المنهل الروي في مختصر علوم الحديث النبوي النَّوْع الموفي الْعشْرين وَالْحَادِي
وَالْعشْرُونَ الْغَرِيب والعزيز
الحَدِيث الْغَرِيب هُوَ مَا انْفَرد وَاحِد بروايته أَو
براويه زِيَادَة فِيهِ عَمَّن يجمع حَدِيثه كالزهري فِي
الْمَتْن أَو السَّنَد وينقسم إِلَى غَرِيب صَحِيح كالأفراد
المخرجة فِي الصَّحِيح وَإِلَى غير الصَّحِيح وَهُوَ الْغَالِب
على الغرائب وَلذَلِك جَاءَ عَن أَحْمد بن
(1/55)
حَنْبَل لَا تكْتبُوا هَذِه الْأَحَادِيث
الغرائب فَإِنَّهَا مَنَاكِير وعامتها عَن الضُّعَفَاء وينقسم
أَيْضا إِلَى غَرِيب متْنا وإسنادا وغريب إِسْنَادًا لَا متْنا
وَفِيه يَقُول التِّرْمِذِيّ غَرِيب من هَذَا الْوَجْه وَلَا
يُوجد غَرِيب متْنا لَا إِسْنَادًا من جِهَة وَاحِدَة بل
بِالنِّسْبَةِ إِلَى جِهَتَيْنِ كَحَدِيث فَرد اشْتهر عَن بعض
رُوَاته مثل حَدِيث إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ
فَإِنَّهُ غَرِيب فِي أَوله مَشْهُور فِي آخِره
والعزيز أَن ينْفَرد بروايته اثْنَان أَو ثَلَاثَة دون سَائِر
رُوَاة الْمَرْوِيّ عَنهُ فَإِن رَوَاهُ الْجَمَاعَة عَنهُ سمي
مَشْهُورا
النَّوْع الثَّانِي وَالْعشْرُونَ الْمُصحف
وَهُوَ تَغْيِير لفظ أَو معنى وَاللَّفْظ إِمَّا تَصْحِيف بصر
أَو سمع وَقد يكون فِي السَّنَد والمتن فَمن السَّنَد الْعَوام
بن مراجم بالراء الْمُهْملَة وَالْجِيم صحفه ابْن معِين بالزاي
والحاء وَمن الْمَتْن من صَامَ رَمَضَان وَأتبعهُ سِتا صحفه
الصولي فَقَالَ شَيْئا وَمن السمعي فِي السَّنَد حَدِيث عَاصِم
الْأَحول رَوَاهُ بَعضهم فَقَالَ وَاصل الأحدب وَفِي الْمَتْن
حَدِيث زيد بن ثَابت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
احتجر فِي الْمَسْجِد أَي أَتَّخِذ حجرَة من حَصِير أَو غَيره
يُصَلِّي فِيهَا صحفه ابْن لَهِيعَة فَقَالَ احْتجم والتصحيف
الْمَعْنَوِيّ كَقَوْل مُحَمَّد بن الْمثنى الْعَنزي نَحن قوم
(1/56)
لنا شرف صلى إِلَيْنَا رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم يُرِيد حَدِيث الصَّلَاة إِلَى العنزة
وَإِنَّمَا هِيَ الحربة الصَّغِيرَة وَمِنْه مَا ذكره
الْخطابِيّ عَن بعض شُيُوخه فِي الحَدِيث أَنه قَالَ لما
رُوِيَ حَدِيث النَّهْي عَن التحليق يَوْم الْجُمُعَة قبل
الصَّلَاة قَالَ مَا مَعْنَاهُ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة مَا
حلقت رَأْسِي قبل الصَّلَاة فهم مِنْهُ الْحلق وَإِنَّمَا
أُرِيد تحلق النَّاس وَهَذَا النَّوْع إِنَّمَا يحققه الحذاق
وَمِنْهُم الدَّارَقُطْنِيّ والخطابي وَلَهُمَا فِيهِ تصنيف
مُفِيد
النَّوْع الثَّالِث وَالْعشْرُونَ المسلسل
وَهُوَ مَا تتَابع رجال إِسْنَاده عِنْد رِوَايَته على صفة أَو
حَالَة إِمَّا فِي الرَّاوِي أَو فِي الرِّوَايَة وَصفَة
الرَّاوِي إِمَّا قَول أَو فعل أَو غير ذَلِك كمسلسل الْقسم
بِاللَّه الْعَظِيم وكمسلسل التشبيك بِالْيَدِ ومسلسل الْعد
فِيهَا وكاتفاق أَسمَاء الروَاة كجزء المحمدين أَو صفتهمْ
كَحَدِيث الْفُقَهَاء أَو نسبتهم كَحَدِيث كل رُوَاته مكيون
وَصفَة الرِّوَايَة كالمسلسل ب سَمِعت أَو ب أخبرنَا وَنَحْو
ذَلِك وأفضله مَا دلّ على اتِّصَال السماع وَمن فَوَائده
زِيَادَة الضَّبْط وقلما يسلم عَن خلل فِي التسلسل وَقد
يَنْقَطِع تسلسله فِي أواخره كمسلسل أول حَدِيث سمعته
(1/57)
النَّوْع الرَّابِع وَالْعشْرُونَ زِيَادَة
الثِّقَة
وَهِي أَقسَام أَحدهَا زِيَادَة تخَالف مَا رَوَاهُ الثِّقَات
وَحكم هَذِه الرَّد كَمَا سبق فِي الشاذ
الثَّانِي زِيَادَة حَدِيث يُخَالف فِيهِ غَيره بِشَيْء أصلا
فَهَذَا مَقْبُول وَنقل الْخَطِيب اتِّفَاق الْعلمَاء عَلَيْهِ
الثَّالِث زِيَادَة لَفْظَة فِي حَدِيث لم يذكرهَا سَائِر من
رَوَاهُ ويمثله بِزِيَادَة مَالك فِي حَدِيث الْفطْرَة لفظ من
الْمُسلمين ذكر التِّرْمِذِيّ أَن مَالِكًا تفرد بِزِيَادَة
قَوْله من الْمُسلمين وَأخذ بِهَذِهِ الزِّيَادَة غير وَاحِد
من الْأَئِمَّة وَاحْتَجُّوا بهَا مِنْهُم الشَّافِعِي وَأحمد
قَالَ غير التِّرْمِذِيّ قد وَافق مَالِكًا على هَذِه
الزِّيَادَة عَن ناف عَمْرو بن نَافِع وَالضَّحَّاك بن
عُثْمَان خرج الأول البُخَارِيّ وَالثَّانِي مُسلم
قَالَ الْخَطِيب مَذْهَب الْجُمْهُور من الْفُقَهَاء وَأهل
الحَدِيث أَن الزِّيَادَة من الثِّقَة مَقْبُولَة إِذا انْفَرد
بهَا سَوَاء أَكَانَت من شخص وَاحِد بِأَن رَوَاهُ مرّة ناقضا
وَمرَّة بِالزِّيَادَةِ أم كَانَت من غير من رَوَاهُ نَاقِصا
حلافا لمن رد ذَلِك مُطلقًا من أهل الحَدِيث وَلمن ردهَا
مِنْهُ وَقبلهَا من غَيره
وَقَالَ أهل الْأُصُول إِن اتَّحد الْمجْلس وَلم تحْتَمل
غفلتهم عَن تِلْكَ الزِّيَادَة غَالِبا ردَّتْ وَإِن احْتمل
قبلت عِنْد الْجُمْهُور وَإِن جهل تعدد الْمجْلس فَأولى
بِالْقبُولِ من
(1/58)
صُورَة اتحاده وَإِن تعدد يَقِينا قبلت
بِاتِّفَاق وَإِذا أسْندهُ وأرسلوه أَو وَصله وقطعوه أَو رَفعه
ووقفوه فَهُوَ كالزيادة
النَّوْع الْخَامِس وَالسَّادِس وَالسَّابِع وَالْعشْرُونَ
الِاعْتِبَار والمتابعات والشواهد
وَهِي أُمُور يتعرفون بهَا حَال الحَدِيث فالاعتبار أَن ينظر
فِي حَدِيث رَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة مثلا وَلم يُتَابع
عَلَيْهِ من أَيُّوب عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة هَل
رَوَاهُ ثِقَة غير أَيُّوب كَذَلِك فَإِن لم يُوجد فَثِقَة غير
ابْن سِيرِين كَذَلِك فَإِن لم يُوجد فصحابي غير أبي هُرَيْرَة
فَأَي ذَلِك وجد علم أَن لَهُ أصلا يرجع إِلَيْهِ إِلَّا فَلَا
والمتابعة أَن يرويهِ غير حَمَّاد عَن أَيُّوب وَهُوَ
الْمُتَابَعَة التَّامَّة أَو غير أَيُّوب عَن ابْن سِيرِين
أَو غير ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة أَو غير أبي هُرَيْرَة
عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكل هَذَا يُسمى
مُتَابعَة وَلَكِن تقتصر على الأولى بِحَسب بعْدهَا مِنْهَا
وَيُسمى الْحَاكِم فِي الْمدْخل الْمُتَابَعَة شَاهدا
فالاعتبار تطلب الْمُتَابَعَة وَقد علمت هِيَ
وَالشَّاهِد أَن يرْوى حَدِيث بِمَعْنى حَدِيث لَا بِلَفْظِهِ
فَيكون شَاهدا لَهُ وَلَا يُسمى ذَلِك مُتَابعَة لِأَنَّهُ
لَيْسَ بِلَفْظِهِ فِي مِثَال الْمُتَابَعَة وَالشَّاهِد
حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء
عَن ابْن عَبَّاس فِي حَدِيث الإهاب لَو أخذُوا إهابها فدبغوه
فانتفعوا بِهِ رَوَاهُ ابْن جريح عَن عَمْرو وَلم يذكر الدّباغ
فَذكر الْبَيْهَقِيّ لحَدِيث ابْن عُيَيْنَة مُتَابعًا
وَشَاهدا فالمتابع أُسَامَة بن زيد تَابع عمرا عَن عَطاء عَن
ابْن عَبَّاس أَلا نزعتم إهابها فدبغتموه فاستمتعتم
(1/59)
بِهِ وَالشَّاهِد حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن وَعلة عَن ابْن
عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا إهَاب
دبغ فقد طهر
فرع إِذا قَالُوا تفرد بِهِ أَبُو هُرَيْرَة مثلا أَو ابْن
سِيرِين أَو أَيُّوب أَو حَمَّاد أشعر ذَلِك بِانْتِفَاء
المتابعات وَإِذا عدمت المتابعات مَعَ الشَّاهِد تحقق فِيهِ
التفرد وَحكمه مَا سبق فِي الشاذ وَقد يدْخل فِي الْمُتَابَعَة
والاستشهاد رِوَايَة من لَا يحْتَج بحَديثه وَفِي
الصَّحِيحَيْنِ من ذَلِك وَلَا يصلح لذَلِك كل ضَعِيف وَلذَلِك
يَقُول الدَّارَقُطْنِيّ فِي الضُّعَفَاء فلَان يعْتَبر
وَفُلَان لَا يعْتَبر |