فصول البدائع في أصول الشرائع الفصل الخامس: في
وجوهه بين المنقولين
وفيه أصناف:
الأول ما بحسب السند ولها
أربعة موارد
الأول الراوي ورجحانه إما
في نفسه وفيه وجوه.
1 - الفقه لاطلاعه بالبحث على ما يزيل الإشكال.
وقيل ذلك فيما يروى بالمعنى والأصح إطلاقه.
2 - علم العربية وقيل يعتمد على لسانه فلا يبالغ في حفظه
والأول أولى لتحفظه عن مواضع الغلط.
3 - زيادة فقهية أو عربية.
4 - ظهور عدالته.
5 - معرفة عدالته بالخبرة لا بالخبر.
6 - أشهرية ضبطه أو عقله أو ورعه.
7 - حسن اعتقاده بخلاف المبتدع.
8 - اعتماده على الحفظ وتذكر السماع لا على الخط والنسخة قال
الأرموى رحمه الله وفيه احتمال.
9 - زيادة الضبط.
10 - قلة النسيان فيعارض الأشد ضبطًا الأقل نسيانًا.
11 - جزمه فيما يرويه.
12 - سلامة عقله دائمًا.
(2/462)
13 - كثرة ملازمة أهل الحديث.
14 - عمله برواية نفسه.
15 - مباشرته بمورد الحديث.
16 - مشافهته.
17 - قربه عند السماع.
18 - نقله من أكاابر الصحابة.
19 - كونه غير مدلس.
20 - كونه غير ذى اسمين.
21 - كونه غير ذى رجال تلتبس بالضعفاء في الأسماء.
22 - كونه مشهور النسب.
23 - كونه غير راو في الصبا.
24 - كونه غير محتمل فيه.
25 - معلومية أنه لا يروى إلا عن عدل.
26 - كونه صاحب الواقعة.
قال ابن الحاجب رحمه الله وكونه متقدم الإِسلام والبيضاوى
وتأخر إسلامه فوافق بأن الأول فيما علم اتحاد زمان روايتهما
لثبات قدم الأقدم في الإِسلام والثاني فيما علم موت المتقدم
قبل إسلام المتأخر أو أن أكثر روايته قبل إسلام المتأخر
والغالب كالمتحقق أو أن روايته هذه قبل رواية المتأخر وذلك
لنسخها بها كما تقدم من المتقاربين في الإِسلام من يعلم أن
سماعه بعد الإِسلام فهذه أكثر من ثلاثين وإما في تزكيته وجهان:
1 - عدلية مزكى أحدهما أو أوثقيته أو بحثيته عن أحوال الناس لا
أكثريته ويتضمن وجوهًا:
2 - التزكية بتفصيل أسباب العدالة ثم بالإجمال بصريح المقال ثم
بالحكم بشهادته ثم بالحمل بروايته لأن الاحتياط في الشهادة
أكثر فيتضمن وجوهًا.
المورد الثاني: الرواية وفيه وجوه
1 - الاتفاق في رفعه.
2 - نسبته قولًا لا اجتهادًا كما يقال وقع عنده فلم ينكر.
3 - ذكره سبب النزول.
4 - روايته بلفظه.
(2/463)
5 - علو إسناده أي قلة رواته.
6 - كونه معنعنا لا مسندًا إلى كتاب معروف ولا ثابتًا بطريق
الشهرة بلا كتاب.
7 - كونه مسندًا إلى كتاب لا مشهورًا.
8 - كونه مسندًا إلى كتاب عرف بالصحة كالصحيحين لا إلى ما لم
يعرف كسنن أبي داود.
9 - قرب الإرسال فإن مرسل الصحابي أولى لقبوله اتفاقًا ثم مرسل
التابعى من مرسل من بعده أما الإرسال فأولى من الإسناد عندنا
وعند الشافعية بالعكس وعند عبد الجبار يستويان.
لنا أولًا أن الثقة لا يقول: قال النبي عليه السلام إلا إذا
قطع بقوله.
وثانيًا قول الحسن رضي الله عنه إذا حدثني أربعة نفر من أصحاب
رسول الله قلت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجاب
الأرموي عنهما بأن ظاهره الجزم ولا جزم هنا فيحمل على ظنه أنه
قال ففيه مجرد ظنه وفي المسند يحصل الظن في جميع الرواة وفرق
في الإرسال بين قال رسول الله وبين عن رسول الله لأنه في معنى
روي وليس شيء بشىء أما الأول فلأن المراد بالجزم القدر من الظن
المصحح للنسبة ولا ثم حصوله عند التصريح بالإسناد المجمل
للعهدة وأيضًا فيه ظنون جميع الرواة بوجه ضمني أقوى.
وأما الثاني فلأن عدم التصريح بمن يتحمل العهدة تحمل لها ولا
فرق في ذلك بين العبارتبن وأجيب أيضًا باحتمال أن يكون قطعة عن
اجتهاد خطأ في عدالة الراوي ولا تقليد للمجتهد فلا بد من ذكر
الرواة ليجتهد في عدالتهم وقد لا يعلم المرسل جرح الراوي ويعلم
هو.
قلنا على أن الاحتمالات البعيدة لا تدفع الظهور وإلا لم يعتبر
ظن صدق شيخه عند الإسناد أيضًا لا يفيد الأولوية بل يقتضي أن
لا يصح قبوله إلا بعد الاجتهاد في راو وراو لم يكن للعلم بأن
الشيخ لا يروى إلا عن عدل أثر وليس كذلك لأن الاتباع لغلبة ظن
الصديق لا سيما من المجتهد لا يسمى تقليدًا كما مر مرة وأما
قراءته على الشيخ فأولى من العكس عندنا خلافًا للشافعية وقد مر
وأما قولهم المتواتر أولى من المسند فليس من باب الترجيح إذ
المراد إما المتواتر القطعي الدلالة فلا يعارضه شيء أو الظني
الدلالة فلا نعلم أولويته بل ربما يرجح المسند كما يخصص العام
المخصوص من الكتاب بالخبر والقياس والتخصيص بطريق التعارض.
(2/464)
المورد الثالث
المروى: وفيه وجوه
1 - أنه مسموع فقوله سمعته أولى من قال النبي عليه السلام.
2 - أنه جرى عند الرسول وسكت لا أنه سمع وسكت.
3 - أنه صيغة واردة منه عليه السلام لا أن الراوي فهمه وأداه
بعبارته.
4 - غرابته فيما لا يعم به البلوى عليها فيما يعم به إن قبل
للاختلاف في قبول الثاني.
5 - فصاحة لفظ الخبر لا مزيد فصاحة في الأصح.
المورد الرابع المروى عنه
كما بما لم يثبت لرواية الأصول إنكار له أو ما لم يقع للناس
إنكار لرواته وأكثر النقول يساعد الأول.
الصنف الثاني: ما بحسب المتن
منها ما يقدم من رجحان المنفرد على المشترك والعام الغير
المخصوص على ما خص منه وغير المأمول عليه لا الخاص على العام
بل يتعادلان خلافًا للشافعية وكذا المطلق والمقيد ومن المحكم
ثم المفسر ثم النص ثم الظاهر على الخفى ثم المشكل ثم المجمل
على المتشابه ومن الحقيقة على المجاز بحسب كل قسم حتى الحقيقة
المستعملة على المجاز المتعارف لا بالعكس خلافًا للإمامين
والمجاز المتعارف على الحقيقة المتعذرة أو المهجورة والمجاز
على المشترك.
وقيل بالعكس ومن الصريح على الكناية ومن العبارة ثم الإشارة ثم
الدلالة على الاقتضاء والواضحة من الإشارة والدلالة على
الغامضة والمستغنى عن الإضمار ثم المحذوف على المتقضى لأنه
كالمنطوق فهذه أكثر من عشرين.
ومنها وجوه أخر:
1 - النهى على الأمر لأن دفع المفسدة أهم.
2 - الأمر على الإباحة في الصح للاحيتاط.
وقيل بالعكس لوحدة معناها وكثرة معاني الأمر ويسرها واشتمالها
على مقصود الفعل والترك ولا شك في أولوية الأول فيما أصله
الاحتياط.
3 - النهى المحتمل كالمتحقق على الإباحة وعليه الكرخي وعند
عيسى بن أبان وأبى هاشم سيان.
لنا قوله عليه السلام "ما اجتمع الحرام والحلال إلا وقد غلب
الحرام على الحلاله.
وقوله عليه السلام: "دع ما يريبك" الحديث وإن عثمان رجح
التحريم في الأختين المملوكتين ولأن تطليق إحدى النساء وإعتاق
إحدى الإماء عند النسيان يحرم الكل ولأنه
(2/465)
أحوط فإن ترك المباح أولى من فعل الحرام.
لهم ما مر من فوائد الإباحة ولا ريب في عدم انتهاضها.
4 - أحد المجازين يقربه ثم الحقيقة وشهرة علاقته وقوتها كمن
السبب إلى المسبب على عكسه للاستلزام وقرب قوتها من الاعتبار
باجتماع القوة الجنسية والنوعية كمن السبب الغائى فإن صحة
الانتقال فيه من الطرفين اتفاقية كما مر ويرجحان أمارة مجازيته
متفاوتة قبولا وردًا وظهورًا وخفاء ما مر والأشهر مطلقًا أي
لغة وعرفًا وشرعًا ثم المستعمل شرعًا في معناه اللغوى ثم
الشرعي على غيره ثم العرفي على اللغوى فيتضمن تسعة عشر وجهًا
في المجاز.
5 - معدد جهات الدلالة على الأقل بعد ترجيح ما مع المطابقة ثم
التضمن على الالتزام.
6 - الاقتضاء لضرورة الصدق لأنه أقرب إلى العبارة.
7 - الإيماء لانتفاء العبث والحشو في كلام الشارع لكونه إشارة
واضحة راجح عليه لترتيب حكم على وصف.
8 - المؤكد على غيره كان بالتكرار وغيره.
9 - التأسيس على التأكيد.
10 - الدال على المقصود بلا واسطة.
11 - المذكور معارضه معه كأحاديث كنت نهيتكم فهذه ثلاثون
ومجالها أوسع منها.
الصنف الثالث: ما بحسب المدلول
وفيه وجوه
1 - الحظر على الإباحة في الأصح.
وقيل بالعكس لئلا يفوت مصلحة اعتقدها المكلف في الفعل والترك
وإذ لو قدم الإباحة لكان إيضاح واضح هو الجواز الأوصلي وليس
شىء بشىء لأن اعتقاده ربما يكون خطأ فالمصلحة الصحيحة فيما
عينه الشرع من الترك في النهى والفعل في الوجوب ولأنه لو عمل
بالإباحة لزم كمرة النسخ والتغيير على أن المحرم يعادل الموجب
الراجح على المبيح.
2 - الحظر على الندب كالوجوب عليه وعلى الكراهة الكل للاحتياط.
3 - مر بحث النفي والإثبات.
4 - درء الحد على إيجابه للحديث ولأنه ضرر خلافًا للمتكلمين
5 - قال الكرخي الإطلاق والعتق على عدمها لأن الأصل عدم القيد.
(2/466)
وقيل بالعكس لأن هذا النزاع فيما بعد ثبوت
الزوجية والرق فالأصل هما لأن دليل صحتهما مرجح على نافيها وهو
الأصل وهذا يوافقه والأصح الأول لأن الموجب محرم للتصرف
والنافى مبيح والحظر أولى من الإباحة ولأن دليل الطلاق والعتق
فيما بعد ثبوت الزوجية والرق هو المثبت فيرجح على النافي لأن
النفي هنا مما لا يعرف بدليله لاستبداد المالك بهما بخلاف
النزاع في صحة الزوجية والرق فإن المثبت ثمة دليل صحتهما ولذا
قلنا يرجحان بينة الحرية الأصلية بعد ثبوت الرق لا قبله وقيل
مطلقًا لأن حر الأصل ذو يد لنفسه والحرية الأصلية بعد ثبوت
الرق لا قبله وقيل مطلقًا لأن حر الأصل ذو يد لنفسه والحرية
الأصلية سبب غير متكرر كالنتاج.
6 - التكليفى على الوضعى لأنه المقصود والمحصل للثواب.
وقيل الوضعى لأنه لا يتوقف على فهم وقدرة.
7 - الأخف على الأثقل لنفى الحرج وقيل بالعكس لكثرة الثواب.
8 - المقرون بالتهديد فهذه أكثر من عشرة.
الصنف الرابع ما يحسب الخارج وفيه وجوه:
1 - موافقة عمل السلف أو أكثرهم أو الخلفاء الأربعة أو أهل
المدينة أو عمل الأعلم فهذه خمسة.
2 - أحد المؤولين لرجحان تأويله.
3 - التعرض لعلة الحكم حتى قيل في ترجيح العمومات المفهوم من
صريح شرط لا كالمتبدأ المتضمن لمعناه راجح على النكرة في سياق
النفي والجمع المستغرق المحلى والمضاف لدلالته على التعليل ثم
الجمع المحلى والموصول على المفرد المحلى لكثرة الاستغراق ثمة
والعهد هنا.
4 - أحد العامين في مورده والآخر في غير ذلك المورد للخلاف في
تناول الأول إياه.
5 - مثله عام المشافهة فيمن شوفهوا به مع العام الآخر.
6 - عام لم يعمل به أصلا على ما عمل لئلا يلغو.
وقيل بالعكس لقوته باتصال العمل.
7 - العام الأقرب بالمقصود.
8 - الخبر الذي فسره راويه قولًا أو فعلا.
9 - النص الذي معه قرينة التأخر لدلالتها على الناسخية كتأخر
إسلام راويه كما هو وتضيق تاريخه نحو ذى العقدة من سنة كذا
بخلاف سنة كذا والتشديد فيه فإن
(2/467)
التشديدات جاءت حين ظهر شوكة الإِسلام وكذا كل ما يشعر بشوكته
ويتضمن أكثر من عشرين. |