النكت على مقدمة ابن الصلاح النَّوْع الْحَادِي عشر المعضل
144 - (قَوْله) وَهُوَ عبارَة عَمَّا سقط من إِسْنَاده اثْنَان
فَصَاعِدا
هَذَا حَكَاهُ الْحَاكِم عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَغَيره من
الْأَئِمَّة قَالُوا هُوَ أَن يكون بَين الْمُرْسل إِلَى
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكثر من رجل وَأَنه غير
الْمُرْسل فَإِن الْمَرَاسِيل للتابعين دون غَيرهم انْتهى
ومرادهم سُقُوطهَا من مَوضِع وَاحِد فَإِن سقطا من موضِعين
كَانَ مُنْقَطِعًا من وَجْهَيْن وَلَا يُسمى معضلا اصْطِلَاحا
(2/14)
145 - (قَوْله) _ مستشكلا - قَول
الْمُحدثين معضل بِفَتْح الضَّاد من حَيْثُ اللُّغَة
يَعْنِي لِأَن الْمَعْرُوف أعضل الْأَمر فَهُوَ معضل كأشكل
فَهُوَ مُشكل وَأَن لقَوْل الْمُحدثين مخلصا وَهُوَ أَنه
يُؤْخَذ من قَوْلهم أَمر عضيل أَي مستغلق وَشرح هَذَا أَن
قَوْلهم عضيل يدل على أَن مَا فِي ماضيه عضل ثلاثيا فعلى هَذَا
يكون لنا عضل قاصرا وأعضل مُتَعَدِّيا وقاصرا وَنَظِيره ظلم
اللَّيْل وأظلم اللَّيْل وأظلم الله اللَّيْل قَالَ الشَّاعِر
(هما أظلما حَالي)
وغطش اللَّيْل وأغطش وأغطشه الله هَذَا حَاصِل تَوْجِيه
كَلَامه وَقد
(2/15)
اسْتشْكل مَحل إشكاله فَقيل إِن كَانَ
إشكاله من جِهَة أَن الْمَاضِي فِي ذَلِك ثلاثي فَقَط
فَمَمْنُوع فقد حكى الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح أعضلني فلَان
أَي أعياني أمره وَقد أعضل الْأَمر [أَي اشْتَدَّ واستغلق
وَإِن كَانَ وَجه الْإِشْكَال أَن الرباعي إِنَّمَا أَتَى فِي
الْقَاصِر كأعضل الْأَمر] وَمِنْه أَمر معضل بِكَسْر الضَّاد
فَمَمْنُوع لما سبق من نقل الْجَوْهَرِي أعضلني فلَان وَهُوَ
رباعي فِي الْمُتَعَدِّي وَلَعَلَّ المُرَاد أَن الْمُتَعَدِّي
إِنَّمَا اسْتعْمل فِي نَحْو أعضلني فلَان أَي أعياني أمره
وَإِذا قلت أعضلني الحَدِيث أَي أعياني أمره كنت [أَنْت] معضلا
بِفَتْح الضَّاد وَهُوَ معضل بِكَسْرِهَا وَهُوَ خلاف المصطلح
فَلذَلِك كَانَ مُشكلا
وَيُؤْخَذ من قَوْلهم أَمر عضيل أَي مستغلق قيل وَلَا يمْتَنع
بِمَا سبق أَن يَقُول أعضلت الحَدِيث وأعضلت فلَانا إِذا صيرت
أمره معضلا فَيصح بذلك حَدِيث معضل - بِفَتْح الضَّاد -
قلت وَالصَّوَاب فِي تَقْرِير كَلَامه مَا سبق نعم قَوْله لَا
الْتِفَات إِلَى
(2/16)
معضل بِكَسْر الضَّاد يَقْتَضِي أَنه لحن
وَلَيْسَ كَذَلِك فقد حَكَاهُ صَاحب الْمُحكم إِلَّا أَن
يُرِيد أَنه لَا يُؤْخَذ مِنْهُ معضل - بِفَتْح الضَّاد -
فَقَط وَذَلِكَ يُقرر أَنه بِالْكَسْرِ عَرَبِيّ وَإِنَّمَا لم
يُؤْخَذ مِنْهُ معضل - بِفَتْح الضَّاد - لِأَن معضلا
بِكَسْرِهَا من رباعي قَاصِر كَمَا فِي أظلم اللَّيْل فَهُوَ
مظلم وَالْكَلَام فِي رباعي مُتَعَدٍّ وعضيل يدل عَلَيْهِ
لِأَن فعيلا بِمَعْنى مفعل إِنَّمَا اسْتعْمل فِي
الْمُتَعَدِّي وَقد فسر عضيل بمستغلق من أَنه رباعي مُتَعَدٍّ
وَذَلِكَ بقتضي صِحَة معضل بِفَتْح الضَّاد
وَقَوله مستغلق هُوَ بِفَتْح اللَّام بِمَعْنى استغلقه غَيره
كاستخرجه وَالْأَحْسَن أَن يكون من أعضلته إِذا صيرت أمره
معضلا
(2/17)
146 - (قَوْله) (وَذكر أَبُو نصر الْحَافِظ
أَن قَول الرَّاوِي إِلَى آخِره
هَذَا الْمِثَال ذكره الْحَاكِم أَيْضا وَقد اسْتشْكل كَونه
معضلا لجَوَاز أَن يكون مَالك سَمعه من أَصْحَاب أبي هُرَيْرَة
كسعيد المَقْبُري ونعيم المجمر فَإِنَّهُ
(2/18)
سمع مِنْهُم
وَأجِيب بِأَنَّهُ قد وَصله مَالك خَارج الْمُوَطَّأ فَبين أَن
بَينه وَبَينه اثْنَان ذكره الدَّارَقُطْنِيّ فِي غرائب مَالك
وَالْحَاكِم والخطيب فِي كِفَايَته فأسنده الْحَاكِم من (د 53)
طَرِيق إِبْرَاهِيم بن طهْمَان عَن مَالك
(2/19)
عَن مُحَمَّد بن عجلَان عَن أَبِيه عَن أبي
هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
للمملوك طَعَامه وَكسوته بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يُكَلف من
الْعَمَل إِلَّا مَا يُطيق قَالَ وَرَوَاهُ النُّعْمَان بن عبد
السَّلَام وَغَيره عَن مَالك وَذكر الْحَاكِم للمعضل أَمْثِلَة
قَالَ وَرُبمَا أعضل راو الحَدِيث فِي وَقت ثمَّ وَصله أَو
أرْسلهُ فِي وَقت فَيَنْبَغِي للْعَالم بِهَذِهِ الصّفة أَن
يُمَيّز بَين المعضل الَّذِي لَا يُوصل وَبَين مَا أعضله
الرَّاوِي فِي وَقت ثمَّ وَصله فِي وَقت
فَائِدَة
يُؤْخَذ من تَرْتِيب المُصَنّف حَيْثُ ذكر بعد الْمُرْسل
الْمُنْقَطع والمعضل تفاوتهما فِي الرُّتْبَة وَبِه صرح
الجوزقاني فِي أول الموضوعات فَقَالَ المعضل عندنَا أَسْوَأ
(2/20)
حَالا من الْمُنْقَطع والمنقطع عندنَا
أَسْوَأ حَالا من الْمُرْسل والمرسل عندنَا لَا تقوم بِهِ
حجَّة
147 - (قَوْله) الْإِسْنَاد المعنعن إِلَى آخِره
حَاصله حِكَايَة قَوْلَيْنِ فِيهِ
(2/21)
أَحدهمَا أَنه من قبيل الْمُرْسل والمنقطع
وَعبارَة الْمَازرِيّ فِي حكايته فِي شرح الْبُرْهَان وَمن
النَّاس من لم ير هَذَا تَصْرِيحًا بالمسند (أ 85) وَتوقف
فِيهِ مَخَافَة أَن يكون مُرْسلا
وَالثَّانِي أَنه مُتَّصِل بِشَرْطَيْنِ وجود المعاصرة مَعَ
الْبَرَاءَة من التَّدْلِيس
148 - (قَوْله) وَكَاد أَبُو عمر بن عبد الْبر يَدعِي إِجْمَاع
أَئِمَّة الحَدِيث
لَا حَاجَة لقَوْله كَاد فقد ادَّعَاهُ فِي أول كِتَابه
التَّمْهِيد وَعبارَته أجمع أهل الْعلم على قبُول الْإِسْنَاد
المعنعن بِثَلَاثَة شُرُوط عَدَالَة الْمُحدثين ولقاء بَعضهم
بَعْضًا وَأَن يَكُونُوا بُرَآء من التَّدْلِيس
(2/22)
وَلم يذكر ابْن الصّلاح الشَّرْط الأول ظنا
أَنه يُؤْخَذ من الثَّالِث
وَمَا نَقله عَن الداني وجدته فِي جُزْء لَهُ فِي عُلُوم
الحَدِيث فَقَالَ وَمَا كَانَ من الْأَحَادِيث المعنعنة
الَّتِي يَقُول فِيهَا ناقلوها عَن عَن فَهِيَ أَيْضا مُسندَة
بِإِجْمَاع أهل النَّقْل إِذا عرف أَن النَّاقِل أدْرك
الْمَنْقُول عَنهُ إدراكا بَينا وَلم يكن
(2/23)
مِمَّن عرف بالتدليس وَإِن لم يكن سَمَاعا
كأحاديث أهل الْمَدِينَة والحجاز وَالْبَصْرَة وَالشَّام ومصر
لأَنهم لَا يدلسون
قلت وَأَبُو عَمْرو الداني إِنَّمَا أَخذ ذَلِك من كَلَام
الْحَاكِم فَإِنَّهُ قَالَ فِي علومه الْأَحَادِيث المعنعنة
مُتَّصِلَة بِإِجْمَاع أهل النَّقْل إِذا لم يكن فِيهَا
تَدْلِيس لكنه لم يتَعَرَّض للقاء وَلَا معاصرة وَمِمَّنْ حكى
الْإِجْمَاع مَعَ اللقي وَالسَّمَاع مِنْهُ الْخَطِيب فِي
الْكِفَايَة قَالَ بِشَرْط أَن يكون مِمَّن يُدَلس وَلَا
يُجِيز الْإِسْقَاط للعلو لَكِن فِي نقل هَذَا الْإِجْمَاع نظر
فقد رَأَيْت فِي كتاب فهم السّنَن للْإِمَام الْحَارِث بن اسد
(2/24)
المحاسبي اخْتلف النَّاس فِيمَا تثبت بِهِ
السّنة فَقَالَ قوم تثبت بِخَبَر الْوَاحِد إِذا جَاءَ
مُتَّصِلا بِرِجَال معروفين بِالصّدقِ وَالْحِفْظ واللقاء
بَعضهم لبَعض إِذا قَالَ سَمِعت أَو حَدثنِي كل وَاحِد مِنْهُم
فَمن فَوْقه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَما
إِذا كَانُوا ثقاتا قد لَقِي بَعضهم بَعْضًا وَلم يقل كل
وَاحِد مِنْهُم سَمِعت أَو حَدثنِي أَو قَالُوهُ جَمِيعًا
إِلَّا وَاحِدًا فَلَا يثبت بِهِ أبدا سنة لأَنا قد وجدنَا
الْحفاظ يروون عَن غَيرهم مَا لم يسمعوه مِنْهُم إِذا أخْبرهُم
عَنْهُم غَيرهم فَلَا يجوز إِلَّا أَن يَقُول كل وَاحِد
مِنْهُم سَمِعت أَو حَدثنِي أَو أَخْبرنِي وَقَالَ آخَرُونَ
يثبت إِذا عرفُوا بِالْحِفْظِ واللقاء وَعدم التَّدْلِيس
وَقَالَ آخَرُونَ يثبت إِذا عرفُوا بِالْحِفْظِ واللقاء وَعدم
التَّدْلِيس وَقَالَ آخَرُونَ يقبل وَإِن كَانَ فيهم من يُدَلس
إِذا كَانَ لَا يُدَلس إِلَّا عَن ثِقَة فَإِن كَانَ يُدَلس
عَن غير ثِقَة لم يقبل هَذَا كَلَامه
(2/25)
قَالَ الْمَازرِيّ فِي شرح الْبُرْهَان
وَإِنَّمَا دعاهم إِلَى العنعنة طلب الإختصار لِأَن قَول
سَحْنُون حَدثنِي ابْن الْقَاسِم عَن مَالك عَن نَافِع عَن
ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخصر من قَوْله
حَدثنِي ابْن الْقَاسِم حَدثنِي مَالك حَدثنِي نَافِع نعم
إِنَّمَا يحكم بالإتصال بِالشّرطِ السَّابِق إِذا لم يروه
ذَلِك الرَّاوِي من جِهَة أُخْرَى مُصَرحًا بالواسطة فَإِن
رَوَاهُ كَذَلِك فَالثَّانِي فِيهِ خلاف تعَارض الْوَصْل
والإنقطاع وَقد أَشَارَ إِلَى ذَلِك أَبُو الْحسن بن الْقطَّان
فِي الْوَهم وَالْإِيهَام
(2/26)
فَقَالَ يحكم على الحَدِيث بالإنقطاع من
إِحْدَى أَربع جِهَات
الأولى قَول إِمَام من أَئِمَّة الْمُحدثين هَذَا مُنْقَطع
لِأَن فلَانا لم يسمع من فلَان يقبل ذَلِك مِنْهُ مَا لم يثبت
خِلَافه
الثَّانِيَة أَن تُوجد رِوَايَة الْمُحدث لحديثه بِعَيْنِه
بِزِيَادَة وَاسِطَة بَينهمَا فَيقْضى على الأول بالإنقطاع
الثَّالِثَة أَن يعلم من تَارِيخ الرَّاوِي والمروي عَنهُ أَنه
لم يسمع مِنْهُ
الرَّابِعَة أَن يكون الإنقطاع مُصَرحًا بِهِ من الْمُحدث مثل
أَن يَقُول حدثت
(2/27)
عَن فلَان أَو بَلغنِي - إِمَّا مُطلقًا
وَإِمَّا فِي حَدِيث حَدِيث
قَالَ ابْن الْمواق فِي بغية النقاد وَإِنَّمَا يكون الَّذِي
ذكره فِي الثَّانِيَة مُنْقَطِعًا بِشُرُوط
أَحدهمَا أَن يكون الرَّاوِي قد عنعن وَلم يُصَرح بِالسَّمَاعِ
وَلَا بِمَا يَقْتَضِيهِ من حَدثنَا وَشبهه
الثَّانِي أَن يكون رَاوِي الزِّيَادَة ثِقَة فَإِن رِوَايَة
غير الثِّقَة مناقضة غير قادحة قَالَ النَّسَائِيّ لَا يحكم
بالضعفاء على الثِّقَات
الثَّالِث أَلا يُخَالف رَاوِي الزِّيَادَة الْحفاظ وَلَا
يَأْتِي بشذوذ وَمَا لَا يُتَابع عَلَيْهِ (أ 86) وَإِن كَانَ
ثِقَة فَإِنَّهُ إِذا خَالف الْحفاظ أَو شَذَّ لم تعْتَبر
رِوَايَته وَكَانَ القَوْل
(2/28)
قَول الْجُمْهُور قَالَ وَهَذَا الشَّرْط
لم يعتبره ابْن الْقطَّان وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَإِن
الْجُمْهُور ردوا رِوَايَة عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج
حَدِيث أم كرز فِي الْعَقِيقَة
(2/29)
وحكموا بوهمه لما قَالَت الْحفاظ من
أَصْحَاب ابْن جريج فَزَاد فِي إِسْنَاده رَاوِيا بَين سِبَاع
بن ثَابت وَأم كرز مِمَّن نقل ذَلِك
(2/30)
أَحْمد بن حَنْبَل وَأَبُو بكر
النَّيْسَابُورِي وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيرهم
149 - (قَوْله) فَظن بِهِ
قَالَ المُصَنّف هُوَ أَمر من الظَّن
150 - (قَوْله) اخْتلفُوا فِي قَوْله أَن فلَانا
حَاصله حِكَايَة قَوْلَيْنِ
أَحدهمَا أَنَّهُمَا سَوَاء وَيُؤَيِّدهُ أَن لُغَة بني تَمِيم
إِبْدَال الْعين من الْهمزَة
وَالثَّانِي أَنَّهُمَا ليسَا سَوَاء وَنسبَة لِأَحْمَد بن
حَنْبَل وَالَّذِي حَكَاهُ الْخَطِيب فِي الْكِفَايَة
بِإِسْنَادِهِ إِلَى أبي دَاوُد قَالَ سَمِعت أَحْمد قيل لَهُ
إِن رجلا قَالَ
(2/31)
عُرْوَة أَن عَائِشَة قَالَت يَا رَسُول
الله وَعَن عُرْوَة عَن عَائِشَة سَوَاء قَالَ كَيفَ هَذَا
سَوَاء لَيْسَ هَذَا بِسَوَاء وَإِنَّمَا فرق أَحْمد بَين
اللَّفْظَيْنِ فِي هَذِه الصُّورَة لِأَن عُرْوَة فِي اللَّفْظ
الأول لم يسند ذَلِك إِلَى عَائِشَة وَلَا أدْرك [الْقِصَّة
فَكَانَت] مُرْسلَة وَأما اللَّفْظ الثَّانِي فأسند ذَلِك
إِلَيْهَا بالعنعنة فَكَانَت مُتَّصِلَة نعم قَالَ أَبُو
الْحسن الْحصار فِي تقريب المدارك وَفِي إِن وَأَن اخْتِلَاف
(2/32)
وَالْأولَى أَن يلحقا بالمقطوع إِذْ لم
يتفقوا على عدهما فِي الْمسند وَلَوْلَا إِجْمَاعهم فِي عَن
لَكَانَ فِيهِ نظر
وَحكى ابْن حزم فِي كتاب الإحكام عَن بعض أَصْحَاب الحَدِيث
أَن قَالَ فلَان يحْتَمل فِي الرَّقَائِق (د 54) وَلَا يحْتَمل
فِي الْأَحْكَام قَالَ وَهُوَ بَاطِل
151 - (قَوْله) عَن أبي بكر البرديجي
قَالَ المُصَنّف برديج على مِثَال فعليل بِفَتْح أَوله بليدَة
بَينهَا وَبَين بردعة نَحْو أَرْبَعَة عشر فرسخا إِلَيْهَا
ينْسب هَذَا الْحَافِظ أَبُو بكر أَحْمد بن هَارُون البرديجي
وَمن ينحو بهَا نَحْو أوزان كَلَام الْعَرَب كسر أَولهَا نظرا
إِلَى أَنه لَيْسَ فِي كَلَامهم فعليل - بِفَتْح الْفَاء -
قلت فِي الْعباب للصاغاني برديج - بِكَسْر الْبَاء - بليدَة
بأقصى
(2/33)
أذربيجان والعامة يفتحون باءها
152 - (قَوْله) فِيمَا حَكَاهُ عَن يَعْقُوب بن شيبَة فِي
مُسْنده أَن أَن على الإنقطاع
قد نوزع [ابْن الصّلاح] فِيهِ بِأَن يَعْقُوب لم يرد هَذَا
وَلم يَجعله مُرْسلا من حَيْثُ إِنَّه لم يسند حِكَايَة
الْقِصَّة إِلَى عمار والإ فَلَو قَالَ أَن عمارا قَالَ
مَرَرْت بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما جعله
مُرْسلا فَلَمَّا أَتَى بِهِ بِلَفْظ أَن عمارا مر
بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ مُحَمَّد بن
الْحَنَفِيَّة هُوَ الحاكي لقصة لم يُدْرِكهَا لِأَنَّهُ لم
يدْرك مُرُور عمار بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَكَانَ لذَلِك مُرْسلا وَهَذَا يلْتَفت على معرفَة مَسْأَلَة
وَهِي أَن
(2/34)
الرَّاوِي إِذا روى حَدِيثا فِيهِ قصَّة
أَو وَاقعَة فَإِن كَانَ أدْرك مَا رَوَاهُ بِأَن حكى قصَّة
وَقعت بَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين بعض
الصَّحَابَة والراوي لذَلِك صَحَابِيّ أدْرك تِلْكَ
الْوَاقِعَة فَهِيَ مَحْكُوم لَهَا بالاتصال وَإِن لم [نعلم]
أَنه شَاهدهَا وَإِن لم يدْرك تِلْكَ الْوَاقِعَة فَهُوَ
مُرْسل صَحَابِيّ وَإِن كَانَ الرَّاوِي تابعيا فَهُوَ
مُنْقَطع وَإِن روى التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ قصَّة أدْرك
وُقُوعهَا كَانَ مُتَّصِلا وَإِن لم يدْرك وُقُوعهَا وأسندها
إِلَى الصَّحَابِيّ كَانَت مُتَّصِلَة وَإِن لم يُدْرِكهَا
وَلَا أسْند حكايتها إِلَى الصَّحَابِيّ فَهِيَ مُنْقَطِعَة
كَرِوَايَة ابْن الْحَنَفِيَّة الثَّابِتَة عَن عمار وَلَا بُد
من اعْتِبَار السَّلامَة من التَّدْلِيس فِي التَّابِعين وَمن
بعدهمْ وَقد حكى أَبُو عبد الله بن الْمواق فِي كِتَابه بغية
النقاد اتِّفَاق أهل التَّحْقِيق من أهل الحَدِيث على ذَلِك
(2/35)
فِي الْكَلَام على حَدِيث عرْفجَة
153 - (قَوْله) ثمَّ إِن الْخَطِيب مثل هَذِه الْمَسْأَلَة
إِلَى آخِره
(2/36)
قد يُقَال بل للتمثيل وَجه صَحِيح وَهُوَ
أَنه إِذا كَانَ من مُسْند ابْن عمر اقْتضى أَن عمر لم يسند
فِي الْمسند بِلَفْظَة أَن وَكَذَلِكَ لم يدْخل عمار فِي
الْمسند فِي رِوَايَة أَن فَجعله ابْن شيبَة مُرْسلا بِخِلَاف
عمار والراوي لَهما وَاحِد وَهُوَ ابْن الْحَنَفِيَّة
154 - (قَوْله) الثَّالِث قد ذكرنَا مَا حَكَاهُ ابْن عبد
الْبر إِلَى آخِره فِيهِ أُمُور
(2/37)
أَحدهَا أَن (أ 87) ابْن عبد الْبر لم
يُطلق ذَلِك بل شَرط فِيهِ الشُّرُوط الثَّلَاثَة فِيمَا سبق
نعم أطلقهُ ابْن حزم فَقَالَ فِي كتاب الإحكام وَإِذا علم أَن
الْعدْل قد أدْرك من روى عَنهُ من الْعُدُول فَهُوَ على
اللِّقَاء وَالسَّمَاع سَوَاء قَالَ أخبرنَا أَو حَدثنَا أَو
عَن فلَان أَو قَالَ فلَان كل ذَلِك مَحْمُول على السماع
مِنْهُ انْتهى وَهَذَا قد يشكل على تَعْلِيله حَدِيث المعازف
الْآتِي
الثَّانِي مَا حَكَاهُ عَن أبي بكر الصَّيْرَفِي رَأَيْته
مُصَرحًا بِهِ فِي كِتَابه الْمُسَمّى بالدلائل والأعلام فِي
أصُول الْأَحْكَام فَقَالَ وكل من علم لَهُ سَماع من إِنْسَان
فَحدث عَنهُ فَهُوَ على السماع حَتَّى يعلم أَنه لم يسمع
مِنْهُ مَا حَكَاهُ وكل من علم لَهُ لِقَاء إِنْسَان فَحدث
عَنهُ فَحكمه هَذَا الحكم لِأَن السماع واللقاء قد حصلا
اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يتَبَيَّن أَنه لم يسمع مَعَ اللِّقَاء
قَالَ وَمن أمكن سَمَاعه وَعدم سَمَاعه فَهُوَ على الْعَدَم
حَتَّى يتَحَقَّق سَمَاعه وَكَذَلِكَ الحكم فِي اللِّقَاء
انْتهى
وَقَول ابْن الصّلاح إِنَّمَا قَالَ هَذَا فِيمَن لم يظْهر
تدليسه يَعْنِي لِأَنَّهُ قَالَ
(2/38)
قبل هَذَا الْكَلَام وَمن ظهر تدليسه عَن
غير الثِّقَات لم يقبل خَبره حَتَّى يَقُول حَدثنِي وَسمعت
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر مَتى قَالَ الْمُحدث حَدثنَا فلَان عَن
فلَان قبل خَبره لِأَن الظَّاهِر أَنه حكى عَنهُ وَإِنَّمَا
توقفنا فِي المدلس لعيب ظهر لنا مِنْهُ فَإِن لم يظْهر فَهُوَ
على سَلَامَته وَلَو توقفنا فِي هَذَا لتوقفنا فِي حَدثنَا
لِإِمْكَان أَن يكون حدث قبيلته وَأَصْحَابه كَقَوْل الْحسن
خَطَبنَا فلَان بِالْبَصْرَةِ وَلم يكن حَاضرا لِأَنَّهُ
احْتِمَال لاغ فَكَذَلِك من علم سَمَاعه إِذا كَانَ غير
مُدَلّس وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ الصَّحَابِيّ أَبُو بكر أَو عمر
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ مَحْمُول
على السماع وَالْقَائِل بِخِلَاف ذَلِك مُغفل انْتهى
155 - (قَوْله) وَأنكر مُسلم بن الْحجَّاج فِي خطْبَة صَحِيحه
على بعض أهل عصره إِلَى آخِره
قيل يُرِيد بِهِ البُخَارِيّ نعم البُخَارِيّ لَا يشْتَرط
ذَلِك فِي أصل الصِّحَّة وَلَكِن الْتَزمهُ فِي جَامعه
فَلَعَلَّهُ يُرِيد ابْن الْمَدِينِيّ فَإِنَّهُ يشْتَرط ذَلِك
فِي أصل الصِّحَّة على مَا قيل
وَهل البُخَارِيّ يشْتَرط ثُبُوت السماع فِي كل حَدِيث أَو
إِذا ثَبت السماع فِي حَدِيث وَاحِد حمل الْبَاقِي عَلَيْهِ
حَتَّى يدل دَلِيل على خِلَافه فِيهِ نظر وَالْأَقْرَب
(2/39)
الثَّانِي وَقد بَلغنِي عَن الْحَافِظ أبي
الْحجَّاج الْمزي نفس مَذْهَب البُخَارِيّ وَيشْهد لَهُ أَن
عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَالْبُخَارِيّ أثبتا سَماع الْحسن من
سَمُرَة مُطلقًا لِأَنَّهُ صَحَّ عَنهُ سَمَاعه لحَدِيث
الْعَقِيقَة قَالَ التِّرْمِذِيّ أَخْبرنِي مُحَمَّد بن
إِسْمَاعِيل عَن
(2/40)
عَليّ بن عبد الله عَن قُرَيْش بن أنس عَن
حبيب بن الشَّهِيد قَالَ لي مُحَمَّد بن سِيرِين سُئِلَ الْحسن
مِمَّن سمع حَدِيث الْعَقِيقَة فَسَأَلته قَالَ سمعته من
سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ مُحَمَّد قَالَ عَليّ وَسَمَاع
الْحسن من سَمُرَة صَحِيح وَاحْتج بِهَذَا الحَدِيث
وَاعْلَم أَن هَذَا الْمَذْهَب الَّذِي رده مُسلم هُوَ
مُقْتَضى كَلَام الشَّافِعِي فِي الرسَالَة إِذْ قَالَ فِي
بَاب خبر الْوَاحِد حِكَايَة عَن سَائل سَأَلَهُ فَقَالَ فَمَا
بالك قبلت مِمَّن لَا
(2/41)
تعرفه بالتدليس أَن يَقُول عَن وَقد يُمكن
فِيهِ أَن يكون لم يسمعهُ فَقلت لَهُ الْمُسلمُونَ الْعُدُول
عدُول أصحاء الْأَمر فِي أنفسهم [وحالهم فِي أنفسهم] غير
حَالهم فِي غَيرهم أَلا ترى أَنِّي إِذا عرفتهم بِالْعَدْلِ
فِي أنفسهم قبلت شَهَادَتهم وَإِذا شهدُوا على شَهَادَة غَيرهم
لم أقبل [شَهَادَة غَيرهم] حَتَّى أعرف حَاله وَلم تكن معرفتي
عدلهم معرفتي عدل من شهدُوا على شَهَادَته وَقَوْلهمْ عَن خبر
أنفسهم وتسميتهم على الصِّحَّة حَتَّى نستدل من فعلهم بِمَا
يُخَالف ذَلِك فنحترس مِنْهُم فِي الْموضع الَّذِي خَالف فعلهم
فِيهِ مَا يجب عَلَيْهِم
وَلم نَعْرِف بالتدليس ببلدنا مِمَّن مضى وَلَا من أدركنا من
أَصْحَابنَا إِلَّا حَدِيثا فَإِن مِنْهُم من قبله عَمَّن لَو
تَركه عَلَيْهِ كَانَ خيرا لَهُ وَكَانَ قَول الرجل سَمِعت
فلَانا يَقُول [سَمِعت فلَانا] وَقَوله حَدثنِي فلَان عَن
فلَان سَوَاء عِنْدهم لَا يحدث أحد مِنْهُم عَمَّن لَقِي
إِلَّا مَا سمع مِنْهُ فَمن عَرفْنَاهُ بِهَذِهِ الطَّرِيق
قبلنَا مِنْهُ حَدثنِي فلَان عَن فلَان وَمن عَرفْنَاهُ دلّس
مرّة فقد أبان لنا عَوْرَته فِي رِوَايَته (أ 89) وَلَيْسَت
تِلْكَ الْعَوْرَة بكذب فَيرد بهَا حَدِيثه وَلَا النَّصِيحَة
فِي الصدْق (د 55) [فنقبل مِنْهُ مَا قبلنَا من أهل
النَّصِيحَة فِي الصدْق] فَقُلْنَا لَا نقبل من مُدَلّس
حَدِيثا حَتَّى يَقُول فِيهِ حَدثنِي أَو سَمِعت انْتهى
(2/42)
وَمِمَّنْ اخْتَار هَذَا الْمَذْهَب من
الْمُتَأَخِّرين ابْن الْوَكِيل فِي كِتَابه الْإِنْصَاف
فَقَالَ الَّذِي أرَاهُ أَنه لَا يحمل على السماع وَإِن ثَبت
اللِّقَاء لجَوَاز أَن يكون بلغه من عدل عِنْده لَو ذكره لنا
لعرفنا فسقه أَو رَآهُ فِي كِتَابه فَيكون وجادة وَبِهَذَا رد
ابْن حزم حَدِيث البُخَارِيّ فِي المعازف لقَوْله فِيهِ قَالَ
هِشَام بن عمار مَعَ أَنه شيخ البُخَارِيّ انْتهى
(2/43)
156 - (قَوْله) الرَّابِع التَّعْلِيق
الَّذِي يذكرهُ الْحميدِي فِي أَحَادِيث من صَحِيح
[البُخَارِيّ] قطع إسنادها صورته صُورَة الإنقطاع وَلَيْسَ
حكمه حكمه
اعْترض عَلَيْهِ بِأَنا نمْنَع أَن يكون ذَلِك من شَرط
البُخَارِيّ فَإِنَّهُ سمى كِتَابه الْمسند فَمَا لم يسْندهُ
لم يلْتَزم تَصْحِيحه
وَالْجَوَاب أَن هَذَا من ابْن الصّلاح مَبْنِيّ على قَاعِدَته
السَّابِقَة فِي تعاليق البُخَارِيّ المجزوم بهَا أَنَّهَا فِي
حكم الْمُتَّصِلَة وَقد سبق بِمَا فِيهِ وَلَا يُنَافِيهِ
تَسْمِيَته بالمسند بل إِدْخَاله لَهَا بِصِيغَة الْجَزْم فِي
الصَّحِيح يدل على أَنَّهَا مُسندَة وَلَكِن حذفه اختصارا
(2/44)
157 - (قَوْله) على مَا نبهنا عَلَيْهِ فِي
الْفَائِدَة السَّادِسَة
الَّذِي ذكره هُنَاكَ تَفْصِيل لَا يُوَافق مَا أطلقهُ هُنَا
فَلْيتَأَمَّل
158 - (قَوْله) من جِهَة أَن البُخَارِيّ أوردهُ قَائِلا فِيهِ
قَالَ هِشَام بن عمار فَزعم ابْن حزم أَنه مُنْقَطع فِيمَا
بَين البُخَارِيّ وَهِشَام إِلَى أَن قَالَ والْحَدِيث صَحِيح
مَعْرُوف الِاتِّصَال بِشَرْط الصَّحِيح
يَعْنِي فقد وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي كتاب الْمُسْتَخْرج
على البُخَارِيّ فَقَالَ حَدثنَا الْحسن وَهُوَ ابْن سُفْيَان
النسوي الإِمَام [قَالَ] ثَنَا هِشَام بن عمار فَذكره
(2/45)
وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ فِي مُسْند
الشاميين حَدثنَا مُحَمَّد بن يزِيد بن عبد الصَّمد حَدثنَا
هِشَام بن عمار فَذكره ثمَّ إِن هِشَام بن عمار أحد شُيُوخ
البُخَارِيّ حدث عَنهُ بِأَحَادِيث وعدوله هُنَا عَن
التَّصْرِيح بِالتَّحْدِيثِ إِنَّمَا هُوَ ليفرق بَين مَا
أَخذه عَن مشايخه فِي مجْلِس المذاكرة وَبَين مَا يَأْخُذهُ
فِي مجْلِس التحديث وَقد قَالَ ابْن حزم فِي كِتَابه الإحكام
فِي أصُول الْفِقْه إِن قَالَ مَحْمُولَة على السماع إِذا علم
(2/46)
إِدْرَاك الرَّاوِي للقائل فَكيف يَجعله
هُنَا مُنْقَطِعًا وَاعْلَم أَن اعْتِرَاض ابْن حزم بذلك ساعده
عَلَيْهِ صَاحبه الْحميدِي فِي الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ
فَإِن البُخَارِيّ قَالَ وَقَالَ عُثْمَان بن الْهَيْثَم
حَدثنَا عَوْف عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة -
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ - قَالَ وكلني رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم بِحِفْظ زَكَاة رَمَضَان فَأَتَانِي آتٍ فَجعل
يحثو من الطَّعَام وَذكر الحَدِيث فَقَالَ الْحميدِي أخرجه
البُخَارِيّ
(2/47)
تَعْلِيقا بل قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ أخرجه
البُخَارِيّ مَقْطُوعًا
وَهَذَا كُله مَرْدُود فَإِن عُثْمَان بن الْهَيْثَم أحد
شُيُوخ البُخَارِيّ الَّذِي حدث عَنْهُم فِي صَحِيحه وَسمع
مِنْهُم وَقَول البُخَارِيّ فِي مثله قَالَ فلَان مَحْمُول على
سَمَاعه مِنْهُ واتصاله فَإِن الله تَعَالَى برأه من
التَّدْلِيس وَلَيْسَ ذَلِك بتعليق إِنَّمَا الْمُعَلق مَا
أسقط البُخَارِيّ مِنْهُ شَيْخه أَو أَكثر بِأَن يَقُول فِي
مثل هَذَا الحَدِيث وَقَالَ عَوْف أَو قَالَ مُحَمَّد بن
سِيرِين
(2/48)
وَسُئِلَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن دَقِيق
الْعِيد عَن هَذَا فصوب مقَالَة الْحميدِي قَالَ لَكِن
الحَدِيث صَحِيح بجزم البُخَارِيّ أَن [عُثْمَان بن]
الْهَيْثَم قَالَ قلت وَقد وَصله النَّسَائِيّ فِي سنَنه
الْكَبِير فَقَالَ أخبرنَا إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب ثَنَا
عُثْمَان بن الهيئم
وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي الْمُسْتَخْرج حَدثنَا عبيد
الله بن مُحَمَّد بن النَّضر اللؤْلُؤِي ثَنَا الْحسن بن السكن
ثَنَا عُثْمَان بن الْهَيْثَم وَحدثنَا الْحسن بن سُوَيْد
ثَنَا
(2/49)
عبد الْعَزِيز بن سَلام سَمِعت عثمانا
فَذكره
وَقَالَ أَبُو نعيم ثَنَا أَبُو مُحَمَّد بن الْحسن ثَنَا ابْن
حَرْب وَحدثنَا ابْن إِسْحَاق ثَنَا مُحَمَّد بن (أ 89) يحيى
وجعفر بن أَحْمد بن سِنَان قَالَا حَدثنَا هِلَال بن بشر أَنا
عُثْمَان بن الْهَيْثَم
وَالْحَاصِل أَن قَول البُخَارِيّ عَمَّن لقِيه من شُيُوخه
وَقَالَ فلَان لَيْسَ حكمه حكم التَّعْلِيق بل هُوَ من قبيل
الْمُتَّصِل كَمَا سبق فِي الْإِسْنَاد المعنعن والشروط
السَّابِقَة مَوْجُودَة هُنَا وَهَذَا الْمَذْكُور هُنَا هُوَ
الصَّوَاب وَقد خَالف المُصَنّف هَذَا فِي مِثَال مثل بِهِ فِي
السَّادِسَة من الْفَوَائِد فِي النَّوْع الأول فِي قَوْله
قَالَ القعْنبِي كَذَا حَيْثُ مثل بِهِ لما سقط من أول
إِسْنَاده وَاحِد وَقد بَينا هُنَاكَ أَن القعْنبِي شيخ
(2/50)
البُخَارِيّ حدث عَنهُ فِي صَحِيحه فَيكون
قَوْله قَالَ القعْنبِي مَحْمُولا على الِاتِّصَال كالحديث
المعنعن وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب فِي كل مَا يَقُول البُخَارِيّ
فِيهِ قَالَ عَن مشايخه
وَقَول المُصَنّف وَالْبُخَارِيّ قد يفعل مثل ذَلِك لكَون
الحَدِيث إِلَى آخِره
هَذَا أَخذه من كَلَام الْإِسْمَاعِيلِيّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي
الْمدْخل كثيرا مَا يَقُول البُخَارِيّ قَالَ فلَان وَقَالَ
فلَان فَيحْتَمل أَن يكون إعراضه عَن التَّصْرِيح
بِالتَّحْدِيثِ لوجوه أَحدهَا أَلا يكون قد سَمعه مِمَّن يَثِق
بِهِ عَالِيا وَهُوَ مَعْرُوف من جِهَة الثِّقَات عَن ذَلِك
الْمَرْوِيّ عَنهُ فَيَقُول قَالَ فلَان مُقْتَصرا على صِحَّته
وشهرته من غير جِهَته
(2/51)
وَالثَّانِي أَن يكون قد ذكره فِي مَوضِع
آخر بِالتَّحْدِيثِ فَاكْتفى عَن إِعَادَته ثَانِيًا
وَالثَّالِث أَن يكون من سمع مِنْهُ ذَلِك لَيْسَ من شَرط
كِتَابه فنبه على الْخَبَر الْمَقْصُود بِتَسْمِيَة من قَالَه
لَا على وَجه التحديث بِهِ عَنهُ قَالَ وَأما مَا كَانَ من
ذَلِك فَهُوَ صَحِيح سَائِغ غير مَدْفُوع
ويضاف لما ذكره رَابِع وَهُوَ أَن يقْصد بذلك الْفرق بَين مَا
يَأْخُذهُ عَن مشايخه فِي حَالَة التحديث وَحَالَة المذاكرة
وَإِنَّمَا فرق بَينهمَا احْتِيَاطًا
159 - (قَوْله) وَأما مَا أوردهُ كَذَلِك عَن شُيُوخه فَهُوَ
من قبيل مَا ذَكرْنَاهُ
(2/52)
قَرِيبا
يَعْنِي أَنه لَيْسَ لَهُ حكم التَّعْلِيق بل حكمه حكم
الْإِسْنَاد المعنعن لِسَلَامَةِ البُخَارِيّ من التَّدْلِيس
وَسبق أَن المُصَنّف خَالف هَذَا [فِي] النَّوْع [الأول]
160 - (قَوْله) وَبَلغنِي عَن بعض الْمُتَأَخِّرين من أهل
الْمغرب أَنه جعله قسما من التَّعْلِيق ثَانِيًا وأضاف
[إِلَيْهِ] مثل قَول البُخَارِيّ وَقَالَ لي فلَان وروانا
فلَان فوسم ذَلِك بِالتَّعْلِيقِ الْمُتَّصِل من حَيْثُ
الظَّاهِر الْمُنْفَصِل من حَيْثُ الْمَعْنى وَقَالَ وَمَتى
رَأَيْت البُخَارِيّ يَقُول وَقَالَ لي وَقَالَ لنا فَاعْلَم
أَنه إِسْنَاد لم يذكرهُ للاحتجاج بِهِ وَإِنَّمَا ذكره
للاستشهاد قَالَ ابْن الصّلاح وَهُوَ مُخَالف لقَوْل من هُوَ
أعرف مِنْهُ وَهُوَ أَبُو جَعْفَر النَّيْسَابُورِي فَإِنَّهُ
قَالَ هُوَ عرض ومناولة انْتهى
(2/53)
وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ رد على هَذَا
الْمُتَأَخر وَإِنَّمَا فِيهِ بَيَان المُرَاد بقوله قَالَ
وَهَذَا جَائِز الْإِرَادَة وَقد لَا يبلغ عِنْده مبلغ
الِاحْتِجَاج لَكِن مَا ذكره هَذَا الْمُتَأَخر ضَعِيف لتسويته
بَين قَوْله [قَالَ فلَان وَقَالَ لي فلَان] هَذِه نَص فِي
الِاتِّصَال وَإِنَّمَا الَّذِي يُمكن دَعْوَى ذَلِك فِيهِ مَا
قدم من قَول البُخَارِيّ قَالَ هِشَام بن عمار الَّذِي لَيْسَ
فِي لَفظه مَا يشْعر بالاتصال إِلَّا دَعْوَى الْفرق الَّذِي
قدمه من كَلَام (د 56) الصَّيْرَفِي وَغَيره من تَعْمِيم الحكم
بالاتصال فِيمَا ذكره الرَّاوِي عَمَّن لقِيه بِأَيّ لفظ كَانَ
حَكَاهُ ابْن عبد الْبر وَغَيره
وتشاغل المُصَنّف بِبَيَان المُرَاد بقوله قَالَ لي وَلَيْسَ
الْكَلَام فِيهِ وَإِنَّمَا الْكَلَام فِي اتِّصَاله وَعَدَمه
وَالظَّاهِر أَنه نَص فِي الِاتِّصَال بِخِلَاف قَالَ فلَان
وَأَن تَفْرِقَة البُخَارِيّ بَين قَالَ لي مُقَيّدا وَبَين
قَوْله قَالَ مُطلقًا جديرة بِإِرَادَة مَا يتَبَادَر (أ 90)
إِلَى الذِّهْن مِنْهَا من قُوَّة الِاتِّصَال مَعَ
الْإِضَافَة وضعفها عِنْد الْحَذف أَو
(2/54)
لَعَلَّه حَيْثُ أطلق أَرَادَ أَنه قَالَ
لَهُ وَلغيره فِي المذاكرة فَلَمَّا لم يَخُصُّهُ أطلق وَلم
يُقيد عملا بِمَا سبق عَن الصَّيْرَفِي وَمَا حكم بِهِ ابْن
عبد الْبر وَغَيره من الِاتِّصَال
161 - (قَوْله) وَكَأن هَذَا التَّعْلِيق مَأْخُوذ من تَعْلِيق
الْجِدَار وَتَعْلِيق الطَّلَاق
قد نوزع فِي أَخذه من تَعْلِيق الطَّلَاق فَلَيْسَ التَّعْلِيق
فِيهِ لأجل قطع الِاتِّصَال بل لتعليق أَمر على أَمر بِدَلِيل
اسْتِعْمَاله فِي الْوكَالَة وَالْبيع وَغَيرهمَا [بل وَفِي
الْكَلَام أَيْضا] فَلَا يَصح أَن يكون تَعْلِيق الطَّلَاق
لأجل قطع الِاتِّصَال إِلَّا أَن يُرِيد بِهِ قطع اتِّصَال حكم
التَّنْجِيز بِاللَّفْظِ لَو كَانَ مُنجزا
(2/55)
قلت تَعْلِيق الطَّلَاق لَيْسَ فِيهِ قطع
اتِّصَال إِذْ لم يتَّصل الطَّلَاق بِالْمحل حَتَّى يُقَال إِن
التَّعْلِيق قطعه فَيَنْبَغِي أَن يكون مُرَاد المُصَنّف
بِالْقطعِ الدّفع لَا الرّفْع فَإِن التَّعْلِيق منع من
الِاتِّصَال وَذَلِكَ هُوَ نَظِير تَعْلِيق الْجِدَار
فَإِنَّهُ منع من اتِّصَاله بِالْأَرْضِ لَا أَنه وجد
الِاتِّصَال ثمَّ قطعه
وَوجه مناسبته فِي الحَدِيث أَن سُقُوط الرَّاوِي مِنْهُ منع
من اتِّصَال الحَدِيث لكنه منع مُسْتَمر وَإِلَّا لم يكن
تَعْلِيقا بِخِلَاف الطَّلَاق والجدار
162 - (قَوْله) الْخَامِس الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ بعض
الثِّقَات مُرْسلا وَبَعْضهمْ مُتَّصِلا كَحَدِيث لَا نِكَاح
إِلَّا بولِي
فِي هَذَا التَّمْثِيل نظر فَإِنَّهُ قد رُوِيَ عَن شُعْبَة
وسُفْيَان أَنَّهُمَا وصلاه أَيْضا فَهُوَ من أَمْثِلَة مَا
وَصله الرَّاوِي مرّة وأرسله أُخْرَى فَأخْرجهُ الْحَاكِم فِي
مُسْتَدْركه من جِهَة النُّعْمَان بن عبد السَّلَام عَن
شُعْبَة وسُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي
(2/56)
بردة عَن أبي مُوسَى أَن رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا نِكَاح إِلَّا بولِي قَالَ
الْحَاكِم وَهَذَا الحَدِيث لم يكن لِلشَّيْخَيْنِ إخلاء
الصَّحِيحَيْنِ مِنْهُ فَإِن النُّعْمَان بن عبد السَّلَام
ثِقَة مَأْمُون وَقد وَصله عَن الثَّوْريّ وَشعْبَة جَمِيعًا
انْتهى
وَقَالَ ابْن حبَان فِي صَحِيحه هَذَا الحَدِيث سَمعه أَبُو
إِسْحَاق من أبي بردة مُسْندًا ومرسلا مَعًا فَمرَّة كَانَ
يحدث بِهِ مَرْفُوعا وَمرَّة يرويهِ مُرْسلا فَالْخَبَر صَحِيح
مُرْسلا وَمُسْندًا مَعًا بِلَا شكّ انْتهى
(2/57)
163 - (قَوْله) فَحكى الْخَطِيب أَن أَكثر
أَصْحَاب الحَدِيث يرَوْنَ الحكم للمرسل
يجوز فِيهِ كسر السِّين وَفتحهَا وَعلل الْمُحب الطَّبَرِيّ
هَذَا القَوْل بِأَن الْإِرْسَال جرح وَالْجرْح مقدم على
التَّعْدِيل قَالَ وَمن قدم الْمُتَّصِل يَقُول إِنَّمَا قدم
الْجرْح لِأَن الْجَارِح مَعَه زِيَادَة علم وَهِي هُنَا مَعَ
الْمُتَّصِل
وَفِي هَذِه الْعلَّة نظر وَإِنَّمَا عِلّة ذَلِك الشَّك فِي
رَفعه فأخذنا بِالْأَقَلِّ الْمُتَيَقن وألغينا غَيره وَهَذَا
القَوْل حَكَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله عَن مُحَمَّد بن
سِيرِين وَحَكَاهُ
(2/58)
غَيره عَن مَالك وَإِنَّمَا ذهب إِلَى
ذَلِك ليستيقن من الشَّك يعرض لَهُ وَهَكَذَا الحكم فِي
الْوَقْف والانقطاع مَعَ الرّفْع والاتصال وَهَذَا معنى قَول
الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ النَّاس إِذا شكوا فِي
الحَدِيث ارتفعوا وَمَالك إِذا شكّ فِيهِ انخفض يَعْنِي إِذا
حصل عِنْده أدنى شكّ فِي الرّفْع أَو فِي الْإِسْنَاد أَو
الْوَصْل وقف وَأرْسل وَقطع أخذا بِالتَّحَرِّي وَهَذَا
القَوْل هُوَ الظَّاهِر من تصرف الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَل
الْكَبِير فَإِنَّهُ قل مَا ذكر حَدِيثا من طَرِيقين مُسْند
ومرسل أَو مَرْفُوع وَمَوْقُوف إِلَّا وَرجح الأنقص وَمن
الْمَشْهُور عَن شُعْبَة قَوْله حَدثنَا عَليّ بن زيد -
وَكَانَ رفاعا - أَي يرفع مَا يرويهِ الْغَيْر مَوْقُوفا
وَحَاصِل مَا حَكَاهُ المُصَنّف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة
أَرْبَعَة مَذَاهِب
أَحدهَا أَن الحكم للمرسل (أ 91)
وَالثَّانِي للْأَكْثَر لِأَن الْحِفْظ إِلَى الْجَمَاعَة أقرب
مِنْهُ إِلَى الْأَقَل وَنَقله الْحَاكِم فِي الْمدْخل عَن
أَئِمَّة الحَدِيث
وَالثَّالِث للأحفظ وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل الحكم
لرِوَايَة الْأَكْثَر الأثبت وَرِوَايَة تزيد عَنْهُم تكون
مَحْمُولَة على الْوَهم وَحَكَاهُ عَن فَإِنَّهُ قَالَ فِي
(2/59)
تَعْلِيل حَدِيث الثِّقَة أَو يُخَالِفهُ
من هُوَ أثبت
وَالرَّابِع لمن أسْندهُ إِذا كَانَ عدلا ضابطا وَبِه جزم
الخليلي فِي الْإِرْشَاد وَابْن حزم فِي كتاب الْإِعْرَاب
وَهُوَ الصَّحِيح عِنْد المُصَنّف وَغَيره جعلا لَهُ من قبيل
الزِّيَادَة المقبولة وَظَاهر تصرف التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه
يَقْتَضِي الْأَخْذ بأصح الرِّوَايَتَيْنِ سندا زِيَادَة أَو
نقصا
وَأما من حكى شَيْئا من هَذِه الْأَقْوَال عَن أهل الحَدِيث
أَو أَكْثَرهم فقد أنكرهُ الإِمَام الْحَافِظ أَبُو الْفَتْح
الْقشيرِي فِي مُقَدّمَة شرح الْإِلْمَام وَقَالَ إِن ذَلِك
لَيْسَ قانونا مطردا وبمراجعة أحكامهم الْجُزْئِيَّة يعرف
صَوَاب مَا نقُول فَإِنَّهُم يروون الحَدِيث من رِوَايَة
الثِّقَات الْعُدُول ثمَّ تقوم لَهُم علل فِيهِ تمنعهم من
الحكم بِصِحَّتِهِ لمُخَالفَة جمع كثير للأقل وَمن هُوَ أحفظ
مِنْهُ أَو قيام قرينَة تُؤثر فِي أنفسهم غَلَبَة ظن بغلطه
وَإِن كَانَ هُوَ الَّذِي وصل أَو رفع وَلم يجروا فِي ذَلِك
على قانون وَاحِد يسْتَعْمل فِي جَمِيع الْأَحَادِيث قَالَ
وَأقرب النَّاس إِلَى إطراد هَذِه الْقَوَاعِد بعض أهل
الظَّاهِر
وَمن هُنَا حكى بعض الْمُتَأَخِّرين تَقْدِيم أَحدهمَا على
الآخر بِحَسب الْقَرَائِن فَإِن كَانَ الواقفون لَهُ ثِقَات
حفاظا أوثق وأحفظ مِمَّن رَفعه فَالْحكم [للْوَقْف] وَكَذَا
(2/60)
إِذا كَانُوا عَن شيخ لَهُم وَأهل بلد فهم
أَحَق بِهِ مِمَّن لَيْسَ هُوَ شَيْخه وَلَا كثرت ملازمته لَهُ
وَلَا هُوَ من أهل بَلَده وَإِن كَانَ الرافع لَهُ كثيرين
ثِقَات حفاظا وَإِن تعَارض الْحَال توقف فِي التَّرْجِيح
وَالتَّحْقِيق أَن جهتي طرق الحَدِيث إِمَّا ضَعِيف أَو صَحِيح
فالأخذ بِالصَّحِيحِ مُتَعَيّن وَإِمَّا صَحِيحَانِ فَإِن
تَفَاوتا فالأخذ بالأصح أولى وأحوط وَإِن اسْتَويَا فِي
الصِّحَّة فَهَل الْأَخْذ بالمتيقن الْأَقَل أَو بِالزَّائِدِ
فِيهِ الْقَوْلَانِ المتقدمان وَالْمُخْتَار تَقْدِيم الرّفْع
وَإِلَّا لزم الْأَخْذ بِالْأَصْلِ فِي زِيَادَة الْمَتْن
وَهُوَ خلاف الْعَمَل فِي قبُول الزِّيَادَة الصَّحِيحَة نعم
لَو اتَّصل الحَدِيث من وَجه صَحِيح (د 57) ثمَّ ذكر رَاوِيه
لذَلِك الحَدِيث طَرِيقا آخر مَقْطُوعًا على وَجه التَّعْرِيف
[والمتابعة فَذَلِك] لَا يُؤثر فِي اتِّصَاله قَالَه الْحَافِظ
رشيد الدّين الْعَطاء
164 - (قَوْله) وَسُئِلَ البُخَارِيّ عَن حَدِيث لَا نِكَاح
إِلَّا بولِي إِلَى آخِره
(2/61)
هَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن الْحَاكِم
[قَالَ] حَدثنَا أَبُو إِسْحَاق الْمُزَكي سَمِعت مُحَمَّد بن
هَارُون المسكي سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ
وَسُئِلَ عَن حَدِيث إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي
بردة عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ
لَا نِكَاح إِلَّا بولِي فَقَالَ الزِّيَادَة من الثِّقَة
مَقْبُولَة إِسْرَائِيل ثِقَة وَإِن كَانَ سُفْيَان وَشعْبَة
أَرْسلَاهُ فَإِن ذَلِك لَا يضر الحَدِيث انْتهى
وَتَابعه التِّرْمِذِيّ فِي علله وَغَيره وَلَكِن فِي نِسْبَة
القَوْل بِتَقْدِيم الْوَصْل إِلَى البُخَارِيّ مُطلقًا لأجل
هَذَا نظر فَإِنَّهُ فِي تَارِيخه أخرج حَدِيث الثَّوْريّ عَن
مُحَمَّد
(2/62)
ابْن أبي بكر بن حزم عَن عبد الْملك بن أبي
بكر عَن أَبِيه عَن أم سَلمَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم إِن شِئْت سبعت عنْدك ثمَّ قَالَ عقبه أخبرنَا
إِسْمَاعِيل حَدثنِي مَالك عَن عبد الله بن أبي بكر بن
الْحَارِث بن هِشَام أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
- مُرْسلا ثمَّ قَالَ الصَّحِيح هَذَا
وَقد أخرج مُسلم حَدِيث الثَّوْريّ حكما مِنْهُ بِصِحَّة
الْوَصْل وَكَذَلِكَ حُكيَ
(2/63)
عَن الدَّارَقُطْنِيّ فَيظْهر من ذَلِك أَن
البُخَارِيّ لَا يقدم الْوَصْل مُطلقًا وَلَا الْإِرْسَال
مُطلقًا بل يرجع إِلَى قَرَائِن مِمَّا سبق أَو غَيرهَا (أ 92)
وَكَذَلِكَ قَالَ التِّرْمِذِيّ عَن هَذَا الحَدِيث هَؤُلَاءِ
الَّذين رَوَوْهُ عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي مُوسَى مَرْفُوعا
عِنْد البُخَارِيّ أصح [لِأَن سماعهم فِي أَوْقَات مُخْتَلفَة]
وَإِن كَانَ شُعْبَة وَالثَّوْري أحفظ وَأثبت من جَمِيع
هَؤُلَاءِ الَّذين رووا عَن أبي إِسْحَاق هَذَا الحَدِيث فَإِن
رِوَايَة هَؤُلَاءِ عِنْده أشبه وَأَصَح لِأَن شُعْبَة
وَالثَّوْري سمعا هَذَا الحَدِيث من أبي إِسْحَاق فِي مجْلِس
وَاحِد
(2/64)
165 - (قَوْله) ويلتحق بِهَذَا مَا إِذا
كَانَ الَّذِي وَصله قد أرْسلهُ فِي وَقت
يُرِيد الحكم بوصله لَا مَجِيء كل الْخلاف السَّابِق فِيهِ
(2/65)
166 - (قَوْله) وَهَكَذَا إِذا رفع بَعضهم
الحَدِيث وَوَقفه بَعضهم أَو رَفعه وَاحِد فِي وَقت وَوَقفه
هُوَ أَيْضا فِي وَقت آخر فَالْحكم للثقة الزَّائِد
وَمَا ذكره فِي الْقسم الثَّانِي يُزَاد عَلَيْهِ أَن
الْمَاوَرْدِيّ حكى فِي بَاب صَلَاة الْمُسَافِر من الْحَاوِي
عَن مَذْهَب الشَّافِعِي أَنه يحمل الْمَوْقُوف على مَذْهَب
الرَّاوِي والمسند على أَنه قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فَلَا تعَارض وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين الرَّاجِح من
قَول أَئِمَّة الحَدِيث أَن الْوَقْف وَالرَّفْع يتعارضان
قَالَ وَهَكَذَا الْوَصْل مَعَ الْإِرْسَال
(2/66)
|