اللمع في أصول الفقه
مقدمة
...
خطبة الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الحمد لله كما هو أهله وصلواته على محمد خاتم النبيين وسيد
المرسلين.
سألني بعض إخواني أن أصنف له مختصراً في المذهب في أصول الفقه،
ليكون ذلك مضافا إلى ما عملت من التبصرة في الخلاف، فأجبته إلى
ذلك إيجابا لمسألته وقضاء لحقه وأشرت فيه إلى ذكر الخلاف وما
لا بد منه من الدليل فربما وقع ذلك إلى من ليس عنده ما عملت من
الخلاف وإلى الله تعالى أرغب أن يوفقني للصواب ويجزل لي الأجر
والثواب إنه كريم وهاب.
ولما كان الغرض بهذا الكتاب أصول الفقه وجب بيان العلم والظن
وما يتصل بهما، لأن بهما يدرك جميع ما يتعلق بالفقه، ثم نذكر
النظر والدليل وما يتصل بهما، لأن بذلك يحصل العلم والظن، ثم
نبين الفقه وأصول الفقه إن شاء الله عز وجل.
باب بيان العلم والظن
ونقدم على ذلك بيان الحد لأن به يعرف حقيقة كل ما نريد ذكره،
والحد هو عبارة على المقصود بما يحصره ويحيط به إحاطة تمنع أن
يدخل فيه ما ليس منه أو يخرج منه ما هو منه ومن حكم الحد أن
يطرد وينعكس فيوجد المحدود بوجوده وينعدم بعدمه.
(1/3)
فصل
فأما العلم فهو معرفة المعلوم على ما هو عليه. وقالت المعتزلة:
هو اعتقاد الشيء على ما هو به مع سكون النفس إليه وهذا غير
صحيح لأن هذا يبطل باعتقاد العاصي فيما يعتقده فإن هذا المعنى
موجود فيه وليس ذلك بعلم.
فصل
والعلم ضربان: قديم ومحدث. فالقديم علم الله عز وجل وهو متعلق
بجميع المعلومات ولا يوصف ذلك بأنه ضروري ولا مكتسب، والمحدث
علم الخلق وقد يكون ذلك ضروريا وقد يكون مكتسبا، فالضروري كل
علم لزم المخلوق على وجه لا يمكنه دفعه عن نفسه بشك ولا شبهة
وذلك كالعلم الحاصل عن الحواس الخمس التي هي السمع والبصر
والشم والذوق واللمس والعلم بما تواترت به الأخبار من ذكر
الأمم السالفة والبلاد النائية وما يحصل في النفس من العلم
بحال نفسه من الصحة والسقم والغم والفرح وما يعلمه من غيره من
النشاط والفرح والغم والترح وخجل الخجل ووجل الوجل وما أشبهه
مما يضطر إلى معرفته، والمكتسب كل علم يقع على نظر واستدلال
كالعلم بحدوث العالم وإثبات الصانع وصدق الرسل ووجوب الصلاة
وأعدادها ووجوب الزكاة ونُصَبِها وغير ذلك مما يعلم بالنظر
والاستدلال.
فصل
وحد الجهل تصور المعلوم على خلاف ما هو به، والظن تجويز أمرين
أحدهما أظهر من الآخر كاعتقاد الإنسان فيما يخبر به الثقة أنه
على ما أخبر به وإن جاز أن يكون بخلافه وظنِّ الإنسان في الغيم
المشف الثخين أنه يجيء منه المطر وإن جوِّز أن ينقشع عن غير
مطر واعتقاد المجتهدين فيما يفتون به في مسائل الخلاف وإن
جوزوا أن يكون الأمر بخلاف ذلك وغير ذلك مما لا يقطع به.
فصل
والشك تجويز أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر كشكِّ الإنسان في
الغيم
(1/4)
غير المشف أنه يكون منه مطر أم لا وشكِّ
المجتهد فيما لم يقطع به من الأقوال وغير ذلك من الأمور التي
لا يغلب فيها أحد التجوزين على الآخر.
باب النظر والدليل
والنظر هو الفكر في حال المنظور فيه وهو طريق إلى معرفة
الأحكام إذا وجد بشروطه، ومن الناس من أنكر النظر وهذا خطأ لأن
العلم يحصل بالحكم عند وجوده فدل على أنه طريق له.
فصل
وأما شروطه فأشياء. أحدها: أن يكون الناظر كامل الآلة على ما
نذكره في باب المفتي إن شاء الله تعالى. والثاني: أن يكون نظره
في دليلٍ لا في شبهةٍ. والثالث: أن يستوفيَ الدليل ويرتبه على
حقه فيقدم ما يجب تقديمه ويؤخر ما يجب تأخيره.
فصل
وأما الدليل فهو المرشد إلى المطلوب ولا فرق في ذلك بين ما يقع
به من الأحكام وبين مالا يقع به. وقال أكثر المتكلمين: لا
يستعمل الدليل إلا فيما يؤدي إلى العلم، فأما فيما يؤدي إلى
الظن فلا يقال له دليل وإنما يقال له أمارة وهذا خطأ لأن العرب
لا تفرق في تسمية بين ما يؤدي إلى العلم أو الظن فلم يكن لهذا
الفرق وجه.
وأما الدال فهو الناصب للدليل وهو الله عز وجل، وقيل: هو
والدليل واحد كالعالم والعليم وإن كان أحدهما أبلغ والمستدِلُ
هو الطالب للدليل ويقع على السائل لأنه يطلب الدليل من المسؤول
وعلى المسؤول لأنه يطلب الدليل من الأصول. والمستدَل عليه هو
الحكم الذي هو التحريم والتحليل. والمستدَل له يقع على الحكم
لأن الدليل يطلب له ويقع على السائل لأن الدليل يطلب له،
والاستدلال هو طلب الدليل وقد يكون ذلك من السائل للمسؤول وقد
يكون من المسؤول في الأصول.
(1/5)
باب بيان الفقه وأصول الفقه
والفقه معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد، والأحكام
الشرعية وهي الواجب والمندوب، والمباح والمحظور، والمكروه؛
والصحيح والباطل. فالواجب ما تعلق العقاب بتركة كالصلوات الخمس
والزكاوات وردّ الودائع والمغصوب وغير ذلك. والمندوب ما يتعلق
الثواب بفعله ولا يتعلق العقاب بتركه كصلوات النفل وصدقات
التطوع وغير ذلك من القرب المستحبة. والمباح ما لا ثواب بفعله
ولا عقاب في تركه كأكل الطيب ولبس الناعم والنوم والمشي وغير
ذلك من المباحات. والمحظور ما تعلق العقاب بفعله كالزنا وللواط
والغصب والسرقة وغير ذلك من المعاصي. والمكروه ما تركه افضل من
فعله كالصلاة مع الالتفات والصلاة في أعطان الإبل واشتمال
الصماء وغير ذلك مما نهى عنه على وجه التنزيه. والصحيح ما تعلق
به النفوذ وحصل به المقصود كالصلوات الجائزة والبيوع الماضية.
والباطل ما لا يتعلق به النفوذ ولا يحصل به المقصود كالصلاة
بغير طهارة وبيع ما لا يملك غير ذلك مما لا يعتد به من الأمور
الفاسدة.
فصل
وأما أصول الفقه فهي الأدلة التي يبنى عليها الفقه وما يتوصل
بها إلى الأدلة على سبيل الإجمال. والأدلة هاهنا خطاب الله عز
وجل، وخطاب رسوله صلى الله عليه وسلم وأفعاله وإقراره، وإجماع
الأمة والقياس والبقاء على حكم الأصل عند عدم هذه الأدلة،
وفتيا العالم في حق العامة، وما يتوصل به إلى الأدلة فهو
الكلام على تفصيل هذه الأدلة ووجهها وترتيب بعضها على بعض.
وأول ما يبدأ به الكلام على خطاب الله عز وجل وخطاب رسوله صلى
الله عليه وسلم لأنهما أصل لما سواهما من الأدلة ويدخل في ذلك
أقسام الكلام والحقيقة والمجاز والأمر والنهي والعموم والخصوص
المجمل والمبين والمفهوم والمؤول والناسخ والمنسوخ ثم الكلام
في أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1/6)
وإقراره لأنهما يجريان مجرى أقواله في
البيان، ثم الكلام في الأخبار لأنها طريق إلى معرفة ما ذكرناه
من الأقوال والأفعال ثم الكلام في الإجماع لأنه ثبت كونه دليلا
بخطاب الله عز وجل وخطاب رسوله صلى الله عليه وسلم وعنهما
ينعقد، ثم الكلام في القياس لأنه ثبت كونه دليلا بما ذكر من
الأدلة واليها يستند، ثم نذكر حكم الأشياء في الأصل لأن
المجتهد إنما يُفزَع إليه عند عدم هذه الأدلة ثم نذكر فتيا
العالم وصفة المفتي والمستفتي لأنه إنما يصير طريقا للحكم بعد
العلم بما ذكرناه ثم نذكر الاجتهاد وما يتعلق به إن شاء الله
تعالى.
باب أقسام الكلام
جميع ما يُتَلفَظ به من الكلام ضربان: مهمل ومستعمل، فالمهل:
ما لم يوضع للإِفادة والمستعمل ما وضع للإفادة وذلك ضربان:
أحدهما ما يفيد معنى فيما وضع له وهي الألقاب كزيد وعمرو وما
أشبهه. والثاني ما يفيد معنى فيما وضع له ولغيره وذلك ثلاثة
أشياء: اسم وفعل وحرف على ما يسميه أهل النحو، فالاسم كل كلمة
دلت على معنى في نفسها مجرد عن زمان مخصوص كالرجل والفرس
والحمار وغير ذلك، والفعل كل كلمة دلت على معنى في نفسها مقترن
بزمان كقولك ضرب ويقوم وما أشبهه، والحرف ما لا يدل على معنى
في نفسه ودل على معنى في غيره كمن وإلى وعلى وأمثاله وأقل كلام
مفيد ما بني من أسمين كقولك زيد قائم وعمرو أخوك أو ما بني من
اسم وفعل كقولك خرج زيد ويقوم عمرو: وأما ما بني من فعلين أو
من حرفين أو من حرف واسم أو حرف وفعل فلا يفيد إلا أن يقدر فيه
شيء مما ذكرناه كقولك يا زيد فإن معناه أدعو زيدا.
باب في الحقيقة والمجاز
والكلام المفيد ينقسم إلى حقيقة ومجاز وقد وردت اللغة بالجميع
ونزل به القرآن ومن الناس من أنكر المجاز في اللغة. وقال ابن
داود: ليس في القرآن مجاز وهذا خطأ لقوله تعالى: {جِدَاراً
يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ} 1 ونحن نعلم ضرورة أنه
__________
1 سورة الكهف الآية: 77.
(1/7)
لا إرادة للجدار وقال تعالى: {وَاسْأَلِ
الْقَرْيَةَ} 1ونحن نعلم ضرورة أن القرية لا تخاطب فدل على أنه
مجاز.
فأما الحقيقة فهي الأصل وحدُّها: كل لفظ يستعمل فيما وضع له من
غير نقل وقيل ما استعمل فيما اصطلح على التخاطب به، وقد يكون
للحقيقة مجاز كالبحر حقيقة للماء المجتمع الكثير ومجاز في
الفرس الجواد والرجل العالم فإذا ورد اللفظ حمل على الحقيقة
بإطلاقه ولا يحمل على المجاز إلا بدليل وقد لا يكون له مجاز
وهو أكثر اللغات فيحمل على ما وضع له.
وأما المجاز فحدُّه ما نقل عما وضع له وقلَّ التخاطب به وقد
يكون ذلك بزيادة ونقصان وتقديم وتأخير واستعارة فالزيادة كقوله
عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} 2.والمعنى ليس مثله شيء
والكاف زائدة والنقصان كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}
والمراد أهل القرية فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه
والتقديم والتأخير كقوله عز وجل: {وَالَّذِي أَخْرَجَ
الْمَرْعَى فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} 3. والمراد أخرج
المرعى أحوى فجعله غثاء فقدم وأخر والاستعارة كقوله تعالى
{جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} 4 فاستعار فيه لفظ الإرادة
وما من مجاز إلا وله حقيقة لأنا قد بينا أن المجاز ما نقل عما
وضع له وما وضع له هو الحقيقة.
فصل:
ويعرف المجاز من الحقيقة بوجوه من أن يصرحوا بأنه مجاز وقد بين
أهل اللغة ذلك وصنف أبو عبيدة كتاب المجاز في القرآن وبين جميع
ما فيه من المجاز، ومنها أن يستعمل اللفظ فيما لا يسبق إلى
الفهم عند سماعه كقولهم في البليد حمار والأبله تيس ومنها أن
يوصف الشيء ويسمى بما يستحيل وجوده كقوله {وَاسْأَلِ
الْقَرْيَةَ} 5 ومنها أن لا يجري ولا يطرد كقولهم في الرجل
__________
1 سورة يوسف جزء من الآية: 82.
2 سورة الشورى جزء من الآية: 11.
3 سورة الأعلى الآية: 4, 5.
4 سورة الكهف الآية: 77.
5 سورة يوسف الآية: 82.
(1/8)
الثقيل جبل ثم لا يقال ذلك في غيره وفي
الطويل نخلة ثم لا يقال ذلك في غير الآدمي، ومنها أن لا يتصرف
فيما استعمل فيه كتصرفه فيما وضع له حقيقة كالأمر في معنى
الفعل لا تقول فيه أمر يأمر كما تقول في الأمر بمعنى القول.
باب بيان الوجوه التي تؤخذ منها الأسماء واللغات
اعلم أن الأسماء واللغات تؤخذ من أربع جهات من اللغة والعرف
والشرع والقياس. فأما اللغة فما تخاطب به العرب من اللغات وهي
على ضربين، فمنها ما يفيد معنى واحدا فيحمل على ما وضع له
اللفظ كالرجل والفرس والتمر والبر وغير ذلك، ومنه ما يفيد
معاني وهو على ضربين.
أحدهما: ما يفيد معاني متفقة كاللون يتناول البياض والسواد
وسائر الألوان والمشرك يتناول اليهودي والنصراني فيحمل على
جميع ما يتناوله أما على سبيل الجمع إن كان اللفظ يقتضي الجمع
أو على كل واحد منه على سبيل البدل إن لم يقتض اللفظ الجمع إلا
أن يدل الدليل على أن المراد شيء بعينه فيحمل على ما دل عليه
الدليل.
والثاني: ما يفيد معاني مختلفة كالبيضة تقع على الخوذة وبيض
الدجاجة والنعامة، والقرء يقع على الحيض والطهر فإن دل الدليل
على أن المراد به واحد منهما بعينه حمل عليه وأن دل الدليل على
أن المراد به، أحدهما ولم يعين لم يحمل على واحد منهما إلا
بدليل إذ ليس أحدهما بأولى من الآخر وإن لم يدل الدليل على
واحد منهما حمل عليهما وقال أصحاب أبي حنيفة وبعض المعتزلة لا
يجوز حمل اللفظ الواحد على معنيين مختلفين والدليل على جواز
ذلك انه لا تنافي بين المعنيين واللفظ يحتملهما فوجب الحمل
عليهما كما قلنا في القسم الذي قبله.
فصل
وأما العرف: فهو ما غلب الاستعمال فيه على ما وضع له في اللغة
بحيث إذا أطلق سبق الفهم إلى ما غلب عليه دون ما وضع له
كالدابة وضع في
(1/9)
الأصل لكل ما دب ثم غلب عليه الاستعمال في
الفرس، والغائط وضع في الأصل للموضع المطمئن من الأرض ثم غلب
عليه الاستعمال فيما يخرج من الإنسان فيصير حقيقة فيما غلب
عليه فإذا أطلق حمل على ما يثبت له من العرف.
فصل
وأما الشرع فهو ما غلب الشرع فيه على ما وضع له اللفظ في اللغة
بحيث إذا أطلق لم يفهم منه إلا ما غلب عليه الشرع كالصلاة اسم
للدعاء في اللغة ثم جعل في الشرع اسما لهذه المعروفة. والحج
اسم للقصد ثم نقل في الشرع إلى هذه الأفعال فصار حقيقة فيما
غلب عليه الشرع فإذا أطلق حمل على ما يثبت له من عرف الشرع،
ومن أصحابنا من قال ليس في الأسماء شيء منقول إلى الشرع بل
كلها مبقاة على موضوعها في اللغة، فالصلاة اسم للدعاء وإنما
الركوع والسجود زيادات أضيفت إلى الصلاة وليست من الصلاة كما
أضيفت إلى الطهارة وليست منها وكذلك الحج اسم للقصد والطواف
والسعي زيادات أضيفت إلى الحج وليست من الحج فإذا أطلق اسم
الصلاة حمل على الدعاء وإذا أطلق اسم الحج حمل على القصد وهو
قول الأشعرية والأول أصح والدليل عليه أن هذه الأسماء إذا
أطلقت في الشرع لم يعقل منها المعاني التي وضعت لها في اللغة
فدل على أنها منقولة.
فصل
إذا ورد لفظ قد وضع في اللغة لمعنى وفي العرف لمعنى حمل على ما
ثبت له في العرف لأن العرف طارئ على اللغة فكان الحكم له، وإن
كان قد وضع في اللغة لمعنى وفي الشرع لمعنى حمل على عرف الشرع
لأنه طارئ على اللغة ولأن القصد بيان حكم الشرع فالحمل عليه
أولى.
فصل
وأما القياس فهو مثل تسمية اللواط زنا قياسا على وطء النساء
وتسمية
(1/10)
النبيذ خمرا قياسا على عصير العنب وقد
اختلف أصحابنا فيه. فمنهم من قال: يجوز إثبات اللغات والأسماء
بالقياس وهو قول أبي العباس وأبي علي بن أبي هريرة ومنهم من
قال: لا يجوز ذلك والأول أصح لأن العرب سمت ما كان في زمانها
من الأعيان بأسماء ثم انقرضوا وانقرضت تلك الأعيان وأجمع الناس
على تسمية أمثالها بتلك الأسماء فدل على أنهم قاسوها على
الأعيان التي سموها.
(1/11)
|