كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي ط العلمية

"الخفي"
فالخفي اسم لكل ما اشتبه معناه وخفي مراده بعارض غير الصيغة لا ينال إلا بالطلب, وذلك مأخوذ من قولهم اختفى فلان أي استتر في مصره بحيلة عارضة من غير تبديل في نفسه فصار لا يدرك إلا بالطلب وذلك مثل النباش والطرار, وهذا في مقابلة الظاهر.
ـــــــ
"قوله ما اشتبه معناه وخفي مراده" قيل ما اشتبه معناه من حيث اللغة وخفي مراده أي الحكم الشرعي كما أن معنى السارق لغة, وهو آخذ مال الغير على سبيل الخفية اشتبه في حق الطرار والنباش, وكذا حكمه, وهو وجوب القطع خفي في حقهما. والأشبه أنهما ينبئان عن معنى واحد بمنزلة المترادفين; ولهذا لم يذكر الأول في المختصر والتقويم, بعارض غير الصيغة أي خفي بسبب عارض لا أن يكون اللفظ خفيا في نفسه فإن آية السرقة ظاهرة في كل سارق لم يعرف باسم آخر ولكنها خفية في الطرار والنباش لعارض اختصاصهما باسمين آخرين يعرفان بهما واختلاف الأسماء يدل على اختلاف المعاني فبعدا بهذه الواسطة عن اسم السرقة; فلهذا خفيت الآية في حقهما, "وقوله لا ينال إلا بالطلب" تأكيد. وفي قوله, وذلك أي الخفي مثل الطرار والنباش تسامح; لأنهما ليسا بخفيين بل آية السرقة خفية في حقهما ولكن لما حصل المقصود, وهو فهم المعنى لم يلتفت الشيخ إلى جانب اللفظ, والأولى أن يقال, وذلك مثل آية السرقة في حق الطرار والنباش كما ذكر هو في شرح التقويم وغيره في تصانيفهم, ويجوز أن يكون ذلك إشارة إلى العارض أي العارض الذي صارت الآية خفية بسببه مثل اسم الطرار والنباش ولكن فيه بعد, وذكر شمس الأئمة بعارض في الصيغة مكان قول المصنف بعارض غير الصيغة وعنى به أن الخفاء في الصيغة, وهو السارق مثلا بالعارض, وهو ما ذكرنا لا أن يكون أصله خفيا فيكون موافقا لما ذكره الشيخ رحمه الله, وقيل المراد من الصيغة في كلام المصنف نظم الآية والمراد منها في كلام شمس الأئمة صيغة الطرار والنباش مثلا ولا اختلاف إذا بين كلاميهما ولكن الوجه هو الأول.

(1/82)