كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي ط العلمية

خاتمة الكتاب
قال العبد الضعيف أدام الله عليه عافيته وختم بالخير عاقبته هذا آخر ما يسر الله لي من شرح مشكلات هذا الكتاب وكشف معضلاته ووفق لي على حل عقده وفسر مجملاته فبذلت مجهودي في تصحيح ألفاظه وتنقيح معانيه وأنجزت موعدي في تشييد قواعده وتمهيد مبانيه واجتهدت في إيضاح ما استبهم من خفاياه بتفسير كاشف عن أسرارها وبالغت في إفصاح ما استعجم من خباياه ببيان رافع لأستارها بعد مطالعات طويلة لكتب المحققين من السلف ومراجعات كثيرة إلى المدققين في فحول الخلف في طلب ما يزيل الإغفال وتحصيل ما يزيح الإشكال. وقد كان يهجس في قلبي ويدور في خلدي من قديم الدهر أن أكتب لهذا الكتاب شرحا شافيا ينتفع به المتنبه المبتدئ ويرجع إليه المنبه المنتهي وكان يثبطني عن ذلك قلة البضاعة ويمنعني عنه عرفاني أني لست من أهل هذه الصناعة حتى أفضى به قضاء الله وقدره إلى أن شرعت في هذا الأمر الذي يحار فيه نحارير العلماء ويقصر دونه خطو الفصحاء والبلغاء فتيسر لي هذا الأمر العظيم بفضل الله وطوله واستتم هذا الخطب الجسيم بقوته وحوله ووصلت إلى ما قصدت ببره وإحسانه ووفيت بما عليه عقدت بجوده وامتنانه فبرز مصنفي هذا خريدة حسناء أرسلتها إلى خطابها وفريدة زهراء أهديتها إلى طلابها وتحفة للأصحاب أبهى من الدر والجوهر وهدية إلى الأحباب أزكى من المسك والعنبر لاحتوائه على حقائق المعاني الفقهية وانطوائه على دقاق اللطائف الملية واطلاعه على خفيات لم يفطن قبل بمسالكها ومناهجها وإبرازه عن مهمات لم يفطن بمداخلها ومخارجها فمن أحاط بما ضمن فيه من اللطائف الغريبة وأتقن ما بين فيه من الطرائف العجيبة تبين له في الخطاب منهاج التحقيق وسهل عليه في تخريج الصعاب سلوك مسالك التدقيق. وهذا وإني وإن بذلت طاقتي في التهذيب والتنقيح وحرفت همتي إلى التوضيح والتصحيح متيقن بأن غيري قد يطلع ما أخفي علي من معنى أدق ووجه أحق وتفسير أوضح وتقرير أفصح ومعترف بأن بعض الآحاد فضلا عن الأفراد قد يقف فيه على عثرات أو يعثر على زلات فإن التصون عن الخطأ والخلل في التصنيف والتحرز عن الهفوة والزلل في التأليف نجزت

(4/570)


عن إحاطته القوى والقدر ويعجز عنه كافة البشر إلا من اختص بالهداية إلى مسالك الرشد والسداد والوقاية عن مهالك الغي والفساد فالمتوقع ممن نظر فيه وعثر على ما لا يرتضيه أن يكون عاذرا لا عاذلا وناصرا لا خاذلا فيسعى في إصلاح ما عثر عليه من الفساد متجنبا في ذلك طريق التحاسد والعناد راجيا حسن الثواب من الملك العزيز الوهاب. وأسأل الله العظيم الذي شمل إحسانه كافة البرايا والرب الكريم الذي عم غفرانه جميع الذنوب والخطايا أن يجعل ما قاسيت في هذا التصنيف وعانيت في هذا التأليف موجبا للثناء الجميل في الدنيا وسببا للثواب الجزيل في العقبى وأن يحفظنا من اختلال الآراء ويعصمنا من اتباع الأهواء وأن يجعل مطرح أبصارنا كمال ذاته ومسرح أفكارنا جلال صفاته ويصيرنا من الذاكرين لقسمه والشاكرين لنعمه ويجعل مراتعنا رياض اليمن والكرامة ومشارعنا حياض الأمن والسلامة بفضله ورحمته ومنه ورأفته إنه أرحم الراحمين وأكرم الغافرين وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين.

(4/571)