شرح ألفية العراقي في علوم الحديث مَعْرِفَةُ مَنْ تُقْبَلُ رُوَايَتُهُ
وَمَنْ تُرَدُّ
257 - أَجْمَعَ جُمْهُورُ أَئِمَّةِ الأَثَرْ ... وَالْفِقْهِ
فِي قَبُوْلِ نَاقِلِ الْخَبَرْ
258 - بِأنْ يَكُوْنَ ضَابِطاً مُعَدَّلاَ ... أيْ: يَقِظاً،
وَلَمْ يَكُنْ مُغَفَّلاَ
259 - يَحْفَظُ إنْ حَدَّثَ حِفْظاً، يَحْوِيْ ... كِتَابَهُ
إِنْ كَانَ مِنْهُ يَرْوِيْ
260 - يَعْلَمُ مَا فِي الَّلَفْظِ مِنْ إحِالَهْ ... إنْ
يَرْوِ بالْمَعْنَى، وَفِي الْعَدَالَهْ
261 - بِأنْ يَكُوْنَ مُسْلِماً ذَا عَقْلِ ... قَدْ بَلَغَ
الْحُلْمَ سَلِيْمَ الفِعْلِ
262 - مِنْ فِسْقٍ اوْ خَرْمِ مُرُوْءَةٍ وَمَنْ ... زَكَّاهُ
عَدلاَنِ، فَعَدْلٌ مُؤْتًمَنْ
263 - وَصُحِّحَ اكْتِفَاؤُهُمْ بِالْوَاحِدِ ... جَرْحَاً
وَتَعْدِيْلاً خِلاَفَ الشَّاهِدِ
(أَجْمَعَ جُمْهُورُ أَئِمَّةِ الأَثَرْ وَالْفِقْهِ فِي
قَبُوْلِ نَاقِلِ الْخَبَرْ) أي: على أنه يشترط فيمن يُحتج
بروايته (بِأنْ يَكُوْنَ ضَابِطاً) لما يرويه (مُعَدَّلاَ،
أيْ:) وتفسير الضابط أن يكون: (يَقِظاً، وَلَمْ يَكُنْ
مُغَفَّلاَ يَحْفَظُ إنْ حَدَّثَ حِفْظاً، يَحْوِيْ كِتَابَهُ)
أي: يحتوي على كتابه ويحفظه من التبديل والتغيير، (إِنْ كَانَ
مِنْهُ يَرْوِيْ).
(يَعْلَمُ مَا فِي الَّلَفْظِ مِنْ إحِالَهْ إنْ يَرْوِ
بالْمَعْنَى) لأنه إذا حَدَّثَ به على المعنى وهو غير عالم بما
يُحيل [17 - أ] معناه لم يَدْر لَعَلَّهُ يحيل الحلال إلى
الحرام.
(وَفِي الْعَدَالَهْ) أي: وشروط العدالة (بِأنْ يَكُوْنَ
مُسْلِماً، ذَا عَقْلِ، قَدْ بَلَغَ الْحُلْمَ، سَلِيْمَ
الفِعْلِ مِنْ فِسْقٍ) وهو ارتكاب كبيرة، أو إصرار على صغيرة،
(اوْ خَرْمِ مُرُوْءَةٍ) ولم يشترط الحرية.
(1/150)
(وَ) بيان ما تثبت به العدالة أنَّ (مَنْ
زَكَّاهُ عَدلاَنِ) بتنصيصهما على عدالته (فَعَدْلٌ
مُؤْتًمَنْ).
(وَصُحِّحَ اكْتِفَاؤُهُمْ بِالْوَاحِدِ) أي: بالعدل الواحد
(جَرْحَاً وَتَعْدِيْلاً)؛ لأن العدد لم يُشترط في قبول الخبر
فلم يُشترط في جرح راويه وتعديله (خِلاَفَ الشَّاهِدِ).
264 - صَحَّحَ استِغْنَاءَ ذِي الشُّهْرَةِ عَنْ ...
تَزكِيَةٍ، كمَالكٍ نَجْمِ السُّنَنْ
265 - ولابنِ عَبْدِ البَرِّ كُلُّ مَنْ عُنِي ... بِحَمْلِهِ
العِلْمَ وَلَمْ يُوَهَّنِ
266 - فَإنَّهُ عَدْلٌ بِقَوْلِ المُصْطَفَى ... «يَحْمِلُ
هَذَا العِلْمَ» لكِنْ خُوْلِفَا
و (صَحَّحَ) ابنُ الصلاح (1) (استِغْنَاءَ ذِي الشُّهْرَةِ)
أي: من اشتهرت عدالته وشاع الثناء عليه بالأمانة، (عَنْ
تَزكِيَةٍ) أي: بينة شاهدة بعدالته تنصيصاً، (كمَالكٍ نَجْمِ
السُّنَنْ) هذا وصف الشافعي حيث قال: «إذا ذكر الأثر فمالك
النجم» (2).
(ولابنِ عَبْدِ البَرِّ (3) كُلُّ مَنْ عُنِي بِحَمْلِهِ
العِلْمَ وَلَمْ يُوَهَّنِ فَإنَّهُ عَدْلٌ) محمولٌ في أمره
على العدالة (بِقَوْلِ المُصْطَفَى: «يَحْمِلُ هَذَا العِلْمَ)
من كل خَلَفٍ عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال
المبطلين، وتأويل الجاهلين» (4).
_________
(1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص105).
(2) أسنده أبو نعيم في «الحلية»: (6/ 318).
(3) في «التمهيد»: (1/ 28).
(4) أخرجه العقيلي في «الضعفاء»: (1/ 9 - 10، 4/ 556)، وابن
عدي في «الكامل»: (1/ 152 - 153، 2/ 511)، والبيهقي في
«الدلائل»: (1/ 44)، والخطيب في «شرف أصحاب الحديث»: (ص28 -
29)، وابن عبد البر في «التمهيد»: (1/ 59).
(1/151)
(لكِنْ خُوْلِفَا) فقال ابن الصلاح (1):
«فيما قاله اتساع غير مرضي»، واستدلا له بالحديث لا يصح؛
لإرساله وضعفه، ولأن صحة الاستدلال به لو كان خبراً، ولا يصح
حمله على الخبر لوجود من يحمل العلم وهو غير عدل فَيُحْمَل على
الأمر.
267 - وَمَنْ يُوَافِقْ غَالِباً ذا الضَّبْطِ ... فَضَابِطٌ،
أوْ نَادِراً فَمُخْطِيْ
(وَمَنْ يُوَافِقْ غَالِباً ذا الضَّبْطِ) بأن يُعْتَبَر حديثه
بحديث الثقات الضابطين، فإن وافقهم في روايتهم في اللفظ أو في
المعنى ولو في الغالب (فَضَابِطٌ، أوْ نَادِراً فَمُخْطِيْ)
أي: وإن كان الغالب المخالفة وإن وافقهم فنادر، عُرِفَ خطؤه
وعدم ضبطه.
268 - وَصَحَّحُوا قَبُوْلَ تَعْدِيْلٍ بِلاَ ... ذِكْرٍ
لأسْبَابٍ لَهُ، أنْ تَثْقُلاَ
269 - وَلَمْ يَرَوْ قَبُوْلَ جَرْحٍ أُبْهِمَا؛ ...
لِلْخُلْفِ في أسبَابِهِ، وَرُبَّمَا
270 - اسْتُفْسِرَ الجَرْحُ فَلَمْ يَقْدَحْ، كَمَا ...
فَسَّرَهُ شُعْبَةُ بِالرَّكْضِ، فَمَا
271 - هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ حُفَّاظُ الأثَرْ ... كـ
«شَيْخَيِ الصَّحِيْحِ» مَعْ أهْلِ النَّظَرْ
(وَصَحَّحُوا قَبُوْلَ تَعْدِيْلٍ بِلاَ ذِكْرٍ لأسْبَابٍ
لَهُ، أنْ تَثْقُلاَ) أي: لئلا تثقل ويشق ذكرها؛ لأن أسبابه
كثيرة.
(وَلَمْ يَرَوْ قَبُوْلَ جَرْحٍ أُبْهِمَا) بل مُفَسَّرَاً
مبينَ السبب؛ (لِلْخُلْفِ في أسبَابِهِ) فيطلق أحدهم الجرح
بناءً على ما اعتقده جرحاً وليس بجرح في نفس الأمر، فلا بد من
بيان سببه ليظهر أهو قادح أم لا؟.
_________
(1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص106).
(1/152)
(وَرُبَّمَا اسْتُفْسِرَ الجَرْحُ فَلَمْ
يَقْدَحْ، كَمَا فَسَّرَهُ شُعْبَةُ) لما قيل له: لم تركتَ
حديث فلان؟ [17 - ب] (بِالرَّكْضِ) فقال: «رأيته يركض على
برذون فتركته» (1) (فَمَا) (2) يلزم من ركضه؟.
وقيل عكس ما ذُكِر، وقيل لابد من ذكر سببهما وقيل: لا يجب ذكر
سبب واحد منهما.
(هَذَا) أي: القول المذكور أولاً (الَّذِي عَلَيْهِ حُفَّاظُ
الأثَرْ كـ (شَيْخَيِ الصَّحِيْحِ)) وهما البخاري ومسلم (مَعْ
أهْلِ النَّظَرْ) وهم الأصوليون.
272 - فَإنْ يُقَلْ: «قَلَّ بَيَانُ مَنْ جَرَحْ» ... كَذَا
إذَا قَالُوا: «لِمَتْنٍ لَمْ يَصِحْ»
273 - وَأبْهَمُوا، فَالشَّيْخُ قَدْ أجَابَا ... أنْ يَجِبَ
الوَقْفُ إذا اسْتَرَابا
274 - حَتَّى يُبِيْنَ بَحْثُهُ قَبُوْلَهْ ... كَمَنْ أُوْلُو
الصَّحِيْحِ خَرَّجُوا لَهْ
275 - فَفي البُخَارِيِّ احتِجَاجاً عِكْرِمَ ... مَعَ ابْنِ
مَرْزُوْقٍ، وَغَيْرُ تَرْجُمَهْ
276 - وَاحْتَجَّ مُسْلِمٌ بِمَنْ قَدْ ضُعِّفَا ... نَحْوَ
سُوَيْدٍ إذْ بِجَرْحٍ مَا اكتَفَى
277 - قُلْتُ: وَقَدْ قَالَ أبُو المَعَاليْ ... واخْتَارَهُ
تِلْمِيْذُهُ الغَزَاليْ
278 - وابْنُ الخَطِيْبِ الْحَقُّ أنْ يُحْكَمْ بِمَا ...
أطْلَقَهُ العَالِمْ بِأسْبَابِهِمَا
(فَإنْ يُقَلْ) يَرِدُ على هذا القول أنه (قَلَّ) في الكتب
المصَنَّفة للجرح (بَيَانُ مَنْ جَرَحْ) بل يقتصرون على: «فلان
ضعيف»، ونحوه (إذَا قَالُوا: لِمَتْنٍ: «لَمْ
_________
(1) أخرجه الخطيب في «الكفاية»: (1/ 344).
(2) في الأصل: فماذا.
(1/153)
يَصِحْ») أو: «هذا حديث ضعيف»
(وَأبْهَمُوا)، فاشتراط بيان السبب يُفْضِي إلى تعطيل ذلك.
(فَالشَّيْخُ) ابن الصلاح (قَدْ أجَابَا (1) أنْ يَجِبَ
الوَقْفُ إذا اسْتَرَابا) أي: أنَّ ذلك وإن لم نعتمدْه في
إثبات الجرح به فقد اعتمدناه في تَوَقُّفِنَا عن قَبول حديث من
قالوا فيه مثل ذلك ثم يُبحث عن حاله، (حَتَّى يُبِيْنَ
بَحْثُهُ قَبُوْلَهْ) إذا انزاحت عنه الريبة (كَمَنْ أُوْلُو
الصَّحِيْحِ خَرَّجُوا لَهْ) ممن مَسَّهُ مثل هذا الجرح من
غيرهم (فَفي البُخَارِيِّ احتِجَاجاً) أي: فالبخاري احتج
بجماعة سبق عن غيره الطعن فيهم، منهم: (عِكْرِمَه) في
التابعين، (مَعَ ابْنِ مَرْزُوْقٍ) في المتأخرين، (وَغَيْرُ
تَرْجُمَهْ (2) وَاحْتَجَّ مُسْلِمٌ بِمَنْ قَدْ ضُعِّفَا
نَحْوَ سُوَيْدٍ) هو ابن سعيد، وجماعة اشتهر عن من ينظر في حال
الرواة الطعن عليهم؛ (إذْ بِجَرْحٍ) أي: بمطلق جرح (مَا
اكتَفَى) (3).
قال المصنف (قُلْتُ: وَقَدْ قَالَ) إمام الحرمين (أبُو
المَعَاليْ (4) واخْتَارَهُ تِلْمِيْذُهُ الغَزَاليْ (5)
وابْنُ الخَطِيْبِ (6): الْحَقُّ أنْ يُحْكَمْ بِمَا أطْلَقَهُ
العَالِمْ بِأسْبَابِهِمَا) فإن كان
_________
(1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص108).
(2) انظر: «هدي الساري»: (ص548 - 653)، سياق أسماء من طُعنَ
فيه من رجال الصحيح والجواب عنهما.
(3) انظر: «مقدمة النووي على شرح مسلم»: (1/ 188 - 190).
(4) في «البرهان»: (1/ 621 - 622).
(5) في «المستصفى»: (1/ 162).
(6) الرازي في «المحصول»: (2/ 1/587 - 588).
(1/154)
المزكِّي عالماً بأسباب الجرح والتعديل
اكتفينا بإطلاقه، وإلا فلا.
279 - وَقَدَّمُوا الجَرْحَ، وَقِيْلَ: إنْ ظَهَرْ ... مَنْ
عَدَّلَ الأكْثَرَ فَهْوَ المُعْتَبَرْ
(وَقَدَّمُوا الجَرْحَ) إذا تعارض هو والتعديل في راوٍ واحدٍ
فجرَّحه بعضُهم وعَدَّله بعضهم.
(وَقِيْلَ: إنْ ظَهَرْ مَنْ عَدَّلَ الأكْثَرَ) أي: إن كان عدد
المعدلين أكثر (فَهْوَ المُعْتَبَرْ) أي: فيُقدم التعديل.
وقيل: لا يرجح أحدها إلا بمرجح.
280 - وَمُبْهَمُ التَّعْدِيْلِ لَيْسَ يَكْتَفِيْ ... بِهِ
الخَطِيْبُ والفَقِيْهُ الصَّيْرَفِيْ
281 - وَقِيْلَ: يَكْفِي، نَحْوُ أنْ يُقالا: ... حَدَّثَنِي
الثِّقَةُ، بَلْ لَوْ قَالاَ:
282 - جَمِيْعُ أشْيَاخِي ثِقَاتٌ لَوْ لَمْ ... أُسَمِّ، لاَ
يُقْبَلُ مَنْ قَدْ أَبْهَمْ
283 - وَبَعْضُ مَنْ حَقَّقَ لَمْ يَرُدَّهُ ... مِنْ عَالِمٍ
في حَقِّ مَنْ قَلَّدَهُ
(وَمُبْهَمُ التَّعْدِيْلِ) من غير تسمية المعدَّل (لَيْسَ
يَكْتَفِيْ بِهِ) في التوثيق (الخَطِيْبُ) أبو بكر (1)،
(والفَقِيْهُ) أبو بكر (الصَّيْرَفِيْ) (2).
(وَقِيْلَ: يَكْفِي) حكاه ابن الصباغ عن أبي حنيفة (3) وذلك
(نَحْوُ أنْ يُقالا حَدَّثَنِي الثِّقَةُ) من غير أن يسميه،
(بَلْ) زاد الخطيب (4) بأنه (لَوْ قَالاَ جَمِيْعُ أشْيَاخِي
_________
(1) «الكفاية»: (1/ 298 - 299).
(2) انظر: «البحر المحيط»: (4/ 291).
(3) انظر: «أصول البزدوي»: (3/ 6) مع شرحه «كشف الأسرار».
(4) في «الكفاية»: (1/ 298).
(1/155)
ثِقَاتٌ لَوْ لَمْ أُسَمِّ) ثم روى عن مَنْ
لم يُسمه [18 - أ] (لاَ يُقْبَلُ مَنْ قَدْ أَبْهَمْ)؛ لأنه
وإن كان ثقة عنده فربما لو سماه لكان ممن جَرَحَهُ غيره بجرح
قادح.
(وَبَعْضُ مَنْ حَقَّقَ لَمْ يَرُدَّهُ مِنْ عَالِمٍ في حَقِّ
مَنْ قَلَّدَهُ) كقول مالك: «أخبرني الثقة»، وكذا الشافعي.
قال ابن الصباغ (1): لم يورد الشافعي ذلك احتجاجاً بالخبر على
غيره وإنما ذكر لأصحابه قيام الحجة عنده على الحُكم وقد عرف هو
من روى عنه ذلك.
284 - وَلَمْ يَرَوْا فُتْيَاهُ أوْ عَمَلَهُ ... -عَلَى
وِفَاقِ المَتْنِ- تَصْحِيْحَاً لَهُ
285 - وَلَيْسَ تَعْدِيلاً عَلَى الصَّحِيْحِ ... رِوَايَةُ
العَدْلِ عَلَى التَّصْرِيْحِ
(وَلَمْ يَرَوْا فُتْيَاهُ) أي: العالم (أوْ عَمَلَهُ -عَلَى
وِفَاقِ المَتْنِ- تَصْحِيْحَاً لَهُ) أي: لذلك الحديث؛ لإمكان
أن يكون ذلك منه لدليل آخر وافق ذلك الخبر. (وَلَيْسَ
تَعْدِيلاً عَلَى الصَّحِيْحِ رِوَايَةُ العَدْلِ عَلَى
التَّصْرِيْحِ) بأن روى العدلُ عن شيخٍ بصريح اسمِهِ؛ لجواز أن
يروي عن غير العدل.
وقيل: تعديل مطلقاً.
وقيل: إن كان لا يروي إلا عن عدل تكون تعديلاً وإلا فلا.
286 - وَاخْتَلَفُوا: هَلْ يُقْبَلُ المَجْهُوْلُ؟ ... وَهْوَ
-عَلَى ثَلاَثَةٍ- مَجْعُوْلُ
287 - مَجْهُوْلُ عَيْنٍ: مَنْ لَهُ رَاوٍ فَقَطْ ...
وَرَدَّهُ الاكْثَرُ، وَالقِسْمُ الوَسَطْ:
_________
(1) انظر: «البحر المحيط»: (4/ 297).
(1/156)
288 - مَجْهُوْلُ حَالٍ بَاطِنٍ وَظَاهِرِ
... وَحُكْمُهُ: الرَّدُّ لَدَى الجَمَاهِرِ،
289 - وَالثَّالِثُ: المَجْهُولُ لِلعَدالَهْ ... في بَاطِنٍ
فَقَطْ. فَقَدْ رَأَى لَهْ
290 - حُجِّيَّةً -في الحُكْمِ-بَعْضُ مَنْ مَنَعْ ... مَا
قَبْلَهُ، مِنْهُمْ سُلَيْمٌ فَقَطَعْ
291 - بِهِ، وَقَالَ الشَّيْخُ: إنَّ العَمَلا ... يُشْبِهُ
أنَّهُ عَلَى ذَا جُعِلا
292 - في كُتُبٍ منَ الحَدِيْثِ اشْتَهَرَتْ ... خِبْرَةُ
بَعْضِ مَنْ بِهَا تَعَذَّرَتْ
293 - في بَاطِنِ الأمْرِ، وبَعْضٌ يُشْهِرُ ... ذَا القِسْمَ
مَسْتُوْرَاً، وَفِيْهِ نَظَرُ
(وَاخْتَلَفُوا: هَلْ يُقْبَلُ المَجْهُوْلُ؟ وَهْوَ -عَلَى
ثَلاَثَةٍ- مَجْعُوْلُ) القسم الأول: (مَجْهُوْلُ عَيْنٍ) وهو:
(مَنْ لَهُ رَاوٍ فَقَطْ) كالهيثم بن حَنَش لم يرو عنه إلا
واحد وهو أبو إسحاق السبيعي (1). (وَرَدَّهُ الاكْثَرُ).
(وَالقِسْمُ الوَسَطْ) وهو الثاني (مَجْهُوْلُ حَالٍ) في
العدالة (بَاطِنٍ وَظَاهِرِ) مع كونه معروف العين برواية عدلين
عنه، (وَحُكْمُهُ: الرَّدُّ لَدَى الجَمَاهِرِ).
(و) القسم (الثَّالِثُ المَجْهُولُ لِلعَدالَهْ في بَاطِنٍ
فَقَطْ) أما في الظاهر فهو عدل (فَقَدْ رَأَى لَهْ حُجِّيَّةً
-في الحُكْمِ-بَعْضُ مَنْ مَنَعْ مَا قَبْلَهُ) وهما القسمان
الأوَّلان. (مِنْهُمْ سُلَيْمٌ) هو ابن أيوب الرازي (فَقَطَعْ
بِهِ) (2)؛ لأن الأخبار مبنيٌّ على حسن الظن بالراوي.
_________
(1) «الجرح والتعديل»: (9/ 79).
(2) انظر: «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص112)، و «البحر
المحيط»: (4/ 281).
(1/157)
(وَقَالَ الشَّيْخُ) ابن الصلاح (1) (إنَّ
العَمَلا يُشْبِهُ أنَّهُ عَلَى ذَا جُعِلا في كُتُبٍ منَ
الحَدِيْثِ اشْتَهَرَتْ خِبْرَةُ بَعْضِ مَنْ بِهَا
تَعَذَّرَتْ في بَاطِنِ الأمْرِ) لتقادم العهد (وبَعْضٌ
يُشْهِرُ) شهود (ذَا القِسْمَ) الأخير (مَسْتُوْرَاً).
قال ابن الصلاح (2): وهو المستور، قال بعض أئمتنا (3): المستور
من يكون عدلاً في الظاهر ولا تعرف عدالته باطناً.
قال المصنف: (وَفِيْهِ نَظَرُ)؛ لأن الشافعي قال (4): لا يجوز
أن يترك الحكم بشهادتهما إذا كانا عدلين في الظاهر، فعلى هذا
لا يُقال لمن هو بهذه المثابة: أنه مستور.
294 - وَالخُلفُ في مُبْتَدِعٍ مَا كُفِّرَا ... قِيْلَ:
يُرَدُّ مُطلَقَاً، وَاسْتُنْكِرَا
295 - وَقْيِلَ: بَلْ إذا اسْتَحَلَّ الكَذِبَا ... نُصْرَةَ
مَذْهَبٍ لَهُ، وَنُسِبَا
296 - لِلشَّافِعيِّ، إذْ يَقُوْلُ: أقْبَلُ ... مِنْ غَيْرِ
خَطَّابِيَّةٍ مَا نَقَلُوْا
297 - وَالأكْثَرُوْنَ - وَرَآهُ الأعْدَلاَ - ... رَدُّوَا
دُعَاتَهُمْ فَقَطْ، وَنَقَلا
298 - فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ اتِّفَاقَاً، وَرَوَوْا ... عَنْ
أهْلِ بِدْعٍ في الصَّحِيْحِ مَا دَعَوْا
(وَالخُلفُ في) رواية (مُبْتَدِعٍ مَا كُفِّرَا) [18 - ب] في
بدعته (قِيْلَ: يُرَدُّ مُطلَقَاً)؛
_________
(1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص112).
(2) المصدر السابق.
(3) هو البغوي في كتابه «تهذيب الفروع»: (5/ 263).
(4) في «اختلاف الحديث»: (ص143).
(1/158)
لأنه فاسقٌ ببدعته. (وَاسْتُنْكِرَا)، قال
ابن الصلاح (1): إنه بعيد فإن كتب أئمة الحديث طافحةٌ بالرواية
عن المبتدعة غير الدعاة، أما المبتدع الذي يَكْفُرُ ببدعته
فابن الصلاح لم يَحْكِ فيه خلافاً.
(وَقْيِلَ: بَلْ) يُرَدُّ (إذا اسْتَحَلَّ الكَذِبَا نُصْرَةَ
مَذْهَبٍ لَهُ، وَنُسِبَا) أي: ذا القول (لِلشَّافِعيِّ، إذْ
يَقُوْلُ: أقْبَلُ مِنْ) أهل الأهواء (غَيْرِ خَطَّابِيَّةٍ)
وهم من الرافضة (مَا نَقَلُوْا) (2)؛ لأنهم يرون الشهادة
بالزور لموافِقِيْهم.
(وَالأكْثَرُوْنَ - وَرَآهُ) ابن الصلاح (3) (الأعْدَلاَ -
رَدُّوَا دُعَاتَهُمْ فَقَطْ) فقالوا: إن كان داعياً إلى بدعته
لم يقبل وإن لم يكن داعية قُبِل. (وَنَقَلا فِيهِ ابْنُ
حِبَّانَ اتِّفَاقَاً) فقال (4): «الداعية إلى البدع لا يجوز
الاحتجاج به عند أئمتنا قاطبةً لا أعلمُ بينهم فيه اختلافاً»،
وقال (5): «ليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق
المتقن إذا كان فيه بدعة ولم يَدْعُ إليها أن الاحتجاج بأخباره
جائز».
(وَرَوَوْا عَنْ أهْلِ بِدْعٍ في الصَّحِيْحِ مَا دَعَوْا) أي:
وفي «الصحيحين» كثير من
_________
(1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص115).
(2) نقله عنه الخطيب في «الكفاية»: (1/ 367).
(3) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص115).
(4) في «المجروحين»: (3/ 63 - 64).
(5) في «الثقات»: (6/ 140 - 141) ترجمة جعفر بن سليمان الضبعي.
وعلق عليه السخاوي في «فتح المغيث»: (2/ 227) قائلاً: «وليس
صريحاً في الاتفاق لا مطلقاً ولا بخصوص الشافعية».
(1/159)
أحاديث المبتدعة غير الدُّعاة كداود بن
الحصين (1) وغيره.
299 - وَلِلحُمَيْدِيْ وَالإمَامِ أحْمَدَا ... بأنَّ مَنْ
لِكَذِبٍ تَعَمَّدا
300 - أيْ فِي الحَدِيْثِ، لَمْ نَعُدْ نَقْبَلُهُ ... وَإنْ
يَتُبْ، وَالصَّيْرَفِيِّ مِثْلُهُ
301 - وَأطْلَقَ الكِذْبَ، وَزَادَ: أنَّ مَنْ ... ضُعِّفَ
نَقْلاً لَمْ يُقَوَّ بَعْدَ أنْ
302 - وَلَيْسَ كَالشَّاهِدِ، وَالسَّمْعَانِي ... أبُو
المُظَفَّرِ يَرَى فِي الجَانِي
303 - بِكَذِبٍ فِي خَبَرٍ إسْقَاطَ مَا ... لَهُ مِنَ
الحَدِيْثِ قَدْ تَقدَّمَا
(وَلِلحُمَيْدِيْ وَالإمَامِ أحْمَدَا (2) بأنَّ مَنْ لِكَذِبٍ
تَعَمَّدا أيْ فِي الحَدِيْثِ) أي: حديث رسول الله صلى الله
عليه وسلم (لَمْ نَعُدْ نَقْبَلُهُ) أي: نقبل روايته أبداً،
(وَإنْ يَتُبْ) وحسنت توبته، أما في حديث الناس فَتُقبل رواية
الثابت منه.
(وَالصَّيْرَفِيِّ) أي: وللصيرفي (مِثْلُهُ) أي: مثل قولهما
(3)، ولكن (أطْلَقَ) الصيرفي (الكِذْبَ، وَزَادَ: أنَّ مَنْ
ضُعِّفَ نَقْلاً لَمْ يُقَوَّ بَعْدَ أنْ وَلَيْسَ
كَالشَّاهِدِ) فقال: «كل من أسقطنا خبره من أهل النقل بكذب
وجدناه عليه لم نَعُدْ لقبوله بتوبة تظهر، ومن ضعفنا نقله لم
نجعله قوياً بعد ذلك»، وذكر أن ذلك مما افترقت فيه الرواية
والشهادة.
(وَالسَّمْعَانِي أبُو المُظَفَّرِ يَرَى فِي الجَانِي
بِكَذِبٍ فِي خَبَرٍ) واحد (إسْقَاطَ مَا لَهُ مِنَ
_________
(1) قال الحافظ: رمي برأي الخوارج. «تقريب التهذيب»: (رقم
1779).
(2) «الكفاية»: (1/ 358 - 360).
(3) عزاه ابن الصلاح في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص116) إلى
«شرح الرسالة».
(1/160)
الحَدِيْثِ قَدْ تَقدَّمَا) (1).
304 - وَمَنْ رَوَى عَنْ ثِقَةٍ فَكَذَّبَهْ ... فَقَدْ
تَعَارَضَا، وَلَكِنْ كَذِبَهْ
305 - لاَ تُثْبِتَنْ بِقَوْلِ شَيْخِهِ، فَقَدْ ... كَذَّبَهُ
الآخَرُ، وَارْدُدْ مَا جَحَدْ
306 - وَإنْ يَرُدَّهُ بِلاَ أذْكُرُ أوْ ... مَا يَقْتَضِي
نِسْيَانَهُ، فَقَدْ رَأوْا
307 - الحُكْمَ لِلذَّاكِرِ عِنْدَ المُعْظَمِ، ... وَحُكِيَ
الإسْقَاطُ عَنْ بَعْضِهِمِ
308 - كَقِصَّةِ الشَّاهِدِ واليَمِيْنِ إذْ ... نَسِيَهُ
سُهَيْلٌ الَّذِي أُخِذْ
309 - عَنْهُ، فَكَانَ بَعْدُ عَنْ رَبِيْعَهْ ... عَنْ
نَفْسِهِ يَرْوِيْهِ لَنْ يُضِيْعَهْ
310 - وَالشَّافِعي نَهَى ابْنَ عَبْدِ الحَكَمِ ... يَرْوِي
عَنِ الحَيِّ لخَوْفِ التُّهَمِ
(وَمَنْ رَوَى) حديثاً (عَنْ ثِقَةٍ) وكان ثقةً (فَكَذَّبَهْ)
أي: المروي عنه صريحاً أو بنفيٍ جازم (فَقَدْ تَعَارَضَا،
وَلَكِنْ كَذِبَهْ) أي: الفرع (لاَ تُثْبِتَنْ بِقَوْلِ [19 -
أ] شَيْخِهِ) بحيث يكون ذلك جرحاً للفرع (فَقَدْ كَذَّبَهُ
الآخَرُ) في نفيه لذلك، وليس قبول جرح كلٍّ منهما بأولى من
الآخر فتساقطا. (وَ) لكن (ارْدُدْ مَا جَحَدْ) أي: اردده من
حديث الفرع إذا نفى الأصل تحديثه للفرع به خاصة، ولا يُرَدُّ
من حديث الأصل نفسه إذا حَدَّث به.
(وَإنْ يَرُدَّهُ) الأصل (بِـ «لاَ أذْكُرُ» أوْ مَا يَقْتَضِي
نِسْيَانَهُ) كَـ «لا أعرفه» (فَقَدْ رَأوْا الحُكْمَ
لِلذَّاكِرِ عِنْدَ المُعْظَمِ) فقبلوا ذلك، وقالوا: نسيان
الأصل لا يُسْقِطُ العمل بما نسيه.
_________
(1) «قواطع الأدلة»: (2/ 304).
(1/161)
(وَحُكِيَ الإسْقَاطُ عَنْ بَعْضِهِمِ)
حكاه ابن الصبَّاغ (1) عن بعض أصحاب أبي حنيفة.
وذلك (كَقِصَّةِ الشَّاهِدِ واليَمِيْنِ) وهو أنه عليه السلام
قضى باليمين مع الشاهد (2) (إذْ نَسِيَهُ سُهَيْلٌ الَّذِي
أُخِذْ عَنْهُ، فَكَانَ بَعْدُ عَنْ رَبِيْعَهْ عَنْ نَفْسِهِ
يَرْوِيْهِ لَنْ يُضِيْعَهْ) قال عبد العزيز: ذكرت ذلك لسهيل
فقال: أخبرني ربيعة وهو عندي ثقة أني حدثته إياه، ولا أحفظه.
قال عبد العزيز: فكان سُهيل بعدُ يحدثه عن ربيعة عنه عن أبيه
(3).
(وَالشَّافِعي نَهَى ابْنَ عَبْدِ الحَكَمِ يَرْوِي عَنِ
الحَيِّ لخَوْفِ التُّهَمِ) فقال: «لا تُحدث عن حيٍّ فإن الحي
لا يؤمن عليه النسيان» (4).
311 - وَمَنْ رَوَى بأُجْرَةٍ لَمْ يَقْبَلِ ... إسْحَاقُ
والرَّازِيُّ وابْنُ حَنْبَلِ
312 - وَهْوَ شَبيْهُ أُجْرَةِ القُرْآنِ ... يَخْرُمُ مِنْ
مُرُوْءَةِ الإنْسَانِ
313 - لَكِنْ أبُوْ نُعَيْمٍ الفَضْلُ أَخَذْ ... وَغَيْرُهُ
تَرَخُّصَاً، فإنْ نَبَذْ
314 - - شُغْلاً بِهِ - الكَسْبَ أجِزْ إرْفَاقَا، ... أفْتَى
بِهِ الشَّيْخُ أبُوْ إسْحَاقا
(وَمَنْ رَوَى بأُجْرَةٍ لَمْ يَقْبَلِ إسْحَاقُ) (5)، وأبو
حاتم (الرَّازِيُّ) (6)، وأحمد (ابْنُ
_________
(1) في «العدة» كما في «شرح العراقي على الألفية»: (1/ 362).
(2) أخرجه أبو داود (ج3610) والترمذي (1/ 274) وابن ماجه
(ج2368).
(3) ذكر ذلك أبو داود عقب تخريجه الحديث في الموضع المشار
إليه.
(4) انظر: «مناقب الشافعي»: (2/ 38، 216).
(5) انظر: «تهذيب الكمال»: (7/ 233).
(6) انظر: «الكفاية»: (1/ 457).
(1/162)
حَنْبَلِ (1)، وَهْوَ شَبيْهُ أُجْرَةِ
القُرْآنِ) أي: أخذ الأجرة على تعليم القرآن ونحوه (يَخْرُمُ
مِنْ مُرُوْءَةِ الإنْسَانِ).
(لَكِنْ أبُوْ نُعَيْمٍ الفَضْلُ) بن دكين (أَخَذْ (2)
وَغَيْرُهُ تَرَخُّصَاً) أي: رخصوا في ذلك.
(فإنْ نَبَذْ - شُغْلاً بِهِ - الكَسْبَ أجِزْ إرْفَاقَا
أفْتَى بِهِ الشَّيْخُ أبُوْ إسْحَاقا) فإن أبا الحسين ابن
النقور (3) فَعَلَ ذلك لأن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أفتاه
بجواز أخذ الأجرة على التحديث؛ لأن أصحاب الحديث كانوا يمنعونه
عن الكسب لعياله (4).
315 - وَرُدَّ ذُوْ تَسَاهُلٍ في الحَمْلِ ... كَالنَّوْمِ
وَالأدَا كَلاَ مِنْ أصْلِ،
316 - أوْ قَبِلَ التَّلقِيْنَ، أوْ قَدْ وُصِفَا ...
بِالمُنْكَرَاتِ كَثْرَةً، أوْ عُرِفَا
317 - بِكَثْرَةِ السَّهْوِ، وَمَا حَدَّثَ مِنْ ... أصْلٍ
صَحِيْحٍ فَهْوَ رَدٌّ، ثُمَّ إنْ
318 - بُيِّنْ لَهُ غَلَطُهُ فَمَا رَجَعْ، ... سَقَطَ
عِنْدَهُمْ حَدِيْثُهُ جُمَعْ
319 - كَذَا الحُمَيْدِيُّ مَعَ ابْنِ حَنْبَلِ ... وابْنِ
المُبَارَكِ رَأَوْا فِي العَمَلِ
320 - قَالَ: وَفيهِ نَظَرٌ، نَعَمْ إذَا ... كَانَ عِنَادَاً
مِنْهُ مَا يُنْكَرُ ذَا
_________
(1) انظر: المصدر السابق.
(2) انظر: «الكفاية»: (1/ 461).
(3) هو الشيخ الجليل مسند العراق أبو الحسين أحمد بن محمد بن
أحمد بن عبد الله بن النقور، المتوفى سنة (470هـ). «المنتظم»:
(8/ 314)، «سير أعلام النبلاء»: (18/ 373 - 374).
(4) انظر المصادر السابقة في ترجمته.
(1/163)
(وَرُدَّ ذُوْ تَسَاهُلٍ في الحَمْلِ
كَالنَّوْمِ) أي: كمن ينام هو أو شيخه في حالة السماع ولا
يبالي بذلك.
(و) في (الأدَا كَلاَ مِنْ أصْلِ) كأن يؤدِّي الحديث لا من
أصلٍ صحيحٍ مقابل على أصلِهِ أو أصلِ شيخه.
(أوْ قَبِلَ التَّلقِيْنَ) في الحديث وهو: أن يُلَقَّنَ الشيء
فيحدِّث به من غير أن يَعْلَمَ أنه من حديثه.
(أوْ قَدْ وُصِفَا بِالمُنْكَرَاتِ كَثْرَةً) أي: من كثرت
المناكير والشواذ في حديثه.
(أوْ عُرِفَا بِكَثْرَةِ السَّهْوِ) في رواياته (وَ) أي: [19 -
ب] في حال كون من عرف بكثرة السهو (مَا حَدَّثَ مِنْ أصْلٍ
صَحِيْحٍ فَهْوَ رَدٌّ) أما إذا حَدَّثَ من أصل صحيح فالسماع
صحيح؛ لأن الاعتماد حينئذ على الأصل.
(ثُمَّ) من غلط في حديث (إنْ بُيِّنْ لَهُ غَلَطُهُ فَمَا
رَجَعْ) وأصَرَّ على روايته ذلك الحديث (سَقَطَ عِنْدَهُمْ
حَدِيْثُهُ جُمَعْ) ولم يُكتب عنه (كَذَا الحُمَيْدِيُّ (1)
مَعَ ابْنِ حَنْبَلِ (2) وابْنِ المُبَارَكِ (3) رَأَوْا فِي
العَمَلِ).
(قَالَ) ابن الصلاح (4): (وَفيهِ نَظَرٌ، نَعَمْ إذَا كَانَ
عِنَادَاً مِنْهُ مَا يُنْكَرُ ذَا) أي: وهو غير مستنكَرٍ إذا
ظهر أنَّ ذلك منه على جهة العناد أو نحو ذلك.
_________
(1) انظر: «الكفاية»: (1/ 430).
(2) انظر: المصدر السابق (1/ 429).
(3) انظر: المصدر السابق (1/ 428).
(4) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص120).
(1/164)
321 - وَأعْرَضُوا فِي هَذِهِ الدُّهُوْرِ
... عَنِ اجتِمَاعِ هَذِهِ الأمُوْرِ
322 - لِعُسْرِهَا، بَلْ يُكْتَفَى بِالعَاقِلِ ... المُسْلِمِ
البَالِغِ، غَيْرِ الفَاعِلِ
323 - لِلفِسْقِ ظَاهِرَاً، وَفِي الضَّبْطِ بأنْ ... يَثْبُتَ
مَا رَوَى بِخَطٍّ مُؤْتَمَنْ
324 - وَأنَّهُ يَرْوِي مِنَ اصْلٍ وَافَقَا ... لأصْلِ
شَيْخِهِ، كَمَا قَدْ سَبَقَا
325 - لِنَحْوِ ذَاكَ البَيْهَقِيُّ، فَلَقَدْ ... آلَ
السَّمَاعُ لِتَسَلْسُلِ السَّنَدْ
(وَأعْرَضُوا فِي هَذِهِ الدُّهُوْرِ) أي: الأعصار المتأخرة
(عَنِ اجتِمَاعِ هَذِهِ الأمُوْرِ) أي: عن اعتبار مجموع هذه
الشروط؛ (لِعُسْرِهَا) وتعذر الوفاء بها. (بَلْ يُكْتَفَى) في
أهلية الشيخ (بِالعَاقِلِ، المُسْلِمِ، البَالِغِ، غَيْرِ
الفَاعِلِ لِلفِسْقِ ظَاهِرَاً) ولما يخرم المروءة.
(وَفِي الضَّبْطِ) أي: ويُكتفَى في اشتراط ضبط الراوي (بأنْ
يَثْبُتَ مَا رَوَى بِخَطٍّ مُؤْتَمَنْ، وَأنَّهُ يَرْوِي مِنَ
اصْلٍ وَافَقَا لأصْلِ شَيْخِهِ، كَمَا قَدْ سَبَقَا لِنَحْوِ
ذَاكَ البَيْهَقِيُّ (1)) لما ذَكَرَ تَوَسُّعَ من تَوَسَّعَ
في السماع من بعض محدثي زمانه الذين لا يحفظون حديثهم، ولا
يعرفون ما يُقرأ عليهم، بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل
سماعهم، وذلك لتدوين الأحاديث.
(فَلَقَدْ آلَ السَّمَاعُ لِتَسَلْسُلِ السَّنَدْ) أي: صار
القصد من الرواية والسماع أن يَصِيْرَ الحديث مسلسلاً
بحدَّثَنا وأخبرنا وتبقى هذه الكرامة التي خُصَّتْ بها هذه
الأمة.
_________
(1) «مناقب الشافعي»: (2/ 321).
(1/165)
مَرَاتِبُ التَّعْدِيْلِ
326 - وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيْلُ قَدْ هَذَّبَهُ ... إِبْنُ
أبي حَاتِمِ إِذْ رَتَّبَهُ
327 - وَالشَّيْخُ زَادَ فِيْهِمَا، وَزِدْتُ ... مَا فِي
كَلاَمِ أَهْلِهِ وَجَدْتُ
328 - فَأَرْفَعُ التَّعْدِيلِ: مَا كَرَّرْتَهُ ... كَثِقَةٍ
ثَبْتٍ وَلَوْ أَعَدْتَهُ
329 - ثُمَّ يَلِيْهِ «ثِقَةٌ» أوْ «ثَبْتٌ» اوْ ...
«مُتْقِنٌ» اوْ «حُجَّةٌ» اوْ إذا عَزَوْا
330 - الحِفْظَ أَوْ ضَبْطَاً لِعَدْلٍ وَيَلِي ... «لَيْسَ
بِهِ بَأسٌ» «صَدُوقٌ» وَصلِ
331 - بِذَاكَ «مَأَمُوْنَاً» «خِيَارَاً» وَتَلا ...
«مَحَلُّهُ الصّدْقُ» رَوَوْا عَنْهُ إلى
332 - الصِّدْقِ مَا هُوَ كذَا شَيْخٌ وَسَطْ ... أَوْ وَسَطٌ
فَحَسْبُ أَوْ شَيْخٌ فَقَطْ
333 - وَ «صَالِحُ الْحَدِيْثِ» أَوْ «مُقَارَبُهْ» ...
«جَيِّدُهُ»، «حَسَنُهُ»، «مُقَارِبُهْ»
334 - صُوَيْلِحٌ صَدُوْقٌ انْ شَاءَاللهْ ... أَرْجُوْ بِأَنْ
«لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ» عَرَاهُ
335 - وَابْنُ مَعِيْنٍ قال: مَنْ أَقُوْلُ: «لاَ ... بَأْسَ
بِهِ» فَثِقَةٌ وَنُقِلاَ
336 - أَنَّ ابْنَ مَهْدِيٍّ أَجَابَ مَنْ سَأَلْ: ...
أَثِقَةٌ كَاَنَ أبو خَلْدَةَ؟ بَلْ
337 - كَانَ «صَدُوْقاً» «خَيِّراً» «مَأْمُوْنَا» ...
الثِّقَةُ «الثُّوْرِيُّ» لَوْ تَعُوْنَا
338 - وَرُبَّمَا وَصَفَ ذَا الصِّدْقِ وَسَمْ ... ضُعْفاً بِ
«صَالِحِ الْحَدِيْثِ» إِذْ يَسِمْ
(وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيْلُ قَدْ هَذَّبَهُ إِبْنُ أبي
حَاتِمِ إِذْ رَتَّبَهُ) فرتَّب طبقات ألفاظهم
(1/166)
فيهما (1) فأجاد.
(وَالشَّيْخُ) ابن الصلاح (زَادَ فِيْهِمَا) ألفاظاً أَخَذَها
من كلام غيره (2).
قال المصنف (وَزِدْتُ) عليهما (مَا فِي كَلاَمِ أَهْلِهِ
وَجَدْتُ) أي: ألفاظاً من كلام أهل هذا الشأن.
(فَأَرْفَعُ التَّعْدِيلِ: مَا كَرَّرْتَهُ) إما مع تباين
اللفظين (كَثِقَةٍ ثَبْتٍ) أو ثقة متقن أو نحو ذلك، (وَلَوْ
أَعَدْتَهُ) أي: وإما مع إعادة اللفظ الأول كثقة ثقة ونحوها.
(ثُمَّ يَلِيْهِ) المرتبة الثانية وهي: (ثِقَةٌ أوْ ثَبْتٌ أوْ
مُتْقِنٌ أوْ حُجَّةٌ أوْ إذا عَزَوْا الحِفْظَ أَوْ ضَبْطَاً
لِعَدْلٍ) بأن قالوا في العدل إنه حافظ أو ضابط.
(وَيَلِي) هذه المرتبة المرتبة الثالثة وهي: (لَيْسَ بِهِ [20
- أ] بَأسٌ صَدُوقٌ وَصلِ بِذَاكَ مَأَمُوْنَاً خِيَارَاً).
(وَتَلا) هذه المرتبة المرتبة الرابعة وهي (مَحَلُّهُ الصّدْقُ
رَوَوْا عَنْهُ، إلى الصِّدْقِ مَا هُوَ، كذَا شَيْخٌ وَسَطْ،
أَوْ وَسَطٌ فَحَسْبُ، أَوْ شَيْخٌ فَقَطْ، وَصَالِحُ
الْحَدِيْثِ أَوْ مُقَارَبُهْ) بفتح الراء، أي: مقارب الحديث،
(جَيِّدُهُ) أي: جيد الحديث، (حَسَنُهُ) أي: حسن الحديث،
(مُقَارِبُهْ) بكسر الراء أي: مقارب الحديث (صُوَيْلِحٌ
صَدُوْقٌ انْ شَاءَاللهْ أَرْجُوْ بِأَنْ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ
عَرَاهُ).
(وَابْنُ مَعِيْنٍ قال (3): مَنْ أَقُوْلُ: لاَ بَأْسَ بِهِ
فَثِقَةٌ) فكلامه يقتضي التسوية بين
_________
(1) في «تقدمة الجرح والتعديل»: (1/ 38).
(2) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص121 - 124).
(3) انظر: «الكفاية»: (1/ 99).
(1/167)
اللفظين، وأجاب المصنف عنه بأنه لا يقتضيها
بل يقتضي أن من قال فيه هذا فهو ثقة وللثقة مراتب فالتعبير عنه
بثقة أرفع من لا بأس به.
(ونُقِلاَ أنَّ) عبد الرحمن (ابْنَ مَهْدِيٍّ أَجَابَ مَنْ
سَأَلْ أَثِقَةٌ كَاَنَ أبو خَلْدَةَ؟ بَلْ كَانَ صَدُوْقاً)
وكان (خَيِّراً) وكان (مَأْمُوْنَا، الثِّقَةُ الثُّوْرِيُّ
(1)) فهذا يَدُلُّ على أن التعبير بالثقة أرفع (لَوْ
تَعُوْنَا) تكملة للوزن، أي: لو تحفظون مراتب الرواة،
(وَرُبَّمَا وَصَفَ) ابن مهدي (ذَا الصِّدْقِ وَسَمْ ضُعْفاً
بِ صَالِحِ الْحَدِيْثِ إِذْ يَسِمْ) أي: ربما جَرَى ذكر حديث
الرجل فيه ضعف وهو رجل صدوق، فيقول: رجل صالح الحديث (2).
_________
(1) أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»: (2/ 37) والخطيب
في «الكفاية»: (1/ 98).
(2) انظر: «الكفاية»: (1/ 99).
(1/168)
مَرَاتِبُ التَّجْرِيْحِ
339 - وَأَسْوَأُ التَّجْرِيْحِ: كَذَّابٌ يَضَعْ ... يَكْذِبُ
وَضَّاعٌ وَدَجَّالٌ وَضَعْ
340 - وَبْعَدَهَا مُتَّهَمٌ بَالْكَذِبِ ... وَسَاقِطٌ
وَهَالِكٌ فَاجْتَنِبِ
341 - وَذَاهِبٌ مَتْرُوْكٌ اوْ فِيْهِ نَظَرْ ... وَسَكَتُوْا
عَنْهُ بِهِ لاَ يُعْتَبَرْ
342 - وَلَيْسَ بِالثِّقَةِ ثُمَّ رُدَّا ... حَدِيْثُهُ كَذَا
ضَعِيْفٌ جِدَّا
343 - وَاهٍ بَمَرَّةٍ وَهُمْ قَدْ طَرَحُوْا ... حَدِيْثَهُ
وَارَمِ بِهِ مُطَرَّحُ
344 - لَيْسَ بِشَيءٍ لاَ يُسَاوِي شَيْئَاً ... ثُمَّ
ضَعِيْفٌ وَكَذَا إِنْ جِيْئَا
345 - بِمُنْكَرِ الْحَدِيْثِ أَوْ مُضْطَرِبِهْ ... وَاهٍ
وَضَعَّفُوهُ لاَ يُحْتَجُّ بِهْ
346 - وَبَعْدَهَا فِيْهِ مَقَالٌ ضُعِّفْ ... وَفِيْهِ ضَعفٌ
تُنْكِرُ وَتَعْرِفْ
347 - لَيْسَ بِذَاكَ بالْمَتِيْنِ بِالْقَوِيِّ ... بِحُجَّةٍ
بِعُمْدَةٍ بِالْمَرْضِيِّ
348 - لِلضَّعْفِ مَا هَوُ فيْهِ خُلْفٌ طَعَنُوْا ... فِيْهِ
كَذَا سَيِّئُ حِفْظٍ لَيِّنُ
349 - تَكَلَّمُوا فِيْهِ وَكُلُّ مَنْ ذُكِرْ ... مِنْ بَعْدُ
شَيْئَاً بِحَدِيْثِهِ اعْتُبِرْ
(وَأَسْوَأُ) مراتب (التَّجْرِيْحِ:) أن يُقَال: فلان
(كَذَّابٌ) أو فلان (يَضَعْ) أو (يَكْذِبُ)، أو (وَضَّاعٌ
وَدَجَّالٌ) أو (وَضَعْ).
(وَبْعَدَهَا) المرتبة الثانية فلان (مُتَّهَمٌ بَالْكَذِبِ
وَسَاقِطٌ وَهَالِكٌ فَاجْتَنِبِ وَذَاهِبٌ) أو ذاهب الحديث،
وفلان (مَتْرُوْكٌ) أو متروك الحديث، أو تركوه، (اوْ فِيْهِ
(1/169)
نَظَرْ وَسَكَتُوْا عَنْهُ بِهِ لاَ
يُعْتَبَرْ)، أو لا يعتبر بحديثه، (وَلَيْسَ بِالثِّقَةِ)، أو
ليس بثقة، ونحو ذلك.
(ثُمَّ) المرتبة الثالثة فلان (رُدَّا حَدِيْثُهُ)، أو مردود
الحديث، (كَذَا فلان ضَعِيْفٌ جِدَّا)، فلان (وَاهٍ بَمَرَّةٍ،
وَهُمْ)، فلان (قَدْ طَرَحُوْا حَدِيْثَهُ) (وَ) فلان (ارَمِ
بِهِ) أو (مُطَّرَحُ) أو مطرح الحديث، (لَيْسَ بِشَيءٍ، لاَ
يُسَاوِي شَيْئَاً)، ونحو ذلك.
(ثُمَّ) المرتبة الرابعة فلان (ضَعِيْفٌ، وَكَذَا إِنْ جِيْئَا
بِمُنْكَرِ الْحَدِيْثِ، أَوْ مُضْطَرِبِهْ) [20 - ب]، وفلان
(وَاهٍ، وَضَعَّفُوهُ، لاَ يُحْتَجُّ بِهْ).
(وَبَعْدَهَا) المرتبة الخامسة: فلان (فِيْهِ مَقَالٌ)، فلان
(ضُعِّفْ، وَفِيْهِ ضَعفٌ)، وفلان (تُنْكِرُ وَتَعْرِفْ)،
وفلان (لَيْسَ بِذَاكَ)، ليس (بالْمَتِيْنِ، بِالْقَوِيِّ،
بِحُجَّةٍ، بِعُمْدَةٍ،) ليس (بِالْمَرْضِيِّ)، وفلان
(لِلضَّعْفِ مَا هَوُ، فيْهِ خُلْفٌ، طَعَنُوْا فِيْهِ، كَذَا
سَيِّئُ حِفْظٍ، لَيِّنُ)،أو لين الحديث، (تَكَلَّمُوا
فِيْهِ)،ونحو ذلك.
(وَكُلُّ مَنْ ذُكِرْ مِنْ بَعْدُ) لفظ «لا يساوي (شَيْئَاً»
بِحَدِيْثِهِ اعْتُبِرْ) أي: يخرج حديثه للاعتبار وهم المرتبة
الرابعة والخامسة، فَعُلِمَ أن من قيل فيه شيءٌ مما قبل ذلك من
المراتب الثلاثة لا يُحتج به ولا يُعتبر به.
(1/170)
مَتَى يَصحُّ تَحَمُّلُ الْحَدِيْثِ أوْ
يُسْتَحَبُّ؟
350 - وَقَبَلُوا مِنْ مُسْلِمٍ تَحَمُّلاَ ... فِي كُفْرِهِ
كَذَا صَبِيٌّ حُمِّلاَ
351 - ثُمَّ رَوَى بَعْدَ الْبُلُوْغِ وَمَنَعْ ... قَوْمٌ
هُنَا وَرُدَّ كَالسَّبْطَيْنِ مَعْ
352 - إِحْضَارِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِلصِّبْيَانِ ثُمّْ ...
قَبُوْلُهُمْ مَا حَدَّثُوا بَعْدَ الْحُلُمْ
(وَقَبَلُوا مِنْ مُسْلِمٍ تَحَمُّلاَ فِي كُفْرِهِ) ثم روي
بعد الإسلام، كحديث جبير بن مطعم المتفق على صحته (1) أنه سمع
النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، وكان جاء في
فداء أسارى بدر قبل أن يسلم.
(كَذَا) قبلوا (صَبِيٌّ حُمِّلاَ) قبل بلوغه (ثُمَّ رَوَى
بَعْدَ الْبُلُوْغِ، وَمَنَعْ قَوْمٌ هُنَا) أي: في مسألة
الصبي (وَرُدَّ كَالسَّبْطَيْنِ) الحسن والحسين وغيرهما ممن
تحمَّل في حال صباه وقَبِل الناس روايتهم من غير فَرْق بين ما
تحملوه قبل البلوغ أو بعده، (مَعْ إِحْضَارِ أَهْلِ الْعِلْمِ
لِلصِّبْيَانِ) مجالس الحديث، (ثُمّْ قَبُوْلُهُمْ مَا
حَدَّثُوا بَعْدَ الْحُلُمْ).
353 - وَطَلَبُ الْحَدِيْثِ فِي الْعِشْرِيْنِ ... عِنْدَ
الزُّبَيْرِيِّ أَحَبُّ حِيْنِ
354 - وَهْوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْكُوْفَهْ ...
وَالْعَشْرُ فِي الْبَصْرَةِ كَالْمَألُوْفَهْ
355 - وَفِي الثَّلاَثِيْنَ لأَهْلِ الشَّأْمِ ... وَيَنْبَغِي
تَقْيِيْدُهُ بِالْفَهْمِ
_________
(1) أخرجه البخاري (ج764) ومسلم (ج463).
(1/171)
356 - فَكَتْبُهُ بالضَّبْطِ، والسَّمَاعُ
... حَيْثُ يَصِحُّ، وَبِهِ نِزَاعُ
357 - فَالْخَمْسُ لِلْجُمْهُورِ ثُمَّ الحُجَّهْ ... قِصَّةُ
مَحْمُوْدٍ وَعَقْلُ الْمَجَّهْ
358 - وَهْوَ ابْنُ خَمْسَةٍ، وَقِيْلَ أَرْبَعَهْ ...
وَلَيْسَ فِيْهِ سُنَّةٌ مُتَّبَعَهْ
359 - بَلِ الصَّوَابُ فَهْمُهُ الْخِطَابَا ... مُمَيِّزَاً
وَرَدُّهُ الْجَوَابَا
(وَطَلَبُ الْحَدِيْثِ فِي الْعِشْرِيْنِ عِنْدَ
الزُّبَيْرِيِّ) من الشافعية (أَحَبُّ حِيْنِ) (1)؛ لأنها
مجتمع العقل (وَهْوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْكُوْفَهْ)
فإنهم كانوا لا يخرجون أولادهم في طلب الحديث صغاراً حتى
يستكملوا عشرين سنة (2)، (وَالْعَشْرُ فِي الْبَصْرَةِ
كَالْمَألُوْفَهْ، وَفِي الثَّلاَثِيْنَ لأَهْلِ الشَّأْمِ)
(3).
(وَيَنْبَغِي تَقْيِيْدُهُ) أي: طلب الحديث (بِالْفَهْمِ
فَكَتْبُهُ بالضَّبْطِ، والسَّمَاعُ حَيْثُ يَصِحُّ، وَبِهِ
نِزَاعُ) أي: في الوقت الذي يصح فيه السماع نزاع بين العلماء،
(فَالْخَمْسُ لِلْجُمْهُورِ ثُمَّ الحُجَّهْ) لهم في ذلك
(قِصَّةُ مَحْمُوْدٍ وَعَقْلُ الْمَجَّهْ وَهْوَ ابْنُ
خَمْسَةٍ، وَقِيْلَ أَرْبَعَهْ) وهو ما رُويَ من حديث محمود
ابن الربيع قال: عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مَجَّةً
مَجَّهَا في وجهي من دلو وأنا ابن خمس سنين (4) [21 - أ].
قال ابن عبد البر (5): حُفِظَ ذلك عنه وهو ابن أربع سنين أو
خمس سنين، (وَلَيْسَ فِيْهِ سُنَّةٌ مُتَّبَعَهْ)؛ إذ لا يلزم
أن تمييز كل أحد تمييز محمود، (بَلِ الصَّوَابُ
_________
(1) انظر: «الكفاية»: (1/ 198).
(2) انظر: «المحدث الفاصل»: (ص187 - 188) و «الكفاية»: (1/
198).
(3) انظر: «المحدث الفاصل»: (ص187) و «الكفاية»: (1/ 200).
(4) أخرجه البخاري (ج77) ومسلم (ج33).
(5) في «الاستيعاب»: (3/ 1378).
(1/172)
فَهْمُهُ الْخِطَابَا مُمَيِّزَاً
وَرَدُّهُ الْجَوَابَا)، فمتى كان كذلك كان سماعه صحيحاً وإن
كان ابن أقل من خمس، وإن لم يكن كذلك لم يصح وإن زاد عليها.
360 - وَقِيْلَ: لابْنِ حَنْبَلٍ فَرَجُلُ ... قال: لِخَمْسَ
عَشْرَةَ التَّحَمُّلُ
361 - يَجُوْزُ لاَ فِي دُوْنِهَا، فَغَلَّطَهْ ... قال: إذا
عَقَلَهُ وَضَبَطَهْ
362 - وَقِيْلَ: مَنْ بَيْنَ الْحِمَارِ وَالْبَقَرْ ...
فَرَّقَ سَامِعٌ، وَمَنْ لاَ فَحَضَرْ
363 - قال: بِهِ الَحْمَّالُ وابْنُ الْمُقْرِيْ ... سَمَّعَ
لاِبْنِ أَرْبَعٍ ذِي ذُكْرِ
(وَقِيْلَ: لابْنِ حَنْبَلٍ فَرَجُلُ قال: لِخَمْسَ عَشْرَةَ
التَّحَمُّلُ يَجُوْزُ لاَ فِي دُوْنِهَا، فَغَلَّطَهْ) وقال:
بئس القول ثم (قال: إذا عَقَلَهُ وَضَبَطَهْ (1)).
(وَقِيْلَ: مَنْ بَيْنَ الْحِمَارِ وَالْبَقَرْ فَرَّقَ
سَامِعٌ) أي: يكتب له: «سَمِعَ»، (وَمَنْ لاَ فَحَضَرْ) أي:
يُكتب له: «حَضَرَ»، قال به موسى بن هارون الحمال (2).
(وابْنُ الْمُقْرِيْ (3) سَمَّعَ لاِبْنِ أَرْبَعٍ ذِي ذُكْرِ)
وهو القاضي ابن اللَّبَّان الأصبهاني (4) قال: حفظت القرآن ولي
خمس سنين، وأُحْضِرْتُ عند أبي بكر بن المقرئ ولي أربع سنين
فأرادوا أن يُسَمِّعوا لي فيما حضرت قراءته
_________
(1) انظر: «الكفاية»: (1/ 220).
(2) المصدر السابق: (1/ 228 - 229).
(3) هو الإمام الحافظ مسند أصبهان أبو بكر بن المقري محمد بن
إبراهيم بن علي بن عاصم بن زاذان، المتوفي سنة (381هـ). «أخبار
أصبهان»: (2/ 397) و «تذكرة الحفاظ»: (3/ 973).
(4) أبو محمد، المتوفي سنة ست وأربعين وأربعمائة. «تاريخ
بغداد»: (7/ 144 - 145) و «العبر»: (3/ 211).
(1/173)
فقال بعضهم: إنه يصغر عن السماع. فقال لي
ابن المقرئ: اقرأ سورة «الكافرين» فقرأتها، فقال: اقرأ سورة
«التكوير» فقرأتها فقال لي غيره: اقرأ سورة «والمرسلات»
فقرأتها ولم أغلط فيها، قال ابن المقرئ: سَمِّعُوا له
والعُهْدَةُ علي (1).
_________
(1) انظر: «الكفاية»: (1/ 228).
(1/174)
أَقْسَامُ التَّحَمُّلِ، وأوَّلُهَا:
سَمَاعُ لَفْظِ الشَّيْخِ
364 - أَعْلَى وُجُوْهِ الأَخْذِ عِنْدَ الْمُعْظَمِ ...
وَهْيَ ثَمِانٍ: لَفْظُ شَيْخٍ فَاعْلَمِ
365 - كتَاباً او حِفْظَاً وَقُلْ: حَدَّثَنَا ... سَمِعْتُ،
أَوْ أَخْبَرَنَا، أَنْبَأَنَا
366 - وَقَدَّمَ الْخَطِيْبُ أَنْ يَقُوْلاَ: ... سَمِعْتُ
إِذْ لاَ يَقْبَلُ التَّأْوِيْلاَ
367 - وَبَعْدَهَا حَدَّثَنَا، حَدَّثَنِي ... وَبَعْدَ ذَا
أَخْبَرَنَا، أَخْبَرَنِي
368 - وَهْوَ كَثْيِرٌ وَيَزِيْدُ اسْتَعْمَلَهْ ... وَغَيْرُ
وَاحِدٍ لِمَا قَدْ حَمَلَهْ
369 - مِنْ لَفْظِ شَيْخِهِ، وَبَعْدَهُ تَلاَ: ...
أَنْبَأَنَا، نَبَّأَنَا وَقَلَّلاَ
370 - وَقَوْلُهُ: قَالَ لَناَ وَنَحْوُهَا ... كَقُوْلِهِ:
حَدَّثَنَا لَكِنَّهَا
371 - الْغَالِبُ اسْتِعْمَالُهَا مُذَاكَرَهْ ... وَدُوُنَهَا
قَالَ بِلاَ مُجَارَرَهْ
372 - وَهْيَ عَلى السَّمَاعِ إِنْ يُدْرَ اللُّقِيْ ... لاَ
سِيَّمَا مَنْ عَرَفُوْهُ فِي الْمُضِيْ
373 - أنْ لاَ يَقُوْلَ ذَا بِغَيْرِ مَا سَمِعْ ... مِنْهُ
كَحَجَّاجٍ وَلَكِنْ يَمْتَنِعْ
374 - عُمُوْمُهُ عِنْدَ الْخَطيْبِ وَقُصِرْ ... ذَاكَ عَلى
الَّذِي بِذَا الوَصْفِ اشْتُهِرْ
(أَعْلَى وُجُوْهِ الأَخْذِ) للحديث وتَحَمُّلِهِ عن الشيوخ
(عِنْدَ الْمُعْظَمِ، وَهْيَ ثَمِانٍ: لَفْظُ شَيْخٍ
فَاعْلَمِ) أي: السماع من لفظ الشيخ، (كتَاباً او حِفْظَاً)
أي: سواءً حَدَّثَ من كتابه أو من حفظه، بإملاءٍ أو غيره.
(وَقُلْ) في حالة الأداء لما سمعته هكذا من لفظ الشيخ:
(حَدَّثَنَا، سَمِعْتُ)
(1/175)
فلاناً يقول، (أَوْ أَخْبَرَنَا،
أَنْبَأَنَا، وَقَدَّمَ الْخَطِيْبُ) (1) من العبارات (أَنْ
يَقُوْلاَ سَمِعْتُ؛ إِذْ لاَ يَقْبَلُ التَّأْوِيْلاَ) فلا
يكاد أحد يقولها في أحاديث الإجازة والمكاتبة، ولا في تدليس ما
لم يسمعه.
(وَبَعْدَهَا حَدَّثَنَا، حَدَّثَنِي وَبَعْدَ ذَا
أَخْبَرَنَا، أَخْبَرَنِي وَهْوَ كَثْيِرٌ) في الاستعمال.
(وَيَزِيْدُ) بن هارون (اسْتَعْمَلَهْ) أي: استعمل «أنا»
(وَغَيْرُ وَاحِدٍ لِمَا قَدْ حَمَلَهْ مِنْ لَفْظِ شَيْخِهِ)
(2).
(وَبَعْدَهُ تَلاَ: أَنْبَأَنَا، نَبَّأَنَا وَقَلَّلاَ) أي:
وهو قليل في الاستعمال.
(وَقَوْلُهُ) أي: قول الراوي: (قَالَ لَناَ) فلان، أو قال لي،
أو ذُكِرَ لنا [21 - ب]، أو ذُكِرَ لي، (وَنَحْوُهَا
كَقُوْلِهِ: حَدَّثَنَا) فلان في أنه متصل، (لَكِنَّهَا
الْغَالِبُ اسْتِعْمَالُهَا مُذَاكَرَهْ) أي: كثيراً ما
يستعملون هذا فيما سمعوه حالة المذاكرة.
(وَدُوُنَهَا) أي: دون هذه العبارة قول الراوي: (قَالَ) فلان
وذَكَرَ فلان (بِلاَ مُجَارَرَهْ) أي: من غير ذكر الجار
والمجرور، (وَهْيَ) أوضع العبارات، ومع ذلك فهي محمولة (عَلى
السَّمَاعِ إِنْ يُدْرَ اللُّقِيْ) وسَلِمَ الراوي من التدليس
كما ذُكِرَ في المعنعن، (لاَ سِيَّمَا مَنْ عَرَفُوْهُ فِي
الْمُضِيْ أنْ لاَ يَقُوْلَ ذَا بِغَيْرِ مَا سَمِعْ مِنْهُ)
أي: من عُرِفَ مِنْ حاله أنه لا يَروي إلا ما سمعه
(كَحَجَّاجٍ) الأعور روى كُتُبَ ابنِ جريج بلفظ: «قال ابن
جريج» فحملها الناس عنه واحتجوا بها (3)،
_________
(1) في «الكفاية»: (2/ 215 - 216).
(2) انظر: «الكفاية»: (2/ 216 - 217).
(3) انظر: «الكفاية»: (2/ 227).
(1/176)
(وَلَكِنْ يَمْتَنِعْ عُمُوْمُهُ عِنْدَ
الْخَطيْبِ (1) وَقُصِرْ ذَاكَ عَلى الَّذِي بِذَا الوَصْفِ
اشْتُهِرْ) أي: خصص ذلك بمن عُرِفَ مِنْ عادته مثل ذلك، فأما
من لا فلا يحمل على السماع.
_________
(1) «الكفاية»: (2/ 227).
(1/177)
الثَّاْنِي: القِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ
375 - ثُمَّ الْقِرَاءَةُ الَّتِي نَعَتَهَا ... مُعْظَمُهُمْ
عَرْضَاً سَوَا قَرَأْتَهَا
376 - مِنْ حِفْظٍ أو كِتَابٍ او سَمِعْتَا ... والشَّيْخُ
حَافِظٌ لمِاَ عَرَضْتَا
377 - أولاَ، وَلَكِنْ أَصْلُهُ يُمْسِكُهُ ... بِنَفْسِهِ، أو
ثِقَةٌ مُمْسِكُهُ
378 - قُلْتُ: كَذَا إنْ ثِقَةٌ مِمَّنْ سَمِعْ ... يَحْفَظُهُ
مَعَ اسْتِماَعٍ فَاقْتَنِعْ
(ثُمَّ) القسم الثاني من أقسام الأخذ والتحمل (الْقِرَاءَةُ)
على الشيخ (الَّتِي نَعَتَهَا مُعْظَمُهُمْ) أي: سماها أكثر
المحدثين (عَرْضَاً) بمعنى أن القارئ يعرض على الشيخ ذلك.
(سَوَا قَرَأْتَهَا مِنْ حِفْظٍ أو كِتَابٍ او سَمِعْتَا) أي:
سواءً قرأت بنفسك على الشيخ من حفظٍ، أو من كتابٍ، أو سمعت
بقراءة غيرك من كتابه أو حفظه أيضاً.
(والشَّيْخُ حَافِظٌ لمِاَ عَرَضْتَا أولاَ) أي: وسواءً كان
الشيخ حافظاً لما عرضت أو عرضَ غيرُك عليه أو غير حافظ له،
(وَلَكِنْ أَصْلُهُ يُمْسِكُهُ بِنَفْسِهِ، أو ثِقَةٌ) غيره
(مُمْسِكُهُ).
قال المصنف: (قُلْتُ: كَذَا إنْ ثِقَةٌ مِمَّنْ سَمِعْ
يَحْفَظُهُ) أي: ما يقرأ على الشيخ (مَعَ اسْتِماَعٍ) أي:
والحافظ لذلك مستمع لما يقرأ غير غافل عنه، (فَاقْتَنِعْ) أي:
فذلك كافٍ أيضاً.
379 - وَأَجْمَعوُا أَخْذَاً بِهَا، وَرَدُّوا ... نَقْلَ
الخِلاَفِ، وَبِهِ مَا اعْتَدُّوا
(1/178)
380 - وَالْخُلْفُ فِيْهَا هَلْ تُساوي
الأوَّلاَ ... أو دُوْنَهُ أو فَوْقَهُ؟ فَنُقِلاَ
381 - عَنْ مَالِكٍ وَصَحبْهِ وَمُعْظَمِ ... كُوْفَةَ
وَالحِجَازِ أَهْلِ الْحَرَمِ
382 - مَعَ البُخَارِي هُمَا سِيَّانِ ... وَابْنُ أبِي ذِئْبٍ
مَعَ النُّعْمَانِ
383 - قَدْ رَجَّحَا الْعَرْضَ وَعَكْسُهُ أَصَحّْ ... وَجُلُّ
أَهْلِ الشَّرْقِ نَحْوَهُ جَنَحْ
(وَأَجْمَعوُا أَخْذَاً بِهَا) (1) أي: على صحة الرواية
بالعرض، (وَرَدُّوا نَقْلَ الخِلاَفِ) المحكي عن بعض [مَن لا
يُعتد بخلافه] (2) أنه كان لا يراها (وَبِهِ مَا اعْتَدُّوا).
(وَالْخُلْفُ فِيْهَا هَلْ تُساوي الأوَّلاَ) وهو السماع من
لفظه (أوْ) هي (دُوْنَهُ أو فَوْقَهُ؟ فَنُقِلاَ عَنْ مَالِكٍ
وَصَحبْهِ، وَمُعْظَمِ كُوْفَةَ وَالحِجَازِ أَهْلِ الْحَرَمِ
مَعَ البُخَارِي هُمَا سِيَّانِ) (3).
(وَابْنُ أبِي ذِئْبٍ مَعَ) أبي حنيفة (النُّعْمَانِ) (قَدْ
رَجَّحَا الْعَرْضَ) على السماع من لفظه (4).
_________
(1) نقل الإجماع القاضي عياض في «الإلماع»: (ص31) فقال: «لا
خلاف أنها رواية صحيحة».
(2) زيادة من شرح العراقي على ألفيته: (1/ 392).
(3) انظر: «الكفاية»: (2/ 170 - 189)، باب ذكر الروايات عمن
قال إن القراءة على المحدث بمنزلة السماع، و «الإلماع»: (ص31 -
32) و «معرفة علوم الحديث»: (ص672 - 673).
(4) انظر: «الكفاية»: (2/ 197)، وراجع باب ذكر الرواية عمن كان
يختار القراءة على المحدث على السماع من لفظه (2/ 195 - 202).
(1/179)
(وَعَكْسُهُ) وهو ترجيح السماع من لفظه على
القراءة عليه (أَصَحّْ، وَجُلُّ (أَهْلِ الشَّرْقِ) نَحْوَهُ
جَنَحْ) (1).
384 - وَجَوَّدُوا فِيْهِ قَرَأْتُ أو قُرِىْ ... مَعْ وَأَنَا
أَسْمَعُ ثُمَّ عَبِّرِ
385 - بِمَا مَضَى فِي أولٍ مُقَيَّدَا ... قِرَاَءةً عَلَيْهِ
حَتَّى مُنْشِدَا
386 - أَنْشَدَنَا قِرَاَءةً عَلَيْهِ لاَ ... سَمِعْتُ لَكِنْ
بَعْضُهُمْ قَدْ حَلَّلاَ
387 - وَمُطْلَقُ التَّحْدِيْثِ وَالإِخْبَارِ ... مَنَعَهُ
أَحْمَدُ ذُوْ الْمِقْدَارِ
388 - وَالنَّسَئِيُّ وَالتَّمِيْمِيُّ يَحْيَى ... وَابْنُ
الْمُبَارَكِ الْحَمِيْدُ سَعْيَا
389 - وَذَهَبَ الزُّهْرِيُّ وَالْقَطَّانُ ... وَمَالِكٌ
وَبَعْدَهُ سُفْيَانُ
390 - وَمُعْظَمُ الْكُوْفَةِ وَالْحِجَازِ ... مَعَ
الْبُخَارِيِّ إلى الْجَوَازِ
391 - وَابْنُ جُرَيِجٍ وَكَذَا الأوزَاعِيْ ... مَعَ ابْنِ
وَهْبٍ وَالإمَامُ الشَّافِعِيْ
392 - وَمُسْلِمٌ وَجُلُّ أَهْلِ الشَّرْقِ ... قَدْ جَوَّزُوا
أَخْبَرَنَا لِلْفَرْقِ
393 - وَقَدْ عَزَاهُ صَاحِبُ الإِنْصَافِ ... للنَّسَئي مِنْ
غَيْرِ مَا خِلاَفِ
394 - وَالأَكْثَرِيْنَ وَهُوَ الَّذِي اشْتَهَرْ ...
مُصْطَلَحَاً لأَهْلِهِ أَهْلِ الأَثَرِ
(وَجَوَّدُوا فِيْهِ) [22 - أ] أي: وأجود العبارة لأداء من سمع
بالعرض أن يقول: (قَرَأْتُ) على فلان إن كان هو الذي قرأ، (أو
قُرِىْ) على فلان (مَعْ) قوله (وَأَنَا أَسْمَعُ) إن سمع عليه
بقراءة غيره.
_________
(1) انظر: «الإلماع»: (ص32).
(1/180)
(ثُمَّ عَبِّرِ بِمَا مَضَى فِي أولٍ
مُقَيَّدَا) أي: ثم يلي هذا من العبارات؛ العبارات التي مضت في
القسم الأول مقَيَّدة بما يُبَيَّن أن السماع عرضٌ فيقول:
حدثنا فلان بقراءتي عليه، أو (قِرَاَءةً عَلَيْهِ) وأنا أسمع،
أو قال لنا فلان قراءةً عليه، أو نحوه.
(حَتَّى مُنْشِدَا) أي: حتى استعملوه في الإنشاد فقالوا:
(أَنْشَدَنَا) فلان (قِرَاَءةً عَلَيْهِ).
(لاَ سَمِعْتُ) فإنها مستثناة مِمَّا يجوز في القسم الأول، فلم
يُجَوِّزُوْهَا في العرض، وهو الصحيح.
(لَكِنْ بَعْضُهُمْ قَدْ حَلَّلاَ) أي: جوز ذلك (1).
(وَمُطْلَقُ التَّحْدِيْثِ وَالإِخْبَارِ) بأن يقول: «ثنا» و
«أنا» من غير تقييد بقوله بقراءتي أو قراءة عليه (مَنَعَهُ
أَحْمَدُ ذُوْ الْمِقْدَارِ) هو ابن حنبل، (وَالنَّسَئِيُّ،
وَالتَّمِيْمِيُّ يَحْيَى، وَابْنُ الْمُبَارَكِ الْحَمِيْدُ
سَعْيَا) (2)، قال القاضي أبو بكر (3): إنه الصحيح.
(وَذَهَبَ الزُّهْرِيُّ) وَ) يحيى بن سعيد (الْقَطَّانُ
وَمَالِكٌ وَبَعْدَهُ سُفْيَانُ) هو ابن عيينة (وَمُعْظَمُ)
أهل (الْكُوْفَةِ وَالْحِجَازِ مَعَ الْبُخَارِيِّ إلى
الْجَوَازِ) (4).
(وَابْنُ جُرَيِجٍ وَكَذَا الأوزَاعِيْ مَعَ ابْنِ وَهْبٍ
وَالإمَامُ الشَّافِعِيْ وَمُسْلِمٌ وَجُلُّ أَهْلِ الشَّرْقِ
قَدْ جَوَّزُوا أَخْبَرَنَا لِلْفَرْقِ) أي: ذهبوا إلى الفرق
بين اللفظين فجوزوا إطلاق «أنا»
_________
(1) انظر: «الكفاية»: (2/ 240، 242).
(2) انظر: «الإلماع»: (ص52).
(3) انظر: «الكفاية»: (2/ 240، 242).
(4) انظر: «الإلماع»: (ص51).
(1/181)
ولم يجوزوا إطلاق «ثنا» (1)، (وَقَدْ
عَزَاهُ صَاحِبُ) كتاب (الإِنْصَافِ (2)) هو محمد بن الحسن
التميمي الجوهري (للنَّسَئي مِنْ غَيْرِ مَا خِلاَفِ،
وَالأَكْثَرِيْنَ) أي: وعزاه لأكثر أصحاب الحديث، (وَهُوَ
الَّذِي اشْتَهَرْ مُصْطَلَحَاً لأَهْلِهِ أَهْلِ الأَثَرِ).
395 - وَبَعْضُ مَنْ قَالَ بِذَا أَعَادَا ... قِرَاءَةَ
الصَّحِيْحِ حَتَّى عَادَا
396 - فِي كُلِّ مَتْنٍ قَائِلاً: أَخْبَرَكَا ... إِذْ كَانَ
قال أوَّلاً: حَدَّثَكَا
397 - قُلْتُ وَذَا رَأْيُ الَّذِيْنَ اشْتَرَطُوا ...
إِعادَةَ اْلإِسْنَادِ وَهْوَ شَطَطُ
(وَبَعْضُ مَنْ قَالَ بِذَا) أي: بالفرق بين اللفظين وهو أبو
حاتم الهروي (3) قرأ على بعض الشيوخ عن الفربري صحيح البخاري،
وكان يقول له في كل حديث «حدثكم الفربري»، فلما فرغ سمع الشيخ
يذكر أنه إنما سمع الكتاب من الفربري قراءةً عليه فلما سمع ذلك
(أَعَادَا قِرَاءَةَ الصَّحِيْحِ حَتَّى عَادَا فِي كُلِّ
مَتْنٍ قَائِلاً: (أَخْبَرَكَا) إِذْ كَانَ قال أوَّلاً:
(حَدَّثَكَا)) (4).
قال المصنف: (قُلْتُ وَذَا) أي: ما فعله (رَأْيُ الَّذِيْنَ
[22 - ب] اشْتَرَطُوا إِعادَةَ اْلإِسْنَادِ) في كل حديث وإن
كان الإسناد واحد إلى صاحب الكتاب، (وَهْوَ
_________
(1) انظر: المصدر السابق (ص52).
(2) هو كتاب «الإنصاف لما بين الأئمة في حدثنا وأخبرنا من
الاختلاف». انظر: «فتح المغيث»: (2/ 532).
(3) محمد بن يعقوب بن إسحاق بن محمود بن إسحاق، المتوفى سنة
(368هـ). «الوافي بالوفيات»: (5/ 223 - 224).
(4) انظر: «الكفاية»: (2/ 253).
(1/182)
شَطَطُ) فإنه مِنْ مذاهب أهل التشديد في
الرواية، والصحيح خلافه، وإلا لاكتفى بأخبركم الفربري بجميع
صحيح البخاري.
(1/183)
تَفْرِيْعَاتٌ
398 - وَاخْتَلَفُوا إِنْ أَمْسَكَ الأَصْلَ رِضَا ...
وَالشَّيْخُ لاَ يَحْفَظُ مَا قَدْ عُرِضَا
399 - فَبَعْضُ نُظَّارِ الأُصُوْلِ يُبْطِلُهْ ... وَأَكْثَرُ
الْمُحَدِّثْيِنَ يَقْبَلْهْ
400 - وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فَإِنْ لَمْ يُعْتَمَدْ ...
مُمْسِكُهُ فَذَلِكَ السَّمَاعُ رَدّْ
(وَاخْتَلَفُوا) في صحة السماع (إِنْ أَمْسَكَ الأَصْلَ رِضَا)
أي: أحد السامعين الثقات، (وَالشَّيْخُ) الذي يُقرأ عليه (لاَ
يَحْفَظُ مَا قَدْ عُرِضَا) أي: ذلك المقروء عليه؛ (فَبَعْضُ
نُظَّارِ الأُصُوْلِ) منهم إمام الحرمين (1) (يُبْطِلُهْ)،
وبعضهم (وَأَكْثَرُ الْمُحَدِّثْيِنَ يَقْبَلْهْ،
وَاخْتَارَهُ) أي: القبول (الشَّيْخُ) ابن الصلاح (2): (فَإِنْ
لَمْ يُعْتَمَدْ مُمْسِكُهُ) أي: الأصل (فَذَلِكَ السَّمَاعُ
رَدّْ) فلا يُعتد به.
401 - وَاخْتَلَفُوا إنْ سَكَتَ الشَّيْخُ وَلَمْ ... يُقِرَّ
لَفْظاً، فَرآهُ الْمُعْظَمْ
402 - وَهْوَ الصَّحِيْحُ كَافِياً، وَقَدْ مَنَعْ ... بَعْضُ
أولي الظَّاهِرِ مِنْهُ، وَقَطَعْ
403 - بِهِ أبُو الْفَتْحِ سُلَيْمُ الرَّازِي ... ثُمَّ أبُو
إِسْحَاقٍ الشِّيْرَازِيْ
404 - كَذَا أبُو نَصْرٍ وَقال: يُعْمَلُ ... بِهِ وَألْفَاظُ
الأَدَاءِ الأَوَّلُ
(وَاخْتَلَفُوا إنْ سَكَتَ الشَّيْخُ) وقت قراءة القارئ عليه
غيرَ منكرٍ لذلك مع إصغائه وفهمه، (وَلَمْ يُقِرَّ لَفْظاً)
بقوله: نعم، وما أشبهه، (فَرآهُ الْمُعْظَمْ وَهْوَ
_________
(1) في «البرهان»: (1/ 64).
(2) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص141).
(1/184)
الصَّحِيْحُ كَافِياً) ويصح السماع (1).
(وَقَدْ مَنَعْ بَعْضُ أولي الظَّاهِرِ مِنْهُ، وَقَطَعْ بِهِ)
أي: بالمنع (أبُو الْفَتْحِ سُلَيْمُ الرَّازِي (2) ثُمَّ أبُو
إِسْحَاقٍ الشِّيْرَازِيْ (3) كَذَا أبُو نَصْرٍ) ابن الصباغ
(4) (وَقال) ابن الصباغ: (يُعْمَلُ بِهِ وَألْفَاظُ الأَدَاءِ
الأَوَّلُ) أي: له أن يعمل بما قرئ عليه، وإذا أراد روايته عنه
فلا يقول: حدثني ولا أخبرني، بل يعبر في الأداء بالرتبة الأولى
من الأداء في العرض، وهو ما تقدم في «وجَوَّدوا فيه قرأت أو
قرئ».
405 - وَالْحَاْكِمُ اخْتَارَ الَّذِي قَدْ عَهِدَا ...
عَلَيْهِ أَكْثَرَ الشُّيُوْخِ فِي الأَدَا
406 - حَدَّثَنِي فِي الْلَفْظِ حَيْثُ انْفَرَدَا ...
وَاجْمَعْ ضَمِيْرَهُ إذا تَعَدَّدَا
407 - وَالْعَرْضِ إِنْ تَسْمَعْ فَقُلْ أَخْبَرَنَا ... أو
قَارِئاً أَخْبَرَنِي وَاسْتَحْسَنَا
408 - وَنَحْوُهُ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ رُوِيَا ... وَلَيْسَ
بِالْوَاجِبِ لَكِنْ رَضِيَا
(وَالْحَاْكِمُ اخْتَارَ (5)) لألفاظ الأداء التي ينبغي
استعمالها بحسب تحمل الحديث، اللفظ (الَّذِي قَدْ عَهِدَا
عَلَيْهِ أَكْثَرَ الشُّيُوْخِ فِي الأَدَا) أن يقول:
(حَدَّثَنِي فِي الْلَفْظِ) أي: في الذي يأخذه من المحدثين
لفظاً (حَيْثُ انْفَرَدَا) أي: لم يكن معه أَحَدُُ (وَاجْمَعْ
ضَمِيْرَهُ إذا تَعَدَّدَا) أي: إذا كان معه غيره فقل «حدثنا»،
_________
(1) انظر: «الإلماع»: (ص34).
(2) نقله عنه السبكي في «الإبهاج شرح المنهاج»: (2/ 370).
(3) في «اللمع في أصول الفقه»: (ص45).
(4) نقله عنه السبكي في «الإبهاج شرح المنهاج»: (2/ 370).
(5) في «معرفة علوم الحديث»: (ص678).
(1/185)
(وَالْعَرْضِ إِنْ تَسْمَعْ) بأن قُرِئ على
المحدث وأنت حاضر، (فَقُلْ: أَخْبَرَنَا) فلان، (أو قَارِئاً)
على المحدّث فقل: (أَخْبَرَنِي) فلان، (وَاسْتَحْسَنَا) فقال
ابن الصلاح (1): هو حسن رائق.
(وَنَحْوُهُ) أي: نحو اختيار الحاكم (عَنْ ابْنِ وَهْبٍ
رُوِيَا) رواه الترمذي (2)، (وَلَيْسَ) هذا التفصيل في ألفاظ
الأداء (بِالْوَاجِبِ، لَكِنْ رَضِيَا) أي: مستحب (3).
409 - وَالشَّكُ فِي الأَخْذِ أكَانَ وَحْدَهْ ... أو مَعْ
سِوَاهُ؟ فَاعِتَبارُ الْوَحْدَهْ
410 - مُحْتَمَلٌ لَكِنْ رأى الْقَطَّانُ ... اَلْجَمْعَ
فِيْمَا أوْ هَمَ الإِْنْسَانُ
411 - فِي شَيْخِهِ مَا قَالَ وَالْوَحْدَةَ قَدْ ... اخْتَارَ
فِي ذَا الْبَيْهَقِيُّ وَاعْتَمَدْ
(وَالشَّكُ) [23 - أ] من الراوي (فِي الأَخْذِ) أي: في حال
تحمله، (أكَانَ وَحْدَهْ) ليقول في الأداء: «حدثني»، (أو مَعْ
سِوَاهُ؟) ليقول: «حدثنا»، (فَاعِتَبارُ الْوَحْدَهْ
مُحْتَمَلٌ) أي: فيحتمل أن يُقال: يؤدي بلفظ من سمع وحده؛ لأن
الأصل عدم غيره.
(لَكِنْ رأى) يحيى بن سعيد (الْقَطَّانُ اَلْجَمْعَ) أي:
الإتيان بضمير الجمع (فِيْمَا أوْهَمَ الإِْنْسَانُ فِي
شَيْخِهِ مَا قَالَ) أي: إذا شك في لفظ شيخه هل قال: حدثني،
أو: ثنا، فمقتضاه أن يقول هنا «ثنا» (4).
_________
(1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص143).
(2) في «العلل الصغير»: (ص893)، وانظر: «الكفاية»: (2/ 234).
(3) انظر: «الكفاية»: (2/ 235).
(4) نظر: «الكفاية»: (2/ 232).
(1/186)
(وَالْوَحْدَةَ قَدْ اخْتَارَ فِي ذَا
الْبَيْهَقِيُّ (1) وَاعْتَمَدْ) بعد حكاية كلام القطان فيقال:
حدثني.
412 - وَقَالَ أَحْمَدُ: اتَّبِعْ لَفْظَاً وَرَدْ ...
لِلشَّيْخِ فِي أَدَائِهِ وَلاَ تَعَدْ
413 - وَمَنَعَ الإبْدَالَ فِيْمَا صُنِّفَا ... - الشَّيْخُ -
لَكِنْ حَيْثُ رَاوٍ عُرِفَا
414 - بِأَنَّهُ سَوَّى فَفِيْهِ مَا جَرَى ... فِي النَّقْلِ
باِلْمَعْنَى، وَمَعْ ذَا فَيَرَى
415 - بِأَنَّ ذَا فِيْمَا رَوَى ذُو الطَّلَبِ ...
بِالْلَفْظِ لاَ مَا وَضَعُوا فِي الْكُتُبِ
(وَقَالَ أَحْمَدُ) بن حنبل (2) (اتَّبِعْ لَفْظَاً وَرَدْ
لِلشَّيْخِ) من قوله: ثنا، وحدثني، وسمعت، وأنا (فِي أَدَائِهِ
وَلاَ تَعَدْ).
(وَمَنَعَ الإبْدَالَ) أي: إبدال حدثنا بأخبرنا ونحوه (فِيْمَا
صُنِّفَا) أي: في الكتب المصنفة (الشَّيْخُ) ابن الصلاح (3)،
لاحتمال أن قائله لا يرى التسوية بينهما، (لَكِنْ حَيْثُ رَاوٍ
عُرِفَا بِأَنَّهُ سَوَّى فَفِيْهِ مَا جَرَى) من الخلاف (فِي
النَّقْلِ باِلْمَعْنَى، وَمَعْ ذَا فَيَرَى) ابن الصلاح
(بِأَنَّ ذَا) أي: إجراء مثل ذلك (فِيْمَا رَوَى ذُو الطَّلَبِ
بِالْلَفْظِ) أي: فيما يسمعه الطالب من لفظ المحدث، (لاَ مَا
وَضَعُوا فِي الْكُتُبِ) المصنفة.
416 - وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ السَّمَاعِ ... مِنْ نَاسِخٍ،
فَقَالَ بَامْتِنَاعِ
_________
(1) نقله عنه ابن الصلاح في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص143).
(2) انظر: «الكفاية»: (2/ 231).
(3) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص144).
(1/187)
417 - الإِسْفَرَاييِنِيْ مَعَ الْحَرْبِيْ
... وِابْنِ عَدِيٍّ وَعَنِ الصِّبْغِيْ
418 - لاَ تَرْوِ تَحْدِيْثَاً وَإِخْبَارَاً، قُلِ ...
حَضَرْتُ وَالرَّازِيُّ وَهْوَ الْحَنْظَلِيْ
419 - وَابْنُ الْمُبَارَكِ كِلاَهُمَا كَتَبْ ... وَجَوَّزَ
الْحَمَّالُ وَالشَّيْخُ ذَهَبْ
420 - بِأَنَّ خَيْرَاً مِنْهُ أَنْ يُفَصِّلاَ ... فَحَيْثُ
فَهْمٌ صَحَّ، أولاَ بَطَلاَ
421 - كَماَ جَرَى لِلدَّارَقُطْنِي حَيْثُ عَدْ ... إِمْلاَءَ
إِسْمَاعِيْلَ عَدَّاً وَسَرَدْ
(وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ السَّمَاعِ مِنْ نَاسِخٍ) أي: ممن
ينسخ في حالة السماع سواء الشيخ والطالب، (فَقَالَ
بَامْتِنَاعِ) أبو إسحاق (الإِسْفَرَاييِنِيْ (1) مَعَ)
إبراهيم (الْحَرْبِيْ (2) وِابْنِ عَدِيٍّ) (3) مطلقاً،
(وَعَنِ) أبي بكر (الصِّبْغِيْ (4) لاَ تَرْوِ تَحْدِيْثَاً
وَإِخْبَارَاً) أي: لا تقل في الأداء «ثنا» ولا «أنا»، (قُلِ
حَضَرْتُ، وَالرَّازِيُّ وَهْوَ) أبو حاتم الرازي
(الْحَنْظَلِيْ (5)، وَ) عبد الله (ابْنُ الْمُبَارَكِ (6)،
كِلاَهُمَا كَتَبْ) في حالة السماع، (وَجَوَّزَ) موسى ابن
هارون (الْحَمَّالُ) (7) ذلك مطلقاً.
_________
(1) انظر: المصدر السابق: (ص145).
(2) انظر: «الكفاية»: (1/ 232).
(3) انظر: المصدر السابق (1/ 233).
(4) انظر: المصدر السابق (1/ 233).
(5) انظر: المصدر السابق (1/ 235).
(6) انظر: المصدر السابق (1/ 234).
(7) انظر: المصدر السابق (1/ 236).
(1/188)
(وَالشَّيْخُ) ابن الصلاح (ذَهَبْ (1)
بِأَنَّ خَيْرَاً مِنْهُ) أي: من هذا الإطلاق (أَنْ يُفَصِّلاَ
فَحَيْثُ فَهْمٌ) أي: فإن كان النسخ بحيث لا يمتنع معه فهمُ
الناسخ لما يقرأ (صَحَّ، أولاَ) بأن كان يمتنع (بَطَلاَ كَماَ
جَرَى لِلدَّارَقُطْنِي حَيْثُ عَدْ إِمْلاَءَ إِسْمَاعِيْلَ
عَدَّاً وَسَرَدْ) أي: لما جلس ينسخ في مجلس إسماعيل الصفار
وإسماعيل يُملي فقال له بعض الحاضرين: لا يصح سماعك. فقال:
فهمي خلاف فهمك، أملى ثمانية عشر حديثاً، الأول عن فلان [23 -
ب]، ومتنه كذا، حتى أتى على آخرها، فعجبوا منه (2).
422 - وَذَاكَ يَجْرِي فِي الْكَلاَمِ أو إذا ... هَيْنَمَ
حَتَّى خَفِيَ الْبَعْضُ، كَذَا
423 - إِنْ بَعُدَ السَّامِعُ، ثُمَّ يُحْتَمَلْ ... فِي
الظَّاهِرِ الْكَلِمَتَانِ أو أَقَلْ
(وَذَاكَ) أي: ما ذكر في النَّسْخ من التفصيل، (يَجْرِي فِي
الْكَلاَمِ) في وقت السماع من السامع أو الشيخ، (أو إذا
هَيْنَمَ) القارئ الهينمة: الصوت الخفي، (حَتَّى خَفِيَ
الْبَعْضُ، كَذَا إِنْ بَعُدَ السَّامِعُ) عن القارئ.
(ثُمَّ يُحْتَمَلْ فِي الظَّاهِرِ الْكَلِمَتَانِ أو أَقَلْ)
أي: ثم الظاهر أنه يُعْفَى في ذلك عن اليسير كالكلمة
والكلمتين.
424 - وَيَنْبَغِي لِلشَّيْخِ أَنْ يُجِيْزَ مَعْ ...
إِسْمَاعِهِ جَبْرَاً لِنَقْصٍ إنْ يَقَعْ
425 - قَالَ: ابْنُ عَتَّابٍ وَلاَ غِنَى عَنْ ... إِجَازَةٍ
مَعَ السَّمَاعِ تُقْرَنْ
_________
(1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص245).
(2) «تاريخ بغداد»: (12/ 39) و «تاريخ دمشق»: (43/ 98)، و
«البداية والنهاية»: (11/ 317)، و «سير أعلام النبلاء»: (16/
453).
(1/189)
(وَيَنْبَغِي لِلشَّيْخِ أَنْ يُجِيْزَ)
للسامعين رواية الكتاب الذي سمِعَوه (مَعْ إِسْمَاعِهِ
جَبْرَاً لِنَقْصٍ إنْ يَقَعْ) أي: لاحتمال وقوع شيء مما تقدم
من الهينمة ونحوها فيجبر بذلك.
(قَالَ) أبو عبد الله (ابْنُ عَتَّابٍ (1) وَلاَ غِنَى عَنْ
إِجَازَةٍ مَعَ السَّمَاعِ تُقْرَنْ)؛ لأنه قد يغلط القارئ
ويغفل السامع.
426 - وَسُئِلَ ابْنُ حنبلٍ إِن حَرْفَا ... أدْغَمَهُ
فَقَالَ: أَرْجُو يُعْفَى
427 - لَكِنْ أبو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ مَنَعْ ... فِي الْحَرْفِ
تَسْتَفْهِمُهُ فَلاَ يَسَعْ
428 - إِلاَّ بَأَنْ يَرْوِيْ تِلْكَ الشَّارِدَهْ ... عَنْ
مُفْهِمٍ، وَنَحْوُهُ عَنْ زَائِدَهْ
(وَسُئِلَ) أحمد (ابْنُ حنبلٍ إِن حَرْفَا أدْغَمَهُ فَقَالَ:
أَرْجُو يُعْفَى (2)، لَكِنْ أبو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ) ابن دكين
(مَنَعْ فِي) الكلمة أو (الْحَرْفِ) يسقط عنك مما تسمعه ثم
(تَسْتَفْهِمُهُ) من جليسك، (فَلاَ يَسَعْ إِلاَّ بَأَنْ
يَرْوِيْ تِلْكَ) الكلمة (الشَّارِدَهْ عَنْ مُفْهِمٍ) أي: عن
مَنْ أفهمك إياها (3).
(وَنَحْوَهُ) (4) أي: مثل قول أبي نعيم جاء (عَنْ (زَائِدَهْ))
هو ابن قدامة.
429 - وَخَلَفُ بْنُ سَاِلمٍ قَدْ قال: نَا ... إِذْ فَاتَهُ
حَدَّثَ مِنْ حَدَّثَنَا
430 - مِنْ قَوْلِ سُفْيَانَ، وَسُفْيَانُ اكْتَفَى ...
بِلَفْظِ مُسْتَمْلٍ عَنِ الْمُمْلِي اقْتَفَى
_________
(1) انظر: «الإلماع»: (ص240) و «ترتيب المدارك»: (4/ 812).
(2) انظر: «الكفاية»: (1/ 240 - 241).
(3) انظر المصدر السابق (1/ 248).
(4) في الأصل: ومثله.
(1/190)
431 - كَذَاكَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ
أَفْتَى: ... إِسْتَفْهمِ الَّذِي يَلِيْكَ، حَتَّى
432 - رَوُوْا عَنِ الأَعْمَشِ: كُنَّا نَقْعُدُ ...
لِلنَّخَعِيْ فَرُبَّمَا قَدْ يَبْعُدُ
433 - البَعْضُ - لاَ يَسْمَعْهُ - فَيسأَلُ ... البَعْضَ
عَنْهُ، ثَمَّ كُلٌّ يَنْقُلُ
434 - وَكُلُّ ذَا تَسَاهُلٌ، وَقَوَْلُهُمْ: ... يَكْفِيِ
مِنَ الْحَدِيْثِ شَمُّهُ، فَهُمْ
435 - عَنَوا إذا أَوَّلَ شَيءٍ سُئِلاَ ... عَرَفَهُ، وَمَا
عَنَوْا تَسَهُّلاَ
(وَخَلَفُ بْنُ سَاِلمٍ) المخرمي (قَدْ قال (1):نَا، إِذْ
فَاتَهُ حَدَّثَ مِنْ حَدَّثَنَا مِنْ قَوْلِ سُفْيَانَ) أي:
قال: سمعت ابن عيينة نا عمرو بن دينار، يريد حدثنا، فإذا قيل
له قل حدثنا قال: لا؛ لأني لم أسمع مِنْ «حدثنا» ثلاثة أحرف.
(وَسُفْيَانُ) بن عيينة (اكْتَفَى بِلَفْظِ مُسْتَمْلٍ عَنِ
الْمُمْلِي اقْتَفَى) فإن المستملي قال له: إن الناس كثير لا
يسمعون، قال: تَسْمَعُ أنت؟ قال: نعم. قال: فاسمعهم (2). وعليه
العمل؛ لأن المستملي في حكم من يَقْرَأ على الشيخ، فالسامع
يرويه عن المملي كالعَرْض.
(كَذَاكَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَفْتَى) لمن استفهمه: كيف قلت؟
فقال: (إِسْتَفْهمِ الَّذِي يَلِيْكَ (3)، حَتَّى رَوُوْا عَنِ
الأَعْمَشِ: كُنَّا نَقْعُدُ لِلنَّخَعِيْ) فتتسع الحلقة
(فَرُبَّمَا قَدْ يَبْعُدُ البَعْضُ) فيحدث بالحديث (لاَ
يَسْمَعْهُ) من تنحَّى عنه (فَيسأَلُ) بعضهم (البَعْضَ
_________
(1) انظر المصدر السابق (1/ 242).
(2) انظر المصدر السابق (1/ 247).
(3) انظر المصدر السابق (1/ 247).
(1/191)
عَنْهُ، ثَمَّ كُلٌّ يَنْقُلُ) أي: يرووه
عنه ومَا سمعوه منه (1).
(وَكُلُّ ذَا تَسَاهُلٌ) ممن فعله (وَقَوَْلُهُمْ يَكْفِيِ
مِنَ الْحَدِيْثِ شَمُّهُ (2)، فَهُمْ عَنَوا إذا أَوَّلَ
شَيءٍ سُئِلاَ عَرَفَهُ، وَمَا عَنَوْا تَسَهُّلاَ).
436 - وَإِنْ يُحَدِّثْ مِنْ وَرَاءِ سِتْرِ ... - عَرَفْتَهُ
بِصَوْتِهِ أو ذِي خُبْرِ
437 - صَحَّ، وَعَنْ شُعْبَةَ لاَ تَرْوِ لَنَا ... إنَّ
بِلاَلاً، وَحَدِيْثُ أُمِّنَا
(وَإِنْ يُحَدِّثْ مِنْ وَرَاءِ سِتْرِ عَرَفْتَهُ بِصَوْتِهِ)
أي: فإن عرفت صوت المحدِّث، (أو) اعتمدت في معرفة صوته وحضوره
على (ذِي خُبْرِ) أي: خبر ثقة من أهل الخبر بالمحدث، [24 - أ]
(صَحَّ) السماع.
(وَعَنْ شُعْبَةَ) (3) إذا حَدَّثَك المحدِّث فلم ترَ وجهه
(لاَ تَرْوِ) عنه.
والحجة (لَنَا) قوله عليه السلام: («إنَّ بِلاَلاً) يؤذن بليل
فكلوا أو اشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم» (4) فَأمَرَ
بالاعتماد على صوته مع غيبة شخصه عَمَّن يسمعه، (وَحَدِيْثُ
أُمِّنَا) أي: أم المؤمنين عائشة وغيرها كن يحدثن من وراء
حجاب، وينقل عنهن مَنْ سمع ذلك.
438 - وَلاَ يَضُرُّ سَامِعَاً أنْ يَمْنَعَهْ ... الشَّيْخُ
أَنْ يَرْوِي مَا قَدْ سَمِعَهْ
_________
(1) انظر المصدر السابق (1/ 248).
(2) هو من كلام ابن مهدي كما في «معرفة أنواع علم الحديث»:
(ص149) و «فتح المغيث»: (2/ 382).
(3) انظر: «الإلماع»: (ص58).
(4) أخرجه البخاري (ج1918)، ومسلم (ج1092).
(1/192)
439 - كَذَلِكَ التَّخْصِيْصُ أو رَجَعْتُ
... مَاَ لمْ يَقُلْ: أَخْطَأْتُ أو شَكَكْتُ
(وَلاَ يَضُرُّ سَامِعَاً) حديثاً من شيخٍ (أنْ يَمْنَعَهْ
الشَّيْخُ أَنْ يَرْوِي مَا قَدْ سَمِعَهْ) بأن قال له: لا
تروه عني، ونحو ذلك (1)، (كَذَلِكَ التَّخْصِيْصُ) أي: إذا خصص
قوماً بالسماع وسمع غيرهم ولم يعلم به، أو قال: أُخْبِرُكم ولا
أُخْبِرُ فلاناً؛ فلا يضر ذلك فلاناً في صحة سماعه. (أو) قوله
(رَجَعْتُ) عما حدثتكم به ونحو ذلك مما لا ينفي أنه من حديثه
فإنه لا يضر، (مَاَ لمْ يَقُلْ: أَخْطَأْتُ) فيما حدثتُ به،
(أو شَكَكْتُ) في سماعه ونحو ذلك، فليس له أن يرويه عنه (2).
_________
(1) انظر: «المحدث الفاصل»: (ص451 - 452).
(2) انظر: المصدر السابق.
(1/193)
الثَّالِثُ: الإجَاْزَةُ
440 - ثُمَّ الإِجَازَةُ تَلىِ السَّمَاعَا ... وَنُوِّعَتْ
لِتِسْعَةٍ أَنْوَاعَا
441 - ارْفَعُهَا بِحَيْثُ لاَ مُنَاولَهْ ... تَعْيِيْنُهُ
الْمُجَازَ وَالْمُجْازَ لَهْ
442 - وَبَعْضُهُمْ حَكَى اتِّفَاقَهُمْ عَلَى ... جَوَازِ
ذَا، وَذَهَبَ الْبَاجِيْ إِلَى
443 - نَفْي الْخِلاَفِ مُطْلَقَاً، وَهْوَ غَلَطْ ... قال:
وَالاخْتِلاَفُ فِي الْعَمَلِ قَطْ
444 - وَرَدَّهُ الشَّيْخُ بأَِنْ للشَّافِعِي ... قَوْلاَنِ
فِيْهَا ثُمَّ بَعْضُ تَابِعي
445 - مَذْهَبِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ مَنَعَا ... وَصَاحِبُ
الْحَاوي بِهِ قَدْ قَطَعَا
446 - قَالاَ كَشُعْبَةٍ وَلَو جَازَتْ إِذَنْ ... لَبَطْلَتْ
رِحْلَةُ طُلاَّبِ السُّنَنْ
447 - وَعَنْ أبي الشَّيْخِ مَعَ الْحَرْبِيِّ ...
إِبْطَالُهَا كَذَاكَ لِلسِّجْزِيِّ
448 - لَكِنْ عَلى جَوَازِهَا اسْتَقَرَّا ... عَمَلُهُمْ،
وَالأَكْثَرُوْنَ طُرَّا
449 - قَالُوا بِهِ، كَذَا وُجُوْبُ الْعَمَلِ ... بِهَا،
وَقِيْلَ: لاَ كَحُكْمِ الْمُرْسَلِ
(ثُمَّ الإِجَازَةُ تَلىِ السَّمَاعَا) فهي دونه، (وَنُوِّعَتْ
لِتِسْعَةٍ أَنْوَاعَا).
(ارْفَعُهَا بِحَيْثُ لاَ مُنَاولَهْ) أي: أرفع أنواع الإجازة
المجرَّدة عن المناولة (تَعْيِيْنُهُ الْمُجَازَ وَالْمُجْازَ
لَهْ) كأجزت لكم، أو لفلان الكتاب الفلاني.
(وَبَعْضُهُمْ) وهو القاضي عياض (1) (حَكَى اتِّفَاقَهُمْ
عَلَى جَوَازِ ذَا) فقال: هذه
_________
(1) في «الإلماع»: (ص38).
(1/194)
عند بعضهم التي لم يُختلف في جوازها.
(وَذَهَبَ) أبو الوليد ((الْبَاجِيْ) إِلَى نَفْي الْخِلاَفِ
مُطْلَقَاً) فقال (1): لا خلاف في جواز الرواية بالإجازة،
وادَّعى فيه الإجماع ولم يُفَصِّل، (وَهْوَ غَلَطْ) في حكاية
الإجماع في مطلقها، (قال) الباجي: (وَالاخْتِلاَفُ فِي
الْعَمَلِ) بها (قَطْ).
(وَرَدَّهُ الشَّيْخُ) ابن الصلاح (2) (بأَِنْ للشَّافِعِي
قَوْلاَنِ فِيْهَا) أحدهما عدم جوازها، (ثُمَّ بَعْضُ تَابِعي
مَذْهَبِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ (3) مَنَعَا (4)، وَصَاحِبُ
الْحَاوي) وهو الماوردي (5) (بِهِ قَدْ قَطَعَا (6)، قَالاَ
كَشُعْبَةٍ) أي: وقال القاضي والماوردي: كما قال شعبة: (وَلَو
جَازَتْ) الإجازة (إِذَنْ لَبَطْلَتْ رِحْلَةُ طُلاَّبِ
السُّنَنْ) (7).
(وَعَنْ أبي الشَّيْخِ) (8) عبد الله بن محمد الأصبهاني (مَعَ)
إبراهيم (الْحَرْبِيِّ
_________
(1) في «الإشارات في الأصول»: (ص60).
(2) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص151).
(3) هو القاضي الحسين بن محمد بن أحمد بن علي المروذي، المتوفى
سنة (462هـ). «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة: (1/ 39).
(4) انظر: «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص151).
(5) هو: القاضي علي بن محمد بن مجيب أبو الحسن الماوردي
البصري، أحد الأئمة، توفي سنة (450هـ). «طبقات الشافعية»: (1/
36).
(6) انظر: «أدب القاضي» من «الحاوى» للماوردي (1/ 387 - 389).
(7) انظر: «الكفاية»: (2/ 277 - 278) و «أدب القاضي» للماوردي:
(1/ 388 - 389).
(8) انظر: «الكفاية»: (2/ 270).
(1/195)
إِبْطَالُهَا (1) كَذَاكَ لِلسِّجْزِيِّ
(2)).
(لَكِنْ عَلى جَوَازِهَا اسْتَقَرَّا عَمَلُهُمْ،
وَالأَكْثَرُوْنَ طُرَّا) (3) من أهل الحديث وغيره (قَالُوا
بِهِ).
وكما تجوز الرواية بالإجازة (كَذَا وُجُوْبُ الْعَمَلِ)
بالمروي (بِهَا، وَقِيْلَ) قاله بعض أهل [24 - ب] الظاهر (4)
(لا) يجب العمل (كَحُكْمِ) الحديث (الْمُرْسَلِ).
450 - وَالثَّانِ: أَنْ يُعَيِّنَ الْمُجَازَ لَهْ ... دُوْنَ
الْمُجَازِ، وَهْوَ أَيْضَاً قَبِلَهْ
451 - جُمْهُوْرُهُمْ رِوَايَةً وَعَمَلاَ ... وَالْخُلْفُ
أَقْوَى فِيْهِ مِمَّا قَدْ خَلاَ
والنوع (الثَّانِ أَنْ يُعَيِّنَ الْمُجَازَ لَهْ دُوْنَ
الْمُجَازِ) كأجزت لك جميع مروياتي (وَهْوَ أَيْضَاً قَبِلَهْ
جُمْهُوْرُهُمْ رِوَايَةً وَعَمَلاَ، وَالْخُلْفُ أَقْوَى
فِيْهِ) أي: في هذا النوع (مِمَّا قَدْ خَلاَ) أي: من الخلاف
في النوع المتقدم.
452 - وَالثَّالِثُ: التَّعْمِيْمُ فِي الْمُجَازِ ... لَهُ،
وَقَدْ مَالَ إِلى الْجَوَازِ
453 - مُطْلَقَاً الْخَطِيْبُ وَابْنُ مَنْدَهْ ... ثُمَّ أبو
الْعَلاَءِ أَيْضَاً بَعْدَهْ
_________
(1) انظر: «الكفاية»: (2/ 277)، وانظر: (2/ 316) منه، فقد ذكر
الخطيب أن إبراهيم قد رجع عن إطلاق هذا القول.
(2) هو الإمام أبو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم بن أحمد
الوائلي، الحافظ، المتوفى سنة (444هـ). «سير أعلام النبلاء»:
(17/ 654) و «الوافي بالوفيات»: (6/ 308).
(3) أي: جميعاً. «فتح المغيث»: (2/ 400).
(4) انظر: «الكفاية»: (2/ 267).
(1/196)
454 - وَجَازَ لِلْمَوْجُوْدِ عِنْدَ
الطَّبَرِيْ ... وَالشَّيْخُ لِلإِْبْطَالِ مَالَ فَاحْذَرِ
والنوع (الثَّالِثُ: التَّعْمِيْمُ فِي الْمُجَازِ لَهُ وَقَدْ
مَالَ إِلى الْجَوَازِ مُطْلَقَاً الْخَطِيْبُ (1) و) أبو عبد
الله (ابْنُ مَنْدَهْ) فقال (2): أجزت لمن قال لا إله إلا
الله، (ثُمَّ) مال إلى الجواز (أبو الْعَلاَءِ) الهمذاني (3)
(أَيْضَاً بَعْدَهْ).
(وَجَازَ) الإجازة (لِلْمَوْجُوْدِ) من جميع المسلمين عند
الإجازة (عِنْدَ) أبي الطيب (الطَّبَرِيْ (4)، وَالشَّيْخُ)
ابن الصلاح (5) (لِلإِْبْطَالِ مَالَ فَاحْذَرِ) فقال: أصلها
ضعيف وتزداد بهذا التوسع (6).
455 - وَمَا يَعُمُّ مَعَ وَصْفِ حَصْرِ ... كَالْعُلَمَا
يَوْمَئِذٍ بِالثَّغْرِ
456 - فَإِنَّهُ إِلى الْجَوَازِ أَقْرَبُ ... قُلْتُ عِيَاضٌ
قالَ: لَسْتُ أَحْسِبُ
_________
(1) في «الإجازة للمعدوم والمجهول»: (ص80).
(2) حكاه عنه ابن الصلاح في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص155).
(3) هو الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن
محمد بن سهل الهمذاني العطار، المتوفى سنة (569هـ). «سير أعلام
النبلاء»: (21/ 40) و «تذكرة الحفاظ»: (4/ 1324). وانظر لقوله:
«معرفة أنواع علم الحديث»: (ص155).
(4) هو القاضي الإمام أبو الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر بن
عمر الطبري، المتوفى سنة (450هـ). «تاريخ بغداد»: (9/ 358) و
«سير أعلام النبلاء»: (17/ 668). وانظر: كلامه في «الإجازة
للمعدوم والمجهول»: (ص80) و «الإلماع»: (ص42).
(5) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص155).
(6) كذا وقعت العبارة في الأصل، ولعله سقط: تزداد بهذا التوسع
[والاسترسال ضعفاً كثيراً] كما هو تعبير ابن الصلاح، ونقله عنه
الناظم في شرحه (1/ 419).
(1/197)
457 - فِي ذَا اخْتِلاَفَاً بَيْنَهُمْ
مِمَّنْ يَرَى ... إِجَازَةً لِكَوْنِهِ مُنْحَصِرَا
(وَمَا يَعُمُّ) من الإجازة (مَعَ وَصْفِ حَصْرِ كَالْعُلَمَا
يَوْمَئِذٍ بِالثَّغْرِ) أي: كأجزت لمن هو الآن من طلبة العلم
ببلد كذا (فَإِنَّهُ إِلى الْجَوَازِ أَقْرَبُ. قُلْتُ:
عِيَاضٌ قالَ (1): لَسْتُ أَحْسِبُ فِي ذَا اخْتِلاَفَاً
بَيْنَهُمْ) في جوازه (مِمَّنْ يَرَى إِجَازَةً) أي: ممن تصح
عنده الإجازة (لِكَوْنِهِ مُنْحَصِرَا).
458 - وَالرَّابعُ: الْجَهْلُ بِمَنْ أُجِيْزَ لَهْ ... أو مَا
أُجِيْزَ كَأَجَزْتُ أَزْفَلَهْ
459 - بَعْضَ سَمَاَعاِتي، كَذَا إِنْ سَمَّى ... كِتَاباً أو
شَخْصَاً وَقَدْ تَسَمَّى
460 - بِهِ سِوَاهُ ثُمَّ لَمَّا يَتَّضِحْ ... مُرَادُهُ مِنْ
ذَاكَ فَهْوَ لاَ يَصِحْ
461 - أَمَّا الْمُسَمَّوْنَ مَعَ الْبَيَانِ ... فَلاَ
يَضُرُّ الْجَهْلُ بِالأَعْيَانِ
462 - وَتَنْبَغِي الصِّحَّةُ إِنْ جَمَلَهُمْ ... مِنْ غَيْرِ
عَدٍّ وَتَصَفُّحٍ لَهُمْ
والنوع (الرَّابعُ: الْجَهْلُ بِمَنْ أُجِيْزَ لَهْ أو مَا
أُجِيْزَ) أي: الإجازة للمجهول أو بالمجهول، (كَأَجَزْتُ
أَزْفَلَهْ) الأزْفَلَة: الجماعة من الناس (بَعْضَ
سَمَاَعاِتي، كَذَا إِنْ سَمَّى كِتَاباً أو شَخْصَاً وَقَدْ
تَسَمَّى بِهِ سِوَاهُ) كأجزت لك أن تروي عني كتاب «السنن» وهو
يروي عدة من السنن المعروفة بذلك، وكأجزت محمد بن خالد الدمشقي
وتَسَمَّى به غير واحد في ذلك الوقت.
(ثُمَّ لَمَّا) أي: لم (يَتَّضِحْ مُرَادُهُ مِنْ ذَاكَ) في
المسألتين (فَهْوَ لاَ يَصِحْ)، أما إذا اتضح بقرينة بحيث لا
يلتبس فالظاهر صحة هذه الإجازة.
_________
(1) في «الإلماع»: (ص43).
(1/198)
(أَمَّا الْمُسَمَّوْنَ) للشيخ المسئول
(مَعَ الْبَيَانِ) المزيل للاشتباه (فَلاَ يَضُرُّ الْجَهْلُ)
أي: عدم معرفة الشيخ (بِالأَعْيَانِ) والإجازة صحيحة،
(وَتَنْبَغِي الصِّحَّةُ إِنْ جَمَلَهُمْ) أي: الشيخ للجماعة
المسَمَّين في استدعاء بالإجازة (مِنْ غَيْرِ عَدٍّ
وَتَصَفُّحٍ لَهُمْ)، كما يصح سماع من سمع منه على هذا الوصف.
463 - وَالْخَامِسُ: التَّعْلِيْقُ فِي الإِجَازَهْ ... بِمَنْ
يَشَاؤُهَا الذَّيِ أَجَازَهْ
464 - أو غَيْرُهُ مُعَيَّنَاً، وَالأُولَى ... أَكْثَرُ
جَهْلاً، وَأَجَازَ الْكُلاَّ
465 - مَعاً أبو يَعْلَى الإِمَامُ الْحَنْبَلِيْ ... مَعَ
ابْنِ عُمْرُوْسٍ وَقَالاَ: يَنْجَلِي
466 - الْجَهْلُ إِذْ يَشَاؤُهَا، وَالظَّاهِرُ ...
بُطْلاَنُهَا أَفْتَى بِذَاك طَاهِرُ
467 - قُلْتُ: وَجَدْتُ ابنَ أبي خَيْثَمَةِ ... أَجَازَ
كَالَّثانِيَةِ الْمْبُهَمَةِ
468 - وَإِنْ يَقُلْ: مَنْ شَاءَ يَرْوِي قَرُبَا ...
وَنَحْوَهُ الأَزْدِي مُجِيْزَاً كَتَبَا
469 - أَمَّا: أَجَزْتُ لِفُلاَنٍ إِنْ يُرِدْ ...
فَالأَظْهَرُ الأَقْوَى الْجَوَازُ فَاعْتَمِدْ
(وَ) النوع (الْخَامِسُ: التَّعْلِيْقُ فِي الإِجَازَهْ بِمَنْ
يَشَاؤُهَا الذَّيِ أَجَازَهْ) كَمَنْ يشاء أن أجيز له فقد
أجزت له، (أو غَيْرُهُ مُعَيَّنَاً) كأجزتُ لمن يشاء فلان،
(وَالأُولَى أَكْثَرُ جَهْلاً) وانتشاراً من حيث تعلقها بمشيئة
من لا يُحْصَرُ عددُهم بخلاف تعليقها بمشيئة معين.
(وَأَجَازَ الْكُلاَّ مَعاً أبو يَعْلَى الإِمَامُ
الْحَنْبَلِيْ (1) مَعَ) أبي الفضل (ابْنِ عُمْرُوْسٍ (2)
_________
(1) هو: الإمام محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفراء،
المتوفى سنة (458هـ). «طبقات الحنابلة» لابنه: (2/ 193 - 230).
(2) هو: محمد بن عبيد الله البزار، الفقيه المالكي، المتوفى
سنة (452هـ). «تاريخ بغداد»: (2/ 339 - 340).
(1/199)
وَقَالاَ (1): يَنْجَلِي الْجَهْلُ [25 -
أ] إِذْ يَشَاؤُهَا) أي: واستدلَّا بأن هذه الجهالة ترتفع عند
وجود المشيئة ويَتَعَيَّنُ المجازُ له.
(وَالظَّاهِرُ بُطْلاَنُهَا) لما فيه من التعليق (أَفْتَى
بِذَاك طَاهِرُ) هو ابن عبد الله الطبري (2).
قال المصنف: (قُلْتُ: وَجَدْتُ) الحافظ أبا بكر (ابنَ أبي
خَيْثَمَةِ (3) أَجَازَ كَالَّثانِيَةِ الْمْبُهَمَةِ) فكتب
(4): أجزت لفلان أن يروي عني ما أحب من كتاب التاريخ الذي سمعه
مني فلان وفلان، وأذنت له في ذلك ولمن أحب من أصحابه، فإن أحب
أن تكون الإجازة لأحد بعد هذا فأنا أجزت له ذلك بكتابي هذا.
(وَإِنْ يَقُلْ: مَنْ شَاءَ يَرْوِي قَرُبَا) بأن كان المعلَّق
هو الرواية كأجزت لمن شاء الرواية عني أن يروي عني، وهذا أولى
بالجواز لأن مقتضى كل إجازة تفويض الرواية بها إلى مشيئة
المجاز له، فكان هذا مع كونه بصيغة التعليق تصريحاً بما يقتضيه
الإطلاق.
_________
(1) انظر كلامهما في «الإجازة للمعدوم والمجهول»: (ص81 - 82) و
«الإلماع»: (ص44).
(2) انظر: «الإجازة للمعدوم والمجهول»: (ص80).
(3) هو: الحافظ الكبير أحمد بن زهير بن حرب بن شداد النسائي
الأصل، البغدادي المتوفى سنة (297هـ). «تاريخ بغداد»: (4/ 162)
و «سير أعلام النبلاء»: (11/ 492).
(4) انظر: «شرح الألفية» للناظم: (1/ 424).
(1/200)
(وَنَحْوَهُ) أبو الفتح (الأَزْدِي (1)
مُجِيْزَاً كَتَبَا) فَوُجِد بخطه: أجزتُ رواية ذلك لجميع من
أحَبَّ أن يروي ذلك عني.
(أَمَّا) تعليق الرواية مع التصريح بالمجاز له وتعيينه نحو
(أَجَزْتُ لِفُلاَنٍ إِنْ يُرِدْ)، وأجزت لك كذا إن شئت روايته
عني (فَالأَظْهَرُ الأَقْوَى الْجَوَازُ فَاعْتَمِدْ) إذ قد
انتفت فيه الجهالة وحقيقة التعليق.
470 - وَالسَّادِسُ: الإِذْنُ لِمَعْدُوْمٍ تَبَعْ ...
كَقَوْلِهِ: أَجَزْتُ لِفُلاَنِ مَعْ
471 - أَوْلاَدِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهْ ... حَيْثُ أَتَوْا
أَوْ خَصَّصَ الْمَعْدُوْمَ بِهْ
472 - وَهْوَ أَوْهَى، وَأَجَازَ الأَوَّلاَ ... ابْنُ أبي
دَاوُدَ وَهْوَ مُثِّلاَ
473 - بِالْوَقْفِ، لَكِنْ أَبَا الطَّيِّبِ رَدْ ...
كِلَيْهِمَا وَهْوَ الصَّحِيْحُ الْمُعْتَمَدْ
474 - كَذَا أبو نَصْرٍ. وَجَازَ مُطْلَقَا ... عِنْدَ
الْخَطِيْبِ وَبِهِ قَدْ سُبِقَا
475 - مِنِ ابْنِ عُمْرُوْسٍ مَعَ الْفَرَّاءِ ... وَقَدْ
رَأَى الْحُكْمَ عَلى اسْتِوَاءِ
476 - فِي الْوَقْفِ في صِحَّتِهِ مَنْ تَبِعَا ... أَبَا
حَنِيْفَةَ وَمَالِكَاً مَعَا
والنوع (وَالسَّادِسُ: الإِذْنُ لِمَعْدُوْمٍ تَبَعْ) للموجود
(كَقَوْلِهِ: أَجَزْتُ لِفُلاَنِ مَعْ أَوْلاَدِهِ وَنَسْلِهِ
وَعَقِبِهْ حَيْثُ أَتَوْا)، وأجزت لك ولمن يولد لك ونحوه.
(أَوْ خَصَّصَ الْمَعْدُوْمَ بِهْ) من غير عطف على موجود
كأجزتُ لمن يولَدُ
_________
(1) هو: الحافظ أبو الفتح محمد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله
بن بريدة الموصلي، المتوفى سنة (374هـ). «تذكرة الحفاظ»: (3/
967) و «سير أعلام النبلاء»: (16/ 347).
(1/201)
لفلان، (وَهْوَ أَوْهَى) من القسم الأول،
(وَأَجَازَ) القسم (الأَوَّلاَ) أبو بكر (ابْنُ أبي دَاوُدَ)
السجستاني (1)، (وَهْوَ مُثِّلاَ بِالْوَقْفِ) على المعدوم،
(لَكِنْ) القاضي (أَبَا الطَّيِّبِ رَدْ كِلَيْهِمَا) قياساً
على الإخبار للمعدوم (2)، (وَهْوَ الصَّحِيْحُ الْمُعْتَمَدْ
كَذَا أبو نَصْرٍ) ابن الصباغ (3).
(وَجَازَ مُطْلَقَا عِنْدَ الْخَطِيْبِ (4)، وَبِهِ قَدْ
سُبِقَا مِنِ) أبي الفضل (ابْنِ عُمْرُوْسٍ (5) مَعَ) أبي يعلى
ابن (الْفَرَّاءِ (6) وَقَدْ رَأَى الْحُكْمَ عَلى اسْتِوَاءِ
فِي الْوَقْفِ في صِحَّتِهِ) على المعدوم وإن لم يكن أصله
موجوداً (مَنْ تَبِعَا أَبَا حَنِيْفَةَ وَمَالِكَاً مَعَا).
477 - وَالسَّاِبعُ: الإِذْنُ لِغَيْرِ أَهْلِ ... لِلأَخْذِ
عَنْهُ كَافِرٍ أو طِفْلِ
478 - غَيْرِ مُمَيِزٍ وَذَا الأَخِيْرُ ... رَأَى أبو
الطَّيِّبِ وَالْجُمْهُوْرُ
479 - وَلَمْ أَجِدْ فِي كَافِرٍ نَقْلاً، بَلَى ...
بِحَضْرَةِ الْمِزِّيِّ تَتْرَا فُعِلا
480 - وَلَمْ أَجِدْ فِي الْحَمْلِ أَيْضَاً نَقْلاَ ...
وَهْوَ مِنَ الْمَعْدُوْمِ أولَى فِعْلاَ
481 - وَلِلْخَطِيْبِ لَمْ أَجِدْ مَنْ فَعَلَهْ ... قُلْتُ:
رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ قَدْ سَأَلَهْ
482 - مَعْ أبويْهِ فَأَجَازَ، وَلَعَلْ ... مَا اصَّفَّحَ
الأَسماءَ فِيْهَا إِذْ فَعَلْ
_________
(1) انظر: «الكفاية»: (2/ 295) و «الإجازة للمعدوم والمجهول»:
(ص79).
(2) انظر: «الإجازة للمعدوم والمجهول»: (ص80).
(3) حكاه عنه ابن الصلاح في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص159).
(4) «الكفاية»: (2/ 296).
(5) انظر: «الإجازة للمعدوم والمجهول»: (ص80).
(6) انظر: المصدر السابق.
(1/202)
483 - وَيَنْبَغِي الْبِنَا عَلى مَا
ذَكَرُوْا ... هَلْ يُعْلَمُ الْحَمْلُ؟ وَهَذَا أَظْهَرُ
(و) النوع (السَّاِبعُ: الإِذْنُ لِغَيْرِ أَهْلِ) حين الإجازة
(لِلأَخْذِ عَنْهُ، كَافِرٍ أو طِفْلِ غَيْرِ مُمَيِزٍ)، أما
المميِّز فصحيحة.
(وَذَا الأَخِيْرُ) وهو الإجازة للطفل (رَأَى) القاضي [25 - ب]
(أبو الطَّيِّبِ وَالْجُمْهُوْرُ (1)، وَلَمْ أَجِدْ فِي
كَافِرٍ نَقْلاً، بَلَى بِحَضْرَةِ الْمِزِّيِّ تَتْرَا
فُعِلا) فإن محمد بن عبد السيد سمع الحديث في حال يهوديته على
محمد بن عبد المؤمن الصوري وكتب اسمه في طبقة السماع، وأجاز
لمن سمع وهو منهم، وكان ذلك بحضور الحافظ المزي في غير ما جزء
فلولا أن المزي يرى جوازه ما أقَرَّ عليه ثم هُدِيَ للإسلام
وحَدَّثَ (2).
(وَلَمْ أَجِدْ فِي الْحَمْلِ أَيْضَاً نَقْلاَ وَهْوَ مِنَ
الْمَعْدُوْمِ أولَى فِعْلاَ، وَلِلْخَطِيْبِ (3) لَمْ أَجِدْ
مَنْ فَعَلَهْ. قُلْتُ: رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ قَدْ سَأَلَهْ
مَعْ أبويْهِ فَأَجَازَ) وهو الحافظ أبو سعيد العلائي،
(وَلَعَلْ مَا اصَّفَّحَ الأَسماءَ فِيْهَا إِذْ فَعَلْ) حتى
يعلم هل فيها حمل أم لا؟.
(وَيَنْبَغِي الْبِنَا) أي: بناء الحكم في الإجازة للحمل (عَلى
مَا ذَكَرُوْا) من الخلاف (هَلْ يُعْلَمُ الْحَمْلُ؟) أم لا؟
فإن قلنا: إنه لا يعلم فيكون كالإجازة للمجهول ويجري فيه
الخلاف، وإن قلنا: إنه يعلم صَحَّت الإجازة (وَهَذَا
أَظْهَرُ).
_________
(1) انظر: «الكفاية»: (2/ 295 - 296).
(2) انظر: «شرح الألفية» للناظم: (1/ 49) و «فتح المغيث»: (2/
303 - 304، 438).
(3) «الكفاية»: (2/ 296).
(1/203)
484 - وَالثَّامِنُ: الإِذْنُ بِمَا
سَيَحْمِلُهْ ... الشَّيْخُ، وَالصَّحِيْحُ أَنَّا نُبْطِلُهْ
485 - وبعضُ عَصْرِيِّ عِيَاضٍ بَذَلَهْ ... وَابْنُ مُغِيْثٍ
لَمْ يُجِبْ مَنْ سَأَلَهْ
486 - وَإِنْ يَقُلْ: أَجَزْتُهُ مَا صَحَّ لَهْ ... أو
سَيَصِحُّ، فَصَحِيْحٌ عَمِلَهْ
487 - الدَّارَقُطْنِيُّ وَسِواهُ أوحَذَفْ ... يَصِحُّ جَازَ
الكُلُّ حَيْثُمَا عَرَفْ
(و) النوع (الثَّامِنُ: الإِذْنُ بِمَا سَيَحْمِلُهْ
الشَّيْخُ) مما لم يسمعه قبل ذلك ولم يتحمله ليرويه المجاز بعد
أن يتحمله المجيز (وَالصَّحِيْحُ أَنَّا نُبْطِلُهْ، وبعضُ
عَصْرِيِّ عِيَاضٍ بَذَلَهْ) أي: أعطاه لمن سأله (و) أبو
الوليد (ابْنُ مُغِيْثٍ (1) لَمْ يُجِبْ مَنْ سَأَلَهْ) بأن
يجيز له جميع ما رواه إلى تاريخها، وما يرويه بعدُ، فغضب
السائل، فقال له الطُّبْنِيُّ (2): يعطيك ما لم يأخذ؟ هذا محال
قال (3): هذا جوابي (4).
(وَإِنْ يَقُلْ: أَجَزْتُهُ مَا صَحَّ لَهْ أو سَيَصِحُّ) عنده
من مسموعاتي (فَصَحِيْحٌ، عَمِلَهْ الدَّارَقُطْنِيُّ وَسِواهُ
(5))، وله أن يروي عنه ما صَحَّ عنده بعد الإجازة أنه سمعه
قبلها، (أوحَذَفْ «يَصِحُّ») أي: لم يذكرها (جَازَ الكُلُّ
حَيْثُمَا عَرَفْ) حالة الأداء أنه سماعه؛ لأن المراد بقوله:
«ما صَحَّ» حالة الرواية لا حالة الإجازة.
_________
(1) هو: أبو الوليد يونس بن عبد الله بن مغيث القرطبي، ابن
الصفار، المتوفى سنة (429هـ). «ترتيب المدارك»: (4/ 739 -
741).
(2) وقيل: بضم الباء وتشديد النون. «الأنساب»: (4/ 50)،
«اللباب»: (2/ 275).
(3) أي: يونس بن مغيث.
(4) انظر: «الإلماع»: (ص45).
(5) انظر: «شرح الناظم»: (1/ 432).
(1/204)
488 - وَالتَّاسِعُ: الإِذْنُ بِمَا
أُجِيْزَا ... لِشَيْخِهِ، فَقِيْلَ: لَنْ يَجُوْزَا
489 - وَرُدَّ، وَالصَّحِيْحُ: الاعْتِمَادُ ... عَلَيْهِ قَدْ
جَوَّزَهُ النُّقَّاْدُ
490 - أبو نُعَيْمٍ، وَكَذَا ابْنُ عُقْدَهْ ...
وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَنَصْرٌ بَعْدَهْ
491 - وَالَى ثَلاَثَاً بإِجَازَةٍ وَقَدْ ... رَأَيْتُ مَنْ
وَالَى بِخَمْسٍ يُعْتَمَدْ
492 - وَيَنْبَغِي تَأَمُّلُ الإِجازَهْ ... فحيثُ شَيْخُ
شَيْخِهِ أَجَاْزَهْ
493 - بَلِفْظِ مَا صَحَّ لَدَيْهِ لَمْ يُخَطْ ... مَا صَحَّ
عِنْدَ شَيْخِهِ مِنْهُ فَقَطْ
(و) النوع (التَّاسِعُ: الإِذْنُ بِمَا أُجِيْزَا لِشَيْخِهِ)
كأجزت لك مجازاتي، (فَقِيْلَ: لَنْ يَجُوْزَا)؛ لأنها ضعيفة
فيقوى الضعف باجتماع إجازتين.
(وَرُدَّ، وَالصَّحِيْحُ: الاعْتِمَادُ عَلَيْهِ) ولا يشبه ما
امتنع من توكيل الوكيل بغير إذن.
(قَدْ جَوَّزَهُ النُّقَّاْدُ أبو نُعَيْمٍ (1)) فقال: الإجازة
على الإجازة قَوِيَّةٌ جائزة، (وَكَذَا) أبو العباس (ابْنُ
عُقْدَهْ (2) وَالدَّارَقُطْنِيُّ (3)).
(وَنَصْرٌ بَعْدَهْ) هو نصر بن إبراهيم المقدسي (4) (وَالَى
ثَلاَثَاً بإِجَازَةٍ) أي: بين ثلاث أجايز. قال المصنف:
(وَقَدْ رَأَيْتُ مَنْ وَالَى بِخَمْسٍ يُعْتَمَدْ) وهو عبد
الغني
_________
(1) انظر: «الكفاية»: (2/ 352 - 353).
(2) انظر: المصدر السابق.
(3) انظر: المصدر السابق.
(4) المتوفى سنة (490هـ). «سير أعلام النبلاء»: (19/ 136).
(1/205)
[26 - أ] بن سعيد الأزدي (1).
(وَيَنْبَغِي) لمن يروي بالإجازة عن الإجازة (تَأَمُّلُ) كيفية
(الإِجازَهْ) التي من شيخ شيخه لشيخه ومقتضاها حتى لا يروي بها
ما لم يندرج تحتها، (فحيثُ شَيْخُ شَيْخِهِ أَجَاْزَهْ
بَلِفْظِ مَا صَحَّ لَدَيْهِ لَمْ يُخَطْ مَا صَحَّ عِنْدَ
شَيْخِهِ مِنْهُ فَقَطْ) أي: فإن قَيَّدَهَا بما صح عند
المجاز، أو بما سمعه المجيز فقط، أو بما حَدَّثَ به من
مسموعاته، أو غير ذلك، فإن أجازه بأجزت له ما صَحَّ عنده من
مسموعاتي فليس للمُجاز الثاني: أن يروي عن المجاز الأول إلا ما
علم أنه صح عنده من سماع شيخه الأعلى، وكذا إن قَيَّدَها
بسماعه لم يتعدَّ إلى مجازاته.
_________
(1) حيث روى عنه الحافظ أبو محمد عبد الكريم الحلبي المتوفى
سنة (735هـ) في «تاريخ مصر» بخمس أجايز متوالية في عدة مواضع.
«شرح الناظم»: (1/ 434) و «شرح السيوطي»: (ص246).
(1/206)
لَفْظُ الإِجَازَةِ وَشَرْطُهَا
494 - أَجَزْتُهُ ابْنُ فَارِسٍ قَدْ نَقَلَهْ ... وَإِنَّمَا
الْمَعْرُوْفُ قَدْ أَجَزْتُ لَهْ
495 - وَإِنَّمَا تُسْتَحْسَنُ الإِجَازَهْ ... مِنْ عَالِمٍ
بِهِ، وَمَنْ أَجَازَهْ
496 - طَالِبَ عِلْمٍ وَالْوَلِيْدُ ذَا ذَكَرْ ... عَنْ
مَالِكٍ شَرْطاً وَعَنْ أبي عُمَرْ
497 - أَنَّ الصَّحِيْحَ أَنَّهَا لاَ تُقْبَلُ ... إِلاَّ
لِمَاهِرٍ وَمَا لاَ يُشْكِلُ
498 - وَالْلَفْظُ إِنْ تُجِزْ بِكَتْبٍ أَحْسَنُ ... أو
دُوْنَ لَفْظٍ فَانْوِ وَهْوَ أَدْوَنُ
(أَجَزْتُهُ) متعدياً بغير حرف جر أحمد (ابْنُ فَارِسٍ (1)
قَدْ نَقَلَهْ) عن العرب (2) بأنه مأخوذ من جواز الماء، يُقال:
استجزت فلاناً فأجازني، إذا سقاك ماءً لأرضك. (وَإِنَّمَا
الْمَعْرُوْفُ قَدْ أَجَزْتُ لَهْ) لأنها بمعنى التسويغ،
والإذن، والإباحة.
(وَإِنَّمَا تُسْتَحْسَنُ الإِجَازَهْ مِنْ) مجيز (عَالِمٍ
بِهِ) أي: بما يُجيز (وَمَنْ أَجَازَهْ طَالِبَ عِلْمٍ) لأنها
توسع وترخيص يتأهل له أهل العلم لمسيس حاجتهم إليها.
(وَالْوَلِيْدُ) بن بكر المالكي (3) (ذَا ذَكَرْ عَنْ مَالِكٍ
شَرْطاً (4). وَعَنْ أبي عُمَرْ) هو ابن
_________
(1) هو: أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا اللغوي، المتوفى سنة
(395هـ). «سير أعلام النبلاء»: (19/ 32).
(2) انظر: «مأخذ العلم» لابن فارس: (ص39).
(3) هو: الإمام أبو العباس الوليد بن بكر بن مخلد بن أبي
دُبَار الحافظ، اللغوي المتوفى سنة (392هـ). «سير أعلام
النبلاء»: (17/ 65)، و «تذكرة الحفاظ»: (3/ 1080).
(4) ذكره في جزء له سماه: «الوجازة في صحة القول بالإجازة» كما
في «فتح المغيث»: (2/ 458).
(1/207)
عبد البر (1)، (أَنَّ الصَّحِيْحَ أَنَّهَا
لاَ تُقْبَلُ إِلاَّ لِمَاهِرٍ) بالصناعة، (وَمَا) أي: في شيء
معين (لاَ يُشْكِلُ) إسناده.
(وَالْلَفْظُ إِنْ تُجِزْ بِكَتْبٍ أَحْسَنُ) أي: فإن كانت
الإجازة بالخط فالأحسن والأولى أن يتلفظ بالإجازة أيضاً (أو
دُوْنَ لَفْظٍ فَانْوِ) أي: وإن اقتصر على الكتابة ولم
يَتَلَفَّظْ فإن قُرِنَتْ بقصد الإجازة صَحَّت لأن الكتابة
كنايةٌ (2)، (وَهْوَ أَدْوَنُ) من الملفوظ بها في المرتبة،
وإلا فالظاهر عدم الصحة.
_________
(1) «جامع بيان العلم وفضله»: (2/ 180).
(2) أي: الكتابة كناية عن الإجازة. وقد وقعت العبارة في نشرة
الأستاذ ماهر الفحل (1/ 438): «لأن الكتابة كتابة» وهو خطأ،
وقد جاءت على الصواب في النشرة القديمة بعناية الأستاذ محمود
الربيع (ص214).
(1/208)
الرَّاْبِعُ: الْمُنَاوَلَةُ
499 - ثُمَّ الْمُنَاولاَتُ إِمَّا تَقْتَرِنْ ... بِالإِذْنِ
أَوْ لاَ، فَالَّتِي فِيْهَا إِذِنْ
500 - أَعْلَى الإْجَازَاتِ، وَأَعْلاَهَا إذا ... أَعْطَاهُ
مِلْكَاً فَإِعَارَةً كَذَا
501 - أَنْ يَحْضُرَ الطَّالِبُ بِالْكِتَابِ لَهْ ... عَرْضاً
وَهَذَا الْعَرْضُ لِلْمُنَاولَهْ
502 - وَالشَّيْخُ ذُوْ مَعْرِفَةٍ فَيَنْظُرَهْ ... ثُمَّ
يُنَاولَ الْكِتَابَ مُحْضِرَهْ
503 - يقول: هَذَا مِنْ حَدِيْثِي فارْوِهِ ... وَقَدْ حَكَوْا
عَنْ مَالِكٍ وَنَحْوِهِ
504 - بِأَنَّهَا تُعَادِلُ السَّمَاعَا ... وَقَدْ أَبَى
الْمُفْتُوْنَ ذَا امْتِنَاعَا
505 - إِسْحَاقُ وَالثَّوْرِيْ مَعَ النُّعْمَانِ ...
وَالشَّافِعيْ وَأحْمَدُ الشَّيْبَانِيْ
506 - وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُمْ رَأوْا ...
بِأَنَّهَا أَنْقَصُ، قُلْتُ: قَدْ حَكَوْا
507 - إِجْمَاعَهُمْ بِأَنَّهَا صَحِيْحَهْ ... مُعْتَمَداً،
وَإِنْ تَكُنْ مَرْجُوْحَهْ
(ثُمَّ الْمُنَاولاَتُ إِمَّا تَقْتَرِنْ) المناولة
(بِالإِذْنِ أَوْ لاَ) تقترن، (فَالَّتِي فِيْهَا إِذِنْ) أي:
فالمناولة المقرونة بالإجازة (أَعْلَى الإْجَازَاتِ) على
الإطلاق، (وَأَعْلاَهَا) أي: أعلى هذه المناولة العالية، (إذا
أَعْطَاهُ) شيئاً من سماعه أو إجازته (مِلْكَاً) يُمَلِّكُهُ
الشيخُ له.
(فَإِعَارَةً) بأن يقول: خُذْهُ واسْتَنْسِخُهُ وَقاَبِل به ثم
رُدَّهُ إلىَّ.
(كَذَا أَنْ يَحْضُرَ الطَّالِبُ بِالْكِتَابِ لَهْ عَرْضاً)
أي: بأصل الشيخ أو فرعه المقابَل
(1/209)
به فيعرضه عليه، (وَهَذَا الْعَرْضُ
لِلْمُنَاولَهْ) أي: سموه عرضاً [26 - ب] فيكون عرضَ المناولة،
فإذا عَرَضَ عليه (وَالشَّيْخُ ذُوْ مَعْرِفَةٍ فَيَنْظُرَهْ)
أي: تأمله الشيخ وهو عارف متيقِّظ (ثُمَّ يُنَاولَ الْكِتَابَ
مُحْضِرَهْ) وهو الطالب (يقول: هَذَا مِنْ حَدِيْثِي) الذي
رويته عن فلان (فارْوِهِ) عني.
(وَقَدْ حَكَوْا عَنْ مَالِكٍ وَنَحْوِهِ بِأَنَّهَا) أي:
المناولة المقرونة بالإجازة (تُعَادِلُ السَّمَاعَا (1)،
وَقَدْ أَبَى الْمُفْتُوْنَ) من فقهاء الإسلام (ذَا
امْتِنَاعَا) فلم يَرُوْهُ سماعاً: (إِسْحَاقُ، وَالثَّوْرِيْ
مَعَ) أبي حنيفة (النُّعْمَانِ، وَالشَّافِعيْ، وَأحْمَدُ) بن
حنبل (الشَّيْبَانِيْ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُمْ
رَأوْا بِأَنَّهَا أَنْقَصُ) من التحديث والإخبار (2).
قال المصنف (قُلْتُ: قَدْ حَكَوْا إِجْمَاعَهُمْ) أي: إجماع
أهل النقل (بِأَنَّهَا) رواية (صَحِيْحَهْ مُعْتَمَداً) أي:
اعتماداً (وَإِنْ تَكُنْ مَرْجُوْحَهْ).
508 - أَمَّا إذا نَاولَ وَاسْتَرَدَّا ... فِي الْوَقْتِ
صَحَّ وَالْمُجَازُ أَدَّى
509 - مِنْ نُسْخَةٍ قَدْ وَافَقَتْ مَرْوِيَّهْ ... وَهَذِهِ
لَيْسَتْ لَهَا مَزِيَّهْ
510 - عَلَى الذَّيِ عُيَّنَ فِي الاجَازَهْ ... عِنْدَ
الْمُحَقِّقِيْنَ لَكِنْ مَازَهْ
511 - أَهْلُ الْحَدِيْثِ آخِراً وَقِدْمَا ... أَمَّا إذا مَا
الشَّيْخُ لَمْ يَنْظُرْ مَا
512 - أَحْضَرَهُ الطَّالِبُ لَكِنْ اعْتَمَدْ ... مَنْ
أَحْضَرَ الْكِتَابَ وَهْوَ مُعْتَمَدْ
_________
(1) حكاه عنه وعن غيره من أئمة الحديث الحاكم في «معرفة علوم
الحديث»: (ص672 - 673) وانظر: «الإلماع»: (ص35).
(2) انظر: «معرفة علوم الحديث»: (ص676 - 677).
(1/210)
513 - صَحَّ وَإِلاَّ بَطَلَ اسْتِيْقَانَا
... وَإِنْ يَقُلْ: أَجَزْتُهُ إِنْ كَانَا
514 - ذَا مِنْ حَدِيْثِي، فَهْوَ فِعْلٌ حَسَنُ ... يُفِيْدُ
حَيْثُ وَقَعَ التَّبَيُّنُ
515 - وإنْ خَلَتْ مِنْ إذْنِ المُنَاْولَهْ ... قِيْلَ:
تَصِحُّ والأَصَحُّ بَاْطِلَهْ
(أَمَّا إذا نَاولَ) الشيخُ الطالبَ الكتابَ وأجاز له روايته
(وَاسْتَرَدَّا) أي: ثم ارتجعه منه (فِي الْوَقْتِ صَحَّ).
(وَالْمُجَازُ) له إذا أراد الأداء (أَدَّى مِنْ نُسْخَةٍ قَدْ
وَافَقَتْ مَرْوِيَّهْ) أي: الكتاب الذي تناولَهُ بكونه منه
نفسه، أو من نسخةٍ توافقه بمقابلته أو إخبار ثقة بموافَقَتِها.
(وَهَذِهِ) الصورة من المناولة (لَيْسَتْ لَهَا مَزِيَّهْ
عَلَى الذَّيِ عُيَّنَ فِي الاجَازَهْ) أي: على الإجازة بكتابٍ
معين (عِنْدَ الْمُحَقِّقِيْنَ لَكِنْ مَازَهْ أَهْلُ
الْحَدِيْثِ آخِراً وَقِدْمَا) أي: رأوا لهذه مزية على الإجازة
قديماً وحديثاً.
(أَمَّا إذا مَا الشَّيْخُ لَمْ يَنْظُرْ مَا أَحْضَرَهُ
الطَّالِبُ) من الكُتُب وقال له: هذا روايتك فَنَاوِلْنِيْه
وأَجِزْ لي روايته، ولم يتحقق أنه روايته، (لَكِنْ اعْتَمَدْ)
خبر (مَنْ أَحْضَرَ الْكِتَابَ وَهْوَ) ثقة (مُعْتَمَدْ صَحَّ،
وَإِلاَّ) أي: وإن لم يكن موثوقاً بخبره (بَطَلَ
اسْتِيْقَانَا).
(وَإِنْ يَقُلْ: أَجَزْتُهُ إِنْ كَانَا ذَا مِنْ حَدِيْثِي)
مع براءتي من الغلط والوهم (فَهْوَ فِعْلٌ حَسَنُ يُفِيْدُ
حَيْثُ وَقَعَ التَّبَيُّنُ) أن ذلك الذي ناوله كان من
مروياته.
(وإنْ خَلَتْ مِنْ إذْنِ المُنَاْولَهْ) بأن يناوله الكتاب
ويقول: هذا من حديثي، أو من سماعاتي، ولا يقول: ارْوِهِ عني،
ولا أجزتُ لك روايته، (قِيْلَ: تَصِحُّ والأَصَحُّ
بَاْطِلَهْ).
(1/211)
كَيْفَ يَقُوْلُ مَنْ رَوَى بِالمُنَاولَةِ
وَالإِجَاْزَةِ؟
516 - وَاخْتَلَفُوا فِيْمَنْ رَوَى مَا نُوْوِلاَ ...
فَمَالِكٌ وَابْنُ شِهَابٍ جَعَلاَ
517 - إِطْلاَقَهُ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَا ... يَسُوْغُ وَهْوَ
لاَئِقٌ بِمَنْ يَرَى
518 - الْعَرْضَ كَالسَّمَاعِ بَلْ أَجَازَه ... بَعْضُهُمُ في
مُطْلَقِ الإِجَازَهْ
519 - وَالْمَرْزُبَانِيْ وَأبو نُعَيْمِ ... أَخْبَرَ،
وَالصَّحِيْحُ عِنْدَ القَوْمِ
520 - تَقْيِيْدُهُ بِمَا يُبيِنُ الْوَاقِعَا ... إِجَازَةً
تَنَاولاً هُمَا مَعَا
521 - أَذِنَ لِي، أَطْلَقَ لِي، أَجَازَنِي ... سَوَّغَ لِي،
أَبَاحَ لِي، نَاولَنِي
522 - وَإِنْ أَبَاحَ الشَّيْخُ لِلْمُجَازِ ... إِطَلاَقَهُ
لَمْ يَكْفِ فِي الْجَوَازِ
(وَاخْتَلَفُوا فِيْمَنْ رَوَى مَا نُوْوِلاَ) أي: في عبارة
الراوي [27 - أ] لما يحمله بطريق المناولة (فَمَالِكٌ (1) و)
أبو بكر، (ابْنُ شِهَابٍ (2)) الزهري، (جَعَلاَ إِطْلاَقَهُ
«حَدَّثَنَا» وَ «أَخْبَرَا» يَسُوْغُ، وَهْوَ لاَئِقٌ بِمَنْ
يَرَى الْعَرْضَ كَالسَّمَاعِ) أي: بمذهب من تَقَدَّمَ أنه يرى
عرضَ المناولة المقرونة بالإجازة سماعاً، (بَلْ أَجَازَه) أي:
إطلاق حدثنا وأخبرنا (بَعْضُهُمُ في مُطْلَقِ الإِجَازَهْ).
_________
(1) انظر: «الكفاية»: (2/ 309).
(2) المصدر السابق (2/ 301).
(1/212)
(وَالْمَرْزُبَانِيْ (1) وَأبو نُعَيْمِ)
أطلقا لفظ (أَخْبَرَ) في الإجازة (2).
(وَالصَّحِيْحُ عِنْدَ القَوْمِ تَقْيِيْدُهُ بِمَا يُبيِنُ
الْوَاقِعَا) في كيفية التحمل، فيقول: «أنا» أو «ثنا» فلان
(إِجَازَةً تَنَاولاً هُمَا مَعَا) أي: إجازةً ومناولةً، أو
(أَذِنَ لِي) أو (أَطْلَقَ لِي،) أو (أَجَازَنِي)، أو (سَوَّغَ
لِي) أو (أَبَاحَ لِي،) أو (نَاولَنِي) وما أشبه ذلك.
(وَإِنْ أَبَاحَ الشَّيْخُ لِلْمُجَازِ إِطَلاَقَهُ) أي: «أنا»
أو «ثنا» في الإجازة أو المناولة كما فعله بعض المشايخ، (لَمْ
يَكْفِ فِي الْجَوَازِ).
523 - وَبَعْضُهُمْ أَتَى بِلَفَظٍ مُوْهِمْ ... شَافَهَنِي
كَتَبَ لِي فَمَا سَلِمْ
524 - وَقَدْ أَتَى بِـ «خَبَّرَ» الأوزَاعِيْ ... فِيْهَا
وَلَمْ يَخْلُ مِنَ النِّزَاعِ
525 - وَلَفْظُ «أَنْ» اخْتَارَهُ «الْخَطَّابي» ... وَهْوَ
مَعَ الإِسْنَادِ ذُوْ اقْتِرَابِ
526 - وَبَعْضُهُمْ يَخْتَارُ فِي الإِجَازَهْ ...
«أَنْبَأَنَا» كَصَاحِبِ الْوِجَازَهْ
527 - وَاخْتَارَهُ «الْحَاكِمُ» فِيْمَا شَافَهَهْ ...
بِالإِذْنِ بَعْدَ عَرْضِهِ مُشَافَهَهْ
528 - وَاسْتَحْسَنُوْا لِلْبَيَهْقَيْ مُصْطَلَحا ...
«أَنْبَأَنَا» إِجَازَةً فَصَرَّحَا
529 - وَبَعْضُ مَنْ تَأَخَّرَ اسْتَعْمَلَ عَنْ ...
إِجَازَةً، وَهْيَ قَرِيْبَةٌ لِمَنْ
530 - سَمَاعُهُ مِنْ شَيْخِهِ فِيْهِ يَشُكّْ ... وَحَرْفُ
«عَنْ» بَيْنَهُمَا فَمُشْتَرَكْ
531 - وَفِي الْبُخَارِيْ قَالَ لِي: فَجَعَلَهْ ...
حِيْرِيُّهُمْ لِلْعَرْضِ وَالمُنَاولَهْ
_________
(1) هو أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى بن عبيد، المتوفى
سنة (384هـ). «تاريخ بغداد»: (3/ 135 - 136) و «معجم الأدباء»:
(18/ 268).
(2) حكاه عنهما الخطيب في «تاريخ بغداد»: (3/ 135 - 136).
(1/213)
(وَبَعْضُهُمْ أَتَى) في الرواية بالإجازة
(بِلَفَظٍ مُوْهِمْ) فقال فيما إذا شافهه بالإجازة لفظاً
(شَافَهَنِي)، وفيها بالكتابة (كَتَبَ لِي) يوهم مشافهته
بالتحديث، وأنه كتب إليه بذلك الحديث بعينه، (فَمَا سَلِمْ) من
استعملها من طَرَفٍ من التدليس.
(وَقَدْ أَتَى بِـ «خَبَّرَ») بالتشديد (الأوزَاعِيْ فِيْهَا)
أي: في الإجازة، وبـ «أخبر» في القراءة عليه (1). (وَلَمْ
يَخْلُ مِنَ النِّزَاعِ)؛ لأن معناهما واحد لغةً واصطلاحاً.
(وَلَفْظُ «أَنْ» اخْتَارَهُ الْخَطَّابي) فقال في الرواية
بالسماع عن الإجازة: أخبرنا فلان أن فلاناً حَدَّثَهُ أو أخبره
(2).
(وَهْوَ مَعَ الإِسْنَادِ ذُوْ اقْتِرَابِ) أي: فيما إذا سمع
منه الإسناد فحسب وأجاز له ما وراءه (3) قريب، فإن فيها
إشعاراً بوجود أصل الإخبار وإن أَجْمَلَ المخبَر به.
(وَبَعْضُهُمْ يَخْتَارُ فِي الإِجَازَهْ «أَنْبَأَنَا»
كَصَاحِبِ الْوِجَازَهْ) وهو الوليد بن بكر (4)، (وَاخْتَارَهُ
(الْحَاكِمُ) فِيْمَا شَافَهَهْ بِالإِذْنِ بَعْدَ عَرْضِهِ
مُشَافَهَهْ) فقال (5): أَخْتار أن يقول
_________
(1) انظر: «الكفاية»: (2/ 251) و «الإلماع»: (ص53).
(2) انظر: «الكفاية»: (2/ 251) و «الإلماع»: (ص54). ووقعت
العبارة في الأصل: «حدثه وأنكر»، خطأ، والتصحيح من «شرح
الناظم»: (1/ 447).
(3) وقعت الكلمة في «شرح الناظم»: (1/ 447) و «معرفة أنواع علم
الحديث» قبله (ص172): رواه. وعندي أن ما في الأصل قريب، ويكون
المعنى أجاز له ما وراء الإسناد وهو المتن، فالله أعلم.
(4) انظر: «الكفاية»: (2/ 309).
(5) في «معرفة علوم الحديث»: (ص678).
(1/214)
فيما عُرِضَ على المحدِّث فأجاز له روايته
شفاهاً: «أنبأني فلان»، (وَاسْتَحْسَنُوْا (1) لِلْبَيَهْقَيْ
مُصْطَلَحا) أن يقول في الإجازة («أَنْبَأَنَا» إِجَازَةً (2)
فَصَرَّحَا) بالإجازة.
(وَبَعْضُ مَنْ تَأَخَّرَ اسْتَعْمَلَ «عَنْ» إِجَازَةً،
وَهْيَ قَرِيْبَةٌ لِمَنْ سَمَاعُهُ مِنْ شَيْخِهِ فِيْهِ
يَشُكّْ) أي: وذلك قريب فيما إذا كان قد سمع منه بإجازته من
شيخه إن لم يكن سماعاً فإنه شاك، (وَحَرْفُ (عَنْ) بَيْنَهُمَا
فَمُشْتَرَكْ) أي: مشترك بين السماع والإجازة [27 - ب] صادق
عليهما.
(وَفِي الْبُخَارِيْ «قَالَ لِي»: فَجَعَلَهْ حِيْرِيُّهُمْ):
أي: قال محمد بن أحمد الحِيْرِيُّ (3):
كُلَّمَا قال البخاري: «قال لي فلان» فهو (لِلْعَرْضِ
وَالمُنَاولَهْ) (4).
_________
(1) كما أشعره صنيع ابن الصلاح في «معرفة أنواع علم الحديث»:
(ص170).
(2) من مواضع استخدامه لذلك: «دلائل النبوة»: (1/ 385) و
«القراءة خلف الإمام»: (ص50).
(3) هذا وهم تابع فيه المنصفُ الأصلَ فقد وهم في ذلك العراقي
في شرحه (1/ 448) فنسب القول لأبي عمرو محمد بن أحمد الحيري
والصواب أنه لأبيه أبي جعفر الحيري واسمه أحمد بن حمدان وهو
مترجم في «سير أعلام النبلاء»: (14/ 297) وابنه إنما يرويه
عنه.
وقد نسبه ابن الصلاح في «المعرفة» (ص171 - 172) على الصواب
فقال: قال-أي الحاكم-: روينا عن أبي عمرو بن أبي جعفر بن حمدان
النيسابوري قال: (سمعت أبي) يقول: «كل ما في البخاري .. » إلخ،
وكذا نسبه على الصواب: السخاوي في «فتح المغيث»: (2/ 495 -
496) وزكريا الأنصاري في «فتح الباقي» (2/ 18)، أما السيوطي
فقد تابع العراقي على وهمه في «شرحه» (ص257) ولم أتنبه لهذا في
تحقيقي عليه، فليستدرك من هنا، سائلاً المولى العفو عن
التقصير.
(4) انظر بعض الأقوال في مراد البخاري من قوله: «قال لي» و
«قال لنا» في تحقيقنا على «شرح السيوطي على ألفية العراقي»:
(ص257 - 258).
(1/215)
الْخَامِسُ: الْمُكَاتَبَةُ
532 - ثُمَّ الْكِتَابَةُ بِخَطِّ الشَّيْخِ أَوْ ...
بِإِذْنِهِ عَنْهُ لِغَائِبٍ وَلَوْ
533 - لِحَاضِرٍ فَإِنْ أَجَازَ مَعَهَا ... أَشْبَهَ مَا
نَاوَلَ أَوْ جَرَّدَهَا
534 - صَحَّ عَلى الصَّحِيْحِ وَالْمَشْهُوْرِ ... قَالَ بِهِ
أَيُّوْبُ مَعْ مَنْصُورِ
535 - وَالْلَيْثُ وَالسَّمْعَانِ قَدْ أَجَازَهْ ...
وَعَدَّهُ أَقْوَى مِنَ الإِجَازَهْ
536 - وَبَعْضُهُمْ صِحَّةَ ذَاكَ مَنَعَا ... وَصَاحِبُ
الْحَاوِيْ بِهِ قَدْ قَطَعَا
(ثُمَّ الْكِتَابَةُ بِخَطِّ الشَّيْخِ) بأن يكتب الشيخ شيئاً
من حديثه بخطه (أَوْ) يأمر غيره فيكتب (بِإِذْنِهِ عَنْهُ
لِغَائِبٍ وَلَوْ لِحَاضِرٍ) (1).
(فَإِنْ أَجَازَ مَعَهَا) بأن كتب إليه وقال أجزت لك ما كتبته
لك، (أَشْبَهَ مَا نَاوَلَ) أي: المناولة المقرونة بالإجازة في
الصحة والقوة، (أَوْ جَرَّدَهَا) من الإجازة (صَحَّ) الرواية
بها (عَلى الصَّحِيْحِ وَالْمَشْهُوْرِ) بين أهل الحديث،
(قَالَ بِهِ أَيُّوْبُ) السختياني (2)، (مَعْ مَنْصُورِ (3)
وَالْلَيْثُ) ابن سعد (4)، (وَالسَّمْعَانِ) أي: أبو المظفر
_________
(1) وقعت العبارة في الأصل «فيكتب عنه بإذنه لغائب عنه ولو
لحاضر» وكأن المصنف لم يتنبه إلى البيت المشروح.
(2) «الكفاية»: (2/ 236)، و «الإلماع»: (ص37).
(3) «معرفة علوم الحديث»: (ص678 - 679) و «الكفاية»: (2/ 336)
و «الإلماع»: (ص37).
(4) «الكفاية»: (2/ 338).
(1/216)
السمعاني، (قَدْ أَجَازَهْ وَعَدَّهُ
أَقْوَى مِنَ الإِجَازَهْ (1)).
(وَبَعْضُهُمْ صِحَّةَ ذَاكَ مَنَعَا، وَصَاحِبُ الْحَاوِيْ
بِهِ قَدْ قَطَعَا).
537 - وَيَكْتَفِي أَنْ يَعْرِفَ الْمَكْتُوْبُ لَهْ ... خَطَّ
الَّذِي كَاتَبَهُ وَأَبْطَلَهْ
538 - قَوْمٌ لِلاشْتِبَاهِ لَكِنْ رُدَّا ... لِنُدْرَةِ
اللَّبْسِ وَحَيْثُ أَدَّى
539 - فَاللَّيْثُ مَعْ مَنْصُوْرٍ اسْتَجَازَا ...
«أَخْبَرَنَا»، «حَدَّثَنَا» جَوَازَا
540 - وَصَحَّحُوْا التَّقْيِيْدَ بِالْكِتَابَهْ ... وَهْوَ
الِذَّي يَلِيْقُ بِالنَّزَاهَهْ
(وَيَكْتَفِي) في الرواية بالكتابة (أَنْ يَعْرِفَ
الْمَكْتُوْبُ لَهْ خَطَّ الَّذِي كَاتَبَهُ) وإن لم تَقُمْ
البينة عليه، (وَأَبْطَلَهْ قَوْمٌ لِلاشْتِبَاهِ)؛ لأن الخطَّ
يُشْبِهُ الخطَّ.
(لَكِنْ رُدَّا لِنُدْرَةِ اللَّبْسِ)؛ لأن الظاهر أن خَطَّ
الإنسان لا يشتبه بغيره.
(وَحَيْثُ أَدَّى) مَنْ تَحَمَّلَ بالكتابة، (فَاللَّيْثُ) بن
سعد (2) (مَعْ مَنْصُوْرٍ (3) اسْتَجَازَا) أن يقول
(«أَخْبَرَنَا»)، وكذا («حَدَّثَنَا» جَوَازَا).
(وَصَحَّحُوْا التَّقْيِيْدَ) أي: والمختار الصحيح أن
يُقَيَّدَ ذلك (بِالْكِتَابَهْ)، كحدثنا كتابةً، أو مكاتبةً،
أو نحوه، (وَهْوَ الِذَّي يَلِيْقُ بِالنَّزَاهَهْ).
_________
(1) «قواطع الأدلة»: (2/ 334 - 335).
(2) «الكفاية»: (2/ 339).
(3) المصدر السابق: (2/ 336).
(1/217)
السَّادِسُ: إِعْلاَمُ الشَّيْخِ
541 - وَهَلْ لِمَنْ أَعْلَمَهُ الشَّيْخُ بِمَا ...
يَرْوِيْهِ أَنْ يَرْوِيَهُ؟ فَجَزَمَا
542 - بِمَنْعِهِ الطُّوْسِيْ وَذَا الْمُخْتَارُ ...
وَعِدَّةٌ كَابْنِ جُرَيْجٍ صَارُوْا
543 - إلى الْجَوَازِ وَابْنُ بَكْرٍ نَصَرَهْ ... وَصَاحِبُ
الشَّامِلِ جَزْماً ذَكَرَهْ
544 - بَلْ زَادَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ لَوْ مَنَعَهْ ... لَمْ
يَمْتَنِعْ، كَمَا إذا قَدْ سَمِعَهْ
545 - وَرُدَّ كَاسْتِرْعَاءِ مَنْ يُحَمَّلُ ... لَكِنْ إذا
صَحَّ، عَلَيْهِ الْعَمَلُ
(السادس: إعلام الشيخ)
للطالب أن هذا الحديث أو الكتاب سماعه من فلان.
(وَهَلْ لِمَنْ أَعْلَمَهُ الشَّيْخُ بِمَا يَرْوِيْهِ أَنْ
يَرْوِيَهُ) عنه من غير أن يأذن له في روايته عنه، فقد اختلف
في جواز روايته له بمجرد ذلك، (فَجَزَمَا بِمَنْعِهِ) أبو حامد
(الطُّوْسِيْ وَذَا الْمُخْتَارُ) كما قال ابن الصلاح (1)،
(وَعِدَّةٌ كَابْنِ جُرَيْجٍ) وعبيد الله العمري وغيرهما
(صَارُوْا إلى الْجَوَازِ (2) وَابْنُ بَكْرٍ) العمري
(نَصَرَهْ (3)، وَصَاحِبُ الشَّامِلِ) وهو أبو نصر ابن
الصَّبَّاغ (جَزْماً ذَكَرَهْ (4)، بَلْ زَادَ بَعْضُهُمْ) وهو
ابن خلاَّد
_________
(1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص176).
(2) «الإلماع»: (ص48).
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق.
(1/218)
الرامَهُرْمُزِيُّ (1) على هذا (بِأَنْ
لَوْ مَنَعَهْ) وقال له: هذه روايتي لكن لا تروها عني (لَمْ
يَمْتَنِعْ، كَمَا إذا قَدْ سَمِعَهْ، وَرُدَّ) ذلك
(كَاسْتِرْعَاءِ مَنْ يُحَمَّلُ) فإنه ليس لمن سمع الشاهد أن
يشهد على شهادته ما لم يأذن له (لَكِنْ إذا صَحَّ، عَلَيْهِ
الْعَمَلُ) أي: وما ذكر في الرواية بإعلام الشيخ، أما العمل
بما أخبره أنه سماعُهُ فإنه يجب عليه إذا صح إسناده.
_________
(1) المصدر السابق (ص46).
(1/219)
السَّابِعُ: الوَصِيَّةُ بالكِتَابِ
546 - وَبَعْضُهُمْ أَجَازَ لِلْمُوْصَى لَهُ ... بالْجُزْءِ
مِنْ رَاوٍ قَضَى أَجَلَهُ
547 - يَرْوِيْهِ أَوْ لِسَفَرٍ أَرَادَهْ ... وَرُدَّ مَا
لَمْ يُرِدِ الْوِجَادَهْ
(وَبَعْضُهُمْ [28 - أ] أَجَازَ لِلْمُوْصَى لَهُ بالْجُزْءِ
مِنْ رَاوٍ قَضَى أَجَلَهُ يَرْوِيْهِ أَوْ لِسَفَرٍ
أَرَادَهْ) أي: عند موته أو سفره.
(وَرُدَّ مَا لَمْ يُرِدِ الْوِجَادَهْ) أي: إلا أن يريد
الرواية على سبيل الوجادة.
(1/220)
الثَّامِنُ: الوِجَادَةُ
548 - ثُّمَ الوِجَادَةُ وَتِلْكَ مَصْدَرْ ... وَجَدْتُهُ
مُوَلَّداً لِيَظْهَرْ
549 - تَغَايُرُ الْمَعْنَى، وَذَاكَ أَنْ تَجِدْ ... بِخَطِّ
مَنْ عَاصَرْتَ أَوْ قَبْلُ عُهِدْ
550 - مَا لَمْ يُحَدِّثْكَ بِهِ وَلَمْ يُجِزْ ... فَقُلْ:
بِخَطِّهِ وَجَدْتُ، وَاحْتَرِزْ
551 - إِنْ لَمْ تَثِقْ بِالْخَطِّ قُلْ: وَجَدْتُ ... عَنْهُ،
أَوْ اذْكُرْ «قِيْلَ» أَوْ «ظَنَنْتُ»
(ثُّمَ الوِجَادَةُ وَتِلْكَ مَصْدَرْ وَجَدْتُهُ مُوَلَّداً)
أي: مصدر مُوَلَّدِ لـ «وَجَدَ، يَجِدُ» (لِيَظْهَرْ تَغَايُرُ
الْمَعْنَى)؛ فإن العرب فرقوا بين مصادر وَجَدَ للتمييز بين
المعاني المختلفة.
(وَذَاكَ) أي: الوجادة (أَنْ تَجِدْ بِخَطِّ مَنْ عَاصَرْتَ)
لقيتَهُ أو لم تلقَه، (أَوْ قَبْلُ عُهِدْ) أي: أو لم تعاصره
بل كان قبلك (مَا لَمْ يُحَدِّثْكَ بِهِ) ولم تسمعه منه،
(وَلَمْ يُجِزْ) لك.
(فَقُلْ: بِخَطِّهِ وَجَدْتُ) أي: وجدت بخط فلان أنا فلان
ويسوق الإسناد والمتن.
(وَاحْتَرِزْ إِنْ لَمْ تَثِقْ بِالْخَطِّ) عن جَزْمِ العبارة
بل (قُلْ: وَجَدْتُ عَنْهُ، أَوْ اذْكُرْ: «قِيْلَ» أَوْ
«ظَنَنْتُ») أو ذَكَر كاتبُهُ (1) أنه فلان ابن فلان أو نحو
ذلك.
552 - وَكُلُّهُ مُنْقَطِعٌ، وَالأَوَّلُ ... قَدْ شِيْبَ
وَصْلاً مَا، وَقَدْ تَسَهَّلُوْا
_________
(1) في نشرة الأستاذين ماهر الفحل وعبد اللطيف الهميم (1/
458): ذكر كناتُهُ، وما في الأصل موافق لما في نشرة الأستاذ
محمود الربيع (ص228) ومعناه ظاهر بخلاف الأول.
(1/221)
553 - فيْهِ «بِعَنْ»، قالَ: وَهَذَا
دُلْسَهْ ... تَقْبُحُ إِنْ أَوْهَمَ أَنَّ نَفْسَهْ
554 - حَدَّثَهُ بِهِ، وَبَعْضٌ أَدَّى ... «حَدَّثَنَا»،
«أَخْبَرَنَا» وَرُدَّا
(وَكُلُّهُ) أي: ما ذكر من الرواية بالوجادة (مُنْقَطِعٌ)
وَثِقَ بأنه خطُّهُ أم لا. (وَالأَوَّلُ) وهو ما إذا وَثِقَ
(قَدْ شِيْبَ وَصْلاً مَا) أي: أخذ شوباً من الاتصال.
(وَقَدْ تَسَهَّلُوْا فيْهِ «بِعَنْ») فقالوا: عن فلان في موضع
الوجادة (قالَ) ابن الصلاح: (وَهَذَا دُلْسَهْ تَقْبُحُ إِنْ
أَوْهَمَ أَنَّ نَفْسَهْ) أي: نفس من وَجَدَ ذلك بخطِّه
(حَدَّثَهُ بِهِ).
(وَبَعْضٌ أَدَّى) أي: جازف فأطلق في الوجادة. («حَدَّثَنَا»،
«أَخْبَرَنَا» وَرُدَّا).
555 - وَقِيْلَ: فِي الْعَمَلِ إِنَّ الْمُعْظَمَا ... لَمْ
يَرَهُ، وَبالْوُجُوْبِ جَزَمَا
556 - بَعْضُ الْمَحُقِّقِيْنَ وَهْوَ الأَصْوَبُ ...
وَلاِبْنِ إِدْرِيْسَ الْجَوَازَ نَسَبُوْا
(وَقِيْلَ: فِي الْعَمَلِ) بالوجادة (إِنَّ الْمُعْظَمَا لَمْ
يَرَهُ، وَبالْوُجُوْبِ جَزَمَا بَعْضُ الْمَحُقِّقِيْنَ،
وَهْوَ الأَصْوَبُ)، وقد نصره الجويني، وصححه النووي.
(وَلاِبْنِ إِدْرِيْسَ) هو الإمام الشافعي (الْجَوَازَ
نَسَبُوْا (1)) أي: حكوه عنه.
557 - وَإِنْ يَكُنْ بِغَيْرِ خَطّهِ فَقُلْ: ... «قالَ»
وَنَحْوَهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ
558 - بِالنُّسْخَةِ الْوُثُوْقُ قُلْ: «بَلَغَنِيْ» ...
وَالْجَزْمُ يُرْجَى حِلُّهُ لِلْفَطِنِ
(وَإِنْ يَكُنْ) أي: الكتاب الذي وجده (بِغَيْرِ خَطّهِ) أي:
المصنف، فإن وثقت بصحة النسخة بأن قابَلها المصنِّف أو ثقة
غيره بالأصل، أو بفرع
_________
(1) «الإلماع»: (ص50).
(1/222)
مقابَل على ما تقدم؛ (فَقُلْ: قالَ) فلان
(وَنَحْوَهَا) من ألفاظ الجزم.
(وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالنُّسْخَةِ الْوُثُوْقُ قُلْ:
«بَلَغَنِيْ») عن فلان ونحوه مما لا يقتضي الجزم.
(وَالْجَزْمُ يُرْجَى حِلُّهُ لِلْفَطِنِ) أي: فإن كان
المطالِع فَطِناً بحيث لا يخفى عليه مواضع الإسقاط والسَّقْط
وما أُحيل عن جهته، يُرْجَى أن يجوز له إطلاق اللفظ الجازم.
(1/223)
|