جواب الحافظ أبى محمد عبد العظيم المنذري المصري عن أسئلة فى الجرح والتعديل

(مراتب ألفاظ الجرح والتعديل عند ابن أبي حاتم)
أخبرنا الحافظ أبو محمد القاسم بن الحافظ أبي القاسم علي بن
الحسن الدمشقى (2) ، في كتابه إلى منها.
__________
(ا) هكذا في الأصل، والفصحى: وها أنا ذا. كما تراه مشروحا في
(خاتمة) : (باب اسم الإشارة) في شرح الألفية المسئى "منهج السالك إلى ألفية
ابن مالك " للعلامة نور الدين الأشمونى ا: 145 - 146، بحاشية الضبان.
وجاء في "صحيح البخاري " ا: 141، في أول كتاب العلم في (باب من
سئل علما وهو مشتغل في حديثه. . .) : "عن أبي هريرة رضي الله عنه.. . قال
-أي النبي صلى الله عليه وسلم -: أين السائل عن الساعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله، قال: فإذا
ضيعت الأمانة فانتظر الساعة. . . ". انتهى. وانفرد به البخاري ولم يخرجه غيره من
أصحاب الكتب الستة. ولم يعلق الحافظ ابن حجر ولا العيني على لفظ (ها أنا
. . .) شيئا.
وجاء في حديث عند الطبراني، رجاله رجال الصحيح، قول عمر رضي الله
عنه: "ها أنا عمر"، كما في "مجمع الزوائد" للهيثمي 213: 5. فلعل الحافظ
المنذري استند إلى مثل هذا، فقال: (وها أنا أذكر. . .) .
(2) هو الحافظ المحدث الفاضل بهاء الدين أبومحمد القاسم بن علي بن
الحسن بن عساكر الدمشقي، ابن الحافظ الكبير أبي القاسم بن عساكر الدمشقي،
ولد سنة 527، ومات سنة 600، نسخ بخطه تاريخ أبيه "تاريخ مدينة دمشق "،
وله من المؤلفات "فضل المدينة"، و"الجامع المستقص في فضائل الأقصى "،
و"الجهاد"، وغير ذلك.

(1/46)


قال أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد (ا) ، في
كتابه إلف من ثغر الاسكندرية
قال: أخبرنا أبو مكتوم عيسى بن الحافظ أبي ذر عبد بن أحمد
الهروفي إذنا (2) .
قال: أنبانا أبي (3) ،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(1) هو الحافظ العلامة شيخ الإسلام عماد الدين أبوطاهر أحمد بن محمد
السلفي الأصبهاني ثم الإسكندري، ولد سنة 472، ومات سنة 576، المحدث
الجوال، وأحد من شدت اليه الرحال، وتبرك به الملوك والأقيال، مات وله مئة
وأربع سنين من العمر، وحدث ليلة موته، له ثلاثة معاجم: "معجم لمشيخة
أصبهان "، و"معجم لمشيخة بغداد"، ومعجم لباقي البلاد سماه "معجم السفر"
وغيرها من المؤلفات.
(2) هو أبو مكتوم عيسى بن الحاقظ أبي ذر عبد بن أحمد الهروي ثم
السروي الحجازي، ولد سنة415 بسراة بني شبابة، وروى عن أبيه صحيح
البخاري، وعن أبي عبد الله الضنعاني جملة من تاليف عبد الرزإق، ومات سنة
497، كذا في "شذرات الذهب " لابن العماد 3: 6 0 4.
ووقع فيه (ابن الحافظ أبي ذر عبد الرحمن بن أحمد الهروي) ، وإقحام لفظ
(الرحمن) هنا خطا وغلط، كما وقع اقحام لفظ الجلالة بعد (عبد) في سلسلة
الإسناد اليه في أول "فتح الباري " ا: 6 في الطبعة البولاقية وما بعدها، وهوخطا
محض، ووقع مثله في "البداية والنهاية" لابن كثير 12: 55، وغيرها من الكتب.
(3) هو الإمام العلامة الحافظ عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن
غفيرالهروي، ابن السماك، الأنصاري الفقيه المالكي، ولد في هراة نحو سنة
355، ومات بمكة سنة 434، أخذ عن علماء بلده هراة، ثم جال في البلدان ثم
جاور بمكة، وتزوج في العرب وسكن السروات، أخذ عنه ولده أبومكتوم عيسى
وخلائق لا يحصون، وبالإجازة أبو بكر الخطيب وأبوعمر بن عبد البر.

(1/47)


قال: أنبانا أبوعلي حمد بن عبد الله الأصبهاني (1) .
قال: أنبانا الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن
إدريس الحنظلي (2) ، قال (3) :
__________
=
وله تصانيف منها: المستدرك على الصحيحين، وكتاب السنة والصفات،
وكتاب الجامع، وكتاب الدعاء، وفضائل القران، ودلائل النبوة، وفضائل مالك،
وغيرها. وبقع في اسمه الخطا في كثير من الكتب، فيكتب (عبد الله بن أحمد)
أو (عبد الرحمن. . .) كما سبق التنبيه إليه؟ وهو (عبد بن أحمد) .
(ا) ترجم له الخطيب في "تاريخ بغداد" 8: 291، فقال: "حمد بن
عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن، أبوعلي الرازي، وهوأصبهاني الأصل، سمع
عبد الرحمن بن أبي حاتم، وأحمد بن محمد بن الحسن الكاغدي، حدثنا عنه غير
واحد، وورد إلى بغداد قديما، وحدث بها فسمع منه الدارقطني، حدثني أبو الفتح
سليم بن أيوب الفقيه الرازئ بمكة أن حمد بن عبد الله الأصبهاني، مات في سنة
399 أو سنة 400 شك في ذلك ".
(2) هو الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، وهو معروف،
صاحب كتاب "الجرح والتعديل " وغيره، ولد سنة 0 4 2، ومات سنة 327 رحمه الله
تعالى.
(3) في كتابه "الجرح والتعديل " 1 / 1: 37، في (باب بيان درجات رواة
الاثار) . وقد أشار الإمام ابن أبي حاتم إلى السبب الداعي إلى تصنيف هذه
المراتب من الجرح والتعديل، في أول كتابه "تقدمة الجرح والتعديل"
ص 2 - 3، 5 - 7، فقال رحمه الله تعالى:
"فإن قيل: فبماذا تعرف الاثار الصحيحة والسقيمة؟ قيل بنقد العلماء
الجهابذة، الذين خصهم الله عز وجل بهذه الفضيلة، ورزقهم هذه المعرفة في كل
دهر وزمان، قيل لابن المبارك: هذه الأحاديث المصنوعة؟ قال: يعيش لها
الجهابذة. =

(1/48)


وجدت الألفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى.
(مراتب التعديل)
1- فإذا قيل للواحد: إنه ثقة، أو: متقن ثبت، فهو ممن يحتج
بحديثه.
2 - وإذا قيل: إنه صدوق، أو: محله الصدق، أو: لا باس به،
فهوممن يكتب حديثه وينظر فيه، وهي المنزلة الثانية (1) .
فلما لم نجد سبيلا إلى معرفة شيء من معاني كتاب اللة، ولامن سنن
رسول الله صليالله عليه وسلم إلا من جهة النقل، وجب أن نميز بين عدول الناقلة والرواة وثقاتهم
وأهل الحفظ والثبت والإتقان منهم، وبين أهل الغفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب
واختراع الأحاديث الكاذبة - فكانوا على أربع مراتب -:
ا - ويعرف من كان منهم عدلا في نفسه، من أهل الثبت في الحديث
والحفظ له والإتقان فيه، فهؤلاء هم أهل العدالة.
2 - ومنهم الصدوق في روايته، الورع في دينه، الثبت الذي يهم أحيانا،
وقد قبله الجهابذة النقاد، فهذا يحتج بحديثه أيضا.
3 - ومنهم الصدوق الورع المغفل، الغالب عليه الوهم والخطأ والسهو
والغلط، فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والاداب، ولا يحتج
بحديثه في الحلال والحرام.
4 - ومنهم من قد ألصق نفسه بهم، ودنسها بينهم، ممن قد ظهر للنقاد
العلماء بالرجال منه الكذب، فهذا يترك حديثه، وتطرح روايته، ويسقط ولا يشتغل
به ". انتهى باختصار مع تصويب (منهم الكذب) إلى (منه الكذب) .
__________
(ا) قال عبد الفتاح: تعرض الحافظ ابن أبي حاتم إلى (الصدوق غير كثير
الغلط) في ثلاثة مواضع، في موضعين من "تقدمة الجرح والتعديل "، وقرر فيهما =

(1/49)


...........................................................
__________
= أنه (يحتج به) ، وفي موضع من "الجرح والتعديل "، وقرر فيه أنه (يكتب حديثه
وينظر فيه) ، ولا تنافي في كلامه بين هذه المواضع الثلاثة، كما ياتي بيانه:
قال في الموضع الأول في ص 6، بعدما عنون بلفظ (طبقات الرواة) : "ثم احتيج الى
تبيين طبقاتهم، ومقادير حالاتهم، وتباين درجاتهم، ليعرف من كان منهم في منزلة
الانتقاد والجهبذة والتنقير والبحث عن الرجال والمعرفة بهم، وهؤلاء هم أهل التزكية
والتعديل والجرح.
ا - ويعرف من كان منهم عدلا في نفسه، من أهل الثبت في الحديث
والحفظ له والإتقان فيه، فهؤلاء هم أهل العدالة.
2 - ومنهم الصدوق في روايته، الورع في دينه، الثبت الذي يهم أحيانا،
وقد قبله الجهابذة النقاد، فهذا يحتج بحديثه أيضا.
3 - ومنهم الصدوق الورع المغفل، الغالب عليه الوهم والخطا والسهو
والغلط، فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والاداب، ولا يحتج
بحديثه في الحلال والحرام.
4 - ومنهم من قد ألصق نفسه بهم، ودلسها بينهم، ممن قد ظهر للنقاد
العلماء بالرجال، منه الكذب، فهذا يترك حديثه، وتطرح روايته، ويسقط ولا يشتغل
به ". انتهى مع تصوب (منهم الكذب) الى (منه) هنا وفي النص التالي.
ثم قال في الموضع الثاني ص 9، بعدما عنون بلفظ (أتباع التابعين) :
"وهم خلف الأخيار، وأعلام الأمصار، في دين الله عزوجل ونقل سنن رسول الله
صلى الله عليه وسلم وحفظه واتقانه، والعلماء بالحلال والحرام، والفقهاء في
أحكام الله عز وجل وفروضه، وأمره ونهيه، فكانوا على مراتب أربع:
1 - فمنهم الثبت الحافظ الورع المتقن الجهبذ الناقد للحديث، فهذا الذي
لا يختلف فيه، ويعتمد على جرحه وتعديله، ويحتج بحديثه وكلامه في الرجال.
2 - ومنهم العدل في نفسه، الثبت في روايته، الصدوق في نقله، الورع في
دينه، الحافظ لحديثه، المتقن فيه، فذلك العدل الذي يحتج بحديثه ويوثق في نفسه.

(1/50)


..................................................................
__________
=
3 - ومنهم الصدوق الورع الثبت الذي يهم أحيانا، وقد قبله الجهابذة
النقاد، فهذا يحتج بحديثه.
4 - ومنهم الصدوق الورع المغفل الغالب عليه الوهم والخطأ والغلط
والسهو، فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والأداب، ولا يحتج
بحديثه في الحلال والحرام.
5 - وخامس قد ألصق نفسه بهم، ودلسها بينهم، ممن ليس من أهل الصدق
والأمانة، ومن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال أولي المعرفة، منه الكذب، فهذا
يترك حديثه، وتطرح روايته ". انتهى. فقد حكم فى الموضعين بأن (الصدوق غير
كثير الغلط يحتج بحديثه) .
وأما عبارته في الموضع الثالث ففي "الجرح والتعديل " 1 / 1: 37، في (باب
بيان درجات رواة الأثار) ، وهي لا تعارض هذا الذي صرح به مرتين، بل جاءت
مسكوتا فيها عن (يحتج به) او (لايحتج به) ، وهي في الواقع تتلاقى -بشيء من
التوضيح - مع قوله في الموضعين السابقين: (يحتج به) ، وهذا نصها، قال
رحمه الله تعالى:
"وجدت الألفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى - هي في كلامه الأتي
أربع مراتب -:
1 - فاذا قيل للواحد: إنه ثقة، أو متقن ثبت، فهو ممن يحتج بحديثه.
2 - واذا قيل: إنه صدوق، أومحله الصدق، أو لا بأس به، فهو ممن يكتب
حديثه وينظر فيه. وهي المنزلة الثانية.
3 - واذا قيل: شيخ، فهو بالمنزلة الثالثة، يكتب حديثه وينظر فيه، إلأ أنه
دون الثانية.
4 - واذا قيل: صالح الحديث، فهو ممن يكتب حديثة للاعتبار". انتهى
كلام ابن أبي حاتم.
فهو قد قرر أن من كان من المرتبة الأولى (ثقة، متقن، ثبث) : يحتج =

(1/51)


3 - وإذا قيل: شيخ، فهو بالمنزلة الثالثة، يكتب حديثه وينظر
فيه، إلا أنه دون الثانية.
4 - وإذا قيل: صالح الحديث، فإنه يكتب حديثه للاعتبار.
__________
= بحديثه. ومن كان من المرتبة الثانية (صدوق، أو محلة الصدق. . .) : (يكتب حديثة
وينظرفيه) .
وقوله هنا في (الصدوق) : (يكتب حديثه وينظر فيه) ، أي ليعرف أهو كثير
الخطأ فلا يحتج بحديثه، أم قليل الخطأ فيحتج بحديثه، كما قرره وصرح به في
التقسيم السابق لمن ذكره فيه في المرتبة الثالثة في الموضعين، إذ قال: الصدوق
الذي يهم أحيانا يحتج بحديثه ". وقال في الرابعة فيهما: "الصدوق المغفل الغالب
عليه الخطأ لا يحتج بحديثه ". فلا تنافي بين كلاميه بل تلاق وتوافق.
ومن هذا تبين أن ابن أبي حاتم يقرر أن (الصدوق) إذا كان قليل الخطأ
يحتج به، وإذا كان كثير الخطأ لا يحتج به، وهوحكم عدل، وقول فصل،
لا يصح النزاع فيه. وقد انتهيت من عشرين سنة الى نحو هذا الحكم في
(الصدوق) ، الذي استخرجته الان من الجمع بين أقوال ابن أبي حاتم، فيما علقته
على "قواعد في علوم الحديث " للتهانوي، وأسهبت في نقل عبارات المحدثين
المؤيدة لذلك، فانظر منه ص 244- 248.
ومن الغريب أن كل من وقفت على نقله كلام ابن أبي حاتم في الجرح
والتعديل، رأيته نقل كلامه في الموضع الثالث، ولم ينتبه أويتعرض إلى كلامه في
الموضع الأول والثانى، وبالله التوفيق.
هذا، وللأخ الفاضل الدكتور أحمد نور سيف بحث واسع جيد في بيان مرتبة
(الصدوق) الذي جاء في كلام ابن أبي حاتم، نشره في (مجلة البحث العلمي
والتراث الإسلامي) ، الصادرة عن مركز البحث العلمي في جامعة الملك عبد العزيز
بمكة المكرمة، في العدد الثانى لعام1399 ص 53 - 62، ينبغي الوقوف عليه
لأهميته.

(1/52)


(مراتب الجرح)
ا - وإذا أجابوا في الرجل بلين الحديث، فهو ممن يكتب حديثه
وينظر فيه اعتبارا.
2 - وإذا قالوا: ليس بقوي، فهو بمنزلة الأول في كتبة حديثه (1) ،
إلا أنه دونه.
3 -واذا قالوا: ضعيف الحديث، فهو دون الثاني، لا يطرح
حديثه بل يعتبر به.
4 - لاذا قالوا: متروك الحديث، أو: ذاهب الحديث، أو:
كذاب، فهو ساقط الحديث، لا يكتب حديثه، وهي المنزلة الرابعة.
هذا ما ذكره ابن أبي حاتم مما وجده من عباراتهم (2) .
__________
(ا) كذا جاء في الأصل وفي "الجرح والتعديل " أيضا: (في كتبة) بالتاء في
اخره، ومعناه (في كتب) ، وأثبت في طبعة (ف) ص 29 (في كتب حديثه) ،
وهومخالف للأصل ولما في "الجرح والتعديل "، وموافق لما في "الكفاية و"مقدمة
ابن الصلاح ".
(2) وقع في الأصل مرسوما: (عن ماوجده) ، ووقع في طبعة (ف)
ص 30، (عندما وجده) ، وكلاهما تحريف عما أثبته.
هذا، ونقل هذه المراتب عن ابن أبي حاتم الحافظ الخطيب البغدادي في
"الكفاية" ص 23، في (معرفة ما يستعمل أصحاب الحديث من العبارات) ،
ولم يضف إليها شيئا، وقال قبل ذكرها: "فاما أقسام العبارات بالإخبار عن أحوال
الرواة، فارفعها أن يقال: حجة أوثقة، وأدونها أن يقال: كذاب أو ساقط ". انتهى.
فوافقه في الدرجة الأولى تعديلا، وفي الدرجة الرابعة جرحا.
وكذلك نقلها الحافظ ابن الصلاح في "معرفة أنواع علم الحديث " ص 133،
في النوع 23، (معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد) ، ولكنه أضاف إليها بعض =

(1/53)


. .. . . . . .. . . . . . .. . .. . ... . .. . . . .. . . . . . .. . . .. . .
__________
= الألفاظ في بعض المراتب، فقال: "المسالة الخامسة عشرة في بيان الألفاظ
المستعملة من أهل هذا الشان في الجرح والتعديل، وقد رتبها أبومحمد
عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، في كتابه في الجرح والتعديل، فاجاد وأحسن،
ونحن نرتبها كذلك، ونورد ما ذكره، ونضيف إليه ما بلغنا في ذلك عن غيره إن شاء
الله تعالى".
ثم ذكر ابن الصلاح في ختام المسالة -مما لم يذكره ابن أبي حاتم وغيره
من الألفاظ المستعملة في هذا الباب - جملة وافرة، أكثر مما نقله عن ابن
أبي حاتم.
وتابع الحافظ الذهبى في مقدمة "الميزان ": التقسيم الرباعي في مراتب
التعديل، ولكنه أضاف إليها صيغة أرفع تعديلا من التي ذكروها، فتردد الحافظ
العراقي في اعتبارها مرتبة تسبق المراتب الأربع التي ذكروها، أو هى أرفع ألفاظ
المرتبة الأولى من المراتب الأربع، فقال في "شرح الألفية" 2: 3 "مراتب التعديل
على أربع أوخمس طبقات "، وحكى في خلالها صيغة الحافظ الذهبي.
وقرر الحافظ الذهبى مراتب الجرح خمسا، فزاد على سابقيه مرتبة، وتابعه
الحافظ العراقي فقال: 2: 10 "مراتب التجريح على خمس مراتب ".
وأما الحافظ ابن حجر فلم يذكر في "نخبة الفكر" وشرحها مراتب معددة
لألفاظ الجرح والتعديل، وإنما قال في (الخاتمة) ص 134 بحاشية "لقط الدرر":
"ومن الأهم معرفة مراتب الجرح، وأسوأها: الوصف بأفعل، كأكذب الناس. ..،
وأسهلها لين أو سيء الحفظ أو فيه مقال، وبين أسوأ الجرح وأسهله مراتب
لا تخفى.
ومن الأهم معرفة مراتب التعديل، وأرفعها الوصف بأفعل، كاوثق
الناس. . .، وأدناها ما أشعر بالقرب من أسهل التجريح كشيخ. . . ". انتهى.
وأما المراتب الاثنتا عشرة، التي ذكرها الحافظ ابن حجر في أول كتابه =

(1/54)


....................................................
__________
= "تقريب التهذيب "، فهى خاصه بالكتاب نفسه، واصطلاح له فيه وليست عامه
لمراتب الجرح والتعديل مطلقا في كتب المحدثين، كما ألمعت الى ذلك فيما علقته
على "الرفع والتكميل " ص 183 - 184 من الطبعة الثالثة، وكما شرحه وبسطه
بالاستدلال والشواهد تلميذي الأستاذ الشيخ محمد عوامة، في (دراسته) التي قدم
بها للطبعة التي حققها من "تقريب التهذيب " ص 23 - 31، فجزاه الله خيرا ونفع به
وسها الحافظ السيوطي في "تدريب الراوي " ص 29 2 وا: 342فجعل
مراتب "التقريب " مراتب عامة لا خاصة بكتاب "تقريب التهذيب " فقط، فقال رحمه
الله تعالى: "فالفاظ التعديل مراتب، ذكرها المصنف - النووى - كابن الصلاح تبعا
لابن أبي حاتم: أربعة، وجعلها الذهبي والعراقي خمسة، وشيخ الإسلام
-ابن حجر_ سته، اعلاها ... ". انتهى.
وقد قدمت أن الحافظ ابن حجر لم يعدد المراتب في "النخبة" وشرحها،
وانما عددها فى " التقريب "، فالمعنى فى كلام السيوطى: المراتب الست التى
ذكرها الحافظ ابن حجر في "التقريب "، فوهم السيوطي رحمه الله تعالى فى هذا،
إذ جعلها عامة.
ثم جاء الحافظ السخاوي في "فتح المغيث " ا: 361، وتبعه العلامه محمد
اكرم السندى فى شرح النخبة، المسمى: " امعان النظر فى شرح شرح نخبة
الفكر" ص 256، فجعلا لكل من الجرح والتعديل ست مراتب، واستقر الأمر على
هذا الترتيب.
وتجد الألفاظ التي ذكروها في المراتب كلها، من عند ابن أبي حاتم إلى
السخاوي والسندي مشروحة مفصلة على أتم وجه، في كتاب "الرفع والتكميل "
وما علقته عليه، وقد اضفت اليها الفاظ كثيره جمعتها من كتب الرجال، ادخلتها فى
مراتبها الملائمة لها، وبلغ ذلك كله من "الرفع والتكميل " 57صفحة، من
ص 129 - 186 من الطبعة الثالثة، فانظره ففيه فوائد فريدة إن شاء الله تعالى.

(1/55)