البحر المحيط في أصول الفقه، ط العلمية الباب الرابع: في
أنواعه
النوع الأول: قياس العلة
...
الباب الرابع في أنواعه
قال ابن السمعاني: وقد قسمه ابن سريج إلى ثمانية أقسام, ومن
أصحابنا من زاد على ذلك. انتهى1.
النوع الأول قياس العلة
وهو أن يحمل الفرع على الأصل بالعلة التي علق الحكم عليها في
الشرع, ويسمى "قياس المعنى".
وينقسم إلى جلي وخفي. فأما "الجلي" فما علم من غير معاناة
وفكر.
"والخفي", ما لا يتبين إلا بإعمال فكر.
والجلي قسمان:
أحدهما : ما تناهى في الجلاء حتى لا يجوز ورود الشريعة في
الفرع على خلافه كقوله تعالى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}
[سورة الاسراء: 23] ونحوه.
وثانيهما : دونه, كقوله: "لا يقضي القاضي وهو غضبان"2 هذا كلام
ابن السمعاني.
وقسم الشيخ أبو إسحاق قياس العلة إلى: جلي وواضح وخفي قال:
"فالجلي" ما عرفت علته قطعا إما نص أو إجماع. و "الواضح" ما
ثبتت علته بضرب من الظاهر و "الخفي" ما عرفت علته بالاستنباط.
وقال الماوردي والروياني: الجلي ما يكون معناه في الفرع زائدا
على معنى الأصل والخفي ما يكون في الفرع مساويا لمعنى الأصل.
[أقسام القياس الجلي]
ثم قسما الجلي - تبعا للقفال الشاشي وغيره - إلى ثلاثة أقسام:
أحدها : ما عرف معناه من ظاهر النص بغير استدلال قالا: ولا
يجوز أن
ـــــــ
1 انظر في تقسيمات القياس المنهاج ص "26" المنخول ص "334"
مختصر ابن الحاجب مع العضد "2/247" اللمع ص "55".
2 حديث صحيح سبق تخريجه.
(4/33)
يرد التعبد فيه بخلاف أصله, كقوله تعالى:
{فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [سورة الاسراء: 23] فإنه يدل على
تحريم التأفيف بالبديهة, وعلى تحريم الضرب والشتم قياسا, ولا
يجوز أن يحرم التأفيف ويبيح الضرب. وكقوله تعالى: {فَمَنْ
يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ
مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [سورة الزلزلة: 7-8] فلا
يجوز أن يجازي على قليل الطاعة ولا يجازي على كبيرها, ويعاقب
على قليل المعصية ولا يعاقب على كبيرها. قال القفال الشاشي:
حكم ذرة ونصف بمنزلة ذرة. وإنما قال هذا حتى لا يقول مبهوت: إن
الكثير ذرات فالاسم متناول لها. يشير إلى ما حكاه إمام الحرمين
في مناظرة جرت لابن سريج مع محمد بن داود إذ قال له ابن سريج:
أنت تلزم الظاهر وقد قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ
ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} فما تقول فيمن يعمل مثقال ذرتين؟ فقال
مجيبا: الذرتان ذرة وذرة فقال ابن سريج: لو عمل مثقال ذرة ونصف
فتبلد وظهر انقطاعه. وقال بعض مشايخنا: لا يسمى هذا قياسا.
قلت: لأن العرب وضعت هذه اللفظة للتنبيه على ما زاد عليه فيكون
النهي عن الضرب والشتم باللفظ, وسماه بعضهم "مفهوم الخطاب"
وقيل "فحوى الخطاب".
قالوا: والقياس ما خفي حكم المنطوق عنه حتى عرف بالاستدلال من
المنصوص عليه, وما خرج عن الخفاء ولم يحتج إلى الاستدلال فليس
بقياس. وقال نفاة القياس: ليس بقياس بل نص.
وقيل: تنبيه وضعف, لأن النص ما عرف "حكم مراتبه" والقياس ما
عرف حكمه من اسم غيره, وهو موجود لأن اسم التأفيف لا ينطلق على
الضرب كما لا ينطلق اسم الضرب على التأفيف, فتحريم الضرب مأخوذ
من معنى التأفيف لا من اسمه, فإن امتنعوا من تسميته قياسا فقد
خالفوا في الاسم, فاختلاف الأسماء في الوضوح والغموض لا يمنع
أن يكون كلها نصوصا, فكذلك اختلاف المعاني في الخفاء, والجلاء
لا يمنع كونه قياسا. واعلم أن هذا الوجه من القياس أقرب وجوهه
إلى النصوص لدخول فرعها في النص.
الثاني : ما عرف معناه من ظاهر النص بغير استدلال, كالنهي عن
التضحية بالعوراء والعمياء والعرجاء, فالعمياء أولى قياسا على
العوراء, والقطعاء على العرجاء, لأن نقصها أكثر, فهذا لا يجوز
أن يرد التعبد بخلاف أصله, وإن جاز التعبد بإباحة العمياء
والقطعاء مع تحريم العرجاء والعوراء. وهذا مما اختلف فيه نفاة
القياس, فاقتصر بعضهم على تحريم النص وأباح ما عداه, فأباح
التضحية بالعمياء والقطعاء,
(4/34)
وأثبت بعضهم تحريم الجمع بالتنبيه دون
النص.
والثالث : ما عرف معناه من ظاهر النص باستدلال ظاهر, كقياس
الأمة على العبد في السراية, وقياس العبد عليها في تنصيف حد
القذف, وقياس النكاح على البيع في تحريمه عند صلاة الجمعة,
فهذا لا يجوز النسخ به. وفي جواز التخصيص به وجهان أصحهما
الجواز, وهذه الضروب الثلاثة يجوز أن ينعقد بها الإجماع وينقض
بها حكم من خالفها من الحكام انتهى. وقال القفال الشاشي بعد
ذكره نحو ما سبق: قد علق الشافعي القول في تسمية هذه الوجوه
قياسا, وحكى في الرسالة الجديدة أن من أهل العلم من يمنع أن
يسمى هذا قياسا لأن القياس ما احتمل فيه شبه بين معنيين,
فنقيسه على أحدهما دون الآخر, ويقول غيره من أهل العلم: ما عدا
النص من الكتاب والسنة وكان معناه فهو قياس وليس في شيء مما
حكاه فيها أن ما فهم من المعنى فهو نص ولا أنه مفهوم معنى
الاسم انتهى1.
فإن قيل: فما فائدة الخلاف في هذا القسم مع الاتفاق على الحكم؟
قلنا: سبق في بحث المفهوم له فوائد: منها أنا لو قدرنا في فرع
من الفروع وجود نص يشعر بنقيض الحكم فهل يتعارضان أو يرجح
أحدهما على الآخر؟ فمن قال: إنه مأخوذ من اللفظ قال:
فيتعارضان.
[أقسام القياس الخفي]
وأما القياس الخفي فقسمه الماوردي والروياني أيضا إلى ثلاثة
أقسام: أحدها: ما خفي معناه فلم يعرف إلا بالاستدلال ويكون
معناه لائحا, وتارة يكون الاستدلال متفقا عليه, كقوله تعالى:
{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [سورة النساء: 23]
الآية فكانت عمات الآباء والأمهات في التحريم قياسا على
الأمهات, لاشتراكهن في الرحم, وكقوله تعالى في نفقة الولد في
صغره: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}
[سورة الطلاق: 6] فكانت نفقة الوالدين عند عجزهما في كبرهما
قياسا على نفقة الولد لصغره. والمعنى في هذا الضرب لائح لتردده
بين الجلي والخفي, وهو من ضروب الخفي بمنزلة الأول من ضروب
الجلي, ويجوز أن ينعقد الإجماع بمثله, وهل ينقض حكم الحاكم إذا
خالف في جواز تخصيص العموم؟ وجهان.
ـــــــ
1 انظر الرسالة ص "515 – 516".
(4/35)
الثاني : أن يكون معناه غامضا للاستدلال
المختلف فيه, كتعليل الربا في البر المنصوص عليه بالقوت ليقاس
عليه كل مأكول, فهذا لا ينتقض فيه الحكم ولا يخص به العموم.
الثالث : ما يكون شبها وهو ما احتاج في نصه ومعناه إلى استدلال
كالذي قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الخراج
بالضمان1, يعرف بالاستدلال أن الخراج هو النفقة, وأن الضمان هو
ضمان النفقة ثم عرف معنى النفقة بالاستدلال فتقابلت المعاني
بالاختلاف فيها, فمن معلل لها بأنها آثار فلم يجعل المشتري إذا
رد بالعيب مالكا للأعيان من الثمار والنتاج, ومن معلل بأنها ما
خالفت أجناس أصولها فجعل مالكا للثمار دون النتاج, وعللها
الشافعي بأنها ما يجعل مالكا لكل ثمار من ثمار ونتاج, فمثل هذا
ينعقد الإجماع في حكم أصله ولا ينعقد في معناه, ولا يقضى بقياس
حكمه, ولا يخص به عموم وهو أضعف مما قبله.
مسألة
لا يشترط في المشابهة بالاستدلال في القياس تمام المشابهة, ولا
يكتفى بأدناها, بل يعتبر ما يشير إلى المأخذ.
ـــــــ
1 حديث صحيح سبق تخريجه.
(4/36)
النوع الثاني قياس الشبه
قالا: وهو ما أخذ حكم فرعه من شبه أصله, وقالا في موضع آخر: هو
ما تجاذبه الأصول فأخذ من كل أصل شبها, وسماه الشيخ أبو إسحاق
وغيره "قياس الدلالة "وفسره بأن يحمل الفرع على الأصل بضرب من
الشبه على العلة التي علق الحكم عليها في الشرع قال: وهذا
الضرب لا تعرف صحته إلا باستدلال الأصول وهو على ثلاثة أضرب:
أحدها : أن يستدل بثبوت حكم من أحكام الفروع على ثبوت الفرع,
ثم رد إلى أصل, كاستدلالنا على سجود التلاوة ليس بواجب, بأن
سجودها يجوز فعله على الراحلة من غير عذر على أنه ليس بواجب.
والثاني : أن يستدل بحكم يشاكل حكم الفرع ويجري مجراه على حكم
الفرع, ثم
(4/36)
يقاس على أصل, كقولنا في ظهار الذمي: صحيح
لأنه يصح طلاقه, فيصح ظهاره, فصحة قياس الطلاق على صحة الظهار
لأنهما يجريان مجرى واحدا, ألا ترى أنهما يتعلقان بالقول
ويختصان بالزوجة, فإذا صح ذلك دل على صحة الآخر.
والثالث : أن يحمل الفرع على الأصل بضرب من الشبه, كقياس من
قال: إن العبد يملك. لأنه آدمي مخاطب مثاب معاقب, فملك كالحر.
قال: فهذا وأمثاله يسمى "قياس الشبه" وفي صحته وجهان: أحدهما:
يصح, لأن عمر أمر أبا موسى باعتباره, والثاني: المنع, لأنه لو
جاز رد الفرع إلى الأصل بالشبه لوجب أن يصح كل قياس لأنه ما من
فرع إلا ويمكن رده إلى أصل بضرب من الشبه. انتهى.
وقال الشيخ في اللمع: اختلف أصحابنا في قياس الشبه, وهو تردد
الفرع بين أصلين لشبه أحدهما في ثلاثة أوصاف والآخر من وصفين
فقيل: صحيح, وللشافعي ما يدل عليه في أوائل الرسالة وأواخرها.
وقيل: لا يصح, وتأول ما قاله الشافعي على أنه أراد به أن يرجح
به قياس بكثرة الأشباه. ثم اختلف القائلون به في أنه هل يجب أن
يكون حكما وأن يكون صفة؟ على قولين قال: والأشبه عندي أن قياس
الشبه لا يصح1.
وقال ابن القطان: قياس الشبه اختلف أصحابنا فيه على ثلاثة
أوجه:
أحدها : أن الشبه يعتبر في الصورة أخذا من قول الشافعي في
الجنايات إن العبد إذا جني عليه اعتبرت قيمته بالحر لوقوعه بين
أصلين:
أحدهما : البهيمة, لأنه سلعة فيتصرف فيها.
والثاني : الحر لأنه آدمي متعبد.
وقيل: هذا خطأ, لأن القياس لا يصح حتى تستخرج العلة من المنصوص
عليه, فيؤخذ في الفرع أكثر الأوصاف, فيلحق حكمه بحكم ذاك
الأصل, وهذا لا ينقض به حكم الحاكم إذا خالف. وإن كان هناك علة
أخرى توجب التحليل بها خمسة أوصاف, وعلة توجب التحريم بها خمسة
أوصاف فيوجد فيها من أوصاف العلة المبيحة أكثر من المحرمة
فيلحق ذلك بحكم التعليل, لأنه أكثر شبها. فإنه لو قيل: فما
تقولون لو تساوى الجريان في الأصلين وتساوت الأوصاف؟ قلنا: عنه
جوابان أحدهما : يتوقف فيه لأنهما يتساويان وليس لأحدهما مزية
على الآخر, وهذا أشبه من الأول.
ـــــــ
1 انظر مختصر ابن الحاجب مع العضد "2/247" اللمع ص "55" إرشاد
الفحول ص "222".
(4/37)
والثالث : أن قياس الشبه أن تكون المسألة
محتملة فتتحد بها فتقوم الدلالة على إلحاقها بأحد الأصول هو
الأشباه. انتهى.
وقد وقع في كلام الشافعي رحمه الله ذكر "قياس علة الأشباه"
فقيل هو قسيم "قياس العلة" وقيل هو "قياس العلة" إلا أنه جعل
كثرة الأشباه ترجيحا للعلة وقال القاضي في التقريب: ظاهر نص
الشافعي يدل على الأول قال: وحكى أن أبا العباس بن سريج كان
يقول: إن غلبة الأشباه هي العلة وإن الأشباه ثلاثة ما حكم فيه
بالتحريم وله وصفان, وما حكم فيه بالتحليل وله وصف واحد وواسطة
بينهما لم يحكم فيه بشيء. قال: فإذا تردد بينهما كان رده إلى
أشبههما أولى من رده إلى أبعدهما منه في الشبه. قال القاضي:
وهذا محتمل لأن يكون ممن يرى الحكم بغلبة الأشباه من غير
اعتقاد كونه علة, ويحتمل أن يريد أن ردها إلى ما هو علة الحكم
أولى من رده إلى ما بعد أن يكون علة. وقد قيل: إن هذا الذي كان
يذهب إليه أبو العباس وأنكر القياس على شبه لم يعتبر كونه علة
وقال الخفاف في الخصال: علة غلبة الأشباه صحيحة, والحكم بها
جائز إذا كانت علة ما وصفنا, غير أنه لا يجوز الحكم فيها مع
وجود العلة المستخرجة.
وأما الماوردي والروياني ففسرا قياس الشبه بما تقدم, وقسماه
إلى نوعين: قياس تحقيق يكون الشبه في أحكامه, وقياس تقريب يكون
الشبه في أوصافه. وقياس التحقيق مقابل لقياس المعنى الخفي وإن
ضعف عنه.
"الأول" قياس التحقيق وهو ثلاثة أقسام:
أحدها : أن يتردد حكم فرع بين أصلين فينتقض برده إلى أحدهما
ولا ينتقض برده إلى الآخر, فيرده إلى الأصل الذي لا ينتقض برده
إليه, وإن كان أقل شبها دون الآخر, وإن كان أكثر شبها, كالعبد
يملك, يتردد بين البهيمة والحر فلما انتقض رده إلى الميراث حيث
لم يملك به وجب رده إلى البهيمة لسلامته من النقض, وإن كان
شبهه بالأحرار أكثر.
والثاني : أن يتردد الفرع بين أصلين, فيسلم من النقض رده إلى
كل واحد منهما, وهو بأحد الأصلين أكثر شبها, مثل أن يشبه
أحدهما من وجه والآخر من وجهين, أو أحدهما من وجهين والآخر من
ثلاثة, فيرد إلى الأكثر. مثاله في الجناية على طرف العبد
فيردده بين رده إلى الحر وإلى البهيمة, وهو يشبه البهيمة في
أنه مملوك,
(4/38)
ويورث عينه, ويشبه الحر في أنه آدمي مخاطب
مكلف يجب في قتله القود والكفارة وجب رده إلى الحر في تقدير
أرش طرفه دون البهيمة لكثرة شبهه بالحر.
الثالث : أن يتردد حكم الفرع بين أصلين مختلفي الصفتين, ويوجد
في الفرع بعض كل واحد من الصفتين والأقل من الأخرى, فيجب رده
إلى الأصل الذي فيه أكثر صفاته, مثاله ثبوت الربا في
السقمونيا, لما تردد بين الخشب في الإباحة, لأنه ليس بغذاء,
وبين الطعام في التحريم, لأنه مأكول, فكان رده إلى الغذاء في
التحريم وإن لم يكن غذاء أولى من رده إلى الخشب في الإباحة وإن
لم يكن غذاء لأن الأكل أغلب صفاته.
الثاني: قياس التقريب وهو ثلاثة أضرب:
أحدها : تردد الفرع بين أصلين مختلفين صفة, وقد جمع الفرع معنى
الأصل فيرجع في الفرع إلى أغلب الصفتين, مثاله في المعقول أن
يكون أحد الأصلين معلولا بالبياض والآخر معلولا بالسواد, ويكون
الفرع جامعا بين السواد والبياض فيعتبر بحاله, فإن كان بياضه
أكثر من سواده رد إلى الأصل المعلول بالبياض ولم يكن للسواد
فيه تأثير, وإن كان سواده أكثر من بياضه رد إلى الأصل المعلول
بالسواد ولم يكن للبياض فيه تأثير, ومثاله في الشرع الشهادات,
أمر الله تعالى فيها بقبول العدل ورد الفاسق, وقد علم أن أحدا
غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يمحض الطاعة حتى لا
يشوبها شيء ويخرمها, فوجب اعتبار الأغلب في حالتيه: فإن كانت
الطاعات أغلب حكم بعدالته, أو المعاصي أغلب حكم بفسقه.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: هذا الضرب لا يسمى قياسا, لأن
القياس ما استخرج علة فرعه من أصله, وهذا قد استخرج علة أصله
من فرعه, ولأن القياس إنما يصح إذا كان معنى الأصل موجودا
بكماله من الفرع, فإذا وجد بعض أوصافه لا يصح إلحاقه به. وهذا
غلط لأن صفة العلة مستخرجة من الفرع وحكم العلة مستخرج من
الأصل, فالجمع بينهما موضوع بحكم العلة دون صفتها. وهذا كما
تقول في الماء المطلق: إذا خالطه مائع طاهر كماء الورد ولم
يغيره نظر: إن كان الماء أكثر حكمنا له بالتطهير وإن كان فيه
ما ليس بمطهر, وإن كان ماء الورد أكثر حكمنا أنه غير مطهر وإن
كان فيه ماء طهور, وأن الحادثة أشبهت كل واحد من الأصلين في
بعض الأوصاف فلا بد من تعريف حكمها, ولا يجوز إلحاقها بغير
هذين الأصلين, لأنه لا يجوز إلحاقها بما لا يشبهها
(4/39)
وتركه ما يشبهها, ولا إلحاقه بهما لتضادهما
فكان أكثرها شبها أولى.
وقال القاضي أبو الطيب الطبري: هذا النوع في القياس ضعيف, لأنه
يقاس على ما يلحق به من غير علة, وذلك لا يجوز ولا يخلو الوصف
الذي أشبه الأصل فيه من أن يكون علة الأصل, أو ليس بعلة, فإن
كان علة فهو قياس العلة لا قياس الشبه, وإن لم يكن علة فلا يصح
القياس بغير علة قال: ومعنى هذا عندك إذا تردد فرع بين أصلين
وقاسه في كل واحد من الأصلين على أصله بعلة ظاهرها الصحة يحتاج
إلى الترجيح لتغليب أحد الأوصاف لكثرة الشبه, فيكون ذلك على
سبيل الترجيح.
الثاني : أن يتردد الفرع بين أصلين مختلفي الصفتين, والصفتان
معروفتان في الفرع, وصفة الفرع تقارب إحدى الصفتين وإن
خالفتها. مثاله في المعقول أن يكون أحد أصلين معلولا بالبياض,
والآخر بالسواد, والفرع أخضر لا أبيض ولا أسود, فرد إلى أقرب
الأصلين شبها بصفتيه والخضرة أقرب إلى السواد, ومثاله في الشرع
قوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}
[سورة المائدة: 95] وليس المثل من النعم شبيها بالصيد في جميع
أوصافه ولا منافيا له في جميعها, فاعتبر في الجزاء أقرب الشبه
بالصيد. وقال أبو حنيفة رحمه الله: مثل هذا لا يكون قياسا, لأن
القياس: ما وجدت أوصاف أصله في فروعه, وأوصاف الأصل في هذا غير
مقصودة في الفرع, فصار قياسا بغير علة. وهذا غلط, لأن الحادثة
لا بد لها من حكم, والحكم لا بد له من دليل, فإذا لم يكن في
الكتاب ولا في السنة ولا في الإجماع دليل عليها لم يبق لها أصل
غير القياس كما في أقربهما شبها بأصل هو علة القياس. وقد جعله
بعض أصحابنا اجتهادا محضا ولم يجعله قياسا.
والثالث : أن يتردد الفرع بين أصلين مختلفين, والفرع جامع
لصفتي الأصلين وأحد الأصلين من جنس الفرع دون الآخر. ومثاله أن
يكون الفرع من الطهارة, وأحد الأصلين من الصلاة, والثاني من
الطهارة. فيكون رده إلى أصل الطهارة لمجانسته أولى من رده إلى
أصل الصلاة. ثم قالا: وهاهنا قسم رابع: اختلف أصحابنا في
وروده, وهو أن يتردد الفرع بين أصلين فيه شبه كل واحد من
الأصلين, ولا يترجح أحدهما على الآخر بشيء, فمنع كثير من
أصحابنا من وجوده وأحال تكافؤ الأدلة, لأنه لا يجوز أن يتعبد
الله العباد بما لم يوصلهم إلى علمه, ولكن ربما خفي على
المستدل لقصوره في الاجتهاد فإن أعوزه الترجيح بين أصلين عدل
إلى التماس حكمه من غير القياس. وذهب الأكثرون إلى جواز وجوده,
لأنه لما جاز أن يكون من الأدلة غامضة
(4/40)
لما علم فيها من المصلحة جاز أن يكون فيها
متكافئة لما رآه من المصلحة أن يكون لها حكم مع التكافؤ.
فعلى هذا اختلفوا في حكم ما تكافأت عليه الأدلة, وتردد بين
أصلين حاظر ومبيح على وجهين:
أحدهما : المجتهد بالخيار في رده إلى أي الأصلين شاء, لأن الله
تعالى لو لم يرد كل واحد منهما لنصب على مراده منهما دليلا.
والثاني : يرده إلى أغلظ الأصلين حكما وهو الحظر دون الإباحة
احتياطا, لأن أصل التكليف موضوع للتغليظ.
قالا: فصار أقسام القياس على ما شرحنا اثني عشر قسما: ستة منها
مختصة بقياس المعنى, منها ثلاثة في الخفي. وستة مختصة بقياس
الشبه, منها ثلاثة في قياس التحقيق, وثلاثة في قياس التقريب.
وذكر إمام الحرمين قياس التقريب بما حاصله يرجع إلى أنه
استدلال من غير بناء فرع على أصل, ومن جملة كلامه قال1: قد ثبت
أصول معللة اتفق القائسون على عللها, فقال الشافعي: الحد في
تلك الأصول معنوي, وجعل الاستدلال قريبة منها وإن لم يكن
بأعيانها حتى كأنها أصول معتمدة مثلا, والاستدلال معتبر بها,
واعتبار المعنى بالمعنى تقريبا أولى من اعتبار صورة بصورة
لمعنى جامع. ثم مثل الإمام ذلك بتحريم وطء الرجعية بأنه معلل
عند الشافعي بأنها متربصة في تبرئة الرحم وتسليط الزوج على
رحمها في الزمان الذي تؤمر فيه بالتربص للتبرئة تناقض, وهذا
معنى معقول. وأن المرأة لو تربصت قبل الطلاق واعتزلها الزوج لم
يعتد بذلك عنده, ولو طلب الشافعي لهذا أصلا لم يجده, ولكنه
قريب من القواعد. ومن قاس الرجعية على البائن لم يتم له ذلك,
لأن المخالف يقول: البينونة هي المستقلة بتحريم الوطء والرجعية
ليست مثلها.
ـــــــ
1 انظر البرهان "2/859".
(4/41)
النوع الثالث قياس العكس
وهو إثبات نقيض الحكم في غيره لافتراقهما في علة الحكم, كذا
عرفه صاحب المعتمد "والأحكام" وغيرهما. وقال الأصفهاني: إنه
غير جامع, لأنه من جملة أنواع
(4/41)
العكس الملازمة الثابتة بين الشيئين:
الملزوم نقيض المطلوب, واللازم منتف. والدليل على الملازمة
القياس, كقولنا: لو لم تجب أولا على الصبي لما وجبت على
البالغ, قياسا على الوجوب على الصبي, واللازم منتف إجماعا
فينتفي الملزوم. انتهى وقد وقع في الكتاب والسنة استعمال هذا
النوع, قال الله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا
اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [سورة الانبياء: 22] وقال صلى الله عليه
وسلم: "وفي بضع أحدكم صدقة", قالوا: يا رسول الله, يأتي أحدنا
شهوته ويؤجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام يعني: أكان
يعاقب"؟ قالوا: نعم, قال: "فمه" يعني: أنه إذا وضعها في حرام
يأثم, كذلك إذا وضعها في حلال1 فقد جعل النبي صلى الله عليه
وسلم نقيض حكم الوطء المباح وهو الإثم في غيره وهو الوطء
الحرام, لافتراقهما في علة الحكم وهو كون هذا مباحا وهذا
حراما.
وقد اختلف في تسميته قياسا فقيل: إنه قياس حقيقة, وقال صاحب
المعتمد هو قياس مجازا, وقيل: لا يسمى قياسا, وبه صرح ابن
الصباغ في "العدة", لأن غايته تمسك بنظم التلازم وإثبات لإحدى
مقدمته بالقياس. وذكر الشيخ أبو إسحاق في الملخص أن الشافعي
رحمه الله تعالى احتج به على أبي حنيفة في إبطال علته في الربا
في الأثمان فقال: لو كان الفضة والحديد يجمعهما علة واحدة في
الربا لم يجز استلام أحدهما في الآخر, وكذلك الحنطة والشعير لو
جمعهما علة واحدة لم يجز استلام. أحدهما في الآخر, فلما جاز
بالإجماع استلام الفضة في الحديد دل على أنه لم يجمعهما علة
واحدة.
قال: واختلف أصحابنا في الاستدلال به على وجهين: أحدهما: أنه
لا يصح, "وأصحهما" وهو المذهب أنه يصح. وقد استدل به الشافعي
في عدة مواضع, والدليل عليه أن الاستدلال بالعكس استدلال بقياس
مدلول على صحته بالعكس, وإذا صح القياس في الطرد وهو غير مدلول
على صحته فلأن يصح الاستدلال بالعكس وهو قياس مدلول على صحته
أولى, ويدل عليه أن الله تعالى دل على التوحيد بالعكس فقال
تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ
لَفَسَدَتَا} [سورة الانبياء: 22] ودل على أن القرآن من عنده
بالعكس, قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ
لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} [سورة النساء: 82].
قلت: وقد احتج به الشافعي في المختصر فقال في زكاة الخلطة:
ولما لم أعلم
ـــــــ
1 حديث صحيح سبق تخريجه قريبا.
(4/42)
مخالفا إذا كان ثلاثة خلطاء لو كان لهم
مائة وعشرون أخذت منهم واحدة فصدقوا صدقة الواحد فنقصوا
المساكين شاتين من مال الخلطاء الثلاثة الذين لو تفرق ما لهم
كان فيهم ثلاث شياه لم يجز إلا أن يقولوا لو كانت أربعون بين
ثلاثة كانت عليهم شاة لأنهم صدقوا الخلطاء صدقة الواحد. انتهى
فقاس وجوب واحدة من أربعين لثلاثة خلطاء على سقوط اثنتين في
مائة وعشرين لثلاثة خلطاء.
وحكى الشيخ أبو حامد في تعليقه "مناظرة جرت بين الشافعي ومحمد
بن الحسن, فقال الشافعي لمحمد بن الحسن: لا قود على من شارك
الصبي, فقال: لأنه شارك من لا يجري عليه القلم, فقال له
الشافعي: فأوجب القود على من شارك الأب لأنه شارك من جرى عليه
القلم, وإذا لم توجب على شريك الأب فهو ترك لأصلك.
قال أصحاب أبي حنيفة: هذا السؤال لا يلزم محمدا, لأن محمدا علل
بأنه شارك من لا يجري عليه القلم, فنقيضه أنه يوجد من شارك من
لا يجري عليه القلم ومع هذا يجب عليه القود, فأما من شارك الأب
فهو عكس علته, لأنه شارك من يجري عليه القلم.
أجاب أصحابنا عن هذا, فقال الشيخ أبو علي بن أبي هريرة: هذا
يلزم محمد بن الحسن, وذلك أن العلة على ضربين: علة للأعيان,
وعلة للجنس, فإذا كانت العلة للأعيان انقضت من وجه واحد وهو أن
توجد العلة ولا حكم كقولك: لأنه مرتد فوجب أن يقتل, فالنقض أن
يوجد مرتد مع أنه لا يقتل. والثانية علة الجنس فهذه تنقض من
وجهين: أن توجد العلة ولا حكم, وأن يوجد الحكم ولا علة, كقولك:
علة القتل القتل, فكأنه قال: لا قتل إلا بقتل, فهذه تنقض بما
قلناه: إن قتل بغير قتل انتقضت العلة, وإن لم يقتل مع وجود
القتل انتقضت العلة وإذا ثبت هذا فعلة محمد بن الحسن للجنس,
لأنه علل سقوط القود عن الشريك دون شريك من لا يجري عليه
القلم, فهذه للجنس فينتقض من وجهين: أن يوجد العلة ولا حكم وأن
يوجد الحكم ولا علة فقد أوجد الحكم ولا علة فبطل قوله.
قال الشيخ أبو حامد: وكنت أجبت بجواب آخر, وهو أن الشافعي
ألزمهم العكس بناء على أصلهم, لأن علة العكس عندهم دليل
تناقضهم في العكس.
وجواب آخر جديد وهو أن محمد بن الحسن فرق بين مسألتين فطالبه
الشافعي بالفرق بين شريك الصبي حيث قلت: لا قود عليه, وقد قلت:
إذا عفا الولي عن أحد القاتلين كان على شريكه القود, فقال
محمد: لأن شريك الصبي قد شارك من رفع عنه
(4/43)
القلم وليس كذلك ما إذا عفا الولي عن
أحدهما لأنه شارك من القلم جار عليه, فقال الشافعي: هذا باطل
بما إذا شارك الأب في قتل ولده, لأنه شارك من القلم جار عليه
ومع هذا لا قود عليه عندك.
فأما المزني فإنه تكلم على مسائل الشافعي فإنه قال: قد شرك
الشافعي محمد بن الحسن فيما أنكر عليه فإنه أسقط القود عن شريك
الخاطئ وأوجبه على شريك الصبي ومعناهما واحد. قلنا له: هذا على
القولين إن قلنا في حكم الخطأ فلا قود على شريكه كمن شارك
الخاطئ لأن معناهما واحد, فإن قلنا عمده عمد, فعلى شريكه
القود, لأن معناهما مختلف. ثم يقال للمزني: قد كسر الشافعي فرق
محمد بن الحسن, فأنت أوردت كلاما ينقض الكسر وإنما تناقض
العلل, فأما الكسر فلا يناقض, فسقط, هذا.
وقال الشيخ أبو حامد في تعليقه "في باب مسح الخف", في تعليل
جواز الاختصار على الأسفل: لما كان أسفل الخف كظاهره في أنه لا
يجوز المسح عليه إذا كان متمزقا وجب أن يكون أسفله كأعلاه في
الاقتصار عليه بالمسح إذا كان صحيحا. ثم إن الشيخ أبا حامد رد
هذا التعليل بأنه قياس عكس فكأنه رد قياس العكس.
(4/44)
النوع الرابع قياس الدلالة
وهو أن يكون الجامع وصفا لازما من لوازم العلة, أو أثرا من
آثارها, أو حكما من أحكامها, سمي بذلك لكون المذكور في الجميع
دليل العلة لا نفس العلة فالأول: كقياس النبيذ على الخمر بجامع
الرائحة الملازمة. والثاني: كقولنا في القتل بالمثقل قتل أثم
به صاحبه من حيث كونه قتلا, فوجب فيه القصاص كالجارح, فكونه
إثما ليس هو بعلة بل أثر من آثارها. والثالث: كقولنا في مسألة
قطع الأيدي باليد الواحدة إنه قطع موجب لوجوب الدية عليهم
فيكون موجبا لوجوب القصاص عليهم, كما لو قتل جماعة واحدا فوجوب
الدية على الجماعة ليس نفس العلة الموجبة للقصاص بل حكم من
أحكام العلة الموجبة للقصاص, بدليل اطرادها وانعكاسها, كما في
القتل العمد العدوان والخطأ وشبه العمد.
واختلف فيه هل هو قسم برأسه, أو هو دائر بين المعنى والشبه؟
وقال الإمام: قياس الدلالة هو ما اشتمل على ما لا يناسب بنفسه
ولكنه يدل على معنى جامع, ثم قال: ولا معنى لعده قسما على
حياله, فإنه يقع تارة منبئا عن معنى, وتارة عن
(4/44)
شبه, وهو في طوريه لا يخرج عن قياس المعنى
أو الشبه. وقال الغزالي في "معياره": الحد الأوسط إذا كان علة
للأكبر سماه الفقهاء "قياس العلة" وسماه المنطقيون "برهان
اللم" أي: ذكر ما يجاب به عن لم. وإن لم يكن علة سماه الفقهاء
"قياس الدلالة" وسماه المنطقيون "قياس البرهان" أي هو دليل على
أن الحد الأكبر موجود في الأصغر من غير بيان علة. فالأول:
كقولك: هذا الإنسان شبعان لأنه أكل الآن, وقياس الدلالة عكسه,
وهو أن يستدل بالنتيجة على المنتج فيقول شبعان فإذا هو قريب
العهد بالأكل وقياس العلة: هذه عين نجسة فلا تصح الصلاة معها,
وفي قياس الدلالة: هذه عين ليست تصح الصلاة معها فإذا هي نجسة.
(4/45)
النوع الخامس في الفارق
وقد اختلف في تسميته قياسا أو استدلالا, والأول قول إمام
الحرمين, والثاني قول الغزالي1, لأن القياس يقصد به التسوية,
وإنما قصد نفي الفارق بين المحلين, وقد جاء في ضمن ذلك
الاستواء في العلة. والقياس هو الذي يبنى على العلة ابتداء
وهذا لم يبن على العلة, وإنما جاءت فيه ضمنا.
وزعم إمام الحرمين أن الخلاف لفظي. ونازعه ابن المنير; فإن
القائل بأنه قياس يقول: اللفظ منقطع الدلالة لغة عن الفرع ساكت
عنه, والحكم فيه إنما يتلقى من القياس المأذون فيه بالإجماع.
والقائل بأنه استدلال يقول: لفظ الأصل يتناول الفرع من جهة ما,
لكنهما اتفقا على أنه لا يتناول الفرع بالمطابقة على حد تناول
الأصل, وفصل الإمام في موضع آخر فقال: الوجه عندنا إن كان في
اللفظ إشعار به فلا نسميه قياسا, كقوله صلى الله عليه وسلم:
"من أعتق شركا له في عبد قوم عليه" 2 فهذا وإن كان في ذكر
فالعبودية مستعملة في الأمة وقد قيل للأمة عبدة. وأما إذا كان
لم يكن لفظ الشارع مشعرا به فهو قياس قطعي, كإلحاق الشافعي
رحمه الله عرق الكلب بلعابه في العدد والتعفير, وفي دعوى القطع
في الثاني نظر.
ـــــــ
1 انظر البرهان "2/868" المنخول ص "334, 337".
2 حديث صحيح سبق تخريجه.
(4/45)
النوع السادس ما هو أولى من المنصوص
كالضرب على التأفيف وسبق أول الباب.
تنبيه :
أعلى هذه الأقسام ما كان في معنى المنصوص حتى اختلف أنه لفظي
أو قياس وهو القطعي, ثم يليه قياس المعنى, ثم قياس الدلالة, ثم
قياس الشبه وهي المظنونات. والإلحاق بنفي الفارق تارة يكون
قطعيا, وتارة يكون ظنيا, لأن الإلحاق يجيء هكذا تارة وتارة.
ويأتي في الترجيحات.
(4/46)
|