التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح النوع الموفي ستين:
معرفة تواريخ الرواة.
وفيها معرفة وفيات الصحابة والمحدثين والعلماء ومواليدهم
ومقادير أعمارهم ونحو ذلك.
روينا عن سفيان الثوري أنه قال: لما استعمل الرواة الكذب
استعملنا لهم التاريخ أو كما قال.
وروينا عن حفص بن غياث أنه قال: إذا اتهمتم الشيخ فحاسبوه
بالسنين. يعني احسبوا سنه وسن من كتب عنه وهذا كنحو ما روينا
عن إسماعيل بن عياش قال: كنت بالعراق فأتاني أهل الحديث
فقالوا: ههنا رجل يحدث عن خالد بن معدان فأتيته فقلت: أي سنة
كتبت عن خالد بن معدان؟ فقال: سنة ثلاث عشرة يعني ومائة. فقلت:
أنت تزعم أنك سمعت من خالد بن معدان بعد موته بسبع سنين؟ قال
إسماعيل: مات خالد ستة ست ومائة.
قلت: وقد روينا عن عفير بن معدان قصة نحو هذه جرت له مع بعض من
حدث خالد بن معدان ذكر عفير فيها: أن خالدا مات سنة أربع
ومائة.
(1/432)
وروينا عن الحاكم أبي عبد الله قال: لما
قدم علينا أبو جعفر محمد بن حاتم الكشي وحدث عن عبد بن حميد
سألته عن مولده؟ فذكر أنه ولد سنة ستين ومؤتين فقلت لأصحابنا
سمع هذا الشيخ من عبد بن حميد بعد موته بثلاث عشرة سنة.
وبلغنا عن أبي عبد الله الحميدي الأندلسي أنه قال ما تحريره:
ثلاثة أشياء من علوم الحديث يجب تقديم التهم بها العلل وأحسن
كتاب وضع فيه كتاب الدارقطني والمؤتلف والمختلف وأحسن كتاب وضع
فيه كتاب بن ماكولا ووفيات الشيوخ وليس فيه كتاب قلت: فيها غير
كتاب ولكن من غير استقصاء وتعميم وتواريخ المحدثين مشتملة على
ذكر الوفيات ولذلك ونحوه سميت تواريخ. وأما ما فيها من الجرح
والتعديل ونحوهما فلا يناسب هذا الاسم والله أعلم.
ولنذكر من ذلك عيونا: أحدها: الصحيح في سن سيدنا سيد البشر
رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر ثلاث وستون
سنة.
وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ضحى لاثنتي
عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة.
__________
النوع الموفي ستين- معرفة تواريخ الرواة.
"قوله" وقبض صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ضحى لاثنتى عشرة
ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة انتهى
وفيه أمران أحدهما أنه لا يصح أن يكون يوم الثاني عشر من شهر
ربيع الأول سنة إحدى عشرة يوم الاثنين بوجه من الوجوه وذلك
لاتفاقهم على أن حجة الوداع كان يوم عرفة فيها يوم الجمعة
لحديث عمر المتفق عليه وإذا كان كذلك فإن كانت الأشهر الثلاثة
وهى ذي الحجة والمحرم وصفر كوامل فيكون ثاني عشر شهر ربيع
الأول يوم الأحد وإن كانت أو بعضها ناقصة فيكون الثاني عشر من
شهر ربيع الأول إما الخميس أو الجمعة أو السبت وهذا الاستشكال
ذكره السهيلي في كتاب الروض الأنف وقال لم أر أحدا تفطن له
انتهى وهو استشكل
(1/433)
..........................................................................
__________
لا محيص عنه وقد رأيت لبعض العلماء جوابا عنه فأخبرني قاضى
القضاة عز الدين بن جماعة رحمه الله أن والده كان يحمل قول
الجمهور لاثنتى عشرة ليلة خلت منه أي بأيامها كاملة فتكون
وفاته بعد استكمال ذلك والدخول في اليوم الثالث عشر وتفرض على
هذا الشهور الثلاثة كوامل وفي هذا الجواب نظر من حيث أن كلام
أهل السير يدل على وقوع الأشهر الثلاثة نواقص أو على نقص اثنين
منها فأما ما يدل على نقص الثلاثة فروى البيهقي في دلائل
النبوة بإسناد صحيح إلى سليمان التيمي أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم مرض لاثنتين وعشرين ليلة من صفر وكان أول مرضه فيه
يوم السبت وكانت وفاته يوم العاشر يوم الاثنين لليلتين خلتا من
شهر ربيع الأول.
وقوله كانت وفاته اليوم العاشر أي من مرضه ويدل على ذلك أيضا
ما روى الواقدي عن أبى معشر عن محمد بن قيس قال اشتكى رسول
الله صلى الله عليه وسلم يوم الأربعاء لإحدى عشرة بقيت من صفر
إلى أن قال اشتكى ثلاثة عشر يوما وتوفي يوم الاثنين لليلتين
خلتا من ربيع الأول ويجمع بين قولي سليمان التيمي ومحمد بن قيس
في مدة المرض أن المراد بالأول اشتداده وبالثاني ابتداؤه وكذلك
ما رواه الخطيب في كتاب أسماء الرواة عن مالك من رواية سعيد بن
سلمة بن قتيبة عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال لما قبض رسول
الله صلى الله عليه وسلم مرض ثمانية أيام فتوفي لليلتين خلتا
من ربيع الأول الحديث فجعل مدة مرضه ثمانية أيام فلو ثبت
حملناه على قوة المرض إلا أنه لا يصح ففي إسناده أبو بشر
المصعبى واسمه أحمد بن مصعب بن بشر المر وزى وقد اتهمه
الدارقطني وابن حبان بوضع الحديث والعمدة على قول سليمان
التيمي أنه كانت وفاته في ثاني الشهر وحكاه الطبري عن ابن
الكلبي وأبى مخنف وهو راجح من حيث التاريخ وكذلك القائلون بأنه
يوم الاثنين مستهل شهر ربيع الأول وهو قول موسى بن عقبة والليث
ابن سعد وبه جزم ابن زبر وفي الوفيات وحكاه السهيلي عن
الخورازمى قال السهيلى وهذا أقرب في القياس مما ذكره الطبري عن
الكلبي وابن مخنف قلت لكن سليمان التيمي ثقة والإسناد إليه
صحيح فقوله أولى ولا يمتنع نقص ثلاثة أشهر متوالية ومن المشكل
أيضا قول ابن حبان وبن عبد البر أنه بدأ به مرضه الذي مات منه
يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر فهذا مما لا يمكن وسببه
أنهما قالا توفي يوم الاثنين ثاني عشرة وجعلا
(1/434)
وتوفي أبي بكر في جمادى الأولى سنة ثلاث
عشرة. وعمر في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين
وعثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وهو ابن اثنتين وثمانين
سنة وقيل: ابن تسعين وقيل: غير ذلك. وعلي في شهر رمضان سنة
أربعين وهو ابن ثلاث وستين وقيل: ابن أربع وستين وقيل: ابن خمس
وستين.
وطلحة والزبير جميعا في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين. وروينا
عن الحاكم أبي عبد الله: أن سنهما كان واحدا كانا ابني أربع
وستين وقد قيل غير ما ذكره الحاكم.
__________
مدة مرضه ثلاثة عشر يوما فانتج لهما هذا التاريخ الفاسد وهما
في ذلك موافقان للجمهور فهو قول ابن إسحق ومحمد بن سعد وسعيد
بن عفير وصححه ابن الجوزي وتبعهم المصنف والنووي في شرح مسلم
والمزي في التهذيب والذهبي في العبر وفيه ما تقدم.
الأمر الثاني أن قول المصنف أنه مات ضحى يشكل عليه ما في صحيح
مسلم من حديث أنس قال آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم الحديث وفيه فألقى السجف وتوفي من آخر ذلك اليوم
فهذا الحديث دال على أنه تأخر بعد الضحى وقد يجمع بين الحديث
وبين من قال توفي ضحى أن المراد أول النصف الثاني من النهار
فهو آخر وقت الضحى وهو من آخر النهار باعتبار أنه من النصف
الثاني ويدل عليه ما رواه ابن عبد البر بإسناده إلى عائشة رضي
الله عنها قالت مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنا لله
وإنا إليه راجعون ارتفاع الضحى وانتصاف النهار يوم الاثنين
وذكر موسى بن عقبة في مغازيه عن ابن شهاب توفي يوم الاثنين حين
زاغت الشمس فهذا جمع حسن بين ما اختلف من ذلك في الظاهر والله
أعلم.
"قوله" وتوفي أبو بكر رضي الله عنه في جمادى الأولى سنة ثلاث
عشر انتهى.
وتقييده بجمادى الأولى مخالف لقول الأكثرين فإنهم قالوا في
جمادى آخر وبه جزم ابن إسحق وابن زبر وابن قانع وابن حبان وابن
عبد البر وابن الجوزي والذهبي في العبر وحكى ابن عبد البر عن
أكثر أهل السير أنه توفي في جمادى الآخرة لثمان بقين منه وما
جزم به المصنف هو قول الواقدي وعمرو بن الفلاس وبه جزم عبد
الغنى في الكمال وتبعه المزي في التهذيب والذهبي في مختصراته
منه والله أعلم.
"قوله" وطلحة والزبير جميعا في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين
انتهى.
(1/435)
وسعد بن أبي وقاص سنة خمس وخمسين على الأصح
وهو ابن ثلاث وسبعين سنة وسعيد بن زيد سنة إحدى وخمسين وهو ابن
ثلاث أو أربع وسبعين.
وعبد الرحمن بن عوف سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن خمس وسبعين سنة
وأبو عبيدة بن الجراح سنة ثماني عشرة وهو ابن ثماني وخمسين سنة
وفي بعض ما ذكرته خلاف لم أذكره والله أعلم.
الثاني: شخصان من الصحابة عاشا في الجاهلية ستين سنة وفي
الإسلام ستين سنة وماتا بالمدينة سنة أربع وخمسين. أحدهما:
حكيم بن حزام وكان مولده في جوف الكعبة قبل عام الفيل بثلاث
عشرة سنة. والثاني: حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري.
وروى ابن إسحاق أنه وأباه ثابتا والمنذر وحراما عاش كل واحد
منهم عشرين ومائة سنة.
__________
وتقييده بجمادى الأولى مخالف أيضا لقول الجمهور فإنهما قتلا في
وقعة الجمل وكانت وقعة الجمل لعشر خلون من جمادى الآخرة هكذا
جزم به الواقدي وكاتبه محمد بن سعد وخليفة ابن خياط وابن زبر
وابن عبد البر وابن الجوزي وبه جزم المزي في التهذيب في ترجمة
طلحة وخالف ذلك في ترجمة الزبير فقال كان قتله يوم الجمل في
جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وسبب وقوعه في ذلك تقليد ابن عبد
البر فإنه اختلف كلامه في الترجمتين فقال في كل منهما أنه قتل
يوم الجمل فقال في طلحة في جمادى الآخرة وقال في الزبير في
جمادى الأولى وهو وهم لا يمشى إلا على قول من جعل وقعة الجمل
في جمادى الأولى وهو قول الليث بن سعد وأبى حاتم بن حبان وعبد
الغنى في الكمال.
"قوله" وسعد بن أبى وقاص سنة خمس وخمسين على الأصح وهو ابن
ثلاث وسبعين سنة انتهى وما قاله ابن الصلاح صدر به عبد الغنى
في الكمال كلامه والمشهور الذي عليه الجمهور أنه كان ابن أربع
وسبعين سنة وهو الذي جزم به عمرو بن على الفلاس وابن زبر وابن
قانع وابن حبان والله أعلم.
"قوله" الثاني شخصان من الصحابة عاشا في الجاهلية ستين سنة وفي
الإسلام ستين سنة وماتا بالمدينة سنة أربع وخمسين أحدهما حكيم
بن حزام وكان مولده في جوف الكعبة قبل عام الفيل بثلاث عشرة
سنة والثاني حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري انتهى.
(1/436)
وذكر أبو نعيم الحافظ: أنه لا يعرف في
العرب مثل ذلك لغيرهم. وقد قيل: إن حسان مات سنة خمسين والله
أعلم.
الثالث: أصحاب المذاهب الخمسة المتبوعة رضي الله عنهم فسفيان
بن سعيد الثوري أبو عبد الله مات بلا خلاف بالبصرة سنة إحدى
وستين ومائة وكان مولده سنة سبع وتسعين.
__________
قلت اقتصر المصنف على من عاش من الصحابة مائة وعشرين ستين في
الجاهلية وستين في الإسلام على هذين وفي الصحابة أربعة آخرون
اشتركوا معهما في هذا الوصف أحدهم حويطب بن عبد العزى القرشي
العامري من مسلمة الفتح قال ابن حبان سنه سن حكيم بن حزام عاش
في الإسلام ستين سنة وفي الجاهلية ستين سنة وقال ابن عبد البر
أدركه الإسلام وهو ابن ستين سنة أو نحوها قال ومات بالمدينة في
آخر إمارة معاوية وقيل بل مات سنة أربع وخمسين وهو ابن مائة
وعشرين سنة قلت وهذا قول الجمهور خليفة بن خياط والهيثم بن عدى
وأبى القاسم بن سلام ويحيى بن بكير وأبى موسى الزمن وابن قانع
وابن حبان وغيرهم أنه مات سنة أربع وخمسين والثاني سعيد بن
يربوع القرشي من مسلمة الفتح أيضا مات بالمدينة سنة أربع
وخمسين وهو ابن مائة وعشرين سنة قاله خليفة بن خياط وابن حبان
وكذا قال أبو عبيد وابن عبد البر أنه مات سنة أربع وخمسين
والثالث مخرمة بن نوفل القرشي الزهري والد المسور ابن مخرمة من
مسلمة الفتح أيضا عاش أيضا مائه وعشرين سنة فيما حكاه الواقدي
وبه جزم أبو زكريا بن منده وقيل عاش مائة وخمس عشرة سنة وبه
جزم ابن حبان وابن زبر وابن عبد البر وتوفي سنة أربع وخمسين
قاله الهيثم بن عدى وابن نمير والمدائني وابن قانع وابن حبان
والرابع حمنن بن عوف القرشي الزهري أخو عبد الرحمن بن عوف وهو
بفتح الحاء المهملة وسكون الميم وفتح النون الأولى عاش أيضا في
الجاهلية ستين سنة وفي الإسلام ستين سنة قاله الدارقطني في
كتاب الاخوة والاخوات وابن عبد البر في الاستيعاب.
وفي الصحابة جماعة آخرون عاشوا مائة وعشرين سنة ذكرهم أبو
زكريا بن منده في جزء له جمعه في ذلك لكن لم يطلع على كون
نصفها في الجاهلية ونصفها في الإسلام فاقتصرنا على هؤلاء
الاربعة لمشاركتهم لحكيم وحسان في ذلك والله أعلم.
(1/437)
ومالك بن أنس رضي الله عنه توفي بالمدينة
سنة تسع وسبعين ومائة قبل الثمانين بسنة. واختلف في ميلاده
فقيل: في ثلاث وتسعين وقيل: سنة إحدى وقيل: سنة أربع وقيل: سنة
سبع.
وأبو حنيفة رحمه الله مات سنة خمسين ومائة ببغداد وهو ابن
سبعين سنة.
والشافعي رحمه الله مات في آخر رجب سنة أربع ومائتين بمصر وولد
سنة خمسين ومائة.
وأحمد بن محمد بن حنبل مات ببغداد في شهر ربيع الآخر سنة إحدى
وأربعين ومائتين وولد سنة أربع وستين ومائة والله أعلم.
الرابع: أصحاب كتب الحديث الخمسة المعتمدة رضي الله عنهم.
فالبخاري أبو عبد الله ولد يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة لثلاث
عشرة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة ومات بخرتنك قريبا من
سمرقند ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين ومائتين فكان عمره:
اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوما.
ومسلم بن الحجاج النيسابوري مات بها لخمس بقين من رجب سنة إحدى
وستين ومائتين وهو ابن خمس وخمسين سنة.
__________
"قوله" ومسلم بن حجاج النيسابوري مات بها لخمس بقين من رجب سنة
إحدى وستين ومائتين وهو ابن خمس وخمسين سنة انتهى.
وما ذكره المصنف من أن مسلما عاش خمسا وخمسين سنة تبع فيه
الحاكم فإنه كذلك قال في كتاب المزكين لرواة الاخبار بعد نقل
كلام ابن الاخرم في تاريخ وفاته وكأنه بقية كلام ابن الاخرم
ولم يذكر في تاريخ نيسابور مقدار عمره وإنما اقتصر على نقل
تاريخ وفاته عن ابن الاخرم واقتصر المزي في التهذيب على أن
مولده سنة أربع ومائتين فعلى هذا يكون عمره سبعا وخمسين سنة
وجزم الذهبي في العبر بأنه عاش ستين سنة والله أعلم.
(1/438)
وأبو داود السجستاني سليمان بن الأشعث مات
بالبصرة في شوال سنة خمس وسبعين ومائتين.
وأبو عيسى محمد بن عيسى السلمي الترمذي مات بها لثلاث عشرة مضت
من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين.
وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسوي مات سنة ثلاث وثلاثمائة
والله أعلم.
الخامس: سبعة من الحفاظ في ساقتهم أحسنوا التصنيف وعظم
الانتفاع بتصانيفهم في أعصارنا
أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني البغدادي مات بها في ذي القعدة
سنة خمس وثمانين وثلاثمائة ولد في ذي القعدة سنة ست وثلاثمائة.
ثم الحاكم أبو عبد الله بن البيع النيسابوري مات بها في صفر
سنة خمس وأربعمائة. وولد بها في شهر ربيع الأول سنة إحدى
وعشرين وثلاثمائة.
ثم أبو محمد عبد الغني بن سعيد الازدي حافظ مصر ولد في ذي
القعدة سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة. ومات بمصر في صفر سنة
تسع وأربعمائة.
ثم أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصبهاني الحافظ ولد سنة أربع
وثلاثين وثلاثمائة ومات في صفر سنة ثلاثين وأربعمائة بأصبهان.
ومن الطبقة الأخرى: أبو عمر بن عبد البر النمري حافظ أهل
المغرب ولد في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة ومات
بشاطبة من بلاد الاندلس في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وستين
وأربعمائة.
ثم أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ولد سنة أربع وثمانين
وثلاثمائة ومات بنيسابور في جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين
وأربعمائة ونقل إلى بيهق فدفن بها.
ثم أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي ولد في جمادى الآخرة
سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة ومات ببغداد في ذي الحجة سنة ثلاث
وستين وأربعمائة رحمهم الله وإيانا والمسلمين أجمعين والله
أعلم.
(1/439)
النوع الحادي
والستون: معرفة الثقات واضعفاء من رواة الحديث
...
النوع الحادي والستون: معرفة الثقات والضعفاء من رواة الحديث.
هذا من أجل نوع وأفخمه فإنه المرقاة إلى معرفة صحة الحديث
وسقمه ولأهل المعرفة بالحديث فيه تصانيف كثيرة.
منها ما أفرد في الضعفاء ككتاب الضعفاء للبخاري والضعفاء
للنسائي والضعفاء للعقيلي وغيرها
ومنها في الثقات فحسب ككتاب الثقات لأبي حاتم بن حبان. ومنها
ما جمع فيه بين الثقات والضعفاء كتاريخ البخاري وتاريخ بن أبي
خيثمة وما أغزر فوائده وكتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم
الرازي.
روينا عن صالح بن محمد الحافظ جزرة قال: أول من تكلم في الرجال
شعبة بن الحجاج ثم تبعه يحيى بن سعيد القطان ثم بعده أحمد ابن
حنبل ويحيى بن معين.
قلت: وهؤلاء يعني أنه أول من تصدى لذلك وعني به وإلا فالكلام
فيه جرحا وتعديلا متقدم ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم عن كثير من الصحابة والتابعين فمن بعدهم وجوز ذلك صونا
للشريعة ونفيا للخطأ والكذب عنها.
وكما جاز الجرح في الشهود جاز في الرواة. ورويت عن أبي بكر بن
خلاد قال: قلت ليحيى بن سعيد: أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين
تركت حديثهم خصماءك عند الله يوم القيامة. فقال: لأن يكونوا
خصمائي أحب إلي من أن يكون خصمي رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول لي لم لم تذب الكذب عن حديثي.
وروينا أو بلغنا أن أبا تراب النخشبي الزاهد سمع من أحمد بن
حنبل شيئا من ذلك فقال له: يا شيخ لا تغتاب العلماء. فقال له:
ويحك هذا نصيحة ليس هذا غيبة.
ثم إن على الآخذ في ذلك أن يتقي الله تبارك وتعالى ويتثبت
ويتوقى التساهل كيلا يجرح سليما ويسم بريئا بسمة سوء يبقى عليه
الدهر عارها.
(1/440)
وأحسب أبا محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم وقد
قيل: إنه كان يعد من الأبدال من مثل ما ذكره خاف. فيما رويناه
أو بلغناه: أن يوسف بن الحسين الرازي وهو الصوفي دخل عليه وهو
يقرأ كتابه في الجرح والتعديل فقال له: كم من هؤلاء القوم قد
حطوا رواحلهم في الجنة منذ مائة سنة ومائتي سنة وأنت تكذبهم
وتغتابهم؟ فبكى عبد الرحمن.
وبلغنا أيضا: أنه حدث وهو يقرأ كتابه ذلك على الناس عن يحيى بن
معين أنه قال: إنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم في
الجنة منذ أكثر من مائتي سنة. فبكى عبد الرحمن وارتعدت يداه
حتى سقط الكتاب من يده.
قال المؤلف: وقد أخطأ فيه غير واحد على غير واحد فجرحوهم بما
لا صحة له.
من ذلك: جرح أبي عبد الرحمن النسائي لأحمد بن صالح وهو إمام
حافظ ثقة لا يعلق به جرح أخرج عنه البخاري في صحيحه وقد كان من
أحمد إلى النسائي جفاء أفسد قلبه عليه.
وروينا عن أبي يعلى الخليلي الحافظ قال: اتفق الحفاظ على أن
كلامه فيه تحامل ولا يقدح كلام أمثاله فيه.
قلت: النسائي إمام حجة في الجرح والتعديل وإذا نسب مثله إلى
مثل هذا كان وجهه: أن عين السخط تبدي مساوي لها في الباطن
مخارج صحيحة تعمى عنه بحجاب السخط لا أن ذلك يقع من مثله تعمدا
لقدح يعلم بطلانه فاعلم هذا فإنه من النكت النفيسة المهمة وقد
مضى الكلام في أحكام الجرح والتعديل في النوع الثالث والعشرين
والله أعلم.
(1/441)
|