الأشباه والنظائر لابن نجيم كِتَابُ الْوَصَايَا
لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الْيَتِيمِ عِنْدَ
الْمُتَقَدِّمِينَ، وَمَنَعَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ أَيْضًا
إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ: إذَا
بِيعَ بِضِعْفِ قِيمَتِهِ، وَفِيمَا إذَا احْتَاجَ الْيَتِيمُ
إلَى النَّفَقَةِ، وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ، وَفِيمَا إذَا
كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْهُ.
وَزِدْت أَرْبَعًا فَصَارَ الْمُسْتَثْنَى سَبْعًا؛ ثَلَاثٌ
مِنْ الظَّهِيرِيَّةِ: فِيمَا إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ
وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ لَا نَفَاذَ لَهَا إلَّا مِنْهُ،
وَفِيمَا إذَا كَانَتْ غَلَّاتُهُ لَا تَزِيدُ عَلَى
مُؤْنَتِهِ، وَفِيمَا إذَا كَانَ حَانُوتًا أَوْ دَارًا
يُخْشَى عَلَيْهِ النُّقْصَانُ (انْتَهَى) .
وَالرَّابِعَةُ مِنْ بُيُوعِ الْخَانِيَّةِ؛ فِيمَا إذَا كَانَ
الْعَقَارُ فِي يَدِ مُتَغَلِّبٍ وَخَافَ الْوَصِيُّ عَلَيْهِ
فَلَهُ بَيْعُهُ (انْتَهَى)
وَفِي الْمَجْمَعِ: وَيَضُمُّ الْقَاضِي إلَى الْعَاجِزِ مَنْ
يُعِينُهُ، فَإِنْ شَكَا إلَيْهِ ذَلِكَ لَا يُجِيبُهُ حَتَّى
يَتَحَقَّقَهُ، فَإِنْ ظَهَرَ عَجْزُهُ اسْتَبْدَلَ بِهِ
وَإِنْ شَكَا مِنْهُ الْوَرَثَةُ لَا يَعْزِلُهُ حَتَّى
تَظْهَرَ لَهُ خِيَانَةٌ (انْتَهَى)
وَفِيهِ: وَبَيْعُ الْوَصِيِّ مِنْ الْيَتِيمِ أَوْ شِرَاؤُهُ
لِنَفْسِهِ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلصَّبِيِّ جَائِزٌ (انْتَهَى) .
وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ النَّفْعِ فَقِيلَ نُقْصَانُ
النِّصْفِ فِي الْبَيْعِ وَفِي الشِّرَاءِ بِزِيَادَةِ نِصْفِ
الْقِيمَةِ وَقِيلَ: دِرْهَمَانِ فِي الْعَشَرَةِ نُقْصَانٌ
وَزِيَادَةٌ.
وَتَمَامُهُ فِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ وَقِسْمَةُ
الْوَصِيِّ، مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّغِيرِ،
تَجُوزُ إنْ كَانَ فِيهَا نَفْعٌ ظَاهِرٌ عِنْدَ الْإِمَامِ
خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي
قِسْمَةِ الْقُنْيَةِ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: قَضَى
وَصِيُّهُ دَيْنًا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَلَمَّا كَبِرَ
الْيَتِيمُ أَنْكَرَ دَيْنًا عَلَى أَبِيهِ ضَمِنَ وَصِيُّهُ
مَا دَفَعَهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً.
إذَا أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ، وَهُوَ الدَّفْعُ إلَى
الْأَجْنَبِيِّ فَلَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ يَغْرَمُ لَهُ
حِصَّتَهُ لِدَفْعِهِ بِاخْتِيَارِهِ بَعْضَ حَقِّهِ إلَى
غَيْرِهِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْغَرِيمِ الْأَوَّلِ بَيِّنَةٌ
عَلَى الدَّيْنِ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ كُلَّ مَا دَفَعَهُ
إلَيْهِ لِوُقُوعِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَصِيٌّ أَدَّى دَيْنًا
فَأَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْلَا
بَيِّنَةٌ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْوَرَثَةِ (انْتَهَى) فَقَدْ
عُلِمَ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قَضَاءِ
دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُنَازِعُ لَهُ
الْيَتِيمَ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ لَا، إلَّا فِي مَهْرِ
الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا دَفَعَهُ
بِلَا بَيِّنَةٍ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَقَيَّدَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَلَى قَوْلٍ
بِالْمُؤَجَّلِ عُرْفًا وَفِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ: وَلَوْ
بَاعَ الْقَاضِي مِنْ وَصِيِّ الْمَيِّتِ شَيْئًا مِنْ
التَّرِكَةِ بِثَمَنٍ لَا يَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ بِهِ.
وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ
اشْتَرَاهُ الْقَاضِي لِنَفْسِهِ مِنْ الْوَصِيِّ الَّذِي
نَصَّبَهُ عَنْ الْمَيِّتِ جَازَ (انْتَهَى) .
(1/251)
وَفِي الْمُلْتَقَطِ: أَنْفَقَ الْوَصِيُّ
عَلَى الْمُوصَى فِي حَيَاتِهِ، وَهُوَ مُعْتَقَلُ اللِّسَانِ
يَضْمَنُ، وَلَوْ أَنْفَقَ الْوَكِيلُ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ
ادَّعَى الْوَصِيُّ بَعْدَ بُلُوغِ الْيَتِيمِ أَنَّهُ كَانَ
بَاعَ عَبْدَهُ وَأَنْفَقَ ثَمَنَهُ صُدِّقَ إنْ كَانَ
هَالِكًا وَإِلَّا لَا، كَذَا فِي دَعْوَى خِزَانَةِ
الْأَكْمَلِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِيمَا يَدَّعِيهِ
مِنْ الْإِنْفَاقِ بِلَا بَيِّنَةٍ إلَّا فِي ثَلَاثٍ، فِي
وَاحِدَةٍ اتِّفَاقًا وَهِيَ فِيمَا إذَا فَرَضَ الْقَاضِي
نَفَقَةَ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ عَلَى الْيَتِيمِ
فَادَّعَى الْوَصِيُّ الدَّفْعَ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ
مُعَلَّلًا بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ حَوَائِجِ الْيَتِيمِ
وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ
حَوَائِجِهِ (انْتَهَى) .
فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ كَذَلِكَ؛
لِأَنَّهَا مِنْ حَوَائِجِهِ.
وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَبُولُ قَوْلِ النَّاظِرِ فِيمَا
يَدَّعِيهِ مِنْ الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِلَا
بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ فِي
الْوَقْفِ، وَفِي اثْنَتَيْنِ اخْتِلَافٌ.
لَوْ قَالَ: أَدَّيْت خَرَاجَ أَرْضِهِ، أَوْ جُعْلَ عَبْدِهِ
الْآبِقِ.
قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا بَيَانَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: عَلَيْهِ الْبَيَانُ،
كَمَا فِي الْمَجْمَعِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصِيَّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا
يَدَّعِيهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: ادَّعَى قَضَاءَ
دَيْنِ الْمَيِّتِ.
الثَّانِيَةُ: ادَّعَى أَنَّ الْيَتِيمَ اسْتَهْلَكَ مَالَ
آخَرَ فَدَفَعَ ضَمَانَهُ.
الثَّالِثَةُ: ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى جُعْلَ عَبْدِهِ
الْآبِقِ مِنْ غَيْرِ إجَارَةٍ.
الرَّابِعَةُ: ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى خَرَاجَ أَرْضِهِ فِي
وَقْتٍ لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ.
الْخَامِسَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى مَحْرَمِ
الْيَتِيمِ.
السَّادِسَةُ: ادَّعَى أَنَّهُ أَذِنَ لِلْيَتِيمِ فِي
الْإِجَارَةِ، وَأَنَّهُ رَكِبَتْهُ دُيُونٌ فَقَضَاهَا
عَنْهُ.
السَّابِعَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ
نَفْسِهِ حَالَ غَيْبَةِ مَالِهِ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ.
الثَّامِنَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى رَقِيقِهِ الَّذِينَ
مَاتُوا.
التَّاسِعَةُ: اتَّجَرَ وَرَبِحَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ
مُضَارِبًا.
الْعَاشِرَةُ: ادَّعَى فِدَاءَ عَبْدِهِ الْجَانِي.
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِ الْمَيِّتِ
مِنْ مَالِهِ بَعْدَ بَيْعِ التَّرِكَةِ قَبْلَ قَبْضِ
ثَمَنِهَا.
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: ادَّعَى أَنَّهُ زَوَّجَ الْيَتِيمَ
امْرَأَةً وَدَفَعَ مَهْرَهَا مِنْ مَالِهِ وَهِيَ مَيِّتَةٌ
الْكُلُّ فِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ مِنْ الْوَصَايَا،
وَذَكَرَ ضَابِطًاوَهُوَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ مُسَلَّطًا
عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيهِ وَمَا لَا فَلَا
(1/252)
وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ
إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ
يَبِيعَ مِنْ نَفْسِهِ وَيَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ إذَا كَانَ
فِيهِ نَفْعٌ ظَاهِرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى خِلَافًا لَهُمَا، وَأَمَّا وَصِيُّ الْقَاضِي
فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ،
وَهُوَ لَا يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ
مِنْ الْوَصَايَا.
الثَّانِيَةُ: إذَا خَصَّهُ الْقَاضِي تَخَصَّصَ بِخِلَافِ
وَصِيِّ الْمَيِّتِ.
الثَّالِثَةُ: إذَا بَاعَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ
لَهُ لَمْ يَصِحَّ، بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ، وَهُمَا فِي
الْخُلَاصَةِ وَذَكَرَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ
اسْتِوَاءَهُمَا فِي رِوَايَةٍ فِي الْأُولَى.
الرَّابِعَةُ: لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يُؤَاجِرَ الصَّغِيرَ
بِخِيَاطَةِ الذَّهَبِ وَسَائِرِ الْأَعْمَالِ، بِخِلَافِ
وَصِيِّ الْقَاضِي كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
الْخَامِسَةُ: لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَ وَصِيَّ
الْمَيِّتِ الْعَدْلَ الْكَافِيَ، وَلَهُ عَزْلُ وَصِيِّ
الْقَاضِي كَمَا فِي الْقُنْيَةِ.
خِلَافًا لِمَا فِي الْيَتِيمَةِ.
السَّادِسَةُ: لَا يَمْلِكُ وَصِيُّ الْقَاضِي الْقَبْضَ إلَّا
بِإِذْنٍ مُبْتَدَأٍ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ الْإِيصَاءِ
بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ
الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ.
السَّابِعَةُ: يُعْمَلُ نَهْيُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ
التَّصَرُّفَاتِ، وَلَا يُعْمَلُ نَهْيُ الْمَيِّتِ كَمَا فِي
الْبَزَّازِيَّةِ، وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى قَبُولِ التَّخْصِيصِ
وَعَدَمِهِ.
الثَّامِنَةُ: وَصِيُّ الْقَاضِي إذَا جَعَلَ وَصِيًّا عِنْدَ
مَوْتِهِ لَا يَصِيرُ الثَّانِي وَصِيًّا بِخِلَافِ وَصِيِّ
الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْيَتِيمَةِ.
وَفِي الْخِزَانَةِ: وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّهِ إذَا
كَانَتْ الْوَصِيَّةُ عَامَّةً (انْتَهَى) .
وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ تَبَرُّعُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ
مَوْتِهِ إنَّمَا يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ
الْإِجَازَةِ إلَّا فِي تَبَرُّعِهِ بِالْمَنَافِعِ فَإِنَّهُ
نَافِذٌ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَذَا فِي وَصَايَا الْفَتَاوَى
الصُّغْرَى، وَظَاهِرُ مَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ
الْكَبِيرِ مِنْ الْوَصَايَا يُخَالِفُهُ.
وَصَوَّرَهَا الزَّيْلَعِيُّ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ بِأَنَّ
الْمَرِيضَ أَعَارَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ.
وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ: أَنَّهُ إذَا أَجَّرَ بِأَقَلَّ مِنْ
أَجْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ الْجَمِيعِ.
وَقَالَ الطَّرَسُوسِيُّ: إنَّهَا خَالَفَتْ الْقَوَاعِدَ.
وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّ الْإِعَارَةَ وَالْإِجَارَةَ
تَبْطُلَانِ بِمَوْتِهِ فَلَا إضْرَارَ عَلَى الْوَرَثَةِ
بَعْدَ مَوْتِهِ لِلِانْفِسَاخِ.
وَفِي حَيَاتِهِ لَا مِلْكَ لَهُمْ فَافْهَمْ إذَا أُبْرِئَ
الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَلَمْ يَجِبْ بِعَقْدِهِ
لَمْ يَصِحَّ.
وَإِلَّا صَحَّ وَضَمِنَ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ؛ لَوْ كَاتَبَ
الْوَصِيُّ عَبْدَ الْيَتِيمِ ثُمَّ أَبْرَأَهُ مِنْ الْبَدَلِ
لَمْ يَصِحَّ. كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
(1/253)
الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ
كَالْوَصِيِّ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
الْإِشَارَةُ مِنْ النَّاطِقِ بَاطِلَةٌ فِي وَصِيَّةٍ
وَغَيْرِهَا إلَّا فِي الْإِفْتَاءِ وَالْإِقْرَارِ
بِالنَّسَبِ وَالْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ كَذَا فِي
التَّلْقِيحِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي وَصِيَّةِ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ كَمَا فِي
الْمَجْمَعِ، وَالْفَتْوَى عَلَى صِحَّتِهَا إنْ دَامَتْ
الْعُقْلَةُ إلَى الْمَوْتِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ لَيْسَ
لِلْقَاضِي عَزْلُ الْوَصِيِّ الْعَدْلِ الْكَافِي فَإِنْ
عَزَلَهُ كَانَ جَائِرًا آثِمًا، كَمَا فِي الْمُحِيطِ
وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ عَزْلِهِ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى
الصِّحَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ، لَكِنْ يَجِبُ
الْإِفْتَاءُ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ، كَمَا فِي جَامِعِ
الْفُصُولَيْنِ.
وَأَمَّا عَزْلُ الْخَائِنِ فَوَاجِبٌ.
وَأَمَّا الْعَاجِزُ فَيُضَمُّ إلَيْهِ آخَرُ كَمَا
قَدَّمْنَاهُ.
وَالْعَدْلُ الْكَافِي لَا يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ
وَالْحِيلَةُ فِيهِ شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَجْعَلَهُ
الْمَيِّتُ وَصِيًّا عَلَى أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ مَتَى
شَاءَ.
الثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ
فَيَتَّهِمَهُ الْقَاضِي فَيُخْرِجَهُ كَذَا فِي
الْوَلْوَالِجيَّةِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ: الْقَاضِي إذَا اتَّهَمَ الْوَصِيَّ لَا
يُخْرِجُهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَإِنَّمَا يَضُمُّ إلَيْهِ آخَرَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ يُخْرِجُهُ وَعَلَيْهِ
الْفَتْوَى.
الْمُعْتَقُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ كَالْمُكَاتَبِ فِي زَمَنِ
سِعَايَتِهِ، فَلَوْ عَتَقَ عَبْدُهُ فِيهِ فَقَتَلَ مَوْلَاهُ
خَطَأً فَعَلَيْهِ قِيمَتَانِ يَسْعَى فِيهِمَا، وَاحِدَةٌ
لِلْإِعْتَاقِ فِيهِ لِكَوْنِهِ وَصِيَّةً وَلَا وَصِيَّةَ
لِلْقَاتِلِ، وَأُخْرَى، وَهِيَ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ
وَمِنْ دِيَةِ الْمَقْتُولِ لِجِنَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ إذَا
جَنَى خَطَأً، وَلَوْ شَهِدَ فِي زَمَنِ السِّعَايَةِ لَمْ
تُقْبَلْ كَمَا فِي شَهَادَاتِ الصُّغْرَى.
وَالْمُدَبَّرُ بَعْدَ مَوْتِ مَوْلَاهُ كَالْمُعْتَقِ فِي
زَمَنِ الْمَرَضِ، فَلَوْ قُتِلَ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ
خَطَأً كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ، وَعِنْدَهُمَا الدِّيَةُ
عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَهِيَ مِنْ جِنَايَاتِ الْمَجْمَعِ.
وَصُرِّحَ أَيْضًا فِي الْكَافِي قُبَيْلَ الْقَسَامَةِ
بِأَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي زَمَنِ سِعَايَةٍ كَالْمُكَاتَبِ
عِنْدَهُ، وَحُرٌّ مَدْيُونٌ عِنْدَهُمَا، وَكَذَا لَوْ مَاتَ
وَتَرَكَ مُدَبَّرًا لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، فَقَتَلَ هَذَا
الْمُدَبَّرُ رَجُلًا خَطَأً فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي
قِيمَتِهِ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ، عِنْدَهُ كَالْمُكَاتَبِ،
وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ الدِّيَةُ (انْتَهَى) .
وَعَلَى هَذَا لَيْسَ لِلْمُدَبَّرَةِ أَنْ تُزَوِّجَ
نَفْسَهَا زَمَنَ سِعَايَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا
تُزَوِّجُ نَفِسَهَا.
وَعِنْدَهُمَا لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ وَقَدْ
أَفْتَيْتُ بِهِ.
الْقَاضِي لَا يَعْزِلُ وَصِيَّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ،
فِيمَا إذَا ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ، أَوْ تَصَرَّفَ فِي مَا لَا
يَجُوزُ عَالِمًا مُخْتَارًا.
أَوْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَعَجَزَ عَنْ
إثْبَاتِهِ، وَلَكِنْ فِي هَذِهِ يَقُولُ لَهُ: إمَّا أَنْ
تُبْرِئَ الْمَيِّتَ أَوْ عَزَلْتُك وَلَا يُنَصِّبُ وَصِيًّا
غَيْرَهُ مَعَ وُجُودِهِ إلَّا إذَا غَابَ غَيْبَةً
مُنْقَطِعَةً أَوْ أَقَرَّ لِمُدَّعِي الدَّيْنِ كَمَا فِي
الْخِزَانَةِ
لَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ بَيْعَ شَيْءٍ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ
الْمِثْلِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَوْصَى بِبَيْعِ
عَبْدِهِ مِنْ فُلَانٍ فَلَمْ يَرْضَ الْمُوصَى لَهُ
(1/254)
لِلْفُقَرَاءِ وَهُنَاكَ وَصِيٌّ لَمْ
يَجُزْ، وَيَأْخُذُ الْوَصِيُّ الثُّلُثَ مَرَّةً أُخْرَى
وَيَتَصَدَّقُ بِهِ.
كَمَا فِي الْقُنْيَةِ الْوَصِيُّ يَمْلِكُ الْإِيصَاءَ
سَوَاءٌ كَانَ وَصِيُّ الْقَاضِي أَوْ الْمَيِّتِ فِيهَا كَمَا
فِي الْخَانِيَّةِ.
الْوَصِيُّ إذَا خَلَطَ مَالَ الصَّغِيرِ بِمَالِهِ لَمْ
يَضْمَنْ مِنْهَا أَيْضًا.
لِلْوَصِيِّ إطْلَاقُ غَرِيمِ الْيَتِيمِ مِنْ الْحَبْسِ إنْ
كَانَ مُعْسِرًا لَا إنْ كَانَ مُوسِرًا لَا يَمْلِكُ
الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ وُجُودِ
وَصِيَّةٍ، وَلَوْ كَانَ مَنْصُوبَهُ كَمَا فِي بُيُوعِ
الْقُنْيَةِ. لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى
وَلِيمَةِ خِتَانِ الْيَتِيمِ إذَا كَانَ مُتَعَارَفًا لَا
سَرَفَ فِيهِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ إذْنَ الْقَاضِي، وَقِيلَ: يَضْمَنُ
مُطْلَقًا.
كَذَا فِي غَصْبِ الْيَتِيمَةِ.
الْقَاضِي إذَا أَقَامَ قَيِّمًا لِعَجْزِ الْوَصِيِّ لَا
يَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ، وَإِنْ أَقَامَهُ مَقَامَ الْأَوَّلِ
انْعَزَلَ.
كَذَا فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ، إذَا مَاتَ أَحَدُ
الْوَصِيَّيْنِ أَقَامَ الْقَاضِي الْحَيَّ وَصِيًّا أَوْ
ضَمَّ إلَيْهِ آخَرُ، وَلَا تَبْطُلُ إلَّا إذَا أَوْصَى
لَهُمَا بِالتَّصَدُّقِ بِالثُّلُثِ فَيَضَعَانِهِ حَيْثُ
شَاءَا كَذَا فِي الْخِزَانَةِ وَفِي الثَّانِي خِلَافٌ.
الْوَصِيُّ إذَا أَبْرَأَ عَمَّا وَجَبَ بِعَقْدِهِ صَحَّ،
وَيَضْمَنُ إلَّا إذَا أَبْرَأَ مَنْ كَاتَبَهُ عَنْ بَدَلِ
الْكِتَابَةِ، وَكَذَا الْوَكِيلُ وَالْأَبُ كَمَا فِي
الْخَانِيَّةِ.
الْغُلَامُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَبُوهُ حَائِكًا فَلَيْسَ لِمَنْ
هُوَ فِي حِجْرِهِ تَعْلِيمُهُ الْحِيَاكَةَ؛ لِأَنَّهُ
يُعَيَّرُ بِهَا وَلِلْأُمِّ وِلَايَةُ إجَارَةِ ابْنِهَا،
وَلَوْ كَانَ فِي حِجْرِ عَمَّتِهِ. قَالَ الْقَاضِي:
جَعَلْتُكَ وَكِيلًا فِي تَرِكَةِ فُلَانٍ كَانَ وَكِيلًا
بِالْحِفْظِ لَا غَيْرُ، وَلَوْ زَادَ تَشْتَرِي وَتَبِيعُ
كَانَ وَكِيلًا فِيهِمَا، وَلَوْ قَالَ: جَعَلْتُك وَصِيًّا
فِي تَرِكَةِ فُلَانٍ كَانَ وَصِيًّا فِي الْكُلِّ. إذَا مَاتَ
الْمُوصِي خَرَجَ الْمُوصَى بِهِ عَنْ مِلْكِهِ، وَلَمْ
يَدْخُلْ فِي مِلْكِ أَحَدٍ حَتَّى يَقْبَلَ الْمُوصَى لَهُ
فَيَدْخُلَ فِي مِلْكِهِ أَوْ يَرُدَّ فَيَدْخُلَ فِي مِلْكِ
الْوَرَثَةِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ
أَوْصَى إلَى رَجُلٍ ثُمَّ إلَى آخَرَ فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي
كُلِّهِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. قَضَى الْوَصِيُّ الدَّيْنَ
ثُمَّ ظَهَرَ آخَرُ ضَمِنَ لَهُ حِصَّتَهُ إلَّا إذَا قَضَى
بِأَمْرِ الْقَاضِي أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الْيَتِيمِ مِنْ
مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا
بِبَيِّنَةٍ
(1/255)
كِتَابُ الْفَرَائِضِ
الْمَيِّتُ لَا يَمْلِكُ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا إذَا نَصَبَ
شَبَكَةً لِلصَّيْدِ ثُمَّ مَاتَ فَتَعَلَّقَ الصَّيْدُ فِيهَا
بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ.
كَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ الْمَكَاتِبِ الْعَطَاءُ
لَا يُورَثُ كَذَا فِي صُلْحِ الْبَزَّازِيَّةِ ذَكَرَ
الزَّيْلَعِيُّ مِنْ آخِرِ كِتَابِ الْوَلَاءِ أَنَّ بِنْتَ
الْمُعْتِقِ تَرِثُ الْمُعْتَقَ فِي زَمَانِنَا، وَكَذَا مَا
فَضَلَ بَعْدَ فَرْضِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ يُرَدُّ عَلَيْهِ،
وَكَذَا الْمَالُ يَكُونُ لِلْبِنْتِ رَضَاعًا.
وَعَزَاهُ إلَى النِّهَايَةِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ
فِي زَمَانِنَا بَيْتُ مَالٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَضَعُونَهُ
مَوْضِعَهُ. كُلُّ إنْسَانٍ يَرِثُ وَيُورَثُ إلَّا ثَلَاثَةً:
الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ لَا يَرِثُونَ وَلَا
يُورَثُونَ.
وَمَا قِيلَ: إنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَرِثَ خَدِيجَةَ
لَمْ يَصِحَّ، وَإِنَّمَا وَهَبَتْ مَالَهَا لَهُ عَلَيْهِ
السَّلَامُ فِي صِحَّتِهَا.
وَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ، وَتَرِثُهُ وَرَثَتُهُ
الْمُسْلِمُونَ.
الْجَنِينُ يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ كَذَا فِي آخِرِ
الْيَتِيمَةِ.
وَفِي الثَّالِثِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ فِي
الْبُيُوعِ وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الْإِرْثِ، فَقَالَ
مَشَايِخُ الْعِرَاقِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: فِي آخِرِ
جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاةِ الْمُورَثِ.
وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخِي رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى:
عِنْدَ الْمَوْتِ.
وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْوَارِثُ
لِجَارِيَةِ مُورَثِهِ: إذَا مَاتَ مَوْلَاكِ فَأَنْتِ
حُرَّةٌ.
فَعَلَى الْأَوَّلِ تَعْتِقُ لَا عَلَى الثَّانِي، كَذَا فِي
الْيَتِيمَةِ. الْإِرْثُ يَجْرِي فِي الْأَعْيَانِ، وَأَمَّا
الْحُقُوقُ فَمِنْهَا مَا لَا يَجْرِي فِيهِ كَحَقِّ
الشُّفْعَةِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَحَدِّ الْقَذْفِ
وَالنِّكَاحُ لَا يُورَثُ، وَحَبْسُ الْمَبِيعِ وَالرَّهْنِ
يُورَثُ، وَالْوَكَالَاتُ وَالْعَوَارِيُّ وَالْوَدَائِعُ لَا
تُورَثُ، وَاخْتَلَفُوا فِي خِيَارِ الْعَيْبِ فَمِنْهُمْ مَنْ
قَالَ: يُورَثُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُ لِلْوَارِثِ
ابْتِدَاءً وَالدِّيَةُ تُورَثُ اتِّفَاقًا.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِصَاصِ فَذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ
يُورَثُ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ لِلْوَرَثَةِ ابْتِدَاءً،
وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَا يُورَثُ عِنْدَهُ خِلَافًا
لَهُمَا
أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ مَا لَوْ بَرْهَنَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ
عَلَى الْقِصَاصِ، وَالْبَاقِي غُيَّبٌ فَلَا بُدَّ مِنْ
إعَادَتِهِ إذَا حَضَرُوا عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا. كَذَا
فِي آخِرِ الْيَتِيمَةِ.
وَأَمَّا خِيَارُ التَّعْيِينِ فَاتَّفَقُوا أَنَّهُ يَثْبُتُ
لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً الْجَدُّ كَالْأَبِ إلَّا فِي إحْدَى
عَشْرَةَ مَسْأَلَةً؛ خَمْسٌ فِي الْفَرَائِضِ وَسِتٌّ فِي
غَيْرِهَا.
أَمَّا الْخَمْسُ:
فَالْأُولَى: الْجَدَّةُ أُمُّ الْأَبِ لَا إرْثَ لَهَا مَعَ
الْأَبِ، وَلَا تُحْجَبُ بِالْجَدِّ.
الثَّانِيَةُ: الْإِخْوَةُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ
يَسْقُطُونَ بِالْأَبِ، وَلَا يَسْقُطُونَ بِالْجَدِّ عَلَى
قَوْلِهِمَا، وَيَسْقُطُونَ بِهِ كَالْأَبِ عَلَى قَوْلِ
الْإِمَامِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، فَالْمُخَالَفَةُ عَلَى
قَوْلِهِمَا خَاصَّةً.
(1/256)
الثَّالِثَةُ: لِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ
مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَالْأَبِ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ
الْأَبِ جَدٌّ فَلِلْأُمِّ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ عِنْدَ
أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ خِلَافًا
لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
الرَّابِعَةُ: لَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ عَنْ أَبِ مُعْتِقِهِ
وَابْنِ مُعْتِقِهِ فَلِلْأَبِ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي
لِلِابْنِ فِي رِوَايَةٍ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ جَدٌّ،
فَالْكُلُّ لِلِابْنِ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا عَلَى قَوْلِ
الْإِمَامِ.
الْخَامِسَةُ: لَوْ تَرَكَ جَدَّ مُعْتِقِهِ وَأَخَاهُ؛ قَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَخْتَصُّ الْجَدُّ
بِالْوَلَاءِ، وَقَالَا الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ
مَكَانَ الْجَدِّ أَبٌ فَالْمِيرَاثُ كُلُّهُ لَهُ اتِّفَاقًا.
وَأَمَّا الْمَسَائِلُ السِّتُّ؛ فَأَرْبَعٌ فِي الْكُتُبِ
الْمَشْهُورَةِ: لَوْ أَوْصَى لِأَقْرِبَاءِ فُلَانٍ لَا
يَدْخُلُ الْأَبُ وَيَدْخُلُ الْجَدُّ فِي ظَاهِرِ
الرِّوَايَةِ.
وَفِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ.
تَجِبُ صَدَقَةُ فِطْرِ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ الْغَنِيِّ
دُونَ جَدِّهِ.
وَلَوْ أَعْتَقَ الْأَبُ حُرَّ وَلَاءِ وَلَدِهِ إلَى
مَوَالِيهِ دُونَ الْجَدِّ.
وَيَصِيرُ الصَّغِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَبِيهِ دُونَ
جَدِّهِ.
الْخَامِسَةُ: لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا
وَمَالًا فَالْوِلَايَةُ لِلْأَبِ فَهُوَ كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ
بِخِلَافِ الْجَدِّ.
السَّادِسَةُ: فِي وِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ لَوْ كَانَ
لِلصَّغِيرِ أَخٌ وَجَدٌّ؛ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ
رَحِمَهُ اللَّهُ يَشْتَرِكَانِ وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ
رَحِمَهُ اللَّهُ يَخْتَصُّ الْجَدُّ. وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُ
أَبٌ اُخْتُصَّ اتِّفَاقًا.
ثُمَّ زِدْتُ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ إذَا مَاتَ أَبُوهُ
وَصَارَ يَتِيمًا، وَلَا يَقُومُ الْجَدُّ مَقَامَ الْأَبِ
لِإِزَالَةِ الْيُتْمِ عَنْهُ.
فَهِيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً.
ثُمَّ رَأَيْت أُخْرَى فِي نَفَقَاتِ الْخَانِيَّةِ، لَوْ
مَاتَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا
وَلَا مَالَ لَهُ، وَلَهُمْ أُمٌّ وَجَدٌّ أَبِ الْأَبِ
فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا؛ الثُّلُثُ عَلَى
الْأُمِّ وَالثُّلُثَانِ عَلَى الْجَدِّ (انْتَهَى) .
وَلَوْ كَانَ الْأَبُ كَانَتْ كُلُّهَا عَلَيْهِ، وَلَا
تُشَارِكُهُ الْأُمُّ فِي نَفَقَتِهِمْ.
فَهِيَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ. الْجَدُّ الْفَاسِدُ مِنْ ذَوِي
الْأَرْحَامِ وَلَيْسَ كَأَبٍ الْأَبِ، فَلَا يَلِي النِّكَاحَ
مَعَ الْعَصَبَاتِ، وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ
الصَّغِيرِ، وَلَوْ ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ جَارِيَةِ ابْنِ
بِنْتِهِ لَمْ يَثْبُتْ بِلَا تَصْدِيقٍ، وَفِي الْمِيرَاثِ
مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ إلَّا مَسْأَلَةَ مَا إذَا قَتَلَ
وَلَدَ بِنْتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ كَأَبِ الْأَبِ،
كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالْحَدَّادِيُّ مِنْ
الْجِنَايَاتِ
وَصِيُّ الْمَيِّتِ كَالْأَبِ إلَّا فِي مَسَائِلَ:
الْأُولَى: يَجُوزُ إقْرَاضُهُ اتِّفَاقًا، وَيَجُوزُ إقْرَاضُ
الْأَبِ فِي رِوَايَةٍ.
(1/257)
الثَّانِيَةُ: يَبِيعُ وَيَشْتَرِي
لِنَفْسِهِ بِشَرْطِ الْخَيْرِيَّةِ لِلْيَتِيمِ، وَلِلْأَبِ
ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا ضَرَرَ.
الثَّالِثَةُ: لِلْأَبِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ مِنْ مَالِ
وَلَدِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ.
الرَّابِعَةُ: لِلْأَبِ الْأَكْلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ عِنْدَ
الْحَاجَةِ، وَلِلْوَصِيِّ بِقَدْرِ عَمَلِهِ.
الْخَامِسَةُ: لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ وَلَدِهِ عَلَى
دَيْنِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ.
السَّادِسَةُ: لَا تَقُومُ عِبَارَتُهُ مَقَامَ عِبَارَتَيْنِ،
فَإِذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ بِالشَّرْطِ، فَلَا
بُدَّ مِنْ قَوْلِهِ قَبِلْت بَعْدَ الْإِيجَابِ بِخِلَافِ
الْأَبِ.
السَّابِعَةُ: لَا يَلِي الْإِنْكَاحَ بِخِلَافِ الْأَبِ.
الثَّامِنَةُ: لَا يُمَوِّنُهُ بِخِلَافِ الْأَبِ.
التَّاسِعَةُ: لَا يُؤَدِّي مِنْ مَالِهِ صَدَقَةَ فِطْرِهِ
بِخِلَافِ الْأَبِ.
الْعَاشِرَةُ: لَا يَسْتَخْدِمُهُ بِخِلَافِ الْأَبِ.
الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ: لَا حَضَانَةَ لَهُ بِخِلَافِ الْأَبِ.
الْمَيِّتُ لَا يَرِثُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا ضُرِبَ
بَطْنُ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا فَإِنَّ الْغُرَّةَ
يَرِثُهَا الْجَنِينُ لِتُورَثَ عَنْهُ كَمَا فِي جِنَايَاتِ
الْمَبْسُوطِ، وَلَا يَمْلِكُ الْمَيِّتُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ
ذَكَرْنَاهَا
فِي الصَّيْدِ،
وَلَا يَضْمَنُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا حَفَرَ بِئْرًا
تَعَدِّيًا ثُمَّ مَاتَ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ بَعْدَ
مَوْتِهِ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَوْ حَفَرَ
عَبْدٌ بِئْرًا تَعَدِّيًا فَأَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ مَاتَ
الْعَبْدُ فَوَقَعَ إنْسَانٌ فِيهَا فَالدِّيَةُ عَلَى
عَاقِلَتِهِ كَمَا فِي الْجَامِعِ لَوْ مَاتَ الْمُسْتَأْمَنُ
فِي دَارِنَا عَنْ مَالٍ، وَوَرَثَتُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ
وُقِفَ مَالُهُ حَتَّى يَقْدَمُوا فَإِذَا قَدِمُوا فَلَا
بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ، وَلَوْ أَهْلَ ذِمَّةٍ، وَلَا بُدَّ
أَنْ يَقُولُوا: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُمْ،
وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ كَفِيلٌ، وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ
مِلْكِهِمْ، وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ كِتَابُهُ؛ فِي
مُسْتَأْمَنِ فَتْحِ الْقَدِيرِ؛ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ
الْقَادِرِ فِي الطَّبَقَاتِ فِي بَابِ الْهَمْزِ فِي
أَحْمَدَ: قَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي الْخِزَانَةِ قَالَ
الْعَبَّاسُ النَّاطِفِيُّ: رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ
مَشَايِخِنَا رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رَجُلٍ جَعَلَ لِأَحَدِ
بَنِيهِ دَارًا بِنَصِيبِهِ.
عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ مِيرَاثٌ،
جَازَ، وَأَفْتَى بِهِ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْيَمَانِيِّ أَحَدُ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ
الثَّلْجِيِّ، وَحَكَى ذَلِكَ أَصْحَابُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي
الْحَارِقِ وَأَبُو عُمَرَ وَالطَّبَرِيُّ (انْتَهَى)
وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ تَمَّ الْفَنُّ
الثَّانِي مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَيَلِيهِ
الْفَنُّ الثَّالِثُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ
فَنُّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ
(1/258)
|