شرح أبي داود
للعيني 228- باب: الإمام
يتكلم بعد ما ينزل من المنبر
أي: هذا باب في بيان الإمام يتكلم بعد نزوله من المنبر.
1091- ص- نا مسلم بن إبراهيم، عن جرير- وهو ابن حازم- لا
أدري كيف قاله مسلم أولاً، عن ثابت، عن أنس قال: رأيتُ
النبي- عليه السلام- يَنزِلُ من المِنبر، فَيَعْرضُ له
الرجلُ في الحاجة فَيَقُومُ معه حتى يَقْضِيَ حَاجَتَه، ثم
يَقُومُ فيصَلِّي (1) .
ش- ثابت البناني.
[2/90 - ب] وفي الحديث دليل على أن الاشتغال بقضاء/ حاجة
أحد بعد الفراغ من الخطبة قبل الصلاة والكلام، لا يضر
الخطبة، ولا الصلاة. وأخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
ص- قال أبو داودَ: والحديثُ ليسَ بمعْرُوف عن ثابت، وهو
مما تَفَرد به جريرُ بنُ حازمٍ.
ش- وكذا قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث
جرير بن حازم، سمعت محمداً- يعني: البخاري- يقول: وهم جرير
ابن حازم في هذا الحديث، وقال: وجرير بن حازم ربما يهم في
الشيء وهو صدوق. وقال الدارقطني: تفرد به جرير بن حازم عن
ثابت. وقال أبو بكر بن أبي شيبة: نا ابن علية، عن بُرد بن
سنان، عن الزهري قال:
__________
(1) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في الكلام بعد نزول
الإمام من المنبر (517) ، النسائي: كتاب الجمعة، باب:
الكلام والقيام بعد النزول عن المنبر (1418) ، ابن ماجه:
كتاب إقامة الصلاة والسُنَة فيها، باب: ما جاء في الكلام
بعد نزول الإمام عن المنبر (1117) .
(4/464)
كان رسول الله- عليه السلام- ربما كلم في
الحاجة يوم الجمعة فيما بين نزوله من منبره إلى مصلاه.
* * *
229- باب: من أدرك من الجمعة
ركعة
أي: هذا باب في بيان من أدرك من صلاة الجمعة ركعة.
1092- ص- نا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة،
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"مَنْ أدرَكَ رَكعة من الصلاة فَقَدْ أدْرَكَ الصلاة " (1)
.
ش- أي: أدرك حكم الصلاة أو وجوبها أو فضلها، وقد تكلمنا
فيه مستوفى في بابه، والحديث أخرجه الجماعة، وقد روى
البيهقي حديث يحيى بن أيوب، عن أسامة بن زيد الليثي، عن
ابن شهاب، عن أبى سلمة، عن أبي هريرة: من أدرك من الجمعة
ركعة فليضف إليها أخرى، فإن أدركهم جلوساً صلى أربعاً.
وبهذا أخذ الشافعي، أن الرجل إذا أدرك الإمام في الجمعة في
التشهد يصلي أربعاً، وبه قال مالك، وأحمد، ومحمد بن الحسن.
وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف: يبني على الجمعة، " ثبت في "
الصحيح " من قوله- عليه السلام-: " فما أدركتم فصلوا، وما
فاتكم فاقضوا". والحديث المذكور معلول؛ لأن يحيي الغافقي
قال أبو حاتم: لا يحتج به. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال
الأثري عن أحمد: ليس بشيء. ولئن سلمنا فالاستدلال به
وبأمثاله
__________
(1) البخاري: كتاب مواقيت الصلاة، باب: من أدرك من الصلاة
ركعة (580) ، مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: من
أدرك ركعة من الصلاة
فقد أدرك تلك الصلاة (607) ، الترمذي: كتاب الجمعة، باب:
فيمن يدرك
من الجمعة ركعة (524) ، النسائي: كتاب المواقيت، باب: من
أدرك ركعة
من الصلاة، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب:
ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة (1122) .
30 * شرح سنن أبي داود 4
(4/465)
هو من باب المفهوم، وهو ليس بحجة عند
الأكثرين، ولئن سلمنا فالاستدلال بما ذكرنا أوْلى؛ لأن من
أدرك الإمام ساجداً أو جالساً يُسمى مدركاً، فيقضي ما فاته
أو يُتمه، وهو ركعتان، فكيف يؤمر بأربع، ومعنى قوله: "
أدركهم جلوساً" أي: بعد التسليم. وأيضاً هذه زيادة من رواة
ضعفاء فلا تقبل.
* * *
230- باب (1) : ما يقرأ في الجمعة
أي: هذا باب في بيان ما يقرأ في صلاة الجمعة.
1093- ص- نا قتيبة بن سعيد، نا أبو عوانة، عن إبراهيم بن
محمد بن المنتشر، عن أبيه، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن
بشير، أن رسولَ الله - عليه السلام- كان يَقْرَأ في
العيدَينٍ، ويوْمَ الجُمُعَة بـ "سبح اسْمَ ربكً
الأعْلَى"، و "هَلْ أتَاكَ حَديثُ الَغَاشية" قال: "ربماَ
اجْتمَعا في يوم واحد فَقَرَأ فيهما (2) .
ش- أبو عوانة الوضاح، وحبيب بن سالم مولى النعمان بن بشير.
وفيه استحباب القراءة بالسورتين المذكورتين في العيدين
والجمعة، وفي الحديث الآخر القراءة في العيد بـ "ق" و
"اقتربت" وكلاهما صحيح، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقرأ
في الجمعة: "الجمعة، و"المنافقون" وفي وقت "سبح" و "هل
أتاك" وفي وقت يقرأ في العيد "ق" و "اقتربت" وفي وقت "سبح"
و "هل أتاك ". والحديث: أخر له مسلم، والترمذي، والنسائي،
وابن ماجه.
__________
(1) في سنن أبي داود: "باب ما يقرأ به ... ".
(2) مسلم: كتاب الجمعة، باب: ما يقرأ في صلاة الجمعة
(878/62) ، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في القراءة
في العيدين (533) ، النسائي: كتاب الجمعة، باب: ذكر
الاختلاف على النعمان بن بشير في القراءة في صلاة الجمعة
(1424) ، ابن ماجه: كتاب أقامة الصلاة، باب: ما جاء في
القراءة في صلاة العيدين (1281) .
(4/466)
1094- ص- نا القعنبي، عن مالك، عن ضمرة بن
سعيد المازني، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: أن
الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير: ماذا كان يَقْرَأ به
رسولُ الله يومَ الجُمُعَة على إثر سُورَة الجُمُعَة فقال:
كان يَقْرَأ بـ "هَلْ أتَاكَ حدِيثُ الغاشَيَةِ" (1)
.ً
ش- ضمرة بن سعيد بن أبي حنه- بالنون- واسمه: عمرو بن غُزية
ابن عمرو بن عطية بن خنسا بن مبذول بن غنم بن مازن بن
النجار المازني المدني الأنصاري. سمع: أبا سعيد الخدري،
وأنس بن مالك، وأبان ابن عثمان بن عفان، وعبيد الله بن عبد
الله بن عتبة. روى عنه: مالك ابن أنس، وزياد بن سعد، وابن
عيينة، وغيرهم. قال أحمد، وابن معين، وأبو حاتم: هو ثقة.
روى له: الجماعة إلا البخاري (2) . / والحديث: أخرجه مسلم،
والنسائي، وابن ماجه. [2/91 - أ]
1095- ص- نا القعنبي، نا سليمان- يعني: ابن بلال- عن جعفر،
عن أبيه، عن ابن أبي رافع قال: صلي بنا أبو هُرَيرةَ يَومَ
الجُمُعَة، فَقَرَأ بسُورَة الجُمُعَة، وفي الركعة الآخرة:
"إذا جَاءك المُنَافِقُونَ " قال: فَأدْركَتُ أبا هريرةَ
حين انْصَرًفَ فقَلتُ له: إنك قَرَأتَ بسُورتين كان علي
يَقرأ بهما بالكُوفَة. قال أبو هُرَيرةَ: فإني سَمعْتُ
رسولَ الله- عليهَ السلامَ- يَقْرأ بهما يَومَ الجُمعَةِ
(3) .
ش- جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
__________
(1) مسلم: كتاب الجمعة، باب: ما يقرأ في صلاة الجمعة
(878/63) ، النسائي: كتاب الجمعة، باب: ذكر الاختلاف على
النعمان بن بشير في القراءة في صلاة الجمعة (1423) ، ابن
ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: ما جاء في
القراءة في الصلاة يوم الجمعة (1119) .
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (13/ 2939) .
(3) مسلم: كتاب الجمعة، باب: ما يقرأ في صلاة الجمعة (1
877/6) ، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في القراءة في
صلاة الجمعة (519) ،
ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في القراءة في
الصلاة يوم الجمعة (1118) .
(4/467)
- رضي الله عنهم-، وابن أبي رافع هو عبيد
الله، وأبو رافع مولى رسول الله اسمه: إبراهيم، وقيل:
أسلم، وقد ذكرناه غير مرة، والحديث: أخرجه مسلم، والترمذي،
والنسائي، وابن ماجه.
1096- ص- نا مسدد، عن يحيى، عن شعبة، عن معبد بن خالد، عن
زيد بن عقبة، عن سَمُرةَ بن جندب: أن رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - كان يَقْرأ في صَلاة الجُمُعَةِ بـ (سبَح
اسْمَ ربكَ الأعْلَى) و (هَلْ أَتَاكَ حديثُ الغَاشِيَةِ)
(1) . ش- يحيى القطان، ومعبد بن خالد الكوفي القاضي، وزيد
بن عقبة. روى عن: سمرة بن جندب. روى عنه: معبد بن خالد،
وعبد الملك ابن عمير، وابنه سعيد بن زيد، ذكره ابن حبال:
في " الثقات ".
وهذا الذي ذكره أبو داود يسمى إسناداً معنعناً، وهو عن
يحيى، عن شعبة إلى آخره. قال بعض العلماء: هو مرسل،
والصحيح الذي عليه العمل- وقاله الجماهير من أصحاب الحديث
والفقه والأصول- أنه متصل بشرط أن يكون المُعنعنَ غير
مُدَلس، وبشرط إمكان لقاء من أضيفت العنعنة إليهم بعضهمَ
بعضاً، وفي اشتراط ثبوت اللقاء وطول الصحبة ومعرفته
بالرواية عنه خلاف، منهم من لم يشترط شيئا من ذلك، وهو
مذهب مسلم، ادعى الإجماع عليه، ومنهم من شرط ثبوت اللقاء
وحده وهو مذهب علي بن المديني، والبخاري، وأبي بكر
الصيرفي، والمحققين وهو الصحيح، ومنهم من شرط طول الصحبة،
وهو قول أبي المظفر السمعاني، ومنهم من شرط أن يكون
معروفاً بالرواية عنه، وبه قال أبو عمرو المُقرئ، فافهم.
* * *
231- باب: الرجل يأتم بالإمام
وبينهما جدار
أي: هذا باب في بيان الرجل الذي يأتم بالإمام وبينهما
حائط.
__________
(1) النسائي: كتاب الجمعة، باب: القراءة في صلاة الجمعة
(3/ 111- 112) .
(4/468)
1097- ص- نا زهير بن حرب، نا هشيم، أنا
يحيي بن سعيد، عن عمرةَ، عِن عائشةَ قالت: صلي رسولُ الله-
عليه السلام- في حُجرَتِه والناسُ يأتمونَ به مِن وَرَاءِ
الحُجْرَةِ (1) .
ش- قال البخاري: حدثنا عبدة، عن يحيي بن سعيد الأنصاري، عن
عمرةَ، عن عائشةَ: كان رسول الله يصلي من الليل في حجرته
وجدار الحجرة قصير؟ فرأي الناس شخص النبي- عليه السلام-،
فقام ناس يصلون بصلاته، فأصبحوا فتحدثوا بذلك، فقام الليلة
الثانية فقام معه أناس يصلون بصلاته، صنعوا ذلك ليلتين أو
ثلاثاً، حتى إذا كان بعد ذلك جلس رسول الله فلم يخرج، فلما
أصبح ذكر ذلك الناس فقال: "إني خشيت أن تكتب عليكم صلاة
الليل ".
ثم اختلف العلماء في الإمام يكون بينه وبين القوم طريق أو
حائط، فأجاره أنس بن مالك، وأبو هريرة، وابن سيرين، وسالم،
وكان عروة يصلي بصلاة الإمام وهو في دار بينها وبين المسجد
طريق. وقال مالك: لا بأس أن يصلي وبينه وبينه (2) نهر صغير
أو طريق، وكذلك السفن المتقاربة يكون الإمام في إحداها،
ذكره ذلك طائفة. ورُوي عن عمر بن الخطاب: إذا كان بينه
وبين الإمام طريق أو حائط أو نهر فليس هو معه. وكره
الشعبي، وإبراهيم أن يكون بينهما طريق. وقال أبو حنيفة: لا
تجزئه إلا أن تكون الصفوف متصلة في الطريق، وبه قال الليث،
والأوزاعي، وأشهب.
قوله: "من وراء الحجرة" يعني: في المسجد، كما ورد هكذا في
رواية.
* * *
__________
(1) البخاري بنحوه: كتاب الأذان، باب: إذا كان بين الإمام
وبين القوم حائط أو سترة (729) .
(2) كتب فوقها: " صح".
(4/469)
232- باب: الصلاة
بعد الجمعة
أي: هذا باب في بيان أحكام الصلاة بعد صلاة الجمعة.
[2/91 - ب] 1098- ص- نا محمد بن عبيد، وسليمان بن داود-
المعنى- قالا:
نا حماد بن زيد، نا أيوب، عن نافع: أن ابنَ عُمَرَ- رضي
الله عنهما- رَأى رَجُلاً يُصلي رَكْعتينِ بعدَ الجُمُعَة
(1) في مَقَامه فَدَفَعَهُ وقال: أتُصَلي الجُمُعَةَ
أربعاً؟ " وكان عبدُ الله يُصَلي يومً الجُمُعَة رَكْعَتين
في بَيته وبقولُ: هكذا فَعَلَ رسولُ الله- عليه السلَام-
(2) .ً
ش- أيوب السختياني.
وإنما أنكر ابن عمر على ذلك الرجل؛ لأنه أوصل الركعتين
بالجمعة من غير فصل بكلام ونحوه؛ ولأنه خالف فعل الرسول-
عليه السلام- في زعمه؛ لأنه كان يصلي الركعتين بعد الجمعة
في بيته، ويقول: هكذا فعل رسول الله.
1099- ص- نا مسدد، نا إسماعيل، أنا أيوب، عن ناِفع قال:
كان ابنُ عُمَرَ يُطيلُ الصَلاةَ قَبلَ الجُمُعَة، وبُصَلي
بعدها ركعتين في بيْته، ويُحَدثُ أن رسولَ الله- عليه
السلام- كاَن يَفعَلُ ذلك (3) .
ش- إسماعيل ابن عُلية.
وأخرجه النسائي بنحوه، وأخرج ابن أبي شيبة، عن نافع قال:
كان ابن عمر يُهَجًرُ يوم الجمعة، فيطيل الصلاة قبل أن
يخرج الإمام.
ونا شريك، عن عمرو بن عثمان قال: قال عمر بن عبد العزيز:
صلً قبل الجمعة عشر ركعات.
__________
(1) في سنن أبي داود: "يوم الجمعة".
(2) النسائي: كتاب الجمعة، باب: إطالة للركعتين بعد الجمعة
(3/ 113) .
(3) انظر الحديث السابق.
(4/470)
ونا حفص، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: كانوا
يصلون قبلها أربعاً.
وروى ابن ماجه بإسناده عن ابن عباس قال: كان النبي- عليه
السلام- يركع من قبل الجمعة أربعاً، ولا يفصل في شيء منهن.
ورواه الطبراني في "معجمه" وراد فيه: وأربعاً بعدها. وسنده
واهِ جداً؛ لأن فيه مبشر ابن عبيد وهو معدود في الوضاعين،
وفيه حجاج وعطية وهما ضعيفان. وروى الطبراني (1) أيضا
بإسناده إلى ابن مسعود قال: كان رسول الله يصلي قبل الجمعة
أربعاً وبعدها أربعاً.
وروى أيضا في" معجمه الوسط" (2) بإسناده إلى علي قال: كان
رسول الله ... نحوه سواء، وراد: يجعل التسليم في آخرهن
ركعةَ. وروى عبد الرزاق في"مصنفه": أنا معمر، عن قتادة: أن
ابن مسعود كان يصلي قبل الجمعة أربع ركعات، وبعدها أربع
ركعات.
وقال الترمذي: ورُوي عن عبد الله بن مسعود أنه كان يصلي
قبل الجمعة أربعاً وبعدها أربعاً.
قلت: وبه أخذ أبو حنيفة، ومحمد، فإن السنة عندهما أربع قبل
الجمعة، وأربع بعدها.
1100- ص- نا الحسن بن علي، نا عبد الرزاق، أنا ابن جريج،
أخبرني عمر بن عطاء بن أبي الخُوَار: أن نافع بن جبير
أرسلَه إلى السائب بن يزيد بن أخت نمر يسألُهُ عنْ شيء
رَأى (3) منه معاويةُ في الصلاة فقال: صليتُ (4) معه في
المَقْصُورَةِ، فلما سلّمتُ قُمتُ في مَقَامِي فصليتُ،
فلما
__________
(1) المعجم الأوسط (4/ 3959)
(2) (2/ 1617) . (3) في صحيح مسلم: "راَه".
(4) في سنن أبي داود: "صليت معه الجمعة ".
(4/471)
دَخَلَ أرْسَلَ إلَي فقال: لا تَعدْ "
صَنَعْتَ! إذا صليتَ الجُمُعَةَ فلا تَصِلهَا بصلاة حتى
تَكًلمَ أو تَخْرُجَ، فإن نبي الله- عليه السلام- أمَرَ
بذلك، أن لا تُوصلَ صلاة بصلاةِ حتى يَتَكَلمَ أو يخْرج
(1) " (2) .
ش- عبد الرزاق بن همام.
وعمر بن عطاء بن أبي الخوار المكي. روى عن: ابن عباس،
والسائب بن يزيد، وعبد الله بن عياض، وغيرهم. روى عنه:
إسماعيل بن أمية، وابن جريج. قال ابن معين، وأبو زرعة: هو
ثقة. روى له: مسلم، وأبو داود (3) . والخوار بضم الخاء
المعجمة.
ونافع بن جبير بن مطعم.
قوله: " صليت معه في المقصورة" فيه دليل على جواز اتخاذها
في المسجد إذا رآها ولي الأمر مصلحة، قالوا: أول من عملها
معاوية بن أبي سفيان حين ضربه الخارجي. قال القاضي:
واختلفوا في المقصورة، فأجازها كثير من السلف، وصلوا فيها،
منهم: الحسن، والقاسم بن محمد، وسالم، وغيرهم. وكرهها: ابن
عمر، والشعبي، وأحمد، وإسحاق. وكان ابن عمر- رضي الله
عنهما- إذا حضرت الصلاة وهو في المقصورة خرج منها إلى
المسجد. قال القاضي: وقيل: إنها تصح فيها الجمعة إذا كانت
مباحة لكل أحد، فإن كانت مخصوصة ببعض الناس، ممنوعة من
غيرهم لم يصح فيَها الجمعة، لخروجها عن حكم الجامع. وأخرج
ابن أبي شيبة عن عبد الله بن يزيد/ قال: رأيت أنس أبن مالك
يصلي في المقصورة المكتوبة مع عمر بن عبد العزيز، ثم يخرج
علينا منها. وكذا أخرج فعل ذلك عن: الحسن، وعلي بن الحسين،
وأبي القاسم، والسائب بن يزيد، ونافع.
__________
(1) في سنن أبي داود: "تتَكلم أو تخرج".
(2) مسلم: كتاب الجمعة، باب: الصلاة بعد الجمعة (73/883) .
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (1 2/ 4286) .
(4/472)
قلت: وفي هذا المعنى إذا جمع الأمير جنده
في حصن، وغلق بابه، ولم يأذن فيه للعامة. قال في "التحفة":
إن فعلها على وجه الشهرة جارت فيه الجمعة. وقال في
"المحيط": الإذن على سبيل الاشتهار شرط، حتى لو أغلق
الأمير باب قصره وصلى فيه بجنده لا يجوز، وإن فتح باب قصره
وأذن للناس بدخوله جار ويكره.
قوله: "أمر بذلك، أن لا توصل صلاة " فيه دليل على استحباب
التحول من موضع الفريضة لأجل النافلة، والأفضل أن يتحول
إلى بيته، وإلا فموضع آخر من المسجد أو غيره.
قوله: " حتى يتكلم " دليل على أن الفصل يحصل بالكلام أيضا،
ولكن بالانتقال أفضل. والحديث: أخرجه مسلم.
1101- ص- نا محمد بن عبد العزيز بن أبي رِزمة المروزي، نا
الفضل ابن موسى، عن عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبيِ
حبيب، عن عطاء، عن ابن عمر قال: إذا كانَ (1) بمكةَ فصلي
الجُمُعَةَ تَقَدم فَصلي رَكعتين، ثم تَقَدمَ فَصلي
أَربعاً، وإذا كان بالمَدينة صلى الجُمُعَة، ثم رَجَعَ إلى
بيته فًصلي ركعتين ولم يُصَل في المَسجد، فَقيلَ له،
فقالَ: كان رسولُ الله يفعلُ ذلك (2) .َ
ش- الفضل بن موسى السًينَاني المروزي قد مر ذكره، وعطاء بن
أبي رباح.
فإن قيل: ما الحكمة من صلاة ابن عمر هكذا؟ قلت: قدْ أجاب
هو بأن رسول الله كان يفعل ذلك، ولكن بقيت الحكمة من فعل
رسول الله - عليه السلام-، فلعلها تكون أنه- عليه السلام-
اختار بيته للتنفل في المدينة لئلا يخلى عن الصلاة، وأما
في مكة فلم يكن له بيت فيها للإقامة،
__________
(1) في سنن أبي داود: "كان إذا كان".
(2) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في الصلاة قبل
الجمعة وبعدها (523) .
(4/473)
فكان المسجد الحرام أوْلى، والظاهر أنه-
عليه السلام- لم يفعل هذا إلا عام الفتح؛ لأن الجمعة ما
شرعت إلا (1) في المدينة، فافهم.
1102- ص- نا أحمد بن يونس، نا زهيرح، ونا محمد بن الصباح
البزاز، نا إسماعيل بن زكرياء، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي
هريرة قال: قال رسولُ الله " قال ابن الصباح (2) : (مَن
كان مُصَلياً بعدَ الجُمُعَة فليُصَل أربعاً) وتم حديثه،
وقال ابن يونس: "إذا صليتُمُ الجُمُعَة فَصَلُّوَا بَعدها
أربعاً"، قال: فقال لي أبي: يا بُنَي، فإذا (3) صليتَ في
المسَجد رَكعتين، ثم أَتيتَ المَنزلَ- أو البيتَ- فَصَل
ركعتين (4) .
ش- زهير بن معاوية، وإسماعيل بن زكرياء الخُلقاني أبو زياد
الكوفي، وسهيل بن أبي صالح ذكوان السمان.
قوله: "وتم حديثه " أي: حديث محمد بن الصباح.
قوله: "قال: فقال" أي: قال سهيل: قال لي أبي، وفي رواية
مسلم: " إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعاً" وفي
رواية: "إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعاً" وفي رواية:
"من كان منكم مصلياً بعد الجمعة فليصل أربعاً "، ورواه
الترمذي أيضا والنسائي، وابن ماجه. وقال الترمذي: هذا حديث
حسن صحيح، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم.
قلت: وهو قول أبي حنيفة، ومحمد، وقال أبو يوسف: يصلي أربعا
بتسليمة، وركعتين آخرين بتسليمة أخرى.
__________
(1) في الأصل: " إلى ".
(2) في سنن أبي داود: " ابن الصباح قال: ... ،.
(3) في سنن أبي داود: " فان".
(4) تفرد به أبو داود.
(4/474)
وأخرج ابن أبي شيبة عن وكيع، عن زكرياء، عن
محمد بن المنتشر، عن مسروق قال: كان يصلي بعد الجمعة ستاً
ركعتين وأربعاً. وعن علي بن مسهر، عن الشيباني، عن أبي بكر
بن أبي موسى، عن أبيه: أنه كان يصلي بعد الجمعة ست ركعات.
وعن هشيم، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن قال: قدم
علينا ابن مسعود، فكان يأمرنا أن نصلي بعد الجمعة أربعاً،
فلما قدم
علينا علي- رضي الله عنه- أمرنا أن نصلي ستاً، فأخذنا بقول
علي،
وتركنا قول عبد الله، قال: كان يصلي ركعتين ثم أربعاً. وفي
هذه الأحاديث استحباب سنة الجمعة بعدها أربعاً، أو ستاً،
أو ركعتين أيضا، وأقلها ركعتان، وأفضلها أربع؛ لأنه- عليه
السلام- كان يصلي في كثر الأوقات أربعاً، والدليل عليه أنه
أمرنا بهن، وحثنا عليهن، وهو أرغب في الخير، وأحرص عليه،
وأولى به.
/ فإن قيل: " لا يكون واجباً لوجود الأمر؟ قلت: نبه- عليه
[2/92- ب] السلام- على عدم الوجوب بقوله: "من كان منكم
مصلياً "، ولكن الأحاديث تدل على أنها سنة مؤكدة.
1103- ص- نا الحسن بن علي، نا عبد الرزاق، عن معمر، عن
الزهري، عنِ سالم، عن ابن عمر قال: كان رسولُ الله يُصلي
بعدَ الجُمُعَةِ ركعتين في بيتِهِ (1) .
ش- أخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وقال الترمذي:
حديث حسن صحيح. وليس في حديث الترمذي: "في بيته ".
ص- قال أبو داود: وكذلك رواه عبد الله بن دينار، عن ابن
عمر.
__________
(1) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في الصلاة قبل
الجمعة (521) ، النسائي: كتاب الجمعة، باب: عدد الصلاة بعد
الجمعة في المسجد (3/ 113) ، ابن ماجه: كتاب أقامة الصلاة
والسمنة فيها، باب: ما جاء في الصلاة بعد الجمعة (1131) .
(4/475)
ش- أي: كذلك روى هذا الحديث عبد الله بن
دينار القرشي، مولى عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-.
وقال الترمذي: وقد رُوي عن نافع، عن ابن عمر أيضا، والعمل
على هذا عند بعض أهل العلم، وبه يقول الشافعي، وأحمد.
1104- ص- نا إبراهيم بن الحسن، نا الحجاج بن محمد، عن ابن
جريج، أخبرني عطاء، أنه رَأى ابنَ عُمَرَ يُصَلي بعدَ
الجُمُعَة، فيَنمَازُ عن مُصَلاهُ الذي صلي فيه الجُمُعَةَ
قَلِيلاَ غيرَ كَثِيرِ. قال: فَيَرَكَعُ رَكَعتين. قال: ثم
يَمشِي أنفَسَ من ذلك، فَيركَعُ أربعَ رَكَعَات. قلتُ
لعطاءَ: كم رَأيتَ ابنَ عُمَرَ يصنعُ ذلك؟ قال: مِرَاراً
(1) .
ش- عطاء بن أبي رباح.
قوله: " فينمازُ " معناه: يفارق مكانه الذي صلى فيه، وهو
من قولك: مررت الشيءَ من الشيء. إذا فرقت بينهما.
قوله: " أنفسَ من ذلك " يريد أبعد قليلا فيه استحباب
التحول من مقام الفرض، واستحباب الست بعد الجمعة، وبه أخذ
أبو يوسف والثوري. ص- قال أبو داود: رواه محمد الملك بن أي
سليمان ولم يُتِمهُ.
ش- أي: روى هذا الحديث عبد الملك بن أبي سليمان العَرْزَمي
الكوفي، ولكن لم يتمه.
* * *
233- باب: صلاة العيدين
أي: هذا باب في بيان أحكام صلاة العيدين، سُمي العيد عيدا
لأنه يعود كل سنة، وأصله عبود، قلبت الواو ياء لسكونها
وانكسار ما قبلها، وجمعه أعياد، وإنما لم يجمع على أعواد
حتى لا يلتبس بالأعوام التي هي
__________
(1) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في الصلاة قبل
الجمعة وبعدها (523) .
(4/476)
جمع عود الخشب والذي يُضرب به، ويجمع على
عيدان، والعَود بالفتح المُسنُّ من الإبل، وجمعه "عِوَده
".
1105- ص- نا موسى بن إسماعيل، نا حماد، عن حميد، عن أنس
قال: قَدمَ رسولُ الله المدينةَ ولهم يَومان يَلعَبُونَ
فيهِمَا، فقال: " ما هَذَان اليومَان؟ لا قالوا: كنَا
نَلعَبُ فيهما في الَجَاهلية، فَقالَ رسولُ الله- صلى الله
عليه وسلم -: "إنَ الله تعالىَ قَدْ أبدَلَكُمْ بِهِمَا
خيراً مَنهما: يومَ الأضحَى، ويومَ الفِطرِ " (1) . ش-
حماد بن سلمة، وحميد الطويل.
وكانت أهل الجاهلية يلعبون في يومين كل سنة، ويعملون ما لا
يرضى
به الله تعالى، فلما ظهر الإسلام، أبدل الله منهما هذين
اليومين اللذين يظهر فيهما تكبير الله تعالى وتحميده
وتوحيده ظهوراً شائعاً يغيظ المشركين، وقيل: إنهما يقعان
شكراً على ما أنعم به من أداء العبادات التي وَقتَهَا،
فعيد الفطر شكراً لله تعالى على إتمام صوم رمضان، وعيد
الأضحى شكراً لله تعالى على العبادات الواقعة في العشر،
وأعظمها إقامة وظيفة الحج. والحديث: أخرجه الترمذي،
والنسائي.
* * *
234- باب: وقت الخروج إلى
العيد
أي: هذا باب في بيان وقت الخروج إلى صلاة العيد.
1106- ص- نا أحمد بن حنبل، نا أبو المغيرة، نا صفوان، نا
يزيد بن خُمَيْر الرحبي قال: خرج عبد الله بن بُسْر صاحبُ
النبي- عليه السلام- مع الناسِ في يَوْم عيدِ فِطر أو
أضْحَى، فَأنكَرَ إبطاءَ الإِمَام، وقال (2) : إنَّا
كُنَّا قَد فَرغْنَا ساعتنا هذه. وذلَك حين التسبيح (3) .
ش- أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الحمصي الشامي.
__________
(1) النسائي: كتاب صلاة العيدين (3/ 179) .
(2) في سنن أبي داود: "فقال".
(3) ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: في وقت صلاة
العيدين (1317) .
(4/477)
وصفوان بن عمرو بن هِرَم السكسكي أبو عمرو
الحمصي. سمع: عبد الله بن بُسر، وشريح بن عبيد، ويزيد بن
خُمَيْر، وغيرهم. روى عنه: ابن المبارك، والوليد بن مسلم،
وأبو المغيرة، وغيرهم. قال أبو حاتم: ثقة. مات سنة خمس
وخمسين ومائة. روى له: الجماعة إلا البخاري (1) .
ويزيد بن خُمَير- بالخاء المعجمة المضمومة- أبو عمر الشامي
الرحبي، نسبة إلى رَحَبَة- بفتح الراء، والحاء المهملة،
والباء الموحدة- وهو رَحَبة [2/93 - أ] ابن زَرْعَة بن
سَبَأ الأصغر، بطن من حمير، والرحبة أيضا/ مدينة على
الفرات بين الرقة وعانة، ويقال لها رحبة مالك بن طوق
الثعلبي. روى عن: عبد الله بن بُسر، وخالد بن معدان، وطاوس
بن كيسان، وغيرهم. روى عنه: صفوان بن عمرو، وشعبة، وأبو
عوانة، وغيرهم. قال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: صالح
الحديث صدوق. روى له الجماعة (2) .
وعبد الله بن بُسْر السُلَمى المازني، من بني مازن بن
منصور بن عكرمة أبو صفوان، زارهم النبي- عليه السلام- وأكل
عندهم، ودعى لهم، رُوي له عن رسول الله حديثان، روى له
البخاري حديثا واحدا، ومسلم آخر، روى عنه: محمد بن عبد
الرحمن بن عوف اليحصبي، وراشد ابن سعد المقرائي، وحُدَيْر
بن كريب، وجماعة آخرون. مات بالشام سنة ثمان وثمانين، وهو
ابن أربع وتسعين، وهو آخر من مات من أصحاب النبي- عليه
السلام- بالشام، روى له الجماعة (3) . وبُسْر: بضم الباء
الموحدة، وسكون السين المهملة، وفي آخره راء.
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (13/ 2888) .
(2) المصدر السابق (32/6983) .
(3) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2/ 267) ،
وأسد الغابة (3/ 186) ، والإصابة (2/ 281) .
(4/478)
قوله: "وذلك حين التسبيح " أي: وقت جوار
التسْبيح، أي: صلاة السبحة، وهي صلاة الضحى، والحديث:
أخرجه ابن ماجه أيضا.
وقال أبو بكر: نا ابن علية، عن أيوب، عن نافع قال: كان ابن
عمر يصلي الصبح في مسجد رسول الله، ثم يغدو كما هو إلى
المصلى. ونا وكيع، عن عمران، عن أبي مجلز قال: ليكن غدوك
يوم الفطر من مسجدك إلى مصلاك.
ونا حاتم بن إَسماعيل، عن هشام بن عروة قال: كان عروة لا
يأتي العيد حتى تستعلي الشمس.
ونا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن محمد بن علي وعامر
وعطاء قالوا: لا تخرج يوم العيد حتى تطلع الشمس.
* * *
235- باب: خروج النساء في
العيد
أي: هذا باب في بيان حكم خروج النساء في العيد، وفي بعض
النسخ: "باب خروج النساء إلى العيدين ".
1107- ص- نا موسى بن إسماعيل، نا حماد، عن أبوب، ويونس،
وحبيب، ويحيي بن عتيق، وهشام- في آخرين- عن محمد، أن أم
عطيةَ قالت: أَمَرنا رسول الله- عليه السلام- أن نُخْرِجَ
ذَوَاتَ الخُدُورِ يَومَ العيد. قيل: فالحيضُ؟ قالَ: "
ليَشْهَدْنَ الخيرَ ودَعوةَ المسلمين". قال: فقاَلتَ
امرأة: يا رسولَ الله، إِنْ لم يَكُن لإحداهن ثوب كيف
تَصنعُ؟ قال: "تُلبِسُها صَاحبتها طائفةً من ثَوِبهَا "
(1) .
__________
(1) البخاري: كتاب العيدين، باب: خروج النساء والمحيض إلى
المصلى (974) ، مسلم: كتاب صلاة العيدين، باب: ذكر إباحة
خروج النساء في العيدين إلى المصلى وشهود الخطبة مفارقات
للرجال (10/ 9) ، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في
خروج النساء في العيدين (539) ، النسائي: كتاب صلاة
العيدين، باب: اعتزال الحيض مصلى الناس (1558) ، ابن ماجه:
كتاب أقامة الصلاة، باب: ما جاء في خروج النساء في العيدين
(1308) .
(4/479)
ش- حماد بن سلمي، وأيوب السختياني، ويونس
بن عبيد، وحبيب ابن الشهيد البصري، ويحيي بن عتيق البصري،
وهشام بن حسان، ومحمد بن سيرين، وأم عطية: نُسَيْبةُ بنت
كعب، ويقال: بنت الحارث. قوله: " ذوات الخدور " أي: ذوات
الستور، واحدها خدْر، وهي الستور التي تكون للجواري
والأبكار في ناحية، وقيل: الخدور: البيوت، والخدر: البيت.
ويقال: الخدر سرير عًليه ستر، وهذا كان في ذلك الزمان
لأمنهن عن المفسدة، " (1) بخلاف اليوم، ولهذا صح عن عائشة:
"لو رأى رسول الله ما أحدث النساء لمنعهن المساجد، كما
مُنِعَت نساءُ بني إسرائيل" فإذا كان الأمر قد تغير في زمن
عائشة حتى قالت هذا القول، فماذا يكون اليوم الذي ظهر فيه
الفساد في الصغير والكبير، والبر والبحر؟! وقال القاضي:
واختلف السلف في خروجهن للعيدين، فرأى ذلك جماعة حَقا
عليهن، منهم: أبو بكر، وعلى، وابن عمر، وغيرهم. ومنهم من
منعهن ذلك، منهم: عروة، والقاسم، ويحي الأنصاري، ومالك،
وأبو يوسف. وأجازه أبو حنيفة مرة ومنعه أخرى".
قلت: الفتوى على المنع، وأن خروجهن حرام، ولا سيما في
الديار المصرية.
قوله: " قيل: فالحُيضُ؟ " الحيض- بضم الحاء وتشديد الياء-
جمع حائض، وارتفاعه على أنها فاعل فعل محذوف، والتقدير:
فهل تشهد الحيض؛ قال- عليه السلام-: "ليشهدن" أي: ليحضرن "
الخير" أي: مجامع الخير ودعاء المسلمين، وحلق الذكر،
والعلم، ونحو ذلك. قوله: " تلبسها صاحبتها" بالرفع على
الفاعلية، والمعنى: تلبسها عارية من الثياب التي لا تحتاج
إليها.
__________
(1) انظر: شرح صحيح مسلم (178/6- 179) .
(4/480)
قوله: " طائفة" أي: شيئاً من ثوبها مثل
الجلباب/ والخمار والمقنعة، [2/93 - ب] ونحو ذلك. والحديث:
أخرجه الجماعة.
1108- ص- نا محمد بنِ عُبيد، نا حماد، نا أيوب، عن محمد،
عن
أم عطية بهذا الخبر قال: ويعْتزِلُ الحُيضُ مُصَلى
المسلمين. ولم تذكرِ " الثوبَ " (1) .
ش- أي: بالخبر المذكور، ولم تذكر فيه قضية الثوب.
ص- قال: وحدث عن حفصة، عن امرأة تحدثه، عن امرأة أخرى
قالت: قيل: يا رسولَ اللهِ، فذكر معنى موسى (2) في الثوبِ.
ش- أي: حدث محمد بن سيرين، عن أخته حفصة بنت سيرين.
وهذه الرواية فيها امرأتان مجهولتان، ولكن القرائن تدل على
أن المراد من
المرأة الثانية هي أم عطية.
قوله: " فذكر معنى موسى " أي: ذكر محمد معنى حديث موسى بن
إسماعيل في الثوب.
1109- ص- نا النفيلي، نا زهير، نا عاصم الأحول، عن حفصة
بنت
سيرين، عن أم عطية قالت: وكنا نُؤمرُ " بهذا الخبر (3) .
ش- أي: كنا نؤمر بأن نخرج ذوات الخدور- الحديث.
__________
(1) انظر الحديث السابق.
(2) في سنن أبي داود: "معنى حديث موسى ".
(3) البخاري: كتاب العيدين، باب: خروج النساء والمحيض إلى
المصلى (974) ، مسلم: كتاب صلاة العيدين، باب: ذكر إباحة
خروج النساء في العيدين
إلى المصلى وشهود الخطبة مفارقات للرجال (10/889) ،
الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في خروج النساء في
العيدين (540) ، النسائي: كتاب صلاة العيدين، باب: اعتزال
المحيض مصلى الناس (3/ 181) ، ابن ماجه: كتاب أقامة الصلاة
والسنة فيها، باب: ما جاء في خروج النساء في العيدين
(1307، 1308) .
531 شرح سنن أبي داوود 4
(4/481)
قوله: "بهذا الخبر " إشارة إلى الخبر
المذكور أولاً، وروى أبو بكر بن أبي شيبة في "مصنفه" قال:
نا أبو أسامة، عن هشام، عن حفصة، عن أم عطية قالت: أمرنا
رسول الله- عليه السلام- أن نخرجهن يوم الفطر، ويوم النحر.
قالت أم عطية: فقلنا: أرأيت إحداهن لا يكون لها جلباب؟
قال: "فلتلبسها أختها من جلبابها".
ص- قالت: والحُيضُ يكُن خَلفَ الناسِ، فَيُكبرْنَ مع
الناسِ.
ش- أي: قالت أم عطية. وفيه دليل على جواز ذكر الله للحائض
والجنب، وإنما يحرم عليهما القرآن.
1110- ص- نا أبو الوليد، ومسلم قالا: نا إسحاق بن عثمان،
حدثني إسماعيل بن عبد الرحمن بن عطية، عن جدته أم عطية: أن
رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لما قَدمَ المدينةَ
جَمَعَ نسَاءَ الأنصارِ في بيت، فأرسلَ إلينا عمرُ بنُ
الخطابِ فَقام على الباب، فسلّم عًلينَا، فَرَددنَا عليه
السلام، ثم قال: أنا رسولُ رسول الله إليكُن، وأَمَرَنَا
بالعيدين أن نُخرِجَ فيها الحيضَ، والعُتقَ، ولا جُمُعَةَ
علَينا، ونَهانَا عن اتباع الجنًائزِ (1) .
ش- أبو الوليد: هشام بن عبد الملك الطيالسي، ومسلم بن
إبراهيم القصاب.
وإسحاق بن عثمان الكِلابي أبو يعقوب البصري. سمع: ميمون
الكندي، والحسن البصري، وإسماعيل بن عبد الرحمن، وغيرهم.
روى عنه: أبو الوليد الطيالسي، وموسى بن إسماعيل، وحجاج بن
نُصير. قال ابن معين: هو صالح. وقال أبو حاتم: ثقة، لا بأس
به. روى له: أبو داود (2) .
قوله: (وأمرنا) من كلام أم عطية، لا من كلام عمر، بقرينة
قوله:
"ولا جمعة علينا ونهانا".
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (2/ 370) .
(4/482)
قوله: " بالعيدين" أي: في العيدين. قوله: " أن نخرج" في
محل النصب على المفعولية، أي: أمرنا بأن نخرج، أي: ب"خراج
الحُيض، هذا على تقدير نصب " الحُيض " على
أنه مفعول نُخرج، وإذا رفع على أنه فاعل " نُخرج" يكون
التقدير:
أمرنا بخروج الحيض.
قوله: "والعُتق " عطف على "الحيض " في الحالين، وهي جمع
عاتق، وهي التي قاربت الإدراك، وقيل: بل هي المدركة، وقيل:
هي
التي لم تَبْن من والدتها ولم تزوج، وقد أدركت وشبت، وإنما
سميت به
لأنها أكرم ما تكون عند أهلها وأجمل، والعتيق الكريم
الرافع من كل
شيء، وقيل: سميت بذلك لأنها عتقت عن خدمة أبويها ولم تملك
بعدُ
بنكاح، وقيل: عاتق: شابة. وعن ابن الأعرابي قال: قالت
جارية من
الأعراب لأبيها: اشتر لي لُوطاً أغطى به فُرعلى، فإني قد
عُتقِتُ، تريد:
قد أدركت، والفرعِل: الشعر، واللوط: الإزارُ.
قوله: " ولا جمعة علينا" ليس بثابت في غالب النسخ.
* * * |