فتح الباري لابن حجر

(قَوْلُهُ بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْخِدَاعِ فِي الْبَيْعِ)
كَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى أَنَّ الْخِدَاعَ فِي الْبَيْعِ مَكْرُوهٌ وَلَكِنَّهُ لَا يَفْسَخُ الْبَيْعَ إِلَّا إِنْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ عَلَى مَا تُشْعِرُ بِهِ الْقِصَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ

[2117] قَوْلُهُ أَنَّ رَجُلًا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَن بن عمر كَانَ رجل من الْأَنْصَار زَاد بن الْجَارُودِ فِي الْمُنْتَقَى مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ حَبَّانُ بْنُ مُنْقِذٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ الثَّقِيلَةِ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْأَعْلَى وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ بكير كِلَاهُمَا عَن بن إِسْحَاق بِهِ وَزَاد فِيهِ قَالَ بن إِسْحَاقَ فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ قَالَ هُوَ جَدِّي مُنْقِذُ بْنُ عَمْرٍو وَكَذَلِكَ رَوَاهُ بن مَنْدَه من وَجه آخر عَن بن إِسْحَاق قَوْله ذكر النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ بن إِسْحَاقَ فَشَكَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَلْقَى مِنَ الْغَبْنِ قَوْلُهُ أَنَّهُ يخدع فِي الْبيُوع بَين بن إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ الْمَذْكُورَةِ سَبَبَ شَكْوَاهُ وَهُوَ مَا يَلْقَى مِنَ الْغَبْنِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَاب السّنَن وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِلَفْظِ إِنَّ رَجُلًا كَانَ يُبَايِعُ وَكَانَ فِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ قَوْلُهُ لَا خِلَابَةَ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ أَي لَا خديعة وَلَا لِنَفْيِ الْجِنْسِ أَيْ لَا خَدِيعَةَ فِي الدِّينِ لِأَن الدّين النَّصِيحَة زَاد بن إِسْحَاقَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ وَعَبْدِ الْأَعْلَى عَنْهُ ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتَهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ فَإِنْ رَضِيتَ فَأَمْسِكْ وَإِنْ سَخِطْتَ فَارْدُدْ فَبَقِيَ حَتَّى أَدْرَكَ زَمَانَ عُثْمَان وَهُوَ بن مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً فَكَثُرَ النَّاسُ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وَكَانَ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَقِيلَ لَهُ إِنَّكَ غُبِنْتَ فِيهِ رَجَعَ بِهِ فَيَشْهَدُ لَهُ الرَّجُلُ مِنَ الصَّحَابَةِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَعَلَهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَيَرُدُّ لَهُ دَرَاهِمَهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ لَقَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْقَوْلَ لِيُتَلَفَّظَ بِهِ عِنْدَ الْبَيْعِ فَيُطْلِعُ بِهِ صَاحِبَهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الْبَصَائِرِ فِي مَعْرِفَةِ السِّلَعِ وَمَقَادِيرِ الْقِيمَةِ فَيَرَى لَهُ كَمَا يَرَى لِنَفْسِهِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ حَضِّ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَى أَدَاءِ النَّصِيحَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ فَإِن صدقا وَبينا بورك لَهما فِي بيعهمَا الْحَدِيثَ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَحْمَدَ وَأَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُرَدُّ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ لِمَنْ لَمْ يَعْرِفْ قِيمَةَ السِّلْعَةِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جَعَلَ لَهُ الْخِيَارَ لِضَعْفِ عَقْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْغَبْنُ يُمْلَكُ بِهِ الْفَسْخُ لما أحتاج إِلَى شَرط الْخِيَار وَقَالَ بن الْعَرَبِيِّ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْخَدِيعَةَ فِي قِصَّةِ هَذَا الرَّجُلِ كَانَتْ فِي الْعَيْبِ أَوْ فِي

(4/337)


الْكَذِبِ أَوْ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الْغَبْنِ فَلَا يُحْتَجُّ بِهَا فِي مَسْأَلَةِ الْغَبْنِ بِخُصُوصِهَا وَلَيْسَتْ قِصَّةً عَامَّةً وَإِنَّمَا هِيَ خَاصَّةٌ فِي وَاقِعَةِ عَيْنٍ فَيُحْتَجُّ بِهَا فِي حَقِّ مَنْ كَانَ بِصِفَةِ الرَّجُلِ قَالَ وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كُلِّمَ فِي الْبَيْعِ فَقَالَ مَا أَجِدُ لَكُمْ شَيْئًا أَوْسَعَ مِمَّا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَبَّانَ بن منقذ ثَلَاثَة أَيَّام فمداره على بن لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ انْتَهَى وَهُوَ كَمَا قَالَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِهِ لَكِنَّ الِاحْتِمَالَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا قَدْ تَعَيَّنَتْ بِالرِّوَايَةِ الَّتِي صَرَّحَ بِهَا بِأَنَّهُ كَانَ يُغْبَنُ فِي الْبُيُوعِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ أَمَدَ الْخِيَارِ الْمُشْتَرَطَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ لِأَنَّهُ حُكْمٌ وَرَدَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَيُقْتَصَرُ بِهِ عَلَى أَقْصَى مَا وَرَدَ فِيهِ وَيُؤَيِّدُهُ جَعْلُ الْخِيَارِ فِي الْمُصَرَّاةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَاعْتِبَارُ الثَّلَاثِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَأَغْرَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فَقَالَ إِنَّمَا قَصَرَهُ عَلَى ثَلَاثٍ لِأَنَّ مُعْظَمَ بَيْعِهِ كَانَ فِي الرَّقِيقِ وَهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَلَا يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ الِاحْتِمَالِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ عِنْدَ الْعَقْدِ لَا خِلَابَةَ أَنَّهُ يَصِيرُ فِي تِلْكَ الصَّفْقَةِ بِالْخِيَارِ سَوَاءٌ وَجَدَ فِيهِ عَيْبًا أَوْ غَبْنًا أَمْ لَا وَبَالغ بن حَزْمٍ فِي جُمُودِهِ فَقَالَ لَوْ قَالَ لَا خَدِيعَةَ أَوْ لَا غِشَّ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْخِيَارُ حَتَّى يَقُولَ لَا خِلَابَةَ وَمِنْ أَسْهَلِ مَا يُرَدُّ بِهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا خِيَابَةَ بِالتَّحْتَانِيَّةِ بَدَلَ اللَّامِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بَدَلَ اللَّامِ أَيْضًا وَكَأَنَّهُ كَانَ لَا يُفْصِحُ بِاللَّامِ لِلَثْغَةِ لِسَانِهِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَتَغَيَّرِ الْحُكْمُ فِي حَقِّهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ كَانُوا يَشْهَدُونَ لَهُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهُ بِالْخِيَارِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمُ اكْتَفَوْا فِي ذَلِكَ بِالْمَعْنَى وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْكَبِيرَ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَلَوْ تَبَيَّنَ سَفَهُهُ لِمَا فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ أَهْلَهُ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ احْجُرْ عَلَيْهِ فَدَعَاهُ فَنَهَاهُ عَنِ الْبَيْعِ فَقَالَ لَا أَصْبِرُ عَنْهُ فَقَالَ إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَجْرُ عَلَى الْكَبِيرِ لَا يَصِحُّ لَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ وَأَمَّا كَوْنُهُ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَعَلَى جَوَازِ شَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَفِيهِ مَا كَانَ أَهْلُ ذَلِكَ الْعَصْرِ عَلَيْهِ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى الْحَقِّ وَقَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الْحُقُوقِ وَغَيْرِهَا

(4/338)


(قَوْلُهُ بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الْأَسْوَاقِ)
قَالَ بن بَطَّالٍ أَرَادَ بِذِكْرِ الْأَسْوَاقِ إِبَاحَةَ الْمَتَاجِرِ وَدُخُولِ الْأَسْوَاقِ لِلْأَشْرَافِ وَالْفُضَلَاءِ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا لَمْ يَثْبُتْ عَلَى شَرْطِهِ مِنْ أَنَّهَا شَرُّ الْبِقَاعِ وَهُوَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَحَبُّ البقا ع إِلَى اللَّهِ الْمَسَاجِدُ وَأَبْغَضُ الْبِقَاعِ إِلَى اللَّهِ الْأَسْوَاق وَإِسْنَاده حسن وَأخرجه بن حبَان وَالْحَاكِم أَيْضا من حَدِيث بن عمر نَحوه قَالَ بن بَطَّالٍ وَهَذَا خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَرُبَّ سُوقٍ يُذْكَرُ فِيهَا اللَّهُ أَكْثَرَ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ قَوْلُهُ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْف الخ تقدم موصولافى

(4/339)


أَوَائِلِ الْبُيُوعِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا ذِكْرُ السُّوقِ فَقَطْ وَكَوْنُهُ كَانَ مَوْجُودًا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يَتَعَاهَدُهُ الْفُضَلَاءُ مِنَ الصَّحَابَةِ لِتَحْصِيلِ الْمَعَاشِ لِلْكَفَافِ وَلِلتَّعَفُّفِ عَنِ النَّاسِ قَوْلُهُ وَقَالَ أَنَسٌ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ تَقَدَّمَ أَيْضًا مَوْصُولًا هُنَاكَ قَوْلُهُ وَقَالَ عُمَرُ أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا أَيْضًا هُنَاكَ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ حَدِيثُ عَائِشَة

[2118] قَوْلُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا قَافٌ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ عَابِدٌ يُكَنَّى أَبَا بَكْرٍ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ تَقَدَّمَ فِي الْعِيدَيْنِ قَوْلُهُ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَير أَي بن مُطْعِمٍ النَّوْفَلِيُّ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ سَمِعْتُ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ قَوْلُهُ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ هَكَذَا قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ وَخَالَفَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فَقَالَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ سَمِعَهُ مِنْهُمَا فَإِنَّ رِوَايَتَهُ عَنْ عَائِشَةَ أَتَمُّ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَى مِنْ حَدِيثِ حَفْصَةَ شَيْئًا مِنْهُ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ صَفِيَّةَ نَحْوَهُ قَوْلُهُ يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَبَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِهِ فَقُلْنَا لَهُ صَنَعْتَ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ قَالَ الْعَجَبُ أَنَّ نَاسًا مِنْ أُمَّتِي يَؤُمُّونَ هَذَا الْبَيْتَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَت ذَلِك زمن بن الزُّبَيْرِ وَفِي أُخْرَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَفْوَانَ أَحَدَ رُوَاةِ الْحَدِيثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ وَاللَّهِ مَا هُوَ هَذَا الْجَيْشُ قَوْلُهُ بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِالْبَيْدَاءِ وَفِي حَدِيثِ صَفِيَّةَ عَلَى الشَّكِّ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ قَالَ هِيَ بَيْدَاءُ الْمَدِينَةِ انْتَهَى وَالْبَيْدَاءُ مَكَانٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ قَوْلُهُ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ زَادَ التِّرْمِذِيُّ فِي حَدِيثِ صَفِيَّةَ وَلَمْ يَنْجُ أَوْسَطُهُمْ وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ فَلَا يَبْقَى إِلَّا الشَّرِيدُ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْهُمْ وَاسْتُغْنِيَ بِهَذَا عَنْ تَكَلُّفِ الْجَوَابِ عَنْ حُكْمِ الْأَوْسَطِ وَأَنَّ الْعُرْفَ يَقْضِي بِدُخُولِهِ فِيمَنْ هَلَكَ أَوْ لِكَوْنِهِ آخِرًا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ وَأَوَّلًا بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِرِ فَيَدْخُلُ قَوْلُهُ وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ كَذَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ جَمْعُ سُوقٍ وَعَلَيْهِ تَرْجَمَ وَالْمَعْنَى أَهْلُ أَسْوَاقِهِمْ أَوِ السُّوقَةُ مِنْهُمْ وَقَوْلُهُ وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ أَيْ مَنْ رَافَقَهُمْ وَلَمْ يَقْصِدْ مُوَافَقَتَهُمْ وَلِأَبِي نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّا وَفِيهِمْ أَشْرَافُهُمْ بِالْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ وَالْفَاءِ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَفِيهِمْ سِوَاهُمْ وَقَالَ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أَسْوَاقُهُمْ فَأَظُنُّهُ تَصْحِيفًا فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي الْخَسْفِ بِالنَّاسِ لَا بِالْأَسْوَاقِ قُلْتُ بَلْ لَفْظُ سِوَاهُمْ تَصْحِيفٌ فَإِنَّهُ بِمَعْنَى قَوْلِهِ وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَيَلْزَمُ مِنْهُ التَّكْرَارُ بِخِلَافِ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ نَعَمْ أَقْرَبُ الرِّوَايَاتِ إِلَى الصَّوَابِ رِوَايَةُ أَبِي نُعَيْمٍ وَلَيْسَ فِي لَفْظِ أَسْوَاقُهُمْ مَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الْخَسْفُ بِالنَّاسِ فَالْمُرَادُ بِالْأَسْوَاقِ أَهْلُهَا أَيْ يُخْسَفُ بِالْمُقَاتِلَةِ مِنْهُمْ وَمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ كَالْبَاعَةِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَقُلْنَا إِنَّ الطَّرِيقَ يَجْمَعُ النَّاسَ قَالَ نَعَمْ فِيهِمُ الْمُسْتَبْصِرُ أَيِ الْمُسْتَبِينُ لِذَلِكَ الْقَاصِدُ لِلْمُقَاتَلَةِ وَالْمَجْبُورُ بِالْجِيمِ وَالْمُوَحَّدَة أَي الْمُكْره وبن السَّبِيلِ أَيْ سَالِكُ الطَّرِيقِ مَعَهُمْ وَلَيْسَ مِنْهُمْ وَالْغَرَضُ كُلُّهُ أَنَّهَا اسْتَشْكَلَتْ وُقُوعَ الْعَذَابِ عَلَى مَنْ لَا إِرَادَةَ لَهُ فِي الْقِتَالِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْعُقُوبَةِ فَوَقَعَ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْعَذَابَ يَقَعُ عَامًا لِحُضُورِ آجَالِهِمْ وَيُبْعَثُونَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ يَهْلِكُونَ مَهْلِكًا وَاحِدًا وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ بِمَنْ كَانَ كَارِهًا قَالَ يُخْسَفُ بِهِ وَلَكِنْ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نِيَّتِهِ أَيْ يُخْسَفُ بِالْجَمِيعِ لِشُؤْمِ

(4/340)


الْأَشْرَارِ ثُمَّ يُعَامَلُ كُلُّ أَحَدٍ عِنْدَ الْحِسَابِ بِحَسَبِ قَصْدِهِ قَالَ الْمُهَلَّبُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ كَثَّرَ سَوَادَ قَوْمٍ فِي الْمَعْصِيَةِ مُخْتَارًا أَنَّ الْعُقُوبَةَ تَلْزَمُهُ مَعَهُمْ قَالَ وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ مَالِكٌ عُقُوبَةَ مَنْ يُجَالِسُ شَرَبَةَ الْخَمْرِ وَأَن لم يشرب وَتعقبه بن الْمُنِيرِ بِأَنَّ الْعُقُوبَةَ الَّتِي فِي الْحَدِيثِ هِيَ الْهَجْمَةُ السَّمَاوِيَّةُ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا الْعُقُوبَاتُ الشَّرْعِيَّةُ وَيُؤَيِّدُهُ آخِرُ الْحَدِيثِ حَيْثُ قَالَ وَيُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَعْمَالَ تُعْتَبَرُ بِنِيَّةِ الْعَامِلِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ مُصَاحَبَةِ أَهْلِ الظُّلْمِ وَمُجَالَسَتِهِمْ وَتَكْثِيرِ سَوَادِهِمْ إِلَّا لِمَنِ اضْطُرَّ إِلَى ذَلِكَ وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي مُصَاحَبَةِ التَّاجِرِ لِأَهْلِ الْفِتْنَةِ هَلْ هِيَ إِعَانَةٌ لَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ أَوْ هِيَ مِنْ ضَرُورَةِ الْبَشَرِيَّةِ ثُمَّ يُعْتَبَرُ عَمَلُ كُلِّ أَحَدٍ بِنِيَّتِهِ وَعَلَى الثَّانِي يَدُلُّ ظَاهر الحَدِيث وَقَالَ بن التِّينِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْجَيْشُ الَّذِي يُخْسَفُ بِهِمْ هُمُ الَّذِينَ يَهْدِمُونَ الْكَعْبَةَ فَيَنْتَقِمُ مِنْهُمْ فَيَخْسِفُ بِهِمْ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ إِنَّ نَاسًا مِنْ أُمَّتِي وَالَّذِينَ يَهْدِمُونَهَا مِنْ كُفَّارِ الْحَبَشَةِ وَأَيْضًا فَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُمْ يُخْسَفُ بِهِمْ بَعْدَ أَنْ يَهْدِمُوهَا وَيَرْجِعُوا وَظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّهُ يُخْسَفُ بِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَصِلُوا إِلَيْهَا الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مُسْتَوْفًى فِي أَبْوَابِ الْجَمَاعَةِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ ذِكْرُ السُّوقِ وَجَوَازُ الصَّلَاةِ فِيهِ وَقَوْلُهُ

[2119] لَا يُنْهِزُهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ بَعْدَهَا زَايٌ يُنْهِضُهُ وَزْنًا وَمَعْنًى وَالْمُرَادُ لَا يُزْعِجُهُ وَالْجُمْلَةُ بَيَانٌ لِلْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ وَقَوْلُهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ يُصَلِّي عَلَيْهِ أَيْ يَقُولُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ أَيْ يَحْصُلُ مِنْهُ أَذًى لِلْمَلَائِكَةِ أَوْ لِمُسْلِمٍ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقَوْلِ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي سَبَبِ

[2120] قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنُّوا بِكُنْيَتِي أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْهُ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا قَوْلُهُ فِي أَوَّلِ الطَّرِيقِ الْأُولَى كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّوقِ وَفَائِدَة إِيرَاد الطَّرِيقَ الثَّانِيَةَ قَوْلُهُ فِيهَا إِنَّهُ كَانَ بِالْبَقِيعِ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّوقِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى السُّوقُ الَّذِي كَانَ بِالْبَقِيعِ وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا أَنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ الحَدِيث الرَّابِع حَدِيث أبي هُرَيْرَة

[2122] قَوْلُهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بِالتَّصْغِيرِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ وَلَكِنَّهُ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا جِدًّا قَوْلُهُ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ فِي طَائِفَةٍ مِنَ النَّهَارِ أَيْ فِي قِطْعَةٍ مِنْهُ وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ أَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ صَائِفَةٍ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَدَلَ طَائِفَةٍ أَيْ فِي حَرِّ النَّهَارِ يُقَالُ يَوْمٌ صَائِفٌ أَيْ حَارٌّ قَوْلُهُ لَا يُكَلِّمُنِي وَلَا أُكَلِّمُهُ أَمَّا مِنْ جَانِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَعَلَّهُ كَانَ مَشْغُولَ الْفِكْرِ بِوَحْيٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَمَّا مِنْ جَانِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلِلتَّوْقِيرِ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِ الصَّحَابَةِ إِذَا لَمْ يَرَوْا مِنْهُ نَشَاطًا قَوْلُهُ حَتَّى أَتَى سُوقَ بَنِي قَيْنُقَاعَ فَجَلَسَ بِفِنَاءِ بَيْتِ فَاطِمَةَ فَقَالَ هَكَذَا فِي نُسَخِ الْبُخَارِيِّ قَالَ الدَّاوُدِيُّ سَقَطَ بَعْضُ الْحَدِيثِ عَنِ النَّاقِلِ أَوْ أَدْخَلَ حَدِيثًا فِي حَدِيثٍ لِأَنَّ بَيْتَ فَاطِمَةَ لَيْسَ فِي سُوقِ بني قينقاع انْتهى وَمَا ذكره أَو لَا احْتِمَالًا هُوَ الْوَاقِعُ وَلَمْ يَدْخُلْ لِلرَّاوِي حَدِيثٌ فِي حَدِيث وَقد أخرجه مُسلم عَن بن أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ فَأَثْبَتَ مَا سَقَطَ مِنْهُ وَلَفْظُهُ حَتَّى جَاءَ سُوقَ بَنِي قَيْنُقَاعَ ثُمَّ انْصَرَفَ حَتَّى أَتَى فِنَاءَ فَاطِمَةَ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ سُفْيَانَ وَأَخْرَجَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ فَقَالَ فِيهِ حَتَّى أَتَى فِنَاءَ عَائِشَةَ فَجَلَسَ فِيهِ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ وَالْفِنَاءُ بِكَسْرِ الْفَاءِ بَعْدَهَا نُونٌ مَمْدُودَةٌ أَيِ الْمَوْضِعُ الْمُتَّسِعُ أَمَامَ الْبَيْتِ قَوْلُهُ أَثَمَّ لُكَعُ بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ مَفْتُوحَةٌ وَلُكَعُ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْكَافِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ اللُّكَعُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا الصَّغِيرُ وَالْآخَرُ اللَّئِيمُ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ وَالْمُرَادُ بِالثَّانِي مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا يَكُونُ أَسْعَدَ النَّاسِ بالدنيا لكع بن لكع وَقَالَ بن

(4/341)


التِّين زَاد بن فَارِسٍ أَنَّ الْعَبْدَ أَيْضًا يُقَالُ لَهُ لُكَعُ انْتَهَى وَلَعَلَّ مَنْ أَطْلَقَهُ عَلَى الْعَبْدِ أَرَادَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَقَالَ بِلَالُ بْنُ جَرِيرٍ التَّمِيمِيُّ اللُّكَعُ فِي لُغَتِنَا الصَّغِيرُ وَأَصْلُهُ فِي الْمَهْرِ وَنَحْوِهِ وَعَنِ الْأَصْمَعِيِّ اللُّكَعُ الَّذِي لَا يَهْتَدِي لِمَنْطِقٍ وَلَا غَيْرِهِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمَلَاكِيعِ وَهِيَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنَ السُّلَّا قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَهَذَا الْقَوْلُ أَرْجَحُ الْأَقْوَالِ هُنَا لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْحَسَنَ صَغِيرٌ لَا يَهْتَدِي لِمَنْطِقٍ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ لَئِيمٌ وَلَا عَبْدٌ قَوْلُهُ فَحَبَسَتْهُ شَيْئًا أَيْ مَنَعَتْهُ مِنَ الْمُبَادَرَةِ إِلَى الْخُرُوجِ إِلَيْهِ قَلِيلا وَالْفَاعِل فَاطِمَة قَوْله فَظَنَنْت أَنَّهَا تُلْبِسُهُ سِخَابًا بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ خَفِيفَةٌ وَبِمُوَحَّدَةٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هِيَ قِلَادَةٌ تُتَّخَذُ مِنْ طِيبٍ لَيْسَ فِيهَا ذَهَبٌ وَلَا فِضَّةٌ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مِنْ قُرُنْفُلٍ وَقَالَ الْهَرَوِيُّ هُوَ خَيْطٌ مِنْ خَرَزٍ يَلْبَسُهُ الصِّبْيَانُ وَالْجَوَارِي وَرَوَى الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن بن أَبِي عُمَرَ أَحَدِ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ السِّخَابُ شَيْءٌ يُعْمَلُ مِنَ الْحَنْظَلِ كَالْقَمِيصِ وَالْوِشَاحِ قَوْلُهُ أَوْ تَغْسِلُهُ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ وَتَغْسِلُهُ بِالْوَاوِ قَوْلُهُ فَجَاءَ يَشْتَدُّ أَيْ يُسْرِعُ فِي الْمَشْيِ فِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ مُوسَى عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيّ فجَاء الْحسن وَفِي رِوَايَة بن أَبِي عُمَرَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَجَاءَ الْحَسَنُ أَوِ الْحُسَيْن وَقد أخرجه مُسلم عَن بن أبي عمر فَقَالَ فىروايته أَثَمَّ لُكَعُ يَعْنِي حَسَنًا وَكَذَا قَالَ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ وَسَيَأْتِي فِي اللِّبَاسِ مِنْ طَرِيقِ وَرْقَاءَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ بِلَفْظِ فَقَالَ أَيْنَ لُكَعُ ادْعُ الْحَسَنَ بْنَ على فَقَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يَمْشِي قَوْلُهُ فَجَاءَ يَشْتَدُّ حَتَّى عَانَقَهُ وَقَبَّلَهُ فِي رِوَايَةِ وَرْقَاءَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ هَكَذَا أَيْ مَدَّهَا فَقَالَ الْحَسَنُ بِيَدِهِ هَكَذَا فَالْتَزَمَهُ قَوْلُهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَحِبَّهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ بِلَفْظِ الدُّعَاءِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَحْبِبْهُ بِفَكِّ الْإِدْغَامِ زَاد مُسلم عَن بن أَبِي عُمَرَ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ وَفِي الْحَدِيثِ بَيَانُ مَا كَانَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ مِنْ تَوْقِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَشْيِ مَعَهُ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ التَّوَاضُعِ مِنَ الدُّخُولِ فِي السُّوقِ وَالْجُلُوسِ بِفِنَاءِ الدَّارِ وَرَحْمَةُ الصَّغِيرِ وَالْمُزَاحُ مَعَهُ وَمُعَانَقَتُهُ وَتَقْبِيلُهُ وَمَنْقَبَةٌ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي مَنَاقِبِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ قَالَ سُفْيَانُ هُوَ بن عُيَيْنَةَ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنِي فِيهِ تَقْدِيمُ اسْمِ الرَّاوِي عَلَى الصِّيغَةِ وَهُوَ جَائِزٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ هُوَ شَيْخُ سُفْيَانَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ بِإِيرَادِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ بَيَانَ لُقِيِّ عُبَيْدِ اللَّهِ لِنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ فَلَا تَضُرُّ الْعَنْعَنَةُ فِي الطَّرِيقِ الْمَوْصُولَةِ لِأَنَّ مَنْ لَيْسَ بِمُدَلِّسٍ إِذَا ثَبَتَ لِقَاؤُهُ لِمَنْ حَدَّثَ عَنْهُ حُمِلَتْ عَنْعَنَتُهُ عَلَى السَّمَاعِ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْمُدَلِّسِ أَوْ فِيمَنْ لَمْ يَثْبُتُ لُقِيُّهُ لِمَنْ رَوَى عَنْهُ وَأَبْعَدَ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ إِنَّمَا ذَكَرَ الْوِتْرَ هُنَا لِأَنَّهُ لَمَّا رَوَى الْحَدِيثَ الْمَوْصُولَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ انْتَهَزَ الْفُرْصَةَ لِبَيَانِ مَا ثَبَتَ فِي الْوِتْرِ مِمَّا اخْتُلِفَ فِي جَوَازِهِ وَاللَّهُ أعلم الحَدِيث الْخَامِس حَدِيث بن عُمَرَ فِي نَقْلِ الطَّعَامِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي يُشْتَرَى مِنْهُ إِلَى حَيْثُ يُبَاعُ الطَّعَامُ وَفِيهِ حَدِيثُهُ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ إِدْخَالُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ الْأَسْوَاقِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ السُّوقَ اسْمٌ لِكُلِّ مَكَانٍ وَقَعَ فِيهِ التَّبَايُعِ بَيْنَ مَنْ يَتَعَاطَى الْبَيْعَ فَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ بِالْمَكَانِ الْمَعْرُوفِ بِالسُّوقِ بَلْ يَعُمُّ كُلَّ مَكَانٍ يَقَعُ فِيهِ التَّبَايُعُ فَالْعُمُومُ فِي

[2123] قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ حَيْثُ يُبَاعُ الطَّعَام

(4/342)


(قَوْلُهُ بَابُ كَرَاهِيَةِ السَّخَبِ فِي الْأَسْوَاقِ)
بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَيُقَالُ فِيهِ الصَّخَبُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَدَلَ السِّينِ وَهُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْخِصَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ فِي قِصَّةِ هِرَقْلَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَأُخِذَتِ الْكَرَاهَةُ مِنْ نَفْيِ الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا نُفِيَتْ عَنْهُ صِفَةُ الْفَظَاظَةِ وَالْغِلْظَةِ وَأَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْغَرَضُ مِنْهُ

[2125] قَوْلُهُ فِيهِ وَلَا سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى شَرْحِهِ مُسْتَوْفًى فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْفَتْحِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ دُخُولَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ السُّوقَ لَا يَحُطُّ مِنْ مَرْتَبَتِهِ لِأَنَّ النَّفْيَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي ذَمِّ السَّخَبِ فِيهَا لَا عَنْ أَصْلِ الدُّخُول وهلال الْمَذْكُور فِي إِسْنَاده هُوَ بن عَلِيٍّ وَيُقَالُ لَهُ هِلَالُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ وَلَيْسَ لِشَيْخِهِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي الصَّحِيحِ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَوْلُهُ فِيهِ وَحِرْزًا بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ حَافِظًا وَأَصْلُ الْحِرْزِ الْمَوْضِعُ الْحَصِينُ وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ وَقَوْلُهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ أَيْ مِلَّةَ الْعَرَبِ وَوَصَفَهَا بِالْعِوَجِ لِمَا دَخَلَ فِيهَا مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَالْمُرَادُ بِإِقَامَتِهَا أَنْ يُخْرِجَ أَهْلَهَا مِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ وَقَوْلُهُ وَقُلُوبٌ غُلْفٌ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْمُصَنِّفَ الْغُلْفُ كُلُّ شَيْءٍ فِي غِلَافٍ يُقَالُ سَيْفٌ أَغْلَفُ وَقَوْسٌ غَلْفَاءُ وَرَجُلٌ أَغْلَفُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَخْتُونًا انْتَهَى وَهُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِ الْمَجَازِ قَوْلُهُ تَابَعَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ هِلَالٍ سَتَأْتِي هَذِهِ الْمُتَابَعَةُ مَوْصُولَةً فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْفَتْحِ قَوْلُهُ وَقَالَ سَعِيدٌ عَن هِلَال عَن عَطاء عَن بن سَلام سعيد هُوَ بن أَبِي هِلَالٍ وَقَدْ خَالَفَ عَبْدَ الْعَزِيزِ وَفُلَيْحًا فِي تَعْيِينِ الصَّحَابِيِّ وَطَرِيقُهُ هَذِهِ وَصَلَهَا الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ وَيَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي تَارِيخِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ جَمِيعًا بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ عَنْهُ وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ حَمَلَهُ عَنْ كل مِنْهُمَا فقد أخرجه بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ كَانَ يَقُولُ فَذَكَرَهُ وَأَظُنُّ الْمُبَلِّغَ لِزَيْدٍ هُوَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ فَإِنَّهُ مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ فَيَكُونُ هَذَا شَاهِدًا لِرِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَأَذْكُرُ لِرِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ مُتَابَعَاتٍ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْفَتْحِ وَمِمَّا جَاءَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مُجْمَلًا مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ صِفَةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِيسَى بن مَرْيَم يدْفن مَعَه

(4/343)


(قَوْلُهُ بَابُ الْكَيْلِ عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُعْطِي)
أَيْ مُؤْنَةُ الْكَيْلِ عَلَى الْمُعْطِي بَائِعًا كَانَ أَوْ مُوَفِّي دَيْنٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَيُلْتَحَقُ بِالْكَيْلِ فِي ذَلِكَ الْوَزْنُ فِيمَا يُوزَنُ مِنَ السِّلَعِ وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَكَذَلِكَ مُؤْنَةُ وَزْنِ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي إِلَّا نَقْدَ الثَّمَنِ فَهُوَ عَلَى الْبَائِعِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَوْلُهُ وَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وزنوهم يخسرون يَعْنِي كَالُوا لَهُمْ أَوْ وَزَنُوا لَهُمْ هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ وَبِهِ جَزَمَ الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَهُمْ عِيسَى بْنُ عُمَرَ فَكَانَ يَقِفُ عَلَى كَالُوا وَعَلَى وَزَنُوا ثُمَّ يَقُولُ هُمْ وَزَيَّفَهُ الطَّبَرِيُّ وَالْجُمْهُورُ أَعْرَبُوهُ عَلَى حَذْفِ الْجَارِّ وَوَصَلَ الْفِعْلِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَهُوَ الْمَكِيلُ مَثَلًا أَيْ كَالُوا مَكِيلَهُمْ وَقَوْلُهُ كَقَوْلِهِ يَسْمَعُونَكُمْ أَيْ يَسْمَعُونَ لَكُمْ وَمَعْنَى التَّرْجَمَةِ أَنَّ الْمَرْءَ يَكِيلُ لَهُ غَيْرُهُ إِذَا اشْتَرَى وَيَكِيلُ هُوَ إِذَا بَاعَ قَوْلُهُ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اكْتَالُوا حَتَّى تَسْتَوْفُوا هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيث وَصله النَّسَائِيّ وبن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَلَمَّا أَظْهَرَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَبَيْنَا نَحْنُ قُعُودٌ إِذْ أَتَى رَجُلٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ وَمَعَنَا جَمَلٌ أَحْمَرُ فَقَالَ أَتَبِيعُونَ الْجَمَلَ قُلْنَا نَعَمْ فَقَالَ بِكَمْ قُلْنَا بِكَذَا وَكَذَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ قَالَ قَدْ أَخَذْتُ فَأَخَذَ بِخِطَامِ الْجَمَلِ ثُمَّ ذَهَبَ حَتَّى تَوَارَى فَلَمَّا كَانَ الْعِشَاءُ أَتَانَا رَجُلٌ فَقَالَ أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْكُمْ وَهُوَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ هَذَا التَّمْرِ حَتَّى تَشْبَعُوا وَتَكْتَالُوا حَتَّى تَسْتَوْفُوا فَفَعَلْنَا ثُمَّ قَدِمْنَا فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَمُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ الِاكْتِيَالَ يُسْتَعْمَلُ لِمَا يَأْخُذهُ الْمَرْءُ لِنَفْسِهِ كَمَا يُقَالُ اشْتَوَى إِذَا اتَّخَذَ الشِّوَاءَ وَاكْتَسَبَ إِذَا حَصَّلَ الْكَسْبَ وَيُفَسِّرُ ذَلِكَ حَدِيثُ عُثْمَانَ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ قَوْلُهُ وَيُذْكَرُ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ إِذَا بِعْتَ فَكِلْ وَإِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ وَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بن الْمُغيرَة الْمصْرِيّ عَن منقذ مولى بن سِرَاقَةَ عَنْ عُثْمَانَ بِهَذَا وَمُنْقِذٌ مَجْهُولُ الْحَالِ لَكِن لَهُ طَرِيق أُخْرَى أخرجهَا أَحْمد وبن ماجة وَالْبَزَّار

(4/344)


مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ عَنْ سَعِيدِ بن الْمسيب عَن عُثْمَان بِهِ وَفِيه بن لَهِيعَة وَلكنه من قديم حَدِيثه لِأَن بن عَبْدِ الْحَكَمِ أَوْرَدَهُ فِي فُتُوحِ مِصْرَ مِنْ طَرِيق اللَّيْث عَنهُ وَأَشَارَ بن التِّينِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُطَابِقُ التَّرْجَمَةَ قَالَ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ إِذَا بِعْتَ فَكِلْ أَيْ فَأَوْفِ وَإِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ أَيْ فَاسْتَوْفِ قَالَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا أَعْطَى أَوْ أَخَذَ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ أَيْ لَا لَكَ وَلَا عَلَيْكَ انْتَهَى لَكِنْ فِي طَرِيقِ اللَّيْثِ زِيَادَةٌ تُسَاعِدُ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ وَلَفْظُهُ إِنَّ عُثْمَانَ قَالَ كُنْتُ أَشْتَرِي التَّمْرَ مِنْ سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ ثُمَّ أَجْلِبُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ أَفْرُغُهُ لَهُمْ وَأُخْبِرُهُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْمَكِيلَةِ فَيُعْطُونِي مَا رَضِيتُ بِهِ مِنَ الرِّبْحِ فَيَأْخُذُونَهُ وَيَأْخُذُونَهُ بِخَبَرِي فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ تَعَاطِي الْكَيْلِ حَقِيقَةً لَا خُصُوصَ طَلَبِ عَدَمِ الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان وَله شَاهد مُرْسل أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ قَالَ قَدِمَ لِعُثْمَانَ طَعَامٌ فَذَكَرَ نَحْوَهُ بِمَعْنَاهُ ثُمَّ أَوْرَدَ المُصَنّف حَدِيث بن عُمَرَ مَنْ بَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَبْوَابٍ وَحَدِيثُ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ دَيْنِ أَبِيهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا اخْتَلَفَ مِنْ أَلْفَاظِهِ وَطُرُقِهِ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْغَرَضُ مِنْهُ

[2235] قَوْلُهُ فِيهِ ثُمَّ قَالَ كِلِ للْقَوْم فَإِنَّهُ مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ فِي التَّرْجَمَةِ الْكَيْلُ عَلَى الْمُعْطِي وَقَوْلُهُ فِيهِ صَنِّفْ تَمْرَكَ أَصْنَافًا أَيِ اعْزِلْ كُلَّ صِنْفٍ مِنْهُ وَحْدَهُ وَقَوْلُهُ فِيهِ وعذق بن زَيْدٍ الْعِذْقُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ النَّخْلَةُ وَبِكَسْرِهَا الْعُرْجُونُ والذال فيهمَا مُعْجمَة وبن زَيْدٍ شَخْصٌ نُسِبَ إِلَيْهِ النَّوْعُ الْمَذْكُورُ مِنَ التَّمْرِ وَأَصْنَافُ تَمْرِ الْمَدِينَةِ كَثِيرَةٌ جِدًّا فَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ فِي الْفُرُوقِ أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ عَدُّوا عِنْدَ أَمِيرِهَا صُنُوفَ التَّمْرِ الْأَسْوَدِ خَاصَّةً فَزَادَتْ عَلَى السِّتِّينَ قَالَ وَالتَّمْرُ الْأَحْمَرُ أَكْثَرُ مِنَ الْأَسْوَدِ عِنْدَهُمْ قَوْلُهُ وَقَالَ فِرَاسٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ إِلَخْ هُوَ طَرَفٌ مِنَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي آخَرِ أَبْوَابِ الْوَصَايَا بِتَمَامِهِ وَفِيهِ اللَّفْظُ الْمَذْكُورُ قَوْلُهُ وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُذَّ لَهُ فَأَوْفِ لَهُ وَهَذَا أَيْضًا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِهِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الاستقراض بِتَمَامِهِ وَهِشَام الْمَذْكُور هُوَ بن عُرْوَة ووهب هُوَ بن كَيْسَانَ وَقَوْلُهُ جُذَّ بِلَفْظِ الْأَمْرِ مِنَ الْجُذَاذِ بِالْجِيمِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ قَطْعُ الْعَرَاجِينِ وَبَيَّنَ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ قَدْرَ الدَّيْنِ وَقَدْرَ الَّذِي فَضَلَ بَعْدَ وَفَائِهِ وَقَدْ تَضَمَّنَ قَوْلُهُ فَأَوْفِ لَهُ معنى قَوْله كل للْقَوْم

(قَوْلُهُ بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْكَيْلِ)
أَيْ فِي المبايعات

[2128] قَوْله الْوَلِيد هُوَ بن مُسلم قَوْله عَن ثَوْر هُوَ بن يزِيد الدِّمَشْقِي فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ دُحَيْمٍ عَنِ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا ثَوْرٌ قَوْلُهُ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَن الْمِقْدَام بن معد يكرب هَكَذَا رَوَاهُ الْوَلِيدُ وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ ثَوْرٍ وَهَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مهْدي عَن بن الْمُبَارَكِ عَنْ ثَوْرٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ وَتَابَعَهُ يحيى بن سعد عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ وَخَالَفَهُمْ أَبُو الرَّبِيعِ الزهْرَانِي عَن بن الْمُبَارَكِ فَأَدْخَلَ بَيْنَ خَالِدٍ وَالْمِقْدَامِ جُبَيْرَ بْنَ نُفَيْرٍ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَيْضًا وَرِوَايَتُهُ مِنَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِل

(4/345)


الْأَسَانِيدِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عِنْد الطَّبَرَانِيّ ونفيه عِنْده وَعند بن ماجة كِلَاهُمَا عَن يحيى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنِ الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ زَادَ فِيهِ أَبَا أَيُّوبَ وَأَشَارَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِلَى رُجْحَانِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ قَوْلُهُ يُبَارَكْ لَكُمْ كَذَا فِي جَمِيعِ رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ وَرَوَاهُ أَكْثَرُ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فزادوا فِي آخِره فِيهِ قَالَ بن بَطَّالٍ الْكَيْلُ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ فِيمَا يُنْفِقُهُ الْمَرْءُ عَلَى عِيَالِهِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَخْرِجُوا بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ يُبَلِّغْكُمْ إِلَى الْمُدَّةِ الَّتِي قَدَّرْتُمْ مَعَ مَا وَضَعَ اللَّهُ مِنَ الْبَرَكَةِ فِي مُدِّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِدَعْوَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْبَرَكَةُ لِلتَّسْمِيَةِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْكَيْلِ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ لَيْسَ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ كَانَ عِنْدِي شَطْرُ شَعِيرٍ آكُلُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَيَّ فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ يَعْنِي الْحَدِيثَ الْآتِي ذِكْرُهُ فِي الرِّقَاقِ مُعَارَضَةً لِأَنَّ مَعْنَى حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُخْرِجُ قُوتَهَا وَهُوَ شَيْءٌ يَسِيرٌ بِغَيْرِ كَيْلٍ فَبُورِكَ لَهَا فِيهِ مَعَ بَرَكَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا كَالَتْهُ عَلِمَتِ الْمُدَّةَ الَّتِي يَبْلُغُ إِلَيْهَا عِنْدَ انْقِضَائِهَا اه وَهُوَ صَرْفٌ لِمَا يَتَبَادَرُ إِلَى الذِّهْنِ مِنْ مَعْنَى الْبَرَكَةِ وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ عِنْد بن حِبَّانَ فَمَا زِلْنَا نَأْكُلُ مِنْهُ حَتَّى كَالَتْهُ الْجَارِيَةُ فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ فَنِيَ وَلَوْ لَمْ تَكِلْهُ لَرَجَوْتُ أَنْ يَبْقَى أَكْثَرَ وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ لَمَّا أَمَرَتْ عَائِشَةُ بِكَيْلِ الطَّعَامِ نَاظِرَةً إِلَى مُقْتَضَى الْعَادَةِ غَافِلَةً عَنْ طَلَبِ الْبَرَكَةِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ رُدَّتْ إِلَى مُقْتَضَى الْعَادَةِ اه وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ حَدِيثَ الْمِقْدَامِ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّعَامِ الَّذِي يُشْتَرَى فَالْبَرَكَةُ تَحْصُلُ فِيهِ بِالْكَيْلِ لِامْتِثَالِ أَمْرِ الشَّارِعِ وَإِذَا لَمْ يَمْتَثِلِ الْأَمْرَ فِيهِ بِالِاكْتِيَالِ نُزِعَتْ مِنْهُ لِشُؤْمِ الْعِصْيَانِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا كَالَتْهُ لِلِاخْتِبَارِ فَلِذَلِكَ دَخَلَهُ النَّقْصُ وَهُوَ شَبِيهٌ بِقَوْلِ أَبِي رَافِعٍ لَمَّا قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّالِثَةِ نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ قَالَ وَهَلْ لِلشَّاةِ إِلَّا ذِرَاعَانِ فَقَالَ لَوْ لَمْ تَقُلْ هَذَا لَنَاوَلْتَنِي مَا دُمْتُ أَطْلُبُ مِنْكَ فَخَرَجَ مِنْ شُؤْمِ الْمُعَارَضَةِ انْتِزَاعُ الْبَرَكَةِ وَيَشْهَدُ لِمَا قُلْتُهُ حَدِيثُ لَا تُحْصِي فَيُحْصِي اللَّهُ عَلَيْكَ الْآتِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَيْلَ بِمُجَرَّدِهِ لَا تَحْصُلُ بِهِ الْبَرَكَةُ مَا لَمْ يَنْضَمَّ إِلَيْهِ أَمْرٌ آخَرُ وَهُوَ امْتِثَالُ الْأَمْرِ فِيمَا يُشْرَعُ فِيهِ الْكَيْلُ وَلَا تُنْزَعُ الْبَرَكَةُ مِنَ الْمَكِيلِ بِمُجَرَّدِ الْكَيْلِ مَا لَمْ يَنْضَمَّ إِلَيْهِ أَمْرٌ آخَرُ كَالْمُعَارَضَةِ وَالِاخْتِبَارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلُهُ كِيلُوا طَعَامَكُمْ أَيْ إِذَا ادَّخَرْتُمُوهُ طَالِبِينَ مِنَ اللَّهِ الْبَرَكَةَ وَاثِقِينَ بِالْإِجَابَةِ فَكَانَ مَنْ كَالَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكِيلُهُ لِيَتَعَرَّفَ مِقْدَارَهُ فَيَكُونَ ذَلِكَ شَكًّا فِي الْإِجَابَةِ فَيُعَاقَبَ بِسُرْعَةِ نَفَادِهِ قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْبَرَكَةُ الَّتِي تَحْصُلُ بِالْكَيْلِ بِسَبَبِ السَّلَامَةِ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ بِالْخَادِمِ لِأَنَّهُ إِذَا أَخْرَجَ بِغَيْرِ حِسَابٍ قَدْ يَفْرُغُ مَا يُخْرِجُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ فَيَتَّهِمُ مَنْ يَتَوَلَّى أَمْرَهُ بِالْأَخْذِ مِنْهُ وَقَدْ يَكُونُ بَرِيئًا وَإِذَا كَالَهُ أَمِنَ مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ فِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَيْلِ الطَّعَامِ تَصْغِيرُ الْأَرْغِفَةِ وَلَمْ أَتَحَقَّقْ ذَلِكَ وَلَا خِلَافه

(4/346)


ق

(وَله بَاب بركَة صَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُدِّهِ)
فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَمُدِّهِمْ بِصِيغَةِ الْجمع وَكَذَا لِأَبِي ذَرٍّ عَنْ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَبِهِ جَزَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالضَّمِيرُ يَعُودُ لِلْمَحْذُوفِ فِي صَاعِ النَّبِيِّ أَيْ صَاعِ أَهْلِ مَدِينَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُدِّهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يكون الْجمع لإِرَادَة التَّعْظِيم وَشرح بن بَطَّالٍ عَلَى الْأَوَّلِ قَوْلُهُ فِيهِ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ مَوْصُولًا مِنْ حَدِيثِهَا فِي آخِرِ الْحَجِّ عَنْهَا قَالَتْ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ الْحَدِيثَ وَفِيهِ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا ومدنا

[2129] قَوْله حَدثنَا مُوسَى هُوَ بن إِسْمَاعِيلَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ حَدِيث عبد الله بن زيد وَهُوَ بن عَاصِم الْمَذْكُور هُنَا فِي أَو اخر الْحَجِّ وَكَذَا حَدِيثُ أَنَسٍ وَسَيُعَادُ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ تَنْبِيهٌ إِيرَادُ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ عَقِبَ الَّتِي قَبْلَهَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْبَرَكَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ الْمِقْدَامِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إِذَا وَقَعَ الْكَيْلُ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاعِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى مَا كَانَ مُوَافِقًا لَهُمَا لَا إِلَى مَا يُخَالِفُهُمَا وَاللَّهُ أعلم

(4/347)


(قَوْلُهُ بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ وَالْحُكْرَةِ)
أَيْ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ حَبْسُ السِّلَعِ عَنِ الْبَيْعِ هَذَا مُقْتَضَى اللُّغَةِ وَلَيْسَ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ لِلْحُكْرَةِ ذِكْرٌ كَمَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَنْبَطَ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْرِ بِنَقْلِ الطَّعَامِ إِلَى الرِّحَالِ وَمَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ فَلَوْ كَانَ الِاحْتِكَارُ حَرَامًا لَمْ يَأْمُرْ بِمَا يَئُولُ إِلَيْهِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ حَدِيثُ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ لَكِنْ مُجَرّد إِيوَاءِ الطَّعَامِ إِلَى الرِّحَالِ لَا يَسْتَلْزِمُ الِاحْتِكَارَ الشَّرْعِيَّ لِأَنَّ الِاحْتِكَارَ الشَّرْعِيَّ إِمْسَاكُ الطَّعَامِ عَنِ البيع وانتظار الغلاء مَعَ الِاسْتِغْنَاء عَنْهُ وَحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِ وَبِهَذَا فَسَّرَهُ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ رَفَعَ طَعَامًا مِنْ ضَيْعَتِهِ إِلَى بَيْتِهِ لَيْسَتْ هَذِهِ بِحُكْرَةٍ وَعَنْ أَحْمَدَ إِنَّمَا يَحْرُمُ احْتِكَارُ الطَّعَامِ الْمُقْتَاتِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْبُخَارِيُّ أَرَادَ بِالتَّرْجَمَةِ بَيَانَ تَعْرِيفِ الْحُكْرَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَا يُفَسِّرُهُ أَهْلُ اللُّغَةِ فَسَاقَ الْأَحَادِيثَ الَّتِي فِيهَا تَمْكِينُ النَّاسِ مِنْ شِرَاءِ الطَّعَامِ وَنَقْلِهِ وَلَوْ كَانَ الِاحْتِكَارُ مَمْنُوعًا لَمُنِعُوا مِنْ نَقْلِهِ أَوْ لَبُيِّنَ لَهُمْ عِنْدَ نَقْلِهِ الْأَمَدُ الَّذِي يَنْتَهُونَ إِلَيْهِ أَوْ لَأُخِذَ عَلَى أَيْدِيهِمْ مِنْ شِرَاءِ الشَّيْءِ الْكَثِيرِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ الِاحْتِكَارِ وَكُلُّ ذَلِكَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الِاحْتِكَارَ إِنَّمَا يُمْنَعُ فِي حَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ بِشُرُوطٍ مَخْصُوصَةٍ وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَمِّ الِاحْتِكَارِ أَحَادِيثُ مِنْهَا حَدِيث معمر الْمَذْكُور أَو لَا وَحَدِيثُ عُمَرَ مَرْفُوعًا مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طعامهم ضربه الله بالجذام والافلاس رَوَاهُ بن مَاجَهْ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَعَنْهُ مَرْفُوعًا قَالَ الْجَالِبُ مَرْزُوق والمحتكر مَلْعُون أخرجه بن ماجة وَالْحَاكِم وَإِسْنَاده ضَعِيف وَعَن بن عُمَرَ مَرْفُوعًا مَنِ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فقد برِئ من الله وبرىء مِنْهُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مَنِ احْتَكَرَ حُكْرَةً يُرِيدُ أَنْ يُغَالِيَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ خَاطِئٌ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ حَدِيث بن عُمَرَ فِي تَأْدِيبِ مَنْ يَبِيعُ الطَّعَامَ قَبْلَ أَن يؤويه إِلَى رَحْلِهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ بَابٍ الثَّانِي وَالثَّالِث حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ قَوْله فِي آخر حَدِيث بن عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَيِ الْمُصَنِّفُ مرجئون أَي مؤرخون وَهَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَفْسِيرِ أَبِي عُبَيْدَةَ حَيْثُ قَالَ فِي قَوْلِهِ وَآخَرُونَ مرجئون لأمر الله أَيْ مُؤَخَّرُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ يُقَالُ أَرْجَأْتُكَ أَيْ أخرتك وَأَرَادَ بِهِ البُخَارِيّ شرح قَول بن عَبَّاسٍ وَالطَّعَامُ مُرْجَأٌ أَيْ مُؤَخَّرٌ وَيَجُوزُ هَمْزُ مُرْجَأٍ وَتَرْكُ هَمْزِهِ وَوَقَعَ فِي كِتَابِ الْخَطَّابِيِّ بتَشْديد الْجِيم بِغَيْر همز وَهُوَ للْمُبَالَغَة حَدِيث وبن عمر فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ الرَّابِعُ حَدِيثُ عُمَرَ الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا وَمُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ اشْتِرَاطِ قَبْضِ الشَّعِيرِ وَغَيْرِهِ مِنَ الرِّبَوِيَّاتِ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنَّهُ دَاخِلٌ فِي قَبْضِ الطَّعَامِ بِغَيْرِ شَرْطٍ آخَرَ وَقَدِ استشعر بن بَطَّالٍ مُبَايَنَتَهُ لِلتَّرْجَمَةِ فَأَدْخَلَهُ فِي تَرْجَمَةِ بَابِ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَهُوَ مُغَايِرٌ لِلنُّسَخِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ الْبُخَارِيِّ وَقَوْلُهُ

[2134] فِي حَدِيثِ عُمَرَ حَدثنَا على هُوَ بن الْمَدِينِيّ وسُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَةَ وَقَوْلُهُ كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ يُحَدِّثُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ عِنْدَهُ صَرْفٌ فَقَالَ طَلْحَةُ أَيِ بن عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَا حَتَّى يَجِيءَ خَازِنُنَا مِنَ الْغَابَةِ تَأْتِي بَقِيَّتُهُ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بَعْدَ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ بَابًا قَوْلُهُ قَالَ سُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَةَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ هَذَا الَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ أَشَارَ إِلَى الْقِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّهُ حَفِظَ مِنَ الزُّهْرِيِّ الْمَتْنَ بِغَيْرِ زِيَادَةٍ وَقَدْ حَفِظَهَا مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَأَبْعَدَ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ غَرَضُ سُفْيَانَ تَصْدِيقُ عَمْرٍو وَأَنَّهُ حَفِظَ نَظِيرَ مَا رُوِيَ قَوْلُهُ الذَّهَب بالورق هَكَذَا رَوَاهُ أَكثر أَصْحَاب بن عُيَيْنَةَ عَنْهُ وَهِيَ رِوَايَةُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ كَمَا سَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْله فِي آخر حَدِيث بن عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَيِ الْمُصَنِّفُ مُرْجِئُونَ أَيْ مُؤَخِّرُونَ وَهَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي

(4/348)


وَحْدَهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَفْسِيرِ أَبِي عُبَيْدَةَ حَيْثُ قَالَ فِي قَوْلِهِ وَآخَرُونَ مُرْجِئُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ أَيْ مُؤَخَّرُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ يُقَالُ أَرْجَأْتُكَ أَيْ اخرتك وَأَرَادَ بِهِ البُخَارِيّ شرح قَول بن عَبَّاس وَالطَّعَام مرحا أَيْ مُؤَخَّرٌ وَيَجُوزُ هَمْزُ مُرْجَأٍ وَتَرْكُ هَمْزِهِ وَوَقَعَ فِي كِتَابِ الْخَطَّابِيِّ بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ بِغَيْرِ همز وَهُوَ للْمُبَالَغَة

(قَوْلُهُ بَابُ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ وَبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ)
لَمْ يُذْكَرْ فِي حَدِيثَيِ الْبَابِ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى شَرْطِهِ فَاسْتَنْبَطَهُ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ بِلَفْظِ قَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَأْتِينِي الرَّجُلُ فَيَسْأَلُنِي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي أَبِيعُهُ مِنْهُ ثُمَّ أبْتَاعُهُ لَهُ مِنَ السُّوقِ فَقَالَ لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا وَلَفْظُهُ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدِي قَالَ بن الْمُنْذِرِ وَبَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَقُولَ أَبِيعُكَ عَبْدًا أَوْ دَارًا مُعَيَّنَةً وَهِيَ غَائِبَةٌ فَيُشْبِهُ بَيْعَ الْغَرَرِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَتْلَفَ أَوْ لَا يَرْضَاهَا ثَانِيهُمَا أَنْ يَقُولَ هَذِهِ الدَّارُ بِكَذَا عَلَى أَنْ أَشْتَرِيَهَا لَكَ مِنْ صَاحِبِهَا أَوْ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا لَكَ صَاحِبُهَا اه وَقِصَّةُ حَكِيمٍ مُوَافِقَةٌ لِلِاحْتِمَالِ الثَّانِي

[2135] قَوْله حَدثنَا سُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَةَ وَقَوْلُهُ الَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرٍو كَأَنَّ سُفْيَانَ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ زِيَادَةً عَلَى مَا حَدَّثَهُمْ بِهِ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْهُ كسؤال طَاوس من بن عَبَّاسٍ عَنْ سَبَبِ النَّهْيِ وَجَوَابِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَوْله عَن بن عَبَّاسٍ أَمَّا الَّذِي نَهَى عَنْهُ إِلَخْ أَيْ وَأَمَّا الَّذِي لَمْ أَحْفَظْ نَهْيَهُ فَمَا سِوَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فَهُوَ الطَّعَامُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُقْبَضَ فِي رِوَايَةِ مِسْعَرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بن ميسرَة عَن طَاوس عَن بن عَبَّاسٍ مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ قَالَ مِسْعَرٌ وَأَظُنُّهُ قَالَ أَوْ عَلَفًا وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ وَالْفَاءِ قَوْلُهُ قَالَ بن عَبَّاسٍ لَا أَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا مِثْلَهُ وَلمُسلم من طَرِيق معمر عَن بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَام وَهَذَا من تفقه بن عَبَّاس وَمَال بن الْمُنْذِرِ إِلَى اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالطَّعَامِ وَاحْتَجَّ بِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنِ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنَّ عِتْقَهُ جَائِزٌ قَالَ فَالْبَيْعُ كَذَلِكَ وَتُعُقِّبَ بِالْفَارِقِ وَهُوَ تَشَوُّفُ الشَّارِعِ إِلَى الْعِتْقِ وَقَوْلُ طَاوُسٍ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاس كَيفَ ذَاك قَالَ ذَاك دَرَاهِم بدارهم وَالطَّعَامُ مُرْجَأٌ مَعْنَاهُ أَنَّهُ اسْتَفْهَمَ عَنْ سَبَبِ هَذَا النهى فَأَجَابَهُ بن عَبَّاسٍ بِأَنَّهُ إِذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ وَتَأَخَّرَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَكَأَنَّهُ بَاعَهُ دَرَاهِم بدارهم وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَن بن طَاوُسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ طَاوُسٌ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ لِمَ قَالَ أَلَا تَرَاهُمْ يَتَبَايَعُونَ بِالذَّهَبِ وَالطَّعَامُ مُرْجَأٌ أَيْ فَإِذَا اشْتَرَى طَعَامًا بِمِائَةِ دِينَار

(4/349)


مَثَلًا وَدَفَعَهَا لِلْبَائِعِ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ الطَّعَامَ ثُمَّ بَاعَ الطَّعَامَ لِآخَرَ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا وَقَبَضَهَا وَالطَّعَامُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَكَأَنَّهُ بَاعَ مِائَةَ دِينَارٍ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ لَا يَخْتَصُّ النَّهْيُ بِالطَّعَامِ وَلِذَلِكَ قَالَ بن عَبَّاسٍ لَا أَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا مِثْلَهُ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رحالهم أخرجه أَبُو دَاوُد وَصَححهُ بن حِبَّانَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ حُجَّةٌ عَلَى عُثْمَانَ اللَّيْثِيِّ حَيْثُ أَجَازَ بَيْعَ كُلِّ شَيْءٍ قَبْلَ قَبْضِهِ وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِهَا مَالِكٌ فَحَمَلَ الطَّعَامَ عَلَى عُمُومِهِ وَأَلْحَقَ بِالشِّرَاءِ جَمِيعَ الْمُعَاوَضَاتِ وَالْحق الشَّافِعِي وبن حَبِيبٍ وَسَحْنُونٌ بِالطَّعَامِ كُلَّ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَزَادَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فَعَدَّيَاهُ إِلَى كُلِّ مُشْتَرًى إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ اسْتَثْنَى الْعقار ومالا يُنْقَلُ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَقَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ قُلْتُ وَفِي مَعْنَاهُ حَدِيثُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ الْمَذْكُورُ فِي صَدْرِ التَّرْجَمَةِ وَفِي صِفَةِ الْقَبْضِ عَنِ الشَّافِعِيِّ تَفْصِيلٌ فَمَا يُتَنَاوَلُ بِالْيَدِ كالدراهم وَالدَّنَانِير وَالثَّوْب فَقَبضهُ بالتناول ومالا يُنْقَلُ كَالْعَقَارِ وَالثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ فَقَبْضُهُ بِالتَّخْلِيَةِ وَمَا يُنْقَلُ فِي الْعَادَةِ كَالْأَخْشَابِ وَالْحُبُوبِ وَالْحَيَوَانِ فَقَبْضُهُ بِالنَّقْلِ إِلَى مَكَانٍ لَا اخْتِصَاصَ لِلْبَائِعِ بِهِ وَفِيهِ قَوْلٌ إِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ التَّخْلِيَةُ

[2136] قَوْله عقب حَدِيث بن عُمَرَ زَادَ إِسْمَاعِيلُ فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ يَعْنِي أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي أُوَيْسٍ رَوَى الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ عَنْ مَالِكٍ بِسَنَدِهِ بِلَفْظِ حَتَّى يَقْبِضَهُ بَدَلَ قَوْلِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَقَدْ وَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ كَذَلِكَ وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَافق إِسْمَاعِيل على هَذَا اللَّفْظ بن وهب وبن مَهْدِيٍّ وَالشَّافِعِيُّ وَقُتَيْبَةُ قُلْتُ وَقَوْلُ الْبُخَارِيِّ زَادَ إِسْمَاعِيلُ يُرِيدُ الزِّيَادَةَ فِي الْمَعْنَى لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ زِيَادَةً فِي الْمَعْنَى عَلَى قَوْلِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَوْفِيهِ بِالْكَيْلِ بِأَنْ يَكِيلَهُ الْبَائِعُ وَلَا يَقْبِضَهُ لِلْمُشْتَرِي بَلْ يَحْبِسُهُ عِنْدَهُ لِيَنْقُدَهُ الثَّمَنَ مِثْلًا وَعُرِفَ بِهَذَا جَوَابُ مَنِ اعْتَرَضَهُ مِنَ الشُّرَّاحِ فَقَالَ لَيْسَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ زِيَادَةٌ وَجَوَابُ مَنْ حَمَلَ الزِّيَادَةَ عَلَى مُجَرَّدِ اللَّفْظِ فَقَالَ مَعْنَاهُ زَادَ لَفْظًا آخَرَ وَهُوَ يَقْبِضُهُ وَإِنْ كَانَ هُوَ بِمَعْنَى يَسْتَوْفِيهِ وَيُعْرَفُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ اخْتِيَارَ الْبُخَارِيِّ أَنَّ اسْتِيفَاءَ الْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ مِنَ الْبَائِعِ وَتَبْقِيَتَهُ فِي مَنْزِلِ الْبَائِعِ لَا يَكُونُ قَبْضًا شَرْعِيًّا حَتَّى يَنْقُلَهُ الْمُشْتَرِي إِلَى مَكَانٍ لَا اخْتِصَاصَ لِلْبَائِعِ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَهَذَا هُوَ النُّكْتَةُ فِي تَعْقِيبِ الْمُصَنِّفِ لَهُ بالترجمة الْآتِيَة

(قَوْلُهُ بَابُ مَنْ رَأَى إِذَا اشْتَرَى طَعَامًا جِزَافًا أَنْ لَا يَبِيعَهُ حَتَّى يُؤْوِيَهُ إِلَى رَحْلِهِ وَالْأَدَبِ فِي ذَلِكَ)
أَيْ تَعْزِيرُ مَنْ يَبِيعُهُ قَبْلَ أَنْ يُؤْوِيَهُ إِلَى رَحْلِهِ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيث بن عُمَرَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ لَكِنَّهُمْ لَمْ يَخُصُّوهُ بِالْجُزَافِ وَلَا قَيَّدُوهُ بِالْإِيوَاءِ إِلَى الرِّحَالِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمَا ثَبَتَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَدَخَلَ فِيهِ الْمَكِيلُ وَوَرَدَ التَّنْصِيصُ عَلَى الْمَكِيلِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ بن عُمَرَ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْإِيوَاءَ إِلَى الرِّحَالِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَفِي بعض طرق مُسلم عَن بن عُمَرَ كُنَّا نَبْتَاعُ الطَّعَامَ فَيَبْعَثُ إِلَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ يَأْمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي ابْتَعْنَاهُ فِيهِ إِلَى مَكَانٍ سِوَاهُ قَبْلَ أَنْ نَبِيعَهُ وَفَرَّقَ مَالِكٌ فِي الْمَشْهُور

(4/350)


عَنْهُ بَيْنَ الْجُزَافِ وَالْمَكِيلِ فَأَجَازَ بَيْعَ الْجُزَافِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَاحْتُجَّ لَهُمْ بِأَنَّ الْجُزَافَ مُرَبًّى فَتَكْفِي فِيهِ التَّخْلِيَةُ وَالِاسْتِيفَاءُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ وَقد روى أَحْمد من حَدِيث بن عُمَرَ مَرْفُوعًا مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ فَلَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ بِلَفْظِ نَهَى أَنْ يَبِيعَ أَحَدٌ طَعَامًا اشْتَرَاهُ بِكَيْلٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ صَاعُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَنَحْوُهُ لِلْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِي الْمَكِيلِ بِالْكَيْلِ وَفِي الْمَوْزُونِ بِالْوَزْنِ فَمَنِ اشْتَرَى شَيْئًا مُكَايَلَةً أَوْ مُوَازَنَةً فَقَبَضَهُ جُزَافًا فَقَبْضُهُ فَاسِدٌ وَكَذَا لَوِ اشْتَرَى مُكَايَلَةً فَقَبَضَهُ مُوَازَنَةً وَبِالْعَكْسِ وَمَنِ اشْتَرَى مُكَايَلَةً وَقَبَضَهُ ثُمَّ بَاعَهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ تَسْلِيمُهُ بِالْكَيْلِ الْأَوَّلِ حَتَّى يَكِيلَهُ عَلَى مَنِ اشْتَرَاهُ ثَانِيًا وَبِذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَقَالَ عَطَاءٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْكَيْلِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا وَقِيلَ إِنْ بَاعَهُ بِنَقْدٍ جَازَ بِالْكَيْلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ بَاعَهُ بِنَسِيئَةٍ لَمْ يَجُزْ بِالْأَوَّلِ وَالْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ تَرُدُّ عَلَيْهِ وَفِي الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ تَأْدِيبِ مَنْ يَتَعَاطَى الْعُقُودَ الْفَاسِدَةَ وَإِقَامَةُ الْإِمَامِ عَلَى النَّاسِ مَنْ يُرَاعِي أَحْوَالَهُمْ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ

[2137] جُزَافًا مُثَلَّثَةُ الْجِيمِ وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ بَيْعِ الصُّبْرَةِ جُزَافًا سَوَاءٌ عَلِمَ الْبَائِعُ قَدْرَهَا أَمْ لَمْ يَعْلَمْ وَعَنْ مَالِكٍ التَّفْرِقَةُ فَلَوْ عَلِمَ لَمْ يَصح وَقَالَ بن قُدَامَةَ يَجُوزُ بَيْعُ الصُّبْرَةِ جُزَافًا لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا إِذَا جَهِلَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي قَدْرَهَا فَإِنِ اشْتَرَاهَا جُزَافًا فَفِي بَيْعِهَا قَبْلَ نَقْلِهَا رِوَايَتَانِ عَن أَحْمد ونقلها قبضهَا