نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر (" كتاب الْبَاء ")
وَهُوَ سَبْعَة عشر بَابا: -
(أَبْوَاب الْوَجْهَيْنِ)
(57 - بَاب الْبَأْس)
الْبَأْس فِي الأَصْل: الشدَّة. وَمن ذَلِك قَوْله تَعَالَى:
{وأنزلنا الْحَدِيد فِيهِ بَأْس شَدِيد} .
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْبَأْس فِي الْقُرْآن على
وَجْهَيْن: -
أَحدهمَا: شدَّة الْعَذَاب. [وَمِنْه] ، قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَنْبِيَاء: {فَلَمَّا أحسوا بأسنا} ، وَفِي الْمُؤمن:
{فَلَمَّا رَأَوْا بأسنا قَالُوا آمنا بِاللَّه وَحده} ،
وفيهَا: {فَمن ينصرنا من بَأْس الله إِن جَاءَنَا} .
(1/184)
وَالثَّانِي: الشدَّة فِي الْقِتَال.
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {وَحين الْبَأْس} ،
وَفِي سُورَة النِّسَاء: {عَسى الله أَن يكف بَأْس الَّذين
كفرُوا} ، وَفِي النَّمْل: { [قَالُوا] نَحن أولُوا قُوَّة
وَأولُوا بَأْس شَدِيد} ، وَفِي الْحَشْر: {بأسهم بَينهم
شَدِيد} ، يَعْنِي: (28 / ب) الْقِتَال بَين الْمُنَافِقين
وَالْيَهُود.
وَألْحق بَعضهم وَجها ثَالِثا وَهُوَ: البأساء، والبأساء:
الشدَّة النَّازِلَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة:
{وَالصَّابِرِينَ فِي البأساء وَالضَّرَّاء} ، وَفِي
الْأَنْعَام: {فأخذناهم بالبأساء وَالضَّرَّاء} ، وَفِي
الْأَعْرَاف: {إِلَّا أَخذنَا أَهلهَا بالبأساء} .
(58 - بَاب الْبَرْق)
الْبَرْق: هُوَ النُّور اللامع فِي السَّحَاب. يُقَال: برقتْ
السَّمَاء ورعدت.
قَالَ ابْن فَارس: يُقَال: برقتْ السَّمَاء فأبرقت. وكل شَيْء
اجْتمع
(1/185)
فِيهِ سَواد وَبَيَاض فَهُوَ: أبرق. حَتَّى
إِنَّهُم يسمون الْعين: برقاء. وأنشدوا: -
(ومنحدر من رَأس برقاء حطه ... مَخَافَة بَين من حبيب مزايل)
يُرِيد الدمع المنحدر من الْعين.
وَاخْتلف الْعلمَاء فِي الْبَرْق على أَرْبَعَة أَقْوَال: -
أَحدهَا: أَنه سَوط يضْرب بِهِ السَّحَاب. روى سعيد بن جُبَير
عَن ابْن عَبَّاس [رَضِي الله عَنْهُمَا] : ان الْيَهُود
سَأَلُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْبَرْق
فَقَالَ: " مخاريق يَسُوق بهَا الْملك السَّحَاب "، وَرُوِيَ
عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ [أَنه] قَالَ: هُوَ ضَرْبَة
مِخْرَاق من حَدِيد.
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّه
ضَرْبَة بِسَوْط من نور.
وَالثَّانِي: أَنه تلألؤ كَمَا حَكَاهُ ابْن فَارس.
(1/186)
وَالثَّالِث: أَنه قدح اصطكاك أجرام
السَّحَاب.
وَالرَّابِع: أَنه من تَحْرِيك أَجْنِحَة الْمَلَائِكَة
الموكلين بالسحاب حَكَاهُمَا شَيخنَا عَليّ بن عبيد الله.
وَالْوَجْه عندنَا هُوَ الأول لمَكَان الْأَثر.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الْبَرْق فِي الْقُرْآن على
وَجْهَيْن: -
أَحدهمَا: نور السَّحَاب الْمَذْكُور. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى: (فِي الْبَقَرَة) : {فِيهِ ظلمات ورعد وبرق} .
وَالثَّانِي: نور الْإِسْلَام. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: {يكَاد الْبَرْق يخطف أَبْصَارهم} . وَهُوَ مثل
ضربه الله عز وَجل لِلْمُنَافِقين.
(59 - بَاب الْبَطْش)
(29 / أ) قَالَ ابْن فَارس: الْبَطْش: الْأَخْذ.
(1/187)
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَنه فِي الْقُرْآن
على وَجْهَيْن: -
أَحدهمَا: الْقُوَّة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الزخرف:
{فأهلكنا أَشد مِنْهُم بطشا} ، وَفِي قَاف: {هم أَشد مِنْهُم
بطشا} .
وَالثَّانِي: الْعقَاب. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الدُّخان:
{يَوْم نبطش البطشة الْكُبْرَى} ، وَفِي الْقَمَر: {وَلَقَد
أَنْذرهُمْ بطشتنا} ، وَفِي البروج: {إِن بَطش رَبك لشديد} .
(60 - بَاب البعل)
البعل يُقَال وَيُرَاد بِهِ: الزَّوْج، والصاحب، والرب. والبعل
يُقَال، وَيُرَاد بِهِ: مَا شرب بعروقه من الأَرْض من غير
سقِِي سَمَاء.
قَالَ شَيخنَا عَليّ بن عبيد الله: وَسمي الزَّوْج بعلا
للْمَرْأَة لِأَنَّهَا كأرض الْحَرْث الَّذِي هُوَ الْوَلَد.
وَمَاء الرجل سقيه. قَالَ: وَقيل البعل: الْعُلُوّ فِي
الأَصْل. وَالزَّوْج بعل: لعلوه على الْمَرْأَة.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن البعل فِي الْقُرْآن على وَجْهَيْن:
-
أَحدهمَا: الزَّوْج. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة:
(وبعولتهن أَحَق
(1/188)
بردهن} ، وَفِي هود: {وَهَذَا بعلي شَيخا}
.
وَالثَّانِي: اسْم الصَّنَم. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (فِي
الصافات) : {أَتَدعُونَ بعلا وتذرون أحسن الْخَالِقِينَ} -
(61 - بَاب الْبلَاء)
قَالَ ابْن قُتَيْبَة: أصل الْبلَاء: الاختبار. وَيُقَال
للخير: بلَاء، وللشر: بلَاء. يُقَال من الاختبار: بلوته (أبلوه
بلوا، وَالِاسْم بلَاء. وَمن الْخَيْر: أبليته أبليه إبلاء.
وَمن الشَّرّ: بلاه الله يبلوه بلَاء) .
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْبلَاء فِي الْقُرْآن على
وَجْهَيْن: -
أَحدهمَا: الاختبار. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة:
{وَإِذ ابتلى إِبْرَاهِيم ربه بِكَلِمَات} ، وَفِي
الْأَنْبِيَاء: {ونبلوكم بِالشَّرِّ وَالْخَيْر فتْنَة} . (29
/ ب) .
وَالثَّانِي: النِّعْمَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: (وَفِي ذَلِكُم بلَاء من
(1/189)
ربكُم عَظِيم} ، أَرَادَ نعْمَة عَظِيمَة
فِي خلاصكم. وَفِي الصافات: {إِن هَذَا لَهو الْبلَاء
الْمُبين} .
(أَبْوَاب الثَّلَاثَة)
(62 - بَاب الْبر)
الْبر فِي الأَصْل: اسْم لما يحصل بِهِ للمبرور النَّفْع
يُقَال: بره يبره برا.
قَالَ ابْن فَارس: وَالْبر: ضد العقوق. وَالْبر: الصدْق.
يُقَال: فيهمَا بررت أبر وَرجل بار وبر والبربر: ثَمَر
الْأَرَاك. وَفُلَان يبر ربه، أَي: يطيعه. وَأبر فلَان على
أَصْحَابه: علاهم. والبربرة: كَثْرَة الْكَلَام.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْبر فِي الْقُرْآن على ثَلَاثَة
أوجه: -
أَحدهَا: الصِّلَة، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة:
{وَلَا تجْعَلُوا الله عرضة لأيمانكم أَن تبروا وتتقوا} ،
أَرَادَ أَن تصلوا الْقَرَابَة. وَفِي الممتحنة: {أَن تبروهم
وتقسطوا إِلَيْهِم} .
(1/190)
وَالثَّانِي: الطَّاعَة. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي الْمَائِدَة: {وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى} ،
وَفِي مَرْيَم: {وَبرا بِوَالِديهِ} ، وفيهَا: {وَبرا بوالدتي}
، وَفِي المجادلة: {وتناجوا بِالْبرِّ وَالتَّقوى} ، وَفِي
المطففين: {إِن كتاب الْأَبْرَار لفي عليين} ، وَفِي عبس:
{بأيدي سفرة كرام بررة} .
وَالثَّالِث: التَّقْوَى. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: {أتأمرون النَّاس بِالْبرِّ وتنسون أَنفسكُم} ،
وفيهَا: {لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا وُجُوهكُم قبل الْمشرق
وَالْمغْرب وَلَكِن الْبر من آمن بِاللَّه} ، وَفِي آل عمرَان:
{لن تناولوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} . (وَقَالَ
ابْن عَبَّاس: لن تنالوا الْجنَّة. فَيكون من أَبْوَاب
الْأَرْبَعَة) .
(63 - بَاب الْبَغي)
(30 / أ) قَالَ الزّجاج: معنى الْبَغي فِي اللُّغَة: قصد
الْفساد. وَيُقَال بغى الْجرْح يَبْغِي بغيا، إِذا ترامى إِلَى
فَسَاد. وَيُقَال: بغى الرجل حَاجته يبغيها بغاء. وَالْعرب
تَقول: خرج الرجل فِي بغاء إبِله، أَي: فِي طلبَهَا. قَالَ
الشَّاعِر: -
(1/191)
(لَا يمنعنك من بغاء ... الْخَيْر تعقاد
التمائم)
(إِن الأشائم كالأيامن، ... والأيامن كالأشائم)
وَيُقَال: بَغت الْمَرْأَة تبغي بغاء إِذا فجرت: قَالَ الله عز
وَجل: {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء إِن أردن
تَحَصُّنًا} . وَيُقَال: ابْتغِي لفُلَان أَن يفعل كَذَا، أَي
صلح كَذَا لَهُ أَن يفعل، والبغايا فِي اللُّغَة شَيْئَانِ.
البغايا: الْإِمَاء. والبغايا: الفواجر.
قَالَ ابْن فَارس: البغية: الْحَاجة. وبغيتك الشَّيْء: طلبته
لَك. وابتغيتك: اعنتك على طلبه.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْبَغي فِي الْقُرْآن على ثَلَاثَة
أوجه: -
أَحدهَا: الظُّلم. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَعْرَاف:
{وَالْإِثْم وَالْبَغي بِغَيْر الْحق} ، وَفِي النَّحْل:
{وَينْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر وَالْبَغي} ، وَفِي حم
عسق: {وَالَّذين إِذا أَصَابَهُم الْبَغي هم ينتصرون} .
(1/192)
وَالثَّانِي: الْمعْصِيَة. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي يُونُس: {فَلَمَّا أنجهم إِذا هم يَبْغُونَ فِي
الأَرْض بِغَيْر الْحق [يَا أَيهَا النَّاس إِنَّمَا بَغْيكُمْ
على أَنفسكُم] } .
وَالثَّالِث: الْحَسَد. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي حم عسق:
{إِلَّا من بعد مَا جَاءَهُم الْعلم بغيا بَينهم} .
(64 - بَاب الْبُهْتَان)
الْبُهْتَان: الْكَذِب. وَقيل: إِنَّه أَعلَى دَرَجَات
الْكَذِب وَهُوَ أَن يكذب الرجل لمن يعلم مِنْهُ انه يعلم
كذبه. وَالْعرب تَقول يَا للبهيتة، أَي: يَا للكذب. وَيُقَال
بهت الرجل: إِذا دهش. وَفِيه أَربع لُغَات بهت وبهت وبهت وبهت.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْبُهْتَان فِي الْقُرْآن على
ثَلَاثَة أوجه - (30 / ب) .
أَحدهَا: الْكَذِب. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي النُّور:
{سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم} .
(1/193)
وَالثَّانِي: الزِّنَى. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي الممتحنة: {وَلَا يَأْتِين بِبُهْتَان
يَفْتَرِينَهُ} .
وَالثَّالِث: الْحَرَام. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة
النِّسَاء: {أتأخذونه بهتانا وإثما مُبينًا} .
(65 - بَاب البيع)
البيع: استبدال مَال بِمَال على صفة مَخْصُوصَة، وَرُبمَا سمي
الشِّرَاء بيعا عِنْد الْعَرَب. وأنشدوا:
(إِذا الثريا طلعت عشَاء ... فبع لراعي غنم كسَاء)
وَيُقَال للمعاهدة على الْأَمر، وَالْمُعَاقَدَة على النَّصْر،
وَمَا أشبه ذَلِك: بيعَة. وَمِنْه بيعَة الامام.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن البيع فِي الْقُرْآن على ثَلَاثَة
أوجه: -
أَحدهَا: عقد الْمُعَاوضَة، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
سُورَة الْبَقَرَة: {ذَلِك بِأَنَّهُم قَالُوا إِنَّمَا البيع
مثل الرِّبَا وَأحل الله البيع وَحرم الرِّبَا} ،
(1/194)
وفيهَا: {وَأشْهدُوا إِذا تبايعتم} .
وَالثَّانِي: عقد الْمِيثَاق على النَّصْر، وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي الْفَتْح: {إِن الَّذين يُبَايعُونَك إِنَّمَا
يبايعون الله} .
وَالثَّالِث: الْفِدَاء، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: {من قبل أَن يَأْتِي يَوْم لَا بيع فِيهِ وَلَا
خلة وَلَا شَفَاعَة} ، وَفِي إِبْرَاهِيم: {من قبل أَن يَأْتِي
يَوْم لَا بيع فِيهِ وَلَا خلال} ، قَالَ الضَّحَّاك عَن ابْن
عَبَّاس: لَا فديَة فِيهِ] .
(أَبْوَاب الْأَرْبَعَة)
(66 - بَاب الْبَاطِل)
الْبَاطِل: مَا لَا صِحَة لَهُ. وضده: الْحق. وَيُقَال: بَطل
الشَّيْء: إِذا تلف. وَبَطل الْبناء: انْتقض. والبطل الشجاع.
يُقَال هُوَ بَطل: بَين البطولة والبطالة. وَقد فرق بعض
الْعلمَاء بَين الْبَاطِل وَالْفساد فَقَالَ الْبَاطِل: هُوَ
الَّذِي لَا وجود لَهُ. وَالْفَاسِد: مَوْجُود إِلَّا أَنه
[قد] اخْتَلَّ بعض شُرُوطه. وَالْفَاسِد وسط بَين الصَّحِيح
وَالْبَاطِل لِأَن وجود مَا وجدت مِنْهُ يشبه فِيهِ الصَّحِيح
(31 / أ) وَعدم مَا عدم مِنْهُ يشبه الْبَاطِل
(1/195)
فَكَانَت تَسْمِيَته فَاسِدا قسما ثَالِثا،
وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَاب أبي حنيفَة: إِن البيع الْفَاسِد
إِذا اتَّصل بِهِ الْقَبْض ملكت الْعين، وَفرقُوا بَين ذَلِك
وَبَين الْبَاطِل فَقَالُوا: الْبَاطِل لَا يملك بِهِ، مثل بيع
الصَّبِي وَالْمَجْنُون لِأَن بيعهمَا غير مُنْعَقد وَالْبيع
الْفَاسِد مُنْعَقد وَلِهَذَا لَو وطئ المُشْتَرِي الْجَارِيَة
فِي البيع الْفَاسِد لم يحد بِاتِّفَاق وَيكون الْوَلَد حرا:
فَمن الَّذِي لَا يحرم أَن يحدث الرجل فِي الطَّهَارَة،
فَإِنَّهُ يُفْسِدهَا بذلك وَلَا يُقَال هَذَا حرَام، وَمن
الَّذِي يحرم: أَن يقْصد إِفْسَاد الصَّلَاة وَالصَّوْم
وَالْحج وَنَحْو ذَلِك.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْبَاطِل فِي الْقُرْآن على
أَرْبَعَة أوجه: -
أَحدهَا: الْكَذِب، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي العنكبوت:
{إِذا لارتاب المبطلون} ، [وَفِي حم الْمُؤمن: {وخسر هُنَالك
المبطلون} ] ، وَفِي حم السَّجْدَة: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل
من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه} ، أَي: لَا تكذبه الْكتب
الَّتِي قبله وَلَيْسَ بعده كتاب فيكذبه، وَفِي الجاثية:
{يَوْمئِذٍ يخسر المبطلون} .
وَالثَّانِي: الإحباط، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: (لَا تُبْطِلُوا
(1/196)
صَدقَاتكُمْ بالمن والأذى} ، وَفِي سُورَة
مُحَمَّد (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) : {لَا تُبْطِلُوا
أَعمالكُم} .
وَالثَّالِث: الظُّلم، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم
بِالْبَاطِلِ وتدلوا بهَا إِلَى الْحُكَّام} ، وَفِي سُورَة
النِّسَاء: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ
إِلَّا أَن تكون تِجَارَة عَن ترَاض مِنْكُم} .
وَالرَّابِع: الشّرك، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة:
(31 / ب) {وَلَا تلبسوا الْحق بِالْبَاطِلِ} ، وَفِي النَّحْل:
{أفبالباطل يُؤمنُونَ} ، وَفِي بني إِسْرَائِيل: {وَقل جَاءَ
الْحق وزهق الْبَاطِل إِن الْبَاطِل كَانَ زهوقا} ، وَفِي
العنكبوت: {وَالَّذين آمنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفرُوا بِاللَّه
أُولَئِكَ هم الخاسرون} ، قَالَ بعض الْمُفَسّرين: إِن
الْبَاطِل فِي هَذِه الْآيَة: الشَّيْطَان، فَيكون ذَلِك وَجها
خَامِسًا. (67 - بَاب الْبَحْر)
الْبَحْر: اسْم للْمَاء الغزير الْوَاسِع، وَسمي بحرا لاتساعه،
وَيُقَال: فرس بَحر، إِذا كَانَ وَاسع الجري، وَمن ذَلِك قَول
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَإِن
(1/197)
وَجَدْنَاهُ لبحرا ".
وَالْمَاء [الْبَحْر] : الْملح. وَيُقَال أبحر إِذا ملح، قَالَ
نصيب: -
(وَقد عَاد مَاء الأَرْض بحرا فزادني ... إِلَى مرضِي أَن أبحر
المشرب العذب)
والباحر الرجل الأحمق. وَقَالَ الْأمَوِي: البحرة: الْبَلدة.
يُقَال هَذِه بحرتنا، أَي: بَلْدَتنَا.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الْبَحْر فِي الْقُرْآن على
أَرْبَعَة أوجه: -
أَحدهَا: الْبَحْر الْمَعْرُوف فِي [الأَرْض] ، وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي الْكَهْف: {حَتَّى أبلغ مجمع الْبَحْرين} ، وَفِي
الدُّخان: (واترك
(1/198)
الْبَحْر رهوا} .
وَالثَّانِي: [الْبَحْر] المَاء العذب والمالح، وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي سُورَة الرَّحْمَن: {مرج الْبَحْرين
يَلْتَقِيَانِ} .
وَالثَّالِث: بَحر تَحت الْعَرْش، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الطّور: {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} .
وَالرَّابِع: العامر من الْبِلَاد، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
فِي الرّوم: {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر} .
قَالَ ابْن فَارس: الْبحار: الأرياف. (وَالْبَحْر: الرِّيف) ،
كَذَا قَالَ بعض أهل التَّأْوِيل فِي قَوْله: {ظهر الْفساد فِي
الْبر وَالْبَحْر} ، إِن الْبر: الْبَادِيَة، وَالْبَحْر:
الرِّيف.
(68 - بَاب الْبَصِير)
الْبَصِير: ضد الْأَعْمَى، وَالْبَصَر: وَاحِد الْأَبْصَار.
وَالْبَصَر: أَيْضا الْعلم بالشَّيْء (32 / أ) . وَفُلَان
بَصِير بِكَذَا، أَي: عَالم بِهِ. والبصيرة: الْقطعَة من
الدَّم إِذا وَقعت على الأَرْض استدارت. والبصيرة: الترس.
والبصيرة: الْبُرْهَان. يُقَال: بصرت بالشَّيْء: إِذا صرت
(1/199)
بَصيرًا بِهِ عَالما. وأبصرته: إِذا
رَأَيْته وبصر الشَّيْء: علمه. والبصير: الْكَلْب، فِي قَول
الْقَائِل: -
(أرى نَار ليلى أَو يراني بصيرها)
وَذكر [بعض] أهل التَّفْسِير أَن الْبَصِير فِي الْقُرْآن على
أَرْبَعَة أوجه: -
أَحدهَا: الْبَصِير بِالْقَلْبِ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (فِي
الْأَعْرَاف) : {وتراهم ينظرُونَ إِلَيْك وهم لَا يبصرون} ،
وَفِي فاطر: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى والبصير} .
وَالثَّانِي: الْبَصِير بِالْعينِ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
فِي يُوسُف: {فَارْتَد بَصيرًا} . وَفِي ق: {فبصرك الْيَوْم
حَدِيد} ، وَفِي هَل أَتَى: {فجعلناه سميعا بَصيرًا} .
وَالثَّالِث: الْبَصِير بِالْحجَّةِ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
فِي طه: {لم حشرتني أعمى وَقد كنت بَصيرًا} .
(1/200)
وَالرَّابِع: الْمُعْتَبر، وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي الذاريات: {وَفِي أَنفسكُم أَفلا تبصرون} ، أَي:
تعتبرون، وألحقه شَيخنَا بالقسم الأول وَقَالَ: هُوَ من
الْبَصَر بِالْقَلْبِ.
(69 - بَاب الْبَلَد)
الْبَلَد: صدر الْقرى، والبلدة: الصَّدْر. وتبلد الرجل: وضع
يَده على صَدره متحيرا، والبلدة: نجم. يَقُولُونَ هِيَ بَلْدَة
الْأسد، أَي: صَدره.
والبلد: الْأَثر، وَجمعه أبلاد. قَالَ ابْن الرّقاع:
(عرف الديار توهما فاعتادها ... من بعد مَا شَمل البلى
أبلادها)
وبلد الرجل بِالْأَرْضِ إِذا لزق بهَا. والبالد: الْعَقِيم
بِالْبَلَدِ. والأبلد الَّذِي لَيْسَ بمقرون الحاجبين، وَمَا
بَين حاجبيه بَلْدَة.
وَذكر أهل التَّفْسِير (32 / ب) ان الْبَلَد فِي الْقُرْآن على
أَرْبَعَة أوجه: -
(1/201)
أَحدهَا: مَكَّة، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
فِي الْبَقَرَة: {وَإِذ قَالَ إِبْرَاهِيم رب اجْعَل هَذَا
بَلَدا آمنا} ، وَفِي إِبْرَاهِيم: {رب اجْعَل هَذَا الْبَلَد
آمنا} ، وَمثله: {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد} .
وَالثَّانِي: مَدِينَة سبأ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {بَلْدَة
طيبَة وَرب غَفُور} .
وَالثَّالِث: الْبقْعَة النامية، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَعْرَاف: {والبلد الطّيب يخرج نَبَاته بِإِذن ربه} .
وَالرَّابِع: الْمَكَان الَّذِي لَا نبت فِيهِ، وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي الْأَعْرَاف: {سقناه لبلد ميت} .
(أَبْوَاب مَا فَوق أَرْبَعَة)
(70 - بَاب الْبَقِيَّة)
الْبَقِيَّة مُشْتَقَّة من الْبَقَاء. وَالْبَاقِي: مَا
تَكَرَّرت عَلَيْهِ الْأَزْمَان وَهُوَ بَاقٍ. والبقية: مَا
يبْقى عِنْد زَوَال مَا كَانَت مَعَه الْبَقِيَّة جملَة
وَاحِدَة. يُقَال: بَقِي الشَّيْء يبْقى بَقَاء. وَمن الْعَرَب
من يَقُول: بقى مَكَان بَقِي. يُقَال: فلَان يبقي الشَّيْء
إِذا رقبه ورصده. وَفِي الحَدِيث: (وأبقينا رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم) . يَعْنِي انتظرناه.
(1/202)
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْبَقِيَّة فِي
الْقُرْآن على خَمْسَة أوجه: -
أَحدهَا: الْقَلِيل، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي هود: {فلولا
كَانَ من الْقُرُون من قبلكُمْ أولُوا بَقِيَّة} ، أَرَادَ
الْقَلِيل.
وَالثَّانِي: الدَّوَام، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
النَّحْل: {مَا عنْدكُمْ ينفذ وَمَا عِنْد الله بَاقٍ} ، وَفِي
الْقَصَص: {وَمَا عِنْد الله خير وَأبقى} .
وَالثَّالِث: مَا بَقِي من الذَّاهِب، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
فِي الْبَقَرَة: {وَبَقِيَّة مِمَّا ترك آل مُوسَى وَآل هرون}
.
وَالرَّابِع: الثَّوَاب، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (33 / أ) فِي
هود: {بقيت الله خير لكم} ، أَي: ثَوَابه [لله] ، وَقَالَ
اليزيدي: طَاعَته.
وَالْخَامِس: الصَّلَوَات الْخمس، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْكَهْف: {والباقيات الصَّالِحَات خير عِنْد رَبك ثَوابًا} ،
وَقيل: أَرَادَ بهَا سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا
إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر.
(1/203)
(71 - بَاب الْبَعْث)
الْبَعْث والارسال يتقاربان. تَقول: بعثت رَسُولا، وَأرْسلت
رَسُولا. وَيُقَال: الْبَعْث، وَيُرَاد بِهِ: الْإِحْيَاء
وَيُقَال، وَيُرَاد بِهِ: الإثارة. يُقَال: بعثت النَّاقة إِذا
أثرتها. وَيَوْم بُعَاث: يَوْم كَانَ لِلْأَوْسِ والخزرج.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْبَعْث فِي الْقُرْآن على سِتَّة
أوجه: -
أَحدهَا: الإلهام، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْمَائِدَة:
{فَبعث الله غرابا يبْحَث فِي الأَرْض} .
وَالثَّانِي: الْإِحْيَاء، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: {ثمَّ بعثناكم من بعد موتكم} ، وفيهَا: {فأماته
الله مئة عَام ثمَّ بَعثه} .
وَالثَّالِث: الإيقاظ من النّوم، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى [فِي
الْأَنْعَام: {ثمَّ يبعثكم فِيهِ ليقضى أجل مُسَمّى} ] ، وَفِي
الْكَهْف: {ثمَّ بعثناهم لنعلم أَي الحزبين أحصى لما لَبِثُوا
أمدا} .
وَالرَّابِع: التسليط، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى [فِي بني
إِسْرَائِيل] :
(1/204)
{بعثنَا عَلَيْكُم عبادا لنا أولي بَأْس
شَدِيد} .
وَالْخَامِس: الْإِرْسَال، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: {رَبنَا وَابعث فيهم رَسُولا مِنْهُم} ، وَفِي
الْجُمُعَة: {هُوَ الَّذِي بعث فِي الْأُمِّيين رَسُولا
مِنْهُم} .
وَالسَّادِس: النصب، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة:
{ابْعَثْ لنا ملكا نُقَاتِل فِي سَبِيل الله} ، أَي: انصب لنا،
وفيهَا: {إِن الله قد بعث لكم طالوت ملكا} ، وَفِي (سُورَة)
النِّسَاء: {فَابْعَثُوا حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا} .
(72 - بَاب الْبَيْت)
الْبَيْت: مَا يأوي إِلَيْهِ الْإِنْسَان ليقيه الْحر
وَالْبرد. وَهُوَ فِي تعارف أهل الْأَبْنِيَة أَرض عَلَيْهَا
دائر من الْبناء يظله سقف، وَفِي تعارف الْعَرَب وَأَصْحَاب
الْوَبر دائر من صوف أَو غير ذَلِك يظله سقف من جنسه، وَقيل:
سمي بَيْتا لِأَنَّهُ يصلح للبيتوتة فِيهِ. والبيات والتبييت
أَن يَأْتِي الْعَدو لَيْلًا. وَبَات فلَان يفعل كَذَا إِذا
فعله لَيْلًا. كَمَا يُقَال: بِالنَّهَارِ ظلّ. وَبَيت الرجل
الْأَمر: إِذا دبره لَيْلًا. قَالَ الشَّاعِر: -
(1/205)
(أَتَوْنِي فَلم أَرض مَا بيتوا ...
وَكَانُوا أَتَوْنِي بِشَيْء نكر)
والبيوت: الْأَمر يبيت عَلَيْهِ صَاحبه، مهتما بِهِ، قَالَ
الْهُذلِيّ: -
(وَأَجْعَل قفرتها عدَّة ... إِذا خفت بيُوت أَمر عضال)
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن بَيت فِي الْقُرْآن على تِسْعَة
أوجه: -
أَحدهَا: الْمنزل الْمَبْنِيّ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
النُّور: {لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ} ، وَفِي
الْأَحْزَاب: {لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي إِلَّا أَن يُؤذن
لكم} ، وَفِي التَّحْرِيم: {رب ابْن لي عنْدك بَيْتا فِي
الْجنَّة} .
وَالثَّانِي: الْمَسْجِد، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي يُونُس:
{أَن تبوءا لقومكما بِمصْر بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتكُمْ
قبْلَة} .
(1/206)
وَالثَّالِث: السَّفِينَة، وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى [فِي نوح] : {رب اغْفِر لي ولوالدي} ، وَلمن دخل
بَيْتِي مُؤمنا {وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} (أَي:
سفينتي، وَقيل ديني) .
وَالرَّابِع: الْكَعْبَة، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: {وَإِذ جعلنَا الْبَيْت مثابة للنَّاس وَأمنا} ،
وفيهَا: {أَن طهرا بَيْتِي للطائفين} .
وَالْخَامِس: الْخَيْمَة، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
النَّحْل: {وَجعل (34 / أ} لكم من جُلُود الْأَنْعَام بُيُوتًا
تستخفونها} .
وَالسَّادِس: السجْن، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة
النِّسَاء: {فأمسكوهن فِي الْبيُوت} .
وَالسَّابِع: العش، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي النَّحْل:
{أَن اتخذي من الْجبَال بُيُوتًا} ، وَمثله: {كَمثل العنكبوت
اتَّخذت بَيْتا} .
وَالثَّامِن: الْكَهْف، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْحجر:
{ينحتون من الْجبَال بُيُوتًا آمِنين} ، وَفِي الشُّعَرَاء:
{وتنحتون من الْجبَال بُيُوتًا فارهين} .
وَالتَّاسِع: الْخَانَات، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
النُّور: (لَيْسَ
(1/207)
عَلَيْكُم جنَاح أَن تدْخلُوا بُيُوتًا غير
مسكونة فِيهَا مَتَاع لكم} .
(73 - بَاب الْبَاء)
قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا: الْبَاء حرف جر يدْخل على الِاسْم
فيجره وَهِي تَجِيء فِي عدَّة معَان مِنْهَا: أَن تكون
للالصاق. كَقَوْلِك: مسحت يَدي بالمنديل. وَمِنْهَا: أَن تكون
للاستعانة، كَقَوْلِك: كتبت بالقلم، وَضربت بِالسَّيْفِ. وتصحب
الْأَثْمَان، كَقَوْلِك: اشْتريت بدرهم، وبعت بِدِينَار.
وَتَكون: للقسم. كَقَوْلِك: بِاللَّه. وَتَكون بِمَعْنى: فِي،
كَقَوْلِك: زيد بِالْبَصْرَةِ وَتَكون: زَائِدَة. كَقَوْلِك:
لَيْسَ زيد بمنطلق.
وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: تكون الْبَاء بِمَعْنى (من) ، تَقول
الْعَرَب: شربت بِمَاء كَذَا، أَي من مَاء كَذَا.
قَالَ عنترة: -
(شربت بِمَاء الدحرضين فَأَصْبَحت ... زوراء تنفر عَن حِيَاض
الديلم)
وَتَكون الْبَاء بِمَعْنى: عَن. قَالَ عَلْقَمَة بن عَبدة: -
(1/208)
(فَإِن تَسْأَلُونِي بِالنسَاء فإنني ...
بَصِير بأدواء النِّسَاء طَبِيب)
وَقَالَ ابْن أَحْمَر: -
(تسائل يَا ابْن أَحْمَر من رَآهُ ... أعارت عينه أم لم تعارا)
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الْبَاء فِي الْقُرْآن على اثْنَي
عشر وَجها: -
أَحدهَا: (34 / ب) صلَة فِي الْكَلَام: وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي سُورَة النِّسَاء: {فامسحوا بوجوهكم} ، وَفِي
الْمَائِدَة: {وامسحوا برؤوسكم} ، وَفِي الْمُؤمنِينَ: {تنْبت
بالدهن} .
وَالثَّانِي: بِمَعْنى " من "، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
هَل أَتَى: {عينا يشرب بهَا عباد الله} ، وَفِي المطففين:
{عينا يشرب بهَا المقربون} .
وَالثَّالِث: بِمَعْنى " اللَّام "، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
فِي الْبَقَرَة: (وَإِذ فرقنا
(1/209)
بكم الْبَحْر} ، وَفِي الدُّخان: {مَا
خلقناهما إِلَّا بِالْحَقِّ} .
وَالرَّابِع: بِمَعْنى " مَعَ "، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الذاريات: {فَتَوَلّى بركنه} ، أَي مَعَ جنده.
وَالْخَامِس: بِمَعْنى " فِي "، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
آل عمرَان: {بِيَدِك الْخَيْر} .
وَالسَّادِس: بِمَعْنى " عَن "، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: {وتقطعت بهم الْأَسْبَاب} ، وَفِي الْفرْقَان:
{فَسئلَ بِهِ خَبِيرا} .
وَالسَّابِع: (بِمَعْنى " بعد ") ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
فِي آل عمرَان: {فأثابكم غما بغم} .
وَالثَّامِن: بِمَعْنى " عِنْد "، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
آل عمرَان: {والمستغفرين بالأسحار} .
وَالتَّاسِع: بِمَعْنى " إِلَى "، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَعْرَاف: {مَا سبقكم بهَا من أحد من الْعَالمين} .
والعاشر: بِمَعْنى على، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة
النِّسَاء: {لَو تسوى بهم الأَرْض} .
وَالْحَادِي عشر: بِمَعْنى المصاحبة، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
فِي الْمَائِدَة: {وَقد دخلُوا بالْكفْر وهم قد خَرجُوا بِهِ}
.
(1/210)
وَالثَّانِي عشر: (بِمَعْنى السَّبَب،
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {وتقطعت بهم
الْأَسْبَاب} ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين هم بِهِ
مشركون} ، أَي: من أَجله.
(آخر كتاب الْبَاء)
(1/211)
|