الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

الفَصْلُ الثَّامن: أصحاب الفروض: فيه مبحثان: الأول ـ في بيان أصحاب الفرض، والثاني ـ في أحوال أصحاب الفروض.
المبحث الأول ـ بيان أصحاب الفروض:
الإرث نوعان: فرض وتعصيب.
_________
(1) صححه الحاكم وابن حبان، ورواه أحمد وابن ماجه والترمذي والنسائي عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أرحم أمتي بأمتي: أبو بكر، وأشدها في دين الله: عمر، وأصدقها حياء: عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام: معاذ بن جبل، وأقرؤها لكتاب الله عز وجل: أُبيّ، وأعلمها بالفرائض: زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة: أبو عبيدة بن الجراح» وهو حديث معلول (نيل الأوطار: 54/ 6، نصب الراية: 427/ 4).

(10/7747)


وأصحاب الفرض: هم الورثة الذين قدرت لهم شرعاً أنصباء معينة في التركة. والوارثون ذوو الفروض اثنا عشر: أربعة من الرجال: وهم الزوج والأب والجد والأخ لأم، وثمانية من النساء: وهن الزوجة، والأم، والجدة، والبنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم.
وأنصباؤهم المقدر ة في كتاب الله تعالى ستة: هي النصف والربع والثمن، والثلثان والثلث والسدس. وأصحاب كل نصيب ما يأتي (1):

أولاً ـ أصحاب النصف: أصحاب النصف خمسة بالإجماع وهم:
1 - الزوج: عند عدم الفرع الوارث، أي عند عدم الابن والبنت، وابن الابن وبنت الابن.
2 - البنت: إذا انفردت عمن يساويها وخلَت عن معصب كالابن.
3 - بنت الابن: إذا انفردت وخلَت عن معصب، ولم يكن هناك بنت ولا ابن؛ لأنه يحجبها عن النصف.
4 - الأخت الشقيقة: إذا انفردت وخلت عن معصب وحاجب، ولم يكن هناك بنت ولا بنت ابن.
5 - الأخت لأب: إذا انفردت وخلت عن معصب وحاجب، ولم يكن هناك بنت ولا بنت ابن، ولا أخت شقيقة.
_________
(1) السراجية: ص 26 - 51، تبيين الحقائق: 243/ 6، اللباب: 187/ 4 - 192، الشرح الصغير: 619/ 4 - 625، القوانين الفقهية: ص 384، الرحبية: ص 21 - 31، كشاف القناع: 449/ 4، المغني: 183/ 6، 213، مغني المحتاج: 9/ 3.

(10/7748)


ودليل فرض النصف في ثلاثة مواضع من القرآن، فقال تعالى في البنت: {وإن كانت واحدة، فلها النصف} ـأيالبنتـ[النساء:11/ 4] وقال سبحانه في الزوج: {ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد} [النساء:12/ 4].
وقال تعالى في الأخت: {يستفتونك، قل: الله يفتيكم في الكلالة، إن امرؤ هلك، ليس له ولد، وله أخت فلها نصف ما ترك} [النساء:176/ 4].
أما بنت الابن فدليلها الإجماع.

ثانياً ـ أصحاب الربع: الربع فرض اثنين وهما:
1 - الزوج: مع الفرع الوارث.
2 - الزوجة فأكثر: مع عدم الفرع الوارث.
ودليل الربع فيهما قوله تعالى: {فإن كان لهن ولد، فلكم الربع مما تركن} [النساء:12/ 4] {ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد} [النساء:12/ 4].

ثالثاً ـ صاحب الثمن: الثمن: فرض واحد وهو الزوجة فأكثر عند وجود الفرع الوارث، لقوله تعالى: {فإن كان لكم ولد، فلهن الثمن مما تركتم} [النساء:12/ 4].
رابعاً ـ أصحاب الثلثين: الثلثان فرض أربعة وهم:
1 - البنتان فأكثر عند عدم المعصب لهن، لقوله تعالى: {فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك} [النساء:11/ 4].

(10/7749)


2 - بنتا الابن فأكثر عند عدم الولد للمتوفى وعدم المعصب لهن وعدم البنتين للإجماع.
3 - الأختان الشقيقتان فأكثر عند عدم البنتين وبنتي الابن وعدم المعصب لهن وعدم الحاجب
4 - الأختان لأب فأكثر عند عدم البنتين وبنتي الابن والأختين الشقيقتين وعدم المعصب لهن وعدم الحاجب. ودليل إرث الأخوات مطلقاً قوله تعالى: {فإن كانتا اثنتين، فلهما الثلثان مما ترك} [النساء:176/ 4].

خامساً - أصحاب الثلث وثلث الباقي: الثلث فرض اثنين:
1 - الأم عند عدم الفرع الوارث (الولد) والعدد من الإخوة.
2 - العدد من الإخوة والأخوات لأم عند عدم الفرع الوارث والأصل الذكر.
ودليل الثلث قوله تعالى: {فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه، فلأمه الثلث} [النساء:11/ 4]، {فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث} [النساء:21/ 4].
وثلث الباقي للأم مع الأب وأحد الزوجين، وهي مسألة الغرَّاوين الآتية (1).

سادساً - أصحاب السدس: السدس فرض سبعة وهم:
_________
(1) وتسمى المسألة الغراء أي البيضاء لبروزها وشهرتها والعمرية لقضاء عمر رضي الله عنه بها.

(10/7750)


1 - الأب مع وجود الفرع الوارث (الولد) لقوله تعالى: {ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد} [النساء:11/ 4].
2 - الجد مع الولد وعدم الأب، للإجماع.
3 - الأم مع وجود الفرع الوارث أو العدد من الإخوة والأخوات، لقوله تعالى: {ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك، إن كان له ولد} [النساء:11/ 4] وقوله سبحانه: {فإن كان له إخوة، فلأمه السدس} [النساء:11/ 4].
4 - الجدة الصحيحة، أي لأم أو لأب فأكثر عند عدم الأم. وتشترك الجدات في السدس إذا اجتمعن، والقُرْبى تحجب البُعْدى.
والدليل: مارواه أبو سعيد الخدري والمغيرة بن شعبة وقبيصة بن ذؤيب رضي الله تعالى عنهم من أنه عليه الصلاة والسلام «أعطاها السدس». وأما التشريك بين الجدات، فلما روي أن أم الأم جاءت إلى الصدِّيق رضي الله عنه وقالت: «أعطني ميراث ولد ابنتي» فقال: «اصبري حتى أشاور أصحابي، فإني لم أجد لك في كتاب الله تعالى نصيباً، ولم أسمع فيك من رسول الله صلّى الله عليه وسلم شيئاً» ثم سألهم، فشهد المغيرة بإعطاء السدس، فقال للمغيرة: هل معك أحد؟ فشهد به أيضاً محمد بن مَسْلَمة الأنصاري، فأعطاها ذلك.
ثم جاءت أم الأب إليه، وطلبت الميراث، فقال: أرى أن ذلك السدس بينكما، وهو لمن انفردت منكما، فشرَّكهما فيه (1).
5 - بنت الابن فأكثر مع البنت الواحدة وعدم المعصب، تكملة للثلثين لما
_________
(1) رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي عن قبيصة بن ذؤيب (نيل الأوطار: 59/ 6، شرح السراجية: ص49، الرحبية: ص33)، والخمسة: أحمد وأصحاب السنن الأربعة.

(10/7751)


رواه الجماعة إلا مسلماً والنسائي عن هُزَيل بن شَرَحبيل، قال: سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت، فقال: للابنة النصف، وللأخت النصف، وأتت ابنَ مسعود، فسئل ابن مسعود، وأخبر بقول أبي موسى الأشعري فقال: لقد ضللت إذن، وما أنا من المهتدين، أقضي فيها بما قضى النبي صلّى الله عليه وسلم: للبنت النصف، ولابنة الابن السدس، تكملة للثلثين، ومابقي فللأخت.
وزاد أحمد والبخاري: فأتينا أبا موسى، فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال: «لاتسألوني مادام هذا الحَبْر - العالم العلامة - فيكم» (1).
6 - الأخت لأب فأكثر مع الأخت الشقيقة وعدم المعصب وعدم الأصل الذكر والفرع، للإجماع على أنه لها تكملة للثلثين - نصيب الأختين.
7 - الأخت لأم أو الأخ لأم عند عدم الفرع الوارث والأصل الذكر، لقوله تعالى: {وإن كان رجل يورث كلالةً أو امرأة، وله أخ أو أخت، فلكل واحد منهما السدس} [النساء:12/ 4].

المبحث الثاني - أحوال أصحاب الفروض:
عرف أن مجموع الوارثين اثنا عشر:
أربعة من الرجال: وهم الأب، والجد أبو الأب، والأخ لأم، الزوج.
وثمانية من النساء: وهن الزوجة، والبنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم، والأم، والجدة أم الأم أو أم الأب (الجدة الصحيحة).
_________
(1) نيل الأوطار: 58/ 6.

(10/7752)


وعرف أيضاً أن الورثة أربعة أقسام:

1 - قسم يرث بالفرض فقط: وهم سبعة: الزوج، والزوجة، والأم، والجدة لأم، الجدة لأب، والأخ لأم، والأخت لأم. ويمكن اختصار القول فيهم فيقال: الأم وولداها، والجدتان، والزوجان.
2 - وقسم يرث بالتعصيب فقط: وهم اثنا عشر: العصبة بالنفس عدا الأب والجد، والمعتق، والمعتقة.
3 - وقسم يرث مرة بالفرض، ومرة بالتعصيب، وقد يجمع بينهما: وهو اثنان: الأب والجد أبو الأب (الجد الصحيح) فكل منهما يرث السدس بالفرض مع الابن أو ابن الابن، ويرث بالتعصيب إذا خلا عن الفرع الوارث، ويجمع بين الفرض والتعصيب إذا كان معه أنثى من الفروع، وفضل أكثر من السدس، فيأخذه تعصيباً.
4 - وقسم يرث مرة بالفرض، ومرة بالتعصيب ولا يجمع بينهما: وهم أربعة: البنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب. فإن انفردت كل واحدة عمن يعصبها ورثت بالفرض، وإن كان معها من يعصبها فترث بالتعصيب.
وهؤلاء الورثة: منهم من يرث بسبب القرابة النسبية، ويسمون أصحاب الفروض النسبية، وهم جميع الورثة عدا الزوجين.
ومنهم من يرث بسبب الزوجية، فيسمون بأصحاب الفروض السببية، وهما الزوجان.

وبناء عليه تعرف أحوال أصحاب الفروض تفصيلا ً:

(10/7753)


أولاً ـ أحوال الرجال: 1 ً - أحوال الأب: لا يحرم الأب من الميراث أصلاً، ويحجب غيره، ويختلف ميراثه بحسب نوع الفرع الوارث ذكراً أو أنثى، فيرث مرة بالفرض فقط، ومرة بالتعصيب فقط، وتارة بالفرض والتعصيب معاً، فله أحوال ثلاث (1):
الأولى ـ السدس فرضا ً، يأخذ الأب السدس بالفرض المطلق، عند وجود الفرع الوارث المذكر، وهو الابن وابن الابن مهما نزل.
الثانية - الكل أو الباقي تعصيباً فقط: يأخذ كل التركة أو ما تبقى منها بعد أصحاب الفرض، عند عدم الفرع الوارث مطلقاً ـ ذكراً أو أنثى، فمن ترك أباً فقط أخذ كل التركة ويكون الأب عصبة بنفسه، ومن ترك أباً وزوجة، فللزوجة الربع فرضاً والباقي للأب تعصيباً.
الثالثة ـ السدس فرضاً والباقي تعصيباً عند وجود الفرع الوارث المؤنث: وهو البنت وبنت الابن مهما نزل أبوها، كمن ترك أباً وبنتاً، فيأخذ الأب السدس فرضه، والبنت النصف، والباقي للأب أيضاً.
والدليل قوله تعالى: {ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد، فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث، فإن كان له إخوة فلأمه السدس} [النساء:11/ 4].
دلت الآية على أن نصيب الأب السدس فقط إذا كان للمتوفى ولد، ذكراً أو
_________
(1) شرح السراجية: ص 28، تبيين الحقائق: 230/ 6، القوانين الفقهية: ص 389، مغني المحتاج: 11/ 3، 14 - 15، المغني: 177/ 6.

(10/7754)


أنثى. إن كان الولد ذكراً، فهو عاصب بنفسه يستحق الباقي، ويقدم على الأب؛ لأن البنوة مقدمة على الأبوة. وإن كان الولد أنثى أخذ الأب السدس فرضاً، والباقي تعصيباً؛ لأنه أولى رجل ذكر، فيستحق الباقي للحديث المتقدم: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر».
أما إن لم يوجد ولد للمتوفى، فيأخذ الأب كل الباقي؛ لأن شطر الآية الثاني نص على فرض الثلث للأم، وسكت عن نصيب الأب، فدل النص على أن الأب يأخذ الباقي بعد أخذ الأم نصيبها؛ لأن الأصل أن المال الموزع بين اثنين، إذا بيِّن نصب أحدهما منه، كان الباقي للآخر.
ونص القانون المصري (م 9، 21) والسوري (م 266، 280) على أحوال ميراث الأب.

أمثلة:
1 - إذا مات رجل عن زوجة وأب وابن: فللزوجة ثمن التركة، لوجود الفرع الوارث (1) وهو الابن، وللأب سدس التركة فرضاً لا غير، وهي الحالة الأولى، والباقي للابن.
2 - وإذا مات عن زوجة وأب: فللزوجة الربع، لعدم وجود فرع وارث للمتوفى، والباقي كله تعصيباً، وهي الحالة الثانية.
3 - وإذا ماتت امرأة عن زوج وأب وبنت: فللزوج الربع لوجود البنت، وللبنت النصف، وللأب السدس فرضاً والباقي تعصيباً؛ لأنه أولى ـ أقرب ـ رجل ذكر.
_________
(1) الفرع الوارث كما أبنت: من يستحق شيئآً من التركة بطريق الفرض كالبنت، أو التعصيب كالابن.

(10/7755)


4 - وإذا مات رجل عن زوجة وأب وبنت: فللزوجة الثمن، لوجود الفرع الوارث وهو البنت، وللبنت النصف، وللأب السدس أولاً فرضاً، والباقي له ثانياً بطريق التعصيب، وهي الحالة الثالثة.

2ً - أحوال الجد: المراد به هنا الجد العصبي أو الأب، ويسمى الجد الصحيح أو الجد الثابت: وهو الذي لا تدخل في نسبته إلى الميت أنثى. ويقابله الجد الرحمي، ويسمى الجد الفاسد أو الجد غير الثابت كأبي الأم: وهو الذي يدلي إلى الميت بأنثى، فهو ليس صاحب فرض ولا عصبة، بل هو من ذوي الأرحام (انظر المادة 265 من القانون السوري).
والجد كالأب في الأحوال الثلاث المتقدمة (1)، ولكن لا يرث شيئاً مع وجود الأب، للقاعدة العامة: «من أدلى إلى الميت بواسطة لا يرث مع وجود تلك الواسطة» فيسقط الجد بالأب.

أـ يرث الجد بطريق الفرض وحده إذا كان المتوفى قد ترك ابناً أو ابن ابن فللجد السدس. فإذا مات رجل وترك زوجة وابناً وجداً، كان للزوجة الثمن فرضاَ لوجود الفرع الوارث، وللجد السدس فرضاَ، والباقي للابن تعصيباً.
وإن مات رجل وترك ابن ابن، وجداً، فللجد السدس فرضاً، والباقي لابن الابن بالتعصيب.

ب ـ ويرث بطريق التعصيب وحده إذا لم يكن للمتوفى فرع وارث: فيأخذ الجد كل المال أو الباقي منه بعد أصحاب الفروض.
_________
(1) شرح السراجية: ص 29، القوانين الفقهية: ص 390، مغني المحتاج: 15/ 3، المغني: 216/ 6.

(10/7756)


فإذا مات شخص عن زوجة وجد، كان للزوجة الربع، لعدم وجود الفرع الوارث، وللجد الباقي تعصيباً. وإذا لم يترك الميت سوى الجد فله جميع التركة.

جـ ـ ويرث بالفرض والتعصيب معا ً: إذا كان للمتوفى بنت أوبنت ابن، فيأخذ الجد السدس فرضاً، والباقي تعصيباً.
فلو مات شخص عن زوجة وبنت ابن وجد: فللزوجة الثمن لوجود الفرع الوارث، ولبنت الابن النصف، وللجد السدس فرضاً، والباقي تعصيباً.
ودليل ميراث الجد: قوله تعالى: {ولأبويه لكل واحد منهما السدس} [النساء:11/ 4] فإن الجد يسمى أباً مجازاً لغة وعرفاً عند عدم الأب.
ـ وما رواه عمران بن حصين: «أن رجلاً أتى النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: إن ابني مات، فما لي من ميراثه؟ قال: لك السدس» (1).
ـ وأجمع الصحابة على أن الجد يرث عند عدم وجود الأب.
ونص القانون المصري (م 9، 21) والسوري (م266، 280) على أحوال ميراث الجد كالأب.

ما يخالف فيه الجد الأب: الجد كالأب إلا في أربع مسائل هي:
1 - الجدة الصحيحة أو أم الأب تحجب بالأب، ولا تحجب بالجد، فلا ترث مع الأب، وترث مع الجد.
2 - مسألة الغرَّآوين: إذا ترك الميت أبويه وأحد الزوجين فللأم ثلث الباقي بعد نصيب أحد الزوجين. أما لو كان مكان الأب جد، فللأم عند الجمهور خلافاً
_________
(1) رواه أحمد وأبو داود.

(10/7757)


لأبي يوسف ثلث جميع التركة، فلا تكون غراوية مع الجد، ولها عند أبي يوسف ثلث الباقي بعد نصيب أحد الزوجين.
3 - يحجب الأب الإخوة والأخوات الأشقاء أو لأب (1) إجماعاً، ولا يحجبهم الجد عند الجمهور (الأئمة الثلاثة والصاحبين) وعند أبي حنيفة: يحجبهم.
4 - أب المعتق مع ابنه يأخذ سدس الولاء عند أبي يوسف، وليس للجد ذلك، بل الولاء كله للابن، ولا فرق بينهما عند سائر الأئمة، إذ لا يأخذان شيئاً من الولاء.

ميراث الجد مع الإخوة:
عرفت أحوال الجد إذا انفرد عن الإخوة، فإن اجتمع الجد مع الإخوة والأخوات الشقيقات أو لأب، فما الحكم؟ هل يرث الجد معهم أو يسقطهم؟ فيه خلاف. أما إن اجتمع الجد مع الإخوة والأخوات لأم، فلا خلاف في أنهم يسقطون بالجد العصبي، كما يسقطون بالأب، وعبارتهم: يسقط بنو الأخياف (أولاد الأم) بالجد بالإجماع.
هذا ولم يرد في الجد مع الإخوة شيء، من الأدلة النقلية في الكتاب والسنة، وإنما ثبت حكمهم باجتهاد الصحابة، وللصحابة رضي الله عنهم في هذه المسألة مذهبان (2):
_________
(1) يقال للإخوة الأشقاء والأخوات الشقيقات: بنو الأعيان؛ لأنهم أكمل أنواع الجنس، وللإخوة لأب والأخوات لأب: بنو العَلاَّت؛ لأنهم من نسوة علات أي ضرائر، ويقال لأولاد الأم: بنو الأخياف؛ لأنهم من أصول مختلفة.
(2) شرح السراجية: ص 142 - 154، اللباب: 199/ 4، القوانين الفقهية: ص 390، الشرح الصغير: 634/ 4 - 640، مغني المحتاج: 21/ 3، 23، المغني: 215/ 6 - 228.

(10/7758)


المذهب الأول ـ لأبي بكر الصديق، ومن تابعه من الصحابة كابن عباس وابن عمر وابن الزبير وأبي بن كعب وحذيفة بن اليمان وأبي سعيد الخدري ومعاذ ابن جبل وأبي موسى الأشعري وعائشة، ومن التابعين كالحسن وابن سيرين رضي الله عنهم أجمعين:
عدم توريث بني الأعيان وبني العَلاَّت (1) مع الجد، كما لا يرثون مع الأب، بل الجد يستقل بالمال كالأب، أي أن الجد في الميراث كالأب يحجب الإخوة مطلقاً (أشقاء أو لأب أو لأم).
وهو رأي أبي حنيفة، فلا مقاسمة بين الجد والإخوة والأخوات على رأيه.
ودليلهم: من القرآن والسنة.
أما من القرآن: فآيات كثيرة أطلق فيها على الجد لفظ الأب، مثل قوله تعالى: {واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحق ويعقوب} [يوسف:38/ 12] فيجب أن يأخذ الجد حكم الأب من حجْبه للإخوة مطلقاً. لذا قال عمر: كيف يكون ابني ولا أكون أباه؟! وقال ابن عباس: ألا يتقي الله زيد بن ثابت، يجعل ابن الابن ابناً، ولا يجعل أب الأب أباً.
وأما من السنة: فالحديث المتقدم: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر» والجد أولى من الإخوة. والقاعدة في العصبات تقديم جهة الأبوة على جهة الأخوة.

المذهب الثاني ـ مذهب علي وابن مسعود وزيد بن ثابت وفريق من الصحابة _________
(1) بنو الأعيان كما تقدم في الصفحة السابقة: الإخوة والأخوات الشقيقات. وبنو العَلاَّت: هم الإخوة والأخوات لأب. وبنو الأخياف: الإخوة والأخوات لأم.

(10/7759)


رضي الله عنهم: توريث الإخوة مع الجد، فلا يحجب الجد الإخوة الأشقاء أو لأب، بل يقاسمهم في الميراث، وهو مبدأ مقاسمة الجد.
وهو رأي الجمهور (المذاهب الثلاثة والصاحبين) وبه أخذ القانون في مصر وسورية.
ودليلهم ما يأتي:
أولاً ـ إن ميراث الإخوة (من بني الأعيان وبني العَلاَّت) ثبت بالقرآن، فلا يحجبون إلا بنص أو إجماع، وليس هناك واحد منهما.
ثانياً ـ إن الجد والإخوة متساوون في سبب الاستحقاق؛ إذ كل منهم يدلي إلى الميت بدرجة واحدة هي الأب.

طريق التوريث: اختلف القائلون بتوريث الجد مع الإخوة في طريقة التوريث على مذاهب ثلاثة:
المذهب الأول ـ لسيدنا علي رضي الله عنه:
للجد مع الإخوة ثلاث حالات:
1 - فرض السدس له: يقاسم الجد الإخوة ما لم ينتقص حقه من السدس، فإذا انتقص، يعطى السدس. فلو كان معه أخوان شقيقان أو ثلاثة، أو أربعة، فالمقاسمة خير له، فإذا كانوا خمسة فالمقاسمة والسدس سواء. وفي جد وأم وزوج وبنت وأخوين: للأم السدس، وللزوج الربع، وللبنت النصف، فيبقى أقل من السدس، فيفرض للجد السدس، وتعول المسألة إلى (13)، ولا شيء للأخوين.
2 - يرث بالتعصيب: فيأخذ الباقي بعد أصحاب الفروض. فلو كان معه

(10/7760)


إناث من الأخوات أو أخت واحدة، فللأخوات الثلثان في حالة التعدد، والنصف في حالة الانفراد، والباقي للجد تعصيباً. فإذا كان مع الجد أخت شقيقة وأخت لأب، فللأولى النصف، وللثانية السدس، وللجد الباقي.
3 - المقاسمة: يقاسم الجد الإخوة على أنه واحد منهم، وله ضعف الأنثى. فإذا كان مع الجد أخ شقيق وأخ لأب، كان المال نصفين بينه وبين الشقيق، والإخوة لأب أو الأخت لأب لايحسبون في القسمة مع الأشقاء. وفي جد وشقيقتين وأخ شقيق، يقاسمهم الجد، وتكون التركة بينهم أثلاثاً.
4 - لا يعصب الجد الأخوات، فتكون الأخت صاحبة فرض، فلو كان مع الجد أخت شقيقة وأخت لأب، فللأولى النصف وللثانية السدس، وللجد الباقي.

والمذهب الثاني ـ لابن مسعود رضي الله عنه:
1 ً - إن الجد يقاسم الإخوة، ما لم ينتقص حقه من الثلث، وفاقاً لمذهب زيد.
2ً - لا يعتبر بنو العَلاَّت (الإخوة لأب) في مقاسمة الجد، مع بني الأعيان (الإخوة الأشقاء) كما قال علي رضي الله عنه في البند الثالث السابق، فلا تحسب الأخت لأب مع الأخت الشقيقة على الجد، وعبارة الفقهاء: إن بني العلات لا يعدون عليه في القسمة مع بني الأعيان، بخلاف طريقة زيد الآتية: يعد بنو العلات على الجد مع بني الأعيان.
3ً - إن الأخوات المنفردات صاحبات فروض مع جد، وافق به علياً، في البند الثاني. ويلاحظ أن هذه الطريقة جمع بين طريقتي علي وزيد رضي الله عنهم.

(10/7761)


والمذهب الثالث ـ لزيد بن ثابت رضي الله عنه:
1 ً - إن للجد مع الإخوة أفضل الأمرين من المقاسمة ومن ثلث جميع المال، إذا لم يكن معهم صاحب فرض. فيجعل الجد في القسمة كأحد الإخوة، ويقسم المال بينهم وبين الأخوات، للذكر مثل حظ الأنثيين، ويجعل نصيبه مع الإخوة كواحد منهم ما دامت المقاسمة خيراً له، فإن نقصت عن ثلث المال، أعطيناه الثلث. وإذا كان معه أخ واحد، أخذ نصف المال. والحاصل: إذا لم يكن معهم ذو فرض فللجد الأحظ من المقاسمة أو ثلث جميع المال.
2ً - إن بني العَلاَّت (الإخوة والأخوات لأب) يشتركون في القسمة مع بني الأعيان (الأشقاء)، إضراراً للجد، أي يعدون عليه مع الأشقاء، فإذا أخذ الجد نصيبه، فبنو العَلاَّت لا شيء لهم، والباقي بعد نصيب الجد لبني الأعيان، يتقاسمونه بينهم، للذكر مثل حظ الأنثيين. وهذه هي المعادَّة؛ لأنه عَادَّ الجد بالأخ لأب، ثم أخذ منه ما حصل له. ففي جد وأخ شقيق وأخ لأب، يحسب الأخ لأب في العدّ على الجد، لينتقص الجد عن المقاسمة إلى ثلث المال، وبعد أن يأخذ الجد الثلث، يعود الشقيق على الأخ لأب، فيأخذ ما بيده، لحجبه إياه.
3ً - إذا وجدت أخت شقيقة واحدة فتأخذ فرضها، ويأخذ الجد نصيبه، فإن بقي شيء فلبني العلات (الأخوات لأب) وإلا فلا شيء لهم. كجد وأخت شقيقة وأختين لأب، تكون المقاسمة خيراً للجد، فتجعل المسألة من عدد رؤوسهم أي من خمسة: للجد منها سهمان، وللشقيقة نصف الكل سهمان، والسهم الباقي هو للأختين لأب، وتصح المسألة من عشرين.
ولو كان في المثال المذكور بدل الأختين لأب أخت واحدة، لم يبق لها شيء؛ لأن الجد يأخذ بالمقاسمة نصف المال، وهو خير له من الثلث، فبقي النصف الآخر للشقيقة، ولا يبقى للأخت لأب شيء.

(10/7762)


4ً - إذا وجد معهم ذو فرض: فإما أن يكون للجد السدس فرضاً، وإما أن يكون له الأحظ من أمور ثلاثة: هي المقاسمة، أو ثلث الباقي، أو سدس جميع المال، وذلك إن بقي بعد الفروض أكثر من السدس.
فإن بقي قدر السدس: كبنتين، وأم، وجد، وإخوة، أو دون السدس كزوج وبنتين وجد وإخوة، أو لم يبق شيء كبنتين وزوج وأم وجد وإخوة، فللجد السدس، وتعول المسألة إن احتيج إلى ذلك.

وتسقط الإخوة إلا الأخت الأكدرية؛ لأنها كدرت مذهب زيد (1). أما وجوب السدس للجد: فلأن الأولاد لا ينقصون الجد عن السدس إذا كانوا معه، فأولى ألا ينقصه إخوة عنه.
وأما المقاسمة: فلأنها الأصل في جعل الإخوة في درجة الجد.
وأما ثلث الباقي: فلأن صاحب الفرض استحق فرضه، فيصبح الباقي كأنه جميع المال. والمبدأ لا ينقص حظ الجد عن الثلث، فلا ينقص عن ثلث الباقي هنا، قياساً على الأم في مسألة الغراوين.

الأكدرية: أن تتوفى امرأة عن زوج، وأم، وجد، وأخت شقيقة أو لأب. فبناء على مذهب زيد: وهو أن الجد يعصب الإناث من الأخوات، فلا يعتبرن من ذوات الفرض عنده خلافاً لمذهبي علي وابن مسعود، لا يكون للأخت شيء بمقتضى كونها عصبة، والعاصب لا شيء له إذا استغرقت الفروض التركة.
ولكن لما لم يكن هناك مسوغ لسقوط الأخت إذ لا حاجب يحجبها، ولم يمكن تعصيبها بالجد هنا؛ لأنه أصبح ذا فرض، فلو عصبها لنقص عن السدس،
_________
(1) أو لأنها واقعة امرأة من بني أكدر، وتسمى بالغراء عند أهل العراق لشهرتها فيما بينهم.

(10/7763)


فاستثنى زيد هذه المسألة من أصله في ميراث الجد مع الإخوة، فورّث الأخت مع الجد بالفرض، ففرض لها النصف، والمسألة من ستة.
فيكون للزوج النصف وهو (3)، وللأم الثلث وهو (2)، وللجد السدس وهو (1)، وللأخت النصف وهو (3)، وتعول إلى (9).
ولكن يؤدي التقسيم إلى زيادة حصة الأخت على الجد، ولما كان للجد ضعف الأخت إذا اجتمعا، فيجب أن يجمع نصيب الأخت ونصيب الجد، ثم يقتسماه، للذكر ضعف الأنثى، فتصبح المسألة من (27)، للزوج منها (9)،وللأم منها (6)، وللجد (8) وللأخت (4).
ويتم ذلك بضرب عدد رؤوس الجد مع الأخت وهو (3) في أصل المسألة وهو (9)، فتصبح من (27)، للزوج (3×3=9) ثلث المال، وللأم (2×3=6) هي ثلث الباقي، وللجد والأخت: (4×3=12)، للأخت (4) ثلث باقي الباقي، وللجد (8) هي الباقي.
والخلاصة: مذهب زيد لا يجعل الأخت الشقيقة أو لأب صاحبة فرض مع الجد، بل يجعلها معه عصبة، إلا في هذه المسألة، فإنه يجعلها معه صاحبة فرض، ويقتسمان مجموع النصيبين للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولو كانَ مكان الأخت: أخ أو أختان، فلا عول، ولا أكدرية؛ لأن سدس جميع المال خير للجد، فيكون السدس الثاني له، ولا شيء للأخ، ولا أكدرية؛ لأن الأخ عصبة. وأما إن كان بدلَ الأخت أختان، فيختلف نصيب الأم، فتأخذ السدس، ويبقى بعد نصيب الزوج سهمان، أي الثلث، فالمقاسمة والسدس سواء، فلا عول ولا أكدرية.

(10/7764)


تقسيم على مذهب زيد:
هذا التقسيم يبين أحوال الجد مع الإخوة باعتبار أهل الفرض معهم وجوداً وعدماً:

أولاً ـ إما ألا يكون معهم صاحب فرض:
فللجد خير الأمرين: من ثلث جميع المال، كجد وأخوين وأخت، أو المقاسمة، وتكون خيراً له إذا كان عدد الإخوة والأخوات أقل من مثليه وهي محصورة في خمس مسائل.
كجد وأخ، وجد وأخت، وجد وأختين، وجد وثلاث أخوات، وجد وأخ وأخت.

ثانياً ـ وإما أن يكون معهم صاحب فرض: من الزوجين والأم والجدتين والبنت وبنت الابن، أي ما عدا الأخوات.
1ً - فإما أن يفضل عن الفرض أكثر من السدس، فللجد أفضل أمور ثلاثة: وهي المقاسمة، وثلث الباقي، وسدس جميع المال.
وتكون المقاسمة خيراً له في جد وجدة وأخ، المسألة من (12)، لكل من الجد والأخ خمسة وللجدة اثنان. وكزوج وجد وأخ، المسألة من (4).
وثلث الباقي يكون خيراً له في مثل: أم وجد وعشرة إخوة، المسألة من (6) وتصح من (18)، للأ م (3)، وللجدة (5)، والباقي للإخوة.
وكجد وجدة وأخوين وأخت، المسألة من (6)، وتصح من (18)، ويتم

(10/7765)


التقسيم إذا لم يكن للباقي ثلث صحيح، فيضرب مخرج الثلث في أصل المسألة أي (3×6=18)، للجد (5)، وللجدة (3)، وللأخوين (8)، وللأخت (2).
وسدس جميع المال يكون خيراً له في مثل: زوجة، وبنتين، وجد، وأخ: للزوجة (3) من (24)، وللبنتين الثلثان (16)، ويبقى (5)، وسدس الجميع 4 خير له من المقاسمة.
2ً - أو يفضل السدس: فيدفع للجد فرضاً، ويسقط الأخ: كزوج وأم وجد وأخ، المسألة من (6)، للزوج النصف ثلاثة، وللأم الثلث اثنان، وللجد السدس واحد، ولا شيء للأخ.
3ً - أو يفضل أقل من السدس: فيعال الجد بتمام السدس، ويسقط الأخ: كزوج وبنتين وجد وأخ، المسألة من (12)، وتعول إلى (13)، للبنتين (8)، وللزوج (3)، ويبقى واحد، فيعال بواحد لتمام السدس، ويسقط الأخ.
وكزوج وجد وبنت وأم وأخت لأبوين، تعول إلى (13)، ولا شيء للأخت، لأنها عصبة مع البنت أو مع الجد، ولم يبق لها شيء بعد أخذ الجد السدس فرضاً.
4ً - أن تستغرق الفروض السدس، ويسقط الأخ، ويزاد في العول: كزوج وبنتين وأم وجد وأخ، المسألة تعول إلى (13)، ويزاد في العول سدس الجد، فتصير (15).

موقف القانون من مقاسمة الجد لإخوة:
نص القانون المصري (م 22) والسوري (م 1/ 279 - 4) على مقاسمة الجد للإخوة.

(10/7766)


أما القانون المصري فقد جعل للجد مع الإخوة حالتين:

الأولى ـ أن يكون الموجود مع الجد من الإخوة والأخوات وارثاً بالتعصيب، ذكوراً فقط، أو ذكوراً وإناثاً، أو إناثاً عصبة مع الغير كأخ شقيق؛ أو أخ شقيق مع أخت شقيقة، أو أخ لأب مع أخت لأب؛ أو أخت شقيقة أو لأب مع البنت أو بنت الابن.
فيجعل الجد كالأخ، ويرث معهم بالتعصيب، ويقاسمهم ما لم ينقص عن السدس، فإن نقص عنه يعطى عندئذ السدس فرضاً، فلو كان مع الجد أقل من خمسة كانت المقاسمة خيراً، وإن كان معه خمسة كانت المقاسمة والسدس سواء، وإن كان معه ستة فأكثر، كان السدس خيراً له من المقاسمة، فيعطى السدس فرضاً.
ولايحسب على الجد الإخوة لأب مع الإخوة الأشقاء؛ لأنهم محجوبون بالأشقاء، ففي جد وأخ وشقيق وإخوة لأب، لكل من الجد والشقيق النصف، ويسقط الإخوة.
وهذا أخذ بمذهب علي وابن مسعود.

الثانية ـ أن يكون الموجود من الأخوات مع الجد وارثاً بالفرض: كأخت شقيقة أو لأب أو أكثر، ولا معصب مع الجد.
فيرث الجد بالتعصيب، ويأخذ ما بقي بعد الفروض، ما لم ينقص عن السدس، فإن نقص عنه، فإنه يعطى السدس.
ففي جد وأخت شقيقة أو لأب، يكون للأخت النصف فرضاً، والباقي للجد تعصيباً. وفي جد وأختين شقيقتين أو لأب، للأختين الثلثان فرضاً، والباقي للجد

(10/7767)


تعصيباً. وفي أخت شقيقة، وأخت لأب، وجد، للشقيقة النصف فرضاً، وللأخت لأب السدس فرضاً تكملة للثلثين، وللجد الباقي تعصيباً. وهذا مذهب علي وابن مسعود: وهوأن الجد لا يعصب الأخوات المنفردات.
وأما القانون السوري: فيتفق مع المصري بإعطاء الجد السدس على كل حال، سواء أكان معه ذو فرض أم لا.
ففي الفقرة (1) من المادة (279) نص على الحالة الأولى المتقدمة، وهو رأي أكثر الفقهاء ما عدا أبا حنيفة. ويتفق مع مذهب ابن مسعود وزيد في أن الجد يقاسم الأخوات إذا كن عصبة مع البنات.
وفي الفقرة (2) من المادة المذكورة: نص على الحالة الثانية السابقة، وهو أخذ بمذهب علي وابن مسعود في أن الجد لا يعصب الأخوات المنفردات، بل يأخذن نصيبهن بالفرض، ويكون هو عصبة.
وفي الفقرة (3) من المادة نفسها: نص على أنه لا ينقص نصيب الجد عن السدس سواء أخذ بالمقاسمة أو بالتعصيب. وهذا مأخوذ من مذهب علي الذي يجعل فرض الجد السدس.
وفي الفقرة (4) من المادة: نص على عدم اعتبار الإخوة والأخوات لأب مع الأشقاء. وهذا مأخوذ من مذهب علي وابن مسعود في أن الإخوة لأب لا يعتبرون في المقاسمة إذا كانوا محجوبين بالإخوة الأشقاء.

أمثلة:
1 - مات عن جد وأخ شقيق وأخت شقيقة: المسألة من خمسة، للجد سهمان، وللأخ سهمان، وللأخت سهم واحد.

(10/7768)


2 - مات عن زوجة وأختين شقيقتين: للزوجة الربع، وللأختين الثلثان، وللجد السدس، وتعول المسألة إلى (13).
3 - مات عن أب وجد وابن: للأب السدس، وللابن الباقي، ولا شيء للجد.

3ً - أحوال الزوج: للزوج حالتان (1):
الأولى ـ النصف عند عدم الولد وولد الابن وإن سفل، فمن تركت زوجاً وأخاً شقيقاً، فللزوج النصف، والباقي للأخ.
الثانية ـ الربع مع الولد أو ولد الابن وإن سفل، سواء أكان من هذا الزوج أم من غيره، فلو تركت امرأة زوجاً وولداً أو ولد ابن، فللزوج الربع، والباقي للولد أو ولد الابن.
والدليل قوله تعالى: {ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد، فإن كان لهن ولد، فلكم الربع مما تركن، من بعد وصية يوصين بها أو دين} [النساء:12/ 4].
ونص القانون المصري (م 11) والسوري (م 268) على حالتي الزوج المذكورتين.

4ً - أحوال الأخ لأم والأخت لأم (أولاد الأخياف): لأولاد الأم ويسمون بني الأخياف أحوال ثلاثة (2):
_________
(1) شرح السراجية: ص 31، تبيين الحقائق: 233/ 6، القوانين الفقهية: ص 388، الرحبية: ص 25، مغني المحتاج: 9/ 3، 17، المغني: 178/ 6.
(2) شرح السراجية: ص 30، تبيين الحقائق: 237/ 6، القوانين الفقهية: ص 388، مغني المحتاج: 11/ 3، المغني: 183/ 6.
[التعليق]
أولاد الأخياف: انظر هامش: 10/ 7758
* أبو أكرم الحلبيّ

(10/7769)


الأولى ـ السدس: للواحد منهم، ذكراً أو أنثى، لقوله تعالى: {وإن كان رجل يورث كلالةً أو امرأة، وله أخ أو أخت، فلكل واحد منهما السدس} [النساء:12/ 4] والمراد منه أولاد الأم إجماعاً، ويدل عليه قراءة أبيّ: «وله أخ أو أخت من أم».
فمن ترك شقيقاً، وأخاً أو أختاً لأم، فللأخ أو الأخت لأم: السدس، والباقي للشقيق.

الثانية ـ الثلث: للاثنين فصاعداً، ذكوراً وإناثاً، لقوله تعالى: {فإن كانوا أكثر من ذلك، فهم شركاء في الثلث} [النساء:12/ 4] ذكورهم وإناثهم في القسمة والاستحقاق سواء، أما في القسمة: فلأن الأنثى منهم تأخذ مثل الذكر، وأما في الاستحقاق: فلأن الواحد منهم مذكراً كان أو مؤنثاً، يستحق السدس.
فمن ترك أما وإخوة أو أخوات لأم، وعماً، فللأم: السدس، وللإخوة أو الأخوات لأم: الثلث، والباقي للعم.

الثالثة ـ حجبهم: يسقطون مع وجود الفرع الوارث ـ الولد وولد الابن وإن سفل، ومع وجود الأصل الوارث المذكر ـ الأب والجد العصبي (الصحيح) بالاتفاق؛ لأنهم من قبيل الكلالة، وقد اشترط في إرثهم عدم الولد والوالد، في قوله تعالى: {وإن كان رجل يورث كلالةً أو امرأةٌ وله أخ أو أخت .. } [النساء:12/ 4] وقوله سبحانه في حال عدم الولد: {قل: الله يفتيكم في الكلالة، إن امرؤ هلك ليس له ولد، وله أخت} [النساء:176/ 4] وفي الأثر: «الكلالة: من ليس له ولد، ولا والد».
وولد الابن داخل في الولد، لقوله تعالى: {يا بني آدم} [الأعراف:31/ 7] والجد داخل في الوالد، لقوله تعالى: {كما أخرج أبويكم من الجنة} [الأعراف:27/ 7].

(10/7770)


فلا إرث لأولاد الأم مع هؤلاء، أي الأولاد والآباء.
ونص القانون المصري (م 10، 26) والسوري (م 262) على أحوال أولاد الأم السابقة، كما نص فيهما على المسألة المشتركة.

أمثلة:
1 - مات عن أب وابن وأخ لأم: للأب السدس، وللابن الباقي، ولا شيء للأخ الأم.
2 - ماتت عن زوج وأخ لأم وأخ شقيق: للزوج النصف، وللأخ لأم السدس، والباقي للأخ الشقيق؛ لأنه عصبة.
3 - ماتت عن زوج وجد وأخوين لأم: للزوج النصف، وللجد الباقي، ولا شيء للإخوة لأم.

مايخالف فيه أولاد الأم غيرهم: يخالف أولاد الأم غيرهم من أصحاب الفروض في أمور هي:
1 - يرثون مع الأم التي أدلوا بها.
2 - ذكورهم وإناثهم في القسمة والاستحقاق سواء.
3 - للواحد منهم السدس، وللأكثر الثلث.
4 - يحجبون الأم التي أدلوا بها لمورث حجب نقصان، من الثلث إلى السدس.
5 - ذكرهم أدلى بأنثى، وورث بالفرض معها.

(10/7771)


المسألة المشرَّكة أو الحجرية: أي المشرَّك فيها بين الشقيق وولدي الأم.
المقرر أن العاصب لا يرث إلا بعد استيفاء أصحاب الفروض، للحديث المتقدم: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقته فلأولى رجل ذكر».
ولكن قد يشترك الأخ الشقيق مع الأخ لأم، فإذا ماتت امرأة عن: زوج، وأم، وأخوين لأم، وأخ شقيق، وأخت شقيقة.
للزوج: النصف، وللأم: السدس، وللإخوة لأم والشقيق والأخت جميعاً الثلث، يقسم بينهم بالسوية، لا فرق بين ذكورهم وإناثهم.
قضى بذلك عمر في آخر الأمر، فقد قضى أولاً بحرمان الإخوة الأشقاء، ثم عرض عليه الأمر مرة أخرى، فقال له بعضهم: هب أبانا حجراً في اليم، أليست أمناً واحداً؟! فقضى عمر أن يشتركوا جميعاً في الثلث، ذكورهم وإناثهم سواء، ووافقه على رأيه زيد بن ثابت وجمع من الصحابة، وبه أخذ المالكية والشافعية والقانون في مصر وسورية.
وسميت لهذا بـ (المشرَّكة) للتشريك فيها بين الجميع في الثلث، وتسمى أيضاً (المشتركة) بمعنى المشترك فيها، والحجرية: نسبة إلى قول بعضهم لعمر: «هب أبانا حجراً في اليم» والحمارية لقول بعضهم: «هب أبانا حماراً».
وذهب الحنفية والحنابلة إلى إسقاط الإخوة الأشقاء، ويعطى للزوج النصف، وللأم السدس، وللإخوة لأم الثلث، مستدلين بآية الكلالة السابقة: {وإن كان رجل يورث كلالةً أو امرأةٌ، وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس، فإن كانوا أكثر من ذلك، فهم شركاء في الثلث} [النساء:12/ 4] ولا

(10/7772)


خلاف في أن المراد بهذه الآية: ولد الأم على الخصوص، فمن شَّرك بينهم، فلم يعط كل واحد منهما السدس، فهو مخالف لظاهر القرآن (1).

ثانياً ـ أحوال النساء: أصحاب الفروض من النساء ثمانية وهن:
الزوجة، والبنت وبنت الابن وإن سفلت، والأخت من أي جهة (الشقيقة أو لأب أو لأم) والأم، والجدة أم الأم أو أم الأب (الصحيحة).

1 - أحوال الزوجة:
للزوجة حالتان (2):

الأولى ـ الربع للواحدة فأكثر: عند عدم الفرع الوارث ـ الولد وولد الابن وإن سفل، سواء أكان منها أم من غيرها.
الثانية - الثمن: مع الفرع الوارث - الولد وولد الابن وإن سفل، سواء أكان منها أم من غيرها.
والدليل قوله تعالى: {ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد، فإن كان لكم ولد، فلهن الثمن مما تركتم، من بعد وصية توصون بها أود ين} [النساء:12/ 4] ففرض الزوجة الواحدة هو فرض الأكثر على السواء، ولو كان أربعاً، لعموم الآية. والولد يتناول ولد الابن بالنص أو الإجماع. فمن مات عن زوجة وبنت وأب: للزوجة الثمن، وللبنت النصف، وللأب السدس فرضاً والباقي
_________
(1) المغني: 180/ 6 ومابعدها، مغني المحتاج: 17/ 3 ومابعدها.
(2) شرح السراجية: ص 34، تبيين الحقائق: 233/ 6، القوانين الفقهية: ص 388، مغني المحتاج: 9/ 3، 13، كشاف القناع: 450/ 4.

(10/7773)


بالتعصيب. ومن مات عن زوجة وأخ وابن بنت: للزوجة الربع، وللأخ الباقي لأنه عصبة، ولا شيء لابن البنت؛ لأنه ذو رحم.
ونص القانون المصري (م 11) والسوري (م 268) على فرض الزوجة في الحالتين ولو مطلقة رجعياً إذا مات الزوج، وهي في العدة. فإن كانت الزوجة معتدة من طلاق بائن فلا شيء لها، لانقطاع الزوجية بالوفاة، إلا إذا كان طلاقها طلاق فرار فترث عند الجمهور خلافاً للشافعية.
ويلاحظ أنه روعي في نصيبي الزوجين أن للذكر منهما حظ الأنثيين، التزاماً لمبدأ العدل في توزيع المسؤوليات بين الرجل والمرأة، فالرجل هو المكلف بالمهر وبالإنفاق على المرأة أماً كانت أو بنتاً أو زوجة، ولا تكلف المرأة بشيء من الواجبات الاجتماعية، ويظل نصيبها محفوظاً عدة للطورئ، تتصرف فيه بحرية واستقلال.
وهذا المبدأ: مبدأ (للذكر مثل حظ الأنثيين) عام؛ لأن الحاجة أساس التفاضل في الميراث، فللابن ضعف نصيب البنت؛ لأن مطالب الابن في الحياة أكثر من مطالب أخته، فهو المكلف بإعالة نفسه، وبمهر زواجه، وبنفقة الزوجية، ونفقة الأولاد، وإعالة الأب والأم الفقيرين، ولا تكلف البنت في حياتها بشيء مما يكلف به أخوها.

2 - أحوال البنت:
لبنات الصلب أحوال ثلاث (1):
_________
(1) السراجية: ص 34، تبيين الحقائق، المكان السابق، القوانين الفقهية: ص 388 ومابعدها، مغني المحتاج: 14/ 3، المغني: 172/ 6.

(10/7774)


الأولى ـ النصف للواحدة: إذا انفردت عمن يساويها وعمن يعصبها، كما في أب وبنت، للبنت النصف فرضاً، وللأب الباقي فرضاً وتعصيباً.
الثانية ـ الثلثان للاثنتين فصاعدا ً: إذا لم يكن معهن من يعصبهن، كأب وبنتين، للبنتين الثلثان فرضاً، وللأب الباقي فرضاً وتعصيباً.
الثالثة ـ التعصيب بالغير: مع الابن الذكر، فيأخذ الذكر ضعف الأنثى، سواء تعددت البنات أو تعدد الأبناء، كما في ابن وبنت: لهما كل التركة على أن للابن ضعف البنت.
والدليل قوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم، للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كن نساء فوق اثنتين، فلهن ثلثا ما ترك، وإن كانت واحدة فلها النصف} [النساء:11/ 4] نصت على حكم الواحدة والثلاث فأكثر، أما البنتان فعرف حكمهما بالسنة:
روى الخمسة إلا النسائي عن جابر قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بابنتيها من سعد، فقالت: يا رسول الله، هاتان ابنتا سعد بن الربيع، قتل أبوهما معك في أُحد شهيداً، وإن عمهما أخذ مالهما، فلم يدَع لهما مالاً، ولا يَنْكِحان إلا بمال، فقال: يقضي الله في ذلك، فنزلت آية الميراث، فأرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى عمهما، فقال: «أعط ابنتي سعد الثلثين، وأمَّهما الثمن، وما بقي فهو لك» (1)، قالوا: وهذه أول تركة قسمت في الإسلام.
ونص القانون المصري (م 12، 19) والسوري (م 269، 277) على أحوال
_________
(1) الحديث حسنه الترمذي، وأخرجه أيضاًً الحاكم (نيل الأوطار: 56/ 6) والخمسة: أحمد وأصحاب السنن الأربعة.

(10/7775)


البنت المذكورة، وصرحت الفقرة 2 من المادة (277) على أن الإرث بين البنات والأبناء حال التعصيب للذكر مثل حظ الأنثيين.

3 - أحوال بنات الابن:
لبنات الابن ستة أحوال، الثلاثة الأولى للبنات، وثلاثة أخرى (1).

الأولى ـ النصف للواحدة المنفردة عند عدم البنت أو الابن أو من يساويها، كما في أب وأم وبنت ابن: لبنت الابن: النصف، وللأم السدس، والباقي للأب فرضاً وتعصيباً.
الثانية ـ الثلثان للاثنتين فأكثر عند عدم البنت أو الابن أو من يساويهما، فمن مات عن أب وبنتي ابن: لبنتي الابن: الثلثان، وللأب الباقي.
الثالثة ـ التعصيب: مع ابن ابن في درجتها، للذكر ضعف الأنثى، كبنت ابن وابن ابن، لهما كل التركة.
الرابعة ـ السدس للواحدة فأكثر مع البنت الواحدة تكملة للثلثين: لبنت الابن السدس تكملة للثلثين، عملاً بقضاء ابن مسعود السابق: «أقضي بما قضى النبي صلّى الله عليه وسلم: للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة للثلثين، وما بقي فللأخت» لأن الشرع جعل الثلثين حقاً للبنات، فإذا وجدت بنت صلبية واحدة، لم تأخذ إلا النصف، وبقي من نصيب البنات السدس، فيعطى لبنت الابن. وذلك إذا لم يوجد المعصب لهن وهو ابن الابن المساوي لها في الدرجة، فإن وجد تصير به عصبة، فتأخذ معه الباقي، للذكر ضعف الأنثى. فمن مات عن بنت وبنت ابن وابن ابن: للبنت النصف، ولبنت الابن مع ابن الابن الباقي تعصيباً.
_________
(1) السراجية: ص 35، تبيين الحقائق: 234/ 6، القوانين الفقهية: ص 389، مغني المحتاج: 14/ 3.

(10/7776)


وإن لم يبق من التركة شيء، فلا نصيب لها، ففي: أب، وأم، وزوج، وبنت، وبنت ابن وابن ابن: لكل من الأب والأم السدس، وللزوج الربع، وللبنت النصف، فتستغرق التركة وتعول، فلم يبق شيء لبنت الابن وابن الابن، ولولا وجود ابن الابن لأخذت بنت الابن السدس فرضاً.

الخامسة والسادسة ـ الحجب: تحجب بنت الابن بالابن، ففي ابن وبنت ابن: للابن التركة كلها تعصيباً، ولا شيء لبنت الابن.
وتحجب وتسقط بالبنتين الصلبيتين فأكثر إلا أن يكون معها أو أسفل منها ولد ذكر، فيعصبها، ويكون الباقي حينئذ بينهم للذكر ضعف الأنثى. في أب وأم وبنتين وبنت ابن: لكل من الأبوين: السدس، وللبنتين الثلثان، ولا شيء لبنت الابن؛ إذ استنفدت البنتان نصيبهما.
فإن وجد مع بنت الابن ابن ابن، أو ابن ابن ابن فيعصبها كل منهما، لحاجتها إليه، فإن لم تحتج إلى الثاني، بأن بقي لها شيء من نصيب البنات، فإن ابن ابن الابن لا يعصبها، وتأخذ هي فرضها، ويبقى هو عصبة بنفسه، يأخذ الباقي بعد الفروض.
والدليل:
1 - النصوص الدالة على أحكام إرث البنت؛ لأن المراد بأولادكم في النص {يوصيكم الله في أولادكم} [النساء:11/ 4] فروعكم المولودون لكم إما مباشرة أو بواسطة أبنائكم.
2 - قضاء ابن مسعود السابق الذي رواه الستة إلا النسائي عن هزيل بن شرحبيل، إذ قضى لابنة الابن بالسدس، تكملة للثلثين.

(10/7777)


ونص القانون المصري (م 12، 19) والسوري (269، 277) على أحوال بنات الابن، ولا سيما استحقاق الواحدة فأكثر السدس مع البنت أو بنت الابن الأعلى درجة.

أمثلة:
أـ مات عن بنت وبنت ابن وأب: للبنت النصف، ولبنت الابن السدس، وللأب السدس فرضاً والباقي تعصيباً.
ب ـ مات عن بنت ابن وابن ابن، لهما التركة، للذكر ضعف الأنثى.
جـ ـ مات عن بنت وبنت ابن وابن ابن ابن: للبنت النصف، ولبنت الابن السدس، والباقي للأخير؛ لأنه عصبة.
د ـ مات عن بنتين وبنت ابن وابن ابن ابن: للبنتين الثلثان، ولبنت الابن مع ابن ابن الابن الباقي؛ لأنها بحاجة إليه، ويسمى بالغلام المبارك.
هـ ـ مات عن زوج وأب وأم وبنت وبنت ابن وابن ابن: للزوج الربع، وللأب السدس، وللأم السدس، وللبنت النصف، ولا شيء لبنت الابن؛ لأنها صارت عصبة مع أخيها، ولم يبق لهما شيء، ولو كانت وحدها أخذت السدس، فوجود أخيها حرمها من الميراث، وهذا يسمى بالغلام المشؤوم. لكن في القانون السوري والمصري يأخذان بالوصية الواجبة. وذلك بأن يفرض الولد الذي مات في حياة أصله حياً، ويقدر نصيبه كما لو كان موجوداً، ثم يخرج النصيب من التركة، ويعطى لصاحب الوصية بشرط ألا يزيد عن الثلث، ثم يقسم باقي التركة على أنه كل التركة، بين الورثة بحسب الفريضة الشرعية. فإذا مات شخص عن ثلاثة أبناء وأب وأم وبنت ابن متوفى في حياة أبيه، يفرض وجود المتوفى حياً، فيعطى لبنته

(10/7778)


وصية واجبة سهم من ستة أسهم، ثم يقسم الباقي بين الورثة وهو خمسة، فيعطى للأب السدس وللأم السدس من خمسة لا من ستة، والباقي يوزع بين الأبناء الثلاثة بالسوية، لكل ابن سهم من خمسة. وتصح المسألة من (108) أسهم، يكون للأب (15) وللأم (15) ولكل واحد من الأبناء الثلاثة (20) ولبنت الابن المتوفى (18). وجاءت الزيادة للأبناء مما بقي من حصة ذوي الفروض؛ لأن الباقي بعد الوصية هو (90) سهماً من أصل (108). والتصحيح يكون بضرب (6) في (3) عدد رؤوس الأبناء، فيصير (18) ثم يضرب (6) في (18) فيكون الجواب وهو (108) أصلاً للمسألة، ثم يضرب (18) في (5) في المسألة الجديدة بعد الوصية فيكون (90) سهماً، لكل واحد من الأبوين سدس الـ (90).
والخلاصة: أنه تعمل مسألة جديدة للورثة بعد استخراج الوصية الواجبة.
وـ مات عن بنتين وبنت ابن وابن ابن: للبنتين الثلثان، والباقي بين الأخيرين، ولولا وجود ابن الابن لم ترث بنت الابن شيئاً، لاستكمال البنتين الثلثين، ولكن وجوده عصبها، فتأخذ معه الثلث وهو الباقي، وهذا هو الغلام المبارك.
ز ـ لو ترك الميت ثلاث بنات ابن بعضهن أعلى من بعض، أو بعضهن أسفل من بعض، وترك أيضاً ثلاث بنات ابن ابن ابن، بعضهن أسفل من بعض، بالصورة الآتية (1): بأن يكون لرجل ثلاثة بنين، أما الفريق الأول فلأحدهم ابن وبنت، ولهذا الابن ابن وبنت، ولهذا الابن الثاني ابن وبنت. وأما الفريق الثاني فللابن ابن، ولابنه ابن وبنت، ولهذا الابن ابن وبنت، ولهذا ابن وبنت، وأما
_________
(1) السراجية: ص37، القوانين الفقهية: ص389، مذكرات أستاذنا المرحوم الشيخ حسن الشطي القاضي الفرضي.

(10/7779)


الفريق الثالث فللابن ابن ولابنه ابن، ولهذا ابن وبنت، ولهذا الابن الأخير ابن وبنت، ولهذا ابن وبنت.
.......... الفريق الأوّل ................... الفريق الثّاني ................... الفريق الثّالث ....
................ ابن .............................. ابن ........................... ابن ........
..... ابن ـ بنت (1) ـ العليا ................. ابن ............................. ابن .........
..... ابن ـ بنت ـ الوسطى ........... ابن ـ بنت ـ العليا .................. ابن ..........
..... ابن ـ بنت ـ السفلى ........... ابن ـ بنت ـ الوسطى ......... ابن ـ بنت ـ العليا
...................................... ابن ـ بنت ـ السفلى ........ ابن ـ بنت ـ الوسطى
.................................................................... ابن ـ بنت ـ السفلى
فتقوم العليا مقام البنت، ومن دونها مقام بنت الابن في الأحوال المقررة المذكورة، فتأخذ العليا النصف، وتأخذ الوسطى السدس تكملة الثلثين، وتسقط السفلى، إلا أن يكون معها ابن ابن في درجتها أو دونها، فيعصبها. وإن كان مع الوسطى ابن ابن في درجتها أو دونها، عصبها، وحجب من دونها من ذكر أو أنثى.
وإن كانت العليا اثنتين فأكثر، فلهما الثلثان، وتسقط الوسطى، ومن دونها، إلا إن كان معهن ذكر في درجتهن أو أسفل منهن.
وعلى هذا تأخذ العليا من الفريق الأول النصف؛ لأنها قامت مقام بنت الصلب عند عدمها.
_________
(1) تقرأ هكذا من اليسار إلى اليمين: بنت ابن.

(10/7780)


وللوسطى من الفريق الأول مع من توازيها وهي العليا من الفريق الثاني السدس، تكملة للثلثين؛ لأن العليا من الفريق الأول، لما قامت مقام البنت الصلبية، قامت من دونها بدرجة واحدة مقام بنت الابن.
ولا شيء للسفليات: وهي الست الباقية من البنات التسع؛ لأنه قد كمل الثلثان لتلك الثلاث، فلم يبق للباقيات فرض، وليس لهن عصوبة قطعاً، فلا يرثن من التركة أصلاً إلا أن يكون معهن غلام، فيعصب من كانت معه بحذائه ومن كانت فوقه.

4 - أحوال الأخوات الشقيقات (أولاد الأعيان):
للأخت الشقيقة خمس أحوال، منها الثلاث التي للبنات، وهي ما يأتي (1):

الأولى ـ النصف: للواحدة إذا انفردت عمن يساويها وعمن يعصبها، أي إذا لم يكن معها أخ شقيق يعصبها، كزوج وشقيقة، لكل منهما النصف فرضاً.
الثانية ـ الثلثان: للاثنتين فصاعداً، عند عدم المعصب. فمن مات عن إخوة لأم وشقيقتين، للإخوة لأم الثلث، وللشقيقتين الثلثان. ومن مات عن أم وشقيقتين: للأم السدس فرضاً، وللأختين الثلثان، ثم يرد الباقي على الأم والأختين بنسبة سهام كل واحدة.
الثالثة ـ التعصيب بالغير: إذا كان مع الأخت الشقيقة فأكثر أخ شقيق فأكثر، فللذكر مثل حظ الأنثيين، كما في أخ شقيق وأخت شقيقة، تكون التركة بينهما، على أن للأخ ضعف الأخت.
_________
(1) السراجية: ص 40، تبيين الحقائق: 236/ 6، القوانين الفقهية: ص 392، مغني المحتاج: 17/ 3 ومابعدها، المغني: 174/ 6.

(10/7781)


الرابعة ـ التعصيب مع الغير: إذا كان مع الأخت فأكثر بنت أو بنت ابن، أو هما معاً واحدة فأكثر، ولم يكن مع الأخت أخ شقيق يعصبها. فيكون للأخت الشقيقة أو الأكثر الباقي بعد أنصباء أصحاب الفروض، ترثه بطريق التعصيب، عملاً بالقاعدة الشرعية: (اجعلوا الأخوات مع البنات عصبة) (1).
وقال الشيعة الإمامية: لا تصير الأخت عصبة مع البنت، ويرد الباقي على البنت إذا انفردت.
ففي بنت وأخت شقيقة: للبنت النصف فرضاً، والباقي للأخت تعصيباً.
وفي بنت وبنت ابن وأخت شقيقة: للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة للثلثين، وللشقيقة الباقي تعصيباً.
وفي بنت وبنت ابن وزوج وأم وشقيقتين: لا شيء للشقيقتين إذا لم يبق شيء بعد الفروض، بل في المسألة عول، للزو ج الربع، وللأم السدس فرضاً، وللبنتين الثلثان فرضاً.
وفي بنتين وأختين شقيقتين: للبنتين الثلثان فرضاً، وللأختين الباقي تعصيباً.
وفي أختين شقيقتين وبنت ابن: لبنت الابن النصف فرضاً، وللأختين الباقي تعصيباً.
وإذا كان في الورثة إخوة لأم أو أخوات لأم مع إخوة أشقاء، فهذه هي
_________
(1) هذا ماقضى به عبد الله بن مسعود ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما (نيل الأوطار: 58/ 6) وحديث ابن مسعود عن هُزَيْل بن شَرَحبيل رواه الجماعة إلا مسلماً والنسائي، وحديث معاذ عن الأسود رواه أبو داود والبخاري بمعناه. قال الشوكاني: وفيه دليل على أن الأخت مع البنت عصبة، تأخذ الباقي بعد فرضها إن لم يكن معها ابنة ابن كما في حديث معاذ، وتأخذ الباقي بعد فرضها وفرض بنت الابن كما في حديث هذيل، وهذا مجمع عليه.
[التعليق]
أولاد الأعيان: انظر هامش: 10/ 7758
* أبو أكرم الحلبيّ

(10/7782)


المسألة المشرَّكة: وهي زوج وأم وولدا أم وأخ شقيق، فيشارك الأخ ولدي الأم في الثلث كما تقدم. ولو كان بدل الشقيق أخ لأب سقط.

الخامسة ـ السقوط بالفرع الوارث المذكر وهو: الابن وابن الابن وإن نزل، وبالأب اتفاقاً وبالجد الصحيح عند أبي حنيفة، خلافاً للصاحبين والمذاهب الأخرى، وبه أخذ القانون في مصر وسورية.
والدليل قوله تعالى: {يستفتونك، قل الله يفتيكم في الكلالة: إن امرؤ هلك، ليس له ولد، وله أخت، فلها نصف ما ترك، وهو يرثها إن لم يكن لها ولد، فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك، وإن كانوا إخوة رجالاً ونساء، فللذكر مثل حظ الأنثيين} [النساء:176/ 4] والكلالة كما عرفنا: أن يموت الرجل وليس له ولد ولا والد. وقد بينت الآية الكريمة الثلاثة الأولى، والحالة الخامسة، ففيها النص على فرضي النصف والثلثين، والتعصيب بالغير، والسقوط بالابن ويدخل تحته ابن الابن، والسقوط بالأب ومثله الجد عند أبي حنيفة، وهو يستفاد من قول تعالى: {ليس له ولد وله أخت} [النساء:176/ 4] ومن لفظ الكلالة.
وأما الحالة الرابعة وهي تعصيب الأخوات مع البنات فمستفاد مما رواه الجماعة إلا النسائي عن هزيل بن شرحبيل أن النبي صلّى الله عليه وسلم قضى في بنت وبنت ابن وأخت، فجعل للبنت: النصف، ولبنت الابن: السدس، وللأخت الباقي. والقاعدة المقررة: (اجعلوا الأخوات مع البنات عصبة).
ونص القانون المصري (م 13، 19، 20) والسوري (م 270، 277، 280) على أحوال الشقيقات.
ويلاحظ أن الأخوات من ذوي الفروض، وأما الإخوة فهم عصبات، ويطلق على الإخوة والأخوات: الحواشي فإذا انفردوا عن الإخوة لأب، ورثوا كأولاد

(10/7783)


الصلب: للذكر الواحد فأكثر كل المال، وللأنثى النصف، وللثنتين فصاعداً الثلثان، وعند اجتماع الصنفين: للذكر مثل حظ الأنثيين.

أمثلة:
أـ مات عن: أم وأخت شقيقة وزوجة: للأم الثلث، وللشقيقة النصف، وللزوجة الربع، من (12) وتعول إلى (13).
ب ـ مات عن: ابن وأخت شقيقة وأب: للأب السدس، والباقي للابن، ولا شيء للشقيقة؛ لأنها محجوبة بالابن والأب.
جـ ـ ماتت عن: زوج، وأخت شقيقة، وجد وجدة: للزوج النصف، وتحجب الشقيقة بالجد على مذهب أبي حنيفة. وأما عند الجمهور (على رأي زيد) فيأخذ الجد الأفضل من المقاسمة وثلث الباقي والسدس، والأفضل له هنا المقاسمة، والمسألة من ستة، وتصحح من (18)، للزوج (9)، وللجدة (3)، وللجد (4)، وللشقيقة (2) للذكر مثل حظ الأنثيين.
د ـ مات عن: بنت وأخت شقيقة وأم: للأم السدس، وللبنت النصف، وللشقيقة الباقي تعصيباً مع البنت.
هـ ـ مات عن: بنت، بنت ابن، أخت شقيقة، أخ شقيق: للبنت: النصف، ولبنت الابن: السدس تكملة للثلثين، والباقي للأخ والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين.

5 - أحوال الأخوات لأب (أولاد العَلاَّت): للأخوات لأب ستة أحوال، منها الخمسة التي للأخوات الشقيقات:
__________
[التعليق]
أولاد العَلاَّت: انظر هامش: 10/ 7758
* أبو أكرم الحلبيّ

(10/7784)


الأولى ـ النصف: للواحدة إذا انفردت عن مثلها، ولم يكن معها أخ لأب أو شقيقة، استدلالاً بنفس الآية السابقة في توريث الشقيقة، كما في: زوج، وأخت لأب: لكل منهما النصف.
الثانية ـ الثلثان: للاثنتين فأكثر عند عدم الأخ لأب، أو الأخوات الشقيقات، كما هو شأن الشقيقات. مثل: إخوة لأم، وأختين لأب، فللإخوة لأم: الثلث، وللأختين لأب: الثلثان.
الثالثة ـ السدس: للواحدة مع الشقيقة، تكملة للثلثين، إذا لم يكن مع الأخت لأب أخ لأب يعصبها، كما في زوجة، وشقيقة، وأخت لأب: للزوجة الربع، وللشقيقة النصف فرضاً، وللأخت لأب: السدس فرضاً، ويرد الباقي على الأختين.
الرابعة ـ التعصيب بالغير: إذا كان معها أخ لأب، كأخ لأب وأخت لأب، والعصبة: يأخذ ما أبقى ذوو الفرض، فإذا استغرقت الفروض جميع التركة، فلا شيء للأخ والأخت من الأب.
الخامسة ـ التعصيب مع الغير: وذلك مع البنت أو بنت الابن أو هما معاً، واحدة فأكثر. فتأخذ الباقي بعد هؤلاء، كبنت أو بنت ابن وأخت لأب. فلو ترك شخص بنتاً، وزوجة، وأماً وأختين لأب، كان للبنت النصف فرضاً، وللزوجة الثمن فرضاً، لوجود الفرع الوارث، وللأم السدس فرضاً لذلك ولوجود الأختين، وللأختين الباقي تعصيباً يقسم بينهما بالسوية.
السادسة ـ الحجب عن الميراث: تحجب الأخت لأب بما تحجب به الأخت الشقيقة، من وجود الفرع الوارث (الابن أو ابن الابن مهما نزل) وبالأب. وتزيد الأخت لأب بحجبها:

(10/7785)


بالأخ الشقيق: كزوج وأخ شقيق وأخت لأب.
وبالشقيقتين فأكثر: كزوج وشقيقتين وأخت لأب، إلا إذا كان مع الأخت لأب من يعصبها وهو الأخ لأب، فإذا كان معها ويسمى الأخ المبارك، فتأخذ معه ما بقي من أصحاب الفروض، للذكر مثل حظ الأنثيين.
وبالأخت الشقيقة إذا صارت عصبة مع غيرها: كبنت وشقيقة وأخت لأب.
ولا تسقط الأخت لأب بالجد العصبي (الصحيح) خلافاً لأبي حنيفة. ودليل توريث الأخوات لأب: هو دليل توريث الأخوات الشقيقات في الحالات المشتركة بينهن؛ لأن المراد بقوله تعالى: {يستفتونك قل: الله يفتيكم في الكلالة، إن امرؤ هلك ليس له ولد، وله أخت} [النساء:176/ 4] بالاتفاق هي الأخت الشقيقة أو لأب.
وأما سقوط الأخت لأب بالأخ الشقيق، فلقوله صلّى الله عليه وسلم: «إن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات، الرجل يرث أخاه لأبيه وأمه، دون أخيه لأبيه» (1) وبنو الأعيان كما تقدم: هم الأشقاء، وبنو العلات: هم الإخوة والأخوات لأب.
ونص القانون المصري (م 13، 19، 20) والسوري (م 270، 277، 278) على الأحوال الستة للأخوات لأب.

أمثلة:
أـ مات شخص عن: أم، وبنت، وأخت شقيقة، وأخت لأب: للأم السدس، وللبنت النصف، وللشقيقة الباقي، ولا شيء للأخت لأب لسقوطها بالشقيقة المتعصبة بالبنت.
_________
(1) رواه أحمد والترمذي عن علي رضي الله عنه.

(10/7786)


ب ـ مات عن: أختين شقيقتين، وأختين لأب، وأخ لأب: للشقيقتين الثلثان، وللأختين لأب والأخ لأب: الباقي؛ لأنهن صرن عصبة به.
جـ ـ مات عن: زوجة، وبنت، وأخت لأب: للزوجة الثمن، وللبنت النصف، والباقي للأخت لأب؛ لأنها تصبح عصبة مع البنت.
د ـ ماتت امرأة عن: بنت، وأخ شقيق، وأخت لأب: للبنت النصف، والباقي للأخ الشقيق؛ لأنه عصبة، ولا شيء للأخت لأب؛ لأنها محجوبة به.

6 - أحوال الأخت لأم:
تقدم بيانها في أحوال أولاد الأم؛ لأن الأنثى والذكر سواء.

7 - أحوال الأم:
للأم أحوال ثلاثة (1):

الأولى ـ السدس: عند وجود الفرع الوارث، مطلقاً ـ وهو الولد أو ولد الابن وإن سفل، أو الاثنين من الإخوة والأخوات فصاعداً من أي جهة كانا، لقوله تعالى: {ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد} [النساء:11/ 4] ولقوله سبحانه: {فإن كان له إخوة فلأمه السدس} [النساء:11/ 4].
الثانية: ثلث التركة كلها: عند عدم المذكورين في الحالة الأولى من الفرع الوارث والعدد من الإخوة ولم يكن مع الأبوين أحد الزوجين، لقوله تعالى: {فإن لم يكن له ولد، وورثه أبواه فلأمه الثلث، فإن كان له إخوة فلأمه السدس} [النساء:11/ 4].
_________
(1) السراجية: ص44 - 48، تبيين الحقائق: 231/ 6، الشرح الصغير: 622/ 4ومابعدها، مغني المحتاج: 15/ 3، الرحبية: ص30 - 31، المغني: 176/ 6، القوانين الفقهية: ص389.

(10/7787)


دلت الآية في الحالتين على فرض الأم مع وجود الولد وعند عدمه، وعند وجود الجمع من الإخوة، ويشمل ذلك الأخوات؛ لأن لفظ الإخوة يطلق حقيقة على الذكور، وبطريق التغليب على الذكور والإناث، وعد د الاثنين في الميراث في حكم الجمع بإجماع الصحابة، وكما في ميراث الأخوين لأم، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «الاثنان فما فوقهما جماعة» (1). ولم ينص في الآية على حكم الأم مع الأب وأحد الزوجين، فاختلف فيه الصحابة كما يأتي:

الثالثة - ثلث الباقي إذا كان مع الأبوين أحد الزوجين، وهي المسألة العمرية أو الغراء، كما في زوج وأب وأم، أو زوجة وأب وأم، ففي الأولى للزوج النصف ثلاثة من ستة وللأب الباقي تعصيباً، وللأم ثلث الباقي بعد فرض الزوج، وهو سهم من ستة. وفي الثانية للزوجة الربع من 12 لعدم الفرع الوارث وللأب الباقي تعصيباً وهو ستة، وللأم ثلث الباقي وهو ثلاثة أسهم.
ولو كان مكان الأب جد، فللأم ثلث جميع المال، وهي إحدى المسائل التي يخالف فيها الجد الأب.
وتسمى هاتان المسألتان بالغراوين تثنية الغراء، تشبيهاً لهما بالكوكب الأغر لشهرتهما، وبالعمريتين لقضاء عمر رضي الله عنه فيهما بذلك.
والدليل:
1ً - قوله تعالى: {فإن لم يكن له ولد، وورثه أبواه فلأمه الثلث} [النساء:11/ 4] إذ يجب أن يكون المراد بالثلث فيه ثلث مايستحقه الأبوان، لا ثلث جميع المال، لئلا يكون قوله: {وورثه أبواه} [النساء:11/ 4] خالياً عن الفائدة، وثلث مايستحقانه هنا هو ثلث الباقي بعد فرض أحد الزوجين.
_________
(1) رواه ابن ماجه وابن عدي عن أبي موسى، ورواه أحمد والطبراني وابن عدي عن أبي أمامة، ورواه الدارقطني عن ابن عمرو، بلفظ «اثنان .. ».

(10/7788)


2ً - لو أخذت الأم هنا ثلث جميع المال، لكان لها ضعف الأب، إن كان معهما زوج، أو قريب من نصيبه لو كان معهما زوجة، وهذا لايتفق مع النص الذي يقتضي أن يكون للأنثى نصف الذكر.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إن للأم في مسألة الغراوين ثلث التركة، لظاهر قوله تعالى: {فإن لم يكن له ولد، وورثه أبواه، فلأمه الثلث} [النساء:11/ 4] إذ يجب أن يكون المراد بالثلث فيه ثلث جميع التركة؛ لأن السدس منسوب إلى الكل، ولا فرض إلا بنص. ولقوله صلّى الله عليه وسلم: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر» والأم ههنا ذات فرض مسمى، والأب عاصب بنفسه، فوجب أن تأخذ فرضها كاملاً، ويكون الباقي للأب قل أو كثر.
وأجاب الجمهور: بأن معنى الآية: وورثه أبواه خاصة، وعن الحديث بأن العصوبة لم تتمحض في الأب.
ونص القانون المصري (م14) والسوري (م271) على أحوال الأم الثلاثة، وأخذ برأي الجمهور في مسألتي الغراوين.

8 - أحوال الجدة:
الجدة: هي التي لايدخل في نسبتها إلى الميت جد رحمي، وهي أم أحد الأبوين، كأم الأم، وأم الأب، وأم أبي الأب، وأم أم الأم، وأم أم الأب. وتسمى بالجدة الصحيحة أو الثابتة. ويقابلها الجدة الرحمية أو الفاسدة: وهي التي يدخل في نسبتها إلى الميت جد رحمي كأم أبي الأم وأم أبي أم الأب، وهذه ليست من ذوات الفروض، وإنما هي من ذوات الأرحام.

(10/7789)


والجدة للأب أو الجدة للأم لها حالتان (1):

الأولى - السدس للواحدة فأكثر عند عدم الأم، سواء من أي جهة كانت، أبوية أو أمية أو من جهتهما (ذات قرابتين) إذا كن في حالة التعدد متحاذيات (متساويات) في الدرجة كأم أم، مع أم أب، فإنهما يقتسمان السدس بالسوية بينهما.
فإن كن متفاوتات في الدرجة، فالقربى تحجب البعدى.

الثانية - الحجب أو السقوط: تحجب الجدة مطلقاً (أبوية أو أمية أو من جهتهما ذات قرابتين) بالأم، وتحجب الجدة الأبوية بالأب. فمتى وجدت الأم فلا ترث واحدة من الجدات شيئاً، ومتى وجد الأب لاترث الأبوية، وكذلك لاترث الأبوية مع الجد إذا أدلت به كأم أبي الأب وإن لم تُدْل به فلا يحجبها وإن علت كأم أم الأب، فإنها ليست من قبله، بل هي زوجته أو أم زوجته.
وأما الجدة الأمية: فلا تسقط بالأب، فلو توفي عن أب، وأم أم، ورثت معه السدس؛ لأنها لم تنتسب به.
والجدة ذات القرابتين: أن تزوج امرأة ابن ابنها بنت ابنها، فيلد منهما ولد، فهذه المرأة جدة لهذا الولد من جهة أبيه؛ لأنها أم أب أبيه، وهي جدة له من جهة أمه؛ لأنها أم أم أبيه. وذات القرابة الواحدة هي المحاذية لهذه الجدة، وهي أم أم أب الولد.
والسبب في حجب الجدة مطلقاً بالأم، وأنه لم تحجب بالأب إلا الأبويات: _________
(1) السراجية: ص 48 - 51، تبيين الحقائق: 231/ 6، الشرح الصغير: 625/ 4، مغني المحتاج: 16/ 3، المغني: 206/ 6 - 212.

(10/7790)


هو أن كلاً من اتحاد السبب والإدلاء له تأثير في الحجب، فأم الأب تحجب بالأب للإدلاء فقط، وتحجب بالأم لاتحاد السبب وهو الأمومة. وأما أم الأم فترث مع الأب، لانعدام كل من الإدلاء واتحاد السبب، وتحجب بالأم لوجود كلا الأمرين، فالملاحظ دائماً في الحجب أحد أمرين: الإدلاء أو اتحاد السبب.

والدليل على إرث الجدة: أن النبي صلّى الله عليه وسلم أعطى الجدة السدس (1)، وأنه قضى للجدتين من الميراث بالسدس (2)، وأنه جعل للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم (3)، وأنه أعطى ثلاث جدات السدس، ثنتين من قبل الأب، وواحدة من قِبَل الأم (4)، وجعل أبو بكر السدس للجدة من قبل الأم (4).
معرفة الجدة الوارثة: وأما طريق معرفة الجدة الوارثة عند تعدد الجدات: فهو أنه إذا اجتمع جدات، فالوارث منهن من قبل الأم واحدة أبداً؛ لأنه متى تخللهن أب يكون فاسداً، وإنما يقع التعدد في التي من قبل الأب، ويتعدد ذلك بتعدد الدرجة، ففي الدرجة الثانية للجدودة يرث من الميث اثنتان أبويتان إذ يصبح لكل أب وأم أب وأم، وفي الدرجة الثالثة، أي التي تبعد عن الميت بثلاث درجات يرث منه ثلاث أبويات، وفي الرابعة أربعة، وفي الخامسة خمس، وهكذا في كل درجة لاتزيد إلا وارثة واحدة، والجدة القربى من أي جهة كانت تحجب البُعْدى من أي جهة كانت. فأم الأب تحجب أم أم الأم، وأم أب الأب، وأم أم الأب؛ لأنها أقرب منهن درجة، فتقدم عليهن في الإرث.
_________
(1) رواه الخمسة إلا النسائي عن قبيصة بن ذؤيب، وصححه الترمذي.
(2) رواه أبو داود عن عبادة بن الصامت.
(3) رواه الدارقطني مرسلاً عن عبد الرحمن بن يزيد.
(4) رواه مالك في الموطأ عن القاسم بن محمد (راجع الكل في نيل الأوطار: 59/ 6).

(10/7791)


وأم الأم تحجب أم أب الأب، وأم أم الأب، وأم أم الأم وهكذا؛ لأنها أقرب منهن درجة.
ويعرف عدد الجدات الوارثات: بأن تذكر بمقدار العدد الذي تريده بلفظ (أم) ثم تبدل الأم الأخيرة من طرف الميت بأب، في كل مرتبة إلى أن يبقى أم واحدة، فلو سئل إنسان عن أربع جدات وارثات مثلاً، قال: أم أم أم أم، أم أم أم أب، أم أم أب أب، أم أب أب أب، فالأولى أمية، والباقي أبويات.
ونص القانون المصري (م14) والسوري (م272) على حالات الجدة.

أمثلة:
أ - مات شخص عن: أم، أم أم، أب: للأم الثلث، ولا شيء لأم الأم؛ لأنها محجوبة بالأم، وللأب الباقي.
ب - مات عن: أب أب، أب أم، أم أب الأب: المال كله لأبي الأب، ولاشيء لأبي الأم؛ لأنه جد رحمي، ولا لأم أبي الأب؛ لأنها محجوبة بأبي الأب.
جـ - مات عن أربع جدات: وهن أم أم أم، وأم أم أب، وأم أب أب، وأم أبي الأم، وعم: ترث الجدات الثلاث الأوائل السدس مشتركاً بينهن، ولا شيء للجدة الرابعة؛ لأنها جدة رحمية (فاسدة غير صحيحة) أدلت إلى الميت بجد رحمي (فاسد) والباقي للعم؛ لأنه عصبة.

أمثلة عامة مع حلها وتعليلها:
1 - ماتت امرأة، وتركت: زوجاً، وأختاً شقيقة، وأخاً لأب. للزوج النصف، وللأخت النصف، ولا شيء للأخ لأب؛ لأنه عصبة لم يبق له شيء.

(10/7792)


2 - مات رجل وترك: ابناً، وزوجة، وأباً، وأماً: للزوجة الثمن، وللأب السدس، وللأم السدس، والباقي 24/ 13 للابن؛ لأنه عصبة.
3 - ماتت امرأة عن زوج وأب وأم وابن: للزوج الربع هنا بسبب الابن، وللأب السدس، وللأم السدس، والباقي 12/ 5 للابن العاصب النسبي.
4 - ماتت امرأة عن ابنين، وزوج، وأب، وجدة أم أم: للزوج الربع، ولكل من الأب والجدة السدس، والباقي 24/ 10 للابنين لكل منهما: 5.
5 - مات رجل عن: زوجة، وبنت، وبنت ابن، وابن ابن ابن، وأم: للزوجة الثمن، وللبنت النصف، ولبنت الابن: السدس تكملة الثلثين، وللأم السدس، والباقي 24/ 1 لابن ابن الابن.
6 - مات رجل عن: زوجة، وأب، وبنتين، وابن ابن ابن: للزوجة الثمن بسبب البنتين، وللأب السدس، وللبنتين الثلثان، والباقي 24/ 1 لابن ابن الابن تعصيباً.
7 - مات رجل عن: زوجة، وأب، وأم، وبنتين: للزوجة الثمن، وللبنتين الثلثان، وللأم السدس، وللأب السدس فرضاً، ولاشيء له يأخذه تعصيباً، وتعول المسألة من (24 إلى 27).
8 - ماتت امرأة عن أب وبنتين وزوج:
للزوج الربع، وللبنتين الثلثان، وللأب السدس، ولاشيء له يأخذه تعصيباً، وتعول المسألة من (24 إلى 27).
9 - مات رجل عن: زوجة، وأب، وبنت، وبنت ابن، وابن ابن: للزوجة الثمن، وللأب السدس، وللبنت النصف، والباقي 24/ 5 لبنت الابن وابن الابن؛

(10/7793)


لأنهما عصبة بالغير، فتأخذ بنت الابن 72/ 5، وابن الابن 72/ 10.
10 - ماتت امرأة عن: زوج وبنت ابن: للزوج الربع فرضاً، ولبنت الابن النصف فرضاً، والباقي وهوالربع بالرد.
11 - ماتت امرأة عن: زوج، وبنت ابن، وشقيقة، وأم: للزوج الربع فرضاً، وللأم السدس فرضاً، والباقي 12/ 1 للشقيقة مع بنت الابن عصبة مع الغير.
12 - ماتت امرأة عن: زوج، وأخت شقيقة، وأخت لأب، وأخت لأم: للزوجة النصف فرضاً، وللأخت لأم السدس فرضاً، وللشقيقة النصف، وللأخت لأب السدس، تكملة الثلثين، وتعول المسألة من (6 إلى 8).
13 - مات رجل عن: زوجة، وأخت شقيقة، وأم: الجميع من أصحاب الفروض، فللزوجة الربع، وللشقيقة النصف، وللأم الثلث؛ إذ ليس معها فرع وارث للميت، ولا اثنان من الإخوة والأخوات، وتعول المسألة من (12 إلى 13).