شرح (التبصرة والتذكرة = ألفية العراقي)
ـ[شرح ألفية العراقي]ـ
المؤلف: أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد
الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم العراقي (المتوفى: 806هـ)
المحقق: عبد اللطيف الهميم - ماهر ياسين فحل
الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان
الطبعة: الأولى، 1423 هـ - 2002 م
عدد الأجزاء: 2
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
__________
الكتاب مرتبط بنسخة مصورة موافقة لمطبوعته وأخرى ط دار الكتب
العلمية أيضا
(/)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ
بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ
فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ
تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ
مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ
مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ
الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا
قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ
فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} .
أما بعد:
الحمد لله ثُمَّ الحمد لله الذي مَنَّ علينا بتحقيق كتاب " شرح
التبصرة والتذكرة " للإمام العلاّمة الحافظ العراقي، والحمد
لله الذي مَنَّ علينا بالصحة والتمكين حتَّى أنهينا هذا السفر
العظيم المبارك، والحمد لله الذي مَنَّ علينا بمعرفة السُّنَّة
النبوية وخدمتها، والله وحده عليم بالجهد الذي بذلناه في خدمة
هذا الكتاب النفيس، الذي نعدّه موسوعة في مصطلح الحديث؛إذ أن
لهذا الكِتَاب أهمية بالغة بَيْنَ بقية كتب مصطلح الْحَدِيْث؛
لِمَا فِيْهِ من دراسات قلَّ نظيرها، ولِمَا فِيْهِ من
استدراكات وإضافات عَلَى أعظم إمام كَتَبَ في المصطلح ألاَ
وَهُوَ ابن الصَّلاَح، إذ يعدّ عمل ابن الصَّلاَح في كتابه "
مَعْرِفَة أنواع علم الحديث " نواة لكتاب الحافظ العراقي هذا،
إذ قام الحافظ بإضافات واستدراكات، وأوضح ما خفي وشرح ما كان
يستحق الشرح، حتَّى أصبح هذا الكتاب أنفس كتاب في مصطلح الحديث
وأحسنها.
ومن العجب أنّ كُتُباً أقلّ شأناً منه قد عني بها المحقّقون،
غير أن أحداً منهم لم يأخذ على عاتقه خدمة هذا السفر العظيم،
من هنا شمّرنا عن ساعد الجدّ وأخذنا على
(1/5)
أنفسنا تحقيق هذا الكتاب الفريد، وقطعنا
دونه جميع الأعمال والأشغال حتَّى خرج بهذه الحُلّة التي بين
يديك.
طبعات الكتاب
طبع الكتاب عدة طبعات، بلغت - حسب علمنا - ثلاثاً، فيما يأتي
وصف موجز لكلّ منها:
أ. الطبعة المصرية القديمة: طبعة خطأً باسم " فتح المغيث بشرح
ألفية الحديث "، صحّحها رجال جمعية النشر والتأليف الأزهرية،
وعلَّق عليها محمود ربيع، سنة 1355 هـ- 1937 م. ولم يتيسر لنا
الاطلاع عليها.
ب. الطبعة الفاسية: وهي الطبعة التي حقّقها الأستاذ محمد بن
الحسين العراقي الحسيني، في سنة 1355 هـ- 1937 م، وطبعت
بالمطبعة الجديدة بفاس في المغرب.
وهي طبعة تكاد تخلو من علامات الترقيم والشكل سواء لمتن
الألفية أو لشرحها، علاوة على ما فيها من التصحيف والتحريف
والخطأ والذهول، والخلط في تعيين الرجل المقصود بالكلام، ومن
غير تخريج للأحاديث والآثار، ولا مراجعة لموارد العراقي في
شرحه، ... إلى غير ذلك مما لا يخفى على لبيب.
جـ. طبعة دار الكتب العلمية: وهي طبعة مُخْرَجَةٌ عن الطبعة
الفاسية، لم يكن فيها جديد إلاّ إعادة تنضيد حروفها.
فلمّا رأينا الأمر زاد عن حدّه، حتّى انقلب الصواب إلى ضدّه،
مع حاجة الناس إليه، وكثرة تعويلهم عليه، استخرنا الله تعالى
في إعادة العمل في خدمته بما ييسره لنا جلّ ذكره، فكان هذا
الذي يراه القرّاء الكرام أمام أنظارهم وبين أياديهم الكريمة،
محتسبين لله ما صرفناه فيه من الجهد والمال ابتغاء للمثوبة
ورجاء الفوز يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا مَن أتى الله بقلب
سليم.
اللهم فأحسن عاقبتنا في الأمور كلّها، وأجرنا من خزي الدنيا
وعذاب الآخرة.
(1/6)
القسم الأول: الدراسة
الباب الأول: ابن الصلاح ومقدمته
الباب الثاني: العراقي وكتابه " شرح التبصرة والتذكرة "
(1/7)
الباب الأول: ابن الصلاح ومقدمته
ويشمل:
الفصل الأول: دراسة تحليلية لسيرة ابن الصَّلاَح.
الفصل الثاني: دراسة عن مقدمة ابن الصَّلاَح.
(1/9)
الفصل الأول:
دراسة تحليلية لسيرة ابن الصلاح
المبحث الأول:
اسمه ونسبه وولادته:
هو تقي الدين، أبو عَمْرو، عثمان بن صلاح الدين أبي القاسم عبد
الرحمن بن عثمان بن موسى بن أبي نصر النصري الكردي الأهل
الشرخاني الشهرزوري الأصل، الموصلي النشأة، الدمشقي الموطن
والوفاة، الشافعي المذهب. ولد سنة (577) هـ، بشهرزور.
المبحث الثاني
أسرته ونشأته وطلبه للعلم:
نشأ ابنُ الصلاح في بيت عِلم وورع ورئاسة في الفقه، إذ كان
والده إماماً مُفتياً رأساً في الفقه على مذهب الإمام الشافعي
- رحمه الله -، وولي فيما بعد التدريس في إحدى المدارس بحلب،
فكان والده أوّل مشايخه وأبرزهم.
كما تلقّى ابن الصلاح علومه على مشايخه في مسقط رأسه، والذين
كان أغلبهم من الأكراد، ومما يدلّ على نباهته وعلو همته ونشاطه
في طلب العلم-وَهُوَ لم يزل في مقتبل العمر- ما يذكر من أنّه
أعاد على والده قراءة كتاب " المهذب " أكثر من مرة، ولم يختطّ
شاربه بعدُ. ومن ثَمَّ انتقل به والده إلى مدينة الموصل،
فاشتغل بها مدة وسمع بها.
(1/11)
ولم تقرّ عين أبي عمرو بأن يأخذ العلم عن
شيوخ بلده فقط، فارتحل في طلب بغيته، وسافر إلى بغداد، وإلى
قزوين، فلازم بها الإمام الرافعي، حتى أتقن عليه جملة من
العلوم، وإلى بلاد خراسان وأقام هناك زمناً، وأكثر فيها من
سماع الحديث وتحصيله.
ومن ثَمَّ ألقى ابن الصلاح عصا ترحاله في بلاد الشام، وكان
أوّل مقامه في مدينة القدس، ثُمَّ ورد دمشق بصحبة أبيه وأسرته
فاتخذها سكناً، وذلك في سنة630هـ.
ولا يفوتنا أنْ نذكر أنّه سافر إلى بلاد الحجاز لأداء فريضة
الحجّ.
المبحث الثالث
شيوخه:
... تتلمذَ ابنُ الصلاح على عدّة من الشيوخ، سواء كانوا من
مسقط رأسه، أو من البلد التي استوطنها، أو من البلاد الأخرى
خلال أسفاره ورحلاته، وكانت السمة المميزة لمشايخه أن أكثرهم
كانوا من أهل الحديث، وأبرزهم:
1 - أبو جعفر عبيد الله بن أحمد بن السمين.
2 - ضياء الدين أبو أحمد عبد الوهاب بن أبي منصور علي بن علي
البغدادي المعروف ابن سكينة، ت 607 هـ.
3 - عماد الدين أبو حامد محمد بن يونس بن محمد الموصلي الفقيه
ت 608 هـ.
4 - أبو القاسم عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القزويني
الرافعي ت 624 هـ، وغيرهم.
(1/12)
المبحث الرابع
تلامذته
... رُزِق أبو عمرو القبول بين الناس، فتسابق طلاب العلم على
التتلمذ عليه، والانتهال من معين ما أوتيه من العلوم، ومن أبرز
تلامذته:
1 - شمس الدين عبد الرحمن بن نوح بن محمد المقدسي. ت 654 هـ.
2 - شمس الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم بن خلّكان
الإربليت (681) هـ.
3 - الحَافِظ أمين الدين عَبْد الصمد بن عَبْد الوهاب بن الحسن
بن عساكر الدمشقي، ثُمَّ المكي. ت (686) هـ.
4- تاج الدين عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاري المشهور بالفركاح.
ت (690) هـوغيرهم
المبحث الخامس
تدريسه
كان أبو عمرو ملماً بجوانب متعددة من فنون العلوم المختلفة،
زيادةً إلى طيب خلقه وكرم أصله، مع الزهد والتواضع وحب الخير،
فوقع عليه الاختيار ليتولى التدريس في العديد من المدارس
آنذاك، منها:
1 ـ المدرسة الناصرية بالقدس.
2 ـ المدرسة الرواحية بدمشق.
3 ـ دار الحديث الأشرفية، وهو أول من وليها ودرّس فيها من أهل
الحديث، وبقي في مشيختها ثلاث عشرة سنة، وفيها أملى كتابه "
علوم
(1/13)
الحديث ".
4 ـ مدرسة ست الشام (زمرد خاتون بنت أيوب) ت 616 هـ.
... ولقد أدّى ما أسند إليه حقّ القيام، وكان يتحمل أعباء
المدارس ثلاثتها (الرواحية، وست الشام، ودار الحديث الأشرفية)
من غير إخلال أو تقصير.
المبحث السادس
آثاره العلمية
لَمَّا كان ابن الصلاح متضلِّعاً من تلك العلوم، استطاع بفضل
الله أولاً، ثُمَّ بما تمتع به من ذكاء وحافظة وجودة فَهْم،
أنْ يصنف العديد من المؤلفات، منها:
1 - أدب المفتي والمستفتي.
2 - شرح الورقات لإمام الحرمين في أصول الفقه.
3 - صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط وحمايته عن الإسقاط
والسقط.
4 - فتاوى ومسائل ابن الصلاح في التفسير والحديث والأصول
والفقه.
5 - علوم الحديث، أو مقدمة ابن الصلاح. وغيرها.
المبحث السابع
وفاته
... بعد عمر مِلْؤُهُ العلم والخير والصلاح، انتقل الحافظ أبو
عمرو ابن الصلاح إلى جوار ربه الكريم، وذلك صباح يوم الأربعاء
الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة 643 هـبدمشق، ودُفن في
مقابر الصوفية خارج دمشق - تغمده الله برحمته -.
(1/14)
|