أصول الفقه لابن مفلح التخصيص
قصر العام على بعض أجزائه.
ولعله مراد من قالوا: "مسمياته" (1)؛ فإِن مُسَمَّى العام جميع
ما يصلح له اللفظ لا بعضه.
وعند أبي الحسين (2) المعتزلي: "إِخراج بعض ما يتناوله الخطاب
عن الخطاب"، لشموله -بتقدير (3) وجود المخصص- جميع الأفراد في
نفسه، والمخصِّص أخرج بعضها عنه.
وقيل (4): "أراد ما يتناوله بتقدير عدم المخصص، نحو قولهم: خص
العام (5) ". فيرد -إِذًا- دور لا جواب عنه.
وعند الآمدي (6): تعريف أن العموم للخصوص.
فيرد الدور؛ لأنهما لمعنى واحد.
أجيب: المراد في الحد التخصيص لغة أُخِذ في حَدِّه اصطلاحا،
والله أعلم.
* * *
ويطلق "التخصيص" على قصر لفظ غير عام على بعض مسماه، كما يطلق
"عام" على لفظ غير عام كـ "عشرة" و"المسلمين" (7) للعهد، زاد
__________
(1) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 87.
(2) قالوا في المعتمد/ 251 - 252: التخصيص إِخراج بعض ما
تناوله الخطاب مع كونه مقارنا له.
(3) في (ب): بتقديره.
(4) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 87.
(5) ولا شك أن ما خص ليس بعام، لكن المراد به كونه عاما لولا
تخصيصه.
(6) قالوا في الإِحكام 2/ 282: تعريف أن المراد باللفظ الموضوع
للعموم حقيقة إِنما هو للخصوص.
(7) نهاية 257 من (ح).
(3/880)
بعضهم (1): "وضمائر الجمع (2)؛ لأنها لا
تدل بنفسها"، وليس كذلك كما سبق (3)؛ لأنها متابعة للمظهر.
* * *
ولا تخصيص إِلا فيما يصح توكيده بـ "كل" وهو: ما له شمول حسا
-نحو: جاءني القوم- أو حكماً نحو: اشتريت العبد.
* * *
قالوا ابن عقيل (4): التخصيص والنسخ في الحقيقة إِنما يتناول
أفعالنا الواقعة في الأزمان والأعيان فقط، والفقهاء والمتكلمون
أكثروا القول بأن النسخ يتناول الأزمان فقط (5)، والتخصيص
يتناول الجميع (6)، وإِنما يستعمله المحصلون (7) تجوزًا (8).
__________
(1) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 87.
(2) في (ب): الجميع.
(3) في ص 767.
(4) انظر: الواضح 1/ 49 ب.
(5) دون الأعيان.
(6) يعني: الأعيان والأزمان والأحوال.
(7) في (ح): المحصولون.
(8) قال: وهذا إِنما يستعمله المحصلون لعلم هذا الباب على سبيل
التجوز والاتساع؛ لأن الأزمان والأعيان -باتفاق- ليست من أفعال
العباد ومقدوراتهم ولا مما يدخل تحت تكاليف، وإذا كان كذلك وجب
أن يتناول النسخ على الحقيقة رفع فعل في بعض=
(3/881)
مسألة
التخصيص جائز عند الأئمة الأربعة وغيرهم، خلافًا لبعض الشافعية
وبعض الأصوليين في الخبر، وعن بعضهم: وفي الأمر.
لنا: استعمال الكتاب والسنة.
قالوا: يوهم (1) في الخبر الكذب، وفي الأمر (2) البداء (3).
رد: بالمنع.
قالوا: كنسخ الخبر.
وأجاب أبو الخطاب (4) وابن عقيل (5) والآمدي (6): بالمنع (7).
ثم: التخصيص يبين المراد باللفظ، والنسخ رفع.
__________
=الأزمان دون رفع الزمان، وكذلك فإِنما يدخل التخصيص في إِسقاط
فعل في بعض الأعيان.
(1) نهاية 123 أمن (ب).
(2) نهاية 90 أمن (ظ).
(3) في لسان العرب 18/ 70 - 71: بدا لي بَداء: أي تغير رأيي
عما كان عليه. ويقال: بدالي من أمرك بداء، أي: ظهر لي ...
والبداء: استصواب شيء علم بعد أن لم يعلم.
(4) انظر: التمهيد/ 64 ب.
(5) انظر: الواضح 2/ 114 أ.
(6) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 283.
(7) بل يجوز نسخ الخبر، كالوعيد: يجوز نسخه بالعفو.
(3/882)
مسألة
يجوز تخصيص العام إِلى أن يبقى واحد عند أصحابنا، قال الحلواني
(1): "هو قول الجماعة"، قالوا ابن برهان (2): هو المذهب
المنصور.
ومنع أبو بكر الرازي الحنفي والقفال (3) والغزالي (4) النقص من
أقل الجمع، واختاره بعض أصحابنا (5)، قالوا أبو المعالي (6):
"جمهور الفقهاء أن صيغ الجمع نصوص في الأقل لا تقبل تأويلا،
ظاهرة فيما عداه تقبل تأويلا"، ثم: في مسألة "أقل الجمع" (7)
اختار الأول.
واختار القاضي في الكفاية (8) -في جميع صيغ العموم-: لا بد أن
يبقى كثرة وإن لم تُقَدَّر (9)، وصححه بعض أصحابنا (10)، وحكاه
عن أبي
__________
(1) انظر: المسودة/ 116 - 117.
(2) انظر: المرجع السابق/ 117.
(3) انظر: اللمع/ 18.
(4) انظر: المستصفى 2/ 91.
(5) انظر: المسودة/ 117.
(6) انظر: البرهان/ 321، والمسودة/ 117.
(7) انظر: البرهان/ 351 - 354.
(8) انظر: المسودة/ 117.
(9) قالوا: إِلا أن تستعمل في الواحد على سبيل التعظيم.
(10) انظر: المرجع السابق.
(3/883)
الحسين (1) المعتزلي (2) وصاحب المحصول
(3)، وحكاه ابن برهان (4) عن أكثر المعتزلة.
وذكر الآمدي (5) عن أبي الحسين: كثرة تقرب من مدلول اللفظ، وأن
إِليه ميل أبي المعالي وأكثر أصحابهم. واختاره بعض أصحابنا.
وجه الأول: لو امتنع لكان: لأنه مجاز، أو لاستعماله في غير
موضوعه، فيمتنع تخصيصه مطلقًا.
واعترض: المنع لعدم استعماله فيه لغة.
وجوابه: بالمنع، ثم: لا فرق.
وأيضًا: أكرم الناس إِلا الجهال (6).
واعترض: خص بالاستثناء (7).
وجوابه: المعروف التسوية (8)، ثم: لا فرق.
__________
(1) انظر: المعتمد/ 254.
(2) نهاية 258 من (ح).
(3) انظر: المحصول 1/ 3 / 16.
(4) انظر: المسودة/ 117.
(5) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 283 - 284.
(6) يجوز وإن كان العام واحدًا اتفاقا.
(7) وفرق بينه وبين غيره.
(8) في الجواز.
(3/884)
واستدل: بقوله: (الذين قالوا لهم الناس)
(1)، وأريد (2): نعيم بن مسعود.
رد: ليس بعام؛ لأنه لمعهود.
واستدل: بقوله: (وإنا له لحافظون) (3).
أجيب: أطلق الجمع عليه للتعظيم، ومحل النزاع في الإِخراج منه.
واستدل (4): يجوز: "أكلت الخبز وشربت الماء" لأقل.
رد: المراد بعض مطابق لمعهود ذهني (5).
القائل بأقل الجمع: ما سبق (6) فيه (7).
__________
(1) سورة آل عمران: آية 173.
(2) قاله مجاهد ومقاتل وعكرمة والكلبي وغيرهم. انظر: زاد
المسير 1/ 504، والاستيعاب/ 1508، وتفسير القرطبي 4/ 279، وفتح
القدير 1/ 400.
وقيل: المراد بـ (الناس) ركب لقيهم أبو سفيان، فضمن لهم ضمانا
لتخويف النبي وأصحابه. قاله ابن عباس وابن إِسحاق.
وقيل: إِنهم المنافقون، لما رأوا النبي يتجهز نهوا المسلمين عن
الخروج، وقالوا: إِن أتيتموهم في ديارهم لم يرجع منكم أحد.
وهذا قول السدي. انظر: زاد المسير 1/ 504 - 505، وتفسير
القرطبي 4/ 279 - 280.
(3) سورة الحجر: آية 9.
(4) نهاية 123 ب من (ب).
(5) فليس محل النزاع.
(6) في ص 777 وما بعدها.
(7) كأنه جعله فرعا لكون الجمع حقيقة في الثلاثة أو في
الاثنين.
(3/885)
رد: ليس الجمع بعام ليطلق العام على ما
يطلق عليه (1).
القائل بالكثرة: لو قال: "قتلت كل من في البلد" أو: "أكلت كل
رمانة " أو: "من دخل فأكرمه" -وفسره بثلاثة- عُدّ قبيحا لغة.
أجاب الآمدي (2): بالمنع مع قرينة (3)؛ بدليل ما سبق من إِرادة
نعيم بن مسعود بـ (الناس)، وصحة: أكلت الخبز.
وأجاب في التمهيد (4): يلزم الاستثناء (5)؛ قبيح (6) لغة،
ويجوز عند الخصم. وبأنه قد يقول ذلك وإن أكل قليلاً كقول مريض:
"أكلت اللحم" يريد: قليلاً (7). وفي هذا الموضع يقول الخصم:
"المراد أكل الجنس"، فلا يلزمه.
* * *
المخصِّص: المُخْرِج، وهو إِرادة المتكلم، ويطلق على ما دل
عليها مجازًا.
* * *
__________
(1) فالكلام في أقل مرتبة يخصص إِليها العام، لا في أقل مرتبة
يطلق عليها الجمع.
(2) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 285.
(3) فليس قبيحا.
(4) انظر: التمهيد/ 64 ب.
(5) يعني: لو قال -مثلاً-: له علي ألف إِلا تسعمائة وتسعين.
(6) غيرت في (ب) و (ظ) إِلى: فيه.
(7) نهاية 259 من (ح).
(3/886)
وهو: متصل، ومنفصل.
وخصه بعض أصحابنا بالمنفصل، وقال: هو اصطلاح كثير من الأصوليين
(1)؛ لأن الاتصال منعه العموم، فلم يدل إِلا متصلاً، فلا يسمى
عاما مخصوصًا، وقال أيضًا: لا يدخل في التخصيص المطلق (2).
وفي التمهيد (3): العموم بدون ذلك ليس حقيقة ولا مجازًا، بل
المجموع الحقيقة؛ لأن المتكلم أراد البعض بالمجموع. واحتج بهذا
على أنه لا يصح الاستثناء من غير الجنس.
وفي الروضة (4) -في كلامه على الشرط- معنى ذلك.
* * *
والمتصل: الاستثناء المتصل، والشرط، والصفة، والغاية.
وزاد بعضهم (5): بدل (6) البعض.
وقد قيل: المُبْدل في حكم المطَّرح (7).
__________
(1) نهاية 90 ب من (ظ).
(2) (المطلق) صفة لـ (التخصيص).
(3) انظر: التمهيد/ 59 أ.
(4) انظر: روضة الناظر/ 259.
(5) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 88.
(6) في (ظ): وبدل.
(7) فلا يعم ولا يخص.
(3/887)
مسألة
لا يصح الاستثناء من غير الجنس عند أحمد (1) وأصحابه وزفر (2)
ومحمد (3)، وذكره الآمدي (4) عن الأكثر، وذكر التميمي (5): أن
أصحاب أحمد اختلفوا فيه.
وعن أحمد: يصح نقد من آخر، ففي روضة الفقه لبعض أصحابنا: بناء
على أنهما جنس أو جنسان (6)، وفي العدة (7) والواضح (8):
لأنهما كالجنس في أشياء (9)، وفي المغني (10): يمكن حملها على
ما إِذا كان أحدهما يعبر به عن الآخر، أو يُعلم قدره منه.
وقال بعض أصحابنا: يلزم منها صحة نوع من آخر، وقال أبو الخطاب
(11): صحة استثناء ثوب وغيره.
__________
(1) انظر: العدة/ 673، والمسودة/ 156.
(2) انظر: بدائع الصنائع/ 4565.
(3) انظر: أصول السرخسي 2/ 44، وكشف الأسرار 3/ 136، والهداية
3/ 184.
(4) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 291.
(5) هو: أبو محمَّد التميمي.
(6) نهاية 124أمن (ب).
(7) انظر: العدة/ 677 - 678.
(8) انظر: الواضح 2/ 148أ.
(9) مثل: كونهما قيم الأشياء والأروش ونحو ذلك.
(10) و (11) انظر: المغني 5/ 114.
(3/888)
وقاله المالكية (1) وابن الباقلاني (2)
وجماعة (3) من المتكلمين والنحاة (4).
وللشافعية (5) كالقولين.
قالوا ابن برهان (6): (7) عدم صحته قول عامة أصحابنا والفقهاء
قاطبة وهو المنصور. وحكاه جماعة (8) عن أبي حنيفة، والأشهر عنه
(9): صحته في مكيل أو موزون من أحدهما فقط.
وجه الأول: أن الاستثناء صرف اللفظ بحرفه (10) عما يقتضيه
لولاه، أو إِخراج؛ لأنه مأخوذ من الثني (11) من قولهم: ثنيت
فلانا عن رأيه، وثنيت
__________
(1) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 241.
(2) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 291.
(3) نهاية 260 من (ح).
(4) انظر: شرح الرضي على الكافية 1/ 224، والإِحكام للآمدي 2/
291.
(5) انظر: اللمع/ 23، والتبصرة/ 165، والمستصفى 2/ 166،
والمحصول 1/ 3/ 43، والإِحكام للآمدي 2/ 291.
(6) انظر: الوصول لابن برهان/ 129، والمسودة/ 156.
(7) في (ب) و (ظ): قال ابن برهان: قول عدم صحته قول ... إِلخ.
(8) انظر: روضة الناظر/ 253، والبلبل/ 111.
(9) انظر: أصول السرخسي 2/ 44، وكشف الأسرار 3/ 136، والهداية
3/ 184.
(10) يعني: بحرف الاستثناء.
(11) في (ظ): الشيء.
(3/889)
عنان دابتي.
ولأن الاستثناء إِنما يصح لتعلقه بالأول، لعدم استقلاله، وإِلا
لصح كل شيء من كل شيء؛ لاشتراكهما في معنى عام.
ولأنه لو قال: "جاء الناس إِلا الكلاب أو إِلا الحمير" عُدّ
قبيحًا لغة وعرفا.
ورد الأول: بأنه (1) محل النزاع، وبأنه مشتق من التثنية كأنه
ثنى الكلام به، ولا يلزم من الاشتقاق لمعنى نفي كونه حقيقة
لمعنى آخر ولا الاطراد (2).
وقُبْح ما ذكر لا يمنع (3) لغة كقول الداعي: "يا رب الكلاب
والحمير"، ثم: إِن امتنع من اللفظ مطابقة لا يمتنع من لازم له.
ولا يلزم استثناء كل شيء من كل شيء، لاعتبار (4) مناسبة بينهما
كقول القائل: "ليس لي بنت (5) إِلا ذكر"، بخلاف قوله: إِلا أني
بِعْتُ داري.
واحتج أصحابنا وغيرهم: بأنه تخصيص فلا يصح في (6) غير داخل.
__________
(1) في (ظ): لأنه.
(2) يعني: لا يلزم أن يكون كل شيء وجد فيه معنى التثنية أنه
استثناء.
(3) يعني: لا يمنع الجواز لغة. وفي (ح): لا يمتنع.
(4) يعني: ما المانع أن تكون صحة الاستثناء مشروطة بمناسبة بين
المستثنى والمستثنى منه؟.
(5) في (ب): بيت.
(6) في (ح): لغير.
(3/890)
وجه (1) الثاني: وقوعه، كقوله: (إِلا رمزا
(2)) (3)، (أن يقتل مؤمنا إِلا خطئا) (4)، (من علم إِلا اتباع
الظن) (5)، (من سلطان إِلا أن دعوتكم) (6).
وقول العرب: ما بالدار أحد إِلا الوَتَد، وما جاءني زيد إِلا
عمرو.
ولأنه لو أقر (7) بمائة درهم إِلا ثوبا لَغَا على الأول، (8)
مع إِمكان تصحيحه بأن معناه: "قيمة ثوب"، لا سيما إِن أراده.
ورد: أن "إِلا" في ذلك بمعنى "لكن" عند النحاة، منهم: الزجاج
(9) وابن (10) قتيبة (11)، وقال: "هو قول
__________
(1) نهاية 124 ب من (ب).
(2) في (ب): زمرا.
(3) سورة آل عمران: آية 41.
(4) سورة النساء: آية 92.
(5) سورة النساء: آية 157.
(6) سورة إِبراهيم: آية 22.
(7) نهاية 91 أمن (ظ).
(8) نهاية 261 من (ح).
(9) انظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج 2/ 97، 140.
(10) في كتابه (الجامع في النحو). انظر: العدة/ 676 - 677.
(11) هو: أبو محمَّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، أديب
نحوي، ولد ببغداد سنة 213 هـ، وتوفي بها سنة 276 هـ.=
(3/891)
سيبويه" (1)، وهو استدراك، ولهذا لم يأت
إِلا بعد نفي أو بعد إِثبات (2) بعده جملة.
ولا مدخل للاستدراك في إِقرار، فبطل ولو مع جملة بعده كقوله:
"له مائة درهم إِلا ثوبا لي عليه"، فيصح إِقراره وتبطل دعواه،
كتصريحه (3) بذلك بغير استثناء.
وفي (4) العدة والتمهيد (5): لو صح لصح إِذا أقر بثوب وأراد
قيمته، زاد في التمهيد: وقد قيل يصح ذلك، لا على وجه
الاستثناء، بل للفظِ المُقِرّ كمن أقر بمائة ثم فَسَّرها. كذا
قالا.
والمذهب الأول أظهر؛ لسبق المتصل إِلى الفهم، وهو دليل الحقيقة
(6)، لكن عند تعذره في العمل بالمنقطع نظر.
وعلى المذهب الثاني: قال قوم: مشترك؛ لأن المتصل إِخراج،
والمنقطع
__________
=من مؤلفاته: تأويل مختلف الحديث، والمعارف، وأدب الكاتب.
انظر: تاريخ بغداد 10/ 170، ووفيات الأعيان 1/ 251، ومرآة
الجنان 2/ 191، والنجوم الزاهرة 3/ 75، والبداية والنهاية 11/
48.
(1) انظر: الكتاب 1/ 363، 366 - 368، وشرح الفصل 2/ 80.
(2) يعني: ولم يأت في الإثبات إِلا إِذا كان بعده جملة.
(3) في (ظ): لتصريحه.
(4) في (ب): في.
(5) انظر: التمهيد/ 59 ب.
(6) يعني: فيكون حقيقة فيه مجازا في المنقطع.
(3/892)
مخالفة، فلا اشتراك معنوي بينهما.
وقال قوم: متواطئ لتقسيم الاستثناء إِليهما، والأصل عدم
الاشتراك والمجاز.
ورد: بسبق المتصل، وبتقسيم اسم الفاعل، وهو مجاز في المستقبل،
وبما سبق في رد "الأمر (1) في الفعل (2) ومطلق الطلب" (3).
* * *
ثم: يعتبر لصحة المنقطع مخالفة في نفي الحكم نحو: "ما جاءني
القوم إِلا حمارًا"، أو أنه (4) حكم آخر له مخالفة (5) كقول
العرب: ما زاد إِلا ما نَقَص، وما نفع إِلا ما ضَرّ". قال
سيبويه (6): "ما" الأولى (7) نافية، والثانية مصدرية، وفاعلهما
مضمر أي: فلان، ومفعولهما محذوف أي: إلا نقصانًا ومضرة (8).
* * *
__________
(1) يعني: كون الأمر متواطئًا في الفعل ... إلخ.
(2) انظر: ص 647 من هذا الكتاب.
(3) انظر: ص 667 من هذا الكتاب.
(4) يعني: المستثنى.
(5) للمستثنى منه بوجه.
(6) انظر: الكتاب 1/ 367، وشرح المفصل 2/ 81.
(7) نهاية 125أمن (ب).
(8) نهاية 262 من (ح).
(3/893)
حد الاستثناء على التواطؤ: ما دل على
مخالفة بـ "إِلا" - غير الصفة (1) أو أحد أخواتها.
وعلى المجاز والاشتراك: يجمع بينهما في حد لفظا، فيقال:
المذكور بعد "إِلا" أو أحد أخواتها.
ولا يجمع بينهما معنى؛ لاختلاف الحقيقتين، فيحد المنقطع بالأول
بزيادة: من غير إِخراج.
والمتصل: كلام ذو صيغ محصورة يدل على أن المذكور به لم يرد
بالقول الأول، ذكره القاضي (2) وابن عقيل (3) والغزالي (4).
ومرادهم: أدوات الاستثناء بأحدها، ولهذا قال القاضي (5) وابن
عقيل (6): لا يرد ما اتصل بالواو؛ لأنها محصورة ليس الواو
منها، فلا ينتقض طرده بالتخصيص بالشرط والوصف بـ "الذين"
والغاية، كـ "أكرم بني فلان إِن دخلوا والذين وإلى (7) أن
يدخلوا" و"قاموا ولم يقم زيد" مع
__________
(1) إِنما قيد (إلا) بـ (غير الصفة) ليخرج نحو: (لو كان فيهما
آلهة إِلا الله لفسدتا)؛ لأنه بمعنى: غير الله، فتكون صفة لا
استثناء. انظر: شرح العضد 2/ 133.
(2) انظر: العدة / 659.
(3) انظر: الواضح 2/ 137 أ.
(4) انظر: المستصفى 2/ 163.
(5) انظر: العدة/ 660.
(6) انظر: الواضح 2/ 137 أ.
(7) في (ح): أو إِلى.
(3/894)
أنه مراد (1) مع الشرط والوصف، ولا عكسه بـ
"أكرمهم (2) إِلا زيدا" (3).
واختار الآمدي (4): لفظ متصل بجملة لا يستقل بنفسه قال -على أن
مدلوله غير مراد بما اتصل به- بحرف "إِلا" أو أحد أخواتها.
قال: ولا غبار عليه (5).
ونقض عكسه بـ "ما جاء إِلا زيد"؛ لأنه (6) لم يتصل بجملة؛ لأن
"زيدًا" فاعل.
وقال بعض أصحابنا (7) وغيرهم: إِخراج بـ "إِلا" أو أحد
أخواتها.
مسألة
الاستثناء إِخراج ما تناوله المستثنى منه، يبين أنه لم يُرَدْ
به، كالتخصيص عند القاضي (8) وغيره.
__________
(1) يعني: هذا سبب ثان لعدم ورودهما على الطرد.
(2) في (ظ): بأكرههم.
(3) فإِنه ليس بذي صيغ. فيجاب: بأن المراد بالصيغ أدوات
الاستثناء.
(4) انظر: منتهى السول له / 2/ 41، وقال في الإِحكام 2/ 287:
الاستثناء عبارة عن لفظ متصل بجملة لا يستقل بنفسه قال بحرف
(إِلا) أو أخواتها على أن مدلوله غير مراد مما اتصل به ليس
بشرط ولا صفة ولا غاية.
(5) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 288.
(6) نهاية 91 ب من (ظ).
(7) انظر: البلبل / 111.
(8) انظر: العدة/ 673 - 674.
(3/895)
وفي التمهيد (1) أيضاً: "ما لولاه لدخل في
اللفظ، كالتخصيص" ومراده: كالأول، ومعناه قاله (2) صاحب الروضة
(3) وغيرها، وذكره بعضهم عن أكثر العلماء.
وعند ابن الباقلاني (4): "عشرة إِلا ثلاثة" مركب لسبعة (*)،
فلها اسمان: مركب، ومفرد.
ومعناه في الروضة (5) في كلامه (6) على الشرط.
وسبق (7) كلامه في التمهيد في المخصِّص.
وحكي عن الشافعي (8): إِخراج لشيء دل عليه صدر الجملة
بالمعارضة، فمعنى "عشرة إِلا ثلاثة" فإِنها ليست عَلَيَّ، وعلى
الأول: معناه: سبعة.
__________
(1) انظر: التمهيد/ 59أ.
(2) نهاية 125 ب من (ب).
(3) انظر: روضة الناظر/ 253، 254.
(4) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 89، ومختصره 2/ 134.
(*) فالاستثناء عنده ليس تخصيصا.
(5) انظر: روضة الناظر/ 259.
(6) نهاية 263 من (ح).
(7) في ص 887.
(8) انظر: تخريج الفروع على الأصول/ 152. وقال في فواتح
الرحموت 1/ 316: حكاه مشايخنا عن الشافعي. فانظر: أصول السرخسي
2/ 36، 44، وكشف الأسرار 3/ 121، 123، وتيسير التحرير 1/ 293.
(3/896)
وقيل: المراد بـ "عشرة" مجموع آحادها، ثم
أخرج منها ثلاثة، وأسند بعد إِخراجه، فالمسند إِليه سبعة. فعلى
هذا: قيل: يحتمل أن الاستثناء تخصيص كالمذهب الأول؛ لقصر لفظ
المستثنى منه بعد الإِسناد على بعض مسماه، ويحتمل: لا، كالمذهب
الثاني؛ لأنه أريد به تمام مسماه.
وجه الأول: لو أريد عشرة كاملة امتنع مثل: (فلبث فيهم ألف سنة
إِلا خمسين عامًا) (1)؛ لأنه يلزم كذب أحدهما، ولم نقطع بأنه
إِنما أقر بسبعة (2).
رد ذلك: بأن الصدق والكذب والحكم بالإِقرار باعتبار الإِسناد
لا باعتبار العشرة، والإِسناد بعد الإِخراج.
وجه الثاني: ما سبق، وضعف أدلة غيره (3).
وجه الثالث: أن الاستثناء من النفي إِثبات وبالعكس -لما يأتي
(4) - فوجب كونه معارضًا لصدر (5) الجملة في بعض.
رد: معارض بقولهم: تكلم (6) بالباقي بعد (7) الثُّنْيا (8).
__________
(1) سورة العنكبوت: آية 14.
(2) وقد قطعنا بذلك.
(3) يعني: إِذا بطل أن يكون عشرة وبطل أن يكون سبعة تعين أن
يكون الجميع سبعة.
(4) انظر: ص 930.
(5) في (ظ): لمصدر.
(6) يعني: الاستثناء تكلم ... إِلخ.
(7) الثنيا: اسم من الاستثناء. انظر: لسان العرب 18/ 135،
وتيسير التحرير 1/ 294.
(8) فهذا يعارض كونه من الإِثبات نفيا، ومن النفي إِثباتا.
(3/897)
وجه الأخير: ضعف ما سبق:
أما الأول: فلأنه يلزم من قال: "اشتريت الشيء إِلا نصفه" أن
يريد استثناء نصفه من نصفه، ولتسلسله إِذًا، وللقطع بأن الضمير
للشيء (1) البيع كاملاً، ولإِجماع النحاة (2): أنه إِخراج بعض
من كل، ولإِبطال النصوص (3)، وللقطع بأنا نسقط الخارج (4)،
فالمسند (5) إِليه ما بقي، ولو كان المراد بالمستثنى منه هو
الباقي لم نعلم بالإِسقاط أن المسند إِليه ما بقي؛ لتوقف
إِسقاطه على حصول خارج، ولا خارج إِذًا.
رد ذلك: أن المستثنى منه هو الجميع بحسب ظاهره، والاستثناء بين
أن المراد به النصف، فجميع ذلك بحسب الظاهر، فلا منافاة.
ولا يلزم (6) (7) إِبطال نص وهو: ما لا يحتمل إِلا معنى واحداً
عند عدم (8) قرينة.
__________
(1) نهاية 126 أمن (ب).
(2) انظر: شرح الرضي على الكافية 1/ 225.
(3) كله؛ إِذ ما من لفظ إلا ويمكن الاستثناء لبعض مدلوله،
فيكون المراد هو الباقي، فلا يبقى نصا في الكل، ونحن نعلم أن
نحو "عشرة" نص في مدلوله.
(4) يعني: نسقط الخارج من العشرة عنها.
(5) يعني: فيعلم أن المسند إِليه ما بقي.
(6) في (ظ): ويلزم.
(7) نهاية 264 من (ح).
(8) في (ظ): عام.
(3/898)
وأما ضعف الثاني: فخروجه (1) عن اللغة؛ إِذ
ليس فيها كلمة واحدة مركبة من ثلاث، وأولها معرب أيضًا ولا
إِضافة (2)، ولأنه يعود الضمير في "إِلا نصفه" على جزء الاسم،
وهو ممتنع، ولإِجماع النحاة: أنه إِخراج (3).
مسألة
الاستثناء إِخراج ما لولاه لوجب دخوله -عند أصحابنا والأكثر-
لا ما جاز دخوله، خلافاً لقوم.
واحتج أصحابنا: باللغة، وبأنه لا يصح الاستثناء من جمع منكّر
كـ "اضرب رجالا إِلا زيدا" -وقال في التمهيد (4): قال: "إِلا"
بمعنى "ليس" أي: ليس زيد منهم- كما لا يصح: اضرب رجلاً إِلا
زيدًا.
واعترض: بـ "مَنْ دخل داري أكرمته" لا تدخل الملائكة والجن.
فأجاب القاضي (5): خرجوا بدليل؛ لعدم جواز دخولهم.
__________
(1) في (ظ): لخروجه.
(2) يعني: من غير إِضافة.
(3) نهاية 92 أمن (ظ).
(4) انظر: التمهيد/ 51 ب، 55 ب.
(5) انظر: العدة/ 500، 503، قال: لفظة (مَنْ) إذا استعملت في
الاستفهام نحو: من عندك؟ صلح أن يجيب بذكر كل عاقل، فثبت أن
اللفظ يتناول الجميع، وكذلك إِذا استعملت في المجازاة نحو: "من
دخل داري أكرمته" صلح استثناؤهم؛ لأن الاستثناء يخرج من اللفظ
ما لولاه كان داخلاً فيه، ألا تراه لما لم يتناول غير العقلاء
لم يصح استثناوهم. فإِن قيل: لا نسلم أن صيغة (مَنْ) لكل من
يعقل؛ لأن ممن يعقل=
(3/899)
وفي التمهيد (1): يصح، وإذا قلنا: "لا يصح"
(2) فلمانع (3)؛ لأن المتكلم ما عناهم، ثم (4) يلزمهم صحة
استثنائهم؛ لأنه يصلح دخولهم.
وأبطل أبو البقاء (5) النصب في: (لو كان فيهما آلهة إِلا الله)
(6)؛ لأنه (7) لا يصح الاستثناء من جمع منكّر عند جماعة من
المحققين (8)؛ لأنه لا يعم.
__________
=الجن والملائكة، ولا يدخلون فيه. قيل: الصيغة تناولت كل
هؤلاء، وإنما خرج ذلك بدليل؛ لأنه إِنما يسأله عمن يجوز أن
يكون عنده وعمن يجوز دخوله.
(1) قال في التمهيد/ 52 أ: فإِن قيل: لو كان الاستثناء لا يخرج
إِلا ما لولاه لوجب دخوله تحت اللفظ لحسن أن يقول: (من دخل
داري ضربته إِلا الجن والملائكة)؛ لأنهم يدخلون تحت لفظة (من).
قيل: يصح.
(2) يعني: فإِنما يخرج الاستثناء ما لولاه لتناوله الكلام ولم
يمنع مانع من دخوله تحته، والملائكة والجن يمنع مانع من دخولهم
تحت اللفظ، وهو: علمنا أن المتكلم قبل الاستثناء لم يردهم ولا
عناهم، فلم يكن في الاستثناء فائدة.
(3) في (ح): فللمانع.
(4) قال: ثم يلزمهم مثل هذا؛ لأن الاستثناء لو أخرج من الكلام
ما لولاه لصلح دخوله لوجب إِذا استثنى الملائكة والجن أن يصح؛
لأن دخولهم في قوله: (من دخل داري ضربته) يصح ويصلح أن يدخلوا
فيه، فكل ما يلزمنا يلزمهم.
(5) انظر: إِملاء ما من به الرحمن 2/ 132.
(6) سورة الأنبياء: آية 22.
(7) في (ب) و (ظ): الآية.
(8) نهاية 126 ب من (ب).
(3/900)
وسلّم القاضي (1) وابن عقيل (2) [أيضًا]
(3) -في الجمع المنكر- صحة الاستثناء؛ لأنه قد يكون إِخراج
بعضٍ من بعضٍ الذي هو أقل الجمع.
مسألة
شرط الاستثناء الاتصال لفظاً أو حكماً -كانقطاعه بتنفس أو سعال
ونحوه- عند الأئمة الأربعة وغيرهم والمتكلمين.
وروى سعيد: ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن مجاهد عن ابن (4)
عباس: أنه كان يرى الاستثناء ولو بعد سنة (5).
__________
(1) انظر: العدة/ 525، والمسودة/ 159.
(2) انظر: الواضح 2/ 94 ب.
(3) ما بين المعقوفتين من (ح).
(4) نهاية 265 من (ح).
(5) أخرجه الحاكم في مستدركه 4/ 303 ... عن الأعمش عن مجاهد عن
ابن عباس، وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه
الذهبي.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 10/ 48 من طريق سعيد بن منصور،
وأخرجه الطبري في تفسيره 15/ 151 وفيه: قيل للأعمش: سمعته من
مجاهد؟ فقال: ثني به ليث بن أبي سليم.
وقد ورد عن ابن عباس خلاف هذا، فقد أخرج الطبراني في معجمه عن
ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس -في قوله تعالى: (واذكر ربك
إِذا نسيت) - قال: إِذا شئت الاستثناء فاستثن إِذا ذكرت، وهي
لرسول الله، وليس لنا أن نستثني إِلا بصلة اليمين. ا. هـ. قال
الزيلعي: وقد استوفينا الروايات عن ابن عباس في ذلك والكلام
عليها في أحاديث الأصول. انظر: نصب الراية 3/ 303. وفي مجمع
الزوائد=
(3/901)
الأعمش مدلّس (1).
ومعناه قول طاوس (2) ومجاهد.
وقال بعض المالكية (3): يصح اتصاله بالنية وانفصاله (4) لفظا
فيديّن، قال الآمدي (5): ولعله مذهب ابن عباس.
وعن أحمد (6) -في الاستثناء في اليمين-: يصح منفصلاً في زمن
__________
=4/ 182: وعن ابن عباس: (واذكر ربك إِذا نسيت) الاستثناء
فاستثن إِذا ذكرت. قال: هي خاصة لرسول الله، وليس لأحد أن
يستثني إِلا في صلة. رواه الطبراني في الأوسط والصغير وفيه عبد
العزيز بن حصين وهو ضعيف. وانظر: المعتبر/ 54 أ-ب، وقال
الزركشي فيه بعد كلام طويل: وتحصل من هذا أن إِطلاق النقل عن
ابن عباس في هذه المسألة ليس بجيد لأمرين: أحدهما: أنه لم يقل
ذلك في الاستثناء، وإِنما قاله في تعليق المشيئة، قال ابن
جرير: ولو صح عنه فهو محمول على أن السنة أن يقول الحالف: "إن
شاء الله" ولو بعد سنة، ليكون آتيا بسنة الاستثناء حتى ولو كان
بعد الحنث لا أن يكون رافعا لحنث اليمين ومسقطا للكفارة.
وثانيهما: أنه جعل ذلك من الخصائص النبوية.
(1) انظر: ميزان الاعتدال 2/ 224.
(2) انظر: المصنف لعبد الرزاق 8/ 517، والمحلى لابن حزم 8/ 408
- 409.
(3) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 91، ومختصره 2/ 137، وشرح
تنقيح الفصول/ 242، والإحكام للآمدي 2/ 289.
(4) في هامش (ب) و (ظ): أصله: وانقطاعه.
(5) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 289.
(6) انظر: العدة/ 660 - 661.
(3/902)
يسير، ولم يختلط كلامه بغيره.
وعنه (1) أيضاً: وفي المجلس، وذكره في الإِرشاد قول بعض
أصحابنا، وهو عن الحسن وعطاء (2)، وفي المبهج لبعض أصحابنا:
ولو تكلم.
وفي المستوعب (3) لبعض أصحابنا (4): يعتبر للاستثناء في
الإِقرار الاتصال كاليمين.
وفي الواضح (5) لابن الزاغوني (6) -في الإِقرار-: إِن سكت ما
يمكنه الكلام فروايتان، أصحهما: لا يصح استثناؤه، والثانية:
يصح، كما لو تقارب ما بينهما، أو منع مانع. كذا قال.
وقال بعض أصحابنا (7) -عن الروايتين السابقتين في اليمين-: يجب
إِجراؤهما في جميع صلات الكلام المغيرة له من تخصيص وتقييد،
والأحكام تدل على ذلك كسكوته (8) في
__________
(1) انظر: العدة / 661.
(2) حكاه الحلواني، فانظر: المسودة/ 152.
(3) المستوعب: كتاب في الفقه الحنبلي - لمحمد بن عبد الله
السامري الحنبلي، المتوفى سنة 616 هـ. توجد منه نسخة مخطوطة
بدار الكتب الظاهرية بدمشق، برقم 2738. وقد حقق في رسائل
دكتوراه -بقسم الفقه بكلية الشريعة بالرياض- لكل من: د/ مساعد
الفالح، د/ فهد السنيدي، د / محمَّد الشمراني، د/ عبد الرحمن
الداود.
(4) انظر: المستوعب 3/ 161 ب.
(5) الواضح: كتاب في الففه الحنبلي. ولم أعثر عليه.
(6) في (ب): لابن الزاغوي.
(7) انظر: المسودة/ 152 - 153.
(8) في (ح): لسكوته.
(3/903)
الفاتحة (1)، وهو (2) شبيه بمجلس العقود من
الإِيجاب والقبول أو أقصر منه (3).
لنا: قوله - عليه السلام -: (من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا
منها (4) فليكفر عن يمينه) (5). متفق عليه، احتج به أحمد
والأئمة، فلو صح
__________
(1) يعني: لو سكت في أثنائها سكوتا يسيرا لم يخل بالمتابعة
الواجبة، ولو طال أو فصل بأجنبي أخل.
(2) يعني: اعتبار الزمان القريب وعدم الأجنبي.
(3) لأن ارتباط كلام المتكلم الواحد بعضه ببعض إِن لم تكن
موالاته أشد من موالاة كلام المتكلمين لم تكن دونه.
(4) نهاية 127 أمن (ب).
(5) أخرج البخاري في صحيحه 18/ 147 - 148، ومسلم في صحيحه/
1273 - 1274 عن عبد الرحمن بن سمرة مرفوعًا: (وإذا حلفت على
يمين فرأيت غيرها خيرًا منها فأْتِ الذي هو خير وكفّر عن
يمينك). وأخرج مسلم في صحيحه/ 1272 عن أبي هريرة مرفوعاً: (من
حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأْت الذي هو خير وليكفر
عن يمينه). وأخرجه -بمثل هذا اللفظ- النسائي في سننه 7/ 11 عن
عدي بن حاتم مرفوعًا، وأخرجه النسائي أيضًا في سننه 7/ 10 عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً، إِلا أنه قال: (فليكفر
عن يمينه وليأت الذي هو خير). وأخرجه الترمذي في سننه 3/ 43 عن
أبي هريرة مرفوعًا، بلفظ: ... (فليكفر عن يمينه وليفعل).
وأخرجه ابن ماجه في سننه/ 681 عن عدي مرفوعاً، بلفظه السابق،
وأخرجه -كذلك- أيضاً الدارمي في سننه 2/ 107، وأحمد في مسنده
4/ 256. وأخرجه مالك في الموطأ/ 478 عن أبي هريرة مرفوعاً
بلفظ: (فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير).
(3/904)
لم يعين الكفارة وأرشده إِلى الاستثناء؛
لأنه أسهل، لعدم حنثه (1) (2).
وعن ابن عمر مرفوعًا: (من حلف -فقال: إِن شاء الله- فلا حِنْث
عليه). رواه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه (3)، (4) وإسناده
جيد، والأشهر وقفه (5). والفاء للتعقيب، وإلا (6) كانت الواو
أولى، لكثرة الفائدة وعدم (7) اللبس.
ولَمَا تَمَّ إِقرار ولا طلاق ولا عتاق.
ولما علم صدق ولا كذب لإِمكان الاستثناء.
ولأنه غير مستعمل لغة.
__________
(1) في (ظ): خبثه. والحِنْث في اليمين: نقضها والنَّكْث فيها.
انظر: النهاية في غريب الحديث 1/ 449.
(2) يعني: لأنه لا حنث بالاستثناء.
(3) انظر: مسند أحمد 2/ 6، 48، 153، وسنن النسائي 7/ 12، وسنن
الترمذي 3/ 43 - 44، وأخرجه أبو داود في سننه 3/ 575 - 576،
وابن ماجه في سننه/ 680، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد
الظمآن/ 287)، والشافعي (انظر: بدائع السنن 2/ 142)، والحاكم
في مستدركه 4/ 303 وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه هكذا.
ووافقه الذهبي.
(4) نهاية 266 من (ح).
(5) انظر: سنن الترمذي 3/ 44، ونصب الراية 3/ 301، والتلخيص
الحبير 4/ 168.
(6) نهاية 92 ب من (ظ).
(7) في (ظ): ولعدم.
(3/905)
ولأنه غير مستقل، كالجزاء مع الشرط والخبر
مع المبتدأ.
وجوّزه بعض أصحابنا (1) فيهما (2) بزمن يسير.
قالو ا: لو لم يصح لم يفعله - عليه السلام - في: (لأغزون
قريشًا)، ثم سكت، قال: (إِن شاء الله)، ثم لم يغزهم. رواه أبو
داود (3) من حديث شريك (4) عن
__________
(1) انظر: المسودة/ 153.
(2) يعني: في المبتدأ والخبر، والشرط والجزاء.
(3) انظر: سنن أبي داود 3/ 589 - 591. وأخرجه ابن حبان في
صحيحه موصولا (انظر: موارد الظمآن/ 288)، والبيهقي في سننه 10/
47 - 48 موصولاً ومرسلاً. وأخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده
وابن عدي في الكامل موصولاً.
انظر: نصب الراية 3/ 303. وقال ابن حبان في كتاب الضعفاء: هذا
حديث رواه شريك ومسعر، فأسنداه مرة، وأرسلاه أخرى. ا. هـ.
وذكره ابن القطان في كتابه -وفيه عبد الواحد بن صفوان- ثم قال:
وعبد الواحد هذا ليس بشيء، والصحيح مرسل. ا. هـ. انظر: نصب
الراية 3/ 303. وقال أبو حاتم: روي مرسلاً وهو أشبه. فانظر:
العلل لابنه 1/ 440، وراجع: المعتبر/ 55 أ- ب.
(4) هو: أبو عبد الله شريك بن عبد الله بن أبي شريك النخعي
الكوفي القاضي، روى عن أبي إِسحاق السبيعي وسماك بن حرب
والأعمش وغيرهم، وعنه: ابن مهدي ووكيع وابنه عبد الرحمن بن
شريك وغيرهم، توفي سنة 177 هـ. قال أحمد: هو في أبي إِسحاق
أوثق من زهير. وقال ابن معين: ثقة يغلط. وقال العجلي: ثقة.
وقال يعقوب بن سفيان: ثقة سيئ الحفظ. قال ابن حجر في التقريب:
صدوق يخطئ كثيراً، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة. انظر:
ميزان الاعتدال 2/ 270، وتهذيب التهذيب 4/ 333، وتقريب التهذيب
1/ 351
(3/906)
سِمَاك (1) عن عكرمة عن ابن عباس مرسلاً
وموصولاً.
رد: إِن صح فسكوته لعارض، أو التقدير: أفعل إِن شاء الله.
قال: لولا صحته لم يقل به ابن عباس.
رد: قال ابن عمر بخلافه، رواه سعيد (2) من رواية عبد الرحمن بن
أبي الزناد.
__________
(1) هو: أبو المغيرة سماك بن حرب بن أوس الذهلي البكري الكوفي،
روى عن جابر بن سمرة وأنس والنعمان بن بشير وغيرهم، وعنه: ابنه
سعيد والثوري وشريك وغيرهم، توفي سنة 123 هـ. وثقه أبو حاتم
وابن معين في رواية ابن أبي خيثمة وابن أبي مريم. وقال أبو
طالب عن أحمد: مضطرب الحديث. قال ابن حجر في التقريب: صدوق،
وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة. وقد تغير بأخرة فكان ربما يلقن.
انظر: ميزان الاعتدال 2/ 232، وتهذيب التهذيب 4/ 232، وتقريب
التهذيب 1/ 332.
(2) أخرج الدارقطني في سننه 4/ 162: نا إِسماعيل بن محمَّد
الصفار نا عمر بن مدرك نا سعيد بن منصور نا ابن أبي الزناد عن
أبيه عن سالم عن ابن عمر قال: كل استثناء غير موصول فصاحبه
حانث. قال في نصب الراية 3/ 303: وعمر بن مدرك ضعيف. وفي
المعرفة للبيهقي: وروى سالم عن ابن عمر أنه قال: كل استثناء
موصول فلا حنث على صاحبه، وكل استثناء غير موصول فصاحبه حانث.
فانظر: نصب الراية 3/ 303.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 10/ 47: أخبرنا أبو نصر بن
قتادة أنبأنا أبو منصور النضروي ثنا أحمد بن نجدة ثنا سعيد بن
منصور ... إِلخ. وأخرج -أيضاً- من طريق آخر عن ابن عمر قال:
إِذا حلف الرجل فاستثنى فقال: "إِن شاء الله" ثم وصل الكلام
بالاستثناء ثم فعل الذي حلف عليه لم يحنث.
(3/907)
ثم: إِن صح فلعل مراده: "أفعل إِن شاء
الله"، أو ما سبق (1).
وذكر الآمدي (2): اتفاق أهل اللغة -سواه- على إِبطاله.
ونقض بعضهم بصفة وغاية. كذا قال.
واحتج بعض أصحابنا (3): بأن الاتصال والموالاة (4) في الأقوال
لا يخل بهما (5) فصل يسير كما في (6) الأفعال، وقوله - عليه
السلام -: (إِلا الإِذخر) (7)، وقوله -عن سليمان عليه السلام
-: (لو قال: "إِن شاء الله" لم يحنث) (8)، وقوله: (إِلا سهيل
(9)
__________
(1) وهو ما ذكره الآمدي في ص 902.
(2) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 291.
(3) انظر: المسودة / 152، 153.
(4) في (ب): المولاة.
(5) في (ح): بها.
(6) يعني: كالاتصال والموالاة في الأفعال؛ إِذ المتقارب
متواصل.
(7) أخرج البخاري في صحيحه 4/ 104 - 105، ومسلم في صحيحه/ 986
- 987 عن ابن عباس: أن النبي قال -عن بلد مكة- (لا يختلى
خلاه)، فقال العباس: يا رسول الله، إِلا الإِذخر، فإِنه لقينهم
وبيوتهم، فقال: (إِلا الإِذخر).
(8) وتتمته: (وكان دَرَكا لحاجته). أخرجه البخاري في صحيحه 8/
146 - 147، ومسلم في صحيحه/ 1275 عن أبي هريرة مرفوعاً.
(9) هو: الصحابي سهيل بن بيضاء القرشي، وبيضاء أمه، واسمها
وعد، واسم أبيه وهب ابن ربيعة الفهري القرشي، توفي بالمدينة
سنة 9 هـ.
انظر: الاستيعاب/ 667، والإِصابة 3/ 208.
(3/908)
ابن بيضاء (1) ,
__________
(1) أخرجه الترمذي في سننه 4/ 335 - 336 من حديث أبي عبيدة بن
عبد الله بن مسعود عن أبيه -في شأن أسارى بدر- وفيه: فقال رسول
الله: (لا ينفلتن أحد منهم إِلا بفداء أو ضرب عنق). فقال عبد
الله بن مسعود: فقلت: يا رسول الله، إِلا سهيل ابن بيضاء؛
فإِني سمعته يذكر الإِسلام، قال: فسكت رسول الله، قال: فما
رأيتني في يوم أخوف أن تقع عليّ حجارة من السماء مني في ذلك
اليوم حتى قال رسول الله: (إِلا سهيل بن البيضاء ...) قال
الترمذي: حديث حسن، وأبو عبيدة بن عبد الله لم يسمع من أبيه.
وأخرجه أحمد في مسنده 1/ 383 - 384، والطبري في تفسيره 14/ 61
- 62ط: دار المعارف، والحاكم في مستدركه 3/ 21 - 22 وقال: صحيح
الإِسناد ولم يخرجاه .. ووافقه الذهبي.
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 6/ 86 - 87، وقال: ورواه أبو
يعلى بنحوه، ورواه الطبراني أيضاً، وفيه أبو عبيدة ولم يسمع من
أبيه، ولكن رجاله ثقات. وانظر: الإصابة 3/ 209.
ملاحظة: قول المؤلف: (سهيل بن بيضاء) كذا ورد -أيضًا- في
الروايات. أقول: ولعله الصحابي سهل بن بيضاء أخو سهيل، قال ابن
سعد في الطبقات 4/ 1/ 156: سهل بن بيضاء: أسلم بمكة وكتم
إِسلامه، فأخرجته قريش معها في نفير بدر، فشهد بدرًا مع
المشركين، فأسر يومئذ، فشهد له عبد الله بن مسعود أنه رآه يصلي
بمكة، فخلي عنه. والذي روى هذه القصة في سهيل بن بيضاء قد
أخطأ؛ سهيل بن بيضاء أسلم قبل عبد الله بن مسعود ولم يستخف
بإسلامه، وهاجر إِلى المدينة، وشهد بدرا مع رسول الله مسلما لا
شك فيه، فخلط من روى ذلك الحديث ما بينه وبين أخيه؛ لأن سهيلا
أشهر من أخيه سهل، والقصة في سهل. ا. هـ.
(3/909)
وبما [سبق (1)] (2) من الأحكام.
ويجاب عن القياس: بالمنع، وبأنه (3) خلاف ما سبق (4) من النص
واللغة.
و (إِلا الإِذخر) ونحوه: من بيان الفقه، وهو أسهل، ولهذا اكتفي
فيه بالإِشارة في أحكام الحج.
ولم يحنث سليمان؛ لوجود ما حلف عليه لقوله: (وكان دركا لحاجته)
(5).
والأحكام تعمها أدلة الإِجزاء، ولا يختل المقصود بها، والجمع
(6) متعين.
وأجاب ابن عقيل (7) -عن كون المجلس كحالة الكلام بدليل (8)
الصرف (9) -: بما (10)
__________
(1) في ص 903 - 904.
(2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).
(3) نهاية 127 ب من (ب).
(4) في ص 904 - 905.
(5) نهاية 267 من (ح).
(6) بين أدلتها وأدلة وجوب الاتصال.
(7) انظر: الواضح 2/ 140أ.
(8) يعني: بدليل قبض ثمن الصرف.
(9) ضرب على (الصرف) في (ظ).
(10) في (ب) و (ظ): ما.
(3/910)
سبق (1)، وأن ذلك (2) لا يعقل معناه. والله
أعلم.
مسألة
لا يصح الاستثناء إِلا نطقا (3) عند الأئمة الأربعة وغيرهم،
لما سبق، إِلا في اليمين لخائف من نطقه.
وقال بعض المالكية -في اليمين-: قياس مذهب مالك (4) صحته
بالنية.
* * *
ويجوز تقديمه عندهم، كقوله - عليه السلام -: (إِني والله إِن
شاء الله لا أحلف على يمين) الحديث (5)، متفق عليه.
__________
(1) من تشبيه الاستثناء بالشرط والجزاء ... انظر: ص 906.
(2) قال: وبأن ذلك تعبد لا يعقل معناه، فأين هو من صلة الكلام
بعضه ببعض من طريق اللغة والوضع؟
(3) في هامش (ظ): مراده -والله أعلم-: إِذا كان المستثنى منه
عددا صريحًا، بخلاف ما إِذا كان المستثنى منه عاما، فإِنه يصح
الاستثناء منه بالنية على ما ذكروه في كتب الفقه فيما إِذا
قال: (أنت طالق ثلاثاً) واستثنى بقلبه: (إِلا واحدة) فإِنه لا
يديّن على المقدم، خلافا لأبي الخطاب، وإذا قال: (نسائي طوالق)
واستثنى بقلبه واحدة فإِنه يدين؛ لأن (نسائي) عام، فإِن قال:
(نسائي الأربع) لم يدين على المقدم؛ لكونه صرح بالعدد بقوله:
(الأربع)، والله أعلم.
(4) في المدونة 2/ 109: قال مالك: وإن استثنى في نفسه ولم يحرك
به لسانه لم ينتفع بذلك.
(5) وتمامه: (فأرى غيرها خيرا منها إِلا أتيت الذي هو خير
وتحللتها). أخرجه البخاري في صحيحه 8/ 147، ومسلم في صحيحه/
1270 عن أبي موسى مرفوعاً.
(3/911)
وكقول الكميت (1):
فما لي إِلا آل أحمد شيعة (2).
مسألة
استثناء الكل باطل إِجماعًا.
ثم: إِذا استثني منه: فهل يبطل الجميع؛ لأن الثاني فرع الأول،
أم يرجع إِلى ما قبله؛ لأن الباطل كالعدم، أم يعتبر ما تؤول
إِليه الاستثناءات (3)؟ فيه أقوال لنا وللعلماء.
وقال ابن أبي طلحة (4)
__________
(1) هو: أبو المستهل -أو أبو السهيل- الكميت بن زيد بن خنيس
الأسدي، شاعر رافضي متعصب، ولد سنة 60 هـ، وتوفي سنة 126 هـ.
انظر: الشعر والشعراء 2/ 581، وطبقات فحول الشعراء لابن سلام
الجمحي/ 45.
(2) هذا صدر من بيت عجزه:
وما لي إِلا مشعب الحق مشعب
وقد نسبه إِليه المبرد في المقتضب 4/ 398، وابن يعيش في شرح
المفضل 2/ 79، وابن منظور في لسان العرب 1/ 483، وخالد الأزهري
في التصريح 1/ 355.
ويروى بلفظ:
وما لي إِلا مذهب الحق مذهب
فانظر: شرح شذور الذهب/ 263، ومعجم شواهد العربية 1/ 35.
(3) في (ب): الاستثناءان.
(4) كذا في النسخ، ولعل صوابه: ابن طلحة، فانظر: شرح تنقيح
الفصول/ 244.=
(3/912)
المالكي (1) -في: أنت طالق ثلاثاً إِلا
ثلاثاً-: في لزوم الثلاث قولان.
قال بعض المالكية (2): عدمه (3) يقتضي استثناء الجميع (4).
* * *
والأكثر -أيضًا- باطل عند أحمد (5) وأصحابه، وقاله أبو يوسف
(6) وعبد الملك (7) بن الماجشون وأكثر النحاة (8)، وذكر (9)
ابن هبيرة: أنه قول
__________
=وهو: أبو بكر عبد الله بن طلحة بن محمَّد اليابري الإشبيلي،
فقيه أصولي مفسر، روى عن أبي الوليد الباجي، ورحل إِلى المشرق،
وروى عنه أبو الحجاج يوسف بن محمَّد القيرواني، وكان سماعه منه
سنة 516 هـ، استوطن مصر، ثم رحل إلى مكة وتوفي بها، ولم أقف
على تاريخ وفاته.
من مؤلفاته: المدخل في الفقه، وسيف الإِسلام على مذهب مالك.
انظر: نيل الابتهاج بتطريز الديباج/ 131 - 132، وشجرة النور
الزكية 130.
(1) قال ذلك في كتابه: المدخل. انظر: شرح تنقيح الفصول/ 244،
246.
(2) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 244 - 245.
(3) يعني: عدم اللزوم.
(4) يعني: جواز استثناء الجميع من الجميع.
(5) انظر: العدة/ 666، والمسودة/ 154.
(6) انظر: بدائع الصنائع / 4562.
(7) نقله عنه المازري. انظر: المسودة/ 155.
(8) انظر: همع الهوامع 1/ 228.
(9) انظر: الإفصاح 2/ 17.
(3/913)
أهل (1) اللغة.
وعند أكثر الفقهاء والمتكلمين -منهم: الأئمة الثلاثة-: يصح،
واختاره أبو بكر الخلال من أصحابنا.
وجه الأول: أنه لغة، فمن ادعاه فعليه (2) البيان.
ثم نقول: لا يعرف لما سبق (3)، وأنكره الزجاج (4) وابن قتيبة
(5) وابن (6) درستويه (7) وابن (8) جني.
فإِن قيل: جوزه (9) أكثر الكوفيين.
__________
(1) نهاية 93 أمن (ظ).
(2) نهاية 128 أمن (ب).
(3) من أن أهل اللغة قالوا بخلافه.
(4) في كتابه: معاني القرآن إعرابه. انظر: العدة/ 667.
(5) في كتابيه: (جوابات المسائل، والجامع في النحو). انظر:
العدة/ 667 - 668.
(6) انظر: العدة/ 666.
(7) هو: أبو محمَّد عبد الله بن جعفر بن درستويه الفارسي، نحوي
مشهور، توفي سنة 347 هـ. من مؤلفاته: الإرشاد في النحو، وغريب
الحديث.
انظر: وفيات الأعيان 2/ 247، وطبقات النحويين واللغويين/ 116،
وبغية الوعاة 2/ 36، وإنباه الرواة 2/ 113.
(8) انظر: العدة/ 667.
(9) انظر: شرح الرضي على الكافية 1/ 240، والتسهيل لابن مالك/
103، وهمع الهوامع 1/ 228.
(3/914)
قيل: (1) نمنع ثبوته عنهم في الأعداد (2)،
ثم: عليهم الدليل، والبصريون (3) أثبت في اللغة -كالخليل (4)
وسيبويه (5) - وقد منعوه، وأنكره من تتبعه كما سبق.
وأيضًا: وضع للاستدراك والاختصار، فمن أقر بألف إِلا تسعمائة
تسعة (6) وتسعين، فهو خلاف الوضع، ولهذا يعد قبيحًا عرفًا،
والأصل التقرير.
واستدل: بأنه خلاف الأصل؛ لأنه إِنكار بعد إِقرار فصح في الأقل
لأنه قد ينساه فينضر (7) إِن لم يصح.
__________
(1) في (ب) و (ظ): يمتنع.
(2) نهاية 268 من (ح).
(3) انظر: همع الهوامع 1/ 228.
(4) هو: أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الأزدي الفراهيدي
البصري، واضع علم العروض، إِمام في العربية، توفي سنة 170 هـ.
من مؤلفاته: كتاب العين، والعروض.
انظر: المعارف/ 541، ومعجم الأدباء 11/ 72، ووفيات الأعيان 2/
15، وطبقات النحويين واللغويين/ 47، وإنباه الرواة 1/ 341.
(5) انظر: المسودة / 154 - 155.
(6) كذا في النسخ. ولعلها: وتسعة.
(7) في (ب) و (ظ): فينضر في الأقل إِن لم يصح.
(3/915)
رد: بالمنع؛ فإِنهما كجملة (1)، وهو (2)
تكلم بالباقي.
ثم: بمنع مخالفة الأصل، فيصح في الأكثر؛ لئلا ينضر، وصدقه
ممكن.
قالوا: وقع في قوله: (إِلا من اتبعك من الغاوين) (3)، وقوله:
(إِلا عبادك منهم المخلصين) (4)، وأيهما كان الأكثر فقد
استثناه، أو أن الغاوين أكثر لقوله: (وما أكثر الناس ولو حرصت
بمؤمنين) (5).
رد: الخلاف في الاستثناء من عدد، وهذا تخصيص بصفة، وفرق
بينهما؛ لأنه يستثنى بالصفة مجهولا من معلوم ومن مجهول والجميع
أيضًا، فلو قال "اقتل من في الدار إِلا بني تميم أو إِلا
البيض" -فكانوا كلهم بني تميم أو بيضًا- لم يجز قتلهم بخلاف
العدد، ثم: الجنس ظاهر والعدد صريح، فلهذا فرقت اللغة بينهما.
ثم: هو استثناء منقطع أي: لكن.
ثم: قوله: (إِلا عبادك منهم) (6) يعني: ولد آدم، وفي الآية
الأخرى (7) أضاف العباد إِليه، والملائكة منهم، فاستثنى الأقل
فيهما.
__________
(1) في (ظ): كحكمه.
(2) يعني: الاستثناء.
(3) سورة الحجر: آية 42.
(4) سورة الحجر: آية 40.
(5) سورة يوسف: آية 103.
(6) سورة الحجر: آية 40.
(7) وهي قوله تعالى: (إِن عبادي ليس لك عليهم سلطان). سورة
الحجر. آية 42.
(3/916)
واعتمد في العدة (1) والتمهيد (2) وغيرهما
على الجواب الأول، وبه يجاب عن (3) قوله تعالى: (كلكم جائع
إِلا من أطعمته). رواه مسلم من حديث أبي ذر (4).
ولم يعرج عليه (5) صاحب الروضة (6).
وبعض الناس ذكر فيه (7) خلافاً، كذا قال -[وفي الواضح (8): لا
خلاف فيه (*)] (9) - لكن (10) اتفقوا: أنه لو أقر بهذه الدار
إِلا هذا البيت صح، ولو كان أكثر، بخلاف "إِلا ثلثيها"، فإِنه
على الخلاف، ولهذا قال
__________
(1) انظر: العدة/ 669 - 670.
(2) انظر: التمهيد/ 58أ.
(3) نهاية 128 ب من (ب).
(4) انظر: صحيح مسلم/ 1994. وأخرجه أحمد في مسنده 5/ 16. وهذا
حديث قدسي.
(5) يعني: على الجواب الأول.
(6) انظر: روضة الناظر/ 256.
(7) يعني: في استثناء بعض الجملة التي لم ينص فيها على عدد.
(8) انظر: الواضح 2/ 143 أ-ب.
(*) يعني: استثناء بعض الجملة التي لم ينص فيها على عدد لا في
المستثنى منه ولا الاستثناء، وإنما تعلم الكثرة بالاستدلال،
وإنما الخلاف في استثناء الأكثر من جملة ذات عدد محصور منطوق
به ويستثنى منها بعدد منصوص عليه. كذا قال في الواضح.
(9) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(10) نهاية 269 من (ح).
(3/917)
صاحب المحرر (1): لا خلاف في جوازه إِذا
كانت الكثرة من دليل خارج، لا من اللفظ.
قالوا: كالتخصيص، كاستثناء الأقل.
وجوابه واضح.
وعجبٌ ممن (2) ذكر الخلاف ثم يحتج بالإِجماع: أن من أقر بعشرة
إِلا درهمًا يلزمه تسعة (3).
* * *
وفي صحة استثناء النصف وجهان لنا (4)، وذكر ابن هبيرة (5)
الصحة ظاهر المذهب.
والمنع قول أكثر البصريين (6) وابن الباقلاني (7) -وذكره أبو
الطيب (8)
__________
(1) انظر: المسودة/ 155.
(2) في (ب) و (ظ): من.
(3) كذا في النسخ. وفي المنتهى لابن الحاجب/ 91: من أقر بعشرة
إِلا تسعة لم يلزمه إِلا درهم.
(4) انظر: العدة/ 270.
(5) انظر: الإِفصاح 2/ 17.
(6) انظر: شرح الرضي على الكافية 1/ 240، والتسهيل لابن مالك/
103، وهمع الهوامع 1/ 228.
(7) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 297، وشرح العضد 2/ 138.
(8) انظر: المسودة/ 155.
(3/918)
الشافعي عن أحمد- لقول الزجاج (1): لم يأت
إِلا في القليل.
وجه الأول: قوله: (قم الليل إِلا قليلاً * نصفه) (2)، فـ
(نصفه) بدل من (3) "قليل"؛ لأنه لو كان بدلا من (الليل) كان
الاستثناء منه (4)، فقوله: (أو انقص منه) (5)، (أو زد عليه)
(6) الهاء فيهما للنصف، أي: انقص من نصفه (7) قليلاً -أي: على
(8) الباقي- والقليل المستثنى ليس (9) بمقدر فيعقل (10)
النقصان منه.
وقيل: "نصفه إِلا قليلاً" (أو انقص منه قليلاً) (11) معناها
واحد. كذا قيل.
* * *
__________
(1) في كتابه: معاني القرآن وإعرابه. انظر: العدة/ 667.
(2) سورة المزمل: الآيتان 2، 3.
(3) نهاية 93 ب من (ظ).
(4) يعني: من النصف.
(5) سورة المزمل: آية 3.
(6) سورة المزمل: آية 4.
(7) انظر: زاد المسير 8/ 388، وتفسير القرطبي 19/ 35، وإملاء
ما من به الرحمن 2/ 271.
(8) في (ح): أي على القليل الباقي.
(9) في (ح): وليس.
(10) يعني: فالنقصان منه لا يعقل، فكان المؤلف يقول: والقليل
المستثنى ليس مقدر حتى يعقل النقصان منه.
(11) سورة المزمل: آية 3.
(3/919)
وعن جماعة من أهل اللغة (1) لا يصح استثناء
عقد كـ "عشرة" من "مائة"، بل بعضه كـ "خمسة".
مسألة
الاستثناء -إِذا تعقب جملاً بالواو العاطفة- لجميعها عند
أصحابنا والمالكية (2) والشافعية (3).
وعند الحنفية (4): للأخيرة، قال صاحب المحرر (5): وهو (6)
أقوى.
وسبق (7) في الواو اختلاف أصحابنا: هل تجعل الجُمَل كجملة؟
وذكروا على هذا الأصل مسائلٍ (8) في الطلاق والإِقرار.
وقال جماعة من المعتزلة، منهم: عبد الجبار وأبو الحصين (9)
-ومعناه
__________
(1) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 297، والمسودة/ 155.
(2) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 249.
(3) انظر: اللمع/ 24، والتبصرة/ 172، والمستصفى 2/ 174،
والمحصول 1/ 3/ 63، والإِحكام للآمدي 2/ 300.
(4) انظر: أصول السرخسي 2/ 44، وكشف الأسرار 3/ 133.
(5) انظر: المسودة/ 156.
(6) نهاية 129أمن (ب).
(7) انظر: ص 131 - 132 من هذا الكتاب.
(8) نهاية 270 من (ح).
(9) انظر: المعتمد/ 264، والإِحكام للآمدي 2/ 300.
(3/920)
قول القاضي في الكفاية (1) -: إِن تبين
إِضراب (2) عن الأولى فللأخيرة، وإلا فللجميع، والإِضراب: أن
يختلفا نوعاً كالأمر والخبر نحو: "أكرم بني تميم، وجاء القوم
إِلا الطوال"، أو اسمًا نحو: "أكرم بني تميم، وأهن بني زيد
إِلا الطوال"، وليس الاسم في الثانية ضميراً للاسم في الأولى
كـ "أكرم بني تميم، واستأجرهم إِلا الطوال"، أو حكماً كـ "أكرم
واستأجر"، ولم تشترك الجملتان في غرض كـ "أكرم الضيف، وتصدق
على الفقراء إِلا الفاسق"، فالغرض: الحمد (3).
وتوقف ابن الباقلاني (4) والغزالي (5) وجماعة من الشافعية (6)
القاضي (7) عن الأشعرية.
قال ابن عقيل (8) وغيره: هو مُحْدَث بعد الإِجماع (9).
__________
(1) انظر: المسودة/ 156.
(2) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): الإِضراب.
(3) في (ب): الجمل. وفي (ظ): الحمل.
(4) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 301، ومختصر ابن الحاجب 2/ 139.
(5) انظر: المستصفى 2/ 177 - 178 وقال: وإن لم يكن بد من رفع
التوقف فمذهب المعممين أولى.
(6) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 301.
(7) انظر: العدة/ 679.
(8) انظر: الواضح 2/ 150 ب.
(9) يعني: هو إِحداث قول آخر.
(3/921)
وقال المرتضى (1) الشيعي: بالاشتراك.
واختار الآمدي (1): إِن ظهر أن الواو للابتداء -كالقسم الأول-
فللأخيرة، أو عاطفة فللجميع، وإِن أمكنا فالوقف.
وقيل: إِن كان بينهما تعلق كـ "أكرم العلماء والزهاد، وأنفق
عليهم إِلا المبتدعة" فللجميع وإلا فللأخيرة (2).
وجه الأول: أن العطف يجعل الجميع كواحد.
رد: هذا في المفردات، وفي الجمل محل النزاع.
قالوا: كالشرط فإِنه للجميع.
رد: بالمنع (3)، ثم: قياس في اللغة، ثم: الشرط رتبته التقديم
لغة بلا شك، فالجمل هي الشرط، والجزاء لها.
قالوا: لو كرر الاستثناء كان مستهجنًا قبيحًا لغة، ذكره في
الروضة (4) باتفاقهم.
رد: بالمنع لغة، قاله الآمدي (5)، (6) ولهذا روى سعيد عنه -
عليه
__________
(1) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 301.
(2) في (ح): فلاخيرة.
(3) يعني: منع أنه كالشرط.
(4) انظر: روضة الناظر/ 258.
(5) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 302.
(6) نهاية 129 ب من (ب).
(3/922)
السلام -: (لا يؤم الرجل الرجل في سلطانه
إِلا بإِذنه، ولا يقعد على تكرمته في بيته إِلا بإِذنه) (1).
ثم: (2) عند قرينة اتصال الجمل.
ثم: الاستهجان لترك (3) الاختصار؛ لأنه يمكن بعد الجمل: "إِلا
كذا في الجميع".
قالوا: صالح للجميع، فكان له كالعام، فبعضه تحكّم.
رد: لا ظهور (4)، بخلاف العام، والجملة الأخيرة (5) أولى
لقربها.
قالوا: "خمسة وخمسة إِلا ستة" للجميع إِجماعًا -ذكره في
التمهيد (6) - فدل أن المراد بالجمل ما يقبل الاستثناء، لا
الجمل النحوية، ولهذا ذكر القاضي (7) وغيره الأعداد من صورها،
وسوى بين قوله: "رجل
__________
(1) وأخرجه -بدون تكرار الاستثناء- مسلم في صحيحه / 465، وأبو
داود في سننه 1/ 390 - 391، والترمذي في سننه 1/ 149 - 150
وقال: حسن صحيح، والنسائي في سننه 2/ 76، 77، وابن ماجه في
سننه 133/ 314 من حديث أبي مسعود البدرى مرفوعًا.
(2) يعني: إِنما يكون مستهجنا عند قرينة اتصال الجمل.
(3) نهاية 271 من (ح).
(4) يعني: صلاحيته لا توجب ظهوره.
(5) نهاية 94 أمن (ظ).
(6) انظر: التمهيد / 60أ.
(7) انظر: العدة/ 680.
(3/923)
ورجل "وقوله: "رجلين".
ورد: مفردات، والخلاف في الجمل، واختاره بعض أصحابنا (1)،
وقال: فرق بين: "أكرم هؤلاء وهؤلاء إِلا الفساق" وبين: "أكرم
هؤلاء، وأكرم هؤلاء إِلا الفساق".
وإن سلم (2) فلتعذره (3) ليصح الكلام.
واقتصر الآمدي (4) على منع صحة الاستثناء.
واحتج بعض أصحابنا (5)؛ فقال: من تأمل غالب الاستثناءات في
الكتاب والسنة واللغة وجدها للجميع، والأصل إِلحاق الفرد (6)
بالغالب (7)،
__________
(1) انظر: المسودة/ 157 - 158.
(2) يعني: وإن سلم أنها من الباب فإنما قيل: يعود الاستثناء
إِلى الجميع لتعذره ...
(3) يعني: تعذر عوده إِلى الأخير فقط.
(4) في منتهى السول 2/ 46. وقال في الإِحكام 2/ 303: لا نسلم
صحة الاستثناء على رأي لنا، وإن سلمنا فإِنما عاد إِلى الجميع
لقيام الدليل عليه، وذلك لأنه لا بد من إِعمال لفظه مع
الإِمكان، وقد تعذر استثناء الستة من الجملة الأخيرة؛ لكونه
مستغرقًا لها، وهو صالح للعود إِلى الجميع، فحمل عليه، ومع
قيام الدليل على ذلك فلا نزاع، وإنما النزاع فيما إِذا ورد
الاستثناء مقارنا للجملة الأخيرة من غير دليل يوجب عوده إِلى
ما تقدم.
(5) انظر: مجموع المتاوى 13/ 167.
(6) في (ب) و (ظ): المفرد.
(7) قال: لأن الاستثناء إِما أن يكون موضوعا لهما حقيقة فالأصل
عدم الاشتراك، أو يكون موضوعًا للأقل فقط فيلزم أن يكون
استعماله في الباقي مجازًا، والمجاز على=
(3/924)
فإِذا جعل حقيقة في الغالب (1) مجازًا فيما
قل (2) عمل (3) بالأصل النافي للاشتراك والأصل النافي للمجاز
(4)، وهو أولى من تركه مطلقًا.
القائل "يخص بالجملة الأخيرة": لم يرجع في آية القذف (5) إِلى
الجلد، فكذا غيرها، دفعا للاشتراك والمجاز.
رد: بالمنع في رواية عن أحمد.
ثم: لأنه حق آدمي فلا يسقط بتوبة، ولهذا عاد إِلى غيره.
قال: (اللاتي دخلتم بهن) (6) شرط في الربائب دون أمهات النساء.
رد: ليس باستثناء.
ثم: لأنه من تتمة نعت الربائب.
__________
=خلاف الأصل، فكثرته على خلاف الأصل، فإِذا جعل حقيقة ...
إِلخ.
(1) يعني: فيما غلب استعماله فيه.
(2) يعني: قل استعماله فيه.
(3) يعني: كنا قد عملنا بالأصل ...
(4) في صور التفاوت.
(5) قال تعالى: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة
شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك
هم الفاسقون* إِلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله
غفور رحيم) سورة النور: الآيتان 4، 5.
(6) قال تعالى: (وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من
نسائكم اللاتي دخلتم بهن) الآية. سورة النساء: آية 23.
(3/925)
ولأن (نسائكم) (1) (2) الأولى مجرورة
بالإِضافة، والثانية بـ "مِنْ"، فتمتنع الصفة؛ لاختلاف الجر،
كاختلاف العمل.
ثم: للنص (3). (4)
__________
(1) قال تعالى: (وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من
نسائكم اللاتي دخلتم بهن) الآية. سورة النساء: آية 23.
(2) نهاية 130أمن (ب).
(3) أخرج الترمذي في سننه 2/ 393: حدثنا قتيبة أخبرنا ابن
لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي قال: (أيما
رجل نكح امرأة فدخل بها فلا يحل له نكاح ابنتها، فإِن لم يكن
دخل بها فلينكح ابنتها، وأيما رجل نكح امرأة فدخل بها أو لم
يدخل بها فلا يحل له نكاح أمها). وأخرجه البيهقي في سننه 7/
160 من طريق ابن لهيعة ومن طريق المثنى بن الصباح عن عمرو بن
شعيب، وأخرجه الطبري في تفسيره 4/ 222 من طريق المثنى.
قال الترمذي: هذا حديث لا يصح من قبل إِسناده، وإنما رواه ابن
لهيعة والمثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب، والمثنى بن الصباح
وابن لهيعة يضعفان في الحديث، والعمل على هذا عند أكثر أهل
العلم.
وقال ابن حجر في التلخيص الحبير 3/ 166 - بعد ذكره كلام
الترمذي السابق-: وقال غيره: يشبه أن يكون ابن لهيعة أخذه عن
المثنى ثم أسقطه؛ فإِن أبا حاتم قد قال: لم يسمع ابن لهيعة من
عمرو بن شعيب.
وقال البيهقي -عن المثنى بن الصباح-: وهو غير قوي.
وقال الطبري: وهذا خبر وإن كان في إِسناده ما فيه فإِن في
إِجماع الحجة على صحة القول به مستغنى عن الاستشهاد على صحته
بغيره.
(4) نهاية 272 من (ح).
(3/926)
قال: "علي عشرة إِلا أربعة إِلا اثنين"
للأخير (1).
رد: لا عطف، ومفردات.
ثم: لتعذره؛ لأن الاستثناء من الإِثبات نفي ومن النفي إِثبات،
ولو تعذر الأخير فالأول كـ "عشرة إِلا اثنين إِلا اثنين".
قالوا: الجملة الثانية فاصلة كالسكوت.
رد: الجمل كجملة، ثم: يجب أن لا يعود إِلى الجميع في موضع.
قالوا: ثبت حكم الأولى، وعوده إِليها مشكوك فيه.
رد: بالمنع (2)، ثم (3): إِنما ثبت (4) بالسكوت من غير
استثناء، ذكره في العدة (5) والتمهيد (6) والروضة (7) وغيرها،
قال بعض أصحابنا (8): هذا جيد؛ فإِنه مانع لا رافع.
__________
(1) في (ظ): للأخيرة.
(2) يعني: لم يثبت مع الجواز للجميع.
(3) في (ح): بل.
(4) في (ح): يثبت.
(5) انظر: العدة/ 681.
(6) انظر: التمهيد/ 60 ب.
(7) انظر: روضة الناظر/ 258.
(8) انظر: المسودة/ 159.
(3/927)
ومنع ابن عقيل (1) كالأول (2)، ثم عارض
بتخصيص قاطع بظاهر.
ثم: يبطل بالشرط (3).
قالوا: عَوْده لعدم استقلاله، فتندفع الضرورة بالأقل، وما يليه
متيقن.
رد: بالمنع، بل لصلاحيته وظهوره (4)، والجمل كجملة، ثم: يبطل
بالشرط.
القائل بالاشتراك: حسن الاستفهام عن عوده.
رد: لعدم العلم (5)، أو لرفع الاحتمال.
قالوا: أطلق، والأصل الحقيقة.
رد: سبق (6) تعارض الاشتراك والمجاز.
* * *
__________
(1) قال في الواضح 2/ 152أ: لا نسلم ثبوت العموم مع اتصال
الاستثناء ... ، ولأنا نعارضهم بمثله في العموم، فنقول: إِنه
كما يخص بالقطع -وهو خبر التواتر ودليل العقل- يخص بالقياس
وخبر الواحد، وليس بقطع بل ظن، وفي مسألتنا ما خصصناه إِلا
بظن، فأما بشك فلا؛ لأن الترجيح لا يبقى معه شكٌّ.
(2) يعني: كالجواب الأول.
(3) حيث يلزم أن لا يعود على باقي الجمل.
(4) وليس لعدم استقلاله.
(5) يعني: للجهل بحقيقته.
(6) في ص 86 من هذا الكتاب.
(3/928)
وقولنا في فرض المسألة: "الواو العاطفة"
-كذا [في] (1) العدة (2) والتمهيد (3) وغيرهما في بحث
المسألة-: أن واو العطف تجعل الجمل كجملة، وكذا بحثوا في
الواو: أنها للجمع المطلق لا ترتيب فيها، وأنه هو المعنى
الموجب جعل الجمل كجملة، وبنوا على ذلك "أنت طالق وطالق وطالق
إِلا واحدة": هل (4) يصح الاستثناء؟ وأنه لو أتى بـ "الفاء" أو
"ثم" لم يصح؛ لأن الترتيب أفرد (5) الأخيرة عما قبلها، فاختص
بها الاستثناء (6) فلم يصح، وكذا لم أجد (7) إِلا من خَصّ
الواو بذلك، إِلا ما قال بعض أصحابنا (8): إِن أصحابنا وغيرهم
أطلقوا، فموجب ما ذكروه: لا فرق، وأنه يلزم من التفرقة أن لا
تشرك الفاء و"ثم" حيث تشرك الواو، وهو خلاف اللغة، وأن من فرق
-وهو أبو المعالي- قوله بعيد جداً (9)، وأنه اعترف بأن الأئمة
أطلقوا. كذا قال، ويأتي (10) في الشرط.
__________
(1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).
(2) انظر: العدة/ 680، 683.
(3) انظر: التمهيد/ 60 أ.
(4) نهاية 94 ب من (ظ).
(5) في (ظ): افراد.
(6) نهاية 130 ب من (ب).
(7) من العلماء من أطلق ولم يقيد بالواو، فانظر: تيسير التحرير
1/ 302، وفواتح الرحموت 1/ 332، وشرح المحلي 2/ 17.
(8) انظر: المسودة/ 158، ومجموع الفتاوى 13/ 158 - 159.
(9) نهاية 273 من (ح).
(10) انظر: ص 940.
(3/929)
مسألة
مثل: "بنو تميم وربيعة أكرمهم إِلا الطوال" للجميع.
وجعله في التمهيد (1) أصلاً للمسأله قبلها. كذا قال.
وقال بعض أصحابنا (2): لو قال: "أدخل بني هاشم ثم بني المطلب
ثم سائر قريش وأكرمهم" فالضمير للجميع؛ لأنه (3) موضوع لما
تقدم (4)، وليس من المسألة قبلها (5)
مسألة
الاستثناء من النفي إِثبات وبالعكس عند أصحابنا والمالكية (6)
والشافعية (7)،
__________
(1) انظر: التمهيد/ 60أ.
(2) انظر: مجموع الفتاوى 31/ 147.
(3) يعني: الضمير.
(4) في الجملة.
(5) يعني: مسألة الاستثناء المتعقب جملاً.
(6) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 93، وشرح تنقيح الفصول/ 247.
وقال في الفروق 2/ 93: اعلم أن مذهب مالك: أن الاستثناء من
النفي إِثبات في غير الأيمان، هذه قاعدته في الأقارير، وقاعدته
في الأيمان: أن الاستثناء من النفي ليس بإِثبات.
(7) انظر: المحصول 1/ 3/ 56، والإِحكام للآمدي 2/ 308.
(3/930)
خلافاً للحنفية (1) في الأولى (2)، وسَوّى
بعض الحنفية بينهما (3).
لنا: اللغة (4)، وأن قول القائل: "لا إِله إِلا الله" توحيد،
وتبادر فَهْم من سمع "لا عالم إِلا زيد" و"ليس لك عليَّ شيء
إِلا درهم" إِلى علمه وإِقراره.
فإِن قيل: فلو قال: "أليس له عليَّ أو عندي عشرة إِلا خمسة".
قيل: لنا وللشافعية (5) خلاف:
قيل: لا يلزمه شيء؛ لأن قصده نفي الخمسة وإِلا لأتى بكلام
العرب: "ليس له عليّ إِلا خمسة".
وقيل: يلزمه خمسة؛ لأنه إِثبات من نفي؛ لأن (6) التقدير: ليس
له عشرة لكن خمسة.
قالوا: لو كان لزم من قوله - عليه السلام -: (لا صلاة إِلا
بطهور)
__________
(1) انظر: أصول السرخسي 2/ 36، وكشف الأسرار 3/ 122، 130،
وتيسير التحرير 1/ 294، والتوضيح 2/ 289، وفتح الغفار 1/ 124،
وفواتح الرحموت 1/ 326. وقد ذهبت طائفة من محققيهم إِلى قول
الجمهور.
(2) وهي: الاستثناء من النفي إِثبات.
(3) في عدم إِثبات نقيض المحكوم به بعد "إِلا".
(4) يعين: النقل عن أهل العربية أنه كذلك، وهو المعتمد في
إِثبات مدلولات الألفاظ.
(5) انظر: التمهيد للأسنوي/ 387، ونهاية المحتاج 5/ 105، ومغني
المحتاج 2/ 258.
(6) في (ح): ولأن. وكانت كذلك في (ظ)، ثم ضرب على الواو.
(3/931)
ثبوتها بالطهارة، ومثله: (لا نكاح إِلا
بولي) (1)، و (لا تبيعوا البر بالبر إِلا سواء بسواء) (2).
رد: لا يلزم؛ لأنه (3) استثناء من غير الجنس، وإنما سيق (4)
لبيان اشتراط (5) الطهور للصلاة، ولا يلزم من وجود الشرط وجود
المشروط (6).
__________
(1) أخرجه الترمذي في سننه 2/ 280، 281، 282 من حديث أبي موسى
مرفوعاً، وقال: وفي الباب عن عائشة وابن عباس وأبي هريرة
وعمران بن حصين وأنس، وقال: وحديث أبي موسى حديث فيه اختلاف
... وقال: وحديث عائشة حديث حسن. وأخرجه عن أبي موسى -أيضًا-
أبو داود في سننه 2/ 568، وابن ماجه في سننه/ 605، والدارمي في
سننه 2/ 62، والطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 1/ 305)،
والحاكم في مستدركه 2/ 169 - 172، ووصفه بأنه الأصل الذي لم
يسع الشيخين إِخلاء الصحيحين عنه، وأطال الكلام عليه، وأخرجه
ابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 304). وانظر: سنن
البيهقي 7/ 105 وما بعدها.
(2) أخرج مسلم في صحيحه/ 1210 عن عبادة بن الصامت قال: سمعت
رسول الله ينهى عن بيع الذهب بالذهب ... والبر بالبر ... إِلا
سواء بسواء. وأخرجه النسائي في سننه 7/ 275، وابن ماجه في
سننه/ 757، والدارمي في سننه 2/ 174. وأخرج الشافعي (انظر:
بدائع المنن 2/ 177) عن عبادة مرفوعاً: (لا تبيعوا الذهب
بالذهب ... ولا البر بالبر ... إِلا سواء بسواء). وأخرجه
-هكذا- البيهقي في سننه 5/ 276.
(3) في (ب): لا يلزم لا استثناء ...
(4) في (ب): سبق.
(5) نهاية 131 أمن (ب).
(6) وإن لزم من فواته ذوات المشروط.
(3/932)
وقال في الروضة (1): هذه صيغة الشرط،
ومقتضاها نفيها (2) عند نفيها (3) ووجودها (4) عند وجودها ليس
منطوقًا بل من المفهوم، فَنَفْي شيء لانتفاء شيء لا يدل على
إِثباته عند وجوده، بل يبقى كما قبل النطق، بخلاف: "لا عالم
إِلا زيد" (5).
قال بعض أصحابنا (6): "جعله المثبت من قاعدة المفهوم ليس (7)
بجيد"، وكذا جعله ابن عقيل في الفصول في قول أحمد: كل شيء يباع
قبل قبضه إِلا ما كان مأكولا.
وقد احتج القاضي (8) -في أن النكاح لا يفسد بفساد المهر-:
بقوله: (لا نكاح إِلا بولي وشاهدي عدل (9))، قال: فاقتضى
الظاهر
__________
(1) انظر: روضة الناظر/ 270 - 271.
(2) يعني: نفي الصلاة.
(3) يعني: نفي الطهارة.
(4) يعني: وأما وجودها.
(5) فهو صريح في الإِثبات والنفي.
(6) انظر: المسودة / 354.
(7) نهاية 274 من (ح).
(8) انظر: المسودة/ 160.
(9) سبق تخريج قوله: (لا نكاح إِلا بولي) في ص 932. أما الحديث
بهذه الزيادة (وشاهدي عدل) فقد أخرجه الدارقطني في سننه 3/ 221
- 222، 225 - 227 من حديث ابن عباس مرفوعًا -ثم قال الدارقطني:
رفعه علي بن الفضل ولم=
(3/933)
صحته (1)، ولم يفرق (2).
قال بعض أصحابنا (3): هذه دلالة ضعيفة (4).
فإِن قيل: فيه إِشكال سوى ذلك، وهو: أن المراد المنفي الأعم،
أي: لا صفة للصلاة (5) معتبرة إِلا صفة الطهارة، فنفى الصفات
المعتبرة وأثبت الطهارة.
__________
=يرفعه غيره- ومن حديث ابن مسعود وابن عمر وعائشة مرفوعاً. وقد
تكلم في أسانيدها، فانظر: التعليق المغني على الدارقطني، ونصب
الراية 3/ 189. وأخرجه الشافعي (انظر: بدائع المنن 2/ 317)
موقوفاً على ابن عباس. وأخرجه ابن حبان في صحيحه (انظر: موارد
الظمآن/ 305) من حديث عائشة مرفوعًا، وانظر: نصب الراية 3/
167. وأخرجه البيهقي في سننه 7/ 111، 112 عن علي موقوفاً وعن
ابن عباس موقوفاً، وأخرجه في سننه 7/ 125 من حديث عائشة وأبي
هريرة مرفوعاً. وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه 6/ 196 من حديث
عمران بن حصين مرفوعاً.
وراجع: نصب الراية 3/ 188، 189، والتلخيص الحبير 3/ 156، 162،
ومجمع الزوائد 4/ 286، والفتح الرباني 16/ 156.
(1) إِذا حضر الولي والشهود.
(2) بين أن يكون المهر صحيحا وأن يكون فاسدًا.
(3) انظر: المسودة/ 160.
(4) قال: لكن قد يظن أن هذا يعكّر على قولنا: "إِن الاستثناء
من النفي إِثبات"، وليس كذلك.
(5) نهاية 95 أمن (ظ).
(3/934)
قيل: المراد من نفيها المبالغة في إِثبات تلك الصفة، وأنها
آكدها.
والقول بـ "أنه استثناء منقطع، فلا إِشكال" بعيد؛ لأنه
مُفَرَّغ، فهو من تمام الكلام، ومثله: "ما زيد إِلا قائم"
ونحوه.
مسألة
من استثنى استثناء بعد استثناء -وعطف الثاني- أضيف إِلى الأول،
فـ "عشرة إِلا ثلاثة وإلا اثنين" كـ "عشرة إِلا خمسة"، و"أنت
طالق ثلاثاً إِلا واحدة وإلا واحدة" يلغو الثاني إِن بطل
استثناء الأكثر.
وإن لم يعطفه فاستثناء من استثناء يصح إِجماعًا، فـ "عليه عشرة
إِلا ثلاثة إِلا درهما" يلزمه ثمانية؛ لأنه من إِثباتٍ نفيٌ
(1) ومن نفيٍ إِثباتٌ، و"أنت طالق ثلاثاً إِلا واحدة إِلا
واحدة" قيل: يلغو (2) الثاني، فتقع اثنتان، وقيل: لا، فتقع
ثلاث؛ لأنه من نفي إِثبات. |