معرفة علوم الحديث ط العلمية

ذِكْرُ النَّوْعِ الثَّامِنِ مِنْ عُلُومِ الْحَدِيثِ النَّوْعُ الثَّامِنُ مِنْ هَذَا الْعِلْمِ مَعْرِفَةُ الْمَرَاسِيلِ الْمُخْتَلَفِ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهَا، وَهَذَا نَوْعٌ مِنْ عِلْمِ الْحَدِيثِ صَعْبٌ , قَلَّ مَا يَهْتَدِي إِلَيْهِ إِلَّا الْمُتَبَحِّرُ فِي هَذَا الْعِلْمِ، فَإِنَّ مَشَايِخَ الْحَدِيثِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ الْحَدِيثَ الْمُرْسَلَ هُوَ الَّذِي يَرْوِيهِ الْمُحَدِّثُ بِأَسَانِيدَ مُتَّصِلَةً إِلَى التَّابِعِيِّ فَيَقُولُ التَّابِعِيُّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكْثَرُ مَا تُرْوَى الْمَرَاسِيلُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَمِنْ أَهْلِ مِصْرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، وَمِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ مَكْحُولٍ الدِّمَشْقِيِّ، وَمِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، وَمِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ، وَقَدْ يُرْوَى الْحَدِيثُ بَعْدَ الْحَدِيثِ، عَنْ غَيْرِهِمْ مِنَ التَّابِعِينَ إِلَّا أَنَّ الْغَلَبَةَ لِرِوَايَاتِهِمْ وَأَصَحُّهَا مَرَاسِيلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ سَعِيدًا مِنْ أَوْلَادِ الصَّحَابَةِ، فَإِنَّ أَبَاهُ الْمُسَيَّبُ بْنُ حَزْنٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ وَبَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، وَقَدْ أَدْرَكَ سَعِيدٌ , عُمَرَ , وَعُثْمَانَ , وَعَلِيًّا , وَطَلْحَةَ , وَالزُّبَيْرَ إِلَى آخِرِ الْعَشَرَةِ، وَلَيْسَ فِي جَمَاعَةِ التَّابِعِينَ مَنْ أَدْرَكَهُمْ وَسَمِعَ مِنْهُمْ غَيْرُ سَعِيدٍ وَقَيْسِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، ثُمَّ مَعَ هَذَا فَإِنَّهُ فَقِيهُ أَهْلِ

(1/25)


الْحِجَازِ وَمُفْتِيهِمْ، وَأَوَّلُ فُقَهَاءِ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يَعُدُّ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ إِجْمَاعَهُمْ إِجْمَاعَ كَافَّةِ النَّاسِ. سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ الدُّورِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: «أَصَحُّ الْمَرَاسِيلِ مَرَاسِيلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ» وَأَيْضًا، فَقَدْ تَأَمَّلَ الْأَئِمَّةُ الْمُتَقَدِّمُونَ مَرَاسِيلَهُ فَوَجَدُوهَا بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ، وَهَذِهِ الشَّرَائِطُ لَمْ تُوجَدْ فِي مَرَاسِيلِ غَيْرِهِ، فَهَذِهِ صِفَةُ الْمَرَاسِيلِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , حَدَّثَنَا , عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِي، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى مَوْلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: حَدَّثْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ بِحَدِيثٍ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ , عَنْ عَاصِمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حَسَنٌ: فَقُلْتُ لِابْنِ الْمُبَارَكِ: إِنَّهُ لَيْسَ عَنْهُ إِسْنَادٌ، فَقَالَ: إِنَّ عَاصِمًا يَحْتَمِلُ لَهُ أَنْ يَقُولَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَغَدَوْتُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَإِذَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ، فَظَنَنْتُهُ قَدْ سَأَلَهُ عَنْهُ. قَالَ الْحَاكِمُ: فَأَمَّا مَشَايِخُ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَكُلُّ مَنْ أَرْسَلَ الْحَدِيثَ عَنِ التَّابِعِينَ، وَأَتْبَاعِ التَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُ عِنْدَهُمْ مُرْسَلٌ مُحْتَجٌّ بِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ عِنْدَنَا، فَإِنَّ مُرْسَلَ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ عِنْدَنَا مُعْضَلٌ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ وَشَرْحُهُ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

(1/26)


سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْوَاعِظَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ الْوَاسِطِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ يَقُولُ: قُلْتُ لِحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، يَا أَبَا إِسْمَاعِيلَ هَلْ ذَكَرَ اللَّهُ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ فِي الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: " بَلَى أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلْيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122] , فَهَذَا فِيمَنْ رَحَلَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، ثُمَّ رَجَعَ بِهِ إِلَى مَنْ وَرَاءَهَ لِيُعَلِّمَهُمْ إِيَّاهُ " قَالَ الْحَاكِمُ: فَفِي هَذَا النَّصِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ الْمُحْتَجَّ بِهِ هُوَ الْمَسْمُوعُ غَيْرُ الْمُرْسَلِ هَذَا مِنَ الْكِتَابِ، وَأَمَّا مِنَ السُّنَّةِ

(1/26)


فَحَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيِّ بِالْكُوفَةِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ , حَدَّثَنَا ضِرَارُ بْنُ صُرَدٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيِّ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَسْمَعُونَ وَيُسْمَعُ مِنْكُمْ، وَيُسْمَعُ مِمَّنْ يَسْمَعُ مِنْكُمْ» وَالْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ الْمُسْتَفِيضُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا» الْحَدِيثَ

(1/26)


ذِكْرُ النَّوْعِ التَّاسِعِ مِنْ مَعْرِفَةِ عُلُومِ الْحَدِيثِ النَّوْعُ التَّاسِعُ مِنْ هَذَا الْعِلْمِ مَعْرِفَةُ الْمُنْقَطِعِ مِنَ الْحَدِيثِ وَهُوَ غَيْرُ الْمُرْسَلِ، وَقَلَّ مَا يُوجَدُ فِي الْحُفَّاظِ مَنْ يُمَيِّزُ بَيْنَهُمَا، وَالْمُنْقَطِعُ عَلَى أَنْوَاعٍ ثَلَاثَةٍ: فَمِثَالُ نَوْعٍ مِنْهَا مَا

(1/27)


حَدَّثَنَاهُ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّمَّاكِ بِبَغْدَادَ، ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ السَّعْدِيُّ , ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُوسَى اللَّاحُونِيُّ أَبُو رَوْحٍ , ثنا هِلَالُ بْنُ حَقٍّ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ , عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ وَهُوَ ابْنُ الشِّخِّيرِ، عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي حَنْظَلَةَ , عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ أَحَدُنَا أَنْ يَقُولَ فِي صَلَاتِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ التَّثَبُّتَ فِي الْأُمُورِ وَعَزِيمَةَ الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا وَلِسَانًا صَادِقًا، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ» [ص:28] قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا الْإِسْنَادُ مَثَلٌ لِنَوْعٍ مِنَ الْمُنْقَطِعِ لِجَهَالَةِ الرَّجُلَيْنِ بَيْنَ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ وَشَوَاهِدُهُ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرَةٌ، وَقَدْ يُرْوَى الْحَدِيثُ، وَفِي إِسْنَادِهِ رَجُلٌ غَيْرُ مُسَمًّى، وَلَيْسَ بِمُنْقَطِعٍ، وَمِثَالُ ذَلِكَ مَا

(1/27)


أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْبُوبٍ التَّاجِرُ بِمَرْوَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، ثنا شَيْخٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُخَيَّرُ الرَّجُلُ بَيْنَ الْعَجْزِ وَالْفُجُورِ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَلْيَخْتَرِ الْعَجْزَ عَلَى الْفُجُورِ» وَهَكَذَا رَوَاهُ عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ وَالْهَيَّاجُ بْنُ بِسْطَامٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، وَإِذَا الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يَقِفُوا عَلَى اسْمِهِ أَبُو عُمَرَ الْجَدَلِيُّ

(1/28)


ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ , ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ , عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ قَالَ: نَزَلْتُ جَزِيرَةَ قَيْسٍ فَسَمِعْتُ شَيْخًا أَعْمَى يُقَالُ لَهُ: أَبُو عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُخَيَّرُ الرَّجُلُ بَيْنَ الْعَجْزِ وَالْفُجُورِ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَلْيَتَخَيَّرِ الْعَجْزَ عَلَى الْفُجُورِ» قَالَ الْحَاكِمُ: فَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْمُنْقَطِعِ الَّذِي لَا يَقِفُ عَلَيْهِ إِلَّا الْحَافِظُ الْفَهِمُ الْمُتَبَحِّرُ فِي الصَّنْعَةِ، وَلَهُ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ جَعَلْتُ هَذَا الْوَاحِدَ شَاهِدًا لَهَا. وَالنَّوْعُ الثَّالِثُ مِنَ الْمُنْقَطِعِ أَنْ يَكُونَ فِي الْإِسْنَادِ رِوَايَةُ رَاوٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ الْحَدِيثَ قَبْلَ الْوُصُولِ إِلَى التَّابِعِيِّ الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الْإِرْسَالِ، وَلَا يُقَالُ لِهَذَا النَّوْعِ مِنَ الْحَدِيثِ مُرْسَلٌ، إِنَّمَا يُقَالُ لَهُ مُنْقَطِعٌ، مِثَالُهُ مَا

(1/28)


حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفَقِيهُ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ، ثنا عَبْدُ الرَّازَّقِ، قَالَ: ذَكَرَ الثَّوْرِيُّ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ , عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ وَلَّيْتُمُوهَا أَبَا بَكْرٍ فَقَوِيُّ أَمِينٌ لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَإِنْ وَلَّيْتُمُوهَا عَلِيًّا فَهَادٍ مَهْدِيُّ يُقِيمُكُمْ عَلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ» قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا إِسْنَادٌ لَا يَتَأَمَّلُهُ مُتَأَمِّلٌ إِلَّا عَلِمَ اتِّصَالَهُ وَسَنَدَهُ فَإِنَّ الْحَضْرَمِيَّ وَمُحَمَّدَ بَنَ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ ثِقَتَانِ، وَسَمَاعُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَاشْتِهَارُهُ بِهِ مَعْرُوفٌ، وَكَذَلِكَ سَمَاعُ الثَّوْرِيِّ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَاشْتِهَارُهُ بِهِ مَعْرُوفٌ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ فِي مَوْضِعَيْنِ، فَإِنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنَ الثَّوْرِيِّ، وَالثَّوْرِيُّ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ , ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْقَاضِي , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرِنِي النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْجَنَدِيُّ , عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَارِمٍ الْحَافِظُ، بِالْكُوفَةِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلَوِيَّةَ الْقَطَّانُ , حَدَّثَنِي عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ , ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , ثنا شَرِيكٌ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ , عَنْ حُذَيْفَةَ , قَالَ: ذَكَرُوا الْإِمَارَةَ وَالْخِلَافَةَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ وَقَالَ: وَكُلُّ مَنْ تَأَمَّلَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْمُنْقَطِعِ عَلِمَ وَتَيَقَّنَ أَنَّ هَذَا الْعِلْمَ مِنَ الدَّقِيقِ الَّذِي لَا يَسْتَدْرِكُهُ إِلَّا الْمُوَفَّقُ، وَالطَّالِبُ الْمُتَعَلِّمُ

(1/28)