التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث النوع السابع:
الموقوف
وهو المروي عن الصحابة قولاً لهم أو فعلاً أو نحوه متصلاً كان
أو منقطعاً، ويستعمل في غيرهم مقيداً، فيقال: وقفه فلان على
الزهري ونحوه، وعند فقهاء خراسان تسمية الموقوف بالأثر،
والمرفوع بالخبر، وعند المحدثين كله يسمى أثراً.
فروع
أحدها: قول الصحابي كنا نقول أو نفعل كذا. إن لم يضفه إلى زمن
النبي صلى الله عليه وسلم فهو موقوف، وإن أضافه فالصحيح أنه
مرفوع. وقال الإمام الإسماعيلي: موقوف. والصواب الأول، وكذا
قوله: كنا لا نرى بأساً بكذا في حياة رسول الله صلى الله عليه
وسلم، أو وهو فينا، أو بين أظهرنا أو كانوا يقولون، أو يفعلون،
أو لا يرون بأساً بكذا في حياته صلى الله عليه وسلم فكله
مرفوع، ومن المرفوع قول المغيرة: كان أصحاب رسول الله يقرعون
بابه بالأظافير.
الثاني: قول الصحابي: أمرنا بكذا، أو نهينا عن كذا، أو من
السنة كذا، أو أمر بلال أن يشفع الأذان، وما أشبهه كله مرفوع
على الصحيح الذي قاله الجمهور. وقيل ليس بمرفوع، ولا فرق بين
قوله: في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده.
الثالث: إذا قيل في الحديث عند ذكر الصحابي: يرفعه، أو ينميه،
أو يبلغ به، أو رواية كحديث الأعرج عن أبي هريرة رواية "
تقاتلون قوماً صغار الأعين " فكل هذا وشبهه مرفوع عند أهل
العلم
(1/33)
وإذا قيل عند التابعي: يرفعه فمرفوع مرسل،
وأما قول من قال: تفسير الصحابي مرفوع فذاك في تفسير يتعلق
بسبب نزول آية أو نحوه، وغيره موقوف، والله أعلم.
النوع الثامن:
المقطوع
وجمعه والمقاطيع، وهو الموقوف على التابعي قولاً له أو فعلاً
واستعمله الشافعي، ثم الطبراني في
المنقطع.
النوع التاسع:
المرسل
اتفق علماء الطوائف على أن قول التابعي الكبير: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: كذا أو فعله يسمى مرسلاً، فإن انقطع قبل
التابعي واحد أو أكثر قال الحاكم وغيره من المحدثين: لا يسمى
مرسلاً بل يختص المرسل بالتابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم،
فإن سقط قبله واحد فهو منقطع، وإن كان أكثر فمعضل ومنقطع،
(1/34)
والمشهور في الفقه والأصول أن الكل مرسل.
وبه قطع الخطيب، وهذا اختلاف الاصطلاح والعبارة، وأما قول
الزهري وغيره من صغار التابعين: قال النبي صلى الله عليه وسلم،
فالمشهور عند من خصه بالتابعي أنه مرسل كالكبير، وقيل: ليس
بمرسل بل منقطع، وأما إذا قيل: فلان عن رجل عن فلان فقال
الحاكم: منقطع ليس مرسلاً، وقيل غيره مرسل، والله أعلم.
ثم المرسل حديث ضعيف عند جماهير المحدثين والشافعي وكثير من
الفقهاء وأصحاب الأصول، وقال مالك، وأبو حنيفة في طائفة: صحيح،
فإن صح مخرج المرسل بمجيئه من وجه آخر مسنداً أو مرسلاً أرسله
من أخذ عن غير رجال الأول كان صحيحاً، ويتبين بذلك صحة المرسل
وأنهما صحيحان لو عارضهما صحيح من طريق رجحناهما عليه إذا تعذر
الجمع، هذا كله في غير مرسل الصحابي، أما مرسله فمحكوم بصحته
على المذهب الصحيح، وقيل كمرسل غيره إلا أن تتبين الرواية عن
صحابي والله أعلم.
النوع العاشر:
المنقطع
الصحيح الذي ذهب إليه الفقهاء والخطيب أبن عبد البر وغيرهما من
المحدثين أن المنقطع ما لم يتصل إسناده على أي وجه كان
انقطاعه، وأكثر ما يستعمل في رواية من دون التابعي عن الصحابي،
كمالك عن ابن عمر، وقيل: وما اختل فيه لرجل قبل التابعي
محذوفاً كان أو مبهماً،
(1/35)
وقيل: هو ما روي عن تابعي أو من دونه قولاً له أو فعلاً، وهذا
غريب ضعيف. |