شرح (التبصرة والتذكرة = ألفية العراقي) المَرْفُوْعُ
95.... وَسَمِّ مَرْفُوْعاً مُضَافاً لِلنَّبِيْ ...
وَاشتَرَطَ الخَطِيْبُ رَفْعَ الصَّاحِبِ
... وَمَنْ يُقَابِلْهُ بِذي الإرْسَالِ ... فَقَدْ عَنَى
بِذَاكَ ذَا اتِّصَالِ
(1/180)
اختلفَ في حدِّ الحديثِ
المرفوعِ، فالمشهورُ
أنَّهُ: ما أُضيف إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قولاً له، أو فعلاً سواءٌ أضافَهُ إليه صحابيٌّ أو تابعيٌّ،
أو مَنْ بعدَهما، سواءٌ اتّصلَ إسنادُهُ أم لا.
فعلى هذا يدخلُ فيه المتصلُ والمرسلُ والمنقطعُ والمعضلُ. وقال
الخطيبُ: هو ما أخبرَ فيه الصحابيُّ عن قولِ الرسولِ - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو فعلِهِ. فعلى هذا لا تدخلُ فيه
مراسيلُ التابعينَ ومَنْ بعدَهُم. قال ابنُ الصلاحِ: ((ومَنْ
جَعَلَ من أهلِ الحديثِ المرفوعَ في مُقَابَلَةِ المُرْسَلِ،
فقد عَنَى بالمرفوعِ المتصلَ)) .
المُسْنَدُ
97.... وَالمُسْنَدُ المَرْفُوْعُ أوْ مَا قَدْ وُصِلْ ...
لَوْ مَعَ وَقْفٍ وَهوَ في هَذَا يَقِلْ
98.... وَالثالِثُ الرَّفْعُ مَعَ الوَصْلِ مَعَا ... شَرْطٌ
بِهِ (الحَاكِمُ) فِيهِ قَطَعَا
أُخْتُلِفَ في حَدِّ الحديثِ المسنَدِ على ثلاثةِ أقوالٍ:
(1/181)
فقالَ أبو عمرَ بنُ عبدِ البرِّ في "
التمهيد ": هو ما رُفع إلى النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - خاصّةً - قال -: وقد يكونُ متّصلاً مثلُ: مالكٍ،
عن نافعِ، عن ابنِ عمرَ، عن رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقد يكونُ منقطعاً، مثلُ: مالكٍ، عن
الزهريِّ، عن ابنِ عبّاسٍ، عن رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال: فهذا مسندٌ؛ لأنَّهُ قَدْ أُسندَ
إلى رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو
منقطعٌ، لأنَّ الزهريَّ لم يَسْمَعْ من ابنِ عبّاسٍ. انتهى.
فعلى هذا يستوي المسندُ والمرفوعُ. وقالَ الخطيبُ: هو عندَ
أهلِ الحديثِ: الذي اتّصلَ إسنادُهُ من راويهِ إلى منتهاهُ.
قالَ ابنُ الصلاحِ: وأكثرُ ما يستعملُ ذلك فيما جاءَ عن رسولِ
اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دونَ ما جاءَ عن
الصحابةِ وغيرهم. وكذا قال ابنُ الصَّبَّاغِ في"العُدَّة"
المسندُ: ما اتصلَ إسنادُهُ. فعلى هذا يَدخُلُ فيه المرفوعُ
والموقوفُ. ومقتضى كلامِ الخطيبِ أنَّهُ يدخلُ فيه ما اتصلَ
إسنادهُ إلى قائِلِهِ مَنْ كان، فيدخلُ فيه المقطوعُ، وهو قولُ
التابعيِّ، وكذا قولُ مَنْ بعدَ التابعينَ، وكلامُ أهلِ
الحديثِ يأباهُ. وقولُهُ: أو، هي لتنويعِ الخلافِ، يدلُّ عليه
قولُهُ بَعدُ: (والثالثُ) ، وهو أنَّ المسندَ لا يقعُ إلا على
ما رُفِعَ إلى النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بإسنادٍ متصلٍ، وبه جزمَ الحاكمُ أبو عبدِ اللهِ
النَّيْسابوريُّ في " علومِ الحديثِ "
(1/182)
، وحكاهُ ابنُ عبدِ البرِّ قولاً لبعضِ أهل
الحديثِ.
المُتَّصِلُ وَالمَوصُولُ
99.... وَإنْ تَصِلْ بِسَنَدٍ مَنْقُوْلاَ ... فَسَمِّهِ
مُتَّصِلاً مَوْصُوْلا
... سَوَاءٌ المَوْقُوْفُ وَالمَرْفُوْعُ ... وَلَمْ يَرَوْا
أنْ يَدْخُلَ المَقْطُوْعُ
المتّصلُ والموصولُ: هو ما اتّصلَ إسنادُهُ إلى النبيِّ -
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو إلى واحدٍ مِنَ
الصحابةِ حيثُ كان ذلكَ موقوفاً عليهِ. وأما أقوالُ التابعينَ
إذا اتصلتِ الأسانيدُ إليهم،
(1/183)
فلا يسمّونها متصلةً. وهذا معنى قولِهِ: (ولمْ يَرَوْا أنْ
يدخُلَ المقطوعُ) ، وإنِ اتصلَ السندُ إلى قائلِهِ. قالَ ابنُ
الصلاحِ: ومطلقُهُ، أي: المتصلِ، يقعُ على المرفوعِ والموقوفِ.
قلتُ: وإنّما يَمتنعُ اسمُ المتصلِ في المقطوعِ في حالةِ
الإطلاقِ. أما مع التقييدِ فجائزٌ واقعٌ في كلامِهِم،
كقولِهِم: هذا متصلٌ إلى سعيدِ بنِ المسيِّبِ، أو إلى
الزهريِّ، أو إلى مالكٍ ونحو ذلك. |