الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح رحمه الله تعالى النوع الخامس
والعشرون: في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده
اختلف الصدر الأول في كتابة الحديث فمنهم من كره كتابة الحديث
والعلم وأمروا بحفظه ومنهم من أجاز ذلك.
وممن روينا عنه كراهة ذلك عمر وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبو
موسى أبو سعيد الخدري في جماعة آخرين من الصحابة والتابعين
وروينا عن أبي سعيد الخدري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن ومن كتب عني شيئا غير القرآن
فليمحه1" أخرجه مسلم في صحيحه.
وممن روينا عنه إباحة ذلك او فعله علي وابنه الحسن وأنس وعبد
الله بن عمرو بن العاص في جمع آخرين من الصحابة والتابعين.
ومن صحيح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الدال على جواز
ذلك حديث أبي شاه اليمنى في التماسه من رسول الله صلى الله
عليه وسلم أن يكتب له شيئا سمعه من خطبته عام فتح مكة وقوله
صلى الله عليه وسلم: "اكتبوا لأبي شاه2".
ولعله صلى الله عليه وسلم أذن في الكتابة عنه لمن خشي عليه
النسيان ونهى عن الكتابة عنه من وثق بحفظه مخافة الاتكال على
الكتاب أو نهى عن كتابة ذلك عنه حين خاف عليهم اختلاط ذلك بصحف
القرآن العظيم وأذن في كتابته حين أمن من ذلك.
وأخبرنا أبو الفتح بن عبد المنعم الفراوي قراءة عليه بنيسابور
أنا3
__________
1 بسكون اللام: "فليمحه".
2 أبو شاه بالهاء المنونة.
3 من خط وووفي ش: "جبرها الله قال: أنا"، وفي ع: "جبرها الله
أخبرها".
(1/25)
النوع1 السادس والعشرون: في صفة رواية
الحديث وشرط أدائه وما يتعلق بذلك
وقد سبق بيان كثير منه في ضمن النوعين قبله شدد قوم في الرواية
فأفرطوا وتساهل فيها آخرون ففرطوا ومن مذاهب التشديد مذهب من
قال: لا حجة إلا فيما رواه الراوي من حفظه وتذكره.
وذلك مروى عن مالك وأبي حنيفة رضي الله عنهما وذهب إليه2 من
أصحاب الشافعي أبو بكر الصيدلاني المروزي.
ومنها مذهب من أجاز الاعتماد في الرواية على كتابه غير أنه لو
أعار كتابه وأخرجه من يده لم ير الرواية منه3 لغيبته عنه.
وقد سبقت حكايتنا لمذاهب عن أهل التساهل وإبطالها في ضمن ما
تقدم من شرح وجوه الأخذ والتحمل
ومن أهل التساهل قوم سمعوا كتبا مصنفة وتهاونوا حتى إذا طعنوا
في السن واحتيج إليهم حملهم الجهل والشره على أن رووها من نسخ
مشتراه أو مستعارة غير مقابلة4 فعدهم الحاكم أبو عبد الله في
طبقات المجروحين قال: وهم يتوهمون أنهم في روايتها صادقون وقال
هذا5 مما كثر في الناس وتعاطاه قوم من أكابر العلماء
والمعروفين بالصلاح.
قلت ومن المتساهلين عبد الله بن لهيعة المصري ترك الاحتجاج
بروايته مع
__________
1 كذا في خط لم يذكر: "قال" قيل ذكر كلام ابن الصلاح كما هي
العادة.
2 من ش وع، وفي خط: "وإليه ذهب".
3 من ش وع، وليس في خط.
4 هكذا في خط وع، وفي ش: "غير صحيحة ولا مقابلة".
5 هكذا في خط، وفي ش: "وقال: وهذا" وفي ع: "قال وهذا".
(1/356)
جلالته لتساهله.
ذكر عن يحيى بن حسان أنه رأى قوما معهم جزء سمعوه من أبي لهيعة
فنظر فيه فإذا ليس فيه حديث واحد من حديث ابن لهيعة فجاء إلى1
ابن لهيعة فأخبره بذلك فقال ما أصنع يجيئوني بكتاب فيقولون هذا
من حديثك فأحدثهم به.
ومثل هذا واقع من شيوخ زماننا يجىء إلى أحدهم الطالب بجزء أو
كتاب فيقول هذا روايتك فيمكنه من قراءته عليه مقلدا له من غير
أن يبحث بحيث تحصل له الثقة بصحة ذلك.
والصواب ما عليه الجمهور وهو التوسط بين الإفراط والتفريط فإذا
قام الراوي في الأخذ والتحمل بالشرط الذي تقدم شرحه وقابل
كتابه وضبط سماعه على الوجه الذي سبق ذكره جازت له الرواية منه
وإن أعاره وغاب عنه إذا كان الغالب من أمره سلامته من التغيير
والتبديل لا سيما إذا كان ممن لا يخفى عليه في الغالب لو غير
شيء منه وبدل تغييره وتبديله وذاك لأن الاعتماد في باب الرواية
على غالب الظن فإذا حصل أجزأ ولم يشترط مزيد عليه. انتهى.
عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي ويقال الغافقي قاضي مصر سمع
عبد الرحمن بن هرمز الأعرج وعطاء بن أبي رباح وعبد الله بن
هبيرة السبائي2 وأبا الزبير المكي وخلقا غيرهم.
قال روح بن صلاح لقي ابن لهيعة اثنين وسبعين تابعيا.
ضعفه يحيى بن معين والنسائي قال: ابن أبي مريم رايت ابن لهيعة
يعرض عليه ناس احاديث من أحاديث العراقيين فيجيزها لهم فقلت يا
أبا عبد الرحمن هذه الأحاديث ليست من أحاديثك فقال هي أحاديث
قد مرت على مسامعي.
وقيل لابن مهدي تحمل3 عن عبد الله بن يزيد القصير عن ابن لهيعة
قال: لا أحمل عن ابن لهيعة قليلا ولا كثيرا
وقيل لابن معين أنكر أهل مصر احتراق كتب ابن لهيعة فقال: هو
ضعيف
__________
1 من خط وع، وليس في ش، وتحرف "ابن لهيعة" في هذا الموضع من
"ع" إلي: "أبي لهيعة".
2 بفتح المهملة والموحدة ثم همزة مقصورة من رجال "التهذيب" وفي
"الأنساب" "3/209": "السبئي".
3 من "تهذيب الكمال" "15/491 – ترجمة: ابن لهيعة"، وفي خط:
"يحمل" بمثناة من تحت
(1/357)
قبل أن تحرق وبعد ما احترقت.
وقال السعدي 1 لا يحتج بروايته وكانوا يقرأون عليه ما ليس من
حديثه فقيل له في ذلك فقال وما ذنبي إنما يجيئون بكتاب يقرأونه
ويقومون ولو سألوني لأخبرتهم أنه ليس من حديثي2.
مات سنة أربع وسبعين ومائة في خلافة هارون وصلى عليه داود بن
يزيد الأمير ومولده سنة سبع وتسعين.
__________
1 كذا في خط، ولم أر للسعدي قولا في ابن لهيعة والصواب: "ابن
سعد" راجع "طبقات ابن سعد" "7/516".
وفي التهذيب" "قال يعقوب بن سفيان سمعت أحمد بن صالح وكان من
أخبار المتقين يثني عليه. وقال لي كنت أكتب حديث أبي الأسود في
الرق ما أحسن حديثه عن أبي لهيعة.
قال فقلت له: يقولون سماع قديم وحديث فقال: ليس من هذا شيء.
ابن لهيعة صحيح الكتاب أخرج كتبه فأملي علي الناس حتي كتبوا
حديثه إملاء فمن ضبط كان حديثه حسنا إلا أنه كان يحضر من لا
يحسن ولا يضبط ولا يصحح ثم لم يخرج ابن لهيعة بعد ذلك كتابا
ولم ير له كتابا وطان من أراد السماع منه اسنسخ ممن كتب عنه
وجاءه فقرأ عليه فمن وقع علي نسخة صحيحة فحديثه صحيح ومن كتب
من نسخة لم تضبط جاء فيه خلل كثير وكل من روي عنه عن عطاء بن
أبي رباح فإنه سمع من عطاء وروي عن رجل عن عطاء وعن رجلين عن
عطاء وعن ثلاثة عن عطاء فتركوا من بينه وبين عطاء وجعلوه عن
عطاء1.
وذكر أحمد بن صالح أن ابن لهيعة "كان من الثقات إلا لقن شيئا
حدث به"
وقال ابن معين: "كان ضعيفا لا يحتج بحديثه كان من شاء يقول له
حدثنا".
وقال ابن خراش: "كان يكتب حديثه احترقت كتبه فكان من جاء بشيء
قرأه عليه حتي لو وضع أحد حديثا وجاء به إليه وقرأه عليه".
قال الخطيب: "فمن ثم كثرت المناكير في روايته لتساهله".
وذكر ابن حبان: أنه لا يبالي ما دفع قرأه أكان من حديثه أو لم
يكن. وذلك بعد احتراق كتبه وأما قبل احتراق كتبه؛ فرماه ابن
حبان بالتدليس وسيأتي الكلام علي ذلك إن شاء الله.
هذا وعلماء العلل يعنون بصحة مخرج الحديث ويدققون في هذا الباب
حتي لا يستند إلي غير مخرجه ومن ثم قالا: هذا حديث فلان وهذا
لم يحدث به فلان أو ليس من حديثه فقد يكون أدخل عليه أو علي
كتبه.
وقد وقع ذلك لابن لهيعة فأدخلت عليه أحاديث لقنه فحدث بها
وأدخلت علي كتبه أشياء لعد الضبط =
__________
1 وراجع تهذيب الكمال" "15/496 – 497".
(1/358)
حدث عن ابن لهيعة سفيان الثوري ومحمد بن
رمح وبين وفاتيهما1 إحدى وثمانون سنة وحدث عنه عمرو بن الحريث
ومحمد بن رمح وبين
__________
= والتصحيح لها من قبل الرواة عنه وتساهله هو أيضا وجاءه الناس
بهذه الكتب علي ما فيها من خلل فأجازها وقرأها لخفة ضبطه وعدم
حفظه لحديثه وتساهله.
فكثرت المناكير في روايته ومن ثم صار الاعتماد في رواية ابن
لهيعة علي ما في أصوله وكتبه لأن هذه الأحاديث التي أدخلت عليه
ليست من حديثه وإن لقنها فأجازها وقرأها غلطا ووهما فلا يصح
إسنادها لابن لهيعة وعزوها إليه علي أنها من روايته عن شيوخه.
ومن ثم يظهر معني قولهم: "ما رواه ابن المبارك مثلا عن ابن
لهيعة فهو من صحيح حديثه" أو "ما رواه ابن المبارك مثلا عن ابن
لهيعة صحيح".فالصحة هنا لا تعني تصحيح الحديث إلي رسول الله
صلي الله عليه وسلم وإنما تعني صحة هذا الحديث من رواية ابن
لهيعة عن شيوخه ووجوده في أصول ابن لهيعة.
أي: لم يدخل عليه أو علي كتبه وإنما تلقاه عن شيوخه فهو صحيح
الأصل أما هذه الأحاديث التي لقنها أو أدخلت عليه فلا أصل لها
من روية ابن لهيعة عن شيوخه. ونقاد الحديث قد يطلقون الصحة
ويريدون بها صحة المخرج لا صحة نسبة الحديث إلي النبي صلي الله
عليه وسلم1.هذا ولا يصح وصف ابن حبان لابن لهيعة بالتدليس فقد
مضي في كلام أحمد بن صالح المصري رحمه الله أن إسقاط الواسطة
بينا بن لهيعة ومن فوقه من تلامذة ابن لهيعة وليس منه. وقال
ابن مهدي: كتب لي ابن لهيعة كتابا فيه " ثنا" عمرو بن شعيب قال
عبد الرحمن: فقرأته علي ابن المبارك فأخرجه إلي ابن المبارك من
كتابه عن ابن لهيعة قال أخبرني إسحاق بن أبي فروة عن عمرو بن
شعيب كما في شرح العلل لابن رجب "1/420" وفيه أيضا: " قال أحمد
كان ابن لهيعة يحدث عن المثني بن الصبح عن عمرو بن شعيب وكان
بعدلايحدث بها عن عمروا بن شعيب نفسه".
ففي قول ابن مهدي وأحمد رحمهما الله أن ذلك من ابن لهيعة نفسه
فيحمل ذلك علي أن بعض ما وقع من ذلك من هو وبعضه من تلامذته
فما كان من تلامذته فظاهر أن لا ذنب له فيه ولا يرمي باتدليس
بسبب ذلك وما كان منه هو فمرده إلي ضعفه وسوء حفظه.
ولذلك قال الحاكم: "لم يقصد الكذب وإنما حدث من حفظه بعد
احتراق كتبه فأخطأ".
ولابد من التدليس من قصد الإيهام أما ابن لهيعة فقد أتي من سوء
ضبطه وضعفه فلا يصح إذا اتهامه بالتدليس.
وكلامهم في ترجمته يظهر لك ضعفه من بدايته لكن احتمل في أول
أمره لاعتماده علي كتبه فلما احترقت كتبه صار يحدث علي الوهم
والغلط فجاءت المناكير في روايته بعضها من قبله وبعضها من قبل
تلامذته والله تعالي أعلم وهو حسبي.
1 يعني: الثوري وابن رمح. وراجع: تاريخ وفاتيهما في "التهذيب".
__________
1 وراجع: الصحيحة للعلامة الألباني حفظه الله "رقم /520".
(1/359)
وفاتيهما أربع وسبعون سنة1.
روى له أبو داود والترمذي وابن ماجة.
قال تعريفات:
أحدها إذا كان الراوي ضريرا ولم يحفظ حديثه من فم من حدثه
واستعان بالمأمونين في2 ضبط سماعه وحفظ كتابه ثم عند روايته في
القراءة منه عليه واحتاط في ذلك على حسب حاله بحيث يحصل معه
الظن بالسلامة من التغيير صحت روايته غير أنه أولى بالخلاف
والمنع من مثل ذلك من البصير.
قال الخطيب الحافظ والسماع من البصير الأمي والضرير اللذين لم
يحفظا من المحدث ما سمعاه منه لكنه كتب لهما بمثابة واحدة قد
منع منه غير واحد من العلماء ورخص فيه بعضهم.
الثاني: إذا سمع كتابا ثم أراد روايته من نسخة ليس فيها سماعه
ولا هي مقابلة بنسخة سماعه غير أنه سمع منها على شيخه لم يجز
له ذلك قطع به الأمام أبو نصر بن الصباغ الفقيه فيما بلغنا
عنه.
وكذلك لو كان فيها سماع شيخه أو روى منها ثقة عن شيخه فلا يجوز
له الرواية منها اعتمادا على مجرد ذلك إذ لا يؤمن أن يكون فيها
زوائد ليست في نسخة سماعه.
ثم وجدت الخطيب قد حكى مصداق ذلك عن أكثر أهل الحديث فذكر فيما
إذا وجد أصل المحدث ولم يكتب فيه سماعه أو وجد نسخة كتبت عن
الشيخ تسكن نفسه إلى صحتها أن عامة أصحاب الحديث منعوا من
روايته من ذلك.
وجاء عن أيوب السختياني ومحمد بن بكر البرساني الترخص فيه.
قلت اللهم إلا أن يكون له إجازة من شيخه عامة لمروياته أو نحو
ذلك فيجوز
__________
1 كذا في خط بن الحريث وضبطها في خط – ضبط قلم بضم الحاء
المهملة وكرر ذكر "محمد بن رمح" وذكر أن بين رفاتيهما "أريع
وسبعونسنة" والذي في ترجمة ابن لهيعة: "عمرو بن الحارث" وهو
المصري روي عن ابن لهيعة ومات قبله وتوفي عمرو سنة "148" علي
ماذكره يحي بن بكير وغيره فيكون بين وفاته ووفاة ابن رمح: "94"
سنة، وصحفها الناسخ إلي "أربع وسبعين" بدلا من "أربع وتسعين".
والله أعلم.
2 من ش و، وفي خط: "و".
(1/360)
له حينئذ الرواية منها إذ ليس فيه أكثر من
رواية تلك الزيادات1 بالإجازة بلفظ أخبرنا أو حدثنا من غير
بيان للإجازة2 فيها والأمر في ذلك قريب يقع مثله في محل
التسامح.
وقد حكينا فيما تقدم أنه لا غنى في كل سماع عن الإجازة ليقع ما
يسقط3 في السماع على وجه السهو وغيره من كلمات أو أكثر مرويا
بالإجازة وإن لم يذكر لفظها.
فإن كان الذي في النسخة سماع شيخ شيخه أو هي مسموعة على شيخ
شيخه أو مروية عن شيخ شيخه فينبغي له حينئذ في4 روايته منها أن
تكون له إجازة شاملة من شيخه ولشيخه إجازة شاملة من شيخه وهذا
تبيين حسن5 هدانا الله له وله الحمد والحاجة إليه ماسة في
زماننا جدا.
الثالث: إذا وجد الحافظ في كتابه خلاف ما يحفظه نظر فإن كان
إنما حفظ ذلك من كتابه فليرجع إلى ما في كتابه وإن كان حفظه من
فم المحدث فليعتمد حفظه دون ما في كتابه إذا لم يتشكك.
وحسن أن يذكر الأمرين في روايته فيقول حفظي كذا وفي كتابي كذا
هكذا فعل شعبة وغيره.
وهكذا إذا خالفه فيما يحفظه بعض الحفاظ فليقل حفظي كذا وكذا
وقال فيه فلان او قال: فيه غيري كذا وكذا او شبه هذا من الكلام
كذلك فعل سفيان الثوري وغيره. انتهى.
اعترض على قوله إذا سمع كتابا ثم أراد روايته إلى ان قال: لم
يجز له ذلك مع أنه ذكر في النوع الذي قبله أن الخطيب
والإسفراييني6 جوزا الرواية من كتاب لم يقابل أصلا ولم ينكره
المصنف بل أقره.
ورد بأن الصورة التي تقدمت هي فيما إذا نقل كتابه من الأصل فإن
الخطيب
__________
1 من ش وع ول، وفي خط: "الروايات".
2 من ش وع ول، وفي خط: "بيان الإجازة".
3 من ش وع، وفي خط: "سقط".
4 من ش وع ول، وليس في خط.
5 كذا في خط وفي ش وع ول: "تيسير حسن".
6 في خط: "والإسفريني" – كذا وراجع ذلك فيما سبق في النوع
السابق "ص/340".
(1/361)
شرط في جواز ذلك أن تكون نسخته نقلت من
الأصل وأن يبين عند الرواية أنه لم يعارض.
وزاد المصنف على ذلك شرطا آخر وهو أن يكون من1 قابل النسخة من
الأصل غير سقيم بل صحيح النقل قليل السقط.
وأما الصورة التي في هذا النوع فإن الراوي منها ليس على ثقة من
موافقتها للأصل وقد أشار المصنف هنا إلى التعليل بذلك فقال إذ
لا يؤمن أن يكون فيها زوائد ليست في نسخة سماعه.
الرابع: إذا وجد سماعه في كتابه وهو غير ذاكر لسماعه ذلك فعن
أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعي أنه لا يجوز له روايته ومذهب
الشافعي وأكثر أصحابه وأبي يوسف ومحمد أنه يجوز له روايته.
قلت هذا الخلاف ينبغي ان يبنى على الخلاف السابق قريبا في جواز
اعتماد الراوي على كتابه في ضبط ما سمعه فإن ضبط أصل السماع
كضبط المسموع فكما كان الصحيح وما عليه أكثر أهل الحديث تجويز
الاعتماد على الكتاب المصون في ضبط المسموع حتى يجوز له أن
يروي ما فيه وإن كان لا يذكر أحاديثه حديثا حديثا كذلك ليكن
هذا إذا وجد شرطه وهو ان يكون السماع بخطه او بخط من يثق به
والكتاب مصون بحيث يغلب على الظن سلامة ذلك من تطرق التزوير
والتغيير إليه على نحو ما سبق ذكره في ذلك
وهذا إذا لم يتشكك فيه وسكنت نفسه إلى صحته فإن تشكك فيه لم
يجز الاعتماد عليه.
الخامس: إذا أراد رواية ما سمعه على معناه دون لفظه فإن لم يكن
عالما عارفا بالألفاظ ومقاصدها خبيرا لما يحيل معانيها بصيرا
بمقادير التفاوت بينها فلا خلاف أنه لا يجوز له ذلك وعليه ألا
يروي ما سمعه إلا على اللفظ الذي سمعه من غير تغيير.
فأما إذا كان عالما عارفا بذلك فهذا مما اختلف فيه السلف
واصحاب الحديث وأرباب الفقه والأصول فجوزه اكثرهم ولم يجوزه2
بعض المحدثين وطائفة من الفقهاء والأصوليين من الشافعيين
وغيرهم.
__________
1 زيادة ليست في خط وقد وردت في كلام ابن الصلاح السابق
"ص/340".
2 من خط وع وليس في ش.
(1/362)
ومنعه بعضهم في حديث رسول الله صلى الله
عليه وسلم وأجازه في غيره.
والأصح جواز ذلك في الجميع إذا كان عالما بما وصفناه و1 قاطعا
بانه ادى معنى اللفظ الذي بلغه لأن ذلك هو الذي تشهد به احوال
الصحابة والسلف الأولين وكثيرا ما كانوا ينقلون معنى واحدا في
أمر واحد بألفاظ مختلفة وما ذلك إلا لأن معولهم كان على المعنى
دون اللفظ.
ثم إن هذا الخلاف لا نراه جاريا ولا أجراه الناس فيما نعلم
فيما تضمنته بطون الكتب فليس لأحد أن يغير لفظ شيء من كتاب
مصنف ويثبت بدله فيه لفظا آخر بمعناه فإن2 الرواية بالمعنى رخص
فيها من رخص لما كان عليهم3 في ضبط الألفاظ والجمود عليها من
الحرج والنصب وذلك غير موجود فيما اشتملت عليه بطون الأوراق
والكتب ولأنه إن ملك تغيير اللفظ فليس يملك تغيير تصنيف غيره.
السادس: ينبغي لمن روى حديثا بالمعنى ان يتبعه بأن يقول او كما
قال: او نحو هذا وما أشبه ذلك من الألفاظ.
روي ذلك من الصحابة عن أبن مسعود وأبي الدرداء وانس رضي الله
عنهم.
قال الخطيب والصحابة أرباب اللسان واعلم الخلق بمعاني الكلام
ولم يكونوا يقولون ذلك إلا تخوفا من الزلل لمعرفتهم بما في
الرواية على المعنى من الخطر.
قلت وإذا اشتبه على القارىء فيما يقرؤه لفظة4 فقرأها على وجه
يشك فيه5 ثم قال: او كما قال: فهذا حسن وهو الصواب في مثله لأن
قوله او كما قال: يتضمن إجازة من الراوي وإذنا في رواية صوابها
عنه إذا بان
ثم لا يشترط إفراد ذلك بلفظ الإجازة لما بيناه قريبا. انتهى.
ورد في الرواية بالمعنى حديث مرفوع رواه ابن منده في معرفة
الصحابة من
__________
1 من خط وليس في ش وع.
2 من خط وع ول، وفي ش: "عليه".
3 من خط وع ول، وفي ش: "عيله".
4 من خط وع، وليس في ش.
5 من ش وع، وليس في خط.
(1/363)
ورد في الرواية بالمعنى حديث مرفوع رواه
ابن منده في معرفة الصحابة من حديث عبد الله بن سليمان بن
أكيمة الليثي قال: قلت يا رسول الله إني أسمع منك الحديث لا
أستطيع أن أوديه كما أسمع منك يزيد حرفا أو ينقص حرفا فقال إذا
لم تحلوا حراما ولم تحرموا حلالا وأصبتم المعنى فلا بأس فذكر
ذلك للحسن فقال لولا هذا ما حدثنا.
قوله ثم إن هذا الخلاف لا نراه جاريا إلى آخره تعقبه ابن دقيق
العيد فقال إنه كلام فيه ضعف قال: وأقل ما فيه أنه يقتضي تجويز
هذا فيما ينقل من المصنفات إلى أجزائنا أو1 تخاريجنا فإنه ليس
فيه تعيين التصنيف المتقدم قال: وليس هذا جاريا على الاصطلاح
فإن الاصطلاح على ان لا يغير الألفاظ بعد الانتهاء إلى الكتب
المصنفة سواء رويناها فيها او نقلناها منها.
قال السابع: هل يجوز اختصار الحديث الواحد ورواية بعضه دون
بعض؟ اختلف أهل العلم فيه فمنهم من منع ذلك مطلقا بناء على
القول بالمنع من النقل بالمعنى مطلقا ومنهم من منع من ذلك مع
تجويزه النقل بالمعنى إذا لم يكن قد رواه على التمام مرة أخرى
ولم يعلم ان غيره قد رواه على التمام ومنهم من جوز ذلك وأطلق
ولم يفصل.
وقد روينا عن مجاهد أنه قال: انقص من الحديث ما شئت ولا تزد
فيه.
والصحيح التفصيل وأنه يجوز ذلك من العالم العارف إذا كان ما
تركه متميزا عما نقله غير متعلق به بحيث لا يختل البيان ولا
تختلف الدلالة فيما نقله بترك ما تركه فهذا ينبغي ان يجوز وإن
لم يجز النقل بالمعنى لأن الذي نقله و2 الذي تركه والحالة هذه
بمنزلة خبرين منفصلين في أمرين لا تعلق لأحدهما بالآخر.
ثم هذا إذا كان رفيع المنزلة بحيث لا يتطرق إليه في ذلك تهمة
نقله أولا تماما3 ثم نقله ناقصا او نقله اولا ناقصا ثم نقله
تاما.
__________
1 هكذا في خط، وفي "الشرح": "و" بدون الهجر.
2 من خط وع، وليس في ش.
3 من خط وع وبعض نسخ "المقدمة" وفي نسخة للمقدمة: "تاما" بميم
واحدة".
(1/364)
فأما إذا لم يكن كذلك فقد ذكر الخطيب
الحافظ أن من روى حديثا على التمام وخاف إن رواه مرة أخرى على
النقصان أن يتهم بأنه زاد في أول1 مرة ما لم يكن سمعه أو أنه
نسي في الثاني: باقي الحديث لقلة ضبطه وكثرة غلطه فواجب عليه
أن ينفي هذه الظنة عن نفسه.
وذكر الإمام أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي الفقيه أن من روى
بعض الخبر ثم أراد أن ينقل تمامه وكان ممن يتهم بأنه زاد في
حديثه كان ذلك عذرا له في ترك الزيادة وكتمانها.
قلت من كان هذا حاله فليس له من الابتداء أن يروي الحديث غير
تام إذا كان قد تعين عليه اداء تمامه لأنه إذا رواه اولا ناقصا
أخرج باقيه عن2 حيز الاحتجاج به ودار بين أن لا يرويه أصلا
فيضيعه رأسا وبين أن يرويه متهما فيه فيضيع ثمرته لسقوط الحجة
فيه والعلم عند الله تعالى.
وأما تقطيع المصنف متن الحديث الواحد وتفريقه في الأبواب فهو
إلى الجواز أقرب ومن المنع أبعد وقد فعله مالك والبخاري وغير
واحد من أئمة الحديث ولا يخلو من كراهية. انتهى.
هل يجوز حذف بعض الحديث فيه أربعة أقوال3 ومحل الخلاف إذا لم
يكن4 للمحذوف تعلق بما لم يحذف كالحال والاستثناء والشرط فإنه
لا يجوز بلا خلاف.
قوله وقد فعله مالك والبخاري فإنه أي وأحمد وأبو داود والنسائي
وغيرهم.
قوله ولا يخلو من كراهة قال: النووي وما أظنه يوافق عليه.
قال الثامن: ينبغي للمحدث ألا يروي حديثه بقراءة لحان أو مصحف
روينا عن النضر بن شميل قال: جاءت هذه الأحاديث عن الأصل معربة
وأخبرنا
__________
1 من ش وع، وفي خط "ان".
2 هكذا في خط وع ول، وفي ش: "من" بالميم بدل العين.
3 ذكرها في "الشرح".
4 من ل، وليست في خط.
(1/365)
محمد بن الفضل الفراوي أنا1 أبو الحسين عبد
الغافر بن محمد بن الفارسي أنا2 الإمام أبو سليمان حمد3 بن
محمد الخطابي قال: حدثني محمد بن معاذ قال: أنا بعض أصحابنا عن
أبي داود السنجي قال: سمعت الأصمعي يقول إن أخوف ما أخاف على
طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قول النبي صلى
الله عليه وسلم: "من كذب علي فليتبوأ4 مقعده من النار" لأنه
لم5 يكن يلحن فمهما رويت عنه ولحنت6 فيه كذبت عليه.
قلت فحق على طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللغة ما يتخلص به
من شين اللحن7 والتحريف ومعرتهما.
و8روينا عن شعبة قال: من طلب الحديث ولم يبصر العربية فمثله
مثل رجل عليه برنس ليس له رأس او كما قال.
وعن حماد بن سلمة قال: مثل الذي يطلب الحديث ولا يعرف النحو
مثل الحمار عليه مخلاة لا شعير فيها.
وأما التصحيف فسبيل السلامة منه الأخذ من أفواه أهل العلم
و9الضبط فإن من حرم ذلك وكان أخذه وتعلمه من بطون الكتب كان من
شأنه التحريف ولم يفلت من التبديل والتصحيف. انتهى.
روي عن حماد بن سلمة أنه قال: لإنسان إن لحنت في حديثي فقد
كذبت علي فإني لا ألحن.
__________
1 هكذا في خط وفي ش وع: "قال: أنا".
2 في خط "حمد بن القاري، أنا" وفي شو ع: "محمد بن الفارسي،
قال: أنا" وسقط من ع لفظ: "بن".
3 كتب الناسخ عليها علامة "صح".
4 هكذا في خط وع ول، وفي ش: "علي متعمدا فليتبوأ".
5 هكذا في خط ول، وفي ش وع: "لأنه صلي الله عليه وسلم لم".
6 هكذا في خط وع ول، وفي ش: "عنه حديثا ولحنت".
7 هكذا في ش وع ول، وفي خط: "اللحق" بالقاف.
8 من خط وع.
9 من خط وع، وفي خط: "ونقله".
(1/366)
علي فإني لا ألحن.
وقد كان حماد إماما في ذلك وروي أن سيبويه شكاه إلى الخليل بن
أحمد قال: سألته عن حديث هشام بن عروة عن أبيه في رجل رعف
فانتهرني وقال لي أخطأت إنما1 هو رعف أي بفتح العين فقال له
الخليل صدق أتلقى بهذا الكلام أبا سلمة.
قال التاسع: إذا وقع في روايته لحن او تحريف فقد اختلفوا فمنهم
من كان يرى أنه يرويه على الخطأ كما سمعه وذهب إلى ذلك من
التابعين محمد بن سيرين وأبو معمر عبد الله بن سخبرة.
وهذا غلو في مذهب اتباع اللفظ والمنع من الرواية بالمعنى.
ومنهم من رأى تغييره وإصلاحه وروايته على الصواب روينا ذلك عن
الأوزاعي وابن المبارك وغيرهما.
وهو مذهب المحصلين والعلماء من المحدثين والقول به في اللحن
الذي لا يختلف به المعنى وأمثاله لازم على مذهب تجويز رواية
الحديث بالمعنى وقد سبق أنه قول الأكثرين.
وأما إصلاح ذلك وتغييره في كتابه وأصله فالصواب تركه وتقرير ما
وقع في الأصل على ما هو عليه مع التضبيب عليه وبيان الصواب
خارجا في الحاشية فإن ذلك أجمع للمصلحة وأنفى للمفسدة.
وقد روينا أن بعض أصحاب الحديث رئي في المنام وكانه قد مر من
شفته أو لسانه شيء فقيل له في ذلك فقال لفظة من حديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم غيرتها برأيي ففعل بي هذا.
وكثيرا ما ترى2 ما يتوهمه كثير من أهل العلم وربما غيروه صوابا
ذا وجه صحيح وإن خفي واستغرب لا سيما فيما يعدونه خطأ من جهة
العربية وذلك لكثرة لغات العرب وتشعبها.
وروينا عن عبد الله بن احمد بن حنبل قال: كان إذا مر بأبي لحن
فاحش غيره وإن3 كان لحنا سهلا تركه وقال كذا قال: الشيخ.
__________
1 هكذا في الشرح وفي خط: "إن".
2 هكذا في خط بمثناة من فوق وفي شو وع: "نري" بالنون.
3 هكذا في خط وفي ش وع: "وإذا".
(1/367)
وأخبرني بعض أشياخنا عمن اخبره عن القاضي
عياض بما معناه واختصاره أن الذي استمر عليه عمل1 أكثر الأشياخ
أن ينقلوا الرواية كما وصلت إليهم ولا يغيروها في2 كتبهم حتى
في أحرف من القرآن اشتهرت3 الرواية فيها في الكتب على خلاف
التلاوة المجمع عليها ومن غير أن يجىء ذلك في الشواذ ومن ذلك
ما وقع في الصحيحين والموطأ وغيرها لكن أهل المعرفة منهم
ينبهون على خطئها عند4 السماع والقراءة5 وفي حواشي الكتب مع
تقريرهم ما في الأصول على ما بلغهم.
ومنهم من جسر على تغيير الكتب وإصلاحها منهم أبو الوليد هشام
بن احمد الكناني الوقهشي6 فإنه لكثرة مطالعته وافتنانه وثقوب
فهمه وحدة ذهنه جسر على الإصلاح كثيرا وغلط في أشياء من ذلك
وكذلك غيره ممن سلك مسلكه.
والأولى سد باب التغيير والإصلاح لئلا يجسر على ذلك من لا يحسن
وهو7 أسلم مع التبيين فيذكر ذلك عند السماع كما وقع ثم يذكر
وجه صوابه إما من جهة العربية وإما من جهة الرواية وإن شاء
قرأه اولا على الصواب ثم قال: وقع عند شيخنا أو في روايتنا او
من طريق فلان كذا وكذا وهذا اولى من الأول كيلا يتقول على رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل.
وأصلح ما يعتمد عليه في8 الإصلاح ان يكون ما يصلح به الفاسد قد
ورد في أحاديث أخر فإن ذاكره آمن من أن يكون متقولا على رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل. انتهى.
ذكر ابن أبي خيثمة في كتاب الإعراب له أنه سئل الشعبي والقاسم
بن محمد
__________
1 هكذا في خط وع، وفي ش: "عليه استمر عمل".
2 من ش، وفي خط وع: "إلي".
3 هكذا في خط وع، وفي ش و "الباعث"" "استمرت".
4 هكذا في خط وع وفي ش و "الباعث": "خطئها هذا عند".
5 هكذا في خط وش وفي ع: "الرواية والسماع والقراءة".
6 بتشديد القاف المفتوحة.
7 هكذا في خط وفي ش وع: "والطريق الأول"، وراجع: حاشية
"المقدمة".
8 من خط وع، وفي ش: "من".
(1/368)
وعطاء ومحمد بن علي بن الحسين الرجل يحدث
بالحديث يلحن أاحدث كما سمعت او أعربه فقالوا لا بل أعربه.
واختار الشيخ عز الدين بن عبد السلام في هذه المسألة أنه لا
يرويه عنه لا بالخطأ ولا بالصواب حكاه عنه ابن دقيق العيد في
الاقتراح فقال سمعت أبا محمد ابن عبد السلام وكان أحد سلاطين
العلماء كان يرى في هذه المسألة ما لم أره لأحد أن هذا اللفظ
المحتمل لا يروى على الصواب ولا على الخطأ أما على الصواب فإنه
لم يسمع من الشيخ كذلك واما على الخطأ فلأن سيدنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم لم يقله كذلك.
قال العاشر: إذا كان الإصلاح بزيادة شيء قد سقط فإن لم يكن في1
ذلك مغايرة في المعنى فالأمر فيه على ما سبق وذلك كنحو ما روي
عن مالك رضي الله عنه أنه قيل له أرأيت حديث النبي صلى الله
عليه وسلم يزاد فيه الواو والألف والمعنى واحد فقال أرجو أن
يكون خفيفا.
وإن كان الإصلاح بالزيادة يشتمل على معنى مغاير لما وقع في
الأصل تأكد فيه الحكم بأنه يذكر ما في الأصل مقرونا بالتنبيه
على ما سقط ليسلم من معرة الخطأ ومن أن يقول على شيخه ما لم
يقل.
حدث أبو نعيم الفضل بن دكين عن شيخ له بحديث قال: فيه عن بحينة
فقال أبو نعيم إنما هو ابن بحينة ولكنه قال: بحينة.
وإذا كان من دون موضع الكلام الساقط معلوما أنه قد2 أتى به
وإنما أسقطه من بعده ففيه وجه آخر وهو أن يلحق الساقط في موضعه
من الكتاب مع كلمة يعنى كما فعل الخطيب الحافظ إذ3 روى عن أبي
عمر بن مهدي عن القاضي المحاملي بإسناده عن عروة عن عمرة بنت
عبد الرحمن يعنى عن عائشة4 أنها قالت كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يدني إلي رأسه فأرجله.
قال الخطيب كان في أصل ابن مهدي عن عمرة انها قالت كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يدني إلي رأسه فألحقنا فيه ذكر عائشة
إذ لم يكن منه بد وعلمنا أن المحاملي
__________
1 من خط وع، وفي ش: "من".
2 من خط وع، وليس في ش، ووقع في ع: "قد أوتي"بالواو وفي خط وش:
"أتي" بدونها.
3 من ش وع، وفي خط: "إذا".
4 من خط و"الكفاية" "ص/371"، وفي شو ع: "تعني ... " بمثناة من
فوق وسقط من ع لفظ "عن".
(1/369)
كذلك رواه وإنما سقط من كتاب شيخنا أبي عمر
وقلنا فيه يعني1 عن عائشة لأجل أن ابن مهدي لم يقل لنا ذلك
وهكذا رأيت غير واحد من شيوخنا يفعل في مثل هذا.
ثم ذكر بإسناده عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه قال: سمعت وكيعا
يقول أنا أستعين في الحديث بـ يعني
قلت وهذا إذا كان شيخه قد رواه له علي الخطأ فأما إذا وجد ذلك
في كتابه وغلب على ظنه أن ذلك من الكتاب لا من شيخه فيتجه ههنا
إصلاح ذلك في كتابه وفي روايته عند تحديثه به معا.
ذكر أبو داود أنه قال: لأحمد بن حنبل وجدت في كتابي حجاج عن
جريج عن أبي الزبير يجوز لي أن أصلحه ابن جريج فقال أرجو أن
يكون هذا لا بأس به.
وهذا من قبيل ما إذا درس من كتابه بعض الإسناد او المتن فإنه
يجوز له استدراكه من كتاب غيره إذا عرف صحته وسكنت نفسه إلى أن
ذلك هو الساقط من كتابه وإن كان في المحدثين من لا يستجيز ذلك.
وممن فعل ذلك نعيم بن حماد فيما روي عن يحيى بن معين عنه قال:
الخطيب الحافظ ولو بين ذلك في حال الرواية كان أولى.
وهكذا الحكم في استثبات الحافظ ما شك فيه من كتاب غيره او من
حفظه وذلك مروي عن غير واحد من اهل الحديث منهم عاصم وأبو
عوانة وأحمد بن حنبل.
وكان بعضهم يبين ما ثبته فيه غيره فيقول حدثنا فلان وثبتنى
فلان كما روي عن يزيد بن هارون أنه قال: أخبرنا2 عاصم وثبتني
شعبة عن عبد الله بن سرجس.
وهكذا الأمر فيما إذا وجد في أصل كتابه كلمة من غريب العربية
أو غيرها غير
__________
1 من خط و"الكفاية" "ص/371"، وفي ش وع: "تعني.." بمثناة من فوق
وسقط من ع لفظ "عن".
2 هكذا في خط وع، و"الكفاية" "ص/326": "أنا".
(1/370)
مقيدة وأشكلت عليه فجائز أن يسأل عنها أهل
العلم بها ويرويها على ما يخبرونه به روي مثل ذلك عن إسحاق بن
راهويه واحمد بن حنبل وغيرهما رضي الله عنهم. انتهى.
قوله عن يزيد بن هارون كذا هو في مسند أحمد قال: ثنا يزيد بن
هارون قال: انا عاصم بالكوفة فلم أكتبه فسمعت شعبة يحدث به
فعرفته به عن عاصم عن عبد الله بن سرجس أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان إذا سافر قال: "اللهم إني أعوذ بك من وعثاء
السفر" الحديث وفي غير المسند عن يزيد قال: أنا عاصم وثبتني
شعبة.
فإن بين أصل التثبيت ولم يبين من ثبته فلا بأس به فعله أبو
داود في سننه عقيب حديث الحكم بن حزن1 فقال ثبتني في شيء منه
بعض أصحابنا.
قال الحادي عشر: إذا كان الحديث عند الراوي عن اثنين أو أكثر
وبين روايتهما تفاوت في اللفظ والمعنى واحد كان له أن يجمع
بينهما في الإسناد ثم يسوق الحديث على لفظ أحدهما خاصة ويقول
أخبرنا فلان وفلان واللفظ لفلان أو2 وهذا لفظ فلان قال: أو
قالا أنا3 فلان أو ما أشبه ذلك من العبارات.
ول مسلم صاحب الصحيح مع هذا في ذلك عبارة أخرى حسنة مثل قوله
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو سعيد الأشج كلاهما عن أبي خالد
قال: أبو بكر حدثنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش وساق الحديث
فإعادته ثانيا ذكر أحدهما خاصة إشعار بأن اللفظ المذكور له.
وأما إذا لم يخص أحدهما بالذكر بل أخذ من لفظ هذا ومن لفظ ذاك
وقال أنا4 فلان وفلان وتقاربا في اللفظ قالا اخبرنا فلان فهذا
غير ممتنع على مذهب تجويز الرواية بالمعنى.
وقول أبي داود صاحب السنن حدثنا مسدد وأبو توبة المعنى قالا
حدثنا
__________
1 في خطبة الجمعة راجع سنن أبي داود "1096".
2 من ش وع، وليس في خط.
3 هكذا في خط وفي ش وع: "أخبرنا".
4 هكذا في خط، وفي ش وع: "أخبرنا".
(1/371)
أبو الأحوص مع أشباه لهذا في كتابه يحتمل
ان يكون من قبيل الأول فيكون اللفظ لمسدد ويوافقه أبو توبة1 في
المعنى ويحتمل أن يكون من قبيل الثاني: فلا يكون قد أورد لفظ
أحدهما خاصة بل رواه بالمعنى عن كليهما وهذا الاحتمال يقرب في
قوله ثنا2 مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل المعنى واحد قالا
ثنا أبان.
وأما إذا جمع بين جماعة رواة قد اتفقوا في المعنى وليس ما
اورده لفظ كل واحد منهم وسكت عن البيان لذلك3 فهذا مما عيب به
البخاري و4 غيره ولا بأس به على مقتضى مذهب تجويز الرواية
بالمعنى.
وإذا سمع كتابا مصنفا من جماعة ثم قابل نسخته بأصل بعضهم دون
بعض وأراد أن يذكر جميعهم في الإسناد ويقول واللفظ لفلان كما
سبق فهذا يحتمل أن يجوز كالأول لأن ما أورده قد سمعه بنصه ممن
ذكر5 أنه بلفظه ويحتمل ألا يجوز لأنه لا علم عنده بكيفية6
رواية الآخرين حتى يخبر عنها بخلاف ما سبق فإنه أطلع على رواية
غير من نسب اللفظ إليه وعلى موافقتها7 من حيث المعنى فأخبر
بذلك. انتهى.
قوله فإعادته ثانيا ذكر أحدهما خاصة إشعار بان اللفظ المذكور
له فيه نظر إذ يحتمل أنه أراد بإعادته بيان التصريح فيه
بالتحديث وأن الأشج لم يصرح في روايته بالتحديث.
وأبو خالد الأحمر هو سليمان بن حيان الجعفري الكوفي الأزدي.
سمع يحيى الأنصاري وسليمان التيمي وأبا مالك الأشجعي والأعمش
وخلقا غيرهم.
روى عنه محمد بن يوسف وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وابو سعيد
الأشج وغيرهم.
__________
1 وقع في خط "ثوبه" بالثاء المثلثة.
2 هكذا في خط وفي ش وع: "حدثنا".
2 هكذا في خط وفي ش وع: "حدثنا".
3 من ش وع، وفي خط "كذلك".
4 كذا في خط "و" وفي ش وع و"الشرح": "أو" بالهمزة"؟
5 من خط وع ول، وفي ش: "ذكره"بالهاء.
6 من ش وع ول، "يكتفيه".
7 هكذا في خط وبعض نسخ المقدمة وفي باقي النسخ وع: "موافقتها"
بالتثنية.
(1/372)
قال ابن معين ليس به بأس وفي رواية ثقة
وقال أبو حاتم صدوق قال: ابن عدي له أحاديث صالحة وإنما أتي من
سوء حفظه.
مات سنة أربع وثمانين ومائة.
قال الخطيب حدث عنه محمد بن إسحاق وحميد بن الربيع وبين
وفاتيهما مائة وست سنين.
روى له الجماعة.
قال الثاني: عشر ليس له أن يزيد في نسب من فوق شيخه من رجال
الإسناد على ما ذكره شيخه مدرجا عليه من غير فصل مميز.
فإن اتى بفصل جاز مثل ان يقول هو ابن فلان الفلاني أو يعني ابن
فلان ونحو ذلك.
وذكر الحافظ أبو بكر البرقاني في كتاب اللقط له بإسناده عن علي
ابن المديني قال: إذا حدثك الرجل فقال حدثنا فلان ولم ينسبه
فأحببت1 أن تنسبه فقل حدثنا فلان أن فلان بن فلان حدثه.
وأما إذا كان شيخه قد ذكر نسب شيخه أو صفته في أول كتاب2 أو
جزء عند أول حديث منه واقتصر فيما بعده من الأحاديث على ذكر
اسم الشيخ او بعض نسبه مثاله أن أروي جزءا عن الفراوي وأقول في
أوله أخبرنا أبو بكر منصور بن عبد المنعم بن عبد الله الفراوي
قال: أنا3 فلان وأقول في باقي أحاديثه أنا منصور أنا منصور4
فهل يجوز لمن سمع ذلك الجزء5 مني أن يروي عني الأحاديث التي
بعد الحديث الأول متفرقة ويقول في كل واحد منها انا فلان قال:
انا أبو بكر منصور بن عبد المنعم بن عبد الله الفراوي قال: انا
فلان وإن لم أذكر له ذلك6 في كل واحد منها
__________
1 من ش وع ول، وفي خط "فاجتنب".
2 من ش وع، وفي خط: "كتابه".
3 هكذا في خط باختصار، وفي ش وع: "أخبرنا".
4 وضع الناسخ عليها علامة: "صح".
5 من خط وع، وليس في ش.
6 من خط وع،،، وليس في ش.
(1/373)
اعتمادا على ذكري له أولا.
فهذا قد حكى الخطيب الحافظ عن أكثر أهل العلم انهم أجازوه وعن
بعضهم أن الأولى أن يقول يعني ابن فلان.
وروى بإسناده عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه كان إذا جاء
اسم الرجل غير منسوب قال: يعني ابن فلان.
وروى عن البرقاني بإسناده عن علي بن المديني ما قدمنا ذكره
عنه.
ثم ذكر أنه هكذا رأى أبا بكر احمد بن علي الأصبهاني نزيل
نيسابور يفعل وكان أحد الحفاظ المجودين ومن اهل الورع والدين
وانه سأله عن احاديث كثيرة رواها له قال: فيها اخبرنا أبو عمرو
بن حمدان ان أبا يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي اخبرهم
وأخبرنا أبو بكر بن المقرى أن إسحاق بن أحمد بن نافع حدثهم
وأخبرنا1 أبو أحمد الحافظ ان أبا يوسف محمد بن سفيان الصفار
اخبرهم فذكر له أنها احاديث سمعها قراءة على شيوخه في جملة نسخ
نسبوا الذين حدثوهم بها في أولها واقتصروا في بقيتها على ذكر
أسمائهم.
قال وكان غيره يقول في مثل هذا أنا2 فلان قال: أخبرنا فلان3 هو
ابن فلان ثم يسوق نسبه إلى منتهاه.
قال وهذا الذي استحبه لأن قوما من الرواة كانوا يقولون فيما
أجيز لهم أنا فلان أن فلانا حدثهم.
قلت جميع هذه الوجوه جائز واولاها أن يقول هو ابن فلان أو يعني
ابن فلان ثم أن يقول إن فلان بن فلان ثم أن يذكر المذكور في
أول الجزء بعينه من غير فصل.
الثالث عشر: جرت العادة بحذف قال: ونحوه فيما بين رجال الإسناد
خطا ولا بد من ذكره حالة القراءة لفظا.
ومما قد يغفل عنه من ذلك ما إذا كان في أثناء الإسناد قرىء على
فلان أخبرك فلان فينبغي للقارىء ان يقول فيه قيل له أخبرك فلان
ووقع في بعض
__________
1 هكذا في خط وع، وفي ش و"الكفاية" "ص/323": "وأنا".
2 هكذا في خط باختصار، وفي ش وع: "أخبرنا".
3 من ش وع و"الكفاية" وليس في خط وفي "الكفاية" "أنا" مكان
"أخبرنا".
(1/374)
ذلك قرىء على فلان حدثنا فلان.
فهذا يذكر فيه قال: فيقال قرىء على فلان قال: حدثنا فلان وقد
جاء هذا مصرحا به خطا هكذا في بعض ما رويناه.
وإذا تكررت كلمة قال: كما في قوله في كتاب البخاري حدثنا صالح
بن حيان1 قال: قال عامر الشعبي حذفوا إحداهما في الخط وعلى
القارىء أن يلفظ بهما جميعا. انتهى.
هكذا قال: المصنف هنا أنه لا بد من النطق بقال لفظا ومقتضاه
أنه لا يصح السماع بدونها وخالف المصنف ذلك في الفتاوي فإنه
سئل فيها عن ترك القارىء قال: فقال هذا خطأ من فاعله والأظهر
أنه لا يبطل السماع به لأن حذف القول جائز اختصارا جاء به
القرآن.
قال النووي ولو ترك القارىء قال: في هذا كله فقد أخطأ والظاهر
صحة السماع. انتهى.
ومنهم من يشير إلى لفظة قال: بالرمز بصورة ق ثنا ومنهم من
يصلها بحدثنا فيكتب قثنا يريد قال: حدثنا وقد توهم بعضهم فيها2
أنها الواو التي يأتي بعدها التحويل وليس كذلك.
قال الرابع عشر: النسخ المشهورة المشتملة على أحاديث بإسناد
واحد كنسخة همام بن منبه عن أبي هريرة رواية عبد الرازق عن
معمر عنه ونحوها من النسخ والأجزاء منهم من يجدد ذكر الإسناد
في أول كل حديث منها.
ويوجد هذا في كثير من الأصول القديمة وذلك أحوط.
ومنهم من يكتفي بذكر الإسناد في أولها عند اول حديث منها أو في
أول كل مجلس من مجالس سماعها ويدرج الباقي عليه ويقول في كل
حديث بعده وبالإسناد او وبه وذلك هو الأغلب الأكثر.
وإذا اراد من كان سماعه على هذا الوجه تفريق تلك الأحاديث
ورواية كل حديث منها بالإسناد المذكور في أولها جاز له ذلك عند
الأكثرين منهم وكيع
__________
1 من ش وع، وفي خط: "حبان" بموحدة.
2 في خط: "فيما" فصوبتها.
(1/375)
ابن الجراح ويحيى بن معين وأبو بكر
الإسماعيلي.
وهذا لأن الجميع معطوف على الأول فالإسناد المذكور أولا في حكم
المذكور في كل حديث وهو بمثابة تقطيع المتن الواحد في أبواب
بإسناده المذكور في أوله.
ومن المحدثين من أبى إفراد شيء من تلك الأحاديث المدرجة
بالإسناد المذكور اولا ورآه تدليسا.
وسأل بعض اهل الحديث الأستاذ أبا إسحاق الإسفراييني1 الفقيه
الأصولي عن ذلك فقال لا2 يجوز.
وعلى هذا من كان سماعه على هذا الوجه فطريقة ان يبين ويحكي ذلك
كما جرى كما فعله مسلم في صحيحه في صحيفة همام بن منبه نحو
قوله حدثنا3 محمد بن رافع قال: اخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر4
عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة وذكر احاديث منها
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن ادنى مقعد أحدكم في
الجنة أن يقول له تمن" الحديث.
وهكذا فعل كثير من المؤلفين.
الخامس عشر: إذا قدم ذكر المتن على الإسناد أو ذكر المتن وبعض
الإسنادثم ذكر الإسناد عقبه5 على الاتصال مثل أن يقول قال:
رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا؛ أو يقول روى عمرو بن
دينار عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا؛ ثم
يقول اخبرنا به فلان انا فلان ويسوق6 الإسناد إلى آخره7 حتى
__________
1 رسمت في خط بالياء آخر الحروف وفي ش وع "الأسفرائيني" بفتح
الألف، وبالهمزة بدل المثناة وفي الأنساب للسمعاني:
"الإسفرييني بكسر الألف وسكون
السين المهملة وفتح الفاء والراء وكسر الياء المنقوطة باثنتين
من تحتها هذه بالنسبة إلي إسفرايين.."
2 من ش وع، وليس في خط وراجع: "الشرح" وحاشية "المقدمة".
3 هكذا في خط وع ول، وفي ش: "أخبرنا" وفي صحيح مسلم "182/301"
وحدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن
منبه؛ قال، هذا ما
حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم فذكر أحاديث
منها....."
4 هكذا في ع ول و "صحيح مسلم" وفي ش: "قال أنبأنا معمر" وفي
خط: "أخبرنا معمر".
5 هكذا في خط وفي ش وع: "عقيبة".
6 من ش، وفي خط: "فلان أنا فلان، ويسوق" وفي ع: "فلان؛
ويسوق"سقط: قال أنا فلان".
7 من خط، وليس في ش وع.
(1/376)
يتصل بما قدمه فهذا يلتحق بما إذا قدم
الإسناد في كونه يصير به مسندا للحديث لا مرسلا له فلو أراد من
سمعه منه هكذا ان يقدم الإسناد ويذكر1 المتن ويلفقه كذلك فقد
ورد عن بعض من تقدم من المحدثين أنه جوز ذلك.
قلت ينبغي أن يكون فيه خلاف نحو الخلاف في تقديم بعض متن
الحديث على بعض.
وقد حكى الخطيب المنع من ذلك على القول بان الرواية على المعنى
لا تجوز والجواز على القول بأن الرواية على المعنى تجوز ولا
فرق بينهما في ذلك.
وأما ما يفعله بعضهم من إعادة ذكر الإسناد في آخر الكتاب أو
الجزء بعد ذكره أولا فهذا لا يرفع الخلاف الذي تقدم ذكره في
إفراد كل حديث بذلك الإسناد عند روايتها لكونه لا يقع متصلا
بكل واحد منها ولكنه يفيد تأكيدا واحتياطا ويتضمن إجازة بالغة
من أعلى أنواع الإجازات.
السادس عشر: إذا روى المحدث الحديث بإسناد ثم اتبعه بإسناد آخر
وقال عند انتهائه مثله فأراد الراوي عنه أن يقتصر على الإسناد
الثاني: ويسوق لفظ الحديث المذكور عقب2 الإسناد الأول فالأظهر
المنع من ذلك.
وروينا عن أبي بكر الخطيب رحمه الله قال: كان شعبة لا يجيز
ذلك.
وقال بعض أهل العلم يجوز ذلك إذا عرف3 أن المحدث ضابط متحفظ
يذهب إلى تمييز الألفاظ وعد الحروف فإن لم يعرف ذلك منه لم يجز
ذلك.
وكان غير واحد من أهل العلم إذا روى مثل هذا يورد الإسناد
ويقول مثل حديث قبله متنه كذا وكذا ثم يسوقه.
وكذلك إذا كان المحدث قد قال: نحوه قال: وهذا هو الذي أختاره.
أخبرنا أبو احمد عبد الوهاب بن أبي منصور علي بن علي البغدادي
شيخ الشيوخ بها بقراءتي عليه بها قال: أنا4 والدي رحمه الله
تعالى أنا5
__________
1 هكذا في خط، وفي ش وع: "ويؤخر".
2 هكذ افي خط، وفي ش وع: "عقيب".
3 علي حاشية خط: "علرف: كذا ضبط في الأصل الذي فيه سماع علي
الخطيب" يعني: بضم العين
4 هكذا في خط، وفي ع، "أخبرنا" وفي ش: "أخبرني"
5 من خط، وفي ش: "قال أخبرنا"، وفي ع: "أخبرنا".
(1/377)
أبو محمد عبد الله بن محمد الصريفيني قال:
أخبرنا أبو القاسم بن حبابة1 قال: ثنا أبو القاسم عبد الله بن
محمد البغوي قال: ثنا2 عمرو بن محمد الناقد قال: ثنا وكيع قال:
قال شعبة فلان عن فلان مثله لا يجزىء قال: وكيع وقال سفيان
الثوري يجزىء.
وأما إذا قال: نحوه فهو في ذلك عند بعضهم كما إذا قال: مثله.
و3 نبئنا بإسناد عن وكيع قال: قال سفيان إذا قال: نحوه فهو
حديث وقال شعبة نحوه شك.
وعن يحيى بن معين أنه اجاز ما قدمنا ذكره في قوله مثله ولم
يجزه في قوله نحوه.
قال الخطيب وهذا القول على مذهب من لم يجز الرواية على المعنى
فأما على مذهب من اجازها فلا فرق بين مثله4 ونحوه.
قلت هذا له تعلق بما رويناه عن مسعود بن علي السجزي أنه سمع
الحاكم أبا عبد الله يقول أن مما يلزم الحديثي من الضبط
والإتقان أن يفرق بين ان يقول مثله أو يقول نحوه فلا يحل له أن
يقول مثله إلا بعد أن يعلم انهما على لفظ واحد ويحل أن يقول
نحوه إذا كان على مثل معانيه. انتهى.
حكى ثلاثة مذاهب فيما إذا روى الشيخ حديثا بإسناد له وذكر متن
الحديث ثم أتبعه بإسناد آخر وحذف متنه وأحال به على المتن
الأول بقوله مثله او نحوه فهل لمن سمع منه ذلك الحديث أن يقتصر
على السند الثاني: ويسوق لفظ حديث السند الأول.
أظهر المذاهب أنه لا يجوز والثاني: يجوز بشرط ان يكون الراوي
لذلك ضابطا كما وصفه والثالث: يجوز في قوله مثله ولا يجوز في
قوله نحوه.
قال السابع: عشر إذا ذكر الشيخ إسناد الحديث ولم يذكر من متنه
إلا طرفا ثم قال: وذكر الحديث او قال: وذكر الحديث بطوله فأراد
الراوي عنه أن يروي عنه5
__________
1 ضبطها في خط – ضبط قلم – بفتح الحاء المهملة وفي حاشية بعض
نسخ "المقدمة". "هذا صاحب البغوي".
2 هكذا في خط مختصرا وفي ش وع: "حدثنا".
2 هكذا في خط مختصرا وفي ش وع: "حدثنا".
3 من خط، وليس في ش وع.
4 من ش وع و"الكفاية" "ص/132"، وفي خط: "بين مذهب مثله".
5 من خط وع، وليس في ش.
(1/378)
الحديث بكماله وبطوله فهذا أولى بالمنع مما
سبق ذكره في قوله مثله أو نحوه فطريقه أن يبين ذلك بأن يقتص ما
ذكره الشيخ على وجهه ويقول قال: وذكر الحديث بطوله ثم يقول
والحديث بطوله هو كذا وكذا ويسوقه إلى آخره.
وسأل بعض أهل الحديث أبا إسحاق إبراهيم بن محمد الشافعي المقدم
في الفقه والأصول عن ذلك فقال لا يجوز لمن سمع عليه هذا الوصف
أن يروي الحديث بما1 فيه من الألفاظ على التفصيل.
وسأل أبو بكر البرقاني الحافظ الفقيه أبا بكر الإسماعيلي
الحافظ الفقيه عمن قرأ إسناد حديث على الشيخ ثم قال: وذكر
الحديث هل يجوز ان يحدث بجميع الحديث.
فقال إذا عرف المحدث والقارئ ذلك الحديث فأرجو أن يجوز ذلك
والبيان أولى أن يقول كما كان.
قلت إذا جوزنا ذلك فالتحقيق فيه أنه بطريق الإجازة فيما لم
يذكره الشيخ لكنها إجازة أكيدة قوية من جهات عديدة فجاز لهذا
مع كون أوله سماعا إدراج الباقي عليه من غير إفراد له بلفظ
الإجازة. انتهى.
قوله فهذا أولى بالمنع مما سبق ذكره أي من المسألة قبلها لأنه
ساق فيها جميع المتن قبل ذلك بإسناد آخر وفي هذه الصورة لم يسق
إلا بعض الحديث فكانت هذه أولى بالمنع مما سبق من المسألة
قبلها.
قال الثامن: عشر الظاهر أنه لا يجوز تغيير عن النبي إلى عن
رسول الله صلي الله عليه وسلم وكذا بالعكس وإن جازت الرواية
بالمعنى فإن شرط ذلك أن لا يختلف المعنى والمعنى في هذا مختلف.
وثبت عن عبد الله بن أحمد بن حنبل أنه رأى أباه إذا كان في
الكتاب النبي فقال المحدث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ضرب
وكتب عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال الخطيب أبو بكر هذا
غير لازم وإنمااستحب أحمد اتباع المحدث في لفظه وإلا فمذهبه
الترخيص في ذلك ثم ذكر بإسناده عن صالح بن أحمد بن حنبل قال:
قلت لأبي يكون2 في الحديث قال: رسول الله صلي الله عليه وسلم
فيجعل
__________
1 من ش وع، وفي خط "الما".
2 من ش وع، و"الكفاية" "ص/360" وفي خط: "لأبي بكر".
(1/379)
الإنسان: "قال النبي صلي الله عليه وسلم"؟
قال: أرجو ألا يكون به بأس
وذكر الخطيب بسنده عن حماد بن سلمة أنه كان يحدث وبين يديه
عفان وبهز فجعلا يغيران النبي صلي الله عليه وسلم من رسول الله
صلي الله عليه وسلم فقال لهما حماد أما أنتما فلا تفقهان1
أبدا. انتهى.
قوله الظاهر أنه لا يجوز قال: النووي الصواب والله أعلم جوازه
لأنه لا يختلف به هنا معنى وهذا مذهب الإمام احمد بن حنبل
وحماد بن سلمة و2الخطيب. انتهى.
وأيضا فإن لفظ النبي والرسول وإن اختلفا إلا أن المقصود هنا
تعريف القائل بأي وصف عرف به واشتهر ولا سيما إذا جوزنا
الرواية بالمعنى.
وأما ما استدل به بعض من اختصر كلام المصنف من حديث البراء بن
عازب في الصحيح حين علمه صلي الله عليه وسلم ما يدعو به عند
النوم من قوله: "آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت"
فقال البرآء يستذكرهن3 وبرسولك الذي أرسلت فقال صلي الله عليه
وسلم: "لا بل ونبيك الذي أرسلت" فإنه لا حجة فيه على منع ذلك
في الرواية لأن ألفاظ الأذكار توقيفية في تعيين اللفظ وتقدير
الثواب وربما كان في اللفظ سر ليس في لفظ آخر يرادفه.
وأيضا يحتمل أنه أراد الجمع بين وصفه بالنبوة وبالرسالة معا.
قال التاسع: عشر إذا كان سماعه على صفة فيها بعض الوهن فعليه
أن يذكرها في حالة الرواية فإن في إغفالها نوعا من التدليس
وفيما مضى لنا أمثلة لذلك
ومن أمثلته ما إذا حدثه المحدث من حفظه في حالة المذاكرة فليقل
حدثنا فلان مذاكرة او حدثنا في المذاكرة
فقد كان غير واحد من متقدمي العلماء يفعل ذلك وكان جماعة من
حفاظهم4 يمنعون من أن يحمل عنهم في المذاكرة شيء منهم عبد
الرحمن بن مهدي وأبو زرعة الرازي.
__________
1 ضبطها في خط يضم القاف.
2 من التقريب للنووي "2/122 – مع التدريب"، وليس في خط.
3 من ع، وهو في خطإلحاق لم يظهر منه موضع النقط: "آمنت بكتابك
الذي أنزلت ... فقال البراء...."
4 من ش وع، وفي خط: "حفاظه".
(1/380)
ورويناه عن ابن المبارك وغيره.
وذلك لما قد يقع فيها من المساهلة مع أن الحفظ خوان ولذلك
امتنع جماعة من أعلام الحفاظ من رواية ما يحفظونه إلا من كتبهم
منهم أحمد ابن حنبل رضي الله عنه1.
العشرون إذا كان الحديث عن رجلين أحدهما مجروح مثل أن يكون عن
ثابت البناني وأبان بن أبي عياش عن أنس فلا يستحسن إسقاط
المجروح من الإسناد والاقتصار على ذكر الثقة خوفا من أن يكون
فيه عن المجروح شيء لم يذكره الثقة.
قال نحوا من ذلك أحمد بن حنبل ثم الخطيب أبو بكر قال: الخطيب
وكان مسلم بن الحجاج في مثل هذا ربما أسقط المجروح من الإسناد
ويذكر الثقة ثم يقول وآخر كناية عن المجروح قال: وهذا القول لا
فائدة فيه.
قلت وهكذا ينبغي إذا كان الحديث عن رجلين ثقتين ألا يسقط
أحدهما منه لتطرق مثل الاحتمال المذكور إليه وإن كان محذور
الإسقاط فيه أقل ثم لا يمتنع ذلك في الصورتين امتناع تحريم لأن
الظاهر اتفاق الراويين2.
وما ذكر من الاحتمال نادر بعيد فإنه من الإدراج الذي لا يجوز
تعمده كما سبق في نوع المدرج.
الحادي والعشرون: إذا سمع بعض حديث من شيخ وبعضه ممن شيخ آخر
فخلطه ولم يميزه وعزا الحديث جملة إليهما مبينا ان عن أحدهما
بعضه وعن الآخر بعضه فذلك جائز كما فعل الزهري في حديث الإفك
حيث رواه عن عروة وابن3 المسيب وعلقمة بن وقاص الليثي وعبيد
الله بن عبد الله ابن عتبة عن عائشة وقال وكلهم حدثني طائفة من
حديثها قالوا قالت الحديث.
ثم إنه ما من شيء من ذلك الحديث إلا وهو4 في الحكم كأنه رواه
عن أحد
__________
1 هكذا في خط بالإفراد، وفي ش وع: "عنهم أجمعين".
2 كذا في خط وع وبعض نسخ "المقدمة"وفي ش ول: "الروايتين".
3 من ش وع، وفي خط: "عروة بن المسيب".
4 من ش وع، وفي خط "وقد".
(1/381)
الرجلين على الإبهام حتى إذا كان أحدهما
مجروحا لم يجز الاحتجاج بشيء من ذلك الحديث.
وغير جائز لأحد بعد اختلاط ذلك أن يسقط ذكر أحد الراويين ويروي
الحديث عن الآخر وحده بل يجب ذكرهما جميعا مقرونا بالإفصاح بأن
بعضه عن أحدهما وبعضه عن الآخر. انتهى.
قوله وفيما مضى لنا أمثلة لذلك أي كأن يسمع من غير أصل أو كان
هو أو شيخه يتحدث في وقت القراءة أو ينسخ أو ينعس او كان سماع
شيخه أو سماعه هو بقرآءة لحان أو مصحف أو كتابة التسميع بخط من
فيه نظر أو نحو ذلك.
فإن لم يبين ذلك وإلا فهو نوع تدليس1.
وقوله: فلا يستحسن إسقاط المجروح وهو أبان والثقة ثابت أي إذا
كان الحديث عن اثنين فإنه يجوز2 ذكر ثقة منهما وإسقاط الآخر
ثقة كان أو ضعيفا وهذا صنيع مسلم في ابن لهيعة غالبا وأما أحمد
بن حنبل فإنه لا يسقطه بل يذكره.
واعترض على قوله وغير جائز3 لأحد بعد اختلاط ذلك أن يسقط ذكر
أحد الراويين بأن البخاري أسقط ذكر احد شيخيه او شيوخه في مثل
هذه الصورة واقتصر على ذكر شيخ واحد وقال في كتاب الرقاق من
صحيحه في باب: "كيف كان عيش النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه
وتخليهم من4 الدنيا" حدثني أبو نعيم بنصف5 من هذا الحديث ثنا
عمر بن ذر6 ثنا مجاهد أن أبا هريرة
__________
1 كذا في خط والظاهر أن الصواب: "فإن بين ذلك وإلا....." أو:
"فإن لم يبين ذلك فهو ... ".
2 كذا في خط وراجع ما مضي، "و"الشرح" وراجع كذلك: "علوم
الحديث" "2/421 – مع الباعث".
3 من ش وع، وفي خط: "وغيرهما يزا"، وسبق في "متن المقدمة" علي
الصواب.
4 هكذا في خط وع، وغيرهما وفي "فتح الباري" "11:286" بالعين
بدل الميم.
5 كذا في خط وع و"التدريب" "2/124"، وفي "صحيح البخاري": "بنحو
من نصف".
6 من ع،،، ومثله في صحيح البخاري "6452" و"تحفة الشراف"
"10/315" و"تغليق التعليق" "5/169 – 170" "6452" وهو في مسند
أحمد "2/515"
وأطرافه "8/21" "10166" وقد ورد من طرق عن عمر بن ذر راجعه مع
تخريجه في صحيح ابن حبان "6535 – ط: الأرنؤوط". ووقع في خط
و"التدريب": "عمرو بن دينار" – كذا.
(1/382)
كان يقول الله1 الذي لا إله إلا هو إن كنت
لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع الحديث.
ورد بأن الممتنع إنما هو إسقاط بعض شيوخه وإيراد جميع الحديث
عن بعضهم لأنه حينئذ يكون قد حدث عن المذكور ببعض ما لم يسمعه
منه فأما إذا بين أنه2 لم يسمع منه إلا بعض الحديث كما فعل
البخاري هنا فليس بممتنع وقد بين البخاري في موضع آخر من صحيحه
القدر الذي سمعه من أبي نعيم من هذا الحديث او بعض ما سمعه منه
فقال في كتاب الاستئذان حدثنا أبو نعيم حدثنا عمر3 بن ذر ح
وحدثنا4 محمد بن مقاتل أنا5 عبد الله أنا عمر بن ذر حدثنا6
مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: دخلت مع رسول الله صلي
الله عليه وسلم فوجد لبنا في قدح فقال: "أبا الحق أهل الصفة
فادعهم إلي".
قال فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم فدخلوا.
وهذا7 هو بعض حديث أبي نعيم الذي ذكره في الرقاق واما بقية
الحديث فيحتمل ان البخاري أخذه من كتاب أبي نعيم وجادة او
أجازه له أو سمعه من شيخ آخر غير أبي نعيم إما محمد بن مقاتل
الذي يروي عنه في الاستئذان بعضه او غيره.
ولم يبين ذلك بل اقتصر على اتصال بعض الحديث من غير بيان ولكن
ما قطعة منه إلا وهي محتملة لأنها غير متصلة بالسماع إلا
القطعة التي صرح
__________
1 هكذا في خط و"صحيح البخاري" وفي ع: "آلله" بالمد وفي التدريب
"والله".
2 من ع و "التدريب"وفي خط: "إذا لم يبين أنه ... ".
3 من ع ووصحيح البخاري "6246" وفي خط و"التدريب" عمرو بالواو.
4 هكذا في خط وع، وفي الصحيح "ذر. وحدثني".
5 هكذا في خط و "التدريب" وفي ع: "أنبأنا" وفي "الصحيح":
"أخبرنا".
6 من خط: "أنا عمرو بن دينار وحدثنا" كذا ومثله في "التدريب"
وفي ع: "أنبأنا عمر بن ذر أنبأنا" وفي الصحيح أخبرنا عمر بن ذر
أخبرنا وراجع ما سبق قبل خمسة حواش.
7 هكذا في خط وفي ع، و"التدريب": "فهذا" بالفاء.
(1/383)
البخاري في الاستئذان باتصالها.
وقوله: حتى إذا كان أحدهما مجروحا لم يجز الاحتجاج بشئ من ذلك
الحديث أي لأنه ما من قطعة من الحديث إلا ويجوز ان تكون عن
المجروح فيجب طرح جميعه إلا أن يبين ذلك كما تقدم.
(1/384)
|