معرفة علوم الحديث ط العلمية

ذِكْرُ النَّوْعِ السَّادِسِ مِنْ مَعْرِفَةِ عُلُومِ الْحَدِيثِ النَّوْعُ السَّادِسُ مِنْ هَذَا الْعِلْمِ مَعْرِفَةُ الْأَسَانِيدِ الَّتِي لَا يُذْكَرُ سَنَدُهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثَالُ ذَلِكَ مَا

(1/21)


حَدَّثَنَاهُ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَامِدٍ التِّرْمِذِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حِبَالٍ الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ الصَّنْعَانِيُّ , ثنا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ , عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي مُعَاوِيَةَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كُنَّا نَتَمَضَّمَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَلَا نَتَوَضَّأُ مِنْهُ»

(1/21)


أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْفَقِيهُ بِبُخَارَى، ثنا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبِ الْحَافِظُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ , حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: " كَانَ يُقَالُ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ بِكُلِّ يَوْمٍ أَلْفُ يَوْمٍ، وَيَوْمُ عَرَفَةَ عَشْرَةُ آلَافِ يَوْمٍ، قَالَ: يَعْنِي فِي الْفَضْلِ

(1/21)


أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكُوفَةِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ , ثنا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «مَنْ أَتَى سَاحِرًا أَوْ عَرَّافًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا بَابٌ كَبِيرٌ، يَطُولُ ذِكْرُهُ بِالْأَسَانِيدِ فَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ الْمَعْرُوفِ بِالصُّحْبَةِ، أُمِرْنَا أَنْ نَفْعَلَ كَذَا وَنُهِينَا عَنْ كَذَا وَكَذَا، وَكُنَّا نُؤْمَرُ بِكَذَا، وَكُنَّا نُنْهَى عَنْ كَذَا، وَكُنَّا نَفْعَلُ كَذَا، وَكُنَّا نَقُولُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا، وَكُنَّا لَا نَرَى بَأْسًا بِكَذَا، وَكَانَ يُقَالُ كَذَا وَكَذَا، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ مِنَ السُّنَّةِ كَذَا وَأَشْبَاهَ مَا ذَكَرْنَاهُ إِذَا قَالَهُ الصَّحَابِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالصُّحْبَةِ فَهُوَ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُخَرَّجٌ فِي الْمَسَانِيدِ

(1/21)


ذِكْرُ النَّوْعِ السَّابِعِ مِنْ مَعْرِفَةِ أَنْوَاعِ الْحَدِيثِ النَّوْعُ السَّابِعُ مِنْ هَذَا الْعِلْمِ مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ عَلَى مَرَاتِبِهِمْ، فَأَوَّلُهُمْ قَوْمٌ أَسْلَمُوا بِمَكَّةَ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ , وَعُمَرَ , وَعُثْمَانَ , وَعَلِيٍّ , وَغَيْرِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَصْحَابِ التَّوَارِيخِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوَّلُهُمْ

(1/22)


إِسْلَامًا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي بُلُوغِهِ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْجَمَاعَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ تَبِعَكَ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ؟ قَالَ: «حُرٌّ وَعَبْدٌ» ، وَإِذَا مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ , وَبِلَالٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَالطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ الصَّحَابَةِ أَصْحَابُ دَارِ النَّدْوَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا أَسْلَمَ وَأَظْهَرَ إِسْلَامَهُ حَمَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى دَارِ النَّدْوَةِ فَبَايَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَالطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ مِنَ الصَّحَابَةِ الْمُهَاجِرَةُ إِلَى الْحَبَشَةِ وَالطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ بَايَعُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْعَقَبَةِ، يُقَالُ فُلَانٌ عَقَبِيُّ، وَفُلَانٌ عَقَبِيُّ، وَالطَّبَقَةُ الْخَامِسَةُ مِنَ الصَّحَابَةِ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَكْثَرُهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَالطَّبَقَةُ السَّادِسَةُ أَوَّلُ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ وَصَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِقُبَاءَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوا الْمَدِينَةَ، وَيُبْنَى الْمَسْجِدَ، وَالطَّبَقَةُ السَّابِعَةُ أَهْلُ بَدْرٍ الَّذِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ فِيهِمْ: " لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ " وَالطَّبَقَةُ الثَّامِنَةُ الْمُهَاجِرَةُ الَّذِينَ هَاجَرُوا بَيْنَ بَدْرٍ وَالْحُدَيْبِيَةِ، وَالطَّبَقَةُ التَّاسِعَةُ أَهْلُ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ بِالْحُدَيْبِيَةِ لَمَّا صُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الْعُمْرَةِ وَصَالَحَ كُفَّارَ قُرَيْشٍ عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ مِنَ

(1/23)


الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ، وَكَانَتِ الشَّجَرَةُ بِالْقُرْبِ مِنَ الْبِئْرِ ثُمَّ إِنَّ الشَّجَرَةَ فُقِدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ تُوجَدْ، وَقَالُوا: إِنَّ السُّيُولَ ذَهَبَتْ بِهَا، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: سَمِعْتُ أَبِي، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ يَقُولُ: «قَدْ طَلَبْنَاهَا غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ نَجِدْهَا» ، فَأَمَّا مَا يَذْكُرُهُ عَوَامُّ الْحَجِيجِ أَنَّهَا شَجَرَةٌ بَيْنَ مِنًى وَمَكَّةَ، فَإِنَّهُ خَطَأٌ فَاحِشٌ، وَالطَّبَقَةُ الْعَاشِرَةُ مِنَ الصَّحَابَةِ الْمُهَاجِرَةِ بَيْنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَالْفَتْحِ مِنْهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ , وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ , وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُمْ، وَفِيهِمْ كَثْرَةٌ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا غَنِمَ خَيْبَرَ قَصَدُوهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ مُهَاجِرِينَ، فَكَانَ يُعْطِيهِمْ، وَالطَّبَقَةُ الْحَادِي عَشْرَةَ فَهُمُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا يَوْمَ الْفَتْحِ، وَهُمْ جَمَاعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْهُمْ مَنْ أَسْلَمَ طَائِعًا، وَمِنْهُمْ مَنِ اتَّقَى السَّيْفَ، ثُمَّ تَغَيَّرَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَضْمَرُوا وَاعْتَقَدُوا، ثُمَّ الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ صِبْيَانِ وَأَطْفَالٌ رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَفِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَغَيْرِهَا وَعِدَادِهِمْ فِي الصَّحَابَةِ مِنْهُمُ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي صُعَيْرٍ، فَإِنَّهُمَا قَدِمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا لَهُمَا وَلِجَمَاعَةٍ يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهِمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ , وَأَبُو جُحَيْفَةَ وَهْبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَإِنَّهُمَا رَأَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّوَافِ وَعِنْدَ زَمْزَمَ، وَقَدْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَإِنَّمَا هُوَ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ» . قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا بَابٌ لَوِ اسْتَقْصَيْتَ فِيهِ بِأَسَانِيدَ وَرِوَايَاتٍ لَصَارَ كِتَابًا عَلَى حِدَةٍ، فَإِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ عَنْهُمْ تَفَرَّقُوا وَسَكَنُوا بِلَادًا شَاسِعَةً، فَمَاتُوا فِي أَمَاكِنَ شَتَّى، وَهَذَا الْبَابُ يَجْمَعُ أَنْوَاعًا مِنِ الْعُلُومِ غَيْرَ أَنِّي دَلَّلْتُ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنْهُ عَلَى مَا حَضَرَنِي فِي الْوَقْتِ، وَمَنْ تَبَحَّرَ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ فَهُوَ حَافِظٌ كَامِلُ الْحِفْظِ، فَقَدْ رَأَيْتُ جَمَاعَةً مِنْ مَشَايِخِنَا يَرْوُونَ الْحَدِيثَ الْمُرْسَلَ عَنْ تَابِعِيٍّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَهَّمُونَهُ صَحَابِيًّا وَرُبَّمَا رَوَوُا الْمُسْنَدَ، عَنْ صَحَابِيٍّ فيَتَوَهَّمُونَهُ تَابِعِيًّا

(1/24)