الموافقات ج / 6 ص -57-
التعريف بالشراح والمعلقين والمحقق:
ترجمة الشيخ عبد الله دراز1:
ولد الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن حسنين دراز بمحلة
دياي "من أعمال مركز دسوق على الفرع الغربي للنيل" في 12
يناير سنة 1874، وبعد أن حفظ القرآن لازم دروس اللغة
العربية وعلوم الشريعة التي كان يلقيها بالمسجد العمري في
البلدة نفسها، والده الشيخ محمد، وعمه الشيخ أحمد، وجده
الشيخ حسنين دراز، وغيرهم، والتي كان يؤمها الطلاب من
البلدة ومن أطراف البلاد المجاورة على طبقات متفاوتة بين
مبتدئين ومتوسطين ومنتهين، وكانوا يتلقونها في مواعيد
منظمة تتخللها أجازات دورية، وكانت تعار لهم بعض الكتب
العلمية التي وقفها جده الشيخ حسنين على أولاده وذريته.
وكان رحمه الله أكثر انتفاعًا بدروس جده وأطول ملازمة له؛
لأن والده وعمه توفيا في حياة والدهما. فلما توفى جده؛ قصد
إلى القاهرة فأكمل دراسته في الأزهر، وكان من شيوخه
الأزهريين في التفسير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ترجمته مأخوذة من "الفتح المبين في طبقات الأصوليين: 3/
173 وما بعدها"، بتصرف.
ج / 6 ص -58-
الشيخ
محمد عبده، وفي الحديث الشيخ سليم البشري، وفي التوحيد
الشيخ محمد بخيت، وفي الفقه الشيخ أحمد الرخامي، وفي أصول
الفقه الشيخ محمد أبو الفضل، وفي المنطق والحكمة والحساب
والجبر الشيخ محمد البحيري، وكان ممن اقتبس عنهم الإنشاء
والأدب الشيخ أحمد مفتاح الأديب المشهور، من أساتذة دار
العلوم إذ ذاك، وكان من أساتذته في الرياضة محمد بك إدريس،
وفي تقويم البلدان "الجغرافيا" إسماعيل بك علي وحسن صبري
باشا، وفي ذلك العهد لم تكن قد وضعت بعد خرائط جغرافية
باللغة العربية فتعلم رحمه الله اللغة الانجليزية ليدرس
بها المصورات الجغرافية ويطبق عليها معلوماته بدقة.
وقد ظهر نبوغه بصفة ممتازة في هذا العلم، فما إن حصل على
شهادته العالمية في صيف سنة 1900م وعلى شهادة الرياضة
عقبها حتى أسند إليه تدريس مادة الجغرافيا في الأزهر في
أول سنة 1901 إلى جانب دروسه في المواد الأزهرية الأساسية
التي كان يؤمها الجم الغفير من الطلاب في مسجد محمد بك أبي
الذهب حتى كان يغص المسجد بطلابه الحريصين على الاستفادة
من علمه وأدبه ومنهجه التعليمي المبتكر.
وكان له منذ نشأته شغف بالشعر والأدب، وله مساجلات معروفة
في الأندية الأدبية، وله شعر جيد يجمع إلى رقة الخيال
وسلاسة الأسلوب وجزالة اللفظ وغزارة المادة اللغوية، من
ذلك قصيدته التي أنشدها بين يدي أستاذه البحيري عند ختم
كتاب "السعد" في البلاغة سنة 1898 أي قبل تخرجه بعامين
ومطلعها:
ج / 6 ص -59-
يهيم وحراس الخدود تدافعه
ويخفي وقد نمت عليه مدامعه
وما كان يهوى بل يعنف ذا الهوى
نعم كان يهواه الوغى ومعامعه
ومنها:
وعهدي به ثبت الجنان شموسه
يبيت ومصقول السيوف يضاجعه
فما باله حتى استكان مذلة
وأمسى وغيداء الظباء تصارعه
ومنها:
خذوا أيها الغزلان عني جانبا
برئت من التشبيب من ذا يطاوعه
وبوأت نفسي للمكرام والعلا
وكلفتها مرقى تعز مطالعه
ومنها:
وقد سألتني ذات يوم فما الذي
تريد وما القصد الذي أنت تابعه
فقلت لها شيخا تفرد في العلا
وفي العلم حتى عز في الناس شافعه
ومنها:
لأنت فؤادي بل أعز وكيف لا
وطالع سعدي في يديك أطالعه
ولما أنشئ
معهد الإسكندرية الديني النظامي في يناير سنة 1905 وعين
الشيخ محمد شاكر الجرجاوي شيخًا له، اختير الشيخ عبد الله
دراز في أربعة من أفاضل العلماء، وهم المشايخ عبد المجيد
الشاذلي، وعبد الهادي مخلوف، وإبراهيم الجبالي، ليكونوا
النواة الأولى في هذا المعهد الناشئ، وكان يوم فراق الشيخ
دراز لأبنائه الأزهريين عند عزمه على السفر إلى الإسكندرية
يومًا مشهودًا سكبت فيه دموع الوداع الحارة
ج / 6 ص -60-
غزارا.
ولم يكن نصيبه منها بأقل من نصيب أبنائه مما يدل على عمق
الصلة الروحية المتبادلة بين الشيخ وتلاميذه. وحين استقر
به المقام في المعهد الجديد توسم فيه الشيخ شاكر مواهب
إدارية بارزة إلى جانب كفايته العلمية فأتخذه عضده الأيمن
في إرساء مناهج الدراسة واختيار الكتب والإشراف على سير
التعليم ووضع أسئلة الامتحان وفي 20 يناير سنة 1907 عينه
مفتشًا للمعهد إلى جانب دروسه الأزهرية والرياضية التي كان
يلقيها للفرقة العليا في المعهد إذ ذاك، "وهي طبقة التصريح
والسعد" والي جانب اشتغاله بتأليف الكتب النافعة للطلاب في
السيرة النبوية وتقويم البلدان وغير ذلك.
ثم اتجهت رغبة أولي الأمر إلى إعادة هذه التجربة الناجحة،
ونقل صورة من هذا النظام الذي جرب في معهد الإسكندرية إلى
الجامع الأحمدي بطنطا، ورأى الخديوي عباس الثاني أن يقوم
الشيخ عبد الله دراز بهذا العبء. فعينه وكيلًا لمشيخة
الجامع الأحمدي في 26 مارس سنة 1908، وقد حقق الشيخ ما علق
عليه من الآمال فما لبث أن عادل بين العلوم الأزهرية
والعلوم المدرسية حتى لا يبغي بعضها على بعض، وقد اغتبط
الجانب العالي الخديوي بهذا الفتح المبين الذي تم على يد
الشيخ دراز، فقلده الوسام العثماني تقديرًا لجهوده الصادقة
الموفقة، والذي يلفت النظر بوجه خاص أنه على الرغم من
اتساع مجال الإصلاح أمامه وثقل العبء الإداري في معهد لا
عهد له بالنظام؛ لم ينصرف عن مزاولة العلم والتعليم بنفسه،
فكان يشتغل بتفسير القرآن الكريم لطلبة القسم العالي، وفي
الوقت نفسه يضع المؤلفات المبتكرة في العلوم الجديدة؛ كـ
"تاريخ أدب اللغة العربية"، وغيره.
ج / 6 ص -61-
وفي 10
سبتمبر سنة 1912 عين وكيلًا لمعهد الإسكندرية عودًا على
بدء. وهنا أيضا لم يشغله توجيه دفة الأعمال الإدارية
والإشراف الجدي على سير التعليم عن الإفادة العلمية
الحقيقية.
وقد اتخذت إفادته العلمية هنا صورة أرقى من سابقتها، فكان
يجمع العلماء المدرسين ومحبي العلم من غيرهم فأفاضل
الأطباء لمدارسة القرآن الكريم والسنة النبوية، ووقع
اختياره من كتب السنة على "الشفاء" للقاضي عياض، وكتاب
"مشكاة المصابيح"، وكتاب "تيسير الوصول"؛ فأتمها كلها في
عدة سنين.
وفي 26 أغسطس 1924 عين شيخًا لمعهد دمياط، فوضع في تنظيمه
طرفًا مما وضعه في تنظيم الجامع الأحمدي، وهناك أيضا تابع
السير على هذه السنة الحميدة الجامعة بين الإدارة الحازمة
والإفادة العلمية، فكان تجمع العلماء لدراسة السنة النبوية
والكتب الدينية وقد وجه عناية خاصة لكتاب "الموافقات في
أصول الفقه" للشاطبي، وبعد أن قرأه مرارًا وضع عليه مقدمة
وشرحًا، وأخرجه للناس في هذه الحلة الجديدة التي نراها
اليوم. وهذه بعض آثار الفقيد من الوجهة العلمية، أما ثمرات
قلمه في إصلاح التعليم وإدارة المعاهد؛ فلا تتسع لبيانها
العجالة ونكتفي بأن نحيل القارئ على قماطر إدارات المعاهد،
فهي تنوء بتقاريره وتعليماته في كل مرحلة من مراحل عمله.
وبالجملة فقد صرف أوقاته في خدمة العلم إفادة واستفادة،
وكانت أيامه كلها خيرًا وبركة على العلم ومعاهده حتى إنه
بعد أن اعتزل الأعمال الإدارية في 13 يونيو 1913 لم يفتر
عزمه عن متابعة الإفادة العلمية من طريق الكتابة والتعقيب
على المؤلفات الدينية
ج / 6 ص -62-
الحديثة. وكان لكتاب "الفقه على المذاهب الأربعة" الذي
عملته وزارة الأوقاف وكتاب "محمد المثل الكامل" لجاد
المولي بك حظ من هذا الجهد المبارك، فأعيد طبعهما مصححين
منقحين وفقا لإرشاداته الحكيمة كما تدل عليه مقدمة الطبعة
الثانية لهذين الكتابين.
والناظر في كتابات الشيخ قديمها وحديثها يروقه منها دائما
ديباجة أسلوبه الأدبي الذي نشأ عليه والذي يبدو طابعه في
كل ما خطه قلمه في العلم أو الأدب أو الاجتماع أو السياسة
أو غيرها، كما أن الذين كان لهم الحظوة بمجالسته ومعاشرته
يذكرون دائمًا ما كان لأسلوبه الوضعي والقصصي من جاذبية
روحية عجيبة تتعانق فيها طلاوة اللغة بحسن الأداء في صوت
ندي هادئ لا تصنع فيه ولا ترفع، وقد كان رحمه الله كثير
الاطلاع على التاريخ وأحوال العصر، جيد الحافظة، قلما يغيب
عن ذاكرته حادث عالمي أو محلي مر به مهما طال عهده، فإذا
سرده على السامعين؛ سرده في ترتيل يسترعي الأسماع والقلوب.
كان رحمه الله وئيد المشية في رزانة تحوطها المهابة، باسم
الوجه، في جد ووقار، أسمر اللون، ربعة متوسط السمن، حسن
البزة، نفيس الثياب، وكان يحب التروض ساعة في كل يوم سيرًا
على القدم.
وكان قليل السهر ينام مبكرًا ويستيقظ سحرًا، فيقوم من آخر
الليل ما تيسر ثم يضطجع قليلًا بعد صلاة الصبح.
وكان في فترة اشتغاله بشئون المعاهد يختم القرآن في كل شهر
مرة على الأقل، فلما اعتزل الخدمة؛ كان يملأ به كل أوقات
فراغه، كما كان يفعل في رمضان دائمًا، وكان يحب في كل
مناسبة أن يجمع
ج / 6 ص -63-
إخوانه
على طعام ولا سيما طعام الغذاء؛ لأنه كان لا يتعشى إلا
نادرًا خفيفًا ولم يتعود منبهًا ولا مسكنًا ولا ملهاة قط.
وكان أصحابه وزواره يعرفون ميعاد نومه المبكر، فيستأذنون
في الانصراف من المجلس أحب ما يكون السمر إليهم، فلا يلح
عليهم في المكث؛ لأنه -رحمه الله- كان لا يعرف المواربة
ولا الملق قط، وكانت صرامته في الحق مع فرط دماثة خلقه
وغلبة صمته من الأسباب التي مكنت له في قلوب الخلق مزيجًا
من المهابة والمحبة.
ثم كانت خاتمة أعماله أداء فريضة الحج المبرور، في أوائل
سنة 1932، ولم يلبث إلا قليلًا عقب عودته من الحجاز حتى
ألم به المرض الأخير، وهو أتم ما يكون صحة وقوة، فمات
-رحمه الله- في ليلة الخميس 23 يونيو سنة 1932، وصلي عليه
في الجامع الأزهر، ودفن بمدافن الأسرة بقرافة العفيفي بقرب
العباسية، ورثاه الشعراء وبكاه كل من اغترف من علمه أو ذاق
حلاوة عشرته أو لمس صلابة دينه وصفاء سريرته وأكبر فيه عزة
نفسه وعلو كرامته أو ناله بره من قريب أو بعيد.
طيب الله ثراه وأسكنه مع النبيين والصديقين والشهداء و
الصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.
ج / 6 ص -65-
ترجمة الشيخ محمد عبد الله دراز1:
ولد الشيخ محمد في بيت علم وخلق وورع، سنة 1894م، وسرعان
ما تفتحت عيناه على زملاء أبيه يغشون منزله لدراسة كتب
العلم، والحديث في مسائل الإصلاح الديني، وكان والده يأخذ
منزله بآداب التقوى، يؤم أهله في صلاتي الفجر والعشاء،
ويقرأ "صحيح البخاري" في ليالي رمضان، ويسهر على تثقيف
أبنائه ويعودهم على سنن الخير، وطبيعي أن يلتحق محمد
بالأزهر بعد أن حفظ كتاب الله، واستظهر بعض المتون العلمية
الذائعة في وقته، وظهرت دلائل نبوغه، إذ كان متقدمًا في
امتحاناته السنوية حتى نال الشهادة العالمية سنة 1916م
وعين مدرسًا بالأزهر، ولم تشغله أعباء التدريس عن تعلم
اللغة الفرنسية، حيث حذقها في ثلاث سنوات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ترجمته في الأعلام: 6/ 246"، و "النهضة الإسلامية في سير
أعلامها المعاصرين: 2/ 239-256".
ج / 6 ص -66-
وكان
يكتب في جريدة "الفان" الفرنسية، ملخصًا ما يدور بالجامع
الأزهر من خطب السياسة، كما أشار عليه ابن عمه الشيخ محمد
عبد اللطيف دراز، وهو يومئذ من رجال الثورة البارزين في
القاهرة.
ثم لما هدأت الثورة؛ استأنف التدريس بالأزهر، وحينها أشرف
على طبع كتاب "الموافقات" للعلامة الشاطبي بشرح والده رحمه
الله، واختير أستاذا في كليات الأزهر بكلية أصول الدين،
وشاع فضله وعلمه، فرشحته مواهبه لعضوية البعثة الأزهرية
إلى فرنسا سنة 1936م بجامعة السوربون، وانتدب الشيخ محمد
ممثلًا للأزهر في سنة 1939م إذ عقد مؤتمر الأديان بباريس،
وحين ألقى كلمته؛ أجمع المعقبون أن كلية مندوب الأزهر تعد
الكلية الرئيسة في المؤتمر، وشاء الله أن تكون أخر محاضرة
له في مؤتمر مماثل، هو "المؤتمر الإسلامي الدولي" المنعقد
بلاهور في يناير سنة 1957م، حيث أعد بحثا قيما بعنوان
"موقف الإسلام من الأديان الأخرى وعلاقته بها"، وهو بحث
شاء الله أن يلقيه سواه، إذ مات الشيخ محمد -رحمه الله-
أثناء انعقاد المؤتمر سنة 1957.
مؤلفاته:
للشيخ محمد عبد الله دراز كتب قليلة، وكلنها منهجية
متفردة، فكان -رحمه الله- لا يكتب غير الجديد الطريف، وكان
لا يؤلف في غير المجهول الذي تتطلع الأنظار إلى كل كلمة من
كلماته، فمن كتبه:
- "دستور الأخلاق في الإسلام".
- "المدخل إلى القرآن الكريم".
ج / 6 ص -67-
- "الدين: دراسة تمهيدية لتاريخ الإسلام".
- "النبأ العظيم".
وجمعت بعض محاضرات الشيخ ومقالاته في كتاب مطبوع بعنوان
"دراسات إسلامية"، وفيه بحوث شافية عن القرآن الكريم،
والإسلام والرق، وكرامة الفرد في الإسلام، والمسئولية في
الإسلام، ومبادئ الأخلاق نظرية وعملية، ومبادئ القانون
الدولي في الإسلام، والربا في نظر القانون الإسلامي،
وإصلاحات الشيخ محمد عبده، وهذه البحوث نشرت في أمهات
المجلات الإسلامية بمصر، وفي "مجلة الأزهر" له بحوث ماتعة
لم تجمع بعد، من أهمها: بحثه الرائع عن تاريخ الأزهر،
ونقده لاقتراح ترتيب المصحف حسب النزول، وغيرهما.
ج / 6 ص -69-
ترجمة الشيخ محمد حسنين مخلوف العدوي المالكي1:
نبت في أرومة عريقة في الحسب والنسب ببني عدي إحدى قرى
مركز منفلوط بمديرية أسيوط، فقد ولد في منتصف شهر رمضان
سنة 1277هـ، وكان والده العلامة الشيخ حسنين محمد علي
مخلوف من كبار علماء الأزهر، أقام به سنين ثم عاد إلى بلده
يعلم أهلها الفقه والدين وعلوم القرآن، وجده لأمه العلامة
التقي الشيخ محمد خضاري أحد أعلام الأزهر في مستهل القرن
الثالث عشر.
أتم المترجم حفظ القرآن الكريم بعد وفاة والده، وحفظ
المتون وتلقى مبادئ العلوم على الأستاذ الجليل الشيخ حسن
الهواري، ثم رحل إلى الأزهر فجد واجتهد في تلقي العلوم
الأزهرية المعروفة، وسمت همته إلى كثير من العلوم غير
المقررة بالأزهر؛ كالحساب والجبر والمساحة والهيئة
والفلسفة، فتلقى أكثرها على شيخيه الجليلين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ترجمته في "الفتح المبين في طبقات الأصوليين 3/
188-191"، ومجلة "الفتح" "عدد17/ المحرم/ 1355هـ"، و "معجم
الشيوخ: 1/ 94"، و "الأعلام الشرقية: 1/ 376"، و "جامع
التصانيف الحديثة: 2/ 36"، و "معجم المطبوعات الغربية:
1648"، و "الأعلام" 6/ 96".
ج / 6 ص -70-
الشيخ
حسن الطويل والشيخ أحمد أبي خطوة، وقرأها لإخوانه وتلاميذه
بالأزهر ومسجد محمد بك أبي الذهب، ومما قرأه فيها "رسالة
بهاء الدين العاملي" التي كتب عليها "حاشية" طبعت إذ ذاك،
واستفاد منها الطلاب، وكتاب "الجغميني في الهيئة"، و
"رسائل الربع المقنطر والمجيب والاسطرلاب"، و "الطوالع"
للبيضاوي، و "المواقف" للعضد و "الإرشادات" لابن سينا،
وكان كثير الشغف بهذه العلوم وله فيها دروس وتلاميذ عديدون
منهم: الأعلام الشيخ محمد مصطفي المراغي، والسيد محمد
عاشور الصدفي، والشيخ عبد الفتاح المكاوي، والشيخ عبد الله
دراز، والشيخ فرغلي الريدي، والشيخ عبد الهادي مخلوف،
والشيخ على إدريس العدوي، والشيخ إبراهيم الجبالي، والشيخ
محمد زيد بك الأبياني، والشيخ عبد الرازق القاضي بك،
والشيخ محمد عز العرب بك، وكثير غيرهم ممن لا نحصيهم
عدًّا.
ومن أجل شيوخه بالأزهر: المشايخ الطيول، وأبو خطوة، وأحمد
الرفاعي الفيومي المالكي، ومحمد خاطر العدوي، وحسن داود
العدوي، ومحمد عنتر المطيعي، وعرفة، والبحيري، والمغربي
رحمهم الله أجمعين.
وفي ساحته بدير السعادة من أعمال فرشوط ألف المترجم كثيرًا
من رسائله في التوحيد والتصوف والفلسفة، وقد نال شهادة
العالمية من الدرجة الأولى في 5 شعبان سنة 1305 في أول
امتحان أجراه الشمس الأنبابي شيخ الجامع الأزهر إثر توليه
المشيخة.
وفي أول فبراير سنة 1897 تقرر إنشاء مكتبة أزهرية فعين
أمينًا لها، وعني بأمرها كثيرًا حتى تم إنشاؤها على نظام
بديع، وكانت الصلة
ج / 6 ص -71-
وثيقة
بينه وبين الأستاذ الشيخ محمد عبده، فكان عضده الأقوى من
الأزهريين في مشروعاته وإصلاحاته الأزهرية.
ولما اتجهت العناية إلى إصلاح الأزهر وتعديل قوانينه
القديمة عين المترجم عضوًا بمجلس إدارة الأزهر، وكان العضو
العامل الخبير في اللجان التي ألفتها الحكومة لوضع قانون
الأزهر رقم 1 لسنة 1908، ثم القانون رقم 10 لسنة 1911،
وكان -رحمه الله- أول من اختير عضوًا في هيئة كبار العلماء
بعد صدور هذا القانون، وعين مفتشًا أول للأزهر والمعاهد
الدينية، ولم يكن للأزهر عهد بهذه الوظيفة من قبل، فأخذ
ينفذ الإصلاحات والنظم التي سنها القانون الحديث في الأزهر
ومعاهد طنطا ودسوق ودمياط، ثم عين شيخًا للجامع الأحمدي،
فاقترح إنشاء معهد على النظام الحديث، وتم ذلك، فوضع أساسه
في 11 فبراير سنة 1911، وهو أول معهد عرفته المعاهد
الدينية في 15 سبتمبر سنة 1913، ولم يكن لهذه الوظيفة وجود
في الأزهر من قبل، فقام بتنفيذ قانون المعاهد وبالإصلاح
الهام فيها، واتجه في ذلك إلى ترقية التعليم بالوسائل
الصحيحة، فلقي من الأزهريين مقاومة عنيفة، ودس له ذوو
الأغراض كثيرًا من الدسائس، فاعتزل الوظائف الإدارية في
عهد السلطان حسين كامل في سنة 1916.
عاد بعد اعتزاله المناصب سيرته الأولى في الدراسة والتأليف
فعكف عليهما عكوفًا منقطع النظير، وكانت دروسه بعد الغروب
غاصة
ج / 6 ص -72-
بالعلماء ومتقدمي الطلاب، وقد عني كثيرًا بتدريس أصول
الفقه، فقرأ "جمع الجوامع" مرتين في أربعة عشر عامًا، وكتب
عليه حاشية كبيرة قيمة تبلغ مجلدين، وألف كتابًا قيمًا
سماه "بلوغ السول في مدخل علم الأصول" اشتمل على عدة مباحث
هامة، وأهمها مباحث الاجتهاد والتقليد وحجية القياس
والاستحسان والمصالح المرسلة، وأوضح فيه المنهج الأصولي
والفقهي والخلافي في استنباط الأحكام الشرعية، وكان تفسير
البيضاوي آخر كتاب يدرسه للطلاب.
كان طوال عهده معروفًا بعلو النفس وبعد الهمة والجود
والسخاء وصدق الوفاء ومساعدة البائسين والفقراء، وكان
أبيًّا لا يعرف الضراعة والخنوع، وقورًا حسن الحديث يترفع
عن الغيبة وذكر المثالب والتسمع إليها، ويدعو إلى الفضائل
ومكارم الأخلاق، وكان كثير التعبد وتلاوة القرآن الكريم
تلاوة تدبر وإمعان.
ومن مؤلفاته "حاشية على رسالة بهاء الدين العاملي في
الحساب" مطبوعة، وحاشية كبيرة قيمة على جمع الجوامع في
الأصول في جزأين مطبوعة، وكتاب "بلوغ السول في مدخل علم
الأصول" اشتمل على عدة مباحث أهمها: مباحث الاجتهاد
والتقليد وحجية القياس والاستحسان والمصالح المرسلة، وأوضح
فيه المنهج الأصولي في استنباط الأحكام الشرعية مطبوع، و
"المدخل المنير في مقدمة علم التفسير" مطبوع، و "القول
الوثيق في الرد على أدعياء الطريق" مطبوع، و "رسالة في حكم
ترجمة القرآن الكريم وقراءته وكتابته بغير اللغة العربية"
مطبوعة، و "عنوان البيان في علوم التبيان" مطبوعة، وغيرها
كثير كما تراه في "الأعلام الشرقية 1/ 377-379".
ج / 6 ص -73-
ترجمة الشيخ محمد الخضر حسين1:
هو العالم الشيخ محمد الخضر حسين بن علي بن عمر الفقيه
المالكي الأصولي اللغوي الأديب الكاتب، ولد ببلاد تونس
وحفظ القرآن في سن مبكرة، وأحاط بالمتون في صغره على عادة
نوابغ أهل المغرب، وطلب العلم بجامع الزيتونة وتخرج سنة
1316هـ، حيث حصل على شهادة العالمية، ثم عين قاضيًا
شرعيًّا مالكيًّا بتونس، ثم مدرسًا بجامع الزيتونة، ورأى
في سنة 1912م أن يهاجر إلى الشام، فهاجر إليها لخدمة
الإسلام، وعين مدرسًا بالمدرسة السلطانية، ثم رحل إلى
القسطنطينية سنة 1917م فعين محررًا بالقلم العربي بوزارة
الدفاع العثمانية، وبعد انتهاء الحرب العظمى جاء إلى مصر
سنة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مترجم في "الفتح المبين: 3/ 213"، ومجلة "الفتح" 17/ ذو
القعدة/ سنة 1350هـ، ومجلة "الهداية الإسلامية" "جمادى
الآخرة، سنة 1355هـ"، ومجلة "الأزهر" "شعبان سنة 1337هـ"،
ومجلة "المجمع العلمي العربي: 18/ 81"، و "معجم المطبوعات
العربية: 1652"، و "الأزهر في ألف عام: 1/ 165، 195"، و
"الأعلام: 6/ 113/ 114"، و "النهضة الإسلامية في سر
أعلامها المعاصرين" 1/ 51/ 66".
ج / 6 ص -74-
1919م فعين بدار الكتب الملكية مصححًا بالقسم الأدبي، وكان في كل ما
وليه من أعمال مثال الكفاءة النادرة والنبوغ الفذ والمقدرة
الفائقة حتى تسامع به أولياء الأمور في الأزهر الشريف وملأ
حديثه مجالس العلماء والطلبة، فرأت مشيخة الأزهر أن تفيد
منه طلاب التخصص، فندبته للتدريس بقسم التخصص بعد أن نال
شهادة العالمية الأزهرية في سنة 1926م تقديرًا لفضله
وعرفانًا لقدره.
ثم اختير رئيسًا لتحرير مجلة "نور الإسلام" وكانت لسان حال
الأزهر يومئذ، فاضطلع بهذا العبء بضع سنين بمقدرة وجدارة،
ثم عين مدرسًا بكلية أصول الدين سنة 1931م، فتخرج به كثير
من العلماء الذين لا يحصون كثرة، وقد عرفت وزارة المعارف
مكانته العلمية، فعينته عضوًا بمجمع فؤاد الأول للغة
العربية، وإذا كان قد اعتزل مجلة "نور الإسلام" التي صارت
بعد ذلك مجلة "الأزهر" واعتزل التدريس بكلية أصول الدين
لبلوغه سن التقاعد، وأنشأ بعد ذلك "جمعية الهداية
الإسلامية" وتولى رئاستها ومدير مجلتها، كما تولى رئاسة
تحرير مجلة "لواء الإسلام".
ثم كان من هيئة كبار العلماء، وعين شيخًا للأزهر أواخر سنة
1371هـ، واستقال سنة 1373هـ، وتوفي بالقاهرة في 13 رجب سنة
1377هـ، ودفن بوصية منه في تربة صديقه أحمد تيمور باشا،
وكان هادئ الطبع وقورًا، خص قسمًا كبيرًا من وقته لمقاومة
الاستعمار، وانتخب رئيسًا لجبهة الدفاع عن شمال إفريقيا.
المترجم له مؤلفات تدل على طول باعه ورسوخ قدمه في علم
الدين والاجتماع واللغة، منها:
ج / 6 ص -75-
- "الدعوة إلى الإصلاح" عالج فيه كثيرا من الشئون الاجتماعية
والخلقية، وهو مطبوع.
- "القياس في اللغة العربية" وهو موضوع من الموضوعات التي
عني بها مجمع فؤاد الأول للغة العربية.
- "نقد كتاب الشعر الجاهلي" وهو مؤلف قيم رد فيه على طه
حسين في كتاب "الشعر الجاهلي"، وقد كان لهذا النقد وقع
عظيم في الأوساط العلمية والدينية، وهو مطبوع.
- "حياة اللغة العربية"، مطبوع.
- "الخيال في الشعر العربي"، مطبوع.
- "مناهج الشرف"، مطبوع.
- "طائفة القاديانية"، مطبوع.
- "مدارك الشريعة الإسلامية"، مطبوع.
- "الحرية الإسلامية"، مطبوع، وهو عبارة عن محاضرة له.
- "خواطر الحياة"، مطبوع.
- "بلاغة القرآن"، مطبوع.
- "محمد رسول الله"، مطبوع.
- "السعادة العظمي"، مطبوع".
- "من أدب الرحلات"، مطبوع.
ج / 6 ص -76-
- "تونس وجامع الزيتونة"، مطبوع.
- "نقد كتاب الإسلام وأصول الحكم"، الذي ألفه علي عبد
الرازق، وهو مطبوع.
- "تعليقات على كتاب الموافقات" للشاطبي في الأصول، وهي
مطبوعة.
- "تعليقات على شرح الإبريزي للقصائد العشر"، وهذه
التعليقات تدل على تبحره في اللغة العربية، وهو مطبوع.
ج / 6 ص -77-
ترجمة الشيخ ماء العينين1:
أبو محمد مصطفي بن محمد فاضل بن محمد مامين الشنقيطي
القلقمي، أبو الأنوار، الملقب بماء العينين، من قبيلة
القلاقمة، من عرب شنقيط.
مولده ببلدة الحوض سنة 1246هـ الموافق 1830م، ووفاته في
تزنيت من مدن السوس الأقصى. وفد على ملوك المغرب في رحلته
إلى الحج وحظي عندهم.
وكان مع اشتغاله بالحديث واللغة والسير، له معرفة بما يسمي
"علم خواص الأسماء والجداول والدوائر والأوقاف وسر الحرف"،
وقصده الناس لهذا!
قال صاحب "معجم الشيوخ": "وأخباره في العلم والطريق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ترجمته في "الوسيط في أخبار شنقيط: 360"، و "معجم
الشيوخ: 2/ 37"، و "المعسول: 4/ 83-101"، و "معجم
المطبوعات العربية: 1601"، و "الأعلام: 7/ 243-244"، و
مجلة "صحراء المغرب" "عدد 24 محرم / سنة 1378هـ"، وفيها
بحث مستفيض في نسبة وطريقته وأبنائه وسيرته.
ج / 6 ص -78-
والسياسة واسعة تحتاج إلى مؤلف خاص".
يستفاد مما كتب عنه؛ أنه كانت له مواقف ووقائع في مقاومة
الاستعمارين الفرنسي والأسباني في المغرب، وأن الشعب
المغربي أسند إليه في العام الأخير من حياته قيادة الجهاد،
واجتمع لديه جيش من تلاميذه ومن رجاله ومن قبائل الرقيبات
وأولاد دليم وأولاد أبي السباع والنكنة والشلوح وسائر
قبائل السوس، وزحف نحو فاس "العاصمة يومئذ" لإنقاذها،
وكادت ثورته تعم المغرب كله لولا أن حشد له الفرنسيون
قواهم، وتغلبوا عليه، ومرض فعاد إلى مدينة تزنيت الواقعة
على 95 كيلو مترا من جنوب أغادير، و60 من إفنى، فتوفي ودفن
بها، وذلك في سنة 1328هـ، الموافق 1910م.
قال في "المعسول": "لما تمكن المولى عبد الحفيظ، ودخل
فاسًا، سافر الشيخ ماء العينين، من تزنيت إلى فاس، محاذيًا
سفح الأطلس، لأنه لا يأمن في السهول، فأرسل الفرنسيون
المحتلون للدار البيضاء وما يليها إلى الملك بفاس، ينذرونه
بأنهم يعدون كل من مد يده "بالمعونة" إلى ماء العينين
عدوًّا لهم، فأوعز الملك إلى عبد الله بن يعيش بأن يتلقى
الشيخ في الطريق، برسالة من الملك، ليرجع عن فاس، ثم لما
وصل الشيخ إلى تادلة، أراد الفرنسيون أن يتسربوا إليه
ليلًا، ليستحوذ عليه وحفظه الله منهم، فنشأت عن ذلك حرب
بين أهل تادلة والفرنسيين، اصطلى فيها هؤلاء بنار مستعرة
في يوم مذكور ورجع الشيخ متوغلًا الأطلس، فطلع من آيت عتاب
إلى أن نزل على رأس الوادي في سوس، فحط رحاله في تزنيت،
حيث لفظ نفسه الأخير وشيكًا".
ج / 6 ص -79-
له كتب
كثيرة منها:
- "شرح راموز الحديث"، مطبوع.
- "نعت البدايات وتوصيف النهايات"، مطبوع.
- "تبيين الغموض على النظم المسمى بنعت العروض"، مطبوع
- "مغري الناظر والسامع على تعلم العلم النافع"، مطبوع.
- "مبصر المتشوف"، مطبوع، في التصوف.
- "دليل الرفاق على شمس الاتفاق"، مطبوع ثلاثة أجزاء
قديمًا، وفي جزأين حديثًا، في الفقه المالكي.
- "مذهب المخوف على دعوات الحروف"، مطبوع.
- "المرافق على الموافق"، مطبوع قديمًا، وهو نظم لـ
"الموافقات" مع شرح له.
- "مفيد الحاضرة والبادية"، مطبوع.
- "مجموع"، مطبوع، مشتمل على رسائل منها: "قرة العينين في
الكلام على الرؤية في الدارين".
- الإيضاح لبعض الاصطلاح".
- "ما يتعلق بمسائل التيمم".
- "سهل المرتقى في الحث على التقى".
- "فاتق الرتق على راتق الفتق"، وهو شرح قصيدة من نظمه
غريبة المباني "كما وصفها في مقدمة الشرح"، منها نسخة خطية
في الخزانة.
ج / 6 ص -80-
العامة
بالرباط "د 384"، واسمه على هذه النسخة "محمد مصطفي الشريف
الحسني الإدريسي الملقب ماء العينين".
ج / 6 ص -81-
ترجمة الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد1:
هو الشيخ العلامة المحقق محمد محيي الدين بن عبد الحميد،
مدرس مصري، ولد سنة 1318هـ-1900م بقرب "كفر الحمام"
بمحافظة الشرقية، كان محيي الدين نزاعا للعلم مشغوفًا به
منذ نشأته الأولى، إذ تربى في بيت فقه وقضاء؛ لأن والده
الشيخ عبد الحميد إبراهيم كان من رجال القضاء والفتيا، وله
صلات قوية بزملائه، والصفوة من علماء بيئته، فكانوا يجتمعن
لديه في منزله، وقد ترعرع الطفل الناشئ ليسمع آيات القرآن
وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسائل العلم في نقاش
الزائرين، ويلحظ لوالده من الهيبة والمكانة ما دفع به إلى
محاكاته، حتى إذا بلغ دور الصبا دفع به والده إلى معهد
دمياط الديني ليرتشف من معينه، إذ كان والده قاضيًا بمحكمة
فارسكور، ثم انتقل إلى القاهرة مفتيًا دينيًّا لوزارة
الأوقاف فانتقل معه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 له ترجمة في "الأعلام: 7/ 92"، و "الأزهر في ألف عام: 3/
112"، ومجلة "الأديب" "عدد مارس/ سنة 1973م"، و "النهضة
الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين: 2/ 152-142"، ومجلة
"مجمع اللغة العربية" "جزء 20، ص92، سنة 1966م، وجزء 32،
ص186، سنة 1973م.
ج / 6 ص -82-
إلى
الجامع الأزهر، وحصل محمد محيي الدين على العالمية
النظامية بالقاهرة سنة 1925م، وعمل في التدريس بمصر
والسودان، ثم كان رئيس لجنة الفتوي بالأزهر، ثم عميدًا
لكلية اللغة العربية، وضمه مجمع اللغة العربية في القاهرة،
إلى أعضائه سنة 1964، واشتهر بتصحيح المطبوعات "أو
تحقيقها"، فأشرف على طبع عشرات منها، وكان من بينها كتابنا
هذا "الموافقات"، ومدح صنيعه في ضبط الكتب وتحقيقها غير
واحد من الأعلام، فها هو الأستاذ العلامة الشيخ محمد علي
النجار في حفلة استقبال الشيخ محيي الدين بمجمع اللغة
العربية، حين اختير عضوا به؛ يقول:
"لقد قيل في الطبري: إنه كان كالقارئ الذي لا يعرف إلا
القرآن، وكالمحدث الذي لا يعرف إلا الحديث، وكالفقيه الذي
لا يعرف إلا الفقه، وكالنحوي الذي لا يعرف إلا النحو،
وكالحاسب الذي لا يعرف إلا الحساب، وكذلك يقال في الشيخ
محيي الدين، إنه كالنحوي الذي لا يعرف إلا النحو، وكالفقيه
الذي لا يعرف إلا الفقه، وكالمحدث الذي لا يعرف إلا
الحديث، وكالمتكلم الذي لا يعرف إلا الكلام، وآية ذلك ما
ألفه أو أخرجه من الكتب في هذه الفنون". قال ذلك الشيخ
النجار بعد أن قال: "ولقد أتى على الأزهر حين من الدهر،
وجل ما يدرس في معاهده من تأليفه أو إخراجه"1.
وتعدد المعارف العلمية كان من سمات علماء الأزهر، قبل أن
تنشأ الكليات، لأن الطالب في القسم العالي كان يدرس العلوم
الرئيسية لكليات اللغة العربية وأصول الدين والشريعة
الإسلامية جميعها، فإذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مجلة "مجمع اللغة العربية" "ج20،ص192، سنة 1966م".
ج / 6 ص -83-
كان
نابغة كالشيخ النجار أو الشيخ محيي الدين؛ فإن علوم
الإسلام شريعة ولسانًا لا تعجزه، وكان الشيخ إبراهيم
الجبالي والشيخ إبراهيم حمروش والشيخ عبد المجيد سليم
يرأسون لجان الامتحانات في التخصص القديم، ويسألون عن
دقائق العلوم المختلفة، وكأنهم ذوو اختصاص في كل علم على
حدة! وقد زاد عليهم الأستاذ محيي الدين بما بذل من جهد في
النشر والتأليف، على حين اكتفى هؤلاء بمجالس الدرس
المستوعب لكبار الطلاب، وليتهم صحبوا القلم كما صحبوا
اللسان.
ومدحه الأستاذ المحقق الكبير عبد السلام هارون -رحمه الله
تعالى- فقال:
"ومما يخرج عن نطاق الحصر ما صنعه الأستاذ محيي الدين من
العناية بنشر "شرح ابن يعيش على المفصل" في عشرة أجزاء لم
يرقم عليها اسمه، ولم يدخلها في حساب ما قام على نشره من
أمهات الأصول، ويكفيه فخرًا في النحو ويكفي النحو فخرًا به
أنه عالج معظم كتبه المتداولة، لتيسير دراستها وتذليل
القراءة، والبحث فيها بدءًا بـ "الأجرومية" وانتهاء "بشرح
الأشموني للألفية"، و "شرح ابن يعيش للمفصل"، ولا يزال
كثير منا نحن أعضاء المجمع الموقر يرجع إلى كتاباته
وتعليقاته، وإلى هذا المدد الزاخر، من المكتبة النحوية
التي نقلها من ظلام القدم إلى نور الجدة والشباب"1.
وللأستاذ محمد محيي الدين مقدمات علمية رائعة تدل على أنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مجلة "مجمع اللغة العربية" "ج32، ص186، سنة 1966م".
ج / 6 ص -84-
باحث
جيد، لو تفرغ للتأليف الخالص لأبدع الكثير، وأشير إلى
مقدمتين رائعتين هما مقدمته لكتاب "مقالات الإسلاميين"
للأشعري، ومقدمته لكتاب "تهذيب السعد"، حيث ألمّ في الأولى
بتاريخ دقيق لعلم الكلام منذ بدت أصوله حتى اكتمل وتشعب
وتعددت فرقة بعد الأشعري، في وضوح خالص يدل على صحة الفهم،
وصدق الاستنباط، كما ألم في المقدمة الثانية بتاريخ علم
البلاغة في دقة حصيفة، وقد كتب هذا التاريخ المستوعب قبل
أن تظهر الكتب المستقلة بتاريخ هذا الفن، فكان ذا سبق جلي،
وله في مقدمة "نهج البلاغة" استيعاب جيد، واستشفاف بصير.
ومع هذا، فله مؤلفات عدة، منها:
- "الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية"، مطبوع.
- "أحكام المواريث على المذاهب الأربعة"، مطبوع.
- "التحفة السنية بشرح المقدمة الأجرومية"، مطبوع، ثلاثة
أجزاء.
- "تصريف الأفعال" طبع الأول منه.
توفي الشيخ محمد محيي الدين سنة 1393هـ- 1973م، رحمه الله
تعالى رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.
ج / 6 ص -85-
ترجمة محقق الكتاب مشهور بن حسن آل سلمان:
بقلم
تلميذه: أبي العباس الأثري
الحمد لله رب العالمين، اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى
آله وأصحابه.. وبعد:
فها أنا ذا أقيد معالم هذه الترجمة، واللسان "اليراع"
رضابه يكاد يجف حياء؛ فإن المترجم في ذا الأمر كان شرع
-وهي جادة مطروقة، وسكيكة مألوفة، كما لا يخبل على عريب من
الناس ذي نهية- ثم آل الأمر إلي بإشارة من إشارته حكم،
وطاعته غنم. ولا يدرك الطالع شأو الضليع، ولا الخوار سبيل
الشجيع، ولكنه أمر كان، والله المستعان، وعليه التكلان.
قال أبو العباس: هو الشيخ السلفي المتفنن، صاحب التصانيف
الماتعة الفريدة، والتواليف المليحة المفيدة، والتحقيقات
العزيزة الفاردة، مشهور بن حسن بن محمود آل سلمان، المكني
بأبي عبيدة -حفظه الله أُخرى المنون، ما توالت الأيام،
وتتابعت السنون.
ولد في فلسطين سنة ثمانين وثلاثمائة وألف، ونشأ في بيت
حفاظ ودين، ونجار كريم، ثم ظعن وأهل بيته إلى الأردن ذات
العويم، سنة سبع وثمانين وثلاثمائة وألف -وهي سنة هياط
ومياط- عقيب النازلة التي حلت بأهلها. ثم عمن في "عمان"
الأردن، وكانت دراسته الثانوية فيها، وإنه
ج / 6 ص -86-
التحق
بكلية الشريعة، سنة أربعمائة وألف، في قسم "الفقه وأصوله".
رزقه الله مقة للعلم الشرعي مذ كان في جن النشاط وربان
الحداثة، وآتاه الله من كل شيء سببًا، فأتبع سببًا
ومشربًا، وانكب على علوم الشريعة الغراء، درسًا، وقراءة،
وتحصيلًا والتقاطًا لشتيتها وأثيثها، واصلًا الآساد
بالتأويب، ومراوحًا بين الإهذاب والتقريب فقرأ شطرًا
عظيمًا من "المجموع" النواوي، و "المغني" لابن قدامة، و
"تفسير أبي الفداء"، و "تفسير القرطبي"، و "صحيح البخاري"
بشرح الحافظ العسقلاني، و "صحيح مسلم" بشرح النواوي،
وغيرها جمع عظيم، وجم غفير، لا يأتي عليه حيسوب.
وكان الشيخ -لا تبلى مودته- مستهتِرا1 بالكتب الشرعية
كلفًا بها. بدأ بالفتش والتنقير عنها قبل ظهور سباله،
ونبات عثنونه. فاجتمع له منها الشيء الكثير، والعدد
الوفير.
ثم أتبع سببًا، فتأثر بطائفة من فحولة العلماء ومحققيهم،
وقفا أثرهم، وعرف أخراتهم، ومنهم:
شيخ الإسلام، أبو العباس أحمد بن تيمية النميري "م سنة
728هـ"، والشيخ ولوع به يقدمه.
وتلميذه البار، العالم الرباني وشيخ الإسلام الثاني، أبو
عبد الله ابن قيم الجوزية "م سنة 751هـ"، والبيهقي،
والنواوي، والذهبي، والقرطبي، وابن حجر، وابن عبد البر،
والشاطبي -رحم الله الجميع-.
وإنه استراح -بعد- من النظر إلى التحقيق، ومن التحقيق إلى
التعليق، وإنها -لعمري- الطريقة المثلى، في التحصيل
والطلب، ونيل القدح المعلى، وبلوغ الأرب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: ولوعًا.
ج / 6 ص -87-
تأثر
بجماعة من أساتيذه تأثرا عظيمًا، سواء ممن أخذ عنه على
مقاعد الدراسة النظامية، أو في المجالس العلمية، ومنهم:
فضيلة شيخنا العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني،
وشيخ أشياخنا العلامة الفقيه مصطفي الزرقاء -زاد الله في
أنفاسهما-.
قال أبو العباس: أما شمايله وتوسه، فإن رائيه يخاله قطعة
من نفسه.
وإني -علم الله- ما رأيت مثله، زماتة وركانة، وفطنة
وزكانة، إلى حلم، وأناة، وإسجاح ولين جنب، ولكنه في الحق
شديد الخنزوانة.
قال أبو العباس: وهو من هو في العناية بآثار الإسلام
وميراثهم، طول باع، وحسن تفهم، وجلدًا على البحث، وتحصيلًا
لكتبهم، وتفانيا في خدمتها، وانخراطًا في سلكها، كيف لا،
وهو جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب.
تواليفه كلها ترنو بعين أبيها إذا لحظت، وتمضي في جادة
مستقيمة، وفج رغيب، ونهج لاحب، لا عوج فيها ولا أمت، فهو
أبو بجدتها، ورب نجدتها.
وبعضها وضع له القبول في الأرض، ودرس في أصقاع شتى، كـ
"القول المبين في أخطاء المصلين".
أول كتبه تصنيفًا كتاب: "الجمع بين الصلاتين في الحضر بعذر
المطر"، وله -الآن- عليه زيادات مهمات تخرج -قريبًا إن شاء
الله تعالى-.
وأول تصانيفه طبعا كتاب: "المحاماة تاريخها في النظم،
وموقف الشريعة الإسلامية منها"، قرأ جزءًا منه على شيخه
العلامة مصطفي الزرقا.
وهو أول كتاب مفرد في بابه، نهل منه وعب كل من كتب في هذه
البابة.
ثم كتب "موقف الشريعة الإسلامية من خلو الرجل أو
الفروغية"، وهو كالذي قبله، حيازة لفضل السبق، وفضل فتق
الرتق، فسد به ثغرة، وأزال
ج / 6 ص -88-
حجر
عثرة.
وله من الكتب أيضا: "من قصص الماضين في حديث سيد
المرسلين"، و "إعلام العابد في حكم تكرار الجماعة في
المسجد الواحد"1، و "دراسة حديث أرحم أمتي بأمتي أبو
بكر.." تعقب فيه تصحيح شيخه العلامة الألباني للحديث، و
"المروءة وخوارمها"2، و "الهجر في الكتاب والسنة"، و
"الغول في الحديث النبوي"، و "كتب حذر منها العلماء"، طبع
منه المجموعة الأولى3 في جَلَدين، وهو في مجموعات خمس "لكل
مجموعة جلدان"، قدم له، وقرأه شيخنا العلامة بكر بن عبد
الله أبو زيد.
وله أيضا: "الإمام مسلم بن الحجاج ومنهجه في الصحيح وأثره
في علم الحديث" وهو مطبوع في جلدين، ونشر منه كتاب مختصر،
استله ناشره من الكتاب الأصل، فظهر ضعيفًا، لا يسد خلة،
ولا جدة فيه.
وله أيضا: "عناية النساء بالحديث النبوي"، و "معجم
المصنفات الواردة في فتح الباري"4، و "الردود والتعقبات
على الإمام النووي في الصفات وغيرها من المسائل المهمات5
تتبع فيه تأويلات الإمام النوواي في "شرح صحيح مسلم" وبين
مذهب السلف فيهن وأنحى باللائمة على من غمط النواوي حقه،
وأجرى لسانه فيه بالثلب، وأفتى بحرق كتبه ومدوناته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 طبع طبعتين في الثانية فوائد زوائد وتجمع عنده زيادات
مهمات لعلها تظهر -إن شاء الله- في طبعة ثالثة.
2 طبع ثلاث طبعات، الثالثة تزيد على الأولتين قرابة "مائة
صفحة".
3 طبع أكثر من مرة، ولاقى قبولًا، فلله الحمد والمنة.
4 استله وجرده من "الفتح" تلميذه الأخ رائد صبري، وعلق
الشيخ عليه وراجعه وعرف بالكتب وطبع باسميهما.
5 طبع أكثر من مرة.
ج / 6 ص -89-
وله
دراسة جمع فيه أسماء الرسائل التراثية الموجودة برمتها في
بطون "المجلات" أو "المجلدات" وسمها بـ "الإشارات"، تكون
-إن شاء الله تعالى- في خمسة أجلاد، طبع منها الأول حسب.
وله عناية بما لا يصح من القصص، نبوية كانت أو تاريخية،
يجمعها في سلسلة تنشر متتابعة بعنوان "قصص لا تثبت"،
الرابع منها قيد الإعداد.
وله عناية بالقرطبي وتراثه، فكتب عنه دراسة جادة بعنوان
"الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير" وصنع كشافًا فقهيًّا لـ
"تفسيره"، جعله على أبواب الفقه، وعنده عزم على تخريج
أحاديثه، إذ جمعها في بطاقات منذ زمن، وخرج قسمًا يسيرًا
منها، وحقق له "التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة" "لم
يطبع بعد"، وجمع كلامه في "التفسير" على الصوفية، وطبعه
بعنوان "القرطبي والصوفية"، وطبع أيضا "شكوى القرطبي من
أهل زمانه"، وهما رسالتان صغيرتان، وله سلسلة بعنوان
"تنبيهات على محذورات" طبع منها "حكم الشرع في لعب الورق"،
و "أضرار كرة القدم"، كتبت لأسباب تخص مواضيعها مع بعض
أقاربه ومحبيه، وهي رسائل صغيرة، وكذا له "ألفاظ كفرية"
جمعها من مجالس العامة على اختلاف طبقاتهم، و "تراجعات ابن
حجر العسقلاني في فتح الباري" "قيد الطبع"، وكذا له "نصيحة
ذهبية إلى الجماعات الإسلامية"، ضمنها في التقديم والتعليق
على فتوى لشيخ الإسلام ابن تيمية في الطاعة والبيعة، كتبها
وأرسلها إلى المشايخ والعلماء ليبدوا رأيهم فيها، فظهرت
مطبوعة دون علمه، ووقع فيها ما لا يرتضي.
ويعمل الآن على جمع الأحاديث النبوية الشريفة، المبثوثة في
بطون كتب التاريخ، والأدب، واللغة، والقراءات، والرقاق،
وما ليس تحت يد المشتغل بصناعة الحديث، وإنه يطبعها -إن
شاء الله تعالى- في جمهرة عظيمة.
ج / 6 ص -90-
وكذا
بدأ بجمع الآثار المسندة لتكون -بعد- في معلمه كاملة شاملة
-إن شاء الله تعالى-.
وله جهود في التحقيق عظيمة، فعمل على نشر كثير من كتب
التراث مما لم تر النور إلا بجهده، فهو أول من حقق كتاب
"الطهور" لأبي عبيد القاسم بن سلام، و "الطبقات" للإمام
مسلم بن الحجاج، و "الخلافيات" للبيهقي "طبع منه مجلدان،
والثالث والرابع و الخامس قيد الإعداد"، وإنه يربو -إن شاء
الله تعالى- على مجلدات عشرة، وحقق "المجالس الخمسة التي
أملاها الحافظ أبو طاهر السلفي بسلماس" للحافظ السلفي
"ت576هـ"، و "أحاديث منتخبة من مغازي موسى بن عقبة" لابن
قاضي شهبة "ت789هـ"، وأحكام النظر إلى المحرمات وما فيه من
الخطر والآفات" لابن حبيب العامري "ت530هـ"، و "جزء فيه من
عاش مئة وعشرين سنة من الصحابة" لأبي زكريا يحي بن منده "ت
511هـ"، و "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" للحافظ أبي
بكر الخلال "ت311هـ"، و "الرد على من ذهب إلى تصحيح علم
الغيب من جهة الخط لما روي في ذلك من أحاديث ووجه تأويلها"
لأبي الوليد بن رشد "520هـ"، و "الجامع للآداب" لابن عبد
البر "ت463هـ" "ولم يكتب اسمه عليها"، و "درة الضرع لحديث
أم زرع" لمحمد بن عبد الكريم القزويني "ت580هـ"، و "تالي
تلخيص المتشابه" للخطيب البغدادي "وهو قيد الطبع"، و "تحفة
الطالبين في تر جمة الإمام محيي الدين "النواوي" لابن
العطار "ت724هـ"، و "الكبائر" للإمام الذهبي، وبين فيه زيف
الطبعة المشهورة وأن الذهبي بريء منها، و "تشبه الخسيس
بأهل الخميس" للذهبي أيضا" ظهر في مجلة الحكمة"، و "ذكر
ابن أبي الدنيا وما وقع عاليًا من حديثه" لأبي موسى
المديني، و "فنون العجائب" للنقاش، و "جزء القاضي
الأشناني"، و "فضائل الرمي في سبيل الله" للحافظ القراب
"ت429"، و "فضيلة العادلين"، و "جزء فيه طرق حديث إن لله
تسعة
ج / 6 ص -91-
وتسعين
اسمًا" كلاهما لأبي نعيم "ت430هـ"، و "الوجل والتوثق
بالعمل" لابن أبي الدنيا، و "أدب النفوس" للآجري، و "مسألة
سبحان" لنفطويه، و "حديث الجويباري" للبيهقي، وكلها ستظهر
-إن شاء الله تعالى- في مجموعة قريبًا، وقد فرغ من
تنضيدها. وحقق "العزلة" لابن أبي الدنيا، وهو "قيد الطبع"،
وله حواش ومراجعات وتعليقات على تحقيق "الغيلانيات" لأبي
بكر الشافعي "قيد الطبع"، وكذا على كتاب شيخه الألباني
"المنتخب من فهرس مخطوطات الظاهرية".
وحقق مجموعة من كتب ابن القيم، مثل "الفروسية"، و "جلاء
الأفهام" "قيد الطبع "، و "الطرق الحكمية" "قيد التنضيد
والصف"، و "الفوائد الحديثية" لم يطبع قبل، و "إعلان
الموقعين"، "قيد التنضيد" و "زاد المعاد" "قيد الإعداد".
وحقق أيضا: "جزء في طرق حديث أفرضكم زيد" لمحمد بن عبد
الهادي "لم يطبع بعد"، و "تذكرة الطالب المعلم فيمن قيل
إنه مخضرم" لسبط بن العجمي.
وحقق أيضا: "تنبيه المعلم بمبهمات صحيح مسلم" لولد سبط ابن
العجمي، و "غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في صحيح
مسلم من الأحاديث المقطوعة" لرشيد الدين العطار، وهو في
ذيل "الإمام مسلم ومنهجه في الصحيح"، و "من وافقت كنيته
كنية زوجه من الصحابة" لابن حيويه "ت366هـ" "تلميذ
النسائي"، و "الباعث على إنكار البدع والحوادث" لأبي شامة
المقدسي "شيخ النواوي" و "مجموعة رسائل حديثية" للإمام
النسائي، و "المتوارون"، و "الأوهام التي في مدخل أبي عبد
الله الحاكم النيسابوري" كلاهما للحافظ عبد الغني بن سعيد
الأزدي "ت409هـ"، و "الفوائد الزينية في مذهب الحنفية"
لابن نجيم "ت 970هـ".
وحقق مجموعة من رسائل الأسيوطي "ت911هـ"، هي: "الأمر
ج / 6 ص -92-
بالاتباع والنهي عن الابتداع"، و "تمهيد الفرش في الخصائل
الموجبة لظل العرش"، و "بزوغ الهلال في الخصال الموجبة
للظلال"، و "بشرى الكئيب بلقاء الحبيب"، و "التعليل
والإطفا لنار لا تطفى"، و "كتاب في صفة صاحب الذوق السليم
ومسلوب الذوق اللئيم" "وهو عبارة عن مقامة، ولم يكتب اسمه
عليها"، و "المسارعة إلى المصارعة".
وحقق أيضا مجموعة من رسائل السخاوي، وهي: "رجحان الكفة في
بيان نبذة من أهل الصفة"، و "الجواب الذي انضبط عن لا تكن
حلوًا فتسترط"، و "تخريج أحاديث العادلين"، و "الفخر
المتوالي فيمن انتسب للنبي صلى الله عليه وسلم من الخدم
والموالي"، و "تحرير الجواب عن ضرب الدواب" ظهر في مجلة
"الحكمة"، و "القول المنبي في ترجمة ابن عربي"، و "الأجوبة
العلية عن الأسئلة الدمياطية"، و "المسلسلات"، و
"البلدانيات" و "القول البديع"، "كلها قيد الإعداد
والتحقيق".
وجمع مؤلفات السخاوي في كتاب فرد "لم يطبع".
وحقق أيضا مجموعة من رسائل الشوكاني "م سنة 1250هـ" مثل:
"در السحابة في فضائل الصحابة" "قيد الطبع"، و "تنبيه
الأفاضل على ما ورد في زيادة العمر ونقصانه من الدلائل"، و
"بلوغ المنى في حكم الاستمنى"، و "إرشاد الغبي إلى مذهب
أهل البيت في صحب النبي صلى الله عليه وسلم".
وحقق أيضا "برد الأكباد في فضل فقد الأولاد" لابن ناصر
الدين "لم يطبع بعد".
وحقق مجموعة رسائل الحافظ ابن حجر العسقلاني "ت 852هـ"،
مثل: "تخريج حديث الأسماء الحسني"، و "ذكر الآثار الواردة
في الأذكار التي تحرس قالها من كيد الجن" "وطبع خطأ
منسوبًا لابن حجر الهيتمي! وهو قطعة من "بذل الماعون"، و
"جزء في طرق حديث لا تسبوا أصحابي".
وحقق مجموعة من رسائل الشيخ مرعي الكرمي الحنبلي، مثل:
ج / 6 ص -93-
"تحقيق البرهان في شأن الدخان"، وله بذيله "التعليقات الحسان"، و
"إرشاد ذوي العرفان لما للعمر من الزيادة والنقصان"، و
"تحقيق البرهان في إثبات حقيقة الميزان"، و "تحقيق الخلاف
في أصحاب الأعراف".
وحقق أيضا مجموعة من رسائل الشيخ على القاري "م سنة
1014هـ"، مثل: شم العوار في ذم الروافض "لم يطبع بعد"، و
"أدلة معتقد أبي حنيفة الأعظم في أبوي الرسول عليه الصلاة
والسلام"، و "الذخيرة الكثيرة في رجاء المغفرة للكبيرة"، و
"سلالة الرسالة في ذم الروافض ضمن أهل الضلالة"، و "تطهير
الطوية في تحسين النية"، و "المقدمة السالمة في خوف
الخاتمة"، و "فصول مهمة في حصول المتمة"، و "فرائد القلائد
على أحاديث شرح العقائد"، و "الاستدعاء في الاستسقاء"، و
"الأدب في رجب"، و "معرفة النساك في معرفة السواك"، و
"التجريد في إعراب كلمة التوحيد"، و "رفع الجناح وخفض
الجناح بأربعين حديثًا في النكاح"، و "شفاء السالك في
إرسال مالك" "وجميعها مطبوعة"، و "الأربعين القدسية"، و
"البينات في بيان بعض الآيات"، و "إعراب القاري على أول
باب البخاري"، و "صنعة الله في صيغة صبغة الله"، و "أنوار
الحجج في أسرار الحجج"، و "تزيين العبارة لتحسين الإشارة"
وذيلها "التدهين للتزيين على وجه التبيين"، و "فتح السماع
في شرح السماع"، والاعتناء بالغَنا في الغِنا"، و "رسالة
ما يتعلق في ليلة النصف من شعبان" "فرغ من تحقيقها كلها،
وهي منضدة ومعدة للطبع من سنوات عديدة".
وفرغ من تحقيق "القواعد الفقهية" "قيد التنضيد" لابن رجب
الحنبلي، وهو منشغل الأن بتحقيق "المجالسة" لأبي بكر
الدينوري.
وحقق أيضا مجموعة من الرسائل الصغيرة في الفقه، والآداب،
واللغة، مثل: الدرر الثمينة في حكم الصلاة في السفينة"
للحموي "ت 1098"، و "مفيدة الحسنى لدفع ظن الخلو بالسكنى"
للشرنبلالي
ج / 6 ص -94-
"ت 1096هـ"، و "المطالب المنيفة في الذب عن الإمام أبي حنيفة"
لمصطفي الحسيني، و "آداب العشرة وذكر الصحبة والأخوة"
للغزي "ت 984هـ"، و "القول المسموع في الفرق بين الكوع
والكرسوع" للزبيدي "ت 1205هـ" -رحم الله الجميع-.
قال أبو العباس: فمجموع ما طبع له، حتى كتابة هذه السطور،
قرابة مائة رسالة وكتاب، تحقيقًا أو تصنيفًا، وأتم نحو
العشرين مما لم يطبع، عدا عما في جعبته ومسوداته من نسخ
لأجزاء ومخطوطات مهمة، أو أعمال علمية متممة وغير متممة،
نسأل الله أن يعينه على إتمامها وإخراجها إلى عالم النور.
وبعد: فإني لو رمت البسط، ويممت شطره، لخرجت ترجمتي
المعتصرة هذه في أجلاد وأجلاد، ولكن حال الجريض دون القريض
وخشية الإلظاظ دون الغريض.
وليعلم الناظر أني كتبت ما كتبت عاصيًا لما يرضيه، مطيعًا
لما يرضيني، وإلا فله العتبى حتى يرضى.
أسأل الله أن يوفق شيخنا ويعينه، وأن يعظم له أجرًا، ويخلد
له ذكرًا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.
وكتب
أبو العباس الأثري
يوسف بن عطاء السليمان
-عفا الله عنه-
في 28/ جمادي الآخرة/ 1417هـ |