جواب الحافظ أبى محمد عبد العظيم المنذري المصري عن أسئلة فى الجرح والتعديل

 (اختلاف المحدثين في اشتراط عدد المزكي والجارح)
واختلفوا أيضا في اشتراط العدد في المزكي والجارح، والشاهد
والراوي (1) .
ا - فاشترط بعضهم العدد فيهما.
2 - ومنهم من قال: لايشترط فيهما، وإن كان الأحوط في
الشهادة الاستظهار بعدد المزكي.
__________
= نعم إذا كان ينكر أمرا متواترا من الشرع، معلوما من الدين بالضرورة،
أو اعتقد عكسه، كان كافرا قطعا، لأن ذلك ليس محلا للاجتهاد بل هومكابرة فيما
هو متواتر من الشريعة، معلوم من الدين بالضرورة، فكان كافرا مجاهرا، فلا يقبل
مطلقا: حرم الكذب أولم يحرمه ".
ثم أورد كلاما لبعض الأصوليين في رد رواية صاحب البدعة الجلية الداعية
إليها، وقبول رواية صاحب البدعة الخفية غير الداعية إليها، ثم رده بقوله رحمه الله
تعالى:
"وقد علمت أن المدار على أنه يحرم الكذب أو لا يحرمه، فإن كان يحرمه
خصوصا على الله ورسوله، فكونه يدعو إلى بدعته الجلية أو غيرها أو لا يدعو،
فلا يمكنه أن يجرأ على الكذب، خصوصا إذا كان ممن يرى الكفر بارتكاب الكبائر،
التي منها الكذب على الله ورسوله، فإنه يتباعد عن ذلك تباعده عن الكفر.
وكونه مخاصما لغيره فيما يتعلق ببدعته شيء، وكونه يكذب على الله ورسوله
شيء اخر، فإنه إن خاصم فيما يكون دليله سمعا، فاحترازه عن الكذب يلزمه أن
لا يستدل إلا بما يصح ثبوته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطريق المعروف
عند أئمة الحديث، فالمعول عليه هوما نقله الإمام السيوطي عن الحافظ ابن حجر،
فاحرص عليه، وخذ هذا التحقيق ".
(1) حرف (و) من لفظ (والشاهد) ساقط من الأصل، فأثبته.

(1/70)


3- وقال بعضهم: يشترط في الشاهد ولا يشترط في الراوي،
لأن العدد ليس بشرط في قبول الخبر، فلم يكن شرطا في الراوي،
بخلاف الشهادة، فإن العدد يشترط في قبول الشهادة والحكم بها، فكان
شرطا في الشهادة (1) .
__________
(ا) هذا القول الثالث في المسألة واضح تماما، وأما الأول والثاني ففيهما
إيجاز اقتضى الغموض قليلا، فأسوق هنا عبارة الحافظ العراقي في "شرح الألفية"
ا: 295، لوضوحها في عرض الأقوال في هذه المسالة، ولبيانها الراجح منها،
وهو الثالث، قال رحمه الله تعالى:
"اختلفوا هل تثبت العدالة والجرح بالنسبة إلى الرواية، بتعديل عدل واحد
أو جرحه، أولا يثبت ذلك إلا باثنين كما في الجرح والتعديل في الشهادة؟ على
قولين، وإذا جمعت الرواية مع الشهادة صار في المسألة ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه لا يقبل في التزكية إلا رجلان، سواء التزكية للشهادة والرواية،
وهو الذي حكاه أبو بكر الباقلاني عن أكثر الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم.
والثاني: الاكتفاء بواحد في الشهادة والرواية معا، وهو اختيار القاضي
أبي بكر المذكور، لأن التزكية بمثابة الخبر، قال القاضي: والذي يوجبه القياس
وجوب قبول تزكية كل عدل مرضى، ذكر أو أنثى، حر أو عبد، لشاهد ومخبر.
والثالث: التفرقة بين الشهادة والرواية، فيشترط اثنان في الشهادة، ويكتفى
بواحد في الرواية، ورجحه الإمام فخر الدين - الرازي - والسيف الامدي ونقله عن
الأكثرين، وكذلك نقله أبو عمرو بن الحاجب عن الأكثرين، وهو مخالف لما نقله
القاضي عنهم.
قال ابن الصلاح: والصحيح الذي اختاره الخطيب وغيره: أنه يثبت
- الجرح والتعديل - في الرواية بواحد، لأن العدد لم يشترط في قبول الخبر،
فلم يشترط في جرح راويه وتعديله، بخلاف الشهادات ".

(1/71)


(اختلاف المحدثين في قبول الجرح المفسر والمبهم)
واختلفوا أيضا في المجرح (1) إذا لم يفسر ما جرح به، فمنهم من
قال: لا يقبل الجرح إلا مفسرا، ومنهم من قال (2) : لا يستفسر الجارح
إلا إذا كان عاميا لا يعرف الجرح، فاما إذا كان الجارح عالما
فلايستفسر (3) .
__________
(ا) هكذا في الأصل (واختلفوا أيضا في المجرح) أي بالميم قبل الجيم
واضحة الخط. وأثبتها (ف) كذلك في ص 40، ولكنه ضبط باقي الجملة هكذا:
(واختلفوا أيضا في المجرح إذا لم يفسر ما جرح به) 0 انتهى. وهوضبط خاطىء
يتنافر مع لفظ (المجرح) ، وينسجم مع لفظ (الجرح) ، لكن اللفظ هنا:
(المجرح) ، فالضبط المذكور خطأ.
(2) لفظ (من) ساقط من الأصل، فاثبته.
(3) حكى المؤلف رحمه الله تعالى في هذه المسالة هنا قولين، وهما
القولان الراجحان من أقوال أربعة، وهي:
ا - يقبل التعديل من غير ذكر سببه، لأن أسبابه كثيرة، فيثقل ذكرها،
ولا يقبل الجرح إلا مفسر السبب، لأن الجرح يحصل بامر واحد، فلا يشق ذكره،
ولأن الناس مختلفون في أسباب الجرح، فيطلق أحدهم الجرح بناء على ما اعتقده
جرحا، وليس هوبجرح في واقع الأمر، فلا بد من بيان سبب الجرح، ليظهر
أهو قادح أم لا؟ وهو قول راجح.
2 - عكسه، وهو يجب بيان سبب العدالة، ولا يجب بيان سبب الجرح، لأن
أسباب العدالة يكثر التصنع فيها، فيجب بيانها، بخلاف أسباب الجرح. وهذا
القول مرجوح.
3- أنه لا بد من ذكر سبب الجرح وسبب العدالة كليهما، للعلة السابقة في
لزوم بيان سبب الجرح، ولزوم بيان سبب العدالة، وهذا القول مرجوح أيضا.
4 - عكسه، وهو: لا يجب بيان سبب كل من الجرح والعدالة، إذا كان =

(1/72)