النكت على مقدمة ابن الصلاح النَّوْع الثَّالِث فِي معرفَة الضَّعِيف
100 - (قَوْله) كل حَدِيث لم تَجْتَمِع فِيهِ صِفَات الصَّحِيح
وَلَا صِفَات الْحسن فَهُوَ ضَعِيف
اعْترض عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا حَاجَة إِلَى ذكر الصَّحِيح
لِأَن مَا قصر عَن الْحسن فَهُوَ على الصَّحِيح أقصر
وَهُوَ عَجِيب لِأَن مقَام التَّعْرِيف يَقْتَضِي ذَلِك
وَلِأَنَّهُ لَا يلْزم من عدم وجود وصف الْحسن عدم وجود وصف
الصَّحِيح فَالصَّحِيح بِشَرْطِهِ السَّابِق لَا يُسمى حسنا
فالترديد مُتَعَيّن وَنَظِيره قَول النَّحْوِيّ - بعد تَعْرِيف
الِاسْم وَالْفِعْل -
(1/389)
والحرف مَا لم يقبل شَيْئا من عَلَامَات
الِاسْم وَلَا عَلَامَات الْفِعْل
ثمَّ لَو عكس هَذَا الِاعْتِرَاض فَقيل لَا حَاجَة لذكر الْحسن
بِنَاء على أَنه لَيْسَ ثمَّ غير قسمَيْنِ صَحِيح وَضَعِيف
كَمَا سبق عَن الْجُمْهُور لَكَانَ أقرب وَهنا أسئلة
أَحدهَا أَنه لَا يلْزم من كَون سَنَد الحَدِيث ضَعِيفا أَن
يكون كَذَلِك فِي نفس الْأَمر بل قد يكون لَهُ سَنَد آخر
صَحِيح وَقد ينجبر بِسَنَد آخر ضَعِيف يَنْتَهِي بمجموعها
إِلَى دَرَجَة الْحسن كَمَا سبق فِي الْحسن أَنه يرتقي إِلَى
دَرَجَة الصَّحِيح إِذا رُوِيَ بِسَنَد آخر مثله فِي الْحسن
الثَّانِي يَجِيء هُنَا مَا سبق فِي السَّابِع أَن قَوْلهم
حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد دون قَوْلهم صَحِيح لَا يَقْتَضِي
صِحَة الْمَتْن فَيُقَال هُنَا قَوْلهم ضَعِيف الْإِسْنَاد دون
قَوْلهم ضَعِيف لَا يَقْتَضِي ضعف الْمَتْن إِلَّا إِذا اقْتصر
عَلَيْهِ حَافظ مُعْتَمد (59 / أ) فَالظَّاهِر ضعف الْمَتْن
وَعدم صِحَّته
الثَّالِث أَن الحَدِيث الضَّعِيف إِذا تَلَقَّتْهُ الْأمة
بِالْقبُولِ عمل بِهِ على الصَّحِيح حَتَّى إِنَّه ينزل منزلَة
الْمُتَوَاتر فِي أَنه ينْسَخ الْمَقْطُوع وَلِهَذَا قَالَ
الشَّافِعِي فِي حَدِيث لَا وَصِيَّة لوَارث إِنَّه لَا
يُثبتهُ أهل الحَدِيث وَلَكِن الْعَامَّة تَلَقَّتْهُ
بِالْقبُولِ وَعمِلُوا بِهِ حَتَّى جَعَلُوهُ نَاسِخا لآيَة
الْوَصِيَّة للْوَارِث
(1/390)
101 - (قَوْله) وَأَطْنَبَ أَبُو حَاتِم
البستي فِي تقسيمه
أَي فِي أول كِتَابه الضُّعَفَاء
102 - (قَوْله) وسبيل من أَرَادَ الْبسط إِلَى آخِره
[مِثَاله] أَن يعد الْمُنْقَطع قسما ثمَّ الْمُنْقَطع الشاذ
قسما آخر ثمَّ الْمُنْقَطع الشاذ الْمُرْسل قسما آخر ثمَّ
الْمُنْقَطع الشاذ الْمُرْسل المضطرب قسما رَابِعا
ثمَّ كَذَلِك إِلَى آخر الصِّفَات ثمَّ يعود فَيَقُول الشاذ
قسم خَامِس الشاذ
(1/391)
الْمُرْسل قسم سادس الْمُرْسل المضطرب قسم
سَابِع وَهَكَذَا
103 - (قَوْله) وَهَكَذَا هَلُمَّ جرا
اعْلَم أَنه مِمَّا يسْأَل عَنهُ إِعْرَاب هَذِه اللَّفْظَة
وَمَعْنَاهَا وَقل من يعرض لَهَا وَقد ذكرهَا الشريشي فِي شرح
المقامات وَقَالَ ينْتَصب فِي قَول الْكُوفِيّين على الْمصدر
لِأَن فِي هَلُمَّ [معنى] جروا جرا وَفِي قَول الْبَصرِيين
هُوَ مصدر فِي مَوضِع الْحَال تَقْدِيره هَلُمَّ جارين أَي
مستثبتين قِيَاسا على جَاءَ عبد الله مشيا وَأَقْبل ركضا
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي الْمَعْنى سِيرُوا على هيئتكم لَا
تجهدوا أَنفسكُم أخذا من
(1/392)
الْجَرّ فِي السُّوق وَهُوَ أَن تتْرك
الْإِبِل وَالْغنم ترعى فِي السّير ثمَّ رَأَيْت فِي الزَّاهِر
لِابْنِ الْأَنْبَارِي بعد أَن ذكر هَذَا الْمَعْنى قَالَ فِي
نَصبه ثَلَاثَة أوجه فَذكر الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلين وَقَالَ
وَالثَّالِث قَالَه بعض النَّحْوِيين أَنه مَنْصُوب على
التَّفْسِير يَعْنِي التَّمْيِيز قَالَ وَيُقَال للرجلين
هَلُمَّ جرا وهلما جرا وللجمع هلموا جرا وهلم جرا
وَالِاخْتِيَار التَّوْحِيد لِأَن هَلُمَّ لَيست فعلا
يتَصَرَّف وبالتوحيد جَاءَ الْقُرْآن قَالَ تَعَالَى
{والقائلين لإخوانهم هَلُمَّ إِلَيْنَا}
104 - (قَوْله) ثمَّ مَا عدم فِيهِ جَمِيع الصِّفَات هُوَ
الْقسم الْأُخَر
هُوَ بِكَسْر الْخَاء وَقصر الْألف قَالَ فِي الصِّحَاح يُقَال
فِي الشتم أبعد الله الْأُخَر وَفِي حَدِيث مَاعِز إِن
الْأُخَر زنا
قَالَ ابْن عبد الْبر الرِّوَايَة فِيهِ بِكَسْر الْخَاء على
وزن فعل عِنْد أهل اللُّغَة وَمَعْنَاهُ أَن البائس الشقي زنا
كَمَا تَقول الْأَبْعَد زنا قَالَه توبيخا لنَفسِهِ وَقَالُوا
فِي
(1/393)
قَول قيس بن عَاصِم [و] الْمَسْأَلَة أخر
كسب الرجل أَي أرذل كَسبه قلت وَعَن ابْن أَنه حُكيَ بِالْمدِّ
وَهُوَ غَرِيب
(1/394)
105 - (قَوْله) وَمن أَقسَام ذَلِك
أَي من أَقسَام الضَّعِيف إِلَى آخِره أما أَن الْمَوْضُوع من
أَقسَام الضَّعِيف فَغير مُسلم لِأَن الْمَوْضُوع لَيْسَ
بِحَدِيث أصلا بل لَا يَنْبَغِي أَن يعد الْبَتَّةَ وَأما
إِطْلَاقه الشاذ فَلَيْسَ بذلك فقد ينْفَرد الثِّقَة فَلَا يضر
شذوذه كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعه وَكَذَلِكَ الْمُعَلل
والمرسل لَيْسَ بضعيف مُطلقًا فقد يحْتَج بِهِ من ضعفه إِذا
اعتضد بِأُمُور
وَمِمَّا أهمله المُصَنّف هَا هُنَا ذكر أَو هِيَ الْأَسَانِيد
وَهُوَ نَظِير مَا تقدم فِي أصح الْأَسَانِيد وَقد تعرض لَهُ
الْحَاكِم وَأَبُو نعيم الْحَافِظ فِيمَا أخرجه على كتاب
الْحَاكِم والأستاذ أَبُو مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ
فأوهى أَسَانِيد الصّديق صَدَقَة الدقيقي عَن
(1/395)
فرقد السبخي عَن مرّة الطّيب عَن أبي بكر
وأوهى أَسَانِيد العمريين مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن عبد الله
بن عمر بن حَفْص بن عَاصِم عَن أَبِيه عَن جده فَإِن
مُحَمَّدًا وَالقَاسِم وعبد الله لَا يحْتَج بهم
(1/396)
وأوهي أَسَانِيد أهل الْبَيْت عَمْرو بن
شمر عَن جَابر الْجعْفِيّ عَن الْحَارِث الْأَعْوَر عَن عَليّ
وأوهى أَسَانِيد أبي هُرَيْرَة السّري بن إِسْمَاعِيل عَن
دَاوُد بن يزِيد الأودي عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة
(1/397)
وأوهى أَسَانِيد عَائِشَة نُسْخَة عِنْد
الْبَصرِيين عَن الْحَارِث بن شبْل عَن أم النُّعْمَان عَن
عَائِشَة
وأوهى أَسَانِيد (ل / 60 أ) عبد الله بن مَسْعُود شريك عَن أبي
فَزَارَة عَن أبي زيد عَن عبد الله إِلَّا أَن أَبَا فَزَارَة
رَاشد بن كيسَان كُوفِي ثِقَة
وأوهى أَسَانِيد أنس بن مَالك دَاوُد بن المحبر بن قحذم عَن
(1/398)
أَبِيه عَن أبان بن أبي عَيَّاش عَن أنس
وأوهي أَسَانِيد المكيين عبد الله بن مَيْمُون القداح عَن
شهَاب بن خرَاش عَن إِبْرَاهِيم بن يزِيد الخوزي عَن عِكْرِمَة
عَن ابْن عَبَّاس
وأوهى أَسَانِيد اليمانيين حَفْص بن عمر الْعَدنِي عَن الحكم
بن أبان
(1/399)
عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس
وأوهى أَسَانِيد المصريين أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحجَّاج بن
رشدين [بن] سعد عَن أَبِيه عَن جده عَن قُرَّة بن عبد
الرَّحْمَن بن حيوئيل عَن كل من روى عَنهُ فَإِنَّهَا نُسْخَة
كَبِيرَة
وأوهى أَسَانِيد الشاميين مُحَمَّد بن قيس المصلوب عَن عبيد
الله بن زحر
(1/400)
عَن عَليّ بن يزِيد عَن الْقَاسِم عَن أبي
أُمَامَة
(1/401)
وأوهى أَسَانِيد الخراسانيين عبد الله بن
عبد الرَّحْمَن بن مليحة عَن نهشل ابْن سعيد عَن الضَّحَّاك
عَن ابْن عَبَّاس وَابْن مليحة ونهشل نيسابوريان
(1/402)
106 - (قَوْله) والملحوظ فِيمَا نورده من
الْأَنْوَاع عُمُوم أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث لَا خُصُوص
أَنْوَاع التَّقْسِيم الَّذِي فَرغْنَا الْآن مِنْهُ
قلت هَذَا جَوَاب عَن سُؤال مُقَدّر وَهُوَ أَنه ذكر أول
الْكتاب أَن الحَدِيث يَنْقَسِم إِلَى ثَلَاثَة أَقسَام ثمَّ
ذكر بعد ذَلِك هَذِه الْأَنْوَاع وبناها على تِلْكَ
الْأَقْسَام السَّابِقَة فَأَيْنَ الْحصْر فِي الثَّلَاثَة
وَأجَاب بِأَن هَذِه الْأَنْوَاع من هَا هُنَا المُرَاد بهَا
أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث لَا خُصُوص مَا سبق
وَهُوَ جَوَاب غير متحصل وَإِنَّمَا الَّذِي يَنْبَغِي أَن
يُقَال إِن هَذِه الْأَقْسَام فِي الْحَقِيقَة ترجع إِلَى
تِلْكَ الثَّلَاثَة ثمَّ مِنْهَا مَا يرجع للصحيح فَقَط
[وَمِنْهَا مَا يرجع لِلْحسنِ فَقَط] وَمِنْهَا مَا يرجع
إِلَيْهِمَا وَمِنْهَا مَا يرجع إِلَى الضَّعِيف
فَيدْخل تَحت الصَّحِيح الْمسند والمتصل وَأحد نَوْعي
الْمَرْفُوع وَأحد نَوْعي الْمَوْقُوف وَهُوَ الْمُتَّصِل
مِنْهُمَا وَأحد أَنْوَاع الشاذ وَهُوَ أَن ينْفَرد الْعدْل
الضَّابِط بِرِوَايَة حَدِيث لَا يُخَالف فِيهِ من هُوَ أحفظ
مِنْهُ وأضبط وَيدخل تَحْتَهُ الْعَزِيز والغريب وَالْمَشْهُور
وَيدخل تَحت الضَّعِيف الْمَقْطُوع والمنقطع والمرسل والمعضل
وَالْمُعَلّق
(1/403)
والشاذ والمعلل والمضطرب والمدرج والموضوع
والمقلوب وَالْمُنكر والمدلس
وَمِمَّا يدْخلهُ الثَّلَاثَة الشاذ والمقطوع وَالْمَوْقُوف كل
وَاحِد مِنْهَا يَنْقَسِم إِلَى الصَّحِيح وَالْحسن والضعيف
(1/404)
|