التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث النوع الخامس عشر:
معرفة الاعتبار والمتابعات والشواهد
هذه أمور يتعرفون بها حال الحديث، فمثال الاعتبار: أن يروي
حماد مثلاً حديثاً لا يتابع عليه عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي
هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فينظر هل رواه ثقة غير
أيوب عن ابن سيرين، فإن لم يوجد فثقة غير ابن سيرين عن أبي
هريرة وإلا فصحابي غير أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم،
فأي ذلك وجد علم أن له أصلاً يرجع إليه، وإلا فلا. والمتابعة
أن يرويه عن أيوب غير حماد وهي المتابعة التامة، أو عن ابن
سيرين غير أيوب، أو عن أبي هريرة غير ابن سيرين، أو عن النبي
صلى الله عليه وسلم صحابي آخر. فكل هذا يسمى متابعة، وتقصر على
الأولى بحسب بعدها منها، وتسمى المتابعة شاهداً، والشاهد أن
يروى حديث آخر بمعناه، وى يسمى هذا متابعة، وإذا قالوا في مثله
تفرد به أبو هريرة أو ابن سيرين أو أيوب أو حماد كان مشعراً
بانتفاء المتابعات، وإذا انتفت مع الشواهد فحكمه ما سبق في
الشاذ،
(1/41)
ويدخل في المتابعة والاستشهاد رواية من لا
يحتج به ولا يصلح لذلك كل ضعيف، والله أعلم.
النوع السادس عشر: معرفة زيادات
الثقات وحكمها
هو فن لطيف تستحسن العناية به، ومذهب الجمهور من الفقهاء
والمحدثين قبولها مطلقاً، وقيل: لا تقبل مطلقاً، وقيل تقبل إن
زادها غير من رواه ناقصاً ولا تقبل ممن رواه مرة ناقصاً، وقسمه
الشيخ أقساماً.
أحدها: زيادة تخالف الثقات كما سبق.
الثاني: ما لا مخالفة فيه كتفرد ثقة بجملة حديث فيقبل، قال
الخطيب: باتفاق العلماء.
الثالث: زيادة لفظة في حديث لم يذكرها سائر رواته كحديث " جعلت
لي الأرض مسجداً وطهورا " تفرد أبو مالك الأشجعي فقال: "
وتربتها طهوراً " فهذا يشبه الأول ويشبه الثاني، كذا قال الشيخ
والصحيح قبول هذا الأخير، ومثله الشيخ أيضاً بزيادة مالك في
حديث الفطرة " من المسلمين "
(1/42)
ولا يصح التمثيل به فقد وافق مالكاً عمر بن نافع، والضحاك بن
عثمان، والله أعلم. |