الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار

وَمِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفِتْيَانِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْحَافِظُ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّالَقَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ التَّمِيمِيُّ بِدِمَشْقَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ بْنِ يَحْيَى الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي حَرْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَلْقَمَةَ نَصْرُ بْنُ خُزَيْمَةَ بْنِ جَنَادَةَ الْكِنَانِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَخِيهِ مَحْفُوظٍ، عَنِ ابْنِ عَائِذٍ، قَالَ: قَالَ يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَحْلِفُ زَمَنًا، فَيَقُولُ: لَا وَأَبِيكَ. حَتَّى نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا يَحْلِفُ أَحَدُكُمْ بِالْكَعْبَةِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ إِشْرَاكٌ، وَلَيَقُلْ: وَرَبِّ الْكَعْبَةِ.
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ الشَّامِيِّينَ، وَإِسْنَادُهُ لَيْسَ بِذَاكَ الْقَائِمِ، غَيْرَ أَنَّ لَهُ شَوَاهِدَ فِي الْحَدِيثِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ لَهُ أَصْلٌ؛ نَحْوَ: مَا قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

(1/226)


فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ السَّائِلِ عَنْ فَرَائِضِ الصَّلَوَاتِ أَنَّهُ قَالَ: أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي الْعُشْرَاءِ الدَّارِمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَأَبِيكَ، لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخْذِهَا لَأَجْزَاكَ، فَإِنْ صَحَّ الْحَدِيثَ فَهُوَ ظَاهِرٌ فِي النَّسْخِ.
وَأَمَّا الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ، وَلَا تَحْلِفُوا إِلَّا بِاللَّهِ، وَلَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ إِلَّا وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ.
وَإِنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ لَا يَنْعَقِدُ يَمِينُهُ، وَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: إِذَا حَلَفَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ، وَتَعَلَّقَتِ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ شَرْطَيِ الشَّهَادَةِ، فَالْحَلِفُ بِهِ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ، كَاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى.