الأحكام الشرعية الكبرى

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَهُوَ حسبي وَكفى
كتاب الْعلم

بَاب فضل الْعلم وَمن علم وَعلم
وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {يرفع الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَالَّذين أوتو الْعلم دَرَجَات وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير)
قَالَ أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا ابْن صاعد، ثَنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد وَالْحسن ابْن أبي الرّبيع - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن عَاصِم بن أبي النجُود، عَن زر بن حُبَيْش قَالَ: " جِئْت صَفْوَان بن عَسَّال الْمرَادِي فَقَالَ: مَا جَاءَ بك؟ فَقلت: جِئْت أطلب الْعلم. قَالَ: فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: مَا من خَارج من بَيته فِي طلب الْعلم إِلَّا وضعت لَهُ الْمَلَائِكَة أَجْنِحَتهَا رضى بِمَا يصنع ".
أَكثر مَا روى هَذَا الحَدِيث مَوْقُوفا.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا عبد الله بن دَاوُد، سَمِعت عَاصِم بن رَجَاء بن حَيْوَة يحدث، عَن دَاوُد بن جميل، عَن كثير بن قيس قَالَ: " كنت جَالِسا مَعَ أبي الدَّرْدَاء فِي مَسْجِد دمشق، فَجَاءَهُ رجل فَقَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاء، إِنِّي جئْتُك من مَدِينَة الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لحَدِيث بَلغنِي أَنَّك تحدثه عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا جئْتُك لحَاجَة. قَالَ: فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: من سلك طَرِيقا يلْتَمس فِيهِ علما سلك الله بِهِ طَرِيقا من طرق الْجنَّة، وَإِن الْمَلَائِكَة لتَضَع أَجْنِحَتهَا رضى لطَالب الْعلم، وَإِن الْعَالم ليسغتفر لَهُ من فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض وَالْحِيتَان فِي جَوف المَاء، وَإِن فضل الْعَالم على العابد كفضل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر على سَائِر الْكَوَاكِب، وَإِن الْعلمَاء

(1/279)


وَرَثَة الْأَنْبِيَاء، وَإِن الْأَنْبِيَاء لم يورثوا دِينَارا وَلَا درهما، ورثوا الْعلم، فَمن أَخذه أَخذ بحظ وافر ".
قَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار - وَذكر طرفا من هَذَا الحَدِيث -: لَا نعلم هَذَا الحَدِيث يرْوى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَإِسْنَاده صَالح، وَدَاوُد ابْن جميل وَكثير بن قيس لَا نعلمهما معروفين فِي غير هَذَا الحَدِيث.
وَالَّذِي ذكره أَبُو بكر من هَذَا الحَدِيث: " الْعلمَاء خلفاء الْأَنْبِيَاء، إِن الْأَنْبِيَاء لم يورثوا دِينَارا وَلَا درهما، ورثوا الْعلم ".
رَوَاهُ عَن نصر بن عَليّ، عَن عبد الله بن دَاوُد.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس، ثَنَا زَائِدَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي / صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من رجل يسْلك طَرِيقا يطْلب فِيهِ علما إِلَّا سهل الله لَهُ بِهِ طَرِيق الْجنَّة، وَمن أَبْطَأَ بِهِ عمله لم يسْرع بِهِ نسبه ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا نصر بن عَليّ، ثَنَا خَالِد بن يزِيد الْعَتكِي، عَن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ، عَن الرّبيع بن أنس، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من خرج فِي طلب الْعلم فَهُوَ فِي سَبِيل الله حَتَّى يرجع ". قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وَرَوَاهُ بَعضهم فَلم يرفعهُ.
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعيد بن عفير، ثَنَا ابْن وهب، عَن يُونُس، عَن ابْن شهَاب، قَالَ حميد بن عبد الرَّحْمَن: سَمِعت مُعَاوِيَة خَطِيبًا يَقُول: سَمِعت

(1/280)


رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من يرد الله بِهِ خيرا يفقهه فِي الدَّين، وَإِنَّمَا أَنا قَاسم وَالله يُعْطي، وَلنْ تزَال هَذِه الْأمة قَائِمَة على أَمر الله لَا يضرهم من خالفهم حَتَّى يَأْتِي أَمر الله ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا خلف بن أَيُّوب العامري عَن عَوْف، عَن ابْن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خصلتان لَا تجتمعان فِي مُنَافِق: حسن سمت وَلَا فقه فِي الدَّين ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب، وَلَا نَعْرِف هَذَا الحَدِيث من حَدِيث عَوْف إِلَّا من [حَدِيث] هَذَا الشَّيْخ خلف بن أَيُّوب، وَلم أرا أحدا يروي عَنهُ غير أبي كريب، وَلَا أَدْرِي كَيفَ هُوَ. انْتهى كَلَام أبي عِيسَى.
قَالَ ابْن أبي حَاتِم: خلف بن أَيُّوب العامري، روى عَن عَوْف وَمعمر وَإِسْرَائِيل، روى عَنهُ أَبُو كريب وَمُحَمّد بن مقَاتل الْمروزِي وَأَبُو معمر، وَسَأَلت أبي عَنهُ فَقَالَ: يرْوى عَنهُ.
الْبَزَّار: حَدثنَا الْفضل بن سهل، ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَيُّوب، ثَنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا فقهه فِي الدَّين وألهمه رشده ".
قَالَ أَبُو بكر: هَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن عبد الله إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَلَا نعلم رَوَاهُ عَن أبي بكر إِلَّا أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَيُّوب. انْتهى كَلَام أبي بكر.
قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: / أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَيُّوب لَيْسَ بِهِ بَأْس.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، ثَنَا سَلمَة بن رَجَاء، ثَنَا الْوَلِيد

(1/281)


ابْن جميل، ثَنَا الْقَاسِم أَبُو عبد الرَّحْمَن، عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ: " ذكر لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلَانِ، أَحدهمَا عَابِد وَالْآخر عَالم، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فضل الْعَالم على العابد كفضلي على أدناكم. ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الله وَمَلَائِكَته وَأهل السَّمَاوَات وَالْأَرْض، حَتَّى النملة فِي جحرها، وَحَتَّى الْحُوت ليصلون على معلم النَّاس الْخَيْر ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب. انْتهى كَلَام أبي عِيسَى.
قَالَ ابْن أبي حَاتِم: الْوَلِيد بن جميل الْقرشِي أَبُو الْحجَّاج الفلسطيني، روى عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن وَيحيى بن أبي كثير، روى عَنهُ هَاشم بن الْقَاسِم أَبُو النَّضر وَصدقَة بن عبد الله السمين وَسَلَمَة بن رَجَاء وَيزِيد بن هَارُون، رضيه عَليّ بن الْمَدِينِيّ، وَضَعفه أَبُو زرْعَة.
وَالقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن هَذَا هُوَ أَبُو عبد الرَّحْمَن الشَّامي مولى عبد الرَّحْمَن ابْن خَالِد بن يزِيد بن مُعَاوِيَة، كَانَ من وجهاء دمشق، روى عَنهُ يحيى بن الْحَارِث الذمارِي وَعبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر وَغَيرهمَا، ذكره أَحْمد بن حَنْبَل فَقَالَ: يروي عَليّ بن زيد عَنهُ أَعَاجِيب. وَتكلم فِيهَا وَقَالَ: مَا أرى هَذَا إِلَّا من قبل الْقَاسِم. انْتهى كَلَام ابْن أبي حَاتِم. الْقَاسِم هَذَا وَثَّقَهُ البُخَارِيّ - رَحمَه الله.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى، أَنا الْوَلِيد ابْن مُسلم، ثَنَا روح بن جنَاح، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فَقِيه أَشد على الشَّيْطَان من ألف عَابِد ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه من حَدِيث الْوَلِيد. انْتهى كَلَام أبي عِيسَى

(1/282)


قَالَ أَبُو حَاتِم: روح بن جنَاح لَا بَأْس بِهِ.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم، ثَنَا عبيد بن جناد، ثَنَا عَطاء بن مُسلم، عَن خَالِد الْحذاء، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اغْدُ عَالما أَو متعلماً أَو مستمعاً أَو محباً، وَلَا تكن الْخَامِس فتهلك ".
قَالَ الْبَزَّار: لم يُتَابع عَطاء على هَذَا الحَدِيث، انْتهى كَلَام / أبي بكر.
عَطاء هَذَا هُوَ ابْن مُسلم الْخفاف، وَثَّقَهُ يحيى بن معِين، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: كَانَ عَطاء شَيخا صَالحا، دفن كتبه، وَلَيْسَ بِقَوي.
وَعبيدَة بن جناد هَذَا هُوَ الْحلَبِي، روى عَن عَطاء وَابْن الْمُبَارك، روى عَنهُ أَحْمد بن أبي الْحوَاري وَأَبُو زرْعَة وَغَيرهمَا، سُئِلَ عَنهُ أَبُو حَاتِم فَقَالَ: صَدُوق لم أكتب عَنهُ.
وَمُحَمّد بن عبد الرَّحِيم هَذَا هُوَ أَبُو يحيى صَاحب السامري الْمَعْرُوف بصاعقة، ثِقَة مَعْرُوف.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو عَامر الْأَشْعَرِيّ وَمُحَمّد بن الْعَلَاء - وَاللَّفْظ لأبي عَامر - قَالُوا: ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن بريد، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن مثل مَا بَعَثَنِي الله بِهِ من الْهدى وَالْعلم كَمثل غيث أصَاب أَرضًا فَكَانَت مِنْهَا طَائِفَة طيبَة قبلت المَاء فأنبتت الْكلأ والعشب الْكثير، وَكَانَت مِنْهَا أجادب أَمْسَكت المَاء فنفع الله بهَا النَّاس، فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسقوا، وزرعوا، وَأصَاب مِنْهَا طَائِفَة أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قيعان، لَا تمسك مَاء وَلَا تنْبت كلأ، فَذَلِك مثل من فقه فِي دين الله، ونفعه مَا بَعَثَنِي الله بِهِ، فَعلم وَعلم، وَمثل من لم يرفع بذلك رَأْسا وَلم يقبل هدى الله الَّذِي أرْسلت بِهِ ".

(1/283)


أَبُو بردة: اسْمه عَامر بن عبد الله.
أَبُو دَاوُد: (حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، ثَنَا الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن) عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا مَاتَ الْإِنْسَان انْقَطع عمله إِلَّا من ثَلَاثَة أَشْيَاء: من صَدَقَة جَارِيَة، أَو علم (يثبت) ينْتَفع بِهِ، أَو ولد صَالح يَدْعُو لَهُ ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن أبي خَالِد الْأَحْمَر، عَن الهجري، عَن أبي عِيَاض، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثل علم لَا يعْمل بِهِ كَمثل كنز لَا ينْفق مِنْهُ ". الهجري هُوَ إِبْرَاهِيم بن مُسلم، وَهُوَ يضعف.

بَاب الدُّعَاء للمتعلم وطالب الْعلم
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب و (أَبُو بكر بن أبي النَّضر) قَالَا: ثَنَا هَاشم بن الْقَاسِم، ثَنَا وَرْقَاء بن عمر الْيَشْكُرِي قَالَ: سَمِعت عبيد الله بن أبي يزِيد يحدث عَن ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَى الْخَلَاء، فَوضعت لَهُ وضُوءًا، فَلَمَّا خرج قَالَ: من / وضع هَذَا؟ فِي رِوَايَة زُهَيْر: قَالُوا. وَفِي رِوَايَة أبي بكر -

(1/284)


قلت: ابْن عَبَّاس. قَالَ: اللَّهُمَّ فقهه ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو معمر، ثَنَا عبد الْوَارِث، ثَنَا خَالِد، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " ضمني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ: اللَّهُمَّ علمه الْكتاب ".

بَاب مَا يذكر من عَالم الْمَدِينَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن الصَّباح الْبَزَّار وَإِسْحَاق بن مُوسَى، قَالَا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن ابْن جريح، عَن أبي الزيبر، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة رِوَايَة: " يُوشك أَن يضْرب النَّاس أكباد الْإِبِل يطْلبُونَ الْعلم فَلَا يَجدونَ أحدا أعلم من عَالم الْمَدِينَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: (هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح) . قَالَ عبد الرَّزَّاق وَابْن عُيَيْنَة: هُوَ مَالك بن أنس، وَأما الْعمريّ عبد الْعَزِيز بن عبد الله، فَلم يكن بعالم وَإِنَّمَا كَانَ متزهداً، وَقَالَ إِسْحَاق بن مُوسَى: سَمِعت ابْن عيينه يَقُول: هُوَ الْعمريّ عبد الْعَزِيز بن عبد الله.

بَاب الِاغْتِبَاط بِالْعلمِ وَالْحكمَة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع، عَن إِسْمَاعِيل، عَن قيس قَالَ: قَالَ عبد الله بن مَسْعُود.

(1/285)


وَحدثنَا ابْن نمير، ثَنَا أبي وَمُحَمّد بن بشر، قَالَا: ثَنَا إِسْمَاعِيل، عَن قيس، سَمِعت عبد الله بن مَسْعُود يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا حسد إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رجل آتَاهُ الله مَالا فَسَلَّطَهُ على هَلَكته فِي الْحق، وَرجل آتَاهُ الله حِكْمَة فَهُوَ يقْضِي بهَا وَيعلمهَا ".

بَاب الْخُرُوج فِي طلب الْعلم
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم خَالِد بن خلي، ثَنَا مُحَمَّد بن حَرْب قَالَ: ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، أخبرنَا الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود، عَن ابْن عَبَّاس " أَنه تمارى وَالْحر بن قيس بن حصن الْفَزارِيّ فِي صَاحب مُوسَى، فَمر بهما أبي بن كَعْب، فَدَعَاهُ ابْن عَبَّاس فَقَالَ: إِنِّي تماريت أَنا وصاحبي هَذَا فِي صَاحب مُوسَى - الَّذِي سَأَلَ السَّبِيل إِلَى لقِيه - هَل سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يذكر شَأْنه؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يذكر شَأْنه يَقُول: بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلأ من بني إِسْرَائِيل إِذْ جَاءَهُ رجل فَقَالَ: أتعلم أَن أحدا أعلم مِنْك؟ قَالَ مُوسَى: لَا. فَأوحى الله - عز وَجل - إِلَى مُوسَى: بلَى، عَبدنَا خضر. فَسَأَلَ السَّبِيل إِلَى لقِيه، فَجعل / الله لَهُ الْحُوت آيَة، وَقيل لَهُ: إِذا فقدت الْحُوت فأرجع، فَإنَّك ستلقاه، فَكَانَ مُوسَى يتبع أثر الْحُوت فِي الْبَحْر، فَقَالَ فَتى مُوسَى لمُوسَى: أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَى الصَّخْرَة فَإِنِّي نسيت الْحُوت وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكرهُ. قَالَ مُوسَى: ذَلِك مَا كُنَّا نبغي. فارتدا على آثارهما قصصاً، فوجداً خضرًا، فَكَانَ من شَأْنهمَا مَا قصّ الله فِي كِتَابه ". وَسَيَأْتِي هَذَا الحَدِيث بِطُولِهِ من طَرِيق مُسلم فِي كتاب التَّفْسِير - إِن شَاءَ الله.

(1/286)


بَاب الرحلة فِي الْمَسْأَلَة النَّازِلَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن [مقَاتل] أَبُو الْحسن، أَنا عبد الله، أَنا عمر ابْن سعيد بن أبي حُسَيْن، حَدثنِي عبد الله بن أبي مليكَة، عَن عقبَة بن الْحَارِث " أَنه تزوج ابْنة لأبي إهَاب بن عَزِيز، فَأَتَتْهُ امْرَأَة فَقَالَت: إِنِّي قد أرضعت عقبَة وَالَّتِي تزوج بهَا. قَالَ لَهَا عقبَة: مَا أعلم أَنَّك أرضعتني، وَلَا أَخْبَرتنِي. فَركب إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كَيفَ وَقد قيل؟ ففارقها عقبَة، ونكحت زوجا غَيره ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد، أَنا الْمحَاربي، ثَنَا صَالح بن حَيَّان، قَالَ عَامر الشّعبِيّ: حَدثنِي أَبُو بردة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثَلَاثَة لَهُم أَجْرَانِ: رجل من أهل الْكتاب آمن بِنَبِيِّهِ وآمن بِمُحَمد، وَالْعَبْد الْمَمْلُوك إِذا أدّى حق الله وَحقّ موَالِيه، وَرجل كَانَت عِنْده أمة (يَطَؤُهَا) فأدبها فَأحْسن تأديبها، وَعلمهَا فَأحْسن تعليمها، ثمَّ أعْتقهَا فَتَزَوجهَا، فَلهُ أَجْرَانِ ".
ثمَّ قَالَ عَامر: أعطيناكها بِغَيْر شَيْء قد كَانَ يركب فِيمَا دونهَا إِلَى الْمَدِينَة.

بَاب مَا جَاءَ فِي طلب الْعلم لغير الله
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا سُرَيج بن النُّعْمَان، ثَنَا فليح، عَن أبي طوالة عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن معمر الْأنْصَارِيّ، عَن سعيد بن يسَار،

(1/287)


عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من تعلم علما مِمَّا يَنْبَغِي بِهِ وَجه الله لَا يتعلمه إِلَّا ليصيب بِهِ عرضا من الدُّنْيَا لم يجد عرف الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة " يَعْنِي: رِيحهَا.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن نصر، ثَنَا مُحَمَّد بن عباد الْهنائِي، ثَنَا عَليّ بن الْمُبَارك، عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ / عَن خَالِد بن دريك، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من تعلم علما لغير الله - أَو أَرَادَ بِهِ غير الله - فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب. انْتهى كَلَام أبي عِيسَى خَالِد بن دريك ثِقَة، سُئِلَ عَنهُ يحيى بن معِين فَقَالَ: هُوَ مَشْهُور.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن حبيب الْحَارِثِيّ، حَدثنَا خَالِد بن الْحَارِث، ثَنَا ابْن جريج، ثَنَا بونس بن يُوسُف، عَن سُلَيْمَان بن يسَار قَالَ: تفرق النَّاس عَن أبي هُرَيْرَة فَقَالَ لَهُ ناتل أهل الشَّام: ايها الشَّيْخ حَدثنِي حَدِيثا سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: نعم، سَمِعت رَسُول الله يَقُول: " إِن أول النَّاس يقْضى يَوْم الْقِيَامَة عَلَيْهِ رجل اسْتشْهد فَأتى بِهِ فَعرفهُ نعْمَته فعرفها، قَالَ: فَمَا عملت فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلت فِيك حَتَّى استشهدت قَالَ: كذبت، وَلَكِنَّك قَاتَلت لِأَن يُقَال: جريء، فقد قيل. ثمَّ أَمر بِهِ فسحب على وَجهه حَتَّى ألقِي فِي النَّار. وَرجل تعلم الْعلم وَعلمه، وَقَرَأَ الْقُرْآن، فَأتي بِهِ فَعرفهُ نعْمَة فعرفها قَالَ: فَمَا عملت فِيهَا؟ قَالَ: تعلمت الْعلم وعلمته، وقرأت فِيك الْقُرْآن (وعلمته) قَالَ: كذبت وَلَكِنَّك تعلمت الْعلم ليقال: عَالم، وقرأت الْقُرْآن ليقال: هُوَ قَارِئ، فقد قيل. قُم أَمر بِهِ فسحب على وَجهه حَتَّى ألقِي فِي النَّار، وَرجل وسع الله عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ من أَصْنَاف المَال كُله،

(1/288)


فَأتي بِهِ فَعرفهُ نعمه، فعرفها، قَالَ: فَمَا عملت فِيهَا؟ قَالَ: مَا تركت من سَبِيل تحب أَن ينْفق فِيهَا إِلَّا أنفقت فِيهَا لَك. قَالَ: كذبت، وَلَكِنَّك فعلت كي يُقَال: هُوَ جواد، فقد قيل. ثمَّ أَمر بِهِ، فسحب على وَجهه حَتَّى ألقِي فِي النَّار ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن مُوسَى الْقطَّان، ثَنَا سُلَيْمَان بن زِيَاد بن عبيد الله، ثَنَا شَيبَان أَبُو مُعَاوِيَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من طلب الْعلم ليباهي بِهِ الْعلمَاء ويماري بِهِ السُّفَهَاء وَيصرف بِهِ وُجُوه النَّاس فَهُوَ فِي النَّار ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يروي عَن أنس إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَسليمَان روى عَنهُ غير وَاحِد من أهل الْعلم، وَلم يُتَابع على هَذَا الحَدِيث.
روى هَذَا الحَدِيث أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ عَن أبي الْأَشْعَث، عَن أُميَّة بن خَالِد، عَن إِسْحَاق بن يحيى بن طَلْحَة، عَن ابْن كَعْب بن مَالك، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: وَإِسْحَاق بن يحيى تكلم فِيهِ من قبل حفظه.

بَاب مَا جَاءَ فِي كاتم الْعلم
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، أَنا عَليّ بن الحكم، عَن عَطاء، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من سُئِلَ عَن علم فكتمه ألْجمهُ الله بلجام من نَار يَوْم الْقِيَامَة ".

(1/289)


بَاب ألأمر بتعليم الْجَاهِل وَمَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من حسن التَّعْلِيم
مُسلم: حَدثنِي أَبُو غَسَّان المسعمي وَمُحَمّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن بشار بن عُثْمَان - وَاللَّفْظ لأبي غَسَّان وَابْن مثنى - قَالَا: ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عَن عِيَاض بن حمَار الْمُجَاشِعِي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ ذَات يَوْم فِي خطبَته: " أَلا إِن رَبِّي أَمرنِي أَن أعلمكُم مَا جهلتم مِمَّا عَلمنِي يومي هَذَا، كل مَال نحلته عبدا حَلَال، وَإِنِّي خلقت عبَادي حنفَاء كهلم، وَإِنَّهُم أَتَتْهُم الشَّيَاطِين فَاجْتَالَتْهُمْ عَن دينهم، وَحرمت عَلَيْهِم مَا أحللت لَهُم، وأمرتهم أَن يشركوا بِي مَا لم أنزل بِهِ سُلْطَانا، وَإِن الله نظر إِلَى أهل الأَرْض فمقتهم عربهم وعجمهم إِلَّا بقايا من أهل الْكتاب، وَقَالَ: إِنَّمَا بَعَثْتُك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلت عَلَيْك كتابا لَا يغسلهُ المَاء تقرؤه نَائِما ويقظان، وَإِن الله أَمرنِي أَن أحرق قُريْشًا، فَقلت: رب إِذن يثلغوا رَأْسِي، ويدعوه خبْزَة. قَالَ: استخرجهم كَمَا أخرجوك، واغزهم نغزك، وَأنْفق فسننفق عَلَيْك، وَابعث جَيْشًا نبعث خَمْسَة مثله، وَقَاتل بِمن أطاعك من عصاك، قَالَ: وَأهل الْجنَّة ثَلَاثَة: ذُو سُلْطَان مقسط [موفق] متصدق، وَرجل رَحِيم رَقِيق الْقلب لكل ذِي قربى وَمُسلم، وعفيف متعفف ذُو عِيَال. قَالَ: وَأهل النَّار خَمْسَة: الضَّعِيف الَّذِي لَا زبر لَهُ، وَالَّذين هم فِيكُم تبعا لَا يتبعُون أَهلا وَلَا مَالا، والخائن الَّذِي لَا يخفي لَهُ طمع - وَإِن دق - إِلَّا خانه، وَرجل لَا يصبح وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ يخادعك عَن أهلك وَمَالك، وَذكر الْبُخْل (وَالْكذب) والشنظير الفحاش ". وَلم يذكر أَبُو غَسَّان فِي حَدِيثه: " وَأنْفق فسننفق عَلَيْك "

(1/290)


وحَدثني عبد الرَّحْمَن بن بشر الْعَبْدي، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن هِشَام صَاحب الدستوَائي، ثَنَا قَتَادَة، عَن مطرف، عَن عِيَاض بن حمَار " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ ذَات يَوْم ... " وسَاق الحَدِيث وَقَالَ فِي آخِره: وَقَالَ يحيى: قَالَ شُعْبَة عَن قَتَادَة: سَمِعت مطرفاً فِي هَذَا الحَدِيث.
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا هِشَام / الدستوَائي، عَن قَتَادَة، عَن مطرف بن عبد الله، عَن عِيَاض، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَذكر هَذَا الحَدِيث وَالْخطْبَة.
قَالَ أَبُو دَاوُد: فحدثنا همام قَالَ: كُنَّا عِنْد قَتَادَة فَذَكرنَا الحَدِيث فَقَالَ يُونُس: وَمَا كَانَ فِينَا أحد أحفظ مِنْهُ، إِن قَتَادَة لم يسمع هَذَا الحَدِيث من مطرف، قَالَ: فعبنا ذَلِك عَلَيْهِ فَقَالَ: سلوه، قَالَ: فهبناه، وجاءه أَعْرَابِي فَقُلْنَا للأعرابي: سل قَتَادَة عَن خطْبَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من حَدِيث عِيَاض، أسمعته من مطرف؟ فَقَالَ لَهُ الْأَعرَابِي: يَا أَبَا الْخطاب، أَخْبرنِي عَن خطْبَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من حَدِيث عِيَاض أسمعته من مطرف؟ فَغَضب قَتَادَة، فَقَالَ: حَدثنِي ثَلَاثَة عَنهُ: حَدثنِي يزِيد أَخُوهُ ابْن عبد الله بن الشخير، وحدثنيه الْعَلَاء بن زِيَاد، وَذكر ثَالِثا. انْتهى حَدِيث الطَّيَالِسِيّ وَكَلَامه.
رَوَاهُ أَبُو بكر الْبَزَّار فَقَالَ: ثَنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا عبد الصَّمد.
وثنا أَحْمد بن مَنْصُور، ثَنَا عَمْرو بن عَاصِم قَالَا جَمِيعًا: ثَنَا همام، عَن قَتَادَة قَالَ: حَدثنِي أَرْبَعَة عَن مطرف بن عبد الله: مِنْهُم يزِيد بن عبد الله والْعَلَاء ابْن زِيَاد ورجلان آخرَانِ نسيهما همام، عَن عِيَاض، سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة، عَن عَفَّان، ثَنَا همام، ثَنَا قَتَادَة، حَدثنِي الْعَلَاء ابْن زِيَاد وَيزِيد أَخُو الْمطرف قَالَ: وحَدثني عقبَة كل هَؤُلَاءِ يَقُول: حَدثنِي مطرف أَن عِيَاض بن حمَار حَدثهُ أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول.
وَقد تقدم حَدِيث أبي بكر الْبَزَّار فِي كتاب الْإِيمَان فِي بَاب كَلَام الرب - سُبْحَانَهُ.

(1/291)


مُسلم: حَدثنَا شَيبَان، ثَنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، ثَنَا حميد بن هِلَال قَالَ: قَالَ أَبُو رِفَاعَة: " انْتَهَيْت إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يخْطب قَالَ: فَقلت: يَا رَسُول الله، رجل غَرِيب جَاءَ يسْأَل عَن دينه لَا يدْرِي مَا دينه. قَالَ: فَأقبل عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَترك خطبَته حَتَّى انْتهى إِلَيّ، فَأتي بكرسي، حسبت قوائمه حديداً، قَالَ: فَقعدَ عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَجعل يعلمني مِمَّا علمه الله، قُم أَتَى خطبَته فَأَتمَّ آخرهَا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، ثَنَا مُحَمَّد بن يُوسُف، ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، ثَنَا يحيى بن أبي كثير، عَن هِلَال بن أبي مَيْمُونَة، حَدثنِي عَطاء بن يسَار، عَن مُعَاوِيَة بن الحكم السّلمِيّ قَالَ: " بَينا أَنا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة / إِذْ عطس رجل من الْقَوْم فَقلت: يَرْحَمك الله، فحدقني الْقَوْم بِأَبْصَارِهِمْ. فَقلت: واثكل أُمِّيا، مَا لكم تنْظرُون إِلَيّ؟ قَالَ: فَضرب الْقَوْم أَيْديهم على أَفْخَاذهم، فَلَمَّا رَأَيْتهمْ يسكتوني لكني سكت، فَلَمَّا انْصَرف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَعَاني - بِأبي وَأمي هُوَ، مَا ضَرَبَنِي وَلَا كَهَرَنِي وَلَا شَتَمَنِي، مَا رَأَيْت معلما قبله وَلَا بعده أحسن تَعْلِيما مِنْهُ - قَالَ: إِن صَلَاتنَا هَذِه لَا يصلح فِيهَا شَيْء من كَلَام النَّاس، إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير وتلاوة الْقُرْآن ".
هَذَا مُخْتَصر، وَقد تقدم بِكَمَالِهِ من طَرِيق مُسلم - رَحمَه الله - فِي بَاب هَل يُقَال: أَيْن الله؟

بَاب تَعْلِيم الرجل أمته وَأَهله
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا [عبد الْوَاحِد] ، ثَنَا صَالح

(1/292)


الْهَمدَانِي، ثَنَا الشّعبِيّ، حَدثنِي أَبُو بردة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَيّمَا رجل كَانَت عِنْده وليدة، فعلمها فَأحْسن تعليمها، وأدبها فَأحْسن تأديبها، ثمَّ أعْتقهَا وَتَزَوجهَا فَلهُ أَجْرَانِ، وَأَيّمَا رجل من أهل الْكتاب آمن بِنَبِيِّهِ وآمن - يَعْنِي بِي - فَلهُ أَجْرَانِ، وَأَيّمَا مَمْلُوك أدّى حق موَالِيه وَحقّ ربه فَلهُ أَجْرَانِ ".
قَالَ الشّعبِيّ: خُذْهَا بِغَيْر شَيْء قد كَانَ الرجل يرحل فِيمَا دونه إِلَى الْمَدِينَة.
وَقَالَ أَبُو بكر، عَن أبي حُصَيْن، عَن أبي بردة، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أعْتقهَا ثمَّ أصدقهَا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُعلى بن أَسد، ثَنَا وهيب، عَن أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة، عَن مَالك بن الْحُوَيْرِث قَالَ: " أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي نفر من قومِي، فَأَقَمْنَا عِنْده عشْرين لَيْلَة، وَكَانَ رحِيما رَفِيقًا، فَلَمَّا رأى شوقنا إِلَى اهلينا قَالَ: ارْجعُوا فكونوا فيهم، وعلموهم، وصلوا، فَإِذا حضرت الصَّلَاة فليؤذن لكم أحدكُم، وليؤمكم أكبركم ".

بَاب الْأَمر بالتبليغ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والحض على ذَلِك
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو عَاصِم الضَّحَّاك بن مخلد، ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، ثَنَا حسان ابْن عَطِيَّة، عَن أبي كَبْشَة، عَن عبد الله بن عَمْرو أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بلغُوا عني وَلَو آيَة، وَحَدثُوا عَن بني إِسْرَائِيل وَلَا حرج، وَمن كذب عَليّ مُتَعَمدا فليبتوأ مَقْعَده من النَّار ".

(1/293)


النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد [ثَنَا] شُعْبَة، عَن أبي / جَمْرَة قَالَ: " كنت أترجم بَين يَدي ابْن عَبَّاس وَبَين النَّاس، فَأَتَتْهُ امْرَأَة فَسَأَلته عَن نَبِيذ الْجَرّ، فَنهى عَنهُ قَالَ: إِن وَفد عبر الْقَيْس أَتَوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّا نَأْتِيك من شقة بعيدَة، وَإِن بَيْننَا وَبَيْنك هَذَا الْحَيّ من كفار مُضر، وَإِنَّا لَا نستطيع أَن نَأْتِيك إِلَّا فِي شهر حرَام فمرنا بِأَمْر نخبر بِهِ من وَرَاءَنَا، وندخل بِهِ الْجنَّة، فَأَمرهمْ بِأَرْبَع، ونهاهم عَن أَربع [أَمرهم] بِالْإِيمَان بِاللَّه وَحده. قَالَ: هلى تَدْرُونَ مَا الْإِيمَان بِاللَّه؟ فَقَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، وإقام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَصَوْم رَمَضَان، وَأَن يُعْطوا الْخمس من الْمغنم. ونهاهم عَن الدُّبَّاء، والحنتم والمزفت - قَالَ شُعْبَة: وَرُبمَا قَالَ: النقير، وَرُبمَا قَالَ: المقير - فَقَالَ: احفظوه وأخبروا بِهِ من وراءكم ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي (أَحْمد) بن عبد الله بن الحكم، ثَنَا يحيى بن سعيد الْقطَّان، حَدثنِي شُعْبَة، حَدثنِي عمر بن سُلَيْمَان، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبان [بن] عُثْمَان، عَن أَبِيه قَالَ: " خرج زيد بن ثَابت من عِنْد مَرْوَان قَرِيبا من نصف النَّهَار، فَقُمْت إِلَيْهِ فَسَأَلته قفال: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: نضر الله امْرأ سمع منا حَدِيثا فحفظه حَتَّى يبلغهُ غَيره، فَرب حَامِل فقه إِلَى من هُوَ أفقه مِنْهُ، وَرب حَامِل فقه لَيْسَ بفقيه ".

(1/294)


عمر بن سُلَيْمَان هَذَا هُوَ من ولد عمر بن الْخطاب، ثِقَة، وثقة النَّسَائِيّ وَابْن معِين.

بَاب ليبلغ الْعلم الشَّاهِد الْغَائِب
البُخَارِيّ: حَدثنِي عبد الله بن يُوسُف، حَدثنِي اللَّيْث - هُوَ ابْن سعد - حَدثنِي سعيد، عَن أبي شُرَيْح " أَنه قَالَ لعَمْرو بن سعيد - وَهُوَ يبْعَث الْبعُوث إِلَى (مَكَّة) - ائْذَنْ لي أَيهَا الْأَمِير أحَدثك قولا قَامَ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْغَد من يَوْم الْفَتْح سمعته أذناي ووعاه قلبِي وأبصرته عَيْنَايَ حِين تكلم بِهِ، حمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: إِن مَكَّة حرمهَا الله وَلم يحرمها النَّاس، فَلَا يحل لامرئ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يسفك بهَا دَمًا، وَلَا يعضد بهَا شَجَرَة، فَإِن أحد ترخص لقِتَال رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيهَا فَقولُوا: إِن الله - عز وَجل - قد أذن لرَسُوله وَلم يَأْذَن لكم، وَإِنَّمَا أذن لي فِيهَا سَاعَة من / نَهَار، ثمَّ عَادَتْ حرمتهَا الْيَوْم كحرمتها بالْأَمْس، وليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب، فَقيل لأبي شُرَيْح: مَا قَالَ عَمْرو؟ قَالَ: أَنا أعلم مِنْك يَا أَبَا شُرَيْح، وَلَا نعيذ عَاصِيا وَلَا فَارًّا بِدَم وَلَا فَارًّا بخربة ".

بَاب رب مبلغ أوعى من سامع وحامل فقه إِلَى من هُوَ أفقه وَأجر التَّبْلِيغ
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا بشر، ثَنَا ابْن عون، عَن ابْن سِيرِين، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، عَن أَبِيه قَالَ: " ذكر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قعد على بعيره وَأمْسك إِنْسَان بخطامه - أَو يزمامه - قَالَ: أَي يَوْم هَذَا؟ فسكتنا حَتَّى ظننا أَنه سيسميه بِغَيْر اسْمه. قَالَ: أَلَيْسَ يَوْم النَّحْر؟ فَقُلْنَا: بلَى. قَالَ: فَأَي شهر هَذَا؟ فسكتنا حَتَّى ظننا أَنه سيسميه بِغَيْر اسْمه. قَالَ: الْيَسْ ذِي الْحجَّة؟ قُلْنَا: بلَى. قَالَ:

(1/295)


فَإِن دمائكم وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضكُمْ بَيْنكُم حرَام، كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا، فِي شهركم هَذَا، فِي بدلكم هَذَا، ليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب، فَإِن الشَّاهِد عَسى أَن يبلغ من هُوَ أوعى لَهُ مِنْهُ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد، أَنبأَنَا شُعْبَة، عَن سماك بن حَرْب، قَالَ: سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مَسْعُود يحدث عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " نضر الله امْرأ سمع منا شَيْئا فَبَلغهُ كَمَا سمع، فَرب مبلغ أوعى من سامع ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، حَدثنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا شُعْبَة، أَخْبرنِي عمر بن سُلَيْمَان - من ولد عمر بن الْخطاب - قَالَ: سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن أبان ابْن عُثْمَان يحدث عَن أَبِيه قَالَ: " خرج زيد بن ثَابت من عِنْد مَرْوَان قَرِيبا من نصف النَّهَار قُلْنَا: مَا بعث إِلَيْهِ فِي هَذِه السَّاعَة إِلَّا لشَيْء سَأَلَهُ عَنهُ، فقمنا فَسَأَلْنَاهُ، فَقَالَ: نعم سَأَلنَا عَن أَشْيَاء سمعناها من رَسُول الله، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: نضر الله امْرأ سمع منا حَدِيثا فحفظه حَتَّى يبلغهُ غَيره، فَرب حَامِل فقه إِلَى من هُوَ أفقه مِنْهُ، وَرب حَامِل فقه لَيْسَ بفقيه ".
وَفِي الْبَاب عَن ابْن مَسْعُود، ومعاذ، وَجبير بن مطعم، وَأبي الدَّرْدَاء، وَأنس.
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث زيد بن ثَابت حَدِيث حسن.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن عبد اللمك بن عُمَيْر،

(1/296)


عَن عبد الرَّحْمَن / بن عبد الله بن مَسْعُود، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " نضر الله أمرأ سمع مَقَالَتي فوعاها وحفظها وَبَلغهَا، فَرب حَامِل فقه إِلَى من هُوَ أفقه مِنْهُ، ثَلَاث لَا يغل عَلَيْهِنَّ قلب مُسلم: إخلاص الْعَمَل لله، ومناصحة أَئِمَّة الْمُسلمين، وَلُزُوم جَمَاعَتهمْ، فَإِن دعوتهم تحيط من ورائهم ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم، عَن أَبِيه، عَن سهل بن سعد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَالله لِأَن يهدى بهداك رجل وَاحِد خير لَك من حمر النعم ".

بَاب نشر الْعلم
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب وَعُثْمَان بن أبي شيبَة قَالَا: ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن عبد الله بن عبد الله، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تَسْمَعُونَ وَيسمع مِنْكُم، وَيسمع مِمَّن يسمع مِنْكُم ". فِي الْبَاب عَن ثَابت [بن] قيس رَوَاهُ أَبُو بكر الْبَزَّار.

بَاب رد مَا يُنكر من الحَدِيث وَلَا يعرف
الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو مُحَمَّد بن صاعد وَالْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل قَالَا: ثَنَا الْفضل بن سهل، ثَنَا يحيى بن آدم، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا حدثتم عني بِحَدِيث تعرفونه وَلَا تُنْكِرُونَهُ فصدقوا بِهِ، وَمَا تُنْكِرُونَهُ فكذبوا بِهِ ".
حَدثنَا ابْن صاعد، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله المخرمي، حَدثنَا عَليّ بن الْمَدِينِيّ، ثَنَا يحيى بن آدم بِإِسْنَادِهِ نَحوه، وَزَاد: " فَأَنا أَقُول مَا يعرف وَلَا يُنكر، وَلَا أَقُول مَا يُنكر وَلَا يعرف ".

(1/297)


الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، حَدثنَا أَبُو عَامر، ثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن ربيعَة - يَعْنِي ابْن أبي عبد الرَّحْمَن - عَن عبد الْملك بن سعيد بن سُوَيْد قَالَ: سَمِعت أَبَا حميد وَأَبا أسيد يَقُولَانِ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا سَمِعْتُمْ الحَدِيث تعرفه قُلُوبكُمْ، وتلين لَهُ أَشْعَاركُم وَأَبْشَاركُمْ، وترون أَنه مِنْكُم قريب، فَأَنا أولاكم بِهِ، وَإِذا سَمِعْتُمْ الحَدِيث تقشعر مِنْهُ جلودكم، وتتغير لَهُ قُلُوبكُمْ أَو أَشْعَاركُم، وترون أَنه مِنْكُم بعيد، فَأَنا أبعدكم مِنْهُ ".
قَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من وَجه أحسن من هَذَا. انْتهى كَلَام أبي بكر. ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن هُوَ ربيعَة / الرأى أَبُو عُثْمَان، وَاسم أبي عبد الرَّحْمَن فروخ مولى لتيم قُرَيْش، روى عَن أنس والسائب بن يزِيد، روى عَنهُ سُفْيَان وَشعْبَة وَمَالك وَسليمَان بن بِلَال، وَهُوَ مديني ثِقَة حَافظ، ذكر ذَلِك ابْن ابي حَاتِم.

بَاب النَّهْي عَن اعْتِرَاض حَدِيث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَوُجُوب الِانْتِهَاء عَمَّا نهى عَنهُ
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي أَبُو سَلمَة وَسَعِيد بن الْمسيب قَالَا: كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يحدث أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " مَا نَهَيْتُكُمْ عَنهُ فَاجْتَنبُوهُ، وَمَا أَمرتكُم بِهِ فافعلوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم، فَإِنَّمَا أهلك الَّذين من قبلكُمْ كَثْرَة مسائلهم وَاخْتِلَافهمْ على أَنْبِيَائهمْ ".
مُسلم: حَدثنَا ابْن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن همام بن مُنَبّه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ذروني مَا تركتكم، فَإِنَّمَا أهلك الَّذين من قبلكُمْ ... " نَحْو حَدِيث الزُّهْرِيّ.

(1/298)


أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل وَعبد الله بن مُحَمَّد النُّفَيْلِي قَالَا: ثَنَا سُفْيَان، عَن أبي النَّضر، عَن عبيد الله بن أبي رَافع، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا أَلفَيْنِ أحدكُم مُتكئا على أريكته يَأْتِيهِ الْأَمر من أَمْرِي مِمَّا أمرت بِهِ أَو نهيت عَنهُ فَيَقُول: لَا نَدْرِي، مَا وجدنَا فِي كتاب الله اتبعناه ".

بَاب الِاقْتِدَاء بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسننه
مُسلم: حَدثنِي أَبُو بكر بن نَافِع الْعَبْدي، ثَنَا بهز، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس " أَن نَفرا من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَأَلُوا أَزوَاج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن عمله فِي السِّرّ، فَقَالَ بَعضهم: لَا أَتزوّج النِّسَاء. وَقَالَ بَعضهم: لَا آكل اللَّحْم. وَقَالَ بَعضهم: لَا أَنَام على فرَاش. فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا بَال أَقوام قَالُوا كَذَا وَكَذَا. لكني أُصَلِّي وأنام، وَأَصُوم وَأفْطر، وأتزوج النِّسَاء، فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو نعيم، ثَنَا سُفْيَان عَن عبد الله بن دِينَار، عَن عبد الله ابْن عمر قَالَ: " اتخذ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَاتمًا من ذهب فَاتخذ النَّاس خَوَاتِيم من ذهب، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي اتَّخذت خَاتمًا من ذهب (فنبذته) وَقَالَ: إِنِّي لن ألبسهُ أبدا. فنبذ النا خواتيمهم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن عَبَّاس، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا سُفْيَان، عَن وَاصل، عَن أبي وَائِل قَالَ: " جَلَست إِلَى شيبَة فِي هَذَا الْمَسْجِد قَالَ: جلس إِلَيّ عمر فِي مجلسك هَذَا فَقَالَ: هَمَمْت أَن لَا أدع فِيهَا صفراء وَلَا بَيْضَاء إِلَّا

(1/299)


قسمتهَا بَين الْمُسلمين، قلت: مَا أَنْت بفاعل. قَالَ: لم؟ قلت: لم يَفْعَله صاحباك؟ قَالَ: هما المرآن يقْتَدى بهما ".
الْبَزَّار: حَدثنَا الْفضل بن سهل، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا سُفْيَان بن حُسَيْن، عَن الحكم، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عمر " أَنه كَانَ مَعَه بمَكَان فحاد عَلَيْهِ، فَأخْبرنَا أَنه قَالَ: كنت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا الْمَكَان فحاد عَنهُ، فَفعلت كَمَا فعل ".
قَالَ أَبُو بكر: فِي هَذَا الحَدِيث من الْمَعْنى أَنهم كَانُوا لَا يحبونَ أَن يزولوا عَن سنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأَن يَتَمَسَّكُوا بِكُل شَيْء رَأَوْهُ مِنْهُ.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سِنَان، ثَنَا فليح، ثَنَا هِلَال بن عَليّ، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كل أمتِي يدْخلُونَ الْجنَّة إِلَّا من أَبى. قَالُوا: وَمن يَأْبَى؟ قَالَ: من أَطَاعَنِي دخل الْجنَّة، وَمن عَصَانِي فقد أَبى ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبَادَة، ثَنَا يزِيد، ثَنَا سليم بن حَيَّان - وَأثْنى عَلَيْهِ - ثَنَا سعيد بن ميناء، ثَنَا - أَو سَمِعت - جَابر بن عبد الله يَقُول: " جَاءَت مَلَائِكَة إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ نَائِم فَقَالَ بَعضهم: إِنَّه نَائِم. , وَقَالَ بَعضهم: إِن الْعين نَائِمَة وَالْقلب يقظان. فَقَالُوا: إِن لصاحبكم هَذَا مثلا فاضربوا لَهُ مثلا. فَقَالُوا: مثله كَمثل رجل بنى دَارا، وَجعل فِيهَا مأدبة وَبعث دَاعيا فَمن أجَاب الدَّاعِي دخل الدَّار، وَأكل من المأدبة، وَمن لم يجب الدَّاعِي لم يدْخل الدَّار، وَلم

(1/300)


يَأْكُل من المأدبة، فَقَالُوا: أولوها لَهُ يفقهها. قَالَ بَعضهم: إِنَّه نَائِم. وَقَالَ بَعضهم: إِن الْعين نَائِمَة وَالْقلب يقظان. فَقَالُوا: فالدار الْجنَّة، والداعي مُحَمَّد، فَمن أطَاع مُحَمَّدًا فقد أطَاع الله، وَمن عصى مُحَمَّدًا فقد عصى الله، وَمُحَمّد فرق بَين النَّاس ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن بريد، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّمَا مثلي وَمثل مَا بَعَثَنِي الله بِهِ كَمثل رجل أَتَى قوما فَقَالَ: يَا قوم، إِنِّي رَأَيْت الْجَيْش بعيني أَنا النذير الْعُرْيَان فالنجاء. فأطاعه طَائِفَة من قومه فأدلجوا وَانْطَلَقُوا على مهلتهم فنجوا، وكذبت طَائِفَة مِنْهُم فَأَصْبحُوا مكانهم، فصبحهم الْجَيْش فأهلكهم واجتاحهم، فَذَلِك مثل من أَطَاعَنِي فَاتبع مَا جِئْت بِهِ، وَمثل من عَصَانِي وَكذب مَا جِئْت بِهِ من الْحق ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل / حَدثنِي مَالك، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " دَعونِي مَا تركتكم، إِنَّمَا أهلك من كَانَ قبلكُمْ سُؤَالهمْ وَاخْتِلَافهمْ على أَنْبِيَائهمْ، فَإِذا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْء فَاجْتَنبُوهُ، وَإِذا أَمرتكُم بِأَمْر فائتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم ".

بَاب مِنْهُ والتحذير من أهل الْبدع
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن حجر، ثَنَا بَقِيَّة بن الْوَلِيد، ثَنَا بجير بن سعد، عَن خَالِد بن معدان، عَن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو السّلمِيّ، عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة قَالَ: " وعظنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - موعظة بليغة ذرفت مِنْهَا الْعُيُون، ووجلت مِنْهَا الْقُلُوب، فَقَالَ رجل: إِن هَذِه موعظة مُودع فَمَاذَا تعهد إِلَيْنَا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: أوصيكم بتقوى الله، والسمع وَالطَّاعَة، وَإِن عبد حبشِي، فَإِنَّهُ من يَعش مِنْكُم يرى اخْتِلَافا كثيرا، وَإِيَّاكُم ومحدثات الْأُمُور فَإِنَّهَا ضَلَالَة، فَمن أدْرك ذَلِك مِنْكُم فَعَلَيهِ

(1/301)


بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين، عضوا عَلَيْهَا بالنواجذ ". قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وَمن طَرِيق الْحَاكِم أبي عبد الله: حَدثنَا أَبُو الْحسن أَحْمد بن مُحَمَّد عَبدُوس، حَدثنَا عُثْمَان بن سعيد، ثَنَا عبد الله بن صَالح، أَن مُعَاوِيَة حَدثهُ، أَن ضَمرَة بن حبيب حَدثهُ، عَن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو، عَن عرباض قَالَ: " وعظنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - موعظة بليغة، ذرفت مِنْهَا الْأَعْين، فَقُلْنَا: إِن هَذِه لموعظة مُودع، فماذ تعهد إِلَيْنَا؟ قَالَ: لقد تركتكم على الْبَيْضَاء، لَيْلهَا كنهارها، [لَا يزِيغ] عَنْهَا إِلَّا هَالك، وَمن يَعش مِنْكُم بعدِي فسيرى اخْتِلَافا كثيرا، فَعَلَيْكُم بِمَا عَرَفْتُمْ من سنتي وَسنة الْخُلَفَاء المهديين الرَّاشِدين بعدِي ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عتبَة بن عبد الله، أَنا ابْن الْمُبَارك، عَن سُفْيَان، عَن جَعْفَر ابْن مُحَمَّد، عَن أَبِيه، عَن جَابر قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول فِي خطبَته: الْحَمد لله، ويثني عَلَيْهِ بِمَا هُوَ لَهُ أهل، ثمَّ يَقُول: من يهد الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، إِن / أصدق الحَدِيث كتاب الله، وَأحسن الْهَدْي هدي مُحَمَّد، وَشر الْأُمُور محدثاتها، وكل محدثة بِدعَة، وكل بِدعَة ضَلَالَة، وكل ضَلَالَة فِي النَّار، ثمَّ يَقُول: بعثت أَنا والساعة كهاتين. وَكَانَ إِذا ذكر السَّاعَة احْمَرَّتْ وجنتاه، وَعلا صَوته، وَاشْتَدَّ غَضَبه، كَأَنَّهُ ندير جَيش: صبحتكم مستكم، ثمَّ قَالَ: من ترك مَالا فلأهله، وَمن ترك دينا أَو ضيَاعًا فَإِلَيَّ - أَو عَليّ - وانا أولى بِالْمُؤْمِنِينَ ".

بَاب إِثْم من آوى مُحدثا
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن، ثَنَا سُفْيَان، عَن

(1/302)


الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن أَبِيه، عَن عَليّ قَالَ: " مَا عندنَا شَيْء إِلَّا كتاب الله، وَهَذِه الصَّحِيفَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْمَدِينَة حرم مَا بَين عائر إِلَى كَذَا، من أحدث فِيهَا حَدثا أَو أَوَى مُحدثا، فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ لَا [يقبل] مِنْهُ صرف وَلَا عدل. وَقَالَ: ذمَّة الْمُسلمين [وَاحِدَة] فَمن أَخْفَر مُسلما فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ، لَا يقبل مِنْهُ صرف وَلَا عدل، وَمن تولى قوما بِغَيْر إِذن موَالِيه فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ لَا يقبل مِنْهُ صرف وَلَا عدل ".

بَاب ثَوَاب من سنّ سنة أَو أَحْيَاهَا أَو دَعَا إِلَيْهَا
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير بن عبد الحميد، عَن الْأَعْمَش، عَن مُوسَى بن عبد الله بن يزِيد وَأبي الضُّحَى، عَن عبد الرَّحْمَن بن هِلَال، عَن جرير بن عبد الله قَالَ: " جَاءَ نَاس من الْأَعْرَاب إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِم الصُّوف فَرَأى سوء حَالهم - قد أَصَابَتْهُم حَاجَة - فَحَث النَّاس على الصَّدَقَة، فأبطئوا عَنهُ حَتَّى رئي ذَلِك فِي وَجهه، قَالَ: ثمَّ إِن رجلا من الْأَنْصَار جَاءَ بصرة من ورق، ثمَّ جَاءَ آخر، ثمَّ تتابعوا حَتَّى عرف السرُور فِي وَجهه، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من سنّ فِي الْإِسْلَام سنة حَسَنَة، فَعمل بهَا بعده كتب لَهُ أجر من عمل بهَا، وَلَا ينقص من أُجُورهم شَيْء، وَمن سنّ فِي الْإِسْلَام سنة سَيِّئَة، فَعمل بهَا بعده كتب عَلَيْهِ مثل وزر من عمل بهَا، وَلَا ينقص من أوزارهم شَيْء ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، أخبرنَا مُحَمَّد بن عُيَيْنَة، عَن / مَرْوَان بن مُعَاوِيَة الْفَزارِيّ، عَن كثير بن عبد الله الْمُزنِيّ، عَن أَبِيه، عَن جده

(1/303)


" أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِبلَال بن الْحَارِث: اعْلَم. قَالَ: [مَا] أعلم يَا رَسُول الله؟ قَالَ: اعْلَم يَا بِلَال. قَالَ: مَا أعلم يَا رَسُول الله؟ قَالَ: أَنه من أَحْيَا سنة من سنتي قد أميتت بعدِي، فَإِن لَهُ من الْأجر مثل من عمل بهَا، من غير أَن ينقص من أُجُورهم شَيْء، وَمن ابتدع بِدعَة ضَلَالَة - لَا ترْضى الله وَرَسُوله - كَانَ عَلَيْهِ مثل آثام من عمل بهَا، لَا ينْقض ذَلِك من أوزار النَّاس شَيْئا ". قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن، وَمُحَمّد بن عُيَيْنَة مصيصي شَامي.
وروى التِّرْمِذِيّ من طَرِيق عَليّ بن زيد بن جدعَان، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أنس قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا بني، إِن قدرت أَن تصبح وتمسي وَلَيْسَ فِي قَلْبك غش لأحد فافعل. ثمَّ قَالَ لي: يَا بني، وَذَلِكَ من سنتي، وَمن أَحْيَا سنتي فقد أَحبَّنِي، وَمن أَحبَّنِي كَانَ معي فِي الْجنَّة ".
رَوَاهُ عَن مُسلم بن حَاتِم، عَن مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ، عَن عَليّ بن زيد.
وَعلي بن زيد وَثَّقَهُ أَبُو بكر الْبَزَّار، وَقَالَ أَبُو عِيسَى: هُوَ صَدُوق، إِلَّا أَنه رُبمَا يرفع الشَّيْء الَّذِي يوقفه غَيره. وَقَالَ البُخَارِيّ: عَليّ بن زيد ذَاهِب الحَدِيث. وَقد ضعفه جمَاعَة كَثِيرَة. قَالَ أَبُو عِيسَى: وَلم يعرف البُخَارِيّ لسَعِيد بن الْمسيب عَن أنس هَذَا الحَدِيث وَلَا غَيره.

بَاب إِثْم من دَعَا إِلَى ضَلَالَة.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر قَالُوا: ثَنَا إِسْمَاعِيل - يعنون ابْن جَعْفَر - عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة أَن

(1/304)


رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من دَعَا إِلَى هدى كَانَ لَهُ من الْأجر مثل أجور من تبعه، لَا ينقص ذَلِك من أُجُورهم شَيْئا، وَمن دَعَا إِلَى ضَلَالَة كَانَ عَلَيْهِ من الْإِثْم مثل آثام من تبعه، لَا ينقص ذَلِك من آثامهم شَيْئا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عبد الْوَارِث بن عبد الصَّمد، حَدثنِي أبي، عَن أبان بن يزِيد، عَن عَاصِم، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله أَن رَسُول الله قَالَ: " أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة رجل قتل نَبيا أَو قَتله نَبِي، وَإِمَام ضَلَالَة ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير - وَاللَّفْظ لِابْنِ أبي شيبَة - قَالَا: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن عبد الله / بن مرّة، عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله
: " لَا تقتل نفس ظلما إِلَّا كَانَ على ابْن آدم الأول كفل من دَمهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ أول من سنّ الْقَتْل ".
(بَاب تفرق الْمُسلمين واتباعهم سنَن أهل الْكتاب وَقَول الله تَعَالَى {وَأَن هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبعُوهُ}
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن عَاصِم، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله قَالَ: " خطّ لنا رَسُول الله يَوْمًا خطا فَقَالَ: هَذَا فِي سَبِيل الله. ثمَّ خطّ خُطُوطًا فَقَالَ: هَذِه سبل، على كل سَبِيل مِنْهَا شَيْطَان يَدْعُو إِلَيْهِ. وتلا {وَأَن هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبعُوهُ وَلَا تتبعوا السبل فَتفرق بكم عَن سَبيله} ثمَّ وصف لنا

(1/305)


ذَلِك عَاصِم، ثمَّ خطّ عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز، ثَنَا أَبُو عمر الصَّنْعَانِيّ - من الْيمن - عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لتتبعن سنَن من قبلكُمْ، (شبْرًا بشبر، ورذاعاً وذراعاً) ، حَتَّى لَو دخلُوا جُحر ضَب تبعتموهم. قُلْنَا: يَا رَسُول الله، الْيَهُود وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمن؟ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن حُرَيْث أَبُو عمار، ثَنَا الْفضل بن مُوسَى، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تَفَرَّقت الْيَهُود على إِحْدَى وَسبعين فرقة، وَالنَّصَارَى مثل ذَلِك، وتفترق أمتِي على ثَلَاث وَسبعين فرقة ".
وَقَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وروى التِّرْمِذِيّ: من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد الأفريقي، عَن عبد الله بن يزِيد، عَن عبد الله بن عَمْرو - هُوَ ابْن الْعَاصِ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ليَأْتِيَن على أمتِي مَا أَتَى على بني إِسْرَائِيل، حَذْو النَّعْل بالنعل، حَتَّى إِن كَانَ مِنْهُم من أَتَى أمة عَلَانيَة لَكَانَ فِي أمتِي من يصنع ذَلِك، وَإِن بني إِسْرَائِيل تَفَرَّقت على ثِنْتَيْنِ وَسبعين مِلَّة، وتفترق أمتِي على ثَلَاث وَسبعين مِلَّة، كلهم فِي النَّار إِلَّا وَاحِدَة. قَالُوا: من هِيَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: مَا أَنا عَلَيْهِ وأصحابي ". قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث مُفَسّر غَرِيب.
رَوَاهُ عَن مَحْمُود بن غيلَان، عَن أبي دَاوُد الْحَفرِي، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد.
وَعبد الرَّحْمَن هَذَا ضعفه يحيى بن معِين / وَيحيى بن سعيد، وَجَمَاعَة

(1/306)


غَيرهمَا، وَقَالَ فِيهِ أَحْمد بن حَنْبَل: لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي كتاب الْعِلَل: رَأَيْت البُخَارِيّ يثني على عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد الأفريقي خيرا وَيُقَوِّي أمره.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن عَرَفَة، عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن يحيى ابْن أبي عَمْرو السيباني، عَن عبد الله بن الديلمي قَالَ: سَمِعت عبد الله بن عَمْرو يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن الله - عز وَجل - خلق خلقه فِي ظلمَة، فَألْقى عَلَيْهِم من نوره، فَمن أَصَابَهُ من ذَلِك النُّور اهْتَدَى، وَمن أخطأه ضل، فَلذَلِك أَقُول: جف الْقَلَم على علم الله ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن. انْتهى كَلَام أبي عِيسَى.
إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش هُوَ أَبُو عتبَة الْحِمصِي، رِوَايَته عَن الشاميين صَحِيحَة، ذكر ذَلِك النَّسَائِيّ وَيحيى بن معِين وَأَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ، قَالَ أَبُو جَعْفَر: لم يتَكَلَّم أحد فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن الشاميين، وَيحيى بن ابي عَمْرو هَذَا ثِقَة شَامي، وَقَالَ يزِيد بن هَارُون: مَا رَأَيْت شامياً وَلَا عراقياً أحفظ من إِسْمَاعِيل ابْن عَيَّاش.

بَاب مَا جَاءَ فِيمَن أفتى بِغَيْر علم وَمَا يحذر من زلَّة الْعَالم
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ، ثَنَا أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ، حَدثنَا سعيد بن ابي أَيُّوب، عَن بكر بن عَمْرو، عَن مُسلم بن يسَار أبي عُثْمَان، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أُفْتِي ".
وَحدثنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد، أَنا ابْن وهب، حَدثنِي يحيى بن أَيُّوب، عَن بكر ابْن عَمْرو، عَن عَمْرو بن أبي نعيمة، عَن أبي عُثْمَان الطنبذي - رَضِيع عبد الْملك ابْن مَرْوَان - قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أُفْتِي

(1/307)


بِغَيْر علم كَانَ إثمه على من أفتاه ". زَاد سُلَيْمَان بن دَاوُد فِي حَدِيثه: " وَمن أَشَارَ على أَخِيه بِأَمْر يعلم أَن الرشد فِي غَيره فقد خانه " هَذَا لفظ سُلَيْمَان.
وروى أَبُو بكر الْبَزَّار عَن عَمْرو بن عَليّ، عَن مُحَمَّد بن خَالِد بن عَثْمَة، / عَن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف بن مَالك، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِنِّي أَخَاف على أمتِي من ثَلَاث: من زلَّة عَالم، وَمن هوى مُتبع، من حكم جَائِر ". وَكثير بن عبد الله هَذَا ضَعِيف.

بَاب مَا جَاءَ فِي الْجِدَال
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا / عبد بن حميد، ثَنَا مُحَمَّد بن بشر ويعلى بن عبيد، عَن حجاج بن دِينَار، عَن أبي غَالب، عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا ضل قوم بعد هدى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الجدل. ثمَّ تَلا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَذِه الْآيَة {مَا ضربوه لَك إِلَّا جدلا بل هم قوم خصمون} "
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، إِنَّمَا نعرفه من حَدِيث حجاج بن دِينَار، وحجاج ثِقَة مقارب الحَدِيث، وَأَبُو غَالب هُوَ حزور.

بَاب كِتَابَة الْعلم
مُسلم: حَدثنَا هداب بن خَالِد الْأَزْدِيّ، ثَنَا همام، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تكْتبُوا عني، وَمن كتب عني غير الْقُرْآن فليمحه، وَحَدثُوا عني وَلَا حرج، وَمن كذب عَليّ - قَالَ همام: أَحْسبهُ قَالَ: مُتَعَمدا - فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ".

(1/308)


الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن زِيَاد، ثَنَا يحيى بن آدم، ثَنَا أَبُو شهَاب، عَن خَالِد الْحذاء، عَن أبي المتَوَكل، عَن أبي سعيد قَالَ: " كُنَّا لَا نكتب عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا الْقُرْآن وَالتَّشَهُّد ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب وَعبيد الله بن سعيد جَمِيعًا، عَن الْوَلِيد - قَالَ زُهَيْر: ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم - حَدثنَا الاوزاعي، ثَنَا يحيى بن أبي كثير، حَدثنِي أَبُو سَلمَة، حَدثنِي أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: " لما فتح الله على رَسُوله مَكَّة قَامَ فِي النَّاس، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: إِن الله حبس عَن مَكَّة الْفِيل، وسلط عَلَيْهَا رَسُوله وَالْمُؤمنِينَ، وَإِنَّهَا لن تحل لأحد كَانَ قبلي، وَإِنَّهَا أحلّت لي سَاعَة من نَهَار، وَإِنَّهَا لن تحل لأحد بعدِي، فَلَا ينفر صيدها، وَلَا يخْتَلى شَوْكهَا، وَلَا تحل ساقطتها إِلَّا لِمُنْشِد، وَمن قتل لَهُ قَتِيل فَهُوَ بِخَير النظرين: إِمَّا أَن يفدى، وَإِمَّا أَن يقتل. فَقَالَ الْعَبَّاس إِلَّا الْإِذْخر يَا رَسُول الله، فَإنَّا نجعله فِي قبورنا وَبُيُوتنَا. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِلَّا الْإِذْخر. فَقَامَ أَبُو شَاة - رجل من أهل الْيمن - فَقَالَ: اكتبوا لي يَا رَسُول الله. فَقَالَ رَسُول الله: اكتبوا لأبي شاه ".
قَالَ الْوَلِيد: فَقلت للأوزاعي: مَا قَوْله: " اكتبوا لي يَا رَسُول الله "؟ قَالَ: هَذِه الْخطْبَة الَّتِي سَمعهَا من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة، قَالَا: ثَنَا يحيى، عَن / عبيد الله بن الْأَخْنَس، عَن الْوَلِيد بن عبد الله بن أبي مغيث، عَن يُوسُف بن مَاهك، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: " كنت أكتب كل شَيْء أسمعهُ من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُرِيد حفظه فنهتني قُرَيْش وَقَالُوا: أتكتب كل شَيْء تسمعه، وَرَسُول الله بشر

(1/309)


يتَكَلَّم فِي الْغَضَب وَالرِّضَا: فَأَمْسَكت عَن الْكِتَابَة، فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَوْمأ بِأُصْبُعِهِ إِلَى فِيهِ فَقَالَ: اكْتُبْ، فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ مَا يخرج مِنْهُ إِلَّا حق ".
الْوَلِيد بن عبد الله بن أبي مغيث هَذَا هُوَ مولى بني عبد الدَّار، روى عَن يُوسُف بن مَاهك وَمُحَمّد بن عَليّ ابْن الْحَنَفِيَّة، روى عَنهُ عبيد الله بن الْأَخْنَس وَمَعْقِل بن عبيد الله، قَالَ يحيى بن معِين: الْوَلِيد بن عبد الله ثِقَة. ذكر ذَلِك ابْن أبي حَاتِم.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا سُفْيَان، حَدثنَا عَمْرو، أَخْبرنِي وهب بن مُنَبّه، عَن أَخِيه، قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " مَا من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحد أَكثر حَدِيثا عَنهُ مني، إِلَّا مَا كَانَ من عبد الله بن عَمْرو، فَإِنَّهُ كَانَ يكْتب وَلَا أكتب ". تَابعه معمر عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة.
مُسلم: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور وقتيبة وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة وَعَمْرو النَّاقِد - وَاللَّفْظ لسَعِيد - قَالُوا: ثَنَا سُفْيَان، عَن سُلَيْمَان الْأَحول، عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: " يَوْم الْخَمِيس، وَمَا يَوْم الْخَمِيس. ثمَّ بَكَى حَتَّى بل دمعه الْحَصَى، فَقلت: يَا ابْن عَبَّاس، وَمَا يَوْم الْخَمِيس؟ قَالَ: اشْتَدَّ برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَجَعه فَقَالَ: ائْتُونِي أكتب لكم كتابا لَا تضلوا بعدِي. فتنازعوا - وَمَا يَنْبَغِي عِنْد نَبِي تنَازع - وَقَالُوا: مَا شَأْنه أَهجر؟ استفهموه. قَالَ: دَعونِي فَالَّذِي أَنا فِيهِ خير، أوصيكم بِثَلَاث: أخرجُوا الْمُشْركين من جَزِيرَة الْعَرَب، وأجيزوا الْوَفْد بِنَحْوِ مَا كنت أجيزهم. قَالَ: وَسكت عَن الثَّالِثَة، أَو قَالَهَا فأنسيتها ".

(1/310)


بَاب كتاب أهل الْعلم بِالْعلمِ إِلَى الْبلدَانِ
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الله، حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب، عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود، أَن عبد الله بن عَبَّاس أخبرهُ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث بكتابه رجلا، وَأمره أَن يَدْفَعهُ إِلَى عَظِيم الْبَحْرين، فَدفعهُ عَظِيم الْبَحْرين إِلَى كسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ مزقه. فحسبت أَن ابْن الْمسيب قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يمزقوا كل ممزق ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن آدم، عَن عبد الرَّحِيم - وَهُوَ ابْن سُلَيْمَان - عَن سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كتب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى أهل جرش ينهاهم عَن خليط التَّمْر وَالزَّبِيب، وَعَن التَّمْر والبسر ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن حَرْب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن أبي إِسْحَاق، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كتب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى أهل جرش ينهاهم أَن يخلطو التَّمْر وَالزَّبِيب ".

بَاب مَا جَاءَ فِي حَدِيث أهل الْكتاب وَأخذ عَنْهُم وَتعلم لسانهم
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عُثْمَان بن عمر، ثَنَا عَليّ بن الْمُبَارك، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كَانَ أهل الْكتاب يقرءُون التَّوْرَاة بالعبرانية، ويفسرونها بِالْعَرَبِيَّةِ لأهل الْإِسْلَام، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:

(1/311)


لَا تصدقوا أهل الْكتاب وَلَا تكذبوهم و {قُولُوا آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا وَمَا أنزل إِلَيْكُم} الْآيَة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن ثَابت، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي ابْن أبي نملة الْأنْصَارِيّ، عَن أَبِيه " أَنه بَيْنَمَا هُوَ جَالس عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعِنْده رجل من الْيَهُود مر بِجنَازَة فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، هَل تَتَكَلَّم هَذِه الْجِنَازَة؟ فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الله أعلم. قَالَ الْيَهُودِيّ: إِنَّهَا تَتَكَلَّم. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا حَدثكُمْ أهل الْكتاب فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ، وَلَا تكذبوهم، وَقُولُوا: آمنا بِاللَّه وَرُسُله، فَإِن كَانَ بَاطِلا لم تُصَدِّقُوهُ، وَإِن كَانَ حَقًا لم تُكَذِّبُوهُ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا إِبْرَهِيمُ بن سعد، ثَنَا ابْن شهَاب، عَن عبيد الله بن عبد الله، أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَيفَ تسْأَلُون أهل الْكتاب عَن شَيْء، وَكِتَابكُمْ الَّذِي أنزل على رَسُوله أحدث، تَقْرَءُونَهُ مَحْضا، لم يشب، وَقد حَدثكُمْ أَن أهل الْكتاب بدلُوا كتاب الله وغيروه، وَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِم الْكتاب، وَقَالُوا: هُوَ من عِنْد الله ليشتروا بِهِ ثمنا قَلِيلا، أَلا يَنْهَاكُم مَا / جَاءَكُم من الْعلم عَن مسألتهم، وَالله مَا رَأينَا مِنْهُم رجلا يسألكم عَن الَّذِي أنزل إِلَيْكُم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْفضل بن الْعَبَّاس بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا عَفَّان، ثَنَا همام، حَدثنَا زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " حدثوا عَن بني إِسْرَائِيل وَلَا حرج، وَحَدثُوا عني وَلَا تكذبوا عَليّ ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا ابْن الْمثنى، ثَنَا معَاذ، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن أبي

(1/312)


حسان، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: " كَانَ رَسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحدثنا عَن بني إِسْرَائِيل حَتَّى يصبح مَا يقوم إِلَّا إِلَى عظم صَلَاة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس، ثَنَا ابْن أبي الزِّنَاد، عَن أَبِيه، عَن خَارِجَة بن زيد بن ثَابت قَالَ: قَالَ زيد بن ثَابت: " أَمرنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فتعلمت لَهُ كتاب الْيَهُود، وَقَالَ: إِنِّي وَالله مَا آمن الْيَهُود على كتابي. فتعلمته فَلم يمر بِي نصف شهر حَتَّى حذفته، فَكنت أكتب لَهُ إِذا كتب، وأقرأ لَهُ إِذا كتب إِلَيْهِ ".
ابْن أبي الزِّنَاد اسْمه عبد الرَّحْمَن.
وَرَوَاهُ أَبُو عِيسَى: عَن عَليّ بن حجر، عَن ابْن أبي الزِّنَاد، عَن أَبِيه، بِهَذَا الْإِسْنَاد وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح، قَالَ: وَقد رُوِيَ من غير هَذَا الْوَجْه عَن زيد، رَوَاهُ الْأَعْمَش، عَن ثَابت بن عبيد الْأنْصَارِيّ، عَن زيد بن ثَابت قَالَ: " أَمرنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن أتعلم السريانية ".
حَدِيث الْأَعْمَش هَذَا رَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي خَيْثَمَة قَالَ: ثَنَا أبي، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن ثَابت بن عبيد، عَن زيد بن ثَابت قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تحسن السريانية، إِنَّهَا تَأتِينِي كتب؟ قلت: لَا. قَالَ: فتعلمها. قَالَ: فتعلمتها فِي سَبْعَة عشر يَوْمًا ".

بَاب مَا جَاءَ فِي الْقَصَص
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا سُفْيَان، عَن عبد الله بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " لم نقص على عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا أبي بكر، وَلَا عمر ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ إِلَّا الثَّوْريّ وَأَبُو أُسَامَة.
الْبَزَّار: حَدثنَا نصر بن عَليّ وَالْفضل بن سهل، قَالَا: ثَنَا أَبُو أَحْمد، عَن

(1/313)


شريك، عَن أبي سِنَان، عَن ابْن أبي الْهُذيْل، عَن خباب أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن بني إِسْرَائِيل لما ضلوا قصوا ".
أَبُو سِنَان اسْمه ضرار بن مرّة، وَابْن أبي الْهُذيْل اسْمه عبد الله.
قَالَ أَبُو بكر: إِسْنَاد / هَذَا الحَدِيث إِسْنَاد حسن.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مَحْمُود بن خَالِد، ثَنَا أَبُو مسْهر، حَدثنِي عباد بن عباد الْخَواص، عَن يحيى بن أبي عَمْرو السيباني، عَن عَمْرو بن عبد الله السيباني، عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لَا يقص إِلَّا أَمِير أَو مَأْمُور أَو مختال ".
عَمْرو بن عبد الله السيباني لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا يحيى بن أبي عَمْرو السيباني.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان، عَن الْمُعَلَّى بن زِيَاد، عَن الْعَلَاء بن بشير الْمُزنِيّ، عَن أبي الصّديق النَّاجِي، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " جَلَست فِي عِصَابَة من ضعفاء الْمُهَاجِرين - إِن بَعضهم ليستتر بِبَعْض من العري - وقارئ يقْرَأ علينا؛ إِذْ جَاءَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَامَ علينا، فَلَمَّا قَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سكت الْقَارئ، فَسلم ثمَّ قَالَ: مَا كُنْتُم تَصْنَعُونَ؟ فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، كَانَ قَارِئ يقْرَأ علينا، وَكُنَّا نسْمع إِلَى كتاب الله، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْحَمد لله الَّذِي جعل من أمتِي من أمرت أَن أَصْبِر نَفسِي مَعَهم. قَالَ: فَجَلَسَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَسطنَا ليعدل بِنَفسِهِ فِينَا ثمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، فتحلقوا وبرزت وُجُوههم لَهُ، فَمَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عرف مِنْهُم أحدا غَيْرِي، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَبْشِرُوا يَا معشر صعاليك الْمُهَاجِرين بِالنورِ التَّام يَوْم الْقِيَامَة، تدخلون الْجنَّة قبل أَغْنِيَاء النَّاس بِنصْف يَوْم، وَذَلِكَ خَمْسمِائَة سنة ".
الْعَلَاء بن بشير لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا الْمُعَلَّى، والمعلى هُوَ ابْن زِيَاد القردوسي، أَبُو الْحسن ثِقَة مَشْهُور.

(1/314)


بَاب التحلق فِي الْمَسْجِد
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك بن أنس - فِيمَا قرئَ عَلَيْهِ - عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة أَن أَبَا مرّة مولى عقيل بن أبي طَالب أخبرهُ، عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيْنَمَا هُوَ جَالس فِي الْمَسْجِد - وَالنَّاس مَعَه - إِذا أقبل نفر ثَلَاثَة، فَأقبل اثْنَان إِلَى رَسُول الله
وَذهب وَاحِد، قَالَ: فوقفا على رَسُول الله
فَأَما أَحدهمَا فَرَأى فُرْجَة فِي الْحلقَة فَجَلَسَ، وَأما الآخر فَجَلَسَ خَلفهم، وَأما الثَّالِث فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فرغ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: أَلا أخْبركُم عَن النَّفر الثَّلَاثَة. أما أحدهم فأوى إِلَى الله فآواه الله، وَأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله مِنْهُ، وَأما الآخر فَأَعْرض فَأَعْرض الله عَنهُ ".
/ بَاب لعن من جلس وسط الْحلقَة
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة، أَنا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن أبي مجلز " أَن حُذَيْفَة رأى رجلا جلس وسط الْحلقَة فَقَالَ: أما هَذَا فَمَلْعُون على لِسَان مُحَمَّد. أَو قَالَ: مَلْعُون على لِسَان مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من جلس وسط الْحلقَة ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد.

بَاب توقير الْعَالم وَمَعْرِفَة حَقه
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، عَن شُعْبَة، أَن زِيَاد بن علاقَة حَدثهمْ قَالَ: سَمِعت أُسَامَة بن شريك يَقُول: " أتيت رَسُول الله

(1/315)


- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِذا أَصْحَابه عِنْده كَأَن رُءُوسهم الطير ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى وَمُحَمّد بن عبد الله بن الحكم، قَالَا: أَنا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي مَالك بن الْخَيْر الزبادي، عَن أبي قبيل، عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قل: " لَيْسَ منا من لم يجل كَبِيرنَا، وَيرْحَم صَغِيرنَا، وَيعرف لعالمنا ".
أَبُو قبيل اسْمه حييّ بن هَانِئ، ثِقَة مَشْهُور.

بَاب هَل يَجْعَل للْعَالم مَوضِع مشرف يجلس عَلَيْهِ
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا جرير، عَن أبي فَرْوَة، عَن أبي زرْعَة بن عَمْرو بن جرير، عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي ذَر قَالَا: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يجلس بَين ظهراني أَصْحَابه، فَيَجِيء الْغَرِيب فَلَا يدْرِي أَيهمْ هُوَ حَتَّى يسْأَل، فطلبنا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نجْعَل لَهُ مَجْلِسا فيعرفه الْغَرِيب إِذا أَتَى، فبنينا لَهُ دكانا من طين، فَكَانَ يجلس عَلَيْهِ، وَكُنَّا نجلس بجانبيه سماطين ". أَبُو فَرْوَة اسْمه عُرْوَة بن الْحَارِث، ثِقَة مَشْهُور.

بَاب من لم يدن من الْعَالم وَلَا سَأَلَهُ حَتَّى استأذنه
الْبَزَّار: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا جرير، عَن أبي فرة الْهَمدَانِي، عَن أبي زرْعَة بن عمر بن جرير، عَن أبي ذَر وَأبي هُرَيْرَة قَالَا: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يجلس بَين ظهراني أَصْحَابه، فَيَجِيء الْغَرِيب فَلَا يدْرِي أَيهمْ هُوَ، فكلمنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أَن نتَّخذ لَهُ شَيْئا يعرفهُ الْغَرِيب إِذا أَتَاهُ، فبنينا لَهُ دكانا من طين، فَكَانَ يجلس عَلَيْهِ - أَحْسبهُ قَالَ: وَكُنَّا نجلس حوله - فَإنَّا لجُلُوس / وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَجْلِسه، إِذْ أقبل رجل من أحسن النَّاس وَجها وَأطيب النَّاس ريحًا، وأنقى النَّاس ثوبا، كَأَن ثِيَابه لم يَمَسهَا دنس، فَيسلم من طرف الْبسَاط، فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك يَا

(1/316)


مُحَمَّد. قَالَ: عَلَيْك السَّلَام. قَالَ: أدنو يَا مُحَمَّد؟ قَالَ: ادن: فَمَا زَالَ يَقُول: أدنو يَا مُحَمَّد؟ وَيَقُول لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مرَارًا حَتَّى وضع يَده على ركبة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، مَا الْإِسْلَام؟ قَالَ: أَن تعبد الله وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا، وتقيم الصَّلَاة، وتؤتي الزَّكَاة، وتحج الْبَيْت، وتصوم رَمَضَان. قَالَ: فَإِذا فعلت هَذَا قفد أسلمت؟ قَالَ: نعم. قَالَ: صدقت. فَلَمَّا سمعنَا قَول الرجل لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صدقت أنكرناه، ثمَّ قَالَ: فَأَخْبرنِي مَا الْإِيمَان؟ قَالَ: الْإِيمَان بِاللَّه، وَالْمَلَائِكَة، وَالْكتاب، والنبين، وتؤمن بِالْقدرِ كُله. قَالَ: فَإِذا فعلت ذَلِك فقد آمَنت؟ قَالَ: نعم. قَالَ: صدقت. قَالَ: يَا مُحَمَّد، أَخْبرنِي مَا الْإِحْسَان؟ قَالَ: أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ، فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك. قَالَ: صدقت. قَالَ: فَأَخْبرنِي يَا مُحَمَّد مَتى السَّاعَة؟ فَلم يجبهُ شَيْئا. ثمَّ أعَاد، فَلم يجبهُ مرّة أُخْرَى، ثمَّ أعَاد، فَلم يجبهُ، ثمَّ رفع رَأسه، فَحلف لَهُ بِاللَّه - أَو قَالَ: وَالَّذِي بَعثه بِالْهدى وَدين الْحق - مَا الْمَسْئُول بِأَعْلَم من السَّائِل، وَلَكِن لَهَا عَلَامَات: إِذا رَأَيْت رعاء البهم يتطاولون فِي الْبُنيان، وَرَأَيْت الحفاة العراة مُلُوك الأَرْض، وَرَأَيْت الْمَرْأَة تَلد رَبهَا، فِي خمس لَا يعلمهُنَّ إِلَّا الله: {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة وَينزل الْغَيْث وَيعلم مَا فِي الْأَرْحَام وَمَا تَدْرِي نفس مَاذَا تكسب غَدا وَمَا تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت إِن الله عليم خَبِير} ثمَّ سَطَعَ إِلَى السَّمَاء، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَالَّذِي بعث مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ مَا كنت بِأَعْلَم بِهِ من رجل مِنْكُم، وَإنَّهُ لجبريل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإنَّهُ لفي صُورَة دحْيَة الْكَلْبِيّ ".
وَقد تقدم فِي أول الْكتاب من طَرِيق أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ قَول جِبْرِيل للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هَذَا الحَدِيث " أدنو مِنْك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: ادن. ثمَّ قَالَ: أَسأَلك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: سل ".

بَاب من استحيا فَأمر غَيره بالسؤال
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، ثَنَا خَالِد، ثَنَا شُعْبَة، أَخْبرنِي

(1/317)


سُلَيْمَان، سَمِعت منذراً، عَن مُحَمَّد / بن عَليّ، عَن عَليّ قَالَ: " استحييت أَن أسأَل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْمَذْي من أجل فَاطِمَة، فَأمرت الْمِقْدَاد فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: فِيهِ الْوضُوء ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن مُنْذر أبي يعلى الثَّوْريّ، عَن مُحَمَّد ابْن الْحَنَفِيَّة قَالَ: قَالَ عَليّ: " كنت رجلا مذاء، فَاسْتَحْيَيْت أَن أسأَل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأمرت الْمِقْدَاد بن الْأسود فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: فِيهِ الْوضُوء ". رَوَاهُ شُعْبَة عَن الْأَعْمَش.

بَاب رفع الصَّوْت بِالْعلمِ والإنصات للْعُلَمَاء
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان - هُوَ عَارِم بن الْفضل - ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن أبي بشر، عَن يُوسُف بن مَاهك، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: " تخلف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سَفَره سافرناها فَأَدْرَكنَا، وَقد أرهقتنا الصَّلَاة، وَنحن نَتَوَضَّأ، فَجعلنَا نمسح على أَرْجُلنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوته: ويل لِلْأَعْقَابِ من النَّار - مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا.
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْحجَّاج - هُوَ ابْن منهال - ثَنَا شُعْبَة، أَخْبرنِي عَليّ بن مدرك، عَن ابي زرْعَة، عَن جرير " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُ فِي حجَّة الْوَدَاع: استنصت النَّاس. فَقَالَ: لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض ".

(1/318)


بَاب مَا يسْتَحبّ للْعَالم إِذا سُئِلَ أَي النَّاس أعلم أَن يرد الْعلم إِلَى الله وَقَول الله تَعَالَى {وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا}
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا سُفْيَان، ثَنَا عَمْرو، أَخْبرنِي سعيد بن جُبَير قَالَ: " قلت لِابْنِ عَبَّاس: إِن نَوْفًا الْبكالِي يزْعم أَن مُوسَى لَيْسَ بمُوسَى بني إِسْرَائِيل إِنَّمَا مُوسَى آخر، فَقَالَ: كذب عَدو الله حَدثنِي أبي بن كَعْب، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: قَامَ مُوسَى النَّبِي خَطِيبًا فِي بني إِسْرَائِيل، فَسئلَ: أَي النَّاس أعلم؟ فَقَالَ: أَنا. فعتب الله عَلَيْهِ إِذْ لم يرد الْعلم إِلَى الله، فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن عبدا من عبَادي بمجمع الْبَحْرين هُوَ أعلم مِنْك. قَالَ: يَا رب وَكَيف بِهِ؟ فَقيل لَهُ: احْمِلْ حوتاً فِي مكتل فَإِذا فقدته فَهُوَ ثمَّ فَانْطَلق، وَانْطَلق بفتاة يُوشَع بن نون، وحملا حوتا فِي مكتل حَتَّى كَانَا عِنْد الصَّخْرَة وضعا رءوسهما فَنَامَا /، فانسل الْحُوت من المكتل، فَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سرباً، وَكَانَ لمُوسَى وفتاه عجبا، فَانْطَلقَا بَقِيَّة ليلتهما ويومها، فَلَمَّا أصبح قَالَ مُوسَى لفتاه: آتنا غداءنا لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا. وَلم يجد مُوسَى مسا من النصب حَتَّى جَاوز الْمَكَان الَّذِي أَمر بِهِ، فَقَالَ لَهُ فتاه: أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَى الصَّخْرَة فَإِنِّي نسيت الْحُوت. قَالَ مُوسَى: ذَلِك مَا كُنَّا نبغي. فارتدا على آثارهما قصصاً، فَلَمَّا انتهيا إِلَى الصَّخْرَة إِذا رجل مسجى بِثَوْب - أَو قَالَ: تسجى بِثَوْبِهِ - فَسلم مُوسَى، فَقَالَ الْخضر: وَأَنِّي بأرضك السَّلَام؟ فَقَالَ: أَنا مُوسَى. فَقَالَ: مُوسَى بني إِسْرَائِيل؟ قَالَ: نعم. قَالَ: هَل أتبعك على أَن تعلمني مِمَّا علمت رشدا؟ قَالَ: إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا، يَا مُوسَى إِنِّي على علم من علم الله علمنيه لَا تعلمه أَنْت، وَأَنت على علم علمكه الله لَا أعلمهُ. قَالَ: ستجدني إِن شَاءَ الله صَابِرًا، وَلَا أعصي لَك أمرا. فَانْطَلقَا يمشيان على سَاحل الْبَحْر لَيْسَ لَهما سفينة، فمرت بهما سفينة، فلكموهم أَن يحملوهما، فَعرف الْخضر فحملوهما بِغَيْر نول، فجَاء عُصْفُور فَوَقع على حرف السَّفِينَة فَنقرَ نقرة أَو نقرتين

(1/319)


فِي الْبَحْر، فَقَالَ الْخضر: يَا مُوسَى، مَا نقص علمي وعلمك من علم الله إِلَّا كنقرة هَذَا العصفور. فَعمد الْخضر إِلَى لوح من الواح السَّفِينَة فَنَزَعَهُ، فَقَالَ مُوسَى: قوم حملونا بِغَيْر نول، عَمَدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أَهلهَا؟ ! قَالَ: الم أقل إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا؟ قَالَ: لَا تؤاخذني بِمَا نسيت، (وَلَا ترهقني من امري عسراً) فَكَانَت الأولى من مُوسَى نِسْيَانا، فَانْطَلَقْنَا فَإِذا بِغُلَام يلْعَب مَعَ الغلمان فَأخذ الْخضر بِرَأْسِهِ من أَعْلَاهُ فاقتلع رَأسه بِيَدِهِ، فَقَالَ مُوسَى: أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس؟ قَالَ: ألم أقل لَك إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا؟ _ قَالَ ابْن عُيَيْنَة: وَهَذَا أوكد - فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا أيتا أهل قَرْيَة استطعما أَهلهَا، فَأَبَوا أَن يُضَيِّفُوهُمَا، فوجدا فِيهَا جداراً يُرِيد أَن ينْقض فأقامه، قَالَ الْخضر بِيَدِهِ فأقامه، فَقَالَ مُوسَى: لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا. قَالَ: هَذَا فِرَاق بيني وَبَيْنك. قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يرحم الله مُوسَى لودنا أَنه صَبر حَتَّى يقص علينا من أَمرهمَا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص بن غياث، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، حَدثنِي / إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله قَالَ: " بَينا أَنا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حرث، وَهُوَ متوكئ على عسيب إِذْ مر الْيَهُود، فَقَالَ بَعضهم لبَعض: سلوه عَن الرّوح، فَقَالَ: مَا رابكم إِلَيْهِ؟ وَقَالَ بَعضهم: لَا يستقبلكم بِشَيْء تكرهونه. فَقَالُوا: سلوه. فَسَأَلُوهُ عَن الرّوح، فَأمْسك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم يرد إِلَيْهِ شَيْئا، فَعلمت أَنه يُوحى إِلَيْهِ فَقُمْت مقَامي، فَلَمَّا نزل الْوَحْي قَالَ: يَسْأَلُونَك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي وَمَا أَتَوا من الْعلم إِلَّا قَلِيلا ".
فِي بعض طرق البُخَارِيّ: قَالَ الْأَعْمَش: هَكَذَا فِي قراءتنا.

(1/320)


بَاب من سَأَلَ وَهُوَ قَائِم عَالما جَالِسا
البُخَارِيّ: حَدثنَا عُثْمَان، ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن أبي وَائِل، عَن أبي مُوسَى قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَيّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَا الْقِتَال فِي سَبِيل الله، فَإِن أَحَدنَا يُقَاتل غَضبا، وَيُقَاتل حمية؟ فَرفع إِلَيْهِ رَأسه - قَالَ: وَمَا رفع رَأسه إِلَّا أَنه كَانَ قَائِما - فَقَالَ: من قَاتل لتَكون كلمة الله هِيَ الْعليا فَهُوَ فِي سَبِيل الله ".

بَاب من اجاب السَّائِل بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَ
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَفَّان، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس " أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله، أَيْن أبي؟ قَالَ: فِي النَّار. قَالَ: فَلَمَّا قفى دَعَاهُ، فَقَالَ: إِن أبي وأباك فِي النَّار ".

بَاب من سُئِلَ عَن علم وَهُوَ فِي حَدِيثه، فَأَتمَّ حَدِيثه ثمَّ اجاب السَّائِل
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سِنَان، ثَنَا فليح.
وَحدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر، ثَنَا مُحَمَّد بن فليح، ثَنَا أبي، حَدثنِي هِلَال بن عَليّ، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " بَيْنَمَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مجْلِس يحدث الْقَوْم جَاءَهُ أَعْرَابِي، فَقَالَ: مَتى السَّاعَة؟ فَمضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بحَديثه، فَقَالَ بعض الْقَوْم: سمع مَا قَالَ، فكره مَا قَالَ. وَقَالَ بَعضهم: بل لم يسمع. حَتَّى إِذا قضى حَدِيثه قَالَ: أَيْن أرَاهُ السَّائِل عَن السَّاعَة؟ قَالَ: هَا أَنا يَا رَسُول الله. قَالَ:

(1/321)


فَإِذا ضيعت الْأَمَانَة فانتظر السَّاعَة. فَقَالَ: كَيفَ إضاعتها؟ قَالَ: إِذا وسد الْأَمر إِلَى غير أَهله فانتظر السَّاعَة ".

بَاب من أجَاب بِالْإِشَارَةِ
البُخَارِيّ: / حَدثنَا الْمَكِّيّ بن إِبْرَاهِيم، أَنا حَنْظَلَة، عَن سَالم، سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يقبض الْعلم، وَيظْهر الْجَهْل والفتن، وَيكثر الْهَرج. قيل: يَا رَسُول الله، وَمَا الْهَرج؟ فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ فحرفها، كَأَنَّهُ يُرِيد الْقَتْل ".

بَاب الْغَضَب فِي الموعظة والتعليم إِذا رأى مَا يكره
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير، أَخْبرنِي سُفْيَان، عَن ابْن أبي خَالِد، عَن قيس بن ابي حَازِم، عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ: " قَالَ رجل: يَا رَسُول الله، لَا أكاد أدْرك الصَّلَاة مِمَّا يطول بِنَا فلَان، فَمَا رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي موعظة أَشد غَضبا من يَوْمئِذٍ فَقَالَ: أَيهَا النَّاس، إِنَّكُم منفرون، فَمن صلى بِالنَّاسِ فليخفف، فَإِن فيهم الْمَرِيض والضعيف وَذَا الْحَاجة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْحميدِي، ثَنَا سُفْيَان، ثَنَا بَيَان وَإِسْمَاعِيل، قَالَا: سمعنَا قيسا يَقُول: سَمِعت خباباً يَقُول: " أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ مُتَوَسِّد برده، وَهُوَ فِي ظلّ الْكَعْبَة، وَقد لَقينَا من الْمُشْركين شدَّة، فَقلت: أَلا تَدْعُو الله؟ ! فَقعدَ وَهُوَ محمر وَجهه، فَقَالَ: لقد كَانَ من قبلكُمْ ليمشط بمشاط الْحَدِيد مَا دون عِظَامه من لحم أَو عصب، مَا يصرفهُ ذَلِك عَن دينه، وَيُوضَع الْمِنْشَار على مفرق رَأسه، فَيشق بِاثْنَيْنِ، مَا يصرفهُ ذَلِك عَن دينه، وليتمن الله هَذَا الْأَمر حَتَّى يسير الرَّاكِب من

(1/322)


صنعاء إِلَى حَضرمَوْت، مَا يخَاف إِلَّا الله " زَاد بَيَان " وَالذِّئْب على غنمة ".

بَاب من برك على رُكْبَتَيْهِ عِنْد الإِمَام أَو الْمُحدث
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي أنس بن مَالك " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج، فَقَامَ عبد الله بن حذافة قَالَ: من أبي فَقَالَ: أَبوك حذافة. ثمَّ أَكثر أَن يَقُول: سلوني. فبرك عمر على رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا. فَسكت ".

بَاب من سمع شَيْئا فراجع فِيهِ حَتَّى عرفه
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، أَنا نَافِع بن عمر، حَدثنِي ابْن أبي مليكَة " أَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَت لَا تسمع شَيْئا لَا تعرفه إِلَّا راجعت فِيهِ حَتَّى تعرفه، وَأَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / قَالَ: من حُوسِبَ عذب. قَالَت عَائِشَة: فَقلت: أوليس يَقُول الله - عز وَجل: {فَسَوف يُحَاسب حسابا يَسِيرا} قَالَت: فَقَالَ: إِنَّمَا ذَلِك الْعرض، وَلَكِن من نُوقِشَ الْحساب يهْلك ".

بَاب من خص بِالْعلمِ قوما دون آخَرين
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص سَلام بن سليم، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَمْرو بن مَيْمُون، عَن معَاذ بن جبل قَالَ: " كنت ردف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على حمَار، يُقَال لَهُ: عفير. قَالَ: فَقَالَ: يَا معَاذ، تَدْرِي مَا حق الله على الْعباد؟ أَن يعبدوه وَلَا يشركوا بِهِ. وَحقّ على الله - عز وَجل - أَن لَا يعذب من لَا يُشْرك بِهِ. قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، أَفلا أبشر النَّاس؟ قَالَ:

(1/323)


لَا تبشرهم فيتكلوا ".

بَاب التخول بِالْمَوْعِظَةِ وَالْعلم
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع وَأَبُو مُعَاوِيَة.
وثنا ابْن نمير - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن شَقِيق قَالَ: " كُنَّا جُلُوسًا عِنْد بَاب عبد الله ننتظره، فَمر بِنَا يزِيد بن مُعَاوِيَة النَّخعِيّ، فَقُلْنَا لَهُ: أعلمهُ بمكاننا. فَدخل عَلَيْهِ فَلم يلبث أَن خرج علينا عبد الله، فَقَالَ: إِنِّي أخبر بمكانكم، فَمَا يَمْنعنِي أَن أخرج إِلَيْكُم إِلَّا كَرَاهِيَة أَن أَملكُم، إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَتَخَوَّلنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الْأَيَّام، مَخَافَة السَّآمَة علينا ".

بَاب هَل يَجْعَل للنِّسَاء يَوْم على حِدة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كَامِل الجحدري فُضَيْل بن حُسَيْن، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأَصْبَهَانِيّ، عَن أبي صَالح ذكْوَان، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " جَاءَت أمْرَأَة إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، ذهب الرِّجَال بحديثك، فَاجْعَلْ لنا من نَفسك يَوْمًا نَأْتِيك فِيهِ تعلمنا مِمَّا علمك الله. قَالَ: اجْتَمعْنَ يَوْم كَذَا وَكَذَا. فاجتمعن فأتاهن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعلمهن مِمَّا علمه الله، ثمَّ قَالَ: مَا مِنْكُن من امْرَأَة تقدم بَين يَديهَا من وَلَدهَا ثَلَاثَة إِلَّا كَانُوا لَهَا / حِجَابا من النَّار. فَقَالَت امْرَأَة مِنْهُنَّ: واثنين، واثنين، واثنين؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: واثنين، واثنين، واثنين ".

(1/324)


بَاب الْقِرَاءَة وَالْعرض على الْمُحدث
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، ثَنَا اللَّيْث بن سعد، عَن سعيد المَقْبُري، عَن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، أَنه سمع أنس بن مَالك يَقُول: " بَيْنَمَا نَحن جُلُوس مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَسْجِد دخل رجل على جمل، فأناخه فِي الْمَسْجِد، ثمَّ عقله، ثمَّ قَالَ: أَيّكُم مُحَمَّد؟ وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - متكئ بَين ظهرانيهم، فَقُلْنَا: هَذَا الرجل الْأَبْيَض المتكئ، فَقَالَ لَهُ الرجل: ابْن عبد الْمطلب. قَالَ: قد أَجَبْتُك. فَقَالَ الرجل للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي سَائِلك فمشدد عَلَيْك فِي الْمَسْأَلَة، فَلَا تَجِد عَليّ فِي نَفسك. فَقَالَ: سل عَمَّا بدا لَك. فَقَالَ: اسألك بِرَبِّك وَرب من قبلك الله أرسلك إِلَى النَّاس كلهم؟ فَقَالَ: اللَّهُمَّ نعم. قَالَ: أنْشدك بِاللَّه الله أَمرك أَن نصلي الصَّلَوَات الْخمس فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نعم. قَالَ: أنْشدك بِاللَّه الله أَمرك أَن نَصُوم هَذَا الشَّهْر من السّنة؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نعم. قَالَ: أنْشدك بِاللَّه الله أَمرك أَن تَأْخُذ هَذِه الصَّدَقَة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا؟ فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اللَّهُمَّ نعم. فَقَالَ الرجل: آمَنت بِمَا جِئْت بِهِ، وَأَنا رَسُول الله من ورائي من قومِي، وَأَنا ضمام بن ثَعْلَبَة أَخُو بني سعد بن بكر ". رَوَاهُ مُوسَى وَعلي بن عبد الحميد، عَن سُلَيْمَان، عَن ثَابت، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا.
مَا جَاءَ فِي المناولة
الطَّحَاوِيّ - وَهُوَ أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن مُحَمَّد بن سَلامَة بن سَلمَة بن عبد الْملك ابْن سَلمَة بن سليم بن خَوات الطَّحَاوِيّ الْأَزْدِيّ ثمَّ الحجري -: حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد، ثَنَا الْمقدمِي، ثَنَا الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان، عَن أَبِيه، ثَنَا الْحَضْرَمِيّ، عَن

(1/325)


أبي السوار، عَن جُنْدُب بن عبد الله " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث رهطاً وَبعث عَلَيْهِم أَبَا عُبَيْدَة _ اَوْ عُبَيْدَة بن الْحَارِث - فَلَمَّا مضى لينطلق بَكَى صبَابَة إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجَلَسَ، وَبعث عبد الله بن جحش، وَكتب لَهُ كتابا، وَأمره أَن لَا يقْرَأ الْكتاب حَتَّى يبلغ مَكَان / كَذَا وَكَذَا، وَقَالَ: لَا تكرهن أحدا من أَصْحَابك على الْمسير، فَلَمَّا بلغ الْمَكَان، قَرَأَ الْكتاب فَاسْتَرْجع، وَقَالَ: سمعا وَطَاعَة لله ولرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: فَرجع مِنْهُم رجلَانِ، وَمضى بَقِيَّتهمْ، فَلَقوا ابْن الْحَضْرَمِيّ فَقَتَلُوهُ، وَلم يدروا ان ذَلِك الْيَوْم من رَجَب أَو من جُمَادَى، فَقَالَ الْمُشْركُونَ: قتلتم فِي الشَّهْر الْحَرَام. فَقَالَ الله - عز وَجل -: {يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ قل قتال فِيهِ كَبِير} الْآيَة، وَقَالَ الْمُشْركُونَ: إِن لم يكن وزر فَلَيْسَ لكم أجر، فَأنْزل الله - عز جلّ -: {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هَاجرُوا وَجَاهدُوا فِي سَبِيل الله} إِلَى آخر الْآيَة ".

بَاب إِعَادَة الْمُحدث الحَدِيث ثَلَاثًا ليفهم
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَبدة، ثَنَا عبد الصَّمد، ثَنَا عبد الله بن الْمثنى، ثَنَا ثُمَامَة عَن أنس، عَن النَّبِي
" أَنه كَانَ إِذا تكلم بِكَلِمَة أَعَادَهَا ثَلَاثًا حَتَّى تفهم عَنهُ، وَإِذا أَتَى على قوم فَسلم عَلَيْهِم سلم عَلَيْهِم ثَلَاثًا ".
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أَخْبرنِي ابْن وهب، أَنا يُونُس، عَن ابْن شهَاب أَن عُرْوَة بن الزبير حَدثهُ أَن عَائِشَة قَالَت: " [أَلا] يُعْجِبك أَبُو هُرَيْرَة، جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانب حُجْرَتي، يحدث عَن النَّبِي
يسمعني ذَلِك، وَكنت أسبح، فَقَامَ قبل أَن أَقْْضِي سبحتي، وَلَو أَدْرَكته لرددت عَلَيْهِ، إِن رَسُول الله

(1/326)


لم يكن يسْرد الحَدِيث كسرهم ".
مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن مَعْرُوف، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه قَالَ: " كَانَ أ [وهُرَيْرَة يحدث وَيَقُول: اسمعي يَا ربة الْحُجْرَة، وَعَائِشَة تصلي، فَلَمَّا قَضَت صلَاتهَا قَالَت لعروة: أَلا تسمع إِلَى هَذَا ومقالته آنِفا، إِنَّمَا كَانَ النَّبِي
يحدث حَدِيثا لَو عده الْعَاد لأحصاه ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان وَأَبُو بكر [ابْنا] أبي شيبَة قَالَا: ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن أُسَامَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ كَلَام رَسُول الله
فصلا يفهمهُ كل من سَمعه ".

بَاب مَتى يَصح سَماع الصَّبِي الصَّغِير
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنِي مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة، عَن عبد الله بن عَبَّاس قَالَ: " أَقبلت رَاكِبًا على حمَار أتان، وَأَنا يؤمئذ قد ناهزت الِاحْتِلَام، وَرَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بمنى إِلَى غير جِدَار، فمررت بَين يَدي بعض الصَّفّ، وَأرْسلت الآتان ترتع، وَدخلت فِي الصَّفّ، فَلم يُنكر ذَلِك عَليّ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف، ثَنَا أَبُو مسْهر، ثَنَا مُحَمَّد بن حَرْب،

(1/327)


حَدثنِي الزبيدِيّ، عَن الزُّهْرِيّ، عَن مَحْمُود بن الرّبيع: " عقلت من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مجة مجها فِي وَجْهي، وَأَنا ابْن خمس سِنِين من دلو ".

بَاب من ترك بعض الِاخْتِيَار مَخَافَة أَن يقصر فهم بعض النَّاس فيقعوا فِي أَشد مِنْهُ
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبيد الله بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْأسود قَالَ: " قَالَ لي ابْن الزبير: كَانَت عَائِشَة تسر إِلَيْك كثيرا، فَمَا حدثتك فِي الْكَعْبَة؟ قلت قَالَت لي: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا عَائِشَة، لَوْلَا قَوْمك حَدِيث عَهدهم - قَالَ ابْن الزبير: بِكفْر - لنقضت الْكَعْبَة، فَجعلت لَهَا بَابَيْنِ بَاب يدْخل النَّاس مِنْهُ، وَبَاب يخرجُون مِنْهُ. فَفعله عبد الله بن الزبير ".

بَاب طرح الإِمَام الْمَسْأَلَة على أَصْحَابه ليختبر مَا عِنْدهم من الْعلم
البُخَارِيّ: حَدثنِي قُتَيْبَة، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن من الشّجر شَجَرَة لَا يسْقط وَرقهَا، وَإِنَّهَا مثل الْمُسلم، فحدثوني مَا هِيَ؟ فَوَقع النَّاس فِي شجر الْبَوَادِي، قَالَ عبد الله: فَوَقع فِي نَفسِي النَّخْلَة، فَاسْتَحْيَيْت، ثمَّ قَالُوا: حَدثنَا مَا هِيَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: هِيَ النَّخْلَة ".

بَاب التناوب فِي الْعلم
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ.

(1/328)


وَقَالَ ابْن وهب: أَنا يُونُس عَن ابْن شهَاب، عَن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثَوْر، عَن عبد الله بن عَبَّاس، عَن عمر / قَالَ: " كنت أَنا وجار لي من الْأَنْصَار فِي بني أُميَّة بن زيد، وَهِي من عوالي الْمَدِينَة، وَكُنَّا نتناوب النُّزُول على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينزل يَوْمًا وَأنزل يَوْمًا، فَإِذا نزلت جِئْته بِخَبَر ذَلِك الْيَوْم من الْوَحْي وَغَيره، وَإِذا نزل فعل مثل ذَلِك، فَنزل صَاحِبي الْأنْصَارِيّ يَوْم نوبَته، فَضرب بَابي ضربا شَدِيدا، فَقَالَ: أَثم هُوَ؟ فَفَزِعت، فَخرجت إِلَيْهِ قَالَ: قد حدث أَمر عَظِيم. فَدخلت على حَفْصَة، فَإِذا هِيَ تبْكي، فَقلت طَلَّقَكُن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَت: لَا أَدْرِي، لَا أَدْرِي. ثمَّ دخلت على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقلت وَأَنا قَائِم: أطلقت نِسَاءَك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: لَا فَقلت: الله أكبر " وَفِي حَدِيث آخر: " حدث أَمر عَظِيم، طلق رَسُول الله نِسَاءَهُ " وَفِي آخر: " اعتزل رَسُول الله نِسَاءَهُ ". رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم.

بَاب حفظ الْعلم
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله، حَدثنِي مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " إِن النَّاس يَقُولُونَ: اكثر أَبُو هُرَيْرَة، وَلَوْلَا آتيان فِي كتاب الله - عز وَجل - مَا حدثت حَدِيثا ثمَّ يَتْلُو: {إِن الَّذين يكتمون مَا أنزلنَا من الْبَينَات وَالْهدى} إِلَى قَوْله: {الرَّحِيم} وَإِن إِخْوَاننَا من الْمُهَاجِرين كَانَ يشغلهم الصفق بالأسواق، وَإِن إِخْوَاننَا من الْأَنْصَار كَانَ يشغلهم الْعَمَل فِي أَمْوَالهم، وَإِن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يلْزم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بشبع بَطْنه، ويحضر مَا لَا يحْضرُون، ويحفظ مَا لَا يحفظون ".

(1/329)


البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن أبي بكر، ثَنَا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن دِينَار، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قلت: " يَا رَسُول الله، إِنِّي أسمع مِنْك حَدِيثا كثيرا أنساه. قَالَ: قَالَ: أبسط رداءك. فبسطته، فغرف بيدَيْهِ، ثمَّ قَالَ: ضم. فضممته، فَمَا نسيت شَيْئا (بعد ضمه) ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أخبرنَا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: " إِنَّكُم تَقولُونَ إِن أَبَا هُرَيْرَة يكثر الحَدِيث عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وتقولون: مَا بَال الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار لَا يحدثُونَ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمثل حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَإِن إخْوَانِي من الْمُهَاجِرين / كَانَ يشغلهم صفق بالأسواق، وَكنت ألزم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على ملْء بَطْني، فَأشْهد إِذا غَابُوا، وأحفظ إِذا نسوا، وَكَانَ يشغل إخْوَانِي من الْأَنْصَار عمل أَمْوَالهم، وَكنت امْرأ مِسْكينا من مَسَاكِين الصّفة أعي حِين ينسون، وَقد قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث يحدثه: إِنَّه لن يبسط أحد ثَوْبه حَتَّى أَقْْضِي مَقَالَتي هَذِه، ثمَّ يجمع إِلَيْهِ ثَوْبه إِلَّا وعى مَا أَقُول. فبسطت نمرة عَليّ حَتَّى إِذا قضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مقَالَته جمعتها إِلَى صَدْرِي، فَمَا نسيت من مقَالَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تِلْكَ من شَيْء ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا الْفضل بن الْعَلَاء، ثَنَا إِسْمَاعِيل ابْن أُميَّة، عَن مُحَمَّد بن قيس، عَن أَبِيه أَنه أخبرهُ " أَن رجلا جَاءَ زيد بن ثَابت، فَسَأَلَهُ عَن شَيْء، فَقَالَ لَهُ زيد: عَلَيْك أَبَا هُرَيْرَة، فَإِنِّي بَيْنَمَا أَنا وَأَبُو هُرَيْرَة وَفُلَان فِي الْمَسْجِد ذَات يَوْم نَدْعُو الله وَنَذْكُر رَبنَا؛ خرج علينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى جلس إِلَيْنَا فسكتنا، فَقَالَ: عودوا للَّذي كُنْتُم فِيهِ. قَالَ زيد: فدعوت أَنا وصاحبي قبل أبي هُرَيْرَة، وَجعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُؤمن على دعائنا، ثمَّ دَعَا أَبُو هُرَيْرَة، فَقَالَ: اللَّهُمَّ

(1/330)


إِنِّي أَسأَلك مثل مَا سَأَلَك صَاحِبَايَ هَذَانِ، وَأَسْأَلك علما لَا ينسى. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: آمين. فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، وَنحن نسْأَل الله علما لَا ينسى. فَقَالَ: سبقكم بهَا الْغُلَام الدوسي ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنِي أخي، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " حفظت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعاءين، فَأَما أَحدهمَا فبثثته، وَأما الآخر فَلَو بثثته قطع هَذَا البلعوم ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص الشَّيْبَانِيّ، حَدثنَا عبد الله بن وهب، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن دراج، عَن أبي الْهَيْثَم، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لن يشْبع الْمُؤمن من خير يسمعهُ حَتَّى يكون منتهاه الْجنَّة ". قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب. انْتهى كَلَام أبي عِيسَى. دراج هَذَا هُوَ أَبُو السَّمْح، وَثَّقَهُ يحيى بن معِين.

بَاب السمر فِي الْعلم
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعيد بن [عفير] ، حَدثنِي اللَّيْث / حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن خَالِد، عَن ابْن شهَاب، عَن سَالم وَأبي بكر بن سُلَيْمَان بن أبي حثْمَة أَن عبد الله بن عمر قَالَ: " صلى لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعشَاء فِي آخر حَيَاته، فَلَمَّا سلم قَامَ، فَقَالَ: أَرَأَيْتكُم ليلتكم هَذِه، فَإِن رَأس مائَة سنة لمنها ايبْقى مِمَّن هُوَ على ظهر الأَرْض أحد ".

(1/331)


بَاب إِذا سُئِلَ الْعَالم عَمَّا يكره
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عِيسَى بن حَمَّاد، حَدثنَا اللَّيْث، عَن سعيد، عَن شريك ابْن عبد الله بن أبي نمر، عَن أنس بن مَالك " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَامَ فَحدث النَّاس فَقَامَ إِلَيْهِ رجل، فَقَالَ: مَتى السَّاعَة يَا رَسُول الله؟ فبسر رَسُول الله فِي وَجهه، فَقُلْنَا لَهُ: اقعد، فَإنَّك سَأَلت رَسُول الله مَا يكره، ثمَّ قَامَ الثَّانِيَة، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَتى السَّاعَة؟ فبسر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَفِي وَجهه أَشد من الأولى، ثمَّ قَامَ الثَّالَّةِ، فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَتى السَّاعَة؟ فَقَالَ رَسُول الله
: وَيحك، وماذا أَعدَدْت لَهَا؟ فَقَالَ الرجل: أَعدَدْت لَهَا حب الله وَرَسُوله. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اجْلِسْ، فَإنَّك مَعَ من أَحْبَبْت ".

بَاب فِي الْمَأْمُور بِهِ والمنهي عَنهُ والمسكوت عَلَيْهِ
الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الصفار، ثَنَا الْعَبَّاس بن مُحَمَّد، ثَنَا أَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، ثَنَا عَاصِم بن رَجَاء بن حَيْوَة، عَن أَبِيه، عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ - يرفع الحَدِيث -: " مَا أحل الله فِي كِتَابه فَهُوَ حَلَال، وَمَا حرم فَهُوَ حرَام، وَمَا سكت عَنهُ فَهُوَ عَافِيَة، فاقبلوا من الله عافيته، فَإِن الله لم يكن نسيا. ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة: {وَمَا كَانَ رَبك نسياً} ".
الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن عبد الله، ثَنَا سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن عَاصِم بن رَجَاء بن حَيْوَة، عَن أَبِيه، عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا أحل الله فِي كِتَابه فَهُوَ حَلَال، وَمَا حرم فَهُوَ حرَام، وَمَا سكت عَنهُ فَهُوَ عَفْو، فاقبلوا من الله عافيته، فَإِن الله لم يكن لينسى شَيْئا، ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة: {وَمَا كَانَ رَبك نسياً} ".

(1/332)


قَالَ / أَبُو بكر: وَهَذَا لَا نعلمهُ يرْوى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من وَجه من الْوُجُوه بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَعَاصِم بن رَجَاء بن حَيْوَة حدث عَنهُ جمَاعَة، وَأَبوهُ رَجَاء قد روى عَن أبي الدَّرْدَاء غير حَدِيث. انْتهى كَلَام أبي بكر.
قَالَ يحيى بن معِين: مَا روى إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن الشاميين فَهُوَ صَحِيح. وَقَالَ أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ: لم يتَكَلَّم أحد فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن الشاميين. وَعَاصِم بن رَجَاء شَامي، ذكر ذَلِك البُخَارِيّ.

بَاب أوَامِر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْفَرْض حَتَّى يقوم دَلِيل على غير ذَلِك لقَوْل الله تَعَالَى {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا} وَقَوله عز وَجل {وَمَا أرسلنَا من رَسُول إِلَّا ليطاع بِإِذن الله}
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عِيسَى، ثَنَا [أَشْعَث] بن شُعْبَة، ثَنَا أَرْطَاة ابْن الْمُنْذر، سَمِعت أَبَا الْأَحْوَص حَكِيم بن عُمَيْر يحدث عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة " أَنه حضر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب النَّاس، وَهُوَ يَقُول: أيحسب أحدكُم مُتكئا على أريكته، قد يظنّ أَن الله لم يحرم شَيْئا إِلَّا مَا فِي هَذَا الْقُرْآن، أَلا وَإِنِّي وَالله قد أمرت ووعظت ونهيت عَن أَشْيَاء، إِنَّهَا لمثل الْقُرْآن ".
أَرْطَاة بن الْمُنْذر ثِقَة، وَثَّقَهُ يحيى بن معِين وَأحمد بن حَنْبَل.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا مُعَاوِيَة

(1/333)


ابْن صَالح، عَن الْحسن بن جَابر، عَن الْمِقْدَام بن معدي كرب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا هَل عَسى رجل يبلغهُ الحَدِيث عني وَهُوَ متكئ على أريكته فَيَقُول: بَيْننَا وَبَيْنكُم كتاب الله، فَمَا وجدنَا فِيهِ حَلَالا استحللناه، وَمَا وجدنَا فِيهِ حَرَامًا حرمناه. وَإِن مَا حرم رَسُول الله كَمَا حرم الله ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
وَقَالَ فِي بَاب آخر: مُعَاوِيَة بن صَالح ثِقَة عِنْد أهل الحَدِيث، لَا نعلم تكلم فِيهِ غير يحيى بن سعيد الْقطَّان.
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنِي مَالك، عَن أبي الزِّنَاد /، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " دَعونِي مَا تركتكم، إِنَّمَا أهلك من كَانَ قبلكُمْ سُؤَالهمْ وَاخْتِلَافهمْ على أَنْبِيَائهمْ، فَإِذا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْء فَاجْتَنبُوهُ، وَإِذا أَمرتكُم بِأَمْر فائتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن سُفْيَان، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة رَفعه قَالَ: " لَوْلَا أَن أشق على الْمُؤمنِينَ لأمرتهم بِتَأْخِير الْعشَاء وبالسواك عِنْد كل صَلَاة ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب - يَعْنِي: ابْن عبد الرَّحْمَن الْقَارِي - عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ يَوْم خَيْبَر: لَأُعْطيَن هَذِه الرَّايَة رجلا يحب الله وَرَسُوله، يفتح الله على يَدَيْهِ. قَالَ عمر بن الْخطاب: مَا أَحْبَبْت الْإِمَارَة إِلَّا يَوْمئِذٍ. قَالَ: فتساورت لَهَا رَجَاء أَن أدعى لَهَا. قَالَ: فَدَعَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَليّ بن أبي طَالب، فَأعْطَاهُ إِيَّاهَا، وَقَالَ: امش وَلَا تلْتَفت

(1/334)


حَتَّى يفتح الله عَلَيْك. قَالَ: فَسَار عَليّ شَيْئا، ثمَّ وقف فَلم يلْتَفت، فَصَرَخَ: يَا رَسُول الله، على مَاذَا أقَاتل النَّاس؟ قَالَ: قَاتلهم حَتَّى يشْهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، فَإِذا فعلوا ذَلِك فقد منعُوا مِنْك دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وحسابهم على الله ".

بَاب الِاجْتِهَاد وَالنَّظَر وَترك التَّقْلِيد
مُسلم: حَدثنِي عبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء الضبعِي، ثَنَا جوَيْرِية بن أَسمَاء، عَن نَافِع، عَن عبد الله بن عمر قَالَ: " نَادَى فِينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم انْصَرف عَن الْأَحْزَاب: أَن لَا يصلين أحد الظّهْر إِلَّا فِي بني قُرَيْظَة، فتخوف نَاس فَوَات الْوَقْت فصلوا دون بني قُرَيْظَة، وَقَالَ آخَرُونَ: لَا نصلي إِلَّا حَيْثُ أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَإِن فاتنا الْوَقْت. قَالَ: فَمَا عنف وَاحِدًا من الْفَرِيقَيْنِ ".
وَقَالَ البُخَارِيّ بِإِسْنَاد مُسلم قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يصلين أحد الْعَصْر إِلَّا فِي بني قُرَيْظَة. فَأدْرك بَعضهم الْعَصْر فِي الطَّرِيق، فَقَالَ بَعضهم: لَا نصلي حَتَّى نأتيها. وَقَالَ بَعضهم: بل نصلي لم يرد منا ذَلِك. فَذكر ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلم يعنف وَاحِدًا مِنْهُم ".

بَاب أجر الْمُجْتَهد أصَاب أَو أَخطَأ
/ البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يزِيد الْمُقْرِئ الْمَكِّيّ، ثَنَا حَيْوَة بن شُرَيْح، حَدثنِي زيد بن عبد الله بن الْهَاد، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن بسر بن سعيد، عَن أبي قيس مولى عَمْرو بن الْعَاصِ، عَن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا حكم الْحَاكِم فاجتهد ثمَّ أصَاب فَلهُ أَجْرَانِ، وَإِذا حكم فاجتهد

(1/335)


ثمَّ أَخطَأ، فَلهُ أجر ".
قَالَ: فَحدثت بِهَذَا الحَدِيث أَبَا بكر بن عَمْرو بن حزم، فَقَالَ: هَكَذَا حَدثنِي أَبُو سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة. وَقَالَ عبد الْعَزِيز بن عبد الْمطلب، عَن عبد الله ابْن أبي بكر، عَن أبي سَلمَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثله.

بَاب فِي الْإِجْمَاع
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَوْف، وقرأت فِي أصل إِسْمَاعِيل: حَدثنِي ضَمْضَم، عَن شُرَيْح، عَن أبي مَالك - يَعْنِي الْأَشْعَرِيّ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله أجاركم من ثَلَاث خلال: أَن لَا يَدْعُو عَلَيْكُم نَبِيكُم فَتَهْلكُوا جَمِيعًا، وَأَن لَا يظْهر أهل الْبَاطِل على أهل الْحق، وَأَن لَا تجتمعوا على ضلال ".
قَالَ النَّسَائِيّ: قَالَ يحيى بن معِين: مَا روى إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن الشاميين فَهُوَ صَحِيح، وَمَا روى عَن غَيرهم فَلَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ: لم يتَكَلَّم أحد فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن الشاميين.

بَاب الْحجَّة على من قَالَ أَن أَحْكَام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَت ظَاهِرَة وَمَا كَانَ يغيب بَعضهم من مشَاهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأُمُور الْإِسْلَام
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن ابْن جريج، حَدثنِي عَطاء، عَن عبيد الله بن عُمَيْر قَالَ: " اسْتَأْذن أَبُو مُوسَى على عمر فَكَأَنَّهُ وجده مَشْغُولًا فَرجع، فَقَالَ عمر: ألم أسمع صَوت عبد الله بن قيس، ائذنوا لَهُ. فدعي لَهُ فَقَالَ: مَا حملك على مَا صنعت؟ فَقَالَ: إِنَّا كُنَّا نؤمر بِهَذَا. قَالَ: فائتني على هَذَا بِبَيِّنَة أَو

(1/336)


لَأَفْعَلَنَّ بك. فَانْطَلق إِلَى مجْلِس من الْأَنْصَار قَالُوا: لَا يشْهد إِلَّا أصاغرنا، فَقَامَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، فَقَالَ: قد كُنَّا نؤمر بِهَذَا. فَقَالَ عمر: خَفِي عَليّ هَذَا من أَمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ألهاني الصفق بالأسواق ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ، ثَنَا سُفْيَان، حَدثنَا الزُّهْرِيّ / أَنه سمع من الْأَعْرَج يَقُول: أَخْبرنِي أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: " إِنَّكُم تَزْعُمُونَ أَن أَبَا هُرَيْرَة يكثر الحَدِيث على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَالله الْموعد، إِنِّي كنت أمرأ مِسْكينا ألزم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على ملْء بَطْني، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يشغلهم الصفق بالأسواق، وَكَانَت الْأَنْصَار يشغلهم الْقيام على أَمْوَالهم، فَشَهِدت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم وَقَالَ: من بسط رِدَاءَهُ حَتَّى أَقْْضِي مَقَالَتي ثمَّ يقبضهُ فَلَنْ ينسى شَيْئا سَمعه مني. فبسطت بردة كَانَت عَليّ، فوالذي بَعثه بِالْحَقِّ مَا نسيت شَيْئا سمعته مِنْهُ ".

بَاب من رأى ترك النكير من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حجَّة
البُخَارِيّ: حَدثنَا حَمَّاد بن حميد، ثَنَا عبيد الله بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر: " رَأَيْت جَابر ابْن عبد الله يحلف بِاللَّه أَن ابْن الصياد الدَّجَّال. قلت: تحلف بِاللَّه! قَالَ: إِنِّي سَمِعت عمر يحلف على ذَلِك عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم يُنكر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".

بَاب الْأَحْكَام الَّتِي تعرف بِالدَّلِيلِ
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن أبي بشر، عَن سعيد بن جُبَير " أَن أم حفيد بنت الْحَارِث بن حزن أَهْدَت إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سمناً

(1/337)


وَأَقِطًا وأضبا، فَدَعَا بِهن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأكلن على مائدته، فَتَرَكَهُنَّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كالمتقذر لَهُ، وَلَو كَانَ حَرَامًا مَا أكلن على مائدته وَلَا أَمر بأكلهن ".

بَاب ذمّ الرَّأْي
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا عبد الله بن وهب، ثتا أَبُو شُرَيْح أَن أَبَا الْأسود حَدثهُ، عَن عُرْوَة بن الزبير قَالَ: " قَالَت لي عَائِشَة: يَا ابْن أُخْتِي، بَلغنِي أَن عبد الله بن عَمْرو ماراً بِنَا إِلَى الْحَج فالقه فسائله فَإِنَّهُ قد حمل عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علما كثيرا. قَالَ: فَلَقِيته، فَسَأَلته عَن أَشْيَاء، فَذكرهَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ عُرْوَة:: فَكَانَ فِيمَا ذكر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِن الله لَا ينتزع الْعلم وَلَكِن يقبض الْعلمَاء، فيرفع / الْعلم مَعَهم، وَيبقى فِي النَّاس رُؤَسَاء جهال يفتونهم بِغَيْر علم فيضلون ويضلون. قَالَ عُرْوَة: فَلَمَّا حدثت عَائِشَة بذلك أعظمت ذَلِك وأنكرته [قَالَت أحَدثك] أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول هَذَا؟ قَالَ عُرْوَة: حَتَّى إِذا كَانَ قَابل قَالَت لَهُ: إِن عبد الله بن عمر قد قدم فالقه، ثمَّ فاتحه حَتَّى تسأله عَن الحَدِيث الَّذِي ذكره لَك فِي الْعلم. قَالَ: فَلَقِيته، فَسَأَلته، فَذكر لي نَحْو مَا حَدثنِي بِهِ فِي مرته الأولى، قَالَ عُرْوَة: فَلَمَّا أخْبرتهَا بذلك قَالَت: مَا أَحْسبهُ إِلَّا قد صدق، أرَاهُ لم يزدْ فِيهِ شَيْئا وَلم ينقص ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعيد بن تليد، حَدثنِي ابْن وهب، حَدثنِي عبد الرَّحْمَن ابْن شُرَيْح وَغَيره، عَن أبي الْأسود، عَن عُرْوَة قَالَ: " حج علينا عبد الله بن عَمْرو، فَسَمعته يَقُول: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن الله لَا ينْزع الْعلم بعد أَن أعطاكموه انتزاعاً، وَلَكِن ينتزعه مِنْهُم مَعَ قبض الْعلمَاء بعلمهم، فَيبقى نَاس جهال

(1/338)


يستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون. فَحدثت بِهِ عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ إِن عبد الله بن عَمْرو حج بعد فَقَالَت: يَا ابْن أُخْتِي، انْطلق إِلَى عبد الله بن عَمْرو فاستثبت لي مِنْهُ الَّذِي حَدَّثتنِي عَنهُ. فَجِئْته فَسَأَلته، فَحَدثني بِهِ كنحو مَا حَدثنِي، فَأتيت عَائِشَة فَأَخْبرهَا، ت فعجبت، فَقَالَت: وَالله لقد حفظ عبد الله بن عَمْرو ".
الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن زِيَاد، ثَنَا يحيى بن آدم، ثَنَا قيس بن الرّبيع، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ: رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لم يزل أَمر بني إِسْرَائِيل معتدلا حَتَّى بدا فيهم أَبنَاء سَبَايَا الْأُمَم، فأفتوا بِالرَّأْيِ فضلوا وأضلوا ".
أوقفهُ غير قيس.
قيس بن الرّبيع هَذَا هُوَ أَبُو مُحَمَّد الْكُوفِي الْأَسدي، كَانَ شُعْبَة يثني عَلَيْهِ ويحض النَّاس على السماع مِنْهُ، وَيَقُول: ارتحلوا إِلَى قيس قبل أَن يَمُوت. وَكَانَ يَقُول: مَا رَأَيْت شَيخا بِالْكُوفَةِ إِلَّا وجدنَا قيسا سبقنَا إِلَيْهِ، وَكَانَ يُسمى قيسا الجوال، وَكَانَ سُفْيَان يثني عَلَيْهِ، وَكَانَ يَقُول: مَا رَأَيْت أَجود حَدِيثا من قيس. وَكَذَلِكَ معَاذ بن معَاذ كَانَ يحسن الثَّنَاء على قيس. وَقيل لأبي نعيم: فِي نَفسك من قيس بن الرّبيع شَيْء؟ قَالَ: لَا. وَقيل لأبي دَاوُد: تحدث عَن قيس؟ فَقَالَ: نعم، وددت أَنَّهَا كَانَت / أَكثر وَكَانَ يحيى بن سعيد الْقطَّان وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي لَا يحدثان عَنهُ، وَضَعفه يحيى بن معِين، وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: قيس روى أَحَادِيث مُنكرَة. وَقَالَ النَّسَائِيّ: قيس بن الرّبيع لَا يكْتب حَدِيثه. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: قيس مَحَله الصدْق. وَذكر شَيْئا مَعْنَاهُ أَنه كَانَ اخْتَلَط. وَكَانَ رجلا صَالحا - رَحمَه الله.
وروى أَبُو بكر الْبَزَّار أَيْضا: عَن عمر بن الْخطاب، عَن نعيم بن حَمَّاد، عَن عِيسَى بن يُونُس، عَن جرير بن عُثْمَان، عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير، عَن أَبِيه، عَن عَوْف بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سَتَفْتَرِقُ أمتِي على بضع

(1/339)


وَسبعين فرقة، أعظمها فتْنَة على أمتِي قوم يقيسون الْأُمُور برأيهم فيحرمون الْحَلَال وَيحلونَ الْحَرَام ".
وَهَذَا الحَدِيث تفرد بِهِ نعيم بن حَمَّاد، وَلم يُتَابع عَلَيْهِ، ونعيم خرج عَنهُ البُخَارِيّ وَهُوَ من جملَة من عيب عَلَيْهِ، وَقد روى عَنهُ أَبُو حَاتِم، وَقَالَ: مَحَله الصدْق. وَضَعفه أَبُو عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ.
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد الثَّقَفِيّ وَأَبُو كَامِل الجحدري - وتقاربا فِي اللَّفْظ، وَهَذَا حَدِيث قُتَيْبَة - قَالَا: ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن سماك، عَن مُوسَى بن طَلْحَة، عَن أَبِيه قَالَ: " مَرَرْت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِقوم على رُءُوس النّخل، فَقَالَ: مَا يصنع هَؤُلَاءِ؟ فَقَالُوا: يلحقونه، يجْعَلُونَ الذّكر فِي الْأُنْثَى، فتلقح. فَقَالَ
رَسُول الله
: مَا أَظن يُغني ذَلِك شَيْئا. قَالَ: فَأخْبرُوا بذلك فَتَرَكُوهُ، فَأخْبر رَسُول
الله
بذلك، فَقَالَ: إِن كَانَ يَنْفَعهُمْ ذَلِك فليصنعوه، فَإِنِّي إِنَّمَا ظَنَنْت ظنا، فَلَا
تؤاخذوني بِالظَّنِّ، وَلَكِن إِذا حدثتكم عَن الله شَيْئا فَخُذُوا بِهِ، فَإِنِّي لن أكذب على
الله _ عز وَجل ".
مُسلم: حَدثنِي عبد الله بن الرُّومِي اليمامي وعباس بن عبد الْعَظِيم الْعَنْبَري
وأحممد بن جَعْفَر المعقري، قَالُوا: ثَنَا النَّضر بن مُحَمَّد، حَدثنِي عِكْرِمَة - وَهُوَ ابْن عمار - ثَنَا أَبُو النَّجَاشِيّ، حَدثنِي رَافع بن خديع قَالَ: " قدم نَبِي الله
الْمَدِينَة، وهم يأبرون النّخل، يَقُول: يلحقون النّخل، فَقَالَ: مَا يصنعون؟ قَالُوا:
كُنَّا نصنعه، قَالَ: لَعَلَّكُمْ لَو لم تَفعلُوا / لَكَانَ خيرا. فَتَرَكُوهُ، فنفضت - أَو
فنقصت - قَالَ: فَذكرُوا ذَلِك لَهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَنا بشر إِذا أَمرتكُم بِشَيْء من دينكُمْ
فَخُذُوا بِهِ، وَإِذا أَمرتكُم بِشَيْء من رَأْيِي فَإِنَّمَا أَنا بشر " قَالَ عِكْرِمَة: أَو نَحْو هَذَا. قَالَ المعقري: " فنقضت " وَلم يشك.

(1/340)


مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَعَمْرو النَّاقِد، كِلَاهُمَا عَن الْأسود
ابْن عَامر - قَالَ أَبُو بكر: ثَنَا الْأسود بن عَامر - ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن هِشَام بن
عُرْوَة، عَن أ [يه، عَن عَائِشَة، وَعَن ثَابت، عَن أنس، عَن النَّبِي
" مر
بِقوم يلحقون فَقَالَ: لَو لم تَفعلُوا لصلح. قَالَ: فَخرج شيصا، فَمر بهم، فَقَالَ: مَا
لنخلكم؟ قَالُوا: قلت كَذَا وَكَذَا. قَالَ: أَنْتُم أعلم بِأَمْر دنياكم ".

بَاب إجَازَة خبر الْوَاحِد الصَّادِق
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُسلم، ثَنَا عبد الله بن دِينَار، سَمِعت عبد الله بن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن بِلَالًا يُنَادي بلَيْل فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادي ابْن أم مَكْتُوم ".
الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو مُحَمَّد يحيى بن [مُحَمَّد] بن صاعد، أَنا إِبْرَاهِيم بن عَتيق الْعَنسِي بِدِمَشْق، ثَنَا مَرْوَان بن مُحَمَّد الدِّمَشْقِي، ثَنَا ابْن وهب، عَن يحيى بن عبد الله بن سَالم، عَن أبي بكر بن نَافِع، عَن أَبِيه، عَن ابْن عمر قَالَ: " ترَاءى النَّاس الْهلَال، فَأخْبرت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنِّي رَأَيْته، فصَام رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأمر النَّاس بالصيام ".
تفرد بِهِ مَرْوَان بن مُحَمَّد، وَهُوَ ثِقَة.
البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق، عَن صلَة، عَن حُذَيْفَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لأهل نَجْرَان: " لَأَبْعَثَن إِلَيْكُم رجلا أَمينا حق أَمِين، فاستشرف لَهَا أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَبعث أَبَا عُبَيْدَة ".

(1/341)


البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن يزِيد بن أبي عبيد، حَدثنَا سَلمَة ابْن الْأَكْوَع أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لرجل من أسلم: " أذن فِي قَوْمك - أَو فِي النَّاس - يَوْم عَاشُورَاء أَن من أكل فليتم بَقِيَّة يَوْمه، وَمن لم يكن أكل فليصم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنِي مَالك، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن عبد الله بن عمر / قَالَ: " بَينا النَّاس بقباء فِي صَلَاة الْفجْر، إِذْ جَاءَهُم آتٍ فَقَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد أنزل عَلَيْهِ اللَّيْلَة قُرْآن، وَقد أَمر أَن نستقبل الْكَعْبَة، فاستقبلوها. وَكَانَت وُجُوههم إِلَى الشَّام فاستداروا إِلَى الْكَعْبَة ".

بَاب شَرط حَامِل الْعلم وَمن يُؤْخَذ عَنهُ
قَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: حَدثنَا خلف بن أَحْمد الْأمَوِي، ثَنَا أَحْمد بن سعيد الصَّدَفِي، ثَنَا أَبُو جَعْفَر الْعقيلِيّ، حَدثنِي جدي.
وثنا عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا يُوسُف بن أَحْمد، ثَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَمْرو ابْن مُوسَى الْعقيلِيّ، ثَنَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز، قَالَا: ثَنَا [القعْنبِي] ، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن معَان بن رِفَاعَة السلَامِي، عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن العذري قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يحمل هَذَا الْعلم من كل خلف عدوله، ينفون عَنهُ تَحْرِيف الغالين، وانتحال المبطلين وَتَأْويل الْجَاهِلين ".
قَالَ يحيى بن معِين: مَا روى إِسْمَاعِيل عَن الشاميين فَهُوَ صَحِيح. وَمَعَان هَذَا شَامي دمشقي، وَقد تَابعه بَقِيَّة بن الْوَلِيد عَن معَان بن رِفَاعَة، وَقَالَ: " تَحْرِيف الغالين، وَتَأْويل الْجَاهِلين، وانتحال المبطلين ".

(1/342)


وَقَالَ أَبُو عمر: وثنا خلف بن أَحْمد، ثَنَا أَحْمد بن سعيد، ثَنَا أَبُو جَعْفَر الْعقيلِيّ، ثَنَا أَحْمد بن دَاوُد القومسي، ثَنَا عبد الله بن عمر الْخطابِيّ، ثَنَا [خَالِد] بن عَمْرو، عَن اللَّيْث بن سعد، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن أبي قبيل، عَن عبد الله بن عَمْرو، وَأبي هُرَيْرَة قَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يحمل هَذَا الْعلم من كل خلف عدوله ... " فَذكر مثله - يَعْنِي: مثل حَدِيث بَقِيَّة. أَبُو قبيل اسْمه حييّ بن هَانِئ، وَهُوَ ثِقَة مَشْهُور، سمع عبد الله بن عَمْرو وَعقبَة بن عَامر.

بَاب الْوَعيد على من كذب على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا غنْدر، عَن شُعْبَة.
وثنا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن مَنْصُور، عَن ربعي بن حِرَاش " أَنه سمع عَليّ بن أبي طَالب يخْطب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تكذبوا عَليّ، فَإِنَّهُ من يكذب عَليّ / يلج النَّار ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْمَكِّيّ بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا يزِيد بن أبي عبيد، عَن سَلمَة قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من يقل عَليّ مَا لم أقل، فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا سعيد بن عبيد،

(1/343)


ثَنَا عَليّ بن ربيعَة [الْوَالِبِي] قَالَ: أتيت الْمَسْجِد، والمغيرة أَمِير الْكُوفَة قَالَ: فَقَالَ الْمُغيرَة: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَقُول: " إِن كذبا عَليّ لَيْسَ ككذب على أحد، فَمن كذب عَليّ مُتَعَمدا، فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن أبي حُصَيْن، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تسموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي، وَمن رَآنِي فِي الْمَنَام فقد رَآنِي، فَإِن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل فِي صُورَتي، وَمن كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، أَنا إِسْمَاعِيل - يَعْنِي ابْن علية - عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " إِنَّه ليمنعني أَن أحدثكُم حَدِيثا كثيرا، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: من تعمد عَليّ كذبا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق، ثَنَا وهب بن جرير وَيَعْقُوب بن إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ، قَالَا: ثَنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن مرّة بن شرَاحِيل قَالَ: حَدثنِي رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ يَعْقُوب فِي حَدِيثه: فَوق غرفتي هَذِه - قَالَ: " قَامَ فيينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على نَاقَة حَمْرَاء مخضرمة، فَقَالَ: هَل تَدْرُونَ أَي يَوْم هَذَا؟ قَالُوا: نعم يَوْم النَّحْر. قَالَ: صَدقْتُمْ يَوْم الْحَج الاكبر. قَالَ: هَل تَدْرُونَ أَي شهر هَذَا؟ قَالُوا: نعم ذُو الْحجَّة. قَالَ: صَدقْتُمْ شهر الله - عز وَجل - الْأَصَم. ثمَّ قَالَ: هَل تَدْرُونَ أَي بلد هَذَا؟ قَالُوا: نعم الْمشعر الْحَرَام. قَالَ: صَدقْتُمْ. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن دماءكم، وَأَمْوَالكُمْ - قَالَ: وَأَحْسبهُ قَالَ: وَأَعْرَاضكُمْ - عَلَيْكُم حرَام كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا، وشهركم هَذَا، وبلدكم هَذَا -

(1/344)


أَو قَالَ: كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي شهركم هَذَا فِي بلدكم هَذَا - وَإِنِّي فَرَطكُمْ على الْحَوْض أنتظركم، وَإِنِّي مُكَاثِر بكم / الْأُمَم وَالنَّاس، فَلَا تسودوا بوجهي، أَلا وَإِنِّي مستنفذ رجَالًا، ومستنقذ مني آخَرُونَ، فَأَقُول: أَصْحَابِي: فَيُقَال: إِنَّك لَا
تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك. أَلا وَقد رَأَيْتُمُونِي، وسمعتم مني وستسألون عني، فَمن كذب عَليّ مُتَعَمدا، فليبوأ مَقْعَده من النَّار ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عبد الله بن سعيد، ثَنَا يُونُس بن بكير، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن طَلْحَة بن مصرف، عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل، عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من كذب عَليّ مُتَعَمدا، ليضل بِهِ فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ".
أرْسلهُ غير يُونُس عَن الْأَعْمَش، وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش، عَن طَلْحَة ابْن مصرف، عَن أبي عمار، عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل، عَن عَليّ. وَعبد الحميد الْحمانِي، عَن الْأَعْمَش، عَن طَلْحَة، عَن ابي عمار، عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل، عَن حُذَيْفَة، كِلَاهُمَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَيْسَ فِيهِ " ليضل بِهِ ".
ذكر ذَلِك أَبُو عبد الله الْحَاكِم، وَقَالَ أيضلً: ثَنَا أَبُو عَمْرو الشمَال، ثَنَا أَحْمد ابْن عبد الْجَبَّار، أَنا يُونُس بن بكير، عَن الْأَعْمَش، عَن طَلْحَة بن مصرف، عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من كذب عَليّ مُتَعَمدا، فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار " وَلم يذكر " ليضل بِهِ "، ذكر هَذِه الْأَحَادِيث فِي الْمدْخل.
وروى أَبُو بكر الْبَزَّار قَالَ: حَدثنَا عَمْرو، ثَنَا جَابر بن إِسْحَاق، ثَنَا أَبُو معشر، عَن سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا أَعرفن أحدكُم متكئاَ أَتَاهُ عني حَدِيث، وَهُوَ متكئ على أريكته يَقُول: اتْلُوا بِهِ عَليّ قُرْآنًا، مَا جَاءَكُم من خير أَنا قلته، وَإِن لم أَقَله فَأَنا أقوله، وَمَا جَاءَكُم من شَرّ فَإِنِّي لَا أَقُول الشَّرّ ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد.
أَبُو معشر اسْمه نجيح، روى عَنهُ اللَّيْث بن سعد وهشيم وَيزِيد بن هَارُون

(1/345)


ووكيع وَأَبُو نعيم وَأَبُو غَسَّان، كَانَ يحيى بن سعيد لَا يحدث عَنهُ، وَقَالَ يحيى ابْن معِين: أَبُو معشر لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: كنت أهاب حَدِيث أبي معشر حَتَّى رَأَيْت لِأَحْمَد بن حَنْبَل أَحَادِيث / عَن رجل، وحدثنيه أَبُو نعيم عَنهُ قيل لَهُ: ثِقَة هُوَ؟ قَالَ: صَالح لين الحَدِيث مَحَله الصدْق. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: هُوَ صَدُوق. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: هُوَ صَدُوق لَيْسَ بِقَوي فِي الحَدِيث. وَقَالَ أَحْمد ابْن حَنْبَل: كَانَ أَبُو معشر صَدُوقًا لكنه لَا يُقيم الْإِسْنَاد لَيْسَ بذلك، وَكَانَ هشيم يَقُول: مَا رَأَيْت مدنيا أَكيس من أبي معشر، وَمَا رَأَيْت مدنيا يُشبههُ. وَقَالَ يزِيد ابْن هَارُون: ثَبت حَدِيث أبي معشر، وَذهب حَدِيث أبي جزي. وَكَانَ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي يحدث عَن أبي معشر، وَقَالَ النَّسَائِيّ: أَبُو معشر نجيح ضَعِيف.
وروى أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ قَالَ: ثَنَا عبيد بن رجال، ثَنَا الْحسن بن عَليّ، ثَنَا يحيى بن آدم، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا حدثتم عني حَدِيثا تعرفونه وَلَا تُنْكِرُونَهُ فصدقوا بِهِ قلته أَو لم أَقَله، فَإِنِّي أَقُول مَا يعرف وَلَا يُنكر، وَإِذا حدثتم عني حَدِيثا تُنْكِرُونَهُ وَلَا تعرفونه فكذبوا بِهِ، فَإِنِّي لَا أَقُول مَا يُنكر، وَأَقُول مَا يعرف ".

بَاب من حدث بِحَدِيث يرى أَنه كذب
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع، عَن شُعْبَة، عَن الحكم، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن سَمُرَة بن جُنْدُب.
وثنا أَبُو بكر بن أبي شيبَة أَيْضا، ثَنَا وَكِيع، عَن شُعْبَة وسُفْيَان، عَن حبيب - هُوَ ابْن أبي ثَابت - عَن مَيْمُون بن أبي شبيب، عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من حدث عني بِحَدِيث يرى أَنه كذب فَهُوَ أحد الْكَاذِبين ".

(1/346)


بَاب من حدث بِكُل مَا سمع
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَليّ بن [حَفْص] ثَنَا شُعْبَة، عَن خبيب بن عبد الرَّحْمَن، عَن حَفْص بن عَاصِم، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " كفى بِالْمَرْءِ كذبا أَن يحدث بِكُل مَا سمع ".

بَاب التحذير من أهل الْكَذِب
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى بن عبد الله بن حَرْمَلَة التجِيبِي، ثَنَا بن وهب، حَدثنِي أَبُو شُرَيْح أَنه سمع شرَاحِيل بن يزِيد يَقُول: أَخْبرنِي مُسلم ابْن يسَار أَنه سمع / أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يكون فِي آخر الزَّمَان دجالون كذابون، يأتونكم من الْأَحَادِيث مَا لم تسمعوا أَنْتُم وَلَا آباؤكم، فإياكم وإياهم، لَا يضلونكم وَلَا يفتنونكم ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير وَزُهَيْر بن حَرْب قَالَا: حَدثنَا عبد الله بن يزِيد، حَدثنِي سعيد بن أبي أَيُّوب، حَدثنِي أَبُو هَانِئ، عَن ابي عُثْمَان مُسلم بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " سَيكون فِي آخر أمتِي نَاس يحدثونكم مَا لم تسمعوا أَنْتُم وَلَا آباؤكم، فإياكم وإياهم ".

بَاب التحذير مِمَّن اتبع متشابه الْقُرْآن
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، ثَنَا يزِيد بن إِبْرَاهِيم التسترِي، عَن عبد الله بن ابي مليكَة، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، عَن عَائِشَة قَالَت: " تَلا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {هُوَ الَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب مِنْهُ آيَات محكمات هن أم الْكتاب

(1/347)


وَأخر متشابهات فَأَما الَّذين فِي قُلُوبهم زيغ فيتبعون مَا تشابه مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَة وابتغاء تَأْوِيله وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله والراسخون فِي الْعلم يَقُولُونَ آمنا بِهِ كل من عِنْد رَبنَا وَمَا يذكر إِلَّا أولُوا الْأَلْبَاب} قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذا رَأَيْتُمْ الَّذين يتبعُون مَا تشابه مِنْهُ فَأُولَئِك الَّذين سمى الله فاحذروهم ".

بَاب ترك الِاخْتِلَاف فِي الْقُرْآن وَقَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِ السَّلَام {إِذا اختلفتم فَقومُوا}
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كَامِل، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، ثَنَا أَبُو عمرَان الْجونِي قَالَ: كتب إِلَيّ عبد الله بن رَبَاح الْأنْصَارِيّ أَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: " هجرت إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمًا فَسمع أصوات رجلَيْنِ اخْتلفَا فِي آيَة، فَخرج علينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعرف فِي وَجهه الْغَضَب، فَقَالَ: إِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ باختلافهم فِي الْكتاب ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، ثَنَا أَبُو قدامَة الْحَارِث بن عبيد /، عَن ابي عمرَان الْجونِي، عَن جُنْدُب بن عبد الله البَجلِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اقْرَءُوا الْقُرْآن مَا ائتلفت عيله قُلُوبكُمْ، فَإِذا اختلفتم فِيهِ فَقومُوا ".

بَاب مَا جَاءَ فِي الْمَرْء فِي الْقُرْآن وفيمن فسره بِغَيْر علم
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا مُحَمَّد بن

(1/348)


عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " المراء فِي الْقُرْآن كفر ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا بشر بن السّري، ثَنَا سُفْيَان، عَن عبد الْأَعْلَى - وَهُوَ ابْن عبد الْأَعْلَى - عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قَالَ فِي الْقُرْآن بِغَيْر علم، فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن يحيى، ثَنَا يَعْقُوب بن إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ الْمُقْرِئ، ثَنَا سُهَيْل بن مهْرَان، ثَنَا أَبُو عمرَان، عَن جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قَالَ فِي كتاب الله - عز وَجل - بِرَأْيهِ فَأصَاب فقد أَخطَأ ".
سُهَيْل روى عَنهُ ابْن الْمُبَارك وَابْن عُيَيْنَة وَغَيرهمَا. قَالَ يحيى بن معِين: سُهَيْل بن مهْرَان صَالح الحَدِيث.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا خَالِد بن مخلد، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، أَخْبرنِي هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَت عَائِشَة: " مَا كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَأَوَّل شَيْئا من الْقُرْآن إِلَّا آيا بِعَدَد أخبر بِهن جِبْرِيل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".

بَاب مَا ينْهَى عَنهُ من كَثْرَة السُّؤَال وتكلف مَا لَا يَعْنِي وَقَول الله تَعَالَى
{يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ}
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن ابْن شهَاب،

(1/349)


عَن عَامر بن سعد، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أعظم الْمُسلمين فِي الْمُسلمين جرما من سَأَلَ عَن شَيْء لم يحرم على الْمُسلمين، فَحرم عَلَيْهِم من أجل مَسْأَلته ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى - هُوَ ابْن إِسْمَاعِيل - حَدثنَا أَبُو عوَانَة، ثَنَا عبد الْملك، عَن وراد كَاتب الْمُغيرَة قَالَ: " كتب مُعَاوِيَة إِلَى الْمُغيرَة: اكْتُبْ إِلَيّ مَا سَمِعت من رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فَكتب إِلَيْهِ أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول فِي دبر كل صَلَاة: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير، اللَّهُمَّ لَا مَانع لما أَعْطَيْت، وَلَا معطي لما منعت، وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد، وَكتب إِلَيْهِ أَنه كَانَ ينْهَى عَن قيل وَقَالَ، وَكَثْرَة السُّؤَال، وإضاعة المَال، وَكَانَ ينْهَى عَن عقوق الْأُمَّهَات، ووأد الْبَنَات، وَمنع وهات ".
مُسلم: حَدثنِي ابْن ابي عمر، ثَنَا مَرْوَان بن مُعَاوِيَة الْفَزارِيّ، عَن مُحَمَّد ابْن سوقة، أَنا مُحَمَّد بن عبيد الله الثَّقَفِيّ، عَن وراد قَالَ: " كتب الْمُغيرَة إِلَى مُعَاوِيَة: سَلام عَلَيْك، اما بعد فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن الله حرم ثَلَاثًا، وَنهى عَن ثَلَاث: حرم عقوق الوالدات، ووأد الْبَنَات، وَلَا وهات، وَنهى عَن ثَلَاث: قيل وَقَالَ، وَكَثْرَة السُّؤَال، وإضاعة المَال ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، عَن جرير، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله يرضى لكم ثَلَاثًا، وَيكرهُ لكم ثَلَاثًا، فيرضى لكم: أَن تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وَأَن تعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا

(1/350)


وَلَا تفَرقُوا، وَيكرهُ لكم: قيل وَقَالَ، وَكَثْرَة السُّؤَال، وإضاعة المَال ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب أَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ أخبرهُ " أَن عُوَيْمِر الْعجْلَاني جَاءَ إِلَى عَاصِم بن عدي، فَقَالَ لَهُ: يَا عَاصِم، أَرَأَيْت لَو أَن رجلا وجد مَعَ امْرَأَته رجلا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أم كَيفَ يفعل؟ فسل لي عَن ذَلِك يَا عَاصِم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَسَأَلَ عَاصِم رَسُول الله، فكره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمسَائِل وعابها، حَتَّى كبر على عَاصِم مَا سمع من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... " وَذكر حَدِيث اللّعان.
البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " كُنَّا عِنْد عمر. فَقَالَ: نهينَا عَن التَّكَلُّف ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا / الْحسن بن الصَّباح، حَدثنَا شَبابَة، ثَنَا وَرْقَاء، عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لن يبرح النَّاس يتساءلون [حَتَّى يَقُولُوا] هَذَا الله خَالق كل شَيْء فَمن خلق الله ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، ثَنَا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ.
وحَدثني مَحْمُود - هُوَ ابْن غيلَان - ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي أنس بن مَالك " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج حِين زاغت الشَّمْس، فصلى الظّهْر، فَلَمَّا سلم قَامَ على الْمِنْبَر، فَذكر السَّاعَة، وَذكر أَن بَين يَديهَا أموراً عظاماً ثمَّ قَالَ: من أحب أَن يسْأَل عَن شَيْء، فليسأل عَنهُ، فوَاللَّه لَا تَسْأَلُونِي عَن شَيْء إِلَّا أَخْبَرتكُم

(1/351)


بِهِ مَا دمت فِي مقَامي هَذَا. قَالَ أنس: فَأكْثر النَّاس الْبكاء، وَأكْثر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يَقُول: سلوني. قَالَ أنس: فَقَامَ إِلَيْهِ رجل، فَقَالَ: أَيْن مدخلي يَا رَسُول الله؟ قَالَ: النَّار: فَقَامَ عبد الله بن حذافة فَقَالَ: من أبي يَا رَسُول الله؟ قَالَ: أَبوك حذافة. قَالَ: ثمَّ أَكثر أَن يَقُول: سلوني سلوني. قَالَ: فبرك عمر على رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّه رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دينا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا. قَالَ: فَسكت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين قَالَ عمر ذَلِك، ثمَّ قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أولى وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد عرضت عَليّ الْجنَّة وَالنَّار آنِفا فِي عرض هَذَا الْحَائِط، وَأَنا أُصَلِّي، فَلم أر كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْر وَالشَّر ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن بريد بن أبي بردة [عَن أبي بردة] عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: " سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن أَشْيَاء كرهها، فَلَمَّا أَكْثرُوا عَلَيْهِ الْمَسْأَلَة غضب وَقَالَ: سلوني. فَقَامَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، من أبي؟ قَالَ: أَبوك حذافة. ثمَّ قَالَ آخر فَقَالَ: يَا رَسُول الله، من أبي؟ قَالَ: أَبوك سَالم مولى شيبَة. فَلَمَّا رأى عمر مَا بِوَجْه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْغَضَب قَالَ: إِنَّا نتوب إِلَى الله ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم، أخبرنَا روح بن عبَادَة، ثَنَا شُعْبَة، أَخْبرنِي مُوسَى بن أنس قَالَ: / سَمِعت أنس بن مَالك قَالَ: " قَالَ رجل يَا نَبِي الله من أبي؟ قَالَ: أَبوك فلَان. وَنزلت {يَأ يها الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} ".

(1/352)


البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق، ثَنَا عَفَّان، ثَنَا وهيب، ثَنَا مُوسَى بن عقبَة، سَمِعت أَبَا النَّضر يحدث عَن بسر بن سعيد، عَن زيد بن ثَابت " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اتخذ حجرَة فِي الْمَسْجِد من حَصِير، فصلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيهَا ليَالِي حَتَّى اجْتمع إِلَيْهِ نَاس، ثمَّ فقدوا صَوته لَيْلَة، وظنوا أَنه قد نَام، فَجعل بَعضهم يَتَنَحْنَح ليخرج إِلَيْهِم، فَقَالَ: مَا زَالَ [دأبكم] الَّذِي رَأَيْت من صنيعكم حَتَّى خشيت أَن تكْتب عَلَيْكُم، وَلَو كتبت عَلَيْكُم مَا قُمْتُم بِهِ، فصلوا أَيهَا النَّاس فِي بُيُوتكُمْ، فَإِن أفضل صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته إِلَّا الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة ".

بَاب مَا يكره من التعمق فِي الدَّين وَمَا جَاءَ فِي تكلّف الْكَلَام
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا هِشَام، ثَنَا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تواصلوا. قَالَ: إِنَّك تواصل. قَالَ: إِنِّي لست مثلكُمْ، إِنِّي ابيت يطعمني رَبِّي ويسقيني. فَلم ينْتَهوا عَن الْوِصَال، قَالَ: فواصل بهم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمَيْنِ، أَو لَيْلَتَيْنِ، ثمَّ رَأَوْا الْهلَال، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَو تَأَخّر الْهلَال لزدتكم. كالمنكل لَهُم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، وَقَالَ اللَّيْث: حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن خَالِد، عَن ابْن شهَاب أَن سعيد بن الْمسيب أخبرهُ أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْوِصَال، قَالُوا: فَإنَّك تواصل. قَالَ: أَيّكُم مثلي، أَنِّي أَبيت يطعمني رَبِّي ويستعين. فَلَمَّا أَبَوا أَن ينْتَهوا وَاصل بهم يَوْمًا، ثمَّ يَوْمًا، ثمَّ رَأَوْا الْهلَال، فَقَالَ: لَو تَأَخّر لزدتكم. كالمنكل لَهُم ".
مُسلم: حَدثنَا عَاصِم بن النَّضر، ثَنَا خَالِد - يَعْنِي ابْن الْحَارِث - ثَنَا حميد،

(1/353)


عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " وَاصل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي آخر شهر رَمَضَان فواصل نَاس من / الْمُسلمين، فَبَلغهُ ذَلِك فَقَالَ: لَو مد لنا الشَّهْر لواصلنا وصالا يدع المتعمقون تعمقهم، إِنَّكُم لَسْتُم مثلي - أَو قَالَ: إِنِّي لست مثلكُمْ - إِنِّي أظل يطعمني رَبِّي ويسقيني ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص بن غياث، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، حَدثنِي إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، حَدثنِي أبي قَالَ: " خَطَبنَا عَليّ على مِنْبَر من آجر وَعَلِيهِ سيف فِيهِ صحيفَة معلقَة فَقَالَ: وَالله مَا عندنَا من كتاب نقرؤه إِلَّا كتاب الله، وَمَا فِي هَذِه الصَّحِيفَة. فنشرها، فَإِذا فِيهَا أَسْنَان الْإِبِل، وَإِذا فِيهَا: الْمَدِينَة حرم من عير إِلَى كداء، فَمن أحدث فِيهَا حَدثا فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ، لَا يقبل الله مِنْهُ صرفا وَلَا عدلا. وَإِذا فِيهَا: ذمَّة الْمُسلمين وَاحِدَة يسْعَى بهَا أَدْنَاهُم، فَمن أَخْفَر مُسلما فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ، لَا يقبل الله مِنْهُ صرفا لَا عدلا، وَإِذا فِيهَا: من والى قوما بِغَيْر إِذن موَالِيه، فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ، لَا يقبل الله مِنْهُ صرفا ولاعدلاً ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، ثَنَا مُسلم، عَن مَسْرُوق قَالَ: قَالَت عَائِشَة: " صنع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئا ترخص فِيهِ، وتنزه عَنهُ قوم، فَبلغ ذَلِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَحَمدَ الله، وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: مَا بَال أَقوام يتنزهون عَن الشَّيْء أصنعه، فوَاللَّه إِنِّي لأعلمهم بِاللَّه، وأشدهم لَهُ خشيَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مقَاتل، ثَنَا وَكِيع، أَنا نَافِع بن عمر، عَن ابْن ابي مليكَة قَالَ: " كَاد الخيران أَن يهلكا أَبُو بكر وَعمر لما قدم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفد

(1/354)


بني تَمِيم أَشَارَ أَحدهمَا بالأقرع بن حَابِس التَّمِيمِي الْحَنْظَلِي - أخي بني مجاشع - وَأَشَارَ الآخر بِغَيْرِهِ - فَقَالَ أَبُو بكر لعمر: إِنَّمَا أردْت خلافي. فَقَالَ عمر: مَا أردْت خِلافك. فارتفعت أصواتهما عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} إِلَى قَوْله: {عَظِيم} وَقَالَ ابْن أبي مليكَة: قَالَ ابْن الزبير: فَكَانَ عمر بعد - وَلم يذكر ذَلِك عَن أَبِيه يَعْنِي أَبَا بكر - إِذا حدث / النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِحَدِيث حَدثهُ كَأَخِي السرَار ثمَّ لم يسمعهُ حَتَّى يَسْتَفْهِمهُ ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي عَمْرو بن عَليّ، أَنا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا سَلام ابْن أبي مُطِيع، عَن أبي عمرَان الْجونِي، عَن جُنْدُب قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اقْرَءُوا الْقُرْآن مَا ائتلفت عَلَيْهِ قُلُوبكُمْ، فَإِذا اختلفتم فَقومُوا عَنهُ ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن ابي شيبَة، ثَنَا حَفْص بن غياث، وَيحيى بن سعيد، عَن ابْن جريح، عَن سُلَيْمَان بن عَتيق، عَن طلق بن حبيب، عَن الْأَحْنَف بن قيس، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هلك المتنطعون. قَالَهَا ثَلَاثًا ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، ثَنَا ابْن وهب.
وَحدثنَا حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، عَن ابْن الْمسيب وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: " اقْتتلَتْ امْرَأَتَانِ من هُذَيْل، فرمت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى بِحجر فقتلتها وَمَا فِي بَطنهَا، فاختصموا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن دِيَة جَنِينهَا غرَّة: عبد أَو وليدة، وَقضى بدية الْمَرْأَة على عاقلتها، وورثها وَلَدهَا وَمن مَعَهم، فَقَالَ حمل بن النَّابِغَة الْهُذلِيّ: يَا رَسُول الله، كَيفَ أغرم من لَا شرب وَلَا أكل، وَلَا نطق وَلَا اسْتهلّ، فَمثل ذَلِك

(1/355)


يطلّ؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّمَا هَذَا من إخْوَان الْكُهَّان من أجل سجعه الَّذِي سجع ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة، ثَنَا عمر بن عَليّ بن مقدم الْمقدمِي، ثَنَا نَافِع بن عمر، عَن بشر بن عَاصِم، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن عَمْرو، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - يبغض البليغ من الرِّجَال الَّذِي يَتَخَلَّل الْكَلَام بِلِسَانِهِ كَمَا تخَلّل الْبَقَرَة بلسانها ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام - إِلَّا عبد الله بن عَمْرو، وَلَا نعلم لَهُ طَرِيقا عَن عبد الله إِلَّا هَذَا الطَّرِيق.
وَرَوَاهُ أَبُو عِيسَى: عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ، عَن عمر بن / عَليّ بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَلم يقل: " بلسانها " وَقَالَ: حَدِيث حسن غَرِيب.

بَاب رفع الْعلم
مُسلم: حَدثنَا شَيبَان بن فروج، ثَنَا عبد الْوَارِث، ثَنَا أَبُو التياح، ثَنَا أنس ابْن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يرفع الْعلم، وَيثبت الْجَهْل، وَيشْرب الْخمر، وَيظْهر الزِّنَا ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، سَمِعت قَتَادَة يحدث، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " أَلا أحدثكُم حَدِيثا سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لَا يُحَدثكُمْ أحد بعدِي سَمعه مِنْهُ، إِن من أشراطها أَن

(1/356)


يرفع الْعلم، وَيظْهر الْجَهْل، ويفشو الزِّنَا، وَيشْرب الْخمر، وَيذْهب الرِّجَال، وَتبقى النِّسَاء حَتَّى يكون لخمسين امْرَأَة قيم وَاحِد ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا ويع كوأبي قَالَا: ثَنَا الْأَعْمَش.
وحَدثني أَبُو سعيد الْأَشَج - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا وَكِيع، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل قَالَ: كنت جَالِسا مَعَ عبد الله وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَقَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن بَين يَدي السَّاعَة أَيَّامًا يرفع فِيهَا الْعلم، وَينزل فِيهَا الْجَهْل، وَيكثر فِيهَا الْهَرج، والهرج: الْقَتْل ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني حَرْمَلَة بن يحيى، أخبرنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، حَدثنِي حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، أَنا أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يتقارب الزَّمَان وَيقبض الْعلم، وَتظهر الْفِتَن، ويلقى الشُّح، وَيكثر الْهَرج. قَالُوا: وَمَا الْهَرج؟ قَالَ: الْقَتْل ".
حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ، أَنا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد " يتقارب الزَّمَان، وَيقبض الْعلم " ثمَّ ذكر مثله.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان، ثَنَا عبد الله بن وهب، سَمِعت اللَّيْث بن سعد يَقُول: حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة، عَن الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن الجرشِي، عَن جُبَير بن نفير، عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(1/357)


نظر إِلَى / السَّمَاء يَوْمًا، فَقَالَ: هَذَا أَوَان يرفع الْعلم. فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار - يُقَال لَهُ لبيد بن زِيَاد -: يَا رَسُول الله، أيرفع الْعلم، وَقد أثبت ووعته الْقُلُوب؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي كنت لأحسبك من أفقه أهل الْمَدِينَة. وَذكر لَهُ ضَلَالَة الْيَهُود وَالنَّصَارَى على مَا فِي أَيْديهم من كتاب الله. قَالَ: فَلَقِيت شَدَّاد بن أَوْس، فَحَدَّثته بِحَدِيث عَوْف بن مَالك، فَقَالَ: صدق عَوْف، أَلا أخْبرك بِأول ذَلِك يرفع؟ قلت: بلَى. قَالَ: الْخُشُوع حَتَّى لَا ترى خَاشِعًا ".
قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " هَذَا أَوَان يختلس الْعلم حَتَّى لَا يقدروا مِنْهُ عَليّ شَيْء " رَوَاهُ عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، عَن عبد الله بن صَالح، عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير، عَن أَبِيه، عَن أبي الدَّرْدَاء، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وَمُعَاوِيَة بن صَالح ثِقَة عِنْد أهل الحَدِيث، لَا نعلم أحدا تكلم فِيهِ غير يحيى بن سعيد الْقطَّان.

بَاب كَيفَ يقبض الْعلم
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا جرير، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، سَمِعت عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن الله لَا يقبض الْعلم انتزاعاً يَنْزعهُ من النَّاس، وَلَكِن يقبض الْعلم بِقَبض الْعلمَاء، حَتَّى إِذا لم يتْرك عَالما أَخذ النَّاس رُؤَسَاء جُهَّالًا، فسئلوا فأفتوا بِغَيْر علم فضلوا وأضلوا ". تمّ كتاب الْعلم وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين

(1/358)