التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح النوع الموفي
أربعين: معرفة التابعين.
هذا ومعرفة الصحابة أصل أصيل يرجع إليه في معرفة المرسل
والمسند.
قال الخطيب الحافظ: التابعي من صحب الصحابي قلت: ومطلقة مخصوص
بالتابع بإحسان. ويقال للواحد منهم تابع وتابعي وكلام الحاكم
أبي عبد الله وغيره مشعر بأنه يكفي فيه أن يسمع من الصحابي أو
يلقاه وإن لم توجد الصحبة العرفية. وإلاكتفاء في هذا بمجرد
اللقاء والرؤية أقرب منه في الصحابي نظرا إلى مقتض اللفظين
فيهما وهذه مهمات في هذا النوع.
__________
النوع الموفي أربعين- معرفة التابعين.
"قوله" قال الخطيب الحافظ التابعي من صحب الصحابي قلت ومطلقه
مخصوص بالتابعي بإحسان ويقال للواحد منهم تابع وتابعي وكلام
الحاكم أبي عبد الله وغيره مشعر بأنه يكفي فيه أن يسمع من
الصحابي أو يلقاه وإن لم توجد الصحبة العرفية.
والإكتفاء في هذا بمجرد اللقاء والرؤية أقرب منه في الصح أبي
نظرا إلى مقتضى اللفظين فيهما انتهى وفيه أمور أحدها أن تقديم
المصنف كلام الخطيب في حد التابعى على كلام الحاكم وغيره
وتصديره به كلامه ربما يوهم ترجيحه على القول الذي بعده وليس
كذلك بل الراجح الذي عليه العمل قول الحاكم وغيره فلا في
الإكتفاء بمجرد الرؤية دون اشتراط الصحبة وعليه يدل عمل أئمة
الحديث مسلم بن الحجاج وأبي حاتم بن حبان وأبي عبد الله الحاكم
وعبد الغنى بن سعيد وغيرهم وقد ذكر مسلم بن الحجاج في كتاب
(1/317)
إحداها: ذكر الحافظ أبو عبد الله: أن
التابعين على خمس عشرة طبقة الأولى الذين لحقوا العشرة سعيد بن
المسيب وقيس بن أبي حازم وأبو عثمان النهدي وقيس بن عباد وأبو
ساسان حضين بن المنذر وأبو وائل وأبو رجاء العطاردي وغيرهم.
وعليه في بعض هؤلاء إنكار فإن سعيد بن المسيب ليس بهذه المثابة
لأنه ولد في خلافة عمر ولم يسمع من أكثر العشرة.
__________
الطبقات سليمان بن مهران الأعمش في طبقة التابعين وكذلك ذكره
ابن حبان فيهم وقال إنما أخرجناه في هذه الطبقة لأن له لقيا
وحفظا رأى أنس بن مالك وإن لم يصح له سماع المسند عن أنس وقال
على بن المديني لم يسمع الأعمش من أنس إنما رآه رؤية بمكة يصلى
خلف المقام.
فأما طرق الأعمش عن أنس فإنما يرويها عن يزيد الرقاشي عن أنس.
وقال يحيى بن معين كل ما روى الأعمش عن أنس فهو مرسل وقد أنكر
على أحمد بن عبد الجبار العطاردي حديثه عن فضيل عن الأعمش قال
رأيت أنسا بال فغسل ذكره غسلا شديدا ثم توضأ ومسح على خفيه
فصلى بنا وحدثنا في بيته وقال الترمذي لم يسمع من أحد من
الصحابة وأما رواية الأعمش عن عبد الله بن أبي أوفي عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال الخوارج كلاب النار فهو مرسل فقد
قال أبو حاتم الرازى أنه لم يسمع من ابن أبي أوفي وهذا الحديث
وإن رواه إسحق الأزرق عنه هكذا كما رواه ابن ماجه في سننه فقد
رواه عبيد الله بن نمير عن الأعمش عن الحسين بن واقد عن أبي
غالب عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس للأعمش
رواية عن أحد من الصحابة في شيء من الكتب الستة الا هذا الحديث
الواحد عند ابن ماجه وكذلك عد عبد الغنى بن سعيد الأزدى الأعمش
في التابعين في جزء له جمع فيه من روى من التابعين عن عمرو بن
شعيب وكذلك عد فيهم أيضا يحيى بن أبي كثير لكونه لقى أنسا وقد
قال أبو حاتم الرازى أنه لم يدرك أحدا من الصحابة إلا أنس بن
مالك فانه رآه رؤية ولم يسمع منه كذا قال البخاري وأبو زرعة
قال أبو زرعة وحديثه عن أنس مرسل قلت في صحيح مسلم روايته عن
أبي أمامة عن عمرو بن عنبسة لحديث إسلامه ولكن
(1/318)
..........................................................................
__________
مسلما قرن رواية يحيى بن أبي كثير مع رواية شداد أبي عمار وكان
اعتماد مسلم على رواية شداد فقط فانه قال فيه قال عكرمة ولقى
شداد أبا أمامة فذكره وسكت عن رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي
أمامة وهى بصيغة العنعنة والله أعلم.
وذكر عبد الغنى بن سعيد أيضا جرير بن حازم في التابعين لكونه
رأى أنسا.
وقد روى عن جرير أنه قال مات أنس ولى خمس سنين وذكر عبد الغنى
بن سعيد أيضا موسى بن أبي عائشة في التابعين لكونه لقى عمرو بن
حريث.
وقال الحاكم أبو عبد الله في علوم الحديث في النوع الرابع عشر
هم طبقات خمس عشرة طبقة آخرهم من لقى أنس بن مالك من أهل
البصرة ومن لقى عبد الله من أبي أوفي من أهل الكوفي ومن لقى
السائب بن يزيد من أهل المدينة إلى آخر كلامه.
ففي كلام هؤلاء الأئمة الاكتفاء في التابعى بمجرد رؤية الصح
أبي ولقيه له دون اشتراط الصحبة الا ان ابن حبان اشترط في ذلك
أن تكون رؤيته له في سن من يحفظ عنه فان كان صغيرا لم يحفظ عنه
فلا عبرة برؤيته كخلف بن خليفة فانه عده في اتباع التابعين وإن
كان رأى عمرو بن حريث لكونه كان صغيرا.
وقال روى الترمذي في الشمائل عن على بن حجر عن خلف بن خليفة
قال رأيت عمرو بن حريث صاحب النبي صلى الله عليه وسلم وأنا
غلام صغير وهذا إسناد صحيح وما اختاره ابن حبان له وجه يقدم
مثله في الرؤية المقتضية للصحبة هل يشترط فيها التمييز أم لا.
الأمر الثاني: أن الخطيب وان كان قال في كتاب الكفاية ما حكاه
عنه المصنف من أن التابعى من صحب الصح أبي فانه عد منصور بن
المعتمر من التابعين في جزء له جمع فيه رواية الستة من
التابعين بعضهم عن بعض وذلك في الحديث الذي رواه الترمذي
والنسائي من رواية منصور بن المعتمر عن هلال بن يساف عن ربيع
بن خيثم عن عمرو ابن ميمون عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن امرأة
من الأنصار عن أبي أيوب مرفوعا قل هو الله أحد ثلث القرآن قال
الخطيب منصور بن المعتمر له ابن أبي أوفي قلت وانما له رؤية له
فقط دون الصحبة والسماع.
(1/319)
وقد قال بعضهم: لا تصح له رواية عن أحد من
العشرة إلا سعد بن أبي وقاص
قلت: وكان سعد آخرهم موتا.
وذكر الحاكم قبل كلامه المذكور: أن سعيدا أدرك عمر فمن بعده
إلى آخر العشرة.
وقال ليس في جماعة التابعين من أدركهم وسمع منهم غير سعيد وقيس
بن أبي حازم. وليس ذلك على ما قال كما ذكرناه. نعم قيس بن أبي
حازم سمع العشرة وروى عنهم وليس في التابعين أحد روى عن العشرة
سواه ذكر ذلك عبد الرحمن بن يوسف بن خراش الحافظ فيما روينا أو
بلغنا عنه.
وعن أبي داود السجستاني أنه قال: روى عن التسعة: ولم يرو عن
عبد الرحمن بن عوف.
__________
وقد ذكره مسلم وابن حبان وغيرهما في طبقة اتباع التابعين ولم
أر من عده في طبقة التابعين.
وقال النووى في شرح مسلم ليس بتابعى ولكنه من اتباع التابعين
فقد عده الخطيب في التابعين وان لم يعرف له صحبة لابن أبي أوفي
فيحمل قوله في الكفاية من صحب الصح أبي على أن المراد اللقى
جمعا بين كلاميه والله أعلم.
الأمر الثالث: أن تعقب المصنف لكلام الخطيب بقوله قلت ومطلقه
مخصوص بالتابعى باحسان فيه نظر من حيث أنه إن أراد بالإحسان أن
لا يرتكب أمرا يخرجه عن الإسلام فهو كذلك وأهل الحديث وإن
اطلقوا أن التابعى من لقى أحدا من الصحابة فمرادهم مع الإسلام
الا أن الإحسان أمر زائد على الإيمان والإسلام كما فسره به
النبي صلى الله عليه وسلم في سؤال جبريل له في الحديث المتفق
عليه وان أراد المصنف بالإحسان الكمال في الإسلام أو العدالة
فلم أر من اشتراط ذلك في حد التابعى بل من صنف في الطبقات دخل
فيهم التقات وغيرهم والله أعلم.
قوله عند ذكر سعيد بن المسيب وقد قال بعضهم لا تصح له رواية عن
أحد من العشرة إلا سعد بن أبي وقاص انتهى قلت هكذا أبهم المصنف
قائل ذلك والظاهر أنه أخذ ذلك من قول قتادة الذي رواه مسلم في
مقدمة صحيحه من رواية همام قال دخل أبو داود الأعمى على قتادة
فلما قام قالوا إن هذا يزعم أنه لقى ثمانية عشر بدريا
(1/320)
..........................................................................
__________
فقال قتادة هذا كان سائلا قبل الجارف لا يعرض في شيء من هذا
ولا يتكلم فيه فوالله ما حدثنا الحسن عن بدرى مشافهة ولا حدثنا
سعيد بن المسيب عن بدرى مشافهة إلا عن سعد بن مالك انتهى.
وقد اختلف الأئمة في سماعه من عمر فأنكر صحة سماعه منه الجمهور
كيحيى بن سعيد الأنصارى ويحيى بن معين وأبي حاتم الرازى واثبت
سماعه منه أحمد بن حنبل فقال قد رآه وسمع منه وقال يحيى بن
معين رأى عمر وكان صغيرا وقال أبو حاتم الرازى رآه على المنبر
ينعى النعمان بن مقرن وأما سماعه من عثمان وعلى فإنه ممكن غير
ممتنع ولكن لم أر في الصحيح التصريح بسماعه من واحد منهما وذكر
الحافظ أبو الحجاج المزى في تهذيب الكمال أن روايته عنهما لفي
الصحيحين ولم أر له عنهما في الصحيحين إلا قوله إن عمر وعثمان
كانا يفعلان ذلك أى الاستلقاء في المسجد وحديثه قال اختلف على
وعثمان رضي الله عنهما وهما بعسفان في المتعة فقال على ما تريد
إلى أن تنهى عن أمر فعله النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث
لم يعزه الحافظ أبو الحجاج المزى في الأطراف إلى واحد من
الشيخين بل عزاه النسائي فقط وهو متفق عليه كما ذكرته ولم أر
لسعيد في الصحيح عن عمر وعثمان وعلى غير هذا من غير تصريح
بالسماع.
نعم روينا في مسند أحمد من رواية موسى بن وردان قال سمعت سعيد
بن المسيب يقول سمعت عثمان رضي الله عنه يقول وهو يخطب على
المنبر كنت أبتاع التمر من بطن من اليهود يقال لهم بنو قينقاع
فابتعته بربح فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا
عثمان إذا اشتريت فاكتل إذا بعت فكل" ورواه البزار في مسنده
أيضا من هذا الوجه وفيه قال سمعت عثمان يقول على المنبر كنت
ابتاع التمر فأكتال في أوعيتى ثم أهبط به إلى السوق فأقول فيه
كذا وكذا فآخذ ربحى وأخلى بينهم وبينه فبلغ ذلك النبي صلى الله
عليه وسلم فقال: "إذا ابتعت فأكتل وإذا بعت فكل" وموسى بن
وردان وإن كان وثقه العجلى وأبو داود فإن الحديث من رواية ابن
لهيعة عنه قال البزار لانعلمه يروى عن عثمان إلا من هذا الوجه
بهذا الإسناد انتهى.
والحديث رواه ابن ماجه في سننه إلا أنه قال فيه عن عثمان لم
يصرح بسماع سعيد منه والله أعلم.
(1/321)
ويلي هؤلاء: التابعون الذين ولدوا في حياة
رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبناء الصحابة كعبد الله بن
أبي طلحة وأبي أمامة أسعد بن سهل بن حنيف وأبي إدريس الخولاني
وغيرهم.
الثانية: المخضرمون من التابعين: هم الذين أدركوا الجاهلية
وحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلموا ولا صحبة لهم.
وحدهم مخضرم بفتح الراء كأنه خضرم أي قطع عن نظرائه الذين
أدركوا الصحبة وغيرها.
__________
وله حديث آخر في المسند صرح بالسماع فيه من عثمان قال فيه
ورأيت عثمان قاعدا في المقاعد فدعا بطعام مما مسته النار فأكله
ثم قام إلى الصلاة فصلى ثم قال عثمان قعدت مقعد رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأكلت طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصليت
صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسناده جيد قال فيه أحمد
حدثنا الوليد بن مسلم حدثني شعيب أبو شيبة سمعت عطاء الخراسانى
يقول سمعت سعيد بن المسيب يقول رأيت عثمان وهؤلاء كلهم محتج
بهم في الصحيح إلا أبا شيبة وهو شعيب بن زريق المقدسى وقد وثقه
دحيم وابن حبان والدارقطني وثبت سماعه من عثمان والله أعلم.
"قوله" الثانية المخضرمون من التابعين وهم الذين أدركوا
الجاهلية وحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلموا ولا صحبة
لهم واحدهم مخضرم بفتح الراء كأنه خضرم أى قطع عن نظرائه الذين
أدركوا الصحبة وغيرها انتهى.
هكذا اقتصر المصنف على أن المخضرم مأخوذ من الخضرمة وهى القطع
وأنه بفتح الراء والذي رجحه العسكرى في اشتقاقه غير ما ذكره
المصنف فقال في كتاب الأوائل المخضرمة من الإبل التي نتجت من
العراب واليمانية فقيل رجل مخضرم إذا عاش في الجاهلية والإسلام
قال وهذا أعجب القولين إلى انتهى.
قلت فكأنه مأخوذ من الشيء المتردد بين أمرين هل هو من هذا أو
من هذا قال الجوهرى لحم مخضرم بفتح الراء لا يدرى من ذكر هو أم
أنثى قال والمخضرم أيضا الشاعر الذي أدرك الجاهلية والإسلام
مثل لبيد ورجل مخضرم النسب أى دعى وقال صاحب المحكم رجل مخضرم
إذا كان نصف عمره في الجاهلية ونصفه في الإسلام ورجل مخضرم
أبوه أبيض وهو أسود ورجل مخضرم ناقص الحسب وقيل هو الذي
(1/322)
..........................................................................
__________
ليس بكريم النسب وقيل هو الدعى وقيل المخضرم في نسبه المختلط
من أطرافه وقيل هو الذي لا يعرف أبواه وقيل هو الذي ولدته
السرارى ثم قال ولحم مخضرم لا يدرى أمن ذكر هو أم أنثى وطعام
مخضرم حكاه ابن الأعرابي ولم يفسره.
قال وعندى أنه الذي ليس بحلو ولا مر وماء مخضرم غير عذب عنه
أيضا انتهى.
فالمخضرم على هذا متردد بين الصحابة لإدراكه زمن الجاهلية
والاسلام وبين التابعين لعدم رؤية النبي صلى الله عليه وسلم
فهو متردد بين أمرين ويحتمل أنه من النقص لكونه ناقص الرتبة عن
الصحابة لعدم الرؤية مع إمكانها قال صاحب النهاية واصل الخضرمة
أن تجعل الشيء بين بين فإذا قطع بعض الأذن فهى بين الوافرة
والناقصة قال وكان أهل الجاهلية يخضرمون نعمهم فلما جاء
الإسلام أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخضرموا من غير
الموضع الذي يخضرم منه أهل الجاهلية قال ومنه قيل لكل من أدرك
الجاهلية والإسلام مخضرم لأنه أدرك الخضرمتين وروى أبو داود من
حديث زبيب العنبرى أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم قد كنا
أسلمنا وخضرمنا آذان النعم الحديث وقد ضبط بعضهم المخضرمين
بكسر الراء على الفاعلية فكأنهم كانوا إذا أسلموا خضرموا آذان
نعمهم ليعرف بذلك إسلامهم فلا يتعرض لهم.
فعلى هذا هل يشترط في حد المخضرم من حيث الاصطلاح أن يكون
إسلامه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يدخل فيهم من
أدرك الجاهلية والإسلام ثم أسلم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم
أولا يشترط وقوع إسلامه في حياته بل ولو أسلم بعده سمى مخضرما
أطلق المصنف الإسلام ولم يقيده بحياته صلى الله عليه وسلم ويدل
على ذلك أن مسلما رحمه الله تعالى عد في المخضرمين جبير بن
نفير وإنما أسلم في خلافة أبي بكر قاله أبو حسان الزنادي ثم ما
المراد بإدراك الجاهلية تقدم في كلام صاحب المحكم أن نصف عمره
في الجاهلية ونصفه في الإسلام وهذا ليس بشرط في المخضرم في
اصطلاح أهل الحديث ولم يشترط أهل اللغة أيضا كونهم ليست لهم
صحبة فالصحابة الذين عاشوا ستين في الجاهلية وستين في الإسلام
كحكيم بن حزام وحسان بن ثابت ومن تقدم ذكرهم معهم في النوع
الذي قبله مخضرمون من حيث إصطلاح أهل الحديث ثم ما المرد
بإدراك الجاهلية.
(1/323)
وذكرهم مسلم فبلغ بهم عشرين نفسا منهم أبو
عمرو الشيباني وسويد بن غفلة الكندي وعمرو بن ميمون الأودي
وعبد خير بن يزيد الخيواني وأبو عثمان النهدي وعبد الرحمن بن
مل وأبو الحلال العتكي ربيعة بن زرارة وممن لم يذكره مسلم:
منهم أبو مسلم الخولاني عبد الله بن ثوب والأحنف بن قيس والله
أعلم.
__________
ذكر النووى في شرح مسلم عند قول مسلم وهذا أبو عثمان النهدى
وأبو رافع الصايغ وهما ممن أدركا الجاهلية أن معناه كانا رجلين
قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والجاهلية ما قبل
بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم سموا بذلك لكثرة جهالاتهم
انتهى وفيما قاله نظر والظاهر أن المراد بإدراك الجاهلية إدراك
قومه أو غيره على الكفر قبل فتح فإن العرب بادروا إلى الإسلام
بعد فتح مكة وزال أمر الجاهلية وخطب رسول الله صلى الله عليه
وسلم في الفتح بإبطال أمور الجاهلية إلا ما كان من سقاية الحاج
وسدانة الكعبة.
وقد ذكر مسلم في المخضرمين يسير بن عمرو وإنما ولد بعد زمن
الهجرة وكان له عند موت النبي صلى الله عليه وسلم دون العشر
سنين فأدرك بعض زمن الجاهلية في قومه والله أعلم.
قوله وذكرهم مسلم فبلغ بهم عشرين نفسا منهم أبو عمرو الشيباني
وسويد بن غفلة الكندي وعمرو بن ميمون الأودي وعبد خير بن يزيد
الخيواني وأبو عثمان النهدي وعبد الرحمن بن مل وأبو الحلال
العتكي ربيعة بن زرارة وممن لم يذكره مسلم منهم أبو مسلم
الخولاني عبد الله بن ثوب والأحنف بن قيس انتهى.
اقتصر المصنف على ذكر ستة ممن ذكرهم مسلم وزاد من عنده اثنين
آخرين يشير بذلك إلى أن مسلما أهمل بعضهم فنذكر أولا بقية
العشرين الذين ذكرهم مسلم ثم نذكر زيادة عليه وعلى المصنف فأما
بقية الذين ذكرهم مسلم فهم شريح بن هانئ الحارثى والأسود بن
يزيد النخعى والأسود بن هلال المحاربى والمعرور بن سويد ومسعود
ابن حراش أخو ربعى بن حراش ومالك بن عمير وشبيل بن عوف الأحمسى
وأبو رجاء العطاردى واسمه عمران بن ملحان وغنيم بن قيس ويكنى
أبا العنبر وأبو رافع الصائغ واسمه نفيع وخالد بن عبير العدوى
وثمامة بن حزن القشيرى وجبير بن نفير الحصرمى ويسير ويقال أسير
بن عمرو وأهل البصرة يقولون ابن جابر.
(1/324)
الثالثة: من أكابر التابعين الفقهاء السبعة
من أهل المدينة وهم سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وعروة بن
الزبير وخارجة بن زيد وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعبيد الله بن
عبد الله بن عتبة وسليمان بن يسار.
روينا عن الحافظ أبي عبد الله أنه قال: هؤلاء الفقهاء السبعة
عند ألأكثر من علماء الحجاز.
وروينا عن ابن المبارك قال: كان فقهاء أهل المدينة الذين
يصدرون عن رأيهم سبعة فذكر هؤلاء إلا أنه لم يذكر أبا سلمة بن
عبد الرحمن وذكر بدله سالم بن عبد الله بن عمر.
وروينا عن أبي الزناد تسميتهم في كتابه عنهم فذكر هؤلاء إلا
أنه ذكر أبا بكر بن عبد الرحمن بدل أبي سلمة وسالم.
__________
هؤلاء الذين ذكرهم مسلم رحمه الله وممن لم يذكره مسلم ولا
المصنف أسلم مولى عمر وأويس بن عامر القرنى والوسط البجلى
وجبير بن الحويرث وحابس اليمانى وحجر ابن عنبس وشريح بن الحارث
القاضي وأبو وائل شقيق بن سلمة وعبد الله بن عكيم وعبد الرحمن
بن عسيلة الصنابحى وعبد الرحمن بن غنم وعبد الرحمن بن يربوع
وعبيدة بن عمرو السلمانى وعلقمة بن قيس وقيس بن أبي حازم وكعب
الأحبار ومرة بن شراحيل الطبيب ومسروق بن الأجدع وأبو عنبة
الخولانى وأبو فالج الأنمارى ولا يعرف اسم واحد منهما.
قال أبو أحمد الحاكم وقيل اسم أبي عنبة عبد الله وقيل اسمه
عمارة وأبو عنبة وأبو فالج كلاهما أكل الدم في الجاهلية
وكلاهما مختلف في صحبته وكذلك اختلف في صحبة بعض من تقدمهما
والصحيح أنه لا صحبة لمن ذكرناه وفي سنن ابن ماجه التصريح
بسماع أبي عنبة من النبي صلى الله عليه وسلم وأنه ممن صلى معه
القبلتين لكن بإسناد فيه جهالة.
فهؤلاء عشرون نفرا من المخضرومين لم يذكرهم مسلم ولا المصنف
والله أعلم.
(1/325)
الرابعة: ورد عن أحمد بن حنبل أنه قال:
أفضل التابعين سعيد بن المسيب. فقيل له: فعلقمة والأسود فقال
سعيد بن المسيب والأسود.
وعنه أنه قال: لا أعلم في التابعين مثل أبي عثمان النهدي وقيس
بن أبي حازم.
وعنه أيضا أنه قال: أفضل التابعين قيس وأبو عثمان وعلقمة
ومسروق هؤلاء كانوا فاضلين ومن علية التابعين.
وأعجبني ما وجدته عن الشيخ أبي عبد الله بن خفيف الزاهد
الشيرازي في كتاب له قال: اختلف الناس في أفضل التابعين: فأهل
المدينة يقولون: سعيد بن المسيب. وأهل الكوفة يقولون: أويس
القرني. وأهل البصرة يقولون: الحسن البصري.
وبلغنا عن أحمد بن حنبل قال: ليس أحد أكثر فتوى من الحسن وعطاء
يعني من التابعين.
وقال أيضا: كان عطاء مفتي مكة والحسن مفتي البصرة فهذان أكثر
الناس عنهم رأيهم.
182 وبلغنا عن أبي بكر بن أبي داود قال: سيدتا التابعين من
النساء حفصة بنت سيرين وعمرة بنت عبد الرحمن. وثالثهما وليست
كهما أم الدرداء والله أعلم.
__________
"قوله" وأعجبني ما وجدته عن الشيخ أبي عبد الله بن خفيف الزاهد
الشيرازي في كتاب له قال اختلف الناس في أفضل التابعين فأهل
المدينة يقولون سعيد بن المسيب وأهل الكوفة يقولون أويس القرني
وأهلي البصرة يقولون الحسن البصري انتهى.
والصواب ما ذهب إليه أهل الكوفة لما روى مسلم في صحيحه من حديث
عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: "إن خير التابعين رجل يقال له أويس" الحديث وقد
يحتمل ما ذهب إليه أهل المدينة وأحمد أيضا من تفضيل سعيد بن
المسيب على سائر التابعين أنهم أرادوا فضيلة العلم لا الخيرية
الواردة في الحديث والله أعلم.
(1/326)
الخامسة: روينا عن الحاكم أبي عبد الله
قال: طبقة تعد في التابعين ولم يصح سماع أحد منهم من الصحابة
منهم: إبراهيم بن سويد النخعي الفقيه وليس بإبراهيم بن يزيد
النخعي الفقيه وبكير بن أبي السميط وبكير بن عبد الله بن الأشج
وذكر غيرهم.
قال: وطبقة عدادهم عند الناس في أتباع التابعين وقد لقوا
الصحابة منهم: أبو الزناد عبد الله بن ذكوان لقي عبد لله بن
عمر وأنسا وهشام بن عروة وقد أدخل على عبد الله بن عمر وجابر
بن عبد الله. وموسى بن عقبة وقد أدرك أنس بن مالك وأم خالد بنت
خالد بن سعيد بن العاص. وفي بعض ما قاله مقال.
قلت: وقوم عدوا من التابعين وهم من الصحابة ومن أعجب ذلك عد
الحاكم أبي عبد الله: النعمان وسويدا ابني مقرن المزني في
التابعين عندما ذكر الإخوة من التابعين وهما صحابيان معروفان
مذكوران في الصحابة والله أعلم.
__________
"قوله" الخامسة روينا عن الحاكم أبي عبد الله قال طبقة تعد في
التابعين ولم يصح سماع أحد منهم من الصحابة منهم إبراهيم بن
سويد النخعي وليس بإبراهيم بن زيد النخعي الفقيه وبكير بن أبي
السميط وبكير بن عبد الله بن الأشج وذكر غيرهم قال وطبقة
عدادهم عند الناس في اتباع التابعين التابعين وقد لقوا الصحابة
منهم أبو الزناد عبد الله ابن ذكوان لقي عبد الله بن عمر وإنسا
إلى آخر كلامه ثم قال وفي بعض ما قاله مقال انتهى لم يبين
المصنف الموضع الذي على الحاكم فيه مقال وذلك في موضعين أحدهما
أن بكير بن عبد الله بن الأشج قد عده في التابعين عبد الغنى بن
سعيد كما سيأتي في النوع الآتي بعد هذا وقد روى عن جماعة من
الصحابة منهم ربيعة بن عباد والسائب بن يزيد ورايته عن ربيعة
بن عباد في المعجم الكبير للطبرانى بإسناد جيد إليه أنه حدث عن
ربيعة بن عباد قال رأيت أبا لهب بعكاظ وهو يتبع رسول الله صلى
الله عليه وسلم الحديث لكن لم أر في شيء من حديثه التصريح
بسماعه من أحد من الصحابة.
إلا أن النسائي روى في سننه بإسناد على شرط مسلم أن بكير بن
عبد الله قال سمعت
(1/327)
........................................................................
__________
محمود بن لبيد يقول أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل
طلق امرأته ثلاث تطليقات الحديث ومحمود بن لبيد عده غير واحد
في الصحابة منهم أحمد في مسنده.
وقال البخاري إن له صحبة وكذا قال ابن حبان في الصحابة وله في
مسند أحمد بإسناد صحيح قال أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فصلى بنا المغرب في مسجدنا الحديث وفي المسند أيضا بإسناد صحيح
أنه عقل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقل مجة مجها النبي صلى
الله عليه وسلم من دلو كان في دارهم والمعروف أن هذه القصة
لمحمود بن الربيع كما هو في صحيح البخاري وقد عد مسلم محمود بن
لبيد في الطبقات من التابعين.
وقال أبو حاتم الرازي لا يعرف له صحبة وقال المزي في الأطراف
أنه لا يصح له صحبة ولا رؤية وهو معارض بما ذكرناه من المسند
والله أعلم.
والموضع الثاني أن أبا الزناد لم يدرك ابن عمر كما قاله أبو
حاتم الرازى والحاكم تبع فيما ذكره خليفة بن خياط فإنه قال
طبقة عدادهم عند الناس في اتباع التابعين وقد لقوا الصحابة
منهم أبو الزناد قد لقى عبد الله بن عمر وأنس بن مالك وأبا
أمامة ابن سهل بن حنيف انتهى وقول أبو حاتم لم يدرك بن عمر أى
لم يدرك السماع منه فإن أبا الزناد عاش ستا وستين سنة فقيل
توفي في سنة ثلاثين ومائة وقيل سنة اثنين وثلاثين ومات بن عمر
سنة اربع وسبعين أو سنة ثلاث وسبعين فعلى هذا أدرك من حياة بن
عمر سبع سنين أو ثمانيا أو تسعا على اختلاف الأقوال والله
أعلم.
(1/328)
النوع الحادي والأربعون- معرفة الأكابر
الرواة عن الأصاغر.
ومن الفائدة فيه أن لا يتوهم كون المروي عنه أكبر وأفضل من
الراوي نظرا إلى أن الأغلب كون المروي عنه كذلك فيجهل بذلك
منزلتهما.
وقد صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أمرنا رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم.
__________
النوع الحادي والأربعون- معرفة الأكابر الرواة عن الأصاغر.
"قوله" وقد صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت أمرنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم انتهى جزم
المصنف بصحة حديث عائشة وفيه نظر فإن مسلما رحمه الله ذكره في
مقدمة صحيحه بغير إسناد بصيغة التمريض فقال. وقد
(1/328)
..........................................................................
__________
ذكر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت أمرنا رسول الله صلى
الله عليه وسلم فذكره وقد رواه أبو داود في سننه في افراده من
رواية ميمون بن أبي شبيب عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "أنزلوا الناس منازلهم" ثم قال أبو داود بعد تخريجه
ميمون بن أبي شبيب لم يدرك عائشة فلم يسكت عليه أبو داود بل
أعله بالانقطاع فلا يكون صحيحا عنده ولكن المصنف تبع في تصحيحه
الحاكم فإنه قال في علوم الحديث في في النوع السادس عشر منه
فقد صحت الرواية عن عائشة رضي الله عنها فذكره وليس فيه حجة
للمصنف فإن المصنف لا يرى ما انفرد الحاكم بتصحيحه صحيحا بل إن
لم نجد فيه علة تقتضى رده حكمنا عليه بأنه حسن ذكر ذلك عند ذكر
ما رواه الحاكم بإسناده في المستدرك.
وهذا لم يروه الحاكم فيه ولا في علوم الحديث وقد قال الحافظ
أبو بكر البزار في مسنده بعد أن خرجه من رواية ميمون بن أبي
شبيب عن عائشة هذا الحديث لا يعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم
إلا من هذا الوجه قال وقد روى عن عائشة من غير هذا الوجه
موقوفا انتهى قلت بل له وجه آخر مرفوع يذكره بعد ذلك وكان
المصنف لم يوافق أبا داود على الإنقطاع بين ميمون بن أبي شبيب
وبين عائشة فإنه قال في كتاب التحرير فيما قاله أبو داود نظر
فإنه كوفي متقدم قد أدرك المغيرة بن شعبة ومات المغيرة قبل
عائشة قال وعند مسلم التعاصر مع إمكان التلاقى كاف في ثبوت
الإدراك فلو ورد عن ميمون أنه قال لم ألق عائشة استقام لأبي
داود الجزم بعد إدراكه وهيهات ذلك انتهى كلام المصنف في
التحرير وليس بجيد فإنه وإن أدرك المغيرة وروى عنه فهو مدلس لا
تقبل عنعنته بإجماع من لا يحتج بالمرسل فقد أرسل عن جماعة من
الصحابة وقد قال أبو حاتم الرازى فيما حكاه عنه ابنه في الجرح
والتعديل روى عن أبي ذر مرسلا وعن على مرسلا وعن معاذ بن جبل
مرسلا.
وقال عمرو بن على الفلاس لم أخبر أن أحدا يزعم أنه سمع من
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقال على بن المديني خفي علينا
أمره وقال يحيى بن معين ضعيف نعم قال فيه أبو حاتم الرازي صالح
الحديث ذكره بن حبان في الثقات ومع ذلك فلا يقتضى قبول عنعنته
والله أعلم.
ولم أر أحدا صرح بسماعه من المغيرة ولكن المؤلف لما رأى مسلما
روى في مقدمة
(1/329)
ثم إ ن ذلك يقع على أضرب: منها: أن يكون
الراوي أكبر سنا وأقدم طبقة من المروي عنه: كالزهري ويحيى بن
سعيد الأنصاري في روايتهما عن مالك.
وكأبي القاسم عبيد الله بن أحمد الأزهري من المتأخرين أحد شيوخ
الخطيب روى عن الخطيب في بعض تصانيفه والخطيب إذ ذاك في عنفوان
شبابه وطلبه.
ومنها: أن يكون الراوي أكبر قدرا من المروي عنه بأن يكون حافظا
عالما والمروي عنه شيخا راويا فحسب: كمالك في روايته عن عبد
الله بن دينار. وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه في روايتهما عن
عبيد الله بن موسى. في أشباه لذلك كثيرة.
__________
صحيحه حديثه عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم
من حدث عنى بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين حمله على
الاتصال اكتفاء بمذهب مسلم ومسلم إنما رواه استشهادا بعد أن
رواه من حديث ابن أبي ليلى عن سمرة وحكم عليه مسلم بأنه مشهور
والشهرة لا تلازم الصحة بل قد يكون المشهور صحيحا وقد يكون
ضعيفا.
وأما الطريق الآخر الذي وعدنا بذكره فقد رواه البيهقي في كتاب
الأدب والخطيب في كتاب المتفق والمفترق من رواية أسامة بن زيد
عن عمرو بن مخراق عن عائشة هكذا رواه الخطيب من طريق الطبراني
فقال فيه عمرو بن مخراق وإنما هو عمر بضم العين وهكذا رويناه
في الأدب للبيهقى في الأصل وفي بعض النسخ عمرو.
ولا أعلم روى عنه إلا أسامه بن زيد الليثى وأيضا عمر بن مخراق
وبين عائشة فيه رجل لم يسم.
قال البخاري في التاريخ الكبير له عمر بن مخارق عن رجل عن
عائشة مرسل روى عنه أسامة بن زيد وكذا قال ابن أبي حاتم في
الجرح والتعديل عن أبيه دون قوله مرسل وكذا رواه ابن حبان في
اتباع التابعين كذلك وعلى هذا فلا يصح إسناده والله أعلم.
ويحتمل أن الرجل الذي ابهمه عمر بن مخراق هو ميمون بن أبي شبيب
فلا يكون له إلا وجه واحد كما قال البزار وقد ورد من حديث معاذ
بن جبل رواه الخرائطى في كتاب مكارم الأخلاق بلفظ أنزل الناس
منازلهم من الخير والشر.
(1/330)
ومنها: أن يكون الراوي أكبر من الوجهين
جميعا وذلك كراوية كثير من العلماء والحفاظ عن أصحابهم
وتلامذتهم: كعبد الغني الحافظ في روايته عن محمد بن علي الصوري
وكراوية أبي بكر البرقاني عن أبي بكر الخطيب وكراوية الخطيب عن
أبي نصر بن ماكولا ونظائر ذلك كثيرة ويندرج تحت هذا النوع ما
يذكر من رواية الصحابي عن التابعي: كراوية العبادلة وغيرهم من
الصحابة عن كعب الأحبار.
وكذلك رواية التابعي عن تابع التابعي كما قدمناه من رواية
الزهري والأنصاري عن مالك وكعمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله
بن عمرو بن العاص لم يكن من التابعين وروى عنه أكثر من عشرين
نفسا من التابعين جمعهم عبد الغني بن سعيد الحافظ في كتيب له.
وقرأت بخط الحافظ أبي محمد الطبسي في تخريج له قال: عمرو بن
شعيب ليس بتابعي وقد روى عنه نيف وسبعون رجلا من التابعين
والله أعلم.
__________
"قوله" وكعمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص
لم يكن من التابعين وروى عنه أكثر من عشرين نفسا من التابعين
جمعهم عبد الغنى بن سعيد الحافظ في كتيب له انتهى وفيه أمور
أحدها ان جزم المصنف بكون عمرو بن شعيب ليس من التابعين ليس
بجيد فقد سمع من غير واحد من الصحابة سمع من زينب بنت أبي سلمة
ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم والربيع بنت معوذ بن عفراء
وهما صح أبيتان وكأن المصنف أخذ ذلك من الذي ذكره بعد هذا أنه
قرأه بخط الحافظ أبي محمد الطبسى قال عمرو بن شعيب ليس بتابعى
كذا كناه ابن الصلاح أبا محمد وانما هو أبو الفضل محمد ابن أبي
جعفر الطبسى هكذا كناه وسماه الحافظ أبو سعد السمعانى في
الأنساب ووصفه بالحافظ صاحب التصانيف الكثيرة كتب عن الحاكم
أبي عبد الله وأبي طاهر بن محمش الزيادى إلى أن قال وكانت
وفاته في حدود سنة ثمانين وأربعمائة بطبس وهى بين نيسابور
وأصبهان وكرمان ولم يفتح من زمان عمر من خراسان سواها وقد سبق
الطبسى إلى ذلك أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد النقاش المصرى
المفسر وهو ضعيف.
قال الدارقطني سمعت أبا بكر النقاش يقول عمرو بن شعيب ليس من
التابعين.
(1/331)
..........................................................................
__________
وقد روى عنه عشرون من التابعين قال الدارقطني فتتبعت ذلك
فوجدتهم أكثر من عشرين.
قال الحافظ أبو الحجاج المزى في التهذيب بعد حكايته لذلك وكأن
الدارقطني قد وافقه على أنه ليس من التابعين وليس كذلك ثم ذكر
سماعه من الربيع بنت معوذ وزينب ابنة أبي سلمة.
الأمر الثاني: أن قول المصنف روى عنه أكثر من عشرين نفسا من
التابعين جمعهم عبد الغنى بن سعيد الحافظ في كتيب له ليس بجيد
فإن عبد الغنى عدهم في الجزء المذكور أربعين نفسا إلا واحدا
وهذه أسماؤهم مرتبين على الحروف إبراهيم بن ميسرة وأيوب
السختيانى وبكير بن الأشج وثابت البنانى وجرير بن حازم وحبيب
بن أبي موسى وجرير بن عثمان الرحبى والحكم بن عتيبة وحميد
الطويل وداود بن قيس وداود بن أبي هند والزبير بن عدى وسعيد بن
أبي هلال وأبو حازم سلمة بن دينار وأبو أسحاق الشيبانى وابنه
سليمان بن أبي سليمان وسليمان بن مهران الأعمش وعاصم الأحول.
قال عبد الغنى بن سعيد وفيه نظر وعبد الله بن عون وعبد الله بن
أبي مليكة وعبد الرحمن بن حرملة وعبد العزيز بن رفيع وعبد الله
بن عمر العمرى وعطاء بن أبي رباح وعطاء بن السائب وعطاء
الخراسانى وعلى بن الحكم البنانى وعمرو بن دينار وأبو إسحق
السبيعى واسمه عمرو بن عبد الله وقتادة وأبو الزبير محمد بن
مسلم ومحمد بن مسلم الزهري ومطر الوراق ومكحول وموسى بن أبي
عائشة وهشام بن عروة ووهب بن منبه ويحيى بن سعيد ويحيى بن أبي
كثير ويزيد بن أبي حبيب وقال عبد الغنى بن سعيد بعد أن روى
حديث يزيد بن أبي حبيب هو بيزيد بن الهاد أشبه.
الأمر الثالث: أنه قد روى عنه جماعة كثيرون من التابعين غير
هؤلاء لم يذكرهم عبد الغنى وهم ثابت بن عجلان وحسان بن عطية
وعبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي وعبد الملك بن عبد
العزيز بن جريج والعلاء بن الحرث الشامى ومحمد بن إسحاق ابن
يسار ومحمد بن جحادة ومحمد بن عجلان وأبو حنيفة النعمان بن
ثابت وهشام بن الغاد ويزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد
ويعقوب بن عطاء بن أبي رباح فهؤلاء زيادة على الخمسين من
التابعين قد رووا عنه.
وقد حكى المصنف عقب هذا عن الطبسى أنه روى عنه نيف وسبعون من
التابعين والله أعلم.
(1/332)
|