الأحكام الشرعية الكبرى

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
اللَّهُمَّ صل على نبيك الْكَرِيم
كتاب الطِّبّ

بَاب لكل دَاء دَوَاء
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا أَبُو أَحْمد الزبيرِي، ثَنَا عمر بن سعيد بن أبي حُسَيْن، ثَنَا عَطاء بن أبي رَبَاح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا أنزل الله دَاء إِلَّا أنزل لَهُ شِفَاء ".
أَبُو أَحْمد الزبيرِي اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله بن الزبيرِي الْأَسدي مولى لَهُم روى عَنهُ: أَحْمد بن حَنْبَل، وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة وَغَيرهمَا، وَهُوَ ثِقَة حَافظ.
أَبُو دَاوُد: ثَنَا حَفْص بن عمر النمري، ثَنَا شُعْبَة، عَن زِيَاد بن علاقَة، عَن أُسَامَة بن شريك قَالَ: " أتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه كَأَنَّمَا على رُءُوسهم الطير، فَسلمت ثمَّ قعدت، فَجَاءَت الْأَعْرَاب من هَا هُنَا وَهَا هُنَا، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، نتداوى؟ قَالَ: تداووا؛ فَإِن الله لم يضع دَاء إِلَّا وضع لَهُ دَوَاء، غير دَاء وَاحِد الْهَرم ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن زِيَاد بن علاقَة، عَن أُسَامَة بن شريك قَالَ: " شهِدت الْأَعْرَاب يسْأَلُون رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: علينا حرج فِي كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: عباد الله، وضع الله الْحَرج، إِلَّا من اقْترض من عرض أَخِيه شَيْئا، فَذَلِك الَّذِي حرج، تداووا عباد الله؛ فَإِن الله لم يضع دَاء إِلَّا

(3/25)


وضع مَعَه شِفَاء إِلَّا الْهَرم. قَالُوا: يَا رَسُول الله، مَا خير مَا أعطي العَبْد؟ قَالَ: حسن الْخلق ".
وَمن طَرِيق سُفْيَان، ثَنَا عَطاء بن السَّائِب - وَكُنَّا لقيناه بِمَكَّة - قَالَ: " دخلت على أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ أعوده، فَأَرَادَ غُلَام لَهُ أَن يداويه فنهيته، فَقَالَ: دَعه فَإِنِّي سَمِعت عبد الله بن مَسْعُود، يخبر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: مَا أنزل الله - تبَارك وَتَعَالَى - دَاء إِلَّا أنزل لَهُ دَوَاء - وَرُبمَا قَالَ سُفْيَان: شِفَاء - علمه من علمه، وجهله من جَهله ".
وروى مُسلم: من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لكل دَاء دَوَاء، فَإِذا أُصِيب دَوَاء الدَّاء برأَ بِإِذن الله ".

بَاب فِي الحمية
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى، ثَنَا إِسْحَاق بن مُحَمَّد الْقَرَوِي، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، عَن عمَارَة بن غزيَّة، عَن عَاصِم بن عمر بن دارة، عَن مَحْمُود بن لبيد، عَن قَتَادَة بن النُّعْمَان أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أحب الله عبدا حماه الدُّنْيَا كَمَا يظل أحدكُم يحمي سقيمة المَاء ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب وَفِي الْبَاب عَن صُهَيْب، وَأم الْمُنْذر، وَقَتَادَة بن النُّعْمَان هُوَ الظفري أَخُو أبي سعيد الْخُدْرِيّ لأمه، وَقد رُوِيَ عَن مَحْمُود بن لبيد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

بَاب مَا جَاءَ فِي إِكْرَاه الْمَرِيض على الطَّعَام
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا بكر بن يُونُس بن بكير، عَن مُوسَى بن

(3/26)


عَليّ، عَن أَبِيه، عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تكْرهُوا مرضاكم على الطَّعَام؛ فَإِن الله يُطعمهُمْ ويسقيهم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.

بَاب معالجة الْحمى
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب وَمُحَمّد بن مثنى، قَالَا: ثَنَا يحيى - وَهُوَ ابْن سعيد - عَن عبيد الله، أَخْبرنِي نَافِع، عَن ابْن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْحمى من فيح جَهَنَّم، فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن مثنى وَمُحَمّد بن حَاتِم وَأَبُو بكر بن نَافِع، قَالُوا: ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، عَن سُفْيَان، عَن أَبِيه، عَن عَبَايَة بن رِفَاعَة، حَدثنِي رَافع بن خديج قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " الْحمى من فَور جَهَنَّم، فَأَبْرِدُوهَا عَنْكُم بِالْمَاءِ " وَلم يذكر [أَبُو بكر] : " عَنْكُم " وَقَالَ: أَخْبرنِي رَافع بن خديج.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَبدة بن سُلَيْمَان، عَن هِشَام، عَن فَاطِمَة، عَن أَسمَاء " أَنَّهَا [كَانَت] تُؤْتى بِالْمَرْأَةِ الموعوكة، فتدعو بِالْمَاءِ

(3/27)


فتصبه فِي [جيبها] وَتقول: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: أبردوها بِالْمَاءِ. وَقَالَ: إِنَّهَا من فيح جَهَنَّم ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد، ثَنَا ابْن أبي عَائِشَة، ثَنَا حَمَّاد، عَن حميد، عَن أنس - قَالَ ابْن أبي عَائِشَة: هَكَذَا علقته أَنا - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا حم أحدكُم فليشن عَلَيْهِ المَاء الْبَارِد من السحر ثَلَاثًا ".
ابْن أبي عَائِشَة هُوَ عبيد الله بن مُحَمَّد بن أبي عَائِشَة ثِقَة مَشْهُور، وَحَمَّاد هُوَ ابْن سَلمَة ثِقَة مَشْهُور.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن دَاوُد وَعلي بن عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد ابْن الْورْد، قَالُوا: ثَنَا عَفَّان بن مُسلم، ثَنَا همام بن يحيى، ثَنَا أَبُو جَمْرَة قَالَ: " كنت أدفَع الزحام عَن ابْن عَبَّاس، فاحتبست عَلَيْهِ أَيَّامًا فَقَالَ لي: مَا حَبسك؟ قلت: الْحمى. قَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: الْحمى من فيح جَهَنَّم فَأَبْرِدُوهَا بِمَاء زَمْزَم ".

بَاب معالجة من اسْتطْلقَ بَطْنه
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَمُحَمّد بن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن أبي المتَوَكل، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِن أخي اسْتطْلقَ بَطْنه فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اسْقِهِ عسلا. فَسَقَاهُ ثمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي سقيته وَلم يَزْدَدْ إِلَّا اسْتِطْلَاقًا. فَقَالَ لَهُ ثَلَاث مَرَّات. ثمَّ جَاءَ الرَّابِعَة فَقَالَ: اسْقِهِ عسلا. فَقَالَ: لقد

(3/28)


سقيته فَلم يَزْدَدْ إِلَّا اسْتِطْلَاقًا. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: صدق الله، وَكذب بطن أَخِيك، اسْقِهِ عسلاً. فَسَقَاهُ فبرأ ".

بَاب مَا جَاءَ فِي الْحبَّة السَّوْدَاء
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رمح بن المُهَاجر، أَنا اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَسَعِيد بن الْمسيب، أَن أَبَا هُرَيْرَة أخبرهما أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن فِي الْحبَّة السَّوْدَاء شِفَاء من كل دَاء إِلَّا السام، والسام: الْمَوْت ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر وَسَعِيد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي قَالَا: ثَنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " عَلَيْكُم بِهَذِهِ الْحبَّة السَّوْدَاء؛ فَإِن فِيهَا شِفَاء من كل دَاء إِلَّا السام، والسام: الْمَوْت ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.

بَاب مَا جَاءَ فِي الكمء
مُسلم: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر قَالَ سَمِعت عَمْرو بن [حُرَيْث] قَالَ: سَمِعت سعيد بن زيد يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الكمأة من الْمَنّ الَّذِي أنزلهُ الله على بني إِسْرَائِيل، وماؤها شِفَاء للعين ".

(3/29)


بَاب مَا جَاءَ فِي التلبينة
مُسلم: حَدثنِي عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي أبي، عَن جدي، حَدثنِي عقيل - هُوَ ابْن خَالِد - عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنَّهَا كَانَت إِذا مَاتَ الْمَيِّت من أَهلهَا، فَاجْتمع لذَلِك النِّسَاء، ثمَّ تفرقن إِلَّا أَهلهَا وخاصتها أمرت ببرمة من تلبينة فطبخت، ثمَّ صنع ثريد، فصبت التلبينة عَلَيْهَا، ثمَّ قَالَت: كلن مِنْهَا؛ فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: التلبينة مجمة لفؤاد الْمَرِيض تذْهب بعض الْحزن ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، أَنا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا مُحَمَّد بن السَّائِب بن بركَة، عَن أمه، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أَخذ أَهله الوعك أَمر بالحساء فَوضع، ثمَّ أَمرهم فحسوا مِنْهُ، وَكَانَ يَقُول: إِنَّه (ليرتو) فؤاد الحزين، ويسرو عَن فؤاد السقيم، كَمَا تسرو إحداكن الْوَسخ بِالْمَاءِ عَن وَجههَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَقد رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك عَن يُونُس، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام.
حَدثنَا بِهِ الْحسن بن مُحَمَّد قَالَ: ثَنَا بِهِ أَبُو إِسْحَاق الطَّالقَانِي، عَن ابْن الْمُبَارك.

بَاب فِي الْعَسَل
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو نعيم، أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن الغسيل، عَن عَاصِم

(3/30)


ابْن عمر بن قَتَادَة، سَمِعت جَابر بن عبد الله قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن كَانَ فِي شَيْء من أدويتكم - أَو يكون فِي شَيْء من أدويتكم -[خير] فَفِي شرطة محجم، أَو شربة عسل، أَو لذعة بِنَار توَافق الدَّاء، وَمَا أحب أَن أكتوي ".

بَاب اللدود بِالتَّمْرِ
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا سُفْيَان، عَن ابْن أبي نجيح، عَن مُجَاهِد، عَن سعد قَالَ: " مَرضت مَرضا أَتَانِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعودنِي، فَوضع يَده بَين ثديي حَتَّى وجدت بردهَا على فُؤَادِي فَقَالَ: إِنَّك رجل مفئود، ائْتِ الْحَارِث بن كلدة أَخا ثَقِيف؛ فَإِنَّهُ رجل يتطبب فليأخذ سبع تمرات من عَجْوَة الْمَدِينَة فليجأهن بنواهن ثمَّ ليلدك بِهن ".

بَاب مَا يفعل بِصَاحِب ذَات الْجنب
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن سُفْيَان حَدثنِي مُوسَى بن أبي عَائِشَة، عَن عبيد الله بن عبد الله، عَن عَائِشَة قَالَت: " لددنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَرضه، فَأَشَارَ أَلا تلدوني، فَقُلْنَا: كَرَاهِيَة الْمَرِيض للدواء. فَلَمَّا أَفَاق قَالَ: لَا يبْقى أحد إِلَّا لد غير الْعَبَّاس؛ فَإِنَّهُ لم يشهدكم ".
روى أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ هَذَا الحَدِيث قَالَ: ثَنَا بكير بن قُتَيْبَة، ثَنَا الْحُسَيْن ابْن مهْدي.
قَالَ: وثنا عبيد بن رجال، ثَنَا أَحْمد بن صَالح، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر،

(3/31)


عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي أَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام، عَن أَسمَاء ابْنة عُمَيْس قَالَت: " إِن أول مَا اشْتَكَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَيت مَيْمُونَة اشْتَدَّ مَرضه، حَتَّى أُغمي عَلَيْهِ قَالَت: فتشاور نساؤه فِي لده فلدوه، فَلَمَّا أَفَاق قَالَ: مَا هَذَا فعل نسَاء يجئن من هَا هُنَا - وَأَشَارَ إِلَى أَرض الْحَبَشَة - وَكَانَت أَسمَاء فِيهِنَّ فَقَالُوا: كُنَّا نتهم بك ذَات الْجنب يَا رَسُول الله. قَالَ: إِن ذَلِك دَاء مَا كَانَ الله - عز وَجل - ليعذبني بِهِ، لَا يبْقين فِي الْبَيْت أحد إِلَّا لد إِلَّا عَم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَعْنِي عباساً - قَالَت: فَلَقَد التدت مَيْمُونَة وَإِنَّهَا لصائمة؛ لعزيمة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا سُفْيَان، قَالَ الزُّهْرِيّ: أَخْبرنِي عبيد الله بن عبد الله، عَن أم قيس قَالَت: " دخلت بِابْن لي عَليّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقد أعلقت عَلَيْهِ من الْعذرَة، فَقَالَ: علام تدغرن أَوْلَادكُنَّ بِهَذَا العلاق؟ ! عليكن بِهَذَا الْعود الْهِنْدِيّ، فَإِن فِيهِ سَبْعَة أشفية، مِنْهَا ذَات الْجنب، ويسعط من الْعذرَة، ويلد من ذَات الْجنب ... . " وَذكر بَاقِي الحَدِيث.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا رَجَاء بن مُحَمَّد العذري الْبَصْرِيّ، ثَنَا عَمْرو بن مُحَمَّد ابْن أبي رزين، ثَنَا شُعْبَة، عَن خَالِد الْحذاء، أَنا مَيْمُون أَبُو عبد الله قَالَ: سَمِعت زيد بن أَرقم قَالَ: " أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نتداوى من ذَات الْجنب بِالْقِسْطِ البحري وَالزَّيْت ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (حسن غَرِيب) .
وَذَات الْجنب يَعْنِي: السل.

(3/32)


وَقَالَ: ثَنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة - عَن أبي عبد الله، عَن زيد بن أَرقم " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ ينعَت الزَّيْت والورس من ذَات الْجنب. قَالَ قَتَادَة: يلده، ويلده من الْجَانِب الَّذِي يشتكيه ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (صَحِيح) .

بَاب السعوط من الْعذرَة
مُسلم: حَدثنِي أَحْمد بن سعيد بن صَخْر الدَّارمِيّ، ثَنَا حبَان بن هِلَال، ثَنَا وهيب، حَدثنِي عبد الله بن طَاوس، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - احْتجم وَأعْطى الْحجام أجره، واستعط ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله بن عبد الله، عَن أم قيس بنة مُحصن - أُخْت عكاشة بن مُحصن - قَالَت: " دخلت بِابْن لي على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يَأْكُل الطَّعَام فَبَال عَلَيْهِ، فَدَعَا بِمَاء فرشه. قَالَت: وَدخلت عَلَيْهِ بِابْن لي قد أعلقت عَلَيْهِ من الْعذرَة، فَقَالَ: علام تدغرن أَوْلَادكُنَّ بِهَذَا العلاق؟ ! عليكن بِهَذَا الْعود الْهِنْدِيّ؛ فَإِن فِيهِ سَبْعَة أشفية، مِنْهَا ذَات الْجنب، يسعط من الْعذرَة، ويلد من ذَات الْجنب ".
وللبخاري فِي بعض أَلْفَاظه بِهَذَا الحَدِيث: " اتَّقوا الله، علام تدغرن أَوْلَادكُنَّ ".

(3/33)


بَاب مَا جَاءَ فِي الْعود الْهِنْدِيّ
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي عبيد الله بن عبد الله، أَن أم قيس أخْبرته، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " عَلَيْكُم بِهَذَا الْعود الْهِنْدِيّ؛ فَإِن فِيهِ سَبْعَة أشفية، مِنْهَا ذَات الْجنب. يُرِيد الكست، وَهُوَ الْعود الْهِنْدِيّ ".

بَاب مَا جَاءَ فِي التَّدَاوِي بِالْخمرِ والمحرمات
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن مثنى وَمُحَمّد بن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن سماك بن حَرْب، عَن عَلْقَمَة بن وَائِل ابْن حجر، عَن أَبِيه وَائِل بن حجر الْحَضْرَمِيّ " أَن طَارق بن سُوَيْد الْجعْفِيّ سَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْخمر فَنَهَاهُ أَو كره أَن يصنعها. فَقَالَ لَهُ: إِنَّمَا أصنعها للدواء. فَقَالَ: إِنَّه لَيْسَ بدواء، وَلكنه دَاء ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا هَارُون بن عبد الله، ثَنَا مُحَمَّد بن بشر، ثَنَا يُونُس بن أبي إِسْحَاق، عَن مُجَاهِد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الدَّوَاء الْخَبيث ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبَادَة الوَاسِطِيّ، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن ثَعْلَبَة بن مُسلم، عَن أبي عمرَان الْأنْصَارِيّ، عَن أم الدَّرْدَاء، عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله - عز وَجل - أنزل الدَّاء والدواء، وَجعل لكل دَاء دَوَاء، [فَتَدَاوَوْا] وَلَا تداووا بِحرَام ".
أَبُو عمرَان اسْمه سُلَيْمَان بن عبد الله.

(3/34)


بَاب التَّدَاوِي بأبوال الْإِبِل
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ ثَنَا يحيى بن أبي كثير، حَدثنِي أَبُو قلَابَة الْجرْمِي، عَن أنس قَالَ: " قدم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نفر من عكل فأسلموا، فاجتووا الْمَدِينَة، فَأَمرهمْ أَن يَأْتُوا إبل الصَّدَقَة فيشربوا من أبوالها وَأَلْبَانهَا، فَفَعَلُوا فصحوا، فَارْتَدُّوا، وَقتلُوا رعاتها، وَاسْتَاقُوا [الْإِبِل] ، فَبعث فِي آثَارهم فَأتي بهم، فَقطع أَيْديهم وأرجلهم، وسمل أَعينهم، ثمَّ لم يحسمهم حَتَّى مَاتُوا ".

بَاب مَا جَاءَ أَن فِي الْعَجْوَة شِفَاء من السم
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا [أَبُو] عُبَيْدَة أَحْمد بن عبد الله الْهَمدَانِي - وَهُوَ ابْن أبي السّفر - ومحمود بن غيلَان قَالَا: ثَنَا سعيد بن عَامر، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْعَجْوَة من الْجنَّة، وفيهَا شِفَاء من السم، والكمأة من الْمَنّ، وماؤها شِفَاء للعين ".
قَالَ: هَذَا الحَدِيث حسن غَرِيب، تفرد بِهِ سعيد بن عَامر عَن مُحَمَّد بن عَمْرو.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ، ثَنَا مَرْوَان، أخبرنَا هَاشم، أَنا عَامر بن سعد، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من اصطبح كل يَوْم بتمرات عَجْوَة لم يضرّهُ سم وَلَا سحر ذَلِك الْيَوْم إِلَى اللَّيْل ".

(3/35)


حَدثنِي إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا أَبُو أُسَامَة، ثَنَا هَاشم بِإِسْنَادِهِ الأول وَحَدِيثه وَقَالَ: " سبع تمرات " وَلم يقل: " إِلَى اللَّيْل ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وَيحيى بن أَيُّوب وَابْن حجر، قَالَ: يحيى أَنا، وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا إِسْمَاعِيل - وَهُوَ ابْن جَعْفَر - عَن شريك - وَهُوَ ابْن أبي نمر - عَن عبد الله بن أبي عَتيق، عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[قَالَ] : " إِن فِي عَجْوَة الْعَالِيَة شِفَاء - أَو إِنَّهَا ترياق - فِي أول البكرة ".

بَاب
البُخَارِيّ: حَدثنَا بشر بن مُحَمَّد، أَنا عبد الله، أَنا معمر وَيُونُس، قَالَا: أخبرنَا الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي عبيد الله بن عبد الله بن [عتبَة] أَن عَائِشَة قَالَت: " لما ثقل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعه قَالَ: أهريقوا عَليّ من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعَلي أَعهد إِلَى النَّاس. وأجلس فِي مخضب لحفصة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ طفقنا نصب عَلَيْهِ، حَتَّى طفق يُشِير إِلَيْنَا أَن قد فعلتن، ثمَّ خرج إِلَى الصَّلَاة ".

بَاب فِي الْحجامَة
مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن مَعْرُوف وَأَبُو الطَّاهِر، قَالَا: ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو، أَن بكيراً حَدثهُ، أَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة حَدثهُ " أَن جَابر بن عبد الله عَاد الْمقنع، ثمَّ قَالَ: لَا أَبْرَح حَتَّى تحتجم؛ فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(3/36)


يَقُول: إِن فِيهِ شِفَاء ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن كَانَ فِي شَيْء مِمَّا تداويتم بِهِ خير فالحجامة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، أَنا النَّضر بن شُمَيْل، ثَنَا عباد بن مَنْصُور، سَمِعت عِكْرِمَة يَقُول: " كَانَ لِابْنِ عَبَّاس غلمة ثَلَاثَة حجامون، فَكَانَ اثْنَان مِنْهُم يغلان عَلَيْهِ وعَلى أَهله، وَوَاحِد يحجمه ويحجم أَهله، قَالَ: وَقَالَ ابْن عَبَّاس قَالَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: نعم العَبْد الْحجام، يذهب بِالدَّمِ، ويخف الصلب، ويجلو عَن الْبَصَر. وَقَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَيْثُ عرج بِهِ مَا مر على مَلأ من الْمَلَائِكَة إِلَّا قَالُوا: عَلَيْك بالحجامة. وَقَالَ: إِن خير مَا تحتجمون فِيهِ: يَوْم سبع عشرَة، وَيَوْم تسع عشرَة، وَيَوْم إِحْدَى وَعشْرين. وَقَالَ: إِن خير مَا تداويتم بِهِ: السعوط، واللدود، والحجامة، وَالْمَشْي. وَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لده الْعَبَّاس وَأَصْحَابه، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من لدني؟ فكلهم أَمْسكُوا، فَقَالَ: لَا يبْقى أحد [مِمَّن] فِي الْبَيْت إِلَّا لد غير الْعَبَّاس ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث عباد بن مَنْصُور.

بَاب الْأَيَّام الَّتِي يسْتَحبّ فِيهَا الْحجامَة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الرّبيع بن نَافِع، ثَنَا سعيد بن عبد الرَّحْمَن الجُمَحِي، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من احْتجم لسبع

(3/37)


عشرَة وتسع عشرَة وَإِحْدَى وَعشْرين كَانَ شِفَاء من كل دَاء ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد القدوس بن مُحَمَّد، ثَنَا عَمْرو بن عَاصِم، ثَنَا همام وَجَرِير بن حَازِم، قَالَا: ثَنَا قَتَادَة، عَن أنس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحتجم فِي الأخدعين والكاهل، وَكَانَ يحتجم لسبع عشرَة وتسع عشرَة وَإِحْدَى وَعشْرين ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
وَعبد القدوس هُوَ أَبُو بكر الْعَطَّار، ثِقَة مَشْهُور.

بَاب الحجم وسط الرَّأْس
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا الْمُعَلَّى بن مَنْصُور، ثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن عَلْقَمَة بن أبي عَلْقَمَة، عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن ابْن بُحَيْنَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - احْتجم بطرِيق مَكَّة وَهُوَ محرم وسط رَأسه ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا ابْن أبي عدي، عَن هِشَام، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " احْتجم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ محرم فِي رَأسه من وجع كَانَ بِهِ، بِمَاء يُقَال لَهُ: لحي جمل ".

بَاب الحجم على ظهر الْقدَم
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن قَتَادَة، عَن أنس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - احْتجم وَهُوَ محرم على ظهر الْقدَم، من

(3/38)


[وثء] كَانَ بِهِ ".

بَاب مَا يمسك دم الْجراحَة
مُسلم: حَدثنَا (أَبُو بكر بن أبي شيبَة) ثَنَا عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم، عَن أَبِيه، أَنه سمع سهل بن سعد السَّاعِدِيّ يسْأَل عَن جرح رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " جرح رَسُول الله، وَكسرت رباعيته، وهشمت الْبَيْضَة على رَأسه، فَكَانَت فَاطِمَة ابْنة رَسُول الله تغسل الدَّم، وَكَانَ عَليّ بن أبي طَالب يسْكب عَلَيْهَا بالمجن، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَة أَن المَاء لَا يزِيد الدَّم إِلَّا كَثْرَة، أخذت قِطْعَة حَصِير فَأَحْرَقتهُ حَتَّى صَار رَمَادا، ثمَّ أَلْصَقته بِالْجرْحِ فَاسْتَمْسك الدَّم ".

بَاب مَا جَاءَ فِي الْمَشْي
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مَدُّوَيْهِ، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن حَمَّاد (الشعيثي) ثَنَا عباد بن مَنْصُور، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن خير مَا تداويتم بِهِ السعوط واللدود والحجامة وَالْمَشْي. فَلَمَّا اشْتَكَى رَسُول

(3/39)


الله لده أَصْحَابه، فَلَمَّا فرغوا قَالَ: لدوهم. فلدوا كلهم غير الْعَبَّاس ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن بكر، ثَنَا عبد الحميد بن جَعْفَر، حَدثنِي عتبَة بن عبد الله، عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَأَلَهَا بِمَ تستمشين؟ قَالَت: بالشبرم. قَالَ: حَار جَار. قَالَت: ثمَّ استمشيت بالسنا. فَقَالَ
النَّبِي
لَو أَن شَيْئا كَانَ شِفَاء من الْمَوْت، لَكَانَ فِي السنا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب، يَعْنِي دَوَاء الْمَشْي.

بَاب مَا يداوى بِهِ عرق النسا
الْبَزَّار: حَدثنَا مُسلم بن جُنَادَة بن سلم، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام بن حسان، عَن أنس بن سِيرِين، عَن أنس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَن نعت من عرق النسا ألية كَبْش عَرَبِيّ، لَيست لصغيرة وَلَا كَبِيرَة، تذاب وتجزأ ثَلَاثَة أَجزَاء، ويسقى مِنْهُ كل يَوْم جُزْء. قَالَ أنس بن سِيرِين: نعت بذلك لجَماعَة كَبِيرَة فبرئوا بِإِذن الله ".
رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده عَن أبي أُسَامَة بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقَالَ: " فيقطعها صغَارًا ثمَّ يجزئها ".

بَاب مَا جَاءَ فِي الأكحال
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس، ثَنَا زُهَيْر - هُوَ ابْن مُعَاوِيَة - ثَنَا عبد الله ابْن عُثْمَان بن خثيم، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ -

(3/40)


قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " البسوا من ثيابكم الْبيَاض؛ فَإِنَّهَا من خير ثيابكم، وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم، وَإِن خير أكحالكم الإثمد، يجلو الْبَصَر، وينبت الشّعْر ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، ثَنَا عباد بن مَنْصُور، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن خير مَا تداويتم بِهِ اللدود، والسعوط، والحجامة، وَالْمَشْي، وَخير مَا اكتحلتم بِهِ الإثمد؛ يجلو الْبَصَر، وينبت الشّعْر. وَكَانَ لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مكحلة يكتحل بهَا عِنْد النّوم ثَلَاثًا فِي كل عين ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وَهُوَ حَدِيث عباد بن مَنْصُور.
وَقَالَ فِي كتاب " الْعِلَل ": سَأَلت مُحَمَّدًا عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: هُوَ حَدِيث مَحْفُوظ، وَعباد بن مَنْصُور صَدُوق.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي الْوَلِيد الفحام، ثَنَا الوضاح بن يحيى، ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن عَاصِم، عَن أنس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكتحل وترا ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ إِلَّا أَبُو الْأَحْوَص، عَن عَاصِم.
الوضاح شيخ صَدُوق، ذكر ذَلِك ابْن أبي حَاتِم عَن أَبِيه، وَلم يذكرهُ أَبُو بكر الْبَزَّار.

بَاب مَا جَاءَ فِي الكي
مُسلم: حَدثنِي بشر بن خَالِد، أَنا مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن شُعْبَة، قَالَ:

(3/41)


سَمِعت سُلَيْمَان، قَالَ: سَمِعت أَبَا سُفْيَان، قَالَ: سَمِعت جَابر بن عبد الله قَالَ: " رمي أبي يَوْم الْأَحْزَاب على أكحله قَالَ: فكواه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
وروى الْأَعْمَش أَيْضا عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر قَالَ: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى أبي بن كَعْب طيبا، فَقطع مِنْهُ عرقاً ثمَّ كواه عَلَيْهِ ".
خرجه مُسلم عَن يحيى بن يحيى، عَن أبي مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا حميد بن مسْعدَة، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أنس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كوى أسعد بن زُرَارَة من الشَّوْكَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم، أَنا سُرَيج بن يُونُس أَبُو الْحَارِث ثَنَا مَرْوَان بن شُجَاع، عَن سَالم الْأَفْطَس، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الشِّفَاء فِي ثَلَاثَة: شرطة محجم، أَو شربة عسل [أَو] كَيَّة بِنَار، وَأَنا أنهى أمتِي عَن الكي ".
مُسلم: ثَنَا نصر بن عَليّ الْجَهْضَمِي، حَدثنِي أبي، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان عَن عَاصِم بن عمر [بن] قَتَادَة قَالَ: " جَاءَنَا جَابر بن عبد الله فِي أهلنا وَرجل يشتكي خراجاً بِهِ - أَو جرحا - فَقَالَ: مَا تَشْتَكِي؟ قَالَ: خراج لي قد

(3/42)


شقّ عَليّ. قَالَ: يَا غُلَام، ائْتِنِي بحجام. فَقَالَ لَهُ: مَا تصنع بالحجام يَا أَبَا عبد الله؟ قَالَ: أُرِيد أَن أعلق فِيهِ محجماً. قَالَ: وَالله، إِن الذُّبَاب ليصيبني أَو يُصِيبنِي الثَّوْب فيؤذيني ويشق عَليّ. فَلَمَّا رأى تبرمه من ذَلِك، قَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن كَانَ فِي شَيْء من أدويتكم خير، فَفِي شرطة محجم، أَو شربة عسل، أَو لذعة بِنَار. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَمَا أحب أَن أكتوي. قَالَ: فجَاء حجام فشرطه، فَذهب عَنهُ مَا يجد ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم، أَنا سُرَيج بن يُونُس أَبُو الْحَارِث، ثَنَا مَرْوَان بن شُجَاع، عَن سَالم الْأَفْطَس، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الشِّفَاء فِي ثَلَاثَة: فِي شرطة محجم، أَو شربة عسل، [أَو] كَيَّة بِنَار، وَأَنا أنهى أمتِي عَن الكي ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا سُفْيَان، عَن مَنْصُور، عَن مُجَاهِد، عَن عقار بن الْمُغيرَة بن شُعْبَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من اكتوى أَو استرقى فقد برِئ من التَّوَكُّل ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَفِي الْبَاب عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَعمْرَان بن حُصَيْن، وَهَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وروى جرير، عَن مَنْصُور، عَن مُجَاهِد قَالَ: ثَنَا الْعقار بن الْمُغيرَة، عَن أَبِيه حَدِيثا فَلم أحفظه، فَمَكثت بعد ذَلِك فَأمرت حسان بن أبي وجزة أَن يسْأَله، فَأَخْبرنِي أَنه سَأَلَهُ فَقَالَ: سَمِعت أبي يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا توكل من

(3/43)


استرقى أَو اكتوى ".
رَوَاهُ أَبُو عمر فِي " التَّمْهِيد " عَن عبد الْوَارِث، عَن الْقَاسِم، عَن الْحسن ابْن سَلام، عَن زُهَيْر بن حَرْب، عَن جرير.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن خلف الْبَاهِلِيّ، ثَنَا الْمُعْتَمِر، عَن هِشَام بن حسان، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: حَدثنِي عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: قَالَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يدْخل الْجنَّة من أمتِي سَبْعُونَ ألفا بِغَيْر حِسَاب. قَالُوا: وَمن هم يَا رَسُول الله؟ قَالَ: هم الَّذين لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يسْتَرقونَ وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ. فَقَامَ عكاشة فَقَالَ: ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. فَقَالَ: أَنْت مِنْهُم. فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. فَقَالَ: سَبَقَك بهَا عكاشة ".

بَاب فِي قطع الْجِرَاحَات
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا أَبُو الزبير، عَن جَابر قَالَ: " رمي سعد بن معَاذ فِي أكحله، فحسمه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِيَدِهِ بمشقص، ثمَّ ورمت فحسمها الثَّانِيَة ".
أَبُو الزبير اسْمه مُحَمَّد بن مُسلم بن تدرس ".

(3/44)


أَبْوَاب الرقى

بَاب الرّقية من الْعين
والتعوذ مِنْهُ والاغتسال لَهُ وَمَا جَاءَ فِيهِ
مُسلم: حَدثنِي عقبَة بن مكرم الْعمي، ثَنَا أَبُو عَاصِم، عَن ابْن جريج، وَأَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: " رخص رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لآل حزم فِي رقية الْحَيَّة، [و] قَالَ لأسماء ابْنة عُمَيْس: مَا لي أرى أجسام بني أخي ضارعة، تصيبهم الْحَاجة؟ قَالَت: لَا، وَلَكِن الْعين تسرع إِلَيْهِم. قَالَ: ارقيهم. فعرضت عَلَيْهِ، فَقَالَ: ارقيهم ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الرّبيع سُلَيْمَان بن دَاوُد، حَدثنِي مُحَمَّد بن حَرْب، ثَنَا مُحَمَّد بن الْوَلِيد الزبيدِيّ، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن زَيْنَب ابْنة أم سَلمَة، عَن أم سَلمَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَن رَسُول الله قَالَ لجارية فِي بَيت أم سَلمَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى بوجهها سفعة فَقَالَ: بهَا نظرة، فاسترقوا لَهَا. يَعْنِي: بوجهها صفرَة ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا حميد بن عبد الرَّحْمَن، ثَنَا حسن - وَهُوَ ابْن صَالح.
وثنا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يحيى بن آدم، عَن سُفْيَان، كِلَاهُمَا عَن عَاصِم، عَن يُوسُف بن عبد الله، عَن أنس قَالَ: " رخص رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الرّقية من الْعين والحمة والنملة ".

(3/45)


الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن دَاوُد وَإِبْرَاهِيم بن أبي دَاوُد، جَمِيعًا قَالَا: ثَنَا سعيد بن سُلَيْمَان الوَاسِطِيّ، ثَنَا عباد بن الْعَوام، عَن الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَعَوَّذ من عين الجان وَعين الْإِنْسَان، فَلَمَّا نزلت المعوذتان أخذهما وَترك مَا سوى ذَلِك ".
مَالك: عَن ابْن شهَاب، عَن أبي أُمَامَة أَنه قَالَ: " رأى عَامر بن ربيعَة سهل بن حنيف يغْتَسل فَقَالَ: مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ وَلَا جلد مخبأة. فلبط سهل، فَأتى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقيل: يَا رَسُول الله، هَل لَك فِي سهل بن حنيف، وَالله مَا يرفع رَأسه. فَقَالَ: هَل تتهمون لَهُ أحدا؟ قَالُوا: نتهم عَامر بن ربيعَة. قَالَ: فَدَعَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَامِرًا، فتغيظ عَلَيْهِ وَقَالَ: علام يقتل أحدكُم أَخَاهُ؟ أَلا بَركت، اغْتسل لَهُ. فَغسل عَامر وَجهه وَيَديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجلَيْهِ وداخلة إزَاره فِي قدح، ثمَّ صب عَلَيْهِ، فراح سهل مَعَ النَّاس لَيْسَ بِهِ بَأْس ".
مُسلم: حَدثنِي عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ وحجاج بن الشَّاعِر وَأحمد بن خرَاش، قَالَ عبد الله: أَنا، وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا وهيب، عَن ابْن طَاوس، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْعين حق، وَلَو كَانَ شَيْء سَابق الْقدر سبقته الْعين، وَإِذا استغسلتم فَاغْسِلُوا ".
وروى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: عَن طَالب بن حبيب، عَن عبد الرَّحْمَن بن جَابر، عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " جلّ من يَمُوت من أمتِي بعد قَضَاء الله وَقدره وَكتابه بالأنفس يَعْنِي: بِالْعينِ ".

(3/46)


طَالب بن حبيب هُوَ ابْن الضجيع كَانَ جده ضجيع حَمْزَة، روى عَنهُ مُوسَى ابْن إِسْمَاعِيل وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، زَاد ابْن أبي حَاتِم: وروى عَنهُ يُونُس بن مُحَمَّد الْمُؤَدب.
وَعبد الرَّحْمَن هُوَ ابْن جَابر.

بَاب الرّقية من النملة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا يحيى بن آدم وَأَبُو نعيم، قَالَا: ثَنَا سُفْيَان، عَن عَاصِم الْأَحول، عَن يُوسُف بن عبد الله بن الْحَارِث، عَن أنس ابْن مَالك " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رخص فِي الرّقية من الْحمة والنملة ".
رَوَاهُ مُعَاوِيَة بن هِشَام، عَن سُفْيَان، عَن عَاصِم، عَن عبد الله بن الْحَارِث، عَن أنس.
قَالَ أَبُو عِيسَى فِي حَدِيث عَاصِم عَن يُوسُف: هَذَا عِنْدِي أصح من حَدِيث مُعَاوِيَة عَن سُفْيَان.

بَاب الرّقية من الْحمة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَليّ بن مسْهر، عَن الشَّيْبَانِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود، عَن أَبِيه قَالَ: " سَأَلت عَائِشَة عَن الرّقية فَقَالَت: رخص رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأهل بَيت من الْأَنْصَار فِي الرّقية من كل ذِي حمة ".

(3/47)


مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا روح بن عبَادَة، ثَنَا ابْن جريج، أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: " أرخص رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي رقية الْحمة لبني [عَمْرو] ".
قَالَ أَبُو الزبير: وَسمعت جَابر بن عبد الله يَقُول: " لدغت رجلا منا عقرب وَنحن جُلُوس مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، أرقي؟ قَالَ: من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن ينفع أَخَاهُ فَلْيفْعَل ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الرقى، فجَاء آل عَمْرو بن حزم إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّه كَانَت عندنَا رقية نرقي بهَا من الْعَقْرَب، وَإنَّك نهيت عَن الرقى. قَالَ: فعرضوها عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا أرى بَأْسا؛ من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن ينفع أَخَاهُ فلينفعه ".

بَاب الرّقية من الدَّم
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد، ثَنَا شريك.
وثنا الْعَبَّاس الْعَنْبَري، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أخبرنَا شريك، عَن الْعَبَّاس بن ذريح، عَن الشّعبِيّ، قَالَ الْعَبَّاس: عَن أنس قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا رقية إِلَّا من عين أَو حمة أَو دم (لَا) يرقأ ".
لم يذكر الْعَبَّاس " الْعين "، وَهَذَا لفظ سُلَيْمَان بن دَاوُد.

(3/48)


بَاب مَا جَاءَ فِي رقى الْجَاهِلِيَّة
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير، عَن أَبِيه، عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ: " كُنَّا نرقي فِي الْجَاهِلِيَّة فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، كَيفَ ترى فِي ذَلِك؟ فَقَالَ: اعرضوا عَليّ رقاكم، لَا بَأْس بالرقى مَا لم يكن فِيهِ شرك ".

بَاب فِي الرقى والتعوذ بِكِتَاب الله
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى التَّمِيمِي، أَنا هشيم، عَن أبي بشر، عَن أبي المتَوَكل، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: " أَن نَاسا من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانُوا فِي سفر، فَمروا بحي من أَحيَاء الْعَرَب فاستضافوهم، فَلم يضيفوهم، فَقَالُوا لَهُم: هَل فِيكُم راق؟ فَإِن سيد الْحَيّ لديغ أَو مصاب، فَقَالَ رجل مِنْهُم: نعم، فَأَتَاهُ فرقاه بِفَاتِحَة الْكتاب فبرأ الرجل، فَأعْطِي قطيعاً من الْغنم، فَأبى أَن يقبلهَا وَقَالَ: حَتَّى أذكر ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، وَالله مَا رقيت إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب. فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: وَمَا أَدْرَاك أَنَّهَا رقية؟ ثمَّ قَالَ: خُذُوا مِنْهُم واضربوا لي سهمي مَعكُمْ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن أبي بشر، عَن أبي المتَوَكل، عَن أبي سعيد: " أَن رهطاً من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انْطَلقُوا فِي سفرة سافروها، حَتَّى نزلُوا بحي من أَحيَاء الْعَرَب، فاستضافوهم، فَأَبَوا أَن يضيفوهم، فلدغ سيد ذَلِك الْحَيّ، فسعوا لَهُ بِكُل شَيْء لَا يَنْفَعهُ شَيْء، فَقَالَ بَعضهم: لَو أتيتم هَؤُلَاءِ الرَّهْط الَّذين قد نزلُوا بكم لَعَلَّه أَن يكون عِنْدهم بعض

(3/49)


شَيْء. فأتوهم فَقَالُوا: يَا أَيهَا الرَّهْط، إِن سيدنَا لدغ فسعينا لَهُ بِكُل شَيْء لَا يَنْفَعهُ شَيْء، فَهَل عِنْد أحد مِنْكُم شَيْء؟ فَقَالَ بَعضهم: نعم - وَالله - إِنِّي لراق، وَلَكِن وَالله لقد أستضفناكم فَلم تضيفونا، فَمَا أَنا براق لكم حَتَّى تجْعَلُوا لنا جعلا، فصالحوهم على قطيع من الْغنم، فَانْطَلق فَجعل يتفل وَيَقُول: الْحَمد لله، حَتَّى لكَأَنَّمَا نشط من عقال، فَانْطَلق يمشي مَا بِهِ قلبة، قَالَ: فأوفوهم جعلهم الَّذِي صالحوهم عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعضهم: اقسموا. فَقَالَ الَّذِي رقى: لَا تَفْعَلُونَ حَتَّى تَأْتُوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَنَذْكُر لَهُ الَّذِي كَانَ فَنَنْظُر مَا يَأْمُرنَا بِهِ. فقدموا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكرُوا لَهُ فَقَالَ: وَمَا يدْريك أَنَّهَا رقية؟ أصبْتُم، اقسموا واضربوا لي مَعكُمْ بِسَهْم ".
وَزَاد البُخَارِيّ فِي مَوضِع آخر فِي الحَدِيث: " فَضَحِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " ذكره بعد قَوْله: " اضربوا لي مَعكُمْ بِسَهْم "، رَوَاهُ عَن أبي النُّعْمَان، عَن أبي عوَانَة بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا فِي مَوضِع آخر: " إِن أَحَق مَا أَخَذْتُم عَلَيْهِ أجرا لكتاب الله " وَقد تقدم فِي كتاب الْإِجَارَة.
وروى التِّرْمِذِيّ: هَذَا الحَدِيث عَن هناد، عَن أبي مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن جَعْفَر بن إِيَاس، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد وَقَالَ: " فَقَرَأت الْحَمد عَلَيْهِ سبع مَرَّات ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد النُّفَيْلِي، ثَنَا مُحَمَّد بن سَلمَة، عَن

(3/50)


مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: " بَيْنَمَا أَنا أَسِير مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين الْجحْفَة والأبواء، إِذْ غشيتنا ريح وظلمة شَدِيدَة، فَجعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَعَوَّذ ب " قل أعوذ بِرَبّ الفلق " و " أعوذ بِرَبّ النَّاس " وَيَقُول: يَا عقبَة، تعوذ بهما، فَمَا تعود متعوذ بمثلهما. قَالَ: وسمعته يؤمنا بهما فِي الصَّلَاة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هِشَام بن [يُونُس] الْكُوفِي، ثَنَا الْقَاسِم بن مَالك، عَن الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَعَوَّذ من الجان وَعين الْإِنْسَان، حَتَّى نزلت المعوذتان فَلَمَّا نزلت أَخذ بهما وَترك مَا سواهُمَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.

بَاب مَا جَاءَ فِي الرقى والتعوذ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
مُسلم: حَدثنَا ابْن أبي عمر الْمَكِّيّ، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي، عَن يزِيد بن عبد الله - هُوَ ابْن أُسَامَة بن الْهَاد - عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهَا قَالَت: " كَانَ إِذا اشْتَكَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رقاه جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - قَالَ: بِسم الله يبريك، وَمن كل دَاء يشفيك، من شَرّ حَاسِد إِذا حسد، وَمن شَرّ كل ذِي عين ".
مُسلم: حَدثنَا بشر بن هِلَال الصَّواف، ثَنَا عبد الْوَارِث، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد: " أَن جِبْرِيل أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا

(3/51)


مُحَمَّد اشتكيت؟ قَالَ: نعم. قَالَ: بِسم الله أرقيك، من كل شَيْء يُؤْذِيك، وَمن شَرّ كل نفس، أَو عين حَاسِد الله يشفيك، بِسم الله أرقيك ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي الضُّحَى، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا اشْتَكَى منا إِنْسَان مَسحه بِيَمِينِهِ، ثمَّ قَالَ: أذهب الْبَأْس رب النَّاس، واشف أَنْت الشافي لَا شِفَاء إِلَّا شفاؤك، شِفَاء لَا يُغَادر سقماً. فَلَمَّا مرض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَثقل أخذت بِيَدِهِ لأصنع بِهِ نَحْو مَا كَانَ يصنع، فَانْتزع يَده من يَدي وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لي، واجعلني مَعَ الرفيق الْأَعْلَى. قَالَت: فَذَهَبت أنظر فَإِذا هُوَ قد قضى ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب - وَاللَّفْظ لأبي كريب - قَالَا: ثَنَا ابْن نمير، حَدثنَا هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يرقي بِهَذِهِ الرّقية: أذهب الْبَأْس رب النَّاس، بِيَدِك الشِّفَاء، لَا كاشف لَهُ إِلَّا أَنْت ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا اشْتَكَى يقْرَأ على نَفسه بالمعوذات وينفث، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعه كنت أَقرَأ عَلَيْهِ وأمسح عَنهُ بِيَدِهِ رَجَاء بركتها ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب وَابْن أبي عمر -

(3/52)


وَاللَّفْظ لِابْنِ أبي عمر - قَالُوا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عبد ربه بن سعيد، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا اشْتَكَى الْإِنْسَان الشَّيْء مِنْهُ أَو كَانَت بِهِ قرحَة أَو جرح - قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بإصبعه هَكَذَا - وَوضع سُفْيَان سبابته بِالْأَرْضِ ثمَّ رَفعهَا -: بِسم الله تربة أَرْضنَا بريقة بَعْضنَا يشفى بِهِ سقيمنا بِإِذن رَبنَا ". قَالَ ابْن أبي شيبَة: " يشفى "، وَقَالَ زُهَيْر: " يشفى سقيمنا ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر وحرملة بن يحيى قَالَا: أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي نَافِع بن جُبَير بن مطعم، عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ الثَّقَفِيّ: " أَنه اشْتَكَى إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وجعاً يجده فِي جسده مُنْذُ أسلم، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ضع يدك على الَّذِي تألم من جسدك وَقل: بِسم الله ثَلَاثًا، وَقل سبع مَرَّات: أعوذ بِاللَّه وَقدرته من شَرّ مَا أجد وأحاذر ".
لِلتِّرْمِذِي: فِي لفظ هَذَا الحَدِيث: " امسحك بيمينك ".
وروى التِّرْمِذِيّ أَيْضا قَالَ: ثَنَا عبد الْوَارِث بن عبد الصَّمد، حَدثنِي أبي، ثَنَا مُحَمَّد بن سَالم، ثَنَا ثَابت الْبنانِيّ قَالَ: قَالَ لي: " يَا مُحَمَّد، إِذا اشتكيت فضع يدك حَيْثُ تَشْتَكِي وَقل: بِسم الله، أعوذ بعزة الله وَقدرته من شَرّ مَا أجد من وجعي هَذَا. ثمَّ ارْفَعْ يدك، ثمَّ أعد ذَلِك وترا؛ فَإِن أنس بن مَالك حَدثنِي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حدث بذلك ".
وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.

(3/53)


وروى أَيْضا قَالَ: ثَنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا عبد الرَّزَّاق ويعلى، عَن سُفْيَان، عَن مَنْصُور، عَن الْمنْهَال بن عَمْرو، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعوذ الْحسن وَالْحُسَيْن يَقُول: أُعِيذكُمَا بِكَلِمَات الله التَّامَّة من كل شَيْطَان وَهَامة. وَيَقُول: هَكَذَا كَانَ إِبْرَاهِيم يعوذ إِسْحَاق وَإِسْمَاعِيل - عَلَيْهِم السَّلَام ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.

بَاب مَا جَاءَ فِي الرقى وَفضل من لم يسترق
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن ابْن أبي خزامة، عَن أَبِيه قَالَ: " سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت رقى نسترقيها، ودواء نتداوى بِهِ، وتقاة نتقيها، هَل يرد من قدر الله شَيْئا؟ قَالَ: هِيَ من قدر الله ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
مُسلم: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور، ثَنَا هشيم، أَنا حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: " كنت عِنْد سعيد بن جُبَير فَقَالَ: أَيّكُم رأى الْكَوْكَب الَّذِي انقض البارحة؟ قلت: أَنا. ثمَّ قلت: أما إِنِّي لم أكن فِي صَلَاة، وَلَكِنِّي لدغت. قَالَ: فَمَاذَا صنعت؟ قلت: استرقيت. قَالَ: فَمَا حملك على ذَلِك؟ قلت: حَدِيث حدّثنَاهُ الشّعبِيّ. فَقَالَ: وَمَا حَدثكُمْ الشّعبِيّ؟ قلت: حَدثنَا عَن بُرَيْدَة بن حصيب الْأَسْلَمِيّ أَنه قَالَ: لَا رقية إِلَّا من عين أَو حمة. فَقَالَ: قد أحسن من انْتهى إِلَى مَا يسمع، وَلَكِن ثَنَا ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: عرضت عَليّ الْأُمَم فَرَأَيْت النَّبِي

(3/54)


وَمَعَهُ الرَّهْط، وَالنَّبِيّ وَمَعَهُ الرجل وَالرجلَانِ، وَالنَّبِيّ وَلَيْسَ مَعَه أحد، إِذْ رفع لي سَواد عَظِيم فَظَنَنْت أَنهم أمتِي فَقيل لي: هَذَا مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَومه، وَلَكِن انْظُر إِلَى الْأُفق، فَنَظَرت فَإِذا سَواد عَظِيم. [فَقيل لي: انْظُر إِلَى الْأُفق الآخر. فَإِذا سَواد عَظِيم] . فَقيل لي: هَذِه أمتك، وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ ألفا يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَلَا عَذَاب. ثمَّ نَهَضَ فَدخل منزله، فَخَاضَ النَّاس فِي أُولَئِكَ الَّذين يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَلَا عَذَاب؛ فَقَالَ بَعضهم: فلعلهم الَّذين صحبوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَقَالَ بَعضهم: فلعلهم الَّذين ولدُوا فِي الْإِسْلَام، فَلم بشركوا بِاللَّه. وَذكروا أَشْيَاء، فَخرج عَلَيْهِم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: مَا الَّذِي تخوضون فِيهِ؟ فأخبروه فَقَالَ: هم [الَّذين] لَا يرقون وَلَا يسْتَرقونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ. فَقَامَ عكاشة ابْن مُحصن فَقَالَ: ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. فَقَالَ: أَنْت مِنْهُم. ثمَّ قَامَ رجل آخر فَقَالَ: ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. فَقَالَ: سَبَقَك بهَا عكاشة ".

بَاب مَا ذكر من النشرة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا عقيل بن معقل قَالَ: سَمِعت وهب بن مُنَبّه، يحدث عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن النشرة فَقَالَ: هِيَ من عمل الشَّيْطَان ".
عقيل: هُوَ ابْن معقل بن مُنَبّه الْيَمَانِيّ، سمع عَمه وهب بن مُنَبّه، قَالَ يحيى ابْن معِين: عقيل بن معقل ثِقَة.
الْبَزَّار: حَدثنَا الْحسن بن أَحْمد بن أبي شُعَيْب الْحَرَّانِي، ثَنَا مِسْكين بن

(3/55)


بكير، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي رَجَاء، عَن الْحسن " عَن أنس - وَسُئِلَ عَن النشرة - فَقَالَ: ذكر لي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: هِيَ من عمل الشَّيْطَان ".
أَبُو رَجَاء اسْمه مُحَمَّد بن يُوسُف، روى عَنهُ شُعْبَة وَيزِيد بن زُرَيْع وَغَيرهمَا.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ: سَمِعت ابْن عُيَيْنَة يَقُول: أول من حَدثنَا بِهِ ابْن جريج يَقُول: حَدثنِي آل عُرْوَة، عَن عُرْوَة، فَسَأَلت هشاماً عَنهُ، فحدثنا عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سحر حَتَّى كَانَ يرى كَأَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاء وَلَا يأتيهن - قَالَ سُفْيَان: وَهَذَا أَشد مَا يكون من السحر إِذا كَانَ كَذَا - فَقَالَ: يَا عَائِشَة، أعلمت أَن الله قد أفتاني فِيمَا استفتيته فِيهِ؟ أَتَانِي رجلَانِ فَقعدَ أَحدهمَا عِنْد رَأْسِي، وَالْآخر عِنْد رجْلي، فَقَالَ الَّذِي عِنْد رَأْسِي للْآخر: مَا بَال الرجل؟ قَالَ: مطبوب. قَالَ: فَمن طبه؟ قَالَ: لبيد بن الأعصم - رجل من بني زُرَيْق حَلِيف ليهود وَكَانَ منافقاً - قَالَ: وفيم؟ قَالَ: فِي مشط و (مشاقة) قَالَ: وَأَيْنَ؟ قَالَ: فِي جف طلعة ذكر تَحت رعوفة فِي بِئْر ذروان. [قَالَت] : فَأتى الْبِئْر حَتَّى استخرجه فَقَالَ: هَذِه الْبِئْر الَّتِي أريتها وَكَأن ماءها نقاعة الْحِنَّاء، وَكَأن نخلها رُءُوس الشَّيَاطِين. قَالَ: فاستخرج. قَالَت: فَقلت: أَفلا أَي تنشرت. فَقَالَ: أما الله فقد شفاني فأكره أَن أثير على أحد من النَّاس شرا ".

بَاب فِي السحر
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا ابْن نمير، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " سحر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَهُودِيّ من بني رُزَيْق، يُقَال لَهُ: لبيد بن الأعصم، قَالَت: حَتَّى كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخيل إِلَيْهِ أَنه يفعل الشَّيْء وَمَا يَفْعَله، حَتَّى إِذا كَانَ ذَات يَوْم أَو ذَات لَيْلَة دَعَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ دَعَا، ثمَّ دَعَا، ثمَّ قَالَ: يَا عَائِشَة،

(3/56)


أشعرت أَن الله - تبَارك وَتَعَالَى - أفتاني فِيمَا استفتيته؟ جَاءَنِي رجلَانِ فَقعدَ أَحدهمَا عِنْد رَأْسِي، وَالْآخر عِنْد رجْلي، فَقَالَ الَّذِي عِنْد رَأْسِي للَّذي عِنْد رجْلي - أَو الَّذِي عِنْد رجْلي للَّذي عِنْد رَأْسِي -: مَا وجع الرجل؟ قَالَ: مطبوب. قَالَ: من طبه؟ قَالَ: لبيد بن الأعصم. قَالَ: فِي أَي شَيْء؟ قَالَ: فِي ومشط مشاطة، (وجف) طلعة ذكر. قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْر ذِي أروان. قَالَت: فَأَتَاهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أنَاس من أَصْحَابه، ثمَّ قَالَ: وَالله يَا عَائِشَة لكأن ماءها نقاعة الْحِنَّاء، ولكأن نخلها رُءُوس الشَّيَاطِين. قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول الله، أَفلا أحرقته؟ قَالَ: لَا؛ أما أَنا فقد عافاني الله - عز وَجل - وكرهت أَن أثير على النَّاس شرا. فَأمرت بهَا فدفنت ".

بَاب مَا جَاءَ فِي إِيرَاد الممرض على المصح
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم وَحسن الْحلْوانِي وَعبد بن حميد، قَالَ عبد: حَدثنِي، وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا يَعْقُوب - يعنون: ابْن إِبْرَاهِيم بن سعد - حَدثنِي أبي، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي [أَبُو] سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يحدث أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا عدوى. وَيحدث مَعَ ذَلِك: لَا يُورد الممرض على المصح ".
مُسلم: وحَدثني أَبُو الطَّاهِر وحرملة بن يحيى - وتقاربا فِي اللَّفْظ - قَالَا: ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَن أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن (بن) عَوْف حَدثهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يُورد ممرض على مصح " قَالَ

(3/57)


أَبُو سَلمَة: كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يحدثهما كلتيهما عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ صمت أَبُو هُرَيْرَة بعد ذَلِك عَن قَوْله: " لَا عدوى " وَأقَام على أَن " لَا يُورد ممرض على مصح " قَالَ: فَقَالَ الْحَارِث بن أبي ذُبَاب - وَهُوَ ابْن عَم أبي هُرَيْرَة -: قد كنت أسمعك يَا أَبَا هُرَيْرَة، تحدثنا مَعَ هَذَا الحَدِيث حَدِيثا آخر قد سكت عَنهُ، كنت تَقول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا عدوى " فَأبى أَبُو هُرَيْرَة أَن يعرف ذَلِك، وَقَالَ: " لَا يُورد ممرض على مصح "، فماراه الْحَارِث فِي ذَلِك حَتَّى غضب أَبُو هُرَيْرَة، فرطن بالحبشية فَقَالَ لِلْحَارِثِ: أتدرى مَاذَا قلت؟ قَالَ: لَا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: إِنِّي قلت: أَبيت. قَالَ أَبُو سَلمَة: ولعمري، لقد كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يحدثنا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا عدوى " فَلَا أَدْرِي أنسى أَبُو هُرَيْرَة أم نسخ أحد الْقَوْلَيْنِ الآخر ".

بَاب لَا عدوى
مُسلم: حَدثنَا أَبُو الطَّاهِر وحرملة بن يحيى - وَاللَّفْظ لأبي الطَّاهِر - قَالَا: أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، قَالَ ابْن شهَاب: فَحَدثني أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا عدوى، وَلَا صفر، وَلَا هَامة. فَقَالَ أَعْرَابِي: يَا رَسُول الله، فَمَا بَال الْإِبِل تكون فِي الرمل، كَأَنَّهَا الظباء، فَيَجِيء الْبَعِير الأجرب فَيدْخل فِيهَا فيجربها كلهَا؟ قَالَ: فَمن أعدى [الأول] ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا روح بن عبَادَة، ثَنَا ابْن جريج، أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا عدوى، وَلَا صفر، وَلَا غول ".

(3/58)


مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر، قَالُوا: ثَنَا إِسْمَاعِيل - يعنون: ابْن جَعْفَر - عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا عدوى، وَلَا هَامة، وَلَا نوء، وَلَا صفر ".
وروى التِّرْمِذِيّ: ثَنَا أَحْمد بن سعيد الْأَشْقَر وَإِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب قَالَا: ثَنَا يُونُس بن مُحَمَّد، ثَنَا الْمفضل بن فضَالة، عَن حبيب بن الشَّهِيد، عَن مُحَمَّد ابْن الْمُنْكَدر، عَن جَابر بن عبد الله: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخذ بيد مجذوم، فَأدْخلهُ مَعَه فِي الْقَصعَة فَقَالَ: كل بِسم الله، ثِقَة بِاللَّه، وتوكلاً على الله ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب، لَا نعرفة إِلَّا من حَدِيث يُونُس بن مُحَمَّد بن الْمفضل بن فضَالة، والمفضل هَذَا شيخ بَصرِي، والمفضل بن فضَالة شيخ آخر (مصري) أوثق من هَذَا وَأشهر، وروى شُعْبَة هَذَا الحَدِيث، عَن حبيب بن الشَّهِيد، عَن ابْن بُرَيْدَة " أَن ابْن عمر: أَخذ بيد مجذوم ... " وَحَدِيث شُعْبَة أثبت عِنْدِي وَأَصَح ".
وروى أَبُو بكر الْبَزَّار قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مِسْكين، ثَنَا يحيى بن حسان، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن حسن، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أتقوا النّظر إِلَى المجاذيم كَمَا تَتَّقُون الْأسد ".
وَلم يُتَابع مُحَمَّد بن عبد الله على هَذَا الحَدِيث، وَقد رَوَاهُ غَيره مَوْقُوفا على ابْن عَبَّاس.

(3/59)


بَاب مَا جَاءَ فِي الإعداء
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة والمسعودي، عَن عَلْقَمَة بن مرْثَد الْحَضْرَمِيّ، عَن أبي الرّبيع، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَربع من أَمر الْجَاهِلِيَّة لن يدعهن النَّاس: الطعْن فِي الأحساب، والنياحة على الْمَيِّت، والأنواء، والإعداء، جرب بعير، فأجرب مائَة، فَمن أجرب الْبَعِير الأول؟ ! ".

بَاب من استوخم أَرضًا فَخرج مِنْهَا
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الْأَعْلَى بن حَمَّاد، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا سعيد، عَن قَتَادَة، أَن أنس بن مَالك حَدثهمْ " أَن نَاسا - أَو رجَالًا - من عكل وعرينة قدمُوا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَتَكَلَّمُوا بِالْإِسْلَامِ وَقَالُوا: يَا نَبِي الله، إِنَّا كُنَّا أهل ضرع، وَلم نَكُنْ أهل ريف. واستوخموا الْمَدِينَة، فَأمر لَهُم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بذود وراع، وَأمرهمْ أَن يخرجُوا فِيهِ، فيشربوا من أَلْبَانهَا وَأَبْوَالهَا. فَانْطَلقُوا حَتَّى كَانُوا نَاحيَة الْحرَّة كفرُوا بعد إسْلَامهمْ، وَقتلُوا راعي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَاسْتَاقُوا الذود، فَبلغ النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام - فَبعث الطّلب فِي آثَارهم، فَأمر بهم، فسمروا أَعينهم، وَقَطعُوا أَيْديهم، وَتركُوا فِي نَاحيَة الْحرَّة حَتَّى مَاتُوا على حَالهم ".
تمّ كتاب الطِّبّ والرقى والإعداء، وَالْحَمْد لله.
يتلوه كتاب الْأَدَب وَالْبر، إِن شَاءَ الله.

(3/60)