تدريب الراوي في شرح تقريب النووي ط الكتب الحديثة
النوع التاسع والعشرون: معرفة الإسناد العالي
والنازل: الإسناد خصيصة لهذه الأمة ،
---------------
النوع التاسع والعشرون:
معرفة الإسناد العالي والنازل الإسناد في أصله خصيصة فاضلة لهذه الأمة
ليست لغيرها من الأمم.
قال ابن حزم: نقل الثقة عن الثقة يبلغ به النبي
صلى الله عليه وسلم مع الإتصال خص الله به المسلمين دون سائر الملل
وأما مع الإرسال والإعضال فيوجد في كثير من اليهود لكن لا يقربون فيه
من موسى قربنا من محمد صلى الله عليه وسلم بل يقفون بحيث يكون بينهم
وبين موسى أكثر من ثلاثين عصرا وإنما يبلغون إلى شمعون ونحوه.
قال: وأما ألنصاري فليس عندهم من صفة هذا النقل
إلا تحريم الطلاق فقط وأما النقل بالطريق المشتملة على كذاب أو مجهول
العين فكثير في نقل اليهود والنصارى.
قال: وأما أقوال الصحابة و التابعين فلا يمكن
اليهود أن يبلغوا إلى
ج / 2 ص -160-
وسنة بالغة مؤكدة وطلب العلو فيه سنة ولهذا
استحبت الرحلة
----------------------
صاحب نبي أصلا ولا إلى تابع له ولا يمكن النصاري
أن يصلوا إلى أعلى من شمعون وبولص.
وقال أبو علي الجياني: خص الله تعالى هذه الأمة
بثلاثة أشياء لم يعطها من قبلها: الإسناد والأنساب والإعراب ومن أدلة
ذلك ما رواه الحاكم وغيره عن مطر الوراق في قوله تعالى أو أثارة من علم
قال إسناد الحديث وسنة بالغة مؤكدة قال ابن المبارك الإسناد من الدين
لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء اخرجه مسلم.
وقال سفيان بن عيينة: حدث الزهري يوما بحديث فقلت
هاته بلا إسناد فقال الزهري أترقى السطح بلا سلم.
وقال الثوري: الإسناد سلاح المؤمن وطلب العلو فيه
سنة قال أحمد بن حنبل: طلب الإسناد العالي سنة عمن سلف لأن أصحاب عبد
الله كانوا يرحلون من الكوفة إلى المدينة فيتعلمون من عمر ويسمعون منه.
وقال محمد بن أسلم الطوسي: قرب الإسناد قرب - أو
قربة - إلى الله ولهذا استحبت الرحلة كما تقدم ، قال الحاكم: ويحتج له
بحديث أنس في الرجل الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أتانا
رسولك فزعم كذا الحديث رواه مسلم قال: ولو كان طلب العلو في الإسناد
غير مستحب لأنكر عليه سؤاله لذلك ولأمره بالاقتصار على ما أخبره الرسول
عنه قال: وقد رحل في الإسناد طلب واحد من الصحابة ثم ساق بسنده حديث
خروج أبي أيوب إلى عقبة بن عامر يسأله عن حديث سمعه من رسول الله صلى
الله عليه وسلم لم يبق أحد
ج / 2 ص -161-
وهو أقسام: من رسول الله صلى الله عليه وسلم
بإسناد صحيح نظيف.
------------------
ممن سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم غير
عقبة الحديث في ستر المؤمن وقال العلائي في الاستدلال بما ذكروه نظر لا
يخفى.
أما حديث ضمام فقد اختلف العلماء فيه هل كان أسلم
قبل بجيشه أو لا فإن قلنا: إنه لم يكن أسلم كما اختاره أبو داود فلا
ريب في أن هذا ليس طلبا للعلو بل كان شاكا في قول الرسول الذي جاءه
فرحل إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حتى استثبت الأمر وشاهد من
أحواله ما حصل له العلم القطعي بصدقه ولهذا قال في كلامه فزعم لنا أنك
إلى آخره فإن الزعم إنما يكون في مظنة الكذب وإن قلنا كان أسلم فلم يكن
مجيؤه أيضا لطلب العلو في إسناد بل ليرتقي من الظن إلى اليقين لأن
الرسول الذي أتاهم لم يفد خبره إلا الظن ولقاء النبي صلى الله تعالى
عليه وسلم أفاد اليقين.
قال: وكذلك ما يحتج به لهذا القول من رحلة جماعة
من الصحابة و التابعين في سماع أحاديث معينة إلى البلاد لا دليل فيه
أيضا لجواز أن تكون تلك الأحاديث لم تتصل إلى من رحل بسبها من جهة
صحيحة وكانت الرحلة لتحصيلها لا للعلو فيها.
قال: نعم لا ريب في اتفاق أئمة الحديث قديما
وحديثا على الرحلة إلى من عنده الإسناد العالي وهو أي العلو أقسام خمسة
أجلها القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث العدد بإسناد صحيح
نظيف بخلاف ما إذا كان مع ضعف فلا التفات إلى هذا العلو لا سيما إن كان
فيه بعض
ج / 2 ص -162-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . .
---------------------------
الكذابين المتأخرين ممن ادعى سماعا من الصحابة
كابن هدبة ودينار وخراش ونعيم بن سالم ويعلى بن الأشدق وأبي الدنيا
الأشج قال الذهبي متى رأيت المحدث يفرح بعوالي هؤلاء فاعلم أنه عامي
يعدها وأعلى ما يقع لنا ولأضرابنا في هذا الزمان من الأحاديث الصحاح
المتصلة بالسماع ما بيننا وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيه اثنا عشر
رجلا وبالإجازة في الطريق أحد عشر وذلك كثير وبضعف يسير غير واه عشرة
ولم يقع لنا بذلك إلا احاديث قليلة جدا في معجم الطبراني الصغير أخبرني
مسند الدنيا أبو عبد الله محمد بن مقبل الحلبي إجازة مكاتبة منه في رجب
سنة ثمانمائة وتسعة وستين عن محمد بن إبراهيم بن أبي عمر المقدسي وهو
آخر من حدث عنه بالإجازة أنا ابو الحسن علي بن أحمد بن البخاري وهو آخر
من حدث عنه عن أبي القاسم عبد الواحد بن القاسم الصيدلاني وهو آخر من
حدث عنه أخبرتنا أم إبراهيم بنت عبد الله وأبو الفضل الثقفي سماعا
عليهما قالا أنا أبو بكر بن ريذة أنا أبو القاسم الطبراني ثنا عبيد
الله بن رماحس سنة مائتين وأربع وسبعين ثنا أبو عمرو زياد بن
ج / 2 ص -163-
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . .
----------------------
طارق وكان قد أتت عليه مائة وعشرون سنة قال سمعت أبا جرول زهير بن صرد
الجشمي يقول لما أسرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين يوم
هوازن وذهب يفرق السبي والنساء فأتيته فأنشأت أقول هذا الشعر.
امنن علينا رسول الله في كرم
فإنك المرء نرجوه وننتظر
امنن على بيضة قد عاقها قدر
مشتت شملها في دهرها غير
أبقت لنا الدهر هتافا على حزن
على قلوبهم الغماء والغمر
إن لم تداركهم نعماء تنشرها
يا أرجح الناس حلما حين يختبر
امنن على نسوة قد كنت ترضعها
وإذ يزينك ما تأتي وما تذر
لا تجعلنا كمن شالت نعامته
واستبق منا فإنا معشر زهر
إنا لنشكر للنعما إذا كفرت
وعندنا بعد هذا اليوم مدخر
فألبس العفو من قد كنت ترضعه
من أمهاتك إن العفو مشتهر
يا خير من مرحت كمت الجياد به
عند الهياج إذا ما استوقد الشرر
إنا نؤمل عفوا منك تلبسه
هذي البرية إذ تعفو وتنتصر
فاعف عفا الله عما أنت راهبه
يوم القيامة إذ يهدى لك الظفر
ج / 2 ص -164-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . .
--------------------
قال: فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم هذا
الشعر قال: ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم وقالت قريش: ما كان لنا
فهو لله ولرسوله وقالت الأنصار: ما كان لنا فهو لله ولرسوله هذا حديث
حسن غريب من هذا الوجه عشارى أخرجه أبو سعيد الأعرابي في معجمه عن ابن
رماحس وأبو الحسين بن قانع عن عبيد الله بن علي الخواص عن ابن رماحس
وله شاهد من رواية ابن إسحاق في المغازي قال: حدثني عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده قال: لما كان يوم حنين يوم هوازن فذكر القصة وسياقه أتم
وقد أخرجه الضياء في المختارة من حديث زهير واستشهد له بحديث عمرو بن
شعيب فهو عنده على شرط الحسن وأما الذهبي فقال في الميزان: عبيد الله
ابن رماحس القيسي الرملي كان معمرا ما رأيت للمتقدمين فيه جرحا قال: ثم
رأيت لحديثه هذا علة قادحة، قال ابن عبد البر فيه ، رواه عبيد الله عن
زياد ابن طارق عن زياد بن صرد بن زهير عن أبيه عن جده زهير فعمد عبيد
الله إلى الإسناد فأسقط منه رجلين وبه إلى الطبراني ثنا جعفر بن حميد
بن عبد الكريم بن فروخ الأنصاري الدمشقي حدثني جدي لأمي عمرو بن أبان
بن مفضل المدني قال أراني أنس بن مالك الوضوء أخذ ركوة فوضعها على
يساره وصب على يده اليمنى فغسلها ثلاثا ثم أدار الركوة على يده اليمنى
فتوضأ ثلاثا ثلاثا ومسح برأسه ثلاثا وأخذ ماء جديدا لصماخه فقلت له قد
مسحت أذنيك فقال يا غلام إنهما من الرأس ليس هما من الوجه ثم قال: يا
غلام
ج / 2 ص -165-
الثاني: القرب من إمام من أئمة الحديث وإن كثر بعده العدد إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
الثالث:
العلو بالنسبة إلى راوية أحد الكتب الخمسة أو غيرها من المعتمدة وهو ما
كثر اعتناء المتأخرين به من الموافقة والإبدال والمساواة والمصافحة
فالموافقة أن يقع لك حديث عن شيخ مسلم من غير جهته بعدد أقل من عددك
إذا رويته عن مسلم عنه والبدل ان يقع هذا العلو عن مثل شيخ مسلم
-----------------------
قال الذهبي في الميزان: انفرد به الطبراني عن
جعفر وعمرو بن أبان لا يدري من هو قال والحديث ثماني له على ضعفه.
الثاني:
القرب من إمام من أئمة الحديث كالأعمش وهشيم وابن جريج والأوزاعي ومالك
وشعبة وغيرهم مع الصحة أيضا وإن كثر بعده العدد إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم.
الثالث:
العلو المقيد بالنسبة إلى رواية أحد الكتب الخمسة أو غيرها من الكتب
المعتمدة وسماه ابن دقيق العيد علو التنزيل وليس بعلو مطلق إذ الراوي
لو روى الحديث من طريق كتاب منها وقع أنزل مما لو رواه من غير طريقها
وقد يكون عاليا مطلقا أيضا وهو ما كثر اعتناء المتأخرين به من الموافقة
والإبدال والمساواة والمصافحة فالموافقة أن يقع لك حديث عن شيخ مسلم
مثلا من غير جهته بعدد أقل من عددك إذا رويته بإسنادك عن مسلم عنه
والبدل أن يقع هذا العلو عن غيرشيخ مسلم وهو مثل شيخ مسلم في
ج / 2 ص -166-
وقد يسمى هذا موافقة بالنسبة إلى شيخ شيخ
مسلم والمساواة في اعصارنا قلة عدد إسنادك إلى الصحابي أو من قاربه
بحيث يقع بينك وبين صحابي مثلا من العدد مثل ما وقع بين مسلم وبينه.
------------------------
ذلك الحديث وقد يسمى هذا موافقة بالنسبة إلى شيخ
شيخ مسلم فهو موافقة مقيدة وقد تطلق الموافقة والبدل مع عدم العلو بل
ومع النزول أيضا كما وقع في كلام الذهبي وغيره وقال ابن الصلاح هو
موافقة وبدل ولكن لا يطلق عليه ذلك لعدم الالتفات إليه.
تنبيه:
لم صليت على لبعض بأنه يشترط استواء الإسناد بعد
الشيخ المجتمع فيه أولا وقد وقع لي في الإملاء حديث أمليته من طريق
الترمذي عن قتيبة عن عبد العزيز الدراوردي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه
عن أبي هريرة مرفوعا لا تجعلوا بيوتكم مقابر الحديث وقد أخرجه مسلم عن
قتيبة عن يعقوب القارئ عن سهيل فقتيبة له فيه شيخان عن سهيل فوقع في
صحيح مسلم عن أحدهما وفي الترمذي عن الآخر فهل يسمى هذا موافقة
لاجتماعنا معه في قتيبة أو بدلا للتخالف في شيخه والاجتماع في سهل أولا
ولا يكون واسطة بين الموافقة والبدل احتمالات: أقربها عندي الثالث.
والمساواة في أعصارنا قلة عدد إسنادك إلى الصحابي أو من قاربه بحيث يقع
بينك وبين صحابي مثلا من العدد مثل ما وقع بين مسلم وبينه وهذا كان
يوجد قديما وأما الآن فلا يوجد في حديث بعينه بل يوجد مطلق العدد كما
قال العراقي فإنه تقدم أن بيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم عشرة
أنفس في ثلاثة أحاديث وقد وقع للنسائي حديث
ج / 2 ص -167-
والمصافحة أن تقع هذه المساواة لشيخك فيكون
لك مصافحة كأنك صافحت مسلما فأخذته عنه فإن كانت المساواة لشيخ شيخك
كانت المصافحة لشيخك وإن كانت المساواة لشيخ شيخ شيخك فالمصافحة لشيخ
شيخك وهذا العلو تابع لنزول فلولا نزول مسلم وشبهه لم تعل أنت
----------------------
بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيه عشرة
انفس وذلك مساواة لنا وهو ما رواه في كتاب الصلاة قال أخبرنا محمد بن
بشار أخبرنا عبد الرحمن أخبرنا زائدة عن منصور عن هلال عن الربيع بن
خثيم عن عمرو بن ميمون عن ابن أبي ليلى عن امرأة عن أبي أيوب عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: " قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن " .
قال النسائي: ما أعلم في الحديث إسنادا أطول من هذا وفيه ستة
من التابعين أولهم منصور وقد رواه الترمذي عن قتيبة ومحمد بن بشار قالا
ثنا ابن مهدي ثنا زائدة به وقال حسن والمرأة هي امرأة أبي أيوب وهو
عشاري للترمذي أيضا.
والمصافحة أن تقع هذه المساواة لشيخك فيكون لك
مصافحة كأنك صافحت مسلما فأخذته عنه فإن كانت المساواة لشيخ شيخك كانت
المصافحة لشيخك وإن كانت المساواة لشيخ شيخ شيخك فالمصافحة لشيخ شيخك
وهذا العلو تابع لنزول غالبا فلولا نزول مسلم وشبهه لم تعل أنت وقد
يكون مع علوه أيضا فيكون عاليا مطلقا.
ج / 2 ص -168-
الرابع: العلو بتقدم وفاة الراوي فما أرويه عن ثلاثة: عن البيهقي عن الحاكم
أعلاهما أن أرويه عن ثلاثة عن أبي بكر بن خلف عن الحاكم لتقدم وفاة
البيهقي عن ابن خلف.
وأما علوه بتقدم وفاة شيخك فحده الحافظ ابن جوصى
بمضي خمسين سنة من وفاة الشيخ وابن منده بثلاثين.
الخامس:
العلو بتقدم السماع ،
-------------------
الرابع:
العلو بتقديم وفاة الراوي وإن تساويا في العدد.
قال المصنف: فما أرويه عن ثلاثة عن البيهقي عن
الحاكم أعلاهما أن أرويه عن ثلاثة عن أبي بكر بن خلف عن الحاكم لتقدم
وفاة البيهقي عن ابن خلف وكذلك من سمع مسند أحمد على الحلاوي عن أبي
العباس الحلبي عن النجيب أعلى ممن سمعه على الجمال الكناني عن العرضي
عن زينب بنت مكي لتقدم وفاة الثلاثة الأولين على الثلاثة الآخرين.
وأما علوه بتقديم وفاة شيخك لا مع التفات لأمر
آخر أو شيخ آخر فحده الحافظ أحمد بن عمير ابن جوصي الدمشقي بمضي خمسين
سنة من تاريخ وفاة الشيخ و حده أبو عبد الله بن منده بثلاثين تمضي من
موته وليس يقع في تلك المدة أعلى من ذلك.
قال ابن الصلاح: وهو أوسع.
الخامس:
العلو بتقدم السماع من الشيخ فمن سمع منه متقدما كان أعلى ممن سمع منه
بعده.
ج / 2 ص -169-
ويدخل كثير منه فيما قبله ويمتاز بأن يسمع
شخصان من شيخ وسماع أحدهما من ستين سنة مثلا والآخر من أربعين وتساوى
العدد إليهما فالأول أعلى
-------------------------
ويدخل كثير منه فيما قبله ويمتاز عنه بأن يسمع
شخصان من شيخ وسماع أحدهما منذ ستين سنة مثلا والآخر من أربعين سنة
وتساوي العدد إليهما فالأول أعلى من الثاني ويتأكد ذلك في حق من اختلط
شيخه أو خرف وربما كان المتأخر أرجح بأن يكون تحديثه الأول قبل أن يبلغ
درجة الإتقان والضبط ثم حصل له ذلك بعد إلا أن هذا علو معنوي كما
سيأتي.
تنبيه:
جعل ابن طاهر وابن دقيق العيد هذا والذي قبله
قسما واحدا وزاد العلو إلى صاحبي الصحيحين ومصنفي الكتب المشهورة وجعله
ابن طاهر اسمين:
أحدهما: العلو إلى الشيخين وأبي داود وأبي حاتم
ونحوهم .
والآخر: العلو إلى كتب مصنفة لأقوام كابن أبي
الدنيا والخطابي.
ثم قال: واعلم أن كل حديث عز على المحدث ولم يجده
غالبا ولا بد له من إيراده فمن أي وجه أورده فهو عال بعزته ومثل ذلك
بأن البخاري روى عن أماثل أصحاب مالك ثم روى حديثا لأبي إسحق الفزاري
عن مالك لمعنى فيه فكان فيه بينه وبين مالك ثلاثة رجال.
ج / 2 ص -170-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . .
----------------------
نكتة:
وقع لنا حديث اجتمع فيه أقسام العلو أخبرتني أم
الفضل بنت محمد المقدسي بقراءتي عليها في ربيع الآخر سنة سبعين
وثمانمائة أنا أبو إسحاق التنوخي سماعا وكانت وفاته سنة ثمانمائة عن
إسماعيل بن يوسف القيسي وأبي روح بن عبد الرحمن المقدسي قالا أنا أبو
المنجي بن الليثي قال الأول سنة ثلاث وستين وستمائة أنا الوقت السجزي
في شعبان سنة اثنين وخمسين وخمسمائة أنا أبو العاصم الفضيل بن يحيى
الأنصاري في ذي الحجة سنة تسع وأربعين وأربعمائة أخبرنا أبو محمد بن
أبي شريح وكانت وفاته في صفر سنة اثنين وتسعين وثلثمائة أنا أبو عبد
الله بن محمد المنيفي - يعني أبا القاسم البغوي - وكانت وفاته سنة سبع
عشرة وثلثمائة ثنا علي بن الجعد الجواهرى وكانت وفاته في رجب سنة
ثلاثين ومائتين أنا شعبة بن الحجاج ومات سنة ستين ومائة وعلى بن الجعد
آخر من روى عنه عن محمد بن المنكدر سمعت جابر بن عبد الله يقول استأذنت
على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " من هذا ؟ "فقلت: أنا، فقال: " أنا أنا " !! كأنه كرهه.
هذا الحديث اجتمع فيه أنواع أما العدد فبيني وبين
النبي صلى الله عليه وسلم اثنا عشر رجلا ثقات بالسماع المتصل وهو أعلى
ما يقع من ذلك.
وأما بالنسبة إلى بعض الأئمة فلأن شعبة بن الحجاج
من كبار الأئمة الذين روى عن الأئمة الستة عن أصحابهم ولم يقع حديثه
بعلو إلا في كتاب البخاري وأبي داود وبينهما وبينه في كثير من الأحاديث
رجل واحد.
ج / 2 ص -171-
وأما النزول فضد العلو فهو خمسة اقسام تعرف
من ضدها وهو مفضول مرغوب عنه على الصواب وقول الجمهور
-------------------------
وأما بقية الجماعة فأقل ما بينهم وبينه اثنان وهو
متقدم الوفاة وبيني وبينه تسعة أنفس وهو نهاية العلو وأما علوه بالنسبة
إلى أئمة الكتب فقد أخرجه البخاري عن أبي الوليد عن شعبة فوقع لي بدلا
عاليا كأني سمعته من أبي الحسن ابن أبي المجد وأبي إسحاق التنوخي
وغيرهما من شيوخ شيوخنا في الصحيح ورواه مسلم عن محمد بن عبد الله بن
نمير عن عبد الله بن إدريس وعن يحيى ابن يحيى وأبي بكر بن أبي شيبة
كلاهما عن وكيع وعن إسحاق بن إبراهيم عن النضر بن شميل وأبي عامر
العقدي وعن محمد بن مثنى عن وهب بن جرير وعن عبد الرحمن بن بشر بن
الحكم عن بهز بن أسد وأبو داود عن مسدد عن بشر بن المفضل والترمذي عن
سويد بن نصر عن ابن المبارك والنسائي عن حميد بن مسعدة عن بشر بن
المفضل وابن ماجه وعن أبي شيبة عن وكيع كلهم عن شعبة فوقع لي بدلا لهم
عاليا بثلاث درجات فكأني سمعته من أبي إسحاق بن مضر راوي صحيح مسلم ومن
أبي الحسن بن المقير راوي سنن أبي داود وكانت وفاته سنة ثلاث وأربعين
وستمائة ومن أبي الحسن بن البخاري راوي الترمذي وكانت وفاته سنة تسعين
وستمائة ومن إسماعيل بن أحمد العراقي راوي النسائي وكانت وفاته سنة
تسعين وستمائة ومن أبي السعادات راوي سنن ابن ماجه وكانت وفاته سنة
اثنتين وستمائة.
وأما النزول فضد العلو فهو خمسة أقسام أيضا: تعرف
من ضدها فكل قسم من أقسام العلو ضده قسم من أقسام النزول وهو مفضول
مرغوب عنه على الصواب وقول الجمهور قال ابن المديني: النزول شؤم وقال
ابن معين: الإسناد
ج / 2 ص -172-
وفضله بعضهم على العلو فإن تميز بفائدة فهو
مختار
------------------------
النازل قرحة في الوجه وفضله بعضهم على العلو حكاه
ابن خلاد عن بعض أهل النظر لأن الإسناد كلما زاد عدده زاد الاجتهاد فيه
فيزداد الثواب فيه.
قال ابن الصلاح: وهذا مذهب ضعيف الحجة قال ابن
دقيق العيد لأن كثرة المشقة ليست مطلوبة لنفسها ومراعاة المعنى المقصود
من الرواية وهو الصحة أولى فإن تميز الإسناد النازل بفائدة كزيادة
الثقة في رجاله على العالي أو كونهم أحفظ أو أفقه أو كونه متصلا
بالسماع وفي العالي حضورأو إجازة أو مناولة أو تساهل بعض رواته في
الحمل ونحو ذلك فهو مختار قال وكيع لأصحابه: الأعمش أحب إليكم عن وائل
عن عبد الله أم سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله فقالوا
الأعمش عن أبي وائل أقرب فقال الأعمش شيخ وسفيان عن منصور عن إبراهيم
عن علقمة فقيه عن فقيه عن فقيه عن فقيه.
قال ابن المبارك: ليس جودة الحديث قرب الإسناد بل
جودة الحديث صحة الرجال.
وقال السلفي: الأصل الأخذ عن العلماء فنزولهم
أولى من العلو عن الجهلة على مذهب المحققين من النقلة والنازل حينئذ هو
العالي في المعنى عند النظر والتحقيق.
قال ابن الصلاح: ليس هذا من قبيل العلو المتعارف
إطلاقه بين أهل الحديث وإنما هو علو من حيث المعنى.
قال شيخ الإسلام: ولابن حبان تفصيل حسن وهو أن
النظر إن كان للسند فالشيوخ أولى وإن كان للمتن فالفقهاء.
ج / 2 ص -173-
النوع الثلاثون:المشهور من الحديث هو قسمان صحيح وغيره ومشهور بين أهل الحديث خاصة وبينهم وبين غيرهم
،
-------------------------
النوع الثلاثون: المشهور من
الحديث قال ابن الصلاح: ومعنى
الشهرة مفهوم فاكتفى بذلك عن وحده.
وقال البلقيني: لم يذكر له ضابطا وفي كتب الأصول
المشهور ويقال له المستفيض الذي تزيد نقلته على ثلاثة.
وقال شيخ الإسلام: المشهور ماله طرق محصورة بأكثر
من اثنين ولم يبلغ حد التواتر سمي بذلك لوضوحه وسماه جماعة من الفقهاء
المستفيض لانتشاره من فاض الماء يفيض فيضا ومنهم من غاير بينهما: بأن
المستفيض يكون في ابتدائه وانتهائه سواء والمشهور أعم من ذلك ومنهم من
عكس هو قسمان صحيح وغيره أي حسن وضعيف ومشهور بين أهل الحديث خاصة و
مشهور بينهم وبين غيرهم من العلماء والعامة وقد يراد به ما اشتهر على
الألسنة وهذا يطلق على ماله إسناد واحد فصاعدا بل مالا يوجد له إسناد
أصلا وقد صنف في هذا القسم الزركشي: التذكرة في الأحاديث المشتهرة
وألفت فيه كتابا مرتبا على حروف المعجم استدركت فيه ما فاته من الجم
الغفير مثال المشهور على الاصطلاح وهو صحيح حديث
" إن الله
ج / 2 ص -174-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . .
------------------------
لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه " وحديث من أتى الجمعة فليغتسل ومثله الحاكم وابن الصلاح بحديث
" إنما الأعمال بالنيات "
فاعترض: بأن الشهرة إنما طرأت له من عند يحيى بن سعيد وأول الإسناد فرد
كما تقدم ومثاله وهو حسن: حديث: طلب العلم فريضة على كل مسلم فقد قال
المزي: إن له طرقا يرتقي بها إلى رتبة الحسن ومثاله وهو ضعيف: الأذنان
من الرأس مثل به الحاكم.
ومثال المشهور عند أهل الحديث خاصة حديث أنس: إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهرا بعد الركوع يدعو على رعل
وذكوان. أخرجه الشيخان من رواية سليمان التيمي عن أبي مجلز عن أنس وقد
رواه عن أبي مجلز وعن أبي سليمان وعن سليمان جماعة وهو مشهور بين أهل
الحديث وقد يستغربه غيرهم لأن الغالب على رواية التيمي عن أنس كونها
بلا واسطة.
ومثال المشهور عند أهل الحديث والعلماء والعوام:
" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " .
ومثال المشهور عند الفقهاء:
" أبغض الحلال عند الله "
صححه الحاكم: من سئل عن علم فتكتمه الحديث حسنه الترمذي لا غيبة لفاسق
حسنه بعض
ج / 2 ص -175-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . .
--------------------------
الحفاظ وضعفه البيهقي وغيره لا صلاة لجار المسجد
إلا في المسجد ضعفه الحفاظ استاكوا عرضا وادهنوا غبا واكتحلوا وترا.
قال ابن الصلاح: بحثت عنه فلم أجد له أصلا ولا
ذكرا في شيء من كتب الحديث.
ومثال المشهور عند الأصوليين:
" رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " صححه ابن حبان والحاكم بلفظ إن الله وضع.
ومثال المشهور عند النحاة:
" نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه "
قال العراقي وغيره لا أصل له ولا يوجد بهذا اللفظ في شيء من كتب
الحديث.
ومثال المشهور بين العامة:
" من دل على خير فله مثل أجر فاعله
" أخرجه مسلم مداراة الناس صدقة صححه ابن حبان البركة مع أكابركم صححه
ابن حبان والحاكم ليس الخبر كالمعاينة صححاه أيضا.
المستشار مؤتمن حسنه الترمذي العجلة من الشيطان
حسنه الترمذي ايضا اختلاف أمتي رحمة نية المؤمن خير من عمله من بورك له
في شيء فليلزمه الخير عادة عرفوا ولا تعنفوا جبلت القلوب على حب من
أحسن إليها.
أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم وكلها ضعيفة
من عرف نفسه
ج / 2 ص -176-
ومنه المتواتر المعروف في الفقه وأصوله ولا
يذكره المحدثون وهو قليل لا يكاد يوجد في رواياتهم وهو ما نقله من يحصل
العلم بصدقهم ضرورة عن مثلهم من أوله إلى آخره
--------------------------
فقد عرف ربه كنت كنزا لا أعرف الباذنجان لما أكل
له يوم صومكم يوم نحركم من بشرني بآذار بشرته بالجنة كلها باطلة لا أصل
لها وكتابنا الذي أشرنا إليه كافل ببيان هذا النوع من الأحاديث والآثار
الموقوفات بيانا شافيا ولله الحمد.
ومنه أي من المشهور المتواتر المعروف في الفقه
وأصوله ولا يذكره المحدثون باسمه الخاص المشعر بمعناه الخاص وإن وقع في
كلام الخطيب ففي كلامه ما يشعر بأنه اتبع فيه غير أهل الحديث قاله ابن
الصلاح قيل: وقد ذكره الحاكم وابن عبد البر وابن حزم وأجاب العراقي
بأنهم لم يذكروه باسمه المشعر بمعناه بل وقع في كلامهم تواتر عنه صلى
الله عليه وسلم كذا وان الحديث الفلاني متواتر وهو قليل لا يكاد يوجد
في رواياتهم وهو ما نقله من يحصل العلم بصدقهم ضرورة بأن يكونوا جمعا
لا يمكن تواطؤهم على الكذب عن مثلهم من أوله أي الإسناد إلى آخره ولذلك
يجب العمل به من غير بحث عن رجاله ولا يعتبر فيه عدد معين في الأصح.
قال القاضي الباقلاني: ولا يكفي الأربعة وما
فوقها صالح وتوقف في الخمسة ،
ج / 2 ص -177-
وحديث
"من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"
متواتر
--------------------------
وقال الاصطخري: أقله عشرة وهو المختار لأنه أول
جموع الكثرة وقيل: أربعون وقيل: سبعون عدة أصحاب موسى عليه الصلاة
والسلام وقيل ثلثمائة وبضعة عشر عدة أصحاب طالوت وأهل بدر لأن كل ما
ذكر من العدد المذكور أفاد العلم وحديث من كذب علي متعمدا فليتبوأ
مقعده من النار متواتر قال ابن الصلاح: رواه اثنان وستون من الصحابة
وقال غيره: رواه أكثر من مائة نفس وفي شرح مسلم للمصنف: رواه نحو
مائتين قال العراقي ، وليس في هذا المتن بعينه ولكنه في مطلق الكذب
والخاص بهذا المتن رواية بضعة وسبعين صحابيا العشرة المشهود لهم بالجنة
أسامة قا أنس بن مالك خ م أوس بن أوس طب البراء بن عازب طب بريدة عد
جابر بن حابس مع جابر بن عبد الله م حذيفة بن أسد طب حذيفة بن اليمان
طب خالد بن عرفطة حم رافع بن خديج طب زيد بن ارقم حم زيد بن ثابت خل
السائب بن يزيد طب سعد بن المدحاس خل سفينة عد سليمان بن خالد الخزاعي
قط سلمة بن الأكوع خ صهيب بن سنان طب عبد الله بن أبي أوفى قا عبد الله
بن زغب بع ابن الزبير قط ابن عباس طب ابن عمر حم بن عمرو خ ابن مسعود ت
ن عتبة بن غزوان طب العرس بن عميرة طب عفان بن حبيب ك عقبة بن عامر حم
عمار بن ياسر طب عمران بن حصين بن عمرو بن حريث طب عمرو بن عبسة طب
عمرو بن عوف طب عمرو بن مرة الجهني طب قيس بن سعد بن عبادة حم كعب ابن
قطبة خل معاذ بن جبل طب معاوية بن حيدة خل معاوية بن أبي سفيان
ج / 2 ص -178-
لا حديث:
" إنما الأعمال بالنيات ".
--------------------------
حم المغيرة بن شعبة نع المنقع التيمي خل نبيط بن
شريط طب واثلة بن الأسقع عد يزيد بن أسد قط يعلى بن مرة مي أبو أمامة
طب أبو الحمراء طب أبو ذر قط أبو رمثة قط ابو سعيد الخدري حم أبو قتادة
أبو قرصافة عد أبو كبشة الأنماري خل أبو موسى الأشعري طب أبو موسى
الغافقي حم أبو ميمون الكردي طب أبو هريرة والدأبي العشراء الدارمي خل
والدأبي مالك الأشجعي بز عائشة قط أم أيمن قط وقد أعلمت على كل واحد
رمز من أخرج حديثه من الأئمة حم في مسنده لأحمد وطب للطبراني وقط
للدارقطني وعد لابن عدي في الكامل وبز لمسند البزار وقا لابن قانع في
معجمه وخل للحافظ يوسف بن خليل في كتابه الذي جمع فيه طرق هذا الحديث
ونع لأبي نعيم ومي لمسند الدارمي وك لمستدرك الحاكم وت للترمذي ون
للنسائي وخ م للبخاري ومسلم لا حديث: " إنما الأعمال بالنيات " أي ليس
بمتواتر كما تقدم تحقيقه في نوع الشاذ.
تنبيهات:
الأول: قال شيخ الإسلام: ما ادعاه ابن الصلاح من
عزة المتواتر وكذا
ج / 2 ص -179-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . .
-------------------------
ما ادعاه غيره من العدم ممنوع لأن ذلك نشأ عن قلة
الاطلاع على كثرة الطرق وأحوال الرجال وصفاتهم المقتضية لإبعاد العادة
أن يتواطؤا على الكذب أو يحصل منهم اتفاقا قال ومن أحسن ما يقرر به كون
المتواتر موجودا وجود كثرة في الأحاديث أن الكتب المشهورة المتداولة
بأيدي أهل العلم شرقا وغربا المقطوع عندهم بصحة نسبتها إلى مؤلفيها إذا
اجتمعت على إخراج حديث وتعددت طرقه تعددا تحيل العادة تواطأهم على
الكذب أفاد العلم اليقيني بصحته إلى قائله قال ومثل ذلك في الكتب
المشهورة كثير قلت قد ألفت في هذا النوع كتابا لم أسبق إلى مثله سميته
الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة مرتبا على الأبواب أوردت فيه
كل حديث بأسانيد من خرجه وطرقه ثم لخصته في جزء لطيف سميته قطف الأزهار
اقتصرت فيه على عزو كل طريق لمن أخرجها من الأئمة وأوردت فيه أحاديث
كثيرة منها: حديث الحوض من رواية نيف وخمسين صحابيا وحديث المسح على
الخفين من رواية سبعين صحابيا وحديث رفع اليدين في الصلاة من رواية نحو
خمسين. وحديث نضر الله امرأ سمع مقالتي من رواية نحو ثلاثين وحديث نزل
القرآن
ج / 2 ص -180-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . .
--------------------------
على سبعة أحرف من رواية سبع وعشرين وحديث
"من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة" من رواية عشرين. وكذا حديث
"كل مسكر حرام". وحديث
"بدأ الإسلام غريبا ".
وحديث " سؤال منكر ونكير".
وحديث " كل ميسر لما خلق له".
وحديث " المرء مع من أحب".
وحديث "إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة". وحديث
"بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة". كلها متواترة. في أحاديث جمة أودعناها كتابنا المذكور ولله الحمد.
الثاني: قد قسم أهل الأصول المتواتر إلى لفظي.
وهو ما تواتر لفظه ومعنوي وهو أن ينقل جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب
وقائع مختلفة تشترك في أمر يتواتر ذلك القدر المشترك. كما إذا نقل رجل
عن حاتم مثلا أنه أعطى جملا وآخر أنه أعطى فرسا وآخر أنه أعطى دينارا
وهلم جرا فيتواتر القدر المشترك بين أخبارهم وهو الإعطاء لأن وجوده
مشترك من جميع هذه القضايا.
قلت: وذلك أيضا يتأتى في الحديث فمنه ما تواتر
لفظه كالأمثلة السابقة ومنه ما تواتر معناه كأحاديث رفع اليدين في
الدعاء فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم نحو مائة حديث فيه رفع يديه في
الدعاء وقد جمعتها في جزء لكنها في قضايا مختلفة فكل قضية منها لم
تتواتر والقدر المشترك فيها وهو الرفع عند الدعاء تواتر باعتبار
المجموع.
النوع الحادي والثلاثين: الغريب والعزيز: إذا انفرد عن الزهري وشبهه
---------------------------
الغريب والعزيز:
إذا انفرد عن الزهري وشبهه
ج / 2 ص -181-
ممن يجمع حديثه رجل بحديث سمي غريبا فإن
انفرد اثنان أو ثلاثة سمي عزيزا فإن رواه جماعة سمي مشهورا ويدخل في
الغريب ما انفرد راو بروايته أو بزيادة في متنه أو إسناده ،
---------------------------
ممن يجمع حديثه من الأئمة كقتادة رجل بحديث سمي
غريبا فإن انفرد عنهم اثنان أو ثلاثة سمي عزيزا فإن رواه عنهم جماعة
سمي مشهورا كذا قال ابن الصلاح ، أخذا من كلام ابن منده وأما شيخ
الإسلام وغيره فإنهم خصوا الثلاثة فما فوقها بالمشهور والاثنين بالعزيز
لعزيز لعزته أي قوته بمجيئه من طريق أخرى أو لقلة وجوده.
قال شيخ الإسلام: وقد ادعى ابن حبان أن رواية
اثنين عن اثنين لا توجد أصلا فإن أراد رواية اثنين فقط فيسلم وأما صورة
العزيز التي جوزها فموجودة بأن لا يرويه أقل من اثنين عن أقل من اثنين
مثاله ما رواه الشيخان من حديث أنس والبخاري من حديث أبي هريرة: أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده"، الحديث ، رواه عن أنس قتادة وعبد العزيز بن صهيب ورواه عن قتادة
شعبة وسعيد ورواه عن عبد العزيز إسماعيل بن علية وعبد الوارث ورواه عن
كل جماعة ويدخل في الغريب ما انفرد راو بروايته فلم يروه غيره كما تقدم
مثاله في قسم الأفراد أو بزيادة في متنه أو إسناده لم يذكرها غيره.
مثالهما: حديث رواه الطبراني في الكبير رواية عبد
العزيز بن محمد الدراوردي ومن رواية عباد بن منصور فرقهما كلاهما عن
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة والمحفوظ ما رواه عيسى بن يونس عن هشام
عن أخيه عبد الله بن عروة عن عروة عن عائشة هكذا أخرجه الشيخان وكذا
رواه مسلم أيضا من رواية سعيد بن سلمة بن أبي الحسام
ج / 2 ص -182-
ولا يدخل فيه أفراد البلدان وينقسم إلى صحيح
وغيره وهو الغالب وإلى غريب متنا وإسنادا كما لو انفرد بمتنه واحد
وغريب إسنادا كحديث روى متنه جماعة من الصحابة انفرد واحد بروايته عن
صحابي آخر وفيه يقول الترمذي غريب من هذا الوجه ،
---------------------------
عن هشام ولا يدخل فيه أفراد البلدان التي تقدمت
في نوع الأفراد وينقسم أي الغريب إلى صحيح كأفراد الصحيح و إلى غيره أي
غير الصحيح وهو الغالب على الغرائب قال أحمد بن حنبل: لا تكتبوا هذه
الأحاديث الغرائب فإنها مناكير وعامتها عن الضعفاء وقال مالك: شر العلم
الغريب وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس وقال عبد الرزاق: كنا نرى
أن غريب الحديث خير فإذا هو شر وقال ابن المبارك: العلم الذي يجيئك من
ههنا وههنا: يعني المشهور رواها البيهقي في المدخل وروى عن الزهري قال:
حدثت علي بن الحسين بحديث فلما فرغت قال: أحسنت بارك الله فيك هكذا
حدثنا قلت: ما أراني إلا حدثتك بحديث أنت أعلم به مني قال: لا تقل ذلك
فليس من العلم ما لا يعرف إنما العلم ما عرف وتواطأت عليه الألسن وروى
ابن عدي عن أبي يوسف قال: من طلب الدين بالكلام تزندق ومن طلب غريب
الحديث كذب ومن طلب المال بالكيمياء أفلس و ينقسم أيضا إلى غريب متنا
وإسنادا كما لو انفرد بمتنه راو واحد و إلى غريب إسنادا لا متنا كحديث
معروف روى متنه جماعة من الصحابة انفرد واحد بروايته عن صحابي آخر وفيه
يقول الترمذي غريب من هذا الوجهه ومن أمثلته كما قال ابن سيد الناس:
حديث رواه عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن مالك عن زيد بن
أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد
ج / 2 ص -183-
ولا يوجد غريب متنا لا إسنادا إلا إذا اشتهر
الفرد فرواه عن المنفرد كثيرون صار غريبا مشهورا غريبا متنا لا إسنادا
بالنسبة إلى أحد طرفيه كحديث
"إنما الأعمال بالنيات"
----------------------
الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"الأعمال بالنية"
قال الخليلي في الإرشاد: أخطأ فيه عبد المجيد وهوغيرمحفوظ عن زيد بن
أسلم بوجه قال: فهذا مما أخطأ فيه الثقة قال ابن سيد الناس: هذا إسناد
غريب كله والمتن صحيح ولا يوجد حديث غريب متنا فقط لا إسنادا إلا إذا
اشتهر الفرد فرواه عن المنفرد كثيرون صار غريبا مشهورا غريبا متنا لا
إسنادا بالنسبة إلى أحد طرفيه المشتهر وهو الأخير كحديث إنما الأعمال
بالنيات كما تقدم تحقيقه وكسائر الغرائب المشتملة عليها التصانيف
المشتهرة وقال العراقي: وقد أطلق ابن سيد الناس ثبوت هذا القسم من غير
تخصيص له بما ذكر ولم يمثله فيحتمل أن يريد ما كان إسناده مشهورا جادة
لعدة من الأحاديث بأن يكونوا مشهورين برواية بعضهم عن بعض ويكون المتن
غريبا لانفرادهم به، قال: وقد وقع في كلامه ما يقتضي تمثيله وذلك أنه
لما حكى قول ابن طاهر: والخامس من الغرائب أسانيد ومتون تفرد بها أهل
بلد لا توجد إلا من روايتهم وسنن ينفرد بالعمل بها أهل مصر لا يعمل بها
في غير مصرهم قال: وهذا النوع يشمل الغريب كله سندا ومتنا أو أحدهما
دون الآخر قال: وقد ذكر ابن أبي حاتم بسند له أن رجلا سأل مالكا عن
تخليل أصابع الرجلين في الوضوء فقال له إن شئت خلل وإن شئت لا تخلل
وكان عبد الله بن وهب حاضرا فعجب من جواب مالك وذكر له في ذلك حديثا
بسند مصري صحيح وزعم أنه معروف عندهم فاستعاد مالك الحديث واستعاد
السائل فأمر بالتخليل
ج / 2 ص -184-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . .
--------------------------
انتهى.
قال: والحديث المذكور رواه أبو داود من رواية ابن
لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبد الرحمن الختلي عن المستورد
بن شداد قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة. ولم ينفرد
به ابن لهيعة بل تابعه الليث بن سعد وعمرو بن الحارث كما رواه ابن أبي
حاتم عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب عن عمه عبد الله بن وهب عن الثلاثة
المذكورين وصححه ابن القطان لتوثيقه لابن أخي ابن وهب فزالت الغرابة عن
الإسناد بمتابعة الليث وعمرو لابن لهيعة والمتن غريب.
فائدة:
قد يكون الحديث أيضا عزيزا مشهورا.
قال الحافظ العلائي فيما رأيته بخطه: حديث
"نحن الآخرون السابقون يوم القيامة". الحديث عزيز عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه عنه حذيفة بن
اليمان وأبو هريرة وهو مشهور عند أبي هريرة رواه عنه سبعة: أبو سلمة بن
عبد الرحمن وأبو حازم وطاوس والأعرج وهمام وأبو صالح وعبد الرحمن مولى
أم برثن. |