النكت على مقدمة ابن الصلاح

النَّوْع السَّابِع وَالْعشْرُونَ (1) معرفَة آدَاب [الْمُحدث] (2)

422 - (قَوْله) يُنَاسب مَكَارِم الْأَخْلَاق ومحاسن الشيم وينافر مساوئ الْأَخْلَاق (3 4 5 مرَّتَيْنِ بِاللَّفْظِ وَمرَّة بِالْمَعْنَى وَهُوَ الْأَخْلَاق لَكِن

(3/636)


قيل الشيم الطبائع (1)
وَقَوله ومساوئ قَالَ صَاحب تثقيف اللِّسَان وَيَقُولُونَ ظَهرت مساويه وَالصَّوَاب مساوئه بِالْهَمْز (2) وَقد استدرك أَبُو إِسْحَاق الأجدابي (3) عَلَيْهِ قَالَ الأَصْل الْهَمْز كَمَا ذكرته وَترك الْهمزَة جَائِز على لُغَة من يَقُول فِي الخاطئين الخاطين وَهِي لُغَة مَعْرُوفَة قَالَ حبيب بن أَوْس
(محَاسِن مَا زَالَت بمسامر النَّوَى ... يُعْطين أَو مسَاوٍ من الصد (4))
423 - (قَوْله) وَهُوَ من عُلُوم الْآخِرَة لَا من عُلُوم الدُّنْيَا (7) الْحَافِظ شمس الدّين الذَّهَبِيّ فِي تذكرة الْحفاظ لقد صدق فِيمَا قَالَ لِأَن طلب الحَدِيث شَيْء غير الحَدِيث وَطلب الحَدِيث اسْم عرفي لأمور زَائِدَة على تَحْصِيل مَاهِيَّة الحَدِيث وَكثير مِنْهَا (6) مراقي إِلَى الْعلم وأكثرها أُمُور يشغف بهَا

(3/637)


الْمُحدث من تَحْصِيل النّسخ المليحة وتطلب الْإِسْنَاد العالي وتكثير الشُّيُوخ والفرح بِالْأَلْقَابِ وتمني الْعُمر الطَّوِيل ليروي وَحب التفرد إِلَى أُمُور عديدة لَازِمَة للأغراض النفسانية لَا للأعمال الربانية فَإِذا كَانَ طَلَبك للْحَدِيث النَّبَوِيّ محفوفا بِهَذِهِ الْآفَات فَمَتَى خلاصك مِنْهَا إِلَى الْإِخْلَاص فَإِذا كَانَ علم الْآثَار مَدْخُولا فَمَا ظَنك بعلوم الْأَوَائِل الَّتِي تنكس (7 8 9) انْتهى
وَظَاهره أَنه وَقع ذَلِك لغَيرهم وَقد رَأَيْت فِي فَوَائِد رحْلَة المُصَنّف بِخَطِّهِ أَخْبرنِي بنيسابور الشَّيْخ أَبُو الْحسن بن مُحَمَّد الطوسي (2) بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ عَن الْحَافِظ أبي سعد (3) عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد السَّمْعَانِيّ الْمروزِي رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ لَا يعرف فِي الْإِسْلَام مُحدث حدث (4) بعد اسْتِيفَاء مائَة إِلَّا أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ (5) وَأَبُو إِسْحَاق الهُجَيْمِي (6)

(3/638)


وَأَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ (1) قَالَ الشَّيْخ أَبُو عَمْرو قلت هَذَا الْحصْر مَرْدُود فَهَذَا الْحسن ابْن عَرَفَة (2) عَاشَ مائَة وَعشرا وَكتب [عَنهُ] (3) خَمْسَة قُرُون (4) وَسَمَاع إِسْمَاعِيل الصفار (5) مِنْهُ بِمُقْتَضى سنه لَا يكون إِلَّا بعد الْمِائَة من سنّ الْحسن وَأما قَول ابْن خَلاد فِي كِتَابه لَا يعرف رجل فِي الْإِسْلَام حدث بعد اسْتِيفَائه مائَة سنة إِلَّا أَبُو إِسْحَاق الهُجَيْمِي (6) فَإنَّا لَا نستدرك عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَنه أَرَادَ من حدث بعد الْمِائَة وَلم يحدث قبلهَا وَذَلِكَ لَا يعرف لغير الهُجَيْمِي فَإِنَّهُ آلى إِلَّا يحدث بعد الْمِائَة إِن يَسْتَوْفِي الْمِائَة فتم لَهُ ذَلِك وَلم يُشَارِكهُ فِي ذَلِك الْبَغَوِيّ والطبري وَغَيرهمَا انْتهى كَلَام الشَّيْخ

(3/639)


وَمَا ذكره من أَن الْحسن بن عَرَفَة عَاشَ مائَة (1) وَعشرا هُوَ قَول بَعضهم وَالْمَشْهُور أَن مولده سنة خمسين وَمِائَة ووفاته سنة سبع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَوَافَقَهُ فِي المولد الشَّافِعِي وَأَشْهَب (2) على قَول
وَقَالَ شَيخنَا عماد الدّين بن كثير حدث جمَاعَة بعد استكمال الْمِائَة لَكِن إِذا كَانَ الِاعْتِمَاد على حفظ الشَّيْخ الرَّاوِي فَيَنْبَغِي الِاحْتِرَاز من اخْتِلَاطه إِذا طعن فِي السن وَأما إِذا كَانَ الِاعْتِمَاد على حفظه وتمييزه وَضَبطه وخطه فها هُنَا كلما كَانَ السن عَالِيا كَانَ النَّاس أَرغب فِي السماع عَلَيْهِ كَمَا اتّفق (د / 114) لشَيْخِنَا الحجار (3) فَإِنَّهُ جَاوز الْمِائَة محققا سمع عَليّ الزبيدِيّ (4) سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة صَحِيح البُخَارِيّ وأسمعه فِي سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَكَانَ شَيخا (5) كَبِيرا عاميا لَا يضْبط شَيْئا وَلَا يتعقل كثيرا وَمَعَ هَذَا تداعى (6) النَّاس إِلَى السماع مِنْهُ عِنْد تفرده

(3/640)


على الزبيدِيّ فَسمع مِنْهُ نَحْو الْمِائَة ألف أَو يزِيدُونَ وَالله أعلم
وَمن الْفَوَائِد أَن ابا إِسْحَاق الهُجَيْمِي كَانَ رأى فِي مَنَامه أَنه قد تعمم ورد على رَأسه مائَة وَثَلَاث دورات فَعبر لَهُ أَنه يعِيش سِنِين بعْدهَا فَحدث بعد مجاوزته الْمِائَة وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقَارئ يَوْمًا شعرًا وَهُوَ
(إِن الجبان حتفه من فَوْقه ... كَالْكَلْبِ يحمي جلده بروقه (1))
وأبدل الْقَارئ لفظ الثور بالكلب ليختبر بذلك ذهنه (أ / 207) وحسه فَقَالَ لَهُ الهُجَيْمِي قل يَا ثَوْر كالثور فَإِن الْكَلْب لَا روق لَهُ ففرح النَّاس بِصِحَّة عقله وَحُضُور فهمه (2)
وَقد عَاشَ حَكِيم بن حزَام من الصَّحَابَة مائَة وَعشْرين سنة وَالظَّاهِر أَنه لم يتَوَقَّف عَن التحديث بعد مُجَاوزَة الْمِائَة وَكَذَلِكَ من التَّابِعين شريك بن عبد الله النمري (3) وَمن غَيرهم الْحَافِظ أَبُو طَاهِر السلَفِي وَقد صنف الذَّهَبِيّ جُزْءا فِيمَن عَاشَ الْمِائَة فَصَاعِدا (4)

(3/641)


425 - (قَوْله) ثمَّ لَا يَنْبَغِي أَن يحدث بِحَضْرَة من هُوَ أولى مِنْهُ (2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13)

(3/642)


قلت قَالَ الْغَزالِيّ فِي الْإِحْيَاء هَذِه الْكَلِمَة اعتبرها قوم فِي تعلم الْعلم لغير الله ثمَّ رجوعهم إِلَى الله قَالَ وَإِنَّمَا الْعلم الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ هَذَا الْقَائِل هُوَ علم الحَدِيث وَتَفْسِير الْقُرْآن وَمَعْرِفَة سير الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَالصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم فَإِن فِيهِ التخويف والتحذير وَهُوَ سَبَب لإثارة الْخَوْف من الله تَعَالَى فَإِن لم يُؤثر فِي الْحَال أثر فِي الْمَآل فَأَما الْكَلَام وَالْفِقْه الْمُجَرّد الَّذِي يتَعَلَّق بفتاوى الْمُعَامَلَات وَفصل الْخُصُومَات الْمَذْهَب مِنْهُ وَالْخلاف فَلَا يرد الرَّاغِب فِيهِ للدنيا إِلَى الله تَعَالَى بل لَا يزَال متماديا فِي حرصه إِلَى آخر عمره وَقَالَ فِي مَوضِع آخر قَالَ بعض الْمُحَقِّقين قَوْلهم فَأبى أَن يكون إِلَّا لله حصل لنا حَدِيثه وَأَلْفَاظه
وَاعْلَم أَن هَذَا أسْندهُ القَاضِي عِيَاض فِي الإلماع من جِهَة مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن سماك بن حَرْب قَالَ طلبنا هَذَا الْأَمر لَا نُرِيد بِهِ الله فَلَمَّا بلغت مِنْهُ حَاجَتي دلَّنِي على مَا يَنْفَعنِي وحجزني عَمَّا يضرني قَالَ القَاضِي وَرُوِيَ نَحوه فِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَمُجاهد وَالْحسن وَمعمر وَغَيرهم بِمَعْنَاهُ (1) وروى عبد الله بن أَحْمد فِي زياداته من طَرِيق مَالك بن مغول عَن الشّعبِيّ قَالَ عَليّ تعلمُوا الْعلم صغَارًا تنتفعوا بِهِ كبارًا تعلمُوا الْعلم لغير الله يصير لذات الله تَعَالَى (2)
وَاعْلَم أَن مَا قَالَه المُصَنّف أَولا فِيهِ إِجْمَال
وَقَالَ (أ / 208) القَاضِي الْمَاوَرْدِيّ فِي أدب الدُّنْيَا وَالدّين إِن كَانَ الْبَاعِث للطلب دنيا وَجب على الشَّيْخ إسعافه وَإِن لم يكن فَإِن كَانَ مُبَاحا لرجل دَعَاهُ إِلَى

(3/643)


الطّلب حب النباهة وَطلب الرياسة فَهُوَ قريب مِمَّا قبله لِأَن الْعلم يعطفه إِلَى الدّين فِي ثَانِي الْحَال وَقد حُكيَ عَن سُفْيَان الثَّوْريّ تعلمنا الْعلم لغير الله فَأبى أَن يكون إِلَّا لله (1) وَإِن [كَانَ] (2) الدَّاعِي مَحْظُورًا كَرجل دَعَاهُ إِلَى طلب الْعلم (3) شَرّ كَأَن يُرِيد أَن يَسْتَعْمِلهُ فِي شبه دنية وحيل فقهية لَا يجد أهل السَّلامَة مِنْهُمَا مخلصا وَلَا عَنْهُمَا مدفعا فَيَنْبَغِي للشَّيْخ أَن يمنعهُ من طلبته ويصرفه عَن بغيته وَلَا يُعينهُ على إِمْضَاء مكره وَلَا إِكْمَال شَره فَفِي الحَدِيث وَاضع الْعلم فِي غير أَهله كمقلد الْخَنَازِير اللُّؤْلُؤ والجوهر وَالذَّهَب (4) انْتهى (5)

(3/644)


427 - (قَوْله) كَانَ مَالك إِذا (1) أَرَادَ أَن يحدث تَوَضَّأ إِلَى آخِره (2 3 4 5 6 7)
قلت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن يسْرد الحَدِيث كَسَرْدِكُمْ (5) زَاد التِّرْمِذِيّ لكنه كَانَ يتَكَلَّم بِكَلَام بَين وَفصل يحفظه من جلس إِلَيْهِ وَتَفْسِير السرد بِهَذَا هُوَ الْمَعْرُوف وَقَالَ النّحاس فِي صناعَة الْكتاب قَوْلهم سرد الْكَاتِب قِرَاءَته مَعْنَاهُ أحكمها مُشْتَقّ من سرد الدرْع إِذا أحكمها وَجعل حلقها وَلَاء غير مُخْتَلفَة وَأحسن صنة المسامر وَلَا

(3/645)


يكن دَقِيقًا فيسلس وَلَا غليظا فيقصمها (1)
429 - (قَوْله) وَمن أبلغ مَا يفْتَتح بِهِ أَن يَقُول الْحَمد لله (3 4 5 6 7 8 9 عَبدِي (6)
430 - (قَوْله) وَيسْتَحب للمحدث الْعَارِف عقد مجْلِس (د / 115)

(3/646)


لإملاء الحَدِيث فَإِنَّهُ من أَعلَى مَرَاتِب الراوين (2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 إملاء الحَدِيث طَريقَة مسلوكة

(3/647)


قي الْقَدِيم والْحَدِيث ويشيبه نبل فضل التَّبْلِيغ وَالرِّوَايَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلغُوا عني وَلَو آيَة
وَفِيه فَائِدَة أُخْرَى وَهِي تَقْيِيد الْعلم بِالْكتاب قَالَ وَهَاتَانِ الفائدتان الجسيمتان تحصلان بالإملاء متعاونين لَا كالتبليغ وَالسَّمَاع بِلَا كِتَابَة أَو الْكِتَابَة بِلَا سَماع
ثمَّ يخْتَص الْإِمْلَاء بفوائد أُخْرَى أَحدهَا وَهِي الْعُظْمَى صِحَة السماع وَبعده عَن الْخَطَأ والتحريف وَقد يصحف فِيمَا يقْرَأ إِمَّا عَن خطأ أَو جهل
وَالثَّانيَِة إِن الْإِمْلَاء يشْتَمل بعد رِوَايَة الحَدِيث على تصرف إِمَّا من جمع طرقه وشواهده أَو ذكر أَحْوَال (1) رُوَاته والفوائد الْمُتَعَلّقَة بمتنه فَيكون نشاط النَّفس لَا حد لَهَا (2) وَالِانْتِفَاع [بهَا] (3) أَكثر وَأتم
الثَّالِثَة مَا فِيهِ من زِيَادَة التفهيم والتفهم للمذاكرة (4) والمراجعة فِي تضاعيف الْإِمْلَاء وَالْكِتَابَة والمقابلة وَيَدْعُو إِلَيْهِمَا التَّأَمُّل والفكر فِي تِلْكَ المهلة هَذَا آخر كَلَام الرَّافِعِيّ (5)
فَائِدَة

قَالَ النّحاس فِي صناعَة الْكتاب يُقَال أمليت الْكتاب إملاء وأمللت إملالا جَاءَ الْقُرْآن بهما جَمِيعًا قَالَ تَعَالَى {فليملل} (6) (7) فَهَذَا من

(3/648)


أمل وَقَالَ تَعَالَى {فَهِيَ تملى عَلَيْهِ} (1) فَهَذَا من أمْلى فَيجوز أَن تكون اللغتان يمعنى وَاحِد وَيجوز أَن يكون أصل أمليت أمللت فاستثقلوا الْجمع بَين حرفين على لفظ وَاحِد فأبدلوا من أَحدهمَا يَاء كَمَا قَالُوا تظنيت وَكَأَنَّهُ من قَوْلهم أمْلى الله لَهُ أَي طَال عمره فَمَعْنَى أمليت الْكتاب على فلَان أطلت قراءتي عَلَيْهِ (2)
431 - (قَوْله) مثل مَا روينَا أَن يزِيد بن هَارُون (6 7 8)
قيد (7) ابْن السَّمْعَانِيّ ذَلِك بِمَا إِذا كثر عدد من يحضر السماع وَكَانُوا بِحَيْثُ لَا

(3/649)


يرَوْنَ وَجه الْمُسْتَمْلِي فَيُسْتَحَب أَن يجلس على مِنْبَر أَو غَيره حَتَّى (أ / 210) ترى الْجَمَاعَة وَجهه ويبلغهم صَوته (1)
433 - (قَوْله) وَعَلِيهِ أَن يتبع لفظ الْمُحدث فيؤديه (2) على وَجهه (4 5 6 7)
أسْندهُ ابْن السَّمْعَانِيّ عَن أبي نَضرة (7) (8) قَالَ كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(3/650)


إِذا اجْتَمعُوا تَذَاكَرُوا الْعلم قرؤوا سُورَة (1)
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي رياضة المتعلمين وَرَوَاهُ أَيْضا من جِهَة أبي نَضرة عَن أبي سعيد قَالَ كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قعدوا يتحدثون فِي الْفِقْه كَانُوا يأمرون أَن يقْرَأ رجل سُورَة (2) وَظَاهر كَلَام المُصَنّف أَن الْقَارئ غير الْمُسْتَمْلِي وَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي آخر أَمَالِيهِ استحبوا لململي أَن يقْرَأ قبل الْإِمْلَاء سُورَة خَفِيفَة من الْقُرْآن ويخفها فِي نَفسه واستحبه ابْن السَّمْعَانِيّ للمستملي (3) أَيْضا (4)
435 - (قَوْله) فَإِذا فرغ استنصت الْمُسْتَمْلِي أهل الْمجْلس (7 8 9 أمره أَن يستنصت لَهُ النَّاس رَوَاهُ البُخَارِيّ (7) رَحمَه الله تَعَالَى

(3/651)


436 - (قَوْله) ثمَّ يبسمل ويحمد وَيُصلي [على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] (1) (2 3 4 5 6 7 8 9) [انْتهى
وَهَكَذَا قَالَ الرَّافِعِيّ ثمَّ يَقُول من ذكرت رَحِمك الله] (6) وَلَا يَقُول من

(3/652)


حَدثَك أَو أخْبرك أَو من سَمِعت فَإِنَّهُ لَا يدْرِي بِأَيّ لَفْظَة يَبْتَدِئ انْتهى لَكِن قَالَ صَاحب الاقتراح الْأَحْسَن أَن يَقُول من حَدثَك أَو من أخْبرك إِن لم يقدم الشَّيْخ ذكر أحد (1) وَكَذَا قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ يَقُول من ذكرت أَو من حَدثَك رَحِمك الله فَيَقُول المملي فلَان وينسب (2) شَيْخه الَّذِي [يُرِيد أَن] يروي (3) [عَنهُ] (4) حَتَّى يبلغ بنسبه منتهاه (5)
438 - (قَوْله) وَذكر الْخَطِيب أَنه يسمع صَوته بذلك (6 7) انْتهى
فَإِن كَانَ أَبوهُ صحابيا كَابْن عَبَّاس وَابْن عمر قَالَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وَإِن كَانَ أَبوهُ وجده صحابيين وذكرهما كعائشة قَالَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم قَالَ ابْن

(3/653)


السَّمْعَانِيّ وَالْأَصْل فِي ذَلِك حَدِيث جَابر كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَالْتَفت إِلَى أبي بكر فَقَالَ يَا أَبَا بكر أَعْطَاك الله الرضْوَان الْأَكْبَر (1)
440 - (قَوْله) وَلَا بَأْس بِذكر من يروي عَنهُ بِمَا يعرف من لقب كغندر (4 5 6 لَهُ فديد (4) فلقب بلوين قَالَ لوين لقبتني أُمِّي

(3/654)


لوينا وَقد رضيت بِهِ (1)
وَإِنَّمَا قيل لَهُ المصِّيصِي لِأَنَّهُ انْتقل إِلَيْهَا وَنسب إِلَيْهَا وَهُوَ كُوفِي الأَصْل يروي عَن مَالك بن أنس وطبقته وروى عَنهُ من البغداديين (2) يحيى بن صاعد وَمَات بأذنه محلّة فِيهَا وَدفن بِالْمصِّيصَةِ والمصيصي بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف فَمن فتح الْمِيم خفف الصَّاد (3)
441 - (قَوْله) أَو نسب إِلَى أم عرف بهَا كيعلى بن منية (5 6 7 8 9 10 فِيهِ التَّأْنِيث والعلمية إِلَّا مَا نكرهه من ذَلِك كَمَا فِي إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم (6)

(3/655)


قلت وَكَذَلِكَ سعيد بن الْمسيب وَكَذَلِكَ أَبُو الزِّنَاد عبد الله بن ذكْوَان كنيته أَبُو عبد الرَّحْمَن وَأَبُو الزِّنَاد لقب ذكره الْحَافِظ أَبُو الْفضل الفلكي فِي الألقاب فَقَالَ إِنَّه كَانَ يغْضب من أبي الزِّنَاد وَكَانَ عَالما مفتيا (1)
وَمِنْهُم إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه ولد (2) أَبوهُ فِي طَرِيق مَكَّة فَقَالَ المراوزة راهوي لِأَنَّهُ ولد فِي الطَّرِيق فَقَالَ إِسْحَاق كَانَ أبي يكره هَذَا وَأما أَنا فلست أكرهه وَقَالَ أَحْمد بن جَعْفَر الْجَعْدِي (3) ذكر لِأَحْمَد أَن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فكره أَحْمد أَن يُقَال لَهُ رَاهَوَيْه (4)
وَمِنْهُم مسلمة بن عَليّ الْخُشَنِي (5) لَيْسَ فِي الرِّوَايَة وَقد يصغر اسْم أَبِيه فَيُقَال عَليّ وَكَانَ يكره ذَلِك وَمِنْهُم عَليّ بن رَبَاح (6) الإِمَام التَّابِعِيّ قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْوَلِيد الْقرشِي أَدخل البُخَارِيّ على بن رَبَاح فِي بَاب عَليّ مكبرا وَيُقَال عَليّ وَالصَّحِيح عَليّ وَالْأَشْهر فِي اسْمه على من سَمَّاهُ عليا بِالتَّصْغِيرِ وَابْنه مُوسَى بن عَليّ (7) كَانَ أَيْضا يحتد إِذا قيل لَهُ ابْن عَليّ بِالتَّصْغِيرِ وَقَالَ اللَّيْث بن سعد رَحمَه الله تَعَالَى سمعته يَقُول لَا أجعله فِي حل وَمِنْهُم (8) الْأُسْتَاذ أَبُو الْقَاسِم الْأَصْبَهَانِيّ (9)

(3/656)


قوام السّنة يُقَال لَهُ جوزي (1) وَكَانَ يكره ذَلِك حَكَاهُ ابْن السَّمْعَانِيّ فِي الْأَنْسَاب (2) وَمِنْهُم أَبُو سَلمَة مُوسَى بن إِسْمَاعِيل الْمنْقري التَّبُوذَكِي (3) سمي بِهِ لِأَنَّهُ اشْترى دَارا بتبوذك (4) (5) وَكَانَ يَقُول لَا جزى الله خيرا من سماني تبوذكيا إِنَّمَا نزل دَاري قوم من تبوذك (6)
442 - (قَوْله) وَكَانَ من عَادَة غير وَاحِد ختم الْإِمْلَاء بِشَيْء من الحكايات (5 6 وَأَن

(3/657)


يُفَسر مَا يحْتَاج إِلَى تَفْسِيره وَبَيَانه فَعَن أبي أُسَامَة (1) أَن تَفْسِير الحَدِيث ومعرفته خير من سَمَاعه (2) وَأَن يخْتم الْمجْلس بالحكايات والإنشادات المرققة وَألا يُطِيل الْإِمْلَاء إِلَّا إِذا عرف أَن الْحَاضِرين لَا يتبرمون (3) بِهِ وَأَن يَدْعُو ويستغفر عِنْد تَمَامه سرا وجهرا انْتهى وَذكر (أ / 212) ابْن السَّمْعَانِيّ مثله (4) وَرُوِيَ عَن بَعضهم المستمع أسْرع ملالة من الْمُتَكَلّم (5) وَقَالَ الزُّهْرِيّ إِذا طَال الْمجْلس كَانَ للشَّيْطَان فِيهِ نصيب (6) وَلَا يروي مَا لَا تحتمله عقول الْعُمُوم (7)
وَمن أَنْفَع مَا يملي الْأَحَادِيث الْفِقْهِيَّة الَّتِي تفِيد معرفَة الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة من الْعِبَادَات وَمَا يتَعَلَّق بِحُقُوق الْمُعَامَلَات فَفِي الحَدِيث مَا عبد الله بِشَيْء أفضل من فقه فِي دين (8)

(3/658)


وَيسْتَحب إملاء التَّرْغِيب فِي فَضَائِل الْأَعْمَال والحث على الْخَيْر وَالذكر والتزهيد فِي الدُّنْيَا (1)
قَالَ وَلَا يحدث إِلَّا من كِتَابه فَإِن الْحِفْظ خوان قَالَ ابْن درسْتوَيْه (2) أقعد عَليّ ابْن الْمَدِينِيّ بسامراء على مِنْبَر فَقَالَ يقبح لمن جلس هَذَا الْمجْلس أَن يحدث من كتاب فَأول حَدِيث حدث من حفظه غلط فِيهِ
وَقَالَ يحيى بن معِين دخلت على أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله تَعَالَى فَقلت أوصني فَقَالَ لَا تحدث الْمسند إِلَّا من كتاب (3) وَفِي جَامع الْخَطِيب عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ قَالَ لي سَيِّدي أَحْمد بن حَنْبَل لَا تحدث (4) إِلَّا من كتاب وَقَالَ مُحَمَّد ابْن إِبْرَاهِيم بن مرتع الْحَافِظ (5) قدم علنيا أَبُو بكر بن أبي شيبَة فَانْقَلَبت بِهِ بَغْدَاد وَنصب لَهُ الْمِنْبَر فِي مَسْجِد الرصافة فَجَلَسَ عَلَيْهِ فَقَالَ من حفظه ثَنَا شريك ثمَّ

(3/659)


قَالَ هِيَ بَغْدَاد وأخاف أَن تزل قدم بعد ثُبُوتهَا يَا أَبَا شيبَة هَات الْكتاب (1)
قَالَ السَّمْعَانِيّ وَيسْتَحب أَن يكون المملي فِي حَال الْإِمْلَاء على أكمل حَال (2) وَأفضل زِينَة ويتعاهد نَفسه قبل ذَلِك بإصلاح أُمُوره الَّتِي تجمله عِنْد الْحَاضِرين كالتطهير والتنظيف والتطيب وتسريح اللِّحْيَة وَليكن جُلُوسه فِي الْمَسْجِد تجاه الْقبْلَة (3) قَالَ وليبكر الْمُسْتَمْلِي الْحُضُور قيل لِشَرِيك مَا بَال حَدِيثك منتقد قَالَ لتركي العصائد بالغدوات قَالَ السَّمْعَانِيّ والتبكير إِنَّمَا يسْتَعْمل فِي الصَّيف فَأَما فِي الشتَاء فَالْأولى أَن يصبر سَاعَة حَتَّى يرْتَفع النَّهَار (4)
وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ رَحمَه الله تَعَالَى من غَابَ خَابَ وَأكل نصيب الْأَصْحَاب وَلم يعد لَهُ حَدِيث (5) وَدخل بعض أَصْحَاب الحَدِيث على الشَّيْخ رَحمَه الله وَقت الِانْصِرَاف فَأَنْشَأَ الشَّيْخ (6) يَقُول
(وَلَا يردون المَاء إِلَّا عَشِيَّة ... إِذا صدر الوراد (7) عَن كل منهل (8))
443 - (قَوْله) وَإِذا نجز الْإِمْلَاء (11 كَمَا يَقُول الْعَامَّة فَمَعْنَاه حضر وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعه (9)

(3/660)