فصول البدائع في أصول الشرائع

الفصل الثالث عشر في حكم الحقيقة
هو وجود ما وضع له أي ثبوته أمرًا أو نهيا خاصا أو عاما نحو: {ارْكَعُوا} [الحج: 77]، {وَلَا تَقْتُلُوا} [الإسراء: 31] مخاطبا به ومخاطبا ثم لزوم وجوده بحيث لا يسقط عن المسمى أي لا يصح نفيه عن الموضوع له وعن محل الكلام بخلاف المجاز كما مر فلا يخرج عن حكمه شيء مما يتناوله إلا أن يهجر تفاهمه عرفا لتعذر العمل به أو هجره

(2/170)


فيصير كالمستثنى خلافا لزفر رحمه الله كمن حلف لا يسكن فانتقل من ساعته لم يحنث بالسكون حال الانتقال استحسانًا والقياس قول زفر ولا تقتل وقد كان جرح فمات به أو لا يطلق وقد كان علقه فوجد الشرط أو لا يأكل من هذا الدقيق فأكل من عينه عند بعض المشايخ.
قال شمس الأئمة والأصح خلافه لذا قد يؤكل عينه عادة أو من هذه الشجرة التي لا يؤكل عينها فأكل من عينها لما حنث في الجميع ثم بقاؤه، فمتى أمكن العمل بالحقيقة لا يعدل عنها لأن المستعار خلف لا يزاحم الأصل ولذا حملنا الإقراء على الحيض لأنها حقيقة لا على الأطهار لأنها إن كانت مشتركة وهو الصحيح لتساوى الاستعمالين فبالترجيح كما مر.
وإن لم يثبت اشتراكها كما ذهب إليه فالمجاز هو الثاني لأن المجتمع والمنتقل الحيض إن كان بما كما يعرفه الفقهاء وإن كان ضرورة فهو رديفهما ومسببهما أما الطهر فليس سببا مجتمعا ولا متنقلا ولا جامعا لأنه عدم والانتقال في الأحوال مع أنه معنوي لا حسي لذي الحال لا للحال وحملنا العقد في قوله تعالى: {بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة: 89] على ربط اللفظيين لإيجاب حكم كاليمين بالجواب لإيجاب الصدق لا على القصد الذي هو سبب الربط كما فعله الشافعي رضي الله عنه فأوجب الكفارة في الغموس لأنه أقرب إلى الحقيقة التي هي عقد الحبل وهذا النكاح في قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22] على الوطئ ليثبت حرمة المصاهرة بالزنا لا العقد لأنه أقرب إلى حقيقته التي هي الجمع فإن إطلاقه على العقد لأنه سبب الوطئ.
قيل استعارة اسم المسبب للسبب لا يصح وأجيب بأن مسبب مخصوص إذ لا عقد إلا بالقصد ولا وطئ يقصد شرعا إلا بالنكاح ووطئ الأمة استخدام ولو قيل بأن العقد لكونه جمع بين اللفظيين لا لسببيتهما لكان وجها ونحتاج في ترجيح مذهبنا فيهما إلى أصول أُخر كما يذكر.
الاستثناء من القاعدة إلا إذا تعذر التعامل بها أو هجر وفرق ما بينهما أن الأول فيه مشقة وأنه كما ليس مرادا ليس داخلا في الإرادة بخلاف الثاني فإنه متروك العمل بلا مشقة عرفا شرعا.
وقد يكون داخلا في الإدارة أما المتعذرة فنحو لا يأكل من هذه النخلة أو الكرمة أو القدر يقع على ما يؤخذ منه في الأصح فالأصل أن الشجرة إن كانت مما يؤكل كالريباس وقصب السكر فعلى عينها وإلا فعلى ثمرها إن كان وإلا كالخلاف فعلى دفنها هذا إذا لم

(2/171)


ينو وإلا فعلى ما نوى وذلك لأن الحقيقة وهي أكل العبن لأنه المقصود بالمنع الذي له اليمين متعذرة لا عدمه حتى يرد أنه غير متعذر.
وكذا لا يأكل من هذا الدقيق ولا يشرب من هذا البئر إن كانت ملأى فكالنهر مختلف فيه وإلا فعلى الاعتراف اتفاقا لا الكرع لتعذره فإن تكلف في المسألتين فأكل من عينه وكرع فقيل يحنث وإلا شبه لا لقولهم في لا ينكح فلانة وهي أجنبية يقع على العقد فإن زنا لم يحنث لكونه متهذرا شرعا وعرفا وأما المهجورة عرفا فنحو لا يضع قدمه في دار فلان فمن حقيقته وضع القدم حافيا دخل أو لا ولم يقع عليه لهجره عرفا أريد مجازاة المتعارف وهو الدخول كيفما كان فوضع القدم حافيا مع الدخول داخل وبدونه لا فقد جاز دخول الحقيقة وشرعا فكالتوكيل بالخصومة ينصرف إلى مطلق الجواب مجازا فإنه مسبب الخصومة أو يقارنها فيكون مشاكلة ومطلقة يتناول الإقرار لأنه كلام يقطع كلام الغير ويطابقه من جلب الفلاة قطعها فله إقرار على موكله خلافا لزفر والشافعي - رحمه الله - لأن المسألة ضد المشاجرة قلنا المشاجرة بغير حق حرام لقوله تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا} [الأنفال: 46].
ولأن الموكل لا يملك شرعا لا ما هو الحق من الجواب بخلاف الإنكار مع وجود الحق فلا يفوضه إلا ذلك لأن المهجور شرعا كالمهجور عادة ولذا من حلف لا يكلم هذا الصبي يحنث بالتكلم بعد ما كبر لأن المراد هذا الذات مجازا لهجران هجرانه بالحديث.
تنويرها بمقدمة الحلف على موصوف إن صلح وصفه داعيا يتقيد به منكرا ومعرفا لئلا يلغو فمنكرا مقصودا كرطبا ومعرفا غير مقصود كالرطب لمن يضره فلا يحنث بأكله تمرا وإن لم يصلح يتقيد منكرا لأنه معرفة فيكون مقصودا بالحلف نحو لا يكلم شابا لا معرفا بالإشارة نحو هذا الشاب إذ لا يصلح الوصف داعيا لأنه مظنة السفاهة لكن حرمة هجرانه أوجبت المصير إلى إرادة مطلق الذات الذي هو جزؤه مجازا بخلاف صبيا إذ لا معرف فيه غير الصبا فيكون مقصودا بالحلف فيتقيد به وإن كان هجرانه حراما كمن حلف ليشربن اليوم خمرا وليسرقن ينعقد مع حرمتها المقصود بينهما أما بعد إرادة الذات لزوم ترك الترحم صبيا والتوقير كبيرا وفي الجملة هجر المؤمن الذي هو حرام فوق ثلاثة أيام فضمني غير مصرح به والضمنيات لا تعتبر، حتى لو قال للصبي: لا أكلم هذا الذات لا يكون مرتكبا للمنهي عنه، فكان مما يثبت ضمنا لا قصدا كتضحية الجنينن وبيع الشراب والطريق.

(2/172)


أما إذا استعملت الحقيقة فإن هجر المجاز أو غلبت فهي أولى اتفافا؛ لأن شأنها اليقين عند عدم القرينة الصارفة وإلا فلا ثقة للغات أصلا، والأصل عدم الحادة وإن غلب عليها تعارفا فكذا عند الإمام في الحقيقة المستعملة أولى من المجاز المتعارف وبالعكس عندهما إذ المتبادر بحسب التعارف.
فعند مشايخ بلخ أرادوا تعارف التعامل وعند مشايخ العراق تعارف التفاهم وقال مشايخ ما وراء النهر: الثاني قوله والأول قولهما ولذا يحنث من حلف لا يأكل لحما بأكل لحم الأدمي أو الخبز ببر عنده لوقوع التفاهم لا عندهما لعدم التعامل.
وقوله: أولى لأن المقصود التفاهم هذا في المبسوط وفي التمر أنه لا يحنث اتفاقا إذ لا تفاهم فيما لا تعامل كأكل النخلة.
بيانه: فيمن حلف لا يأكل الحنطة أو من هذه يقع عنده على عينها لأكلها عادة مقلية ومطبوخة وغيرهما عند الحاجة، وعندهما على مضمونها ولو في عينها ولا يشرب من الفرات فعنده على الكرع لاستعماله فيه كما في الحديث وعندهما على ما ينسب إليه بالمجاورة كالمأخوذ بالأواني لا النهر لانقطاع نسبة التبعية إلا في قوله من ماء الفرات لأنه حقيقة فلا عبرة للنسبة وإنما كان الكرع حقيقته؛ لأن ظاهر ممن يقتضي عدم الواسطة كما بين في: {وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء: 171] وللاستثناءين في قوله تعالى: {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي} [البقرة: 249] الآية إذ معناه إلا قليلا لم يكرعوا، قيل هذه الخلافية ابتدائية فعنده لعَدم الضرورة الصارفة عن الحقيقة وعندهما الرجحان الغالب فإنه كالمتحقق لا لأن المجاز المتعارف حقيقة عرفيةكما ظن إذْ هي عند هجرانها وقيل بنائية على أخرى هي أن خلفية المجاز في التكلم عنده، وفي الحكم عندهما.
تحريرها بعد أن لا خلاف في خلفية المجاز ووجوب تصور الأصل لثبوت اتخلف وأنهما من أوصاف اللفظ وأن التغيير فيه لا في مقصود المتكلم أن خلفيته عنها عنده بأن صار التكلم بلفظ مجازا خلفا عن التكلم به حقيقة ثم يثبت حكمه بالاستبداد لوضعيتهما للفظ وكون التغيمر فيه وعندهما بأن يكون حكم لازم الحقيقة خلفًا عن حكمها مع الصارف عنه لئلا يلغو لأن الحكم هو المقصود فاعتبار اتخلفية فيه أولى ولسان الانتقال عن الشيء يستدعي إمكانه قلنا التجوز لتوسيع الطرق لا لضرورة أداء المقصود والانتقال يستدعى فهمه لا مكانه وذا بأن يصح عمارته كما في أسدًا يرمي والحال ناطقة لغة في أنت طالق مائة إلا تسعمائة وتسعة وتسعين شرعا حيث يقع واحدة بعد أن المهجور شرعا كالمهجور عادة.

(2/173)


تنويره فيمن قال لعبده الأسن هذا ابني لم يعتق عندهما وهو قول الشافعي رضي الله عنه إذ لم ينعقد لإثبات البنوة لاستحالتها كقوله أعتقتك قبل أن أخلق أو يخلق أو للأصغر هذا جدي أو لعبده بنتي أو لأمته ابني فيلغو كقوله هذا أخي بخلافه للأصغر المعروف النسب حيث يعتق إجماعا لأنه حقيقة وإن لم ينقلب النسب ولذا يصير أمة أو ولد له لا كقوله أنت حر لصحته في مخرجه لولا عارض تعلق حق الغير لإمكان خلقه من مائة بوطء الشبهة فنظيرهما الغموس والحلف على مس السماء أما قوله لامرأته المعروفة النسب وهي أصغر هذه بنتي فإنما لا تحرم لأن موجب النسب في النكاح انتفاء حل المحلية من الأصل لإزالة الملك بعد ثبوته وذلك حقها لا حقه فلا يصدق على إبطاله.
نكتة: تصور حكم الحقيقة أعني إمكانه الذاتي من حيث المتكلم وكلامه ومحل كلامه غير تصور الحقيقة أعني إمكانها من حيث أنه كلام وأخص منه لتحقق الثاني في هذا ابني للأسن دون الأول وإن انتفيا في أعتقتك قبل أن لخلق فالإمام لا يشترط لصحة الانتقال من الحقيقة على المجاز إلا الثاني وهما الأول أيضًا وهما غير تصور البر الذي لا يشترطه أبو يوسف لانعقاد اليمين المطلقة وبقاء المؤقتة والانتقال إلى الكفارة ويشترطه الطرفان لأنه الإمكان الحالي ولو تخرق العادة فهو أخص منهما ولا منافاة بين أن يشترطه الإمام للانتقال إلى الكفارة ولا يشترط الأعم منه للانتقال إليه كما وهم لأن الانتقالين منفصلان وأيضًا لا يرد نقضا على مطلق قولنا لا بد من تصور الأصل للنقل إلى اتخلف اتفاقا لأن المراد به الإمكان الذاتي لا الحالي وإلا لما وجد مجاز لامتناعه مع الإمكان الحالي للحقيقة.
بيانه من حلف ليشربن ماء هذا الكوز ولا ماء فيه أو اليوم فصب قبل مضيه أو لأقتلن زيدا وهو ميت ولم يعلم بموته يحنث عنده لا عند الطرفين غير أن الحالف في مسألة القتل إذا علم موته يحمل على أنه يعقد يمينه على حياته المستحدثة بقدرة الله تعالى المتعارفة هي عود عين روحه إلى بدنه يحنث بالعجز الحالي وإذا لم يعلم يعقدها على الحياة المعهودة الحاصلة ولا تفصيل في مسألة الكوز إذ لم يتعارف عود عين مائه إليه وإن كان مقدورا لله تعالى فلا يحمل على عقد يمينه إلا على المتعارف وهو أن كل ماء يحصل عد في الكوز يكون غير مائه وقد حلف على مائه.
وقال الإمام يشترط صحة التكلم من حيث أن له حقيقة بخلاف أعتقتك قبل أن أخلق لخلق أو لعبده هذا ابني أو لأمته إذْ نسبة العتق كنسبته إلى الحمار وحين اعتبر الاختلاف بالذكورة والأنوثة فاحشًا في الإنسان لم يتعارف التجوز أيضًا كما لم يعتبر بين الأب والابن ولذا لا يعتق وإن كان أصغر هنا فإذا وجد وفهمت حقيقته وتعذر العمل بها

(2/174)


لا حد الأمور الخمسة يصار إلى لازمه المتعين وهو ها هنا عتقه من حين ملكه إقرار به قضاء وإن كان كاذبا وفيه إشارة إلى أنه لا يعتق ديانة كما يصار في وهبت ابنتي أو نفسي منك نكاحا أو بمهر كذا إلى النكاح قالا لاحتمال تمليك الحرة عقلا وشرعا في الجملة كما في شريعة يعقوب حتى قال بنوه جزاؤه من وجد في رحله قلنا لما انتسخ في شريعتنا لم يبق محلا كنكاح المحارم لم ينعقد أصلا ولم يصر شبهة في سقوط الحد عندهما مع بقاء المحلية في حق الأجنبي فانتفى الإمكان الحالي بخلاف مس السماء.
أما في قوله هذا أخي فعلى رواية الحسن وهو قول الإمام يعتق لا في ظاهر الرواية لاشتراك الأخوة بين الشركة في الدين والقبيلة والنسب فلا يفيد بلا بيان فلو قال أخي لأبي وأمي يعتق أما لو علل بأنها مجاورة صلب أو رحم فيستدعي واسطة فلا يفيد بدون إلْباتها وكذا في هذا جدي مع البرغري نفى الرواية فيه فلا وأما يا ابني حيث لا يعتق به إلا في رواية شاذة فلأن النداء لاستحضار المنادى بصورة الاسم فلا يستدعى تحقيق معناه إلا إذا كان معروفا بذلك الاسم.
ضابطة: النداء بوصف ثابت لاستحضاره به نحو يا طويل لمن له طول وبغير ثابت فإن صح ثبوته من جهة المنادى يثبت اقتضاء نحو يا عتيق وإلا فلاستحضاره بصورة الاسم نحو يا ابني لأكبر سنا منه أو أصغر معروف النسب.
تنبيه: التجوز في مسألتنا من إطلاق السبب عن المسبب كما أنه في قوله عبدي أو حماري حر أو على هذا الجدار ألف حيث يعتق العبد ويجب الألف عند الإمام من إطلاق المطلق وهو إلا حد لا بعينه على المقيد وعندهما لما لم يصلح إلا حد المبهم محلا لغا.
وقد ظن بعض الظن أنه استعارة تبعية في ابني لأنه بمعنى مولودي دفعا لتوهم أنه مبتدأ وخبر فيكون تثبيتها لا استعارة في الأصح لأن مبناها على دعوى الجنسية وفي المبتدأ والخبر قول بالمغايرة كما أن بناء الخلاف على أن هذا ابني تشبيه عندهما مثل هذا كابني بخلافه للأصغر سنا فإنه حقيقة فلا حاجة إلى إضمار التشبيه أما الإمام فجعل نية الحرية قرينة المجاز إيهام خيل إلهاما لتحقيق الخلاف في نحو ابني هذا فعل كذا.
تقريب: فالحقيقة إذا استعملت صارت أولى تكلما والمجاز لغلبته صار أولى حكما لقربه فهما قلنا الترجيح بالغلبة ترجيح بالزيادة من جنس العلة وهو مردود بخلاف المهجورة وقال الإمام فخر الإِسلام لعمومه الحقيقة أيضًا والعموم إنما يصلح دليلا لو اعتبر الحكم لا التكلم فليس مستقلا كما ظن وهذا فيما يكون المجاز أعم والدليل الشامل

(2/175)


ما مر.
تدقيق الفصل وتحقيق الأصل: قوله للأصغر المعروف النسب هذا ابني حقيقة في إثبات بنوته وإن لم ينقلب النسب لا تحرير مبتدأ لجواز ثبوت النسب من واحد ولو بوطء الشبهة واشتهاره من آخر ولذا يثبت أمومة الولد لأمة لا كانت حرة كما مر لأن إمكان العمل بالحقيقة بعينها يدل عليه مسائل الجامع.
قال في صحته لجارية لها أولاد ببطون أحدهم ولدي ومات قبل البيان يعتق عند لصاحبين ثلث الأول ونصف الثاني لأن أحوال الإصابة واحدة فإن للأسباب تزاحمًا فبنوة أحدهما يمنع الباقين وأحوال الحرمان متعددة لإمكان اجتماعها وكذا الثالث.
ولو كان تحريرا مبتدأ عتق الثلث من كل نحو أحدهم حر وهو قول الإِمام رضي الله عنه ولو قال في مرضه ولا مال غيرهم ولا أجازه وهو سواء يجعل كل رقبة ستة للنصف والثلث وسهام العتق من الثلاثة أحد عشر يضيق عنها الثلث فيجعل كل أحد عشر ويعتق سهما الأكبر وثلاثة الأوسط وستة الأصغر ويسعون في الباقي ولو قال في صحته عبد وابنه وابنى ابنه ببطنين وكلهم أصغر فمات مجهلا يعتق ربع الأول لأن أحوال حرمانه ثلاثة وثلث الثاني لأن لحرمانه حالتين وحالا أصابه بكونه مرادا أو حافدا أريد أبوه وثلاثة أرباع كل من الأخيرين لان أحدهما حر بيقين لوجوب أن يراد أحدهما أو أبوهما أحدهما والآخر حر لو أريد هو أو أبوه أو جده ليس حرا لو أريد أخوه فيعتق النصف منه لوحدة أحوال الإصابة فحرية الكل والنصف قسمت بينهما ولو كان ابن الابن واحد فثلث الأول ونصف الثاني وكل الثالث والكل بحكم الحقيقة وهي البنوة لاحتمال النسب لا لأنه تحرير مبتدأ وإلا لعتق من كل ثلثه.
ثم قيل هذه أيضًا خلافية فيعتق عند الإمام من كل ربعه أو ثلثه كما في الأولى والأصح أنهما وفاقية والفرق له أن احتمال النسب في الأولى على السواء والتفاوت في العتق الحاصل بالسراية من الأم وذلك كالمجاز من الحقيقة فلا يجمع بينهما وها هنا لا عتق بطريق السراية إذ لا يلزم من حرية الأب حرية أولاده بل بجهة النسب بكونهم حفدة وهم في ملكه فلذا يعتبر الأحوال.
أما لو قال في مرضه ولا مال ولا أجازه يجعل كل رقبة اثنى عشر للربع والثلث يبلغ ثمانية وأربعين يضيق سهام الوصية وهي خمسة وعشرون عن ثلثها وهو ستة عشر فجعل الخمسة والعشرون ثلثا لكن ثلث الرقبات الأربع رقبة وثلث فالرقبة ثلاثة أرباع الثلث وليس لخمسة وعشرين ربع صحيح فضربت الأربعة فيها بلغ الثلث كل رقبة خمسة

(2/176)


وسبعين فضرب كل من ثلاثة الجد وأربعة الأب وعتق مبلغيه ويسعى في الباقي أما فيه فعن الإِمام طريقان:
1 - أنه إقرار بالحرية من حين ملكه فيكون إقرار بأمومة الولد لأمة لاحتمالها الإقرار.
2 - أن الإقرار بالنسب تحرير مبتدأ كما قلنا في رجلين ورثا عبدا مجهولا فادعى أحدهما بنوته غرم لشريكه كأنه اعتقه ولو كان كأنه ورثه لم يغرم لعدم الفعل منه ولذلك لأن النسب لو ثبت لثبت بقوله والاستناد إلى القول شأن التحرير فيجعل مجازا عنه وإثبات أمومة الولد من حكم الفعل لا القول.
قال شمس الأئمة والأول أصح إذ لو قال هذا ابني مكرها لا يعتق فليس تحريرا مبتدأ والغرم لشريكه لا يختص بالإنشاء فقد يثبت بالإقرار كقوله عتق على من حين ملكته.
تفريغ آخر: يجوز الصلاة بآية قصيرة والجمعة بخطة قصيرة عنده لأن القراءة والذكر فيهما مستعملان وعندهما لا بد مما يسمى قراءة وخطة عرفا ولا نقض عليهما دون الآية لأنه خارج إجماعا والعام الذي خص عنه حقيقة في الباقي أو قريب منها ولا عليهما بما خلف لا يقرأ القرآن حيث يحنث بقراءة آية لأن القراءة في الآية الفذة متعارفة خارج الصلاة كالذكر مطلقا خارج الجمعة والتعارف في الثلاث للصلاة.

فصل
في الأمور الخمسة التي يترك بها الحقيقة أعني القرائن الصارفة عنها مقالية كانت أو حالية وواحدة كانت أو متعددة أو ممتلئة منها ودلالتها على الصرف عقلية أو عرفية.
وحصرها المشايخ في خمسة إما بدلالة العرف قولا والعادة فعلا أو اللفظ في نفسه بحسب اشتقاقه أو إطلاقه أو السباق أو حال المتكلم أو محل الكلام لأن القرينة إن كانت مقالية فدلالتها إما من نفس ذلك اللفظ من حيث اشتقاقه أو إطلاقه المقتضي لكمال حقيقته القوية في القوة والضعيفة في الضعف وهو الثاني وإما من لفظ يقارنه ويندرج فيه كون القرينة في التبعية نسبة الحدث إلى فاعله أو إلى مفعوله الأول أو الثاني أو المجرور أو غيره أو المجموع وهو الشاك وإن كانت حالية فإما من حال المتكلم الحقيقة ككونه بحيث يستحيل صدور ذلك الكلام عنه عقلا ومنه كونه حكيما لا يأمر بالفحشاء أو عادة ومنه كونه موحدا غير دهري في أنبت الربيع البقل أو الإضافية ككونه مجيبا وهو الرابع وإما من حال الكلام كصدقه وهو الخامس وإما من حال أهل الكلام كتعارفهم الأقوال وتعودهم الأفعال وهو الأول قدم لأنه أغلب ثم دلالة القرينة عرفية أو عادية عامتان أو خاصتان بالشرع أو غيره في الأول ويندرج فيهما الحسية التي يعرف العرف فيها بالحس فالأول

(2/177)


قسمان ما بدلالته الاستعمال قول وله أمثلة:
1 - المنقولات الشرعية كالصلاة عن الدعاء إلى العبادة المخصوصة المشروعة للذكر وكل ذكر دعاء وكالحج من القصد إلى عبادة هو فيها وكالعمرة اسم من الاعتمار وهو الزيادة والزكاة عن النماء والتطهير إلى العبادتين فإنها فيها مجازات لغوية تعورفت إلى أن صارت حقائقها مهجورة حتى لا يلزم الحالف بها إلا العبادات والتعارف لإيجابه التفاهم دليل ترك الحقيقة كالدراهم في نقد البلد فمن نذرها يلزمه المجازات.
2 - المنقولات العرفية كمن نذر المشي إلى بيت الله تعالى يلزمه حجة أو عمرة ماشيا والخيار إليه وليس كناية لأن حقيقته مطلق المشي وليس بمراد على أن إرادتهما معا في الكناية أيضًا ممنوع كما مر أو أن يضرب بثوبه حطيم الكعبة إهداء ثوب استحسانا فيهما وفي القياس لا شيء عليه إذ ليس من جنسهما واجب شرعا والعرف مخصوص بالمشي المضاف إلى الكعبة أو بيت الله أو مكة فالمشي إلى الحرم والمسجد الحرام ليس كذلك عند الإمام لذلك منه لزوم ذبح الهدي بالحرم بقوله علي أن أذبح الهدي ولزوم ذبح الشاة بقوله علي أن أنحر ولدي أو أذبحه أو أضحية عند الطرفين.
3 - أمثلة الحقائق المعذرة السالفة التي بالحس عرف تركها من آكل النخلة والقدر والدقيق ورب ماء البئر الغير المملوءة.
4 - أمثلة الحقائق المهجورة التي عرف بالحس أو الشرع عرف هجرها من وضع القدم والتوكل بالخصومة وعدم كلام هذا الصبي.
وما بدلالة العادة فعلا ومنه استحالة صدور الفعل عن الفاعل المذكور عادة في نحو هزم الأمير ونبى الوزير وكسا اتخلفية وذلك نحو وقوع لا يأكل رأسا على المتعارف كرأس البقر والغنم عنده والغنم فقط عندهما لا رأس الجراد والعصفور وهو فيهما حقيقة وبيضا على بيض الإوز والدجاج.
وفي المبسوط بيض الطير مطلقا أي ما له قشر ويؤكل لا بيض السمك وطبخا أو شواء على اللحم المطوخ أو مائه لا المقلي ولا البيض والباذنجان والسلق والجزر استحسانا في الكل للتعود عليهم إذا نوى الكل والتمثيل بهذه لصرف اللفظ عن بعض الأفراد التي هي حقائق وعن هذا مر أن المخصص كالمجاز أو على مذهب الكرخي أن المخصص مجازا أو لغاية تقاربهما بفهم حال أحدهما من مثال الآخر.
والثانى أيضًا قسمان:
ما بدلالة اشتقاق اللفظ نحو لا يأكل لحما لا يقع على لحم السمك خلافا لمالك فإنه

(2/178)


حقيقة فيه لقوله تعالى: {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: 14] ولذا لا يصح نفيه منه قلنا لما عنا الشدة بدلالَة التحامَ الحرب والجرح والملحمة وهي بالدم ولا دم فيه ولذا يعيش في الماء ويحل بلا زكاة لم يتناوله مطلقه ولذا لا يطلق على لحم السمك إلا مفيدا ومنه الآية فإنها دليل أنه فرد منه في الجملة لا إرادته من مطلقه وكذا على الجراد إذ لا دم له ولذا لا يذبح ولا يرد لحم الخنزير والأدمى على ما في المبسوط أنه يحنث بهما لأن الإضافة فيهما للتعرف كلحم الطير لا للتقييد ومدار الفرق وجود الشدة الدموية وعدمها.
وما بدلالة إطلاقه فإن شأن المطلق أن ينصرف إلى الكامل في الحقيقة ككل مملوك لا يتناول المكاتب بنت مولاه بموت المولى أما الرقبة في قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] فيتناوله لكمال رقه وأنه عبد ما بقى عليه درهم ولذا يقبل الفسخ لا يتناول لا الشلاء والعمياء لهلاكهما من جهة فوت المنفعة والمدبر وأم الولد عكسه في هذه الأحكام فيتناولهما المملوك لا الرقبة لأن في التحرير إزالة الرق عنده ونفسها عندهما فيستدعى كماله وكذا كل امرأة لا يتناول المبتوتة ولو في العدة إلا بالنية ومطلق الصلاة صلاة الجنازة وإدراجها في: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 6] بالإلحاق الإجماعي.
ثم هذا يقتضى كمال حقيقته القوية في القوة ومنه ما يقتضي كمال حقيقته الضعيفة في الضعف نحو لا يأكل فاكهة لم يحنث عند الإِمام بأكل الرمان والعنب والرطب إلا إذا نوى وقالا وهو قول الشافعي - رحمه الله - يحنث كالتين لتناوله بل الكامل أولى كالطرار قلنا لما أنبأ عن التنعيم الزائد على التغذى وهو بالتبعية لا الغذائية والدوائية انصرف إلى الكامل فيها وهو القاصر فيها فإنهما تغيران التفكه والطر يقرر أمر السرقة والحق تخريجه من كماله لا من نقصانه كما زعم وإلا يلزم أن ينصرف بعض المطلق إلى الناقص.
قال المتأخرون ينبغى أن يحنث في عرفنا اتفاقا ومثله لا يأكل إذا ما يقع على ما يصطبغ الخبز به كالملح والخل لا على اللحم والبيض والجبن خلافا لهما لأن الموآدمة الموافقة والتبعية وللحديث في الثمرة وخصص ما يؤكل وحده لا تابعا غالبا كالبطيخ والتمر والعنب بخلاف تلك.
قلنا كمال الموافقة والتبعية فيما يختلط به ولا يحتاج إلى تجديد الحمل والمضغ والابتلاع فلا يتناول مطلقه القاصر فيها فإن كان كاملا من جهة أخرى والحديث مع أنه مقيد في دليل فرديته فقط وعن أبي يوسف روايتان والفرق على إحديهما شيوع إطلاق الفاكهة على تلك لا الإدام على هذه وقوله أشتري جارية لخدمني فاشترى الشلاء أو العمياء أو جارية أطأها فأشترى أخته من الرضاع لا يجوز.

(2/179)


والثالث: أيضًا قسمان ما بسياقه المتقدم وسياقه المتأخر وقد يطلق السياق عليهما نحو: [فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ] [الكهف: 29] ترك حقيقة الأمر بتعليقه بالشية وكذا من شاء فليكفر بذلك وهذا سياق وبقوله {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا} [الكهف: 29] وهذا سياق وحمل الثاني على الإنكار والتوبيخ على فعله والأَولَ عَلى تركه.
ومنه جمعهما في {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت: 40] للسياق.
ومن المسائل قوله للمستأمن أنزل فأَنت آمن أمان وإن قارنه ستعلم ما تلقى أو إن كنت رجلًا ليس به فلو نزل صار فيئًا وكذا طلق امرأتى أو افعل كذا إن كنت رجلًا أو إن قدرت ليس توكيلا ونعم لك على ألف درهم ما بعدك ليس إقرارا والكل توبيخ بالسياق عرفا.
والرابع: أيضًا قسمان ما بدلالة حال المتكلم الثابتة قبل الكلام عقلا نحو: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} [الإسراء: 64] أي حرك بوسوستك لما استحال صدور الأمر بالمعصية منه لكوَنه حَكيما لا يأمر بالفحشاء لا لكونها غير أصلح حمل على الأقدار الظاهري الذي هو منح الأسباب والألات السليمة فإنه لازم الإيجاب لا مسببه كما ظن أو عادة نحو انبت الربيع وشفى الطيب وسرتني رؤيتك من الموحد.
وما بدلالة حاله الثابتة عند الكلام عادة ككونه مجيبا فيمن دعا إلى غذاء فحلف لا يتغذى وامرأة قامت للخروج فيقال لئن خرجت ينصرف إلى ذلك الغذاء والخروج مع أن الفعل نكرة في سياق النفى ولا خلاف في عمومه إلا بحسب المفعولات ونحوها مما هي شرط الوجود لا الفهم ويسمى يمين الفور سبق بإخراجه أبو حنيفة - رحمه الله - أخذًا من حديث جابر وابنه حيث دعيا إلى نصرة الإِسلام فحلفا أن لا ينصراه ثم نصراه بعد مدة ولم يحنثا وكان يقال قبله اليمين مؤبدة أو مؤقتة فأخرج قسما ثالثا هو مؤبدة لفظا مؤقتة معنى.
ومنه ما وكل بشراء اللحم يتقيد بالني مقيما وبالمطبوخ والمسوى مسافرا أو بشراء فرس أو خادم يتقيد بحال الأمر أدلى أو أعلى.
والخامس: قسم واحد هو كلام لولا ما فيه من التجوز لما صدق فيقيد تجوزا بما يقتضيه محله فالصارف صدقة والمعين للمجاز محله فلذا جاز أن يقال بدلالة حال الكلام أو محله وقد ظن أن نحو اليمين بأن لا يأكل النخلة منه لأنها لا تقبل إلاَّكل وهو بعض الظن وإلا لكان كل من الحقائق المتعذرة المهجورة عرفا أو شرعا ونحو أنبت الربيع البقل كذلك.

(2/180)


منه: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} [فاطر: 19] أي في الإدراك البصري، {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [الحشر: 20] أي في الفوز بالسباق فلا ينافيه قصاص المسلم بالذمي ومساواة ديتهما وتملك الحربي بالاستيلاء كما ظنه الشافعي - رحمه الله- كما في الآية الأولى لأن الفعل وإن عم لكونه نكرة في سياق النفي فحقيقته عموم النفي لا نفي العموم كما وهم لكنه خص ضرورة صدقه بما يقتضيه محله وهذا أحد الوجوه السالفة في تحقيقه.
ومنه: أن كاف التشبيه قد يفيد إطلاقه بعد أنه لا يوجب العموم إلا إذا دخل في العام واحتمله محله وقد مر.
ومنه: الأعمال بالنيات ورفع عن أمتي الخطأ والنسيان، أي حكمها أي ما صدق عليه حكمها وقد مر مرتين.
تنبيه: مر بحث تحريم الأعيان وما بينه وبين تحريم الأفعال تحصيل قد يعتذر الحقيقة والمجاز معا كقوله لأمر إنه المعروفة النسب تولد لمثله أو لا هذه بنتي لا تحرم وإن أصر إلا أن القاضي يفرق بينهما عند الإصرار لكونها كالمعلقة كما في الجب والعنة خلافا للشافعي فيما يولد لمثله لأن ملك النكاح أضعف من ملك اليمين والأولاد أنس له منه فينتفي بذلك بالأولى.
قلنا: تعذر الطريقان فيه أما الحقيقة ففي الآسن ظاهر وكذا في غيره أما في حق ثبوت النسب فلأنه مطلقا وفي حق كل الناس إبطال حق من اشتهر منه وفي حق نفسه فقط لأن الشرع كذبه وتكذيبه ليس أدلى من تكذيب نفسه فقام مقام رجوعه والإقرار بالنسب مما يحتمل الرجوع.
وأما في حق التحريم لكونه لازما وموجبا للبناة لا لكونه مرادا مجازا إذ الكلام في الحقيقة فلان الملزوم لو بطل كما قلنا يبطل اللازم ببطلانه كبطلان العتق لبطلان شراء الابن ولو صح ولم يتأت ما قلنا في بطلانه كما في مجهولة النسب فإن المذكور في المبسوط وإشارات الأسرار أنها أيضًا لا تحرم فلما لا تحرم أو كان مجازا عن التحريم في الآسن وغيره وهو أنه على تقدير ثبوته تحريم يتوقف على النكاح السابق فإن هذا القول للأجنبية المعروفة النسب أو المكذبة لغو وكل تحريم يتوقف عليه لا يكون منافيا ومبطلا لانعقاده وإلا لكان مبطلا لنفسه كالتطليق والتحريم اللازم من البنتية مرادا كان أو موجبا ينافيه فهذا مما لا حقيقة له فلا يصار إلى مجازه اتفاقا نحو أعتقتك قبل أن لخلق أو لعبدته هذه بنتي بخلاف قوله لعبده الاسن وغيره هذا ابني فإن العتق لا ينافي تلك اليمين بل قد

(2/181)


يتوقف عليه كما في شراء الابن هذا أقصى ما فهمته من كلام فخر الإِسلام عامله الله بكامل كرمه.
بقى أنه إذا لم يتأت ما قلنا في معروفه النسب فأي دليل على عدم ثبوت النسب يشملها والمجهولة التي تولد لمثله والأجنبية المكذبة مطلقا وهو ما مر أن حل المحلية حقها الثابت شرعا كرامة لها ولذا يزداد بحريتها وينتقض برقها فلا يملك الزوج إبطاله إقرارًا عليها ومنه يعلم أن تكذيب الشرع ليس لثبوت النسب من غيره بل أعم منه وأن ذكر التحريم اللازم ليس قبيحا وأن دليله ليس بطلان الحقيقة مطلقا إذ لم يعلم ذلك بعد كما ظن كل منهما.