معرفة علوم الحديث ط العلمية ذِكْرُ النَّوْعِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ
مِنْ عُلُومِ الْحَدِيثِ هَذَا النَّوْعُ مِنْهُ مَعْرِفَةُ
نَاسِخِ الْحَدِيثِ مِنْ مَنْسُوخِهِ، وَأَنَا ذَاكِرٌ
بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ أَحَادِيثَ يُسْتَدَلُّ
بِهَا عَلَى الْكَثِيرِ
(1/85)
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مَهْدِيِّ بْنِ رُسْتُمَ قَالَ: حَدَّثَنَا
مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ,
عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ ,
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْقَارِئِ , عَنْ أَبِي
أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «تَوَضَّئُوا مِمَّا غَيَّرَتِ
النَّارُ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا الْأَمْرُ
مَنْسُوخٌ وَالنَّاسِخُ لَهُ، مَا
(1/85)
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ قَالَ: ثنا
عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ: ثنا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي
حَمْزَةَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ
قَالَ: كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ
النَّارُ
(1/85)
وَحَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ،
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
«لَا تَتَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ»
(1/86)
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ
الْفَقِيهُ قَالَ: أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ: ثنا
الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: ثنا ابْنُ
الْمُنْكَدِرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ،
وَعَمْرٌو , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكَلَ خُبْزًا
وَلَحْمًا، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» حَدِيثٌ مَنْسُوخٌ
(1/86)
أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ بِمَرْوَ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ
بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: ثنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ قَالَ:
أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ
أَبِي لَيْلَى يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ
قَالَ: قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ
بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا
مَنْسُوخٌ، وَالنَّاسِخُ لَهُ مَا
(1/86)
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ:
ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ
قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ،
فَقَالَ: " هَلَّا اسْتَمْتَعْتُمْ بِجِلْدِهَا، قَالُوا: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا مَيْتَةٌ، فَقَالَ: إِنَّمَا
حُرِّمَ أَكْلُهَا " قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا حَدِيثٌ
مُخْتَلَفٌ فِي إِسْنَادِهِ، وَالصَّحِيحُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
, عَنْ مَيْمُونَةَ، هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ،
وَغَيْرُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدِيثٌ مَنْسُوخٌ
(1/86)
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ
بْنِ أَيُّوبَ الطُّوسِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو حَاتِمٍ
الرَّازِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ صُهَيْبٍ , عَنْ وَهْبِ
بْنِ كَيْسَانَ، وَنُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ ,
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَا حُسِرَ عَنْهُ
الْبَحْرُ [ص:87] فَكُلْ، وَمَا وَجَدْتَهُ طَافِيًا فَوْقَ
الْمَاءِ فَلَا تَأْكُلْهُ» وَالنَّاسِخُ لِذَلِكَ مَا
(1/86)
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ , عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ , عَنْ
سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّ الْمُغِيرَةِ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ
أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَأَلَ
رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ
وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ
تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ
الْبَحْرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «هُوَ الطُّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ»
حَدِيثٌ مَنْسُوخٌ
(1/87)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ
الْفَاكِهِيُّ بِمَكَّةَ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
يَزِيدَ الْمُقْرِئُ , عَنِ اللَّيْثِ , عَنْ نَافِعٍ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَأْكُلُ أَحَدُكُمْ مِنْ
أُضْحِيَّتِهِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» وَالنَّاسِخُ
لِذَلِكَ مَا
(1/87)
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ
الْقَطِيعِيُّ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ,
عَنْ عَطَاءٍ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:
«كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ إِلَى الْمَدِينَةِ» قَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَفِي هَذِهِ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ فِي
قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْتُ
نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ، أَلَا فَكُلُوا
مِنْهَا وَتَزَوَّدُوا» حَدِيثٌ مَنْسُوخٌ
(1/87)
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكُوفَةِ، قَالَ:
ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ , عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ
بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ
وَقَالَ فِيهِ: عَنْ عُمَرَ، وَالنَّاسِخُ لِذَلِكَ مَا
(1/87)
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
نَصْرٍ الدَّارَبُرْدِيُّ بِمَرْوَ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْقَاضِي قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ
عَنْ مَالِكٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ , عَنْ
أُمِّهِ عَمْرَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ
عَائِشَةَ، وَذُكِرَ لَهَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ
يَقُولُ: " إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ
عَلَيْهِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِأَبِي
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ، وَلَكِنَّهُ
نَسِيَ أَوْ أَخْطَأَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى يَهُودِيَّةٍ يُبْكَى
عَلَيْهَا، فَقَالَ: «إِنَّهُمْ يَبْكُونَ، وَإِنَّهَا
تُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا» قَالَ الْحَاكِمُ: فَقَدْ جَعَلْتُ
هَذِهِ الْأَحَادِيثَ النَّاسِخَةَ لِمَا تَقَدَّمَهَا مَثَلًا
لِحَدِيثٍ كَثِيرٍ لَا يَحْتَمِلُ الْمَوْضِعُ ذِكْرَهَا
(1/87)
ذِكْرُ النَّوْعِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ
مِنْ عُلُومِ الْحَدِيثِ هَذَا النَّوْعُ مِنْهُ مَعْرِفَةُ
الْأَلْفَاظِ الْغَرِيبَةِ فِي الْمُتُونِ، وَهَذَا عِلْمٌ
قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ،
مِنْهُمْ: مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، فَمَنْ
بَعْدَهُمْ، فَأَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ الْغَرِيبَ فِي
الْإِسْلَامِ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، لَهُ فِيهِ كِتَابٌ
هُوَ عِنْدَنَا بِلَا سَمَاعٍ، ثُمَّ صَنَّفَ فِيهِ أَبُو
عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ كِتَابَهُ الْكَبِيرَ
الَّذِي
(1/88)
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا أَبُو عُبَيْدٍ فَحَدَّثَنِي أَبُو
الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسَ بْنِ
سَلَمَةَ الْعَنَزِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَرَوِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ هِلَالَ بْنَ
الْعَلَاءِ الرَّقِّيَّ يَقُولُ: " مَنَّ اللَّهُ تَعَالَى
ذِكْرُهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ بِأَرْبَعَةٍ:
بِالشَّافِعِيِّ بِفِقْهِ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِأَبِي عُبَيْدٍ فَسَّرَ
غَرَائِبَ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَبِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، نَفَى الْكَذِبَ عَنْ
أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَبِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ثَبَتَ فِي الْمِحْنَةِ بِأَمْرِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَوْلَاهُمْ
لَذَهَبَ الْإِسْلَامُ "
(1/88)
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ
صَنَّفَ الْغَرِيبَ بَعْدَ أَبِي عُبَيْدٍ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ:
عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ
الْحَرْبِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقُتَيْبِيُّ
وَغَيْرُهُمْ، وَفِي أَهْلِ عَصْرِنَا مَنْ صَنَّفَهُ، وَأَنَا
ذَاكِرٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنَ
الْحَدِيثِ مَا لَمْ يَذْكُرْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي
كِتَابِهِ؛ لِيُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى شَوَاهِدِهِ إِنْ شَاءَ
اللَّهُ
(1/89)
سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنَ
مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ: فِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي
قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ: «أَعْطِهِ الْحُذِيَّا» قَالَ:
الْبِشَارَةُ يُقَالُ لَهَا الْحُذِيَّا، وَالْعَرَبُ تَقُولُ:
حَذَوْتُهُ بِالْحُذِيَّا، وَإِنَّمَا يَعْنِي الْبِشَارَةَ
بِالْخَيْرِ "
(1/89)
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ
عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: ثنا
عَامِرُ بْنُ عُبَيْدَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو
الْمَلِيحِ الْهُذَلِيُّ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصَابَنَا
بُغَيْشٌ مِنْ مَطَرٍ، فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ فِي سَفَرٍ: «مَنْ شَاءَ
أَنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ فَلْيَفْعَلْ» قَالَ أَبُو عَبْدِ
اللَّهِ: سَأَلْتُ الْأُدَبَاءَ عَنْ مَعْنَى الْبُغَيْشِ،
فَقَالُوا: الْمَطَرُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: بَغْشَةٌ،
وَبُغَيْشٌ
(1/89)
أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ إِسْحَاقُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ شِيرَوَيْهِ بْنِ بَهْرَامَ
الْهَاشِمِيُّ بِالْكُوفَةِ قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ
بْنِ أَبِي غَرَزَةَ قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ
الْقَطَوَانِيُّ قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ
, عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُ بِيَدِ
الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَيَرْفَعُهُ عَلَى بَاطِنِ
قَدَمَيْهِ، فَيَقُولُ: «حَزُقَّةٌ حَزُقَّةٌ تَرَقَّ عَيْنَ
بَقَّةَ اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ وَأُحِبَّ
مَنْ يُحِبُّهُ» [ص:90] قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: سَأَلْتُ
الْأُدَبَاءَ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالُوا لِي:
إِنَّ الْحَزُقَّةَ: الْمُقَارِبُ الْخُطَى وَالْقَصِيرُ
الَّذِي يُقَرِّبُ خُطَاهُ، وَعَيْنُ بَقَّةَ أَشَارَ إِلَى
الْبَقَّةَ الَّتِي تَطِيرُ وَلَا شَيْءَ أَصْغَرَ مِنْ
عَيْنِهَا لِصِغَرِهَا، وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ الْأُدَبَاءِ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ
بِالْبَقَّةِ فَاطِمَةَ، فَقَالَ لِلْحُسَيْنِ: يَا قُرَّةَ
عَيْنِ بَقَّةَ تَرَقَّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، سَأَلْتُ أَبَا
زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنَ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيَّ , عَنْ
قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«الْمُعْتَكِفُ مُعَكِّفُ الذُّنُوبِ» ، فَقَالَ:
الْمُعْتَكِفُ فِي مَعْنَى الْمُحْتَبِسِ، وَالْمَعْكُوفُ:
الْمَحْبُوسُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْهَدْيَ
مَعْكُوفًا} [الفتح: 25] ، أَيْ مَحْبُوسًا، وَرُوِيَ عَنْ
عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: " مَثَلُ الْمُعْتَكِفِ
كَمَثَلِ الْمُلَازِمِ لِغَرِيمِهِ، فَالْمُعْتَكِفُ
لِذُنُوبِهِ مُلَازِمٌ بَابَ سَيِّدِهِ، فَيَقُولُ: لَا
أَبْرَحُ مِنْ بَابِكَ حَتَّى تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي،
وَلَا يَبْرَحُ مِنْ بَابِهِ سَاعَةً وَاحِدَةً "، وَلِذَلِكَ
نُهِيَ الْمُعْتَكِفُ عَنْ مُجَامَعَةِ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّهُ
يَتْرُكُ مُلَازَمَةَ الدُّعَاءِ، وَيَشْتَغِلُ بِلَهْوِ
النِّسَاءِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا
تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}
[البقرة: 187] وَالْمُبَاشَرَةُ هَاهُنَا الْجِمَاعُ، وَهُوَ
مِثْلُ قَوْلِهِ {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187]
يَعْنِي جَامِعُوهُنَّ فِي لَيَالِي شَهْرِ رَمَضَانَ
فَأُبِيحَ لِلصَّائِمِ غَيْرِ لِلْمُعْتَكِفِ الْجِمَاعُ،
وَحُظِرَ عَلَيْهِ الْجِمَاعُ فِي الِاعْتِكَافِ، وَإِنَّمَا
تَطَيَّرُوا بِذِكْرِ الِاحْتِبَاسِ فَتَفَاءَلُوا بِذِكْرِ
الِاعْتِكَافِ، وَهُوَ مِثْلُ الْمَهْرِ لِلْحَرَائِرِ،
وَالثَّمَنُ لِلْمَمَالِيكِ، وَالْإِمَاءِ، وَكَذَلِكَ
الْوَصِيُّ لِلْمَيِّتِ، وَالْوَكِيلُ لِلْحَيِّ، وَالْمَعْنَى
وَاحِدٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(1/89)
سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيَّ
يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الدَّامِغَانِيُّ،
قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا صَدَقَةُ،
قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةَ , عَنْ عَلِيِّ
بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ , عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ، وَقَبْلَ
أَنْ يُرْفَعَ» , ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ الْوُسْطَى
وَالَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ هَكَذَا، ثُمَّ قَالَ:
الْعَالِمُ وَالْمُتَعَلِّمُ فِي الْخَيْرِ شَرِيكَانِ، وَلَا
خَيْرَ فِي سَائِرِ النَّاسِ بَعْدُ " قَالَ أَبُوزَكَرِيَّا:
فَالْعَالِمُ وَالْمُتَعَلِّمُ فِي الْأَجْرِ سِيَّانَ كَمَا
أَنَّ الدَّاعِيَ وَالْمُؤَمِّنَ فِي الدُّعَاءِ شَرِيكَانِ
[ص:91] قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي شَأْنِ الدُّعَاءِ فِي
قِصَّةِ مُوسَى وَهَارُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا، {قَدْ
أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} [يونس: 89]
(1/90)
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
السَّلَامِ قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثنا
أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ
الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: "
{قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} [يونس: 89] ، قَالَ: دَعَا
مُوسَى، وَأَمَّنَ هَارُونُ "
(1/91)
سَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ مُحَمَّدَ بْنَ
عَبْدِ الْوَاحِدِ الزَّاهِدَ صَاحِبَ ثَعْلَبٍ يَقُولُ:
أَخْبَرَنِي ثَعْلَبٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو نَصْرٍ، عَنِ
الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: الْعَرَبُ تَقُولُ: لَقِسَتْ نَفْسِي
أَيْ غَثَتْ، قَالَ ثَعْلَبٌ وَمِنْهُ النَّهْيُ فِي قَوْلِهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ
خَبُثَتْ نَفْسِي، وَلْيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي»
(1/91)
حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: أنا
ثَعْلَبٌ، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: " الْعَرَبُ
تَقُولُ: لَقِسَتْ نَفْسِي أَيْ ضَاقَتْ " قَالَ: ثَعْلَبٌ:
فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: هُوَ أَجْوَدُ؛ لِأَنَّ
النَّفْسَ تَضِيقُ مِنَ الْأَمْرِ، وَلَا يَكُونُ بِهَا
غَثَيَانُ؛ لِأَنَّ الْغَثَيَانَ ضَرْبٌ مِنَ الْوَجَعِ "
(1/91)
قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
الْوَهَّابِ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ عَثَّامٍ لِمَ
سُمُّوا نُقَبَاءَ؟ قَالَ: «النَّقِيبُ الضَّمِينُ ضَمِنُوا
لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِسْلَامَ
قَوْمِهِمْ، فَسَمُّوا بِذَلِكَ نُقَبَاءَ»
(1/91)
حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ بُنْدَارٍ
الزَّنْجَانِيُّ , عَنْ بَعْضِ، مَشَايِخِهِ، عَنْ أَبِي
الْعَيْنَاءِ قَالَ: ثنا الْأَصْمَعِيُّ , عَنْ أَبِي عَمْرِو
بْنِ الْعَلَاءِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ , قَالَ:
سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: " طُوبَى لِمَنْ كَانَتْ لَهُ
مِزَخَّهْ يَزُخُّهَا ثُمَّ يَنَامَ الْفَخَّهْ
(1/91)
|