله، أَي الْإِسْلَام أفضل؟ قَالَ:
من سلم الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا اللَّيْث، عَن يزِيد بن أبي حبيب،
عَن أبي الْخَيْر، عَن عبد الله بن عَمْرو " أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله:
أَي الْإِسْلَام خير؟ قَالَ: تطعم الطَّعَام، وتقرأ السَّلَام على من عرفت
وَمن لم تعرف ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَبُو سَلمَة يحيى بن خلف - وَكَانَ ثِقَة - ثَنَا عبد
الْأَعْلَى، ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن دَاوُد بن حُصَيْن، عَن
عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - سُئِلَ: أَي الْإِسْلَام أفضل - أَو أَي الْإِيمَان أفضل -
قَالَ: الحنيفية السمحة ".
مُحَمَّد بن إِسْحَاق وَثَّقَهُ قوم وَضَعفه آخَرُونَ، وَمن وَثَّقَهُ
أَكثر، وَسَيَأْتِي ذكره وَذكر مَا قيل فِيهِ فِي بَاب الْقِرَاءَة خلف
الإِمَام - إِن شَاءَ الله.
بَاب قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنا أعلمكُم
بِاللَّه "
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد، أبنا عَبدة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن
عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أَمرهم أَمرهم من الْأَعْمَال بِمَا
يُطِيقُونَ. قَالُوا: إِنَّا لسنا كهيئتك يَا رَسُول الله، إِن الله قد غفر
لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر. فيغضب حَتَّى يعرف الْغَضَب فِي
وَجهه، ثمَّ يَقُول: إِن أَتْقَاكُم لله وَأعْلمكُمْ بِاللَّه أَنا ".
بَاب الْمعرفَة
قَالَ أَبُو عبد الله البُخَارِيّ: الْمعرفَة عمل الْقلب لقَوْل الله -
تَعَالَى: {وَلَكِن
(1/79)
يُؤَاخِذكُم بِمَا كسبت قُلُوبكُمْ} .
مُسلم: حَدثنَا أُميَّة بن بسطَام، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا روح -
وَهُوَ ابْن الْقَاسِم - عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن يحيى بن عبد الله
بن صَيْفِي، عَن أبي معبد، عَن ابْن عَبَّاس " أَن رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما بعث معَاذًا إِلَى الْيمن قَالَ: إِنَّك
تقدم على قوم أهل كتاب، فَلْيَكُن أول مَا تدعوهم إِلَيْهِ عبَادَة الله،
فَإِذا عرفُوا الله فَأخْبرهُم أَن الله فرض عَلَيْهِم خمس صلوَات فِي
يومهم وليلتهم، فَإذْ فعلوا فَأخْبرهُم أَن الله قد فرض عَلَيْهِم زَكَاة
تُؤْخَذ من (أَمْوَالهم) فَترد على فقرائهم، فَإِذا أطاعوا بهَا فَخذ
مِنْهُم وتوق كرائم أَمْوَالهم ".
بَاب مَا تبلغ بِهِ حَقِيقَة الْإِيمَان
الْبَزَّار: حَدثنَا عمر بن الْخطاب، ثَنَا سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن،
ثَنَا سُلَيْمَان ابْن عتبَة، سَمِعت يُونُس بن ميسرَة بن حَلبس يحدث، عَن
أبي إِدْرِيس، عَن أبي الدَّرْدَاء، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يبلغ عبد حَقِيقَة الْإِيمَان حَتَّى
يعلم أَن مَا أَصَابَهُ لم يكن ليخطئه وَمَا أخطأه لم يكن ليصيبه ".
قَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا الحَدِيث قد رُوِيَ عَن غير أبي الدَّرْدَاء،
فاقتصرنا على رِوَايَة أبي الدَّرْدَاء، وَإِسْنَاده حسن. انْتهى كَلَام
أبي بكر.
سُلَيْمَان هَذَا ضعفه يحيى بن معِين، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: سُلَيْمَان بن
عتبَة لَيْسَ بِهِ بَأْس، وَهُوَ مَحْمُود عِنْد الدمشقيين.
(1/80)
بَاب قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نَحن أَحَق بِالشَّكِّ من إِبْرَاهِيم "
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا ابْن وهب قَالَ: أَخْبرنِي يُونُس،
عَن ابْن شهَاب، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن / وَسَعِيد بن الْمسيب،
عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قَالَ: " نَحن أَحَق بِالشَّكِّ من إِبْرَاهِيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - إِذْ قَالَ: {رب أَرِنِي كَيفَ تحيي الْمَوْتَى قَالَ أولم
تؤمن قَالَ بلَى وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي} وَيرْحَم الله لوطا لقد كَانَ
يأوي إِلَى ركن شَدِيد، وَلَو لَبِثت فِي السجْن طول لبث يُوسُف لَأَجَبْت
الدَّاعِي ".
وحَدثني بِهِ - إِن شَاءَ الله - عبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء الضبعِي،
ثَنَا جوَيْرِية، عَن مَالك، عَن الزُّهْرِيّ أَن سعيد بن الْمسيب وَأَبا
عبيد أخبراه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمثل حَدِيث يُونُس، عَن الزُّهْرِيّ، وَفِي حَدِيث
مَالك: " {وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي} قَالَ: ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة
حَتَّى جازها ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن سِنَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا أَبُو
عوَانَة، عَن أبي بشر، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ الْمخبر
كالمعاين، أخبر الله - تبَارك وَتَعَالَى - مُوسَى أَن قومه قد فتنُوا فَلم
يلق الألواح، فَلَمَّا رَآهُمْ ألْقى الألواح ".
(1/81)
بَاب وجوب الشَّهَادَتَيْنِ بِاللِّسَانِ
واعتقادهما
بِالْقَلْبِ لقَوْل الله تَعَالَى {قُولُوا آمنا بِاللَّه}
وَقَوله {وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدَّين}
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عباد وَابْن أبي عمر قَالَا: ثَنَا مَرْوَان،
عَن يزِيد ابْن كيسَان، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِعَمِّهِ عِنْد
الْمَوْت: قل: لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد لَك بهَا يَوْم الْقِيَامَة.
فَأبى فَأنْزل الله - عز وَجل -: {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت} الْآيَة
".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو غَسَّان المسمعي وَمُحَمّد بن الْمثنى قَالَا: ثَنَا
معَاذ - وَهُوَ ابْن هِشَام - أَخْبرنِي أبي، عَن قَتَادَة، ثَنَا أنس بن
مَالك أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يخرج
من النَّار من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله، وَكَانَ فِي قلبه من الْخَيْر
مَا يزن شعيرَة، ثمَّ يخرج من النَّار من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله
وَكَانَ فِي قلبه مَا يزن برة، ثمَّ يخرج من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله
وَكَانَ فِي قلبه من الْخَيْر مَا يزن ذرة ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عمر بن يُونُس، ثَنَا عِكْرِمَة بن
عمار، حَدثنِي أَبُو كثير، حَدثنِي أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: " كُنَّا قعُودا
حول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعنا أَبُو بكر
وَعمر فِي نفر، / فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - من بَين أظهرنَا، فَأَبْطَأَ علينا وخشينا أَن يقتطع دُوننَا، وفزعنا
وقمنا فَكنت أول من فزع، فَخرجت أَبْتَغِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى
(1/82)
أتيت حَائِطا للْأَنْصَار لبني النجار،
فَدرت بِهِ هَل أجد لَهُ بَابا فَلم أجد، فَإِذا ربيع يدْخل فِي جَوف
حَائِط من بِئْر خَارِجَة - وَالربيع الْجَدْوَل - فاحتفزت [كَمَا يحتفز
الثَّعْلَب] فَدخلت على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- فَقَالَ: أَبُو هُرَيْرَة؟ فَقلت: نعم يَا رَسُول الله، قَالَ: مَا
شَأْنك؟ قلت: كنت بَين أظهرنَا فَقُمْت، فأبطأت علينا فَخَشِينَا أَن تقتطع
دُوننَا ففزعنا، فَكنت أول من فزع، فَأتيت هَذَا الْحَائِط فاحتفزت كَمَا
يحتفز الثَّعْلَب، وَهَؤُلَاء النَّاس ورائي، فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَة
- وَأَعْطَانِي نَعْلَيْه - قَالَ: اذْهَبْ بنعلي هَاتين فَمن لقِيت من
وَرَاء هَذَا الْحَائِط يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله مُسْتَيْقنًا بهَا
قلبه فبشره بِالْجنَّةِ. فَكَانَ أول من لقِيت عمر فَقَالَ: مَا هَاتَانِ
النَّعْلَانِ يَا أَبَا هُرَيْرَة؟ قلت: هَاتَانِ نعلا رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعَثَنِي بهَا من لقِيت يشْهد أَن
لَا إِلَه إِلَّا الله مستقيناً بهَا قلبه بَشرته بِالْجنَّةِ، قَالَ:
فَضرب عمر بِيَدِهِ بَين ثديي، فَخَرَرْت لاستي فَقَالَ: ارْجع يَا أَبَا
هُرَيْرَة. فَرَجَعت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - فأجهشت بالبكاء، وركبني عمر، فَإِذا هُوَ على أثري فَقَالَ رَسُول الله
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا لَك يَا أَبَا هُرَيْرَة؟
قلت: لقِيت عمر، فَأَخْبَرته بِالَّذِي بعثتني بِهِ فَضرب بَين ثديي
ضَرْبَة خَرَرْت لاستي قَالَ: ارْجع. فَقَالَ رَسُول الله: يَا عمر، مَا
حملك على مَا فعلت؟ قَالَ: يَا رَسُول الله، بِأبي أَنْت وَأمي، أبعثت
أَبَا هُرَيْرَة بنعليك: من لَقِي يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله
مستقيناً بهَا قلبه بشره بِالْجنَّةِ؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَلَا تفعل،
فَإِنِّي أخْشَى أَن يتكل النَّاس عَلَيْهَا فخلهم يعْملُونَ. قَالَ رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فخلهم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أبنا معَاذ بن هِشَام،
حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، ثَنَا أنس بن مَالك " أَن النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومعاذ رديفه على الرحل - قَالَ: يَا معَاذ.
قَالَ: لبيْك يَا رَسُول الله وَسَعْديك. قَالَ: يَا معَاذ قَالَ: لبيْك
يَا رَسُول الله وَسَعْديك - ثَلَاثًا - قَالَ: مَا من أحد يشْهد أَن لَا
إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله صدقا من قلبه إِلَّا حرمه
الله على النَّار. قَالَ: يَا رَسُول الله، أَفلا أخبر بِهِ النَّاس
فيستبشرون؟ قَالَ: إِذا يتكلوا. وَأخْبر بهَا معَاذ عِنْد مَوته / تأثماً "
زَاد البُخَارِيّ
(1/83)
على مُسلم فِي هَذَا الحَدِيث: " صدقا من
قلبه ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن النَّضر بن أبي النَّضر، حَدثنِي أَبُو
النَّضر هَاشم ابْن الْقَاسِم، ثَنَا عبيد الله الْأَشْجَعِيّ، عَن مَالك
بن مغول، عَن طَلْحَة بن مصرف، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: "
كُنَّا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مسير،
قَالَ: فنفذت أزواد الْقَوْم حَتَّى هم بنحر بعض حمائلهم قَالَ: فَقَالَ
عمر: يَا رَسُول الله، لَو جمعت مَا بَقِي من أزواد الْقَوْم، فدعوت الله
عَلَيْهَا. قَالَ: فَفعل، قَالَ: فجَاء ذُو الْبر ببره، وَذُو التَّمْر
بتمره قَالَ: - وَقَالَ مُجَاهِد، وَذُو النواة بنواه. قلت: وَمَا كَانُوا
يصنعون بالنواة؟ قَالَ: يمصونه ويشيريون عَلَيْهِ المَاء - قَالَ: فَدَعَا
عَلَيْهَا. قَالَ: حَتَّى مَلأ الْقَوْم [أزودتهم] قَالَ: فَقَالَ عِنْد
ذَلِك: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله، لَا يلقى
الله بهما عبد غير شَاك فيهمَا إِلَّا دخل الْجنَّة ".
مُسلم: حَدثنِي يُونُس بن عبد الْأَعْلَى الصَّدَفِي، ثَنَا ابْن وهب،
وَأَخْبرنِي عَمْرو أَن أَبَا يُونُس حَدثهُ، عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " وَالَّذِي نفس
مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا يسمع بِي أحد من هَذِه الْأمة: يَهُودِيّ وَلَا
نَصْرَانِيّ، ثمَّ يَمُوت وَلم يُؤمن بِالَّذِي أرْسلت بِهِ إِلَّا كَانَ
من أَصْحَاب النَّار ".
أَبُو يُونُس اسْمه سليم بن جُبَير - وَيُقَال: ابْن جبيرَة - مولى أبي
هُرَيْرَة.
عبد بن حميد: أخبرنَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن همام، عَن أبي
هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
-: " لَا يسمع بِي أحد من هَذِه الْأمة، وَلَا يَهُودِيّ وَلَا
نَصْرَانِيّ، وَلم يُؤمن بِالَّذِي أرْسلت بِهِ إِلَّا كَانَ من أَصْحَاب
النَّار ".
بَاب قبُول ظواهر النَّاس فِي الْأَعْمَال ووكل سرائرهم إِلَى الله
مُسلم: حَدثنَا أَبُو طَاهِر وحرملة بن يحيى وَأحمد بن عِيسَى. قَالَ
أَحْمد:
(1/84)
ثَنَا. وَقَالَ الْآخرَانِ: أبنا ابْن وهب،
أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، حَدثنِي سعيد بن الْمسيب أَن أَبَا
هُرَيْرَة أخبرهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قَالَ: " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله،
فَمن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله عصم مني مَاله وَنَفسه إِلَّا بِحقِّهِ،
وحسابه على الله ".
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة الضَّبِّيّ، أَخْبرنِي عبد الْعَزِيز -
يَعْنِي: الداروردي - عَن الْعَلَاء.
وَحدثنَا أُميَّة بن بسطَام - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع،
ثَنَا روح، عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب، عَن أَبِيه، عَن
أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ:
" [أمرت أَن] أقَاتل النَّاس حَتَّى يشْهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله،
ويؤمنوا بِي وَبِمَا جِئْت بِهِ، فَإِذا فعلوا ذَلِك عصموا مني دِمَاءَهُمْ
وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وحسابهم على الله ".
الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن سمع أَبَاهُ وأنسا وَابْن عمر، روى عَنهُ
مَالك وَشعْبَة وَابْن جريح وَمُحَمّد بن عجلَان وَالْحسن بن الْحر وَابْن
عُيَيْنَة وَعبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم والوليد بن كثير وَإِسْمَاعِيل بن
جَعْفَر وَمُحَمّد بن إِسْحَاق وَغَيرهم، قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل:
الْعَلَاء ثِقَة، لم أسمع أحدا ذكره بِسوء، وَهُوَ فَوق سُهَيْل. وَقَالَ
أَبُو حَاتِم: الْعَلَاء صَدُوق. وَقَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن: الْعَلَاء
لَيْسَ بِهِ بَأْس، روى عَنهُ مَالك. وَقَالَ يحيى بن معِين: الْعَلَاء
لَيْسَ بِحجَّة. وَقَالَ مرّة: لَيْسَ بِذَاكَ، لم يزل النَّاس
[يَتَّقُونَ] حَدِيثه. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: [لَيْسَ هُوَ بأقوى مَا يكون
وَقَالَ أَبُو حَاتِم] : الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن روى عَنهُ الثِّقَات،
وانا أنكر من حَدِيثه شَيْئا. وَقَالَ الْحَاكِم: الْعَلَاء اعْتَمدهُ
مُسلم فِي كل مَا يَصح عَنهُ من
(1/85)
الرِّوَايَات عَن أَبِيه وَغَيره، إِذا
كَانَ الرَّاوِي عَنهُ ثِقَة.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو غَسَّان المسمعي مَالك بن عبد الْوَاحِد، ثَنَا عبد
الْملك بن الصَّباح، عَن شُعْبَة، عَن وَاقد بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد
الله بن عمر، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى
يشْهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، ويقيموا
الصَّلَاة، ويؤتوا الزَّكَاة، فَإِذا فَعَلُوهُ عصموا مني دِمَاءَهُمْ
وَأَمْوَالهمْ، وحسابهم على الله ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر.
وحدثنيه: زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، كِلَاهُمَا عَن [أبي]
مَالك، عَن أَبِيه أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- يَقُول: " من وَحده الله ... " ثمَّ ذكر بِمثلِهِ.
أَبُو مَالك اسْمه سعد، وَأَبوهُ طَارق بن أَشْيَم، وَأَبُو خَالِد
أُسَمِّهِ سُلَيْمَان بن حَيَّان.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع، ثَنَا سُفْيَان، عَن
[أبي] الزبير، عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا
إِلَه إِلَّا الله، فَإِذا / قَالُوا لَا إِلَه إِلَّا الله عصموا مني
دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وحسابهم على الله، ثمَّ
قَرَأَ: {إِنَّمَا أَنْت مُذَكّر لست عَلَيْهِم بمسيطر} "
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر.
(1/86)
وَحدثنَا أَبُو كريب وَإِسْحَاق بن
إِبْرَاهِيم، عَن أبي مُعَاوِيَة، كِلَاهُمَا عَن الْأَعْمَش، عَن أبي
ظبْيَان، عَن أُسَامَة بن زيد - وَهَذَا حَدِيث ابْن أبي شيبَة - قَالَ: "
بعثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سَرِيَّة،
فصبحنا الحرقات من جُهَيْنَة، فأدركت رجلا فَقَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله.
فطعنته، فَوَقع فِي نَفسِي من ذَلِك، فَذَكرته للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: أقَال لَا إِلَه إِلَّا الله وقتلته؟ ! قَالَ: قلت: يَا
رَسُول الله، إِنَّمَا قَالَهَا خوفًا من السِّلَاح. قَالَ: أَفلا شققت عَن
قلبه حَتَّى تعلم أقالها أم لَا؟ فَمَا زَالَ يكررها عَليّ حَتَّى تمنيت
أَنِّي أسلمت يَوْمئِذٍ. قَالَ: فَقَالَ سعد: وَأَنا وَالله لَا أقتل
مُسلما حَتَّى يقْتله ذُو البطين - يَعْنِي: أُسَامَة - قَالَ: قَالَ رجل:
ألم يقل الله - عز وَجل -: {قاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة وَيكون الدَّين
كُله لله} ؟ فَقَالَ سعد: قد قاتلنا حَتَّى لَا تكون فتْنَة، وَأَنت
وَأَصْحَابك تُرِيدُونَ أَن تقاتلوا حَتَّى تكون فتْنَة ".
أَبُو ظبْيَان اسْمه حُصَيْن بن جُنْدُب الْجَنبي.
بَاب ثَوَاب من مَاتَ مقرا بِالشَّهَادَتَيْنِ مخلصاً بهَا
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب، كِلَاهُمَا عَن
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم - قَالَ أَبُو بكر: ثَنَا ابْن علية - عَن
خَالِد، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، عَن حمْرَان، عَن عُثْمَان قَالَ: قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من مَاتَ وَهُوَ
يعلم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة ".
مُسلم: حَدثنَا سهل بن عُثْمَان وَأَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء،
جَمِيعًا عَن أبي مُعَاوِيَة - قَالَ أَبُو كريب: ثَنَا مُعَاوِيَة - عَن
الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن
(1/87)
أبي هُرَيْرَة - أَو عَن أبي [سعيد] شكّ
الْأَعْمَش - قَالَ: " لما كَانَ يَوْم غَزْوَة تَبُوك أصَاب النَّاس
مجاعَة، قَالُوا: يَا رَسُول الله، لَو أَذِنت لنا فنحرنا نواضحنا فأكلنا
وادهنا. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
افعلوا. قَالَ: فجَاء عمر فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن فعلت قل الظّهْر،
وَلَكِن ادعهم بِفضل أَزْوَادهم، ثمَّ ادْع الله لَهُم عَلَيْهَا
بِالْبركَةِ، لَعَلَّ الله أَن يَجْعَل فِي ذَلِك. فَقَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: نعم. قَالَ: فَدَعَا بنطع فبسطه،
ثمَّ دَعَا بِفضل أَزْوَادهم قَالَ: فَجعل الرجل يَجِيء بكف ذرة، وَجعل
يَجِيء الآخر بكف تمر. قَالَ: وَيَجِيء الآخر بكسرة، حَتَّى اجْتمع على
النطع من ذَلِك شَيْء يسير. قَالَ: فَدَعَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْبركَةِ ثمَّ قَالَ: خُذُوا فِي أوعيتكم. قَالَ:
فَأخذُوا فِي أوعيتهم حَتَّى مَا تركُوا فِي الْعَسْكَر وعَاء إِلَّا
ملئوه. قَالَ: فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وفضلت فضلَة. فَقَالَ رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا
الله وَأَنِّي رَسُول الله لَا يلقى الله بهما عبد غير شَاك فيحجب عَن
الْجنَّة ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن ابْن عجلَان، عَن
مُحَمَّد ابْن يحيى بن حبَان، عَن ابْن محيريز، عَن الصنَابحِي، عَن
عبَادَة بن الصَّامِت أَنه قَالَ: " دخلت عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَوْت،
فَبَكَيْت، فَقَالَ: مهلا، وَلم تبكى؟ فوَاللَّه لَئِن استشهدت لأشهدن لَك،
وَلَئِن شفعت لأشفعن لَك، وَلَئِن اسْتَطَعْت لأنفعنك، ثمَّ قَالَ: وَالله،
مَا من حَدِيث سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- لكم فِيهِ خير إِلَّا حَدَّثتكُمُوهُ إِلَّا حَدِيثا وَاحِدًا، وسوف
أحدثكموه الْيَوْم، وَقد احيط بنفسي، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن
مُحَمَّدًا رَسُول الله حرم الله عَلَيْهِ النَّار ".
الصنَابحِي اسْمه عبد الرَّحْمَن بن عسيلة أَبُو عبد الله، قدم الْمَدِينَة
بعد وَفَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بست لَيَال،
نزل الشَّام، سمع أَبَا بكر الصّديق وَعبادَة بن الصَّامِت وبلال بن
رَبَاح، روى عَنهُ عبد الله بن محيريز وَأَبُو الْخَيْر مرْثَد بن عبد الله
وَرَبِيعَة ابْن يزِيد.
(1/88)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَبُو بكر بن
نَافِع، حَدثنَا بهز، ثَنَا حَمَّاد، ثَنَا ثَابت، عَن أنس قَالَ: "
حَدثنِي عتْبَان بن مَالك أَنه عمي، فَأرْسل إِلَى رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: تعال فَخط لي مَسْجِدا. فجَاء
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَجَاء قومه وتغيب رجل
مِنْهُم يُقَال لَهُ: مَالك بن الدخشم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّه
وَإنَّهُ - يقعون فِيهِ - فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: أَلَيْسَ يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول
الله؟ (قَالَ: إِنَّمَا يَقُولهَا مُتَعَوِّذًا) ، قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي
بِيَدِهِ، لَا يَقُولهَا أحد صَادِقا إِلَّا حرمت عَلَيْهِ النَّار ".
ذكر مُسلم هَذَا الحَدِيث وَلم يقل: " صَادِقا " وَسَيَأْتِي فِي بَاب
اتِّخَاذ الْمَسَاجِد فِي الْبيُوت، إِن شَاءَ الله. /
بَاب من شهد عِنْد الْمَوْت أَن لَا إِلَه إِلَّا الله شهد لَهُ بهَا عِنْد
الله
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى التجِيبِي، أبنا عبد الله بن وهب،
أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب، عَن أَبِيه
قَالَ: " لما حضرت أَبَا طَالب الْوَفَاة جَاءَهُ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَوجدَ عِنْده أَبَا جهل وَعبد الله بن أبي
أُميَّة بن الْمُغيرَة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: يَا عَم، قل لَا إِلَه إِلَّا الله، كلمة أشهد لَك بهَا
عِنْد الله. فَقَالَ أَبُو جهل وَعبد الله بن أبي أُميَّة: يَا أَبَا
طَالب، أترغب عَن مِلَّة عبد الْمطلب؟ فَلم يزل رَسُول الله يعرضهَا
وَيُعِيد لَهُ تِلْكَ الْمقَالة، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالب آخر مَا
كَلمهمْ: هُوَ على مِلَّة عبد الْمطلب. وأبى أَن يَقُول لَا إِلَه إِلَّا
الله، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أما
وَالله لأَسْتَغْفِرَن لَك مَا لم أَنه عَنْك. فَأنْزل الله - عز وَجل -:
{مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين
وَلَو كَانُوا أولي قربى من بعد مَا تبين لَهُم أَنهم
(1/89)
أَصْحَاب الْجَحِيم} وَأنزل الله - عز وَجل
- فِي أبي طَالب، فَقَالَ لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ -: {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت وَلَكِن الله يهدي من يَشَاء وَهُوَ
أعلم بالمهتدين} ".
وَحدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعبد بن حميد قَالَا: أَنا عبد
الرَّزَّاق، أَنا معمر.
وَحدثنَا حسن الْحلْوانِي وَعبد بن حميد قَالَا: ثَنَا يَعْقُوب - وَهُوَ
ابْن إِبْرَاهِيم ابْن سعد - أَنا أبي، عَن صَالح كِلَاهُمَا، عَن
الزُّهْرِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله، غير أَن حَدِيث صَالح انْتهى عِنْد
قَوْله: " فَأنْزل الله - عز وَجل - فِيهِ " وَلم يذكر الْآيَتَيْنِ،
وَقَالَ فِي حَدِيثه: " ويعودان لَهُ بِتِلْكَ الْمقَالة " وَفِي حَدِيث
معمر مَكَان هَذِه الْمقَالة: " الْكَلِمَة فَلم يَزَالَا بِهِ ".
بَاب أول مَا يدعى إِلَيْهِ النَّاس من فَرَائض الْإِيمَان وَالشَّهَادَة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب وَإِسْحَاق بن
إِبْرَاهِيم جميعأً، عَن وَكِيع - قَالَ أَبُو بكر: ثَنَا وَكِيع - عَن
زَكَرِيَّا بن إِسْحَاق، حَدثنِي يحيى بن عبد الله بن صَيْفِي، عَن أبي
معبد، عَن ابْن عَبَّاس، عَن معَاذ بن جبل - قَالَ أَبُو بكر: وَرُبمَا
قَالَ وَكِيع: عَن ابْن عَبَّاس، أَن معَاذًا - قَالَ: " بَعَثَنِي رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِنَّك تَأتي قوما
من أهل الْكتاب، فادعهم إِلَى شَهَادَة أَن لَا / إِلَه إِلَّا الله
وَأَنِّي رَسُول الله، فَإِن هم أطاعوا لذَلِك فأعلمهم أَن الله افْترض
عَلَيْهِم خمس صلوَات فِي كل يَوْم وَلَيْلَة، فَإِن هم أطاعوا لذَلِك
فأعلمهم أَن الله افْترض عَلَيْهِم صَدَقَة تُؤْخَذ من أغنيائهم فَترد فِي
فقرائهم، فَإِن هم أطاعوا لذَلِك
(1/90)
فإياك وكرائم أَمْوَالهم، وَاتَّقِ دَعْوَة
الْمَظْلُوم، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَينهَا وَبَين الله حجاب ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو عَاصِم، ثَنَا زَكَرِيَّا بن إِسْحَاق، عَن
يحيى بن مُحَمَّد ابْن عبد الله بن صَيْفِي، عَن أبي معبد، عَن ابْن
عَبَّاس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث
معَاذًا إِلَى الْيمن ".
وحَدثني عبد الله بن أبي الْأسود، ثَنَا الْفضل بن الْعَلَاء، ثَنَا
إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن يحيى بن مُحَمَّد بن عبد الله بن صَيْفِي أَنه
سمع أَبَا معبد مولى ابْن عَبَّاس يَقُول: سَمِعت ابْن عَبَّاس قَالَ: "
لما بعث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - معَاذ بن جبل
إِلَى نَحْو أهل الْيمن قَالَ لَهُ: إِنَّك تقدم على قوم من أهل الْكتاب،
فَلْيَكُن أول مَا تدعوهم إِلَى أَن (يوحدوا الله، فَإِذا عرفُوا ذَلِك
فَأخْبرهُم أَن الله - تَعَالَى - فرض عَلَيْهِم [خمس صلوَات فِي يومهم
وليلتهم، فَإِذا صلوا فَأخْبرهُم أَن الله افْترض عَلَيْهِم] زَكَاة فِي
أَمْوَالهم) تُؤْخَذ من غنيهم، فَترد على فقيرهم، فَإِذا أقرُّوا بذلك فَخذ
مِنْهُم، وتوق كرائم أَمْوَال النَّاس ".
بَاب حق الله على الْعباد أَن يعبدوه وحقهم عَلَيْهِ أَلا يعذبهم إِذا
فعلوا ذَلِك
مُسلم: حَدثنَا هداب بن خَالِد الْأَزْدِيّ، ثَنَا همام، ثما قَتَادَة،
ثَنَا أنس بن مَالك، عَن معَاذ بن جبل قَالَ: " كنت ردف النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ بيني وَبَينه إِلَّا مؤخرة الرحل،
فَقَالَ: يَا معَاذ بن جبل. قلت: لبيْك يَا رَسُول الله وَسَعْديك. ثمَّ
سَار
(1/91)
سَاعَة ثمَّ قَالَ: يَا معَاذ بن جبل. قلت:
لبيْك يَا رَسُول الله وَسَعْديك [ثمَّ سَار سَاعَة. ثمَّ قَالَ: يَا معَاذ
بن جبل. قلت: لبيْك رَسُول الله وَسَعْديك] قَالَ: هَل تَدْرِي مَا حق الله
على الْعباد؟ قَالَ: قلت الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: فَإِن حق الله على
الْعباد أَن يعبدوه وَلَا يشركوا بِهِ شَيْئا. ثمَّ سَار سَاعَة فَقَالَ:
يَا معَاذ بن جبل فَقلت: لبيْك رَسُول الله وَسَعْديك. قَالَ: هَل تَدْرِي
مَا حق الْعباد على الله إِذا فعلوا ذَلِك؟ قلت: الله وَرَسُوله أعلم.
قَالَ: أَلا يعذبهم ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار. قَالَ ابْن مثنى: ثَنَا
مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي حُصَيْن والأشعث بن سليم
أَنَّهُمَا سمعا الْأسود بن هِلَال يحدث عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ
رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا معَاذ،
أَتَدْرِي مَا حق الله على الْعباد؟ قَالَ: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ:
أَن يعبد الله وَلَا يُشْرك بِهِ [شَيْء] . قَالَ: هَل تَدْرِي مَا حَقهم
عَلَيْهِ إِذا فعلوا ذَلِك؟ فَقَالَ: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: أَلا
يعذبهم ".
بَاب من اقْتصر على أَدَاء الْفَرَائِض
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله
الثَّقَفِيّ، عَن مَالك بن أنس فِيمَا قرئَ عَلَيْهِ، عَن أبي سُهَيْل، عَن
أَبِيه أَنه سمع طَلْحَة بن عبيد الله يَقُول: " جَاءَ رجل إِلَى رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، من أهل نجد ثَائِر الرَّأْس
نسْمع دوِي صَوته وَلَا نفقه مَا يَقُول حَتَّى دنا من رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِذا هُوَ يسْأَل عَن الْإِسْلَام.
فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: خمس صلوَات
فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة. فَقَالَ: هَل عَليّ غَيْرهنَّ؟ قَالَ: لَا،
إِلَّا أَن تطوع، وَصِيَام شهر رَمَضَان. فَقَالَ: هَل عَليّ غَيره؟
فَقَالَ: لَا،
(1/92)
إِلَّا أَن تطوع. وَذكر لَهُ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الزَّكَاة فَقَالَ: هَل عَليّ
غَيرهَا؟ فَقَالَ: لَا، إِلَّا أَن تطوع. قَالَ: فَأَدْبَرَ الرجل، وَهُوَ
يَقُول: وَالله لَا أَزِيد على هَذَا وَلَا أنقص مِنْهُ. فَقَالَ رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: افلح إِن صدق ".
وحَدثني يحيى بن أَيُّوب وقتيبة بن سعيد جَمِيعًا، عَن إِسْمَاعِيل بن
جَعْفَر، عَن أبي سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن طَلْحَة بن عبيد الله، عَن
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا الحَدِيث نَحْو
حَدِيث مَالك غير أَنه قَالَ: " فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَفْلح وَأَبِيهِ إِن صدق - أَو دخل الْجنَّة
وَأَبِيهِ إِن يصدق ".
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو بن مُحَمَّد بن بكير النَّاقِد، ثَنَا هَاشم بن
الْقَاسِم أَبُو النَّضر، ثَنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، عَن ثَابت، عَن
أنس بن مَالك قَالَ: " نهينَا أَن نسْأَل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن شَيْء، فَكَانَ يعجبنا أَن يَجِيء الرجل من أهل
الْبَادِيَة الْعَاقِل فيسأله وَنحن نسْمع، فجَاء رجل من أهل الْبَادِيَة
فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، أَتَانَا رَسُولك فَزعم لنا أَنَّك تزْعم أَن الله
أرسلك. قَالَ: صدق. قَالَ: فَمن خلق السَّمَاء؟ قَالَ: الله. قَالَ: فَمن
خلق الأَرْض؟ قَالَ: الله. قَالَ: فَمن نصب هَذِه الْجبَال، وَجعل فِيهَا
مَا جعل؟ قَالَ: الله. قَالَ: فبالذي خلق السَّمَاء وَخلق الأَرْض وَنصب
هَذِه الْجبَال الله أرسلك؟ قَالَ: نعم. قَالَ: وَزعم رَسُولك أَن علينا
خمس صلوَات فِي يَوْمنَا وليلتنا. قَالَ: / صدق. قَالَ: فبالذي أرسلك الله
أَمرك بِهَذَا؟ قَالَ: نعم. قَالَ: وَزعم رَسُولك أَن علينا زَكَاة فِي
أَمْوَالنَا. قَالَ: صدق. قَالَ: فبالذي أرسلك الله أَمرك بِهَذَا؟ قَالَ:
نعم. قَالَ وَزعم رَسُولك أَن علينا صَوْم شهر رَمَضَان فِي سنتنا قَالَ:
صدق. قَالَ فبالذي أرسلك الله أَمرك بِهَذَا؟ قَالَ: نعم. قَالَ: وَزعم
[رَسُولك] أَن علينا حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا. قَالَ:
صدق. قَالَ: ثمَّ ولى. قَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَا أَزِيد
عَلَيْهِنَّ وَلَا أنقص مِنْهُنَّ. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
(1/93)
لَئِن صدق ليدخلن الْجنَّة ".
وحَدثني عبد الله بن هَاشم الْعَبْدي، ثَنَا بهز، ثَنَا سُلَيْمَان بن
الْمُغيرَة، عَن ثَابت قَالَ: قَالَ أنس: " كُنَّا نهينَا فِي الْقُرْآن
أَن نسْأَل رَسُول الله عَن شَيْء ... " وسَاق الحَدِيث بِمثلِهِ.
مُسلم حَدثنِي أَبُو بكر بن إِسْحَاق، ثَنَا عَفَّان، ثَنَا وهيب، ثَنَا
يحيى بن سعيد، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن أَعْرَابِيًا جَاءَ
إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا
رَسُول الله، دلَّنِي على عمل إِذا عملته دخلت الْجنَّة. قَالَ: تعبد الله
لَا تشرك بِهِ شَيْئا، وتقيم الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة، وَتُؤَدِّي
الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة، وتصوم رَمَضَان. قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي
بِيَدِهِ، لَا أَزِيد على هَذَا شَيْئا وَلَا أنقص مِنْهُ. فَلَمَّا ولى
قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. من سره أَن ينظر
إِلَى رجل من [أهل] الْجنَّة فَلْينْظر إِلَى هَذَا ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب - وَاللَّفْظ لأبي بكر
- قَالَا: ثَنَا مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر
قَالَ: " أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
النُّعْمَان بن قوقل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت إِذا صليت
الْمَكْتُوبَة، وَحرمت الْحَرَام، وأحللت الْحَلَال، أَأدْخل الْجنَّة؟
فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: نعم ".
وحَدثني الْحجَّاج بن الشَّاعِر وَالقَاسِم بن زَكَرِيَّا قَالَا: ثَنَا
عبيد الله بن مُوسَى، عَن شَيبَان، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح وَأبي
سُفْيَان، عَن جَابر قَالَ: " قَالَ النُّعْمَان بن قوقل: يَا رَسُول الله
... " بِمثلِهِ. وَزَادا فِيهِ: " وَلم أَزْد أَزْد
(1/94)
على ذَلِك شَيْئا ".
وَزَاد مُسلم أَيْضا فِي حَدِيث آخر: " وَصمت رَمَضَان " رَوَاهُ عَن
سَلمَة ابْن شبيب، عَن الْحسن بن أعين، عَن معقل بن عبيد الله، عَن أبي
الزبير، عَن جَابر.
بَاب فضل من زَاد على الْفَرَائِض
الْبَزَّار: حَدثنَا / مُحَمَّد بن رزق الله الكلواذاني وَعمر بن الْخطاب
السجسْتانِي قَالَا: ثَنَا الحكم بن نَافِع أَبُو الْيَمَان، ثَنَا شُعَيْب
بن أبي حَمْزَة، حَدثنِي عبد الله ابْن عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَيْن،
حَدثنِي عِيسَى بن طَلْحَة، عَن عَمْرو بن مرّة الْجُهَنِيّ قَالَ: " جَاءَ
رجل من قضاعة إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن شهِدت أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك
رَسُول الله، وَصليت الصَّلَوَات الْخمس، وَصمت رَمَضَان وقمته، وآتيت
الزَّكَاة؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
من مَاتَ على هَذَا كَانَ من الصديقين وَالشُّهَدَاء ".
قَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا الْكَلَام لَا نعلمهُ يرْوى إِلَّا عَن عَمْرو بن
مرّة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا نعلم
لَهُ إِسْنَادًا غير هَذَا.
بَاب الْإِيمَان قَول وَعمل وَنِيَّة وَيزِيد وَينْقص وَبَعضه أفضل من بعض
وَقَوله تَعَالَى
{ويزداد الَّذين آمنُوا إِيمَانًا} وَقَوله عز وَجل {إِلَّا الَّذين
تَابُوا وَأَصْلحُوا واعتصموا بِاللَّه وَأَخْلصُوا دينهم لله فَأُولَئِك
مَعَ الْمُؤمنِينَ}
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، أبنا
أَبُو حَيَّان التَّيْمِيّ،
(1/95)
عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
" كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بارزاً يَوْمًا
للنَّاس، فَأَتَاهُ رجل [فَقَالَ] : مَا الْإِيمَان؟ قَالَ: أَن تؤمن
بِاللَّه، وَمَلَائِكَته، وبلقائه، وَرُسُله، وتؤمن بِالْبَعْثِ. قَالَ:
مَا الْإِسْلَام؟ قَالَ: الْإِسْلَام أَن تعبد الله وَلَا تشرك بِهِ
شَيْئا، وتقيم الصَّلَاة، وَتُؤَدِّي الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة، وتصوم
رَمَضَان. قَالَ: مَا الْإِحْسَان؟ قَالَ: أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ،
فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك. قَالَ: مَتى السَّاعَة؟ قَالَ: مَا
الْمَسْئُول بِأَعْلَم من السَّائِل، وسأخبرك عَن أشراطها: إِذا ولدت
الْأمة رَبهَا، وَإِذا تطاول رُعَاة الْإِبِل البهم فِي الْبُنيان فِي خمس
لَا يعلمهُنَّ إِلَّا الله. ثمَّ تَلا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} الْآيَة، ثمَّ أدبر.
فَقَالَ: ردُّوهُ. فَلم يرَوا شَيْئا فَقَالَ: هَذَا جِبْرِيل جَاءَ يعلم
النَّاس دينهم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن الْجَعْد، أخبرنَا شُعْبَة، عَن أبي جَمْرَة
قَالَ: " كنت أقعد مَعَ ابْن عَبَّاس فيجلسني على سَرِيره، فَقَالَ: أقِم
عِنْدِي حَتَّى أجعَل لَك سَهْما من مَالِي. فأقمت مَعَه شَهْرَيْن، ثمَّ
قَالَ: إِن وَفد عبد الْقَيْس لما أَتَوا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: من الْقَوْم - أَو من الْوَفْد -؟ قَالُوا:
ربيعَة. / قَالَ: مرحباُ بالقوم - أَو بالوفد - غير خزايا وَلَا ندامى.
فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّا لَا نستطيع [أَن] نَأْتِيك إِلَّا فِي
الشَّهْر الْحَرَام، وَبينا وَبَيْنك هَذَا الْحَيّ من كفار مُضر، فمرنا
بِأَمْر فصل نخبر بِهِ من وَرَاءَنَا وندخل بِهِ الْجنَّة. وسألوه عَن
الْأَشْرِبَة، فَأَمرهمْ بِأَرْبَع، ونهاهم عَن أَربع: أَمرهم بِالْإِيمَان
بِاللَّه وَحده، قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَان بِاللَّه وَحده؟
قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، وإقام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة،
وَصِيَام رَمَضَان، وَأَن تعطوا من الْمغنم الْخمس. ونهاهم عَن أَربع:
الحنتم،
(1/96)
والدباء، والنقير، والمزفت - وَرُبمَا
قَالَ: المقير - قَالَ: احفظوهن، وأخبروا بِهن من وَرَائِكُمْ ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن سُهَيْل، عَن عبد الله
بن دِينَار، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْإِيمَان بضع وَسَبْعُونَ - أَو
بضع وَسِتُّونَ - شُعْبَة، فأفضلها قَول لَا إِلَه إِلَّا الله،
وَأَدْنَاهَا إمَاطَة الْأَذَى عَن الطَّرِيق، وَالْحيَاء شُعْبَة من
الْإِيمَان ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان.
وَحدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة،
كِلَاهُمَا عَن قيس ابْن مُسلم، عَن طَارق بن شهَاب - وَهَذَا حَدِيث أبي
بكر - قَالَ: " أول من بَدَأَ بِالْخطْبَةِ يَوْم الْعِيد قبل الصَّلَاة
مَرْوَان، فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ: الصَّلَاة قبل الْخطْبَة. فَقَالَ
لَهُ: قد ترك مَا هُنَالك. فَقَالَ أَبُو سعيد: أما هَذَا فقد قضى مَا
عَلَيْهِ، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
يَقُول: من رأى مِنْكُم مُنْكرا فليغيره بِيَدِهِ، فَإِن لم يسْتَطع
فبلسانه، فَإِن لم يسْتَطع فبقلبه، وَذَلِكَ أَضْعَف الْإِيمَان ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رمح بن المُهَاجر الْمصْرِيّ، أبنا اللَّيْث،
عَن ابْن الْهَاد، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن عبد الله بن عمر، عَن
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " يَا
معشر النِّسَاء، تصدقن وأكثرن الاسْتِغْفَار، فَإِنِّي رأيتكن أَكثر أهل
النَّار.
(1/97)
فَقَالَت امْرَأَة مِنْهُنَّ جزلة: وَمَا
لنا يَا رَسُول الله أَكثر أهل النَّار؟ قَالَ: تكثرن اللَّعْن، وتكفرن
العشير، مَا رَأَيْت من ناقصات عقل وَدين أغلب لذِي لب مِنْكُن. قَالَت:
يَا رَسُول الله، وَمَا نُقْصَان الْعقل / وَالدّين؟ قَالَ: أما نُقْصَان
الْعقل فشهادة أمرأتين تعدل شَهَادَة رجل، فَهَذَا نُقْصَان الْعقل، وتمكث
اللَّيَالِي لَا تصلي وتفطر فِي رَمَضَان، فَهَذَا نُقْصَان الدَّين ".
مُسلم: حَدثنِي عبد بن حميد، أَنا جَعْفَر بن عون، أَنا أَبُو عُمَيْس، عَن
قيس بن مُسلم، عَن طَارق بن شهَاب قَالَ: " جَاءَ رجل من الْيَهُود إِلَى
عمر فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، آيَة فِي كتابكُمْ تقرءونها، لَو
علينا نزلت - معشر الْيَهُود - لاتخذنا ذَلِك الْيَوْم عيداً. قَالَ: وَأي
آيَة. قَالَ: {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وأتممت عَلَيْكُم نعمتي ورضيت
لكم الْإِسْلَام دينا} فَقَالَ عمر: إِنِّي لأعْلم الْيَوْم الَّذِي نزلت
فِيهِ وَالْمَكَان الَّذِي نزلت فِيهِ، نزلت على رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعَرَفَات يَوْم جُمُعَة ".
أَبُو عُمَيْس اسْمه عتبَة بن عبد الله بن مَسْعُود.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن
مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أكمل الْمُؤمنِينَ
إِيمَانًا أحْسنهم خلقا ".
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، ثَنَا مَالك، عَن يحيى بن سعيد،
عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة بن وَقاص، عَن عمر بن الْخطاب
(1/98)
قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا
لامرئ مَا نوى، فَمن كَانَت هجرته إِلَى الله وَرَسُوله فَهجرَته إِلَى
الله وَرَسُوله، وَمن كَانَت هجرته لدُنْيَا يُصِيبهَا أَو امْرَأَة
يَتَزَوَّجهَا فَهجرَته إِلَى مَا هَاجر إِلَيْهِ ".
بَاب تفاضل أهل الْإِيمَان فِيهِ
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الرّبيع الْعَتكِي، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، ثَنَا معبد
بن هِلَال الْعَنزي.
وَحدثنَا سعيد بن مَنْصُور - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا حَمَّاد بن زيد،
ثَنَا معبد بن هِلَال قَالَ: " انطلقنا إِلَى أنس بن مَالك وتشفعنا
بِثَابِت فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي الضُّحَى، فَاسْتَأْذن
لنا ثَابت فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وأجلس ثَابتا مَعَه على سَرِيره، فَقَالَ
لَهُ: يَا أَبَا حَمْزَة، إِن إخوانك من أهل الْبَصْرَة يَسْأَلُونَك أَن
تحدثهم حَدِيث الشَّفَاعَة. قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة / ماج
النَّاس بَعضهم إِلَى بعض فَيَأْتُونَ آدم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَيَقُولُونَ لَهُ: اشفع لذريتك. فَيَقُول: لست لَهَا،
وَلَكِن عَلَيْكُم بإبراهيم فَإِنَّهُ خَلِيل الله. ف 6 يأْتونَ
إِبْرَاهِيم
فَيَقُول: لست لَهَا وَلَكِن عَلَيْكُم بمُوسَى فَإِنَّهُ كليم الله.
فَيُؤتى مُوسَى فَيَقُول: لست لَهَا، وَلَكِن عَلَيْكُم بِعِيسَى فَإِنَّهُ
روح الله وكلمته. فيؤتي عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فَيَقُول: لست لَهَا، وَلَكِن عَلَيْكُم بِمُحَمد - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأوتى فَأَقُول: أَنا لَهَا، فأنطلق فَأَسْتَأْذِن
على رَبِّي - عز وَجل - فَيُؤذن لي، فأقوم بَين يَدَيْهِ، فأحمده
بِمَحَامِد لَا أقدر عَلَيْهِ الْآن يلهمنيه الله - عز وَجل - ثمَّ أخر
لَهُ سَاجِدا، فَيُقَال لي: يَا مُحَمَّد، ارْفَعْ رَأسك، وَقل يسمع لَك،
وسل تعطه، وَاشْفَعْ تشفع. فَأَقُول: رب أمتِي أمتِي. فَيُقَال: انْطلق،
فَمن كَانَ فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من برة أَو شعيرَة من إِيمَان
فَأخْرجهُ مِنْهَا. فأنطلق فأفعل ثمَّ أرجع إِلَى رَبِّي - عز وَجل -
فأحمده بِتِلْكَ المحامد، ثمَّ أخر لَهُ سَاجِدا، فَيُقَال لي: يَا
مُحَمَّد، ارْفَعْ رَأسك،
(1/99)
وَقل يسمع لَك، وسل تعطه، وَاشْفَعْ تشفع.
فَأَقُول: أمتِي أمتِي، فَيُقَال لي: انْطلق فَمن كَانَ فِي قلبه مِثْقَال
حَبَّة من خَرْدَل من إِيمَان فَأخْرجهُ مِنْهَا. فأنطلق فأفعل، ثمَّ
أَعُود إِلَى رَبِّي - عز وَجل - فأحمده بِتِلْكَ المحامد، ثمَّ أخر لَهُ
سَاجِدا فَيُقَال لي: يَا مُحَمَّد، ارْفَعْ رَأسك، وَقل يسمع لَك، وسل
تعطه، وَاشْفَعْ تشفع. فَأَقُول: يَا رب، أمتِي أمتِي. فَيُقَال لي: انْطلق
فَمن كَانَ فِي قلبه أدنى أدنى أدنى من مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل من
إِيمَان فَأخْرجهُ من النَّار. فأنطلق فأفعل ".
هَذَا حَدِيث أنس الَّذِي أَنبأَنَا بِهِ فخرجنا من عِنْده، فَلَمَّا
كُنَّا بِظهْر الجبان قُلْنَا: لَو ملنا إِلَى الْحسن فسلمنا عَلَيْهِ
وَهُوَ مستخف فِي دَار أبي خَليفَة. قَالَ: فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فسلمنا
عَلَيْهِ قُلْنَا: يَا أَبَا سعيد، جِئْنَا من عِنْد أَخِيك أبي حَمْزَة
فَلم نسْمع بِمثل حَدِيث حدّثنَاهُ فِي الشَّفَاعَة قَالَ: هيه.
فَحَدَّثنَاهُ الحَدِيث، فَقَالَ: هيه. قُلْنَا: مَا زادنا. قَالَ: قد
حَدثنَا بِهِ مُنْذُ عشْرين سنة وَهُوَ يَوْمئِذٍ جَمِيع، وَلَقَد ترك
شَيْئا مَا أَدْرِي أنسي الشَّيْخ أَو كره أَن يُحَدثكُمْ فتتكلوا. قُلْنَا
لَهُ: حَدثنَا فَضَحِك وَقَالَ: خلق الْإِنْسَان / من عجل، مَا ذكرت لكم
هَذَا إِلَّا وَأَنا أُرِيد أَن أحدثكموه: " ثمَّ أرجع إِلَى رَبِّي - عز
وَجل - فِي الرَّابِعَة فأحمده بِتِلْكَ المحامد، ثمَّ أخر لَهُ سَاجِدا،
فَيُقَال لي: يَا مُحَمَّد، ارْفَعْ [رَأسك] وَقل يسمع لَك، وسل تعط،
وَاشْفَعْ تشفع. فَأَقُول: يَا رب، ائْذَنْ لي فِيمَن قَالَ: لَا " إِلَه
إِلَّا الله. قَالَ: لَيْسَ ذَاك لَك - أَو قَالَ: لَيْسَ ذَلِك إِلَيْك -
وَلَكِن وَعِزَّتِي وكبريائي، وعظمتي وجبريائي لأخْرجَن من قَالَ لَا إِلَه
إِلَّا الله. قَالَ: وَأشْهد على الْحسن أَنه حَدثنَا بِهِ أَنه سمع أنس بن
مَالك أرَاهُ قَالَ: قبل عشْرين سنة وَهُوَ يَوْمئِذٍ جَمِيع ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبيد الله، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعد،
عَن [صَالح، عَن ابْن شهَاب، عَن أبي أُمَامَة بن سهل، أَنه سمع أَبَا
سعيد] الْخُدْرِيّ يَقُول:
(1/100)
قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بَينا أَنا نَائِم رَأَيْت النَّاس يعرضون عَليّ
وَعَلَيْهِم قمص، مِنْهَا مَا يبلغ الثدي، وَمِنْهَا مَا دون ذَلِك: قَالَ:
وَعرض عَليّ عمر بن الْخطاب وَعَلِيهِ قَمِيص يجره. قَالُوا: فَمَا أولت
ذَلِك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: الدَّين ".
بَاب تَسْمِيَة الْإِيمَان عملا وَالْعَمَل إِيمَانًا
مُسلم حَدثنِي أَبُو الرّبيع [الزهْرَانِي] ثَنَا حَمَّاد بن زيد، ثَنَا
هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه.
وثنا: خلف بن هِشَام الْبَزَّار - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا حَمَّاد بن زيد،
عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن أبي [مراوح اللَّيْثِيّ] ، عَن أبي
ذَر قَالَ: " قلت: يَا رَسُول الله، أَي الْأَعْمَال أفضل؟ قَالَ:
الْإِيمَان بِاللَّه، وَالْجهَاد فِي سَبيله. قَالَ: قلت: أَي الرّقاب
أفضل؟ قَالَ: أَنْفسهَا عِنْد أَهلهَا، وأكثرها ثمنا. قَالَ: قلت: فَإِن لم
أفعل؟ قَالَ: تعين صانعاً أَو تصنع لأخرق. قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله،
أَرَأَيْت إِن ضعفت عَن بعض الْعَمَل؟ قَالَ: تكف شرك عَن النَّاس،
فَإِنَّهَا صَدَقَة مِنْك على نَفسك "
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن خَالِد، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا أَبُو
إِسْحَاق، عَن الْبَراء " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - كَانَ أول مَا [قدم] الْمَدِينَة نزل على أجداده - أَو قَالَ:
أَخْوَاله - من
(1/101)
الْأَنْصَار، وَأَنه صلى قبل بَيت
الْمُقَدّس سِتَّة عشر شهرا أَو سَبْعَة عشر شهرا، وَكَانَ يُعجبهُ أَن
تكون قبلته قبل الْبَيْت، وَأَنه صلى أول صَلَاة صلاهَا: صلى الْعَصْر،
وَصلى مَعَه قوم، فَخرج رجل مِمَّن صلى / مَعَه، فَمر على أهل الْمَسْجِد
وهم رَاكِعُونَ، فَقَالَ: أشهد بِاللَّه لقد صليت مَعَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل مَكَّة. فَدَارُوا كَمَا هم قبل
الْبَيْت. وَكَانَت الْيَهُود قد أعجبهم إِذْ كَانَ يُصَلِّي قبل بَيت
الْمُقَدّس وَأهل الْكتاب، فَلَمَّا ولى وَجهه قبل الْبَيْت أَنْكَرُوا
ذَلِك ".
قَالَ زُهَيْر: ثَنَا أَبُو إِسْحَاق، عَن الْبَراء فِي حَدِيثه هَذَا: "
أَنه مَاتَ على الْقبْلَة قبل أَن تحول رجال وَقتلُوا، فَلم ندر مَا نقُول
فيهم، فَأنْزل الله - عز وَجل -: {مَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ} ".
لم يذكر مُسلم بن الْحجَّاج فِي هَذَا الحَدِيث الْأَخير الصَّلَاة إِلَى
بَيت الْمُقَدّس، وَخبر الرجل الَّذِي جَاءَ أهل قبَاء.
أَبُو مراوح الَّذِي تقدم فِي حَدِيث مُسلم لَا يعلم لَهُ اسْم، وَأَبُو
إِسْحَاق اسْمه عَمْرو بن عبد لله السبيعِي من هَمدَان، روى عَن جمَاعَة
وافرة من الصَّحَابَة - رَضِي الله عَنْهُم. وَأَبُو ربيع الزهْرَانِي
اسْمه سُلَيْمَان بن دَاوُد.
بَاب شعب الْإِيمَان وأيها أفضل
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن سعيد وَعبد بن حميد، قَالَا: ثَنَا أَبُو
عَامر الْعَقدي، حَدثنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن عبد الله بن دِينَار،
عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْإِيمَان بضع وَسَبْعُونَ شُعْبَة، وَالْحيَاء
شُعْبَة من الْإِيمَان ".
(1/102)
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن
مُحَمَّد، ثَنَا أَبُو عَامر بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله وَقَالَ: " بضع
وَسِتُّونَ شُعْبَة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن
سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن أبي صَالح، عَن أبي
هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
-: " الْإِيمَان بضع وَسَبْعُونَ بَابا، فأدناها إمَاطَة الْأَذَى عَن
الطَّرِيق، وأرفعها شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب الْإِيمَان أفضل الْأَعْمَال
مُسلم: حَدثنَا مَنْصُور بن أبي مُزَاحم، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعد.
قَالَ: وحَدثني مُحَمَّد بن جَعْفَر بن زِيَاد، أخبرنَا إِبْرَاهِيم -
يَعْنِي ابْن سعد - عَن / ابْن شهَاب، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي
هُرَيْرَة قَالَ: " سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ -: أَي الْأَعْمَال أفضل؟ فَقَالَ: إِيمَان بِاللَّه. قَالَ: ثمَّ
مَاذَا؟ قَالَ: الْجِهَاد فِي سَبِيل الله. قَالَ: ثمَّ مَاذَا؟ قَالَ: حج
مبرور ".
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن جَعْفَر قَالَ: " إِيمَان بِاللَّه وَرَسُوله "
بَاب الصَّلَاة من الْإِيمَان
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا أَبُو روح الحرمي بن
عمَارَة، ثَنَا شُعْبَة، عَن وَاقد بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر،
قَالَ: سَمِعت أبي يحدث عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يشْهدُوا
أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله ويقيموا
الصَّلَاة، ويؤتوا
(1/103)
الزَّكَاة، فَإِذا فعلوا ذَلِك عصموا مني
دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَق الْإِسْلَام، وحسابهم على الله ".
رَوَاهُ مُسلم بن الْحجَّاج وَقَالَ: " إِلَّا بحقهما ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبيد الله بن مُوسَى، أبنا حَنْظَلَة بن أبي
سُفْيَان، عَن عِكْرِمَة بن خَالِد، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بني الْإِسْلَام على خمس:
شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، وإقام
الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَالْحج، وَصَوْم رَمَضَان ".
بَاب الزَّكَاة من الْإِيمَان
البُخَارِيّ: حَدثنَا حجاج بن منهال، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، ثَنَا أَبُو
جَمْرَة قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول: " قدم وَفد عبد الْقَيْس على
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: يَا رَسُول
الله، إِنَّا هَذَا الْحَيّ من ربيعَة، قد حَالَتْ بَيْننَا وَبَيْنك كفار
مُضر، ولسنا نخلص إِلَيْك إِلَّا فِي الشَّهْر الْحَرَام، فمرنا بِشَيْء
نَأْخُذهُ عَنْك، وندعو إِلَيْهِ من وَرَاءَنَا. قَالَ: آمركُم بِأَرْبَع،
وأنهاكم عَن أَربع: الْإِيمَان بِاللَّه، وَشَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا
الله - وَعقد وَاحِدَة بِيَدِهِ هَكَذَا - وإقام الصَّلَاة، وإيتاء
الزَّكَاة، وَأَن تُؤَدُّوا خمس مَا غَنِمْتُم، وأنهاكم عَن الدُّبَّاء
والحنتم والمزفت والنقير ".
وَقَالَ سُلَيْمَان وَأَبُو النُّعْمَان، عَن حَمَّاد: " الْإِيمَان
بِاللَّه: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله ".
(1/104)
بَاب صِيَام رَمَضَان من الْإِيمَان
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا عَاصِم - وَهُوَ ابْن
مُحَمَّد ابْن زيد بن عبد الله بن عمر - عَن أَبِيه / قَالَ: قَالَ عبد
الله: (قَالَ) رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بني
الْإِسْلَام على خمس: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا
عَبده وَرَسُوله، وإقام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَحج الْبَيْت،
وَصَوْم رَمَضَان ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا ابْن سَلام، أخبرنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، ثَنَا يحيى
بن سعيد، عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من صَامَ رَمَضَان إِيمَانًا
واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".
بَاب حج الْبَيْت من الْإِيمَان
مُسلم: حَدثنِي ابْن نمير، ثَنَا أبي، [حَدثنَا] حَنْظَلَة [قَالَ] :
سَمِعت عِكْرِمَة بن خَالِد يحدث طاوساً أَن " رجلا قَالَ لعبد الله بن
عمر: أَلا تغزو؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن الْإِسْلَام بني على خَمْسَة: شَهَادَة
أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وإقام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَصِيَام
رَمَضَان، وَحج الْبَيْت ".
الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن حَمَّاد، حَدثنَا أَبُو مُوسَى، ثَنَا
أَبُو عَامر الْعَقدي، ثَنَا الرّبيع بن مُسلم، ثَنَا مُحَمَّد بن زِيَاد،
ثَنَا أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " يَا أَيهَا النَّاس، كتب عَلَيْكُم الْحَج. فَقَامَ رجل
فَقَالَ: فِي كل عَام يَا رَسُول
(1/105)
الله؟ فَأَعْرض عَنهُ. ثمَّ عَاد فَقَالَ:
فِي كل عَام يَا رَسُول الله؟ فَقَالَ: من الْقَائِل؟ قَالُوا: فلَان.
قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو قلت: نعم لَوَجَبَتْ، وَلَو وَجَبت
مَا أطقتموها، وَلَو لم تطيقوها لكَفَرْتُمْ، فَأنْزل الله - تَعَالَى -:
{يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم
تَسُؤْكُمْ}
بَاب الْجِهَاد من الْإِيمَان
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن عمَارَة - وَهُوَ ابْن
الْقَعْقَاع - عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تضمن الله - عز وَجل - لمن خرج
فِي سَبيله، لَا يُخرجهُ إِلَّا (جِهَاد) فِي سبيلي وإيمان بِي وتصديق
برسلي، فَهُوَ عَليّ ضَامِن أَن أدخلهُ الْجنَّة أَو أرجعه إِلَى مَسْكَنه
الَّذِي خرج مِنْهُ نائلا مَا نَالَ من أجر أَو غنيمَة، وَالَّذِي نفس
مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا من كلم يكلم فِي سَبِيل الله إِلَّا جَاءَ يَوْم
الْقِيَامَة كَهَيئَةِ حِين كلم، لَونه لون دم، وريحه ريح مسك، وَالَّذِي
نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَوْلَا أَن يشق على الْمُسلمين، مَا قعدت خلاف
سَرِيَّة تغزو فِي سَبِيل الله أبدا، وَلَكِن لَا أجد سَعَة فأحملهم وَلَا
تَجِدُونَ سَعَة، ويشق عَلَيْهِم أَن يتخلفوا عني، وَالَّذِي نفس مُحَمَّد
بِيَدِهِ، لَوَدِدْت أَنِّي أغزو فِي سَبِيل الله فأقتل، ثمَّ أغزوا فأقتل،
ثمَّ أغزو فأقتل ".
(1/106)
/ بَاب أَدَاء الْخمس من الْإِيمَان
مُسلم: حَدثنِي يحيى بن أَيُّوب، ثَنَا ابْن علية، ثَنَا سعيد بن أبي
عرُوبَة، عَن قَتَادَة، قَالَ: حَدثنِي من لَقِي الْوَفْد الَّذين قدمُوا
على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من عبد الْقَيْس -
قَالَ سعيد: وَذكر قَتَادَة أَبَا نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ فِي
حَدِيثه هَذَا: " أَن أُنَاسًا من عبد الْقَيْس قدمُوا على رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: يَا نَبِي الله، أَنا
حَيّ من ربيعَة، وبيننا وَبَيْنك كفار مُضر، وَلَا نقدر عَلَيْك إِلَّا فِي
أشهر الْحرم، فمرنا بِأَمْر نأمر بِهِ من وَرَاءَنَا، وندخل بِهِ الْجنَّة
إِذا نَحن أَخذنَا بِهِ. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: آمركُم بِأَرْبَع، وأنهاكم عَن أَربع: اعبدوا الله وَلَا
تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا، وَأقِيمُوا الصَّلَاة، وَآتوا الزَّكَاة، وصوموا
رَمَضَان، وأعطوا الْخمس من الْغَنَائِم. وأنهاكم عَن أَربع: عَن
الدُّبَّاء والحنتم والمزفت والنقير. قَالُوا: يَا نَبِي الله، مَا علمك
بالنقير؟ قَالَ: بلَى جذع تنقرونه فتقذفون فِيهِ من القطيعاء - قَالَ سعيد:
أَو قَالَ: من التَّمْر - ثمَّ تصبون فِيهِ من المَاء حَتَّى إِذا سكن
غليانه شربتموه حَتَّى إِن أحدكُم - أَو إِن أحدهم - ليضْرب ابْن عَمه
بِالسَّيْفِ. قَالَ: وَفِي الْقَوْم رجل أَصَابَته جِرَاحَة كَذَلِك،
قَالَ: وَكنت أخبئها حَيَاء من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -، فَقلت: فيمَ نشرب يَا رَسُول الله؟ قَالَ: فِي أسقية الْأدم
الَّتِي يلاث على أفواهها. قَالُوا: يَا نَبِي الله، إِن أَرْضنَا كَثِيرَة
الجرذان وَلَا تبقى بهَا أسقية الْأدم. فَقَالَ نَبِي الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (وَإِن أكلتها الجرذان) قَالَ: وَقَالَ
نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأشج عبد الْقَيْس: إِن
فِيك لخصلتين يحبهما الله: الْحلم والأناة ".
وَحدثنَا: مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن بشار قَالَا: ثَنَا ابْن أبي
عدي، عَن سعيد، عَن قَتَادَة قَالَ: حَدثنِي غير وَاحِد لَقِي ذَلِك
الْوَفْد وَذكر أَبَا نَضرة، عَن أبي سعيد " أَن وَفد عبد الْقَيْس لما
قدمُوا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... "
بِمثل حَدِيث ابْن علية غير أَن فِيهِ: " وتذيفون فِيهِ من القطيعاء [أَو]
التَّمْر وَالْمَاء " وَلم
(1/107)
يقل: " قَالَ سعيد: أَو قَالَ من التَّمْر
".
بَاب تطوع قيام رَمَضَان من الْإِيمَان
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنِي مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن
حميد ابْن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا
واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".
/ بَاب إفشاء السَّلَام وإطعام الطَّعَام من الْإِيمَان
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رمح بن المُهَاجر، أبنا اللَّيْث، عَن يزِيد بن
أبي حبيب، عَن أبي الْخَيْر، عَن عبد الله بن عَمْرو " أَن رجلا سَأَلَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَي الْإِسْلَام خير؟
قَالَ: تطعم الطَّعَام، وتقرأ السَّلَام على من عرفت وَمن لَا تعرفه ".
بَاب إكرام الضَّيْف من الْإِيمَان
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن
ابْن شهَاب، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة عَن
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من كَانَ يُؤمن
بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل خيرا أَو ليصمت، وَمن كَانَ يُؤمن
بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَليُكرم جَاره، وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه
وَالْيَوْم الآخر فَليُكرم ضَيفه ".
(1/108)
بَاب الْإِحْسَان إِلَى الْجَار من
الْإِيمَان
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن أبي
حُصَيْن، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من كَانَ يُؤمن بِاللَّه
وَالْيَوْم الآخر فَلَا يؤذ جَاره، وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم
الآخر فَليُكرم ضَيفه، وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل
خيرا أَو لِيَسْكُت ".
وَحدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا عِيسَى بن يُونُس، عَن الْأَعْمَش،
عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمثل حَدِيث أبي حُصَيْن غير أَنه قَالَ: "
فليحسن إِلَى جَاره ".
بَاب الْحيَاء والعي شعبتان من الْإِيمَان
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَعَمْرو النَّاقِد وَزُهَيْر بن
حَرْب قَالُوا: حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن
سَالم، عَن أَبِيه: " سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
رجلا يعظ أَخَاهُ فِي الْحيَاء، فَقَالَ: الْحيَاء من الْإِيمَان ".
وَحدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أبنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ
بِهَذَا الْإِسْنَاد وَقَالَ: " مر بِرَجُل من الْأَنْصَار يعظ أَخَاهُ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، حَدثنَا مَالك، عَن ابْن شهَاب
بِهَذَا الْإِسْنَاد " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - مر على رجل من الْأَنْصَار وَهُوَ يعظ أَخَاهُ فِي الْحيَاء، فَقَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: دَعه، فَإِن الْحيَاء
من الْإِيمَان ".
(1/109)
/ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع،
ثَنَا يزِيد بن هَارُون، عَن أبي غَسَّان ابْن مُحَمَّد بن مطرف، عَن حسان
بن عَطِيَّة، عَن أبي أُمَامَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْحيَاء والعي شعبتان من الْإِيمَان، وَالْبذَاء
وَالْبَيَان شعبتان من النِّفَاق ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب إِنَّمَا نعرفه من حَدِيث أبي
غَسَّان مُحَمَّد بن مطرف.
بَاب تَغْيِير الْمُنكر من الْإِيمَان
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو بن مُحَمَّد بن بكير النَّاقِد وَأَبُو بكر بن
النَّضر وَعبد ابْن حميد - وَاللَّفْظ لعبد - قَالُوا: ثَنَا يَعْقُوب بن
إِبْرَاهِيم بن سعد، حَدثنِي أبي، عَن صَالح بن كيسَان، عَن الْحَارِث، عَن
جَعْفَر بن عبد الله بن الحكم، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْمسور، عَن أبي
رَافع، عَن عبد الله بن مَسْعُود أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا من نَبِي بَعثه الله فِي أمة قبلي
إِلَّا كَانَ لَهُ من أمته حواريون وَأَصْحَاب يَأْخُذُونَ بسنته ويقتدون
بأَمْره، ثمَّ إِنَّهَا تخلف من بعدهمْ خلوف يَقُولُونَ مَا لَا
يَفْعَلُونَ، ويفعلون مَا لَا يؤمرون، فَمن جاهدهم بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤمن،
وَمن جاهدهم بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤمن، وَمن جاهدهم بِقَلْبِه فَهُوَ
مُؤمن، وَلَيْسَ وَرَاء ذَلِك من الْإِيمَان حَبَّة خَرْدَل. قَالَ أَبُو
رَافع: فَحدثت عبد الله بن عمر فَأنكرهُ عَليّ، فَقدم ابْن مَسْعُود فَنزل
(بفنائه) فاستتبعني إِلَيْهِ عبد الله بن عمر يعودهُ، فَانْطَلَقت مَعَه.
فَلَمَّا جلسنا سَأَلت ابْن مَسْعُود عَن هَذَا الحَدِيث، فَحَدَّثَنِيهِ
كَمَا حدثت بِهِ ابْن عمر ".
قَالَ صَالح: وَقد تحدث بِنَحْوِ ذَلِك عَن أبي رَافع.
(1/110)
بَاب من الْإِيمَان أَن ينصف من نَفسه
قَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار: حَدثنَا الْحسن بن عبد الله الْكُوفِي، ثَنَا
عبد الرَّزَّاق، أبنا معمر، عَن أبي إِسْحَاق، عَن صلَة، عَن عمار قَالَ:
قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثَلَاث من
الْإِيمَان: الْإِنْفَاق من الإقتار وبذل السَّلَام للْعَالم، والإنصاف من
نَفسه " أوقفهُ غير معمر.
بَاب الْحبّ فِي الله والبغض فِيهِ من الْإِيمَان
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة ووكيع، عَن
الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تدخلون الْجنَّة حَتَّى
تؤمنوا، وَلَا تؤمنوا حَتَّى تحَابوا، أَولا أدلكم على شَيْء / إِذا
فعلتموه تحاببتم، أفشوا السَّلَام بَيْنكُم ".
وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش بِهَذَا الْإِسْنَاد
قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "
وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تدخلون الْجنَّة حَتَّى تؤمنوا ... " بِمثل
حَدِيث أبي مُعَاوِيَة ووكيع.
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا
شُعْبَة، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن قيس، عَن عَمْرو بن الْعَاصِ:
" سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول
جهازاً غير سر: أَلا إِن آل أبي - يَعْنِي: فلَانا - لَيْسُوا لي بأولياء،
إِنَّمَا وليي الله وَصَالح الْمُؤمنِينَ ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُؤَمل بن الْفضل، ثَنَا مُحَمَّد بن شُعَيْب -
يَعْنِي: ابْن
(1/111)
شَابُور - عَن يحيى بن الْحَارِث، عَن
الْقَاسِم، عَن أبي أُمَامَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " من أحب لله، وَأبْغض لله، وَأعْطى لله، وَمنع
لله - عز وَجل - فقد اسْتكْمل الْإِيمَان ".
الْقَاسِم هَذَا هُوَ أَبُو عبد الرَّحْمَن الشَّامي، كَانَ من فُقَهَاء
أهل دمشق.
بَاب حب الْأَنْصَار آيَة من الْإِيمَان
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، عَن
شُعْبَة، عَن عبد الله بن عبد الله بن [جبر] قَالَ: سَمِعت أنسا قَالَ:
قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " آيَة
الْمُنَافِق بغض الْأَنْصَار، وَآيَة الْمُؤمن حب الْأَنْصَار ".
مُسلم: حَدثنِي يحيى بن حبيب الْحَارِثِيّ، ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث،
ثَنَا شُعْبَة بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " حب الْأَنْصَار آيَة الْإِيمَان، وبغضهم آيَة
النِّفَاق ".
بَاب قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعَلي لَا
يُحِبهُ إِلَّا مُؤمن
مُسلم: حَدثنِي يحيى بن يحيى، أبنا [أَبُو] مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش،
عَن عدي بن ثَابت، عَن زر بن حُبَيْش قَالَ: قَالَ عَليّ: " وَالَّذِي فلق
الْحبَّة وبرأ النَّسمَة إِنَّه لعهد النَّبِي الْأُمِّي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَيّ: أَلا يحبني إِلَّا مُؤمن، وَلَا يبغضني
إِلَّا مُنَافِق ".
(1/112)
بَاب لَا يُؤمن حَتَّى يكون الرَّسُول أحب
إِلَيْهِ من نَفسه وَمَاله
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن
جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، قَالَ: سَمِعت قَتَادَة يحدث عَن أنس بن مَالك
قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا
يُؤمن أحدكُم حَتَّى أكون أحب إِلَيْهِ من وَلَده ووالده وَالنَّاس
أَجْمَعِينَ ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا إِسْمَاعِيل ابْن علية.
وثنا / شَيبَان بن أبي شيبَة، ثَنَا عبد الْوَارِث كِلَاهُمَا، عَن عبد
الْعَزِيز، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول لله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " لَا يُؤمن عبد - وَفِي حَدِيث عبد الْوَارِث: الرجل -
حَتَّى أكون أحب إِلَيْهِ من أَهله وَمَاله وَالنَّاس أَجْمَعِينَ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن سُلَيْمَان، حَدثنِي ابْن وهب، أَخْبرنِي
حَيْوَة - هُوَ ابْن شُرَيْح - حَدثنِي أَبُو عقيل زهرَة بن معبد، أَنه سمع
جده عبد الله بن هِشَام قَالَ: " كُنَّا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ آخذ بيد عمر بن الْخطاب فَقَالَ لَهُ عمر:
يَا رَسُول الله، لأَنْت أحب أَلِي من كل شَيْء إِلَّا نَفسِي. فَقَالَ
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا وَالَّذِي نَفسِي
بِيَدِهِ حَتَّى أكون أحب إِلَيْك من نَفسك. فَقَالَ لَهُ عمر: فَإِنَّهُ
وَالله الْآن لأَنْت أحب إِلَيّ من نَفسِي. فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْآن يَا عمر ".
بَاب لَا يُؤمن حَتَّى يحب لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن حُسَيْن
الْمعلم،
(1/113)
عَن قَتَادَة، عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ
- عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَالَّذِي
نَفسِي بِيَدِهِ، لَا يُؤمن عبد حَتَّى يحب لجاره - أَو لِأَخِيهِ - مَا
يحب لنَفسِهِ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن
أنس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَعَن حُسَيْن الْمعلم، ثَنَا قَتَادَة، عَن أنس عَن النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى يحب
لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ ".
بَاب بَيَان الثَّلَاث الْخلال اللَّاتِي من كن فِيهِ وجد بِهن حلاوة
الْإِيمَان
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن
جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، سَمِعت قَتَادَة يحدث، عَن أنس قَالَ: قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثَلَاثَة من كن
فِيهِ وجد طعم الْإِيمَان: من كَانَ يحب الْمَرْء لَا يُحِبهُ إِلَّا الله،
وَمن كَانَ الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا، وَمن كَانَ أَن
يلقى فِي النَّار أحب إِلَيْهِ من أَن يرجع فِي الْكفْر بعد أَن أنقذه الله
مِنْهُ ".
حَدثنِي إِسْحَاق بن مَنْصُور، ثَنَا ابْن شُمَيْل، ثَنَا حَمَّاد، عَن
ثَابت، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -، نَحْو حَدِيثهمْ غير أَنه قَالَ: " من أَن يرجع يَهُودِيّا
أَو نَصْرَانِيّا ".
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن أبي عمر وَمُحَمّد بن
/ بشار جَمِيعًا عَن [الثَّقَفِيّ]- قَالَ ابْن أبي عمر: ثَنَا عبد
الْوَهَّاب - عَن أَيُّوب، عَن
(1/114)
أبي قلَابَة، عَن أنس، عَن النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ثَلَاث من كن فِيهِ وجد
حلاوة الْإِيمَان: من كَانَ الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مَا سواهُمَا،
وَأَن يحب الْمَرْء لَا يُحِبهُ إِلَّا الله، وَأَن يكره أَن يعود فِي
الْكفْر بعد أَن أنقذه الله مِنْهُ كَمَا يكره أَن يقذف فِي النَّار ".
بَاب ذاق طعم الْإِيمَان من رَضِي بِاللَّه رَبًّا
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن أبي عمر الْمَكِّيّ وَبشر بن الحكم
قَالَا: ثَنَا عبد الْعَزِيز - وَهُوَ ابْن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي - عَن
يزِيد بن الْهَاد، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن عَامر بن سعد، عَن
الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - يَقُول: " ذاق طعم الْإِيمَان من رَضِي بِاللَّه رَبًّا،
وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا ".
بَاب الْإِيمَان يمَان
مُسلم حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن
إِسْمَاعِيل.
وثنا يحيى بن حبيب الْحَارِثِيّ - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا مُعْتَمر، عَن
إِسْمَاعِيل، قَالَ: سَمِعت قيسا يروي عَن أبي مَسْعُود قَالَ: " أَشَارَ
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِيَدِهِ نَحْو الْيمن
فَقَالَ: أَلا إِن الْإِيمَان هَا هُنَا، وَإِن الْقَسْوَة وَغلظ الْقُلُوب
فِي الْفَدادِين، عِنْد أصُول أَذْنَاب الْإِبِل، حَيْثُ يطلع قرنا
الشَّيْطَان فِي ربيعَة وَمُضر ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر، جَمِيعًا عَن
إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر - قَالَ ابْن أَيُّوب: ثَنَا إِسْمَاعِيل -
أَخْبرنِي الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة
(1/115)
أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْإِيمَان يمَان، وَالْكفْر قبل الْمشرق، والسكينة
فِي أهل الْغنم، وَالْفَخْر والرياء فِي الْفَدادِين: أهل الْخَيل والوبر
".
بَاب الدَّين النَّصِيحَة
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عباد الْمَكِّيّ، ثَنَا سُفْيَان قَالَ: قلت
لسهيل: إِن عمرا ثَنَا عَن الْقَعْقَاع، عَن أَبِيك - قَالَ: ورجوت أَن
يسْقط عني رجلا - قَالَ: فَقَالَ: سَمِعت من الَّذِي سَمعه مِنْهُ أبي،
كَانَ صديقا لَهُ بِالشَّام. ثمَّ حَدثنَا سُفْيَان، عَن سُهَيْل، عَن
عَطاء بن يزِيد، عَن تَمِيم الدَّارِيّ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الدَّين النَّصِيحَة (ثَلَاثًا) . قُلْنَا:
لمن؟ قَالَ: لله، ولكتابه، وَلِرَسُولِهِ، ولأئمة المسلين وعامتهم ". م
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان، حَدثنَا شُعَيْب بن
اللَّيْث، عَن / ابْن عجلَان، عَن زيد بن أسلم وَعَن الْقَعْقَاع، عَن أبي
صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الدَّين النَّصِيحَة، إِن الدَّين النَّصِيحَة،
إِن الدَّين النَّصِيحَة. قَالُوا: لمن يَا رَسُول الله؟ قَالَ: لله،
ولكتابه، وَلِرَسُولِهِ، ولأئمة الْمُسلمين وعامتهم ".
بَاب فضل من اسْتَبْرَأَ لدينِهِ
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير الْهَمدَانِي، ثَنَا أبي،
ثَنَا زَكَرِيَّا عَن الشّعبِيّ، عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: سمعته
يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول
- وأهوى النُّعْمَان بإصبعيه إِلَى أُذُنَيْهِ -: " إِن الْحَلَال بَين،
وَإِن الْحَرَام بَين،
(1/116)
وَبَينهمَا مُشْتَبهَات لَا يعلمهُنَّ كثير
من النَّاس، فَمن اتَّقى الشُّبُهَات اسْتَبْرَأَ لدينِهِ وَعرضه، وَمن
وَقع فِي الشُّبُهَات وَقع فِي الْحَرَام، كَالرَّاعِي يرْعَى حول الْحمى
يُوشك أَن يرتع فِيهِ، أَلا وَإِن لكل ملك حمى، أَلا وَإِن حمى الله
مَحَارمه، أَلا وَإِن فِي الْجَسَد مُضْغَة إِذا صلحت صلح الْجَسَد كُله،
وَإِذا فَسدتْ فسد الْجَسَد كُله، أَلا وَهِي الْقلب ".
بَاب قَول الله تَعَالَى {إِن الَّذين قَالُوا رَبنَا الله ثمَّ استقاموا}
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا ابْن
نمير.
وثنا قُتَيْبَة بن سعيد وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، جَمِيعًا عَن جرير.
وثنا أَبُو كريب، حَدثنِي أَبُو أُسَامَة، كلهم عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن
أَبِيه، عَن سُفْيَان بن عبد الله الثَّقَفِيّ قَالَ: " قلت: يَا رَسُول
الله، قل لي فِي الْإِسْلَام قولا لَا أسأَل عَنهُ أحدا بعْدك - وَفِي
حَدِيث أبي أُسَامَة: غَيْرك - قَالَ: قل آمَنت بِاللَّه ثمَّ اسْتَقِم ".
بَاب الدَّين يسر
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد السَّلَام بن مطهر، حَدثنَا عمر بن عَليّ، عَن
معن ابْن مُحَمَّد الْغِفَارِيّ، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أبي
هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: "
إِن الدَّين يسر، وَلنْ يشاد الدَّين أحد إِلَّا غَلَبَة، فسددوا وقاربوا
وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بالغدوة والروحة وَشَيْء من الدلجة ".
(1/117)
بَاب أَي الدَّين وَالْعَمَل أحب إِلَى
الله
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن يزِيد بن هَارُون، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق،
عَن دَاوُد بن الْحصين، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " سُئِلَ
رَسُول / الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَي الْأَدْيَان أحب
إِلَى الله؟ قَالَ: الحنيفيه السمحة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا يحيى، عَن هِشَام، أَخْبرنِي
أبي، عَن عَائِشَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
دخل عَلَيْهَا وَعِنْدهَا امْرَأَة قَالَ: من هَذِه؟ قَالَت: فُلَانَة تذكر
من صلَاتهَا. قَالَ: مَه، عَلَيْكُم بِمَا تطيقون، فوَاللَّه لَا يمل الله
حَتَّى تملوا، وَكَانَ أحب الدَّين إِلَيْهِ مَا دَامَ عَلَيْهِ صَاحبه ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا
شُعْبَة، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، أَنه سمع أَبَا سَلمَة يحدث عَن عَائِشَة
" أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[سُئِلَ] أَي
الْعَمَل أحب إِلَى الله؟ قَالَ: أَدْوَمه وَإِن قل ".
بَاب الحذر على الْأَعْمَال الصَّالِحَة وَخَوف الْمُؤمن أَن يحبط [عمله]
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا الْحسن بن مُوسَى، ثَنَا
حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس بن مَالك " أَنه لما
نزلت هَذِه الْآيَة: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم
فَوق صَوت النَّبِي} إِلَى آخر الْآيَة، جلس ثَابت فِي
(1/118)
بَيته فَقَالَ: أَنا من أهل النَّار.
وَاحْتبسَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَسَأَلَ
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سعد بن معَاذ فَقَالَ:
يَا أَبَا عَمْرو، مَا شَأْن ثَابت، اشْتَكَى؟ قَالَ سعد: إِنَّه لجاري،
وَمَا علمت لَهُ بشكوى. قَالَ: فَأَتَاهُ [سعد] فَذكر لَهُ قَول النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ ثَابت: أنزلت هَذِه
الْآيَة، وَلَقَد علمْتُم أَنِّي من أرفعكم صَوتا على رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. [فَأَنا من أهل النَّار. فَذكر ذَلِك سعد
للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:] بل هُوَ من أهل الْجنَّة.
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، عَن حميد،
عَن أنس قَالَ: أَخْبرنِي عبَادَة بن الصَّامِت " أَن رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج يخبر بليلة الْقدر فتلاحى رجلَانِ من
الْمُسلمين، فَقَالَ إِنِّي خرجت لأخبركم بليلة الْقدر، وَإنَّهُ تلاحى
فلَان وَفُلَان فَرفعت، وَعَسَى أَن يكون خيرا لكم، فالتمسوها فِي السَّبع
وَالتسع وَالْخمس ".
بَاب الْفِرَار بِالدّينِ من الْفِتَن
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة (عَن مَالك) عَن عبد الرَّحْمَن بن
عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصه، عَن أَبِيه، عَن أبي سعيد
الْخُدْرِيّ أَنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " يُوشك أَن يكون خير مَال الْمُسلم غنما يتبع بهَا شعف
الْجبَال ومواقع الْقطر، يفر بِدِينِهِ من الْفِتَن ".
(1/119)
بَاب أسلمت على مَا أسلفت من الْخَيْر
مُسلم: حَدثنَا حسن الْحلْوانِي وَعبد بن حميد، قَالَ الْحلْوانِي: /
حَدثنَا وَقَالَ عبد: حَدثنِي يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن سعد -
ثَنَا أبي، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير " أَن
حَكِيم بن حزَام أخبرهُ أَنه قَالَ لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: أَي رَسُول الله، أَرَأَيْت أموراً كنت أتحنث بهَا فِي
الْجَاهِلِيَّة من صَدَقَة أَو عتاقة أَو صلَة رحم، أفيها أجر؟ فَقَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أسلمت على مَا أسلفت
من خير ".
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أنبأ أَبُو [مُعَاوِيَة] ، ثَنَا
هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن حَكِيم بن حزَام قَالَ: " قلت: يَا
رَسُول الله، أَشْيَاء كنت أَفعَلهَا فِي الْجَاهِلِيَّة - قَالَ هِشَام:
يَعْنِي أتبرر بهَا - فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: أسلمت على مَا أسلفت لَك من الْخَيْر. فَقلت: فوَاللَّه لَا
أدع شَيْئا صَنعته فِي الْجَاهِلِيَّة إِلَّا فعلت فِي الْإِسْلَام مثله. "
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عبد الله بن نمير،
عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه " أَن حَكِيم بن حزَام أعتق فِي
الْجَاهِلِيَّة مائَة رَقَبَة، وَحمل على مائَة بعير، ثمَّ أعتق فِي
الْإِسْلَام مائَة رَقَبَة، وَحمل على مائَة بعير، ثمَّ أَتَى النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... " فَذكر نَحْو حديهثم.
بَاب حكم من أَسَاءَ فِي جاهليته وإسلامه
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أبي ووكيع.
وَحدثنَا: أَبُو بكر بن أبي شيبَة - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا وَكِيع، عَن
الْأَعْمَش، عَن
(1/120)
أبي وَائِل، عَن عبد الله قَالَ: "
قُلْنَا: يَا رَسُول الله، أنؤاخذ بِمَا عَملنَا فِي الْجَاهِلِيَّة؟
قَالَ: من أحسن فِي الْإِسْلَام لم يُؤَاخذ بِمَا عمل فِي الْجَاهِلِيَّة،
وَمن أَسَاءَ فِي الْإِسْلَام أَخذ بِالْأولِ وَالْآخر ".
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن أبي
وَائِل، عَن عبد الله قَالَ: " قَالَ أنَاس لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا رَسُول الله، أنؤاخذ بِمَا عَملنَا فِي
الْجَاهِلِيَّة؟ قَالَ: أما من أحسن مِنْكُم فِي الْإِسْلَام فَلَا يُؤَاخذ
بهَا، وَأما من أَسَاءَ أَخذ بِعَمَلِهِ فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام
".
بَاب حكم من هم بحسنة أَو سَيِّئَة فعملها أَو تَركهَا
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أنبا معمر، عَن
همام ابْن مُنَبّه: هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة عَن مُحَمَّد رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا]
قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قَالَ الله -
عز وَجل -: إِذا تحدث عَبدِي بِأَن يعْمل حَسَنَة فَأَنا / أَكتبهَا لَهُ
حَسَنَة مَا لم يعْمل، فَإِذا عَملهَا فَأَنا أَكتبهَا بِعشر أَمْثَالهَا،
وَإِذا تحدث بِأَن يعْمل سَيِّئَة فَأَنا أغفرها لَهُ مَا لم يعملها،
فَإِذا عَملهَا فَأَنا أَكتبهَا لَهُ بِمِثْلِهَا. وَقَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قَالَت الْمَلَائِكَة: رب ذَاك
عَبدك يُرِيد أَن يعْمل سَيِّئَة - وَهُوَ أبْصر بِهِ - فَقَالَ: ارقبوه،
فَإِن عَملهَا فاكتبوها لَهُ بِمِثْلِهَا، وَإِن تَركهَا فاكتبوها لَهُ
حَسَنَة، إِنَّمَا تَركهَا من جراي. وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذا أحسن أحدكُم إِسْلَامه فَكل حَسَنَة يعملها
تكْتب بِعشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف، وكل سَيِّئَة يعملها تكْتب
بِمِثْلِهَا حَتَّى يلقى الله - عز وَجل ".
(1/121)
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو
خَالِد الْأَحْمَر، عَن هِشَام، عَن ابْن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة
قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من هم
بحسنة فَلم يعملها [كتبت] لَهُ حَسَنَة، وَمن هم بحسنة فعملها كتبت لَهُ
[عشرا] إِلَى سَبْعمِائة ضعف، وَمن هم بسيئة فَلم يعملها لم تكْتب، وَإِن
عَملهَا كتبت ".
مُسلم: حَدثنَا شَيبَان بن فروخ، ثَنَا عبد الْوَارِث، عَن الْجَعْد أبي
عُثْمَان، ثَنَا أَبُو رَجَاء العطاردي، عَن ابْن عَبَّاس، عَن رَسُول الله
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا يروي عَن ربه - عز وَجل -
قَالَ: " إِن الله - عز وَجل - كتب الْحَسَنَات والسيئات، ثمَّ بَين ذَلِك،
فَمن هم بحسنة فَلم يعملها كتبهَا الله عِنْده حَسَنَة كَامِلَة، وَإِن هم
بهَا فعملها كتبهَا الله عِنْده عشر حَسَنَات إِلَى سَبْعمِائة ضعف، إِلَى
أَضْعَاف كَثِيرَة، وَإِن هم بسيئة فَلم يعملها كتبهَا الله عِنْده حَسَنَة
كَامِلَة، ثمَّ هم بهَا فعملها كتبهَا الله سَيِّئَة وَاحِدَة ".
وَحدثنَا يحيى بن يحيى، ثَنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان، عَن الْجَعْد أبي
عُثْمَان فِي هَذَا (الحَدِيث) بِمَعْنى حَدِيث عبد الْوَارِث وَزَاد: "
ومحاها الله وَلَا يهْلك على الله إِلَّا هَالك ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا عَفَّان، ثَنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان
بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " إِن ربكُم رَحِيم، من هم بحسنة فَلم يعملها كتب لَهُ
حَسَنَة، فَإِن عَملهَا كتبت لَهُ عشر، إِلَى سَبْعمِائة ضعف إِلَى
أَضْعَاف كَثِيرَة، وَمن هم بسيئة فَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة، فَإِن
عَملهَا كتبت لَهُ وَاحِدَة، أَو يمحوها الله،
(1/122)
وَلَا يهْلك على الله إِلَّا هَالك "
/ بَاب قَول الله تَعَالَى
{وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله} .
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن منهال الضَّرِير وَأُميَّة بن بسطَام العيشي -
وَاللَّفْظ لأمية - قَالَا: ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا روح - وَهُوَ
ابْن الْقَاسِم - عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: "
لما نزلت على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {لله
مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو
تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله فَيغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء
وَالله على كل شَيْء قدير} قَالَ: فَاشْتَدَّ ذَلِك على أَصْحَاب رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: فَأتوا رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ بركوا على الركب فَقَالُوا:
أَي رَسُول الله، كلفنا من الْأَعْمَال مَا نطيق: الصَّلَاة وَالصِّيَام
وَالْجهَاد وَالصَّدَََقَة، وَقد أنزلت عَلَيْك هَذِه الْآيَة وَلَا
نطيقها. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
أتريدون أَن تَقولُوا كَمَا قَالَ أهل الْكِتَابَيْنِ من قبلكُمْ: سمعنَا
وعصينا. بل قُولُوا: سمعنَا وأطعنا، غفرانك رَبنَا وَإِلَيْك الْمصير.
قَالُوا: سمعنَا وأطعنا، غفرانك رَبنَا وَإِلَيْك الْمصير. فَلَمَّا
اقترأها الْقَوْم ذلت بهَا ألسنتهم أنزل الله - عز وَجل - فِي إثْرهَا:
{آمن الرَّسُول بِمَا أنزل إِلَيْهِ من ربه والمؤمنون كل آمن بِاللَّه
وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله لَا نفرق بَين أحد من رسله وَقَالُوا سمعنَا
وأطعنا غفرانك رَبنَا وَإِلَيْك الْمصير} فَلَمَّا فعلوا ذَلِك نسخهَا الله
- عز وَجل - فَأنْزل الله - عز وَجل -: {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا
وسعهَا لَهَا مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن
نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا} قَالَ: نعم {رَبنَا وَلَا تحمل علينا إصراً كَمَا
حَملته على الَّذين من قبلنَا} قَالَ: نعم {رَبنَا وَلَا تحملنا مَا لَا
طَاقَة لنا بِهِ} قَالَ: نعم {واعف عَنَّا واغفر لنا
(1/123)
وارحمنا أَنْت مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا على
الْقَوْم الْكَافرين} قَالَ: نعم ".
بَاب مَا جَاءَ من تجَاوز الله سُبْحَانَهُ عَن حَدِيث النَّفس
مُسلم: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور وقتيبة بن سعيد وَمُحَمّد بن عبيد الغبري
- وَاللَّفْظ لسَعِيد - قَالُوا: ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن قَتَادَة، عَن
زُرَارَة بن أوفى، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله تجَاوز لأمتي مَا حدثت بِهِ
أَنْفسهَا مَا لم يتكلموا أَو يعلمُوا بِهِ ".
/ بَاب مَا أَمر بِهِ العَبْد عِنْد وَسْوَسَة الشَّيْطَان
مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن مَعْرُوف وَمُحَمّد بن عباد - وَاللَّفْظ لهارون
-[قَالَا] : أَنا سُفْيَان، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة
قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا
يزَال النَّاس يتساءلون حَتَّى يُقَال هَذَا: خلق الله الْخلق، فَمن خلق
الله؟ فَمن وجد من ذَلِك شَيْئا فَلْيقل: آمَنت بِاللَّه ".
قَالَ مُسلم: وثنا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو النَّضر، ثَنَا أَبُو
سعيد [الْمُؤَدب] عَن هِشَام بن عُرْوَة بِهَذَا الْإِسْنَاد أَن رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَأْتِي الشَّيْطَان
أحدكُم فَيَقُول: من خلق السَّمَاء، من خلق الأَرْض؟ فَيَقُول: الله ... ".
(1/124)
ثمَّ ذكر بِمثلِهِ.
ابو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو، ثَنَا سَلمَة - يَعْنِي: ابْن
الْفضل - حَدثنِي مُحَمَّد بن إِسْحَاق، حَدثنِي عتبَة بن مُسلم مولى بني
تيم، عَن أبي سَلمَة ابْن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر نَحْو حَدِيث
مُسلم الأول، قَالَ " فَإِذا قَالُوا ذَلِك فَقولُوا: {قل هُوَ الله أحد
الله الصَّمد لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد} ثمَّ ليتفل عَن
يسَاره، وليستعذ من الشَّيْطَان ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب وَعبد بن حميد جَمِيعًا، عَن يَعْقُوب -
قَالَ زُهَيْر: ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم - ثَنَا ابْن أخي ابْن
شهَاب، عَن عَمه قَالَ: أَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير أَن أَبَا هُرَيْرَة
قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "
يَأْتِي الشَّيْطَان أحدكُم فَيَقُول: من خلق كَذَا وَكَذَا؟ حَتَّى يَقُول
لَهُ: من خلق رَبك - جلّ جَلَاله - فَإِذا بلغ ذَلِك فليستعذ بِاللَّه
ولينته ".
وحَدثني عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي أبي، عَن جدي، حَدثنِي
عقيل بن خَالِد قَالَ: قَالَ ابْن شهَاب بِهَذَا الْإِسْنَاد، قَالَ: قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَأْتِي العَبْد
الشَّيْطَان فَيَقُول: من خلق كَذَا وَكَذَا؟ حَتَّى يَقُول لَهُ: من خلق
رَبك؟ فَإِذا بلغ ذَلِك فليستعذ بِاللَّه ولينته " بِمثل حَدِيث ابْن أخي
ابْن شهَاب.
مُسلم: حَدثنَا عبد الْوَارِث بن عبد الصَّمد، حَدثنِي أبي، عَن جدي، عَن
أَيُّوب، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يزَال النَّاس يسألونكم
عَن الْعلم حَتَّى يَقُولُوا: هَذَا الله خلقنَا / فَمن خلق الله؟ قَالَ:
وَهُوَ آخذ بيد رجل فَقَالَ: صدق الله - عز وَجل - وَرَسُوله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قد سَأَلَني اثْنَان
(1/125)
وَهَذَا الثَّالِث - أَو قَالَ: سَأَلَني
وَاحِد وَهَذَا الثَّانِي ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني مُحَمَّد بن حَاتِم، حَدثنَا كثير بن هِشَام، ثَنَا
جَعْفَر ابْن برْقَان، ثَنَا يزِيد بن الْأَصَم قَالَ: سَمِعت أَبَا
هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
-: " ليسألنكم النَّاس عَن كل شَيْء حَتَّى يَقُولُوا: الله خلق كل شَيْء،
فَمن خلقه؟ ".
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن عَامر بن زُرَارَة الْحَضْرَمِيّ، ثَنَا
مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن مُخْتَار بن فلفل، عَن أنس بن مَالك، عَن رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قَالَ الله - عز
وَجل -: إِن أمتك لَا يزالون يَقُولُونَ: مَا كَذَا؟ مَا كَذَا؟ حَتَّى
يَقُولُوا: هَذَا الله خلق الْخلق، فَمن خلق الله؟ ".
بَاب مَا جَاءَ أَن كَرَاهِيَة الوسوسة وَالرَّدّ لَهَا صَرِيح الْإِيمَان
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن سُهَيْل، عَن، أَبِيه،
عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " جَاءَ نَاس من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نجد فِي أَنْفُسنَا مَا
يتعاظم أَحَدنَا أَن يتَكَلَّم بِهِ. قَالَ: وَقد وجدتموه؟ قَالُوا: نعم.
قَالَ: ذَاك صَرِيح الْإِيمَان ".
وَحدثنَا: مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا ابْن أبي عدي، عَن شُعْبَة، عَن
الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا الحَدِيث.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة وَابْن قدامَة بن أعين
قَالَا: ثَنَا
(1/126)
جرير، عَن مَنْصُور، عَن ذَر، عَن عبد الله
بن شَدَّاد، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن أَحَدنَا يجد
فِي نَفسه يعرض بالشَّيْء لِأَن يكون حممة أحب إِلَيْهِ من أَن يتَكَلَّم
بِهِ. فَقَالَ: الله أكبر، الله أكبر [الله أكبر] ، الْحَمد لله [الَّذِي]
رد كَيده إِلَى الوسوسة " قَالَ ابْن قدامَة: " رد أمره " مَكَان: " كَيده
".
مُسلم: حَدثنَا يُوسُف بن يَعْقُوب الصفار، ثَنَا عَليّ بن عثام، عَن سعير
ابْن الْخمس، عَن مُغيرَة، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله
قَالَ: " سُئِلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن
الوسوسة فَقَالَ: تِلْكَ مَحْض الْإِيمَان ".
/ بَاب رفع الْخَطَأ وَالنِّسْيَان عَن أمة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ وَقَول الله تَعَالَى:
{رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا}
حَدثنِي الْقرشِي أَبُو الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن يحيى بن الْحسن، ثَنَا
شُرَيْح بن مُحَمَّد، ثَنَا عَليّ بن حزم، ثَنَا أَحْمد بن عمر العذري،
أبنا الْحُسَيْن بن عبد الله الْجِرْجَانِيّ، ثَنَا عبد الرَّزَّاق بن
أَحْمد السيراري، أخبرتنا فَاطِمَة بنت الْحسن بن الريان المَخْزُومِي -
وراق بكار بن قُتَيْبَة - قَالَت: ثَنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان الْمُؤَذّن،
حَدثنَا بشر بن بكر، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن عَطاء، عَن عبيد بن عُمَيْر،
عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " إِن الله تجَاوز لي عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان
وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ ".
(1/127)
بَاب لَا ينفع يَوْم الْقِيَامَة مَعَ
الْكفْر عمل صَالح
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، حَدثنَا حَفْص بن غياث، عَن
دَاوُد، عَن الشّعبِيّ، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة قَالَت: " قلت: يَا
رَسُول الله، ابْن جدعَان كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة يصل الرَّحِم، وَيطْعم
الْمِسْكِين، فَهَل ذَاك نافعه؟ قَالَ: لَا يَنْفَعهُ، إِنَّه لم يقل
يَوْمًا: رب أَغفر لي خطيئتي يَوْم الدَّين ".
بَاب مَا جَاءَ أَن الْكَافِر يطعم بحسناته فِي الدُّنْيَا
مُسلم: حَدثنَا عَاصِم بن النَّضر التَّيْمِيّ، ثَنَا مُعْتَمر قَالَ:
سَمِعت أبي قَالَ: ثَنَا قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك، عَن النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الْكَافِر إِذا عمل حَسَنَة
أطْعم بهَا طعمة فِي الدُّنْيَا، وَأما الْمُؤمن فَإِن الله يدّخر لَهُ
حَسَنَاته فِي الْآخِرَة وَيُعْطِيه رزقا على طَاعَته ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب - وَاللَّفْظ
لزهير - قَالَا: ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أبنا همام بن يحيى، عَن قَتَادَة،
عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " إِن الله لَا يظلم مؤمناُ حَسَنَة، يُعْطي بهَا فِي
الدُّنْيَا ويجزى بهَا فِي الْآخِرَة، وَأما الْكَافِر فَيعْطى بحسنات مَا
عمل بهَا الله فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذا أفْضى إِلَى الْآخِرَة لم يكن
لَهُ حَسَنَة يجزى بهَا ".
بَاب / الْكَفّ على من أصلح عَلَانِيَته وَلَا يفتش عَن سَرِيرَته
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا لَيْث.
(1/128)
وثنا ابْن رمح - وَاللَّفْظ مُتَقَارب -
أَنا اللَّيْث، عَن ابْن شهَاب، عَن عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ، عَن عبيد
الله بن عدي بن الْخِيَار، عَن الْمِقْدَاد بن الْأسود أَنه أخبرهُ أَنه
قَالَ: " يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت إِن لقِيت رجلا من الْكفَّار فقاتلني
فَضرب إِحْدَى يَدي بِالسَّيْفِ، فقطعها، ثمَّ لَاذَ مني بشجرة، فَقَالَ:
أسلمت لله. أفأقتله يَا رَسُول الله بعد أَن قَالَهَا؟ قَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تقتله. فَقلت: يَا رَسُول الله،
إِنَّه قد قطع يَدي، ثمَّ قَالَ ذَلِك بعد أَن قطعهَا، أفأقتله؟ قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تقتله، فَإِن
قَتله فَإِنَّهُ بمنزلتك قبل أَن تقلته، وَإنَّك بِمَنْزِلَتِهِ قبل أَن
يَقُول كَلمته الَّتِي قَالَ ".
وحَدثني إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعبد بن حميد، قَالَا: أَنا عبد
الرَّزَّاق، أَنا معمر.
وثنا إِسْحَاق بن مُوسَى الْأنْصَارِيّ، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، عَن
الْأَوْزَاعِيّ.
وثنا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا ابْن جريج، جَمِيعًا
عَن الزُّهْرِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد، أما الْأَوْزَاعِيّ وَابْن جريح
[فَفِي] حَدِيثهمَا: ": " قَالَ: أسلمت لله " كَمَا قَالَ اللَّيْث، وَأما
معمر فَفِي حَدِيثه: " فَلَمَّا أهويت لأقلته قا: لَا إِلَه إِلَّا الله ".
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن الْحسن بن خرَاش، ثَنَا عَمْرو بن عَاصِم، ثَنَا
مُعْتَمر، سَمِعت أبي يحدث أَن خَالِد الأثبج [ابْن] أخي صَفْوَان بن
مُحرز، حدث عَن صَفْوَان بن مُحرز أَنه [حدث] " أَن جُنْدُب بن عبد الله
البَجلِيّ بعث إِلَى عسعس بن سَلامَة زمن فتْنَة ابْن الزبير، فَقَالَ:
اجْمَعْ [لي] نَفرا من
(1/129)
إخوانك حَتَّى أحدثهم، فَبعث رَسُولا
إِلَيْهِم، فَلَمَّا اجْتَمعُوا جَاءَ جُنْدُب وَعَلِيهِ برنس أصفر،
فَقَالَ: تحدثُوا بِمَا كُنْتُم تحدثون بِهِ. حَتَّى دَار الحَدِيث
إِلَيْهِ حسر الْبُرْنُس عَن رَأسه، فَقَالَ: إِنِّي أتيتكم وَلَا أُرِيد
أَن أخْبركُم إِلَّا عَن نَبِيكُم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -،
إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث بعثاً من
الْمُسلمين إِلَى قوم من الْمُشْركين، وَأَنَّهُمْ الْتَقَوْا، فَكَانَ /
رجل من الْمُشْركين إِذا شَاءَ أَن يقْصد إِلَى رجل من الْمُسلمين قصد لَهُ
فَقتله، وَإِن رجلا من الْمُسلمين قصد غفلته - قَالَ: وَكُنَّا نُحدث أَنه
أُسَامَة بن زيد - فَلَمَّا [رفع] عَلَيْهِ السَّيْف قَالَ: لَا إِلَه
إِلَّا الله. فَقتله فجَاء البشير إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَسَأَلَهُ، فَأخْبرهُ حَتَّى أخبرهُ خبر الرجل
كَيفَ صنع، فَدَعَاهُ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: وَلم قتلته؟ قَالَ: يَا رَسُول
الله، أوجع فِي الْمُسلمين وَقتل فلَانا وَفُلَانًا - وسمى لَهُ نَفرا -
وَإِنِّي حملت عَلَيْهِ، فَلَمَّا رأى السَّيْف قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا
الله. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قتلته؟
قَالَ: نعم. قَالَ: كَيفَ تصنع بِلَا إِلَه إِلَّا الله إِذا جَاءَت يَوْم
الْقِيَامَة؟ قَالَ: يَا رَسُول الله، اسْتغْفر لي. قَالَ: كَيفَ تصنع
بِلَا إِلَه إِلَّا الله إِذا جَاءَت يَوْم الْقِيَامَة؟ قَالَ: يَا رَسُول
الله، اسْتغْفر لي. قَالَ: كَيفَ تصنع بِلَا إِلَه إِلَّا الله إِذا جَاءَت
يَوْم الْقِيَامَة؟ قَالَ: فَجعل لَا يزِيدهُ على أَن يَقُول: كَيفَ تصنع
بِلَا إِلَه إِلَّا الله إِذا جَاءَت يَوْم الْقِيَامَة؟ ".
خَالِد الأثبج هُوَ خَالِد بن بَاب الربعِي الأجدث بَصرِي، روى عَنهُ أَبُو
الْأَشْهب وَأَبُو نَضرة وَسليمَان بن زيد وَهِشَام بن حسان وَغَيرهم.
مُسلم: حَدثنَا يَعْقُوب الدَّوْرَقِي، حَدثنَا هشيم، أَنا حُصَيْن، ثَنَا
أَبُو ظبْيَان قَالَ: سَمِعت أُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة يحدث قَالَ: "
بعثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الحرقة
من جُهَيْنَة، فصبحنا الْقَوْم فهزمناهم. قَالَ: وَلَحِقت أَنا وَرجل من
الْأَنْصَار رجلا مِنْهُم، فَلَمَّا غشيناه قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله.
قَالَ: فَكف عَنهُ الْأنْصَارِيّ وطعنته برمحي حَتَّى قتلته، فَلَمَّا
قدمنَا بلغ ذَلِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ
لي: يَا أُسَامَة،، أقتلته بَعْدَمَا قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله؟ قَالَ:
قلت: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا. قَالَ: فَقَالَ:
أقتلته
(1/130)
بَعْدَمَا قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله؟
قَالَ: فَمَا زَالَ يكررها عَليّ حَتَّى تمنيت أَنِّي لم أكن اسلمت قبل
ذَلِك الْيَوْم ".
وَقد تقدم فِي بَاب قبُول ظواهر النَّاس فِي الشَّهَادَتَيْنِ قَوْله
عَلَيْهِ السَّلَام لأسامة فِي هَذَا الحَدِيث: " أَفلا شققت على قلبه
حَتَّى تعلم أقالها أم لَا ".
/ مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا عبد الْوَاحِد، عَن عمَارَة بن
الْقَعْقَاع، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم، قَالَ: سَمِعت أَبَا سعيد
الْخُدْرِيّ يَقُول: " بعث عَليّ بن أبي طَالب إِلَى رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْيمن بذهبة فِي أَدِيم مقروظ، لم تحصل
من ترابها، قَالَ: فَقَسمهَا بَين أَرْبَعَة نفر: بَين عُيَيْنَة بن بدر،
والأقرع بن حَابِس، وَزيد الْخَيل، وَالرَّابِع إِمَّا عَلْقَمَة بن
[علاثة] وَإِمَّا (عَامر) بن الطُّفَيْل، فَقَالَ: أَلا تأمنوني وَأَنا
أَمِين من فِي السَّمَاء، يأتيني خبر السَّمَاء صباحاً وَمَسَاء؟ قَالَ:
فَقَامَ رجل غائر الْعَينَيْنِ، مشرف الوجنتين، ناشر الْجَبْهَة، كث
اللِّحْيَة، محلوق الرَّأْس، مشمر الْإِزَار فَقَالَ: يَا رَسُول الله،
اتَّقِ الله. قَالَ: وَيلك، أَو لست أَحَق أهل الأَرْض أَن يَتَّقِي الله؟
قَالَ: ثمَّ ولى الرجل، فَقَالَ خَالِد بن الْوَلِيد: يَا رَسُول الله،
أَلا أضْرب عُنُقه؟ فَقَالَ: لَا لَعَلَّه أَن يكون يُصَلِّي. قَالَ
خَالِد: وَكم من مصل يَقُول بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قلبه. فَقَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي لم أُؤمر أَن
أنقب عَن قُلُوب النَّاس، وَلَا أشق بطونهم. قَالَ: ثمَّ نظر إِلَيْهِ
وَهُوَ مقف، فقلا: إِنَّه يخرج من ضئضئ هَذَا قوم يَتلون كتاب الله رطبا
لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ، يَمْرُقُونَ من الدَّين كَمَا
(1/131)
يَمْرُق السهْم من الرَّمية قَالَ: أَظُنهُ
قَالَ: لَئِن أدركتهم لأقتلنهم قتل عَاد "
بَاب قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِن الله
يُؤَيّد هَذَا الدَّين بِالرجلِ الْفَاجِر "
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ.
وحَدثني مَحْمُود، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أخبرنَا معمر، عَن الزُّهْرِيّ،
عَن ابْن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " شَهِدنَا مَعَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ لرجل مِمَّن (يدعى
بِالْإِسْلَامِ) : هَذَا من أهل النَّار. فَلَمَّا حضر الْقِتَال قَاتل
الرجل قتالاً شَدِيدا فأصابته جِرَاحَة. فَقيل: يَا رَسُول الله، الَّذِي
قلت لَهُ: إِنَّه من أهل النَّار فَإِنَّهُ قد قَاتل الْيَوْم قتالا
شَدِيدا وَقد مَاتَ، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ -: إِلَى النَّار. قَالَ: فكاد بعض النَّاس أَن يرتاب. فَبينا هم على
ذَلِك إِذْ قيل: إِنَّه لم يمت وَلَكِن / بِهِ جرحا شَدِيدا، فَلَمَّا
كَانَ من اللَّيْل لم يصبر على الْجراح فَقتل نَفسه، فَأخْبر النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بذلك فَقَالَ: الله أكبر، أشهد اني
عبد الله وَرَسُوله. ثمَّ أَمر بِلَالًا فَنَادَى فِي النَّاس: إِنَّه لَا
يدْخل الْجنَّة إِلَّا نفس مسلمة، وَإِن الله ليؤيد هَذَا الدَّين بِالرجلِ
الْفَاجِر ".
بَاب الْأَعْمَال بخواتيهما
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، حَدثنَا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن عبد
الرَّحْمَن الْقَارِي حَيّ من الْعَرَب - عَن أبي حَازِم، عَن سهل بن سعد
السَّاعِدِيّ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
التقى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ، فَاقْتَتلُوا، فَلَمَّا مَال رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى عسكره، وَمَال الْآخرُونَ
إِلَى عَسْكَرهمْ، وَفِي أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - رجل لَا يدع لَهُم شَاذَّة وَلَا
(1/132)
فاذة إِلَّا اتبعها يضْربهَا بِسَيْفِهِ،
فَقَالُوا: مَا أَجْزَأَ منا الْيَوْم أحد كَمَا أَجْزَأَ فلَان. فَقَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أما إِنَّه من أهل
النَّار. فَقَالَ رجل من الْقَوْم: أَنا صَاحبه أبدا. قَالَ: فَخرج مَعَه،
كلما وقف وقف مَعَه، وَإِذا أسْرع أسْرع مَعَه، قَالَ: فجرح الرجل جرحا
شَدِيدا، فاستعجل الْمَوْت، فَوضع سَيْفه بِالْأَرْضِ وذبابة بَين ثدييه،
ثمَّ تحامل على سَيْفه فَقتل نَفسه، فَخرج الرجل إِلَى رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: أشهد أَنَّك رَسُول الله.
قَالَ: وَمَا ذَاك؟ قَالَ: الرجل الَّذِي ذكرت آنِفا أَنه من أهل النَّار،
فأعظم النَّاس ذَلِك، فَقلت: أَنا لكم بِهِ فَخرجت فِي طلبه حَتَّى جرح
جرحا شَدِيدا، فاستعجل الْمَوْت، فَوضع نصل سَيْفه بِالْأَرْضِ، وذبابه
بَين ثدييه، ثمَّ تحامل عَلَيْهِ فَقتل نَفسه. فَقَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْد ذَلِك: إِن الرجل ليعْمَل عمل
الْجنَّة - فِيمَا يَبْدُو للنَّاس - وَهُوَ من أهل النَّار، وَإِن الرجل
ليعْمَل عمل النَّار - فِيمَا يَبْدُو للنَّاس - وَهُوَ من أهل الْجنَّة ".
بَاب مثل الْمُسلمين وَأهل الْكِتَابَيْنِ
البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد - هُوَ ابْن زيد
- عَن أَيُّوب، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مثلكُمْ وَمثل أهل الْكِتَابَيْنِ كَمثل
رجل اسْتَأْجر أجراء فَقَالَ: من يعْمل لي من غدْوَة إِلَى نصف النَّهَار
على قِيرَاط. فَعمِلت الْيَهُود [ثمَّ قَالَ: من يعْمل لي من نصف النَّهَار
إِلَى صَلَاة الْعَصْر على قِيرَاط. فَعمِلت النَّصَارَى] ثمَّ قَالَ: من
يعْمل من الْعَصْر إِلَى أَن تغيب الشَّمْس على قيراطين. فَأنْتم هم،
فَغضِبت الْيَهُود وَالنَّصَارَى، قَالُوا: مَا لنا أَكثر عملا / وَأَقل
عَطاء؟ ! قَالَ: هَل نقصتكم من حقكم؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَذَلِك فصلى
أوتيه من أَشَاء ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، حَدثنَا أَبُو أُسَامَة، عَن
بريد، عَن
(1/133)
أبي بردة، عَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مثل الْمُسلمين وَالْيَهُود
وَالنَّصَارَى كَمثل رجل اسْتَأْجر قوما يعْملُونَ لَهُ عملا يَوْمًا إِلَى
اللَّيْل على أجر مَعْلُوم فعملوا لَهُ إِلَى نصف النَّهَار، فَقَالُوا:
لَا حَاجَة لنا إِلَى أجرك الَّذِي شرطت لنا، وَمَا عَملنَا بَاطِل،
فَقَالَ لَهُم: لَا تَفعلُوا أكملوا بَقِيَّة عَمَلكُمْ وخذوا أجركُم
كَامِلا. فَأَبَوا وَتركُوا، واستأجر آخَرين بعدهمْ، فَقَالَ: أكملوا
بَقِيَّة يومكم هَذَا وَلكم الَّذِي شرطت لَهُم من الْأجر، فعملوا حَتَّى
إِذا كَانَ حِين صَلَاة الْعَصْر، قَالُوا: لَك مَا عَملنَا بَاطِل، وَلَك
الْأجر الَّذِي جعلت لنا فِيهِ. فَقَالَ: أكملوا بَقِيَّة عَمَلكُمْ، فَإِن
مَا بَقِي من النَّهَار شَيْء يسير، فَأَبَوا فاستأجر قوما أَن يعملوا لَهُ
بَقِيَّة يومهم، فعملوا بَقِيَّة يومهم حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس واستكملوا
أجر الْفَرِيقَيْنِ (كِلَاهُمَا) فَذَلِك مثلهم وَمثل مَا قبلوا من هَذَا
[النُّور] ". أَبُو بردة اسْمه عَامر بن عبد الله، وَأَبُو أُسَامَة اسْمه
حَمَّاد بن أُسَامَة.
بَاب اتِّبَاع الْمُسلمين سنَن أهل الْكِتَابَيْنِ
مُسلم: حَدثنَا سُوَيْد بن سعيد، ثَنَا حَفْص بن ميسرَة، حَدثنِي زيد بن
أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لتتبعن سنة الَّذين من
قبلكُمْ شبْرًا بشبر وذراعاً بِذِرَاع حَتَّى لَو دخلُوا فِي جُحر ضَب
[لاتبعتموهم] . قُلْنَا: يَا رَسُول الله، الْيَهُود وَالنَّصَارَى؟ قَالَ:
فَمن؟ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، ثَنَا (أَبُو) غَسَّان، حَدثنِي
زيد
(1/134)
ابْن أسلم ".
قَالَ البُخَارِيّ: وَحدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز، ثَنَا أَبُو عمر
الصَّنْعَانِيّ - من الْيمن - عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن
أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- قَالَ: " لتتبعن سنَن من قبلكُمْ شبْرًا بشبر، وذراعاً بِذِرَاع، حَتَّى
لَو سلكوا جُحر ضَب لسلكتموه. قُلْنَا: يَا رَسُول الله، الْيَهُود
وَالنَّصَارَى؟ قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
فَمن؟ ! ".
هَذَا لفظ سعيد بن أبي مَرْيَم، وَلَفظ مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز /: "
لتتبعن سنَن من قبلكُمْ شبْرًا شبْرًا، وذراعاً ذِرَاعا، حَتَّى لَو دخلُوا
جُحر ضَب تبعتموهم. قُلْنَا: يَا رَسُول الله، الْيَهُود وَالنَّصَارَى؟
قَالَ: فَمن؟ ! ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن
المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تَأْخُذ أمتِي بِأخذ الْقُرُون
قبلهَا، شبْرًا بشبر، وذرعاً بِذِرَاع. قيل: يَا رَسُول الله، فَارس
وَالروم؟ فَقَالَ: وَمن النَّاس إِلَّا أُولَئِكَ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سعيد بن عبد الرَّحْمَن، حَدثنَا سُفْيَان، عَن
الزُّهْرِيّ، عَن سِنَان بن أبي سِنَان، عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ " أَن
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما خرج إِلَى (حنين)
مر بشجرة للْمُشْرِكين يُقَال لَهَا: ذَات أنواط، يعلقون عَلَيْهَا
أسلحتهم، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، اجْعَل لنا ذَات أنواط كَمَا لَهُم
ذَات أنواط. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
سُبْحَانَ الله، هَذَا كَمَا قَالَ قوم مُوسَى: اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا
لَهُم آلِهَة، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتركبن سنة من [كَانَ] قبلكُمْ ".
(1/135)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن
صَحِيح، وَأَبُو وَاقد اسْمه الْحَارِث بن عَوْف.
بَاب فضل من أدْرك النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام من أهل الْكتاب فَآمن بِهِ
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا هشيم، عَن صَالح بن صَالح الهمذاني، عَن
الشّعبِيّ قَالَ: " رَأَيْت رجلا من أهل خُرَاسَان سَأَلَ الشّعبِيّ
فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرو، إِن من قبلنَا من أهل خُرَاسَان، يَقُولُونَ
فِي الرجل إِذا أعتق أمته ثمَّ تزَوجهَا، فَهُوَ كالراكب بدنته. فَقَالَ
الشّعبِيّ: حَدثنِي أَبُو بردة بن أبي مُوسَى، عَن أَبِيه أَن رَسُول الله
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: ثَلَاثَة يُؤْتونَ أجرهم
مرَّتَيْنِ: رجل من أهل الْكتاب آمن بِنَبِيِّهِ، وَأدْركَ النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَآمن بِهِ وَاتبعهُ وَصدق بِهِ
فَلهُ أَجْرَانِ، وَعبد مَمْلُوك أدّى حق الله - عز وَجل - عَلَيْهِ وَحقّ
سَيّده فَلهُ أَجْرَانِ، وَرجل كَانَت لَهُ أمة فغذاها فَأحْسن غذاءها،
ثمَّ أدبها فَأحْسن أدبها، ثمَّ أعْتقهَا وَتَزَوجهَا فَلهُ أَجْرَانِ ".
ثمَّ قَالَ الشّعبِيّ للخراساني: خُذ هَذَا الحَدِيث بِغَيْر شَيْء، فقد
كَانَ الرجل يرحل فِيمَا دون هَذَا إِلَى الْمَدِينَة.
بَاب مَا بَايع / النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
أَصْحَابه عَلَيْهِ من ترك الْمعاصِي
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى التَّمِيمِي وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة
وَعَمْرو النَّاقِد وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَابْن نمير، كلهم عَن ابْن
عُيَيْنَة - وَاللَّفْظ لعَمْرو، قَالَ: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة - عَن
الزُّهْرِيّ، عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، عَن عبَادَة بن الصَّامِت
قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فِي مجْلِس فَقَالَ: تُبَايِعُونِي على أَلا تُشْرِكُوا
(1/136)
بِاللَّه شَيْئا، وَلَا تَزْنُوا وَلَا
تَسْرِقُوا، وَلَا تقتلُوا النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ،
فَمن وَفِي مِنْكُم فَأَجره على الله، وَمن أصَاب شَيْئا من ذَلِك
فَعُوقِبَ بِهِ، فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ، وَمن أصَاب شَيْئا من ذَلِك فستره
الله عَلَيْهِ، فَأمره إِلَى الله إِن شَاءَ عَفا عَنهُ، وَإِن شَاءَ عذبه
".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا لَيْث.
وثنا مُحَمَّد بن رمح، أبنا اللَّيْث، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن أبي
الْخَيْر، عَن الصنَابحِي، عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَنه قَالَ: " إِنِّي
من النُّقَبَاء الَّذين بَايعُوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: بَايَعْنَاهُ على أَلا نشْرك بِاللَّه شَيْئا،
وَلَا نزني، وَلَا نَسْرِق، وَلَا نقْتل النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا
بِالْحَقِّ، وَلَا ننتهب وَلَا نعصي، فالجنة إِن فعلنَا ذَلِك، فَإِن غشينا
من ذَلِك شَيْئا كَانَ قَضَاء ذَلِك إِلَى الله " وَقَالَ ابْن رمح: "
قَضَاؤُهُ إِلَى الله ".
بَاب الْمعاصِي من أَمر الْجَاهِلِيَّة
وَلَا يكفر صَاحبهَا بارتكابها إِلَّا بالشرك لقَوْل النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِنَّك امْرُؤ فِيك جَاهِلِيَّة " وَقَالَ
الله تَعَالَى {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك
لمن يَشَاء} {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا فأصلحوا
بَينهمَا} فسماهم الْمُؤمنِينَ
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن الْمُبَارك، ثَنَا حَمَّاد بن زيد،
ثَنَا أَيُّوب
(1/137)
وَيُونُس، عَن الْحسن، عَن الْأَحْنَف بن
قيس: " ذهبت لأنصر هَذَا الرجل، فلقيني أَبُو بكرَة فَقَالَ: أَيْن
تُرِيدُ؟ قلت: أنْصر هَذَا الرجل. قَالَ: ارْجع، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِذا التقى المسلمان
بسيفيهما فالقاتل والمقتول فِي النَّار. قلت: يَا رَسُول الله، هَذَا
الْقَاتِل فَمَا بَال الْمَقْتُول؟ قَالَ: إِنَّه كَانَ حَرِيصًا على قتل
صَاحبه ".
/ البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا شُعْبَة، عَن وَاصل،
عَن الْمَعْرُور قَالَ: " لقِيت أَبَا ذَر بالربذة، وَعَلِيهِ حلَّة وعَلى
غُلَامه حلَّة، فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ: إِنِّي ساببت رجلا
فَعَيَّرْته بِأُمِّهِ، فَقَالَ لي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: يَا أَبَا ذَر، أعيرته بِأُمِّهِ؟ ! إِنَّك امْرُؤ فِيك
جَاهِلِيَّة، إخْوَانكُمْ خولكم، جعلهم الله تَحت أَيْدِيكُم، فَمن كَانَ
أَخُوهُ تَحت يَده فليطعمه مِمَّا يَأْكُل، وليلبسه مِمَّا يلبس، وَلَا
تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبهُمْ، فَإِن [كلفْتُمُوهُمْ] فَأَعِينُوهُمْ ".
مُسلم: حَدثنِي إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا حبَان بن هِلَال، أَنا أبان -
هُوَ ابْن يزِيد - ثَنَا يحيى، أَن زيدا حَدثهُ، أَن أَبَا سَلام حَدثهُ،
أَنا أَبَا مَالك الْأَشْعَرِيّ حَدثهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَربع فِي أمتِي من أَمر الْجَاهِلِيَّة
لَا يتركونهن: الْفَخر فِي الأحساب، والطعن فِي الْأَنْسَاب، والاستفتاء
بالنجوم، والنياحة. وَقَالَ: النائحة إِذا لم تتب قبل مَوتهَا، تُقَام
يَوْم الْقِيَامَة وَعَلَيْهَا سربال من قطران، وَدرع من جرب ".
(1/138)
بَاب كفر دون كفر وظلم دون ظلم
وَقَوله تَعَالَى {إِن الشّرك لظلم عَظِيم}
مُسلم: حَدثنِي سُوَيْد بن سعيد، ثَنَا حَفْص بن ميسرَة، حَدثنِي زيد بن
أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَرَأَيْت النَّار، فَلم أر
كَالْيَوْمِ منْظرًا قطّ وَرَأَيْت أَكثر أَهلهَا النِّسَاء. قَالُوا: بِمَ
يَا رَسُول الله؟ قَالَ: بكفرهن. قيل: أيكفرن بِاللَّه؟ قَالَ: ويكفرن
العشير وَيكفر الْإِحْسَان، لَو أَحْسَنت إِلَى أحداهن الدَّهْر ثمَّ
رَأَتْ مِنْك شَيْئا قَالَت: مَا رَأَيْت خيرا قطّ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، عَن مَالك، عَن زيد بن
أسلم، بِإِسْنَاد مُسلم وَمعنى الحَدِيث.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عبد الله بن إِدْرِيس
وَأَبُو مُعَاوِيَة ووكيع، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن
عَلْقَمَة، عَن عبد الله قَالَ: " لما نزلت: {الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا
إِيمَانهم بظُلْم أُولَئِكَ لَهُم الْأَمْن} شقّ ذَلِك على أَصْحَاب رَسُول
الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالُوا: أَيّنَا لَا
يظلم نَفسه؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
لَيْسَ هُوَ كَمَا تظنون، إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ:
{يَا بني لَا تشرك بِاللَّه إِن الشّرك الظُّلم عَظِيم} ".
(1/139)
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص،
حَدثنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش بِهَذَا الْإِسْنَاد: " لما نزلت: {الَّذين
آمنُوا وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم) ِ ^ قُلْنَا: يَا رَسُول الله،
أَيّنَا لَا يظلم نَفسه؟ قَالَ: لَيْسَ كَمَا تَقولُونَ، لم يلبسوا
إِيمَانهم بظُلْم: بشرك، أَو لم تسمعوا إِلَى قَول لُقْمَان: {إِن الشّرك
لظلم عَظِيم} ".
الْبَزَّار: أخبرنَا إِسْحَاق بن وهب العلاف، ثَنَا يَعْقُوب بن مُحَمَّد،
ثَنَا عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم، عَن أَبِيه، عَن أبي صَالح، عَن أبي
هُرَيْرَة قَالَ: " سببت رجلا فِي الْإِسْلَام بِأم لَهُ فِي
الْجَاهِلِيَّة فاستعدي عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
إِن فِيك لشعبة من الْكفْر، فَلَمَّا ذكر الْكفْر اضْطَرَبَتْ رجلاي،
فَقلت: يَا رَسُول الله، وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَا أسب ملسماً بعده
أبدا ".
قَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن أبي
هُرَيْرَة إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد. انْتهى كَلَام
أبي بكر.
قَالَ ابْن أبي [حَاتِم] : يَعْقُوب - يَعْنِي هَذَا - هُوَ ابْن مُحَمَّد
بن عِيسَى بن حميد بن عبد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ أَبُو يُوسُف، روى عَن
صَالح بن قدامَة وَإِبْرَاهِيم ابْن سعد، وَعبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد
وَعبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم، سُئِلَ عَنهُ يحيى بن معِين فَقَالَ: مَا
حَدثكُمْ عَن شُيُوخه الثِّقَات فاكتبوه، وَمن لَا يعرف من شُيُوخه فَلَا
تكتبوه. قَالَ: وَقَالَ حجاج بن الشَّاعِر: ثَنَا يَعْقُوب بن مُحَمَّد
الثِّقَة. وَذكر ابْن أبي حَاتِم تَضْعِيف يَعْقُوب هَذَا عَن أَحْمد بن
حَنْبَل وَأبي زرْعَة وَأبي حَاتِم.
عبد الْعَزِيز هَذَا الَّذِي روى عَنهُ يَعْقُوب هَذَا الحَدِيث ثِقَة
مَشْهُور.
(1/140)
بَاب ترك الصَّلَاة كفر
مُسلم: حَدثنِي أَبُو غَسَّان المسمعي، ثَنَا الضَّحَّاك بن مخلد، عَن ابْن
جريج، أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: سَمِعت
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " بَين الرجل
وَبَين الشّرك وَالْكفْر ترك الصَّلَاة ".
/ بَاب قتال الْمُسلم كفر
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن بكار بن الريان وَعون بن سَلام قَالَا: ثَنَا
مُحَمَّد ابْن طَلْحَة.
ثَنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة.
وثنا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا سُفْيَان،
كلهم عَن زبيد، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سباب الْمُسلم
فسوق، وقتاله كفر ".
قَالَ زبيد: فَقلت لأبي وَائِل: أَنْت سمعته من عبد الله يرويهِ عَن رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ: نعم.
وَلَيْسَ فِي حَدِيث شُعْبَة قَول زبيد لأبي وَائِل.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو بكر بن خَلاد الْبَاهِلِيّ،
قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن وَاقد بن مُحَمَّد
بن زيد أَنه سمع أَبَاهُ يحدث، عَن عبد الله بن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ فِي حجَّة الْوَدَاع: " وَيحكم -
أَو قَالَ: وَيْلكُمْ - لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب
بعض ".
(1/141)
بَاب مَا جَاءَ أَن النِّيَاحَة والطعن فِي
النّسَب كفر
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة.
وثنا ابْن نمير - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا أبي وَمُحَمّد بن عبيد كلهم عَن
الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اثْنَتَانِ فِي النَّاس هما بهم
كفر: الطعْن فِي النّسَب، والنياحة على الْمَيِّت ".
بَاب مَا جَاءَ أَن الاستمطار بالنجوم كفر
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن صَالح بن كيسَان
ن عَن عبيد الله بن عتبَة، عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ قَالَ: " صلى
بِنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الصُّبْح
بِالْحُدَيْبِية، فِي إِثْر سَمَاء كَانَت من اللَّيْل، فَلَمَّا انْصَرف
أقبل على النَّاس، فَقَالَ: هَل [تَدْرُونَ] مَاذَا قَالَ ربكُم؟ قَالُوا:
الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: قَالَ: أصبح من عبَادي مُؤمن بِي وَكَافِر،
فَأَما [من قَالَ: مُطِرْنَا بِفضل الله وَرَحمته، فَذَلِك مُؤمن بِي
كَافِر بالكوكب، وَأما] من قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا فَذَلِك
كَافِر بِي مُؤمن بالكوكب ".
/ مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى وَعَمْرو بن سَواد العامري وَمُحَمّد
بن سَلمَة الْمرَادِي، قَالَ الْمرَادِي: ثَنَا عبد الله بن وهب عَن
يُونُس. وَقَالَ الْآخرَانِ: أبنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن
شهَاب، حَدثنِي عبيد الله بن عبد الله ابْن عتبَة أَنا أَبَا هُرَيْرَة
قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ألم
تروا إِلَى مَا قَالَ ربكُم عز وَجل؟ قَالَ: مَا أَنْعَمت على عبَادي من
نعْمَة إِلَّا أصبح فريق مِنْهُم بهَا كَافِرين
(1/142)
يَقُول: الْكَوَاكِب و [بالكواكب] ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن سَلمَة الْمرَادِي، ثَنَا عبد الله بن وهب، عَن
عَمْرو بن الْحَارِث [ح.
وحَدثني عَمْرو بن سَواد، أخبرنَا عبد الله بن وهب، أخبرنَا عَمْرو بن
الْحَارِث] أَن أَبَا يُونُس مولى أبي هُرَيْرَة حَدثهُ، عَن أبي هُرَيْرَة
عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا أنزل
الله من السَّمَاء من بركَة إِلَّا أصبح فريق من النَّاس بهَا كَافِرين،
فَينزل الله الْغَيْث فَيَقُولُونَ: (الْكَوَاكِب) كَذَا وَكَذَا ".
وَفِي حَدِيث الْمرَادِي: " بكوكب كَذَا وَكَذَا ".
بَاب مَا جَاءَ أَنه من ادّعى لغير أَبِيه فقد كفر
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث،
ثَنَا أبي، ثَنَا حُسَيْن الْمعلم، عَن ابْن بُرَيْدَة، عَن يحيى بن يعمر،
أَن أَبَا الْأسود حَدثهُ، عَن أبي ذَر أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَيْسَ من رجل ادّعى لغير أَبِيه
- وَهُوَ يُعلمهُ - إِلَّا كفر، وَمن ادّعى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ منا،
وليتبوأ مَقْعَده من النَّار، وَمن دَعَا رجلا بالْكفْر أَو قَالَ: عَدو
الله - وَلَيْسَ كَذَلِك - إِلَّا حَار عَلَيْهِ ".
(1/143)
بَاب إِذا أبق العَبْد من موَالِيه فقد كفر
مُسلم: حَدثنِي عَليّ بن حجر السَّعْدِيّ، ثَنَا إِسْمَاعِيل - يَعْنِي:
ابْن علية - عَن مَنْصُور بن عبد الرَّحْمَن، عَن الشّعبِيّ، عَن جرير أَنه
سَمعه يَقُول: " أَيّمَا عبد أبق من موَالِيه فقد كفر حَتَّى يرجع
إِلَيْهِم ".
قَالَ مَنْصُور: قد وَالله (رَوَاهُ) عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَكِنِّي أكره أَن يرْوى (عَليّ) هَا هُنَا
بِالْبَصْرَةِ.
/ بَاب إِذا كفر أَخَاهُ رَجَعَ عَلَيْهِ إِن لم يكن أَخُوهُ كَذَلِك
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا مُحَمَّد بن بشر وَعبد الله
بن نمير قَالَا: حَدثنَا عبيد الله بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر أَن
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا (أكفر)
الرجل أَخَاهُ فقد بَاء بهَا أَحدهمَا ".
قَالَ مُسلم: وثنا يحيى بن يحيى التَّمِيمِي وَيحيى بن أَيُّوب وقتيبة بن
سعيد وَعلي بن حجر جَمِيعًا، عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، عَن عبد الله بن
دِينَار أَنه سمع ابْن عمر يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَيّمَا امْرِئ قَالَ لِأَخِيهِ كَافِر، فقد بَاء
بهَا أَحدهمَا إِن كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا رجعت عَلَيْهِ ".
بَاب عَلامَة الْمُنَافِق
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عبد الله بن نمير.
(1/144)
وثنا ابْن نمير، حَدثنَا أبي، ثَنَا
الْأَعْمَش.
وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا وَكِيع، ثَنَا سُفْيَان، عَن الْأَعْمَش،
عَن عبد الله ابْن مرّة، عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَربع من كن فِيهِ كَانَ
منافقاً خَالِصا، وَمن كَانَت فِيهِ خلة مِنْهُنَّ كَانَت فِيهِ خلة من
نفاق حَتَّى يَدعهَا: إِذا حدث كذب، وَإِذا عَاهَدَ غدر، وَإِذا وعد أخلف،
وَإِذا خَاصم فجر ".
غير أَن فِي حَدِيث سُفْيَان: " وَإِن كَانَت فِيهِ خصْلَة مِنْهُنَّ
كَانَت فِيهِ خصْلَة من النِّفَاق ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن إِسْحَاق، أَنا ابْن أبي مَرْيَم، ثَنَا
مُحَمَّد بن جَعْفَر، أَخْبرنِي الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب
مولى الحرقة، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من عَلَامَات الْمُنَافِق
ثَلَاثَة: إِذا حدث كذب، وَإِذا وعد أخلف، وَإِذا أؤتمن خَان ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا عقبَة بن مكرم الْعمي، حَدثنَا يحيى بن مُحَمَّد بن
قيس أَبُو زُكَيْرٍ قَالَ: سَمِعت الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن يحدث
بِهَذَا الْإِسْنَاد وَقَالَ: " آيَة الْمُنَافِق / ثَلَاث، وَإِن صَامَ
وَصلى وَزعم أَنه مُسلم ".
وحَدثني أَبُو نصر التمار وَعبد الْأَعْلَى بن حَمَّاد قَالَا: ثَنَا
حَمَّاد بن سَلمَة عَن دَاوُد بن أبي هِنْد، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي
هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
-، بِمثل حَدِيث يحيى بن مُحَمَّد، عَن الْعَلَاء. ذكر فِيهِ: " وَإِن
صَامَ وَصلى وَزعم أَنه مُسلم ".
(1/145)
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد،
ثَنَا شُعْبَة، أَخْبرنِي عبد الله بن عبد الله بن جبر قَالَ: سَمِعت أنسا،
عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " آيَة
الْإِيمَان حب الْأَنْصَار، وَآيَة النِّفَاق بغض الْأَنْصَار ".
بَاب ذكر الْخلال الَّتِي لَا يَفْعَلهَا وَهُوَ مُؤمن
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى بن عبد الله بن عمرَان التجِيبِي، ثَنَا
ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب قَالَ: سَمِعت أَبَا سَلمَة بن
عبد الرَّحْمَن وَسَعِيد بن الْمسيب يَقُولَانِ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة:
إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا
يَزْنِي الزَّانِي حِين يزنى وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يسرق السَّارِق حِين يسرق
وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن ".
قَالَ ابْن شهَاب: فَأَخْبرنِي عبد الْملك بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن -
هُوَ ابْن الْحَارِث بن هِشَام - أَن أَبَا بكر كَانَ يُحَدِّثهُمْ
هَؤُلَاءِ عَن أبي هُرَيْرَة، ثمَّ يَقُول: " وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة
يلْحق مَعَهُنَّ: وَلَا ينتهب نهبة ذَات شرف يرفع النَّاس إِلَيْهِ فِيهَا
أَبْصَارهم حِين ينتهبها وَهُوَ مُؤمن "
قَالَ مُسلم: وحَدثني عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث بن سعد، حَدثنِي
أبي عَن جدي، حَدثنِي عقيل بن خَالِد قَالَ: قَالَ ابْن شهَاب: أَخْبرنِي
أَبُو بكر ابْن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام، عَن أبي هُرَيْرَة
قَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: "
لَا يَزْنِي الزَّانِي ... " واقتص الحَدِيث، يذكر مثله مَعَ ذكر النهبة،
وَلم يذكر " ذَات شرف ".
(1/146)
قَالَ ابْن شهَاب: حَدثنِي سعيد بن الْمسيب
وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / مثل حَدِيث أبي بكر هَذَا إِلَّا
النهبة.
قَالَ مُسلم: وحَدثني مُحَمَّد بن مهْرَان الرَّازِيّ، حَدثنَا عِيسَى بن
يُونُس، ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، عَن الزُّهْرِيّ، عَن ابْن الْمسيب وَأبي
سَلمَة وَأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن ابْن الْحَارِث بن هِشَام، عَن أبي
هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمثل
حَدِيث عقيل، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي
هُرَيْرَة، ذكر النهبة وَلم يقل: " ذَات شرف ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني حسن بن عَليّ الْحلْوانِي، ثَنَا يَعْقُوب بن
إِبْرَاهِيم، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن الْمطلب، عَن صَفْوَان بن سليم، عَن
عَطاء بن يسَار مولى مَيْمُونَة وَحميد ابْن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي
هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَحدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أبنا معمر، عَن همام بن
مُنَبّه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -.
وَحدثنَا قُتَيْبَة - هُوَ ابْن سعيد - ثَنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي:
الدَّرَاورْدِي - عَن الْعَلَاء ابْن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أبي
هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، كل
هَؤُلَاءِ بِمثل حَدِيث الزُّهْرِيّ، غير أَن الْعَلَاء وَصَفوَان بن سليم
لَيْسَ فِي حَدِيثهمَا: " يرفع النَّاس إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارهم ".
وَفِي حَدِيث همام: " يرفع إِلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ أَعينهم فِيهَا، وَهُوَ
حِين ينتهبها مُؤمن " وَزَاد: " وَلَا يغل أحدكُم حِين يغل وَهُوَ مُؤمن،
فإياكم إيَّاكُمْ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن سَلام، حَدثنَا
إِسْحَاق الْأَزْرَق، عَن الفضيل بن غَزوَان، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن
عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
" لَا يَزْنِي العَبْد حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يشرب الْخمر حِين
يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن،
(1/147)
وَلَا يسرق وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يقتل
وَهُوَ مُؤمن فَقلت لِابْنِ عَبَّاس: كَيفَ ينتزع مِنْهُ الْإِيمَان؟ فشبك
أَصَابِعه ثمَّ أخرجهَا، فَقَالَ: هَكَذَا، فَإِذا تَابَ عَاد إِلَيْهِ
هَكَذَا. وَشَبك أَصَابِعه ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عمر بن هياج، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى،
ثَنَا مبارك ابْن حسان، عَن عَطاء قَالَ: حَدثنِي أَبُو هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يقتل
الْقَاتِل حِين يقتل وَهُوَ مُؤمن / وَلَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي
وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يسرق السَّارِق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يشرب
الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يختلس خلسة وَهُوَ مُؤمن، يخلع
مِنْهُ الْإِيمَان كَمَا يخلع مِنْهُ سرباله، فَإِذا رَجَعَ إِلَى
الْإِيمَان رَجَعَ إِلَيْهِ، وَإِذا رَجَعَ رَجَعَ إِلَيْهِ الْإِيمَان ".
بَاب خُرُوج الْإِيمَان عَن الزَّانِي حِين زِنَاهُ
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِسْحَاق بن سُوَيْد، أبنا ابْن أبي مَرْيَم، أبنا
نَافِع - يَعْنِي: ابْن يزِيد - حَدثنِي ابْن الْهَاد، أَن سعيد بن أبي
سعيد المَقْبُري، حَدثهُ أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا زنى الرجل خرج مِنْهُ
الْإِيمَان كَانَ عَلَيْهِ كالظلة، فَإِذا أقلع رَجَعَ إِلَيْهِ الْإِيمَان
"
بَاب ذكر الْخلال الَّتِي تَبرأ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - من فاعلها أَو قَالَ فِيهِ لَيْسَ منا
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن نَافِع، عَن
ابْن عمر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من
حمل علينا السِّلَاح فَلَيْسَ منا ".
قَالَ مُسلم: وثنا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن عبد
الرَّحْمَن
(1/148)
الْقَارِي.
وثنا أَبُو الْأَحْوَص مُحَمَّد بن حَيَّان، ثَنَا ابْن أبي حَازِم:
كِلَاهُمَا عَن سُهَيْل ابْن أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة،
أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من حمل
علينا السِّلَاح فَلَيْسَ منا، وَمن غَشنَا فَلَيْسَ منا ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أبنا أَبُو مُعَاوِيَة.
وثنا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة ووكيع.
وثنا ابْن نمير، ثَنَا أبي: جَمِيعًا عَن الْأَعْمَش، عَن عبد الله بن
مرّة، عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ منا من ضرب الخدود، أَو شقّ
الْجُيُوب أَو دَعَا بِدَعْوَى أهل الْجَاهِلِيَّة ". هَذَا حَدِيث يحيى،
وَأما ابْن نمير وَأَبُو بكر فَقَالَا: " وشق ... ودعا " بِغَيْر ألف.
التِّرْمِذِيّ: / حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، عَن
معمر، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من انْتَهَت فَلَيْسَ منا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من حَدِيث أنس.
مُسلم: حَدثنَا شَيبَان بن فروخ، ثَنَا جرير - يَعْنِي: ابْن حَازِم -
ثَنَا غيلَان ابْن جرير، عَن أبي قيس بن ريَاح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " من خرج من
الطَّاعَة وَفَارق الْجَمَاعَة فَمَاتَ: مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة، وَمن
قَاتل تَحت راية عمية: يغْضب لعصبة، أَو يَدْعُو إِلَى عصبَة، أَو ينصر
عصبَة فَقتل فقتلة جَاهِلِيَّة، وَمن خرج على أمتِي يضْرب برهَا وفاجرها،
وَلَا يتحاشى من مؤمنها، وَلَا يَفِي لذِي عهدها فَلَيْسَ مني وَلست مِنْهُ
".
(1/149)
أَبُو قيس اسْمه زِيَاد بن ريَاح
الْقَيْسِي.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا وَكِيع بن الْجراح، عَن الْوَلِيد بن
ثَعْلَبَة، عَن ابْن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ منا من حلف بالإمانة، أَو
من خبب على امْرِئ زَوجته أَو امْرَأَته أَو مَمْلُوكه فَلَيْسَ هُوَ منا
".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا هناد بن السّري، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن
إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن قيس بن أبي حَازِم، عَن جرير بن عبد الله
البَجلِيّ قَالَ: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- سَرِيَّة إِلَى خثعم، فاعتصم نَاس بِالسُّجُود فأسرع فيهم الْقَتْل،
فَبلغ ذَلِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأمر لَهُم
بِنصْف الْعقل، وَقَالَ: أَنا بَرِيء من كل مُسلم يُقيم بَين أظهر
الْمُشْركين، قَالُوا: يَا رَسُول الله، لم؟ قَالَ: لَا ترَاءى ناراهما ".
مُسلم: حَدثنَا الحكم بن مُوسَى الْقَنْطَرِي، ثَنَا يحيى بن حَمْزَة، عَن
عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، أَن الْقَاسِم بن مخيمرة حَدثهُ قَالَ:
حَدثنِي أَبُو بردة بن أبي مُوسَى قَالَ: " وجع أَبُو مُوسَى وجعاً فَغشيَ
عَلَيْهِ - وَرَأسه فِي حجر امْرَأَة من أَهله - فصاحت امْرَأَة من أَهله،
فَلم يسْتَطع أَن يرد عَلَيْهَا شَيْئا، فَلَمَّا أَفَاق قَالَ: أَنا
بَرِيء مِمَّن برِئ مِنْهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - / فَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ:
أَنا بري من الصالقة والحالقة والشاقة ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن الْمُعَلَّى بن مَنْصُور، عَن مفضل بن فضَالة،
عَن عَيَّاش بن عَبَّاس، عَن شييم بن بيتان، عَن شَيبَان، عَن رويفع بن
ثَابت قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "
يَا رويفع، إِنَّه لَعَلَّك أَن تطول [بك] حَيَاة، فَإِن بقيت بعدِي،
فَأخْبر النَّاس أَنه من عقد لحيته، أَو تقلد وترا، أَو استنجى بِعظم أَو
رجيع
(1/150)
فمحمد مِنْهُ بَرِيء "
شَيبَان هَذَا هُوَ ابْن أُميَّة يكنى أَبَا حُذَيْفَة، روى هَذَا الحَدِيث
أَبُو دَاوُد عَن [شييم] ، عَن أبي سَالم الجيشاني، عَن عبد الله بن
عَمْرو، وَرَوَاهُ أَيْضا عَن [شييم] ، عَن شَيبَان، عَن رويفع، وسياتي فِي
كتاب الطَّهَارَة، إِن شَاءَ الله.
بَاب ذكر خلال ورد الْخَبَر فِي فاعليها
أَنهم لَا يدْخلُونَ الْجنَّة أَو الْجنَّة عَلَيْهِم حرَام
مُسلم: حَدثنَا شَيبَان بن فروخ وَعبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء
الضبعِي، قَالَا: ثَنَا مهْدي - وَهُوَ ابْن مَيْمُون - ثَنَا وَاصل
الأحدب، عَن أبي وَائِل، عَن حُذَيْفَة: " أَنه بلغه أَن رجلا ينم
الحَدِيث، فَقَالَ حُذَيْفَة: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لَا يدْخل الْجنَّة نمام ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب وَابْن أبي عمر قَالَا: ثَنَا سُفْيَان،
عَن الزُّهْرِيّ، عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم، عَن أَبِيه، عَن
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يدْخل
الْجنَّة قَاطع " قَالَ ابْن أبي عمر: قَالَ سُفْيَان: يَعْنِي: قَاطع رحم.
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه،
عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "
صنفان من أهل النَّار لم أرهما: قوم مَعَهم سياط كأذناب الْبَقر يضْربُونَ
بهَا النَّاس، وَنسَاء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت
المائلة، لَا يدخلن الْجنَّة وَلَا يجدن رِيحهَا، وَإِن رِيحهَا
(1/151)
ليوجد من مسيرَة كَذَا وَكَذَا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا عمر
بن مُحَمَّد، عَن عبد الله بن يسَار، عَن سَالم بن عبد الله، عَن أَبِيه
قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "
ثَلَاثَة لَا ينظر الله / إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة: الْعَاق
لوَالِديهِ، وَالْمَرْأَة المترجلة، والديوث، وَثَلَاثَة لَا يدْخلُونَ
الْجنَّة: الْعَاق لوَالِديهِ، والمدمن الْخمر، والمنان بِمَا أعْطى ".
الْبَزَّار: حَدثنَا الْعَبَّاس بن أبي طَالب، حَدثنَا منْجَاب بن
الْحَارِث التَّمِيمِي، ثَنَا حَفْص بن غياث، عَن عَاصِم، عَن أبي
عُثْمَان، عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " ثَلَاثَة لَا يدْخلُونَ الْجنَّة: الشَّيْخ الزَّانِي،
وَالْإِمَام الْكذَّاب، والعائل المزهو ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد النُّفَيْلِي، ثَنَا مُحَمَّد
بن سَلمَة، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن عبد
الرَّحْمَن بن شماسَة، عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا يدْخل الْجنَّة صَاحب
مكس ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَبُو بكر وَعُثْمَان ابْنا أبي شيبَة، قَالَا:
ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن معبد بن خَالِد، عَن حَارِثَة بن وهب
قَالَ: قَالَ رَسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يدْخل
الْجنَّة الجواظ وَلَا الجعظري ". قَالَ: والجواظ: الغليظ الْفظ.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا يزِيد بن زُرَيْع، عَن يُونُس، عَن
الْحسن قَالَ: " دخل عبيد الله بن زِيَاد على معقل بن يسَار وَهُوَ وجع
[فَسَأَلَهُ] فَقَالَ: إِنِّي محدثك حَدِيثا لم أكن حدثتكه، إِن رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لَا يسترعي الله
(1/152)
عبدا رعية يَمُوت حِين يَمُوت وَهُوَ غاش
لَهَا إِلَّا حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة. قَالَ: أَلا كنت حَدَّثتنِي
هَذَا قبل الْيَوْم؟ قَالَ: مَا حدثتك، أَو لم أكن لأحدثك ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يحيى بن زَكَرِيَّا بن أبي
زائده وَأَبُو مُعَاوِيَة، عَن عَاصِم، عَن أبي عُثْمَان، عَن سعد وَأبي
بكرَة كِلَاهُمَا يَقُول: سمعته أذناي ووعاه قلبِي مُحَمَّدًا - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من ادّعى إِلَى غير أَبِيه وَهُوَ
يعلم أَنه غير أَبِيه فالجنة عَلَيْهِ حرَام ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن منهال، ثَنَا حجاج، ثَنَا جرير، عَن
الْحسن، ثَنَا جُنْدُب بن عبد الله فِي هَذَا الْمَسْجِد - وَمَا نَسِينَا
مُنْذُ حَدثنَا، وَمَا نخشى أَن يكون جُنْدُب كذب على النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ فِيمَن كَانَ / قبلكُمْ رجل بِهِ جرح، فجزع
فَأخذ سكيناً فحز بهَا يَده، فَمَا رقأ الدَّم حَتَّى مَاتَ، قَالَ الله -
عز وَجل -: بادرني عَبدِي بِنَفسِهِ، فَحرمت عَلَيْهِ الْجنَّة ".
حَدِيث جُنْدُب هَذَا ذكره مُسلم - رَحمَه الله - وَزَاد البُخَارِيّ: "
بادرني عَبدِي بِنَفسِهِ " وَسَيَأْتِي حَدِيث مُسلم فِي بَاب الْقَاتِل
نَفسه - إِن شَاءَ الله.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة بن سعيد وَعلي بن حجر جَمِيعًا، عَن
إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر - قَالَ ابْن أَيُّوب: ثَنَا إِسْمَاعِيل بن
جَعْفَر - أَخْبرنِي الْعَلَاء - وَهُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن مولى الحرقة -
عَن معبد بن كَعْب السّلمِيّ، عَن أَخِيه عبد الله بن كَعْب، عَن أبي
أُمَامَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: "
من اقتطع حق امرىء مُسلم بِيَمِينِهِ فقد أوجب الله لَهُ النَّار، وَحرم
عَلَيْهِ الْجنَّة. فَقَالَ لَهُ رجل: وَإِن كَانَ شَيْئا يَسِيرا يَا
رَسُول الله؟ قَالَ: وَإِن قَضِيبًا من أَرَاك ".
(1/153)
وحدثناه أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق
بن إِبْرَاهِيم وَهَارُون بن عبد الله جَمِيعًا عَن أبي أُسَامَة، عَن
الْوَلِيد بن كثير، عَن مُحَمَّد بن كَعْب، أَنه سمع أَخَاهُ عبد الله بن
كَعْب يحدث، أَن أَبَا أُمَامَة الْحَارِثِيّ حَدثهُ، أَنه سمع رَسُول الله
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمثلِهِ.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْحُسَيْن بن حُرَيْث، أبنا إِسْمَاعِيل، عَن
يُونُس، عَن الحكم، عَن الْأَشْعَث بن حَرْمَلَة، عَن أبي بكرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قتل نفسا
معاهداً بِغَيْر حلهَا حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة أَن يشم رِيحهَا ".
الحكم: هُوَ ابْن عبد الله الْأَعْرَج: ثِقَة، والأشعث أَيْضا ثِقَة
مَشْهُور.
بَاب ذكر خلال ورد الْخَبَر
فِي [فاعليها] أَن الله لَا ينظر إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن مثنى وَابْن بشار
قَالُوا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن شُعْبَة، عَن عَليّ بن مدرك، عَن
أبي زرْعَة، عَن خَرشَة ابْن الْحر، عَن أبي ذَر عَن النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قَالَ: " ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله يَوْم الْقِيَامَة وَلَا ينظر إِلَيْهِم
وَلَا يزكيهم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم. قَالَ: فقرأها رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاث مَرَّات. قَالَ أَبُو ذَر: خابوا
وخسروا، من هم يَا رَسُول الله؟ قَالَ: المسبل / والمنان. والمنفق سلْعَته
بِالْحلف الكاذبة ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا أَبُو
معاويةن عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة - وَهَذَا
حَدِيث أبي بكر - قَالَ: قَالَ
(1/154)
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله يَوْم الْقِيَامَة، وَلَا ينظر
إِلَيْهِم وَلَا يزكيهم، وَلَهُم عَذَاب أَلِيم: رجل على فضل مَاء بالفلاة
يمنعهُ من ابْن السَّبِيل، وَرجل بَايع رجلا بسلعة بعد الْعَصْر فَحلف لَهُ
بِاللَّه: لأخذها بِكَذَا وَكَذَا، فَصدقهُ وَهُوَ على غير ذَلِك، وَرجل
بَايع إِمَامًا لَا يبايعه إِلَّا لدُنْيَا، فَإِن أعطَاهُ مِنْهَا وفى،
وَإِن لم يُعْطه مِنْهَا لم يَفِ ".
وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش بِهَذَا الْإِسْنَاد
مثله وَقَالَ: " ساوم " بدل " بَايع ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع وَأَبُو مُعَاوِيَة،
عَن الْأَعْمَش، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله
يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم - قَالَ [أَبُو] مُعَاوِيَة: وَلَا ينظر
إِلَيْهِم - وَلَهُم عَذَاب أَلِيم: شيخ زَان، وَملك كَذَّاب، وعائل مستكبر
".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن يُونُس،
ثَنَا سُفْيَان - يَعْنِي: ابْن عُيَيْنَة - عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن
أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - قَالَ: " ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله يَوْم الْقِيَامَة: رجل
حلف على سلْعَة لقد أعطي فِيهَا أَكثر مِمَّا أعطي، وَرجل منع فضل مَاء
فَيَقُول الله - تبَارك وَتَعَالَى -: الْيَوْم أمنعك فضلي كَمَا منعت فضل
مَا لم تعْمل يداك. وَرجل حلف على يَمِين بعد صَلَاة الْعَصْر ليقتطع بهَا
مَال امْرِئ مُسلم ".
عبد الرَّحْمَن هَذَا هُوَ ابْن يُونُس الْمُسْتَمْلِي كنيته أَبُو مُسلم،
روى عَن حَاتِم بن إِسْمَاعِيل وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَابْن علية وَابْن
إِدْرِيس وَابْن فُضَيْل ومعن بن عِيسَى، سمع مِنْهُ أَبُو حَاتِم وَغَيره.
(1/155)
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ،
ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة
قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "
ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله يَوْم الْقِيَامَة وَلَا ينظر إِلَيْهِم وَلَا
يزكيهم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم: رجل على فضل مَاء بِالطَّرِيقِ / مَنعه ابْن
السَّبِيل، وَرجل بَايع إِمَامًا لَا يبايعه إِلَّا للدنيا، إِن أعطَاهُ
وَفِي لَهُ وَإِن لم يُعْطه لم يَفِ لَهُ، والمشرك بِاللَّه ".
أَبُو مُعَاوِيَة اسْمه مُحَمَّد بن حَازِم.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الله بن سعيد الْأَشَج، ثَنَا أَبُو خَالِد
الْأَحْمَر، عَن الضَّحَّاك بن عُثْمَان، عَن مخرمَة بن سُلَيْمَان، عَن
[كريب] ، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا ينظر الله إِلَى رجل أَتَى رجلا أَو امْرَأَة
فِي دبر ".
مُسلم: حَدثنِي ابْن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا حَنْظَلَة قَالَ: سَمِعت
سالما، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " من جر ثَوْبه من الْخُيَلَاء لم ينظر الله إِلَيْهِ يَوْم
الْقِيَامَة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن مَنْصُور، ثَنَا مُحَمَّد بن مَحْبُوب،
ثَنَا سرار بن مجشر بن قبيصَة الْبَصْرِيّ، عَن سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن
قَتَادَة، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا ينظر الله - عز
وَجل - إِلَى امْرَأَة لَا تشكر لزَوجهَا وَهِي لَا تَسْتَغْنِي عَنهُ ".
قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن: سرار بن مجشر ثِقَة بَصرِي، وَهُوَ وَيزِيد بن
زُرَيْع مقدمان فِي ابْن أبي عرُوبَة. يَعْنِي: أَنَّهُمَا سمعا مِنْهُ قبل
الِاخْتِلَاط.
(1/156)
وَقد تقدم فِي الْبَاب قبل هَذَا قَوْله
عَلَيْهِ السَّلَام: " ثَلَاثَة لَا ينظر الله إِلَيْهِم يَوْم
الْقِيَامَة: الْعَاق لوَالِديهِ، وَالْمَرْأَة المترجلة، والديوث ".
بَاب ذكر خلال ورد لعن فاعليها عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر
سُلَيْمَان بن حَيَّان، عَن مَنْصُور بن حَيَّان، عَن أبي الطُّفَيْل
قَالَ: " قُلْنَا لعَلي: أخبرنَا بِشَيْء أسره إِلَيْك رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقَالَ: مَا أسر إِلَيّ شَيْئا
كتمه النَّاس، وَلَكِنِّي سمعته يَقُول: لعن الله من ذبح لغير الله، (وَلعن
من آوى مُحدثا) وَلعن الله من لعن وَالِديهِ، وَلعن الله من غير منار
الأَرْض ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن عبيد الله قَالَ:
أَخْبرنِي نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " لعن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة والواشمة
والمستوشمة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عُثْمَان، ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن
إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، قَالَ عبد الله: " لعن الله الْوَاشِمَات
وَالْمُسْتَوْشِمَات وَالْمُتَنَمِّصَات وَالْمُتَفَلِّجَات لِلْحسنِ
الْمُغيرَات خلق الله، مَا لي لَا ألعن من لعن رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ فِي كتاب الله: {وَمَا آتَاكُم
الرَّسُول فَخُذُوهُ} ".
(1/157)
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا
هشيم، أَنا أَبُو بشر، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عمر قَالَ: " إِن
رَسُول الله لعن من اتخذ شَيْئا فِيهِ الرّوح غَرضا ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: أَنا أَبُو
مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لعن الله
السَّارِق يسرق الْبَيْضَة فتقطع يَده، وَيسْرق الْحَبل فتقطع يَده ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب وَأَبُو كريب
جَمِيعًا، عَن أبي مُعَاوِيَة - قَالَ أَبُو كريب: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة
- عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن أَبِيه قَالَ: "
خَطَبنَا عَليّ بن أبي طَالب فَقَالَ: من زعم أَن عندنَا شَيْئا نقرؤه
إِلَّا كتاب الله وَهَذِه الصَّحِيفَة - قَالَ: وصحيفة معلقَة فِي قرَاب
سَيْفه - فقد كذب. فِيهَا أَسْنَان الْإِبِل، وَأَشْيَاء من الْجِرَاحَات،
وفيهَا قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
الْمَدِينَة حرم مَا بَين عير إِلَى ثَوْر، فَمن أحدث فِيهَا حَدثا أَو آوى
مُحدثا، فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ، لَا
يقبل الله مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة صرفا وَلَا عدلا، وَذمَّة الْمُسلمين
وَاحِدَة يسْعَى بهَا أَدْنَاهُم، وَمن ادّعى إِلَى غير أَبِيه أَو
انْتَمَى إِلَى غير موَالِيه فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة
وَالنَّاس أَجْمَعِينَ، لَا يقبل الله مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة صرفا وَلَا
عدلا ".
وانْتهى حَدِيث أبي بكر وَزُهَيْر بن حَرْب عِنْد قَوْله: " يسْعَى بهَا
أَدْنَاهُم " لم يذكرَا مَا بعده، وَلَيْسَ فِي حَدِيثهمَا: " معلقَة فِي
قرَاب سَيْفه ".
(1/158)
وحَدثني عَليّ بن حجر السَّعْدِيّ، ثَنَا
عَليّ بن مسْهر.
وحَدثني أَبُو سيعد الْأَشَج، ثَنَا وَكِيع جَمِيعًا، عَن الْأَعْمَش
بِهَذَا الْإِسْنَاد نَحْو حَدِيث أبي كريب، عَن أبي مُعَاوِيَة إِلَى
آخِره، وَزَاد فِي الحَدِيث: " فَمن أَخْفَر مُسلما فَعَلَيهِ لعنة الله /
وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ، لَا يقبل مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة
صرف وَلَا عدل " وَلَيْسَ فِي حَدِيثهمَا: " من ادّعى إِلَى غير أَبِيه "
وَلَيْسَ فِي رِوَايَة وَكِيع ذكر " يَوْم الْقِيَامَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا حجاج بن منهال، أبنا شُعْبَة، أَخْبرنِي عون بن أبي
جُحَيْفَة قَالَ: " رَأَيْت أبي اشْترى حجاماً، فَأمر بمحاجمه فَكسرت،
فَسَأَلته عَن ذَلِك، فَقَالَ لي: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن ثمن الدَّم، وَثمن الْكَلْب، وَكسب الْأمة،
وَلعن الواشمة والمستوشمة، وآكل الرِّبَا وموكله، وَلعن المصور ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن سماك بن
حَرْب، عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مَسْعُود، عَن ابْن مَسْعُود
قَالَ: " لعن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - آكل
الرِّبَا وموكله وشاهديه وكاتبه ".
وَفِي الْبَاب عَن عمر، وَعلي، قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن
صَحِيح.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن مَنْصُور النَّسَائِيّ، ثَنَا أَبُو نعيم،
عَن سُفْيَان - هُوَ الثَّوْريّ - عَن أبي قيس - هُوَ عبد الرَّحْمَن بن
ثروان - عَن هزيل - وَهُوَ ابْن شُرَحْبِيل - عَن عبد الله - هُوَ ابْن
مَسْعُود - قَالَ: " لعن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- الواشمة والموتشمه، والواصلة والموصولة، وآكل الرِّبَا وموكله، و
[الْمُحَلّل] والمحلل
(1/159)
لَهُ ".
الْبَزَّار: حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا عُثْمَان بن عمر، ثَنَا
مَالك، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لعن الله قوما
اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد ".
عُثْمَان بن عمر هَذَا هُوَ ابْن فَارس أَبُو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ، وثقة
يحيى بن معِين، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: هُوَ صَدُوق. وَكَانَ يحيى بن سعيد
لَا يرضاه.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن يعمر، ثَنَا مُحَمَّد بن كثير، ثَنَا
سُلَيْمَان بن كثير، ثَنَا عَمْرو بن دِينَار، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس
يرفعهُ قَالَ: " من قتل فِي عميه أَو (عمية) بِحجر أَو بِسَوْط أَو عصى
فَعَلَيهِ عقل الْخَطَأ، وَمن قتل عمدا فَهُوَ قَود، وَمن حَال بَينه
وَبَينه فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ، لَا
يقبل مِنْهُ صرف وَلَا عدل ".
/ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا أبان، ثَنَا
قَتَادَة، حَدثنِي أَبُو مجلز، عَن حُذَيْفَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعن من جلس وسط الْحلقَة ".
أَبُو مجلز اسْمه لَاحق بن حميد.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا هِشَام، عَن يحيى
[عَن]
(1/160)
عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس " أَن
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعن المخنثين من
الرِّجَال، والمترجلات من النِّسَاء، وَقَالَ: أخرجوهم من بُيُوتكُمْ،
وأخرجوا فلَانا وَفُلَانًا. يَعْنِي: المخنثين ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان لوين - وَبَعضه قِرَاءَة
عَلَيْهِ - عَن سُفْيَان، عَن ابْن جريح، عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: " قيل
لعَائِشَة أَن امْرَأَة تلبس النَّعْل، فَقَالَت: لعن رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الرجلة من النِّسَاء ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن
الْحَارِث بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي سَلمَة، عَن عبد الله بن عَمْرو
قَالَ: " لعن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الراشي
والمرتشي ".
ذكره أَبُو عِيسَى وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، ثَنَا أَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد
بن الْفضل، ثَنَا سكين بن عبد الْعَزِيز، عَن سيار بن سَلامَة، عَن أبي
بَرزَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ:
الْأُمَرَاء من قُرَيْش، ولي عَلَيْهِم حق، وَلَهُم عَلَيْكُم حق، مَا
فعلوا ثَلَاثًا: مَا استرحموا فرحموا، وحكموا فعدلوا، وعقدوا فوفوا، فَمن
لم يفعل ذَلِك مِنْهُم فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس
أَجْمَعِينَ ".
قَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى إِلَّا عَن أبي بَرزَة
بِهَذَا الْإِسْنَاد، وسكين رجل مَشْهُور من أهل الْبَصْرَة.
وَرَوَاهُ أَبُو بكر أَيْضا عَن إِبْرَاهِيم بن هَانِئ، عَن مُحَمَّد بن
بكار بن
(1/161)
بِلَال، عَن سعيد بن بشير، عَن قَتَادَة،
عَن أنس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
بَاب مِمَّا سمي كَبِيرَة أَو دلّ على أَنه كَبِيرَة
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم قَالَ
إِسْحَاق: أبنا جرير، وَقَالَ عُثْمَان: حَدثنَا / جرير، عَن مَنْصُور، عَن
أبي وَائِل، عَن عَمْرو ابْن شُرَحْبِيل، عَن عبد الله قَالَ: " سَأَلت
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَي الذَّنب أعظم
عِنْد الله؟ قَالَ: أَن تجْعَل لله ندا وَهُوَ خلقك. قَالَ: قلت لَهُ: إِن
ذَلِك لعَظيم. قَالَ: قلت: ثمَّ أَي؟ قَالَ: ثمَّ أَن تقتل ولدك مَخَافَة
أَن يطعم مَعَك. قَالَ: قلت: ثمَّ أَي؟ قَالَ: ثمَّ أَن تُزَانِي حَلِيلَة
جَارك ".
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم جَمِيعًا
عَن جرير - قَالَ عُثْمَان: ثَنَا جرير - عَن الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل،
عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل قَالَ: قَالَ عبد الله: " قَالَ رجل: يَا رَسُول
الله، أَي الذَّنب أكبر عِنْد الله؟ قَالَ: أَن تَدْعُو لله ندا وَهُوَ
خلقك. قَالَ: ثمَّ أَي؟ قَالَ: أَن تقتل ولدك مَخَافَة أَن يطعم مَعَك.
قَالَ: ثمَّ أَي؟ قَالَ: أَن تُزَانِي حَلِيلَة جَارك. فَأنْزل الله - عز
وَجل - تصديقها: {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر وَلَا
يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يزنون وَمن يفعل
ذَلِك يلق أثاماً} ".
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو بن مُحَمَّد بن بكير النَّاقِد، حَدثنَا إِسْمَاعِيل
ابْن عَلَيْهِ، عَن سعيد الْجريرِي، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة،
عَن أَبِيه قَالَ: " كُنَّا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أَلا أنبئكم بأكبر الْكَبَائِر - ثَلَاثًا -:
الْإِشْرَاك بِاللَّه، وعقوق الْوَالِدين، وَشَهَادَة الزُّور - أَو قَول
الزُّور - وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
مُتكئا فَجَلَسَ، فَمَا
(1/162)
زَالَ يكررها حَتَّى قُلْنَا: ليته سكت ".
مُسلم: حَدثنِي يحيى بن حبيب الْحَارِثِيّ، ثَنَا خَالِد - هُوَ ابْن
الْحَارِث - ثَنَا شُعْبَة، أَنا عبيد الله بن أبي بكر، عَن أنس، عَن
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فِي الْكَبَائِر قَالَ:
الشّرك بِاللَّه، وعقوق الْوَالِدين، وَقتل النَّفس، وَقَول الزُّور ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، حَدثنَا اللَّيْث، عَن ابْن الْهَاد،
عَن سعد ابْن إِبْرَاهِيم، عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن، عَن عبد الله بن
عَمْرو بن الْعَاصِ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- / قَالَ: " إِن من الْكَبَائِر شتم الرجل وَالِديهِ. قَالُوا: يَا رَسُول
الله، وَهل يشْتم الرجل وَالِديهِ؟ قَالَ: نعم، يسب أَبَا الرجل فيسب
أَبَاهُ، ويسب أمه فيسب أمه ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا ابْن سَلام، أَنا عُبَيْدَة بن حميد أَبُو عبد
الرَّحْمَن، عَن مَنْصُور، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس " خرج النَّبِي
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من بعض حيطان الْمَدِينَة فَسمع
صَوت إنسانين يعذبان فِي قبورهما. قَالَ: يعذبان، وَمَا يعذبان فِي
كَبِيرَة، وَإنَّهُ لكبير، كَانَ أَحدهمَا لَا يسْتَتر من الْبَوْل،
وَكَانَ الآخر يمشي بالنميمة. ثمَّ دَعَا بجريدة فَكَسرهَا بكسرتين - أَو
ثِنْتَيْنِ - فَجعل كسرة فِي قبر هَذَا، كسرة فِي قبر هَذَا، فَقَالَ:
لَعَلَّه يُخَفف عَنْهُمَا مَا لم ييبسا ".
(1/163)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا
عَارِم [عَن حَمَّاد] ثَنَا عبيد الله بن عمر، عَن سعيد المَقْبُري، عَن
أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قَالَ: " أَرْبَعَة يبغضهم الله: البياع الحلاف، وَالْفَقِير المختال،
وَالشَّيْخ الزَّانِي، وَالْإِمَام الجائر ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، حَدثنَا وَكِيع.
وثنا ابْن نمير، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة ووكيع.
وثنا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم - وَاللَّفْظ لَهُ - أَنا وَكِيع، ثَنَا
الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله عَن رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من حلف على يَمِين صَبر يقتطع بهَا
مَال امْرِئ مُسلم - هُوَ فِيهَا فَاجر - لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ
غَضْبَان ".
مُسلم: حَدثنِي هَارُون بن سعيد الْأَيْلِي، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي
سُلَيْمَان ابْن بِلَال، عَن ثَوْر بن زيد، عَن أبي الْغَيْث، عَن أبي
هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ:
" اجتنبوا السَّبع الموبقات. قيل: يَا رَسُول الله، وَمَا هن؟ قَالَ:
الشّرك بِاللَّه، وَالسحر، وَقتل النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا
بِالْحَقِّ، وَأكل مَال الْيَتِيم، وَأكل الرِّبَا، والتولي يَوْم
الزَّحْف، وَقذف الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات ".
أَبُو الْغَيْث اسْمه سَالم مولى ابْن مُطِيع.
(1/164)
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن
بشار وَإِبْرَاهِيم بن دِينَار، جَمِيعًا عَن يحيى بن حَمَّاد - قَالَ /
ابْن مثنى: حَدثنِي يحيى بن حَمَّاد - أَنا شُعْبَة، عَن أبان ابْن تغلب،
عَن فُضَيْل الْفُقيْمِي، عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، عنع عَلْقَمَة، عَن
عبد الله ابْن مَسْعُود، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - قَالَ: " لَا يدْخل الْجنَّة [من كَانَ فِي قلبه] مِثْقَال ذرة من كبر،
قَالَ رجل: إِن الرجل يحب أَن يكون ثَوْبه حسنا وَنَعله حَسَنَة. قَالَ:
إِن الله جميل يحب الْجمال، الْكبر: بطر الْحق وغمط النَّاس ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي عَمْرو بن عُثْمَان بن سعيد [عَن] بَقِيَّة، عَن
أبي عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ، عَن ربيعَة بن يزِيد، عَن عبد الله بن الديلمي
قَالَ: " دخلت على عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ - وَهُوَ فِي حَائِط
لَهُ بِالطَّائِف، يُقَال لَهُ الوهط - وَهُوَ فحاصر فَتى من قُرَيْش، يزن
ذَلِك الْفَتى بِشرب الْخمر، فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: من شرب الْخمر شربة لم تقبل لَهُ تَوْبَة
أَرْبَعِينَ صباحاً، فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ، فَإِن عَاد لم تقبل
تَوْبَته أَرْبَعِينَ صباحاً، فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ، فَإِن عَاد
كَانَ حَقًا على الله أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال يَوْم الْقِيَامَة ".
تَابعه مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ، عَن الْأَوْزَاعِيّ.
عبد الله الديلمي هُوَ عبد الله بن فَيْرُوز أَبُو بشر الداناج وَيُقَال:
الدانا، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ، والعربية الْعَالم، بَصرِي ثِقَة
مَشْهُور.
مُسلم: حَدثنِي مَنْصُور بن أبي مُزَاحم، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن
الزُّهْرِيّ، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، عَن عَائِشَة قَالَت: " دخل عَليّ
رَسُول الله - وَأَنا مستترة بقرام فِيهِ صُورَة - فَتَلَوَّنَ وَجهه، ثمَّ
تنَاول السّتْر فهتكه، ثمَّ قَالَ: إِن من
(1/165)
أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة
الَّذين يشبهون بِخلق الله ".
وَحدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعبد بن حميد، قَالَا: أبنا عبد
الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد وَفِي
حَدِيثهمَا: " إِن أَشد النَّاس عذَابا " لم يذكرَا " من ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، حَدثنَا أَبُو دَاوُد، أَنا
شُعْبَة والمسعودي، عَن عَلْقَمَة بن مرْثَد، عَن أبي الرّبيع، عَن أبي
هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
-: " أَربع فِي أمتِي من أَمر الْجَاهِلِيَّة لن يدعهن النَّاس:
النِّيَاحَة، والطعن فِي الأحساب، والعدوى: أجرب بعير فأجرب مائَة بعير، من
أجرب / الْبَعِير الأول؟ والأنواء: مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
مُسلم حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن عبيد الله،
عَن نَافِع، عَن صَفِيَّة - هِيَ بنت أبي عبيد - عَن بعض أَزوَاج النَّبِي
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أَتَى عرافاً فَسَأَلَهُ عَن شَيْء لم
تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ لَيْلَة "
قَالَ الْحميدِي: اخْرُج أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي هَذَا الحَدِيث فِي
مُسْند حَفْصَة.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يحيى بن سعيد الْقطَّان، عَن عبيد الله بن
الْأَخْنَس، حَدثنِي الْوَلِيد بن عبد الله، عَن يُوسُف بن مَاهك، عَن ابْن
عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
" من اقتبس علما من النُّجُوم اقتبس شُعْبَة من السحر، زَاد مَا زَاد ".
(1/166)
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن
إِسْمَاعِيل، أَنا جرير - هُوَ ابْن حَازِم - ثَنَا أَبُو رَجَاء، عَن
سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - إِذا صلى صَلَاة أقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: من رأى
مِنْكُم اللَّيْلَة رُؤْيا؟ قَالَ: فَإِن رأى أحد قصها، فَيَقُول مَا شَاءَ
الله. فسألنا يَوْمًا فَقَالَ: هَل رأى مِنْكُم أحد رُؤْيا؟ فَقُلْنَا:
لَا. قَالَ: لكني رَأَيْت اللَّيْلَة رجلَيْنِ أتياني، فأخذا بيَدي
فأخرجاني إِلَى الأَرْض المقدسة، فَإِذا رجل جَالس وَرجل قَائِم بِيَدِهِ -
قَالَ بعض أَصْحَابنَا عَن مُوسَى: كَلوب من حَدِيد - يدْخلهُ فِي شدقه
حَتَّى يبلغ قَفاهُ، ثمَّ يفعل بشدقه الآخر مثل ذَلِك، ويلتئم شدقه هَذَا،
فَيَعُود فيصنع مثله. قلت: مَا هَذَا؟ قَالَا: انْطلق فَانْطَلَقْنَا
حَتَّى أَتَيْنَا على رجل مُضْطَجع على قَفاهُ وَرجل قَائِم على رَأسه بفهر
- أَو صَخْرَة - فيشدخ بِهِ رَأسه، فَإِذا ضربه تدهده الْحجر، فَانْطَلق
إِلَيْهِ ليأخذه، فَلَا يرجع إِلَى هَذَا حَتَّى يلتئم راسه، وَعَاد رَأسه
كَمَا هُوَ، فَعَاد إِلَيْهِ فَضَربهُ. قلت: من هَذَا؟ قَالَا: انْطلق.
فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثقب مثل التَّنور، أَعْلَاهُ ضيق وأسفله وَاسع، يتوقد
تَحْتَهُ (نَار) فَإِذا قويت ارتفعوا حَتَّى كَاد أَن يخرجُوا، فَإِذا خمدت
رجعُوا فِيهَا، وفيهَا رجال وَنسَاء عُرَاة. فَقلت: مَا هَذَا؟ قَالَا:
انْطلق. فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا / على نهر من دم فِيهِ رجل قَائِم
وعَلى وسط النَّهر - قَالَ يزِيد ووهب بن جرير عَن جرير بن حَازِم: وعَلى
شط النَّهر - رجل بَين يَدَيْهِ حِجَارَة، فَأقبل الرجل الَّذِي فِي
النَّهر، فَإِذا أَرَادَ أَن يخرج رمى الرجل بِحجر فِي فِيهِ فَرده حَيْثُ
كَانَ، فَجعل كلما جَاءَ ليخرج رمى فِي فِيهِ بِحجر فَيرجع كَمَا كَانَ.
فَقلت: مَا هَذَا؟ قَالَا: انْطلق. فَانْطَلَقْنَا حَتَّى انتهينا إِلَى
رَوْضَة خضراء فِيهَا شَجَرَة عَظِيمَة، وَفِي أَصْلهَا شيخ وصبيان، وَإِذا
(1/167)
رجل قريب من الشَّجَرَة بَين يَدَيْهِ نَار
يوقدها، فصعدا بِي فِي الشَّجَرَة وأدخلاني دَارا لم أر قطّ أحسن مِنْهَا،
فِيهَا رجال شُيُوخ وشباب وَنسَاء وصبيان (ثمَّ) أخرجاني مِنْهَا، وصعدا
بِي [الشَّجَرَة] فأدخلاني دَارا هِيَ أحسن وَأفضل، فِيهَا شُيُوخ وشباب،
قلت: طوفتماني اللَّيْلَة فأخبراني عَمَّا رَأَيْت. قَالَا: نعم [أما]
الَّذِي رَأَيْته يشق شدقه فكذاب، يحدث بالكذبة فَتحمل عَنهُ حَتَّى تبلغ
الْآفَاق، فيصنع بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَالَّذِي رَأَيْته يشدخ
رَأسه فَرجل علمه الله الْقُرْآن، فَنَامَ عَنهُ بِاللَّيْلِ وَلم يعْمل
فِيهِ بِالنَّهَارِ، يفعل بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَالَّذِي
رَأَيْته فِي الثقب فهم الزناة، وَالَّذِي رَأَيْته فِي النَّهر آكلو
الرِّبَا، وَالشَّيْخ فِي أصل الشَّجَرَة إِبْرَاهِيم، وَالصبيان حوله
فأولاد النَّاس، وَالَّذِي يُوقد النَّار مَالك خَازِن النَّار، وَالدَّار
الأولى الَّتِي دخلت دَار عَامَّة الْمُؤمنِينَ، وَأما هَذِه الدَّار فدار
الشُّهَدَاء، وَأَنا جِبْرِيل، وَهَذَا مِيكَائِيل. فارفع رَأسك. فَرفعت
رَأْسِي، فَإِذا فَوقِي مثل السَّحَاب، قَالَا: ذَاك مَنْزِلك. فَقلت:
دَعَاني أَدخل منزلي. قَالَا: إِنَّه بَقِي لَك عمر لم تستكمله، فَلَو
استكملت أتيت مَنْزِلك ".
بَاب مِنْهُ وَمَا جَاءَ فِي الْقَاتِل نَفسه
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَأَبُو سعيد الْأَشَج قَالَا:
ثَنَا وَكِيع، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قتل نَفسه
بحديدة [فحديدته] فِي يَده يتوجأ بهَا فِي بَطْنه فِي نَار جَهَنَّم
خَالِدا مخلداً فِيهَا أبدا، وَمن شرب سما فَقتل نَفسه فَهُوَ يتحساه فِي
نَار جَهَنَّم / خَالِدا مخلداً فِيهَا أبدا، وَمن تردى من جبل فَقتل نَفسه
فَهُوَ يتردى فِي نَار جَهَنَّم خَالِدا
(1/168)
مخلداً فِيهَا أبدا ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا مُعَاوِيَة بن سَلام بن أبي سَلام
الدِّمَشْقِي، عَن يحيى بن أبي كثير أَن أَبَا قلَابَة أخبرهُ أَن ثَابت بن
الضَّحَّاك أخبرهُ أَنه بَايع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - تَحت الشَّجَرَة، وَأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من حلف على يَمِين بِملَّة غير الْإِسْلَام
كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمن قتل نَفسه بِشَيْء عذب بِهِ يَوْم
الْقِيَامَة، وَلَيْسَ على رجل نذر فِيمَا لَا يملكهُ "
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا الزبيرِي - وَهُوَ مُحَمَّد بن
عبد الله بن الزبير - ثَنَا شَيبَان قَالَ: " سَمِعت الْحسن يَقُول: إِن
رجلا مِمَّن كَانَ قبلكُمْ خرجت بِهِ قرحَة، فَلَمَّا آذته انتزع سَهْما من
كِنَانَته فنكأها، فَلم يرقأ الدَّم حَتَّى مَاتَ قَالَ ربكُم - عز وَجل -:
قد حرمت عَلَيْهِ الْجنَّة. ثمَّ مد يَده إِلَى الْمَسْجِد فَقَالَ: إِي
وَالله لقد حَدثنِي بِهَذَا الحَدِيث جُنْدُب عَن رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هَذَا الْمَسْجِد ".
حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي بكر الْمقدمِي، ثَنَا وهب بن جرير، ثَنَا أبي
قَالَ: سَمِعت الْحسن يَقُول: ثَنَا جُنْدُب بن عبد الله البَجلِيّ فِي
هَذَا الْمَسْجِد فَمَا نَسِينَا، وَمَا نخشى أَن يكون كذب على رَسُول الله
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خرج بِرَجُل فِيمَن كَانَ قبلكُمْ خراج
... " فَذكر نَحوه.
(1/169)
بَاب التَّوْبَة تهدم مَا مَكَان قبلهَا
وَالْإِسْلَام يهدم مَا كَانَ قبله وَقَول الله تَعَالَى
{قل للَّذين كفرُوا إِن ينْتَهوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف}
وَقَوله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَة
نصُوحًا عَسى ربكُم أَن يكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ}
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا ابْن أبي عدي، عَن شُعْبَة، عَن
سُلَيْمَان، عَن ذكْوَان، عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يَزْنِي [الزَّانِي حِين يَزْنِي]
وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يسرق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يشرب الْخمر /
حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن، وَالتَّوْبَة معروضة بعد ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن الحكم، حَدثنَا عَارِم وَدَاوُد بن شبيب
قَالَا: ثَنَا حَمَّاد، ثَنَا عَاصِم، عَن أبي عَاصِم، عَن أبي صَالح، عَن
أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن، وَلَا
يسرق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ
مُؤمن، ينْزع الْإِيمَان من قلبه، فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم بن مَيْمُون وَإِبْرَاهِيم بن دِينَار -
وَاللَّفْظ لإِبْرَاهِيم - ثَنَا حجاج - وَهُوَ ابْن مُحَمَّد - عَن ابْن
جريج، أَخْبرنِي يعلى بن مُسلم، أَنه سمع سعيد بن جُبَير، يحدث عَن ابْن
عَبَّاس " أَن نَاسا من أهل الشّرك
(1/170)
قتلوا فَأَكْثرُوا، وزنوا فَأَكْثرُوا (و)
أَتَوا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: إِن
الَّذِي تَقول وَتَدْعُو لحسن، وَلَو تخبرنا أَن لما عَملنَا كَفَّارَة.
فَنزل: {الَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر وَلَا يقتلُون النَّفس
الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يزنون وَمن يفعل ذَلِك يلق
أثاماً} وَنزل: {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من
رَحْمَة الله} ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى الْعَنزي وَأَبُو معن الرقاشِي وَإِسْحَاق
بن مَنْصُور، كلهم عَن أبي عَاصِم - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَ:
ثَنَا الضَّحَّاك - يَعْنِي: أَبَا عَاصِم - أَنا حَيْوَة بن شُرَيْح،
حَدثنِي يزِيد بن أبي حبيب، عَن [ابْن] شماسَة الْمهرِي قَالَ: " حَضَرنَا
عَمْرو بن الْعَاصِ وَهُوَ فِي سِيَاقه الْمَوْت يبكي طَويلا، وحول وَجهه
إِلَى الْجِدَار، فَجعل ابْنه يَقُول: يَا أبتاه، أما بشرك رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِكَذَا، أما بشرك رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِكَذَا؟ قَالَ: فَأقبل بِوَجْهِهِ
فَقَالَ: إِن أفضل مَا نعد شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن
مُحَمَّدًا رَسُول الله، إِنِّي قد كنت على أطباق ثَلَاث: لقد رَأَيْتنِي
وَمَا أجد أَشد بغضاً لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
مني، وَلَا أحب إِلَيّ أَن أكون قد اسْتَمْكَنت مِنْهُ فَقتلته، فَلَو مت
على تِلْكَ الْحَال لَكُنْت من أهل النَّار، فَلَمَّا جعل الله الْإِسْلَام
فِي قلبِي أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت:
ابْسُطْ يَمِينك فلأبايعك، فَبسط / يَمِينه قَالَ: فقبضت يَدي، قَالَ: مَا
لَك يَا عَمْرو؟ قَالَ: قلت: أردْت أَن أشْتَرط. قَالَ: تشْتَرط مَاذَا؟
قلت: أَن يغْفر لي. قَالَ: أما علمت الْإِسْلَام يهدم مَا كَانَ قبله،
وَأَن الْهِجْرَة تهدم مَا كَانَ قبلهَا، وَأَن الْحَج يهدم مَا كَانَ
قبله؟ وَمَا كَانَ أحد أحب أَلِي من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -، وَلَا أجل فِي عَيْني مِنْهُ، وَمَا كنت أُطِيق أَن أملأ
عَيْني مِنْهُ إجلالا لَهُ، وَلَو سُئِلت أَن أصفه مَا أطقت، لِأَنِّي لم
أكن أملأ عَيْني مِنْهُ، وَلَو مت على تِلْكَ
(1/171)
الْحَال لرجوت أَن أكون من أهل الْجنَّة،
ثمَّ ولينا أَشْيَاء مَا أَدْرِي مَا حَالي فِيهَا، فَإِذا أَنا مت فَلَا
تصحبني نائحة وَلَا نَار، فَإِذا دفنتموني فَشُنُّوا عَليّ التُّرَاب شنا،
ثمَّ أقِيمُوا حول قَبْرِي قدر مَا تنحر جزور وَيقسم لَحمهَا، حَتَّى
أستأنس بكم، وَأنْظر مَاذَا أراجع بِهِ رسل رَبِّي - عز وَجل ".
بَاب مَا جَاءَ أَن الْمُسلم إِذا عُوقِبَ بِذَنبِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ
لَهُ كَفَّارَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أخبرنَا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ،
أَخْبرنِي أَبُو [إِدْرِيس] عَائِذ الله بن عبد الله، عَن عبَادَة بن
الصَّامِت - وَكَانَ شهد بَدْرًا، وَهُوَ أحد النُّقَبَاء لَيْلَة الْعقبَة
- أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ - وَحَوله
عِصَابَة من أَصْحَابه -: " بايعني على أَن لَا تُشْرِكُوا بِاللَّه
شَيْئا، وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تقتلُوا أَوْلَادكُم،
وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَان تفترونه بَين أَيْدِيكُم وأرجلكم، وَلَا تعصوا
فِي مَعْرُوف، فَمن وفى مِنْكُم فَأَجره على الله، وَمن أصَاب من ذَلِك
شَيْئا [فَعُوقِبَ] فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَة، وَمن أصَاب من ذَلِك
شَيْئا ثمَّ ستره الله فَهُوَ إِلَى الله: إِن شَاءَ عَفا عَنهُ، وَإِن
شَاءَ عَاقِبَة. فَبَايَعْنَاهُ على ذَلِك ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله المخرمي، ثَنَا الْحجَّاج بن
مُحَمَّد، ثَنَا يُونُس بن أبي إِسْحَاق، عَن أَبِيه، عَن أبي جُحَيْفَة،
عَن / عَليّ قَالَ: قَالَ
(1/172)
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " من أصَاب فِي الدُّنْيَا حدا فَعُوقِبَ بِهِ، فَالله - عز
وَجل - أعدل من أَن يثني عُقُوبَته على عَبده، وَمن أذْنب ذَنبا فِي
الدُّنْيَا فستره الله عَلَيْهِ وَعَفا عَنهُ، فَالله - عز وَجل - أكْرم من
أَن يعود فِي شَيْء قد عَفا الله عَنهُ ".
قَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن يُونُس بن أبي
إِسْحَاق، عَن أَبِيه، عَن أبي جُحَيْفَة، عَن عَليّ إِلَّا الْحجَّاج.
هَذَا الحَدِيث ذكره أَبُو عِيسَى، وَسَيَأْتِي فِي الْحُدُود - إِن شَاءَ
الله.
بَاب من مَاتَ وَهُوَ يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله غفر ذَنبه وَدخل
الْجنَّة وَإِن وَقع فِي الْكَبَائِر
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب وَأحمد بن خرَاش قَالَا: ثَنَا عبد
الصَّمد بن عبد الْوَارِث، ثَنَا أبي، ثَنَا [الْحُسَيْن] الْمعلم، عَن
[ابْن] بُرَيْدَة، أَن يحيى ابْن يعمر حَدثهُ أَن أَبَا الْأسود الديلِي
حَدثهُ، أَن أَبَا ذَر حَدثهُ قَالَ: " أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ نَائِم عَلَيْهِ ثوب أَبيض [ثمَّ أَتَيْته
فَإِذا هُوَ نَائِم] ثمَّ أَتَيْته وَقد اسْتَيْقَظَ فَجَلَست إِلَيْهِ
فَقَالَ: مَا من عبد قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ مَاتَ على ذَلِك
إِلَّا دخل الْجنَّة. قلت: وَإِن زنى وَإِن سرق؟ قَالَ: وَإِن زنى وَإِن
سرق. قلت: وَإِن زنى وَإِن سرق؟ قَالَ: وَإِن زنى وَإِن سرق - ثَلَاثًا -
ثمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَة: على رغم أنف أبي ذَر. قَالَ: فَخرج أَبُو ذَر
وَهُوَ يَقُول: وَإِن رغم أنف أبي ذَر ".
(1/173)
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا
جرير، عَن عبد الْعَزِيز - وَهُوَ ابْن رفيع - عَن زيد بن وهب، عَن أبي ذَر
قَالَ: " خرجت لَيْلَة من اللَّيَالِي فَإِذا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمشي وَحده لَيْسَ مَعَه إِنْسَان، قَالَ: فَظَنَنْت
أَنه يكره أَن يمشي مَعَه أحد. قَالَ: فَجعلت أَمْشِي فِي ظلّ الْقَمَر،
فَالْتَفت قرآني فَقَالَ: من هَذَا؟ فَقلت: أَبُو ذَر، جعلني الله / فدَاك.
قَالَ: يَا أَبَا ذَر، تعاله. قَالَ: فمشيت مَعَه سَاعَة، فَقَالَ: إِن
المكثرين هم المقلون يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا من أعطَاهُ الله خيرا فنفح
فِيهِ يَمِينه وشماله وَبَين يَدَيْهِ ووراءه وَعمل فِيهِ خيرا. قَالَ:
فمشيت مَعَه سَاعَة، فَقَالَ: اجْلِسْ هَا هُنَا. قَالَ: فأجلسني فِي قاع
حوله حِجَارَة فَقَالَ لي: اجْلِسْ هَا هُنَا حَتَّى أرجع إِلَيْك. قَالَ:
فَانْطَلق فِي الْحرَّة حَتَّى لَا أرَاهُ فَلبث عني فَأطَال اللّّبْث عني،
ثمَّ إِنِّي سمعته وَهُوَ مقبل وَهُوَ يَقُول: وَإِن سرق وَإِن زنى. قَالَ:
فَلَمَّا جَاءَ لم أَصْبِر، فَقلت: يَا نَبِي الله، جعلني الله فدَاك - من
تكلم فِي جَانب الْحرَّة مَا سَمِعت أحدا يرجع إِلَيْك شَيْئا؟ قَالَ: ذَاك
جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - عرض لي فِي جَانب الْحرَّة فَقَالَ: بشر
أمتك أَنه من مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة. فَقلت: يَا
جِبْرِيل، وَإِن سرق وَإِن زنى؟ قَالَ: نعم. قَالَ: قلت: وَإِن سرق وَإِن
زنى؟ قَالَ: نعم. قلت: وَإِن سرق وَإِن زنى؟ قَالَ: نعم، وَإِن شرب الْخمر
".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو أَيُّوب الغيلاني سُلَيْمَان بن عبيد الله وحجاج بن
الشَّاعِر، قَالَا: ثَنَا عبد الْملك بن عَمْرو، ثَنَا قُرَّة، عَن أبي
الزبير، ثَنَا جَابر بن عبد الله قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من لَقِي الله لَا يُشْرك بِهِ
شَيْئا دخل الْجنَّة، وَمن لقِيه يُشْرك بِهِ دخل النَّار ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب، قَالَا: ثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر قَالَ: " أَتَى
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجل فَقَالَ: يَا
(1/174)
رَسُول الله، مَا الموجبتان؟ قَالَ: من
مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة، وَمن مَاتَ يُشْرك
بِاللَّه شَيْئا دخل النَّار ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أبي ووكيع، عَن
الْأَعْمَش، عَن عبد الله. قَالَ وَكِيع: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ ابْن نمير: سَمِعت رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من مَاتَ يُشْرك بِاللَّه
شَيْئا دخل النَّار. وَقلت أَنا: وَمن مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا
دخل الْجنَّة ".
وروى أَبُو بكر الْخَطِيب: ثَنَا أَبُو نعيم الْحَافِظ، ثَنَا عبد الله بن
جَعْفَر بن أَحْمد بن فَارس، حَدثنَا يُونُس بن حبيب، ثَنَا أَبُو دَاوُد،
ثَنَا شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش، سَمِعت أَبَا وَائِل يحدث، عَن عبد الله
قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كلمة،
وَقلت أُخْرَى. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
من مَاتَ وَهُوَ يَجْعَل لله ندا دخل النَّار. قَالَ عبد الله: وَأَنا
أَقُول: من مَاتَ وَهُوَ لَا يَجْعَل لله ندا أدخلهُ الله الْجنَّة ".
بَاب مَا جَاءَ أَن الْجنَّة لَا يدخلهَا إِلَّا مُؤمن
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا مُحَمَّد بن سَابق، ثَنَا
إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، عَن أبي الزبير، عَن ابْن كَعْب بن مَالك، عَن
أَبِيه، أَنه حَدثهُ ": أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - بَعثه وَأَوْس بن الْحدثَان أَيَّام التَّشْرِيق، فَنَادَى
أَنه لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا مُؤمن، وَأَيَّام منى أَيَّام أكل وَشرب ".
وثناه عبد بن حميد، ثَنَا أَبُو عَامر عبد الْملك بن عَمْرو، ثَنَا
إِبْرَاهِيم بن طهْمَان بِهَذَا الْإِسْنَاد غير أَنه قَالَ: " فناديا ".
(1/175)
بَاب الشَّفَاعَة لأهل الْكَبَائِر
وإخراجهم من النَّار بِالْإِيمَان ودخلولهم الْجنَّة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب - وَاللَّفْظ لأبي
كريب - قَالَا: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح،
عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " لكل نَبِي دَعْوَة مستجابة، فتعجل كل نَبِي دَعوته،
وَإِنِّي أختبأت دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي يَوْم الْقِيَامَة، فَهِيَ نائلة
- إِن شَاءَ الله - من مَاتَ من أمتِي لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هناد، ثَنَا عَبدة، عَن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن
أبي الْمليح، عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أتانى آتٍ [من عِنْد رَبِّي]
فخيرني بَين أَن يدْخل نصف أمتِي الْجنَّة وَبَين الشَّفَاعَة، فاخترت
الشَّفَاعَة، وَهِي لمن مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْعَبَّاس الْعَنْبَري، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، عَن
معمر، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " شَفَاعَتِي لأهل الْكَبَائِر من أمتِي ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا
أبي، عَن ابْن شهَاب، عَن عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ، أَن أَبَا هُرَيْرَة
أخبرهُ " أَن نَاسا قَالُوا لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: يَا رَسُول الله، هَل نرى رَبنَا يَوْم الْقِيَامَة؟ فَقَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَل تضَارونَ فِي
الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُول الله. قَالَ: هَل
تضَارونَ فِي الشَّمْس لَيْسَ
(1/176)
دونهَا سَحَاب؟ قَالُوا: لَا. قَالَ:
فَإِنَّكُم تَرَوْنَهُ كَذَلِك، يجمع الله النَّاس يَوْم الْقِيَامَة
فَيَقُول: من كَانَ يعبد شَيْئا فليتبعه، فَيتبع من [كَانَ] يعبد الشَّمْس
الشَّمْس، وَيتبع من [كَانَ] يعبد الْقَمَر الْقَمَر، وَيتبع من [كَانَ]
يعبد الطواغيت الطواغيت، وَتبقى هَذِه الْأمة فِيهَا منافقوها فيأتيهم الله
- عز وَجل - فِي صُورَة غير صورته الَّتِي يعْرفُونَ، فَيَقُول: أَنا
ربكُم. فَيَقُولُونَ: نَعُوذ بِاللَّه مِنْك، هَذَا مَكَاننَا حَتَّى
يأتينا رَبنَا فَإِذا جَاءَ رَبنَا عَرفْنَاهُ. فيأتيهم الله فِي صورته
الَّتِي يعْرفُونَ، فَيَقُول: أَنا ربكُم. فَيَقُولُونَ: أَنْت رَبنَا.
فيتبعونه وَيضْرب الصِّرَاط بَين ظهراني جَهَنَّم، فَأَكُون أَنا وَأمتِي
أول من يُجِيز، وَلَا يتَكَلَّم يَوْمئِذٍ إِلَّا الرُّسُل وَدَعوى
الرُّسُل يَوْمئِذٍ: اللَّهُمَّ سلم سلم. وَفِي جَهَنَّم كلاليب مثل شوك
السعدان، هَل رَأَيْتُمْ السعدان؟ قَالُوا: نعم، يَا رَسُول الله. . قَالَ:
فَإِنَّهَا مثل شوك السعدان غير أَنه لَا يعلم مَا قدر عظمها إِلَّا الله -
عز وَجل - تخطف النَّاس بأعمالهم، فَمنهمْ (الموبق) بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُم
الْمجَازِي حَتَّى يُنجى حَتَّى إِذا فرغ الله من الْقَضَاء بَين الْعباد،
وَأَرَادَ أَن يخرج برحمته من أَرَادَ من أهل / [أَمر] الْمَلَائِكَة أَن
يخرجُوا من النَّار من كَانَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا، مِمَّن أَرَادَ
الله - عز وَجل - أَن يرحمه مِمَّن يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله
فيعرفونهم فِي النَّار، يعرفوفونهم بأثر السحود، تَأْكُل النَّار من ابْن
آدم إِلَّا أثر السُّجُود، حرم الله على النَّار أَن تَأْكُل أثر
السُّجُود، فَيخْرجُونَ من النَّار من الن آدم إِلَّا الله فَيُصِيب
عَلَيْهِم مَاء الْحَيَاة، فينبتون [مِنْهُ] كَمَا تنْبت الْحبَّة فِي حميل
السَّيْل، ثمَّ يفرغ الله - عز وَجل - من الْقَضَاء بَين الْعباد، وَيبقى
رجل مقبل بِوَجْهِهِ على النَّار، وَهُوَ آخر أهل الْجنَّة دُخُولا
الْجنَّة، فَيَقُول: أَي رب، اصرف [وَجْهي] عَن النَّار
(1/177)
فَإِنَّهُ قد قشبني رِيحهَا، وأحرقني
ذكاؤها فيدعو الله مَا شَاءَ الله أَن يَدعُوهُ ثمَّ يَقُول الله - تبَارك
وَتَعَالَى -: هَل عَسَيْت إِن فعلت ذَلِك [بك] أَن تسْأَل غَيره؟
فَيَقُول: لَا أَسأَلك غَيره، وَيُعْطِي ربه من عهود ومواثيق مَا شَاءَ
[الله] فَيصْرف الله وَجهه عَن النَّار، فَإِذا أقبل على الْجنَّة وَرَآهَا
سكت مَا شَاءَ الله أَن يسكت ثمَّ يَقُول: أَي رب، قدمني إِلَى بَاب
الْجنَّة. فَيَقُول الله - تبَارك وَتَعَالَى - لَهُ: أَلَيْسَ قد
أَعْطَيْت عهودك ومواثيقك لَا تَسْأَلنِي غير الَّذِي أَعطيتك؟ وَيلك يَا
ابْن آدم مَا أغدرك! فَيَقُول: أَي رب، [و] يَدْعُو الله حَتَّى يَقُول
لَهُ: فَهَل عَسَيْت إِن إعطيتك ذَلِك أَن تسْأَل غَيره؟ فَيَقُول: لَا،
وَعزَّتك. فيعطي ربه مَا شَاءَ الله من عهود ومواثيق فَيقدمهُ إِلَى بَاب
الْجنَّة، فَإِذا قَامَ على بَاب الْجنَّة، انفهقت لَهُ الْجنَّة، فَرَأى
مَا فِيهَا من الْخَيْر وَالسُّرُور، فيسكت مَا شَاءَ الله أَن يسكت ثمَّ
يَقُول: أَي رب، أدخلني الْجنَّة. فَيَقُول الله - تبَارك وَتَعَالَى -
لَهُ: أَلَيْسَ قد أَعْطَيْت عهودك ومواثيقك أَن لَا تسْأَل غير مَا
أَعْطَيْت، وَيلك يَا ابْن آدم مَا أغدرك! فَيَقُول: أَي رب، لَا أكون
أَشْقَى خلقك. فَلَا يزَال يَدْعُو الله حَتَّى يضْحك الله - تبَارك
وَتَعَالَى - مِنْهُ، فَإِذا ضحك الله مِنْهُ قَالَ: ادخل الْجنَّة فَإِذا
دَخلهَا قَالَ الله - تبَارك وَتَعَالَى - لَهُ: تمنه. فَيسْأَل ربه ويتمنى
حَتَّى إِن الله ليذكره من كَذَا وَكَذَا حَتَّى إِذا انْقَطَعت بِهِ
الْأَمَانِي قَالَ الله - عز وَجل -: ذَلِك لَك وَمثله مَعَه. قَالَ عَطاء
بن يزِيد: وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ مَعَ أبي هُرَيْرَة / لَا يرد عَلَيْهِ
من حَدِيثه شَيْئا حَتَّى إِذا حدث أَبُو هُرَيْرَة أَن الله - عز وَجل -
قَالَ [لذَلِك] الرجل: وَمثله مَعَه. قَالَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ:
وَعشرَة أَمْثَاله مَعَه أَبَا هُرَيْرَة. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: مَا حفظت
إِلَّا قَوْله: ذَلِك لَك وَمثله مَعَه. قَالَ أَبُو سعيد: أشهد أَنِّي
(1/178)
حفظت من رَسُول الله قَوْله: ذَلِك لَك
وَعشرَة أَمْثَاله مَعَه. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: وَذَلِكَ الرجل آخر أهل
الْجنَّة دُخُولا الْجنَّة ".
وَحدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ، أَنا أَبُو الْيَمَان،
أبنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب وَعَطَاء بن
يزِيد اللَّيْثِيّ أَن أَبَا هُرَيْرَة أخبرهما " أَن النَّاس قَالُوا
للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا رَسُول الله، هَل
نرى رَبنَا يَوْم الْقِيَامَة ... " وسَاق الحَدِيث بِمثل معنى حَدِيث
إِبْرَاهِيم بن سعد.
مُسلم: حَدثنَا سُوَيْد بن سعيد، حَدثنِي حَفْص بن ميسرَة الصَّنْعَانِيّ،
عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ " أَن
نَاسا فِي زمن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قَالُوا: يَا رَسُول الله، هَل نرى رَبنَا يَوْم الْقِيَامَة؟ قَالَ رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: نعم. قَالَ: فَهَل تضَارونَ
فِي رُؤْيَة الشَّمْس بالظهيرة صحوا لَيْسَ مَعهَا سَحَاب؟ وَهل تضَارونَ
فِي رُؤْيَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر لَيْسَ فِيهَا سَحَاب؟ قَالُوا:
لَا، يَا رَسُول الله، قَالَ: مَا تضَارونَ فِي رُؤْيَة الله - تبَارك
وَتَعَالَى - يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا كَمَا تضَارونَ فِي رُؤْيَة
أَحدهمَا، إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أذن مُؤذن: لتتبع كل أمة مَا
كَانَت تعبد. فَلَا يبْقى أحد كَانَ يعبد غير الله - عز وَجل - من
الْأَصْنَام والأنصاب إِلَّا يتساقطون فِي النَّار، حَتَّى إِذا لم يبْق
إِلَّا من كَانَ يعبد الله من بر وَفَاجِر وَغير أهل الْكتاب، فيدعى
الْيَهُود، فَيُقَال لَهُم: مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نعْبد
عَزِيز ابْن الله فَقَالَ: كَذبْتُمْ، مَا اتخذ الله من صَاحِبَة وَلَا
ولد. فَمَاذَا تبغون؟ قَالُوا: عطشنا يَا رب فاسقنا. فيشار إِلَيْهِم أَلا
تردون، فيحشرون إِلَى النَّار كَأَنَّهَا سراب يحطم بَعْضهَا بَعْضًا،
فيتساقطون فِي النَّار. ثمَّ يدعى النَّصَارَى، فَيُقَال لَهُم: مَا
كُنْتُم تَعْبدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نعْبد الْمَسِيح ابْن الله. فَيُقَال
لَهُم: كَذبْتُمْ مَا اتخذ الله من صَاحِبَة وَلَا / ولد فَيُقَال لَهُم:
مَاذَا تبغون؟ فَيَقُولُونَ: عطشا يَا رب، فاسقنا. قَالَ: فيشار إِلَيْهِم
أَلا تردون، فيحشرون إِلَى جَهَنَّم كَأَنَّهَا سراب يحطم بَعْضهَا
بَعْضًا، فيتساقطون فِي النَّار، حَتَّى
(1/179)
إِذا لم يبْق إِلَّا من كَانَ يعبد الله من
بر وَفَاجِر، أَتَاهُم رب الْعَالمين - تبَارك وَتَعَالَى - فِي أدنى
صُورَة من الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا [قَالَ:] فَمَا تنتظرون؟ تتبع كل أمة
مَا كَانَت تعبد. قَالُوا: يَا رَبنَا، فارقنا النَّاس فِي الدُّنْيَا أفقر
مَا كُنَّا إِلَيْهِم وَلم نصاحبهم: فَيَقُول: أَنا ربكُم. فَيَقُولُونَ:
نعود بِاللَّه مِنْك لَا نشْرك بِاللَّه شَيْئا - مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا
- حَتَّى أَن بَعضهم ليكاد أَن يَنْقَلِب، فَيَقُول: هَل بَيْنكُم وَبَينه
آيَة فتعرفونه بهَا؟ فَيَقُولُونَ: نعم. فَيكْشف عَن سَاق فَلَا يبْقى من
كَانَ يسْجد لله من تِلْقَاء نَفسه إِلَّا أذن الله لَهُ بِالسُّجُود،
وَلَا يبْقى من كَانَ يسْجد اتقاء ورياء إِلَّا جعل الله ظَهره طبقَة
وَاحِدَة، كلما أَرَادَ أَن يسْجد خر على قَفاهُ، ثمَّ يرفعون رُءُوسهم
وَقد تحول فِي صورته الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أول مرّة، فَيَقُول: أَنا
ربكُم. فَيَقُولُونَ: أَنْت رَبنَا. ثمَّ يضْرب الجسر على جَهَنَّم وَتحل
الشَّفَاعَة، وَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ سلم سلم. قيل: يَا رَسُول الله،
وَمَا الجسر؟ قَالَ: دحض مزلة، فِيهَا خطاطيف وكلاليب و (حسكة) تكون
بِنَجْد فِيهَا شويكة، يُقَال لَهَا السعدان، فيمر الْمُؤْمِنُونَ كطرف
الْعين، وكالبرق، وكالريح، وكالطير، وكأجاويد الْخَيل والركاب، فناج مُسلم،
ومخدوش مُرْسل، و (مكدوش) فِي نَار جَهَنَّم حَتَّى إِذا خلص
الْمُؤْمِنُونَ من النَّار، فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ مَا من أحد مِنْكُم
بأشد مناشدة لله فِي اسْتِيفَاء الْحق من الْمُؤمنِينَ لله يَوْم
الْقِيَامَة لإخوانهم الَّذين فِي النَّار، يَقُولُونَ: رَبنَا كَانُوا
يَصُومُونَ مَعنا، وَيصلونَ ويحجون. فَيُقَال لَهُم: أخرجُوا من
عَرَفْتُمْ. فَتحرم صورهم على النَّار، فَيخْرجُونَ خلقا كثيرا قد أخذت
(1/180)
النَّار إِلَى نصف سَاقيه وَإِلَى
رُكْبَتَيْهِ [ثمَّ] يَقُولُونَ: رَبنَا مَا بَقِي فِيهَا أحد مِمَّن
أمرتنا بِهِ. فَيَقُول: ارْجعُوا فَمن وجدْتُم فِي قلبه مِثْقَال دِينَار
من خير فأخرجوه. فَيخْرجُونَ خلقا كثيرا، فَيَقُولُونَ: رَبنَا لم نذر
فِيهَا أحدا مِمَّن أمرتنا (ثمَّ يَقُول: ارْجعُوا فَمن وجدْتُم فِي قلبه
مِثْقَال نصف دِينَار / من خير، فأخرجوه. فَيخْرجُونَ خلقا كثيرا، ثمَّ
يَقُولُونَ: رَبنَا لم نذر فِيهَا مِمَّن أمرتنا أحدا) . ثمَّ يَقُول:
ارْجعُوا فَمن وجدْتُم فِي قلبه مِثْقَال ذرة من خير فأخرجوه. فَيخْرجُونَ
خلقا كثيرا، ثمَّ يَقُولُونَ: رَبنَا لم نذر فِيهَا خيرا. وَكَانَ أَبُو
سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول: إِن لم تصدقوني بِهَذَا الحَدِيث [فاقرءوا] إِن
شِئْتُم: {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا
وَيُؤْت من لَدنه أجرا عَظِيما} فَيَقُول الله - عز وَجل -: شفعت
الْمَلَائِكَة، وشفع النَّبِيُّونَ، وشفع الْمُؤْمِنُونَ، وَلم يبْق إِلَّا
أرْحم الرَّاحِمِينَ. فَيقبض قَبْضَة من النَّار، فَيخرج مِنْهَا قوما لم
يعملوا خيرا قطّ قد عَادوا حمماً فيلقيهم فِي نهر فِي أَفْوَاه الْجنَّة
يُقَال لَهُ: نهر الْحَيَاة، فَيخْرجُونَ كَمَا تخرج الْحبَّة فِي حميل
السَّيْل أَلا ترونها تكون إِلَى الْحجر أَو إِلَى الشّجر مَا يكون إِلَى
الشَّمْس أصيفر وأخيضر وَمَا يكون مِنْهَا إِلَى الظل يكون أَبيض.
فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، كَأَنَّك كنت ترعى بالبادية. قَالَ:
فَيخْرجُونَ كَاللُّؤْلُؤِ فِي رقابهم الخواتيم، يعرفهُمْ أهل الْجنَّة،
هَؤُلَاءِ عُتَقَاء الله الَّذين أدخلهم الله الْجنَّة بِغَيْر عمل عملوه
وَلَا خير قدموه، ثمَّ يَقُول: ادخُلُوا الْجنَّة فَمَا رَأَيْتُمُوهُ
فَهُوَ لكم. فَيَقُولُونَ: رَبنَا أَعطيتنَا مَا لم تعط أحدا من
الْعَالمين. فَيَقُول: لكم عِنْدِي أفضل من هَذَا. فَيَقُولُونَ: يَا
رَبنَا، أَي شَيْء أفضل من هَذَا؟ فَيَقُول: رضاي فَلَا أَسخط عَلَيْكُم
أبدا ".
قَالَ مُسلم: قَرَأت على عِيسَى بن حَمَّاد زغبة الْمصْرِيّ هَذَا الحَدِيث
فِي
(1/181)
الشَّفَاعَة، وَقلت لَهُ: أحدث بِهَذَا
الحَدِيث عَنْك أَنَّك سمعته من اللَّيْث بن سعد؟ فَقَالَ: نعم. قلت لعيسى
بن حَمَّاد: أخْبركُم اللَّيْث بن سعد، عَن خَالِد بن يزِيد، عَن سعد بن
أبي هِلَال، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد
الْخُدْرِيّ أَنه قَالَ: " قُلْنَا: يَا رَسُول الله، أنرى رَبنَا؟ قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: / هَل تضَارونَ فِي
رُؤْيَة الشَّمْس إِذا كَانَ يَوْم صحو؟ قُلْنَا: لَا ... " وسقت الحَدِيث
حَتَّى انْقَضى آخِره وَهُوَ نَحْو حَدِيث حَفْص بن ميسرَة وَزَاد بعد
قَوْله: " بِغَيْر عمل عملوه، وَلَا قدم قدموه، فَيُقَال لَهُم لكم مَا
رَأَيْتُمْ وَمثله مَعَه. قَالَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ: بَلغنِي أَن الجسر
أدق من الشعرة، وَأحد من السَّيْف " وَلَيْسَ فِي حَدِيث اللَّيْث "
فَيَقُولُونَ: رَبنَا أَعطيتنَا مَا لم تعط أحدا من الْعَالمين " وَمَا
بعده فَأقر بِهِ عِيسَى بن حَمَّاد.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن منهال الضَّرِير، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع،
ثَنَا سعيد بن أبي عرُوبَة وَهِشَام صَاحب الدستوَائي، عَن قَتَادَة، عَن
أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ -: " يخرج من النَّار من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله، وَكَانَ فِي قلبه
من الْخَيْر مَا يزن شعيرَة [ثمَّ يخرج من النَّار من قَالَ: لَا إِلَه
إِلَّا الله، وَكَانَ فِي قلبه من الْخَيْر وزن برة] ثمَّ يخرج من النَّار
من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله، وَكَانَ فِي قلبه من الْخَيْر مَا يزن
ذرة ".
قَالَ يزِيد: فَلَقِيت شُعْبَة فَحَدَّثته بِالْحَدِيثِ، فَقَالَ شُعْبَة:
ثَنَا بِهِ قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْحَدِيثِ إِلَّا أَن شُعْبَة جعل مَكَان الذّرة
ذرة، قَالَ يزِيد: صحف فِيهَا أَبُو بسطَام.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن مَرْزُوق بن بكير وَعمر بن الْخطاب
السجسْتانِي وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن سَلمَة - يتقاربون فِي حَدِيثهمْ
- قَالُوا: ثَنَا عبد الله بن رَجَاء، ثَنَا سعيد بن سَلمَة، أَخْبرنِي
مُوسَى بن جُبَير، عَن أبي أُمَامَة بن
(1/182)
[سهل] ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أدنى أهل
الْجنَّة حظا - أَو نَصِيبا قوم يخرجهم الله من النَّار، فيرتاح لَهُم الرب
- تبَارك وَتَعَالَى - أَنهم كَانُوا لَا يشركُونَ بِاللَّه شَيْئا،
فينبذون بالعراء، فينبتون كَمَا ينْبت البقل، حَتَّى إِذا دخلت الْأَرْوَاح
أجسامهم قَالُوا: رَبنَا كَالَّذي أخرجتنا من النَّار وَرجعت الْأَرْوَاح
فِي أَجْسَادنَا، فاصرف وُجُوهنَا عَن النَّار. قَالَ: فَيصْرف وُجُوههم
عَن النَّار ".
مُوسَى بن جُبَير وَهُوَ مولى بني سَلمَة، روى عَن أبي أُمَامَة بن سهل
وَنَافِع مولى ابْن عمر وَعبد الله بن كَعْب بن مَالك، روى عَنهُ بكر بن
مُضر وَيحيى بن أَيُّوب وَزُهَيْر بن مُحَمَّد وَسَعِيد بن / سَلمَة.
وَسَعِيد بن سَلمَة هُوَ أَبُو عَمْرو بن أبي الحسام مولى آل عمر بن
الْخطاب، سمع مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر وَهِشَام بن عُرْوَة وَعُثْمَان بن
الْأَخْنَس، وروى عَن مُسلم ابْن أبي مَرْيَم وَصَالح بن كيسَان وَيزِيد بن
خصيفَة وَشريك بن أبي نمر وَعبد الله بن الْفضل، روى عَنهُ عبد الصَّمد بن
عبد الْوَارِث وَعبد الله بن رَجَاء وَأَبُو سَلمَة والمقدمي، وَقد سمع
مُوسَى بن إِسْمَاعِيل ايضاً من سعيد بن سَلمَة.
مُسلم: حَدثنِي نصر بن عَليّ الْجَهْضَمِي، ثَنَا بشر - يَعْنِي ابْن مفضل
- عَن أبي مسلمة، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " (أهل) النَّار
الَّذين هم أَهلهَا، فَإِنَّهُم لَا يموتون فِيهَا وَلَا يحيون، وَلَكِن
نَاس أَصَابَتْهُم النَّار بِذُنُوبِهِمْ - أَو قَالَ: بخطاياهم - فأماتهم
الله إماته، حَتَّى إِذا كَانُوا فحماً أذن فِي الشَّفَاعَة، فَيَجِيء بهم
ضبائر ضبائر فبثوا على أَنهَار الْجنَّة، ثمَّ قيل: يَا أهل الْجنَّة،
أفيضوا عَلَيْهِم. فينبتون نَبَات الْحبَّة تكون فِي حميل السَّيْل.
فَقَالَ رجل
(1/183)
من الْقَوْم: كَأَن رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد كَانَ بالبادية ".
مُسلم: حَدثنَا حجاج بن الشَّاعِر، ثَنَا الْفضل بن دُكَيْن، ثَنَا أَبُو
عَاصِم - يَعْنِي: مُحَمَّد بن أبي أَيُّوب - حَدثنِي يزِيد الْفَقِير
قَالَ: " كنت قد شغفني رَأْي من رَأْي الْخَوَارِج، فخرجنا فِي عِصَابَة
ذَوي عدد، نُرِيد أَن نحج ثمَّ نخرج على النَّاس. قَالَ: فمررنا على
الْمَدِينَة فَإِذا جَابر بن عبد الله يحدث الْقَوْم - جَالس إِلَى
سَارِيَة - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ:
وَإِذا هُوَ قد ذكر الجهنميين قَالَ: فَقلت لَهُ: يَا صَاحب رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، مَا هَذَا الَّذِي تحدثون وَالله -
عز وَجل - يَقُول: {إِنَّك من تدخل النَّار فقد أخزيته} و {كلما أَرَادوا
أَن يخرجُوا مِنْهَا أعيدوا فِيهَا} فَمَا هَذَا الَّذِي تَقولُونَ؟ قَالَ:
فَقَالَ: أَتَقْرَأُ الْقُرْآن؟ قلت: نعم، قَالَ: فَهَل سَمِعت بمقام
مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَعْنِي الَّذِي
يَبْعَثهُ الله فِيهِ -؟ قلت: نعم. قَالَ: فَإِنَّهُ مقَام مُحَمَّد -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَحْمُود الَّذِي يخرج الله بِهِ
من يخرج. قَالَ: ثمَّ نعت وضع الصِّرَاط وَمر النَّاس عَلَيْهِ. قَالَ:
وأخاف أَن لَا أكون أحفظ ذَاك. قَالَ: غير أَنه قد زعم أَن / قوما يخرجُون
من النَّار بعد أَن يَكُونُوا فِيهَا. قَالَ: يَعْنِي فَيخْرجُونَ
كَأَنَّهُمْ عيدَان السماسم. قَالَ: فَيدْخلُونَ نَهرا من أَنهَار
الْجنَّة، فيغتسلون فِيهِ، فَيخْرجُونَ كَأَنَّهُمْ الْقَرَاطِيس، فرجعنا
قُلْنَا: وَيحكم، ترَوْنَ الشَّيْخ يكذب على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ ! فرجعنا فَلَا وَالله مَا خرج منا غير رجل وَاحِد
". أَو كَمَا قَالَ أَبُو نعيم.
مُسلم: حَدثنَا حجاج بن الشَّاعِر، ثَنَا أَبُو أَحْمد الزبيرِي، ثَنَا قيس
بن سليم الْعَنْبَري، حَدثنِي يزِيد الْفَقِير، ثَنَا جَابر بن عبد الله
قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن
قوما يخرجُون من النَّار يحترقون فِيهَا إِلَّا دارات وُجُوههم، حَتَّى
يدْخلُونَ الْجنَّة ".
(1/184)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار،
ثَنَا يحيى بن سعيد، ثَنَا [الْحسن] ابْن ذكْوَان، عَن أبي رَجَاء
العطاردي، عَن عمرَان بن حُصَيْن عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - قَالَ: " ليخرجن قوم من أمتِي من النَّار بشفاعتي يسمون
جهنميين ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كَامِل فُضَيْل بن حُسَيْن الجحدري وَمُحَمّد بن عبيد
الغبري - وَاللَّفْظ لأبي كَامِل - قَالَا: ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن
قتاده، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يجمع الله النَّاس يَوْم الْقِيَامَة،
فَيَهْتَمُّونَ [لذَلِك]- وَقَالَ ابْن عبيد: فيلهمون [لذَلِك]-
فَيَقُولُونَ: لَو اسْتَشْفَعْنَا على رَبنَا - عز وَجل - حَتَّى يُرِيحنَا
من مَكَاننَا هَذَا. قَالَ: فَيَأْتُونَ آدم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَيَقُولُونَ: أَنْت آدم أَبُو الْخلق، خلقك الله بِيَدِهِ،
وَنفخ فِيك من روحه، وَأمره الْمَلَائِكَة فسجدوا لَك، اشفع لنا عِنْد رَبك
حَتَّى يُرِيحنَا من مَكَاننَا هَذَا فَيَقُول: لست هُنَاكُم - فيذكر
خطيئته الَّتِي أصَاب، فيستحيي ربه عز وَجل مِنْهَا - وَلَكِن ائْتُوا
نوحًا أول رَسُول بَعثه الله. قَالَ: فَيَأْتُونَ نوحًا - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَيَقُول: لست هُنَاكُم - فيذكر خطيئته الَّتِي
أصَاب، فيستحيي ربه عز وَجل مِنْهَا - وَلَكِن ائْتُوا إِبْرَاهِيم -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الَّذِي اتَّخذهُ الله / خَلِيلًا.
فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَيَقُول:
لست هُنَاكُم - وَيذكر خطيئته الَّتِي أصَاب فيستحيي ربه مِنْهَا - وَلَكِن
ائْتُوا مُوسَى الَّذِي كَلمه الله تَعَالَى وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاة.
قَالَ: فَيَأْتُونَ مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -،
فَيَقُول: لست هُنَاكُم - وَيذكر خطيئته الَّتِي أصَاب، فيستحيي ربه عز
وَجل مِنْهَا - وَلَكِن ائْتُوا عِيسَى روح الله وكلمته. فَيَأْتُونَ
عِيسَى روح الله وكلمته، فَيَقُول: لست هُنَاكُم وَلَكِن ائْتُوا
[مُحَمَّدًا]- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عبدا قد غفر الله لَهُ
مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر.
(1/185)
قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَيَأْتُوني، فأستاذن على رَبِّي، فَيُؤذن لي،
فَإِذا أَنا رَأَيْته وَقعت سَاجِدا، فيدعني مَا شَاءَ الله، فَيُقَال: يَا
مُحَمَّد، ارْفَعْ رَأسك، قل تسمع، سل تعطه، اشفع تشفع. فأرفع رَأْسِي
فَأَحْمَد رَبِّي - بتحميد يعلمينه رَبِّي عز وَجل - ثمَّ اشفع، فَيحد لي
حدا فَأخْرجهُمْ من النَّار وأدخلهم الْجنَّة [ثمَّ أَعُود فأقع سَاجِدا
فيدعني مَا شَاءَ الله أَن يدعني، ثمَّ يُقَال: ارْفَعْ رَأسك يَا
مُحَمَّد، قل تسمع، سل تعطه، اشفع تشفع. فأرفع رَأْسِي فَأَحْمَد رَبِّي
بتحميد يعلمنيه، ثمَّ أشفع، فَيحد لي حدا، فَأخْرجهُمْ من النَّار وأدخلهم
الْجنَّة]- قَالَ: فَلَا أَدْرِي فِي الثَّالِثَة أَو فِي الرَّابِعَة
قَالَ: - فَأَقُول: يَا رب، مَا بَقِي من النَّار إِلَّا من حَبسه
الْقُرْآن: أَي وَجب عَلَيْهِ الخلود ".
وَحدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن
قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - قَالَ: " يجمع الله الْمُؤمنِينَ يَوْم الْقِيَامَة، فيلهمون
لذَلِك ... " بِمثل معنى حَدِيث أبي كَامِل، وَذكر فِي الرَّابِعَة "
فَأَقُول: يَا رب، مَا بَقِي من النَّار إِلَّا من حَبسه الْقُرْآن: أَي
وَجب عَلَيْهِ الخلود ".
وَقَالَ البُخَارِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " وَوَجَب عَلَيْهِ الخلود "
رَوَاهُ عَن معَاذ بن فضَالة، عَن هِشَام، عَن قَتَادَة، عَن أنس، عَن
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَله طرق أُخْرَى مثل
مَا لمُسلم - رَحمَه الله.
البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، ثَنَا
معبد بن هِلَال الْعَنزي قَالَ: " اجْتَمَعنَا نَاس من أهل الْبَصْرَة،
فذهبنا إِلَى أنس بن مَالك، وذهبنا مَعنا بِثَابِت الْبنانِيّ إِلَيْهِ
يسْأَله لنا عَن حَدِيث الشَّفَاعَة، فَإِذا هُوَ فِي قصره (فَوَافَقنَا)
(1/186)
يُصَلِّي الضُّحَى، فَاسْتَأْذَنا، فَأذن
لنا وَهُوَ قَاعد على فرَاشه، فَقُلْنَا لِثَابِت: لَا تسأله عَن شَيْء أول
من حَدِيث الشَّفَاعَة. فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَة، هَؤُلَاءِ إخوانك من
أهل الْبَصْرَة (جَاءُوا) يَسْأَلُونَك عَن حَدِيث الشَّفَاعَة، فَقَالَ:
حَدثنَا مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِذا
كَانَ يَوْم الْقِيَامَة، ماج النَّاس (بَعضهم) فِي بعض، فَيَأْتُونَ آدم،
فَيَقُولُونَ: اشفع إِلَى رَبك. فَيَقُول: لست لَهَا، وَلَكِن عَلَيْكُم
بإبراهيم فَإِنَّهُ خَلِيل الرَّحْمَن. فَيَأْتُونَ / إِبْرَاهِيم
فَيَقُول: لست لَهَا وَلَكِن عَلَيْكُم بمُوسَى [فَإِنَّهُ] (كلم) الله.
فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُول: لست لَهَا، وَلَكِن عَلَيْكُم بِعِيسَى،
فَإِنَّهُ روح الله وكلمته. فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُول: لست لَهَا،
وَلَكِن عَلَيْكُم بِمُحَمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فَيَأْتُوني فَأَقُول: أَنا لَهَا. فَأَسْتَأْذِن على رَبِّي، فَيُؤذن لي
ويلهمني (بِمَحَامِد) أَحْمَده بهَا لَا تحضرني الْآن، فأحمده بِتِلْكَ
المحامد، فَأخر لَهُ سَاجِدا، فَيُقَال: يَا مُحَمَّد، ارْفَعْ رَأسك، وَقل
يسمع لَك، وسل (تعطه) ، وَاشْفَعْ تشفع. فَأَقُول: يَا رب، أمتِي أمتِي.
فَيُقَال: انْطلق. فَأخْرج مِنْهَا من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال شعيرَة من
إِيمَان. فأنطلق فأفعل، ثمَّ فأعود، فأحمده بِتِلْكَ المحامد ثمَّ أخر لَهُ
سَاجِدا، فَيُقَال: يَا مُحَمَّد، ارْفَعْ رَأسك، وَقل يسمع لَك، وسلب
(تُعْطى) ، وَاشْفَعْ تشفع. فَأَقُول: يَا رب، أمتِي أمتِي. فَيُقَال:
انْطلق. فَأخْرج مِنْهَا من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال ذرة أَو خردلة من
إِيمَان. فأنطلق فأفعل، ثمَّ أَعُود [فأحمده] بِتِلْكَ المحامد ثمَّ أخر
لَهُ سَاجِدا، فَيُقَال: يَا مُحَمَّد، ارْفَعْ رَأسك، وَقل يسمع لَك، وسل
(تُعْطِي) ، وَاشْفَعْ تشفع. فَأَقُول: يَا رب،
(1/187)
أمتِي أمتِي، فَيَقُول: انْطلق فَأخْرج من
النَّار من كَانَ فِي قلبه أدنى أدنى مِثْقَال حَبَّة من خردلة من إِيمَان،
فَأخْرجهُ من النَّار من النَّار من النَّار. فأنطلق فأفعل. فَلَمَّا
خرجنَا من عِنْد أنس قلت لبَعض أَصْحَابنَا: لَو مَرَرْنَا بالْحسنِ وَهُوَ
متواري فِي منزل أبي خَليفَة، فَحَدَّثنَاهُ بِمَا حَدثنَا أنس بن مَالك.
فأتيناه، فسلمنا عَلَيْهِ، فَأذن لنا فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا سعيد
جئْنَاك من عِنْد أَخِيك أنس بن مَالك فَلم نر مثل مَا حَدثنَا فِي
الشَّفَاعَة، فَقَالَ: هيه. فَحَدَّثنَاهُ بِالْحَدِيثِ، فَانْتهى إِلَى
هَذَا الْموضع فَقَالَ: هيه. فَقُلْنَا: لم يزدْ لنا على هَذَا، فَقَالَ:
لقد حَدثنِي وَهُوَ جَمِيع مُنْذُ عشْرين سنة، فَلَا أَدْرِي أنسي أم كره
أَن تتكلوا قُلْنَا: يَا أَبَا سعيد، فحدثنا. فَضَحِك وَقَالَ: خلق
الْإِنْسَان عجولا، مَا ذكرته إِلَّا وَأَنا أُرِيد أَن أحدثكُم، حَدثنِي
كَمَا حَدثكُمْ [بِهِ] ثمَّ قَالَ: ثمَّ أَعُود الرَّابِعَة، فأحمده
بِتِلْكَ (المحامد) ثمَّ أخر لَهُ سَاجِدا فَيُقَال: يَا مُحَمَّد، ارْفَعْ
رَأسك، وَقل يسمع، وسل تعطه، وَاشْفَعْ تشفع. فَأَقُول: يَا رب، ائْذَنْ لي
فِيمَن قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله، فَيَقُول: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي،
وكبريائي وعظمتي، لأخْرجَن مِنْهَا من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله ".
قَالَ مُسلم بن الْحجَّاج فِي / هَذَا الحَدِيث عِنْد قَوْله عَلَيْهِ
السَّلَام: " ائْذَنْ فِيمَن قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله " قَالَ: "
لَيْسَ ذَاك لَك - أَو قَالَ: لَيْسَ ذَلِك إِلَيْك - وَلَكِن وَعِزَّتِي
وكبريائي وعظمتي وجبريائي ... " الحَدِيث، وَزَاد البُخَارِيّ تكْرَار
قَوْله: " أدنى أدنى أدنى "، وَقَوله " من النَّار من النَّار من النَّار
"، وَذكر ذَلِك مُسلم مرّة وَاحِدَة.
الْبَزَّار: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا جرير بن عبد الحميد، عَن
عمَارَة بن الْقَعْقَاع، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " وضعت
بَين يَدي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَفْنَة من
ثريد وَلحم - وَكَانَ أحب الشَّاة إِلَيْهِ الذِّرَاع - فنهش نهشة قَالَ:
أَنا سيد
(1/188)
النَّاس يَوْم الْقِيَامَة. فَلَمَّا رأى
ذَلِك أَصْحَابه، قَالَ: أَلا تَقولُونَ كَيفَ؟ قَالُوا: كَيفَ يَا رَسُول
الله؟ قَالَ: يقوم النَّاس لرب الْعَالمين، يسمعهم الدَّاعِي وَينْفذهُمْ
الْبَصَر، وتدنو الشَّمْس من رُءُوسهم، فيشتد عَلَيْهِم حرهَا ويشق
عَلَيْهِم دنوها مِنْهُم، فَيبلغ مِنْهُم الْجزع والضجر مِمَّا هم فِيهِ،
فَيَأْتُونَ آدم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَيَقُولُونَ: يَا
آدم، أَنْت أَبُو الْبشر خلقك الله بِيَدِهِ، وَنفخ فِيك من روحه، وَأمر
الْمَلَائِكَة فسجدوا لَك، أَلا تشفع لنا إِلَى رَبنَا، أَلا ترى مَا نَحن
فِيهِ من الشَّرّ؟ ! فَيَقُول آدم: إِن رَبِّي - تبَارك وَتَعَالَى - قد
غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله وَلنْ يغْضب بعده مثله، وَإنَّهُ
أَمرنِي بِأَمْر فعصيته وأطعت الشَّيْطَان، نهاني عَن أكل الشَّجَرَة
فعصيته، فَأَخَاف أَن يطرحني فِي النَّار، انْطَلقُوا إِلَى غَيْرِي،
نَفسِي نَفسِي. فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى نوح - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَيَقُولُونَ: يَا نوح، أَنْت نَبِي الله وَأول من أرسل، اشفع
لنا إِلَى رَبك، أَلا ترى مَا نَحن فِيهِ من الشَّرّ؟ ! فَيَقُول نوح: إِن
رَبِّي - تبَارك وَتَعَالَى - قد غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله
وَلنْ يغْضب بعده مثله، وَإنَّهُ كَانَت لي دَعْوَة فدعوت بهَا على قومِي
فأهلكوا، وَإِنِّي أَخَاف أَن يطرحني فِي النَّار، انْطَلقُوا إِلَى
غَيْرِي نَفسِي نَفسِي. فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى إِبْرَاهِيم - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَيَقُولُونَ: يَا إِبْرَاهِيم، أَنْت
خَلِيل الله قد سمع بخلتك أهل السَّمَاوَات وَالْأَرْض، اشفع لنا إِلَى
رَبك، أَلا ترى إِلَى مَا نَحن فِيهِ من الشَّرّ؟ ! فَيَقُول: إِن رَبِّي -
تبَارك وَتَعَالَى - قد غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله وَلنْ يغْضب
بعده مثله، وَإِنِّي أَخَاف أَن يطرحني فِي النَّار وَذكر قَوْله للكواكب:
هَذَا رَبِّي، وَقَوله: بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا، وَقَوله: إِنِّي سقيم،
انْطَلقُوا إِلَى غَيْرِي، نَفسِي نَفسِي. فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى / مُوسَى،
أَنْت نَبِي الله اصطفاك الله بِرِسَالَاتِهِ وكلمك تكليماً، اشفع لنا
إِلَى رَبك، أَلا ترى مَا نَحن فِيهِ من الشَّرّ؟ ! فَيَقُول مُوسَى -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن رَبِّي - تبَارك وَتَعَالَى -
قد غضب الْيَوْم غَضبا لم [يغْضب] قبله مثله وَلنْ يغْضب بعده مثله،
وَإِنِّي قتلت نفسا لم أُؤمر بهَا، أَخَاف أَن يطرحني فِي النَّار،
انْطَلقُوا إِلَى غَيْرِي، نَفسِي نَفسِي. فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى عِيسَى -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى، أَنْت
نَبِي الله وكلمته وروحه أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم، اشفع لنا إِلَى رَبك،
أَلا ترى مَا نَحن فِيهِ من الشَّرّ؟ !
(1/189)
فَيَقُول: إِن رَبِّي قد غضب الْيَوْم
غَضبا لم يغْضب قبله مثله وَلنْ يغْضب بعده مثله، وَإِنِّي أَخَاف أَن
يطرحني فِي النَّار - قَالَ عمَارَة: وَلَا أعلمهُ ذكر ذَنبا - انْطَلقُوا
إِلَى غَيْرِي نَفسِي. فَيَأْتُوني فَيَقُولُونَ: أَنْت رَسُول الله
وَخَاتم النَّبِيين، قد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر،
اشفع لنا إِلَى رَبك. فأنطلق فآتى تَحت الْعَرْش، فأقع سَاجِدا لرَبي -
تبَارك وَتَعَالَى - فأقوم مِنْهُ مقَاما لم يقمه أحد قبلي، وَلنْ يقومه
أحد بعدِي، فَيَقُول: يَا مُحَمَّد، اشفع تشفع، وسل تعط. فَأَقُول " يَا
رب، أمتِي. فَيَقُول: يَا مُحَمَّد، أَدخل من لَا حِسَاب عَلَيْهِ من
الْبَاب الْأَيْمن، وهم شُرَكَاء النَّاس فِي الْأَبْوَاب الْأُخَر. فوالذي
نَفسِي بِيَدِهِ، إِن مَا بَين الْبَاب أبعد مَا بَين بَصرِي وَمَكَّة -
أَو مَكَّة وهجر - قَالَ عمَارَة: لَا أَدْرِي أَي ذَلِك قَالَ ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَلَا نعلم
رَوَاهُ عَن عمَارَة إِلَّا جرير.
مُسلم: حَدثنَا هداب بن خَالِد الْأَزْدِيّ، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن
أبي عمرَان وثابت، عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يخرج من النَّار أَرْبَعَة، فيعرضون على
الله - عز وَجل - فتلتفت أحدهم، فَيَقُول: أَي رَبِّي إِذا أخرجتني مِنْهَا
فَلَا تعدني فِيهَا، فينجيه الله مِنْهَا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا الصَّلْت بن مُحَمَّد، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع فِي
قَوْله عز وَجل: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل} قَالَ: حَدثنَا
سعيد عَن قَتَادَة، عَن أبي المتَوَكل النَّاجِي أَن أَبَا سعيد
الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ -: " يخلص الْمُؤْمِنُونَ من النَّار، فيحبسون على قنطرة بَين الْجنَّة
وَالنَّار، فيقتص لبَعْضهِم من بعض مظالم كَانَت بَينهم فِي الدُّنْيَا،
حَتَّى إِذا هذبوا ونقوا أذن لَهُم فِي دُخُول الْجنَّة، فوالذي نفس
مُحَمَّد بِيَدِهِ، لأَحَدهم أهْدى بِمَنْزِلَة فِي الْجنَّة مِنْهُ
بِمَنْزِلَة كَانَ فِي الدُّنْيَا "
(1/190)
التِّرْمِذِيّ: / حَدثنَا مُحَمَّد بن
رَافع، ثَنَا أَبُو دَاوُد، عَن مبارك بن فضَالة، عَن عبيد الله بن أبي بكر
بن أنس، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قَالَ: " يَقُول الله تَعَالَى: أخرجُوا من النَّار من ذَكرنِي يَوْمًا أَو
خافني فِي مقَام ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
البُخَارِيّ: حَدثنَا يُوسُف بن رَاشد، ثَنَا أَحْمد بن عبد الله، ثَنَا
أَبُو بكر ابْن عَيَّاش، عَن حميد قَالَ: سَمِعت أنسا قَالَ: سَمِعت
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا كَانَ
يَوْم الْقِيَامَة شفعت فَقلت: يَا رب، أَدخل الْجنَّة من كَانَ فِي قلبه
خردلة. فَيدْخلُونَ ثمَّ أَقُول: أَدخل الْجنَّة من كَانَ قلبه أدنى شَيْء.
فَقَالَ أنس: كَأَنِّي انْظُر إِلَى أَصَابِع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
بَاب دَعْوَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأمته
مُسلم: حَدثنِي يُونُس بن عبد الْأَعْلَى، أَنا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي
مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي
هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ:
" لكل نَبِي دَعْوَة (يَدْعُو بهَا) فَأُرِيد أَن أختبئ دَعْوَتِي شَفَاعَة
لأمتي يَوْم الْقِيَامَة ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله، ثَنَا زُهَيْر بن
مُعَاوِيَة، ثَنَا أَبُو خَالِد يزِيد الاسدي، ثَنَا عون بن أبي جُحَيْفَة
السوَائِي، عَن عبد الرَّحْمَن بن عَلْقَمَة الثَّقَفِيّ، عَن عبد
الرَّحْمَن بن أبي عقيل قَالَ: " انْطَلَقت فِي وَفد، فأتينا رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأنخنا بِالْبَابِ، وَمَا فِي
النَّاس أبْغض إِلَيْنَا من رجل نلج عَلَيْهِ، فَمَا خرجنَا حَتَّى مَا فِي
النَّاس رجل أحب إِلَيْنَا من رجل دَخَلنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ قَائِل منا:
يَا رَسُول الله، أَلا سَأَلت رَبك ملكا كملك سُلَيْمَان بن دَاوُد.
فَضَحِك ثمَّ قَالَ: لَعَلَّ
(1/191)
لصاحبكم عِنْد الله أفضل من ملك سُلَيْمَان
بن دَاوُد، وَإِن الله لم يبْعَث نَبيا إِلَّا أعطَاهُ دَعْوَة فَمنهمْ من
اتخذ بهَا دنيا فأعطيها، وَمِنْهُم من دَعَا بهَا على قومه إِذْ عصوه،
فأهلكوا، وَإِن الله أَعْطَانِي دَعْوَة فاختبأتها عِنْد رَبِّي شَفَاعَة
لأمتي يَوْم الْقِيَامَة ".
أَبُو خَالِد هُوَ يزِيد بن عبد الرَّحْمَن الدالاني الْأَسدي، روى عَن عون
بن أبي جُحَيْفَة والمنهال بن عَمْرو وَقيس بن مُسلم وَغَيرهم، روى عَنهُ
الثَّوْريّ وَشعْبَة وَزُهَيْر وَغَيرهم قَالَ / يحيى بن معِين: أَبُو
خَالِد لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: أَبُو خَالِد صَدُوق
ثِقَة. وَجعله البُخَارِيّ رجلا آخر.
مُسلم: حَدثنِي يُونُس بن عبد الْأَعْلَى الصَّدَفِي، أَنا ابْن وهب،
أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، أَن بكر بن سوَادَة حَدثهُ، عَن عبد
الرَّحْمَن بن جُبَير، عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ " أَن النَّبِي
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَلا قَول الله عز - وَجل - فِي
إِبْرَاهِيم: {رب إنَّهُنَّ أضللن كثيرا من النَّاس فَمن تَبِعنِي
فَإِنَّهُ مني} الْآيَة، وَقَالَ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: {إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك وَإِن تغْفر لَهُم
فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم} فَرفع يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ
أمتِي، اللَّهُمَّ أمتِي. وَبكى، فَقَالَ الله - عز وَجل -: يَا جِبْرِيل،
اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّد - وَرَبك أعلم - فسله: مَا يبكيك؟ فَأَتَاهُ
جِبْرِيل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَسَأَلَهُ فَأخْبرهُ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَا قَالَ - وَهُوَ
أعلم - فَقَالَ الله: يَا جِبْرِيل، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّد فَقل: إِنَّا
سنرضيك فِي أمتك، وَلَا نسوءك ".
بَاب مَا جَاءَ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَكثر
الْأَنْبِيَاء تبعا وَأول النَّاس يشفع
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، قَالَ
قُتَيْبَة: ثَنَا جرير،
(1/192)
عَن الْمُخْتَار بن فلفل، عَن أنس بن مَالك
قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنا
أول النَّاس (تشفعا) فِي الْجنَّة، وَأَنا أَكثر الْأَنْبِيَاء تبعا ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا [حُسَيْن] بن عَليّ، عَن
زَائِدَة، عَن الْمُخْتَار بن فلفل، ثَنَا أنس بن مَالك قَالَ النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنا أول شَفِيع فِي الْجنَّة، لم
يصدق نَبِي من الْأَنْبِيَاء مَا صدقت، وَإِن من الْأَنْبِيَاء نَبيا مَا
يصدقهُ من أمته إِلَّا رجل وَاحِد ".
بَاب بَدْء الْوَحْي
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر أَحْمد بن عَمْرو بن سرح، أَنا ابْن وهب،
أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، حَدثنِي عُرْوَة بن الزبير أَن عَائِشَة
زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخْبرته أَنَّهَا
قَالَت: " كَانَ أول مَا بُدِئَ بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْوَحْي الرُّؤْيَا الصادقة / فِي النّوم،
فَكَانَ لَا يرى رُؤْيا إِلَّا جَاءَت مثل فلق الصُّبْح. ثمَّ حبب إِلَيْهِ
الْخَلَاء، فَكَانَ يَخْلُو بِغَار حراء يَتَحَنَّث - فِيهِ وَهُوَ
التَّعَبُّد - اللَّيَالِي أولات الْعدَد قبل أَن يرجع إِلَى أَهله ويتزود
لذَلِك، ثمَّ يرجع إِلَى خديجه فيتزود لمثلهَا، حَتَّى فجئه الْحق وَهُوَ
فِي غَار حراء، فَجَاءَهُ الْملك فَقَالَ: أَقرَأ. قَالَ: مَا أَنا بقارئ.
قَالَ: فأخذني فغطني حَتَّى بلغ مني الْجهد، ثمَّ أَرْسلنِي، فَقَالَ:
اقْرَأ. قَالَ: [قلت: مَا أَنا بقارئ. قَالَ:] فأخذني فغطني الثَّانِيَة
حَتَّى بلغ مني الْجهد، ثمَّ أَرْسلنِي فَقَالَ: اقْرَأ. فَقلت: مَا أَنا
بقارئ، فأخذني فغطني الثَّالِثَة حَتَّى بلغ مني الْجهد، ثمَّ أَرْسلنِي
فَقَالَ: {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق خلق الْإِنْسَان من علق اقْرَأ
وَرَبك الأكرم الَّذِي علم بالقلم علم الْإِنْسَان مَا لم يعلم} فَرجع بهَا
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ترجف بوادره حَتَّى
دخل على
(1/193)
خَدِيجَة فَقَالَ: زَمِّلُونِي
زَمِّلُونِي. فزملوه حَتَّى ذهب عَنهُ مَا يجد من الروع ثمَّ قَالَ لخديجه:
أَي خَدِيجَة، مَا لي. وأخبرها الْخَبَر، قَالَ: لقد خشيت على نَفسِي.
قَالَت لَهُ خَدِيجَة: كلا، أبشر، فوَاللَّه لَا يخزيك الله أبدا، وَالله
إِنَّك لتصل الرَّحِم، وَتصدق الحَدِيث، وَتحمل الْكل، وتكسب الْمَعْدُوم،
وتقري الضَّيْف، وَتعين على نَوَائِب الْحق. فَانْطَلَقت بِهِ خديجه حَتَّى
أَتَت بِهِ ورقة بن نَوْفَل بن أَسد بن عبد الْعُزَّى - وَهُوَ ابْن عَم
خَدِيجَة أخي أَبِيهَا، وَكَانَ امْرأ تنصر فِي الْجَاهِلِيَّة، وَكَانَ
يكْتب الْكتاب الْعَرَبِيّ وَيكْتب من الْإِنْجِيل بِالْعَرَبِيَّةِ مَا
شَاءَ الله أَن يكْتب، وَكَانَ شَيخا كَبِيرا قد عمي - فَقَالَت لَهُ
خديجه: أَي عَم، اسْمَع من ابْن أَخِيك. قَالَ ورقة بن نَوْفَل: يَا ابْن
أخي، مَاذَا ترى؟ فَأخْبرهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - خبر مَا رَأْي، فَقَالَ لَهُ ورقة: هَذَا الناموس الَّذِي
أنزل على مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَا لَيْتَني
فِيهَا جذعاً، يَا لَيْتَني أكون حَيا حِين يخْرجك قَوْمك. قَالَ رَسُول
الله: أَو مخرجي هم؟ قَالَ ورقة " نعم، لم يَأْتِ رجل قطّ بِمَا جِئْت بِهِ
إِلَّا عودي، وَإِن يدركني يَوْمك أنصرك نصرا مؤزراً ".
وحَدثني مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر قَالَ: قَالَ
الزُّهْرِيّ وَأَخْبرنِي عُرْوَة، عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: " أول مَا
بُدِئَ بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من
الْوَحْي ... " وسَاق الحَدِيث بِمثل حَدِيث يُونُس غير أَنه قَالَ: "
فوَاللَّه، لَا / يحزنك الله أبدا " وَقَالَ: " قَالَت خديجه: أَي ابْن
عَم، اسْمَع من ابْن أَخِيك " تَابع يُونُس على قَوْله: " لَا يحزنك الله "
عقيل بن خَالِد عَن الزُّهْرِيّ وَقَالَ: " يرجف فُؤَاده ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، حَدثنِي
الْأَوْزَاعِيّ، سَمِعت يحيى يَقُول: " سَأَلت أَبَا سَلمَة، أَي الْقُرْآن
أنزل قبل؟ قَالَ: " يَا أَيهَا المدثر ". فَقلت: أَو " اقْرَأ "؟ فَقَالَ:
سَأَلت جَابر بن عبد الله أَي الْقُرْآن أنزل قبل؟ قَالَ: " يَا أَيهَا
المدثر " فَقلت: أَو " اقْرَأ " قَالَ جَابر: أحدثكُم مَا حَدثنَا رَسُول
الله
(1/194)
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قَالَ: جَاوَرت بحراء شهرا فَلَمَّا قضيت جواري وَنزلت، فَاسْتَبْطَنْت بطن
الْوَادي، فنوديت فَنَظَرت أَمَامِي وَخَلْفِي وَعَن يَمِيني وَعَن شمَالي
فَلم أر أحدا، ثمَّ نوديت فَنَظَرت فَلم أر أحدا، ثمَّ نوديت فَرفعت
رَأْسِي، فَإِذا هُوَ على الْعَرْش فِي الْهَوَاء - يَعْنِي جِبْرِيل -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَخَذَتْنِي رَجْفَة شَدِيدَة،
فَأتيت خَدِيجَة فَقلت: دَثرُونِي فَدَثَّرُونِي، فصبوا عَليّ مَاء،
فَأنْزل الله عز وَجل {يَا أَيهَا المدثر قُم فَأَنْذر وَرَبك فَكبر وثيابك
فطهر} .
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، أَنا ابْن وهب، حَدثنِي يُونُس، قَالَ
ابْن شهَاب: أَخْبرنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، أَنا جَابر عَن عبد
الله الْأنْصَارِيّ - وَكَانَ من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يحدث قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - وَهُوَ
يحدث عَن فَتْرَة الْوَحْي قَالَ فِي حَدِيثه -: فَبَيْنَمَا أَنا أَمْشِي
سَمِعت صَوتا من السَّمَاء، فَرفعت رَأْسِي، فَإِذا الْملك الَّذِي
جَاءَنِي بحراء جَالِسا على كرْسِي بَين السَّمَاء وَالْأَرْض. قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فجئثت مِنْهُ فرقا،
فَرَجَعت فَقلت: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَدَثَّرُونِي، فَأنْزل الله -
عز وَجل -: {يَا أَيهَا المدثر قُم فَأَنْذر وَرَبك فَكبر وثيابك فطهر
وَالرجز فاهجر} وَهِي الْأَوْثَان قَالَ: ثمَّ تتَابع الْوَحْي ".
قَالَ: وحَدثني عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي أبي، عَن جدي،
حَدثنِي عقيل بن خَالِد، عَن ابْن شهَاب قَالَ: سَمِعت أَبَا سَلمَة بن عبد
الرَّحْمَن يَقُول: أَخْبرنِي جَابر بن عبد الله، أَنه سمع رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " ثمَّ فتر الْوَحْي عني
فَتْرَة، فَبَيْنَمَا أَنا أَمْشِي ... " فَذكر مثل حَدِيث يُونُس غير أَنه
قَالَ: " فجئثت مِنْهُ فرقا، حَتَّى هويت إِلَى الأَرْض - قَالَ: وَقَالَ
أَبُو سَلمَة: " وَالرجز:
(1/195)
الاوثان " - قَالَ: ثمَّ / حمي الْوَحْي
بعد وتتابع ".
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو بن مُحَمَّد النَّاقِد، ثَنَا يَعْقُوب بن
إِبْرَاهِيم، ثَنَا أبي، عَن صَالح - وَهُوَ ابْن كيسَان - عَن ابْن شهَاب،
أَخْبرنِي أنس بن مَالك " أَن الله تَابع الْوَحْي على رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل وَفَاته حَتَّى توفّي، وَأكْثر
مَا كَانَ الْوَحْي يَوْم توفّي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا لَيْث، عَن سعيد بن أبي سعيد
المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا من الْأَنْبِيَاء من نَبِي
إِلَّا قد أعطي من الْآيَات مَا مثله آمن عَلَيْهِ الْبشر، وَإِنَّمَا
كَانَ الَّذِي أُوتيت وَحيا أُوحِي الله إِلَيّ، وَأَرْجُو أَن أكون
أَكْثَرهم تبعا يَوْم الْقِيَامَة ".
بَاب كَيفَ كَانَ الْوَحْي يَأْتِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - وَذكر حالات كَانَ عَلَيْهَا حِين يَأْتِيهِ الْوَحْي
وَالْملك
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة.
وَحدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو أُسَامَة وَابْن بشر، جَمِيعًا عَن
هِشَام.
وثنا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا مُحَمَّد بن
بشر، ثَنَا هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة " أَن الْحَارِث بن هِشَام
سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كَيفَ يَأْتِيك
الْوَحْي؟ قَالَ: أَحْيَانًا يأتيني فِي مثل صلصلة الجرس - وَهُوَ أشده
عَليّ - ثمَّ يفصم عني وَقد وعيته، وَأَحْيَانا - أَي: يأتيني - ملك فِي
مثل صُورَة الرِّجَال، فأعي مَا يَقُول ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، حَدثنَا عبد الْأَعْلَى، عَن سعيد، عَن
قَتَادَة،
(1/196)
عَن الْحسن، عَن حطَّان بن عبد الله، عَن
عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - إِذا أنزل عَلَيْهِ [الْوَحْي] كرب لذَلِك وَتَربد وَجهد ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن
قَتَادَة بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا نزل عَلَيْهِ الْوَحْي نكس رَأسه، ونكس
أَصْحَابه رُءُوسهم، فَلَمَّا أَجلي عَنهُ رفع رَأسه ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه،
عَن / عَائِشَة قَالَت: " إِن كَانَ لينزل على رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْغَدَاة الْبَارِدَة، ثمَّ تفيض
جَبهته عرقاً ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الله، حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن
سعد، عَن صَالح بن كيسَان، عَن ابْن شهَاب، حَدثنِي سهل بن سعد
السَّاعِدِيّ، أَنه رأى مَرْوَان بن الحكم فِي الْمَسْجِد، فَأَقْبَلت
حَتَّى جَلَست إِلَى جنبه فَأخْبرنَا أَن زيد بن ثَابت أخبرهُ " أَن رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمْلى عَلَيْهِ: " لَا
يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل
الله " فَجَاءَهُ ابْن أم مَكْتُوم وَهُوَ يملها عَليّ قَالَ: يَا رَسُول
الله، وَالله لَو أَسْتَطِيع الْجِهَاد لَجَاهَدْت - وَكَانَ أعمى -
فَأنْزل الله - عز وَجل - على رَسُوله - عَلَيْهِ السَّلَام - وَفَخذه على
فَخذي، فَثقلَتْ عَليّ حَتَّى خفت أَن ترض فَخذي، ثمَّ سري عَنهُ، فَأنْزل
الله - تَعَالَى: _ {غير أولي الضَّرَر} "
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم.
ونا عبد بن حميد، أَنا مُحَمَّد بن بكر قَالَا: ثَنَا ابْن جريح.
وثنا عَليّ بن خشرم - وَاللَّفْظ لَهُ - أخبرنَا عِيسَى - وَهُوَ ابْن
يُونُس - عَن ابْن
(1/197)
جريح، أَخْبرنِي عَطاء، أَن صَفْوَان بن
يعلى بن أُميَّة أخبرهُ، أَن يعلى كَانَ يَقُول لعمر بن الْخطاب: "
لَيْتَني أرى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين
ينزل عَلَيْهِ. فَلَمَّا كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - بالجعرانة - وعَلى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - ثوب قد أظل بِهِ عَلَيْهِ - مَعَه نَاس من أَصْحَابه، فيهم
عمر إِذْ جَاءَهُ رجل عَلَيْهِ جُبَّة [صوف] متضمخ بِطيب فَقَالَ: يَا
رَسُول الله، كَيفَ ترى فِي رجل أحرم بِعُمْرَة فِي جُبَّة بَعْدَمَا تضمخ
بِطيب؟ فَنظر إِلَيْهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
سَاعَة، ثمَّ سكت، فَجَاءَهُ الْوَحْي، فَأَشَارَ عمر بِيَدِهِ إِلَى يعلى
بن أُميَّة، فَقَالَ فجَاء يعلى وَأدْخل رَأسه فَإِذا النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَاعَة، ثمَّ سكت، فَجَاءَهُ الْوَحْي،
فَأَشَارَ عمر بِيَدِهِ إِلَى يعلى بن أُميَّة، فَقَالَ، فجَاء يعلى
وَأدْخل رَأسه فَإِذا النَّبِي
محمر الْوَجْه، يغط سَاعَة، ثمَّ سري عَنهُ، فَقَالَ: أَيْن الَّذين
سَأَلَني عَن الْعمرَة آنِفا؟ فالتمس الرجل فجيء بِهِ، فَقَالَ النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أما الطّيب الَّذِي بك فاغسله
ثَلَاث مَرَّات، وَأما الْجُبَّة فانزعها، ثمَّ اصْنَع فِي عمرتك مَا تصنع
فِي حجك ".
مُسلم: حَدثنِي عبد الْأَعْلَى بن حَمَّاد وَمُحَمّد بن عبد الْأَعْلَى
الْقَيْسِي، كِلَاهُمَا عَن الْمُعْتَمِر - قَالَ ابْن حَمَّاد: ثَنَا
الْمُعْتَمِر بن / سُلَيْمَان - سَمِعت أبي، حَدثنَا أَبُو عُثْمَان، عَن
سلمَان قَالَ: " لَا تكونن إِن اسْتَطَعْت أول من يدْخل السُّوق، وَلَا آخر
من يخرج مِنْهَا، فَإِنَّهَا معركة الشَّيْطَان، وَبهَا ينصب رايته.
قَالَ: وأنبئت أَن جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - أَتَى نَبِي الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعِنْده أم سَلمَة قَالَ: فَجعل
يتحدث، ثمَّ قَامَ، فَقَالَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - لأم سَلمَة: من هَذَا - أَو كَمَا قَالَ -؟ قَالَت: هَذَا دحْيَة
الْكَلْبِيّ. قَالَ: فَقَالَت أم سَلمَة: أيم الله، وَمَا حسبته إِلَّا
أَيَّاهُ حَتَّى سَمِعت خطْبَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - (يخبر خبرنَا) أَو كَمَا قَالَ ".
قَالَ: فَقلت لأبي عُثْمَان: مِمَّن سَمِعت هَذَا الحَدِيث؟ قَالَ: من
أُسَامَة بن زيد.
(1/198)
لم يذكر البُخَارِيّ قَول سلمَان فِي
السُّوق، وَقد أسْندهُ أَبُو بكر الْبَزَّار عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَسَيَأْتِي فِي الْبيُوع فِي بَاب مَا يكره من
مُلَازمَة الْأَسْوَاق إِن شَاءَ الله.
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن
إِبْرَاهِيم: كلهم عَن جرير - قَالَ أَبُو بكر: ثَنَا جرير بن عبد الحميد -
عَن مُوسَى بن أبي عَائِشَة، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس " فِي
قَوْله - عز وَجل: {لَا تحرّك بِهِ لسَانك} قَالَ: " كَانَ النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا نزل عَلَيْهِ جِبْرِيل
بِالْوَحْي كَانَ مِمَّا يُحَرك بِهِ لِسَانه وشفتيه، فيشتد عَلَيْهِ،
فَكَانَ ذَلِك يعرف مِنْهُ، فَأنْزل الله _ عز وَجل {لَا تحرّك بِهِ لسَانك
لتعجل بِهِ} أَخذه {إِن علينا جُمُعَة وقرآنه} إِن علينا أَن نجمعه فِي
صدرك {وقرانه} فتقرأه {فَإِذا قرأناه فَاتبع قرآنه} قَالَ: أَنزَلْنَاهُ،
فاستمع لَهُ، {إِن علينا بَيَانه} أَي نبينه بلسانك، فَكَانَ إِذا أَتَاهُ
جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - أطرق، فَإِذا ذهب قَرَأَهُ كَمَا وعده
الله - عز وَجل ".
مُسلم: حَدثنَا عمر بن حَفْص بن غياث، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش،
حَدثنِي إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله قَالَ: " بَيْنَمَا أَنا
أَمْشِي مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حرث -
وَهُوَ متوكئ على عسيب - إِذْ مر بِنَفر من الْيَهُود، فَقَالَ بَعضهم
لبَعض: سلوه عَن الرّوح، فَقَالُوا: مَا رابكم إِلَيْهِ، لَا يستقبلكم
بِشَيْء تكرهونه، فَقَالُوا: سلوه. فَقَامَ إِلَيْهِ بَعضهم، فَسَأَلَهُ
عَن الرّوح، قَالَ: فأسكت النَّبِي
/ فَلم يرد عَلَيْهِ شَيْئا، فَعلمت أَنه يُوحى إِلَيْهِ، قَالَ: فَقُمْت
مَكَاني، فَلَمَّا نزل الْوَحْي قَالَ:
(1/199)
{ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر
رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} "
البُخَارِيّ: حَدثنَا فَرْوَة بن أبي المغراء، ثَنَا عَليّ بن مسْهر، عَن
هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " خرجت سَوْدَة بنت زَمعَة
لَيْلًا فرآها عمر بن الْخطاب فعرفها، فَقَالَ: إِنَّك وَالله يَا سَوْدَة،
مَا تخفين علينا. فَرَجَعت إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَذكرت لَهُ ذَلِك - وَهُوَ فِي حُجْرَتي يتعشى، وَإِن فِي
يَده لعرقا - فَأنْزل الله عَلَيْهِ، فَرفع عَنهُ وَهُوَ يَقُول: قد أذن
الله لَكِن أَن تخرجن لحوائجكن ".
البُخَارِيّ فِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث: " ثمَّ رفع عَنهُ وَإِن
الْعرق فِي يَده مَا وَضعه "، رَوَاهُ فِي التَّفْسِير عَن زَكَرِيَّا، عَن
أبي أُسَامَة، عَن هِشَام بِإِسْنَادِهِ.
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، أخبرنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا
شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، حَدثنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، أَنا
عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت:
قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا عائش،
هَذَا جِبْرِيل يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام. فَقَالَت: وَعَلِيهِ السَّلَام
وَرَحْمَة الله. قَالَت وَهُوَ يرى مَا لَا أرى ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي إِسْحَاق، عَن جرير، عَن أبي حَيَّان، عَن أبي
زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - كَانَ يَوْمًا بارزاً للنَّاس إِذْ أَتَاهُ رجل يمشي فَقَالَ:
يَا رَسُول الله، مَا الْإِيمَان؟ قَالَ: أَن تؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته
وَرُسُله ولقائه، وتؤمن بِالْبَعْثِ الآخر. قَالَ: يَا رَسُول الله، مَا
الْإِسْلَام؟ قَالَ: الْإِسْلَام أَن تعبد الله وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا،
وتقيم الصَّلَاة، وتؤتي الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة، وتصوم رَمَضَان. قَالَ:
يَا رَسُول
(1/200)
الله، مَا الْإِحْسَان؟ قَالَ: الْإِحْسَان
أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ، فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك.
قَالَ: يَا رَسُول الله، مَتى السَّاعَة؟ قَالَ: مَا الْمَسْئُول عَنْهَا
بِأَعْلَم من السَّائِل، وَلَكِن سأحدثك عَن أشراطها: إِذا ولدت لأمة
ربتها، فَذَلِك من أشراطها، وَإِذا كَانَ الحفاة العراة رُءُوس النَّاس،
فَذَلِك من أشراطها فِي خمس لَا يعلمهُنَّ إِلَّا الله - عز وَجل - {إِن
الله عِنْده علم السَّاعَة وَينزل الْغَيْث وَيعلم مَا فِي الْأَرْحَام}
ثمَّ انْصَرف الرجل فَقَالَ: ردوا عَليّ. فَأخذُوا ليردوا، فَلم يرَوا
شَيْئا، قَالَ: هَذَا جِبْرِيل جَاءَ ليعلم النَّاس دينهم ".
مُسلم: حَدثنَا حسن بن الرّبيع وَأحمد بن جواس الْحَنَفِيّ قَالَا: ثَنَا
أَبُو الْأَحْوَص، عَن عمار بن رُزَيْق، عَن عبد الله بن عِيسَى، عَن سعيد
بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " بَيْنَمَا جِبْرِيل - عَلَيْهِ
السَّلَام - قَاعد عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -،
سمع نقيضاً من فَوْقه، فَرفع رَأسه فَقَالَ: هَذَا بَاب من السَّمَاء فتح
الْيَوْم، وَلم يفتح قطّ إِلَّا الْيَوْم، فَنزل مِنْهُ ملك فَقَالَ: هَذَا
ملك نزل إِلَى الأَرْض، لم ينزل قطّ إِلَّا الْيَوْم. فَسلم وَقَالَ: أبشر
بنورين أُوتِيتهُمَا لم يؤتهما نَبِي قبلك: فَاتِحَة الْكتاب، وخواتيم
سُورَة الْبَقَرَة، لن تقْرَأ بِحرف مِنْهُمَا إِلَّا أُوتِيتهُ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الْوَهَّاب، ثَنَا حَمَّاد بن زيد،
ثَنَا هِشَام، عَن أَبِيه قَالَ: " كَانَ النَّاس يتحرون بهداياهم يَوْم
عَائِشَة. قَالَت عَائِشَة: فَاجْتمع صواحبي إِلَى أم سَلمَة، (فَقَالُوا)
: يَا أم سَلمَة، وَالله إِن النَّاس يتحرون
(1/201)
بهداياهم يَوْم عَائِشَة، وَأَنا نُرِيد
الْخَيْر كَمَا تريده عَائِشَة، فمري رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يَأْمر النَّاس أَن يهدوا إِلَيْهِ حَيْثُمَا
كَانَ - أَو حَيْثُمَا دَار - قَالَت: فَذكرت ذَلِك أم سَلمَة للنَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: فَأَعْرض عني، فَلَمَّا عَاد
إِلَيّ ذكرت لَهُ ذَلِك، فَأَعْرض عني، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَة
ذكرت لَهُ فَقَالَ: يَا أم سَلمَة، لَا تؤذيني فِي عَائِشَة، فَإِنَّهُ
وَالله مَا نزل عَليّ الْوَحْي وَأَنا فِي لِحَاف امْرَأَة مِنْكُن غَيرهَا
".
البُخَارِيّ حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، ثَنَا اللَّيْث، عَن عقيل، قَالَ
ابْن شهَاب: سَمِعت أَبَا سَلمَة، أَخْبرنِي جَابر بن عبد الله أَنه سمع
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحدث عَن فَتْرَة
الْوَحْي: " فَبَيْنَمَا أَنا أَمْشِي سَمِعت صَوتا من السَّمَاء، فَرفعت
بَصرِي قبل السَّمَاء، فَإِذا الْملك الَّذِي جَاءَنِي بحراء قَاعد على
كرْسِي بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، فجئثت مِنْهُ حَتَّى هويت إِلَى
الأَرْض، فَجئْت أَهلِي فَقلت: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فزملوني، فَأنْزل
الله - عز وَجل -: {يَا أَيهَا المدثر} إِلَى قَوْله: {والرجو فاهجر} -
قَالَ أَبُو سَلمَة: وَالرجز: الْأَوْثَان - ثمَّ حمي الْوَحْي وتتابع ".
مُسلم: حَدثنَا ابْن نمير، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، ثا زَكَرِيَّا، عَن ابْن
أَشوع، عَن عَامر، عَن مَسْرُوق قَالَ: " قلت لعَائِشَة: فَأَيْنَ قَوْله:
{ثمَّ دنا فَتَدَلَّى فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى فَأوحى إِلَى عَبده مَا
أوحى} ؟ قَالَت: إِنَّمَا ذَاك جِبْرِيل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -، كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَة الرِّجَال، وَإنَّهُ أَتَاهُ فِي
[هَذِه الْمرة فِي] صورته الَّتِي هِيَ صورته، فسد أفق السَّمَاء ".
(1/202)
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة،
ثَنَا حَفْص بن غياث، عَن الشَّيْبَانِيّ، عَن زر، عَن عبد الله: " {مَا
كذب الْفُؤَاد مَا رأى} قَالَ: رأى جِبْرِيل لَهُ سِتّمائَة جنَاح ".
بَاب ذكر الْإِسْرَاء بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
مُسلم: حَدثنَا شَيبَان بن فروخ، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، ثَنَا ثَابت
الْبنانِيّ، عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - قَالَ: " أتيت بِالْبُرَاقِ - وَهُوَ دَابَّة أَبيض طَوِيل،
فَوق الْحمار وَدون الْبَغْل، يضع حَافره عِنْد مُنْتَهى طرفه - قَالَ:
فركبته حَتَّى أتيت بَيت الْمُقَدّس قَالَ: فربطته بالحلقة الَّتِي يرْبط
بهَا الْأَنْبِيَاء قَالَ: ثمَّ دخلت الْمَسْجِد، فَصليت فِيهِ
رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ خرجت، فَجَاءَنِي جِبْرِيل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - بِإِنَاء من خمر وإناء من لبن، فاخترت اللَّبن، فَقَالَ
جِبْرِيل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اخْتَرْت الْفطْرَة.
ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَقيل: من أَنْت؟
قَالَ: جِبْرِيل. قيل: وَمن مَعَك؟ قَالَ مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقيل: وَقد بعث إِلَيْهِ؟ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ؟
فَفتح لنا، فَإِذا أَنا بِآدَم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فَرَحَّبَ بِي ودعا لي بِخَير، ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء
الثَّانِيَة، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
-، فَقيل: من أَنْت؟ قَالَ: جِبْرِيل. قيل: وَمن مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: قد
بعث إِلَيْهِ. قَالَ: فَفتح لنا، فَإِذا أَنا بِابْني الْخَالَة عِيسَى
ابْن مَرْيَم وَيحيى بن زَكَرِيَّا - صلى الله عَلَيْهِمَا - فرحبا بِي
ودعوا لي بِخَير ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة،
فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل، فَقيل: من أَنْت؟ قَالَ: جِبْرِيل. فَقيل: وَمن
مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ:
وَقد بعث إِلَيْهِ؟ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ. فَفتح لنا، فَإِذا أَنا
بِيُوسُف - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا هُوَ قد أعطي شطر
الْحسن، قَالَ: فَرَحَّبَ ودعا لي بِخَير، ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء
الرَّابِعَة، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
-، فَقيل: من هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيل. قيل: وَمن مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد.
قَالَ: وَقد بعث إِلَيْهِ؟ [قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ] فَفتح لنا، فَإِذا
أَنا بِإِدْرِيس - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَرَحَّبَ بِي
ودعا لي بِالْخَيرِ، قَالَ الله - عز وَجل -: {وَرَفَعْنَاهُ
(1/203)
مَكَانا عليا} ثمَّ عرج بِنَا إِلَى
السَّمَاء الْخَامِسَة، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام -
قيل: من هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيل. قيل: وَمن مَعَك.؟ قَالَ: مُحَمَّد. قيل:
وَقد بعث إِلَيْهِ؟ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ. فَفتح لنا فَإِذا أَنا
بهَارُون، فَرَحَّبَ ودعا لي بِخَير، ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء
السَّادِسَة فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل قيل: من هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيل. قيل:
وَمن مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قيل:
وَقد بعث إِلَيْهِ؟ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ. فَفتح لنا فَإِذا أَنا بمُوسَى
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَرَحَّبَ بِي ودعا لي بِخَير،
ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل،
فَقيل: من هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيل، قيل: وَمن مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قيل
وَقد بعث إِلَيْهِ؟ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ. فَفتح لنا فَإِذا أَنا
بإبراهيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُسْند ظَهره إِلَى
الْبَيْت الْمَعْمُور وَإِذا هُوَ يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك لَا
يعودون إِلَيْهِ، ثمَّ ذهب بِي إِلَى السِّدْرَة الْمُنْتَهى، وَإِذا
وَرقهَا كآذان الفيلة، وَإِذا ثَمَرهَا كالقلال. قَالَ: فَلَمَّا غشيها من
أَمر الله - عز وَجل - مَا غشي تَغَيَّرت فَمَا أحد من خلق الله يَسْتَطِيع
أَن ينعتها من حسنها، فَأوحى الله - عز وَجل - إِلَيّ مَا أُوحِي، فَفرض
عَليّ خمسين صَلَاة فِي كل يَوْم وَلَيْلَة، فَنزلت إِلَى مُوسَى - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: مَا فرض رَبك على أمتك؟ قلت:
خمسين صَلَاة. قَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فسله التَّخْفِيف، فَإِن أمتك لَا
يُطِيقُونَ ذَلِك، فَإِنِّي قد بلوت بني إِسْرَائِيل وخبرتهم. قَالَ.
فَرَجَعت إِلَى رَبِّي فَقلت: يَا رب، خفف على أمتِي. فحط عني خمْسا،
فَرَجَعت إِلَى مُوسَى فَقلت: حط عني خمْسا. قَالَ: إِن أمتك لَا
يُطِيقُونَ ذَلِك، فَارْجِع إِلَى رَبك، فسله التَّخْفِيف. قَالَ: فَلم أزل
أرجع بَين رَبِّي - تبَارك وَتَعَالَى - وَبَين مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى قَالَ: يَا مُحَمَّد، إنَّهُنَّ خمس صلوَات
كل يَوْم وَلَيْلَة لكل صَلَاة عشر فَتلك خَمْسُونَ صَلَاة، / وَمن هم
بحسنة فَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة، فَإِن عَملهَا كتبت لَهُ عشرا، وَمن
هم بسيئة فَلم يعملها لم تكْتب شَيْئا، فَإِن عَملهَا كتبت سَيِّئَة
وَاحِدَة. قَالَ: فَنزلت حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَخْبَرته فَقَالَ: ارْجع إِلَى رَبك، فَاسْأَلْهُ
التَّخْفِيف. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
فَقلت: قد رجعت إِلَى رَبِّي - عز وَجل - حَتَّى استحييت مِنْهُ ".
(1/204)
وَهُوَ ابْن بِلَال - حَدثنِي شريك بن عبد
الله بن أبي نمر قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك يحدثنا عَن لَيْلَة أسرِي
برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من مَسْجِد
الْكَعْبَة " أَنه جَاءَهُ ثَلَاثَة نفر قبل أَن يُوحى إِلَيْهِ، وَهُوَ
نَائِم فِي الْمَسْجِد الْحَرَام ... " وسَاق الحَدِيث بِقِصَّتِهِ نَحْو
حَدِيث ثَابت الْبنانِيّ وَقدم فِيهِ شَيْئا وَأخر، وَزَاد وَنقص.
للْبُخَارِيّ زيادات فِي هَذَا الحَدِيث سَيَأْتِي ذكرهَا فِي التَّفْسِير
فِي سُورَة بني إِسْرَائِيل إِن شَاءَ الله.
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى التجِيبِي، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي
يُونُس، عَن ابْن شهَاب، عَن أنس بن مَالك قَالَ: كَانَ أَبُو ذَر يحدث أَن
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فرج سقف
بَيْتِي وَأَنا بِمَكَّة، فَنزل جِبْرِيل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -، فَفرج صَدْرِي ثمَّ غسله من مَاء زَمْزَم، ثمَّ جَاءَ بطست
من ذهب ممتلئ حِكْمَة وإيماناً، فأفرغها فِي صَدْرِي، ثمَّ أطبقه، ثمَّ
أَخذ بيَدي فعرج بِي إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا، فَلَمَّا جِئْنَا
السَّمَاء الدُّنْيَا قَالَ جِبْرِيل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- لخازن السَّمَاء الدُّنْيَا: افْتَحْ. قَالَ: من هَذَا؟ قَالَ: هَذَا
جِبْرِيل. قَالَ: هَل مَعَك أحد؟ قَالَ: نعم، معي مُحَمَّد - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: أفأرسل إِلَيْهِ؟ قَالَ: نعم.
فَفتح، فَلَمَّا علونا السَّمَاء الدُّنْيَا فَإِذا رجل عَن يَمِينه
أَسْوِدَة وَعَن يسَاره أَسْوِدَة قَالَ: فَإِذا نظر قبل يَمِينه ضحك،
وَإِذا نظر قبل شِمَاله بَكَى. قَالَ: فَقَالَ: مرْحَبًا بِالنَّبِيِّ
الصَّالح وَالِابْن الصَّالح. قَالَ: قلت: يَا جِبْرِيل، من هَذَا؟ قَالَ:
هَذَا آدم وَهَذِه الأسودة عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله نسم بنيه وَأهل
الْيَمين أهل الْجنَّة، والأسودة الَّتِي عَن شِمَاله، / أهل النَّار
فَإِذا نظر قبل يَمِينه ضحك وَإِذا نظر قبل شِمَاله بَكَى. قَالَ: ثمَّ عرج
بِي جِبْرِيل حَتَّى أَتَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَقَالَ لخازنها:
افْتَحْ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ خازنها مثل مَا قَالَ خَازِن السَّمَاء
الدُّنْيَا، فَفتح. فَقَالَ أنس: فَذكر أَنه وجد فِي السَّمَاوَات آدم
وَإِدْرِيس وَعِيسَى ومُوسَى وَإِبْرَاهِيم - صلوَات الله عَلَيْهِم - وَلم
يثبت كَيفَ مَنَازِلهمْ غير أَنه قد ذكر أَنه وجد آدم - عَلَيْهِ السَّلَام
- فِي السَّمَاء الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيم فِي السَّمَاء السَّادِسَة.
قَالَ: فَلَمَّا مر جِبْرِيل وَرَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِمَا -
بِإِدْرِيس -
(1/205)
عَلَيْهِ السَّلَام - قَالَ: مرْحَبًا
بِالنَّبِيِّ الصَّالح، وَالْأَخ الصَّالح. قَالَ: ثمَّ مَرَرْت فَقلت: من
هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا إِدْرِيس - عَلَيْهِ السَّلَام - قَالَ " ثمَّ
مَرَرْت بمُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - فَقَالَ: مرْحَبًا بِالنَّبِيِّ
الصَّالح، وَالْأَخ الصَّالح. قَالَ: قلت: من هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُوسَى.
قَالَ: ثمَّ مَرَرْت بِعِيسَى، فَقَالَ: مرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالح،
وَالْأَخ الصَّالح. قلت: من هَذَا؟ قَالَ هَذَا عِيسَى ابْن مَرْيَم -
عَلَيْهِ السَّلَام - قَالَ ": ثمَّ مَرَرْت بإبراهيم - عَلَيْهِ السَّلَام
- فَقَالَ: مرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالح، وَالِابْن الصَّالح. قَالَ:
قلت: من هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِبْرَاهِيم - عَلَيْهِ السَّلَام ".
قَالَ ابْن شهَاب: وَأَخْبرنِي ابْن حزم أَن ابْن عَبَّاس وَأَبا حَبَّة
الْأنْصَارِيّ يَقُولَانِ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " ثمَّ عرج بِي حَتَّى ظَهرت لمستوى أسمع فِيهِ صريف الأقلام
".
قَالَ ابْن حزم وَأنس بن مَالك: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فَفرض الله - عز وَجل - على أمتِي خمسين صَلَاة.
قَالَ: فَرَجَعت بذلك حَتَّى أَمر بمُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -، فَقَالَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام -: مَاذَا فرض رَبك على
أمتك؟ قل: قلت: فرض عَلَيْهِم خمسين صَلَاة. قَالَ لي مُوسَى: فراجع رَبك،
فَإِن أمتك لَا تطِيق ذَلِك. قَالَ: فراجعت رَبِّي فَوضع شطرها. قَالَ:
فَرَجَعت إِلَى مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - فَأَخْبَرته قَالَ: رَاجع
رَبك، فَإِن أمتك لَا تطِيق ذَلِك. قَالَ: فراجعت رَبِّي / فَقَالَ: هِيَ
خمس وَهِي خَمْسُونَ لَا يُبدل القَوْل لدي. قَالَ: فَرَجَعت إِلَى مُوسَى
فَقَالَ: رَاجع رَبك. فَقلت: قد استحييت من رَبِّي - عز وَجل - قَالَ: ثمَّ
انْطلق بِي [جِبْرِيل] حَتَّى نأتي سِدْرَة الْمُنْتَهى، فغشيها ألوان لَا
أَدْرِي مَا هِيَ. قَالَ: ثمَّ أدخلت الْجنَّة، فَإِذا فِيهَا جنابذ
اللُّؤْلُؤ، وَإِذا ترابها الْمسك ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا ابْن أبي عدي، عَن سعيد، عَن
قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك لَعَلَّه قَالَ: عَن مَالك بن صعصعة - رجل من
قومه - قَالَ:
(1/206)
قَالَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بَيْنَمَا أَنا عِنْد الْبَيْت بَين النَّائِم
وَالْيَقظَان إِذْ سَمِعت قَائِلا يَقُول: أحد الثَّلَاثَة بَين الرجلَيْن.
فَأتيت فَانْطَلق بِي، فَأتيت بطست من ذهب فِيهَا من مَاء زَمْزَم فشرح
صَدْرِي إِلَى كَذَا وَكَذَا - قَالَ قَتَادَة: [فَقلت] للَّذي معي: مَا
يَعْنِي؟ قَالَ: إِلَى أَسْفَل بَطْنه - فاستخرج قلبِي فَغسل بِمَاء
زَمْزَم، ثمَّ أُعِيد مَكَانَهُ، ثمَّ حشي إِيمَانًا وَحِكْمَة، ثمَّ أتيت
بِدَابَّة أَبيض، يُقَال لَهُ الْبراق، فَوق الْحمار وَدون الْبَغْل، يَقع
خطْوَة عِنْد أقْصَى طرفه، فَحملت عَلَيْهِ، ثمَّ انطلقنا حَتَّى أَتَيْنَا
السَّمَاء الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -، فَقيل: من هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيل. قيل: وَمن مَعَك؟ قَالَ:
مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ؟
قَالَ: نعم. قَالَ: فَفتح لنا وَقَالَ: مرْحَبًا ولنعم الْمَجِيء جَاءَ.
قَالَ: فأتينا على آدم ... " وسَاق الحَدِيث بِقِصَّتِهِ وَذكر أَنه لَقِي
فِي السَّمَاء الثَّانِيَة عِيسَى وَيحيى، وَفِي الثَّالِثَة يُوسُف، وَفِي
الرَّابِعَة إِدْرِيس، وَفِي الْخَامِسَة هَارُون - عَلَيْهِ السَّلَام -
قَالَ: " ثمَّ انطلقنا حَتَّى انتهينا إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة، فَأتيت
على مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - فَسلمت عَلَيْهِ فَقَالَ: مرْحَبًا
بالأخ الصَّالح وَالنَّبِيّ الصَّالح. فَلَمَّا جاوزته بَكَى، فَنُوديَ:
مَا يبكيك؟ قَالَ يَا رب، هَذَا غُلَام بعثته بعدِي يدْخل من أمته الْجنَّة
أَكثر مِمَّا يدْخل من أمتِي. قَالَ: ثمَّ انطلقنا حَتَّى انتهينا إِلَى
السَّمَاء السَّابِعَة، فَأتيت على إِبْرَاهِيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - / وَقَالَ فِي الحَدِيث: وحَدثني نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه رأى أَرْبَعَة أَنهَار، يخرج من أَصْلهَا نهران
ظاهران، ونهران باطنان، فَقلت: يَا جِبْرِيل، مَا هَذِه الْأَنْهَار؟
قَالَ: أما النهران الباطنان فنهران فِي الْجنَّة، وَأما الظاهران فالنيل
والفرات. ثمَّ رفع إِلَيّ الْبَيْت الْمَعْمُور، فَقلت: يَا جِبْرِيل، مَا
هَذَا؟ قَالَ: هَذَا الْبَيْت الْمَعْمُور يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف
ملك إِذا خَرجُوا مِنْهُ لم يعودوا فِيهِ آخر مَا عَلَيْهِم، ثمَّ أتيت
بإنائين أَحدهمَا خمر وَالْآخر لبن، فعرضا عَليّ، فاخترت اللَّبن، فَقيل:
أصبت، أصَاب الله بك أمتك على الْفطْرَة. ثمَّ فرضت عَليّ كل يَوْم
خَمْسُونَ صَلَاة ... " ثمَّ ذكر قصَّتهَا إِلَى آخر الحَدِيث.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي،
عَن
(1/207)
قَتَادَة، ثَنَا أنس بن مَالك، عَن مَالك
بن صعصعة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ:
فَذكر نَحوه وَزَاد فِيهِ: " وأتيت بطست من ذهب ممتلئ حِكْمَة وإيماناً،
فشق من النَّحْر إِلَى مراق الْبَطن، فَغسل بِمَاء زَمْزَم ثمَّ ملئ
حِكْمَة وإيماناً ".
مُسلم: حَدثنِي عبد الله بن هَاشم الْعَبْدي، حَدثنَا بهز، ثَنَا
سُلَيْمَان، ثَنَا ثَابت، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أتيت فَانْطَلقُوا بِي إِلَى
زَمْزَم، فشرح عَن صَدْرِي، ثمَّ غسل بِمَاء زَمْزَم ثمَّ أنزلت ".
الْبَزَّار: حَدثنَا [عبد الله بن أَحْمد] ، ثَنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم
الْحِمصِي، ثَنَا [عَمْرو] بن الْحَارِث، ثَنَا عبد الله بن سَالم [عَن]
الزبيدِيّ، حَدثنِي الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن [أَن] جُبَير بن نفير
حَدثهُ، حَدثنَا شَدَّاد بن أَوْس قَالَ: " قُلْنَا: يَا رَسُول الله،
كَيفَ أسرِي بك لَيْلَة أسرِي بك؟ قَالَ: صليت بِأَصْحَابِي صَلَاة
الْعَتَمَة بِمَكَّة معتماً، فَأَتَانِي جِبْرِيل بِدَابَّة بَيْضَاء فَوق
الْحمار وَدون الْبَغْل، فَقَالَ: اركب. فاستصعبت عَليّ فأدارها بأذنها
حَتَّى حَملَنِي عَلَيْهَا، فَانْطَلَقت تهوي بِنَا تضع حافرها حَيْثُ
أدْرك طرفها حَتَّى انتهينا إِلَى أَرض ذَات نخيل، فَقَالَ: انْزِلْ فَنزلت
[ثمَّ قَالَ:] صل. فَصليت، ثمَّ ركبنَا، فَقَالَ لي: أَتَدْرِي أَيْن صليت؟
قلت: الله أعلم. قَالَ: صليت بِيَثْرِب، صليت بِطيبَة. ثمَّ انْطَلَقت تهوي
بِنَا / تضع حافرها حَيْثُ أدْرك طرفها حَتَّى بلغنَا أَرضًا بَيْضَاء
فَقَالَ لي: انْزِلْ. فَنزلت. ثمَّ قَالَ لي: صل. فَصليت ثمَّ ركبنَا،
قَالَ: أَتَدْرِي أَيْن صليت؟ قلت: الله أعلم. قَالَ:
(1/208)
صليت بمدين، صليت عِنْد شَجَرَة مُوسَى.
ثمَّ انْطَلَقت تهوي بِنَا تضع حافرها - أَو يَقع حافرها - حَيْثُ أدْرك
طرفها ثمَّ ارتفعنا فَقَالَ: انْزِلْ. فَنزلت، فَقَالَ: صل. فَصليت ثمَّ
ركبنَا، فَقَالَ لي: أَتَدْرِي أَيْن صليت؟ قلت: الله أعلم. قَالَ: صليت
بَيت لحم حَيْثُ ولد عِيسَى الْمَسِيح ابْن مَرْيَم - عَلَيْهِ السَّلَام -
ثمَّ انْطلق بِي حَتَّى دَخَلنَا الْمَدِينَة من بَابهَا الثَّامِن فَأتى
قبْلَة الْمَسْجِد فَربط دَابَّته ودخلنا الْمَسْجِد من بَاب فِيهِ تميل
الشَّمْس وَالْقَمَر، فَصليت من الْمَسْجِد حَيْثُ شَاءَ الله - هَكَذَا
قَالَ ابْن [زبريق] يَعْنِي إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحِمصِي - ثمَّ أتيت
بإناءين فِي أَحدهمَا لبن وَفِي الآخر عسل أرسل إِلَيّ بهما جَمِيعًا فعدلت
بَينهمَا ثمَّ هَدَانِي الله، فَأخذت اللَّبن فَشَرِبت حَتَّى فرغت بِهِ
جبيني وَبَين يَدي شيخ متكئ، فَقَالَ: أَخذ صَاحبك الْفطْرَة - أَو قَالَ:
بالفطرة - ثمَّ انْطلق بِي حَتَّى أَتَيْنَا الْوَادي الَّذِي
بِالْمَدِينَةِ، فَإِذا جَهَنَّم تنكشف عَن مثل الزرابي. قُلْنَا: يَا
رَسُول الله، كَيفَ وَجدتهَا؟ قَالَ: مثل - وَذكر شَيْئا غَابَ عني - ثمَّ
مَرَرْنَا بعير لقريش بمَكَان كَذَا وَكَذَا قد أَضَلُّوا بَعِيرًا لَهُم،
فَسلمت عَلَيْهِم، فَقَالَ بَعضهم: هَذَا صَوت مُحَمَّد. ثمَّ أتيت
أَصْحَابِي قبل الصُّبْح بِمَكَّة، فَأَتَانِي أَبُو بكر، فَقَالَ: يَا
رَسُول الله، أَيْن كنت اللَّيْلَة؟ فقد التمستك فِي مَكَانك، فَقلت:
إِنِّي أتيت بَيت الْمُقَدّس اللَّيْلَة، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنَّه
مسيرَة شهر، فصفه لي، فَفتح لي شِرَاك كَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ لَا
يَسْأَلُونِي عَن شَيْء إِلَّا أنبأتهم عَنهُ، فَقَالَ أَبُو بكر: أشهد
أَنَّك رَسُول الله. فَقَالَ الْمُشْركُونَ: انْظُرُوا إِلَى ابْن أبي
كَبْشَة يزْعم أَنه أَتَى بَيت الْمُقَدّس اللَّيْلَة، فَقَالَ: نعم وَقد
مَرَرْت بعير لكم بمَكَان كَذَا وَكَذَا وَقد أَضَلُّوا بَعِيرًا لَهُم
بمَكَان كَذَا وَكَذَا، وَأَنا مَسِيرهمْ لكم ينزلون بِكَذَا ثمَّ كَذَا،
ثمَّ يأتونكم يَوْم / كَذَا، وَكَذَا يقدمهم جمل آدم، عَلَيْهِ مسح أسود و
(غِرَارَتَانِ) سوداوان، فَلَمَّا كَانَ ذَلِك الْيَوْم أشرف النَّاس
ينظرُونَ حَتَّى كَانَ قَرِيبا من نصف النَّهَار، حَتَّى أَقبلت العير
يقدمهم ذَلِك الْجمل، كَالَّذي وصف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - ".
(1/209)
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن
شَدَّاد بن أَوْس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد.
إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم هَذَا هُوَ ابْن الْعَلَاء بن الضَّحَّاك بن
[زبريق] الزبيدِيّ الْحِمصِي، روى عَن عَمْرو بن الْحَارِث الْحِمصِي وَبشر
بن شُعَيْب وَأبي الْمُغيرَة الزبيدِيّ، كتب عَنهُ أَبُو حَاتِم وَقَالَ:
هُوَ شيخ. وَأثْنى عَلَيْهِ ابْن معِين خيرا، وَقَالَ: لَا بَأْس بِهِ،
وَلَكنهُمْ يحسدونه.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا هَوْذَة بن خَليفَة، ثَنَا عَوْف
الْأَعرَابِي، عَن زُرَارَة بن أوفى قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لما كَانَ لَيْلَة
أسرِي بِي وأصبحت بِمَكَّة قَالَ: (فظعت بأَمْري) وَعرفت أَن النَّاس
مُكَذِّبِي، فَقعدَ رَسُول الله مُعْتَزِلا حَزينًا، فَمر بِهِ أَبُو جهل،
فجَاء حَتَّى جلس إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ: هَل كَانَ من
شَيْء؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَمَا هُوَ؟ قَالَ: إِنِّي أسرِي بِي
اللَّيْلَة. قَالَ: إِلَى أَيْن؟ قَالَ: إِلَى بَيت الْمُقَدّس.؟ قَالَ:
ثمَّ أَصبَحت بَين ظهرانينا؟ قَالَ: نعم. فَلم يره أَنه يكذبهُ مَخَافَة
أَن يجْحَد الحَدِيث إِن دَعَا قومه إِلَيْهِ قَالَ: أتحدث قَوْمك مَا
حَدَّثتنِي إِن دعوتهم إِلَيْك؟ قَالَ: نعم. قَالَ: هُنَا معشر بني لؤَي
[هَلُمَّ] . قَالَ: فنفضت الْمجَالِس حَتَّى جَاءُوا فجلسوا إِلَيْهِمَا،
فَقَالَ لَهُ: حدث قَوْمك مَا حَدَّثتنِي. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي أسرِي بِي اللَّيْلَة. قَالُوا:
إِلَى أَيْن؟ قَالَ: بَيت الْمُقَدّس. قَالُوا: ثمَّ أَصبَحت بَين
ظهرانينا؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَبين مُصدق ومصفق وَبَين وَاضع يَده على
رَأسه مستعجباً للكذب - زعم - وَقَالُوا: أتستطيع أَن تنْعَت لنا
الْمَسْجِد؟ قَالَ - وَفِي الْقَوْم من قد سَافر إِلَى تِلْكَ الْبَلَد
وَرَأى الْمَسْجِد - قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ -: / فَذَهَبت (أَنعَت) لَهُم فَمَا زلت أَنعَت لَهُم وأنعت حَتَّى
الْتبس عَليّ بعض النَّعْت، فجيء بِالْمَسْجِدِ - وَأَنا أنظر إِلَيْهِ -
حَتَّى وضع دون دَار عقيل - أَو
(1/210)
دَار عقال - فنعته وَأَنا أنظر إِلَيْهِ.
فَقَالَ الْقَوْم: أما النَّعْت وَالله قد أَصَابَهُ ".
هَوْذَة هُوَ ابْن خَليفَة بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة
أَبُو الْأَشْهب الثَّقَفِيّ، كَانَ أَحْمد بن حَنْبَل يرضاه ويتعجب من
حفظه، وَكتب عَنهُ أَبُو حَاتِم وَقَالَ: هُوَ صَدُوق.
وعَوْف هُوَ ابْن أبي جميلَة، وَاسم أبي جميلَة رزينة، وَكَانَ عَوْف يعرف
بالصدوق، وَقد روى لَهُ مُسلم وَالْبُخَارِيّ.
وَكَذَلِكَ زُرَارَة بن أوفى مَشْهُور، روى لَهُ مُسلم وَالْبُخَارِيّ.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْوَلِيد، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر،
ثَنَا عَوْف بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذَا الحَدِيث.
عبد بن حميد: أخبرنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن قَتَادَة، عَن أنس "
أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُتِي بِالْبُرَاقِ
لَيْلَة أسرِي بِهِ مسرجاً مُلجمًا، فاستصعب عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ
جِبْرِيل: أبمحمد تفعل هَذَا، فَمَا ركبك أحد أكْرم على الله مِنْهُ.
قَالَ: فَارْفض عرقاً ".
الْبَزَّار: حَدثنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد، أَنا عبد الرَّزَّاق بِهَذَا
الْإِسْنَاد أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: "
أتيت لَيْلَة أسرِي ... " فَذكر الحَدِيث.
بَاب حَيْثُ انتهي بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
لَيْلَة أسرِي بِهِ
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، ثَنَا مَالك
بن مغول.
وثنا ابْن نمير وَزُهَيْر بن حَرْب، جَمِيعًا عَن عبد الله بن نمير -
وَأَلْفَاظهمْ مُتَقَارِبَة - قَالَ ابْن نمير: ثَنَا أبي - ثَنَا مَالك بن
مغول، عَن الزبير بن عدي، عَن طَلْحَة، عَن مرّة، عَن عبد الله قَالَ: "
لما أسرِي برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، انتهي
بِهِ إِلَى
(1/211)
سِدْرَة الْمُنْتَهى وَهِي فِي السَّمَاء
السَّادِسَة، إِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يعرج بِهِ من الأَرْض فَيقبض
مِنْهَا، وإليها يَنْتَهِي مَا يهْبط بِهِ من فَوْقهَا فَيقبض مِنْهَا
قَالَ: {إِذْ يغشى السِّدْرَة مَا يغشى} قَالَ: فرَاش من ذهب. قَالَ: /
فَأعْطِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاثًا:
أعطي الصَّلَوَات الْخمس، وَأعْطِي خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة، وَغفر لمن
لم يُشْرك بِاللَّه من أمته شَيْئا الْمُقْحمَات " بِكَسْر الْحَاء: أَي
المهلكات الموردات النَّار.
بَاب ذكر من رَآهُ النَّبِي من الْأَنْبِيَاء لَيْلَة أسرِي بِهِ صلى الله
عَلَيْهِم
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار، قَالَ ابْن مثنى: ثَنَا
مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، سَمِعت أَبَا
الْعَالِيَة يَقُول: حَدثنِي ابْن عَم نَبِيكُم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - يَعْنِي ابْن عَبَّاس - قَالَ: " ذكر رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين أسرِي بِهِ، فَقَالَ: مُوسَى آدم طوال
كَأَنَّهُ من رجال شنُوءَة. وَقَالَ: عِيسَى جعد مَرْبُوع. وَذكر مَالِكًا
خَازِن جَهَنَّم، وَذكر الدَّجَّال ".
مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد، أَنا يُونُس بن مُحَمَّد، ثَنَا شَيبَان بن
عبد الرَّحْمَن، عَن قَتَادَة، عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: ثَنَا ابْن عَم
نَبِيكُم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ابْن عَبَّاس قَالَ:
قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْلَة
أسرِي بِي مَرَرْت على مُوسَى بن عمرَان: رجل آدم طوال جعد، كَأَنَّهُ من
رجال شنُوءَة، وَرَأَيْت عِيسَى ابْن مَرْيَم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - مَرْبُوع الْخلق إِلَى الْحمرَة وَالْبَيَاض، سبط الرَّأْس.
وَرَأى مَالِكًا خَازِن النَّار والدجال فِي آيَات أراهن الله إِيَّاه
{فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه} قَالَ: كَانَ قَتَادَة يُفَسِّرهَا أَن
نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد لَقِي مُوسَى -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
(1/212)
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع وَعبد بن
حميد - وتقاربا فِي اللَّفْظ - قَالَ ابْن رَافع: حَدثنَا، وَقَالَ عبد:
أَنا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي سعيد بن
الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " حِين أسرِي بِي لقِيت مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فنعته النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - فَإِذا رجل - حسبته أَنه قَالَ: - مُضْطَرب رجل الرَّأْس، كَأَنَّهُ من
رجال شنُوءَة. قَالَ: وَلَقِيت عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ -. فنعته النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَإِذا ربعَة
أَحْمَر، كَأَنَّمَا خرج من ديماس - يَعْنِي حَماما - قَالَ: وَرَأَيْت
إِبْرَاهِيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا أشبه وَلَده
بِهِ. قَالَ: فَأتيت بإناءين: فِي أَحدهمَا لبن، وَفِي الآخر خمر، فَقيل
لي: خُذ أَيهمَا / شِئْت. فَأخذت اللَّبن فَشَربته، قَالَ: هديت الْفطْرَة
- أَو أصبت الْفطْرَة أما إِنَّك لَو أخذت الْخمر، غوت أمتك ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا لَيْث.
وثنا مُحَمَّد بن رمح بن المُهَاجر، أَنا اللَّيْث، عَن أبي الزبير، عَن
جَابر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ:: "
عرض عَليّ الْأَنْبِيَاء، فَإِذا مُوسَى ضرب من الرِّجَال، كَأَنَّهُ من
رجال شنُوءَة، وَرَأَيْت عِيسَى ابْن مَرْيَم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَإِذا أقرب من رَأَيْت بِهِ شبها عُرْوَة ابْن مَسْعُود،
وَرَأَيْت إِبْرَاهِيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَإِذا
أقرب من رَأَيْت بِهِ شبها صَاحبكُم - يَعْنِي نَفسه - وَرَأَيْت جِبْرِيل
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِذا أقرب من رَأَيْت بِهِ شبها
دحْيَة " وَفِي رِوَايَة ابْن رمح: " دحْيَة بن خَليفَة ".
وَقد تقدم ذكره عَلَيْهِ السَّلَام إِدْرِيس وآدَم وَهَارُون وَيحيى -
صلوَات الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ.
(1/213)
بَاب صَلَاة النَّبِي بالأنبياء لَيْلَة
أسرِي بِهِ صلى الله عَلَيْهِم
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا حجين بن الْمثنى، ثَنَا عبد
الْعَزِيز - وَهُوَ ابْن أبي سَلمَة - عَن عبد الله بن الْفضل، عَن أبي
سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لقد رَأَيْتنِي فِي الْحجر وقريش تَسْأَلنِي عَن
مسراي، فسألتني عَن أَشْيَاء من بَيت الْمُقَدّس لم أثبتها، فكربت كربَة
مَا كربت مثله قطّ، قَالَ: فرفعه الله لي أنظر إِلَيْهِ، مَا يَسْأَلُونِي
عَن شَيْء إِلَّا أنبأتهم بِهِ، وَقد رَأَيْتنِي فِي جمَاعَة من
الْأَنْبِيَاء، فَإِذا بمُوسَى قَائِم يُصَلِّي، فَإِذا رجل ضرب جعد
كَأَنَّهُ من رجال شنُوءَة، وَإِذا بِعِيسَى ابْن مَرْيَم قَائِم يُصَلِّي،
أقرب النَّاس بِهِ شبها عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ، وَإِذا
إِبْرَاهِيم قَائِم يُصَلِّي، أشبه النَّاس بِهِ صَاحبكُم - يَعْنِي: نَفسه
- فحانت الصَّلَاة، فأممتهم، فَلَمَّا فرغت من الصَّلَاة قَالَ قَائِل: يَا
مُحَمَّد، هَذَا مَالك صَاحب النَّار، فَسلم عَلَيْهِ. فَالْتَفت إِلَيْهِ،
فبدأني بِالسَّلَامِ ".
بَاب انْقِطَاع النُّبُوَّة والرسالة بعد مُحَمَّد رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانِي، حَدثنَا
عَفَّان بن مُسلم، ثَنَا عبد الْوَاحِد - يَعْنِي ابْن زِيَاد - ثَنَا /
الْمُخْتَار بن فلفل، ثَنَا أنس بن مَالك، قَالَ: قَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الرسَالَة والنبوة قد
انْقَطَعت، فَلَا رَسُول بعدِي وَلَا نَبِي. قَالَ: فشق ذَلِك على النَّاس،
فَقَالَ: لَكِن الْمُبَشِّرَات. قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَمَا
الْمُبَشِّرَات؟ قَالَ: رُؤْيا الْمُسلم، وَهِي جُزْء من أَجزَاء
النُّبُوَّة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (صَحِيح غَرِيب) من هَذَا الْوَجْه من
حَدِيث الْمُخْتَار.
(1/214)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب
وَمُحَمّد بن عِيسَى، قَالَا: ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب، عَن أبي
قلَابَة، عَن أبي أَسمَاء، عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله زوى لي الأَرْض، فَرَأَيْت
مشارقها وَمَغَارِبهَا، وَإِن ملك أمتِي سيبلغ مَا زوي لي مِنْهَا،
وَأعْطيت الكنزين: الْأَحْمَر والأبيض، وَإِنِّي سَأَلت رَبِّي لأمتي أَن
لَا يهلكها بِسنة بعامة، لَا يُسَلط عَلَيْهِم عدوا من سوى أنفسهم، فيستبيح
بيضتهم، وَإِن رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّد، إِنِّي إِذا قضيت قَضَاء
فَإِنَّهُ لَا يرد، وَلَا أهلكهم بِسنة بعامة، وَلَا أسلط عَلَيْهِم عدوا
من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وَلَو اجْتمع عَلَيْهِم من بَين أقطارها -
أَو قَالَ ": بأقطارها - حَتَّى يكون بَعضهم يهْلك بَعْضًا، وَحَتَّى يكون
بَعضهم يسبي بَعْضًا، وَإِنَّمَا أَخَاف على أمتِي الْأَئِمَّة المضلين،
فَإِذا وضع السَّيْف فِي أمتِي لم يرفع عَنْهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة،
وَلَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يلْحق قبائل من أمتِي بالمشركين، وَحَتَّى
يعبد قبائل من أمتِي الْأَوْثَان، فَإِنَّهُ سَيكون فِي أمتِي كذابون
ثَلَاثُونَ، كلهم يزْعم أَنه نَبِي، وَأَنا خَاتم النَّبِيين، لَا نَبِي
بعدِي، وَلَا تزَال طَائِفَة من أمتِي على الْحق - قَالَ ابْن عِيسَى:
ظَاهِرين. ثمَّ اتفقَا - لَا يضرهم من خالفهم حَتَّى يَأْتِي أَمر الله ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر، قَالُوا: ثَنَا
إِسْمَاعِيل - يعنون: ابْن جَعْفَر - عَن عبد الله بن دِينَار، عَن أبي
صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - قَالَ: " مثلي وَمثل الْأَنْبِيَاء من قبلي كَمثل رجل بنى
بنياناً، فأحسنه وأجمله، إِلَّا مَوضِع لبنة من زَاوِيَة من زواياه، فَجعل
النَّاس يطوفون بِهِ ويعجبون لَهُ وَيَقُولُونَ: هلا وضعت هَذِه اللبنة؟
قَالَ: / فَأَنا اللبنة، وَأَنا خَاتم النَّبِيين ".
(1/215)
وحَدثني مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار،
قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن الحكم، عَن مُصعب
بن سعد، عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: " خلف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَليّ بن أبي طَالب فِي غَزْوَة تَبُوك، فَقَالَ:
يَا رَسُول الله، تخلفني فِي النِّسَاء وَالصبيان؟ فَقَالَ: أما ترْضى أَن
تكون مني بِمَنْزِلَة هَارُون من مُوسَى، غير أَنه لَا نَبِي بعدِي ".
بَاب قَول الله تَعَالَى {وَللَّه الْأَسْمَاء الْحسنى فَادعوهُ بهَا}
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب وَابْن أبي عمر،
جَمِيعًا عَن سُفْيَان - وَاللَّفْظ لعَمْرو قَالَ: ثَنَا سُفْيَان بن
عُيَيْنَة - عَن ابي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لله - عز وَجل -
تِسْعَة وَتسْعُونَ اسْما من حفظهَا دخل الْجنَّة، إِن الله وتر يحب الْوتر
" وَفِي رِوَايَة ابْن أبي عمر " من أحصاها ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن
أَيُّوب، عَن ابْن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة، وَعَن همام، عَن أبي
هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: "
إِن لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما مائَة إِلَّا وَاحِدَة، من أحصاها دخل
الْجنَّة ". وَزَاد همام، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّه وتر يحب الْوتر ".
بَاب مَا أحصي من أَسْمَائِهِ فِي الْقُرْآن
الله، الرَّحْمَن، الرَّحِيم، الْعَلِيم، الْكَرِيم، الْحَكِيم، الْحَيّ،
القيوم،
(1/216)
[الأكرم] ، الْعَظِيم، السَّلَام، التواب،
الرب، الْوَهَّاب، الْإِلَه، الْملك، القدوس، السَّمِيع، الْبَصِير،
الْعَزِيز، الأول، الآخر، الظَّاهِر، الْبَاطِن، الْخَبِير، الْكَبِير،
الْقَدِير، الغفور، القاهر، الْغفار، الْجَبَّار، المتكبر، المصور، الْبر،
الْخَالِق، البارئ، الْعلي، الْغَنِيّ، الْوَلِيّ، الْقوي، الحميد،
الْمجِيد، الْوَدُود، الصَّمد، / الْوَاحِد، القهار، الْأَعْلَى، المتعالى،
الخلاق، الرَّزَّاق، الْحق، الْمُبين، اللَّطِيف، الفتاح، المتين،
الْمُؤمن، الْمُهَيْمِن، قريب، مُجيب، مليك، وَاسع، شَاكر، شكور، مقتدر،
رءوف، غَفُور، حَلِيم.
بَاب مَا ورد من أَسْمَائِهِ تَعَالَى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْمه السَّيِّد
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُحَمَّد، ثَنَا
شُعْبَة، عَن قَتَادَة، سَمِعت مطرفاً - هُوَ ابْن عبد الله بن الشخير -
عَن أَبِيه قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: أَنْت سيد قُرَيْش. فَقَالَ: السَّيِّد الله.
قَالَ: أَنْت أفضلهَا قولا وَأَعْظَمهَا فِيهَا طولا. قَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ليقل أحدكُم بقوله، وَلَا يستجره
الشَّيْطَان - أَو الشَّيَاطِين ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا حميد بن مسْعدَة، عَن بشر بن الْمفضل، ثَنَا أَبُو
سَلمَة، عَن أبي نَضرة، عَن مطرف قَالَ: قَالَ أبي: " انْطَلَقت فِي وَفد
من بني عَامر إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قَالُوا: أَنْت سيدنَا. قَالَ: السَّيِّد الله قَالُوا: وأفضلنا فضلا ...
". فَذكر نَحوه.
اسْمه الحكم سُبْحَانَهُ
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الرّبيع بن نَافِع، عَن يزِيد - يَعْنِي: ابْن
الْمِقْدَام بن
(1/217)
شُرَيْح - عَن أَبِيه، عَن جده شُرَيْح،
عَن أَبِيه هَانِئ " أَنه لما وَفد إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة مَعَ قومه سمعهم يكنونه بِأبي الحكم،
فَدَعَاهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ:
إِن الله هُوَ الحكم وَإِلَيْهِ الحكم، فَلم تكنى أَبَا الحكم؟ قَالَ: إِن
قومِي إِذا اخْتلفُوا فِي شَيْء أَتَوْنِي، فحكمت بَينهم فَرضِي كلا
الْفَرِيقَيْنِ. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
-: مَا أحسن هَذَا قَالَ: فَمَا لَك من الْوَلَد؟ قَالَ: لي شُرَيْح
وَمُسلم وَعبد الله. قَالَ: فَمن أكبرهم؟ قَالَ: قلت: شُرَيْح. قَالَ:
فَأَنت أَبُو شُرَيْح ".
اسْمه المسعر والقابض والباسط
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا الْحجَّاج بن الْمنْهَال،
ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن قَتَادَة وثابت وَحميد، عَن أنس قَالَ: " غلا
السّعر على عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، سعر لنا. فَقَالَ: إِن الله هُوَ المسعر
الْقَابِض، الباسط الرَّزَّاق، إِنِّي لأرجو أَن ألْقى رَبِّي، وَلَيْسَ
أحد مِنْكُم يطالبني بمظلمة فِي دم وَلَا مَال ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
اسْمه الْأَحَد سُبْحَانَهُ
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب أَنا أَبُو الزِّنَاد،
عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قَالَ الله - عز وَجل -: كَذبَنِي ابْن آدم
وَلم يكن لَهُ ذَلِك، وَشَتَمَنِي وَلم يكن لَهُ ذَلِك، فَأَما تَكْذِيبه
إيَّايَ فَقَوله: لن يُعِيدنِي كَمَا بَدَأَنِي، وَلَيْسَ أول الْخلق
بِأَهْوَن عَليّ من إِعَادَته، وَأما شَتمه إيَّايَ فَقَوله: اتخذ الله
ولدا، وَأَنا الْأَحَد الصَّمد (لم يلد وَلم يُولد) وَلم يكن لي كفوا أحد
".
(1/218)
اسْمه الْحَلِيم سُبْحَانَهُ
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا هِشَام، ثَنَا
قَتَادَة، عَن أبي الْعَالِيَة، عَن أبن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدْعُو عِنْد الكرب: لَا إِلَه
إِلَّا الله الْعَظِيم الْحَلِيم، لَا إِلَه إِلَّا الله رب السَّمَاوَات
وَالْأَرْض وَرب الْعَرْش الْعَظِيم ".
اسْمه الْمُقدم والمؤخر
البُخَارِيّ: حَدثنِي عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا سُفْيَان، سَمِعت
سُلَيْمَان بن أبي مُسلم، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس " كَانَ النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قَامَ من اللَّيْل يتهجد قَالَ:
اللَّهُمَّ لَك الْحَمد أَنْت نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ،
وَلَك الْحَمد أَنْت قيم السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ، وَلَك
الْحَمد أَنْت الْحق، وَوَعدك حق، وقولك حق، ولقاؤك حق، وَالْجنَّة حق،
وَالنَّار حق، والساعة حق، والنبيون حق، وَمُحَمّد حق، اللَّهُمَّ لَك
أسلمت، وَعَلَيْك توكلت، وَبِك آمَنت، وَإِلَيْك أنبت، وَبِك خَاصَمت،
وَإِلَيْك حاكمت، فَأغْفِر لي مَا قدمت وَمَا أخرت، وَمَا أسررت وَمَا
أعلنت، أَنْت الْمُقدم وَأَنت الْمُؤخر، لَا إِلَه إِلَّا أَنْت - أَو لَا
إِلَه غَيْرك ".
اسْمه الرب
مُسلم: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو بكر بن ابي شيبَة وَزُهَيْر بن
حَرْب، قَالُوا: ثَنَا سُفْيَان / بن عُيَيْنَة، أَخْبرنِي سُلَيْمَان بن
سحيم، عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن معبد، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس
قَالَ: " كشف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الستارة
وَالنَّاس صُفُوف خلف أبي بكر، فَقَالَ: أَيهَا النَّاس، إِنَّه لم يبْق من
مُبَشِّرَات النُّبُوَّة
(1/219)
إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا
الْمُسلم أَو ترى لَهُ، أَلا وَإِنِّي نهيت أَن اقْرَأ الْقُرْآن رَاكِعا
أَو سَاجِدا، فَأَما الرُّكُوع فَعَظمُوا فِيهِ الرب، وَأما السُّجُود
فاجتهدوا فِي الدُّعَاء، فقمن أَن يُسْتَجَاب لكم ". قَالَ أَبُو بكر:
ثَنَا سُفْيَان، عَن سُلَيْمَان.
اسْمه الْمُعْطِي
البُخَارِيّ: حَدثنَا حبَان، أَنا عبد الله، عَن يُونُس، عَن الزُّهْرِيّ،
عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن أَنه سمع مُعَاوِيَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من يرد الله بِهِ خيرا يفقهه
فِي الدَّين، وَالله الْمُعْطِي وَأَنا الْقَاسِم، وَلَا تزَال هَذِه
الْأمة ظَاهِرين على من خالفهم حَتَّى يَأْتِي أَمر الله وهم ظاهرون ".
اسْمه الشافي
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا عبد الْوَارِث بن سعيد، عَن عبد
الْعَزِيز قَالَ: " دخلت أَنا وثابت على أنس بن مَالك، فَقَالَ ثَابت: يَا
أَبَا حَمْزَة، اشتكيت. فَقَالَ أنس: أَلا أرقيك برقية رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ: بلَى. قَالَ: اللَّهُمَّ رب
النَّاس، مَذْهَب الباس، اشف أَنْت الشافي، لَا شافي إِلَّا أَنْت، شِفَاء
لَا يُغَادر سقماً ".
لم يقل مُسلم بن الْحجَّاج فِي شَيْء من طرق هَذَا الحَدِيث: " مَذْهَب
الباس ".
اسْمه تَعَالَى سبوح قدوس
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، حَدثنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا شُعْبَة،
أَخْبرنِي
(1/220)
قَتَادَة قَالَ: سَمِعت مطرف بن عبد الله
بن الشخير.
قَالَ أَبُو دَاوُد: وحَدثني هِشَام، عَن قَتَادَة، عَن مطرف، عَن عَائِشَة
" أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول
فِي رُكُوعه وَسُجُوده: سبوح قدوس رب الْمَلَائِكَة وَالروح ".
اسْمه وتر سُبْحَانَهُ
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا سُفْيَان، قَالَ: حفظناه من
أبي / الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة رِوَايَة قَالَ: " لله
تِسْعَة وَتسْعُونَ اسْما مائَة إِلَّا وَاحِدَة، لَا يحفظها أحد إِلَّا
دخل الْجنَّة، وَهُوَ وتر يحب الْوتر ".
اسْمه طيب سُبْحَانَهُ
مُسلم: حَدثنِي أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا أَبُو أُسَامَة،
ثَنَا فُضَيْل بن مَرْزُوق، حَدثنِي عدي بن ثَابت، عَن أبي حَازِم، عَن أبي
هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
-: " أَيهَا النَّاس، إِن الله طيب لَا يقبل إِلَّا طيبا، وَإِن الله أَمر
الْمُؤمنِينَ بِمَا أَمر بِهِ الْمُرْسلين قَالَ: {يَا أَيهَا الرُّسُل
كلوا من طَيّبَات وَاعْمَلُوا صَالحا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عليم}
وَقَالَ: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كلوا من طَيّبَات مَا رزقناكم} ثمَّ
ذكر الرجل يُطِيل السّفر، أَشْعَث أغبر، يمد يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء: يَا
رب يَا رب. ومطعمه حرَام، ومشربه حرَام، وملبسه حرَام، وغذي بالحرام، فَأنى
يُسْتَجَاب لذَلِك؟ ! ".
(1/221)
اسْمه رَفِيق
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى التجِيبِي، أخبرنَا عبد الله بن وهب،
أَخْبرنِي حَيْوَة، حَدثنِي ابْن الْهَاد، عَن أبي بكر بن حزم، عَن عمْرَة
بنت عبد الرَّحْمَن، عَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قَالَ: " يَا عَائِشَة، إِن الله رَفِيق يحب الرِّفْق، وَيُعْطِي على
الرِّفْق مَا لَا يُعْطي على العنف، وَمَا لَا يُعْطي على مَا سواهُ ".
اسه جميل سُبْحَانَهُ
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَمُحَمّد بن بشار، جَمِيعًا عَن يحيى بن
حَمَّاد - قَالَ ابْن الْمثنى: حَدثنِي يحيى بن حَمَّاد - أَنا شُعْبَة،
عَن أبان بن تغلب، عَن فُضَيْل الْفُقيْمِي، عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ،
عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله بن مَسْعُود، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله جميل يحب الْجمال ". مُخْتَصر من
حَدِيث قد تقدم.
اسْمه محسان سُبْحَانَهُ
روى أَبُو مُحَمَّد بن حزم قَالَ: كتب إِلَيّ أَبُو المرجا الْحسن بن زروان
الْمصْرِيّ، حَدثنَا أَبُو الْحسن الرَّحبِي، ثَنَا أَبُو مُسلم الْكَاتِب،
ثَنَا أَبُو الْحُسَيْن عبد الله ابْن أَحْمد بن مُحَمَّد الْمُغلس، ثَنَا
يُوسُف بن يَعْقُوب، ثَنَا سُلَيْمَان / بن حَرْب الواشحي، ثَنَا حَمَّاد
بن زيد، عَن أَيُّوب - هُوَ السّخْتِيَانِيّ - عَن أبي قلَابَة، عَن
شَدَّاد بن أَوْس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " إِن الله محسان، فَأحْسنُوا ... " وَذكر بَاقِي الحَدِيث.
(1/222)
الطَّبِيب
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا ابْن إِدْرِيس، سَمِعت
ابْن أبجر، عَن إياد بن لَقِيط، عَن أبي رمثة فِي خبر ذكره " أَنه انْطلق
مَعَ أَبِيه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ:
فَقَالَ لَهُ: أَرِنِي هَذَا الَّذِي بظهرك، فَإِنِّي رجل طَبِيب. قَالَ:
الله الطَّبِيب، بل أَنْت رجل رَفِيق، طبيبها الَّذِي خلقهَا ".
بَاب من جعل الدَّهْر اسْما من أَسمَاء الله تَعَالَى
مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد، أَنا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن
الزُّهْرِيّ، عَن ابْن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قَالَ الله: يُؤْذِينِي
ابْن آدم يَقُول: يَا خيبة الدَّهْر، فَلَا يَقُولَن أحدكُم: يَا خيبة
الدَّهْر؛ فَإِنِّي أَنا الدَّهْر أقلب ليله ونهاره، فَإِذا شِئْت قبضتهما
".
مُسلم: حَدثنِي قُتَيْبَة، حَدثنَا الْمُغيرَة، عَن أبي الزِّنَاد، عَن
الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يَقُولَن أحدكُم: يَا خيبة الدَّهْر، فَإِن الله
هُوَ الدَّهْر ".
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَابْن أبي عمر - وَاللَّفْظ
لِابْنِ أبي عمر - قَالَ إِسْحَاق: أخبرنَا، وَقَالَ ابْن أبي عمر: ثَنَا
سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن ابْن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة أَن
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قَالَ: "
قَالَ الله - عز وَجل -: يُؤْذِينِي ابْن آدم، يسب الدَّهْر، وَأَنا
الدَّهْر أقلب اللَّيْل وَالنَّهَار ".
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن عَمْرو أَبُو الطَّاهِر وحرملة بن يحيى، قَالَا:
(1/223)
أخبرنَا ابْن وهب، أَنا يُونُس، عَن ابْن
شهَاب، أَخْبرنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: قَالَ أَبُو
هُرَيْرَة: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
يَقُول: " قَالَ الله - عز وَجل -: يسب ابْن آدم الدَّهْر، وَأَنا
الدَّهْر، بيَدي اللَّيْل وَالنَّهَار ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن / حَرْب، ثَنَا جرير، عَن هِشَام، عَن ابْن
سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تسبوا الدَّهْر، فَإِن الله هُوَ الدَّهْر ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب الْجوزجَاني، حَدثنِي
صَفْوَان بن صَالح، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا شُعَيْب بن أبي
حَمْزَة، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن لله
تِسْعَة وَتِسْعين اسْما من أحصاها دخل الْجنَّة، هُوَ الله الَّذِي لَا
إِلَه إِلَّا هُوَ، الرَّحْمَن، الرَّحِيم، الْملك، القدوس، السَّلَام،
الْمُؤمن، الْمُهَيْمِن، الْعَزِيز، الْجَبَّار، المتكبر، الْخَالِق،
البارئ، المصور، الْغفار، القهار، الْوَهَّاب، الرَّزَّاق، الفتاح،
الْعَلِيم، الْقَابِض، الباسط، الْخَافِض، الرافع، الْمعز، المذل،
السَّمِيع، الْبَصِير، الحكم، الْعدْل، اللَّطِيف، الْخَبِير، الحيلم،
الْعَظِيم، الغفور، الشكُور، الْعلي، الْكَبِير، الحفيظ، المقيت، الحسيب،
الْجَلِيل، الْكَرِيم، الرَّقِيب، الْمُجيب، الْوَاسِع، الْحَكِيم،
الْوَدُود، الْمجِيد، الْبَاعِث، الشَّهِيد، الْحق، الْوَكِيل، الْقوي،
المتين، الْوَلِيّ، الحميد، المحصي، المبدئ، المعيد، المحيي، المميت،
الْحَيّ، القيوم، الْوَاجِد، الْمَاجِد، الْوَاحِد، الْأَحَد، الصَّمد،
الْقَادِر، المقتدر، الْمُقدم، الْمُؤخر، الأول، الآخر، الظَّاهِر،
الْبَاطِن، الْوَالِي، المتعالي، الْبر، التواب، المنتقم، الْعَفو، الرءوف،
مَالك الْمُلُوك، ذُو الْجلَال وَالْإِكْرَام، المقسط، الْجَامِع،
الْغَنِيّ، الْمُغنِي، الْمَانِع، الضار النافع، النُّور، الْهَادِي،
البديع، الْبَاقِي، الْوَارِث، الرشيد، الصبور ".
(1/224)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب،
حَدثنَا بِهِ غير وَاحِد عَن صَفْوَان بن صَالح، وَلَا نعرفه إِلَّا من
حَدِيث صَفْوَان بن صَالح، وَهُوَ ثِقَة عِنْد أهل الحَدِيث، وَقد رُوِيَ
هَذَا الحَدِيث من غير وَجه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لَا نعلم فِي كثير / شَيْء من الرِّوَايَات
لَهُ إِسْنَاد صَحِيح ذكر الْأَسْمَاء إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث.
بَاب قَول الله عز وَجل {وَكَانَ الله سميعاً بَصيرًا}
البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن
أَيُّوب، عَن أبي عُثْمَان، عَن أبي مُوسَى قَالَ: " كُنَّا مَعَ النَّبِي
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سفر، فَكُنَّا إِذا علونا
كبرنا، فَقَالَ: [أَيهَا النَّاس] أربعوا على أَنفسكُم، فَإِنَّكُم لَا
تدعون أَصمّ وَلَا غَائِبا [وَلَكِن] تدعون سميعاً بَصيرًا قَرِيبا. ثمَّ
أَتَى عَليّ وَأَنا أَقُول فِي نَفسِي: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا
بِاللَّه، فَقَالَ: يَا عبد الله بن قيس، قل: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا
بِاللَّه؛ فَإِنَّهَا كنز من كنوز الْجنَّة - أَو قَالَ: أَلا أدلك ... "
بِهِ.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل وَأَبُو
مُعَاوِيَة، عَن عَاصِم، عَن أبي عُثْمَان، عَن أبي مُوسَى قَالَ:: "
كُنَّا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سفر،
فَجعل النَّاس يجهرون بِالتَّكْبِيرِ، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: [أَيهَا النَّاس] أربعوا على أَنفسكُم، إِنَّكُم
لَيْسَ تدعون أَصمّ وَلَا غَائِبا، إِنَّكُم تَدعُونَهُ سميعاً قَرِيبا،
وَهُوَ مَعكُمْ. قَالَ: وَأَنا خَلفه وَأَنا أَقُول: لَا حول وَلَا قُوَّة
إِلَّا بِاللَّه، فَقَالَ: يَا عبد الله بن قيس، أَلا أدلك على كنز من كنوز
الْجنَّة؟ فَقلت: بلَى يَا رَسُول الله، قَالَ: لَا حول وَلَا قُوَّة
إِلَّا بِاللَّه ".
(1/225)
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر أَحْمد بن
عَمْرو بن سرح وحرملة بن يحيى وَعَمْرو بن سَواد العامري - وَأَلْفَاظهمْ
مُتَقَارِبَة - قَالُوا: ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن
شهَاب، حَدثنِي عُرْوَة بن الزبير، أَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حدثته أَنَّهَا قَالَت لرَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا رَسُول الله، هَل آتى عَلَيْك
يَوْم كَانَ أَشد من يَوْم أحد؟ قَالَ: لقد لقِيت من قَوْمك، وَكَانَ أَشد
مَا لقِيت مِنْهُم يَوْم الْعقبَة، إِذْ عرضت نَفسِي على ابْن عبد ياليل بن
عبد كلال، فَلم يجبني إِلَى مَا أردْت، فَانْطَلَقت وَأَنا مهموم على
وَجْهي، فَلم استفق إِلَّا بقرن الثعالب، فَرفعت رَأْسِي، فَإِذا أَنا
بسحابة قد أظلتني، فَنَظَرت فَإِذا فِيهَا جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام -
فناداني، فَقَالَ: إِن الله قد سمع قَول قَوْمك لَك، وَمَا رودا عَلَيْك،
وَقد بعث إِلَيْك / ملك الْجبَال لتأمره بِمَا شِئْت فيهم. قَالَ: فناداني
ملك الْجبَال، وَسلم عَليّ، ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد، إِن الله قد سمع
قَول قَوْمك لَك، وَأَنا ملك الْجبَال وَقد بَعَثَنِي رَبك إِلَيْك،
لتأمرني بِأَمْرك مَا شِئْت، إِن شِئْت أَن أطبق عَلَيْهِم الأخشبين،
فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بل أَرْجُو
أَن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وَحده لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ، حَدثنِي أبي، ثَنَا كهمس، عَن
ابْن بُرَيْدَة، عَن يحيى بن يعمر قَالَ: " كَانَ أول من قَالَ فِي الْقدر
بِالْبَصْرَةِ معبد الْجُهَنِيّ، فَانْطَلَقت أَنا وَحميد بن عبد
الرَّحْمَن الْحِمْيَرِي حاجين أَو معتمرين، فَقُلْنَا: لَو لَقينَا احداً
من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -،
فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُول هَؤُلَاءِ فِي الْقدر، فوفق لنا عبد الله بن
عمر دَاخِلا الْمَسْجِد، فاكتنفته أَنا وصاحبي، فَظَنَنْت أَن صَاحِبي سيكل
الْكَلَام إِلَيّ، فَقلت: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن، إِنَّه قد ظهر قبلنَا
نَاس يقرءُون الْقُرْآن ويتقفرون الْعلم، يَزْعمُونَ أَن لَا قدر،
وَالْأَمر أنف، فَقَالَ: إِذا لقِيت أُولَئِكَ فَأخْبرهُم أَنِّي بَرِيء
مِنْهُم وهم برَاء مني، وَالَّذِي يحلف بِهِ عبد الله بن عمر، لَو أَن
لأَحَدهم مثل أحد ذَهَبا فأنفقه مَا قبله الله مِنْهُ حَتَّى يُؤمن
بِالْقدرِ. قُم قَالَ: حَدثنِي
(1/226)
عمر بن الْخطاب قَالَ: بَيْنَمَا نَحن
عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، إِذْ طلع علينا
رجل شَدِيد بَيَاض الثِّيَاب، شَدِيد سَواد الشّعْر، لَا يرى عَلَيْهِ أثر
السّفر وَلَا نعرفه، حَتَّى جلس إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -، فأسند رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوضع كفيه على
فَخذيهِ، ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد، أَخْبرنِي عَن الْإِسْلَام. قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْإِسْلَام أَن تشهد
أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن [مُحَمَّدًا] رَسُول الله، وتقيم
الصَّلَاة، وتؤتي الزَّكَاة، وتصوم رَمَضَان، وتحج الْبَيْت إِن اسْتَطَعْت
إِلَيْهِ سَبِيلا. قَالَ: صدقت. قَالَ: فعجبنا لَهُ يسْأَله ويصدقه، قَالَ:
فَأَخْبرنِي عَن الْإِيمَان؟ قَالَ: أَن تؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته،
وَكتبه وَرُسُله، وَالْيَوْم الآخر، وتؤمن بِالْقدرِ خَيره وشره. قَالَ:
صدقت. قَالَ /: فَأَخْبرنِي عَن الْإِحْسَان. قَالَ: أَن تعبد الله عز وَجل
- كَأَنَّك ترَاهُ، فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك قَالَ: فَأَخْبرنِي
عَن السَّاعَة. قَالَ: مَا الْمَسْئُول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل.
قَالَ: فَأَخْبرنِي عَن أماراتها. قَالَ: أَن تَلد الْأمة ربتها، وَأَن ترى
الحفاة العراة العالة رعاء الشَّاء يتطاولون فِي الْبُنيان. قَالَ: ثمَّ
انْطلق، فَلَبثت مَلِيًّا، ثمَّ قَالَ: يَا عمر، أَتَدْرِي من السَّائِل؟
قلت: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: فَإِنَّهُ جِبْرِيل أَتَاكُم يعلمكم
دينكُمْ ".
بَاب قَوْله تَعَالَى {وَكَانَ الله على كل شَيْء قَدِيرًا}
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر، ثَنَا معن بن عِيسَى،
حَدثنِي عبد الرَّحْمَن ابْن أبي الموَالِي، سَمِعت مُحَمَّد بن
الْمُنْكَدر يحدث عبد الله بن الْحسن يَقُول: أَخْبرنِي جَابر بن عبد الله
السّلمِيّ قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - يعلم أَصْحَابه الاستخارة فِي الْأُمُور كلهَا كَمَا يعلمهُمْ
السُّورَة من الْقُرْآن يَقُول: إِذا هم أحدكُم بِالْأَمر، فليركع
رَكْعَتَيْنِ من غير الْفَرِيضَة ثمَّ ليقل: اللَّهُمَّ إِنِّي أستخيرك
بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وَأَسْأَلك من فضلك، فَإنَّك تقدر وَلَا أقدر،
وَتعلم وَلَا أعلم
(1/227)
وَأَنت علام الغيوب ... " وَذكر الحَدِيث.
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن الْمسيب بن
رَافع، عَن وراد مولى الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: " كتب الْمُغيرَة إِلَى
مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول فِي دبر كل صَلَاة إِذا سلم: لَا إِلَه إِلَّا
الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء
قدير، اللَّهُمَّ لَا مَانع لما أَعْطَيْت وَلَا معطي لما منعت وَلَا ينفع
ذَا الْجد مِنْك الْجد ".
بَاب قَوْله تَعَالَى {وتوكل على الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت}
مُسلم: حَدثنَا حجاج بن الشَّاعِر، ثَنَا عبد الله بن عَمْرو أَبُو معمر،
ثَنَا عبد الْوَارِث، حَدثنَا الْحُسَيْن، حَدثنِي ابْن بُرَيْدَة، عَن
يحيى بن يعمر، عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول: " اللَّهُمَّ لَك / أسلمت، وَبِك أمنت،
وَعَلَيْك توكلت، وَإِلَيْك أنبت، وَبِك خَاصَمت، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ
بعزتك - لَا إِلَه إِلَّا أَنْت - أَن تضلني، أَنْت الْحَيّ الَّذِي لَا
يَمُوت، وَالْجِنّ وَالْإِنْس يموتون ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن سَلام، ثَنَا زيد بن
الْحباب، أَخْبرنِي عُثْمَان بن موهب الْهَاشِمِي، سَمِعت أنس بن مَالك
يَقُول: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لفاطمة: "
مَا يمنعك أَن تسمعي مَا أوصيك بِهِ، أَن تقولي إِذا أَصبَحت وأمسيت:
(1/228)
يَا حَيّ يَا قيوم، بِرَحْمَتك أستغيث،
أصلح لي شأني كُله، وَلَا تَكِلنِي إِلَى نَفسِي طرفَة عين ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عقيل، أَنا حَفْص، حَدثنِي إِبْرَاهِيم،
عَن الْحجَّاج بن الْحجَّاج، عَن قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك أَنه قَالَ: "
كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدْعُو: يَا
حَيّ يَا قيوم ". وَفِي لفظ آخر: " أَي حَيّ، أَي قيوم ".
بَاب قَول تَعَالَى {فَأَجره حَتَّى يسمع كَلَام الله}
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير، أَنا إِسْرَائِيل، ثَنَا عُثْمَان
بن الْمُغيرَة، عَن سَالم، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " كَانَ رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعرض نَفسه على النَّاس
بالموقف، فَقَالَ: أَلا رجل يحملني إِلَى قومه، فَإِن قُريْشًا قد
مَنَعُونِي أَن أبلغ كَلَام رَبِّي - عز وَجل ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا مُحَمَّد بن كثير
بِإِسْنَادِهِ مثله. قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب صَحِيح.
روى التِّرْمِذِيّ حَدِيث أبي سعيد: " فضل كَلَام الله على سَائِر
الْكَلَام كفضل الله على خلقه ".
فِي رُوَاته مُحَمَّد بن الْحسن بن أبي يزِيد الْهَمدَانِي وَهُوَ ضَعِيف
جدا، ضعفه أَحْمد بن حَنْبَل، وَقَالَ أَبُو حَاتِم فِي: لَيْسَ
بِالْقَوِيّ. وَكذبه يحيى بن معِين،
(1/229)
وَقَالَ: لَيْسَ بِثِقَة.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور،
عَن الْمنْهَال، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعوذ الْحسن وَالْحُسَيْن
وَيَقُول: إِن أَبَاكُمَا كَانَ يعوذ بهما إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق أعوذ
بِكَلِمَات الله التَّامَّة من كل شَيْطَان / وَهَامة وَمن كل عين لَامة ".
بَاب قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا تكلم
الله بِالْوَحْي " وَقَوله تَعَالَى {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم قَالُوا
مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير}
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، قَالَ: ثَنَا سُفْيَان، عَن
عَمْرو، عَن عِكْرِمَة، عَن أبي هُرَيْرَة يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا قضى الله الْأَمر فِي
السَّمَاء، ضربت الْمَلَائِكَة بأجنحتها خضعاناً لقَوْله، كَأَنَّهُ سلسلة
على صَفْوَان - قَالَ عَليّ: وَقَالَ غَيره: صَفْوَان ينفذهم ذَلِك -
فَإِذا فزع عَن قُلُوبهم قَالُوا: مَاذَا قَالَ ربكُم؟ قَالُوا: الْحق
وَهُوَ الْعلي الْكَبِير ".
قَالَ عَليّ: وَقَالَ سُفْيَان: ثَنَا عَمْرو، عَن عِكْرِمَة، عَن أبي
هُرَيْرَة بِهَذَا.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن أبي سُرَيج الرَّازِيّ وَعلي بن
الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم وَعلي بن مُسلم، قَالُوا: ثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَة، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن مُسلم، عَن
(1/230)
مَسْرُوق، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا تكلم الله
بِالْوَحْي سمع أهل السَّمَاء للسماء صلصة كجر السلسة على الصَّفَا،
فيصعقون، فَلَا يزالون كَذَلِك حَتَّى يَأْتِيهم جِبْرِيل - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، حَتَّى إِذا جَاءَهُم جِبْرِيل - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فزع عَن قُلُوبهم، قَالَ: فَيَقُولُونَ: يَا
جِبْرِيل، مَاذَا قَالَ رَبنَا؟ فَيَقُول: الْحق. قَالَ: فَيَقُولُونَ:
الْحق الْحق ".
بَاب قَول الله تَعَالَى {وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا وَحيا
أَو من وَرَاء حجاب}
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن صَالح، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي هِشَام
بن سعد، عَن زيد بن أسلم، عَن أَبِيه، عَن عمر بن الْخطاب - رَحمَه الله -
قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن
مُوسَى قَالَ: يَا رب، أَرِنِي آدم الَّذِي أخرجنَا وَنَفسه من الْجنَّة.
فَأرَاهُ الله آدم، فَقَالَ لَهُ: أَنْت أَبونَا آدم؟ فَقَالَ لَهُ آدم:
نعم. قَالَ: أَنْت الَّذِي نفخ [الله] فِيك من روحه، وعلمك الْأَسْمَاء
كلهَا وَأمر الْمَلَائِكَة فسجدوا لَك؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَمَا حملك على
أَن أخرجتنا ونفسك من الْجنَّة؟ قَالَ لَهُ آدم: وَمن أَنْت؟ قَالَ: أَنا
مُوسَى. قَالَ: أَنْت نَبِي بني إِسْرَائِيل الَّذِي كلمك الله من وَرَاء
حجاب: لم يَجْعَل بَيْنك وَبَينه رَسُولا من خلقه؟ قَالَ: نعم: قَالَ:
فَمَا وجدت / أَن ذَلِك [كَانَ] فِي كتاب الله - عز وَجل - قبل أَن أخلق؟
قَالَ: نعم. قَالَ: فَبِمَ تلومني فِي شَيْء سبق من الله فِيهِ الْقَضَاء
قبلي؟ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
عِنْد ذَلِك: فحج آدم مُوسَى " مُخْتَصر.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب، قَالَا: ثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَة، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن أبي عُبَيْدَة، عَن
أبي مُوسَى قَالَ: " قَامَ
(1/231)
فِينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِخمْس كَلِمَات، فَقَالَ: إِن الله - عز وَجل - لَا
ينَام وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن ينَام، يخْفض الْقسْط وَيَرْفَعهُ، يرفع
إِلَيْهِ عمل اللَّيْل قبل النَّهَار، وَعمل النَّهَار قبل عمل اللَّيْل،
حجابه النُّور - وَفِي رِوَايَة أبي بكر: النَّار - لَو كشفه لأحرقت سبحات
وَجهه مَا انْتهى إِلَيْهِ بَصَره من خلقه ". وَفِي رِوَايَة أبي بكر: "
عَن الْأَعْمَش " وَلم يقل: ثَنَا.
بَاب قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " مَا مِنْكُم
من أحد إِلَّا سيكلمه الله تَعَالَى "
البُخَارِيّ: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، حَدثنِي
الْأَعْمَش، عَن خَيْثَمَة، عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: قَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا سيكلمه
ربه، لَيْسَ بَينه وَبَينه ترجمان وَلَا حجاب يَحْجُبهُ ".
مُسلم: حَدثنَا عَليّ بن حجر السَّعْدِيّ وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعلي
بن خشرم، قَالَ ابْن حجر: حَدثنَا، وَقَالَ الْآخرَانِ: أخبرنَا عِيسَى بن
يُونُس، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن خَيْثَمَة، عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا مِنْكُم من أحد
إِلَّا سيكلمه الله - تَعَالَى - لَيْسَ بَينه وَبَينه ترجمان، فَينْظر
أَيمن مِنْهُ فَلَا يرى إِلَّا مَا قدم، وَينظر أشأم مِنْهُ فَلَا يرى
إِلَّا مَا قدم، وَينظر بَين يَدَيْهِ فَلَا يرى إِلَّا النَّار تِلْقَاء
وَجهه، فَاتَّقُوا النَّار وَلَو بشق تَمْرَة ".
وَزَاد ابْن حجر قَالَ: قَالَ الْأَعْمَش: وحَدثني عَمْرو بن مرّة، عَن
خَيْثَمَة مثله، وَزَاد فِيهِ: " وَلَو بِكَلِمَة طيبَة ".
(1/232)
وَقَالَ إِسْحَاق: قَالَ الْأَعْمَش: عَن
عَمْرو بن مرّة، عَن خَيْثَمَة.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا أَبُو عَاصِم النَّبِيل،
أَنا سَعْدَان ابْن بشر، ثَنَا أَبُو مُجَاهِد، ثَنَا مَحل بن خَليفَة
الطَّائِي، قَالَ: سَمِعت عدي بن حَاتِم يَقُول: " كنت عِنْد رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجَاءَهُ رجلَانِ: أَحدهمَا يشكو
الْعيلَة، وَالْآخر / يشكو قطع السَّبِيل. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أما قطع السَّبِيل فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي
عَلَيْك إِلَّا قَلِيل حَتَّى تخرج العير إِلَى مَكَّة بِغَيْر خفير، وَأما
الْعيلَة فَإِن السَّاعَة لَا تقوم حَتَّى يطوف أحدكُم بِصَدَقَتِهِ لَا
يجد من يقبلهَا مِنْهُ، ثمَّ ليقفن أحدكُم بَين يَدي الله لَيْسَ بَينه
وَبَينه حجاب وَلَا ترجمان يترجم لَهُ، ثمَّ ليَقُولن لَهُ: ألم أؤتك
مَالا؟ فليقولن: بلَى. ثمَّ ليَقُولن: الم أرسل إِلَيْك رَسُولا؟ فليقولن:
بلَى، فَينْظر عَن يَمِينه فَلَا يرى إِلَّا النَّار، ثمَّ ينظر عَن
شِمَاله فَلَا يرى إِلَّا النَّار، فليتقين أحدكُم النَّار وَلَو بشق
تَمْرَة، فَإِن لم يجد فبكلمة طيبَة ". أَبُو عَاصِم اسْمه الضَّحَّاك بن
مخلد.
بَاب من كَلَام الرب جلّ جَلَاله
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن عبيد الله بن أبي
حُسَيْن ثَنَا نَافِع بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قَالَ الله - عز وَجل -: كَذبَنِي
ابْن آدم وَلم يكن ذَلِك لَهُ، وَشَتَمَنِي وَلم يكن ذَلِك لَهُ، فَأَما
تَكْذِيبه إيَّايَ فَزعم أَنِّي لَا أقدر أَن أُعِيدهُ كَمَا كَانَ، وَأما
شَتمه إيَّايَ فَقَوله لي ولد، فسبحاني أَن أَتَّخِذ صَاحِبَة أَو ولدا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْحميدِي، ثَنَا سُفْيَان، حَدثنِي الزُّهْرِيّ، عَن
سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قَالَ الله - تبَارك وَتَعَالَى -:
يُؤْذِينِي
(1/233)
ابْن آدم، يسب الدَّهْر، وَأَنا الدَّهْر،
بيَدي الْأَمر أقلب اللَّيْل وَالنَّهَار ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن حَرْب الوَاسِطِيّ، ثَنَا مُحَمَّد بن
يزِيد - هُوَ الوَاسِطِيّ - ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن الْعَلَاء بن
عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَقُول الْغَنِيّ الله - تبَارك
وَتَعَالَى -: استقرضت عَبدِي فَلم يقرضني، وَيُؤْذِينِي يَقُول: وادهراه.
وَأَنا الدَّهْر ".
وَمُحَمّد بن يزِيد أَبُو سعيد الكلَاعِي الوَاسِطِيّ ثِقَة مَشْهُور،
وَمُحَمّد بن إِسْحَاق وثقة الزُّهْرِيّ وَشعْبَة وسُفْيَان الثَّوْريّ
وَابْن عُيَيْنَة وَيزِيد بن هَارُون وَغير هَؤُلَاءِ، والْعَلَاء ثِقَة،
اعْتَمدهُ مُسلم، وَكَذَلِكَ مُحَمَّد بن حَرْب أَيْضا مَشْهُور، روى عَنهُ
أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَغَيرهمَا، قَالَ أَبُو حَاتِم: مُحَمَّد بن
حَرْب / صَدُوق.
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، ثَنَا اللَّيْث، عَن يُونُس، عَن ابْن
شهَاب، أَخْبرنِي أَبُو سَلمَة قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ رَسُول
الله: " قَالَ الله - عز وَجل -: يسب بَنو آدم الدَّهْر، وَأَنا الدَّهْر
بيَدي اللَّيْل وَالنَّهَار ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، ثَنَا مَالك، عَن صَالح بن كيسَان، عَن
عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود، عَن زيد بن خَالِد
الْجُهَنِيّ أَنه قَالَ: " صلى لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - صَلَاة الصُّبْح بِالْحُدَيْبِية على إِثْر سَمَاء كَانَت من
اللَّيْلَة، فَلَمَّا انْصَرف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - أقبل على النَّاس فَقَالَ: هَل تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ ربكُم؟ قَالُوا:
الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: أصبح من عبَادي مُؤمن بِي وَكَافِر، فَأَما من
قَالَ: مُطِرْنَا بِفضل الله وَرَحمته، فَذَلِك مُؤمن بِي كَافِر بالكوكب،
وَأما من قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا، فَذَلِك كَافِر بِي
مُؤمن بالكواكب ".
(1/234)
مُسلم: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور، ثَنَا
يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، حَدثنِي أَبُو حَازِم، عَن عبيد الله بن مقسم
أَنه نظر إِلَى عبد الله بن عمر كَيفَ يَحْكِي رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَأْخُذ الله - عز وَجل - سماواته
وأراضيه بيدَيْهِ وَيَقُول: أَنا الْملك - وَيقبض أَصَابِعه ويبسطها - أَنا
الْملك. حَتَّى نظرت إِلَى الْمِنْبَر يَتَحَرَّك من أَسْفَل شَيْء مِنْهُ
حَتَّى إِنِّي لأقول: أساقط هُوَ برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -؟ ".
حدّثنَاهُ سعيد بن مَنْصُور، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم، حَدثنِي
أبي، عَن عبيد الله بن مقسم، عَن عبد الله بن عمر قَالَ: " رَأَيْت رَسُول
الله على الْمِنْبَر، وَهُوَ يَقُول: يَأْخُذ الْجَبَّار - عز وَجل -
سماواته وأراضيه بِيَدِهِ ... " ثمَّ ذكر نَحْو حَدِيث يَعْقُوب.
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن
ابْن شهَاب، حَدثنِي ابْن الْمسيب، أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يَقُول:
قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يقبض الله -
تَعَالَى - الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة، ويطوي السَّمَاء بِيَمِينِهِ ثمَّ
يَقُول: أَنا الْملك، أَيْن مُلُوك الأَرْض؟ ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن عمر بن
حَمْزَة، عَن سَالم بن عبد الله قَالَ: أَخْبرنِي / عبد الله بن عمر قَالَ:
قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يطوي الله -
عز وَجل - السَّمَاوَات يَوْم الْقِيَامَة، ثمَّ يأخذهن بِيَدِهِ
الْيُمْنَى، ثمَّ يَقُول: أَنا الْملك، أَيْن الجبارون؟ أَيْن المتكبرون؟
ثمَّ يطوي الْأَرْضين بِشمَالِهِ، ثمَّ يَقُول: أَنا الْملك، أَيْن
الجبارون؟ أَيْن المتكبرون؟ ".
(1/235)
عمر هُوَ ابْن حَمْزَة بن عبد الله بن عمر
بن الْخطاب، من جملَة من عيب على مُسلم الْإِخْرَاج عَنهُ، وَقد اسْتشْهد
بِهِ البُخَارِيّ، وَضَعفه يحيى بن معِين وَالنَّسَائِيّ وَغَيرهمَا.
مُسلم: حَدثنَا عمر بن حَفْص بن غياث، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، سَمِعت
إِبْرَاهِيم يَقُول: سَمِعت عَلْقَمَة يَقُول: قَالَ عبد الله: " جَاءَ رجل
من أهل الْكتاب إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِم، إِن الله يمسك السَّمَاوَات على أصْبع،
وَالْأَرضين على أصْبع، وَالشَّجر وَالثَّرَى على أصْبع، وَالْخَلَائِق على
أصْبع، ثمَّ يَقُول: أَنا الْملك، أَنا الْملك. قَالَ: فَرَأَيْت رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ضحك حَتَّى بَدَت نواجده ثمَّ
قَالَ: {وَمَا قدرُوا الله حق قدره}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر وَسَعِيد بن عبد الرَّحْمَن، قَالَا:
ثَنَا سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة قَالَ:
اشْتَكَى أَبُو الرداد اللَّيْثِيّ، فعاده عبد الرَّحْمَن بن عَوْف،
فَقَالَ: خَيرهمْ وأوصلهم - مَا علمت - أَبَا مُحَمَّد. فَقَالَ عبد
الرَّحْمَن، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
يَقُول: " قَالَ الله: أَنا [الله وَأَنا الرَّحْمَن، خلقت الرَّحِم، وشققت
لَهَا من اسْمِي، فَمن وَصلهَا وصلته] وَمن قطعهَا بتته ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ هُوَ حَدِيث صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الله، حَدثنِي سُلَيْمَان بن
بِلَال، عَن مُعَاوِيَة بن أبي مزرد، عَن سعيد بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة
أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " خلق الله
الْخلق فَلَمَّا فرغ قَامَت الرَّحِم، فَقَالَ: مَه. قَالَت: هَذَا مقَام
العائذ
(1/236)
بك من القطيعة. فَقَالَ: أَلا ترْضينَ أَن
أصل من وصلك، وأقطع من قَطعك؟ قَالَت: بلَى يَا رب. قَالَ: فَذَلِك لَك.
ثمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: {فَهَل عسيتم إِن توليتم أَن تفسدوا فِي
الأَرْض وتقطعوا أَرْحَامكُم} ".
وَمن رِوَايَة الْمروزِي أبي زيد مُحَمَّد بن أَحْمد، عَن الْفربرِي، عَن
البُخَارِيّ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، عَن خَالِد بن مخلد، عَن سُلَيْمَان
/ بن بِلَال فِي هَذَا الحَدِيث: " قَامَت الرَّحِم فَأخذت بحقوي
الرَّحْمَن فَقَالَ: مَه ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة وَزُهَيْر بن حَرْب - وَاللَّفْظ لقتيبة -
قَالَا: ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة
قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "
يَقُول الله - عز وَجل -: أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي، وَأَنا مَعَه حِين
يذكرنِي، إِن ذَكرنِي فِي نَفسه ذكرته فِي نَفسِي، وَإِن ذَكرنِي فِي ملإ
ذكرته فِي مَلأ هم خير مِنْهُم، وَإِن تقرب مني شبْرًا تقربت إِلَيْهِ
ذِرَاعا، وَإِن تقرب إِلَيّ ذِرَاعا تقربت مِنْهُ باعاً، وَإِن أَتَانِي
يمشي أَتَيْته هرولة ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع [ثَنَا عبد الرَّزَّاق] ثَنَا معمر، عَن
همام ابْن مُنَبّه قَالَ: هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة عَن مُحَمَّد
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر أَحَادِيث
مِنْهَا، وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "
إِن الله قَالَ: إِذا تَلقانِي عَبدِي بشبر تلقيته بِذِرَاع، وَإِذا
تَلقانِي بِذِرَاع تلقيته بباع، وَإِذا تَلقانِي بباع أَتَيْته بأسرع ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، ثَنَا مَالك، عَن أبي الزِّنَاد، عَن
الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - قَالَ: " قَالَ الله - تَعَالَى: إِذا أحب عَبدِي
(1/237)
لقائي أَحْبَبْت لقاءه، وَإِذا كره لقائي
كرهت لقاءه ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع، ثَنَا الْأَعْمَش،
عَن الْمَعْرُور بن سُوَيْد، عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَقُول الله - عز وَجل -: من جَاءَ
بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا وأزيد، وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ
فَجَزَاؤُهُ سَيِّئَة مثلهَا أَو أَغفر، وَمن تقرب مني شبْرًا تقربت مِنْهُ
ذِرَاعا، وَمن تقرب مني ذِرَاعا تقربت مِنْهُ باعاً، وَمن أَتَانِي يمشي
أَتَيْته هرولة، وَمن لَقِيَنِي بقراب الأَرْض خَطِيئَة لَا يُشْرك بِي
شَيْئا لَقيته بِمِثْلِهَا مغْفرَة ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور، ثَنَا عمر بن حَفْص بن غياث،
حَدثنِي أبي، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْأَغَر أَنه حَدثهُ،
عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة قَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، رَفعه قَالَ: " الْعِزّ إزَارِي والكبرياء رِدَائي،
فَمن نَازَعَنِي مِنْهُمَا شَيْئا عَذبته ".
وَهَذَا / الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن الْأَعْمَش إِلَّا حَفْص، وَلَا
عَن حَفْص إِلَّا عمر بن حَفْص.
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم،
أَخْبرنِي روح ابْن الْقَاسِم، عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي
هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
-: " قَالَ الله - تبَارك وَتَعَالَى -: أَنا أغْنى الشُّرَكَاء عَن
الشّرك، من عمل عملا أشرك فِيهِ معي غَيْرِي تركته وشريكه ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن عبد
الرَّحْمَن الْقَارِي -
(1/238)
عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي
هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ:
" ينزل الله إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا كل لَيْلَة حِين يمْضِي ثلث
اللَّيْل الأول فَيَقُول: أَنا الْملك، أَنا الْملك، من ذَا الَّذِي يدعوني
فأستجيب لَهُ، من ذَا الَّذِي يسألني فَأعْطِيه، من ذَا الَّذِي يستغفرني
فَأغْفِر لَهُ. فَلَا يزَال كَذَلِك حَتَّى يضيء الْفجْر ".
مُسلم: حَدثنَا حجاج بن الشَّاعِر، ثَنَا محَاضِر بن الْمُوَرِّع أَبُو
الْمُوَرِّع، ثَنَا سعد بن سعيد، أَخْبرنِي سعيد ابْن مرْجَانَة، قَالَ:
سَمِعت أَبُو هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ينزل الله - تَعَالَى - فِي السَّمَاء الدُّنْيَا
لشطر اللَّيْل أَو ثلث اللَّيْل الآخر، فَيَقُول: من يدعوني فأستجيب لَهُ،
أَو يسألني فَأعْطِيه. ثمَّ يَقُول: من يقْرض غير عديم وَلَا ظلوم ".
قَالَ مُسلم: [ابْن مرْجَانَة هُوَ] سعيد بن عبد الله، ومرجانة أمه.
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا هَارُون بن سيعد الْأَيْلِي، ثَنَا ابْن وهب،
أَخْبرنِي سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن سعد بن سعيد بِهَذَا الْإِسْنَاد
وَزَاد: " ثمَّ يبسط يَدَيْهِ تبَارك وَتَعَالَى [يَقُول] من يقْرض غير
عديم وَلَا ظلوم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، ثَنَا أَبُو الْمُغيرَة،
ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، ثَنَا يحيى.
قَالَ النَّسَائِيّ: وَأخْبرنَا هِشَام بن عمار، عَن يحيى، ثَنَا
الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى، عَن هِلَال، عَن عَطاء بن يسَار، عَن رِفَاعَة
بن عرابة الْجُهَنِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " إِذا مضى من اللَّيْل نصفه أَو ثُلُثَاهُ، هَبَط الله
إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا ثمَّ يَقُول: لَا يسْأَل عَن عبَادي غَيْرِي،
من ذَا الَّذِي يستغفرني أَغفر لَهُ، من ذَا الَّذِي يدعوني أستجيب لَهُ،
من ذَا الَّذِي يسألني أعْطِيه. حَتَّى يطلع الْفجْر " اللَّفْظ.
(1/239)
لإسحاق.
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، ثَنَا الْحُسَيْن بن
عَليّ، عَن فُضَيْل، عَن مَنْصُور، عَن أبي أسْحَاق، عَن [الإغر] عَن أبي
هُرَيْرَة وَأبي سعيد أَنَّهُمَا شَهدا بِهِ على رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا أشهد عَلَيْهِمَا - أَنه قَالَ: "
إِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - يُمْهل حَتَّى يمْضِي ثلث اللَّيْل الأول
ثمَّ يهْبط إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا، فَيَقُول: هَل من مُسْتَغْفِر، هَل
من سَائل، هَل من تائب، هَل من دَاعِي، حَتَّى يطلع الْفجْر ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا شُعَيْب بن شُعَيْب بن إِسْحَاق، ثَنَا عبد
الْوَهَّاب بن سعيد، ثَنَا (شُعَيْب) ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، حَدثنِي يحيى
بن أبي كثير، حَدثنِي أَبُو جَعْفَر، ثَنَا أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا بَقِي ثلث
اللَّيْل نزل الله - تبَارك وَتَعَالَى - إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا،
فَيَقُول: من ذَا الَّذِي يستغفرني أَغفر لَهُ، من ذَا الَّذِي يدعوني
أستجيب لَهُ، من ذَا الَّذِي يسترزقني أرزقه، حَتَّى ينفجر الصُّبْح ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْقَاسِم بن زَكَرِيَّا بن دِينَار، ثَنَا حُسَيْن،
عَن حَمْزَة الزيات، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْأَغَر أبي مُسلم أَنه شهد
على أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد أَنَّهُمَا شَهدا على رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا قَالَ العَبْد: لَا إِلَه
إِلَّا الله وَحده. قَالَ: صدق عَبدِي لَا إِلَه إِلَّا أَنا وحدي. وَإِذا
قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله لَا شريك لَهُ وَقَالَ: صدق عَبدِي لَا إِلَه
إِلَّا أَنا لَا شريك لي. وَإِذا قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله لَهُ الْملك
وَله الْحَمد. قَالَ: صدق عَبدِي لَا إِلَه إِلَّا أَنا لي الْملك ولي
الْحَمد. وَإِذا قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَا
(1/240)
حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه. قَالَ:
يَقُول صدق عَبدِي لَا إِلَه إِلَّا أَنا وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا
بِي " قَالَ أَبُو إِسْحَاق: ثمَّ قَالَ الْأَغَر شَيْئا لم أفهمهُ، فَقلت
لأبي جَعْفَر: أَي شَيْء قَالَ؟ قَالَ: " من رزقهن عِنْد الْمَوْت لم تمسه
النَّار ".
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ: " من قَالَهَا فِي مَرضه ثمَّ مَاتَ لم
تطعمه النَّار ". رَوَاهُ عَن سُفْيَان، عَن وَكِيع، عَن إِسْمَاعِيل بن
مُحَمَّد بن حجادة، عَن عبد الْجَبَّار بن عَبَّاس، عَن أبي إِسْحَاق
بِهَذَا الْإِسْنَاد مَرْفُوعا، قَالَ: وروى شُعْبَة نَحْو هَذَا وَلم
يرفعهُ.
الْبَزَّار /: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر،
حَدثنَا شُعْبَة، عَن أبي بلج، سَمِعت عَمْرو بن مَيْمُون، سَمِعت أَبَا
هُرَيْرَة يحدث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه
قَالَ: " أَلا أدلكم على كلمة من كنز الْجنَّة من تَحت الْعَرْش؟ أَن
تَقول: لَا [حول وَلَا] قُوَّة إِلَّا بِاللَّه. يَقُول الله: أسلم عَبدِي
واستسلم ".
أَبُو بلج اسْمه يحيى بن أبي سليم الوَاسِطِيّ، روى عَن مُحَمَّد بن حَاطِب
وَعَمْرو بن مَيْمُون، روى عَنهُ زُهَيْر بن مُعَاوِيَة وسُفْيَان وَشعْبَة
وَأَبُو عوَانَة وهشيم وَأَبُو حَمْزَة السكرِي وسُويد بن عبد الْعَزِيز،
وَأَبُو بلج هَذَا ثِقَة مَشْهُور، ذكر ذَلِك ابْن أبي حَاتِم.
مُسلم: حَدثنِي عبد الْأَعْلَى، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن إِسْحَاق بن
عبد الله ابْن أبي طَلْحَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة، عَن أبي
هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا
حكى عَن ربه - عز وَجل - قَالَ: " أذْنب عبد ذَنبا قَالَ: اللَّهُمَّ
اغْفِر لي ذَنبي. فَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى: أذْنب عَبدِي ذَنبا علم أَن
لَهُ رَبًّا يغْفر الذَّنب وَيَأْخُذ بالذنب. ثمَّ عَاد فأذنب، فَقَالَ:
أَي رب، اغْفِر لي ذَنبي. فَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى: عَبدِي أذْنب ذَنبا
(1/241)
فَعلم أَنه لَهُ رَبًّا يغْفر الذَّنب
وَيَأْخُذ بالذنب. ثمَّ عَاد فأذنب فَقَالَ: أَي رب، اغْفِر لي ذَنبي.
فَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى: أذْنب عَبدِي ذَنبا فَعلم أَن لَهُ رَبًّا
يغْفر الذَّنب وَيَأْخُذ بالذنب. اعْمَلْ مَا شِئْت فقد غفرت لَك " قَالَ
عبد الْأَعْلَى: لَا أَدْرِي أقَال فِي الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة: "
اعْمَلْ مَا شِئْت ".
وحَدثني عبد بن حميد، حَدثنِي أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا همام، ثَنَا إِسْحَاق
بِهَذَا الْإِسْنَاد بِمَعْنى حَدِيث حَمَّاد - وَذكر ثَلَاث مَرَّات:
أذْنب ذَنبا - وَفِي الثَّالِثَة: " قد غفرت لعبدي، فليعمل مَا شَاءَ ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي
الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قَالَ الله - تَعَالَى -: وَعِزَّتِي
سبقت رَحْمَتي غَضَبي ".
مَالك: عَن أبي حَازِم بن دِينَار، عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، عَن
معَاذ سَمعه مِنْهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - يَقُول: " قَالَ / الله - تبَارك وَتَعَالَى -: وَجَبت محبتي
للمتحابين فِي، والمتجالسين فِي، والمتباذلين فِي، والمتزاورين فِي ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك بن أنس فِيمَا قرئَ عَلَيْهِ،
عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن [بن] معمر، عَن أبي الْحباب سعيد بن يسَار،
عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " إِن الله يَقُول يَوْم الْقِيَامَة: أَيْن المتحابون
بجلالي؟ الْيَوْم أظلهم فِي ظِلِّي، يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظِلِّي ".
(1/242)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن
غيلَان، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا سُفْيَان، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي
صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة رَفعه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَقُول الله - عز وَجل -: من أذهبت حبيبتيه فَصَبر
واحتسب لم أَرض لَهُ ثَوابًا دون الْجنَّة ". قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا
حَدِيث صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان، حَدثنَا خَالِد بن مخلد، ثَنَا
سُلَيْمَان ابْن بِلَال، حَدثنِي شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عَن عَطاء،
عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " إِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - قَالَ: من عادى لي وليا
فقد آذنته بِالْحَرْبِ، وَمَا تقرب إِلَيّ عَبدِي بِشَيْء أحب إِلَيّ
مِمَّا افترضت عَلَيْهِ، وَمَا يزَال عَبدِي يتَقرَّب إِلَيّ بالنوافل
حَتَّى أحبه، فَإِذا أحببته فَكنت سَمعه الَّذِي يسمع بِهِ، وبصره الَّذِي
يبصر بِهِ، وَيَده الَّتِي يبطش بهَا، وَرجله [الَّتِي] يمشي بهَا، وَلَئِن
سَأَلَني لأعطينه، وَلَئِن استعاذني لأعيذنه، وَمَا ترددت عَن شَيْء أَنا
فَاعله ترددي عَن نفس الْمُؤمن، يكره الْمَوْت وَأَنا أكره مساءته ".
الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن نصر، ثَنَا مُوسَى بن مَسْعُود، ثَنَا
عِكْرِمَة - يَعْنِي: ابْن عمار - عَن ضَمْضَم بن جوس قَالَ: " دخلت
مَسْجِد الْمَدِينَة أَبْتَغِي صاحباً لي، فَإِذا أَنا بِرَجُل براق
الثنايا، وَإِلَى جنبه رجل أدعج أَبيض جميل، وَإِذا هما فِي ظلّ
الْمَسْجِد، قَالَ: فدعاني الشَّيْخ فَقَالَ: يَا يماني قَالَ: فَجئْت،
فَقَالَ: لَا تقولن لأحد: وَالله لَا يدْخلك الله الْجنَّة، وَالله لَا
يغْفر الله لَك. قَالَ: قلت: من أَنْت يَرْحَمك الله؟ قَالَ: أَبُو
هُرَيْرَة. فَقلت: يَا أَبَا هُرَيْرَة، وَالله لقد / عبت عَليّ أمرا كنت
أقوله لأهلي ولخدمي إِذا غضِبت عَلَيْهِم. قَالَ: فَإِنِّي سَمِعت رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: كَانَ رجلَانِ فِي
بني إِسْرَائِيل متواخيان، فَكَانَ أَحدهمَا مُجْتَهدا وَالْآخر مذنباً،
كَانَ الْمُجْتَهد يَقُول
(1/243)
للمذنب: أقصر. فَيَقُول المذنب: خَلِّنِي
وربي. حَتَّى وجده يَوْمًا على عَظِيمَة، فَقَالَ لَهُ: أقصر. قَالَ:
خَلِّنِي وربي بعثت عَليّ رقيباً؟ فَقَالَ: وَالله، لَا يدْخلك الله
الْجنَّة. فَبعث إِلَيْهِمَا ملكا فَقبض أرواحهما فَقَالَ الله - تبَارك
وَتَعَالَى - للمذنب: ادخل الْجنَّة برحمتي. وَقَالَ للْآخر: أَكنت
قَادِرًا على مَا فِي يَدي، أتستطيع أَن تمنع عَبدِي رَحْمَتي، أدخلوه
النَّار. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: تكلم بِكَلِمَة أوبقت دُنْيَاهُ وآخرته ".
قَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى إِلَّا عَن أبي
هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا
الْإِسْنَاد.
قَالَ يحيى بن معِين: عِكْرِمَة حَافظ صَدُوق، وضمضم بن جوس ثِقَة.
وَسُئِلَ عَن مُوسَى بن مَسْعُود أبي حُذَيْفَة النَّهْدِيّ فَقَالَ: هُوَ
مثلهم - يَعْنِي: الثَّوْريّ وَعبد الرَّزَّاق ويعلى وَقبيصَة وَعبيد الله.
ذكر ذَلِك ابْن أبي حَاتِم.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب، قَالَا: ثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَة.
وثنا ابْن نمير - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن أبي
صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَقُول الله - تَعَالَى -: أَعدَدْت لعبادي
الصَّالِحين مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر
ذخْرا، (بله مَا أطْلعكُم عَلَيْهِ) ثمَّ قَرَأَ {فَلَا تعلم نفس مَا
أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ} ".
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن
شهَاب، أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " قَالَ الله
- عز وَجل -: كل عمل ابْن آدم لَهُ إِلَّا الصّيام هُوَ لي وَأَنا أجزي
بِهِ. فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لخلفة فَم الصَّائِم / أطيب عِنْد الله
من ريح الْمسك ".
(1/244)
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن
بن بهْرَام الدَّارمِيّ، ثَنَا مَرْوَان - يَعْنِي: ابْن مُحَمَّد
الدِّمَشْقِي - ثَنَا سعيد بن عبد الْعَزِيز، عَن ربيعَة بن يزِيد، عَن أبي
إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، عَن أبي ذَر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا روى عَن الله - عز وَجل - أَنه قَالَ: " يَا
عبَادي، إِنِّي حرمت الظُّلم على نَفسِي، وَجَعَلته بَيْنكُم محرما، فَلَا
تظالموا، يَا عبَادي، كلكُمْ ضال إِلَّا من هديته، فاستهدوني أهدكم، يَا
عبَادي، كلكُمْ جَائِع إِلَّا من أطعمته، فاستطعموني أطْعمكُم، يَا عبَادي،
كلكُمْ عَار إِلَّا من كسوته، فاستكسوني أكسكم، يَا عبَادي إِنَّكُم تخطئون
بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار، وَأَنا أَغفر الذُّنُوب جَمِيعًا، فاستغفروني
أَغفر لكم، يَا عبَادي إِنَّكُم لن تبلغوا ضري فتضروني، وَلنْ تبلغوا نفعي
فتنفعوني، يَا عبَادي، لَو أَن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كَانُوا على أتقى
قلب رجل وَاحِد مِنْكُم مَا زَاد ذَلِك فِي ملكي شَيْئا، يَا عبَادي، لَو
أَن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كَانُوا على أفجر قلب رجل وَاحِد مَا نقص
ذَلِك من ملكي شَيْئا، يَا عبَادي، لَو أَن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم
قَامُوا فِي صَعِيد وَاحِد فسألوني، فَأعْطيت كل إِنْسَان مَسْأَلته مَا
نقص ذَلِك مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا ينقص الْمخيط إِذا أَدخل الْبَحْر،
يَا عبَادي إِنَّمَا هِيَ أَعمالكُم أحصيها لكم ثمَّ أوفيكم إِيَّاهَا،
فَمن وجد خيرا فليحمد الله - عز وَجل - وَمن وجد غير ذَلِك فَلَا يَلُومن
إِلَّا نَفسه ". قَالَ سعيد: كَانَ أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ إِذا حدث
بِهَذَا الحَدِيث جثا على رُكْبَتَيْهِ.
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم بن مَيْمُون، ثَنَا بهز، حَدثنَا
حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أبي رَافع، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله
يَقُول يَوْم الْقِيَامَة: يَا ابْن آدم، مَرضت فَلم تعدني. قَالَ: يَا رب،
كَيفَ أعودك وَأَنت رب الْعَالمين؟ ! قَالَ: أما علمت أَن عَبدِي فلَانا
مرض فَلم تعده، أما علمت أَنَّك لَو عدته لَوَجَدْتنِي عِنْده، يَا ابْن
آدم، استطعمتك فَلم تطعمني. قَالَ: رب وَكَيف أطعمك وَأَنت رب الْعَالمين؟
! قَالَ: أما علمت أَنه استطعمك عَبدِي فلَان فَلم تطعمه، أما علمت أَنَّك
لَو أطعمته لوجدت ذَلِك عِنْدِي، يَا ابْن
(1/245)
آدم، استسقيتك فَلم تَسْقِنِي. قَالَ: يَا
رب، كَيفَ أسقيك وَأَنت رب الْعَالمين؟ ! قَالَ: استسقاك عَبدِي فلَان فَلم
تسقه، أما إِنَّك لَو سقيته وجدت ذَلِك عِنْدِي ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير، قَالَا:
ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي
هُرَيْرَة يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "
قَالَ الله - تبَارك وَتَعَالَى -: يَا ابْن آدم، أنْفق أنْفق عَلَيْك.
وَقَالَ: يَمِين الله ملأى - وَقَالَ ابْن نمير: ملآن - سحاء لَا يغيضها
شَيْء - اللَّيْل وَالنَّهَار ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك، عَن أبي الزِّنَاد،
عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يتعاقبون فِيكُم مَلَائِكَة بِاللَّيْلِ
وملائكة بِالنَّهَارِ، ويجتمعون فِي صَلَاة الْعَصْر وَصَلَاة الْفجْر،
ثمَّ يعرج الَّذين باتوا فِيكُم فيسألهم - وَهُوَ أعلم بهم -: كَيفَ
تركْتُم عبَادي؟ فَيَقُولُونَ: تركناهم وهم يصلونَ، وأتيناهم وهم يصلونَ ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه،
عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " إِن الله إِذا أحب عبدا دَعَا جِبْرِيل، فَقَالَ: إِنِّي
أحب فلَانا فَأَحبهُ. قَالَ: فَيُحِبهُ جِبْرِيل، ثمَّ يُنَادي فِي
السَّمَاء: إِن الله يحب فلَانا فَأَحبُّوهُ فَيُحِبهُ أهل السَّمَاء.
قَالَ: ثمَّ يوضع لَهُ الْقبُول فِي الأَرْض. وَإِذا أبْغض عبدا، دَعَا
جِبْرِيل فَيَقُول: إِنِّي أبْغض فلَانا فَأَبْغضهُ. قَالَ: فَيبْغضهُ
جِبْرِيل، ثمَّ يُنَادي فِي أهل السَّمَاء: إِن الله يبغض فلَانا
فَأَبْغضُوهُ. قَالَ: فَيبْغضُونَهُ، ثمَّ تُوضَع لَهُ الْبغضَاء فِي /
الأَرْض ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا الْمُغيرَة بن عبد
الرَّحْمَن، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة أَن
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَقُول الله
- تبَارك
(1/246)
وَتَعَالَى -: إِذا أَرَادَ عَبدِي أَن
يعْمل سَيِّئَة فَلَا تكتبوها سَيِّئَة عَلَيْهِ حَتَّى يعملها، فَإِذا
عَملهَا فاكتبوها بِمِثْلِهَا، وَإِن تَركهَا من أَجلي فاكتبوها لَهُ
حَسَنَة، وَإِذا أَرَادَ أَن يعْمل حَسَنَة فَلم يعملها فاكتبوها لَهُ
حَسَنَة، فَإِن عَملهَا فاكتبوها لَهُ بِعشْرَة أَمْثَالهَا إِلَى
سَبْعمِائة ".
النَّسَائِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا الْفضل بن مُوسَى،
ثَنَا مُحَمَّد ابْن عَمْرو، ثَنَا أَبُو سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة عَن
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لما خلق الله
الْجنَّة وَالنَّار أرسل جِبْرِيل إِلَى الْجنَّة، فَقَالَ: انْظُر
إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعدَدْت لأَهْلهَا فِيهَا. فَنظر إِلَيْهَا فَرجع،
فَقَالَ: وَعزَّتك وجلالك لَا يسمع بهَا أحد إِلَّا دَخلهَا. فَأمر بهَا
فحفت بالمكاره، فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَيْهَا فَانْظُر إِلَيْهَا وَإِلَى مَا
أَعدَدْت لأَهْلهَا فِيهَا. فَنظر إِلَيْهَا، فَإِذا هِيَ حفت بالمكاره،
فَقَالَ: وَعزَّتك لقد خشيت أَن لَا يدخلهَا أحد. قَالَ: اذْهَبْ فَانْظُر
إِلَى النَّار وَإِلَى مَا أَعدَدْت لأَهْلهَا فِيهَا. فَنظر إِلَيْهَا
فَإِذا هِيَ يركب بَعْضهَا بَعْضًا، فَرجع فَقَالَ: وَعزَّتك لَا يدخلهَا
أحد. فَأمر بهَا فحفت بالشهوات. فَقَالَ: ارْجع إِلَيْهَا فَانْظُر
إِلَيْهَا. فَنظر إِلَيْهَا، فَإِذا هِيَ قد حفت بالشهوات، فَرجع فَقَالَ:
وَعزَّتك لقد خشيت أَن لَا ينجو مِنْهَا أحد إِلَّا دَخلهَا ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن
همام بن مُنَبّه قَالَ: هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة، عَن رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا
فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " جَاءَ ملك
الْمَوْت إِلَى مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - فَقَالَ لَهُ: أجب رَبك - عز
وَجل - فلطم مُوسَى عين ملك الْمَوْت ففقأها قَالَ: فَرجع الْملك إِلَى
الله - عز وَجل - فَقَالَ: إِنَّك أرسلتني إِلَى عبد لَك لَا يُرِيد
الْمَوْت، وَقد فَقَأَ عَيْني. قَالَ: فَرد الله - عز وَجل - إِلَيْهِ عينه
وَقَالَ /: ارْجع إِلَى عَبدِي فَقل: الْحَيَاة تُرِيدُ؟ فَإِن كنت تُرِيدُ
الْحَيَاة فضع يدك على متن ثَوْر، فَمَا تَوَارَتْ يدك من شَعْرَة، فَإنَّك
تعيش بهَا سنة. قَالَ: ثمَّ مَه. قَالَ: ثمَّ تَمُوت. قَالَ: فَالْآن من
قريب، رب أدننى من الأَرْض المقدسة رمية بِحجر. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَالله لَو أَنِّي عِنْده لَأَرَيْتُكُمْ
(1/247)
قَبره إِلَى جَانب الطَّرِيق عِنْد
الْكَثِيب الْأَحْمَر ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، حَدثنَا عبد الصَّمد، ثَنَا
همام، عَن قَتَادَة، عَن أنس " أَن رجلا دخل فِي الصَّلَاة فَقَالَ:
الْحَمد لله حمداً مُبَارَكًا فِيهِ. فَلَمَّا قضى النَّبِي الصَّلَاة
قَالَ: أَيّكُم الْقَائِل كَمَا كَذَا وَكَذَا؟ فأرم الْقَوْم، فَقَالَهَا
ثَلَاثًا، فَقَالَ رجل من الْقَوْم: أَنا قلتهَا، وَمَا أردْت بهَا إِلَّا
الْخَيْر. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لقد
ابتدرها اثْنَا عشر ملكا، فَمَا دورا كَيفَ يكتبونها حَتَّى سَأَلُوا رَبهم
- عزو جلّ - فَقَالَ: اكتبوها كَمَا قَالَ عَبدِي ". تَابعه حَمَّاد بن
سَلمَة عَن قَتَادَة.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا بهز، ثَنَا وهيب، ثَنَا سُهَيْل،
عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي
قَالَ: " إِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - مَلَائِكَة سيارة فضل يَبْتَغُونَ
مجَالِس الذّكر، فَإِذا وجدوا مَجْلِسا فِيهِ ذكر قعدوا مَعَهم وَحط بَعضهم
بَعْضًا بأجنحتهم حَتَّى يملئوا مَا بَينهم وَبَين السَّمَاء الدُّنْيَا،
فَإِذا تفَرقُوا عرجوا - أَو صعدوا - إِلَى السَّمَاء، فيسألهم الله _ عز
وَجل - وَهُوَ أعلم بهم من أَيْن جئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنَا من عِنْد
عباد لَك فِي الأَرْض يسبحونك ويكبرونك، ويهللونك ويحمدونك، ويسألونك.
قَالَ: وماذا يَسْأَلُونِي؟ [قَالُوا] : يسْأَلُون جنتك. قَالَ: وَهل
رَأَوْا جنتي؟ قَالُوا: لَا، أَي رب. قَالَ. فَكيف لَو رَأَوْا جنتي؟
(1/248)
قَالُوا: ويستجيرونك. قَالَ: وَمِمَّا
يستجيروني؟ قَالُوا: من نارك يَا رب. قَالَ: وَهل رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا:
لَا. قَالَ: فَكيف لَو رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: يستغفرونك. قَالَ:
فَيَقُول: قد غفرت / لَهُم، فأعطيتهم مَا سَأَلُوا، وأجرتهم مِمَّا
استجاروا. قَالَ: يَقُولُونَ: رب فيهم فلَان عبد خطاء إِنَّمَا مر فَجَلَسَ
مَعَهم. قَالَ: فَيَقُول: وَله قد غفرت، هم الْقَوْم لَا يشقى بهم جليسهم
".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن نصر، ثَنَا سهل بن حَمَّاد، حَدثنَا همام،
حَدثنِي قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن حُرَيْث بن قيبصة قَالَ: " قدمت
الْمَدِينَة فَقلت: اللَّهُمَّ يسر لي جَلِيسا صَالحا، قَالَ: فَجَلَست
إِلَى أبي هُرَيْرَة، فَقلت: إِنِّي سَأَلت الله - عز وَجل - أَن
يَرْزُقنِي جَلِيسا صَالحا فَحَدثني بِحَدِيث سمعته من رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَعَلَّ الله أَن يَنْفَعنِي بِهِ،
فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
يَقُول: إِن أول مَا يُحَاسب بِهِ العَبْد يَوْم الْقِيَامَة من عمل
صلَاته، فَإِن صلحت فقد أَفْلح وأنجح، وَإِن فَسدتْ فقد خَابَ وخسر، فَإِن
انْتقصَ من فَرِيضَة شَيْء قَالَ الرب - عز وَجل -: انْظُرُوا هَل لعبدي من
تطوع فيكمل بهَا مَا انْتقصَ من الْفَرِيضَة، ثمَّ يكون سَائِر عمله على
ذَلِك ".
وَفِي هَذَا الْبَاب عَن تَمِيم، قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن
غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو الرّبيع الْعَتكِي وقتيبة بن سعيد، كِلَاهُمَا عَن
حَمَّاد بن زيد - وَاللَّفْظ لقتيبة - قَالَ: ثَنَا حَمَّاد، عَن أَيُّوب،
عَن أبي قلَابَة، عَن أبي أَسمَاء، عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله زوى لي الأَرْض،
فَرَأَيْت مشارقها وَمَغَارِبهَا، وَإِن أمتِي سيبلغ ملكهَا مَا زوي لي
مِنْهَا، وَأعْطيت الكنزين: الْأَحْمَر والأبيض، وَإِنِّي سَأَلت رَبِّي
أَن لَا يهلكها بِسنة بعامة، وَأَن لَا يُسَلط عَلَيْهِم
(1/249)
عدوا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، وَإِن
رَبِّي قَالَ لي: يَا مُحَمَّد، إِنِّي إِذا قضيت قَضَاء فَإِنَّهُ لَا
يرد، وَإِنِّي أَعطيتك لأمتك أَن لَا أهلكهم بِسنة بعامة، وَلَا أسلط
عَلَيْهِم عدوا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم وَلَو اجْتمع عَلَيْهِم من
بأقطارها - أَو قَالَ: من بَين أقطارها - / حَتَّى يكون بَعضهم يهْلك
بَعْضًا وَيَسْبِي بَعْضًا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا عبد الصَّمد، ثَنَا همام -
يَعْنِي: ابْن يحيى - ثَنَا قَتَادَة، حَدثنِي أَرْبَعَة عَن مطرف بن عبد
الله بن الشخير - مِنْهُم: يزِيد ابْن عبد الله أَخُو مطرف والْعَلَاء بن
زِيَاد الْعَدوي ورجلان نسيهما همام - عَن عِيَاض بن حمَار أَنه سمع رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب يَقُول فِي خطبَته: "
إِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - أَمرنِي أَن أعلمكُم مَا جهلتم مِمَّا
عَلمنِي يومي هَذَا، أَلا إِن كل مَال نحلته عبَادي حَلَال، وَإِنِّي خلقت
عَبِيدِي حنفَاء كلهم، وَإِن الشَّيَاطِين أَتَتْهُم فَاجْتَالَتْهُمْ عَن
دينهم وَحرمت عَلَيْهِم مَا أحللت لَهُم، وأمرتهم أَن يشركوا بِي مَا لم
أنزل بِهِ سُلْطَانا، وَإِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - اطلع إِلَى أهل
الأَرْض فمقتهم عربهم وعجمهم غير بقايا من أهل الْكتاب، وَقَالَ: يَا
مُحَمَّد، إِنَّمَا بَعَثْتُك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلت عَلَيْك كتابا لَا
يغسلهُ المَاء تقرؤه نَائِما ويقظان. وَإِن رَبِّي - تبَارك وَتَعَالَى -
أَمرنِي أَن أحرق قُريْشًا قلت: يَا رب، إِذا يثلغوا رَأْسِي فيدعوه
خبْزَة، قَالَ: استخرجهم كَمَا استخرجوك، وَأنْفق أنْفق عَلَيْك، وَابعث
جَيْشًا أبْعث خَمْسَة أمثالهم، وَقَاتل بِمن أطاعك من عصاك. وَقَالَ:
أَصْحَاب الْجنَّة ثَلَاثَة: ذُو سُلْطَان مقسط مُصدق موقن، وَرجل رَقِيق
الْقلب لكل مُسلم، وَرجل عفيف متصدق. وَقَالَ أَصْحَاب النَّار خَمْسَة:
رجل لَا يخفي لَهُ طمع إِلَّا خانه، وَرجل لَا يُمْسِي وَلَا يصبح إِلَّا
هُوَ يخادعك من أهلك وَمَالك، والضعيف الَّذِي لَا زبر لَهُ، وَالَّذين هم
فِيكُم تبع - فَقَالَ رجل: يَا أَبَا عبد الله، أَمن الموَالِي هُوَ أَو من
الْعَرَب؟ قَالَ: هُوَ التابعة تتبع الرجل، فَيُصِيب من خدمه سِفَاحًا غير
نِكَاح - قَالَ: وَذكر الْبُخْل
(1/250)
وَالْكذب - أَو قَالَ: الْكَذِب وَالْبخل
".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن
مطرف، عَن عِيَاض فَلم نذكرهُ، لِأَن حَدِيث سعيد ترك مِنْهُ يزِيد بن عبد
الله والْعَلَاء، وقتاد لم يسمعهُ من مطرف، فذكرناه عَن همام إِذْ كَانَ قد
وَصله، وتابع [الْحسن] قَتَادَة، عَن مطرف، عَن عِيَاض.
مُسلم: حَدثنَا سعيد بن عَمْرو الأشعثي، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن
مطرف وَابْن أبجر، عَن الشّعبِيّ، سَمِعت الْمُغيرَة بن شُعْبَة رِوَايَة -
إِن شَاءَ الله.
وَحدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان ن ثَنَا مطرف بن طريف وَعبد الْملك
بن سعيد، سمعا الشّعبِيّ يخبر عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: سمعته على
الْمِنْبَر يرفعهُ إِلَى رَسُول الله
. وحَدثني بشر بن حكم - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة،
حَدثنَا مطرف وَابْن أبجر سمعا الشّعبِيّ يَقُول: سَمِعت الْمُغيرَة بن
شُعْبَة يخبر بِهِ النَّاس على الْمِنْبَر - قَالَ سُفْيَان: رَفعه
أَحدهمَا أرَاهُ ابْن أبجر - قَالَ: " سَأَلَ مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ربه: مَا أدنى أهل الْجنَّة منزلَة؟ قَالَ: هُوَ رجل
يَجِيء بَعْدَمَا أَدخل أهل الْجنَّة الْجنَّة، فَيُقَال لَهُ: ادخل
الْجنَّة. فَيَقُول: أَي رب، كَيفَ وَقد نزل النَّاس مَنَازِلهمْ، وَأخذُوا
أخذاتهم؟ فَيُقَال لَهُ: أترضى أَن يكون لَك مثل ملك ملك من مُلُوك
الدُّنْيَا؟ فَيَقُول: رضيت رب. فَيَقُول: لَك ذَلِك وَمثله وَمثله وَمثله
وَمثله، فَقَالَ فِي الْخَامِسَة: رضيت رب. فَيَقُول: هَذَا لَك وَعشرَة
أَمْثَاله، وَلَك مَا اشتهت نَفسك ولذت عَيْنك.
(1/251)
فَيَقُول: رضيت رب. قَالَ: رب فأعلاهم
منزلَة. قَالَ: أُولَئِكَ الَّذين أردْت، غرست كرامتهم بيَدي، وختمت
عَلَيْهَا، فَلم تَرَ عين، وَلم تسمع أذن، وَلم يخْطر على قلب بشر. قَالَ:
ومصداقه فِي كتاب الله - تَعَالَى -: {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من
قُرَّة أعين} ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْجعْفِيّ، ثَنَا عبد
الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن همام، عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَيْنَمَا أَيُّوب - عَلَيْهِ
السَّلَام - يغْتَسل عُريَانا خر عَلَيْهِ رجل جَراد من ذهب، فَجعل يحثي
فِي ثَوْبه، فَنَادَى ربه: يَا أَيُّوب، ألم أكن أغنيتك عَمَّا ترى؟ /
قَالَ: بلَى يَا رب، وَلَكِن لَا غنى بِي عَن بركتك ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن سُلَيْمَان، حَدثنِي ابْن وهب، حَدثنِي
مَالك، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ
قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله
- تَعَالَى - يَقُول لأهل الْجنَّة: يَا أهل الْجنَّة. فَيَقُولُونَ: لبيْك
رَبنَا وَسَعْديك وَالْخَيْر فِي يَديك. فَيَقُول: هَل رَضِيتُمْ؟
فَيَقُولُونَ: وَمَا لنا لَا نرضى يَا رب، وَقد أَعطيتنَا مَا لم تعط أحد
من خلقك. فَيَقُول: أَلا أُعْطِيكُم أفضل من ذَلِك؟ فَيَقُولُونَ: يَا رب،
وَأي شَيْء أفضل من ذَلِك؟ فَيَقُول: أحل عَلَيْكُم رِضْوَانِي فَلَا أَسخط
عَلَيْكُم بعده أبدا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن قَتَادَة، عَن
صَفْوَان بن مُحرز " أَن رجلا سَأَلَ ابْن عمر: كَيفَ سَمِعت رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول فِي النَّجْوَى؟ قَالَ: يدنو
أحدكُم من ربه حَتَّى يضع كنفه عَلَيْهِ، فَيَقُول: أعملت كَذَا وَكَذَا؟
(1/252)
فَيَقُول: نعم. وَيَقُول: عملت كَذَا
وَكَذَا؟ فَيَقُول: نعم: فيقرره ثمَّ يَقُول: إِنِّي سترت عَلَيْك فِي
الدُّنْيَا وَأَنا أغفرها لَك الْيَوْم ".
وَقَالَ آدم: ثَنَا شَيبَان، ثَنَا قَتَادَة، ثَنَا صَفْوَان، عَن ابْن
عمر: سَمِعت النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سِنَان، حَدثنَا فليح، ثَنَا هِلَال.
وحَدثني عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا أَبُو عَامر، ثَنَا فليح، عَن هِلَال
بن عَليّ، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَوْمًا يحدث - وَعِنْده رجل من أهل
الْبَادِيَة - أَن رجلا من أهل الْجنَّة اسْتَأْذن ربه فِي الزَّرْع،
فَقَالَ: أَلَسْت فِيمَا شِئْت؟ قَالَ: بلَى، وَلَكِن أحب أَن أزرع. قَالَ:
فبذر، فبادر الطّرف نَبَاته واستواؤه واستحصاده، فَكَانَ أَمْثَال
الْجبَال، فَيَقُول الله: دُونك يَا ابْن آدم فَإِنَّهُ لَا يشبعك شَيْء.
فَقَالَ الْأَعرَابِي: وَالله لَا تَجدهُ إِلَّا قرشياً أَو أَنْصَارِيًّا،
فَإِنَّهُم أَصْحَاب زرع، وَأما نَحن فلسنا بأصحاب زرع. فَضَحِك النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن خَالِد، ثَنَا عبيد الله / بن مُوسَى،
عَن إِسْرَائِيل، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عُبَيْدَة، عَن عبد
الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "
إِن آخر أهل الْجنَّة دُخُولا الْجنَّة وَآخر أهل النَّار خُرُوجًا من
النَّار، رجل يخرج حبوا فَيَقُول لَهُ ربه: ادخل الْجنَّة. فَيَقُول: رب،
الْجنَّة ملأى. فَيَقُول لَهُ ذَلِك ثَلَاث مَرَّات، كل ذَلِك يُعِيد
عَلَيْهِ: الْجنَّة ملأى. فَيَقُول: إِن لَك مثل الدُّنْيَا عشر مرار ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور،
عَن
(1/253)
ربعي، عَن حُذَيْفَة، عَن النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كَانَ رجل مِمَّن كَانَ
قبلكُمْ يسيء الظَّن بِعَمَلِهِ، فَقَالَ لأَهله: إِذا أَنا مت، فخذوني
فذروني فِي الْبَحْر فِي يَوْم صَائِف، فَفَعَلُوا بِهِ، فَجَمعه الله ثمَّ
قَالَ: مَا حملك على الَّذِي صنعت؟ قَالَ: مَا حَملَنِي إِلَّا مخافتك.
فغفر لَهُ ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا شَبابَة، حَدثنِي وَرْقَاء، عَن
أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تَحَاجَّتْ النَّار وَالْجنَّة،
فَقَالَت النَّار: أُوثِرت بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ.
فَقَالَت الْجنَّة: فَمَا لي لَا يدخلني إِلَّا ضعفاء النَّاس وَسَقَطهمْ
وعجزهم؟ فَقَالَ الله - تَعَالَى - للجنة: أَنْت رَحْمَتي أرْحم بك من
أَشَاء. وَقَالَ للنار: أَنْت عَذَابي أعذب بك من أَشَاء من عبَادي، وَلكُل
وَاحِدَة مِنْكُمَا ملؤُهَا. فَأَما النَّار فَلَا تمتلئ، فَيَضَع قدمه
عَلَيْهَا، فَتَقول: قطّ قطّ. فهنالك تمتلئ وينزوي بَعْضهَا إِلَى بعض ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن سُهَيْل بن أبي
صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة " قَالُوا: يَا رَسُول الله، هَل نرى
رَبنَا يَوْم الْقِيَامَة؟ قَالَ: هَل تضَارونَ فِي رُؤْيَة الشَّمْس فِي
الظهيرة لَيست فِي سَحَابَة؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَهَل تضَارونَ فِي
رُؤْيَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر وَلَيْسَ فِي سَحَابَة؟ قَالُوا: لَا.
قَالَ: فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ، لَا تضَارونَ فِي رُؤْيَة ربكُم إِلَّا
كَمَا تضَارونَ فِي رُؤْيَة أَحدهمَا، قَالَ: فَيلقى العَبْد، فَيَقُول:
أَي فل، الم أكرمك، وأسودك، وأزوجك، وأسخر لَك الْخَيل وَالْإِبِل، وأذرك
تراس وتربع؟ فَيَقُول: بلَى. قَالَ: فَيَقُول: أفظننت أَنَّك ملاقي؟
فَيَقُول: لَا. فَيَقُول: فَإِنِّي أنساك / كَمَا نسيتني. ثمَّ يلقى فِي
النَّار، ثمَّ يلقى الثَّانِي فَيَقُول: أَي فل، الم أكرمك، وأسودك،
وأزوجك، واسخر لَك الْخَيل وَالْإِبِل، وأذرك ترأس وتربع؟ فَيَقُول: بلَى
أَي رب. فَيَقُول: أفظننت أَنَّك ملاقي؟ قَالَ: فَيَقُول: لَا فَيَقُول:
فَإِنِّي أنساك كَمَا نسيتني. ثمَّ يلقى الثَّالِث، فَيَقُول لَهُ مثل
ذَلِك، فَيَقُول: يَا رب، آمَنت بك، وبكتابك، وبرسلك، وَصليت، وَصمت،
(1/254)
وتصدقت، ويثني بِخَير مَا اسْتَطَاعَ،
فَيَقُول: هَا هُنَا إِذا. قَالَ: ثمَّ يُقَال لَهُ: الْآن نبعث شَاهدا
عَلَيْك. ويتفكر فِي نَفسه من ذَا الَّذِي يشْهد عَليّ فيختم على فِيهِ
وَيُقَال لفخذه [ولحمه وعظامه] : انْطِقِي. فينطق فَخذه ولحمه وعظامه
بِعَمَلِهِ، وَذَلِكَ ليعذر من نَفسه، وَذَلِكَ الْمُنَافِق، وَذَلِكَ
الَّذِي سخط الله عَلَيْهِ ".
بَاب قَول الله تَعَالَى {عَالم الْغَيْب فَلَا يظْهر على غيبه أحدا}
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف، ثَنَا سُفْيَان، عَن
إِسْمَاعِيل، عَن الشّعبِيّ، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة قَالَت: " من
حَدثَك أَن مُحَمَّدًا رأى ربه فقد كذب وَهُوَ يَقُول: {لَا تُدْرِكهُ
الْأَبْصَار وَهُوَ يدْرك الْأَبْصَار} وَمن حَدثَك أَنه يعلم الْغَيْب فقد
كذب وَهُوَ تَعَالَى يَقُول: لَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا خَالِد بن مخلد، ثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، ثَنَا
عبد الله بن دِينَار، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَفَاتِيح الْغَيْب خمس لَا يعلمهَا إِلَّا
الله: لَا يعلم مَا تغيض الْأَرْحَام إِلَّا الله، وَلَا يعلم مَا فِي غَد
إِلَّا الله، وَلَا يعلم مَتى يَأْتِي الْمَطَر أحد إِلَّا الله، وَلَا
تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت، وَلَا يعلم مَتى تقوم السَّاعَة إِلَّا
الله ".
بَاب فِي الْمَشِيئَة والإرادة {وَمَا تشاءون إِلَّا أَن يَشَاء الله}
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ،
وثنا إِسْمَاعِيل،
(1/255)
حَدثنِي أخي عبد الحميد، عَن سُلَيْمَان بن
بِلَال، عَن مُحَمَّد بن أبي عَتيق، عَن ابْن شهَاب، عَن عَليّ بن حُسَيْن،
أَن حُسَيْن بن عَليّ أخبرهُ أَن عَليّ بن أبي طَالب أخبرهُ " أَن رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / طرقه وَفَاطِمَة بنت رَسُول
الله فَقَالَ لَهُم: أَلا تصلونَ؟ قَالَ عَليّ: فَقلت: يَا رَسُول الله،
إِنَّمَا أَنْفُسنَا بيد الله، فَإِذا شَاءَ أَن يبعثنا بعثنَا، فَانْصَرف
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين قلت لَهُ ذَلِك
وَلم يرجع إِلَيّ شَيْئا، ثمَّ سمعته وهومدبر يضْرب فَخذه وَيَقُول:
وَكَانَ الْإِنْسَان أَكثر شَيْء جدلاً ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، ثَنَا شُعَيْب، عَن
الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي سَالم بن عبد الله أَن عبد الله بن عمر قَالَ:
سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ قَائِم
على الْمِنْبَر - يَقُول: " إِنَّمَا بقاؤكم فِيمَا سلف قبلكُمْ من
الْأُمَم كَمَا بَين صَلَاة الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس، أعطي أهل
التَّوْرَاة التَّوْرَاة، فعملوا بهَا حَتَّى انتصف النَّهَار ثمَّ عجزوا،
فأعطوا قيراطاً قيراطاً، ثمَّ أعطي أهل الْإِنْجِيل الْإِنْجِيل، فعملوا
بِهِ حَتَّى صَلَاة الْعَصْر ثمَّ عجزوا، فأعطوا قيراطاً قيراطاً، ثمَّ
أعطيتم الْقُرْآن، فعملتم بِهِ حَتَّى غرُوب الشَّمْس، فأعطيتم قيراطين
قيراطين، قَالَ أهل التَّوْرَاة: رَبنَا هَؤُلَاءِ أقل عملا وَأكْثر
جَزَاء. قَالَ: هَل ظلمتكم من أجركُم من شَيْء؟ قَالُوا: لَا. قَالَ:
فَذَلِك فضلي أوتيه من أَشَاء ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سِنَان، ثَنَا فليح، ثَنَا هِلَال بن
عَليّ، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مثل الْمُؤمن كَمثل خامة الزَّرْع
تفيء ورقه من حَيْثُ أتتها الرّيح تكفئها فَإِذا سكنت اعتدلت، وَكَذَلِكَ
الْمُؤمن يكفأ بالبلاء، وَمثل الْكَافِر كَمثل الأرزة صماء معتدلة حَتَّى
يقصمها الله إِذا شَاءَ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُعلى بن أَسد، ثَنَا وهيب، عَن أَيُّوب، عَن
مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - سُلَيْمَان بن دَاوُد كَانَ لَهُ سِتُّونَ امْرَأَة، فَقَالَ:
لأطوفن اللَّيْلَة على نسَائِي، [فلتحملن] كل امْرَأَة مِنْهُنَّ، ولتلدن
فارسياً يُقَاتل فِي
(1/256)
سَبِيل الله، فَطَافَ على نِسَائِهِ، فَمَا
ولدت مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَة وَاحِدَة، (ولدت بشق) غُلَام، قَالَ نَبِي
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَو كَانَ سُلَيْمَان
اسْتثْنى لحملت كل امْرَأَة مِنْهُنَّ، فَولدت فَارِسًا يُقَاتل فِي سَبِيل
الله ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد المسندي، ثَنَا هِشَام، أَنا
معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي إِدْرِيس، عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ:
" بَايَعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي رَهْط /
فَقَالَ: أُبَايِعكُم على أَن لَا تُشْرِكُوا بِاللَّه شَيْئا، وَلَا
تَسْرِقُوا [وَلَا تَزْنُوا] وَلَا تقتلُوا [أَوْلَادكُم] وَلَا تَأْتُوا
بِبُهْتَان تفترونه بَين أَيْدِيكُم وأرجلكم، وَلَا تعصوني فِي مَعْرُوف،
فَمن وفى مِنْكُم فَأَجره على الله، وَمن أصَاب من ذَلِك شَيْئا فَأخذ بِهِ
فِي الدُّنْيَا فَهُوَ لَهُ كَفَّارَة وطهور، وَمن ستره الله فَذَلِك إِلَى
الله، إِن شَاءَ عذبه، وَإِن شَاءَ غفر لَهُ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سَلام، أخبرنَا هشيم، عَن حُصَيْن، عَن
عبد الله بن أبي قَتَادَة، عَن أَبِيه - حِين نَامُوا عَن الصَّلَاة -
قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله قبض
أرواحكم حِين شَاءَ، وردهَا حِين شَاءَ. وقضوا حوائجهم، وَتَوَضَّئُوا
إِلَى أَن طلعت الشَّمْس وابيضت، فَقَامَ فصلى ".
البُخَارِيّ حَدثنَا يحيى بن قزعة، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن ابْن
شهَاب، عَن ابْن سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن والأعرج.
وثنا إِسْمَاعِيل، ثَنَا أخي، عَن سُلَيْمَان، عَن مُحَمَّد بن أبي عَتيق،
عَن ابْن شهَاب، عَن أبي سَلمَة وَسَعِيد بن الْمسيب أَن أَبَا هُرَيْرَة
قَالَ: " استب رجل من
(1/257)
الْمُسلمين وَرجل من الْيَهُود، فَقَالَ
الْمُسلم: وَالَّذِي اصْطفى مُحَمَّدًا على الْعَالمين. فِي قسم يقسم بِهِ،
فَقَالَ الْيَهُودِيّ: وَالَّذِي اصْطفى مُوسَى على الْعَالمين. فَرفع
الْمُسلم يَده عِنْد ذَلِك فلطم الْيَهُودِيّ، فَذهب الْيَهُودِيّ إِلَى
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأخْبرهُ بِالَّذِي
كَانَ من أمره وَأمر الْمُسلم فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: لَا تخيروني على مُوسَى، فَإِن النَّاس يصعقون [يَوْم
الْقِيَامَة] فَأَكُون أول من يفِيق، فَإِذا مُوسَى باطش بِجَانِب
الْعَرْش، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَن صعق فأفاق قبلي، أَو كَانَ مِمَّن
اسْتثْنى الله ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن أبي عِيسَى، ثَنَا يزِيد بن هَارُون،
أَنا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمَدِينَة يَأْتِيهَا
الدَّجَّال فيجد الْمَلَائِكَة يحرسونها فَلَا يقربهَا الدَّجَّال وَلَا
الطَّاعُون إِن شَاءَ الله ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا عبد الْوَارِث، عَن عبد الْعَزِيز،
عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
" إِذا دعوتم الله فاعزموا [فِي] الدُّعَاء، وَلَا يَقُولَن أحدكُم إِن
شِئْت فَأعْطِنِي، فَإِن الله لَا مستكره لَهُ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن همام سمع
أَبَا هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - /
قَالَ: " لَا يقل أحدكُم: اللَّهُمَّ اغْفِر لي إِن شِئْت، ارْحَمْنِي إِن
شِئْت، ارزقني إِن شِئْت، وليعزم مَسْأَلته، إِنَّه يفعل مَا يَشَاء، لَا
مكره لَهُ ".
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن مُوسَى الْأنْصَارِيّ، ثَنَا أنس بن عِيَاض،
ثَنَا الْحَارِث - وَهُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذُبَاب - عَن عَطاء
بن ميناء، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - " لَا يقل أحدكُم: اللَّهُمَّ اغْفِر لي إِن شِئْت،
اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِن شِئْت. ليعزم فِي الدُّعَاء؛ فَإِن الله صانع
مَا شَاءَ، لَا مكره لَهُ ".
(1/258)
مُسلم: حَدثنَا سعيد بن عَمْرو الأشعثي،
ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن سعيد ابْن حسان، عَن عُرْوَة بن عِيَاض،
عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " سَأَلَ رجل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِن عِنْدِي جَارِيَة لي وَأَنا أعزل
عَنْهَا. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن
ذَلِك لم يمْنَع شَيْئا أَرَادَهُ الله. قَالَ: فجَاء الرجل فَقَالَ: يَا
رَسُول الله، إِن الحارية الَّتِي كنت ذكرتها لَك حملت. فَقَالَ رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَنا عبد الله وَرَسُوله ".
مُسلم: حَدثنِي هَارُون بن سعيد الْأَيْلِي، ثَنَا عبد الله بن وهب،
أَخْبرنِي مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة، عَن أبي الوداك،
عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ سَمعه يَقُول: " سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْعَزْل، فَقَالَ: مَا من كل المَاء
يكون الْوَلَد، وَإِذا أَرَادَ الله - عز وَجل - خلق شَيْء لم يمنعهُ شَيْء
".
بَاب قَوْله تَعَالَى {كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه}
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن عَمْرو
بن دِينَار، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " لما نزلت هَذِه الْآيَة {قل
هُوَ الْقَادِر على أَن يبْعَث عَلَيْكُم عذَابا من فَوْقكُم} قَالَ
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أعوذ بِوَجْهِك. فَقَالَ
{أَو من تَحت أَرْجُلكُم} فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: أعوذ بِوَجْهِك. فَقَالَ {أَو يلْبِسكُمْ شيعًا} فَقَالَ
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَذَا أيسر ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن
عَمْرو بن مرّة،
(1/259)
عَن أبي عُبَيْدَة، عَن أبي مُوسَى
الْأَشْعَرِيّ قَالَ: " قَامَ فِينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِخمْس كَلِمَات فَقَالَ: إِن الله لَا ينَام، وَلَا
يَنْبَغِي لَهُ أَن ينَام، يخْفض الْقسْط وَيَرْفَعهُ، يرفع إِلَيْهِ عمل
النَّهَار قبل عمل اللَّيْل، وَعمل اللَّيْل / قبل عمل النَّهَار، حجابه
النَّار، لَو كشفه لأحرقت سبحات وَجهه مَا انْتهى إِلَيْهِ بَصَره من خلقه
".
تقدم هَذَا من طَرِيق مُسلم، رَوَاهُ عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَأبي كريب،
كِلَاهُمَا عَن أبي مُعَاوِيَة بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَفِي حَدِيث أبي
كريب: " حجابة النُّور ".
بَاب قَول الله تَعَالَى {ويحذركم الله نَفسه}
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَبْدَانِ، عَن أبي حَمْزَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي
صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - قَالَ: " لما خلق الله الْخلق كتب فِي كِتَابه - هُوَ يكْتب
على نَفسه، وَهُوَ وضع عِنْده على الْعَرْش -: إِن رَحْمَتي تغلب غَضَبي ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش: سَمِعت
أَبَا صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَقُول الله - عز وَجل -: أَنا عِنْد ظن عَبدِي
بِي، وَأَنا مَعَه إِذا ذَكرنِي، فَإِن ذَكرنِي فِي نَفسه ذكرته فِي
نَفسِي، وَإِن ذَكرنِي فِي مَلأ ذكرته فِي مَلأ خير مِنْهُم، وَإِن تقرب
إِلَيّ بشبر تقربت إِلَيْهِ ذِرَاعا، وَإِن تقرب إِلَيّ ذِرَاعا تقربت
(مِنْهُ) باعاً، و (من) أَتَانِي يمشي أَتَيْته هرولة ".
(1/260)
بَاب قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا شخص أغير من الله "
مُسلم: حَدثنِي عبيد الله بن عمر القواريري وَأَبُو كَامِل فُضَيْل بن
حُسَيْن الجحدري - وَاللَّفْظ لأبي كَامِل - قَالَا: ثَنَا أَبُو عوَانَة،
عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن وراد كَاتب الْمُغيرَة، عَن الْمُغيرَة بن
شُعْبَة قَالَ: " قَالَ سعد بن عبَادَة: لَو رَأَيْت رجلا مَعَ امْرَأَتي
لضربته بِالسَّيْفِ غير مصفح عَنهُ. فَبلغ ذَلِك رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أتعجبون من غيرَة سعد؟ فوَاللَّه
لأَنا أغير مِنْهُ، وَالله أغير مني، من أجل غيرَة الله حرم الْفَوَاحِش
مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن، وَلَا شخص أغير من الله، وَلَا شخص أحب
إِلَيْهِ الْعذر من الله، من أجل ذَلِك بعث الْمُرْسلين مبشرين ومنذرين،
وَلَا شخص أحب إِلَيْهِ الْمَدْح من الله، من أجل ذَلِك وعد الْجنَّة ".
بَاب {قل أَي شَيْء أكبر شَهَادَة قل الله}
قَالَ البُخَارِيّ: فَسمى الله نَفسه شَيْئا، وسمى النَّبِي الْقُرْآن
شَيْئا، وَهُوَ صفة من صِفَات الله، وَقَالَ: {كل شَيْء هَالك إِلَّا
وَجهه} .
/ البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، أَنا مَالك، عَن أبي حَازِم،
عَن سهل بن سعد: " قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
لرجل: أَمَعَك من الْقُرْآن شَيْء؟ قَالَ: نعم، سُورَة كَذَا وَسورَة
كَذَا، لسور سَمَّاهَا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا همام، عَن يحيى، عَن
أبي
(1/261)
سَلمَة، أَن عُرْوَة بن الزبير حَدثهُ، عَن
أمه أَسمَاء أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - يَقُول: " لَا شَيْء أغير من الله - عز وَجل ". وَعَن يحيى أَن أَبَا
سَلمَة حَدثهُ أَن أَبَا هُرَيْرَة حَدثهُ أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
بَاب مَا يذكر فِي الذَّات
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، ثَنَا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ،
أَخْبرنِي عَمْرو بن أبي سُفْيَان بن أسيد بن جَارِيَة الثَّقَفِيّ -
حَلِيف لبني زهرَة، وَكَانَ ن أَصْحَاب أبي هُرَيْرَة - أَن أَبَا
هُرَيْرَة قَالَ: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- عشرَة، مِنْهُم خبيب الْأنْصَارِيّ، فَأَخْبرنِي عبيد الله بن عِيَاض،
أَن ابْنة الْحَارِث أَخْبَرتهم، أَنهم حِين اجْتَمعُوا اسْتعَار مِنْهَا
مُوسَى يستحد بهَا، فَلَمَّا خَرجُوا من الْحرم ليقتلوه قَالَ خبيب: %
((مَا أُبَالِي) حِين أقتل مُسلما % على أَي شقّ كَانَ لله مصرعي) % %
(وَذَلِكَ فِي ذَات الْإِلَه وَإِن يَشَأْ % يُبَارك على أوصال شلو ممزع) %
فَقتله ابْن الْحَارِث، فَأخْبرهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - أَصْحَابه يَوْم أصيبوا ".
بَاب سُؤال النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - السودَان
أَيْن الله
وَفِيه حَدِيث أبي رزين، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " كَانَ الله وَلم
يكن شَيْء غَيره " فَدخل فِي ذَلِك الزَّمَان وَالْمَكَان.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الصَّباح وَأَبُو بكر بن أبي
شيبَة - وتقاربا
(1/262)
فِي لفظ الحَدِيث - قَالَا: ثَنَا
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن حجاج الصَّواف، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن
هِلَال بن أبي مَيْمُونَة، عَن عَطاء بن يسَار، عَن مُعَاوِيَة ابْن الحكم
السّلمِيّ قَالَ: " بَينا أَنا أُصَلِّي مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ عطس رجل من الْقَوْم، فَقلت: يَرْحَمك الله.
فَرَمَانِي الْقَوْم بِأَبْصَارِهِمْ، فَقلت: واثكل أمِّياه، مَا شَأْنكُمْ
تنْظرُون إِلَيّ؟ فَجعلُوا يضْربُونَ بِأَيْدِيهِم على أفخادهم، فَلَمَّا
رَأَيْتهمْ يصمتونني / لكني سكت، فَلَمَّا صلى رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فبأبي هُوَ وَأمي، مَا رَأَيْت معلما قبله
وَلَا بعده أحسن تَعْلِيما مِنْهُ، فوَاللَّه مَا كَهَرَنِي وَلَا
ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي ثمَّ قَالَ: إِن هَذِه الصَّلَاة لَا يصلح
فِيهَا شَيْء من كَلَام النَّاس، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير
وَقِرَاءَة الْقُرْآن - أَو كَمَا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي حَدِيث عهد بجاهلية،
وَقد جَاءَ الله بِالْإِسْلَامِ، وَإِن [منا رجَالًا يأْتونَ الْكُهَّان
قَالَ: فَلَا تأتيهم. قَالَ: و] منا رجَالًا يَتَطَيَّرُونَ، قَالَ: ذَاك
شَيْء يجدونه فِي صُدُورهمْ فَلَا يصدنهم - وَقَالَ ابْن الصَّباح: فَلَا
يصدنكم - قَالَ: قلت: وَمنا رجلا يخطون. قَالَ: كَانَ نَبِي من
الْأَنْبِيَاء يخط، فَمن وَافق خطه فَذَاك. قَالَ: وَكَانَت لي جَارِيَة
ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية فاطلعت ذَات يَوْم، فَإِذا الذِّئْب قد ذهب
بِشَاة من غنمها، وَأَنا رجل من بني آدم آسَف كَمَا يأسفون، لكني
صَكَكْتهَا صَكَّة، فَأتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - فَعظم ذَلِك عَليّ قلت: يَا رَسُول الله، أَفلا أعْتقهَا؟ قَالَ:
ائْتِنِي بهَا. فَأَتَيْته بهَا، قَالَ أَيْن الله؟ قَالَت: فِي السَّمَاء.
قَالَ: من أَنا؟ قَالَت: أَنْت رَسُول الله. قَالَ: أعْتقهَا، فَإِنَّهَا
مُؤمنَة ".
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن يعلى بن
عَطاء، عَن وَكِيع بن حدس، عَن أبي رزين قَالَ: " كَانَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكره أَن يسْأَل، فَإِذا
(1/263)
سَأَلَهُ أَبُو رزين أعجبه، قَالَ قلت: يَا
رَسُول الله، أَيْن كَانَ رَبنَا - تبَارك وَتَعَالَى - قبل أَن يخلق
السَّمَاوَات وَالْأَرْض؟ قَالَ: فِي عماء مَا فَوْقه هَوَاء وَمَا
تَحْتَهُ هَوَاء، ثمَّ خلق الْعَرْش على المَاء ". وَيُقَال: وَكِيع بن
عدس.
بَاب وَكَانَ عَرْشه على المَاء
وَقَوله تَعَالَى {وَهُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم}
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَبْدَانِ، ثَنَا أَبُو حَمْزَة، عَن الْأَعْمَش، عَن
جَامع بن شَدَّاد، عَن صَفْوَان بن مُحرز، عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: "
إِنِّي عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ
جَاءَهُ قوم من بني تَمِيم، فَقَالَ: اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بني تَمِيم.
قَالُوا: بشرتنا فَأَعْطِنَا. فَدخل نَاس من أهل الْيمن، فَقَالَ:
اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أهل الْيمن، إِذْ لم يقبلهَا بَنو تَمِيم.
قَالُوا: قبلنَا، جئْنَاك لنتفقه فِي الدَّين، ولنسألك عَن أول هَذَا
الْأَمر مَا كَانَ. قَالَ: كَانَ الله وَلم يكن شَيْء قبله، وَكَانَ عَرْشه
على المَاء، ثمَّ خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض، وَكتب فِي الذّكر كل شَيْء.
ثمَّ أَتَانِي رجل فَقَالَ: يَا عمرَان، أدْرك نَاقَتك فقد ذهبت.
فَانْطَلَقت أطلبها فَإِذا السراب يَنْقَطِع دونهَا، وَايْم الله لَوَدِدْت
أَنَّهَا قد ذهبت وَلم أقِم ".
البُخَارِيّ حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، ثَنَا أَبُو
الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله لما قضى الْخلق كتب
عِنْده فَوق عَرْشه: إِن رَحْمَتي سبقت غَضَبي ".
(1/264)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد [بن]
الصَّباح الْبَزَّاز، حَدثنَا الْوَلِيد بن أبي ثَوْر، عَن سماك، عَن عبد
الله بن عميرَة، عَن الْأَحْنَف بن قيس، عَن الْعَبَّاس ابْن عبد الْمطلب
قَالَ: " كنت فِي الْبَطْحَاء فِي عِصَابَة فيهم رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فمرت بهم سَحَابَة، فَنظر إِلَيْهَا،
فَقَالَ: مَا تسعون هَذِه؟ قَالُوا: السَّحَاب. قَالَ: والمزن؟ قَالُوا:
والمزن. قَالَ: والعنان؟ قَالُوا: والعنان - قَالَ أَبُو دَاوُد: وَلم أتقن
الْعَنَان جيدا - قَالَ: هَل تَدْرُونَ بعد مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض؟
قَالُوا: لَا نَدْرِي. قَالَ: إِن بعد مَا بَينهمَا إِمَّا وَاحِدَة أَو
اثْنَتَانِ أَو ثَلَاث وَسَبْعُونَ سنة، ثمَّ السَّمَاء فَوْقهَا كَذَلِك.
حَتَّى عد سبع سماوات، ثمَّ فَوق السَّابِعَة بَحر بَين أَسْفَله وَأَعلاهُ
مثل مَا بَين السَّمَاء إِلَى السَّمَاء، ثمَّ فَوق ذَلِك ثَمَانِيَة أوعال
بَين أظلافهم وركبهم مثل مَا بَين سَمَاء إِلَى سَمَاء، ثمَّ على ظُهُورهمْ
الْعَرْش مَا بَين أَسْفَله وَأَعلاهُ مثل مَا بَين سَمَاء إِلَى سَمَاء،
ثمَّ الله فَوق ذَلِك - تبَارك وَتَعَالَى ".
وَحدثنَا أَحْمد بن أبي سُرَيج، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن سعد
وَمُحَمّد بن سعيد قَالَا: أخبرنَا عَمْرو بن أبي قيس، عَن سماك
بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ. لَا يعلم للأحنف سَماع من الْعَبَّاس، وَقد
رَوَاهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ، عَن عبد ابْن حميد، عَن عبد
الرَّحْمَن بن سعد بِإِسْنَاد أبي دَاوُد، وَقَالَ: حَدِيث حسن غَرِيب.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الْأَعْلَى بن حَمَّاد وَمُحَمّد بن الْمثنى
وَمُحَمّد بن بشار وَأحمد بن سعيد الرباطي قَالُوا: ثَنَا وهب بن جرير -
قَالَ أَحْمد: كتبناه من نسخته، وَهَذَا لَفظه - حَدثنَا أبي، قَالَ:
سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْحَاق يحدث، عَن يَعْقُوب بن عتبَة، عَن جُبَير بن
مُحَمَّد بن جُبَير بن / مطعم، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: " أَتَى رَسُول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَعْرَابِي، فَقَالَ: يَا
رَسُول الله، جهدت الْأَنْفس،
(1/265)
وضاعت الْعِيَال، ونهكت الْأَمْوَال،
وَهَلَكت الْأَنْعَام، فاستق الله لنا، فَإنَّا نستشفع بك على الله،
ونستشفع بِاللَّه عَلَيْك. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - وَيحك، أَتَدْرِي مَا تَقول؟ وَسبح رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمَا زَالَ يسبح حَتَّى عرف ذَلِك فِي
وُجُوه أَصْحَابه، ثمَّ قَالَ: وَيحك، إِنَّه لَا يستشفع بِاللَّه على أحد
من خلقه، شَأْن الله أعظم من ذَلِك، وَيحك أَتَدْرِي مَا الله؟ إِن عَرْشه
على سماواته لهكذا. وَقَالَ بأصابعه مثل الْقبَّة عَلَيْهِ، وَإنَّهُ ليئط
بِهِ أطيط الرحل بالراكب " قَالَ ابْن بشار فِي حَدِيثه: " إِن الله فَوق
عَرْشه، وعرشه فَوق سماواته ... " وسَاق الحَدِيث، وَقَالَ عبد الْأَعْلَى
وَابْن الْمثنى وَابْن بشار، عَن يَعْقُوب بن عتبَة وَجبير بن مُحَمَّد بن
جُبَير، عَن أَبِيه، عَن جده.
قَالَ أَبُو دَاوُد: والْحَدِيث بِإِسْنَاد حَدِيث أَحْمد بن سعيد هُوَ
الصَّحِيح، وَافقه عَلَيْهِ جمَاعَة، وَرَوَاهُ جمَاعَة عَن ابْن إِسْحَاق
كَمَا قَالَ أَحْمد أَيْضا، وَكَانَ سَماع عبد الْأَعْلَى وَابْن الْمثنى
وَابْن بشار من نُسْخَة وَاحِدَة فِيمَا بَلغنِي.
جُبَير بن مُحَمَّد روى عَنهُ يَعْقُوب بن عتبَة وحصين بن عبد الرَّحْمَن.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَفْص بن عبد الله، حَدثنِي أبي، حَدثنِي
إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، عَن مُوسَى بن عقبَة، عَن مُحَمَّد بن
الْمُنْكَدر، عَن جَابر بن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أذن لي أَن أحدث عَن ملك من مَلَائِكَة
الله من حَملَة الْعَرْش، أَن مَا بَين شحمة أُذُنه إِلَى عَاتِقه مسيرَة
سَبْعمِائة عَام ".
بَاب قَوْله {وَهُوَ مَعكُمْ أَيْن مَا كُنْتُم}
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَاصِم، عَن
أبي
(1/266)
عُثْمَان، عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ
قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -،
فَكُنَّا إِذا أَشْرَفنَا على وَاد هللنا وَكَبَّرْنَا، وَارْتَفَعت
أصواتنا، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا
أَيهَا النَّاس، أربعوا على أَنفسكُم، فَإِنَّكُم لَا تدعون أَصمّ وَلَا
غَائِبا / إِنَّه مَعكُمْ إِنَّه سميع قريب ".
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أخبرنَا الثَّقَفِيّ، ثَنَا
خَالِد الْحذاء، عَن أبي عُثْمَان، عَن أبي مُوسَى قَالَ: " كُنَّا مَعَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غزَاة ... " فَذكر
حَدِيثه وَقَالَ فِيهِ: " وَالَّذِي تَدعُونَهُ أقرب إِلَى أحدكُم من عنق
رَاحِلَة أحدكُم ".
بَاب مَا جَاءَ أَن قل هُوَ الله أحد صفة الرَّحْمَن جلّ جَلَاله
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن وهب، ثَنَا عمي عبد الله بن
وهب، ثَنَا عَمْرو بن الْحَارِث، عَن سعيد بن أبي هِلَال، أَن أَبَا
الرِّجَال مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن حَدثهُ، عَن أمه عمْرَة بنت عبد
الرَّحْمَن - وَكَانَت فِي حجر عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[عَن عَائِشَة] " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث رجلا على سَرِيَّة، وَكَانَ يقْرَأ لأَصْحَابه
فِي صلَاته، فيختم بقل هُوَ الله أحد، فَلَمَّا رجعُوا ذكرُوا ذَلِك
لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: سلوه لأي
شَيْء يصنع ذَلِك؟ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: لِأَنَّهَا صفة الرَّحْمَن، فَأَنا
أحب أَن أَقرَأ بهَا. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - أَخْبرُوهُ أَن الله يُحِبهُ ".
قَالَ ابْن أبي حَاتِم: سَأَلت مُحَمَّد بن عبد الله بن الحكم عَن أَحْمد
بن عبد الرَّحْمَن بن وهب، فَقَالَ: ثِقَة مَا رَأينَا إِلَّا خيرا. قلت:
سمع من عَمه؟ قَالَ: إِي وَالله، سمع قَالَ: وَسمعت أبي يَقُول: كَانَ
صَدُوقًا، كتبنَا عَنهُ
(1/267)
وَأمره مُسْتَقِيم ثمَّ خلط بعد ثمَّ
جَاءَنِي خَبره أَنه رَجَعَ عَن التَّخْلِيط. وَقَالَ الْحَاكِم: إِنَّمَا
اخْتَلَط أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن وهب بعد خُرُوج [مُسلم] من مصر.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد، عَن [ابْن] وهب بِهَذَا وَلم
يقل: كَانَت فِي حجر عَائِشَة.
وَرَوَاهُ البُخَارِيّ أَيْضا (عَن مُحَمَّد) عَن أَحْمد بن صَالح، عَن
ابْن وهب بِهَذَا الْإِسْنَاد.
بَاب قَوْله تَعَالَى {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَهُوَ يدْرك
الْأَبْصَار} وَقَوله {وَلَقَد رَآهُ بالأفق الْمُبين}
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن
دَاوُد، عَن الشّعبِيّ، عَن مَسْرُوق قَالَ: " كنت مُتكئا عِنْد عَائِشَة،
فَقَالَت: يَا أَبَا عَائِشَة، ثَلَاث من تكلم بِوَاحِدَة مِنْهُنَّ / فقد
أعظم على الله الْفِرْيَة. قلت: مَا هن؟ قَالَت: من زعم أَن مُحَمَّدًا -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى ربه، فقد أعظم على الله
الْفِرْيَة - قَالَ: وَكنت مُتكئا، فَجَلَست، فَقلت: يَا أم الْمُؤمنِينَ،
أنظريني وَلَا تعجليني، ألم يقل الله - عز وَجل -، {وَلَقَد رَآهُ بالأفق
الْمُبين} و {وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} فَقَالَت: أَنا أول هَذِه الْأمة
سَأَلَ عَن ذَلِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -،
فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيل لم أره على صورته الَّتِي خلق
(1/268)
عَلَيْهَا غير هَاتين الْمَرَّتَيْنِ،
رَأَيْته منهبطاً من السَّمَاء سَادًّا عظم خلقه مَا بَين السَّمَاء إِلَى
الأَرْض. فَقَالَت: الم تسمع أَن الله يَقُول: {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار
وَهُوَ يدْرك الْأَبْصَار وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير} أَو لم تسمع أَن
الله - عز وَجل - يَقُول: {وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا وَحيا
أَو من وَرَاء حجاب أَو يُرْسل رَسُولا فَيُوحِي بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء
إِنَّه عَليّ حَكِيم} قَالَت: وَمن زعم أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كتم شَيْئا من كتاب الله - عز وَجل - فقد أعظم الله
على الْفِرْيَة، وَالله - عز وَجل - يَقُول: {يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا
أنزل إِلَيْك من رَبك وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته} قَالَت: وَمن زعم
أَنه يخبر بِمَا يكون فِي غَد، فقد أعظم على الله الْفِرْيَة. وَالله - عز
وَجل - يَقُول: {قل لَا يعلم من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض الْغَيْب
إِلَّا الله} ".
وَحدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا عبد الْوَهَّاب، ثَنَا دَاوُد بِهَذَا
الْإِسْنَاد نَحْو حَدِيث ابْن علية وَزَاد: " قَالَت: وَلَو كَانَ
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَاتِما شَيْئا مِمَّا
أنزل عَلَيْهِ لكَتم هَذِه الْآيَة: {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله
عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ أمسك عَلَيْك زَوجك وَاتَّقِ الله وتخفي فِي
نَفسك مَا الله مبديه وتخشى النَّاس وَالله أَحَق أَن تخشاه} "
وَفِي بعض طرق مُسلم من قَول عَائِشَة لمسروق: " سُبْحَانَ الله لقد قف
شعري لما قلت ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، ثَنَا أبي.
(1/269)
وثنا حجاج بن الشَّاعِر، حَدثنَا عَفَّان
بن مُسلم، ثَنَا همام، كِلَاهُمَا عَن قَتَادَة، عَن عبد الله بن شَقِيق
قَالَ: " قلت لأبي ذَر: لَو رَأَيْت رَسُول الله
لسألته، فَقَالَ: عَن أَي شَيْء كنت تسأله؟ قَالَ: كنت أسأله: هَل رَأَيْت
رَبك؟ قَالَ أَبُو ذَر: قد سَأَلته، فَقَالَ: رَأَيْت نورا ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي / شيبَة، ثَنَا وَكِيع، عَن يزِيد بن
إِبْرَاهِيم، عَن قَتَادَة، عَن عبد الله بن شَقِيق، عَن أبي ذَر قَالَ: "
سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَل رَأَيْت
رَبك - عز جَلَاله -؟ قَالَ نور أَنى أرَاهُ ".
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أَخْبرنِي ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس،
عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي عمر بن ثَابت الْأنْصَارِيّ أَنه أخبرهُ بعض
أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَن
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ يَوْم حذر
النَّاس الدَّجَّال: إِنَّه مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر، يَقْرَؤُهُ
من كره عمله، أَو يَقْرَؤُهُ كل مُؤمن، وَقَالَ: تعلمُونَ أَنه لن يرى أحد
مِنْكُم ربه حَتَّى يَمُوت ".
رَوَاهُ مُسلم أَيْضا عَن الْحسن الْحلْوانِي وَعبد بن حميد كِلَاهُمَا
يَقُول: حَدثنَا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن سعد - ثَنَا أبي،
عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَرَوَاهُ أَبُو بكر الْبَزَّار فَجعله عَن عبَادَة بن الصَّامِت،
وَسَيَأْتِي ذكره فِي بَاب ذكر الدَّجَّال من كتاب الْفِتَن - إِن شَاءَ
الله.
(1/270)
بَاب قَول الله تَعَالَى
{وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة إِلَى رَبهَا ناظرة}
مُسلم: حَدثنَا نصر بن عَليّ الْجَهْضَمِي وَأَبُو غَسَّان المسمعي
وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، جَمِيعًا عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الصَّمد -
وَاللَّفْظ لأبي غَسَّان - قَالَ: ثَنَا أَبُو عبد الصَّمد، ثَنَا أَبُو
عمرَان الْجونِي، عَن أبي بكر بن عبد الله بن قيس، عَن أَبِيه، عَن
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " جنتان من فضَّة
أنيتها وَمَا فيهمَا، وجنتان من ذهب آنيتهما وَمَا فيهمَا، وَمَا بَين
الْقَوْم وَبَين أَن ينْظرُوا إِلَى رَبهم إِلَّا رِدَاء الْكبر على وَجهه
فِي جنَّة عدن ".
أَبُو عمرَان اسْمه عبد الْملك بن حبيب الْأَزْدِيّ، وَأَبُو بكر بن عبد
الله قيل: اسْمه كنيته، وَعبد الله بن قيس هُوَ أَبُو مُوسَى
الْأَشْعَرِيّ.
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن عمر بن ميسرَة، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن
مهْدي، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن
بن أبي ليلى، عَن صُهَيْب، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - " إِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة، قَالَ: يَقُول الله -
تبَارك وَتَعَالَى -: تُرِيدُونَ شَيْئا أَزِيدكُم؟ فَيَقُولُونَ: ألم تبيض
وُجُوهنَا، ألم تُدْخِلنَا الْجنَّة، وتنجنا من النَّار، قَالَ: فَيكْشف
الْحجاب / فَمَا أعْطوا شَيْئا أحب إِلَيْهِم من النّظر إِلَى رَبهم - عز
وَجل ".
وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، عَن حَمَّاد بن
سَلمَة
(1/271)
بِهَذَا الْإِسْنَاد " ثمَّ تَلا هَذِه
الْآيَة {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة} "
البُخَارِيّ: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا عَاصِم بن يُوسُف
الْيَرْبُوعي، ثَنَا أَبُو شهَاب، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن قيس
بن أبي حَازِم، عَن جرير، قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " إِنَّكُم سَتَرَوْنَ ربكُم عيَانًا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن عون، ثَنَا خَالِد [أَو] هشيم، عَن
إِسْمَاعِيل، عَن قيس، عَن جرير بن عبد الله قَالَ: " كُنَّا جُلُوسًا
عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ نظر إِلَى
الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر قَالَ: إِنَّكُم سَتَرَوْنَ ربكُم كَمَا ترَوْنَ
هَذَا الْقَمَر، لَا تضَامون فِي رُؤْيَته، فَإِن اسْتَطَعْتُم أَن لَا
تغلبُوا على صَلَاة قبل طُلُوع الشَّمْس وَصَلَاة قبل غرُوب الشَّمْس
فافعلوا ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد.
وَحدثنَا ابْن معَاذ، ثَنَا ابي [حَدثنَا] شُعْبَة - الْمَعْنى - عَن يعلى
بن عَطاء، عَن وَكِيع بن عدس - قَالَ مُوسَى: ابْن حدس - عَن أبي رزين -
قَالَ مُوسَى: الْعقيلِيّ - قَالَ: " قلت: يَا رَسُول الله، أكلنَا يرى ربه
مخلباً بِهِ يَوْم الْقِيَامَة، وَمَا آيَة ذَلِك فِي خلقه؟ قَالَ: يَا
أَبَا رزين، أَلَيْسَ كلكُمْ يرى الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر مخلباً بِهِ؟
قلت: بلَى. قَالَ: فَالله أعظم. قَالَ: فَإِنَّمَا هُوَ خلق من خلق الله،
فَالله أجل وَأعظم ".
(1/272)
هَذَا لفظ ابْن معَاذ وَهُوَ أتم.
بَاب فِي الرَّد عِلّة الْجَهْمِية
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عَليّ بن نصر وَمُحَمّد بن يُونُس النَّسَائِيّ -
وَهَذَا لَفظه الْمَعْنى - قَالَا: ثَنَا عبد الله بن يزِيد الْمُقْرِئ،
ثَنَا حَرْمَلَة - يَعْنِي: ابْن عمرَان - ثَنَا أَبُو يُونُس سليم بن
جُبَير مولى أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: - قَالَ
ابْن يُونُس: يقْرَأ هَذِه الْآيَة - " {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن
تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} إِلَى قَوْله - عز وَجل -: {سميعاً
بَصيرًا} رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يضع
إبهامه على أُذُنه، وَالَّتِي تَلِيهَا على عينه. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة:
رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرؤهَا
وَيَضَع أصبعيه ".
قَالَ ابْن يُونُس: قَالَ الْمُقْرِئ: يَعْنِي أَن الله سميع بَصِير،
يَعْنِي [أَن الله سمعا وبصراً] قَالَ أَبُو دَاوُد: وَهَذَا رد على /
الْجَهْمِية.
حَرْمَلَة هُوَ ابْن عمرَان بن قراد التجِيبِي أَبُو حَفْص، قَالَ أَحْمد
بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين: حَرْمَلَة بن عمرَان التجِيبِي ثِقَة. ذكر
ذَلِك ابْن أبي حَاتِم.
البُخَارِيّ حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا جوَيْرِية، عَن نَافِع،
عَن عبد الله قَالَ: " ذكر الدَّجَّال عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِن الله لَا يخفي عَلَيْكُم، إِن الله
لَيْسَ بأعور - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عينه - وَإِن الْمَسِيح
الدَّجَّال أَعور عين الْيُمْنَى، كَأَن عينه عنبة طافية ".
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس، ثَنَا فُضَيْل - يَعْنِي
ابْن عِيَاض - عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي،
عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: " جَاءَ حبر إِلَى النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا مُحَمَّد - أَو يَا أَبَا
الْقَاسِم - إِن الله
(1/273)
يمسك السَّمَاوَات يَوْم الْقِيَامَة على
أصْبع، وَالْأَرضين على أصْبع، وَالْجِبَال وَالشَّجر على أصْبع، وَالْمَاء
وَالثَّرَى على أصْبع، وَسَائِر الْخلق على أصْبع، ثمَّ يَهُزهُنَّ
فَيَقُول: أَنا الْملك، أَنا الْملك. فَضَحِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَعَجبا مِمَّا قَالَ الحبر تَصْدِيقًا لَهُ، ثمَّ
قَرَأَ {وَمَا قدرُوا الله حق قدره وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبضته يَوْم
الْقِيَامَة وَالسَّمَوَات مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
عَمَّا يشركُونَ}
وَحدثنَا: [عُثْمَان] بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، كِلَاهُمَا
عَن جرير، عَن مَنْصُور، بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " جَاءَ حبر من
الْيَهُود إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... "
بِمثل حَدِيث فُضَيْل، وَلم يذكر: " ثمَّ يَهُزهُنَّ ". وَقَالَ: " فَلَقَد
رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ضحك حَتَّى
بَدَت نَوَاجِذه تَعَجبا لما قَالَ تَصْدِيقًا لَهُ. قَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {وَمَا قدرُوا الله حق قدره}
الْآيَة.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مقدم بن مُحَمَّد، حَدثنِي عمي الْقَاسِم بن يحيى،
عَن عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " إِن الله يقبض يَوْم
الْقِيَامَة الأَرْض، وَتَكون السَّمَاوَات بِيَمِينِهِ، ثمَّ يَقُول: أَنا
الْملك ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن الْعَلَاء -
الْمَعْنى - قَالَا: ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن عمر بن حَمْزَة قَالَ:
قَالَ سَالم: أَخْبرنِي عبد الله بن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يطوي / الله السَّمَاوَات يَوْم
الْقِيَامَة، ثمَّ يأخذهن بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ثمَّ يَقُول: أَنا الْملك،
أَيْن الجبارون، أَيْن المتكبرون، ثمَّ يطوي الله الْأَرْضين ثمَّ يأخذهن -
قَالَ ابْن الْعَلَاء: بِيَدِهِ الْأُخْرَى - ثمَّ يَقُول: أَنا الْملك،
أَيْن
(1/274)
الجبارون، أَيْن المتكبرون ".
تقدم هَذَا الحَدِيث لمُسلم - رَحمَه الله - من طَرِيق عمر بن حَمْزَة
أَيْضا، وَقَالَ فِيهِ: " يأخذهن بِشمَالِهِ " بَدَلا من " يَده الْأُخْرَى
".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب وَابْن نمير
قَالُوا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو - يَعْنِي ابْن دِينَار
- عَن عَمْرو بن أَوْس، عَن عبد الله ابْن عَمْرو. قَالَ ابْن نمير وَأَبُو
بكر: يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَفِي
حَدِيث زُهَيْر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " إِن المقسطين عِنْد الله على مَنَابِر من نور، عَن يَمِين
الرَّحْمَن، وكلتا يَدَيْهِ يَمِين، الَّذين يعدلُونَ فِي حكمهم وأهليهم
وَمَا ولوا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، ثَنَا شُعَيْب، أَنا أَبُو
الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَد الله ملأى لَا يغيضها نَفَقَة،
سحاء اللَّيْل وَالنَّهَار، وَقَالَ: أَرَأَيْتُم مَا أنْفق مُنْذُ خلق
السَّمَاوَات وَالْأَرْض، فَإِنَّهُ لم يغض مَا فِي يَده. وَقَالَ: عَرْشه
على المَاء، وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْمِيزَان يخْفض وَيرْفَع ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق بن همام، ثَنَا
معمر بن رَاشد، عَن همام بن مُنَبّه أخي وهب بن مُنَبّه قَالَ: هَذَا مَا
حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله، فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا:
وَقَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن
الله قَالَ لي: أنْفق أنْفق عَلَيْك ". وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَمِين الله ملأى لَا يغيضها سحاء
اللَّيْل وَالنَّهَار، أَرَأَيْتُم مَا أنْفق مُنْذُ خلق السَّمَاوَات
وَالْأَرْض، فَإِنَّهُ لم يغض مَا فِي يَمِينه، قَالَ: وعرشه على المَاء،
وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْقَبْض يرفع ويخفض ".
(1/275)
بَاب قَوْله تَعَالَى {إِن رَبك هُوَ
الخلاق الْعَلِيم}
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن مُوسَى، ثَنَا أنس بن عِيَاض، حَدثنِي
الْحَارِث ابْن أبي ذُبَاب، عَن يزِيد بن هُرْمُز وَعبد الرَّحْمَن
الْأَعْرَج قَالَا: سمعنَا أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ / رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " احْتج آدم ومُوسَى - عَلَيْهِمَا
السَّلَام - عِنْد ربهما، فحج آدم مُوسَى، قَالَ مُوسَى: أَنْت آدم الَّذِي
خلقك الله بِيَدِهِ، وَنفخ فِيك من روحه وأسجد لَك مَلَائكَته، وأسكنك فِي
جنته، ثمَّ أهبطت النَّاس بخطيئتك إِلَى الآرض؟ قَالَ آدم: أَنْت مُوسَى
الَّذِي اصطفاك الله برسالته وبكلامه وأعطاك الألواح فِيهَا تبيان كل
شَيْء، وقربك نجيا؟ فبكم وجدت الله كتب التَّوْرَاة من قبل أَن أخلق؟ قَالَ
مُوسَى: بِأَرْبَعِينَ عَاما. قَالَ آدم: فَهَل وجدت فِيهَا: وَعصى آدم ربه
فغوى؟ قَالَ: نعم. قَالَ: أفتلومني على أَن عملت عملا كتبه الله عَليّ أَن
أعمله قبل أَن يخلقني بِأَرْبَعِينَ سنة؟ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فحج آدم مُوسَى - عَلَيْهِمَا السَّلَام ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير
وَأَبُو كريب - وَأَلْفَاظهمْ مُتَقَارِبَة - قَالُوا: نَا ابْن فُضَيْل،
عَن عمَارَة، عَن أبي زرْعَة قَالَ: " دخلت مَعَ أبي هُرَيْرَة فِي دَار
مَرْوَان - يَعْنِي فَرَأى فِيهَا تصاوير - فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: قَالَ الله - عز وَجل -:
وَمن أظلم مِمَّن ذهب يخلق خلقا كخلقي، فليخلقوا ذرة، أَو ليخلقوا حَبَّة،
أَو ليخلقوا شعيرَة ".
مُسلم: حَدثنِي سُرَيج بن يُونُس وَهَارُون بن عبد الله قَالَا: ثَنَا حجاج
بن مُحَمَّد، قَالَ: قَالَ ابْن جريح: أَخْبرنِي إِسْمَاعِيل بن أُميَّة،
عَن أَيُّوب بن خَالِد، عَن عبد الله بن رَافع مولى أم سَلمَة، عَن أبي
هُرَيْرَة قَالَ: " أَخذ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- بيَدي فَقَالَ خلق الله - عز وَجل - التربة يَوْم السبت، وَخلق فِيهَا
الْجبَال يَوْم الْأَحَد،
(1/276)
وَخلق الشّجر يَوْم الِاثْنَيْنِ، وَخلق
الْمَكْرُوه يَوْم الثُّلَاثَاء، وَخلق النُّور يَوْم الْأَرْبَعَاء، وَبث
فِيهَا الدَّوَابّ يَوْم الْخَمِيس، وَخلق آدم - عَلَيْهِ السَّلَام - بعد
الْعَصْر من يَوْم الْجُمُعَة، فِي آخر الْخلق، فِي آخر السَّاعَة من
سَاعَات الْجُمُعَة، فِيمَا بَين الْعَصْر إِلَى اللَّيْل ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، حَدثنَا
عَوْف، ثَنَا قسَامَة - يَعْنِي ابْن زُهَيْر - حَدثنَا الْأَشْعَرِيّ، عَن
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وحدثناه مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا يحيى بن / سعيد، ثَنَا عَوْف، عَن
قسَامَة، عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - قَالَ: " إِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - خلق آدم من قَبْضَة قبضهَا من
جَمِيع الأَرْض، فجَاء بنوه على قدر ذَلِك، مِنْهُم الْأَبْيَض والأحمر
وَالْأسود، والسهل والحزن، والخبيث وَالطّيب، وَبَين ذَلِك ".
وَهَذَا الْكَلَام لَا نعلم رَوَاهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا أَبُو مُوسَى، وَلَا نعلم لَهُ طَرِيقا
إِلَّا هَذَا الطَّرِيق.
بَاب قَوْله تَعَالَى {لَا تَأْخُذهُ سنة وَلَا نوم}
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن
جَعْفَر، حَدثنِي شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن أبي عُبَيْدَة، عَن أبي
مُوسَى قَالَ: " قَامَ فِينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - بِأَرْبَع: إِن الله - عز وَجل - لَا ينَام، وَلَا يَنْبَغِي
لَهُ أَن ينَام، يرفع الْقسْط وَيخْفِضهُ، وَيرْفَع إِلَيْهِ عمل النَّهَار
بِاللَّيْلِ، وَعمل اللَّيْل بِالنَّهَارِ ".
(1/277)
بَاب قَوْله تَعَالَى {وَمَا يعلم جنود
رَبك إِلَّا هُوَ}
الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي، ثَنَا عبد
الْوَهَّاب بن عَطاء، حَدثنَا سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن
صَفْوَان بن مُحرز، عَن حَكِيم بن حزَام قَالَ: " بَينا رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ أَصْحَابه إِذا قَالَ لَهُم:
هَل تَسْمَعُونَ مَا أسمع؟ قَالُوا: مَا نسْمع من شَيْء فَقَالَ النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أطت السَّمَاء، وَمَا تلام أَن تئط،
مَا فِيهَا مَوضِع شبر إِلَّا وَعَلِيهِ ملك ساجد أَو قَائِم ".
قَالَ أَبُو بكر: هَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا
من حَدِيث حَكِيم ابْن حزَام عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -.
بَاب قَوْله تَعَالَى {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن}
الْبَزَّار: حَدثنَا عبد الله بن أَحْمد، ثَنَا صَفْوَان بن صَالح، ثَنَا
الْعَوام بن صبيح، حَدثنَا يُونُس بن ميسرَة، عَن أم الدَّرْدَاء، عَن أبي
الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ -: " {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} قَالَ: من شَأْنه أَن يغْفر ذَنبا، ويكشف
كرباً، ويجيب دَاعيا، وَيرْفَع قوما، وَيَضَع آخَرين. وَقَالَ رَسُول الله
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فرغ الله لكل عبد من أَجله ورزقه
ومضجعه وأثره ".
وَهَذَا الحَدِيث قد رُوِيَ عَن أبي الدَّرْدَاء من غير وَجه، وَهَذَا من
أحسن إِسْنَاد يرْوى عَنهُ. تمّ كتاب الْإِيمَان بِحَمْد الله تَعَالَى
وعونه.
(1/278)
|