شرح التلويح على التوضيح [فَصْلٌ فِي تَقْلِيدِ الصَّحَابِيِّ]
(قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي غَيْرِهِمَا) مَحَلُّ الْخِلَافِ
قَوْلَ الصَّحَابِيِّ الْمُجْتَهِدِ هَلْ يَكُونُ حُجَّةً
عَلَى مُجْتَهِدٍ غَيْرِ صَحَابِيٍّ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ
دَلِيلٌ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا التَّابِعِيُّ) مَا ذَكَرَهُ رِوَايَةُ
النَّوَادِرِ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا تَقْلِيدَ إذْ
هُمْ رِجَالٌ، وَنَحْنُ رِجَالٌ بِخِلَافِ قَوْلِ
الصَّحَابِيِّ فَإِنَّهُ جُعِلَ حُجَّةً لِاحْتِمَالِ
السَّمَاعِ وَزِيَادَةِ الْإِصَابَةِ فِي الرَّأْيِ بِبَرَكَةِ
صُحْبَةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
وَذَكَرَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى -
(2/32)
لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ
اصْطَفَيْنَا} [فاطر: 32] الْآيَةَ، وَالْإِرْثُ يَصِيرُ
مِلْكًا لِلْوَارِثِ مَخْصُوصًا بِهِ فَنَعْمَلُ بِهِ عَلَى
أَنَّهُ شَرِيعَةٌ لِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلِقَوْلِهِ: - عَلَيْهِ
السَّلَامُ - «لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا لَمَا وَسِعَهُ إلَّا
اتِّبَاعِي» ، وَمَا ذَكَرُوا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالْأُصُولِ
بَلْ فِي الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ النَّسْخَ لَيْسَ تَغْيِيرًا
بَلْ هُوَ بَيَانٌ لِمُدَّةِ الْحُكْمِ وَالْمَذْهَبُ
عِنْدَنَا هَذَا لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَبْقَ الِاعْتِمَادُ
عَلَى كُتُبِهِمْ لِلتَّحْرِيفِ شَرَطْنَا أَنْ يَقُصَّ
اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ.
(فَصْلٌ فِي تَقْلِيدِ الصَّحَابِيِّ يَجِبُ إجْمَاعًا فِيمَا
شَاعَ فَسَكَتُوا مُسَلِّمِينَ، وَلَا يَجِبُ إجْمَاعًا فِيمَا
ثَبَتَ الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ، وَاخْتُلِفَ فِي غَيْرِهِمَا) ،
وَهُوَ مَا لَمْ يُعْلَمْ اتِّفَاقُهُمْ، وَلَا
اخْتِلَافُهُمْ.
(فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا
يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَرْفَعْهُ لَا يُحْمَلُ عَلَى
السَّمَاعِ، وَفِي الِاجْتِهَادِ هُمْ وَسَائِرُ
الْمُجْتَهِدِينَ سَوَاءٌ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[التلويح]
أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ الْقِيَاسُ
بِقَوْلِ التَّابِعِيِّ.
وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ هَلْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي
إجْمَاعِ الصَّحَابِيِّ حَتَّى لَا يَتِمَّ إجْمَاعُهُمْ مَعَ
خِلَافِهِ فَعِنْدَنَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ
- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُعْتَدُّ بِهِ |