مختصر التحرير شرح الكوكب المنير

فصل فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا يعم أقسامه وجهاته
...
فَصْلٌ فِعْلُ 1 النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَعُمُّ أَقْسَامَهُ وَجِهَاتِهِ:
"فِعْلُهُ" أَيْ فِعْلُ1 النَّبِيِّ "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُثْبَتِ وَإِنْ انْقَسَمَ إلَى جِهَاتٍ وَأَقْسَامٍ لا يَعُمُّ أَقْسَامَهُ وَجِهَاتِهِ2" لأَنَّ الْوَاقِعَ مِنْهَا3 لا يَكُونُ إلاَّ بَعْضَ هَذِهِ الأَقْسَامِ4.
مِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى دَاخِلَ الْكَعْبَةِ5 فَإِنَّهَا احْتَمَلَتْ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لا يُتَصَوَّرُ أَنَّهَا فَرْضٌ وَنَفْلٌ مَعًا، فَلا يُمْكِنُ الاسْتِدْلال بِهِ عَلَى جَوَازِ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ دَاخِلَ الْكَعْبَةِ، فَلا يَعُمُّ أَقْسَامَهُ6
ـــــــ
1 ساقطة من ش ع ض.
2 انظر هذه المسألة في "مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/118، جمع الجوامع والمحلي عليه 1/424، المعتمد 1/205، المستصفى 2/63، الإحكام للآمدي 2/252، 253، المحصول ج1 ق2/648، فواتح الرحموت 1/293، تيسير التحرير 1/247، مختصر البعلي ص111، إرشاد الفحول ص125، اللمع ص16".
3 في ش: فيها.
4 انظر: المستصفى 2/63، الإحكام للآمدي 2/252.
5 روى مالك والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه والبغوي عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وبلال بن رباح فأغلقها ومكث فيها، قال عبد الله بن عمر: فسألت بلالاً حين خرج ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: جعل عموداً عن يساره، وعموداً عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه، وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة، ثم صلى".
"انظر: صحيح البخاري 1/98، 3/83، صحيح مسلم 2/966، سنن النسائي 5/171، سنن ابن ماجه 2/1018، بدائع المنن 1/65، المنتقى 3/34، شرح السنة 2/331".
6 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/118، المحلي على جمع الجوامع 1/425، المستصفى 2/64، الإحكام للآمدي 2/252، المحصول ج1 ق2653، التلويح على التوضيح 1/271، فواتح الرحموت 1/293، تيسير التحرير1/247، شرح الورقات ص104، إرشاد الفحول ص125، مباحث الكتاب والسنة 156، مختصر البعلي ص111.

(3/213)


وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ فِي السَّفَرِ1،لا يَعُمُّ وَقْتَيْهِمَا2 أَيْ وَقْتَ الصَّلاةِ الأُولَى وَوَقْتَ الصَّلاةِ الثَّانِيَةِ، فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ وُقُوعَهُمَا فِي وَقْتِ الصَّلاةِ الأُولَى وَيَحْتَمِلُ وُقُوعَهُمَا فِي وَقْتِ الصَّلاةِ الثَّانِيَةِ، وَالتَّعْيِينُ مَوْقُوفٌ عَلَى الدَّلِيلِ3، فَلا يعُمُّ4 وَقْتَيْ الأُولَى وَالثَّانِيَةِ، إذْ لَيْسَ فِي نَفْسِ وُقُوعِ الْفِعْلِ الْمَرْوِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِهِ فِي وَقْتَيْهِمَا5.
وَمِثْلُهُ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ6 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بَعْدَ غَيْبُوبَةِ7
ـــــــ
1 روى البخاري ومسلم ومالك وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارمي عن عبد الله بن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عجل السير جمع بين المغرب والعشاء، وفي رواية مسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "جمع بين الصلاة في سفرة سافرها في غزوة تبوك.. الحديث".
وروى أبو داود عن معاذ في غزوة تبوك: "فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء". ورواه النسائي عن أنس، ورواه أحمد عن ابن عباس.
"انظر: صحيح البخاري 1/193، صحيح مسلم 1/489 وما بعدها، سنن أبي داود 1/257، تحفة الأحوذي 3/121، سنن النسائي 1/121، الموطأ ص108 ط الشعب، مسند أحمد 2/4، 148، سنن ابن ماجه 1/340، سنن الدارمي 1/356، شرح السنة 4/192، نيل الأوطار 3/242".
2 في ض: وقتها.
3 ثبت ذلك بالدليل فيما رواه البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى العصر ثم نزل يجمع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب" ورواه الشافعي وأحمد وأبو داود والترمذي عن معاذ.
"انظر: صحيح البخاري 1/193، صحيح مسلم 1/489، سنن أبي داود 1/275، تحفة الأحوذي 3/121، بدائع المنن 1/117، مسند أحمد 2/150، نيل الأوطار 3/242".
4 في ش: تعم.
5 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/118، المحلي على جمع الجوامع 1/425، الإحكام للآمدي 2/253، المحصول ج1 ق2/648، اللمع ص17، شرح الورقات 105، مختصر البعلي ص112.
6 في ض ع ب: أنه.
7 في ش: غيوبة.

(3/214)


الشَّفَقِ1 فَإِنَّ صَلاتَهُ احْتَمَلَتْ أَنْ تَكُونَ بَعْدَ الْحُمْرَةِ، وَاحْتَمَلَتْ أَنْ تَكُونَ بَعْدَ الْبَيَاضِ، وَلا يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ2 بَعْدَهُمَا3.إلاَّ عَلَى رَأْيِ4 مَنْ يُجَوِّزُ حَمْلَ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ5.
"وَلا" يَعُمُّ "كُلُّ سَفَرٍ" كَسَفَرِ النُّسُكِ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ6 أَيْضًا7.
"وَ" لَفْظُ " كَانَ " لِدَوَامِ الْفِعْلِ وَتَكْرَارِهِ8، فَتُفِيدُ كَانَ "تَكَرُّرَهُ9" أَيْ تُكَرِّرَ10 الْفِعْلِ مِنْهُ، أَيْ فِي
ـــــــ
1 هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ومالك وأحمد بألفاظ مختلفة "بأنه صلى الله عليه وسلم صلى العشاء بعد غيبوبة الشفق".
"انظر: صحيح البخاري 1/74 المطبعة العثمانية، صحيح مسلم بشرح النووي 2/136، سنن أبي داود 1/99، تحفة الأحوذي 1/471، سنن النسائي 1/214، سنن ابن ماجه 1/219، الموطأ ص31 ط الشعب، مسند أحمد 1/333، 30، 4/416، 5/349".
وقد يفهم من المسألة "أنه صلى الله عليه وسلم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق" وهذا الحديث في الصحيحين، ولكن العلامة البناني والعلامة التفتازاني نصا على الأول في الاستدلال.
"انظر: البناني على جمع الجوامع 1/425، التفتازاني على مختصر ابن الحاجب 2/118، مباحث الكتاب والسنة ص157".
2 في ض ب: يكون.
3 في ض: بعديهما.
4 في ش: أي.
5 في ض ب: معنيين.
6 ساقطة من ش.
7 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/118، المستصفى 2/64، الإحكام للآمدي 2/253، المحصول ج1 ق2/652، فواتح الرحموت 2/652، تيسير التحرير 1/247، إرشاد الفحول ص125، مباحث الكتاب والسنة ص156.
8 في ش ع: وتكراره.
9 في ع ب: تكراره.
10 في ض ع ب: تكرار.

(3/215)


الدَّوَامِ1، كَمَا عُلِمَ تكر2ر إكْرَامُ الضَّيْفِ مِنْ قَوْلِهِمْ: كَانَ حَاتِمُ يُكْرِمُ الضَّيْفَ, فَلا يَعُمُّ ذَلِكَ جَمِيعَ جِهَاتِ الْفِعْلِ مِنْ حَيْثُ الْوَقْتِ كَمَا لا يَعُمُّ مِنْ3 حَيْثِيَّةِ غَيْرِ4 الْوَقْتِ5.
"وَلَمْ تَدْخُلْ الأُمَّةُ" أَيْ أُمَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "بِفِعْلِهِ 6" لأَنَّ فِعْلَهُ لَمَّا كَانَ لا عُمُومَ لَهُ فِي أَقْسَامِهِ، كَانَ7 كَذَلِكَ لا عُمُومَ لَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى أُمَّتِهِ "بَلْ" هُوَ خَاصٌّ بِهِ، وَاجِبًا كَانَ أَوْ جَائِزًا8.
ـــــــ
1 العلاقة بين هذه المسألة مع ما قبلها أنها استدراك للأولى، وذلك أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا يفيد العموم والدوام والتكرار، إلا إذا نقل الصحابي فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ "كان" فإن نقله كذلك فإنه يدل على الدوام والتكرار، عند الجمهور، ولذلك قال الشوكاني: "وأما نحو قول الصحابي كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل كذا فلا يجري فيه الخلاف المتقدم، لأن لفظ كان هو الذي دل على التكرار، لا لفظ الفعل الذي بعدها" "إرشاد الفحول ص125".
"وانظر: المسودة ص115، القواعد والفوائد الأصولية ص237، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/118، المحلي على جمع الجوامع 1/425، الإحكام للآمدي 2/253، شرح الورقات ص05، مختصر البعلي ص112".
2 ساقطة من ش، وفي ض ع ب: تكرار.
3 ساقطة من ش.
4 ساقطة من ش.
5 اختلف العلماء في مسألة "كان" هل تفيد التكرار أم لا على قولين، الأول: أنها تفيد التكرار، وهو ما ذكره المصنف، والثاني: لا تفيد التكرار ورجحه الإسنوي والفخر الرازي، قال الإسنوي: "لفظ كان" لا يقتضي التكرار، وقيل يقتضيه"، "نهاية السول 2/88". وقال الفخر الرازي: "فأما التكرار فلا.." "المحصول ج1 ق2/650" ونقل القاضي أبو يعلى القول الثاني في "الكفاية" ومن العلماء من قال: إنه يفيد التكرار في العرف.
"انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/118، المحلي على جمع الجوامع 1/425، تيسير التحرير 1/248، شرح تنقيح الفصول ص189 وما بعدها، فواتح الرحموت 1/293، نهاية السول 2/88، المحصول ج1 ق2/650"
6 في ش: في فعله.
7 ساقطة من ز ض ب.
8 انظر: مختصر ابن الحاجب 2/118، المستصفى 2/64، الإحكام للآمدي 2/253، فواتح الرحموت 293/1 التلويح على التوضيح 271/1،تيسير التحرير247/1، إرشاد الفحول ص125.

(3/216)


وَمَتَى وُجِدَ دُخُولُهَا فَهُوَ "بِدَلِيلٍ" خَارِجِيٍّ مِنْ "قَوْلٍ1" كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" وَ2 "خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ" 3 "أَوْ قَرِينَةِ تَأَسٍّ" كَوُقُوعِ فِعْلِهِ بَعْدَ خِطَابٍ مُجْمَلٍ، كَالْقَطْعِ4 بَعْدَ آيَةِ السَّرِقَةِ5، وَكَوُقُوعِهِ بَعْدَ خِطَابٍ مُطْلَقٍ، أَوْ بَعْدَ خِطَابٍ عَامٍّ "أَوْ قِيَاسٍ عَلَى فِعْلِهِ6".
وَاعْتُرِضَ بِعُمُومِ نَحْوِ "سَهَا7فَسَجَدَ "8 وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا أَنَا فَأَفِيضُ
ـــــــ
1 في ش: من قوله.
2 ساقطة من ز.
3 هذا جزء من حديث صحيح رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنسائي بألفاظ متقاربة عن جابر مرفوعاً.
"انظر: صحيح مسلم 2/1006، مسند أحمد 3/378، سنن أبي داود 1/456، سنن النسائي 5/219، مختصر سنن أبي داود 2/416".
4 روى الإمام مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع يد السارق في ربع دينار فصاعداً" وروى الجماعة ومالك والدارمي عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم"قطع سارقاً في مجن قيمته ثلاثة دراهم".
"انظر: صحيح البخاري 4/173، صحيح مسلم 3/1312 وما بعدها، سنن أبي داود 2/448، تحفة الأحوذي 5/3، سنن النسائي 8/69، 70، سنن ابن ماجه 2/862، مسند أحمد 2/6، 54، المنتقى 7/156، 159، سنن الدارمي 2/172، 173، نيل الأوطار 7/140".
5 آية السرقة هي قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} المائدة/38.
6 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/118، المستصفى 2/64، الإحكام للآمدي 2/253، فواتح الرحموت 1/293، تيسير التحرير 1/248، العدة 1/318.
7 ساقطة من ش.
8 هذا الحديث بهذا اللفظ رواه الطبراني في الأوسط عن عائشة رضي الله عنها أنه النبي صلى الله عليه وسلم: "سها قبل التمام فسجد سجدتي السهو قبل أن يسلم" وفيه عيسى بن ميمون مختلف في الاحتجاج به، وضعفه الأكثر، وروى الطبراني في الصغير عن ابن عباس قال: "صليت خلف أنس بن مالك صلاة سها فيها فسجد بعد السلام ثم التفت إلينا وقال: أما إني لم أصنع إلا كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع" وفيه مجاهيل.
"انظر: مجمع الزوائد 4/153-154".
وأحاديث السهو في الصلاة والسجود له كثيرة وصحيحة، منها حديث ذي اليدين في الصحيحين، وسبق تخريجه في "المجلد الثاني ص193".

(3/217)


الْمَاءَ"1.
وَرَدَ ذَلِكَ بِالْفَاءِ، فَإِنَّهَا لِلسَّبَبِيَّةِ2.
"وَالْخِطَابُ الْخَاصُّ بِهِ" أَيْ بِالنَّبِيِّ3 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوُ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} 4 وَنَحْوُهُ عَامٌّ لِلْأُمَّةِ عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، فَلا يَخْتَصُّ5 إلاَّ بِدَلِيلٍ يَخُصُّهُ6, وَمِنْهُ قَوْله
ـــــــ
1 هذا طرف من حديث صحيح رواه البخاري بهذا اللفظ عن جبير بن مطعم، ورواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد عن جبير بن مطعم مرفوعاً بألفاظ متقاربة، وروى الترمذي قريباً منه عن ميمونة.
"انظر: صحيح البخاري 1/57، صحيح البخاري 1/258، سنن أبي داود 1/55، سنن النسائي 1/170، تحفة الأحوذي 1/350، سنن ابن ماجه 1/350، مختصر سنن أبي داود 1/162، مسند أحمد 4/81، نيل الأوطار 1/290".
وانظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/118، الإحكام للآمدي 2/253.
2 أيد هذا الرد كثير من العلماء، وأن التعميم كان بأحد العوامل السابقة، قال العضد: "الجواب أن التعميم إنما كان بأحد ما ذكرنا "من قول أو قرينة أو قياس أو بالنص عليه بقوله" لا بصيغة الفعل" "العضد على ابن الحاجب 2/119"، وقال الآمدي: "أما تعميم سجود السهو فإنه إنما كان لعموم العلة، وهي السهو من حيث رتب السجود على السهو بفاء التعقيب، وهو دليل العلية" "الإحكام للآمدي 2/254".
"انظر: فواتح الرحموت 1/293، تيسير التحرير 1/249".
3 في ش: النبي.
4 الآية 1 من المزمل.
5 ساقطة من ش.
6 في ز: يخصصه.
وقال الإسنوي: "وظاهر كلام الشافعي في البويطي أنه يتناولهم" "نهاية السول 2/88"، وقال الغزالي: "وهذا قول فاسد" "المستصفى 2/65".
"وانظر: الإحكام للآمدي 2/260، البرهان 1/367، المحصول ج1 ق2/620، مختصر ابن الحاجب 2/121، المحلي على جمع الجوامع 1/427، فواتح الرحموت 1/281، تيسير التحرير 1/251، مختصر الطوفي ص91، إرشاد الفحول ص129، مختصر البعلي ص114، العدة 1/318".

(3/218)


تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك} 1.
وَالْقَائِلُونَ بِالشُّمُولِ لا يَقُولُونَ: إنَّهُ بِاللُّغَةِ، بَلْ لِلْعُرْفِ2 فِي مِثْلِهِ حَتَّى لَوْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ مِنْ بَابِ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ, وَلا يَقُولُونَ: إنَّهُمْ دَاخِلُونَ بِدَلِيلٍ آخَرَ، لأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، فَيَتَّحِدُ الْقَوْلانِ3.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَأَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ وَالأَشْعَرِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ: لا يَعُمُّهُمْ الْخِطَابُ إلاَّ بِدَلِيلٍ يُوجِبُ التَّشْرِيكَ، إمَّا مُطْلَقًا وَإِمَّا فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ بِخُصُوصِهِ مِنْ قِيَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ, وَحِينَئِذٍ فَشُمُولُ الْحُكْمِ لَهُ بِذَلِكَ لا بِاللَّفْظِ، لأَنَّ اللُّغَةَ تَقْتَضِي أَنَّ خِطَابَ الْمُفْرَدِ لا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ4.
وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِالْعُمُومِ بِقَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ} 5 فَعَلَّلَ
ـــــــ
1 الآية 1 من التحريم.
2 في ش: المعروف.
3 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/122، فواتح الرحموت 1/281.
4 وهذا قول التميمي وأبي الخطاب من الحنابلة، ونسبه ابن عبد الشكور للمالكية.
"انظر: فواتح الرحموت 1/281، تيسير التحرير 1/251، المستصفى 2/64، المحصول ج1 ق2/620، نهاية السول 2/88، مختصر ابن الحاجب 2/121، جمع الجوامع 1/427، الإحكام للآمدي 2/260، البرهان 1/367، مختصر البعلي ص114، إرشاد الفحول ص129، العدة 1/324".
5 الآية 37 من الأحزاب.

(3/219)


الإِبَاحَةَ بِنَفْيِ الْحَرَجِ عَنْ أُمَّتِهِ.وَلَوْ اخْتَصَّ بِهِ الْحُكْمُ لَمَا كَانَ عِلَّةً لِذَلِكَ وَأَيْضًا {خَالِصَةً لَك مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} 1 وَلَوْ كَانَ اللَّفْظُ مُخْتَصًّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّخْصِيصِ.
فَإِنْ قِيلَ: الْفَائِدَةُ فِي التَّخْصِيصِ2 عَدَمُ الإِلْحَاقِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ وَلِذَلِكَ رُفِعَ الْحَرَجُ3.
قُلْنَا4 ظَاهِرُ اللَّفْظِ مُقْتَضٍ لِلْمُشَارَكَةِ، لأَنَّهُ عَلَّلَ إبَاحَةَ التَّزْوِيجِ بِرَفْعِ الْحَرَجِ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ, وَكَذَلِكَ قَضَاؤُهُ بِالْخُصُوصِيَّةِ.فَالْقِيَاسُ بِمَعْزِلٍ عَنْ ذَلِكَ5.
وَأَيْضًا مَا6 فِي مُسْلِمٍ "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: تُدْرِكُنِي الصَّلاةُ وَأَنَا جُنُبٌ، أَفَأَصُومُ7؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصَّلاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَصُومُ" فَقَالَ: لَسْت مِثْلَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَك مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِك وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ "وَاَللَّهِ إنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي" 8
ـــــــ
1 الآية 50 من الأحزاب.
2 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/122، الإحكام للآمدي 2/261، فواتح الرحموت 1/281، تيسير التحرير 1/251، مختصر الطوفي ص92، العدة 1/324-325.
3 أي رفع الحرج عن الأمة بالنص والتخصيص عليها في الآية: { لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ} ولو كانت الإباحة خاصة لما انتفى الحرج عن الأمة.
"انظر: الإحكام للآمدي 2/261، 262، العضد على ابن الحاجب 2/123، تيسير التحرير 1/252، فواتح الرحموت 1/281.
4 في ش: فذلك.
5 انظر: المحلي على جمع الجوامع 1/427، البرهان 1/369، فواتح الرحموت 1/282، تيسير التحرير 1/252.
6 ساقطة من ز ض ب.
7 في ض: فأصوم.
8 هذا الحديث رواه مسلم وأبو داود وأحمد عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً.
"انظر: صحيح مسلم 2/781، سنن أبي داود 1/557، مسند أحمد 6/312، نيل الأوطار 4/238".

(3/220)


فَدَلَّ الْحَدِيثُ مِنْ1 وَجْهَيْنِ.
أَحَدِهِمَا: أَنَّهُ أَجَابَهُمْ بِفِعْلِهِ2، وَلَوْ اخْتَصَّ الْحُكْمُ بِهِ لَمْ يَكُنْ جَوَابًا لَهُمْ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ مُرَاجَعَتَهُمْ لَهُ بِاخْتِصَاصِهِ بِالْحُكْمِ، فَدَلَّ عَلَى3 أَنَّهُ لا يَجُوزُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ.
وَلأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَرْجِعُونَ إلَى أَفْعَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ مِنْ الأَحْكَامِ، كَرُجُوعِهِمْ فِي الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ4، وَفِي صِحَّةِ صَوْمِ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا، وَغَيْرِ ذَلِكَ5.
قَالَ الْمُخَالِفُونَ: الْمُفْرَدُ لا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ لُغَةً.
قُلْنَا: مَحَلُّ النِّزَاعِ لَيْسَ فِي اللُّغَةِ، بَلْ فِي الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ6.
ـــــــ
1 ساقطة من ز.
2 في ش: بقوله.
3 ساقطة من ش.
4 روى الإمام مالك والشافعي وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قعد بين شعبها الأربع، ثم مس الختان الختان فقد وجب الغسل" وفي رواية الترمذي: "إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل" وفي رواية الشافعي وابن حبان: "إذا التقى الختان فقد وجب الغسل، فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم"، وجعله البخاري عنوان باب: "إذا التقى الختانان".
"انظر: المنتقى 1/96، بدائع المنن 1/35-36، مسند أحمد 6/47، 97، صحيح مسلم 1/271، صحيح البخاري 1/62، سنن النسائي 1/92، تحفة الأحوذي 1/362، سنن ابن ماجه 1/199، سند الدارمي 1/194، موارد الظمآن ص81، شرح السنة 2/3، تخريج أحاديث البردوي ص170، نيل الأوطار 1/260".
5 انظر: البرهان 1/368، مختصر الطوفي ص92، العدة 1/327.
6 في ش: والشرع.
قال الطوفي: "وكأن الخلاف لفظي، إذ هؤلاء يتمسكون بالمقتضى اللغوي، والأولون بالواقع الشرعي" "مختصر الطوفي ص92".
"وانظر تيسير التحرير 1/252، العدة 1/330".

(3/221)


قَالُوا: يُوجِبُ كَوْنَ خُرُوجِ غَيْرِهِ تَخْصِيصًا1.
قُلْنَا: مِنْ الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ مُسَلَّمٌ2، إذَا ظَهَرَتْ لَهُ مُشَارَكَتُهُمْ لَهُ3. فِي الأَحْكَامِ ثَبَتَتْ4 مُشَارَكَتُهُ لَهُمْ أَيْضًا، لِوُجُودِ التَّلازُمِ ظَاهِرًا, فَإِنَّ مَا ثَبَتَ لأَحَدِ الْمُتَلازِمَيْنِ5 ثَبَتَ لِلآخَرِ؛ إذْ لَوْ ثَبَتَ لَهُمْ حُكْمٌ انْفَرَدُوا بِهِ دُونَهُ لَثَبَتَ نَقِيضُهُ فِي حَقِّهِ دُونَهُمْ, وَقَدْ ظَهَرَ الدَّلِيلُ عَلَى خِلافِهِ6
وَمَحَلُّ الْخِلافِ فِيمَا يُمْكِنُ إرَادَةُ الأُمَّةِ مَعَهُ أَمَّا مَا لا يُمْكِنُ إرَادَةُ الأُمَّةِ مَعَهُ فِيهِ7، مِثْلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ} 8 {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْك مِنْ رَبِّك} 9 وَنَحْوِهِ10، فَلا تَدْخُلُ الأُمَّةُ فِيهِ قَطْعًا، وَمِنْهُ مَا قَامَتْ قَرِينَةٌ فِيهِ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهِ مِنْ خَارِجٍ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} 11.
وَأَمَّا إنْ12 كَانَ الْخِطَابُ خَاصًّا بِالأُمَّةِ نَحْوُ خِطَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِلصَّحَابَةِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَوْ بِالأُمَّةِ، لا يَخْتَصُّ بِالْمُخَاطَبِ إلاَّ بِدَلِيلٍ فَيَعُمُّ
ـــــــ
1 في ش: تخصيصان.
2 في ز: المسلم.
3 في ش ز ض: له مشاركتهم.
4 في ض: فثبتت، وفي ب: فثبت.
5 في ب: قبل المتلازمين.
6 انظر: البرهان 1/369، تيسير التحرير 1/252، مختصر الطوفي ص92.
7 ساقطة من ش.
8 الآيتان 1-2 من المدثر.
9 الآية 67 من المائدة.
10 في ش: وغيره.
11 الآية 6 من المدثر.
12 في ض ب: إذا.

(3/222)


النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلافِ1.
لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ: نَفَى دُخُولَهُ هُنَا عَنْ الأَكْثَرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ, وَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لا يَأْمُرُ نَفْسَهُ، كَالسَّيِّدِ مَعَ عَبِيدِهِ2.
وَرُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مَخْبَرٌ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَكَذَا أَيْ وَكَمَا3. قُلْنَا فِي الصُّوَرِ4 الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ كَوْنِ الْخِطَابِ لا يَخْتَصُّ بِالْمُخَاطَبِ خِطَابُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَاحِدٍ مِنْ الأُمَّةِ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْمُخَاطَبَ وَغَيْرَهُ؛ لأَنَّهُ لَوْ اخْتَصَّ بِهِ الْمُخَاطَبُ لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَبْعُوثًا إلَى الْجَمِيعِ5.
رُدَّ بِالْمَنْعِ؛ فَإِنَّ مَعْنَاهُ تَعْرِيفُ6 كُلِّ وَاحِدٍ مَا يَخْتَصُّ بِهِ.وَلا يَلْزَمُ شَرِكَةُ الْجَمِيعِ فِي الْجَمِيعِ7.
ـــــــ
1 وهو الخلاف في مسألة الخطاب الخاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه عام الأمة عند الحنابلة والحنفية والمالكية، خلافاً لبعض الحنابلة وأكثر الشافعية و الأشعرية والمعتزلة "صفحة 218 من هذا المجلد".
وقال الشوكاني: "الخطاب الخاص بالأمة. نحو "يا أيها الأمة" لا يشمل الرسول صلى الله عليه وسلم قال الصفي الهندي: بلا خوف، وكذا قال القاضي عبد الوهاب" "إرشاد الفحول ص129".
وانظر: هذه المسألة في "المستصفى 2/65، 81، مختصر البعلي ص114، القواعد والفوائد الأصولية ص207، شرح تنقيح الفصول ص197، العدة 1/320".
2 انظر: مختصر البعلي ص114.
3 في ش: وكل ما.
4 في ش: الصورة.
5 وهذا قول الحنابلة فقط، وأبي المعالي الجويني، خلافاً للجمهور كما سيذكره المصنف.
انظر هذه المسألة في "جمع الجوامع 1/429، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/123، الإحكام للآمدي 2/263، البرهان 1/370، فواتح الرحموت 1/280، تيسير التحرير 1/252، مختصر الطوفي ص92، مختصر البعلي ص114، إرشاد الفحول ص130، العدة 1/318، 331".
6 في ع: تعريفه.
7 ساقطة من ش.
وانظر: إرشاد الفحول ص130.

(3/223)


وَقَالُوا: هُوَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ؛ لِرُجُوعِهِمْ إلَى قِصَّةِ مَاعِزٍ1، وَبِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ2، وَأَخْذِهِ3 الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ4 وَغَيْرِ ذَلِكَ5.
وَ6 رُدَّ بِدَلِيلٍ هُوَ التَّسَاوِي فِي السَّبَبِ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ وَقَعَ جَوَابًا لِسُؤَالٍ7 كَقَوْلِ الأَعْرَابِيِّ وَاقَعْتُ
ـــــــ
1 هو الصحابي ماعز بن مالك الأسلمي، يقال: أسمه غريب، وماعز لقب له، معدود في المدنيين، كتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا بإسلام قومه، روى عنه عبد الله حديثاً واحداً، وهو الذي اعترف بالزنا وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمه، وقال عليه الصلاة والسلام: "لقد تاب توبة لو تابها طائفة من أمتي لأجزأت عنهم" ، وحديثه في الرجم رواه أبو هريرة وزيد بن خالد الجهني.
"انظر: الإصابة 3/337، الاستيعاب 3/438، تهذيب الأسماء 2/75، أسد الغابة 5/8".
وقصة ماعز أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنا فرجمه رواها مسلم والبخاري وأبو داود وأحمد.
"انظر: صحيح البخاري 4/121، المطبعة العثمانية، صحيح مسلم بشرح النووي 11/195، سنن أبي داود 2/446، مسند احمد 1/238، 2/286، 3/2، 5/89، تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص304".
2 هي الصحابية بروع بنت واشق الرواسية الكلابية أو الأشجعية، قال الجوهري في "الصحاح": أهل العربية يقولون بكسر الباء، والصواب الفتح، وهي زوجة هلال بن مرة وقصتها في حديث معقل بن سنان الأشجعي وغيره: أنها نكحت رجلاً، وفوضت إليه "أي فوضت إليه مقدار المهر" فتوفي قبل أن يجامعها فقضى لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بصداق نسائها".
"انظر: الإصابة 4/251، الاستيعاب 4/255، أسد الغابة 7/37، تهذيب الأسماء 2/332" وسيرد حديثها صفحة 227.
3 في ض ب: وأخذ.
4 هذا الحديث رواه البخاري وأحمد وأبو داود والترمذي والشافعي ومالك عن عبد الرحمن بن عوف وغيره، وسبق تخريجه في "المجلد ص371".
5 انظر: العدة 1/319.
6 ساقطة من ع ب.
7 في ش ز: لسائل، وفي ب: بالسؤال.

(3/224)


أَهْلِي فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ لَهُ1: "أَعْتِقْ رَقَبَةً 2 " كَانَ عَامًّا وَإِلاَّ فَلا3, كَقَوْلِ النَّبِيِّ4 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ" 5 فَلا يَدْخُلُ فِيهِ غَيْرُهُ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ -مِنْهُمْ الْحَنَفِيَّةُ- أَنَّهُ لا يَعُمُّ, قَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: لأَنَّهُ عَمَّ6 فِي الَّتِي7 قَبْلَهَا لِفَهْمِ8 الاتِّبَاعِ، لأَنَّهُ مُتَّبَعٌ9.
وَمَحَلُّ الْخِلافِ فِي ذَلِكَ إذَا لَمْ يَخُصَّ ذَلِكَ10
ـــــــ
1 ساقطة من ز ض ع ب.
2 ساقطة من ز ض ع ب.
3 ساقطة من ش.
4 في ض ع ب: كقوله.
5 هذا طرف من حديث صحيح رواه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه ومالك وأحمد عن عائشة، ورواه البخاري ومسلم عن أبي موسى، ورواه البخاري عن ابن عمر، ورواه ابن ماجه عن ابن عباس، ولفظ البخاري: "قال الأسود: كنا عند عائشة رضي الله عنها فذكرنا المواظبة على الصلاة والتعظيم لها، قالت: لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه، فحضرت الصلاة، فأذن، فقال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس..." الحديث.
"انظر: صحيح البخاري 1/122، صحيح مسلم 1/313 وما بعدها، تحفة الأحوذي 10/156، سنن ابن ماجه 1/389، تخريج احاديث البردوي ص245، الموطأ ص123 ط الشعب، مسند أحمد 6/24، 159، المنتقى 1/305، الفتح الكبير 3/135".
6 في د ض ب: لو عم.
7 في ض ب: الشيء.
8 في ب: لعلم.
9 انظر قول الجمهور في هذه المسألة في "جمع الجوامع 1/429، الإحكام للآمدي 2/263، البرهان 1/370، تخريج الفروع على الأصول ص181، مختصر ابن الحاجب 2/123، فواتح الرحموت 1/280، تيسير التحرير 1/252، مختصر الطوفي ص92، مختصر البعلي ص114، إرشاد الفحول ص130، مباحث الكتاب والسنة ص158".
10 في ز: بذلك.

(3/225)


الْوَاحِدَ1، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَبِي بُرْدَةَ "اذْبَحْهَا وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَك 2 " وَمِثْلُهُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، فَإِنَّهُ وَقَعَ لَهُمَا مِثْلُ ذَلِكَ، فَرَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، كَمَا فِي أَبِي دَاوُد3، كَمَا رَخَّصَ لأَبِي بُرْدَةَ، وَرَخَّصَ أَيْضًا لَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ4.وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَخْصِيصِ الْعُمُومِ5 بَعْدَ تَخْصِيصٍ6
ـــــــ
1 انظر ما نقله الشوكاني من أقوال العلماء في هذه المسألة، وحصر الخلاف فيها باللغة أو بالشرع، ومحل الخلاف في كتابه "إرشاد الفحول ص130".
2 في ز: من بعدك.
3 روى عن أبو داود عن زيد بن خالد الجهني قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه ضحايا، فأعطاني عتوداً جذعاً، قال: فرجعت به إليه، فقلت له: إنه جذع، "أي لا يجزي في الأضحية"، قال: "ضح به" ، فضحيت به"، والعتود: هو الصغير من أولاد المعز إذا قوي ورعى وأتى عليه حول، والجمع أعتدة، ورواه الإمام أحمد.
"انظر: مسند أحمد 5/194، سنن أبي داود 2/86، النهاية في غريب الحديث 3/177".
4 روى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد عن عقبة بن عامر الجهني قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا ضحايا فأصابني جذع، فقلت: يا رسول الله، إنه أصابني جذع، فقال: "ضح به" .
والجذع من أسنان الدواب، وهو كل ما كان منها شاباً قوياً، ويختلف من الإبل إلى البقر إلى الغنم، فهو من المعز ما دخل في السنة الثانية.
"انظر: صحيح البخاري 3/316، صحيح مسلم 3/1556، تحفة الأحوذي 5/86، سنن النسائي 7/192، سنن ابن ماجه 2/1048، مسند أحمد 4/144، النهاية في غريب الحديث 1/250".
5 في ع: لعموم.
6 قال العضد: "فائدته "التخصيص" نفي احتمال الشركة قطعاً للإلحاق بالقياس" "العضد على ابن الحاجب 2/124".
وانظر: الإحكام للآمدي 2/264، إرشاد الفحول ص130.

(3/226)


اُسْتُدِلَّ1 لِلأَوَّلِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، بِرُجُوعِ الصَّحَابَةِ2 إلَى التَّمَسُّكِ بِقَضَايَا الأَعْيَانِ3، كَقَضِيَّةِ4 مَاعِزٍ، وَدِيَةِ الْجَنِينِ5، وَالْمُفَوَّضَةِ6، وَالسُّكْنَى لِلْمَبْتُوتَةِ7، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
ـــــــ
1 في ش: استدلال.
2 ساقطة من ش.
3 انظر: تيسير التحرير 1/252، فواتح الرحموت 1/280، الإحكام للآمدي 2/263، العضد على ابن الحاجب 2/123، العدة 1/332، 335.
4 في ز ع: كقصة.
5 سبق تخريج حديث دية الجنين في المجلد الثاني ص370.
6 المفوضة هي المرأة التي فوضت نكاحها إلى الزوج حتى تزوجها من غير مهر، وقال الفيومي: وقيل: فوضت أي أهملت حكم المهر، فهي مفوضة اسم فاعل، وقال بعضهم: مفوضة، اسم مفعول، لأن الشرع فوض أمر المهر إليها في إثباته وإسقاطه" "المصباح المنير 2/742".
وحديث المفوضة هو حديث بروع بنت واشق الذي رواه علقمة عن معقل بن سنان الأشجعي قال علقمة: أتي عبد الله في امرأة تزوجها رجل ثم مات عنها، ولم يفرض لها صداقاً، ولم يكن دخل بها، قال: فاختلفوا إليه، فقال: أرى لها مثل مهر نسائها، ولها الميراث وعليها العدة، فشهد معقل بن سنان الأشجعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى لبروع ابنة واشق بمثل ما قضى".
وقال علي: لا صداق لها، وكذلك قال زيد، وبهذا أخذ الإمام مالك، وأخذ سفيان والحسن وقتادة بقول ابن مسعود.
"انظر: سنن أبي داود 1/487، سنن النسائي 6/99، 164، سنن ابن ماجه 1/609، مسند أحمد 1/431ن سنن الدارمي 2/155، المستدرك 2/180، أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم ص45، تخريج أحاديث البردوي ص161، 237".
7 ساقطة من ز ض ع.
والمبتوتة هي المطلقة طلاقاً باتا بائناً، كالمطلقة ثلاثاً، فلا يجوز لزوجها أن يراجعها أو يعود إليها، وقال بعض الفقهاء بأنه لا نفقة ولا سكن لها، لما رواه الإمام مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم عن فاطمة بنت قيس قالت: "طلقني زوجي ثلاثاً، فلم يجعل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنى ولا نفقة" وقال الجمهور: لها السكنى ولا نفقة لها، لقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ} الطلاق/6، ولقوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} الطلاق/1.
"انظر: صحيح مسلم 2/1114، سنن أبي داود 1/532، سنن النسائي 6/175، تحفة الأحوذي 4/351، سنن ابن ماجه 1/656، تخريج أحاديث البردوي ص161، 163، أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم ص55، مسند أحمد 6/373، 411، النهاية في غريب الحديث 1/92، نيل الأوطار 6/338".

(3/227)


وَأَما1 قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2 لأَبِي بُرْدَةَ: "وَلا تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ3 بَعْدَك" فَلَوْلا4 أَنَّ الإِطْلاقَ يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ لَمْ يَخُصَّ, وَكَذَلِكَ تَخْصِيصُ خُزَيْمَةَ بِجَعْلِ شَهَادَتِهِ كَشَهَادَتَيْنِ5.
وقَوْله تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} 6 وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ "بُعِثْتُ إلَى الأَحْمَرِ وَالأَسْوَدِ" 7.
قَالُوا: لِتَعْرِيفِ8 كُلِّ مَا يَخْتَصُّ9.
ـــــــ
1 في ش ز ع: وأيضاً.
2 ساقطة من ب.
3 في ب: لأحدٍ.
4 في ش: لو.
5 أخرج أبو داود والنسائي وأحمد والبيهقي والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من شهد له خزيمة فهو حسبه" وفي رواية: "فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة شهادة رجلين" وفي رواية أحمد: "فكان خزيمة يدعى ذا الشهادتين"، وذكره البخاري ضمن حديث بلفظ: "خزيمة الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته شهادة رجلين"، وتقدمت ترجمة خزيمة بت ثابت الأنصاري "المجلد الأول ص337".
"انظر: سنن أبي داود 2/276، سنن النسائي 7/266، مسند أحمد 5/188، 189، السنن الكبرى للبيهقي 10/146، المستدرك 2/18، صحيح البخاري 2/92 المطبعة العثمانية، نيل الأوطار 5/180، تخريج أحاديث البردوي ص256".
6 الآية 28 من سبأ.
7 هذا جزء من حديث رواه الإمام أحمد ومسلم والدارمي عن جابر وأبي ذر مرفوعاً، وأوله: "أعطيت خمساً لم يعطيهن أحد قبلي: كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى كل أحمر وأسود..." الحديث.
"انظر: صحيح مسلم 1/37، مسند أحمد 1/250، 4/416، 5/145، سنن الدارمي 2/224".
8 في ش: التعريف.
9 أي لتعريف كل أحد من الناس ما يختص به من الحكام كالمقيم والمسافر، والحر والعبد، والحائض والآيسة.. وهكذا، وليس لبيان أن كل الأحكام لكل الناس.
"انظر: العضد على ابن الحاجب 2/123، الإحكام للآمدي 2/263، فواتح الرحموت 8/280".

(3/228)


قُلْنَا: إذَا لَمْ يَكُنْ اخْتِصَاصٌ ظَهَرَ اقْتِصَارُ الْحُكْمِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ.وَأَيْضًا فَقَوْلُ1 الرَّاوِي "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ قَضَى" يَعُمُّ، وَلَوْ اخْتَصَّ بِمَنْ سَوْقُهُ لَهُ2 لَمْ يَعُمَّ لاحْتِمَالِ سَمَاعِ الرَّاوِي أَمْرًا أَوْ3 نَهْيًا لِوَاحِدٍ، فَلا يَكُونُ عَامًّا4.
قَالُوا: لَنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَطْعِ وَالتَّخْصِيصِ.
قُلْنَا: سِيقَ جَوَابُهُمَا.
قَالُوا: يَلْزَمُ مِنْهُ5 عَدَمُ فَائِدَةٍ حُكْمِيٍّ6 عَلَى الْوَاحِدِ7.
ـــــــ
1 في ض ب: قول.
2 ساقطة من ز ض ع.
3 في و: ع.
4 ستأتي هذه المسألة في الصفحة التالية.
5 ساقطة من ز ض ع ب.
6 في ز: الحكم، وفي ع: حكم.
7 هذا طرف من حديث، وتتمته "حكمي على الواحد، حكمي على الجماعة" وفي لفظ "كحكمي على الجماعة" ، وهو حديث لا أصل له، كما قال العراقي، وقال: سئل عنه المزي والذهبي فأنكره، ولكن وردت احاديث كثيرة تشهد لصحة معناه، منها ما رواه الإمام مالك وأحمد والترمذي والنسائي وابن حبان والدارقطني من حديث أميمة بنت رقيقة أنها قالت: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة من الأنصار نبايعه، فقلنا: يا رسول الله نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئاً ولا نسرق ولا نزني ولا نأتي ببهتان نفتريه بين لأيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف، قال: "فيما استطعتن وأطقتن" ، قال: قلنا الله ورسول أرحم بنا، هلم نبايعك يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة" أو "مثل قولي لا مرأة واحدة" ، قال ابن كثير في تفسيره: إسناده صحيح، وقال الترمذي: حسن صحيح، ورواه ابن ماجه مختصراً بدون الجملة الأخيرة.
"انظر: تحفة الأحوذي 5/220، سنن النسائي 7/134، سنن ابن ماجه 2/959، سنن الدارقطني 4/146، مسند أحمد 6/357، الموطأ ص608 ط الشعب، تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص293، كشف الخفا 1/436، تفسير ابن كثير 4/352 طبعة عيسى الحلبي، فيض القدير 3/16".

(3/229)


قُلْنَا: الْحَدِيثُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ أَصْلاً.
"وَفِعْلُهُ" أَيْ فِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فِي تَعَدِّيهِ إلَيْهَا" أَيْ إلَى الأُمَّةِ "كَخِطَابٍ خَاصٍّ بِهِ" أَيْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَعْنِي1 أَنَّ فِعْلَهُ مُخْرَجٌ عَلَى الْخِلافِ فِي الْخِطَابِ الْمُتَوَجَّهِ إلَيْهِ 2عِنْدَ الأَكْثَرِ3.وَالْخِطَابُ الْمُتَوَجَّهُ إلَيْهِ لا4 يَخْتَصُّ بِهِ إلاَّ بِدَلِيلٍ، فَكَذَا5 فِعْلُهُ6.
وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: يَتَعَدَّى فِعْلُهُ إذَا عُرِفَ وَجْهُهُ.يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ خِطَابُهُ7.
"فَائِدَةٌ":
"نَحْوُ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ8" وَقَوْلُهُ: قَضَى رَسُولُ
ـــــــ
1 في ز: أنه.
2 ساقطة من ز.
3 انظر: مختصر البعلي ص114.
4 في ز: ولا.
5 في ش: وكذا.
6 انظر: العدة 1/318.
7 وهو قول أبي المعالي وغيره، "انظر: مختصر البعلي ص114".
8 هذا الحديث رواه الإمام مالك وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً.
"انظر: الموطأ ص412 ط الشعب، المنتقى 5/41، مسند أحمد 1/116، 302، 2/154، صحيح مسلم 3/1153، سنن أبي داود 2/228، تحفة الأحوذي 4/426، سنن النسائي 7/230، سنن ابن ماجه 2/739، سنن الدارمي 2/251، مختصر سنن أبي داود 5/45، نيل الأوطار 5/166".

(3/230)


اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ 1 "يَعُمُّ كُلَّ غَرَرٍ" وَكُلَّ جَارٍ2.
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ الأُصُولِيِّينَ3.
لَنَا: أَنَّ الصَّحَابِيَّ الرَّاوِيَ4 عَدْلٌ عَارِفٌ بِاللُّغَةِ، فَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ صِيغَةَ الْعُمُومِ، وَهِيَ الْجَارُ وَالْغَرَرُ، لِكَوْنِهِمَا مُعَرَّفَيْنِ فَاللاَّمُ الْجِنْسِ، إلاَّ إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ صِيغَةَ الْعُمُومِ, وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الظَّاهِرُ5 أَنَّهُ سَمِعَ6 صِيغَةَ الْعُمُومِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ الصِّدْقُ فِيمَا فَعَلَهُ، فَوَجَبَ اتِّبَاعُهُ7.
ـــــــ
1 روى هذا الحديث بهذا اللفظ النسائي عن أبي رافع، ورواه أحمد وأبو داود وابن ماجه بلفظ "الجار أحق بشفعة جاره" ورواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه عن سمرة مرفوعاً بلفظ: "جار الدار أحق بالدار من غيره" .
"انظر: مسند أحمد 3/353، 5/17، 22، سنن أبي داود 2/256، سنن النسائي 7/281، تحفة الأحوذي 4/609، سنن ابن ماجه 2/833، أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم ص88، مختصر سنن أبي داود 5/169 وما بعدها، نيل الأوطار 5/375".
2 اختار هذا القول الآمدي والشوكاني وغيرهما، وقال الرازي: "فالاحتمال فيهما، ولكن جانب العموم أرجح" "المحصول ج1 ق2/647".
"وانظر: الإحكام للآمدي 2/255، إرشاد الفحول ص125، التلويح على التوضيح 1/271، فواتح الرحموت 1/294، تيسير التحرير 1/249، الإحكام لابن حزم 1/384، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/119، مختصر الطوفي ص103، مختصر البعلي ص112، الروضة 2/235".
3 انظر: نهاية السول 2/89، المستصفى 2/66، الإحكام للآمدي 2/255، البرهان 1/348، المحصول ج1 ق2/642، شرح تنقيح الفصول ص188، التلويح على التوضيح 1/271، فواتح الرحموت 1/294، شرح الورقات ص105، اللمع ص17، التمهيد ص98، نزهة الخاطر 2/145، العضد على ابن الحاجب 2/119، جمع الجوامع 2/36، الروضة 2/235، مختصر الطوفي ص103، مختصر البعلي ص113، مباحث الكتاب والسنة ص156.
4 ساقطة من ض.
5 ساقطة من ز ع ض ب.
6 في ش: لم ينقل.
7 انظر: الإحكام للآمدي 2/255، العضد على ابن الحاجب 2/119، التوضيح على التنقيح 1/271، فواتح الرحموت 1/294، تيسير التحرير 1/249، إرشاد الفحول ص125، الروضة 2/235، مختصر الطوفي ص103.

(3/231)


وَاحْتَجَّ1 الْخَصْمُ عَلَى أَنَّهُ لا عُمُومَ لَهُ2؛ لأَنَّهُ حِكَايَةُ الرَّاوِي، وَحِينَئِذٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِأَنْ رَأَى3 عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ نَهَى عَنْ غَرَرٍ خَاصٍّ، أَوْ قَضَى لِجَارٍ4 خَاصٍّ, فَنَقَلَ صِيغَةَ الْعُمُومِ لِظَنِّهِ عُمُومَ الْحُكْمِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ صِيغَةً خَاصَّةً، فَتَوَهَّمَ أَنَّهَا عَامَّةٌ، فَنَقَلَهَا عَامَّةً، وَحِينَئِذٍ فَلا يُمْكِنُ الاحْتِجَاجُ بِهِ؛ لأَنَّ الاحْتِجَاجَ بِالْمَحْكِيِّ، لا5 بِالْحِكَايَةِ، إلاَّ إذَا طَابَقَتْهُ، وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِلاحْتِمَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ6.
قُلْنَا: مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ الاحْتِمَالَيْنِ، وَإِنْ كَانَ قَادِحًا فَهُوَ خِلافُ الظَّاهِرِ, لأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الرَّاوِي مَا ذَكَرْنَاهُ، وَلأَنَّ اللاَّمَ غَالِبًا لِلاسْتِغْرَاقِ، فَحَمْلُهُ عَلَى
ـــــــ
1 في ز: فاحتج.
2 ساقطة من ش.
3 في ش: روى عن.
4 في ش: لعارض.
5 ساقطة من ب.
6 انظر أدلة الجمهور في عدم العموم في "المحلي على جمع الجوامع 2/36، الإحكام للآمدي 2/255، المحصول ج1 ق2/642، شرح تنقيح الفصول ص188، التلويح على التوضيح 1/271، فواتح الرحموت 1/294، تيسير التحرير 1/249، شرح الورقات ص106، العضد على ابن الحاجب 2/119، نهاية السول 2/89، المستصفى 2/66، 67، التمهيد ص97، اللمع ص17، الروضة 2/235، مختصر ص103، إرشاد الفحول ص125، مباحث الكتاب والسنة ص157".

(3/232)


الْعَهْدِ خِلافُ الْغَالِبِ1.
ـــــــ
1 ذكر القاضي أبو بكر الباقلاني في "التقريب" والأستاذ أبو منصور والشيخ أبو إسحاق والقاضي عبد الوهاب وصححه، وحكاه عن أبي القفال: التفصيل بين أن يقترن الفعل بحرف "أن"، فيكون للعموم، كقوله: "قضى أن الخراج بالضمان" وبين لا يقترن فيكون خاصاً، نحو "قضى بالشفعة للجار".
وذهب بعض المتأخرين إلى أن النزاع لفظي من جهة أن المانع للعموم ينفي عموم الصيغة المذكورة، والمثبت للعموم فيها هو باعتبار خارجي. "انظر: إرشاد الفحول ص125".
"وانظر: الإحكام للآمدي 2/255، فواتح الرحموت 1/293، تيسير التحرير 1/249، العضد على ابن الحاجب 2/119، نزهة الخاطر 2/146، مختصر الطوفي ص103، إرشاد الفحول ص125".

(3/233)