اللطائف من دقائق المعارف في علوم الحفاظ الأعارف اللطائف من دقائق المعارف
في علوم الحفاظ الأعارف
تأليف
الإمام الحافظ أبي موسى محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى المديني
المتوفى 581 هـ
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه
أبو عبد الله محمد علي سمك
منشورات
محمد علي بيضون
دار الكتب العلمية
بيروت - لبنان
الطبعة الأولى
1420 هـ - 1999 م
(/)
الجزء الأول من كتاب
((اللطائف من علوم المعارف))
مما أملاه الشيخ الإمام الحافظ أبو موسى محمد بن أبي بكر بن
أبي عيسى المديني حفظه الله مما لم يسبق إليه نفعه الله تعالى
والمسلمين به
(1/15)
بسم الله الرحمن الرحيم (رب يسر وأعن واختم
بخير وعافية)
حدثنا الشيخ الإمام الحافظ محيي السنة نور الأئمة شمس الحفاظ
أبو موسى محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى المديني حرسه الله،
وأبقاه إملاءً من لفظه يوم السبت الثاني من رجب سنة سبع
وأربعين وخمسمائة [قال] :
الحمد لله [رب العالمين] حمد الشاكرين حتى يرضى ربنا وبعد
الرضى، وصلواته وسلامه على نبيه محمد كما ينبغي وعلى آله أما
بعد:
فهذه أنواع لطاف من علم الحديث لا يهتدي إلى مثلها إلا النحرير
من الحفاظ، جمعتها وسميتها ((كتاب اللطائف من دقائق المعارف في
علوم الحفاظ الأعارف)) رجاء أن ينتفع به من يريد معرفة هذا
الشأن وبالله -عز وجل- أستعين وعليه أتوكل فلا حول ولا قوة إلا
به، فمن ذلك:
(1/17)
[1] باب رواية رجلين
كل واحد منهما عن الآخر وشيخ المروي عنه في روايتهما واحد
نبدأ بالصحابة
رواية الفاروق الأزهر عن الصديق
الأكبر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
1- أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد الواحد بن
الحصين، وأبو المواهب أحمد بن محمد بن ملوك الوراق ببغداد
جميعاً -رحمهم الله- قالا: أنا أبو الطيب طاهر بن عبد الله
الطبري القاضي، ثنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن الغطريف، ثنا أبو
خليفة الجمحي، ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، عن جويرية عن
مالك، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر بن الخطاب
عن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: ((لا نورث ما تركنا صدقة)) .
قال الإمام: هذا حديث صحيح أخرجه مسلم بن الحجاج في صحيحه من
رواية [ص:19] جويرية في حديث طويل، ويعد في أفراده عن مالك،
وقد روي عن عمر بن مرزوق أيضاً عن مالك.
(1/18)
2- أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الله بن
مندويه سنة خمس وخمسمائة، ثنا أحمد بن عبد الله أبو نعيم، ثنا
أبو بكر أحمد بن يوسف بن خلاد العطار، ثنا أبو محمد الحارث عن
أبي أسامة، ثنا عبد الله بن عمرو بن أبي أمية، أنا أبو عوانة،
ثنا عاصم بن كليب الجرمي، ثنا نفر من بني تيم أو تميم أنهم
كانوا عند عبد الله بن الزبير فقال: حدثنا عمر بن الخطاب، قال:
حدثني أبو بكر الصديق -رضي الله عنهم- قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ((لم يمت نبي قط حتى يؤمه رجل من أمته)) .
هذا حديث غريب لم نكتبه إلا بهذا الإسناد.
(1/19)
رواية الصديق عن
الفاروق رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
3- أخبرنا أبو الفتح إسماعيل بن الفضل السراج، أنبأ أبو طاهر
بن عبد الرحيم، أنبأ علي بن عمر الحافظ، ثنا أبو محمد الحسن بن
أحمد بن سعيد الرهاوي، ثنا العباس بن عبيد الله بن يحيى، ثنا
أبو محمد أنس بن أبي أنيسة الرهاوي، ثنا الوليد بن مسلم، عن
يزيد بن سعيد بن ذي عصوان، عن عبد الملك بن عمير، عن رافع
[ص:20] ابن عمرو الطائي عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أن
عمر -رضي الله عنه- قال للأنصار يوم السقيفة: أتعلمون أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس قالوا:
نعم، قال: فأيكم تطيب نفسه أن يؤم أبا بكر؟! قالوا: لا أينا.
رواه عن يزيد غير الوليد أيضاً.
(1/19)
رواية ذي النورين عن
الفاروق رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
4- أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد، وأبو منصور بن
مندويه، قالا: ثنا أبو نعيم الحافظ ثنا أبو بكر بن خلاد، ثنا
الحارث بن أبي أسامة، ثنا عبد الوهاب بن عطاء، ثنا سعيد بن أبي
عروبة، عن قتادة، عن مسلم بن يسار، عن حمران بن أبان عن عثمان
بن عفان عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد
حقاً إلا (حرم على) النار لا إله إلا الله)) .
رواه يزيد بن زريع هكذا عن سعيد وذكر فيه قصة، وهو صحيح من
حديث حمران، أخرجه مسلم في صحيحه من مسند عثمان لم يذكر فيه
عمر، ولا يعلم أحد ذكر فيه مسلم بن يسار غير سعيد، ورواه أيوب
أبو العلاء عن قتادة عن حمران، وقيل: إن قتادة لم يسمع من مسلم
بن يسار شيئاً.
(1/20)
رواية الفاروق عن ذي
النورين رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
5- أخبرنا إسماعيل السراج، أنا أبو طاهر بن عبد الرحيم، أنبأ
أبو الحسن الدارقطني ثنا محمد بن أحمد بن إسحاق، ثنا محمد بن
أبي الحسن العبسي، ثنا العلاء بن عمرو الحنفي، ثنا النضر بن
منصور، ثنا عقبة بن علقمة اليشكري، قال: سمعت علي بن أبي
[ص:21] طالب –رضي الله عنه- يقول: أخبرني عمر بن الخطاب –رضي
الله عنه- أنه مر بعثمان –رضي الله عنه- وهو كئيب حزين حين
أصيب بزوجته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال: إني
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كل سبب ونسب منقطع
يوم القيامة إلا سببي ونسبي)) .
لم يروه بهذا الإسناد غير النضر.
(1/20)
رواية أبي بكر
الصديق رضي الله عنه عن بلال رضي الله عنه [عن النبي صلى الله
عليه وسلم]
6- أخبرنا أبو الحسين علي بن هاشم بن طاهر العلوي، وأبو بكر
محمد بن أبي القاسم القصار، وأبو غالب أحمد بن العباس –رحمهم
الله- قالوا: أنا أبو بكر بن ريذة، (ح) وأخبرنا أبو علي بن
الحداد، ثنا أبو نعيم قالا: نا سليمان بن أحمد، ثنا عبد الرحمن
بن محمد بن سلم الرازي، ثنا الهيثم بن اليمان، ثنا أيوب بن
سيار عن ابن المنكدر عن جابر عن أبي بكر عن بلال –رضي الله
عنهم- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا بلال أصبحوا
بالصبح فإنه خير لكم)) .
غريب من حديث ابن المنكدر لم يروه عنه إلا أيوب.
(1/21)
رواية بلال عن
الصديق رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
7- أخبرنا إسماعيل السراج، أنا أبو طاهر [بن] عبد الرحيم، أنا
أبو الحسن الدارقطني، ثنا محمد بن مخلد بن حفص، ثنا إبراهيم بن
إسحاق عن بشير الحربي، ثنا أسيد بن زيد الحمال، ثنا عمرو بن
شمر، عن عمران بن مسلم، عن سويد بن غفلة، عن بلال، قال حدثني
أبو بكر -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
[يقول] : ((لا يتوضأ من طعام أحل الله تعالى أكله)) .
غريب لم يروه غير عمرو بن شمر وليس بالقوي، رواه غير واحد عنه.
(1/22)
رواية عبد الرحمن بن
عوف عن الفاروق رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
8- أخبرنا أبو علي الحداد سنة سبع، ثنا أبو عمر عبد الوهاب بن
محمد بن علي بن مهرة، ثنا سليمان بن أحمد الطبراني، ثنا بكر بن
أحمد بن مقبل البصري، نا محمد بن يزيد الأسفاطي، ثنا أبو داود
الطيالسي. (ح) قال الطبراني: وحدثنا محمد بن عبدوس بن كامل ثنا
يعقوب بن إبراهيم الدورقي، نا محمد بن جعفر، قالا: ثنا شعبة،
عن سعد بن إبراهيم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن
عباس عن عبد الرحمن بن عوف عن عمر بن الخطاب –رضي الله عنهم-
قال: ((رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده)) .
كذا رواه غير واحد عن شعبة، وكذلك رواه هشيم عن الزهري عن عبيد
الله، وقال غيره من أصحاب الزهري: عن ابن عباس عن عمر لم
يذكروا عبد الرحمن.
(1/22)
رواية الفاروق عن
عبد الرحمن رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
9- أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، أنا أبو أحمد عبد
الواحد بن أحمد المعلم، أنا عبيد الله بن يعقوب بن إسحاق، أنا
جدي إسحاق بن إبراهيم بن جميل، ثنا أحمد بن منيع، ثنا أبو
معاوية عن حجاج يعني ابن أرطاة عن عمرو بن دينار عن بجالة بن
عبدة قال: كنت كاتباً لجزي بن معاوية على مناذر فجاءنا كتاب
عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: ((انظر مجوس هجر من قبلك فخذ
منهم الجزية)) فإن عبد الرحمن بن عوف- رضي الله عنه- أخبرني
((أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس أهل هجر)) .
لم يسنده عن عمر عن عبد الرحمن غير حجاج، ورواه ابن عيينة وابن
جريج عن عمرو عن بجالة عن عبد الرحمن في قصة لعمر.
(1/23)
10- أخبرنا أبو نصر عبد الحكيم بن المظفر
الفحفحي الأديب بالكرخ، ثنا غانم بن محمد بن عبد الله بأصبهان،
ثنا المفضل بن الحسين بن هارون، ثنا أحمد بن محمد بن بكر
أنشدنا الرياشي لبعض الشعراء:
ما من روى أدباً فلم يعمل به ... فكيف عن وقع الهوى بأديب
حتى يكون بما تعلم عاملاً ... من صالح فيكون غير معيب
لقلما ولقلما تحدث إصابة ... صائب أعماله أعمال غير مصيب
[آخر المجلس] .
(1/23)
مجلس آخر أملي يوم السبت العاشر من رجب سنة
سبع وأربعين وخمسمائة قال:
رواية عائشة الصديقة عن الصديق رضي
الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
11- أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد بقراءة والدي عليه
رحمهما الله سنة سبع وخمسمائة، ثنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله
الحافظ، ثنا أبو بكر محمد [بن أحمد بن] إبراهيم بن سختويه
المعدل بتستر، ثنا الحسين بن إسماعيل، ثنا الفضل بن سهل، ثنا
عبد العزيز بن أبان، ثنا عمرو الجعفي أبو عبد الله، ثنا جابر،
عن عامر، عن مسروق عن عائشة، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من رد الله به
خيراً يفقهه في الدين)) .
قال أبو نعيم: غريب من حديث أبي بكر رضي الله عنه، تفرد به
الجعفي عن جابر، وهو جابر بن يزيد الجعفي.
(1/24)
12- أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الله بن
مندويه، ثنا أبو نعيم الحافظ، ثنا أبو بكر بن خلاد، نا الحارث
بن [أبي] أسامة، ثنا عبد العزيز بن أبان، ثنا عمر وهو ابن شمر،
ثنا جابر، عن عامر، عن مسروق، عن عائشة قالت: قال أبو بكر –رضي
الله عنهما-: لقد رأيتني أتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم
وما خلق الله تعالى ذباباً [يمر] على أنفي إلا ظننت أنه عذاب
من الله –عز وجل- حتى أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم
الخبر)) .
وهذا أيضاً غريب في مسند الصديق لا أعلم أني كتبته إلا من هذا
الوجه، ولم يورده أبو إسحاق بن حمزة في مسند الشعبي، وهذا أعلى
من الحديث الأول.
(1/24)
رواية الصديق عن
عائشة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
13- أخبرنا أبو علي الحداد، ثنا أبو نعيم الحافظ، نا سليمان بن
أحمد، ثنا أحمد بن يحيى عن خالد بن حيان، ثنا إسحاق بن إبراهيم
بن موسى أبو يعقوب المصري ثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل،
عن منصور، عن مجاهد، عن خالد بن سعيد، عن غالب بن أبجر، عن أبي
بكر الصديق، عن عائشة رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: ((في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام))
.
قال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن أبي بكر عن عائشة إلا
بهذا الإسناد، تفرد به عبيد الله بن موسى. كذا ذكره الطبراني
وفيه أوهام في مواضع أربعة:
منها: إدخال مجاهد في الإسناد وليس بمحفوظ فيه. ومنها: أنه
قال: خالد بن سعيد وإنما هو ابن سعد. ومنها: قوله عن أبي بكر
الصديق وإنما هو أبو بكر عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد
الرحمن بن أبي بكر الصديق. والرابع: إدخال غالب بن أبجر في
الإسناد، وإنما هو غالب مذكور في الحديث وليس في الإسناد.
رواه محمد بن يزيد أخو كرخويه والحسن بن علي بن عفان وأحمد بن
حازم بن أبي غرزة وغير واحد عن عبيد الله على الصحة والصواب؛
أخرجه أبو عبد الله البخاري، وأبو عبد الله ابن ماجد القزويني
عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن موسى عن إسرائيل.
(1/25)
14- أخبرنا به عالياً صحيحاً أبو القاسم
غانم بن أبي نصر المبرحي سنة سبع وأبو علي الحداد سنة أربع
وسنة ست، أنا أبو نعيم، وأنا غانم أيضاً، أنا أبو عبد الله
الجمال إجازة قالا: ثنا عبد الله بن جعفر، ثنا أبو مسعود
الرازي، ثنا عبيد الله بن موسى، ذكر إن شاء الله عن إسرائيل،
عن منصور، عن خالد بن سعد قال: خرجنا ومعنا غالب بن أبجر فمرض
في الطريق، فقدمنا المدينة وهو مريض، فعاده ابن أبي عتيق أبو
بكر فقال لنا: عليكم بهذه الحبيبة السوداء فخذوا منها سبعاً أو
خمساً واسحقوها واقطروها في أنفه [ص:26] بقطرات من زيت في هذا
الجانب وهذا الجانب فإن عائشة –رضي الله عنها- حدثتني أنها
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن هذه الحبة شفاء من
كل داء إلا أن يكون السام)) .
وخالد بن سعد رجل من أهل الكوفة من موالي ابن مسعود الأنصاري،
وقد روي من وجه آخر ضعيف فذكر فيه أيضاً أبو بكر الصديق ولا
يصح.
وهكذا أورده الدارقطني وأبو بكر الخطيب في ترجمة أبي بكر
الصديق عن عائشة -رضي الله عنهما- ثم ذكر أن الصديق فيه غير
محفوظ. وقد روي عن الصديق عن عائشة -رضي الله عنهما- حديث آخر
اختلف في إسناده أيضاً.
(1/25)
رواية ابن عمر عن
ابن عباس رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم
15- أخبرنا أبو علي الحداد، ثنا أبو نعيم الحافظ، ثنا سليمان
بن أحمد، ثنا أحمد بن القاسم بن مساور، ثنا سعيد بن سليمان
الواسطي، ثنا مبارك بن فضالة، ثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع،
عن ابن عمر –رضي الله عنهما- قال: لما طعن أبو لؤلؤة عمر –رضي
الله عنه- طعنه طعنتين، فظن عمر أن له ذنباً إلى الناس لا
يعلمه، فدعا ابن عباس –رضي الله عنهما- وكان يحبه ويدنيه ويسمع
منه فذكر حديثاً طويلاً فقال ابن عباس –يعني لعمر-: ((وإن قلت
ذاك فجزاك الله خيراً، أليس قد دعا رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن يعز الله –عز وجل- بك الدين والمسلمين إذ يخافون بمكة،
فلما أسلمت كان إسلامك عزاً، وظهر بك الإسلام ورسول الله صلى
الله عليه وسلم وأصحابه وهاجرت إلى المدينة فكانت هجرتك
فتحاً..)) وذكر الحديث.
[ص:27]
قال الطبراني: لم يروه عن عبيد الله إلا مبارك، وعنى الطبراني
بذلك إدخال ابن عباس في الحديث، ورواه غيره عن عبيد الله،
فجعله من مسند ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه
وسلم أعني الدعاء لعمر رضي الله عنه وهو عال من حديث مبارك بن
فضالة، وعداده في التابعين.
(1/26)
رواية ابن عباس عن
ابن عمر رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم
16- أخبرنا إسماعيل بن الفضل السراج، ثنا أبو طاهر بن عبد
الرحيم، أنا أبو الحسن الدارقطني الحافظ، ثنا محمد بن محمد بن
أحمد بن مالك الإسكافي، نا جعفر بن محمد بن شاكر، ثنا خالد بن
يزيد القرني (ح) قال الدارقطني: وثنا أبو القاسم إبراهيم بن
أحمد بن أبي حصين القاضي بالكوفة، حدثني جدي أبو حصين محمد بن
الحسن بن حبيب الوادعي واللفظ له، ثنا أحمد بن يونس قالا: ثنا
أبو شهاب، عن ابن أبي ليلى يعني محمد بن عبد الرحمن، عن الحكم،
عن مقسم، عن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: كنت في جنازة ابنة
عثمان ومعها ابن عمر رضي الله [عنهم] فسمع بكاءً فقال إني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الميت ليعذب ببكاء
الحي)) .
قال ابن عباس: فأفظعني ذلك، فدخلت على عائشة –رضي الله عنها-
فأخبرتها بذلك فقالت: لقد سمع وما حفظ، إنما قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ((إن الكافر ليزداد عذاباً ببكاء أهله [عليه]
)) .
قال الدارقطني: تفرد به ابن أبي ليلى عن الحكم والله تعالى
أعلم.
وقد روي هذا عن ابن عمر [عن عمر] وعن عائشة عن أبي بكر رضي
الله عنهم جميعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه مجاهد
ومقسم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وإسكاف، وقرن -بسكون الراء- قريتان قريبتان من بغداد.
(1/27)
رواية عائشة عن ابن
عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
17- أخبرنا إسماعيل السراج، أنا أبو طاهر [أنا] الدارقطني، ثنا
إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا علي بن داود، ثنا سعيد بن عفير،
ثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة عن ابن عباس
-رضي الله عنهم-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نسي صلاتي
الظهر والعصر يوم الأحزاب فذكرهما بعد المغرب فقال النبي صلى
الله عليه وسلم: ((شغلونا عن الصلاة حتى ذهب النهار وأنسيت
الصلاة، أدخل الله بيوتهم ناراً، فصلاها بعد المغرب حين
ذكرها)) .
[روي ذلك عن عروة عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم]
.
(1/28)
رواية ابن عباس عن
عائشة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم
ذكرناها في ترجمة ابن عباس عن ابن عمر.
18- أخبرنا أبو سعد محمد بن علي الكاتب وغيره قالا: أنا أبو
نعيم الحافظ، أنشدنا عبد الله بن جعفر بن إسحاق الجابري،
أنشدنا عبد الله بن المعتز:
ما عابني إلا الحسود ... وتلك من خير المعايب
والخير والحساد مقرونان ... إن ذهبوا فذاهب
وإذا ملكت المجد لم ... تملك مذمات الأقارب
وإذا فقدت الحاسدين ... فقدت في الدنيا الأطايب
[آخر المجلس] .
(1/28)
مجلس آخر أملي يوم السبت السابع عشر من رجب
سنة سبع وأربعين وخمسمائة قال:
رواية جابر بن عبد الله عن أبي
سعيد الخدري رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
19- أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الله بن مندويه، ثنا أبو
نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، نا أبو بكر أحمد بن يوسف بن
خلاد العطار، ثنا الحارث بن أبي أسامة التميمي، ثنا عفان، ثنا
حفص بن غياث، ثنا الأعمش، عن أبي سفيان عن جابر عن أبي سعيد
الخدري –رضي الله عنهما-: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
صلى على حصير)) قيل للأعمش: أكان يسجد عليه؟ قال: فمه.
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم في صحيحه من حديث الأعمش، وأبو سفيان
اسمه طلحة بن نافع وهو من الشيوخ الذين لم يخرج البخاري عنهم.
(1/29)
رواية أبي سعيد عن
جابر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
20- أخبرنا إسماعيل بن الفضل التاجر، أنا أبو طاهر بن عبد
الرحيم، أنا أبو الحسن علي بن عمر، ثنا أبو بكر الآدمي أحمد بن
محمد بن إسماعيل الشيخ الصالح، ثنا الحسن بن سعيد البستنبان،
ثنا داود بن المحبر، ثنا عباد بن كثير، عن الجريري، عن أبي
نضرة عن أبي سعيد عن جابر بن عبد الله –رضي الله عنهم- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الغيبة أشد من الزنا)) .
قال: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: ((إن الزاني يتوب إلى الله
–عز وجل- ويستغفره فيغفر له، والغيبة لا تغفر حتى يكون صاحبها
الذي يغفرها)) .
هذا حديث غريب لا أعرفه هكذا إلا من هذا الوجه، ورواه أبو رجاء
عبد الله بن واقد الهروي عن عباد فقال عن جابر وأبي سعيد –رضي
الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1/29)
رواية أنس عن جابر
رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
21- أخبرنا أبو علي الحداد، ثنا أبو نعيم الحافظ، ثنا عبد الله
[بن] جعفر، أنا إسماعيل بن عبد الله، (ح) قال أبو نعيم: وثنا
سليمان بن أحمد، ثنا معاذ بن المثنى، قالا: ثنا محمد بن كثير،
(ح) قال أبو نعيم: وثنا القاضي أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد
بن إبراهيم، ثنا أحمد بن سليمان بن أيوب، ثنا محمد بن عبد
الملك بن أبي الشوارب قالا: ثنا جعفر بن سليمان، عن الجعد أبي
عثمان، عن أنس، عن جابر –رضي الله عنهما- أن أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم شكوا إليه العطش فدعا بعس ودعا بماء فصبه فيه
فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في العس فقال:
((استقوا)) فرأيت الماء ينبع عيوناً من بين أصابع رسول الله
صلى الله عليه وسلم حتى استقى الناس.
رواه سيار بن حاتم عن جعفر مثله.
(1/30)
رواية جابر عن أنس
رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
22- أخبرنا إسماعيل السراج، أنا أبو طاهر الكاتب، أنا
الدارقطني ثنا محمد بن مخلد ومحمد بن محمد بن مالك الإسكافي
قالا: ثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي، حدثني ابن عفير،
حدثني ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر، عن أنس بن مالك –رضي
الله عنهما- أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة
القدر وقد خلت ثنتان وعشرون ليلة فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ((التمسوها في السبع الأواخر التي يبقين من الشهر)) .
وقال ابن مخلد: في هذه السبع الأواخر. قال الدارقطني: تفرد به
ابن لهيعة عن أبي الزبير بهذا الإسناد.
(1/30)
رواية ابن عباس عن
جابر رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم
23- أخبرنا السيد أبو القاسم عباد بن محمد بن المحسن الجعفري
–رحمه الله- إذناً، أنا أبو أحمد محمد بن علي المعلم، ثنا أبو
محمد بن حيان، ثنا إسحاق بن إبراهيم (ح) وأخبرنا إسماعيل بن
الفضل، أنا أبو طاهر [بن] عبد الرحيم، أنا علي بن عمر، ثنا أبو
عثمان سعيد بن محمد بن أحمد الحناط قالا: ثنا أبو هشام الرفاعي
محمد بن يزيد، ثنا أبو بكر بن عياش، ثنا الكلبي عن أبي صالح،
عن ابن عباس، حدثني جابر بن عبد الله رضي الله عنهم: أن النبي
صلى الله عليه وسلم قرأ: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب
دعوة الداع إذا دعان} الآية، فقال: ((اللهم أمرت بالدعاء
وتكفلت بالإجابة لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن
الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، أشهد أنك ربي واحد صمد،
لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، وأشهد أن وعدك حق،
ولقاءك حق والجنة حق، والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها،
وأن الله يبعث من في القبور)) .
قال الدارقطني: لا أعلم بهذا الإسناد غير هذا الحديث، ولم يروه
إلا الكلبي وهو محمد بن السائب أبو النضر.
(1/31)
رواية جابر عن ابن
عباس رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم
24-أخبرنا إسماعيل بن الفضل، أنا أبو طاهر [بن] عبد الرحيم،
أنا أبو الحسن الدارقطني، ثنا أبو علي إسماعيل بن العباس بن
محمد [الوراق] ، ثنا أبو عبد الرحمن يحيى بن محمد بن أعين
المروزي، ثنا أزهر بن سعيد السمان، عن سليمان التيمي، عن خداش،
عن أبي الزبير، عن جابر، عن ابن عباس –رضي الله عنهم-: أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا استلقى أحدكم فلا يضع
إحدى رجليه على الأخرى)) .
(1/31)
25- (ح) وبهذا الإسناد عن جابر عن ابن عباس
رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليدخلن
الجنة من بايع تحت الشجرة إلا صاحب الجمل الأحمر)) .
كذا رواهما هذا الشيخ عن أزهر، أسندهما عن ابن عباس، ويتابعه
غيره عن أزهر، وعن سليمان أيضاً، ومنهم من يجعله من مسند جابر،
وخداش هو ابن عياش العبدي، بصري لا أعرفه إلا برواية سليمان
عنه. وحديث الاستلقاء ذكر الحافظ أبو عبد الله بن منده أنه
منسوخ بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك.
(1/32)
رواية ابن عباس عن
أبي سعيد الخدري رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم
26- أخبرنا إسماعيل السراج، أنا أبو طاهر الكاتب، أنا
الدارقطني، ثنا إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا محمد بن عبد الملك
الدقيقي، ثنا يزيد بن هارون، أنا سليمان بن علي الربعي، حدثني
أبو الجوزاء غير مرة، قال: سألت ابن عباس عن الصرف؟ [فقال:]
يداً بيد لا بأس به، ثم حججت مرة أخرى، والشيخ حي، فأتيته،
فسألته عن الصرف؟ فقال: وزناً بوزن، قلت: إنك كنت أفتيتني
اثنين بواحد، فلم أزل أفتي به [منذ] أفتيتني، قال ذاك كان عن
رأي، وهذا أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- يحدث عن النبي صلى
الله عليه وسلم فتركت رأيي لحديث رسول الله صلى الله عليه
وسلم.
قال الدارقطني: هذا حديث صحيح.
(1/32)
رواية أبي سعيد عن
ابن عباس رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم
وهاتان الترجمتان لهما نظائر في الصحابة وغيرهم.
27- أخبرنا أبو غالب الكوشيذي، أنا أبو بكر بن ريذة، أنا
الطبراني، ثنا موسى بن هارون، ثنا إسحاق بن راهويه، ثنا يحيى
بن آدم، ثنا إسرائيل عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي سعيد قال:
لقيت ابن عباس رضي الله عنهم، فقلت: ما الذي بلغني عنك أدركت
ما لم ندرك؟! أو سمعت ما لم نسمع؟ قال: لا، قلت: فما تقول في
الدراهم بالدراهم، فقال: ثنا أسامة بن زيد –رضي الله عنهما-
أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا رباً في يد
بيد إنما الربا في الدين)) .
هذا حديث صحيح، إلا [أنه] منسوخ بالحديث الذي قبله، أخرجه
البخاري ومسلم [ص:33] من حديث عمرو بن دينار عن أبي صالح،
ورواه عن أبي صالح سوى هذين الأعمش وعبد الملك بن ميسرة وحبيب
بن أبي ثابت.
(1/32)
28- أخبرنا صاعد بن سيار الهروي الحافظ،
قدم علينا بقراءة والدي عليه –رحمهما الله- سنة تسع، قال:
أنشدني أبو نصر أحمد بن عبد الله المقري، أنشدني أبو سيار أحمد
بن محمد الكرميني –بفتح الكاف والراء- لنفسه:
أذل النفس تكتسب السعادة ... وعودها التقى فالخير عاده
أجاب أخو الهوى دعةً دعته ... فباع بخفض عيشته معاده
[آخر المجلس] .
(1/33)
مجلس آخر أملي يوم السبت الرابع والعشرين
من رجب سنة [سبع و] أربعين وخمسمائة قال:
ومن التابعين ومن بعدهم من هذا
النوع رواية عطاء الخراساني عن الزهري عن سعيد بن المسيب
29- أخبرنا أبو غالب أحمد بن العباس الكوشيذي رحمه الله في
محرم سنة خمس وخمسمائة، أنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة،
أنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن [ص:34] أيوب الطبراني
الحافظ، ثنا عبد الله بن سليمان الحرملي الأنطاكي، ثنا يعقوب
بن كعب الحلبي، ثنا كلثوم بن محمد بن أبي منده، عن عطاء
الخراساني، عن محمد بن مسلم الزهري، عن عروة بن الزبير، وعبيد
الله، وسعيد بن المسيب، وعلقمة بن وقاص، عن عائشة رضي الله
عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى سفر
أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، قالت: فأقرع
بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي، فخرجت مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم وذلك بعد ما أنزل الحجاب، فأنا أحمل في هودج وأنزل
فيه، حتى إذا قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم ودنا من
المدينة أذن بالرحيل، فقمت حين آذن بالرحيل فمشيت حتى إذا
جاوزت الجيش لقضاء حاجتي فلمست صدري فإذا عقد لي من أظفار قد
انقطع، فرجعت ألتمسه، وحبسني ابتغاؤه، وأقبل الرهط الذين كانوا
يحملون هودجي فرحلوه على بعيري وهم يحسبون أني فيه. وكن النساء
إذ ذاك خفافاً لم يهبلن، وإنما كنا نأكل العلقة من الطعام،
وكنت جارية حديثة السن فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه
على بعيري، فساروا فجئت المنزل وليس به منهم داع ولا مجيب،
فيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أنهم سيرجعون في طلبي، قالت:
فبينما أنا قاعدة إذا غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل
السلمي ثم الذكواني رضي الله عنه من وراء الجيش، فأدلج فأصبح
في المنزل فرأى سواد إنسان نائم، فعرفني؛ وقد كان رآني قبل أن
ينزل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه فخمرت بجلبابي وجهي، والله ما
كلمته، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، حتى أناخ بعيره
فركبته، فأتينا الناس في بحر الظهيرة، فهلك من هلك، وكان الذي
تولى كبره منهم عبد الله بن أبي [بن] سلول، قالت: فسرنا حتى
قدمنا المدينة، فاشتكيت شهراً لا أشعر بما قالوا، وهو يريبني
من رسول الله صلى الله عليه وسلم أني لا أعرف منه اللطف الذي
كنت أرى منه إنما يدخل علي يقول: ((كيف تيكم؟)) ، ولا يزيد على
ذلك حتى خرجت قبل المناصع وخرجت معي أم مسطح، وكنا لا نخرج إلا
ليلاً إلى ليل، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها قريباً من بيوتنا،
فأمرنا أمر العرب الأول، فلما انصرفنا عثرت أم مسطح في مرطها
أو بمرطها فقالت: تعس مسطح، فقلت لها: [ص:35] بئس ما قلت؛
أتسبين رجلاً شهد بدراً؟ قالت: وما علمت ما قال؟ (قلت: وما
قال؟) فأخبرتني بقول أهل الإفك فزادني مرضاً على ما كان، قالت:
وكانت أم مسطح بنت صخر ابن عامر خالة أبي بكر الصديق رضي الله
عنهما، وكان ابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد
مناف، قالت عائشة رضي الله عنها: فبكيت ليلتين ويوماً حتى ظننت
أن البكاء فالق كبدي، قال: فلما استلبث رسول الله صلى الله
عليه وسلم الوحي دعا أسامة بن زيد وعلي بن أبي طالب رضي الله
عنهما، يستشيرهما في فراق أهله، فقال أسامة بن زيد: يا رسول
الله أهلك وما علمنا إلا خيراً، وقال علي: لم يضيق الله عليك
والنساء كثير [سواها] فإن تسل الجارية تصدقك، قالت: فدعا رسول
الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال: ((يا بريرة هل رأيت عن
عائشة شيئاً تكرهينه؟)) قالت: لا والذي بعثك بالحق ما رأيت
عليها أمراً أغمضه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام
عن عجين أهلها فتدخل الداجن فتأكله، قالت: وقد كانت امرأة أبي
أيوب قالت لأبي أيوب رضي الله عنهما: أما سمعت ما تحدث الناس،
فحدثته بقول أهل الإفك، فقال: سبحانك ما يكون لنا أن نتكلم
بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم، فقام رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال: ((يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه
في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً
صالحاً ما كان يدخل على أهلي إلا معي)) ، فقام سعد بن معاذ رضي
الله عنه فقال: أنا أعذرك منه يا رسول الله، إن كان من الأوس
ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك
فيه، فقام سعد بن عبادة رضي الله عنه، وكان قبل ذلك رجلاً
صالحاً ولكن احتملته الحمية، فقال لسعد بن معاذ: كذبت لعمر
الله لا تقدر على قتله، فقدم أسيد بن حضير رضي الله عنه -وهو
ابن عم سعد بن معاذ- فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله
لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فتناور الحيان حتى
هموا أن يقتتلوا، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
حجز بينهم، قالت: فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علي وعندي
أبواي وقد كانت امرأة من الأنصار دخلت علي فهي تساعدني، قالت:
فجلس ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل، فقال: ((أما بعد يا
عائشة، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك
الله عز وجل ببراءتك، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله عز وجل
وتوبي إليه)) قالت: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم
مقالته فاض دمعي حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب رسول
الله صلى الله عليه وسلم فيما قال. فقال: والله ما أدري ما
أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت لأمي: أجيبي رسول
الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، فقالت أمي: وما أدري ما
أقول لرسول [ص:36] الله صلى الله عليه وسلم، قالت: وكنت جارية
حديثة السن [لم] أقرأ كبيراً من القرآن، فقلت: والله لئن
اعترفت لكم بأمر، والله عز وجل يعلم أني بريئة منه لتصدقنني،
ولئن قلت: إني بريئة لا تصدقوني، والله ما أجد لي ولكم مثلاً
إلا ما قال أبو يوسف: {فصبرٌ جميل والله المستعان على ما
تصفون} ، قالت: ثم تحولت والله –يعني- يعلم أني بريئة، ولشأني
كان أصغر في نفسي من أن ((ينزل في قرآناً)) ، قالت: ولكني كنت
أرجو أن يري الله رسوله صلى الله عليه وسلم في منامه رؤيا
يبرئني فيها، قالت: فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه
وسلم مجلسه، ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أخذته البرحاء قالت:
وكان إذا أوحي [إليه] أخذته البرحاء حتى إنه لينحدر منه مثل
الجمان من العرق في اليوم الشاتي، قالت: فسري عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم حين سري عنه، فكان أول كلمة تكلم بها قال:
((أما الله عز وجل فقد برأك [يا] عائشة)) فقالت لي أمي: قومي
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: والله لا أقوم إليه
ولا أحمد على ذلك إلا الله، فأنزل الله جل ذكره: {إن الذين
جاءوا بالإفك عصبة منكم} إلى قوله: {سميع عليم} ، وكان أبو بكر
الصديق رضي الله عنه ينفق على مسطح لفاقته وقرابته، فلما تكلم
بما تكلم به قال: والله لا أنفق عليه شيئاً أبداً. فأنزل الله
عز وجل: {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة} إلى قوله تعالى: {
[ألا تحبون] أن يغفر الله لكم} ، فقال أبو بكر رضي الله عنه:
بلى أنا أحب أن يغفر الله تعالى لي، فرجع إلى مسطح رضي الله
عنه مثل ما كان ينفق عليه، وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم
زينب بنت جحش رضي الله عنها قالت: وكانت هي التي تساميني من
أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فسألها رسول الله صلى الله
عليه وسلم عني، فعصمها الله تعالى بالورع، فقالت: أحمي سمعي
وبصري، ما رأيت عليها شيئاً يريبني، وكانت أخت زينب حمنة
تحاربني فهلكت فيمن هلك.
هذا حديث صحيح من حديث الزهري مشهور من حديث عطاء الخراساني
عنه، رواه عنه غير واحد، غير أن بعضهم أسنده إلى الزهري عن
عروة وحده، وبعضهم قال عن عروة وعلقمة، ورواه شعيب بن رزيق أبو
شيبة، عن عطاء، فجمع إليهما سعيد بن المسيب في إسناده أيضاً.
آخر المجلس وصلى الله على سيدنا محمد وآله.
(1/33)
مجلس آخر أملي يوم السبت غرة شعبان سنة سبع
وأربعين وخمسمائة قال:
رواية الزهري عن عطاء الخراساني عن
سعيد بن المسيب
30- أخبرنا أبو الفتح إسماعيل بن الفضل بن أحمد السراج، أنا
أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم، أنا أبو الحسن علي بن
عمر الحافظ، ثنا إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الديبلي بمكة في
المسجد الحرام، ثنا موسى بن هارون، (ح) قال أبو الحسن: وثنا
محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قالا:
ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا طلحة بن يحيى -يعني- الأنصاري من
ولد النعمان بن أبي عياش الزرقي، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن
ابن شهاب عن عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب قال: قام عمر بن
الخطاب رضي الله عنه في الناس فنهاهم عن أن يتمتعوا بالعمرة
إلى الحج، وقال: ((إن تفردوها حتى تجعلوها في غير أشهر الحج،
ثم لحجكم وعمرتكم)) ، ثم قال: ((وإني لأنهاكم عنها، ولقد فعلها
رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعلتها معه)) .
قال أبو الحسن: تفرد به طلحة عن يونس عن الزهري، وقيل: إن يونس
سمعه من عطاء، والله عز وجل أعلم.
(1/37)
رواية عبد الله بن
أبي مليكة عن عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس رضي الله
عنهما
31- أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد، ثنا الفضل بن محمد
بن سعيد أبو نصر القاساني، ثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن
جعفر بن حيان، أنا محمد بن يحيى المروزي ثنا عبد الأعلى بن
حماد النرسي، ثنا عبد الجبار بن الورد، قال: سمعت ابن أبي
مليكة يقول: سمعت عبد الله بن أبي يزيد يقول: قال ابن عباس رضي
الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس ليوم فضل
على يوم إلا شهر رمضان ويوم عاشوراء)) .
هذا حديث قريب من حديث ابن أبي مليكة واسمه عبد الله بن عبيد
الله بن [عبد [ص:38] الله بن] أبي مليكة زهير بن عبد الله بن
جدعان التيمي -كان قاضياً لابن الزبير على الطائف روي أنه قال:
أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - عن عبيد
الله بن أبي يزيد وهو طائفي، وكانت وفاة ابن أبي مليكة قبل
وفاة ابن أبي يزيد بقليل لا أعلم حدث به عنه غير عبد الجبار بن
الورد، واختلف عنه فرواه عون بن سلام عن عبد الجبار بن عمرو بن
دينار بدل ابن أبي مليكة عن عبيد الله.
(1/37)
رواية عبيد الله بن
أبي يزيد عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس
32- أخبرنا إسماعيل بن الفضل التاجر، أنا أبو بكر أحمد بن
الفضل المقرئ الباطرقاني، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا أحمد بن محمد
بن زياد، ثنا الحسن بن محمد بن الصباح، ثنا سفيان بن عيينة، عن
عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن أبي مليكة قال: دخلنا على ابن
عباس رضي الله عنهما، [فقال: لم أنم الليلة] ، فقلنا له: يا
أبا عباس لم قال: طلع الكوكب ذو الذنب، فخشيت أن يطرق الدخان
ثم قال: سلوني عن سورة البقرة، وسلوني عن سورة يوسف؛ لأني قرأت
القرآن وأنا صغير.
رواه يحيى بن آدم وعلي بن حرب عن سفيان بن عيينة نحوه.
(1/38)
رواية الأعمش عن
سهيل بن أبي صالح عن أبي صالح
33- أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن، وجعفر بن عبد
الواحد الكاتب [ص:39] قالا: أنا محمد بن أحمد بن محمد الكاتب،
أنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا عبدان بن أحمد، ثنا أبو
موسى الأنصاري، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن سهيل بن أبي
صالح، عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: ((لأن يجلس أحدكم على جمرة تحرق ثوبه
وجلده أحب إلي من أن يجلس على قبر)) .
(1/38)
34- أخبرنا الحافظ أبو نصر الحسن بن محمد
بن إبراهيم قرأته عليه رحمه الله، أنا أبو شكر غانم بن عبد
الواحد بن عبد الرحيم، ثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد
بن إسحاق الرباطي، ثنا أبو بكر أحمد بن أحمد بن محمد المقيد
بجرجرايا إملاءً من أصل كتابه، ثنا أبو عثمان سعيد بن عبد الله
بن أبي رجاء الأنباري المعروف بابن عجب سنة ست وتسعين ومائتين
ببغداد بنهر مهدي، ثنا محمد بن غالب، ثنا محمد بن عبد الله بن
نمير، ثنا خلاد الجعفي، عن عبيد الله قائد الأعمش، عن الأعمش،
عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الشهر تسع وعشرون)) .
كذا رواه أبو مسلم قائد الأعمش عنه، ورواه محمد بن عمر بن
الرومي كذلك، عن أبي مسلم، وخالف سفيان الثوري وغير واحد رووه
عن الأعمش [عن أبي صالح لم يذكروا سهيلاً.
(1/39)
35- أخبرنا به عالياً أبو علي الحداد،
وجعفر بن عبد الواحد قالا: أنا محمد بن أحمد الكاتب، أنا عبد
الله بن محمد، ثنا أبو يعلى، ثنا محمد بن عبد الله بن نمير،
ثنا خلاد هو ابن يزيد الجعفي، عن أبي سلمة، عن الأعمش] ، عن
سهيل، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ذكرنا ليلة القدر فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كم مضى من الشهر؟ قلنا:
اثنتان وعشرون وبقي ثمان، قال: مضى ثنتان وعشرون وبقي سبع،
الشهر تسع وعشرون)) .
قوله صلى الله عليه وسلم: ((الشهر تسع وعشرون)) أشار بحرفي
التعريف إلى الشهر الذي هو فيه لا أن الشهور كلها تسع وعشرون
كأنه صلى الله عليه وسلم أطلعه الله تبارك وتعالى على ذلك،
وأعلمه فأخبر أصحابه بذلك.
(1/39)
36- أخبرنا إسماعيل بن الفضل السراج، أنا
أبو طاهر بن عبد الرحيم، أنا أبو الحسن الدارقطني، حدثني عمر
بن الحسن بن علي بن مالك القراطيسي، ثنا المنذر بن محمد، ثنا
إسماعيل بن مهران بن أبي نصر السكوني، حدثني أبي، عن محمد بن
[أبي] الحكم، حدثني سليمان الأعمش، حدثني من سمع أبا صالح وأظن
الأعمش قال مرة حدثني سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة
رضي الله عنه –قال الأعمش: ولا أعلمني إلا وقد سمعت من أبي
صالح- قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يوم خيبر
فرجع منهزماً يجبن أصحابه ويجبنه أصحابه، ثم بعث آخر فرجع
منهزماً يجبن أصحابه، ويجبنه أصحابه، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ((لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه
الله ورسوله يفتح الله تعالى على يديه)) فلما كان من الغد
دفعها إلى علي –رضي الله عنه- فما شام آخرهم حتى فتح الله
تعالى على أولهم.
(1/40)
37- أخبرنا إسماعيل السراج، أنا أبو طاهر،
أنا أبو الحسن، ثنا محمد بن مخلد، ثنا أحمد بن علي الخزاز، ثنا
محمد بن مقاتل المروزي، ثنا يحيى بن اليمان، ثنا الأعمش، عن
سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى بقوم فليصل بهم صلاة
أضعفهم)) (ح) ، قال ابن مخلد: ثنا علي بن حرب، ثنا يحيى بن
اليمان، ثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة –رضي الله عنه-
نحوه، لم يذكر سهيلاً.
(1/40)
38- أخبرنا غانم بن محمد بن عبيد الله أبو
القاسم البرجي رحمه الله سنة سبع، أنا أحمد بن عبد الله
الحافظ، ثنا محمد بن أحمد بن الحسين، ثنا الحسين بن عمر بن أبي
الأحوص، ثنا أحمد بن يونس، قال: سمعت سفيان الثوري رحمه الله
قال: جاء قوم إلى علي بن الحسين رحمهما الله، فأثنوا عليه،
وقالوا له فقال: ((ما أكذبكم وأجرأكم على الله؛ لسنا كما
تقولون ولكنا من صالحي قومنا وبحسبنا أن تكون من صالحي قومنا))
وبداية.
(1/40)
39- أخبرنا غانم هذا سماعاً أو إذناً،
أنشدنا أبو نعيم الحافظ، أنشدنا محمد بن علي بن حبيش الناقد،
أنشدنا علي بن محمد بن بشار: [ص:41]
تنقضي الدنيا وتفنى ... والفتى فيها معنى
ليس في الدنيا نعيم ... لا ولا عيش يمنى
يا غنياً بالدنانير ... محب الله أغنى
قال: وأنشدنا أيضاً:
إنما الدنيا شتات ... فتأهب لشتاتك
واجعل الدنيا كيوم ... صمته عن شهواتك
وليكن فطرك عند الله ... من وقت وفاتك
[آخر المجلس] .
(1/40)
مجلس آخر أملي يوم السبت الثامن من شعبان
سنة سبع وأربعين وخمسمائة قال:
رواية سهيل بن أبي صالح عن الأعمش
عن أبي صالح
40- أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد سنة ست وخمسمائة، ثنا
أبو نعيم الحافظ، ثنا سليمان بن أحمد، ثنا محمد بن عبدان
الأهوازي، ثنا محمد بن غالب، ثنا أبو همام الدلال، ثنا سفيان،
عن سهيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه،
عن النبي صلى الله عليه وسلم [قال] : ((من بات وفي يده غمر
فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه)) .
كذا رواه محمد بن غالب عن أبي همام محمد بن نجيب وتابعه عليه
غيره. ورواه غيرهما عن أبي همام، فقال: عن إبراهيم بن طهمان
بدل سفيان.
(1/41)
41- أخبرنا به والدي رحمه الله بقراءتي
عليه في الجامع، أنا أحمد بن محمد [بن أحمد] الحافظ، ثنا محمد
بن أحمد بن عبد الرحمن العدل، ثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم
القاضي، ثنا محمد بن يحيى، وعلي بن العباس قالا: ثنا أحمد بن
محمد بن المعلى، ثنا محمد بن نجيب، عن إبراهيم بن طهمان، عن
سهيل بن أبي صالح، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة –رضي
الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، (ح) وتابعه يحيى
بن معلى بن [ص:42] منصور، عن أبي همام، ورواه زهير بن معاوية
وغيره عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة، ورواه جرير عن الأعمش عن
أبي صالح عن أبي هريرة –رضي الله عنه-.
(1/41)
42- أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ، وجعفر بن
أبي منصور الكاتب قالا: أنا محمد بن أحمد الكاتب، ثنا عبد الله
بن محمد بن جعفر، حدثني وليد بن بنان الواسطي، ثنا محمد بن
زنبور، ثنا عبد العزيز بن أبي حازم، حدثني سهيل، عن الأعمش، عن
أبي صالح، عن أبي هريرة –رضي الله عنه-: أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم نزل في غزوة غزاها فأصاب أصحابه جوع وفنيت أزوادهم،
فجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكون [إليه] ما
أصابهم ويستأذنونه أن ينحروا بعض رواحلهم، فأذن لهم، فمروا
بعمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: من أين جئتم؟ فأخبروه أنهم
استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم أن ينحروا بعض رواحلهم،
قال: فأذن لكم؟ قالوا: نعم، قال [فإني أسألكم] وأقسم عليكم إلا
رجعتم معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم [فرجعوا معه] فذهب
عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله
أتأذن لهم أن ينحروا رواحلهم، فماذا يركبون؟ فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: ((فماذا أصنع؟ ليس معي ما أعطيهم)) قال
عمر رضي الله عنه: بل يا رسول الله [تأمر] من كان معه فضل [من]
زاد يأتي به إليك فتجمعه [على شيء] ثم تدعو فيه بالبركة ثم
تقسمه بينهم، ففعل، فدعا بفضل أزوادهم، فمنهم الآتي بالقليل،
ومنهم الآتي بالكثير فجعله في شيء ثم دعا فيه ما شاء [الله]
تعالى أن يدعو ثم قسمه بينهم، فما بقي من القوم أحد إلا ملأ ما
كان معه من وعاء، وفضل فضل فقال عند ذلك: ((أشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله من جاء بهن يوم
القيامة غير شاك أدخله الله تعالى الجنة)) .
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم رحمه الله تعالى في كتابه من حديث
أبي معاوية عن الأعمش، وقد رواه عن ابن زنبور غير واحد، ورواه
إسماعيل بن أبي أويس عن ابن أبي حازم، ورواه إسماعيل بن جعفر
عن سهيل نحوه أيضاً.
(1/42)
43- أخبرنا أبو منصور محمود بن إسماعيل
الصيرفي سنة عشر أنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن شاذان
الأديب، أنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن محمد بن فورك، ثنا
أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم، ثنا يعقوب بن حميد، ثنا عبد
العزيز بن محمد [ص:43] عن سهيل بن أبي صالح، عن الأعمش، عن أبي
صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: ((المؤذن مؤتمن والإمام ضامن، فأرشد الله الأئمة وغفر
للمؤذنين)) .
كذا رواه عبد العزيز الدراوردي عن سهيل، وتابعه عليه روح بن
القاسم، وقال عبد الرحمن بن القاسم عن سهيل عن أبيه عن أبي
هريرة رضي الله عنه. واختلف على الأعمش [في إسناده فرواه عامة
أصحابه عنه هكذا، وقال شجاع بن الوليد عن الأعمش] قال: حدثت عن
أبي صالح وقال ابن نمير عن الأعمش قال: حدثت عن أبي صالح ولا
أراني إلا قد سمعته منه، فعلى هذا يكون بين سهيل وأبيه في هذا
الإسناد رجلان وهذه ترجمة لها نظائر سوف نذكرها إن شاء الله
تعالى.
(1/42)
44- أخبرنا الحسن بن أحمد المقري، وجعفر بن
أبي منصور الكاتب قالا: أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب [أنا] عبد
الله بن محمد بن جعفر، ثنا محمد بن أحمد بن راشد، ثنا الحسن بن
السكن الضبعي، ثنا محمد بن جهضم، عن إسماعيل بن جعفر، عن سهيل،
عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال
النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب
ولا صورة)) .
(1/43)
45- أخبرنا إسماعيل بن الفضل السراج، أنا
أبو طاهر [بن] عبد الرحيم، أنا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ،
ثنا أبو محمد بن صاعد، ثنا محمد بن إسماعيل البخاري، وأبو
عثمان أحمد بن أبي بكر المقدمي، قالا: ثنا إسماعيل بن أبي
أويس، حدثني آخر، عن سليمان بن بلال، عن سهيل بن أبي صالح، عن
الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تذهب حبيبتا عبد فيصبر ويحتسب
إلا دخل الجنة)) .
رواه إسماعيل بن جعفر عن سهيل مثله، ولسهيل رواية عن غير واحد
سوى الأعمش عن أبيه عن أبي صالح مع صحة سماعه عن أبيه وكثرة
روايته عنه نذكر ذلك إن شاء الله تعالى فيمن يدخل بينه وبين
أبيه في الرواية واحداً.
(1/43)
46- أخبرنا الإمام الفقيه أبو الطيب حبيب
بن محمد بن أحمد الطهراني، وأبو الخير [ص:44] المفضل بن أبي
غالب بن أبي نصر بن إبراهيم بن سلة بقراءة والدي عليهما رحمهم
الله تعالى سنة سبع، (ح) قال أبو الطيب: أنا والدي، وقال
الآخر: أنا أبو مسلم محمد بن أحمد بن يحيى، أنا أبو سعيد أحمد
بن محمد بن أحمد، أنا أبو الفرج عزيز بن عبد الله، ثنا محمد بن
إبراهيم، قال: قال أحمد السمين: كنت أمشي في طريق مكة فإذا
برجل يصيح: أغثني يا رجل، الله الله، قلت: ما لك؟ قال: خذ مني
هذه الدراهم فإني ما أقدر أن أذكر الله تعالى وهي معي فأخذتها
منه، فصاح: لبيك اللهم لبيك، وكانت أربعة عشر درهماً.
(1/43)
47- قرأت على أستاذنا الإمام قوام السنة
ابن القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ رحمه الله، أنشدكم
بشار بن أحمد، أنشدنا أبو سعد الحرمي، أنشدنا أسعد الفقيه،
أنشدنا أبو عامر النسوي لنفسه، قال المملي: وقد أدركنا أصحاب
أبي عامر:
يا سادة عندهم للمصطفى نسب ... رفقاً بمن عنده للمصطفى حسب
أهل الحديث هم آل الرسول وإن ... لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا
أخر المجلس.
(1/44)
[مجلس آخر أملي يوم السبت الخامس عشر من
سنة سبع وأربعين وخمسمائة قال]
رواية الزهري عن هشام بن عروة عن
عروة
48- أخبرنا الإمام قوام السنة أستاذ العصر أبو القاسم إسماعيل
بن محمد بن الفضل الحافظ رحمه الله بقراءتي عليه، أنا سليمان
بن إبراهيم الحافظ بقراءتي عليه، ثنا محمد بن أحمد بن عبد
الرحمن بن محمد، ثنا عبد الله بن محمد بن محمد، ثنا محمد بن
سهل [ص:45] البغدادي، ثنا أحمد بن عبيد الله القرشي، ثنا أبو
عمر عثمان بن محمد القرشي البغدادي، ثنا عبد الله بن عبد
السلام أبو محمد العنبري، عن ابن شهاب، عن هشام بن عروة، عن
أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ((من أكل الجرجير ثم نام عليه يعني بات عرق الجذام
ينازعه في أنفه)) .
هذا حديث منكر، في إسناده مجاهيل، وابن شهاب وهشام لا يحتملان
مثل هذا الحديث، وقد روي بإسناد آخر عن موسى بن إبراهيم
البغدادي في حديث طويل عن هشام وهو منكر أيضاً، وروي عن ابن
شهاب عن هشام أيضاً حديث التلبية، وقيل: إن في رواية ابن شهاب
إياه عن هشام نظراً.
(1/44)
رواية هشام بن عروة
عن الزهري عن عروة
49- أخبرنا الفقيه أبو [سعد] محمد بن محمد بن محمد المطرز
إذناً رحمه الله، أن أحمد بن عبد الله أخبرهم، ثنا أبي، ثنا
عبد الرحيم بن محمد بن عمر النهاوندي، ثنا عمرو بن علي، ثنا
يحيى بن سعيد، قال سمعت هشام بن عروة يقول: سمعت الزهري يحدث
عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((ما خير رسول الله صلى
الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن فيه
مأثم)) .
هذا حديث صحيح رواه مالك عن الزهري، ولم يروه من حديث هشام
هكذا إلا يحيى القطان، ورواه علي بن هاشم، عن هشام، عن بكر بن
وائل، عن الزهري، عن عروة، فيكون بين هشام وأبيه رجلان، ولهشام
عن الزهري عن غير عروة أحاديث.
(1/45)
رواية أبي الأسود
محمد بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن عروة
50- أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد رحمه الله
إذناً، أن أبا نعيم الحافظ حدثهم، ثنا عبد الله بن الحسين، ثنا
محمد بن أحمد بن عيسى، ثنا محمد بن الحسين البصري، ثنا عبد
الملك بن يحيى بن بكير، ثنا أبي، ثنا ميمون بن يحيى الأشج قال:
سمعت محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، قال: سمعت هشام بن عروة
يقول: حدثني أبي، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عز وجل لا يقبض العلم
[يعني] انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض
العلماء)) .
هكذا رواه أبو نعيم، قال: عن ميمون بن يحيى، قال: سمعت محمد بن
عبد الرحمن، ورواه عن أبي نعيم عبد الله بن محمد الرفاعي
الحافظ.
وروى يحيى بن بكير، ثنا آخر في شأن الحج، عن ميمون بن يحيى بن
مسلم الأشج، قال: حدثني مخرمة بن بكير بن عبد الله بن الأشج،
عن أبيه، قال: سمعت محمد بن عبد الرحمن بمثل هذا الإسناد وهو
الصواب، والحديث صحيح -أعني حديث قبض العلم- وهو من حديث أبي
الأسود عن هشام، غريب، لا أعلم أني كتبته إلا من هذا الوجه.
وروه الأصم عن محمد بن [عبد الله بن] عبد الحكيم عن ابن وهب عن
ابن لهيعة وعبد الرحمن بن شريح عن أبي الأسود هذا عن عروة بن
الزبير عن عبد الله بن عمرو، وأبو الأسود يعرف بيتيم عروة،
ولعله كان في حجره وتربيته.
(1/46)
رواية هشام بن عروة
عن أبي الأسود عن عروة
51-أخبرنا إسماعيل بن الفضل بن أحمد التاجر، أنا أبو طاهر [بن]
عبد الرحيم، أنا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ، ثنا أبو الطاهر
محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصير [ص:47] ابن بجير، ثنا جعفر
بن محمد بن الحسن، ثنا منجاب بن الحارث، أنا أبو علي بن مسهر،
عن هشام بن عروة، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة بن
الزبير قال: ((ما زال أمر بني إسرائيل معتدلاً حتى نشأ فيهم
المولدون أبناء سبايا الأمم التي سبتهم بنو إسرائيل من غيرهم
فأفتوا فيهم بالرأي فأضلوهم)) .
وهذا حديث غريب من حديث هشام عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن
هكذا. ورواه غيره عن هشام عن أبيه من غير ذكر أبي الأسود فيه.
(1/46)
52- قرأته على الإمام أبي نصر أحمد بن عمر
الغازي رحمه الله، أنا شيخ الإسلام عبد الله بن محمد الأنصاري،
أنا الحسين بن محمد بن علي، أنا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس،
ثنا يحيى بن أبي نصر أبو سعد، ثنا بندار، ثنا أبو عامر، ثنا
سفيان، (ح) قال عبد الله: وأخبرنا محمد بن عبد الرحمن، أنا
أحمد بن محمد بن الحسين الضرير بالري، ثنا محمد بن قارن، حدثنا
الرمادي، ثنا عبد الرزاق، أنا معمر كلاهما، عن هشام بن عروة،
عن أبيه: أن بني إسرائيل لم يزل أمرهم معتدلاً حتى نشأ فيهم
المولدون أبناء سبايا الأمم، فأخذوهم بالرأي فضلوا وأضلوا.
وقال معمر: ((فهلكوا)) ، وهذا مشهور من قول عروة، ويروى عن عمر
بن عبد العزيز أيضاً، وروي من طريق آخر مسنداً، وهو غريب.
(1/47)
رواية شعبة عن همام
عن قتادة
53- أخبرنا أبو الفتح إسماعيل بن الفضل، أنا أبو طاهر بن عبد
الرحيم، أنا أبو الحسن الدارقطني، نا عبد الصمد بن علي، ثنا
محمد [بن] زكريا بن الصلت، ثنا سويد بن [ص:48] سعيد، ثنا يزيد
بن زريع، عن شعبة، عن همام، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه
قال: ((كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم مداً)) .
هذا حديث مشهور من حديث قتادة، ومن حديث همام عنه أيضاً، غريب
من حديث شعبة عن همام لا أعرفه إلا من هذا الوجه.
(1/47)
حكاية همام صنيع
شعبة مع قتادة
54- أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم التاجر -رحمه الله-،
أنا عبد الرحمن بن محمد، أنا الحسين بن علي الهمداني، ثنا محمد
بن علي [بن] الفافا، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس (ح)
وأخبرناه عالياً إسماعيل بن الفضل، أنا أبو طاهر بن عبد
الرحيم، أنا الدارقطني، ثنا ابن مخلد قالا: ثنا صالح بن أحمد،
ثنا علي بن المديني، قال: سمعت بهز بن أسد يقول: سمعت هماماً
قال: كان شعبة يوقف قتادة، قال: فحدث شعبة ذات يوم بحديث فقال
قتادة: من حدثك أو من ذكر ذا؟ فقال: نسألك فتغضب وتسألنا.
(1/48)
55- أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد
بن زريق القزاز ببغداد، ثنا أبو بكر ابن ثابت، أنا محمد بن عمر
العكبري، ثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن شهاب العكبري، أنا أبو
بكر الباغندي، ثنا عبد الله بن عبد السلام، حدثني عبد الجبار
بن كثير الرقي، عن أبي عاصم، عن ابن جريج قال: خرجت في بعض
الغلس فإذا أنا برقعة فلما أصبحت نظرت، فإذا فيها أبيات من
شعر:
عش معسراً أو موسراً ... لابد في الدنيا من الغم
وكلما زادك من نعمة ... زاد الذي زادك في الهم
إني رأيت الناس في دهرنا ... لا يطلبون العلم للعلم
إلا مباهاة لأصحابهم ... وعدة للخصم والظلم
قال ابن جريج: لقد منعتني هذه الأبيات عن أشياء كثيرة من طلب
العلم.
آخر المجلس.
(1/48)
[مجلس آخر أملي يوم السبت الثاني والعشرين
من شعبان سنة سبع وأربعين وخمسمائة قال:]
رواية الأعمش عن الحكم بن عتيبة عن
أبي صالح
56- أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد رحمه الله، ثنا أبو
نصر الفضل بن محمد بن سعيد القاساني المعدل، ثنا أبو محمد بن
حبان، حدثني أحمد بن صالح الذارع، ثنا مقدم بن يحيى، ثنا عمي،
عن إبراهيم بن عثمان، عن الأعمش، عن الحكم، عن أبي صالح، عن
أبي هريرة رضي الله عنه [قال] : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ((من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله تعالى عنه
كربة من كرب الآخرة)) .
هذا حديث محفوظ من حديث الأعمش واختلف عليه في إسناده، فرواه
الثوري وأبو معاوية وابن نمير وأبو أسامة ومحاضر وغير واحد عن
الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة لم يذكروا الحكم. وروي عن أبي
عوانة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو أبي سعيد بالشك.
وروي عن أسباط بن محمد عن الأعمش، قال: حدثت عن أبي صالح عن
أبي هريرة، [وقيل: عن أسباط أيضاً عن الأعمش عن أبي صالح عن
أبي هريرة] وأبي سعيد معاً، وتفرد بذكر الحكم بن عتيبة القاسم
بن يحيى بن عطاء المقدمي عم مقدم بن يحيى هذا عن أبي شيبة
إبراهيم بن عثمان.
وللأعمش عن الحكم أحاديث عدة عن غير أبي صالح.
(1/49)
رواية الحكم عن
الأعمش عن أبي صالح
57- أخبرنا إسماعيل بن الفضل المقري، أنا أبو طاهر الكاتب أنا
علي بن عمر الحافظ، ثنا أبو بكر عبد الله بن يحيى بن معاوية بن
يحيى بن معاوية بن إسحاق بن طلحة بن عبيد الله بالكوفة، وعبد
الباقي بن قانع قالا: ثنا أبو سعيد عبيد بن كثير بن عبد [ص:50]
الواحد العامري، ثنا يحيى بن الحسن بن فرات، ثنا أخي زياد بن
الحسن، عن أبان بن تغلب، عن الحكم، عن أبي محمد، عن أبي صالح،
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((نهي عن صوم يوم الجمعة
مفرداً)) .
قال علي: هذا حديث محفوظ من حديث الأعمش، وهو غريب من حديث
الحكم عنه. قال الشيخ حفظه الله: رواه الطبراني عن عبيد هذا،
وقال عن أبي محمد وهو الأعمش، وهو معروف بهذا الإسناد من حديث
الحكم هكذا موقوفاً. ورواه الباغندي عن عبيد فخالف في الإسناد.
(1/49)
58- أخبرنا أبو علي الحداد إذناً، ثنا أبو
نعيم الحافظ، ثنا أبو بكر محمد بن حميد بن سهيل، ثنا محمد بن
سليمان، حدثني عبيد التمار، ثنا منجاب بن الحارث، عن عبد الله
بن الأجلح، عن أبان بن تغلب، عن الحكم، عن أبي محمد مثله.
وروي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة مرفوعاً، وروى حفص بن
غياث وأبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تصوموا يوم الجمعة إلا وقبله يوم
أو بعده يوم)) .
وروي عن أبان بن تغلب عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه:
((أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يعمد لصوم يوم الجمعة))
. وللحكم عن الأعمش [غير هذا عن غير أبي صالح] .
(1/50)
رواية مالك بن أنس
عن الأوزاعي عن الزهري
59- أخبرنا أبو علي الحداد رحمه الله غير مرة، ثنا أبو نعيم
الحافظ، (ح) وأخبرنا أبو عدنان محمد بن أحمد وغيره رحمهما الله
قالا: نا أبو بكر بن ريذة قالا: ثنا سليمان بن [ص:51] أحمد،
ثنا حبوش بن رزق الله المصري، ثنا عبد الله بن يوسف، ثنا سلمة
بن العيار، عن مالك، (ح) وأخبرنا أبو علي، ثنا أبو بكر محمد بن
علي المقري الجوزداني، ثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي،
ثنا سعيد بن أحمد بن زكريا القضاعي، ثنا يونس بن عبد الأعلى،
ثنا عبد الله بن وهب، أنا مالك، عن الأوزاعي، عن الزهري، (ح)
وأخبرنا محمد بن عمر الضرير، أنا عبد الرحمن بن محمد، أنا أبي،
أنا إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا عباس الترقفي، ثنا حفص بن عمر
العدني، عن مالك، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة عن عائشة
رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
وفي رواية سليمان قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((
[إن الله عز وجل] يحب الرفق في الأمر كله)) .
قال يونس: قال لنا ابن وهب: ما روى مالك عن الأوزاعي غير هذا.
وقال سليمان: لم يروه عن سلمة -وكان ثقة- إلا عبد الله بن
يوسف.
هذا حديث محفوظ من حديث مالك عن الأوزاعي، رواه عن مالك أيضاً
معن بن عيسى، ورواه محمد بن يوسف الفريابي عن الأوزاعي، وهو
صحيح متفق عليه من حديث الزهري.
ورواه حماد بن خالد عن مالك إلا أنه خالف في اللفظ:
(1/50)
60- فأخبرنا إسماعيل بن الفضل، أنا أبو
طاهر بن عبد الرحيم، أنا علي بن عمر، أنبأ عبد الله بن محمد بن
عبد العزيز قراءة عليه وأنا أسمع، حدثنا أبو الأحوص محمد بن
حبان البغوي، ثنا حماد بن خالد الخياط، ثنا مالك بن أنس، ثنا
ذاك الأوزاعي، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها
قالت: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الرفق في الأمر
كله)) .
تفرد بهذا اللفظ حماد بن خالد وبقوله ذاك الأوزاعي ورواه
الإمام أبو عبد الله بن منده من حديث حماد فأدرجه في رواية
الآخرين، ولم يفصل بين لفظه ولفظ غيره.
وروي عن هارون الرشيد عن مالك.
(1/51)
61- أخبرنا [به] أبو علي الحداد، ثنا أبو
نعيم، ثنا عبد الله بن الحسين الصوفي، ثنا محمد بن محمد
الصكاك، ثنا الحسن بن أحمد بن كامل البرذعي، ثنا الحسين بن عبد
الله بن الخصيب، ثنا إبراهيم بن سعيد، قال: سمعت المأمون يوماً
يقول لحاجبه: عليك بالرفق في جميع أمورك، ثم قال: حدثني أبي
هارون الرشيد، قال: حدثني مالك، عن الأوزاعي بإسناده مثله.
وروي عن الوليد بن مسلم واختلف عليه فيه.
(1/52)
62- فأخبرنا محمد بن عمر الضرير، أنا عبد
الرحمن بن محمد، أنا أبي، أنا محمد بن إبراهيم بن عبد الملك
القرشي، ثنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم البسري، ثنا محمد
بن أيوب، ثنا الوليد بن مسلم، عن مالك عن الأوزاعي به.
وكذلك رواه محمد بن أحمد بن عبد الواحد [بن] جرير أبو عبد
الملك الصوري عن موسى.
وخالفه علي بن المديني.
(1/52)
63- فأخبرنا إسماعيل بن الفضل، أنا أبو
طاهر، أنا الدارقطني، ثنا إسماعيل بن محمد، وحمزة بن محمد
قالا: ثنا إسماعيل بن إسحاق، ثنا علي، ثنا الوليد بن مسلم عن
الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عز وجل يحب الرفق في
الأمر كله)) .
قال الوليد، فحدثت به مالكاً فأعجبه، فعلى هذا سمعه مالك أولاً
من الوليد عن الأوزاعي، وعلى الرواية التي قبله سمعه الوليد من
مالك عن الأوزاعي والله عز وجل أعلم. ورواه عبد الله بن يوسف
التنيسي وأبو مسهر عن مالك عن الأوزاعي عن الزهري مرسلاً،
فكذلك سمعه عبد الله بن يوسف من سلمة مجوداً [عن مالك] .
ولمالك عن الأوزاعي غير هذا عن غير الزهري.
(1/52)
64- أخبرنا الحافظ أبو العلاء صاعد بن سيار
الهروي رحمه الله قدم علينا، أخبرني أبو نصر أحمد بن عبد الله
المقري، أنشدني أبو سيار أحمد بن محمد الكرميني لنفسه:
[تعالى الله عن قول السفيه ... يقول الله جسم ملء فيه]
وقد يرجى لذنب العبد ما لم ... يقل في ربه ما ليس فيه
[آخر المجلس] ، آخر الجزء الأول، وصلى الله على سيدنا محمد
وآله وصحبه أجمعين وسلم تسليماً.
(1/52)
الجزء الثاني من
كتاب ((اللطائف من علوم المعارف))
مما أملاه الشيخ الإمام الحافظ أبو موسى محمد بن أبي بكر بن
أبي عيسى المديني حفظه الله مما لم يسبق إليه نفعه الله تعالى
والمسلمين به
(1/53)
[بسم الله الرحمن الرحيم
حدثنا الشيخ الإمام الحافظ التقي محيي السنة، نور الأئمة شمس
الحفاظ أبو موسى محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى المديني أبقاه
الله إملاءً من لفظه يوم السبت التاسع والعشرين من شعبان سنة
سبع وأربعين وخمسمائة قال] :
رواية الأوزاعي عن مالك عن الزهري
65- أخبرنا أبو الفتح إسماعيل بن الفضل المقري، أنا محمد بن
أبي الحسن الكاتب، أنا علي بن عمر الحافظ، ثنا أبو محمد عبد
العزيز بن محمد بن إبراهيم بن الواثق بالله، ثنا عبد الله بن
إسحاق الخصيب، ثنا إبراهيم بن محمد الصفار، ثنا مؤمل بن الفضل،
ثنا الوليد، عن الأوزاعي، ثنا مالك، عن الزهري، عن أنس رضي
الله عنه أنهم قالوا: يا رسول الله هذا ابن خطل متعلقاً
بالأستار قال: ((اقتلوه)) فقتل.
(1/55)
66- أخبرنا الحسن بن أحمد المقري، إذناً أن
أبا نعيم حدثهم، ثنا عبد الله بن محمد ابن عثمان الواسطي، ثنا
الحسين بن أحمد بن عثمان، ثنا عباس الترقفي، ثنا محمد بن كثير،
ثنا الأوزاعي، عن مالك عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه: ((أن
النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر)) .
(1/55)
67- أخبرنا بالحديثين عالياً الشيخ النبيل
الصالح أبو بكر محمد بن أبي القاسم بن حنة الصوفي المقري وغير
واحد رحمهم الله، قالوا: أنا أحمد بن محمود بن أحمد الأديب،
أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي ثنا عبدان وابن قتيبة وعبد
الله بن محمد بن سلم وحسين بن عبد الله الأزرق، ومحمد بن عمير
بن عبد السلام وموسى بن سهيل الجوني وأبو الأصبغ عبد العزيز بن
محمد الأسدي ومحمد بن خريم ومحمد بن عون وأحمد بن هشام
[ص:56][ابن عمار] قالوا: ثنا هشام بن عمار بن نصير قال: ثنا
مالك بن أنس، (ح) قال أبو بكر وثنا إسحاق بن أحمد بن نافع
الخزاعي، ثنا محمد بن يحيى العدني، ثنا الوليد بن مسلم ومعن بن
عيسى، عن مالك -واللفظ للوليد- عن الزهري، عن أنس رضي الله
عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى
رأسه المغفر)) فلما نزعه جاءه رجل فقال: ابن خطل متعلق بأستار
الكعبة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقتلوه)) .
هذا حديث مالك، محفوظ له، معروف به، رواه عنه الكبار من أقرانه
وممن هو أقدم منه، وهو صحيح متفق عليه، أخرجه البخاري في عدة
مواضع، ومسلم أخرجه في المناسك كل واحد عن عدة من أصحاب مالك.
وللأوزاعي عن مالك غير حديث عن الزهري وغيره.
(1/55)
رواية سفيان بن
عيينة عن عبد الله بن داود الخريبي عن الأعمش
68- أخبرنا أبو غالب أحمد بن العباس الكوشيذي رحمه الله،
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة، أنا أبو القاسم
الطبراني الحافظ، ثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق النيسابوري،
ثنا محمد بن الحجاج بن سليمان الحضرمي، ثنا الخصيب بن ناصح،
ثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن داود الخريبي، عن الأعمش،
عن ذر، عن يسيع، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال في قوله تعالى: {إن الذين
يستكبرون عن عبادتي} يعني قال: ((عن دعائي)) {سيدخلون جهنم
داخرين} .
هذا حديث غريب من حديث ابن عيينة عن عبد الله بن داود ولم يروه
غير الخصيب [ص:57] ولا عنه إلا محمد بن الحجاج، وهو مشهور من
حديث ذر، ومن حديث الأعمش عنه أيضاً هكذا. ورواه علقمة بن مرثد
عن يسيع بن معدان، قال: قال الأشعث بن قيس سمعت النعمان بهذا.
(1/56)
حكاية عبد الله بن
داود عن سفيان بن عيينة مع الأعمش
69- قرأت على أبي منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد
ببغداد، أنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ، أخبرني عبد الملك بن
عمر الرزاز، أنا علي بن عمر الحافظ، ثنا الحسين بن إسماعيل،
ثنا محمد بن الوليد البسري، قال: سمعت عبد الله بن داود يقول:
قدم علينا ابن عيينة الكوفة في حياة الأعمش فحدث سفيان في مجلس
الأعمش بخمسين حديثاً وكان الأعمش يحدث سفيان بحديث ويحدثه
سفيان بحديث، فقال الأعمش لسفيان: يا أبا محمد نفقت السوق ترضى
اثنين بواحد.
(1/57)
رواية يعلى بن عبيد
عن أخيه محمد بن عبيد عن الأعمش
70- أخبرنا إسماعيل بن الفضل، أنا أبو طاهر بن عبد الرحيم، أنا
أبو الحسن الدارقطني، ثنا أبو محمد الحسن بن صالح الكوفي، ثنا
عبد الله بن محمد بن ناجية، ثنا ابن زنجويه، ثنا يعلى بن عبيد،
عن أخيه محمد، عن الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله رضي الله عنه،
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أول ما يقضى بين الناس في
الدماء)) .
صحيح متفق عليه من حديث الأعمش، أخرجه الشيخان من حديثه.
(1/57)
رواية محمد بن عبيد
عن أخيه يعلى بن عبيد عن الأعمش
71- أخبرنا أبو الفتح السراج، أنا محمد بن أحمد، أنا علي بن
عمر، ثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن مبشر بواسط، ثنا محمد
بن حرب النسائي، ثنا محمد بن عبيد، عن أخيه يعلى بن عبيد، عن
الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من بنى لله تعالى
مسجداً ولو مفحص قطاة بنى الله تعالى له بيتاً في الجنة)) .
مشهور من حديث الأعمش رواه عنه الناس.
(1/58)
72- (ح) وبهذا الإسناد قال: ثنا محمد بن
عبيد، عن أخيه يعلى بن عبيد، عن الأعمش، عن عمرو بن بزة، عن
أبي البختري، عن أبي برزة رضي الله عنه قال: مررت على أبي بكر
رضي الله عنه وهو يتغيظ على رجل من أصحابه، فقلت: من هذا الذي
يتغيظ عليه [يا] خليفة رسول الله، قال: وما تسأل؟ قال: قلت:
أضرب عنقه، قال: فأذهب عظم كلمتي غضبه، ثم قال: ما كانت تلك
لأحد بعد محمد صلى الله عليه وسلم.
غريب من حديث الأعمش، هكذا رواه غيره عن الأعمش فذكر مكان
[أبي] البختري غيره.
(1/58)
73- أخبرنا أبو علي الحداد بقراءة والدي
عليه رحمهما الله سنة سبع، أنا [أبو] علي الحسن بن علي الوحشي
الحافظ، قال: أنشدنا الحسن بن يحيى، أنشدنا إسحاق بن إبراهيم
الفارسي، أنشدنا محمد بن أحمد بن إسحاق في وصف الكتب:
لنا جلساء ما نمل حديثهم ... يفيدوننا علماً وحسن مذاهب
بلا ضجر نخشى ولا سوء عشرة ... إذا ذم بعض الناس عشرة صاحب
فإن قلت أحياء فإنك صادق ... وإن قلت أموات فلست بكاذب
آخر الإملاء وصلى الله على محمد وآله.
(1/58)
|