الغاية في شرح الهداية في علم الرواية

أَسمَاء مُخْتَلفَة ونعوت مُتعَدِّدَة

(224 - (ص) وَمن لَهُ أَسمَاء أَو صِفَات ... فاعرف، فَفِيهَا دلّس الروات)

(225 - مثل أَبى سعيد غير الخدرى ... وسبلان سَالم غير النصرى)

(ش) أى اعرف من كثرت أسماؤه، أَو نعوته، ففى ذَلِك دلّس كثيرا من الروَاة، وَهُوَ فن جليل، تَدْعُو الْحَاجة إِلَى مَعْرفَته، صنف فِيهِ عبد الْغنى بن سعيد، والخطيب.
وَفَائِدَته: الْأَمْن من جعل الْوَاحِد اثْنَيْنِ، وتوثيق الضَّعِيف، وتضعيف القوى، والاطلاع على صَنِيع المدلسين.
وَمن أمثلته: مُحَمَّد بن السَّائِب الكلبى الْمُفَسّر، هُوَ أَبُو النَّضر، الذى روى عَنهُ ابْن إِسْحَاق، وَهُوَ حَمَّاد بن السَّائِب الذى روى عَنهُ [/ 169] أُسَامَة، وَهُوَ أَبُو سعيد الذى يرْوى عَنهُ عَطِيَّة العوفى، موهما أَنه الخدرى، وَهُوَ أَبُو هِشَام الذى روى عَنهُ الْقَاسِم بن الْوَلِيد.
وَمن وَذَلِكَ سَالم بن عبد الله النضرى، بالنُّون أَبُو عبد الله المدنى، هُوَ سَالم مولى النصريين، وَهُوَ سَالم سبلان، وَهُوَ سَالم مولى دوس، وَهُوَ سَالم أَبُو عبد الله الدوسى، وَهُوَ سَالم مولى المهرى، وَهُوَ أَبُو عبد الله الذى روى عَنهُ بكير بن الْأَشَج، وَقَالَ فِيهِ عبد الْملك

(1/245)


بن مَرْوَان بن الْحَارِث بن أَبى ذياب: أخبرنى أَبُو عبد الله سَالم سبلان، وَقَالَ فِيهِ أَبُو سَلمَة: ثَنَا أَبُو سَالم، أَو سَالم مولى المهرى.

الْمُفْردَات من الْأَسْمَاء والألقاب والكنى

(226 - (ص) كَذَاك مُفْرَدَات الْأَسْمَاء واللقب ... مَعَ الكنى وَنَحْوهمَا من النّسَب)

(227 - مثل تدوم عَن بيع منْدَل ... زر حُبَيْش وهبيب معفل)

(228 - سعير سندر ومشكدانه ... كلدة سفينة وابصة)

(ش) أى كَذَا اعرف [الْمُفْردَات] من الْأَسْمَاء الَّتِى وضعت عَلامَة على مسمياتها، وَكَذَا
[الألقاب] : وهى جمع لقب، وَهُوَ الذى دلّ على رفْعَة أَو ضعة.
[والكنى] : وهى مَا صدرت بأب أَو أم.
[وَالنّسب] : وهى إِمَّا إِلَى قَبيلَة، أَو بلد، أَو خطة، أَو حِرْفَة،
والمفردات من كل ذَلِك نوع لطيف جدا، ألف فِيهِ أهل الحَدِيث، فَمن الْأَسْمَاء من الصَّحَابَة [سندر] بِفَتْح أَوله وثالثه مَعَ إهمالها، وَقد قيل: إِنَّه لَيْسَ بفرد، وَإِن أَبَا مُوسَى المدينى كَانَ ذكر آخر، وَلَكِن قَالَ ابْن الْأَثِير: يغلب على ظنى أَنَّهُمَا وَاحِد.
[وكلدة] بِفَتَحَات وَالدَّال الْمُهْملَة بن الحنبل، بِمُهْملَة بعْدهَا نون ثمَّ مُوَحدَة، وَلَام [وهيب] وَهُوَ بموحدتين مصغرتين [/ 170] [ومغفل] بِضَم أَوله وَسُكُون ثمَّ فَاء مَكْسُورَة بعْدهَا لَام. [ووابصة] : وَهُوَ بموحدة مَكْسُورَة، ثمَّ مُهْملَة ابْن معبد، وَمن الْأَسْمَاء من غَيرهم [تدوم] وَهُوَ بِفَتْح الْمُثَنَّاة الفوقانية أَو التَّحْتَانِيَّة فِيمَا قيل ودال مُهْملَة مَضْمُومَة، ابْن صبيح، وَقيل: صبيح الحميدى،

(1/246)


وَقَوله: [عَن تبيع] هُوَ بِضَم أَوله، ثمَّ مُوَحدَة مصغر، ابْن عَامر الحميرى الحمصى، وَلَيْسَ هُوَ من الْمُفْردَات، بل هم جمَاعَة يسمون كَذَلِك، وَكَأن النَّاظِم لم يذكرهُ إِلَّا لإِفَادَة أَنه شيخ يَدُوم، وَمَا عرفت النُّكْتَة فى اخْتِصَاصه دون غَيره مِمَّن ذكره بذلك.
[وزر] هُوَ بِكَسْر الْمُعْجَمَة أَوله، ثمَّ رَاء مُشَدّدَة، [ابْن حُبَيْش] بِالْمُهْمَلَةِ أَوله وبالمعجمة آخِره بَينهمَا مُوَحدَة وتحتانية مُصَغرًا، وَابْنه فى النّظم بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ كمغفل، [وسعير] بِالْمُهْمَلَةِ مصغر، ابْن الْخمس بِكَسْر الْمُعْجَمَة وَآخره مُهْملَة، بَينهمَا مِيم، وَقد تبع النَّاظِم فى ذكره مَعَ ابْن الصّلاح، وَهُوَ متعقب فيهمَا، ففى الصِّحَاح بِهِ آخر اسْمه زر بن عبد الله بن كُلَيْب الفقيمى، أحد الْمُهَاجِرين، وَآخَرين اسْم كل مِنْهُمَا سعير أَحدهمَا ابْن عداء، وَالْآخر ابْن سوَادَة، وَيُقَال: إِن اسْم ثَانِيهمَا سُفْيَان، يُمكن أَن يكون الفردية فى كل مِنْهُمَا بِالنّظرِ لاسم أَبِيه أَيْضا وَالله أعلم.
وَمن الألقاب فى الصَّحَابَة [سفينة] وزن مَدِينَة مولى رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَاخْتلف فى اسْمه على أَقْوَال كَثِيرَة، وَالسَّبَب فى اشتهاره بذلك أَنه كَانَ فى سفر فَكَانَ بعض الْقَوْم إِذا أعى ألْقى عَلَيْهِ ثَوْبه، حَتَّى حمل ذَلِك شَيْئا كثيرا فَقَالَ لَهُ النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] [/ 171] وَمن غَيرهم [منْدَل] وميمه مُثَلّثَة، وَابْن الصّلاح ضَبطهَا بِالْكَسْرِ، وَغَيره بِالضَّمِّ، قَالَ ابْن نَاصِر: الصَّوَاب: الْفَتْح ابْن على العترى واسْمه فِيمَا قيل: عَمْرو.
[ومشكدانة] وَهُوَ بِضَم أَوله وثالثه، قَالَه أَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن لعبد الله بن عمر بن مُحَمَّد بن أبان الكوفى، لكَونه رأى ثِيَابه نظيفة، ورائحته طيبَة، فَإِن المشكدانة وعَاء الْمسك بِالْمُعْجَمَةِ، فَبَقيت لقبا للمذكور.

(1/247)


هَؤُلَاءِ الَّذين اقْتصر عَلَيْهِم النَّاظِم، لكنه لم يُمَيّز الْأَسْمَاء من الألقاب، وَلَا الصَّحَابَة من غَيرهم، لضيق النّظم فميزتهم للفائدة، وَكَذَا لم يذكر للكنى والأنساب مثلا.
فَمن الكنى: أَبُو العبيدين بِضَم الْمُهْملَة، ثمَّ مُوَحدَة مَفْتُوحَة بعْدهَا تَحْتَانِيَّة، ثمَّ مُهْملَة تَثْنِيَة عبد بِالتَّصْغِيرِ، واسْمه مُعَاوِيَة بن سُبْرَة.
وَأَبُو العشراء الدارمى وَهُوَ بِضَم الْمُهْملَة أَوله، ثمَّ مُعْجمَة مَفْتُوحَة،
وَمن الْأَنْسَاب: اللبقى، بِفَتْح اللَّام ثمَّ الْمُوَحدَة بعْدهَا قَاف، وَهُوَ على بن سَلمَة.
فَائِدَة: فى الروَاة: مُحدث لَا نَظِير فى اسْمه بل وفى سَائِر نسبه، وَهُوَ مُسَدّد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن مرعبل بن أرندل بن سرندل بن عرندل بن ماسك بن الْمُسْتَوْرد، انْفَرد بِهَذَا النّسَب هَكَذَا مَنْصُور الخالدى، وَلم يُتَابع عَلَيْهِ.

الكنى

(229 - (ص) أما الكنى فقسموا التِّسْعَة ... فقد يكون كنية لكنية)

(230 - وَقد تكون أَسمَاء وَقد يجِئ لقب ... اثْنَيْنِ أَو أَكثر من غير سَبَب)

(231 - وَتارَة فى الِاسْم لَا الكنى اخْتلف ... وَتارَة فِيهَا وَالِاسْم قد عرف)

(232 - وفيهَا أُخْرَى وأو مَا عرفا ... أَو أَنَّهَا تجئ من اسْم اعرفا [/ 172] )

(ش) معرفَة الْأَسْمَاء والكنى فن جميل، يحْتَاج أهل هَذَا الْعلم إِلَى تَحْقِيقه، وَقد صنف فِيهِ جمَاعَة وَأجْمع تصنيف فِيهِ للْحَاكِم أَبى أَحْمد، لكنه تَرْتِيب عَجِيب، وَقد لخصه الذهبى وَالْقَصْد بَيَان أَسمَاء ذوى الكنى، إِذْ رُبمَا ذكر الراوى مرّة بكنيته، وَمرَّة باسمه، فيتوهم الْعدَد مَعَ كَونهمَا وَاحِد، أَو الْمُحَقِّقُونَ من عُلَمَاء الحَدِيث يتحفظونه، ويعتنون بِهِ ويطرحونه

(1/248)


فِيمَا بَينهم، وهم على تِسْعَة أَقسَام:
الأول: يكون كنية لصَاحب أُخْرَى غَيرهَا، وَلَا اسْم لَهُ غَيرهَا، وَمِثَال ذَلِك كَمَا ذكره ابْن الصّلاح: أَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث، أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة، كنيته أَبُو عبد الرَّحْمَن، وَأَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم الأنصارى كنيته أَبُو مُحَمَّد وَلَا نَظِير لَهما فى ذَلِك، كَمَا قَالَه الْخَطِيب، وَقيل فى ابْن حزم: إِنَّه لَا كنية لَهُ، قلت: وَكَذَا قيل: الآخر اسْمه وكنيته وَاحِد، بل جزم بِهِ ابْن حبَان، وَقَالَ المزى أَيْضا أَنه الصَّحِيح على أَنه قد اخْتلف فى اسْمه، فَقيل عَمْرو، وَقيل: الْمُغيرَة، وَقيل: مُحَمَّد، وَكَذَا قيل فى كنيته: أَبُو مُحَمَّد، وَحِينَئِذٍ فالتمثيل بِكُل مِنْهُمَا مخدوش.
الثانى: أَن تكون الكنية اسْمه وَلَا كنية لَهُ غَيرهَا، كأبى بِلَال الأشعرى، عَن شريك، وكأبى حُصَيْن الرازى، روى عَنهُ أَبُو حَاتِم الرازى، فَإِنَّهُ روى عَن كل مِنْهُمَا قَوْله اسمى وكنيتى وَاحِد، وأمثلته كَثِيرَة.
الثَّالِث: أَن تكون الكنية لقبا وَله اسْم، وكنية غَيرهَا كأبى تُرَاب لعلى بن أَبى طَالب أَبى الْحسن، وأبى الزِّنَاد لعبد الله بن ذكْوَان أَبى عبد الرَّحْمَن، وَكَانَ يغْضب من أَبى الزِّنَاد.
الرَّابِع: [/ 173] أَن تكون لَهُ كنية غَيرهَا، أَو أَكثر من غير سَبَب، لذَلِك يعْنى فى الْغَالِب وَإِلَّا فَرُبمَا تكون لتعداد الْأَبْنَاء وَغَيره، وَمن أمثله ذى الكنيتين عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، يكنى أَبَا خَالِد، وَأَبا الْوَلِيد، وَعبد الرَّحْمَن السهيلى يكنى أَبَا الْقَاسِم، وَأَبا زيد، وكثيرون، وَمن أَمْثِلَة الثَّلَاثَة مَنْصُور الفراوى يكنى أَبَا بكر، وَأَبا الْفَتْح، وَأَبا الْقسم، حَتَّى كَانَ يُقَال لَهُ: ذُو الكنى.
الْخَامِس: أَن يكون كنية لَا خلاف فِيهَا، وفى اسْمه اخْتِلَاف، كأبى نصر الغفارى قيل فى اسْمه جمل بِالْجِيم الْمَفْتُوحَة، بن بصرة، وَقيل بِالْحَاء الْمُهْملَة المضمومة وَفتح الْمِيم، وَهُوَ الْأَصَح، وأبى جُحَيْفَة بجيم، ثمَّ مُهْملَة، وَفَاء مصغر، السوادى.

(1/249)


قيل: وهب بن عبد الله، وَقيل: وهب ابْنه. وأبى هُرَيْرَة، وأبى عَمْرو بن الْعَلَاء فى اسميهما خلاف كثير.
السَّادِس: عَكسه أَن تكون كنيته مُخْتَلفا فِيهَا دون اسْمه، كأبى بن كَعْب، قيل: فى كنيته أَبُو الْمُنْذر، وَقيل: أَبُو الطُّفَيْل، وَأُسَامَة بن زيد الْحبّ، قيل: أَبُو زيد، وَقيل. . أَبُو مُحَمَّد، وَقيل أَبُو عبد الله، وَقيل: أَبُو خَارِجَة.
السَّابِع: أَن تكون فى كل من اسْمه وكنيته اخْتِلَاف، كسفينة مولى رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَهُوَ لقبه، وَقيل: اسْمه صَالح، وَقيل عَمْرو، وَقيل: مهْرَان، وكنيته. قيل: أَبُو عبد الرَّحْمَن، وَقيل: أَبُو البحرى.
وَأَشَارَ إِلَى هَذَا الْقسم بقوله: [وَفِيهِمَا] أى وَاخْتلف فى الِاسْم، والكنية تَارَة أُخْرَى.
وَالثَّامِن: عَكسه وَهُوَ من اتّفق عَلَيْهِمَا مَعًا، كأصحاب الْمذَاهب [/ 174] المتبوعة أَبَا عبد الله مَالك بن أنس، وَمُحَمّد بن إِدْرِيس الشافعى، وَأحمد بن حَنْبَل، وَهَذَا أَكثر الْأَقْسَام، وَإِلَيْهِ أَشَارَ [وأوما] عرفا أى مرّة عرفا أى الِاسْم والكنية.
التَّاسِع: من هُوَ بكنيته أعرف، أى أشهر مِنْهَا باسمه كأبى دَاوُد إِدْرِيس الخولانى، اسْمه عبد الله، وأبى إِسْحَاق السبيعى، اسْمه عَمْرو، وَالْإِمَام أَبى حنيفَة اسْمه النُّعْمَان.

الْأَسْمَاء

(233 - (ص) ثمَّ الذى يعرف باسم رتبوا ... لى الْحُرُوف وَهُوَ فِيهَا أغلب)

(234 - وَخير مَا ألف فى الرِّجَال ... تَهْذِيب شيخ شَيخنَا الْجمال)

(235 - وَإنَّهُ لما حواه آيَة ... وَلَيْسَ بعده لحسن غَايَة)

(ش) لما انْتهى من الكنى أردفها بالأسماء، وَكَانَ الْأَنْسَب أَن يكون عَاشر الْأَقْسَام السَّابِقَة

(1/250)


فَإِن عكس أَحدهمَا من عرف اسْمه وَلم يشْتَهر بكنية، وَلَكِن الظَّاهِر أَنه لم يرد إِلَّا أَعم من ذَلِك، وفى الْأَسْمَاء تآليف مُخْتَلفَة الصَّنِيع فى التَّرْتِيب، وَالْأَحْسَن من رتبها - وَهُوَ الْأَغْلَب - على حُرُوف المعجم، وهم فى ذَلِك مُخْتَلفُونَ، فَمنهمْ من يُرَاعى التَّرْتِيب، حَتَّى اسْم الْأَب وَالْجد وَإِن على، وفى النِّسْبَة، وَمِنْهُم من لَا يعْتَبر ذَلِك.
وَخير مؤلف فى الرِّجَال جمعا وترتيبا - يعْنى بِالنِّسْبَةِ لرواة الْكتب السِّتَّة - " تَهْذِيب كَمَال " عبد الْغنى بن سعيد الْحَافِظ شيخ شيخ النَّاظِم، حَافظ وقته، الْجمال، أَبى الْحجَّاج يُوسُف بن الزكى عبد الرَّحْمَن المزى، فَإِنَّهُ سعى فى ذَلِك وَكفى من جَاءَ بعده فَهُوَ كل عَلَيْهِ، وَقد اعتنى الْأَئِمَّة بِهِ تلخيصا وانتقاء واستدراكا، وأنفع مختصراته " تهذيبه " لشَيْخِنَا - رَحمَه الله تَعَالَى -، ثمَّ اخْتَصَرَهُ فى " تقريبه ".

الألقاب [/ 175] والأنساب

(236 - (ص) ثمَّ الَّذين عرفُوا باللقب ... مَعَ الَّذين عرفُوا بِالنّسَبِ)

(237 - كالضال والضعيف مَعَ غُنْجَار ... صَاعِقَة غنْدر مَعَ بنْدَار)

(238 - بِمَوْت للأخفش الرضى وثعلب ... والشافعى والنسائى والشاطبى)

(ش) [الألقاب] نوع مُهِمّ، لِأَنَّهَا قد تأتى فى سِيَاق الْأَسَانِيد حجرَة عَن أسمائها، فَمن لَا يعرفهَا يُوشك أَن يَظُنهَا اسْما، فَيجْعَل من ذكر باسمه فى مَوضِع آخر شَخْصَيْنِ، وهما وَاحِد، وَكَذَا من المهم معرفَة الْأَنْسَاب فكثيرا مَا يكون نِسْبَة لقبيلة، أَو بطن، أَو جد، أَو بلد، أَو صناعَة، أَو مَذْهَب، أَو غير ذَلِك مِمَّا آثره مَجْهُول عِنْد الْعَامَّة، وَهُوَ مَعْلُوم عِنْد الْخَاصَّة، فَيَقَع فى كثير مِنْهُ التَّصْحِيف، وَيكثر الْغَلَط والتحريف.
وفى كل هذَيْن النَّوْعَيْنِ تصانيف وَلَقَد أَشَارَ النَّاظِم إِلَى أَمْثِلَة من كل مِنْهُمَا، فَمن الأول

(1/251)


[الضال] لصيغة اسْم الْفَاعِل من ضل، وَهُوَ بِالتَّشْدِيدِ، خفف ضَرُورَة.
و [الضَّعِيف] ضد القوى، وَقد قَالَ الْحَافِظ عبد الْغنى بن سعيد المصرى: رجلَانِ جليلان لزمهما لقبان قبيحان، مُعَاوِيَة بن عبد الْكَرِيم الضال؛ وَإِنَّمَا ضل فى طَرِيق مَكَّة، وَعبد الله بن مُحَمَّد الضَّعِيف. وَإِنَّمَا كَانَ ضَعِيفا فى جِسْمه لَا فى حَدِيثه. انْتهى.
وَكَذَا لقب بالضعيف غير الْمَذْكُور وَألْحق ابْن الصّلاح، من نظميهما ثَالِثا: وَهُوَ عَارِم بن النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدوسى، شيخ البخارى، فَإِنَّهُ كَانَ عبدا صَالحا بَعيدا عَن العرامة - يعْنى شدَّة الْفساد -،
وَكَذَا من أمثلته: [غُنْجَار] وهما [/ 176] اثْنَان بخاريان، أَحدهمَا: أَبُو أَحْمد عِيسَى بن مُوسَى التيمى، وَيُقَال: التميمى، يرْوى عَن مَالك والثورى، ولقب بذلك لحمرة وَجهه، وَالْآخر: أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد، الْحَافِظ، صَاحب تَارِيخ (بُخَارى) ، توفى سنة اثنتى عشرَة وَأَرْبَعمِائَة، لقب بذلك لشدَّة حفظَة،
[غنْدر] وَهُوَ لقب لسبعة، كل مِنْهُم اسْمه مُحَمَّد بن جَعْفَر، مِنْهُم أَبُو بكر البصرى، صَاحب شُعْبَة، لقبه بِهِ ابْن جريج، لكَونه كَانَ يكثر الشغب عَلَيْهِ، وَأهل الْحجاز يسمون الشغب غندرا، قَالَ أَبُو جَعْفَر النّحاس فى كتاب " الِاشْتِقَاق ": إِنَّه من الْغدر، وَأَن نونه زَائِدَة، وداله تضم وتفتح، وَأَبُو الْحسن الرازى، يرْوى عَن أَبى حَاتِم الرازى وَغَيره، وَأَبُو بكر البغدادى الْحَافِظ الجوال، روى عَنهُ أَبُو نعيم وَغَيره، وَأَبُو الطّيب الْخَطِيب بن دران البغدادى، يرْوى عَن أَبى خَليفَة الجمحى، وَآخر اسْم جده الْعَبَّاس، مَاتَ سنة تسع وَسبعين وثلثمائة، ذكره الْخَطِيب، وَكَذَا لقب بِهِ اثْنَان أَيْضا، اسْم كل مِنْهُمَا مُحَمَّد أَحدهمَا ابْن الْمُهلب الحرانى، كذبه ابْن معِين. وأبى يُوسُف الهروى، ثَلَاثَة اسْم كل مِنْهُمَا أَحْمد أحدهم: ابْن آدم شيخ لِأَحْمَد بن مُحَمَّد بن الْحجَّاج بن رشدين، وثانيهم: ابْن عبد الرَّحْمَن

(1/252)


الجرجانى، روى عَن أَبى الْمُغيرَة عبد القدوس بن مُحَمَّد بن عِيسَى الْبلوى،
و [بنْدَار] هُوَ بِضَم الْمُوَحدَة، لقب جمَاعَة اشهرهم: مُحَمَّد بن بشار البصرى أحد شُيُوخ الشَّيْخَيْنِ، قَالَ ابْن الفلكى: إِنَّمَا لقب بِهَذَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ بنْدَار الحَدِيث، أى مكثرا من شئ يشترى مِنْهُ من هُوَ أَسْفَل مِنْهُ، وأخف حَالا ثمَّ يبتع مَا يشترى مِنْهُ من [/ 177] غَيره، قَالَه أَبُو سعيد بن السمعانى،
[وَيَمُوت] هُوَ ابْن المزرع ابْن يَمُوت البغدادى، أخبارى كَانَ يَقُول فِيمَا روينَاهُ عَنهُ: بليت بِالِاسْمِ الذى سمانى بِهِ أهلى، فإنى إِذا عدت فاستأذنت عَلَيْهِ، فَقيل: من ذَا؟ أسقط اسمى، فَأَقُول: ابْن المزرع.
[والأخفش] : وَهُوَ من يكون صَغِير الْعين مَعَ سوء بصرها، لقب لجَماعَة نحويين وقراء، مِنْهُم أَحْمد بن عمرَان البصرى مُتَقَدم، يرْوى عَن زيد بن الْحباب، وَغَيره، وَله " غَرِيب الْمُوَطَّأ ".
وَالْحسن بن معَاذ بن حَرْب بصرى كَانَ يُسمى الغلاس، وَأَبُو الْخطاب عبد الرَّحْمَن بن عبد الْمجِيد الْمَذْكُور فى كتاب سِيبَوَيْهٍ، وَأَبُو الْحسن سعيد بن مسْعدَة، صَاحب سِيبَوَيْهٍ، وراوى كِتَابه عَنهُ، وَأَبُو الْحسن على بن سُلَيْمَان بن الْفضل، صَاحب ثَعْلَب والمبرد، وَيُقَال لَهُ: الْأَخْفَش الصَّغِير، والذى قبله الْأَوْسَط، والذى قبليهما الْكَبِير، وَمن الْقُرَّاء أَبُو عبد الله هَارُون بن مُوسَى بن شريك الْكَبِير، وَمُحَمّد بن خَلِيل أَبُو بكر الدمشقى الْأَخْفَش الصَّغِير، وشخص من فُقَهَاء الْمَالِكِيَّة، يُقَال لَهُ: عبد الْملك بن سُفْيَان بن مَرْزُوق اللخمى السكندرى، وَآخر فى وسط الْمِائَة السَّابِعَة، اسْمه مُحَمَّد بن عبد القوى بن عبد الله بن على الشَّاعِر الْكَاتِب.
[والرضى] وَهُوَ بِفَتْح الضَّاد، على بن مُوسَى الكاظم، وبكسرها أَبُو الْحسن مُحَمَّد ابْن أَبى الطَّاهِر الموسوى، الشريف، الشَّاعِر، الْمَشْهُور، ولقب بهَا بعده جمَاعَة سوى من يُقَال لَهُ رضى الدّين.

(1/253)


وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن البصرى، كَانَ نحويا لقب بذلك ابْن الأعرابى [/ 178] وَقد لقب بِهِ الطبرانى، وَمُحَمّد بن عبد الله بن أَبى بشر الهروى، وعَلى بن يُوسُف الْمُحْتَسب، بشير بن بصرى الأَصْل، حدث عَن بكر بن سُهَيْل.
وَمن الثانى: [الشافعى] وَهُوَ إِمَام الْمَذْهَب، مُحَمَّد بن إِدْرِيس بن الْعَبَّاس بن عُثْمَان بن شَافِع، إِلَيْهِ انتسب ابْن عَمه أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْعَبَّاس، وجده لأمه مُحَمَّد بن على بن شَافِع.
[والنسائى] ، وَهُوَ بِفَتْح النُّون وَالسِّين، وَبعد الْألف همزَة نِسْبَة لمدينة بخرسان، يُقَال لَهَا: " نسا "، وينسب إِلَيْهَا نسوى، وهم جمَاعَة مِنْهُم صَاحب السّنَن: أَبُو عبد الرَّحْمَن أَحْمد بن شُعَيْب بن على بن بَحر بن سِنَان.
والشاطبى نِسْبَة لشاطبة من بِلَاد الأندلس، هم جمَاعَة مِنْهُم صَاحب القصيدة فى الْقرَاءَات الْمُسَمَّاة: " حرز الأمانى وَوجه التهانى "، الَّتِى أتقنها وأبدع فِيهَا، أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بن فيرة بن أَبى الْقَاسِم خلف بن مُحَمَّد الرعينى الضَّرِير الْمُقْرِئ.