نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر

" كتاب الطَّاء ")

وَهُوَ سَبْعَة أَبْوَاب: -
(193 - بَاب الطاغوت (84 / أ))

الطاغوت: اسْم مَأْخُوذ من الطغيان، والطغيان: مُجَاوزَة الْحَد. وَقد سمي الْكَافِر طاغوتا وَيُسمى بذلك السَّاحر، والصنم، والشيطان، وكل مَا ورد من الْجِنّ وَالْإِنْس.
قَالَ ابْن قُتَيْبَة: كل معبود من حجر أَو صُورَة أَو شَيْطَان، فَهُوَ جبت وطاغوت. وَكَذَلِكَ حكى الزّجاج عَن أهل اللُّغَة.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الطاغوت فِي الْقُرْآن على ثَلَاثَة أوجه: -
أَحدهَا: الْأَوْثَان. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي النَّحْل: ( [أَن] اعبدوا الله

(1/410)


وَاجْتَنبُوا الطاغوت} ، وَفِي الزمر: { (وَالَّذين} اجتنبوا الطاغوت أَن يعبدوها} .
وَالثَّانِي: الشَّيْطَان. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {فَمن يكفر بالطاغوت} [وَفِي سُورَة النِّسَاء: {يُقَاتلُون فِي سَبِيل الطاغوت} ] ، وَفِي الْمَائِدَة: { (وَجعل مِنْهُم القردة والخنازير} وَعبد الطاغوت} .
وَالثَّالِث: كَعْب بن الْأَشْرَف. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {وَالَّذين كفرُوا أولياؤهم الطاغوت} ، (وَفِي سُورَة النِّسَاء: {يُؤمنُونَ بالجبت والطاغوت} {وفيهَا} (ويريدون أَن يتحاكموا إِلَى الطاغوت} .
(194 - بَاب الطَّعَام}
الطَّعَام: اسْم للمأكول. يُقَال: طعمت الشَّيْء طعما. واستطعم فلَان الحَدِيث: إِذا أَرَادَ أَن يحدثه، وَفِي الحَدِيث: (إِذا استطعمكم

(1/411)


الإِمَام فأطعموه} .
يَقُول: إِذا استفتح فافتحوا عَلَيْهِ. وَالْإِطْعَام: يَقع فِي كل مَا يطعم، حَتَّى المَاء. قَالَ (الله) تَعَالَى: {وَمن لم يطعمهُ فَإِنَّهُ مني} ، وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي زَمْزَم: {فَإِنَّهَا طَعَام طعم، شِفَاء سقم} } . وَيُقَال: رجل طاعم، أَي: حسن الْحَال فِي الْمطعم. وَرجل مطعام: كثير الْقرى. ومطعم: كثير الْأكل. ومطعم: مَرْزُوق. والطعمة: المأكلة. وَيُقَال للقوس المطعمة. (84 / ب) لِأَنَّهَا تطعم صَاحبهَا الصَّيْد، قَالَ ذُو الرمة: -
(وَفِي الشمَال من الشريان مطعمة ... كبراء وَفِي عجسها عطف وتقويم)

وَيُقَال: أطعمت النَّخْلَة: أدْرك ثَمَرهَا. والتطعم: التذوق. يُقَال: تطعم تطعم، أَي: ذُقْ تشته. فالطعم: عرض يدْرك بالذوق وَيُقَال: فلَان خَبِيث الطعمة: إِذا كَانَ رَدِيء الْكسْب. وَيُقَال: ادن فاطعم، فَيَقُول: مَا لي طعم.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الطَّعَام فِي الْقُرْآن على أَرْبَعَة أوجه: -

(1/412)


أَحدهَا: [كل] مَا يطعم مِنْهُ. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَنْعَام: {وَهُوَ يطعم لَا يطعم} ، وَفِي الْأَحْزَاب: {فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشرُوا} ، وَفِي قُرَيْش: {الَّذِي أطْعمهُم من جوع} .
وَالثَّانِي: السّمك. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (فِي الْمَائِدَة) : {أحل لكم صيد الْبَحْر وَطَعَامه} .
وَالثَّالِث: الذَّبَائِح. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْمَائِدَة: {وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب حل لكم وطعامكم حل لَهُم} . وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {وَمن لم يطعمهُ فَإِنَّهُ مني} ، وَفِي الْمَائِدَة: {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} ، أَرَادَ: شربوا من الْخمر قبل تَحْرِيمهَا.
(195 - بَاب الطغيان)

الطغيان: مُجَاوزَة الْحَد. فَكل من جَاوز حَده فِي الْعِصْيَان: طاغ. وطغى السَّيْل: إِذا جَاءَ بِمَاء كثير وطغى الْبَحْر: هَاجَتْ أمواجه. وطغى الدَّم: تبيغ

(1/413)


قَالَ الْخَلِيل: الطغيان والطغوان لُغَة. وَالْفِعْل: طغيت وطغوت.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الطغيان فِي الْقُرْآن على أَرْبَعَة أوجه.
أَحدهَا: الضلال. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {ويمدهم فِي طغيانهم يعمهون} ، وَفِي يُونُس: {فَنَذر الَّذين لَا يرجون لقاءنا فِي طغيانهم يعمهون} ، وَفِي ص: {وَإِن للطاغين لشر مآب} ، وَفِي (85 / أ) الصافات: {بل كُنْتُم قوما طاغين} ، وَفِي قَاف: {رَبنَا مَا أطغيته} ، وَفِي عَم يتساءلون: {للطاغين مآبا} .
وَالثَّانِي: الْعِصْيَان. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الحاقة] : {إِنَّا لما طَغى المَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَة} .

(1/414)


وَالرَّابِع: الظُّلم. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة الرَّحْمَن: {أَلا تطغوا فِي الْمِيزَان} .
(196 - بَاب الطَّائِفَة)

قَالَ ابْن قُتَيْبَة: الطَّائِفَة الْقطعَة من الشَّيْء وَقد تكون الطَّائِفَة وَاحِدًا واثنين وَثَلَاثًا وَأكْثر.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الطَّائِفَة فِي الْقُرْآن على خَمْسَة أوجه: -
أَحدهَا: الْجَمَاعَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الحجرات: {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا} .
وَالثَّانِي: الْمُؤْمِنُونَ. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي آل عمرَان: {يغشى طَائِفَة مِنْكُم وَطَائِفَة} .
وَالثَّالِث: المُنَافِقُونَ. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي آل عمرَان: {وَطَائِفَة قد أهمتهم أنفسهم} ، يَعْنِي: الْمُنَافِقين، وَقيل الَّذين غشاهم النعاس من الْمُؤمنِينَ سَبْعَة وَالَّذين اهمتهم أنفسهم [من الْمُنَافِقين) ثَلَاثَة وَالْأول [أصح] .
وَالرَّابِع: ثَلَاثَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي النُّور: (وليشهد عذابهما

(1/415)


طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ} ، قَالَه: الزُّهْرِيّ.
وَالْخَامِس: رجل وَاحِد. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي بَرَاءَة: {إِن نعف عَن طَائِفَة مِنْكُم (نعذب طَائِفَة} } ، وَفِي اسْم هَذَا الرجل قَولَانِ:
أَحدهمَا: الجهير.
وَالثَّانِي: مخشي، كَانَ يمشي مَعَ رجلَيْنِ من الْمُنَافِقين وهما يستهزآن برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَضَحِك فَلَمَّا اطلع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على حَالهم قَالَ: " وَالله مَا تَكَلَّمت بِشَيْء وَإِنَّمَا ضحِكت تَعَجبا من قَوْلهم "، فَنزلت هَذِه الْآيَة.
(197 - بَاب الطّواف (85 / ب))

الطّواف بالشَّيْء: اسْتِيعَاب نواحيه بالسعي حوله. تَقول: طفت بِالْبَيْتِ: إِذا درت حوله. والطائف فِي اللُّغَة. والطائف: أَيْضا مَا طَاف بالإنس [وَالْجِنّ] من الْجنان.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين ان الطّواف فِي الْقُرْآن على سِتَّة أوجه: -
أَحدهَا: الطّواف بِالْبَيْتِ. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {أَن طهرا بَيْتِي للطائفين} ، وَفِي الْحَج: {وطهر بَيْتِي [للطائفين] } .

(1/416)


وَالثَّانِي: السَّعْي (بَين الصَّفَا والمروة) . وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن يطوف بهما} .
(وَالثَّالِث) : الجولان. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة الرَّحْمَن: {يطوفون بَينهَا وَبَين حميم آن} .
وَالرَّابِع: الْخدمَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الطّور: {وَيَطوف عَلَيْهِم غلْمَان لَهُم} ، أَي: يخدمونهم.
وَالْخَامِس: نَار محرقة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي نون: {فَطَافَ عَلَيْهَا طائف من رَبك} .
وَالسَّادِس: الوسوسة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَعْرَاف: {إِذا مسهم طائف من الشَّيْطَان تَذكرُوا} .
(198 - بَاب الطَّيِّبَات)

الطَّيِّبَات: جمع طيب. وَالطّيب: ضد الْخَبيث. وَيُقَال: كل مَا يلذ للنَّفس طيب. فَيُقَال: للطعام الملذ: طيب. وللريح الملذة: طيبَة. ويستعار فِيمَا لَا اثم فِيهِ. فَيُقَال: هَذَا كسب طيب، أَي: حَلَال.

(1/417)


ذكر أهل التَّفْسِير أَن الطَّيِّبَات فِي الْقُرْآن على سَبْعَة أوجه: -
أَحدهَا: الْحَلَال. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {كلوا من طَيّبَات مَا رزقناكم واشكروا لله} ، وَفِي الْأَعْرَاف: {والطيبات من الرزق} .
وَالثَّانِي: الْمَنّ والسلوى. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى [فِي الْبَقَرَة: {وأنزلنا عَلَيْكُم الْمَنّ والسلوى كلوا من طَيّبَات مَا رزقناكم} ، وَفِي يُونُس: {وَلَقَد بوأنا بني إِسْرَائِيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطَّيِّبَات} .
وَفِي الجاثية: {وَلَقَد آتَيْنَا بني إِسْرَائِيل الْكتاب وَالْحكم والنبوة ورزقناهم من الطَّيِّبَات} . (86 / أ) .
وَالثَّالِث: الشحوم وَلُحُوم كل ذِي ظفر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة النِّسَاء: {فبظلم من الَّذين هادوا حرمنا عَلَيْهِم طَيّبَات أحلّت لَهُم} ، وَفِي الْأَعْرَاف: {وَيحل لَهُم الطَّيِّبَات وَيحرم عَلَيْهِم الْخَبَائِث} ) .
وَالرَّابِع: الذَّبَائِح. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْمَائِدَة: (قل أحل لكم

(1/418)


الطَّيِّبَات) {وفيهَا} (الْيَوْم أحل لكم الطَّيِّبَات} .
وَالْخَامِس: الْغَنِيمَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَنْفَال: {فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطَّيِّبَات} .
وَالسَّادِس: الْحسن من الْكَلَام. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي النُّور: {والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات} .
وَالسَّابِع: أَنْوَاع الطَّيِّبَات على الاطلاق. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْمَائِدَة: {لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} ، وَفِي الْمُؤمنِينَ: {يَا أَيهَا الرُّسُل كلوا من الطَّيِّبَات} .
(199 - بَاب الطَّهَارَة}
الطَّهَارَة: فِي الأَصْل الْوَضَاءَة والنظافة. يُقَال من ذَلِك تطهر يتَطَهَّر فَهُوَ متطهر ومطهر فيدغم التَّاء فِي الطَّاء لقرب مخرجيهما. وَالطهُور: المَاء.
قَالَ ثَعْلَب: الطّهُور: الطَّاهِر فِي نَفسه المطهر لغيره. وَيُقَال: فلَان طَاهِر الثِّيَاب إِذا كَانَ نقيا من الدنس والوسخ.

(1/419)


وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الطَّهَارَة فِي الْقُرْآن على ثَلَاثَة عشر وَجها: -
أَحدهَا: انْقِطَاع دم الْحيض. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {وَلَا تقربوهن حَتَّى يطهرن} .
وَالثَّانِي: الِاغْتِسَال. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى [فِي الْبَقَرَة] : {فَإِذا تطهرن فأتوهن} ، وَفِي الْمَائِدَة: {وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا} .
وَالثَّالِث: الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي بَرَاءَة: {فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا} ، وَنزلت فِي أهل قبَاء وَكَانُوا يستعملون المَاء فِي الِاسْتِنْجَاء.
وَالرَّابِع: الطَّهَارَة من جَمِيع الْأَحْدَاث والأقذار. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَنْفَال: (86 / أ) {وَينزل عَلَيْكُم من السَّمَاء مَاء ليطهركم بِهِ} .
وَالْخَامِس: السَّلامَة من سَائِر المستقذرات. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي

(1/420)


الْبَقَرَة: {وَلَهُم فِيهَا أَزوَاج مطهرة} ، (وَفِي آل عمرَان: {وَأَزْوَاج مطهرة} ) .
وَالسَّادِس: التَّنَزُّه عَن إتْيَان الرِّجَال. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي النَّمْل: {أخرجُوا آل لوط من قريتكم إِنَّهُم أنَاس يتطهرون} .
وَالسَّابِع: الطَّهَارَة من الذُّنُوب. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي بَرَاءَة: {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة تطهرهُمْ وتزكيهم بهَا} ، وَفِي المجادلة: {فقدموا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صَدَقَة ذَلِك خير لكم وأطهر} .
وَالثَّامِن: الطَّهَارَة من الْأَوْثَان. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {أَن طهرا بَيْتِي للطائفين} ، وَمثلهَا فِي الْحَج.
وَالتَّاسِع: الطَّهَارَة من الشّرك. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي عبس: {مَرْفُوعَة مطهرة} ، وَفِي لم يكن: {يَتْلُوا صحفا مطهرة} .
والعاشر: الْحَلَال. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي هود: {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هن أطهر لكم} ، أَي: أحل.
وَالْحَادِي عشر: طَهَارَة الْقلب من الرِّيبَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي

(1/421)


الْبَقَرَة: {ذَلِكُم أزكى لكم وأطهر} ، يُرِيد أطهر لقلب الرجل وَالْمَرْأَة من الرِّيبَة. (وَفِي الْأَحْزَاب: {ذَلِكُم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} ، أَي من الرِّيبَة والدنس) .
وَالثَّانِي عشر: التَّقْصِير. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (فِي المدثر) : {وثيابك فطهر} ، أَي: فقصر، لِأَن تَقْصِير الثِّيَاب تطهيرها.
وَالثَّالِث عشر: الطَّهَارَة من الْفَاحِشَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي آل عمرَان: {يَا مَرْيَم إِن الله اصطفاك وطهرك} .

(1/422)