المنهل الروي في مختصر علوم الحديث النبوي النَّوْع الثَّامِن وَالْعشْرُونَ مُخْتَلف
الحَدِيث
وَهُوَ أَن يُوجد حديثان متضادان فِي الْمَعْنى فِي الظَّاهِر
فَيجمع أَو يرجح أَحدهمَا وَهُوَ فن مُهِمّ تضطر إِلَيْهِ
جَمِيع طوائف الْعلمَاء وإنمل يكمل للْقِيَام بِهِ الْأَئِمَّة
من أهل الحَدِيث وَالْفِقْه وَالْأُصُول الغواصون على
الْمعَانِي وَقد صنف الشَّافِعِي فِيهِ كِتَابه الْمَعْرُوف
بِهِ وَلم يقْصد استيعابه بل ذكر جملَة تنبه الْعَارِف على
طَرِيق ذَلِك ثمَّ صنف فِيهِ ابْن قُتَيْبَة وَأحسن فِي بعض
وَمن جمع الْأَوْصَاف الْمَذْكُورَة لم يشكل عَلَيْهِ شَيْء من
ذَلِك قَالَ ابْن خُزَيْمَة لَا أعرف حديثين صَحِيحَيْنِ
متضادين فَمن كَانَ عِنْده فَليَأْتِنِي لأؤلف بَينهمَا
والمختلف قِسْمَانِ أَحدهمَا يُمكن الْجمع بَينهمَا
فَيتَعَيَّن وَيجب الْعَمَل بهما كَحَدِيث لَا عدوى وَحَدِيث
لَا يُورد ممرض على مصح وَالثَّانِي
(1/60)
لَا يُمكن الْجمع بَينهمَا فَإِن علمنَا
أَحدهمَا نَاسِخا قدمْنَاهُ وَإِلَّا عَملنَا بالراجح
مِنْهُمَا ووجوه التَّرْجِيح خَمْسُونَ جمعهَا الْحَازِمِي فِي
كتاب النَّاسِخ والمنسوخ لَهُ
النَّوْع التَّاسِع وَالْعشْرُونَ فِي النَّاسِخ والمنسوخ
النَّاسِخ من الحَدِيث هُوَ كل حَدِيث دلّ على رفع حكم شَرْعِي
سَابق لَهُ ومنسوخه كل حَدِيث رفع حكمه الشَّرْعِيّ بِدَلِيل
شَرْعِي مُتَأَخّر عَنهُ وَهَذَا فن صَعب مُهِمّ كَانَ
للشَّافِعِيّ فِيهِ يَد طولى وسابقة أولى وَأدْخل بعض أهل
الحَدِيث فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ لخفاء مَعْنَاهُ وَقد تكلم
النَّاس فِي حد النّسخ وَمن أَجود حد فِيهِ قَوْلهم هُوَ رفع
حكم شَرْعِي بِدَلِيل شَرْعِي مُتَأَخّر وَهَذَا النَّوْع
مِنْهُ مَا يعرف بِنَصّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل
كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها وَمِنْه مَا
عرف بقول الصَّحَابِيّ مثل كَانَ آخر الْأَمريْنِ من رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ترك الْوضُوء مِمَّا مست النَّار
وَمِنْه مَا عرف بالتاريخ كَحَدِيث أفطر الحاجم والمحجوم
وَحَدِيث احْتجم وَهُوَ صَائِم بَين الشَّافِعِي أَن الأول
كَانَ سنة ثَمَان وَالثَّانِي سنة عشر وَلَا يثبت التَّقَدُّم
وَلَا التَّأَخُّر بقول الصَّحَابِيّ ثمَّ نسخ فَرُبمَا قَالَه
عَن اجْتِهَاد وَلَا بِكَوْنِهِ من أَحْدَاث الصَّحَابَة أَو
متأخري الصُّحْبَة فَرُبمَا سَمعه من صَحَابِيّ قديم وَمِنْه
مَا عرف بِالْإِجْمَاع كَحَدِيث قتل
(1/61)
شَارِب الْخمر فِي الرَّابِعَة عرف نسخه بِالْإِجْمَاع على
خِلَافه وَالْإِجْمَاع لَا ينْسَخ وَإِنَّمَا يدل على
النَّاسِخ |